العظات

نصيب الكنعانية الجمعة الرابعة من شهر أمشير

في الجزء الخاص بالمرأة الكنعانية في الإنجيل المبارك يُرينا كيف يكون الإنسان بلجاجتهِ وإيمانه ينول نصيب في مراحم الله .. وكيف أن النفس البعيدة ممكن جداً تكون قريبة .. خرج يسوع من هناك وأتى إلى تخوم صور وصيدا .. أي أقصى الشمال بالقرب إلى سوريا وهي أواخر الأماكن التي ذهب إليها الرب يسوع في كرازته هي صور وصيدا يُعرف عن هذه الأماكن أنها مليئة بالأمم .. فعندما ذهب يسوع كانت هناك إمرأة كنعانية خرجت من المسكن الخاص بها لتبحث عن موكب ربنا يسوع المسيح .. { وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليهِ قائلةً ارحمني يا سيد يا ابن داود } ( مت 15 : 22 ) .. إمرأة كنعانية غريبة عن المسيح وكيف تقول " الرب ، ارحمني " ؟! وكيف عرفت " ابن داود " ؟ من الواضح أن ربنا له في كل مكان وفي كل زمان شهود وله من يُباركه حتى لو كان غير معروف من الواضح أن هذه المرأة تحمل في قلبها إيمان عالي جداً بالسيد الرب .. بابن داود .. رغم إنها غير محسوبة بأنها من رعية بيت الله .. ولكنها أخذت نصيبها من خلال إيمانها ولجاجتها الموكب يسير وهناك ازدحام غير عادي وهي من بعيد تصرخ .. وهي تعرف إنها غير مدعوة لهذا الموكب .. فسمعها السيد المسيح وأيضاً التلاميذ .. ولكن المسيح صمت .. فقالت { ابنتي مجنونة جداً } أما يسوع لم يجبها بكلمة فازدادت في الصراخ حتى اضطرت أن تعمل لون من ألوان الإزعاج .. فتضايق التلاميذ لذلك وحاول الجميع إسكاتها ولكنها ازدادت .. وعرفوا إنها كنعانية ومع ذلك تقول" ارحمني ، ابن داود ، الرب " تكلم التلاميذ مع يسوع وقالوا له " ياريت تسكِّتها وتصرِفها " .. كل هذا والرب يسوع صامت والصُراخ يزداد .. وعندما تكلم تلاميذه قال { لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة } .. فأتت واقتربت وأيقنت أن هناك رفض فجاءت وقالت له { يا سيد أعني } ثم سجدت لهُ .. هذا هو إيمان المرأة الكنعانية والكنيسة وضعِت هذا الجزء من الإنجيل في الصوم الكبير لتقول لنا ينبغي أن تأخذ نصيبك من هذا الصُراخ لتأخذ نصيبك من الإستجابة الإبنة في الكتاب المقدس تُشير أحياناً إلى النفس .. أنت " نفسك " الشيطان أزعجها وفي بشارة معلمنا متى يقول { ابنتي مجنونة جداً } .. وأحياناً يشتكي الإنسان من نفسه المجنونة جداً .. أتفه شئ يجعله يثور .. يقع بسهولة في الخطية .. يشتهي ما لغيره .. غير مُتزن في تصرفاته .. غير حكيم في ترتيب يومه .. نفس مُنزعجة ومتقلبة المرأة الكنعانية إشتكِت من إبنتها المجنونة جداً .. بها شيطان .. النفس عدو الخير أحياناً يمتلكها ويوجهها كما هو يريد .. وهذا يحتاج صُراخ .. محتاجة أسير وراءه .. وإنت كلمته ولم يسمع .. فالمرأة من شدة مرض إبنتها تبنت هذه الآلام وظلت تصرخ وتقول { ارحمني يا سيد يا ابن داود } .. عندما تبنت هذه الآلام وهو لم يسمع لم تنصرف .. ولم ترجع كما نفعل نحن وننصرِف عن الله عندما لا يسمع .. وضَّحِت سؤال قلبها حتى لو كان هو لا يسمع تأثر التلاميذ بموقفها جداً وتشفعوا لها عند ربنا يسوع .. فإنها جاءت وسجدت سجود عبادة وليس سجود احترام .. الكنعانية آمنت أنهُ الرب وسجدت له سجود عبادة .. ما الذي عرفته عنه حتى يصل إيمانها إلى هذا الحد ؟ الكنعانية بإيمانها إخترقت حدود إسرائيل وصارت مندوبة أو سفيرة عن نصيب الأمم في المسيح .. من هم مِنْ خارج إسرائيل ينبغي أن يُشفوا .. والعدو إستعبِدهم والرب يسوع هو ينبوع الشفاء ولديهِ القدرة على الشفاء .. فقيل على الكنعانية غلبِت صمت يسوع وغلبِت رفض يسوع .. لجاجة الصلاة تغلِب الصمت وتغلِب الرفض .. وبإيمانها أثبتت إنها من البنين حتى وإن كانت كنعانية .. وأثبتت إنها أفضل من البنين عندما قالت { يا سيد أعني } وسجدت لهُ .. تعلم السجود أثناء الصلاة خاصةً أثناء الصوم الكبير وكثرة الميطانيات بخشوع وأنت تقول له " أغثني يارب " جميل في آباء الكنيسة أخذِهِم عبارات الكتاب المقدس .. صلوات قصيرة .. " إرحمني يا ابن داود " صلوة ثم تقول " إبنتي بها شيطان " ثم " أغثني يارب " .. هذه الكلمة أئن بها مثل المرأة الكنعانية التي كان بداخلها أنين لأنها ترى آلام إبنتها وترى عبودية الشيطان لها نرى رفض ليسوع لثالث مرة والرفض يزداد في قوته .. والمرأة تزداد في طلبها .. الرفض الأول عندما لم يجاوبها .. الرفض الثاني عندما قال لها { لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة } .. الرفض الثالث أصعب قال { ليس حسناً أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب } .. يوجد منهج يتِّبعه معنا ربنا يسوع المسيح .. يريد أن يرى إيماننا وصدقِنا ومحبتنا .. إنه أراد أن يُعلِّم كل من حوله بهذه المرأة والتلاميذ أيضاً كأنه يستدرج إيمانها ويُخرِج ما في باطنها من قوة لا تظن أن طِلبِتك لم تُستجاب أو حالتك غير جيدة والله لم يستجيب بعد .. فلا تظن أن صلواتك مرفوضة ممكن أن تنال ما تريده عن طريق إنك لم تنال ما تريده .. وكما يقول سيدنا البابا { كثيراً ما تكون إستجابة الصلاة في عدم استجابتها } أراد الله أن يُظهِر لجاجتها وهو عالِم في داخله أنه حتماً ينصِفها ولكنه أحب أن يُعلِّم بها .. أراد أن يُفجِّر ينبوع الإيمان بداخلها .. لم نتعود من الرب يسوع هذا الكلام الحاد .. تعودنا على الكلام اللطيف .. فإنك لا تشاء موت الخاطئ .. فأنت تدعو الكل للخلاص .. لماذا يارب تقول لها هذا الكلام الصعب ؟ يريد أن يقول لها أن الشعب يأكل على مائدة إسرائيل ويجب أن لا يُشاركهم أحد .. فإن اليهود في الموائد الفصحية ممنوع تماماً أن يقترب منهم غير المؤمنين ولا يشترك معهم هذه المرأة تعرف هذا وكان يجب أن تنصرف وهي حزينة .. ووجدناها ترد سريعاً وتضع نفسها على مستوى الكلاب وتقول { نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفُتات الذي يسقط من مائدة أربابها }لا تطمع في الأكل من على المائدة ولا أريد طعام البنين ولكن أطلب فُتات فقط .. أعرِف يارب إني غير مستحق أن أكُل من المائدة الخاصة بك ولكن اقبلني كأحد أجرائك وغير مستحق .. إنعِم يارب بالفُتات في معجزة إشباع الجموع تعرفنا على الفُتات .. والفُتات في المعجزة كان ضخم .. إثنتي عشرة قفة مملوءة .. هذا هو نصيب الجياع .. الفُتات من نصيب أي أحد لكن المائدة من نصيب البنين .. فإن مُنعنا من نصيب البنين نُمنع حتى من الفُتات .. فالكلب لا يُمنع من الفُتات أحد الأباء القديسين يقول على هذه المرأة أن حجتها أقوى من طلبها .. عندما تقف تتحدث إلى الله وقلبك منكسر وفي خشوع تدخل طِلبِتك إلى حضرتهِ .. لا تتكلم إليهِ بجسارة .. تقول المرأة رداً على كلام الله " نعم يارب " ولم تُقل له إنكَ أخطأت .. وتقول له " والكلاب أيضاً " .. قدمت المرأة دفاع عن كنيسة الأمم كلها إن كان الخبز للبنين فقط فإنه ظلم لأن الجياع لم تشبع .. فكيف يكون الفُتات موجود وهناك جياع ؟ أعطينا يارب تعزية صغيرة ونحن غير مستحقين أن نكون أبناء ولكن أعطيني يارب نصيب الكلاب .. أحتاج يارب إلى المائدة الخاصة بك ولا أستطيع الإنصراف بدون أن أشبع .. لا يرضى الله أن يفيض خبز من الشباعى وهناك جياع .. إنه لا يقبل أبداً تعطينا المرأة درس في اللجاجة والطِلبة .. تقول له إنها تطلب نِعمه وجُوده فكيف يأتي هو ولم تحصل هي على نِعمه ؟ كيف يكون لديها مشكلة ولم تأخذ الفرصة ؟ { نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفُتات الذي يسقط من مائدة أربابها .. حينئذٍ أجابَ يسوع وقال لها يا امرأة عظيم إيمانُكِ } .. أخيراً يارب نطقت بالنعمة .. وإن تأخرت فهي تأتي .. الخلاص قريب منا جداً ولكن ينتظر استحقاق وطِلبة وقلب منكسر .. { القلب المُنكسر والمتواضع لا يُرذلهُ الله } .. كما الكنعانية التي قدمت قلب منكسر .. أخذت مشوار طويل .. غريبة أن تكون كل الشخصيات التي وردت في الكتاب المقدس وظهر إيمانهم غالبيتهم من غير المؤمنين مثل قائد المئة الله رفض طلبها ولم يجبها لكي يُعلِّمنا بها .. بلغت بإيمانها ما يجعلها تُخرج سلطان الشيطان من إبنتها .. أكيد أن هذه المرأة لها نصيب في ملكوت السموات وعلِّمت كثيرين كيف تطلب وتستمر وكيف تتكلم بلياقة وبشعور عدم استحقاق هذه هي الشروط التي وضعتها لنا المرأة الكنعانية في كيفية التحدث إلى السيد الرب .. وقار + احترام + سجود .. إنها أخذت حق الأمم في خبز البنين والتي رفعت مستوى الأمم من شعب جالس في الظلمة إلى شعب أبصر نور .. شعب لا يعرف الله إلى شعب يعرف الله كما قال { سأدعو الذي ليس شعبي شعبي } ( رو 9 : 25 ) إستمر في طلبك واطلب بخشوع وتكلم معهُ لأنه السيد الرب واطلب الرحمة .. وإن لم يستجيب إستمر .. وإن لم يُجيب بكلمة أُصرخ أكثر .. ممكن تكون عدم الإجابة هي رغبة منه لكي يسمع صُراخك فازداد في اللجاجة .. بعد صُراخها سجدت ثم رَفَض فازدادت في الصُراخ واللجاجة وتقول له { نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفُتات الذي يسقط من مائدة أربابها } .. أراد الله أن يُعلِّمنا كيف نطلب وكيف يكون الخشوع والإنسحاق في الطِلبة .. فستجد استجابة وإن كانت مخفية وتأخرت فإنها ستأتي الله يعطينا إيمان الكنعانية حتى ننال هذا المدح والنعمة ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

الدوافع والفضيلة الجمعة الثالثة من شهر كيهك

عودتنا الكنيسة في تذكار الأنبياء أن تتلو علينا ويلات الكتبة والفريسيين وكأنها تريد أن تعرفنا أن الأنبياء جاءوا منذرين للشعب ومهمتهم أن يقوِّموا كل تعدي صادر من الشعب وكأن صوت الأنبياء ينقذ كلٍ منا إلى خلاص نفسه .. إن أعمال الكتبة بها حماس واهتمام .. إنهم يطوفون الأرض والبحر ليتحول فرد واحد إلى اليهودية .. حياتهم مليئة بالتدقيق في كثير من الأمور يعشرون النعنع والشبث ( مت 23 : 23 ) .. من هنا نبحث عن أهداف الإنسان وأعماله .. فرد علينا الآباء القديسين بقولهم﴿ إن أردت أن تبحث عن القداسة في داخلك إسأل دوافعك ﴾ .. مثال على ذلك إن كنت صائم فما الدافع لصيامك ؟ بلا دافع أو لأنه لا يصح أن تصوم الكنيسة وأنت غير ذلك أو مجاملة لأهل بيتك أو بدون إقتناع ؟ ربما لتقوية الروح أو لأخذ فرصة أكبر للعبادة .. الذي يأتي إلى الكنيسة ما هي دوافعه ؟ روتين .. مجاملة .. رؤية آخرين ؟ ربما لا نستطيع أن نصل لما وصل إليه الكتبة والفريسيين رغم أنه غير مُرضي أمام الله لأنها دوافع ذاتية شكلية منحرفة .. إن الكنيسة تجعلنا نقف أمام أنفسنا كالمرآة لنرى الإنحرافات .. الهموم والمتاعب ومعرفة مدى إشتياقك لله أراد الآباء القديسين أن يعطونا مؤشرات بقولهم ﴿ إن المؤشر الحقيقي يكون عند وقوفك أمام الله في الصلاة ﴾ .. أو بقراءاتك في الكتاب المقدس لأن الدافع هو حب حقيقي .. إحذر أن تعمل أعمال فضيلة وأنت لا تعرف لماذا تفعل ذلك .. فإسأل دوافعك دائماً لأن النفس كثيرة الخداع يمكن أن تتلون وما أسهل أن يضيع هدف الإنسان .. فإن الكتبة والفريسيين عاشوا كذبة قضوا بها عمرهم أجيال وأجيال فتصور ظاهرة الرياء المنتشرة عبر الأجيال .. الله يكره الرياء ويرى شعب يكرمه بشكله لكن بدون جوهر حقيقي .. من أجل هذا يقول القديسين إن قليلاً جداً ذُكرت الويلات لأنه جاء لكي يعطي بركة لأنه نور إعلان للأمم فإنه يعطي تطويبات ولكنه إضطر أن يعطي ويل الله لم يعطي ويل للزناة أو للخطاة ولكنه أعطى ويل للمرائين .. إجعل داخلك نقي في تصرفاتك في أعمالك .. في كلامك .. في صلاتك في القداس وكما يعلمنا الآباء القديسين بما يسمى* بالغرض المستقيم * .. لماذا أصلي ولماذا أقف ولماذا أصوم ؟ إبحث في داخلك عن الدوافع الغير صحيحة وقاومها وضعها أمام الله حتى لا تكون كالقبور المبيضة ومن الداخل عظام أموات ورائحة عفنة في الشريعة اليهودية كل من يمر على أحد القبور أو جاء ظله على قبر وهو في طريقه إلى أورشليم ليقضي الفصح فإنه يتنجس ولا يصح له أن يُعيِّد الفصح خاصةً الغريب الذي يأتي ولا يعرف أماكن القبور فاستقروا على أن تُدهن القبور عند قدوم العيد بالأبيض حتى يصير علامة للغريب إكشف نفسك أمام الله حتى ترى ما يجب تغييره لذلك يحدثنا الله عن النظرة الرديئة وعن محبة العالم والمال الذي هو أصل كل الشرور .. ربنا يريد أن يدخل ويكشف أعماق الإنسان .. قديماً أمر الله الكهنة بإرتداء ملابس خاصة برئيس الكهنة مكونة من ثلاث قطع .. الجزء الخارجي عبارة عن ثوب أزرق × أحمر ويُجدل من خيوط الذهب .. والطابق الثاني من اللون الأزرق السماوي والجزء الأخير الداخلي يكون من اللون الأبيض لأنه ملاصق بالجسد .. لأن إذا كان الشكل من الخارج براق وجذاب فالمهم جداً أن من الداخل يكون أبيض .. الرداء الخارجي بلا أكمام حتى تظهر الأكمام البيضاء لأن النقاوة الداخلية يجب أن تنطبع على الأعمال فتظهر في الأيدي وأسفل عند القدمين لأن النقاوة الداخلية تظهر في الأعمال وفي الطريق نقي أولاً داخل الكأس لأن الله يهتم جداً به وهو الوحيد الذي يعرفه معك لذلك يجب أن أعرض ما بداخلي أمامه لأنه يعرف أعماق الإنسان .. يعرف كل إرادة قبيحة وكل دافع منحرف .. لذلك تهتم الكنيسة بأن تذكرنا بالويلات لتقول لنا إحذر أن تعيش في العهد الجديد وأنت إنسان شكلي مرائي كن صادق مع نفسك لأنك حبيت ربنا من كل قلبك .. أُضبط دوافعك الحقيقية واكشفها يقولوا ﴿ إن بداية معرفة الله الحقيقية هي بداية معرفة النفس الحقيقية ﴾ .. من هنا قال لهم ربنا يسوع أنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فأنتم لا تدخلون ولا تجعلون الآتين يدخلون لأنكم صعبتم الأمور على الناس تخيل أنه وصل الأمر إلى أن الشخص إذا لزم الأمر أن يغمض عينيه لكي لا تعثره مما يجعله يتخبط في طريقه في الناس والحوائط فكان يرى نفسه أكثر كرامة من غيره إذا زادت عدد الخبطات في رأسه .. وكانت هناك فئة تدعى * المرضودين * وإذا سألت أحد منهم عينك فقط المغلقة أم قلبك أيضاً ؟ إقلع عين الشر الداخلية .. جاهد .. رأوا اليهود أن المسافة بعيدة جداً عليهم .. أين هم من المخبوطين ؟الناس كانت تستصعب الحياة مع ربنا يسوع لذلك قال الله للكتبة والفريسيين أنتم أخذتم مفاتيح المعرفة ولكن لم تدخلوا ولم تدعوا الداخلون ليدخلوا .. فإن الناس كانت تتبعهم لأنهم لا يعرفوا ما ورد في التوراة لأن النسخ كانت نادرة جداً والناس تعتمد على الكتبة في التوجيه لأنهم فقط الذين يملكون نسخ من التوراة .. لذلك الرب يسوع كان يتحدث ويخاطب بإسلوبين :- (1) أما قرأتم (2) أما سمعتم لأن عامة الشعب كانت تعيش على السمع فقط دون القراءة لذلك إنطباعهم كان أن الوصية مستحيلة وصعبة إسأل دوافعك ومقدار الحب الذي تنفذ به الوصية شوف ضعفك وضعه أمام الله والله هو الذي يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا .. آمين

قزمان ودميان الجمعة الثالثة من شهر هاتور

في تذكار الشهيدين العظيمين قزمان ودميان المزمور يقول لنا { جُزنا في النار والماء وأخرجتنا إلى الراحة } ( مز 66 : 12) .. { أدخل إلى بيتك بمحرقاتٍ أُوفيك نذوري التي نطقت بها شفتاي }( مز 66 : 13 – 14) .. قزمان ودميان من أسرة بسيطة من خمسة أطفال .. توفى الأب ودخل ثلاثة أولاد الدير ودرس قزمان ودميان الطب .. الأم تقية .. كان قزمان ودميان يخدموا الله عن طريق شفاء الناس .. يُقال عنهم عندما يأتي مريض للعلاج يقف الأخوان ويرفعا يدهما إلى فوق ويُصليا على أن ينال المريض الشفاء رغم أن المرضى جميعاً من الوثنيين .. يروا الإثنان يُصليان بالدموع ويتضرعا من أجلهم .. وفي النهاية يرشم عليه علامة الصليب ويعطوا للمريض بعض من الأعشاب والعلاج ويخبروه بأنه سيُشفى باسم يسوع المسيح .. وعندما يحاول المريض إعطائهم أي مقابل يرفضوا بشدة .. شفاء كثير كان يحدث على يدهم .. وعندما يوجدوا في مكان يكون عليهم تجمع كثير من الناس ( نوع من أنواع الكرازة ) بالتأكيد بسبب كل هذه الأشفيا كثير جداً دخلوا في الإيمان .. وأما عدو الخير فلم يحتمل هذا المنظر فآثار عليهم بعض المتاعب .. إستدعاهم الوالي وحاول أن يثنيهم عن عزمهم وتم على يدهم شفاء كثير من الناس مما جعل الوالي نفسه يُعرض عليهم كمريض وتم شفائه بعد أن صليا له وطلبا له الشفاء .. فتركهم الوالي مما جعلهم يعملوا ما أرادوا .. وكان مجد عظيم للرب بواسطتهم وذاع صيطهم في أقطار المملكة كلها بعد أن جاءت إليهم الناس من كل المملكة جميل أن تستخدم وزناتك الطبيعية لمجد الله .. جميل أن تخدم الله ومجِّده بما تجيده .. المدرس .. الطبيب .. المحاسب .. وغيرهم حتى لو كانت لك إجادة في مهنة بسيطة .. يمكن أن تمجد الله وأنت في المجتمع .. يجب أن تؤثر في المجتمع عندما تعيش مع المجتمع آلامه واحتياجاته كيف يعالج أطباء الناس بلا مقابل حتى أطلقوا عليهم * مبغضي الفضة .. أو عديمي الفضة * .. مما جعل المملكة كلها تستعجب من هذا تذكر في السيرة الخاصة بهم أن دميان الأخ الأصغر عند علاجه لشخص أعطى له هدية فرفض بشدة هذه الهدية .. إلا أنه أصر على هذا مما جعل دميان يقبل هذه الهدية وقال في نفسه أن يعطيها لشخص آخر .. فعندما علم الأخ الأكبر – قزمان – بهذا حزن جداً من أخيه وقال إنه لم يلتزم بما إتفق عليه مع أخيه وإنه إختلف عن منهجه فاحتد عليه بشدة كيف نخدم المجتمع بالمهنة الخاصة بنا ؟ كيف نصل للمجتمع عن طريق محبة ليس لها هدف ؟ إخوتنا الكاثوليك عند الدخول إلى مكان للكرازة يقوموا بعمل شيئين .. بناء مستشفى وبناء مدرسة وكلٍ منهما ملحقة بكنيسة حتى يسمع المرضى أو الطلبة صوت الصلاة في خشوع .. يروا كهنة .. يروا المسيحيين المدرسين .. يروا معاملة مختلفة ( كرازة ) قزمان ودميان أيضاً كرزوا باسم المسيح بطريقة عملية بسيطة جداً وقدموا نموذج للإنسان المحب بلا هدف .. مما جعل الناس تريد أن تعرف الله بعد الشفاء فيتم شفائهم وعمادهم ويبدأ يعيش كمسيحي .. عدو الخير لم يهدأ لأن أُناس كثيرين دخلوا الإيمان عن طريق قزمان ودميان المسيحي في المجتمع إنسان محب .. عطَّاء .. أمين .. هدفه أن يشهد للمسيح .. جميل أن تعرف هدفك وعندما تسأل لماذا أنت هنا يقول لك إنه يمجد المسيح .. عندما زادت الكرازة إحتد عدو الخير وهيج عليهم المملكة مرة أخرى ولكن الأمر إرتفع إلى الرئيس وليس الوالي ويُدعى دقلديانوس .. جاء بهم وبأخواتهم الثلاثة من الدير وأتى أيضاً بأمهم .. وحتى يُزيد من أحزانهم قتل أمهم عندما رآهم متعلقين بها جميل أن تعيش شاهد للمسيح .. وأن تعرف أن رسالة في حياتك أن يظهر إسمه للناس .. وأن يُمجد المسيح من خلال مجده الشخصي .. { يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات }( مت 5 : 16) .. ويرى الناس فينا روح مختلفة .. ترى فينا حب بلا مقابل وبلا حدود .. صورة لمجد المسيح .. صورة لقوتة وإتضاعه وبذله .. وبعد كل هذا لا تجد كل الأمور سهلة .. فإنهم يطردوك ويُبغضوك ويهينوك ويُسلموك للمجامع وتُقدم للولاة .. فتقول في نفسك إنك يجب أن تكون من كبار رجال الدولة على الخدمات التي أؤديها .. ولكن لم يحدث ذلك ..{ من أجل اسمي } ( لو 21 : 17) قزمان ودميان إختاروا المجد السماوي .. رفضوا الفضة .. وكان معهم القوت الضروري وما زاد عن ذلك كانا يتصدقا به على الفقراء .. غير مرتبطين بشهرة أو كرامة .. أو محبة عالم .. يريدا المسيح فقط فهدفهم واضح واستخدما المَلَكَات والوظيفة الخاصة لأجل إسمه .. بيت يعيش للمسيح به ثلاث رهبان وإثنان لخدمة مجد الله ويُحضرا له قديسين .. بيت ينشأ في الأرض ويمتد إلى السماء عندما يفقد الإنسان كل هذه المعاني .. وبدأت الأمور داخله غير واضحة المعالم .. وابتدأ لا يرى إلا الأرض ويجري وراء شهواته ويُذل لها فحياته تُصبح بلا معنى وبلا رسالة .. رأينا قزمان ودميان وهما في سن صغير .. سن شباب .. رأينا فيهما نضج ورؤيا .. يرى الإنسان أن من حقه بعض التجاوزات في مرحلة شبابه .. هذا غير صحيح .. { اذكر خالقك في أيام شبابك } ( جا 12 : 1) .. أُذكر أن هذا هو زمن المحبة .. الجهاد والتعب .. أكثر من مرة يتعرض قزمان ودميان للإستشهاد ونرى أن الله يُرجعهم سالمين .. مرة من المرات وُضعوا في معصرة ومع ذلك جسدهم كان سليم .. { جُزنا في النار والماء وأخرجتنا إلى الراحة } .. ربنا يريد أن يقول لنا أن الجسد الذي هو محور إهتمامكم هو في يد الله لا يمكن أحد أن يمسه إلا بسماح من الله ذاته .. أنا أحدد وأقول فأنا ضابط الكل .. لا يستطيع أحد أن يأتي عليك بسوء ولا يمس شعرة أو عظمة من رؤوسكم إلا بإذني أنا .. وعندما أئذن تكون ممجد عندي يُقال عن القديس العظيم أبو مقار عندما كان يقف للصلاة يرفع يده عالياً وهذا يُزعج الشيطان جداً .. فحاول أن يعطيه إحساس أن يده ثقيلة جداً حتى يُنزلها ويأتي له بأصوات مزعجة .. يحاول يثنيه عن هذه العادة .. ولكن القديس أبو مقار يزيد من رفع يده إلى فوق .. يُقال عن عدو الخير أنه أتى بسيف وإندفع إليه حتى يقطع يده وأما أبو مقار ظل رافع يده ولا يخاف .. ونراه يقول له * لو كان سمح لك أن تقطعها فلتقطعها .. وإن لم يسمح لك لا تستطيع هذا * آبائنا الشهداء كان لديهم هذا الإحساس بأن حياتهم ليست في يد السياف .. ومصيره ليس في يد الملك .. ومستقبله مُدبر من عناية الله وإن سمح بالإستشهاد فهو غاية ما اشتهاه أن يكون مع المسيح فذاك أفضل جداً ( في 1 : 23 ) قزمان ودميان أعطوا لنا نماذج عملية لنعيش في وسط المجتمع .. كثيراً ما سمعنا عن قديسين عاشوا في صحاري وقلالي ونسك شديد ويمكن أن نقول أن سيرتهم غير مناسبة لنا لأننا نعيش في وسط الناس .. وأما قزمان ودميان فرفعوا إسم إلههم بمحبتهم وبذلهم ورؤيتهم الواضحة الله يعطينا أن نكون شهود له في كل مكان نُوضع فيه أن يجعل الجميع يمجدوه ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

اتبعنى الجمعة الأولى من شهر هاتور

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . فلتحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلهاآمين . تقرأ علينا الكنيسة اليوم يا أحبائي فصل من بشارة معلمنا يوحنا الإصحاح الأول من (عدد٤٣ : ٥٢) وفيه ربنا يسوع يدعوا نثنائيل، وهنا يقول هكذا أن فيلبس عندما كان ربنا يسوع المسيح يمر فقال له "اتبعني"، وجدنا فيلبس متعلق بصديق له أسمه نثنائيل،فقال بما أنني أتبع يسوع فأنا أريد صديقي أيضاً يتبعه، فصديقه هذا الذي هو نثنائيل،وفيلبس كان متأثر جداً ببطرس واندراوس لأنه كان من نفس بلدتهم التي هي بيت صيدا،فمن الواضح أن فيلبس كان جار لبطرس واندراوس،بطرس واندراوس هم أخوات، فكان جارهم فشاهدهم يسيروا مع ربنا يسوع فأعجب جداً بشخص ربنا يسوع المسيح وبهذه التبعية، فربنا يسوع يعلم الاشتياقات،وجد أن فيلبس يتمنى أن يكون مثل بطرس واندراوس، فقال له هلم ورائي، قال له هذاحسناأنك أنت الذي قلت لي فإنني في الغالب كنت أشعر بالخجل، فعندماقال له اتبعني،وجدناه يريد أن يأخذ صديقه أيضاً الذي هو نثنائيل،فذهب ليقنع نثنائيل فيقول له نحن وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء، من الواضح أنهم متدينين ويعرفون الناموس جيداً، نحن وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء وهو يسوع بن يوسف الذي من الناصرة، نثنائيل لم يكن لديه الحماس الكافي، قال له من الناصرة!،أمن الناصرة يخرج شيء صالح؟!،حيث أن مدينة الناصرة كانت مدينة فقيرة جداً، وسمعتها بسيطة جداً، وربنا يسوع تعمد أن يأتي من بلاد فقيرة لكي يرينا كم هو أفتقد البشرية في ظلامها، في فقرها، في سمعتها الرديئة، فالناصرة هذه بلد سمعتها رديئة، فيقول هكذا قال له فيلبس "تعالى وأنظر"، فيلبس مقتنع، لكن نثنائيل غير مقتنع، قال له تعالى وانظر، ورأى يسوع نثنائيل مقبلاً، من المؤكد أن يسوع يعرف كل الأمور، يعرف أن فيلبس مقتنع ولكن نثنائيل غير مقتنع،يعرف أن نثنائيل غير مقتنع، فيسوع عندما وجد نثنائيل مقبلاً إليه فقال عنه "هوذا إسرائيلي حقا لا غش فيه"،أي أنه يريد أن يقول هذ اليس من السهل أن يقبل،فماذا بعد؟!فقال له نثنائيل من أين عرفتني؟!،أنت من أين عرفت أني إسرائيلي لا غش فيه؟ قال له لا فأنا إذا كنت أعرفك فإنني أعرفك منذ زمن بعيد،فقبل أن دعاك فيلبس وأنا أعرفك،فقال له من أين تعرفني وأنا أول مرة أراك؟ فقال له نثنائيل من أين عرفتني؟!أجابه يسوع وقال له"قبل أن يدعوك فيلبس وأنت تحت شجرة التين رأيتك"،ما هي قصة شجرة التين؟هل يريد أن يقول له أنك قبل أن يحضرك فيلبس كنت تجلس تحت شجرة التين؟!لا فهي لها قصة في حياة نثنائيل لن ينساها أبدا ويسوع ذكروا بها، قصة في طفولته الصغيرة جداً، ما قصة شجرة التين هذه؟! يقولون أن أثناء قتل هيرودس لأطفال بيت لحم كانوا الجنود يدخلوا على البيوت دفعة واحدة ويقتلوا كل الأطفال من سنتين فما دون، فيقولوا أن والدة نثنائيل وقت أن جاءوا ليهجموا على بيتها أخذته مسرعة وخبأته تحت شجرة التين إلى أن ذهبوا الجنود،ودخلوا بحثوا في البيت لديها فلم يجدوا أطفال وعادت مرة ثانية أخذت الولد من تحت شجرة التين،وكلما ينمو الولد يحكوا له ويقولوا أترى شجرة التين هذه أنت اختبأت تحتها وأنت صغير والجنود أتوا ولم يروك،وجيدأنك لم تبكي ويظلوا يقصون له فهو يفهم هذه القصة قصة "شجرة التين"، وجد يسوع يقول له أنا لم أقصد وقتما فيلبس قال لك تعالى لا بل أنا أقصد وقت ماأنت كنت تجلس تحت شجرة التين أنا رأيتك،ما هذا؟! من أين عرفت هذا الكلام؟!، لدرجة أنه بمجرد أن قال له ذلك فقال له "يا معلم أنت هو ابن الله"،أهكذا يكون التحول في لحظة واحدة!، من شخص يقول "أمن الناصرة يخرج شيء صالح "لشخص يقول له"أنت ابن الله"،أنا أريد أن أقول لك أننا نحن الآن لا زلنا في الإصحاح الأول من إنجيل يوحنا،واستعلان لاهوت ربنا يسوع المسيح كان متدرج على مدار حياته، أي أننا لا زلنا في البداية تماماً وهذا يقول له أنت ابن الله،ومن الممكن أن تكون معجزة عرس قانا الجليل لم تحدث بعد،من الممكن أن يكون إقامات الموتى والأشفية بأنواع الأمراض الكثيرة لم تتم بعد،هذا شعر بهذه الدعوة وشعر أنه قائم أمام ابن الله، قال له "يا معلم أنت هو ابن الله أنت هوملك إسرائيل"، قال له أنت تقول ذلك لأني رأيتك تحت شجرة التين، كل هذا الموضوع لأني أخبرتك عن حدث منذ قديم الزمن،أجاب نثنائيل وقال له يا معلم أنت هو ابن الله أنت هوملك إسرائيل،لذلك ربنا يسوع أجابه قائلاً "أنتم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن البشر"انتبه أن اعتراف نثنائيل بالإيمان جعل يسوع يقول له كلام ما شكله؟! قال له أنت سترى من الآن السماء مفتوحة، والعلاقة بين السماء والأرض قائمة، وملائكة تصعد وتنزل،وستجدأنهم ينزلون على ابن البشر، ربنا يسوع مشتاق أن يدعو الكل لتبعيته، ولكن هناك اختلاف في الاستعدادات،بطرس واندراوس كانوا يصطادوا بمجرد أن قال لهم هلم ورائي فيقول لك فتركوا شباكهم للوقت وتبعوه،فيلبس كان مشتاق، نثنائيل كان مبتعد، هو يريد هذاويريد هذا ويريد ذلك،ويريد أن يقنع هذا ويريد أن يقنع هذا.كلمة جميلة اليوم يقولها لنا الكتاب يقول لك عندما ذهب يسوع إلى الجليل فوجد فيلبس فقال له يسوع اتبعني، ربنا يسوع ينادي كل واحد فينا يقول له اتبعني، أنا أريدك تسيرخلفي،أريدك أن تكون لي،أريدك أن تكون ملكي،اتبعني تعالى، عندما شخص يفكر في كلمة اتبعني هذه يعني يريد أن يقول له اترك كل شيء، اتبعني، كن معي أنا فقط،المسيح يريد أن يدعونا كلنا لنتبعه،وعندما نتبعه مثلما تقول الكنيسة نقول له "نتبعك يارب بكل قلوبنا"،أتبعه بكل عواطفي، كل مشاعري، كل اهتماماتي، كل مالي يتبعه، اتبعني يقول لك اتبعني تعالى أنا أريدك، لماذا أنت تضيع الوقت؟ تعالى معي،لماذا تضع اهتمامات أخرى في حياتك غيري؟ اتبعني أنا، أنا أريدك تذهب معي أنا، أنت اتبعني، أنت تعالى أريدك،إذا قمت بالنظر للإنسان تجدهناك تبعيات كثيرة في حياته، هناك إنسان حياته كلها تابع ذاته،تابع تفكيره،تابع كرامته، حياته كلها موجهة لذاته ولكرامته، هناك إنسان آخر تابع لشهواته، حياته كلها وذهنه كله واهتماماته كلها منحصر في شهوته، هناك إنسان آخر ذهنه كله واهتماماته كلها منحصرة في المال وجمع المال،اهتمامات، تبعيات، لكن هنا يسوع يقول لك أنا أريدك تكون معي أنا، الذي يتبع ربنا يسوع المسيح ينسى ذاته، يضبط شهواته، يرتفع فوق محبة المال، اتبعني،اتبعني، تعالى،من المؤكد أن هؤلاء الذين تبعوا ربنا يسوع المسيح نسوا العالم، نسوا شهوتهم، نسوا اهتماماتهم المحصورة في الزمن وبدأوا يروا الأبدية، لذلك قال له أنت سوف ترى السماء وترى الملائكة صاعدة ونازلة على ابن البشر، هل هناك منظر أجمل من ذلك؟!،مشاهد تأخذ قلبك، مناظر تبدل اهتماماتك،ما الذي يجعل الإنسان تبعيته لربنا يسوع المسيح ضعيفة أو محصورة أو مهزوزة أو مؤجلة؟أنه لايعرف من يتبع،لا يعرف ماذا سيأخذ من تبعيته؟،لا يعرف ماذايحدث له؟،الذي يحدث لك أنك أنت سوف تتبدل بالكمال،الذي يحدث لك أنك لن تكون أنت،تصبح شخص آخر، نثنائيل قبل يسوع يختلف عن نثنائيل بعد يسوع، فيلبس قبل يسوع يختلف عن فيلبس بعد يسوع،بطرس واندراوس قبل غير بعد، أنا وأنت وكل شخص فينا ربنا يسوع المسيح يريد أن يدعونا نفس الدعوة، أنت قبل شخص وبعد شخص آخر تماماً. لذلك يقول لك اتبعني،اتبعني،القديس أوغسطينوس كان يناجي الله ويقول له "إن من يقتفي أثارك لن يضل قط"،الذي يسير خلفك هذا لن يضيع،الذي يتبعك، من يقتفي أثارك لن يضل قط، ومن امتلكك شبعت كل رغباته،الذي أخذك كل الأشياء سقطت من داخله،إنسانه القديم تبدل، شخصه القديم تغير، من امتلكك شبعت كل رغباته،الذي أخذ المسيح أخذ كل شيء،والذي افتقر من المسيح افتقر من كل شيء، لذلك يقول له اتبعني،عندما تجلس اليوم وتسأل نفسك سؤال بسيط وهو أنا من أتبع؟، أي فرد في العمل يتبع مدير العمل،يتبع سياسة العمل، توجيهات العمل، أي فرد يعيش في بلد يخضع لقانون البلد،أي شخص يسير في الشارع بسيارة يتبع قانون المرور الذي يخص السيارة، يقول له هذا الشارع اتجاه واحد من اليمين إلى اليسار أو من اليسار إلى اليمين فيتبع، أنا من أتبع؟أنا تابع لمن؟يقول لك أنت مسيحي منذ يوم عمادك وأنت دشنت فأنت رشمت بالميرون، فأنت صرت في ملكية المسيح،فهل أنا أسلك حسب ذلك بالفعل؟، هل أنا بالفعل تابع له؟،بمعنى أنني أخضع إلى قانونه، يعمل في القانون الإلهي وأخضع لروحه القدوس العامل في،والساكن في، وأنا أسلك بوصاياه، وأنا أسلك بحياته،اتبعني،من أتبع أنا؟. ذات مرة قرأت مقال يقول: هل نحن مسيحيون، هل نحنب الحق مسيحيين؟ نقول له نعم، يقول لك إذن تعالى لنرى هل تسير بهذه الوصية ....،....،....، وهل تفعل ذلك؟،وماذا بعد ذلك؟،في النهاية يقول لك لا أنت تحتاج أن تكون مسيحي من جديد،هل أنا مسيحي؟!،هل أنا أتبع المسيح؟ أم أني أتبع عقلي، شهواتي، المال، العالم،استهتار،استخفاف،أصنع لنفسي حياة، تابع لنفسي،يقول لك لا اتبعني، أنا أريدك أنت، أنا أريدك أنت، أنا أريد أن ما بداخلك هذا يحدث فيه تغيير من جذوره،هل تعطيني وقت أم لا؟، أنت تقول أنك تتبعني وتحسب علي الدقائق!. لذلك أحد الآباء يقول لك تدعوني أبا ولا تطيعوني، تدعونني سيدا ولا تكرموني،تدعونني معلما ولا تسمعوني،بمعنى أنه من جهة الدعوة فالدعوة جميلة، أما من جهة أنك تقول أني معلم فحسنا ذلك لكن اسمعني، تقول سيد إذن اكرمني، تقول أب إذن أطعني،اتبعني فيكون تتبعني،مسيحي تكون مسيحي، لذلك ياأحبائي كلمة اتبعني هذه كلمة لابد أن تدخل داخلنا ونراجع أنفسنا في ضوئها، معلمنا بولس الرسول يقول لك "حاذين أرجلكم لاستعداد إنجيل السلام"،أي تسير بحسب الوصية، حاذيب معنى وازي،بمعنى اذهب خلفها،حاذين أرجلكم لاستعداد إنجيل السلام، هل أنا أسلك بالوصية؟عندما يأتي يسوع يقول لك اتبعني تقول له فما هو المطلوب مني؟ يقولك أمرين مهمين جداً : ١- تتبع وصاياي. ٢- تتبع شخصي . ١- تتبع وصاياي : في كل مرة أنت تريد أن تعرف فيها هل أنت تسلك بطريقة صحيحة أم خاطئة اسأل آية، اسأل نفسك، لدرجة الآباء القديسين يقولون لك أن أي عمل لك لا تستدل عليه من الكتاب المقدس يكون خطأ، لا تعمل عملا إلا ويكون لك عليه دليلاً من الكتاب، شخص يذاكر أقول لك هو له دليل من الكتاب أنه يكون أمين في عمله،شخص يعمل أقول هذا جيد فهو يتعب في عمله أقول لك مثلما قال لك الكتاب "بعرق جبينك تأكل خبزك"، لاتتضايق،شخص يسامح أقول لك الإنجيل قال سامح،وبفرض أن شخص قال كلمة خطأ أقول لك الإنجيل قال "لا تخرج كلمة رديئة من أفواهكم"،لكن افترض أن شخص طامع، شخص أحب العالم،شخص استعبد للشهوة،.... إلخ،ستجد الإنجيل هو الذي يرد عليك، لا تعمل عملا إلا ويكون لك عليه دليل من الكتاب المقدس، "حاذين أرجلكم لاستعداد إنجيل السلام"، وقتهاعندما يقول لك أتبعني تكون أنت بالفعل تتبعه، لأنه قال"بهذا يعرف العالم أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضكم نحو بعض"،لكن كيف نعرف؟! قال لك إذا أنت نفذت وصيتي،هذا معنى أنا أتبعه،وعندما تتبعه وتتبع الوصية تشعر أن الوصية هي قانون واجبة التنفيذ، ليست تحت بند النقاش، لا،لا يوجد شخص يقف في محكمة يناقش قانون، لا بل القانون قانون، هو يحاول يقيس نفسه على القانون، ويحاول إلى حد ما يبرر لنفسه أنه فعل ذلك لكي يخفف الحكم، لكن القانون قانون، يسري عليك ويسري على غيرك، الإنجيل قانون،ماذاأيضاً لكي أتبعه؟أقول لك: ٢ـ تتبع حياته : تتبع حياته يقول لك"تاركاً لنا مثالاً لكي نتبع خطواته"، عيش بحسب المسيح، عيش بحسب فكره، عيش بحسب كلامه،عيش بحسب أعماله، أجمل ما في شخص ربنا يسوع المسيح يا أحبائي أنه عندما جاء وتجسد على الأرض عاش كل حياتنا بالضبط، فما من موقف في حياتنا إلا واجتازه، كيف؟! أقول لك كل المواقف التي من الممكن أن نعيشها أو يمكن أن نشكو منها هوعاشها لكنه اختلف في المكان والاسم فقط، على سبيل المثال إذا كان هناك شخص يشكو يقول لك يا أبي الناس من حولنا يكرهوننا، شخص آخر يقول لك العالم ممتلئ بالشر، شخص آخر يقول لك هناك ناس تظلمنا،شخص آخر يقول لك هناك عثرات كثيرة جداً محيطة بنا، أقول لك إذن تعالى لنشاهد ربنا يسوع المسيح عاش نفس الكلام بالضبط أم لا؟،هل هناك ناس تظلمه؟ كثيراً،هل هناك ناس تكرهه؟ كثيراً،وقال لنا تكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي،وهل هناك عثرات؟ نعم هناك عثرات، هل الشيطان يحاربنا؟! نعم وهو أيضاً تمت محاربته،هل يغوينا بمباهج العالم؟!وهو أيضاً حورب بذلك، هناك أشخاص تخوننا وهو أيضاً تمت خيانته،هناك أشخاص تتآمر علينا وهو أيضاً تآمروا عليه وتشاوروا عليه، هناك أشخاص تحبنا وهو أيضاً هناك ناس أحبوه،تقول لي ولكن الحياة غالية أقول لك هو أيضا عاش هذه الحياة الغالية،عندما أتوا ليطلبوا منه أن يدفع ضريبة رغم أنه كان من المفترض ألا يدفعها لأنه مواطن، الضريبة كانت للغرباء ومع ذلك حسبوه غريب لأنه كانت مواطنته من الممكن أن يكونوا غير قادرين على التأكد منها لأنه كان يتنقل في بلدان كثيرة فعندما كان يتنقل في بلدان كثيرة حسبوه زائر،لم يحسبوه أنه مواطن وهو كان من الممكن أن يعارض ويقول لا أنا ليست علي ضريبة، لكنه عندما جاءت عليه ضريبة قال لمعلمنا بطرس اذهب اصطاد وادفع لنا سويا وستجد في السمكة استارين ادفع عني وعنك، بمعنى أنه قبل الظلم، وقبل أنه يتحمل نفقات ليست واجبة عليه، أي أن كل موقف في حياتنا هو اجتازه، لذلك كلما تشكو من شيء أنظر إليه ستجده اجتازه،عندما يكون شخص منا لديه تجربة شديدة ينظر لها ويقول لك عليه أنه رجل حزن، مختبر وجع،عندما يكون شخص منا متألم من مرض أقول لك أنظر قمة الألم الذي هو احتمله والذي قبله في جسده من أجل أن يعطينا بالألم راحة، وتكون آلامنا شركة آلام مع آلامه،إذن حياته منهج، فعندما يقول لك اتبعني أنا لابد أن أبحث أنا من أتبع بالضبط؟،وماذا اتبع؟، ولكي أتبعه لابد أن أتبع وصاياه،واتبع سيرته،اليوم ربنا يسوع يقول لكل شخص فينا اتبعني،ويجب عليناأيضاً أنا أقول له"أتبعك يا رب أينما تمضي" وأقبل حياتي، وإذا كان هناك أي شيء يجعلني أنظر إلى الوراء فأنت الذي تفطمني منه، وأنت الذي تغير حياتي،وأنت الذي تستأثرن بالكمال، لكي أنسى ما هو وراء وامتد إلى ما هو قدام.ربنا يقبل حياتنا ويكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائماً أبديا آمين.

غريزة الخوف الجمعة الثانية من شهر بابة

تَقْرَأ الكِنِيسَة فِي هذَا الصَبَاح فَصْل مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمْنَا لُوقَا مِنْ نِهَايِة الأصْحَاح الحَادِي عَشَر وَبِدَايِة الأصْحَاح الثَّانِي عَشَر .. تَعَوَّدَت الكِنِيسَة أنْ تَقْرَأ هذَا الفَصْل فِي تِذْكَار إِسْتِشْهَادٌ الأبَاء القِدِّيسِينْ وَتَقُول ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ ( لو 12 : 4 ) الخُوف غَرِيزَة فِي الإِنْسَان وَالله سَمَح أنْ يَكُون مِنْ مُكَوِنَات الإِنْسَان الرَّئِيسِيَّة الله أعْطَى لِلإِنْسَان غَرَائِز هَدَفْهَا أنْ يَحْفَظْ الإِنْسَان بِهَا حَيَاتُه .. فَنَجِدٌ أنَّ ضَرُورِيَات الحَيَاة كُلَّهَا مِنْ كَثْرِة مَحَبِّة الله تَكُون مُرْتَبِطَة بِغَرَائِز .. ضَرُورِيَات الحَيَاة وَإِسْتِمْرَارْهَا رَبَطْهَا الله بِغَرِيزَة حَتَّى لاَ يَتَوَقَفْ الأمر عَلَى هَوَى الإِنْسَان فَنَجِدٌ الإِنْسَان كَيْ يَعِيش لاَبُدْ أنْ يَأكُل .. الله رَبَطْ الأكْل بِالغَرِيزَة .. كَيْ يَسْتَمِر الإِنْسَان فِي الحَيَاة لاَبُدْ مِنْ تَنَاسُل وَكَيْ يُوْجَدٌ تَنَاسُل فَلاَبُدْ مِنْ غَرِيزَة .. فَوَضَعَ الله فِي الإِنْسَان الغَرِيزَة لِكَيْ تَكُون مُرْتَبِطَة بِاسْتِمْرَار الحَيَاة وَلِكَيْ يَضْمَنْ إِسْتِمْرَار الحَيَاة رَبَطْ كُلَّ الغَرَائِز بِلَذَّة فَنَجِدٌ الشَّهْوَة قَدْ يَكُون بِهَا لَذَّة .. الأكْل بِهِ لَذَّة .. حَتَّى الخُوف بِهِ لَذَّة .. فَنَجِدٌ البَعْض يَمِيلُون لِمُشَاهَدِة أشْيَاء مُرْعِبَة .. لِمَاذَا ؟ مَا الَّذِي يِجْبِرَك لِتَرَى أشْيَاء مُخِيفَة ؟ أوْ مَا الَّذِي يِجْبِرَك لِتَرْكَبْ قِطَار يَسِير فِي الظَّلاَم أوْ تَدْخُل بِيتْ الرُّعْب ؟ هذِهِ أُمور مُرْتَبِطَة فِي الإِنْسَان بِلَذَّة الله مِنْ كَثْرِة رَحْمِتُه جَعَلَ الغَرَائِز مُرْتَبِطَة بِلَذَّة مِنْ أجْل إِسْتِمْرَار حَيَاة الإِنْسَان .. لكِنْ الإِنْسَان بِهَوَاه الشَّخْصِي وَحُرُوب عَدُو الخِير لَوَّث إِرَادِة الله فِي الإِنْسَان .. وَبَدَلْ أنْ تَكُون هذِهِ عَلاَمَة لإِعْلاَن مَحَبِّة الله فِينَا سِوَاء بِغَرِيزَة أوْ شَهْوَة أوْ أكْل أوْ خُوف دَخَلْ العَدُو وَلَوَّث الخُوف وَالأكْل وَالغَرِيزَة وَبَدَلْ مَا تَكُون عَلاَمِة حُبْ الله صَارَت عَلاَمِة إِنْفِصَال عَنْ الله هُنَا يَقُول الله ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ .. كَأمر غَرِيزِي طَبِيعِي لِتُحَافِظْ عَلَى حَيَاتَك وَضَعْت لَك الخُوف كَغَرِيزَة كَيْ تُحَافِظْ عَلَى حَيَاتَك وَمُجَرَّدٌ أنْ تَرَى شِئ يُخِيفَك إِهْرَبْ أوْ حَاوِل أنْ لاَ تُوَاجِه المَوْقِفْ .. هذَا شِئ غَرِيزِي طَبِيعِي فِي الإِنْسَان .. قَالَ الله إِلاَّ فِي هذِهِ الأُمور نَعَمْ الغَرِيزَة هِيَ عَلاَمِة مَحَبِّة الله فِي الإِنْسَان مِنْ أجْل الحِفَاظ عَلَى حَيَاتُه .. لكِنْ عِنْدَمَا يَكُون الإِنْسَان يَحْيَا فِي حَالَة رُوحِيَّة مُتَحِد مَعَ الله يَبْدَأ إِحْسَاسُه بِتَمَسُّكُه بِالحَيَاة يَقِلْ وَعِنْدَمَا يُضَحِّي بِتَمَسُّكُه بِالحَيَاة مِنْ هُنَا يَكُون الخُوف مَنْزُوع وَشَهْوِة الأطْعِمَة لاَ تُوْجَدٌ وَشَهْوِة الحَيَاة الجِنْسِيَّة تَكُون غِير مَوْجُودَةٌ .. هذَا جَاءَ مِنْ شَهْوَة أعْلَى رَفَعَتْ الإِنْسَان إِلَى فَوْق رَبَطِتُه بِالأعْلَى جَعَلِتْ الغَرَائِز لاَ تَكُون خَادِمَة لِحِفْظ الحَيَاة عَلَى الأرْض بَلْ خَادِمَة لِحِفْظ الحَيَاة فِي السَّمَاء وَمِنْ هُنَا تَتَحَوَّل الغَرَائِز مِنْ غَرَائِز إِنْسَان يَحْيَا لِلأرْض إِلَى غَرَائِز إِنْسَان يُرِيدْ أنْ يَحْيَا لِلسَّمَاء فَإِنْ كَانِتْ الغَرِيزَة أوْجَدْهَا الله فِي الإِنْسَان لِحِفْظ حَيَاة الإِنْسَان مُرْتَبِطَة بِلَذَّة صَارَتْ هذِهِ الغَرَائِز نَفْسَهَا مُرْتَبِطَة لِحِفْظ الحَيَاة الأبَدِيَّة بِلَذَّة فَصَارَ الصُوم لَذَّة .. وَصَارَتْ الطَّهَارَة لَذَّة .. وَصَارَ الخُوف الَّذِي يُؤدِّي إِلَى مِيرَاث الحَيَاة الأبَدِيَّة لَذَّة لكِنْ لاَ نُسَمِّيه خُوف بَلْ نُطْلِقٌ عَلِيه مَخَافَة .. فَصَارَتْ فِيَّ مَخَافِة الله لَذَّة .. وَصَارَ الصُوم بِهِ لَذَّة .. وَالطَّهَارَة بِهَا لَذَّة .. لكِنْ قَدْ نَقُول أنَّ هذِهِ الأُمور ضِدٌ الطَّبِيعَة .. نَعَمْ هِيَ ضِدٌ الطَّبِيعَة لكِنْ بِحَسَبْ قَوْل الكِتَاب كَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ ﴾ ( 2كو 5 : 17) .. بَدَأتْ الدَّوَافِعْ تَتَغَيَّر وَالأهْدَاف تَتَغَيَّر وَيَسْلُك الإِنْسَان بِحَسَبْ الإِنْسَان الجَدِيد .. إِنْسَان الحَيَاة الأبَدِيَّة وَكَمَا يُسَمِّيه الآبَاء ** إِنْسَان الله .. إِنْسَان السَّمَاء *هَلْ هذَا لَيْسَ لَهُ غَرَائِز ؟ لَهُ غَرَائِز لكِنَّهَا مُخْتَلِفَة .. غَرَائِز لَيْسَتْ مِنْ أجْل حِفْظ حَيَاة الإِنْسَان عَلَى الأرْض بَلْ مِنْ أجْل حِفْظ الحَيَاة الأبَدِيَّة وَصَارَتْ مُرْتَبِطَة بِلَذَّة أكْثَر مِنْ لَذِّة حِفْظ الحَيَاة الأرْضِيَّة .. لِذلِك الَّذِي بِهِ رُوح الله يَعْمَل صَارَ هذَا الأمر مُؤشِر أكِيدٌ لأِنَّ إِشْتِيَاقَات الحَيَاة الأبَدِيَّة بَدَأت تَعْمَل دَاخِلُه وَالآبَاء القِدِّيسِينْ كَانُوا يَطْلُبُون مِنْ الله قَائِلِينْ ﴿ أعْطِنَا يَا الله أنْ نُحِبَّك بِقُوِّة أهْوَائْنَا ﴾ وَلِنَرَى قُوِّة الأهْوَاء دَاخِلْ الإِنْسَان وَكَيْفَ تَكُون مُتَسَلِّطَة .. نَفْس الإِحْسَاس الّذِي لأِهْوَاء الإِنْسَان بَلْ وَأعْلَى مِنْهُ تَكُون مَحَبِّة الله .. مِنْ هُنَا تَتَبَدَّل شَهْوِة وَاشْتِيَاقَات الإِنْسَان لِذلِك هُنَا يَقُول لَهُمْ ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ تَخَيَّل إِثْنِينْ وَاقِفِينْ وَالإِثْنَان لَهُمَا غَرِيزِة الخُوف .. وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُحِبْ لِلشَّهْوَة وَالحَيَاة مَدْفُوع بِغَرَائِزُه وَتَحْت وَطْأة الغَرِيزَة مُجَرَّدٌ أنْ يَرَى السَّيَاف وَاقِفْ بِيَدِهِ سِيف تَرَى كِمِيِة الرُعْب الَّتِي تَدْخُلْ قَلْبُه وَتَكُون عِنْدُه حَسْرَة عَلَى حَيَاتُه .. وَهذَا الأمر مُرْتَبِطْ بِغَرَائِزُه لِلحِفَاظْ عَلَى حَيَاتُه وَلاَ نَسْتَطِيعْ أنْ نَلُومُه لأِنَّ هذَا حَال الإِنْسَان الطَّبِيعِي .. وَلكِنْ نَجِدٌ الآخَر مُخْتَلِفْ .. يِكَلِّمَك عَنْ سَرْجِيُوس وَوَاخُس– وَهُمَا لَهُمَا شَأنْ عَظِيمْ حَتَّى أنَّ الَّذِينَ عَذَّبُوهُمَا حَاوَلُوا أنْ يُقْنِعُوهُمَا – يُحْكَى عَنْ سَرْجِيُوس أنَّ الَّذِي كَانَ يُعَذِّبُه كَانَ فِي المَكَان الَّذِي كَانَ فِيهِ بِوَاسِطَة سَرْجِيُوس فَكَانَ فِي خَجَل أنْ يُعَذِّبُه لأِنَّهُ يَشْعُر بِجِمِيلُهٌ عَلِيه وَكَأنَّهُ يُرِيدْ أنْ يَقُول لَهُ أنَا أفَضَّل أنْ أكُون مُقَصِّر وَأقُول لَك إِهْرَب مِنِّي .. المُهِمْ أنْ تَهْرَب أنَا غِير قَادِرٌ أنْ أمُدٌ يَدِي وَأُعَذِّبَك فَأنَا مَدْيُون لَك بِالكَثِير .. وَلكِنْ قَدْ يَكُون سَرْجِيُوس يَرْجُوه كَيْ يَسْتَمِر فِي تَعْذِيبُه .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ عِنْدُه غَرِيزَة لكِنَّهَا تَقَدَّسَتْ وَارْتَفَعَتْ جِدّاً وَصَارَتْ غَرِيزَة فِي الله .. وَصَارَتْ غَرِيزَة لَيْسَتْ مِنْ أجْل حِفْظ الحَيَاة الأرْضِيَّة لكِنَّهَا صَارَتْ خَادِمَة لِلحَيَاة الأبَدِيَّة لِذلِك يَقُول ﴿ بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ ﴾ ( لو 12 : 5 ) .. هذَا خُوف جِدِيد .. خُوف الإِنْسَان الرُّوحَانِي الَّذِي عِنْدُه خُوف عَلَى خَلاَص نَفْسُه وَخُوف مِنْ المُعَاشَرَات الرَّدِيئَة وَخُوف مِنْ مَنْظَر رَدِئ .. أوْ إِنُّه يِكُون قَدْ إِسْتَهْتَر بِحَوَاسُه .. عِنْدُه خُوف عَلَى الحَيَاة الأبَدِيَّة مُرْتَبِطْ بِلَذَّة .. جَمِيلٌ الإِنْسَان الَّذِي لاَ يَخَاف مِنْ السِيف لأِنَّ لَذِّة الحَيَاة الأبَدِيَّة أمَامُه لِذَا هُوَ غِير خَائِفْ مِنْ المُوت لأِنَّهُ يَعْلَمْ أنَّ حَيَاة تَنْتَظِرُه .. هذَا جَمَال دَوَافِعْ الإِنْسَان الرُّوحَانِي الَّتِي يَغْلِبْ فِيهَا الإِنْسَان الطَّبِيعِي الَّتِي يَغْلِبْ فِيهَا نَفْسُه .. يَغْلِبْ فِيهَا ضَعَفَاتُه كَثِير مِنْ الآبَاء الشُّهَدَاء كَانُوا يَسْعُون لِلإِسْتِشْهَادٌ وَكَانَ عِنْدَهُمْ لَذِّة الإِسْتِشْهَادٌ وَهذَا لأِنَّ الخُوف الَّذِي دَاخِلُه تَحَوَّل إِلَى مَخَافِة الله فَصَارَ الخُوف الَّذِي دَاخِلُه لَيْسَ غَرِيزَة أرْضِيَّة بَلْ إِنْ صَح التَّعْبِير صَارَ لَدَيْهِ غَرِيزَة رُوحَانِيَّة .. صَارَتْ لَهُ غَرَائِز تَخْدِم أُمور أُخْرَى .. صَارَتْ الغَرِيزَة لَيْسَتْ مَوْضُوعَة فِي الإِنْسَان لِحِفْظ حَيَاة الإِنْسَان مُرْتَبِطَة بِلَذَّة أرْضِيَّة .. بَلْ صَارَتْ مَوْضُوعَة فِي الإِنْسَان مِنْ أجْل حِفْظ حَيَاتُه الأبَدِيَّة مُرْتَبِطَة بِلَذَّة رُوحَانِيَّة لِذلِك الإِنْسَان الرُّوحَانِي عِنْدُه وَقْفِة الصَّلاَة لَذِيذَة وَجَمِيلَةٌ وَإِنْ كَانْ بِهَا تَعَبْ لِلجَسَد .. أيْضاً صُوم يَومَيّ الأرْبَعَاء وَالجُمْعَة يَفْرَح بِهِ وَيَنْتَظِرُه لأِنَّ فِيهِ لَذَّة وَلاَ يَشْعُر بِحِرْمَان .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ الغَرَائِز تَتَبَدَّل وَالإِنْسَان الجَدِيد الَّذِي بِحَسَبْ الرُّوح يُولَدٌ وَيَنْمُو وَصَارَ يَتَذَوَقٌ مَذَاقَة جَدِيدَة لِطَعْم حَيَاة جَدِيدَة فِي الْمَسِيح يَسُوع .. هذِهِ هِيَ بِدَايِة الإِسْتِعْدَادٌ لِلإِسْتِشْهَادٌ .. الإِسْتِشْهَادٌ لَيْسَ لَحْظَة بَلْ حَيَاة .. لَيْسَ مَوْقِفْ بَلْ سُلُوك دَائِمْ .. مِنْ هُنَا الشَّهِيدٌ وَإِنْ كَانِتْ عَنْدُه رَغَبَات حَيَاة أرْضِيَّة إِلاَّ أنَّهَا تَقَدَّسَتْ بِالرُّوح وَارْتَفَعِتْ جِدّاً وَصَارَتْ تَخْدِمٌ أهْدَاف سَمَاوِيَّة قَدْ نَقُول هذَا ضِدٌ طَبِيعِة الإِنْسَان .. نُجِيبْ أنَّ الإِنْسَان يَتَقَدَّس فِي الْمَسِيح .. هَلْ تُصَدِّقٌ أنَّ نَفْس جَسَدَك وَنَفْس غَرَائِزَك تَتَبَدَّل ؟ .. نَعَمْ تَتَبَدَّل .. الله لَمْ يَخْلِقْنَا لِنُسْتَعْبَدٌ لِلغَرَائِز الأرْضِيَّة .. الله خَلَقْنَا مِنْ فَرْطٌ مَحَبِّتُه أعْطَانَا غَرَائِز مِنْ أجْل حِفْظ نُوعْنَا وَالإِبْقَاء عَلَى حَيَاتْنَا .. أعْطَانَا غَرَائِز كَيْ نَعِيش الحَيَاة وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَنَا الأكْل غَرِيزَة سَتَجِدٌ الكَثِيرُون لاَ يَأكُلُون فَيَضْعَفُون وَيَمْرَضُون وَيَمُوتُون .. لِذلِك مِنْ أجْل مَحَبِّة الله رَبَطْ الأكْل بِلَذَّة .. كذَلِك التَّنَاسُل لَوْ لَمْ يَرْبُطُه الله بِلَذَّة كَانَ الإِنْسَان يَنْقَرِض لِذلِك مِنْ مَحَبِّة الله أعْطَانَا أُمور بِهَا تَعْبِير عَنْ إِرْتِقَاء مَحَبَّة .. عِنْدَمَا يَنْحَرِفْ الإِنْسَان عَنْ هذِهِ الأهْدَاف يَقُول لَهُ الله الَّذِي أعْطَيْتَك إِيَّاه أنْتَ بِهِ تُهِينَنِي .. الّذِي أعْطَيْتُه لَك بِمَحَبِّتِي لَك أنْتَ إِسْتَخْدِمْتُه لإِهَانَتِي .. إِذاً تَسْتَطِيعْ يَارَبَّ أنْ تَسْحَبْهَا مِنْ الإِنْسَان ؟ .. يَقُول لاَ .. أنَا لَذِّتِي فِي الإِنْسَان .. أنَا أحَاوِل أنْ أُقَدِّسُه وَأنَا أجْتَهِدٌ أنْ أجْعَل جَسَدُه مِلْكِي .. أجْعَلُه هَيْكَل لله وَغَرَائِزُه مُنْضَبِطَة .. أنَا مَيِّزْت الإِنْسَان بِأجْمَلٌ نِعْمَة نِعْمِة الحُرِّيَّة .. أنَا خَلَقْت الإِنْسَان عَلَى صُورَتِي وَمَيَّزْتَهُ وَلَنْ أنْدَم عَلَى ذلِك .. لاَبُدْ أنَّ الصُورَة الإِلهِيَّة تَثْبُتْ فِي الإِنْسَان حَتَّى عِنْدَمَا يُمَجِّدْنِي يَسْتَحِقٌ أنْ أُمَجِّدُه كَيْ أقُول لَهُ تَعَالَ وَرِث المُلْك المُعَدُّ لَك مِنْ قَبْل إِنْشَاء العَالَمْ ( مت 25 : 34 ) .. أنْتَ حَقَّقْت صُورْتِي عَلَى الأرْض .. حَقَّقْت هَدَفِي فِيك مِنْ خِلْقِتَك أنْتَ مَجَّدْتِنِي عَلَى الأرْض لِذلِك حَرَصِتْ الكِنِيسَة عَلَى إِبْرَاز آبَائْنَا الشُّهَدَاء كَنَمَاذِج لَنَا صُور عَمَلِيَّة لَنَا عَنْ أُنَاس عَاشُوا فِي أجْوَاء بِهَا تَقْرِيباً نَفْس التَّحَدِيَات الَّتِي تُوَاجِهْنَا .. تَحَدُّوا مُجْتَمَع .. تَحَدُّوا طُغَاة .. تَحَدُّوا ألَمْ .. تَحَدُّوا مُقْتَنَيَات وَغَرَائِز وَغَلَبُوا لأِنَّ بِذْرِة الحَيَاة الأبَدِيَّة وُضِعَتْ فِيهُمْ فَرَوُوهَا وَنَمُّوهَا .. كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا وُضِعَتْ فِيهِ بِذْرِة الحَيَاة الأبَدِيَّة مِنْ يُوم المَعْمُودِيَّة .. مِنْ يُوم المَعْمُودِيَّة لاَبُدْ أنْ نَرْعَاهَا بِإِجْتِهَادٌ .. القِدِيس أُوغُسْطِينُوس يَقُول ﴿ إِرْعَى مُحِبّاً مَا قَدْ أخَذْتَهُ ﴾ ** إِرْعَى مُحِبّاً ** أي كَمَا تَهْتَمْ بِطِفْل بِحُبْ وَحَنَان وَرِعَايَة الله أعْطَانَا الكَثِير أعْطَانَا رُوحُه القُدُّوس .. أعْطَانَا نَفْسُه كُلَّ يُوم عَلَى المَذْبَح لِلتَّقْدِيس وَالثَبَات وَالنُمُو لَمْ يَمْنَع خِير عَنْ طَالِبيِه .. لَمْ يَدَعْنَا مُعْوَزِينْ شَيْء .. أعْطَانَا بِذَار وَقَالَ هذِهِ البِذَار مِنْ أجْل نُمُو الحَيَاة السَّمَاوِيَّة لِذلِك كَانُوا يَسْعُون لِلإِسْتِشْهَادٌ وَإِنْ كَانُوا فِي مَدِينَة أُخْرَى يَتَقَاطَرُون عَلَى الإِسْتِشْهَادٌ .. لِمَاذَا ؟ .. هُنَاك رَغْبَة جِدِيدَة جَدِّت فِي حَيَاتْهُمْ .. شَهْوِة حَيَاة جِدِيدَة .. حَيَاة أبَدِيَّة لاَ يَسْتَطِيعُوا أنْ يَحْتَمِلُوهَا فَبَحَثُوا عَنْ أمَاكِنْ الإِسْتِشْهَادٌ هُنَاك أبَاء شُهَدَاء كَانُوا يُعْطُون فِضَّة لِضَارِبِيهُمْ بِالسِيف .. القِدِيس بُطْرُس خَاتِمْ الشُّهَدَاء خَافْ السَّيَاف أنْ يَقْطَعْ رَأسُه مِنْ شِدِّة وَقَارُه وَهَيْبَتُه .. كَيْفَ يَخَاف السَّيَاف ؟ .. نَعَمْ الخُوف غَرِيزَة لِحِفْظ النُّوع وَلكِنْ السَّيَاف يُمِيتْ وَلاَ يَمُوت .. الَّذِي يَمُوت لاَ يَخَافْ .. الحَيَاة فِي الْمَسِيح يَسُوع تُحَوِّل الخَائِفْ إِلَى شَهِيدٌ وَالشَّهْوَانِي إِلَى بَتُول .. الحَيَاة فِي الْمَسِيح يَسُوع تُبَدِّل الغَرَائِز وَتَعْلُو بِهَا وَتُقَدِّسْهَا وَتَجْعَلْهَا غَرَائِز لِحِسَاب الْمَسِيح لِذلِك تَقُول لَك الكِنِيسَة ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ الكِنِيسَة وَضَعِتْ هذِهِ النَّمَاذِج وَتَحْتَفِل بِهَا لِتُغَيِّر أهْدَافْنَا وَتَقُول لَك أنْتَ لاَ تَعِيش لِلأرْض فَقَطْ تَهْتَمْ بِمَا تَأكُلْ وَتَرْتَدِي لاَ نَمِّي إِشْتِيَاقَات الحَيَاة الأبَدِيَّة الَّتِي عِنْدَك تَغَيَّر وَتَقَدَّم وَنَمِّي إِشْتِيَاقَاتَك إِذَا جَاءَ مَوْقِفْ الأنْ لِتُقَدِّم حَيَاتَك لِلْمَسِيح مَاذَا سَتَفْعَل ؟ لَنْ تَسْتَطِيعْ أنْ تَقُول أُقَدِّم حَيَاتِي لِلْمَسِيح فِي لَحْظَة لاَبُدْ أنْ تَكُون مُقَدِّمْهَا كُلَّ يُوم لاَبُدْ أنْ تَكُون لَك وَقْفِة صَلاَة وَإِنْ كَانِتْ مُتْعِبَة لِلجَسَد لاَبُدْ أنْ تَغْلِبْ الجَسَد وَإِنْ كَانْ لَيْسَ لَدَيْكَ وَقْت وَإِنْ كُنْت لاَ تُعْطِي حَتَّى وَلَوْ لَحَظَات لله فَكَيْفَ تُعْطِيه الحَيَاة كُلَّهَا ؟ مِنْ هُنَا نَقُول تُوْجَدٌ حَيَاة أبَدِيَّة بِغَرَائِز رُوحِيَّة مِحْتَاجِينْ أنْ نَحْيَاهَا مِنْ الأنْ لِنَتَهَيَّأ لِمَجْد الحَيَاة الأبَدِيَّة الله يُعْطِينَا أنْ نَسْلُك بِإِسْتِقَامَة فِي الحَيَاة وَأنْ يُصَحِّح أهْدَافْنَا وَيُقَوِّم خَطَوَاتْنَا وَيُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

الراعى الصالح

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . فلتحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان والى دهر الدهور كلها آمين . تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح فصل من إنجيل معلمنا يوحنا إصحاح ١٠ عن الراعي الصالح، فعندما يكون هناك تذكار بطريرك أو أسقف في الكنيسة، تقرأ علينا الكنيسة فصول تناسب هذا الأمر، فتجد أن الكاثوليكون اليوم عن رسالة معلمنا بطرس يقول لنا "ارعوا رعية الله التي بينكم، وتعهدوها لا بالقهر بل بالاختيار كمثل الله، ولا ببخل بل بنشاط، ل كمن يتسلط على المواريث بل صائرين أمثلة للرعية"، في الحقيقة الكنيسة تعتبر أن كل أسرة كنيسة، وتعتبر أن هذه الكنيسة الصغيرة جزء من الكنيسة الكبيرة، هذه الكنيسة الصغيرة الكنيسة تجعل لها راعي، الراعي هو الأب، وبالطبع الزوجة تكون مشتركة في الرعاية في الأسرة، كم يا أحبائي نحن نشعر أن الكنيسة قائمة على الكنائس الصغيرة، كلما كانت الكنائس الصغيرة في رعاية، في ثبات في الإيمان، في محبة لله، صارت الكنيسة كلها كنيسة في وحدة، في مخافة الله، في ثبات الإيمان، كلنا نحتاج أننا نراجع أنفسنا، ربما يكون الله سمح أن الكنيسة تمر بتجربة، نشكر الله إذا مرت بسلام، لكن الشخص لابد أن يراجع نفسه، ما شكل الكنائس التي في منازلنا؟، ما شكل أسرنا؟، هل أبنائنا ثابتين في الإيمان أم لا؟، هل كل زوج يحب زوجته من قلب طاهر نقي؟، هل كل زوجة مخلصة لزوجها؟، محبة، أمينة له، كل أب وكل أم هدفهم أن يصلوا بأولادهم إلى السماء، ويرعوهم ويثبتوهم في الإيمان، ماذا نفعل بالضبط ونحن نعيش؟، معلمنا بطرس يقول لهم "كونوا متيقظين وأسهروا لأن إبليس عدوكم يجول كأسد زائر يلتمس من يبتلعه، فقاوموه راسخين في الإيمان"، قال لك المشكلة وقال لك العلاج، العلاج جزئين قال جزء في البداية وجزء في النهاية والمشكلة وضعها في المنتصف، فما هو العلاج؟! : ١- كونوا متيقظين واسهروا . ٢- قاوموه راسخين في الإيمان، عالمين أن نفس هذه الآلام تجرى على إخوتكم الذين في العالم . متيقظين، اسهروا، قاوموه راسخين، ربما يا أحبائي تشعروا أن في هذا الوقت هناك هجوم شديد، ربما يكون انعكاسات لأحداثه، ربما يكون منها السياسية، ربما يكون منها دينية، ربما رد فعل البعض للأشياء الموجودة في الانفتاح على الإنترنت والفضائيات، ربما يكون هناك احداث كثيرة فيها إثارة، فهناك رد فعل، إذن رد الفعل هذا يحتاج أن أكون متيقظ وأحتضن أولادي، وأحافظ على بيتي، وأكون في ثبات في الإيمان، قاوموه راسخين، جميل جداً البيت الذي يكون كنيسة، جميل جداً الذي ثبات البيت في الإيمان يكون شغله الشاغل، جميل جداً الرجل الذي يشعر أن البيت بالنسبة له هو راعي فيه، لا يبحث فيه على مصلحته، وراحته فقط، يأتي ليأكل وينام فقط، لا توجد أمور مطلوبة منه غير ذلك، ويوم أن يتفضل ويفعل أي شيء يكون بالتذمر، والزوجة أيضا أحياناً نجدها تعامل الأولاد بقسوة وتعامل زوجها بجفاء، تفكك، وفي النهاية هناك هجوم، لكن هناك أسد ينتظر أولادنا، وينتظرنا كلنا، الكبير والصغير، والأسد هذا جائع، مفترس، من طبعه الشراسة، فهو يظل يجول يلتمس من يبتلعه، الذي يعرف أن يتصيده سواء كان كبير أو صغير، في ظروف جيدة أو رديئة، غني أو فقير، ثابت في الإيمان أو بعيد عن الإيمان، ما شكله؟ لا يهم، المهم يريد أن يلتمس من يبتلعه، إذن فهذا يحتاج يقظة، كم يا أحبائي عندما نشعر أن هناك شخص ذهب إلى فك هذا الأسد نشعر بالحزن، لذلك علينا أن ننتبه، أعتني به، أحتضنه، أكون حافظاً له، ناصحاً له، أكون صديق له أحيانا يا أحبائي نجد أن بعض الناس في بيوتنا لا يشعرون بالارتياح مع بعضهم البعض، لا يعرفوا أن يتحدثوا بصراحة، كل موقف يكون بالكذب، كل حدث يكون بالمراوغة وعدم الوضوح لأنه لا أحد يود أن يسمع، والذي يسمع لا يريد أن يعالج، وإذا سمع يعتبر الكلام الذي سمعه يريد أن يعالجه بالمشاجرة والمشاكل، هنا معلمنا بطرس قال لك "أنتم أرعوا رعية الله التي بينكم وتعهدوها لا بالقهر"، ليس معنى شخص راعي أنه يثور ويغضب وليس معنى أنه أب هذا البيت يكون قاهر لهذا البيت، أو يكون ديكتاتور في هذا البيت، تكون كلمته فقط، يقول أنا قلت ذلك، لكن دعنا نتحاور، دعنا نتناقش، دعنا نقنع، قال لك لا بالقهر بل بالاختيار كمثل الله، يريد أن يقول لك هل أنت سوف تكون أعظم من الله؟!، ربما عندما يفعل الله شيء ما يفعله بالاختيار، الله يعطي الحرية، الله عندما يريد أن يتحدث معنا فهو يقنعنا، الله عندما يحب أن يفعل شيئاً يقول لك أيضاً أتشاور مع موسى، أتشاور مع إبراهيم، الله، إله الآلهة، كنز الحكمة، يتشاور، وهنا يعود ثانية ويقول لك "ولا كمن يتسلط على المواريث"، أي كأن شخص هذه الأشياء أصبحت ميراثه ومتسلط عليها، وهي ملكه، يقول أنا حر فيها، وأنا أعمل فيها ما أنا أريده، قال لك لا، لا بالقهر ولا كمن يتسلط على المواريث، بل صائرين أمثلة للرعية، بمعنى أن الأب الذي يريد أولاده يثبتوا في الإيمان لابد أنه أيضاً يثبت في الإيمان، الأم التي تريد بيتها يكون بيت كنيسة لابد أن تكون هي أم عابدة، مصلية، تقية، محبة لله، خائفة لله، متضعة، لسانها يخرج كلام بركة، أولادها يشاهدوها ثابتة في المسيح يسوع، ذات مرة أحد الآباء كتب كتاب وقال هل نحن مسيحيون أم نحن مرتدون؟! نحن أحياناً عندما نسمع كلمة أن شخص يترك المسيح تخيفنا جداً وتزعجنا جداً، قال لك دعنا الآن لا نهتم بمن يذهب هذا، لكن نحن هل نحن مسيحيين أم نحن مرتدين عن المسيح؟!، صدقني إذا قمنا بقياس أنفسنا حسب قوانين الكنيسة وبحسب الإنجيل ستجد أن كثير مننا اسمه مسيحي لكنه تارك المسيح، واضع وصايا المسيح خلفه، غير مهتم، غير مكترث، مهما قالت الكنيسة ومهما حذرت، مهما كان هناك خطر، كما أنا، أقول لك انتبه، انتبه لأن هنا الإنجيل يحذرك ويقول لك أنه هناك ذئاب خاطفة، لا تشفق على الرعية، وهنا ربنا يسوع بفمه الطاهر المبارك يحدثك عن الذئب الذي يأتي يخطف الخراف، وحدثك عن السارق، وحدثك عن إلى أي درجة من المفترض أن الراعي يكون راعي صالح كمثال لربنا يسوع المسيح، معلمنا بطرس هنا يكلمك على الأسد الزائر، كم يحتاج الإنسان إلى يقظة؟، كم يحتاج الإنسان ثبات في الإيمان، أجمل ما في البيت أنه تكون هناك وقفة صلاة مع بعضنا البعض، أجمل ما في البيت أن يكون هناك إنجيل مفتوح، نجلس ونقرأ الكتاب المقدس مع بعض، أكلنا كثيراً، شربنا كثيراً، نمنا كثيراً، تنزهنا كثيراً، لم نرى أننا من المفترض أن نفتح الكتاب المقدس في البيت، لا يوجد كلام في المجال الروحي مع أولادنا أبدا، أصبحنا نعتمد علي أن الأولاد تذهب الكنيسة ويذهبون مدارس الأحد فقط، وماذا عن بقية الأسبوع، وماذا عن التيارات الموجودين فيها الأولاد، والمشاكل الشخصية التي تخص الأولاد الذي من الممكن ألا يستطيعوا أن يقولوها في الكنيسة، والظروف الشخصية التي للولد أو للبنت التي يجب أن تكون أنت أكثر شخص على معرفة بها وأنت أكثر من يكون على معرفة بها، هناك نفسية قوية وهناك نفسية ضعيفة، هناك شخص يعرف أن يختار أصدقائه وهناك شخص لا يعرف، وهناك شخص مخدوع، هناك شخص ضعيف، وهناك شخص ثابت، كل هذا الكلام من أين يأتي؟! يأتي من أعيننا نحن التي تراعي خرافنا لذلك قال لك أنه لابد أن تكونوا متيقظين وأسهروا، كن يقظ، كن يقظ داخل قلبك، اجعل داخلك عين تتابع، ترى هل هذا الولد لديه نشاط في حياته الروحية أم لا؟ تجده لا، إذن لماذا؟ لأنه يمر بسن الشباب، إذن ما هي الضغوط التي عليه الآن؟ يقول لك .... ،....،.... إلخ، فنحاول نساعده، لكن بماذا نساعده؟، وماذا عن البنت، ما هي مشكلة البنت؟ البنت مشكلتها أن نفسيتها ضعيفة، مشكلة البنت أنها عاطفية، مشكلة البنت أنها حساسة، أقل كلمة تتعبها، لذلك أقوم بملاحظة هذه البنت هل تحتاج تشجيع؟ والولد يحتاج توجيه، هذه البنت تحتاج لإحساسها بالدفء، إحساسها بأمان، إحساسها بمحبة، هذا احتياج الفتاة، الولد يحتاج أن يشعر أنه هناك توجيه عقلي، يشعر أن هناك احترام لطاقاته، احترام لمواهبه، احترام لاهتماماته، يريد شخص يفهمه، يريد شخص يتواصل معه، ولا نعامل البنت بجفاء، يقول لك علماء النفس أن البنت عندما تتعامل بجفاء كأنك تقتلها، وهذا سر لمشاكل كثيرة جداً عند البنات، الولد عندما لا نحترم مواهبه أو طريقة تفكيره فبذلك زرعت بينك وبينه خصومة، فتجد أن البنت تقتلها، الولد فعلت معه خصومه، ونفس الكلام يحدث بين الزوجة والزوج، فبذلك يشعر كل فرد أن الآخر خصم بالنسبة له، متي نكون متيقظين؟! متي نسهر؟ كيف ننتبه من الذئاب الخاطفة؟ لذلك عندما يأتي الأسد أنا لا أهرب من الأسد أنا من الممكن أذهب للأسد، إذا كان شخص كل حياته متعب، محبط، متضايق، لم يشعر بأمان، لم يشعر بعاطفة، لم يشعر بسلام، الكتاب المقدس فيه كل الغنى، فيه كل السرور، الكنيسة فيها كل العطايا، تحدث مع أولادك، كن على علم أن الله أقامك كراع على هذه الأسرة لكي تهتم بكل احتياجاتها ليس الجسدية فقط بل النفسية والروحية، كيان هذا الإنسان نفس، وجسد، وروح، لا تأخذ الجسد فقط وتقول أنا طوال النهار أعمل لأجلهم، أقول لك عملت من أجل الجسد لكنك لم تعمل من أجل النفس، لم تعمل من أجل الروح، عندما تكون خدمت ثلث الإنسان وخدمت الثلث الضعيف فيه الذي هو الجسد، نحن نريد أن نربي أولادنا لكي نعلمهم كيف يضبطوا أجسادهم ليس كيف يأخذوا احتياجات أجسادهم، لذلك الكنيسة كثيرة الأصوام، وتأتي في الصوم تقول لك لا أنت لابد أن تأخذ فترة انقطاع، وماذا عن الجسد؟! تقول لك لا أنت لابد أن تضبط الجسد، هذه الكنيسة، إذن هل الكنيسة ليس لديها حنان على أولادها، هل الكنيسة غير رحيمة على أولادها، هل الكنيسة ضدنا، بل الكنيسة ترفعنا، تقول لك هذا الجسد لابد أن يحمل إلى فوق، هذا الجسد لابد أن تكون النفس فرحانة، متهللة، والروح متحدة بإلهها، حينئذ الجسد يكون خفيف، الجسد يكون منضبط، الجسد يكون سهل توجيهه، لماذا الغريزة يمكن أن تكون متسلطة؟ لأن الجسد كل طلباته نسجد له، فعندما نلبي كل طلبات الجسد له لا نعرف أبدا نرفض له أي طلب، لذلك هنا معلمنا بطرس يقول لك "كونوا متيقظين وأسهروا لأن ابليس عدوكم يجول كأسد زائر يلتمس من يبتلعه"، تخيل أنت عندما يكون هناك أسد زائر يظل يبحث من الذي نفسه ضعيفة؟، ومن الذي إيمانه ضعيف؟ ومن الذي يحتاج لحنان؟، من الذي يحتاج للمال؟، من يمكن أن يكون سهل أن يتورط؟، من يمكن أن نفعل له فخ نصطاده به؟، أسد زائر يريد أن يلتمس من يبتلعه، تخيل أنك أنت كراعي تارك غنمك لأسد، الراعي وظيفته أنه يرعى، الراعي مسؤوليته أمام الله أن ينتبه على أغنامه، حتي ربنا يسوع المسيح عندما جاء يحدثنا على مثل الراعي الذي كان لديه مائة خروف وهناك خروف فقد منه تجد الكتاب المقدس عجيب يقول لك إن هذا الراعي أضاع خروفاً، فلا ينسب ضياع الخروف للخروف ولكن للراعي، نحن كلنا نقول هذا خروف شقي، هذا خروف رغم أن كل القطيع يسير في هذا الاتجاه لكنه ابتعد، فنظل نتهم الخروف، قال لك لا تتهم الخروف ولكن اتهم الراعي، ربنا يسوع المسيح قال لك أضاع خروفاً وكأنه يريد أن يقول لك هذا الخروف مسؤوليتك أنت أيها الراعي، المفترض أنت الذي كنت تنتبه له، الخروف هو الخروف، مهما كان خروف، فالخروف معروف جداً عنه أن إمكانياته ضعيفة، قدراته الذهنية ضعيفة جداً، الخروف قدرته ضعيفة حتى على الرؤية، يقول لك الخروف تقريباً لا يرى تقريباً، أي أنه أعمى، فكون أنك تعتقد أن الخروف يسير ويرى من حوله لا فهو يكون داخل على منطقة خطر وتجده أيضاً مستمر، ويأتي الراعي ينتبه له ويمسك بالعصا ويوجهه، خروف! لذلك نحن لابد أن نفهم أن وظيفتي كراعي، أنني أوجه، أنني أحتضن، أحب، وإذا استخدمت العصا مرة لابد أنني أستخدم التوجيه مرات ومرات، كونوا متيقظين واسهروا لأن إبليس عدوكم يجول كأسد زائر يلتمس من يبتلعه، قاوموه راسخين في الإيمان، لابد أن نرسخ في الإيمان، تخيل أنت إذا أحد سأل أولادنا سؤال في الكتاب المقدس أو في عقيدة كنيسته لابد أن يكون راسخ في الإيمان، أنا لم أقول لك ذلك لكي يجيب، لكن على الأقل يكون راسخ في داخله في إيمانه، إذن ماذا يريد هذا الكلام؟ يريد معرفة، يريد اهتمام، يريد توجيه، عندما تقرأ أنت كتاب وأعجبك تعطيه لابنك ليقرأه، تقرأ أجزاء منه قد أعجبتك مع البيت، كل هذا الكلام لا يكن في اهتماماتنا، ليس في خريطتنا اليومية، وتسألني على الوقت أقول لك راجع نفسك ستجد هناك وقت يهدر أمام تلفاز، ستجد هناك وقت يهدر مع مجلات ومع جرائد يمكن أن تكون غير مفيدة بالمرة، اجعل وقت لبيتك، اعتني بكل أحد، كن راعي صالح، كن راعي محتضن، كن راعي يقظ، كن راعي مهتم ربنا يسوع المسيح الراعي الصالح لأنفسنا يرعانا جميعاً، ويجعلنا جميعاً نتعلم منه الرعاية لأنه يرعانا، قبل أن نوجد يرعانا، وإلى الآن يرعانا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائماً أبديا آمين .

زكريا الكاهن الجمعة الرابعة من شهر توت

تُعَيِّدٌ الكِنِيسَة اليُّوم بِتِذْكَار بِشَارِة زَكَرِيَّا الكَاهِن بِمِيلاَدٌ السَّابِقٌ يُوحَنَّا المَعْمَدَان .. زَكَرِيَّا الكَاهِن هُوَ كَاهِن مِنْ كَهَنِة العَهْد القَدِيم جَاءَتْ عَلَيْهِ القُرْعَة أنْ يَدْخُل الهِيكَل وَفِيمَا هُوَ يُبَخِّر ظَهَرَ لَهُ مَلاَك وَبَشَّرَهُ بِمِيلاَدٌ يُوحَنَّا المَعْمَدَان هُنَاك فِكْرَة عَنْ أُسْلُوب الخِدْمَة فِي العَهْد القَدِيم كَكَهَنُوت .. كَانَ هُنَاك مَا يَقْرُب مِنْ مَائَة وَعُشْرُون ألْف كَاهِن عَلَى هَيْكَل وَاحِدٌ وَمَذْبَح وَاحِدٌ فَكَيْفَ يَخْدِم كُلَّ هؤُلاَء ؟ كَيْ تُنَظَمْ الخِدْمَة قُسِّمُوا إِلَى أرْبَعَة وَعِشْرِينْ فِرْقَة وَكُلَّ فِرْقَة تَخْدِم عَشْرَة أيَّام .. الفِرْقَة الوَاحِدَة تَتَكَوَنْ مِنْ آلاَف الكَهَنَة .. لَوْ قَسَمْنَا مَائَة وَعُشْرُون ألْف عَلَى أرْبَعَة وَعِشْرِينْ فِرْقَة فَتَكُون كُلَّ فِرْقَة حَوَالِي خَمْسَة آلاَف .. الكَهَنَة يَخْدِمُون عَشْرَة أيَّام كُلَّ سَنَتِينْ .. وَكَانُوا يُرِيدُون أنَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يُبَخِّر وَلِكَيْ لاَ يَكُون هُنَاك أي لُون مِنْ ألْوَان التَّحَيُز كَانُوا يُقِيمُون قُرْعَة لِيَدْخُل وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِيُبَخِّر فِي الهِيكَل فَكَانَ مُمْكِنْ كَاهِن لاَ تَقَعْ عَلِيه قُرْعَة وَبِالتَّالِي يَظَلْ طُول عُمْرُه لاَ يَدْخُل الهِيكَل وَلاَ يُبَخِّر كُلَّ سَنَتِينْ تَأتِي الدَّوْرَة عَلَى الفِرْقَة عَشْرَة أيَّام فَتَذْهَبْ الفِرْقَة مِنْ مُخْتَلَفْ نَوَاحِي أُورُشَلِيم وَتُقِيم فِي مَكَان مُعَيَّنْ فِي يَمِينْ الهِيكَل خَاص بِهِمْ .. إِنْسَان يَقُول هؤُلاَء هُمْ الفِرْقَة الَّتِي سَتَخْدِم هذِهِ الأيَّام العَشْرَة مَنْ يَدْخُلْ مِنْهُمْ لِيُبَخِّر ؟ .. يَقُولُون لَهُ حَسَبْ القُرْعَة .. أُسْلُوب القُرْعَة كَانَ يُتَّبَعْ كَثِيراً فِي العَهْد القَدِيم فِي الأُمور الَّتِي بِهَا تَسَاوِي مُطْلَقٌ .. هذَا أُسْلُوب لاَ يَتَفِقٌ مَعَ رُوح العَهْد الجِدِيد .. تُقَام قُرْعَة وَيَدْخُل وَاحِدٌ مِنْ الفِرْقَة إِلَى الهِيكَل لِيُبَخِّر .. تَخَيَّل أنَّ كَاهِن يَدْخُلْ الهِيكَل وَهُوَ يَعْلَمْ أنَّهُ قَدْ تَنْتَهِي حَيَاتُه دُونَ أنْ يَدْخُلْ مَرَّة أُخْرَى لِذلِك يَكُون يُوم دُخُولُه الهِيكَل هُوَ يُوم عُمْرُه كُلُّه .. هُوَ يُوم كَهَنُوتُه كُلُّه .. قَدْ يَكُونْ كَاهِن حَالَفَهُ الحَظْ وَيَدْخُلْ الهِيكَل مَرِّتِينْ أوْ ثَلاَثَة مَرَّات فِرْقِتُه تَخْدِم كُلَّ سَنَتِينْ مَرَّة وَقَدْ تَقَعْ عَلِيه القُرْعَة أكْثَر مِنْ مَرَّة زَكَرِيَّا الكَاهِن كَانَ كَاهِن فِي فِرْقَة إِسْمَهَا فِرْقِة أبِيَّا وَنَقْرَأ ذلِك فِي سِفْر أخْبَار الأيَّام الأوَّل تَقْسِيمْ الكَهَنَة إِلَى أرْبَعَة وَعِشْرِينْ فِرْقَة وَالَّذِي سَمَحَ بِهذَا التَّقْسِيمْ هُوَ دَاوُد النَّبِي كَانَ الكَاهِن يَبْدأ خِدْمِتُه كَمَا نَقْرَأ فِي سِفْر العَدَد فِي عُمْر الخَمْسَة وَالعِشْرُون عَاماً وَيَظِلْ تَحْت التَّدْرِيبْ خَمْسَة سَنَوَات وَيَبْدَأ خِدْمِتُه الفِعْلِيَّة فِي عُمْر الثَّلاَثِينْ عَاماً وَتَنْتَهِي خِدْمِتُه أوْ يَتَقَاعَد عَنْ الخِدْمَة فِي عُمْر الخَمْسِينْ عَاماً .. إِذاً فِتْرِة الخِدْمَة الفِعْلِيَّة لِلكَاهِن مِنْ سِنْ الثَّلاَثِينْ إِلَى الخَمْسِينْ مِنْ عُمْرُه زَكَرِيَّا الكَاهِن دَخَل الهِيكَل تَقْرِيباً فِي نِهَايِة فِتْرِة خِدْمِتُه لأِنَّ الكِتَاب قَالَ أنَّهُ كَانَ شِيخ وَزَوْجَتُه مُتَقَدِّمَة فِي الأيَّام ( لو 1 : 18) .. دَخَلْ الهِيكَل مَرَّة وَاحِدَة لِيُقَدِّم فِيهَا البُخُور مَعَ العِلْم أنَّ زَكَرِيَّا الكَاهِن شَهَدَ لَهُ الكِتَاب بِبِرُّه الكَامِل .. وَمَعَ العِلْم أيْضاً أنَّ زَكَرِيَّا الكَاهِن مَشْهُودٌ لَهُ أنَّهُ مِنْ أفْضَل نَوْعِيَات جِيلُه .. وَمَعَ كُلَّ ذلِك يَدْخُلْ الهِيكَل مَرَّة وَاحِدَة فِي حَيَاتُه .. هُنَا نَتَفِقٌ مَعَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول لَوْ فَكَّرْنَا فِي الرُّوح الَّتِي سَادَتْ العَهْد القَدِيم فَنَعْرِفْ قِيمِة كَلِمَتُه الَّتِي تَقُول ﴿ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ ﴾ ( رو 5 : 2 ) نَحْنُ اليُّوم نَدْخُلْ الهِيكَل كُلَّ يُوم .. اليُّوم الأسْرَار مَكْشُوفَة لَنَا .. صَارَ لَنَا تَلاَمُس حَقِيقِي مَعَ الْمَسِيح سَيِّد الهِيكَل .. اليُّوم نَنْظُر لَيْسَ فِي لُغْز أوْ كَمَا فِي مِرْآة بَلْ كَمَا يَقُولُون ﴿ نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ ﴾ ( 2كو 3 : 18) ..وَصَارَ يَتَكَلَّمْ مَعَنَا بِالعَيَانْ وَنَفْهَمْ الأُمور الغَامِضَة .. مِسْكِينْ الإِنْسَان الَّذِي بِجَانِبِهِ بَرَكَات وَيَكُون مَحْرُومٌ مِنْهَا .. يَقُول لأِنَّ النَّامُوس عَاجِز .. عَاجِز عَنْ أنْ نَتَلاَمَس مَعَ النِّعْمَة النَّامُوس يَصِلْ بِك إِلَى مَرْحَلَة .. يَصِلْ بِك إِلَى بَاب الهِيكَل لكِنْ كَيْ تَدْخُلْ القُدْس وَقُدْس الأقْدَاس .. لاَ .. تَرَاهَا مِنْ بَعِيد فَقَطْ بِعَيْنَيْكَ .. هَلْ تَعْرِفْ مَا بِدَاخِلُه ؟ .. لاَ .. هذَا هُوَ الفَرْق .. هذِهِ هِيَ النِّعْمَة الَّتِي أخَذْنَاهَا بِتَجَسُّد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح .. هذِهِ هِيَ النِّعْمَة الَّتِي بِهَا نَحْنُ الأنْ وَلاَبُدْ أنْ نُدْرِك قِيمِتْهَا وَلاَبُدْ أنْ نُقَدِّم لله عِوَضْهَا ذَبَائِح شُكْر وَحَمْد وَتَسْبِيح وَنَشْكُرُه عَلَى أنَّهُ أعْطَانَا إِسْتِحْقَاقٌ التَّلاَمُس مَعَ أسْرَارُه .. النِّعْمَة الَّتِي جَعَلَتْنَا لاَ يُكَلِّمْنَا الله بِألْغَاز بَلْ وَجْهاً لِوَجْه وَعَيَاناً بِعَيَانْ .. قَدِيماً عِنْدَمَا صَعَدَ مُوسَى النَّبِي عَلَى الجَبَلْ لِيُكَلِّمْ الله ثُمَّ نَزَلْ كَانَ وَجْهَهُ مُضِئ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أحَدٌ أنْ يَنْظُر وَجْهَهُ فَوَضَعَ بُرْقُعْ عَلَى وَجْهِهِ .. بُولِس الرَّسُول بَارِع فِي فَك رُموز العَهْد القَدِيم فَقَالَ ﴿ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاقٍ غَيْرُ مُنْكَشِفٍ الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ ﴾ ( 2كو 3 : 14) .. أُزِيلَ البُرْقُعْ فِي الْمَسِيح .. لاَ يُوْجَدٌ بُرْقُعْ يَفْصِل بَيْنَنَا وَبَيْنَ الله وَصِرْنَا نَرَاه فِي العَهْد القَدِيم كَانَتْ الأُمور أمَام عُيُونَهُمْ وَلَمْ يَسْتَوْعِبُوهَا .. رُبَّمَا كَانَتْ أُمور تَحْدُث مَعَهُمْ هُمْ أنْفُسَهُمْ وَلَمْ يَسْتَوْعِبُوهَا .. تَخَيَّل أبُونَا إِبْرَاهِيم وَهُوَ يُقَدِّم إِبْنُه إِسْحَق عَلَى المَذْبَح هَلْ تَتَخَيَّل أنَّهُ كَانَ يَفْهَمْ أنَّ هذَا هُوَ الصَّلِيبْ ؟ هَلْ تَتَخَيَّل أنَّ مَا يَفْعَلُه كَانَ يَعْرِفْ أنَّهُ مُوتْ الإِبْن وَأنَّهُ وَهُوَ يَرْبُطْ إِبْنُه أنَّ هذِهِ هِيَ المَسَامِير الَّتِي عَلَى الصَّلِيبْ وَأنَّهُ وَهُوَ رَاجِعْ بِإِبْنُه أنَّ هذِهِ هِيَ القِيَامَة ؟ ( تك 22 : 1 – 19) .. بِالطَبْع لَمْ يَكُنْ يَفْهَمْ .. كَانَتْ الأُمور تَحْدُث مَعَ الشَّخْص نَفْسُه وَلاَ يَفْهَمْ يُونَان النَّبِي وَهُوَ فِي بَطْن الحُوت هَلْ تَتَخَيَّل أنَّهُ فَاهِمْ أنَّ هذَا هُوَ الْمَسِيح فِي القَبْر ثَلاَثَة أيَّام ؟( يون 1 : 17) .. لَمْ يَفْهَمْ .. نَحْنُ الَّذِينَ فَهَمْنَا وَوَرَثْنَا وَفَهَمْنَا أنَّ الإِبْن يُمَهِدٌ لِمَجِيئُه مِنْ أوِّل الدُّهُور .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ يُرِيدْ أنْ يُعْطِيك رِسَالَة عَنْ المَحَبَّة . يُرِيدْ أنْ يَكْشِفْ لَك أعْمَاقٌ تَدْبِيرُه الَّذِي بِدَاخِلْ قَلْبُه الَّذِي يَنْبُض بِمَحَبِّتَك .. هَلْ تَتَخَيَّل أنَّهُمْ وَهُمْ يَأكُلُون خَرُوف الفِصْح كَانُوا يَعْرِفُون مَاذَا يَعْمَلُون ؟ ( خر 12 : 3 – 12) .. هَلْ تَتَخَيَّل أنَّ يُوسِف وَهُوَ فِي السِّجْن كَانَ يَعْرِفْ أنَّ هذَا هُوَ يَسُوع فِي الجَحِيم ؟ ( تك 39 : 20 ) .. أي رَمْز فِي العَهْد القَدِيم الَّذِينَ فَعَلُوه هُمْ أنْفُسَهُمْ لَمْ يُدْرِكُوه .. لَمْ يَعْرِفُوا أنَّ الحَيَّة النُّحَاسِيَّة الَّتِي كُلَّ مَنْ نَظَرَ إِليْهَا يَبْرأ هِيَ الصَّلِيبْ صَلِيبْ رَبِّنَا يَسُوع الَّذِي فِيهِ شِفَاء مِنْ كُلَّ أمْرَاض خَطَايَانَا وَمِنْ سُمْ الحَيَّة الَّتِي هِيَ إِبْلِيس( عد 21 : 8 – 9 ) . نَحْنُ الأنْ فِي العَهْد الجِدِيد أخَذْنَا النِّعْمَة وَالبَرَكَة وَإِنْ كَانْ زَكَرِيَّا الكَاهِن كَانَ يَدْخُل مَرَّة وَاحِدَة فِي حَيَاتُه الهِيكَل وَكَانَ أي كَاهِن مِثْلُه فَكَمْ يَكُون سَائِر الشَّعْب ؟ كَانَ المَفْرُوض أنَّ زَكَرِيَّا الكَاهِن يَدْخُل الهِيكَل وَيَخْرُج يُبَارِك الشَّعْب لكِنَّهُ خَرَجَ صَامِتْ لاَ يَعْرِفْ أنْ يَتَكَلَّمْ لأِنَّ المَلاَك قَالَ لَهُ سَتَظَلْ صَامِتْ حَتَّى مِيلاَدٌ يُوحَنَّا ( لو 1 : 20 ) .. خَرَجَ صَامِتْ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُعْطِيهُمْ البَرَكَة .. هذَا هُوَ العَهْد القَدِيم الَّذِي يَخْرُج لَك صَامِتْ .. العَهْد الجَدِيد مَمْلُوء بَرَكَة مُذَخَّر فِيهِ كُلَّ كُنُوز المَعْرِفَة وَالحِكْمَة فَلْنَأخُذْ ( كو 2 : 3 ) قَدْ يَقُول لَك هذَا كَاهِن .. نُجِيبُه هذَا حَال الكَاهِن فِي العَهْد القَدِيم .. يُجِيبَك الكَاهِن اليُّوم يَدْخُل الهِيكَل كُلَّ يُوم وَيُبَخِّر لكِنِّي لَسْتُ كَاهِن !! .. نَقُول لَهُ لاَ .. هُوَ جَعَلَك تَأخُذْ نِعْمِة تَقْدِيمْ ذَبِيحَة وَرَفْع البُخُور وَتَكْرِيس حَيَاتَك .. وَيَقُول لَنَا كُلُّكُمْ قَدْ كُرِّسْتُمْ فِي المَعْمُودِيَّة وَدُشِّنْتُمْ بِالمَيْرُون .. كُلُّكُمْ مِلْك لله قَدِيماً كَانَتْ فِئَة وَاحِدَة فَقَطْ مِلْكُه فِئَة اللاَّوِيِّين مَوْهُوبُون هِبَة لله ( عد 3 : 9 ؛ 8 : 15 – 16) لكِنْ الأنْ كِنِيسِة العَهْد الجِدِيد كُلُّكُمْ مَخْتُومِينْ .. كُلُّكُمْ مِلْك لله وَلاَ تُوْجَدٌ فِئَة مِلْكُه مُعَيَّنَة أوْ الكَهَنَة فَقَطْ .. لِذلِك صِرْنَا كَهَنُوت مُلُوكِي .. إِنْ كَانَ دَاوُد النَّبِي قَدِيماً إِرْتَفَعَ فَوْقَ الزَّمَنْ وَقَالَ ﴿ لِيَكُنْ رَفْعُ يَدَيَّ كَذَبِيحَةٍ مَسَائِيَّةٍ ﴾ ( مز 141 : 2 ) .. رَفْع اليَدْ ذَبِيحَة كَيْفَ ذلِك وَلَمْ يَكُنْ فِي أيَّامَك يَا دَاوُد ؟يَقُول لاَ .. هذِهِ رُوح العَهْد الجِدِيد أنْتَ اليُّوم عِنْدَمَا تَرْفَعْ يَدَك لِلصَّلاَة فَأنْتَ تُقَدِّم ذَبِيحَة .. عِنْدَمَا تَرْفَعْ قَلْبَك لِلصَّلاَة فَهذَا بُخُور طَيِّبْ يَشْتَمُّه الله رَائِحَة ذَكِيَّة نَقِيَّة يَصْعَدٌ لِحَضْرَتِهِ .. عِنْدَمَا تُسَبِّح اليُّوم بِشِفَاهَك فَأنْتَ تُقَدِّم لَهُ عِجْل وَكَمَا يَقُول هُوشَع النَّبِي ﴿ عُجُولَ شِفَاهِنَا ﴾ ( هو 14 : 2 ) .. ﴿ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ ﴾ ( عب 13 : 15) .. أي هَلْ أسْتَطِيعْ اليُّوم أنْ أُقَدِّم ذَبَائِح ؟ يَقُول نَعَمْ .. ﴿ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ ﴾ ( رو 12 : 1) .. عَقْلَك يُقَدِّم ذَبِيحَة .. ﴿ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ ﴾ ( رو 12 : 1) زَكَرِيَّا الكَاهِن كَانَ يَدْخُلْ الهِيكَل مَرَّة وَاحِدَة .. مَتَى أنْتَ تَسْتَطِيعْ أنْ تُقَدِّم ذَبِيحَة ؟ فِي كُلَّ وَقْت تَرْتَفِعْ يَدَك لِلصَّلاَة تَرْفَعْ ذَبِيحَة وَتَتَرَاءَى أمَامُه أحَدٌ القِدِّيسِينْ يَقُول أنَّ جَسَدَك هذَا كُلُّه هُوَ هَيْكَل لله وَقَلْبَك هُوَ المَذْبَح وَعَقْلَك هُوَ الكَاهِن .. الهِيكَل وَسَطُه مَذْبَح .. جَسَدَك هِيكَل وَقَلْبَك مَذْبَح أمَّا عَقْلَك فَهُوَ الكَاهِن الَّذِي يَقُوم بِشَرَفْ هذِهِ الخِدْمَة .. ﴿ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ ﴾ .. إِذاً أنْتَ تَسْتَطِيعْ أنْ تُقَدِّم ذَبَائِح وَبُخُور وَرَفْع يَدَيْن .. إِذاً أنْتَ لَمْ تَصِر مَحْدُودٌ بِقُرْعَة .. لَمْ تَصِر لَك إِشْتِيَاقَات وَيُقَالْ لَك لَيْسَ الأنْ .. لَمْ يَصِر لَك دُور تَنْتَظِرُه صَارَ كُلَّ وَقْت يُدْعَى أجَاب .. حَتَّى أنَّهُ إِنْ قَالَ لَكَ إِنْسَان أنَا أعُودٌ مِنْ عَمَلِي مِتْأخَّر فَهَلْ أصَلِّي السَّاعَة الثَّالِثَة فِي الثَّالِثَة ظُهْراً ؟ .. نُجِيبُه نَعَمْ .. هَلْ أسْتَيْقِظْ بَاكِر وَأُصَلِّي صَلَوَات بَاكِر وَالثَّالِثَة وَالسَّادِسَة فِي السَّابِعَة صَبَاحاً ؟ نُجِيبُه تَسْتَطِيعْ ذلِك .. هُوَ قَالَ " فِي كُلَّ وَقْت دُعِيَ أجَاب " .. حَتَّى فِي الطَّرِيقٌ صَلِّي .. فِي كُلَّ وَقْت إِرْفَعْ قَلْبَك إِلَى الله قَدِيماً كُنْت مُقَيَدٌ بِمَكَان وَاحِدٌ تَأتِي إِليْهِ وَكُنْت مُقَيَدٌ بِأزْمِنَة وَبِقُرْعَة .. الأنْ أنْتَ غِير مُقَيَدٌ بِزَمَنْ أوْ عَدَد أوْ مَكَانْ .. إِلَى هذِهِ الدَّرَجَة ؟ نَعَمْ .. هذِهِ هِيَ النِّعْمَة .. ﴿ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ ﴾ لِذلِك قَالَ بُولِس الرَّسُول ﴿ كَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصاً هذَا مِقْدَارُهُ ﴾ ( عب 2 : 3 )الله يَقُول أعْطَيْتَك كُلَّ هذِهِ النِعَمْ وَالخَيْرَات .. ﴿ رَبَطْتَك بِكُلَّ الأدْوِيَة المُؤدِيَة إِلَى الحَيَاة ﴾( مَا يَقُولُه الكَاهِن فِي جُزْء ** حَوَّلْتَ لِيَ العُقُوبَةَ خَلاَصاً ** فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) .. مَا مِنْ شِئ أعْوَزَك إِلاَّ وَأعْطَيْتُه لَك .. مَاذَا تُرِيدْ أكْثَر مِنْ ذلِك ؟ أنَا أقُول لَك إِرْفَعْ يَدَك وَأنَا أقْبَلْهَا ذَبِيحَة وَأنْتَ تِكَسِّلْ .. قَدِيماً كَانَ الكَاهِن يَقِفْ أمَامِي مَرَّة وَاحِدَة وَأنَا أقُول لَك قِفْ أمَامِي فِي كُلَّ وَقْت وَأنْتَ تَرْفُض .. هَلْ أُعِيد لَك زَمَنْ القُرْعَة ؟ هَلْ أُعِيد لَك زَمَنْ الإِبْتِعَادٌ ؟ لِذلِك لَمَّا أحْزَنْ الشَّعْب فِي العَهْد القَدِيم الله لَمَّا تَمَرَّدُوا عَلِيه قَالَ لَهُمْ ﴿ فَتَعْرِفُونَ ابْتِعَادِي ﴾ ( عد 14 : 34 ) .. نَعَمْ يَسْتَطِيعْ الله أنْ يَجْعَلَك تَشْعُر بِرُوح الإِبْتِعَادٌ .. لكِنُّه فِي العَهْد الجِدِيد قَالَ أنَا قَرِيبْ مِنْكَ جِدّاً حَتَّى إِنِّي لَمْ أجِدٌ مَكَانْ أسْكُنُه أفْضَلْ مِنْ دَاخِلَك كُلَّ هذَا كَانَ فِي زَكَرِيَّا وَكَهَنُوت زَكَرِيَّا وَالعَهْد القَدِيم لكِنْ أنْتَ الأنْ فِي نِعْمَة كِبِيرَة .. هُمْ تَعَامَلُوا مَعَ الرَمْز أمَّا أنْتَ فَتَتَعَامَلْ مَعَ الحَقِيقَة .. هُمْ تَعَامَلُوا مَعَ الظِّلْ أمَّا أنْتَ فَتَتَعَامَلْ مَعَ الخِير نَفْسُه .. هُمْ أخَذُوا الذَّبِيحَة رَمْز أنْتَ أخَذْت الذَّبِيحَة الحَقِيقِيَّة .. كُلَّ الرُمُوز الَّتِي كَانَتْ فِي ذَبَائِح العَهْد القَدِيم ذَبِيحِة الإِثْم .. ذَبِيحِة الخَطيَّة .. ذَبِيحِة الكَفَّارَة .. كُلَّهَا كَمُلَتْ فِي ذَبِيحَة وَاحِدَة لَيْسَ فَقَطْ تَرَاهَا أوْ تَسْمَعْ عَنْهَا بَلْ تَأخُذْهَا وَتَتَحِدٌ بِهَا وَتَمْتَزِج بِدَمَك وَحَيَاتَك .. لِذلِك نِعْمِة العَهْد الجَدِيد هِيَ نِعْمَة لاَبُدْ أنْ تُتَاجِر بِهَا وَتَفْرَح بِهَا .. لِذلِك الكِنِيسَة تَطْلُبْ مِنْك مُسْتَوَى أنْ تَكُون قِدِيس وَلَك حَوَاس مَخْتُونَة وَمُكَرَّسَة وَقَدَاسَة بِدَرَجِة قَدَاسِة الْمَسِيح لأِنَّهُ أعْطَاك إِمْكَانِيَات كَثِيرَة وَيَقُول ﴿ كُلَّ مَنْ يَسْألُ يَأْخُذُ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ ﴾( مت 7 : 8 ) .. لِذلِك فِي العَهْد الجَدِيد أخَذْنَا خَيْرَات وَبَرَكَاتْ لِذلِك يُغَار الشَّيْطَان وَيُوَجِّه سِهَامُه بِطَرِيقَة مُرَكَّزَة وَيِصْعَبْ عَلِيه أنْ تَتَمَتَّعْ بِكُلَّ هذِهِ النِعَمْ .. وَيِصْعَبْ عَلِيه أنْ تَقْتَرِبْ بِإِلهَك فَيَهِيج وَلكِنُّه يَهِيج وَهُوَ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانْ وَلاَ تُعْطِيه الفُرْصَة أنْ يَهِيج .. فَلاَ يِشْغِلَك تِلِيفِزْيُون عَنْ وَقْفِة الصَّلاَة .. لاَ .. أنْتَ تُقَدِّم ذَبِيحَة مَقْبُولَةٌ أمَام الله .. رُوح العَالَمْ لاَ يَشْغِلَك عَنْ أنْ تَتَمَتَّعْ بِرُوح تَكْرِيسِيَّة لِلْمَسِيح حَتَّى وَإِنْ كُنْت مَشْغُول قُلْ لَهُ أنَا مِلْك لَك لأِنِّي دُشِّنْت فِي المَعْمُودِيَّة كُلَّ جُزْء فِيَّ مَخْتُومٌ وَالخِتْم عَلاَمِة المِلْكِيَّة يَقِفْ زَكَرِيَّا الكَاهِن بِقَلْب مَكْسُور أمَام الله وَرَغْم كُلَّ بِر زَكَرِيَّا إِلاَّ أنَّهُ كَانَ يَشْعُر بِإِنْكِسَار لأِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أوْلاَدٌ .. الكِتَاب يَشْهَدٌ لَهُ أنَّهُ بَار .. ﴿ وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ ﴾ ( لو 1 : 6 ) .. شِهَادِة الإِنْجِيل وَشِهَادِة السَّمَاء .. مُمْكِنْ إِنْسَان يَشْهَدٌ لَهُ النَّاس أوْ يَشْهَدٌ لِنَفْسُه لكِنْ أنْ تَشْهَدٌ لَهُ السَّمَاء فَهذَا هُوَ المَطْلُوب .. الفِرِّيسِيِّينْ كَانَ الشَّعْب يَشْهَدٌ لَهُمْ لأِنَّ شَكْلُهُمْ بَرَّاق عَارِفِينْ النَّامُوس وَالأحْكَام وَالشَّرَائِعْ .. مَظْهَرْهُمْ بَرَّاق جِدّاً .. وَلَمْ يَكُنْ لِلشَّعْب كِتَاب يَقْرأ مِنْهُ .. أمَّا الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيُون فَكَانَ لَهُمْ كِتَاب يَقْرَأُون مِنْهُ لِذلِك عِنْدَمَا كَانَ رَبَّ المَجْد يَسُوع يُكَلِّمَهُمْ كَانَ يَقُول لَهُمْ ﴿ أَمَا قَرَأْتُمْ ﴾ ( مت 12 : 3 ) .. وَعِنْدَمَا يُكَلِّمْ عَامَّة الشَّعْب كَانَ يَقُول لَهُمْ﴿ قَدْ سَمِعْتُمْ ﴾ ( مت 5 : 21 ) .. مَسَاكِينْ كَانَتْ كُلَّ مَعْرِفَتِهِمْ يَأخُذُونَهَا مِنْ الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّينْ فَقَطْ وَلَمْ يَقْرَأوا .. لِذلِك كَانَ الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيُون يِوَصِلُون أحْيَاناً المَعْلُومَة خَطَأ .. وَلِذلِك وَبَّخَهُمْ السَيِّد الْمَسِيح قَائِلاً أخَذْتُمْ مَفَاتِيح المَعْرِفَة وَلَمْ تَدْخُلُوا وَمَنَعْتُمْ الدَّاخِلِينْ ( مت 23 : 13)حَمَّلْتُمُوهُمْ أحْمَال عَسِرَة ( لو 11 : 46 ) .. شَبِّهْتُونِي بِإِله قَاسِي .. شُوَّهْتُمْ الأُمور .. أظْهَرْتُمُونِي بِصُورِة إِله مُنْتَظَر سُقُوطَك وَهَلاَكَك أكْثَر مِنْ إِنْتِظَارُه تَوْبِتَك زَكَرِيَّا الكَاهِن كَانَ يَقِفْ أمَام الله مَكْسُور .. فِي عِينْ الله بَار لكِنْ فِي عِينْ النَّاس غِير بَار .. هَلْ تَعْلَمْ لِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ كَانَتْ تُوْجَدٌ قَاعِدَة فِي العَهْد القَدِيم أنَّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أوْلاَدٌ يَكُون الله غَاضِبْ عَلِيه لأِنَّهُ جُلِبَتْ عَلِيه لَعْنَة لأِنَّ الله قَالَ لإِبْرَاهِيم وَعْد بِالبَرَكَة أنَّهُ يَنْمُو وَيَكْثُر وَيَمْلأ الأرْض وَعِنْدَمَا لاَ تَكُون بِك هذِهِ النِّعْمَة تَكُون أنْتَ شَخْص مَلْعُون .. تَخَيَّلْ زَكَرِيَّا الكَاهِن البَّار فِي عَيْنَيَّ الله النَّاس تَحْتَقِرُه لأِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أوْلاَدٌ .. وَلِنَرَى مَاذَا يَقُول النَّاس وَمَاذَا يَقُول الله ؟ .. لِذلِك قَالَتْ ألِيصَابَات بِصَرَاحَة ﴿ هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِي الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ لِيَنْزَعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ ﴾ ( لو 1 : 25 ) .. عَارٌ أنَّ لَيْسَ لَهَا أوْلاَدٌ مَعْنَاه فِي العَهْد القَدِيم أنَّ المَسِيَّا يَرْفُض أنْ يَأتِي مِنْ نَسْلُه .. لِذلِك العُقْم فِي العَهْد القَدِيم كَانَ عَلاَمِة نَزْع البَرَكَة .. تَخَيَّلْ رَأي النَّاس وَرَأي الله .. نِسْأل .. لِمَاذَا يَا الله أنْتَ مُتَمَهِلْ عَلَى زَكَرِيَّا ؟يَقُول لأِنِّي أُعِدٌ لَهُ هِدِيَّة قَيِّمَة وَكَبِيرَة ..أُرِيدْ لَهُ إِبْن لاَ يَكُون مِثْل أي إِبْن .. أنَا أُرِيدُه أنْ يَكُون هُوَ السَّابِقٌ لِلسَيِّد الْمَسِيح لِذلِك أنَا سَأُعْطِيه إِبْن قَبْل الْمَسِيح لِيُعِدٌ لَهُ .. مَنْ يَفْهَمْ أحْكَام الله ؟ مَنْ يَفْهَمْ تَأنِّي الله ؟ مَتَى تُعْطِنِي يَا الله ؟ فِي الوَقْت المُنَاسِبْ وَبِالطَّرِيقَة المُنَاسِبَة .. إِنْتَظِر الرَّبَّ .. لِذلِك رَائِعْ مَزْمُور اليُّوم الَّذِي يَقُول ﴿ أنْتَ يَا الله تَرْجَعْ وَتَتَرَاءَفْ عَلَى صِهْيُون لأِنَّهُ وَقْت التَّرَاؤُف عَلَيْهَا لأِنَّ الزَّمَان قَدْ حَضَر ﴾( مز 102 : 13 ) .. وَقْت التَّرَاؤُف .. جَاءَ الوَقْت الَّذِي يَنْزَع فِيهِ العَار عَنْهُ .. جَاءَ الوَقْت الَّذِي يُعْلِنْ فِيهِ بِرُّه .. رُبَّمَا يَعِيش الزَّمَنْ كُلُّه مُحْتَقَر فِي أعْيُنْ النَّاس .. رُبَّمَا يَأتِي وَقْت يَتَحَنَّنْ فِيهِ الله ؟ رُبَّمَا .. المُهِمْ إِنْتَظِر الرَّبَّ وَهُوَ يُعْطِي البَرَكَة فِي حِينْهَا رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

المسيح فى الضعفاء الجمعة الأولى من شهر نسئ

إنجيل معلمنا متى الإصحاح 25 يحدثنا عن مجئ ربنا يسوع المسيح عندما يأتي مع ملائكته لكي يدين العالم .. فلكي يميز الراعي الخراف من الجداء .. الجيد من الردئ .. سيضع الخراف عن يمينه والجداء عن يساره .. الذين عن يمينه سيرحب بهم ويقول ﴿ تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم ﴾ ( مت 25 : 34 ) .. وعندما نتساءل ونقول لماذا هؤلاء ؟ يقول ﴿ لأني جعت فأطعمتموني .. عطشت فسقيتموني .. كنت غريباً فآويتموني .. عرياناً فكسوتموني .. مريضاً فزرتموني .. محبوساً فأتيتم إليَّ ﴾ ( مت 25 : 35 – 36 ) .. الغريب عندما سأله متى حدث ذلك فلم نشاهدك قط عرياناً أو عطشان .. محبوساً أو جوعان .. فقال له ﴿ بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم ﴾( مت 25 : 40 ) .. وضع الرب يسوع نفسه في جميع الفئات .. محبوس .. عريان .. غريب .. جوعان .. جعل نفسه متاح للكل .. وأعطى لكل هؤلاء قيمة نفسه هو وجعل هذا هو شرط البر لذلك نرى في المسيحية جميع الخدمات .. سواء خدمة الفقير مجاناً أو خدمة المحبوس .. خدمات المعاقين ذهنياً في كل أنحاء العالم .. خدمات للمتضايقين .. الصليب الأحمر .. الصم والبكم .. كل هذا جاء عندما جاء المسيح ورفع كل هذه الفئات في شأنها وجعلها كنفسه .. تسابق الشعب المسيحي على خدمة هؤلاء .. فهذا هو الجوهر في الخدمات المسيحية وأصبحت الرؤية إلى المتضايق أو المحتاج على أنه شخص المسيح .. لهذا نرى بعض الآباء الكهنة عند ذهابه إلى مريض لزيارته يخلع حذاءه لأنه يعتبر نفسه داخل إلى المسيح .. من أمثلة ذلك أيضاً قصة الأنبا بيشوي عندما أخذ تلاميذه وذهبوا لرؤية المسيح وهو في طريقه شاهد رجل عجوز أراد أن يذهب ولكنه لم يستطع ذلك .. فحمله القديس على كتفه وظل الحِمل يزداد ويزداد وبعدها أخذ يقل وعرف أنه هو المسيح الذي كان يحمله ولهذا نراه يقول للذين على يساره ﴿ إذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته لأني جعت فلم تطعموني .. عطشت فلم تسقوني .. كنت غريباً فلم تأووني .. عرياناً فلم تكسوني .. مريضاً ومحبوساً فلم تزوروني ﴾ ( مت 25 : 41 – 43 ) .. والآن نقول إسرع للخدمة والعطاء ولا تنظر لما هو الأحق بالخدمة .. قدم حب لأنه أهم من عطاء المال .. الرب يسوع يرى أن العطاء يعمل شيئين :- i.تفريغ القلب من محبة العالم وهذا مهم جداً .. أهم من المال لأن المال ليس شر لكن محبة المال هو الشر والتعلق به . ب.حركة عطاء قلبي ومادي .. حركة تتوقف على الحياة الروحية . من أجل هذا فإن الكنيسة الأولى عندما إلتهب عمل روح الله فيهم لم يطيقوا أن يكون لهم ممتلكات .. باعوا كل ممتلكاتهم وبدأوا في مساعدة الفقراء جميعاً ولم يوجد في هذا الوقت فقير أو محتاج .. معادلة الله للبشرية تقول عشور الناس = إحتياجات الفقراء .. وعندما نرى محتاج نعرف أن هناك من لا يعطي العشور يُقال عن قديس إسمه بيصاريون أنه نسخ من الكتاب المقدس نسخة كاملة وكان الرهبان يتبادلوا هذه النسخة فيما بينهم للقراءة .. وذات مرة لم يعطي القديس النسخة لأحد وخرج وعندما أتى ورفض إعطاءهم النسخة عرفوا أنه لم يرجع بها وقال لهم « هو كان يأمرني أن أعطي وأبيع وأعطي وبعت الكتاب المقدس وأعطيت ثمنه لرجل كان عليه دين وكان يبكي لأنه كان سيُحبس » .. فضَّل أن يحيا الوصية عن أن يقرأ الوصية .. من عرف قيمة المسيح في المحتاج هو الذي يبحث عن المحتاج .. هو يساعد المسيح .. هم الذين قال لهم تعالوا رثوا الملكوت المُعد لكم الكنيسة تضع هذا الإنجيل في نهاية السنة حتى تعلمنا أن نفكر في إحتياجات الفقير كما نفكر في إحتياجاتنا .. إذا رأيت كرامة الذين فعلوا الرحمة مع الآخرين تتعجب كثيراً .. ولكن من فعل رحمة ليتمجد هو غير الذي يفعل الرحمة من أجل أن يتمجد الله نفسه .. رحمة تُقدم للمسيح بدون أي نفاق دون أن يشعر أحد .. في الخفاء لأن المسيح هو الذي يرى .. عندما تقرأ هذا الإنجيل بإيمان لا تحتقر أي محتاج أو فقير مهما كان .. لأنه يأتي اليوم الذي يطالبك فيه الله بكل صرخة مسكين .. وبكاء المحتاجين .. يُطالبك ويقول لك لماذا أغلقت قلبك .. من أجل هذا عليك بالضعفاء والمساكين ولكن الأمر يحتاج إلى حكمة ورؤية .. يجب أن تعرف أن إحتياجه وسيلة لخيرك وتقدمك أنت الآباء القديسين يذكرونا بقصة السامري الصالح عندما ذهب بالشخص المُلقى في الطريق إلى صاحب الفندق وقال له ﴿ مهما أنفقت أكثر فعند رجوعي أوفيك ﴾ ( لو 10 : 35 ) .. يقول لنا المسيح هذا الكلام عندما أعطي أي إنسان محتاج في مجيئه الثاني إعتني به ومهما أنفقت وعندما آتي أوفيك .. إبحث عن محتاج لتساعده .. إبحث على شخص المسيح فالمسيح يحتاج إلى من يبحث عنه .. يحتاج لمن يكرم إخوته الأصاغر . هل تعلم أن أبونا بيشوي كان يحب زيارة الناس التي تسكن الأكشاك خاصة في المناطق النائية جداً في الإسكندرية المقيمين على خط السكة الحديد في أكشاك من حديد .. وأنه طلب من زوجته بأن ينقل إقامته هو وزوجته في أحد الأكشاك لكي يعيش بنفس الطريقة .. فهو أدرك أنهم ليس فقط مجرد أناس بل كل واحد هو المسيح الأمر يحتاج رؤية أوسع .. وكما يقول أحد الآباء القديسين ﴿ ليس هو بعيد عنك ذاك الذي تتعب في البحث عنه طول أيام حياتك ﴾ .. إن أردت أن تراه وتتلامس معاه وتتكلم .. لهذا إنجيل متى الإصحاح 25 يعمل عمل رحمة لكي نرث الملكوت المُعد لنا منذ تأسيس العالم ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين

المساكين بالروح الجمعة الأولى من شهر مسرى

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين .فلتحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهرالدهور كلها آمين انجيل هذا الصباح المبارك يا أحبائي فصل من بشارة معلمنا متى الإصحاح(٤،٥)والذي فيه ربنا يسوع المسيح يعطي أسمى تعاليم سمعتها البشرية، وهي الموعظة على الجبل،حيث أخذ الجموع وصعد بهم على الجبل، أعطاهم ناموس العهد الجديد،وهذا يعني أنه لم يأخذ فئة معينة ولكن قالها للجموع وكأنه يريد أن يقول أن الجميع مدعوين للكمال، أخذهم على جبل عال لأن التعاليم سامية، أخذهم على جبل عال لكي يذوقوا معنى الارتفاع، أخذهم على جبل عال في موضع خلاء لكي يتخلصوا من ضوضاء العالم ومشغوليات العالم، أخذهم على جبل عال لكي ما يكونوا مهيئين لسماع الأمور العالية جميل الإنسان يا أحبائي أن يكون له فترات يصعد بها في قمم روحية لكي يسمع ويعمل ويتمتع بالتعاليم،جميل أن يكون لنا جلسات منفردين مع كتابنا المقدس،نشعر فيها أننا من سكان الجبال، نشعر فيها أننا تخلصنا من كل ما هو أرضي، ومن كل ما هو يعيق سماع صوت الله، أخذهم على جبل عال وانتبه إلى أن ناموس العهد القديم أعطي على جبل(جبل موسى في برية سيناء)، ورب المجد يسوع يريد أن يؤسس ناموس العهد الجديد فآخذهم أيضا على جبل، فتح فاه وعلمهم، كان قديمًا الله يتكلم بالرموز، بالأنبياء، بالنبوات،لن يتكلم بطريقة مباشرة، لكن اليوم أصبح هو قائم في وسطهم،فكان يفتح فاه ويعلمهم تعليم مباشر جميل أن يكون لنا تمتع بسماع صوته بطريقة مباشرة، التطويبات يا أحبائي التي أعطاها ربنا يسوع المسيح تسع تطويبات،وكلمة طوبى كلنا نعرف أن معناها يالسعادة، يالبهجة،يالفرح، السعادة الناتجة عن البركة، السعادة الناتجة عن تطبيق الوصية، هذه هي التطويب، التطويب الحقيقي الإنسان الذي يسلك بحسب الوصية، يفتح لنا طريق السعادة وطريق البركة،استطيع أن أقول لك أنه كان هناك مفهوم قديمًا عن البركة أو عن الطوبى غير مفهوم العهد الجديد، كان الإنسان قديمًا لكي يطبق الوصية الله يوعده ويقول له أنا سوف أكثر من نسلك، أنا أجعلك ترث الأرض، أنا أكثر عليك الخير، كانت البركة في العهد القديم مرتبطة بالأرض ثلاث عطايا: ١- النسل . ٢- الأرض . ٣- الخير . هؤلاءهم يعتبروا بركة الإنسان،هذا مفهوم العهد القديم،لكن هذه الأمور لم تعد موجودة في العهد الجديد أنك لكي تشعر ببركة الله يكون لديك نسل، خير، أرض لا ليست هذه هي أبدا، لذلك ربنا في العهد القديم كان عندما يبارك أبونا إبراهيم كان يوعده بالسعة في الأرض والكثرة في الأولاد والوفرة في الخير، حتى عندما جاء يوعد بني إسرائيل بالخروج من أرض مصر كان يريد أن يغريهم قال لهم ستذهبون إلي أرض تفيض لبنا وعسلا،كانت البركات تفهم بطريقة أرضية، أرض تفيض لبنا وعسلا، الأرض، النسل، الخير هذا هو الذي يشعرهم أن إلههم معهم، غير ذلك لا،انتبه أن هذا المفهوم موجود إلى اليوم عند اليهود، إلى اليوم مفهومه عن الأرض مرتبط بالإله،إلى اليوم،إلى اليوم مفهوم الأرض لديه أنها ميراث من الله، لذلك الأرض بالنسبة له تمثل رمز ديني،لذلك تجد الأمور لديه فيها لون من ألوان العصبية، لماذا ؟لأنه يعرف في فكره أن الأرض مرتبطة بالبركة،فإذا خسر الأرض فبذلك خسر البركة، هذا مفهومه لذلك أستطيع أن أقول لك أن مفهوم العهد الجديد عن البركة في المسيح يسوع لم يعد بالنسل، الأرض، الخير ولكن أصبح بالبركات الأبدية، يقول لك "طوبي للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات" ، شخص يسأله ماذا يعني هو ملكوت السموات؟! أعطني نسل، أعطني أرض، أعطني خير، يقول لك لا أبدا فذلك كان قديمًا، لذلك حتى ربنا في العهد القديم كان عندما يعطيهم البركات كان هناك جبل يعطي عليه بركة وجبل يعطي عليه لعنة،عندما كان يعطي البركة يقول لك "يأمر لك الرب بالبركة في خزائنك، وفي كل ما تمتد إليه يدك، ويبارك في الأرض التي يعطيك الرب إلهك"،ماهذا؟!نعم، أهم بركة الذي يدخل المخازن لديك، أهم شيء الأرض هذا مفهوم العهد القديم لكن بركات الروح هذه نحن نأخذها في العهد الجديد لذلك يا أحبائي جميل جداً أنني لا أحيا مع الرب بفكر مادي، جميل أني لا أربط الأمور المادية بالأمور الروحية، أقول إذا الله أعط اني يكون جيداً وإذالم يعطني أغضب، أنا في الصحة أكون جيد والله يكون راضي عني،أما إذا جاءت لي تجربة مرض فبذلك يكون الله غاضب علي أقول لك أبدا بل على العكس،عندما شاهدنا ربنا يسوع المسيح أتى إلينا على الأرض لم يكن له مكان أين يسند رأسه،إذن ليس له ملكية خاصة، لم يكن لديه مال، ولم يكن معه خير بالفكرالأرضي،على العكس هو كان عندما يريد أن يأكل كانت الناس هي التي تستضيفه،عندما أراد أن يشبع الجموع قال لهم ماذا لديكم أنتم؟فهو ليس لديه، فعاش في وسطنا كفقير،لكي يقول لك البركة ليس بالغنى البركة ليست بالممتلكات، البركة ليست بكثرة ما لديك، لكن البركة في المواعيد الإلهية كيف تتحقق في حياتك؟،كيف تشعر أن الله معك؟،ويبارك كل أعمالك ويقدس كل حياتك فتشعر بهذا في عقلك وفي قلبك، تشعر أنك ورثت بركات، وأن الخير يعمل في داخلك لكن خير بمفهوم روحاني، خير بمفهوم سماوي، ليس خير بالمفهوم الأرضي،ابتدأ ربنا يسوع المسيح في التطويبات بطوبي للمساكين بالروح،لماذا هذه الطوبى أول طوبى أعطاها؟ أقول لك لأن أكثر ما أضر بالإنسان هو عندما تخلى عن مسكنة الروح، عندما أحب الكرامة ، أحب الانفصال عن الله، أحب أن يصير مرتفعاً مثل العلي سقط، فالله في أول تطويب يريد أن يقول له أريد أن أرجعك ثانية لأول بركة في الطريق الذي فقدته، المكان الذي ضللت منه أنا أريد أرجعك له،التي هي مسكنةالروح، بمجرد أن النفس تقتني مسكنة الروح تعرف أنها سوف تسلك بقية الطريق بطريقة صحيحة،ما هي مسكنةالروح؟ مسكنةالروح تعني أن الإنسان يشعر أنه أمام الله في حالة انكسار وفي حالة تذلل،الشيطان يا أحبائي يريد أن يضع فينا فكرغرور، فكر كبرياء يقول لك أصير مثل العلي،أستطيع أن أقول لك أن الإنسان عندما يفقد المسكنة بالروح يفقد الصورة الإلهية ومعها يفقد الفردوس، لذلك ربنا يسوع عندما جاء يعيش على الأرض عاش مسكين بالروح، "أخلى ذاته أخذا شكل العبد صائرا في الهيئة كإنسان وأطاع حتى الموت موت الصليب"جاء ليضع ناموس جديد، فكر جديد، لذلك استطيع أن أقول لك المسكنة بالروح أن الإنسان يشعر بانكسار وتذلل وخضوع أمام الله،بمجرد أن تشعر بالانكسار والخضوع أمام الله ترث ملكوت السموات،أستطيع أن أقول لك أن أكثر فئة الله يقاومها هم المستكبرين، وأكثر فئة الله يزكيها هم المتضعين، أكثر مشكلة تفصل الإنسان عن الله هي ذاته،أن الإنسان يشعر في نفسه أنه يستطيع، أن الإنسان يشعر في نفسه أنه يكتفي، بمجرد أن الإنسان يريد أن يأخذ ما يكفيه من نفسه، وقدرته من نفسه فبذلك عزل نفسه عن إلهه، فعزل نفسه عن مصدر القوة والقدرة والبركة، من هنا يسقط، لكن عندما أقول له ارحمني يارب فإني ضعيف، عندما أقول له أذكر يارب داود وكل دعته، عندما يكون لدي دعة أمام الله وقتها تكون نفسي مهيئة للبركات، لذلك يقول لك إلى هذا أنظر، إلى من؟ إلى المسكين المرتعب من كلامي، السيدة العذراء تقول لك "أنه نظر إلى أتضاع أمته"نظر إلى اتضاعها،من أكثر الصفات التي جذبت قلب الله إلى السيدة العذراء اتضاعها،أي أنه من الممكن أن شخص يقول لك أجمل صفة في السيدة العذراء هي طهارتها أقول لك لا فطهارتها جاءت من وداعتها، تواضعها هو سبب طهارتها، نظر إلى اتضاع أمته، صارت مسكن للاهوت لأنها متضعة، إذا كانت السيدة العذراء غير متضعة وسكن في أحشاءها ابن الله الكلمة كانت من الممكن أن تتكبر وتتعالى وكانت يمكن أن تفقد كل شيء لذلك جميل أنني يكون لدي مسكنة الروح، أسأل نفسي هل أنا مسكين بالروح؟،هل أنا أقف أمام الله بقلب منكسر؟،هل أنا أجلس في الكنيسة الآن وداخلي أفكار خاصة بي وداخلي أمور تفصلني عن إلهي؟، وأظل أدبر حياتي بذاتي، أظل أثق في قدراتي، أقولك لك نعم هنا تفقد الطريق مباشرة، لكن أقول لك اتكل عليه، قل له يارب ارحمني فإني ضعيف، قل له يارب دبر حياتي بحسب إرادتك، قل له يارب أنت الذي تتولي كل شيء، لأني مسكين وبائس أنا، بمجرد أنك تقول هذا الكلام ماذا يحدث؟! تنال استعطاف المراحم الإلهية، شخص يظل يترجى، ومن يترجى؟ يترجى عنصر المراحم، يترجى مصدر كل رحمة، عندما يجدك أنت تترجاه فماذا يفعل؟ يتحنن، لذلك كل إنسان متكل علي ذاته أو علي قدراته يفقد البركات،تعالى وشاهد على سبيل المثال هل الله وقف مع يعقوب المسكين أم عيسو المتكبر؟يقف مع يعقوب، هل يقف مع داود أم يقف مع شاول؟ يقف مع داود،يقف مع يوسف أم يقف مع أخوته؟ يقف مع يوسف، الله يريد أن يقول لك أنا سر نجاحك، أنا سر بركتك، لا تنظر إلى نفسك،وإلى امكانياتك،أنظر إلي أنا، هابيل رجل مسكين يقف معه لكن قايين رجل قوي يقول له أنت تتكل على قوتك، هل يقف مع العشار أم يقف مع الفريسي؟، يقف مع الذي قلبه منكسر، لكي تستطيع أن تعبد إلهك لابد أن تعبده بقلب منكسر، لكي تستطيع أن تأخذ بركة منه لابد أن تحدثه باتضاع، بمسكنة، بمذلة، كيف لإنسان أن يقتني مسكنة الروح إن لم يشعر في أعماقه حقيقة أنه مسكين بالروح؟،إذن قم بالنظر إلى نفسك واتكل على نفسك حتى في أمر توبتك أوفي أمر خلاصك هل ستجد نفسك تتوب؟! لا أبدا بل تقوم وتسقط بعدها بلحظات،وأيضاً تعالى اتكل علي نفسك أنك تدبر أمر تجد الأمور كلها تتعثر، قم بتجربة نفسك من مننا لم يجرب نفسه؟،جميعنا جربنا أنفسنا كثيراً جداً، أقول لك لماذا كل هذا؟ الله يريد أن يقول لك تعلم، تخلى عن امكانياتك الخاصة،لا تثق في قدراتك، قل له يارب إني عليك توكلت، قل له يارب أنا كلي لك،أنا ليس لي ولكن المجد كله لك أنت،إذا كان علي أنا لا يوجد لدي غير ضعف، أذا كانت علي امكانياتي فإمكانياتي ضعيفة وحقيرة، شاهد امرأة مثل المرأة الكنعانية استطاعت أنها تغتصب منه الرحمة،لماذا؟ وجدها مسكينة،مسكينة بالروح، جاء يقول لها "ليس حسنا أن يأخذ خبز البنين ويطرح إلى الكلاب" ينظر إلى رد فعلها، قالت له "حسنا قلت والكلاب أيضا تأكل من الفتات الساقط من موائد أربابها"، أنت معك حق، من يقول هذا الكلام إن لم يكن بالفعل يشعر أنه مسكين؟ جميل يا أحبائي أن الإنسان يختبر مسكنة الروح في حياته، جميل ألا يتعامل مع من حوله بتعالي أو غرور أو كبرياء أبدا، من الأمور العجيبة جداً يا أحبائي أن شخص مثل أبونا أبراهيم كان رجل غني جداً جداً وكان لديه من الغنم والبقر ما لا يعد ولا يحصى، ومع كل هذا الغنى كان هناك أمر عجيب جداً يفعله ومعتاد عليه أنه عندما يرى أناس غرباء يسرع إليهم ويسجد لهم، هل رأيت شخص غني يسجد لأحد؟!، أبونا أبراهيم عندما جاءوا إليه الثلاثة الغرباء يقول لك جرى عليهم وسجد، تسجد لمن؟! أنت رجل لديك غنم، لديك حشم، لديك خدام، لماذا تسجد؟، لماذا تذل لأحد؟، يقول لك سجد لهم، ويريد أن يمسك بهم ليدخلوا لديه ليأكلوا، وهما يقولون له لا يوجد داعي، يقول لهم لا، وعندما يتحدث معه يقول له "يا سيد أن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك"،أرجوك ويكلمه يقول له يا سيد، أنت رجل غني، الإنسان عندما يكون غني ومتكل على غناه يهلك، لكن عندما يكون إنسان غني لكن هذا الغنى يستخدمه في خدمة الآخرين يخلص، غناه أعطاه اتضاع، يسجد ويتحدث مع الضيوف ويقول له يا سيد أن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك، عبدك! أنت لديك عبيد يا أبونا إبراهيم كثيرة، يوم أن لوط حدث معه مشكلة في معركة كدر لعومر، اخترت من عبيدك أي أنه ليس كل عبيدك، اخترت منهم ٣١٨ فكم عبد لديك إذن؟! فالذي لديه عدد قليل جداً من العبيد أو الذين يعملوا لديه يشعر أنه رجل ذو مركز كبير، لكن هو لديه ٣١٨ عبد غير الذين لا نعرفهم، ولديه من الممتلكات ما لا يحصى، هذا أبونا ابراهيم، فعندما أراد أن يخطب لابنه اسحاق شاهدوا مقدار الهدايا التي أرسلها لكي يخطب بها، ذهب، غنم، بقر، جمال، ما هذا كله؟ غني، غني ومع هذا الغنى يسجد، عندما ذهب ليشتري المغارة فهم يقولون أن أبونا أبراهيم لم يقتني شيء في حياته إلا مغارة أو مقبرةعندما ذهب ليشتريها سجد للناس الذين يشتري منهم، لدرجة أنهم شعروا بالخجل منه كانوا يقولون له لماذا تفعل هذا؟!،إننا لا نستحق أنك تأتي وتشتري منا شيء، لا هو كذلك، هو رجل لديه مسكنة بالروح، قالوا له كيف تسجد لنا وأنت رئيس من الله علينا؟!، كيف؟ مسكين بالروح، الإنسان المسكين بالروح يا أحبائي سهل عليه أن يحترم أي شخص، نحن أحيانا نتعامل مع الأمور بشيء من المادية في تقييم الأشخاص، فتجد كلما كان الشخص مثلاً لديه مركز أعلي تجدنا نحترمه أكثر، كلما كان الشخص معه نقود أكثر نحترمه أكثر،وكلما كان الإنسان ليس لديه مركز لا نحترمه، وكلما كان ليس معه نقود لا نحترمه، أقول لك الإنسان هو الإنسان، من المفترض أنك تقدم مبادئك أنت، من المفترض أنك تكون مثل أبونا أبراهيم عندما تكون مسكين بالروح تتعامل مع الكل بحب واتضاع واحترام، عندما يكون داخلك مسكنة الروح تعرف تكسب الجميع، طوبى للمساكين بالروح، أبونا إبراهيم بالرغم من غناه فهو رجل مسكين بالروح، أستطيع أن أقول لك عندما يكون الإنسان مسكين تجده مسكين حتى في جسده، تجده حتى في طريقة معاملته مع المال يكون مسكين، حتى في طريقة معاملته مع طعامه، شرابه، ملابسه يكون مسكين لماذا؟ تجده مكتفي، تجده قانع، تجده شاكر، تجده فرح،الإنسان عندما يتكبر يصبح متمرد، لن يرضي بشيء أبدا، لن يرضي بأي مال، ولا أي مظهر، وكلما يكون لديه يكون غير مكتفي، ودائماً يريد أكثر وأكثر، أقول لك نعم لأنه فقد المسكنة بالروح، المسكين أمام نفسه يكون بالفعل هذه المسكنة حقيقية وليست تمثيل،هو مقتنع وليس مفتعل، مقتنع، عندما يأتي داود النبي يتحدث عن نفسه هو مقتنع أنه مسكين، لا يقول ذلك تمثيل، ليس مجرد شخص يقول كلام في مرحلة وينتهي أبدا هو مقتنع أنه مسكين، طوبي للمساكين بالروح، ما هي المكافأة؟ طالما مسكين بالروح فهو عرف الطريق، تكون المكافأة هي أفضل مكافأة هي ميراث ملكوت السماء، لذلك في ملكوت السماء ستجد كل الناس مساكين، كل الذين ورثوا الملكوت أشخاص مساكين بالروح، ليس من الممكن أن تجد إنسان في الملكوت متكبر أو متغطرس أبدا، تجد الناس الذين ورثوا الملكوت شاعرين بعدم استحقاق، شاعرين أن هذا المجد كثير عليهم، شاعرين أنهم من كثرة مراحم الله أنه قبلهم، يقولون أن أحد القديسين الشيطان أراد أن يقع به في خطية الكبرياء فيقول له أنه هناك كثير من الجداء وهناك كثير من الخراف، فالله يعلم خرافه يريد أن يقول له أنا سيء يقول لك فانصرف عنه الشيطان مخزيا،لماذا ؟ لم يجد ثغرة يدخل إليه، الإنسان يا أحبائي لابد أن يشعر في نفسه بعدم الاستحقاق، وعدم الاستحقاق هذا هو الذي يعطيه استحقاق، عندما تدخل للتناول لابد أن تشعر بعدم الاستحقاق، الآباء القديسين يقولون لنا الشعور بالاستحقاق هو الشعور بعدم الاستحقاق، قف أمامه مسكين لأنك تجد الكنيسة تظل تساعدك كيف تكون مسكين، تظل تقول لك ارفع قلبك وقل يارب ارحم، تظل تقول لك ارفع قلبك وقل انعم لنا بمغفرة خطايانا،ارفع قلبك وقل له أنت الذي الكل مذلول وخاضع، ارفع قلبك وقل له أننا يا سيدنا أهلا، ارفع قلبك وقل له أنت جعلتنا أهلا الآن أن نقف في هذا الموضع المقدس، بمعنى أنه من جهة أنفسنا نحن لا نستحق، لكن من جهة محبتك ورحمتك أنت الذي تعطي لنا، طوبي للمساكين بالروح، قيم نفسك هل أنت مسكين بالروح؟، هل وصلت إلى هذه القامة؟،إذن أبدأ واجتهد،تخلص من كل تعالي، تخلص من كل زائدة في نفسك، تخلص من اتكالك على نفسك أوعلى شخصك أو على قدراتك أو على مالك أو حتى على برك، لأن برك لا ينجي، ولكن الذي ينجي مراحم الله. ربنا يعطينا مسكنة الروح كعطية من عنده يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائماً أبديا آمين.

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل