العظات
قيادة اللة لحياتى
يحكى سفر يشوع أنه بعدما تنيح موسى النبى أن يشوع كان خائف , فقال له الله " كما كنت مع موسى أكون معك لا أهملك ولا أتركك . تشدد وتشجع , لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التى حلفت لأبائهم أن أعطيهم إنما كن متشدد وتشجع جداً لكى تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التى أمرك بها موسى عبدى تشدد وتشجع لا ترهب ولا ترتعب لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب "( يش 1:5-9) جيد أن يشعر الإنسان أن الله معه فى كل مكان وكل إختبار وليؤكد الله للشعب أنه قائدهم قال ليشوع فى الإصحاح الثالث " عندما ترون تابوت عهد الرب إلهكم والكهنة اللاويين حاملين إياه فإرتحلوا من أماكنكم وسيروا وراءه " حيثما يذهب تابوت عهد الرب تسيرون وراءه وتتبعوه أبونا آدم إختبر وجود الله فى حياته فى الفردوس يتبعه خطوة بخطوة , والتجسد أعاد للإنسان وحدته مع الله لذلك عمانوئيل معناه الله معنا إذاً مهم أن أشعر أن الله معى فى كل وقت , صعب نفصل الله عن حياتنا العملية , أى قد نرى أن الله فى الكنيسة فقط لكن فى الكلية أو العمل أو البيت ..؟! .. لا .. لابد أن أشعر وأدرك بإدراك روحى أن هناك قوة تصحبنى فى كل حياتى , لذلك شعور وجود معك شعور جميل أخنوخ عرفنا عنه أنه سار مع الله فكان الله معه , لم يكن كموسى الذى قاد الشعب ولا كداود الذى حارب وملك ولا كسليمان الذى ملك و لكنه سار مع الله فلم يوجد جيد أن تشعر أن الله معك فى إستيقاظك وفى نومك وفى أكلك وعملك ووقت راحتك و فى كل حياتك بكل تفاصيلها ... إختبر هذا الشعور فى كل وقت وفى كل مكان أبونا إبراهيم قال له الله " أخرج من أرضك ومن عشيرتك الى الأرض التى أريك إياها " تعال ورائى , يقول الكتاب " فخرج وهو لا يعلم الى أين يذهب " لو سألته أمنا سارة الى أين نذهب ؟ ماذا يجيبها ؟ يقول الى حيثما يريد الله ... أريد إجابة محددة , يقول لها ليس لدى إجابة سوى أن الله يقودنا يقول له قدم لى إبنك وحيدك حبيبك على الجبل الذى أريك الله لم يعلمه أى جبل يقدم إبنه عليه لكنه أطاع الله لا تخف قد لا تعلم متى تعمل ولا أين تذهب ولا كيف لكن إعلم أن الله معك فلا تخف الله قال لإيراهيم " سر أمامى وكن كاملاً " لذلك من أجمل وعود الله لنا أنه فى بداية حياته على الأرض قال أن إسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا وفى نهاية حياته على الأرض قال لنا " ها أنا معكم كل الأيام والى إنقضاء الدهر " وأنا مع الله كلى إطمئنان وسلام وتقوى " تمسكت بخطواتك فما زلت قدماى " لن أضل لأنى أسير وراءك , أنا مطمئن لذلك لما تجسد يسوع قال عنه الكتاب " تاركاً لنا مثال لكى نتبع خطواته " دائماً أنظر خطواته وحياته , والجميل فى حياة يسوع أنه ما من أمر يمكن أن نجتازه إلا وعاشه , مراحل عمرية , عائلة , أناس محبين , أناس كارهين وحاقدين , أناس متآمرين , ناس محبين جداً له يريدون الحياة على صدره , وأخرين حاقدين يقولون خير أن يموت واحد ولا تهلك أمة , وأخرين يقولون نتبعك أينما تمضى , وأخرين يقولون أصلبه أصلبه إجتاز كل إهانة وكرامة ومجد وألم و لذلك عندما تتعرض لموقف أنظر كيف إجتازه يسوع لكى تجتازه أنت أيضاً , عينك عليه فى كل أعماله وأقواله , هو يقودنا فى موكب نصرته , الذى يجتاز كل ما إجتازه يسوع يكون مطمئن ولا يخاف أبداً الشعور بوجود حضرة الله الدائم شعور جميل , إيليا كان دائماً يقول " حى هو الرب الذى أنا واقف أمامه " حتى وهو فى قصر أخاب كان يرى الله أمامه إختبار قيادة الله فى حياتى أن اليوم كله يكون هو المرشد والمعين , لابد أن تخرج منا خلال اليوم أنات تناجى الله , قل له يارب أعنى , يارب إرشدنى , يارب دبرنى , أثناء اليوم أنا متصل به , اليوم كله عبارة عن إتصال دائم بالله , يوسف الصديق كان يقول " كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ الى الله " لن أختبئ منه فى مكان .. لا .. الله فى كل مكان فكن مطمئن له معظم مشاكل الإنسان تأتى من أنه يشعر أن الله غير موجود معه فيترك نفسه لأفكار عدو الخير فيقلق ويخاف , لكن مادمت تشعر أنك فى معية الله ستشعر بقوة لا نهائية , لما تشعر أن كمال الله كله لك ومحبة الله كلها لك ومعيته كلها لك , تشعر أنك فى يد قدير تصل الى درجة أنك تشعر أن الله لك وحدك , ملك خاص بك وحدك, وكأن الله يهتم بك بشكل خاص جداً , تشعر أن الله يشملك بنعمته ومعونته ويحيط بك وحدك دون غيرك , وكما يقول القديس أوغسطينوس " تسهر علىّ لتهبنى عطاياك وكأنى أنا وحدى موضوع حبك " هل لا يوجد غيرى فى الخليقة كلها ؟ كما يقول أشعياء النبى " على الأيدى تُحملون وعلى الركب تُدللون "تشعر أن الله ينجيك من كثير لا تعرفه أكثر من الكثير الذى تعرفه فتقول له " أعظمك يارب لأنك إحتضنتنى ولم تشمت بى أعدائى " .. هذا عكس شخص لا يشعر بوجود الله معه , وإن شعر بوجوده يشعر بوجوده مع غيره وليس معه هوهذا الشعور أنه موجود بالفعل قائم , لكن علينا نحن أن نقترب اليه ونثق أنه سيقبلنا , ويوم أشعر أن الله متخلى عنى فهذا علامة أكيدة أننى أنا الذى تخليت عنه وليس هو المتخلى عنى , فالشمس لا تغيب لكن الأرض هى التى تدير لها ظهرها , هكذا لما أشعر أن الله ليس معى فأنا الذى أدرت له ظهرى وليس هو الذى تركنى , وكما قال الله عن الشعب فى العهد القديم " أعطونى القفا لا الوجه" جيد أن أتخيل نفسى دائماً داخل المسيح , أسمع تعاليمه وأنفعل بإنفعالاته وأسلك سلوكه , لما نكون فى إحساس شركة مع المسيح سيكون لنا إيمان " إن سرت فى وادى ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معى " معية الله مهمة وجميلة , كان الله مع الشعب فى النهار عمود سحاب وفى اليل عمود نور وهم يسيرون ورائه , يسيرون وراء التابوت لما يسير ويقفون لما يقف وينصبوا خيامهم .. الى أين يذهب بكم عمود السحاب وعمود النور ؟ الى أرض الميعاد .. وما هو الطريق الذى تسلكونه ؟ يقولون وراء عمود السحاب وعمود النور نسير كيفما سار نسير نحن وراءه هكذا نحن , الله يقودنا الى السماء , ما هو الطريق ؟ أقول لك الطريق للسماء هو كلامه , هو يقودنى وأنا أطمئن , يقول سفر عاموس " هل يسير إثنان دون أن يتفقا " .. الله يقول لى : تعال معى , فماذا أجيبه أنا ؟.. أقول له : أريد يارب فأين نتقابل ؟ .. يقول لى : فى الصلاة , فى الأنجيل , .. وكلما سرت معه كلما إختبرت قدرته وقوته الشعب خلال أربعين سنة يعبر بهم البحر الأحمر ويبيد لهم أعدائهم وويخرج لهم ماء من الصخرة ويعطيهم المن والسلوى و هكذا الذى يسير مع الله ينتظره خير كثير , لذلك قصة خروج بنى إسرائيل من أرض العبودية هى ترنيمة محبة لله , كانوا يتغنون بها وبما فعله الله معهم خلالها , مجرد أن ينمو الطفل يعرفوه ما فعله الله معهم خلال رحلة الشعب فيثبت فى ذهنه أن الله مدبر وقادر وكل من إتكل عليه لا يعاقب ... هذا هو الطريق الذى يريدنى الله أن أسير فيه ويكون لى نية السير وراءه وأكمل حتى وأن كان فى الطريق صعاب لكن فيه أيضاً أفراح وتعزيات " الرب عز لخائفيه "هذه البركة تعطى الإنسان نعمة كبيرة تجعل محبة الله تنمو فى قلبه , لما تعاشر إنسان كثيراً تحبه , هكذا الله سِرْ معه تزداد محبتك له وتغنى بأعماله معك وتقول الذى ينجى من الحفرة حياتى , منقذى , رافع نفسى , خُذْ الأمر عملى أن الله يقود ويدبر أمور حياتك ويرعاك , هذا يحتاج منك تسليم وحب صادق وأن تكون واثق فيه بدون ندم أنك ستصل معه وستفرح وتتعزى فى الكنيسة كثيراً ما يؤكد الأب الكاهن على كلمة " الرب مع جميعكم " فى بداية كل صلاة .. لماذا ؟ حتى قبل التناول مباشرة من بداية كلمة " إهدينا يارب الى ملكوتك " يقولها أربعة مرات , مرة بعد إهدينا الى ملكوتك , ومرة فى بداية القسمة ,ومرة بعد القسمة , ومرة قبل التناول وكأن الكنيسة تؤكد لنا أن الرب مع جميعكم , تعطيك عطية السلام , يؤكد أن الله حال بجوهره وحال فى كلمته وجسده ودمه وحضوره معك فأطمئن , وقبل أن تخرج من الكنيسة تسمع عبارة جميلة جداً تقول " محبة الله الأب ونعمة الإبن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم " ,أى وأنت فى الكنيسة فى حضور الله وأيضاً عندما تخرج من الكنيسة ستكون أيضاً فى حضرته , وكأنه يقول قوة الثالوث هى من أجلك وعمل الخلاص من أجلك , هذا يفرحك كثيراً ما يعلمونا أن نخلط أحداث اليوم بالأنجيل , مثلاً عندما تنزل من بيتك إرشم الصليب , قل أية مع كل موقف يحدث لك خلال يومك , حتى وأنت تغسل وجهك وأكلك و فى كل موقف تخيل ربنا يسوع يجوزه وأسلك مثله حتى يصير يومك مختلط بيسوع أكثر شئ يحاربه عدو الخير هو شعورك بمعية الله معك , وليس نجاح عدو الخير فى أن يسقطك فى الخطية إنما هدفه ونجاحه هو أن يبعدنا عن الله وأن نصير أعداء مع الله , أى عندما أكل آدم من الشجرة لم يكن هدف عدو الخير أن يأكل آدم من الشجرة إنما كان هدفه بعد آدم عن الله بعصيانه له وأكله من الشجرة فيشعر أن الله بعيد عنه ويشعرأنه ردئ وأن الله لن يقبله لكن العكس , لو سقطت فى الخطية وصرخت لله وشعرت بوحدة معه , فهذا أمر يؤذى عدو الخيرإختبار قيادة الله لحياتى فى كل أمورى , وكما يقول الأباء " لا تعمل عمل إلا ويكون لك عليه شاهد من الأنجيل " تأكل , تتعلم , تسير , تنام , كل هذا يكون لك عليه شاهد من الأنجيل فيتقدس يومك الله يريد أن يعلن وجوده وحياته فينا , يريد أن يؤيد خطواتنا بخطواته وكلامنا بكلامه فنصير نحن هو ويصير كل واحد منا سفير وحامل له يقدم المسيح بكل وضوح , كل عمل تعمله فكر أن المسيح فيه حتى فى أبسط الأعمال , كان أحد الأباء يقول لله أنا أراك فى كل شروق شمس وفى كل طير يغرد وفى كل شجرة وفى إختَبر أن يرى الله فى كل شئ بدون تعقيد , بينما الذى وعيه بعيد عن الله يكون الله واضح أمامه ولايصدق ولايرى, بينما أولاد الله يرون الله بكل سهولة كما قال يوحنا الحبيب " هو الرب " ربنا يعطينا أن نراه فى كل شئ حولنا ونتمتع بمعيته فى كل حياتنا , ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين .
دعوة لاوى
إِنجيل هذا الصباح المُبارك يا أحبائىِ يُكلّمِنا عن دعوة لاوىِ أو متى الرسول ويقول " وَبَعْدَ هذَا خَرَجَ فَنَظَرَ عَشّاراً اسْمُهُ لاَوِى جَالِساً عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَة ، فَقَالَ لَهُ : " اتْبَعْنِى " " ( لو 5 : 27 – 39 )
أحِب أن أتكلّم معكُم بِنعمة ربنا فِى ثلاث نُقط
1/ مكان الجِباية
2/ فقال لهُ إِتبعنِى
3/ فترك كُلّ شىء وتبعهُ
دولة أورشليم كانت تحت الإِستعمار الرومانىِ وكان الإِستعمار الرومانىِ مُخصِّص بعض الأشخاص مِن دولة أورشليم لِيجمعوا الضرائب مِن الشعب اليهودىِ ، فكانوا هؤلاء العشّارين غير مقبولين مِن دولة أورشليم ، وكانوا بيجمعوا أزيّد مِن الضرائب التّى حدّدها الإِستعمار ويأخُذوا هذهِ الزيادة لأنّفُسهُم
وهكذا قال الرومان بدلاً مِن أن نأخُذ منهُم الضرائب نجعلهُم يجمعوها هُم مِن أنّفُسهُم ونُحدّد واحِد لِكُلّ منطقة ويُعطينا جُملة المبلغ ، وهكذا كان لاوىِ واحِد مِن هؤلاء العشّارين وكان مكانهُ هو الجِباية ، وفِى هذا المكان كانت الناس بِتتخانِق معاً وبتفاصِل لأنّ الشخص الّذى سيدفع بيكون مظلوم مِن الدولة الرومانيّة ، وكذلك الشخص الّذى سيُحصِلّ الأموال منهُ سيُزيد عليهِ المبلغ لكى يكسب هو أيضاً ، فكان الشخص واقع تحت ضريبة مدنيّة للدولة الرومانيّة ، وضريبة للهيكِل بِحُكم أنّهُ يهودىِ
ربنا يسوع المسيح جاء لِكى يفتقِد العالم فِى ظُلمتهُ ، وهو ذاهِب للمكان الّذى فيهِ مصدر الظُلمة ، " وبعد هذا خرج فنظر عشّاراً إِسمهُ لاوىِ جالِساً عِند مكان الجِباية " ( لو 5 : 27 ) ، فالمكان الّذى مُمكِن أن لا نتوقّعهُ أنّ ربنا يسوع المسيح مُمكِن أن لا يُرى فيهِ أو يذهب إِليهِ نجِدهُ قد دخلهُ ، فالمكان المملوء بالظُلم والمملوء بِحُب العالمْ ربنا يسوع دخلهُ ، " وبعد هذا خرج فنظر عشّاراً إِسمهُ لاوىِ "
نظرة ربنا يسوع غير نظرة باقىِ الناس ، فالناس كُلّها آتية إِليهِ لِكى تنظُر لهُ كإِنسان ظالِم ، ولكِن الله عيناهُ تخترِق الإِنسان الظالِم ، فهو يُريد أن يقول لهُ إِنّ هذا المكان لمْ يكُن مكانك ، فأنت لابُد أن تخرُج مِن سُلطان هذا المكان ، أنت لابُد أن تتبعنىِ ، ربنا يسوع بيفتقِد كُلّ إِنسان فِى مكان جبايته حيثُ محبة العالِم وحيثُ مكان شروره ، فربنا بيقول للإِنسان إِنت إِن لمْ تأتىِ إِلىّ أنا أأتىِ إِليّك ، فأجمل ما فِى التجسُدّ هو أنّ الله هو الّذى جاء لنا على الأرض ولمْ ينتظِرنا أن نصعِد إِليهِ
ربنا يسوع المسيح بِيفتقِد كُلّ إِنسان فِى مكان جبايته ، فِى محبّتهُ القديمة ، وفِى محبّتهُ للعالمْ وشرور العالمْ
فالشاب الغنىِ يقول عنهُ الكِتاب إِن ربنا يسوع " نظر إِليهِ وأحبّهُ " ، فالناس مُمكِن تكون نظرِتها سطحيّة وللخارِج فقط ، ولكِن ربنا يسوع هو يرى النِفَس وعارِف أشواقها الداخِليّة ، وعارِف رباطاتِها بالخطيّة ، فكثيراً ما حاولت أن أخرُج مِن مكان الجباية ولكِن لمْ أقدِر ، وكُلّما حاولت الخروج أجِد قيود تمنعنىِ ، وهذا الأمر يحتاج لِنظرة منك ياربىِ يسوع وكلِمة منك
وأبونا فِى التحليل يقول " قطّع رباطات خطايانا " ، نِفَسىِ مُقيّدة بِقيود كثيرة تحتاج أن تُقطّع ، فربنا يسوع بينادينا حتى ولو كُلّ الناس رفضِتنا ، فهو " الداعى الكُلّ إِلى الخلاص لأجل الموعِد بالخيرات المُنتظرة "
ربنا يسوع يُريد أن ينتشِلنا مِن مكان جبايتنا ، يُريد أن يأخُذنا مِن مكان إِهتمامتنا العالميّة ، يُريد أن يقول لِكُلّ واحِد منّا خسارة عُمرك ، خسارة وقتك ، إِنت أجمل مِن ذلك بكثير ، إِنت لك إِمكانيات رائعة ، إِنت لك قلب ونِفَس يُمكِن أن تتكلّم بِهُما مع الله ، أُخرُج مِن هذا المكان الضيّق وأقترِب منّىِ ، فعينىِ تتبعِك ، وصوتىِ سيظِلّ يُطارِدك حتى فِى مكان جبايتك القديم
فالقديسة مريم المصريّة وهى ذاهبة لأورشليم لِتصنع الخطيّة هُناك ربنا إِفتقدها فِى مكان جبايتها ويقول أنا أفتقِدها هُناك ، فأنا موجود فِى كُلّ مكان ، أنا قادِر على كُلّ شىء ، فهو بِيفتقِد الإِنسان فِى ظُلمتهُ وفِى شرّهُ ، ويقول " أنا خطبتكُم لِرجُلٍ واحِد "
ربنا يسوع هُنا طالِب لاوىِ ، طالِب هذا الرجُل الظالِمْ فِى وسط تفكيره وزوغانه ، فداود النبىِ عِندما كان يُطارِدهُ شاول مرّت عليهِ لحظات ضعفٍ وإِبتدأ يُفكّر كيف يحتمىِ فِى الناس لِكى يهرُب مِن شاول فدخل عِند الفلسطينيين فنظروا إِليهِ بِحقِدٍ لأنّهُ قتل جُليات ، فداود النبىِ فعِل أمر غير مُستحِب أبداً لِكى يُنقذ مِن يدهُم وهو أظهر أنّهُ مجنون ، ورفع قلبهُ لِربنا وقال لهُ " فِى زيغانىِ راقبت "
فكُلّ نِفَس فينا مزوّغة عن الله ومُعتقِدة أنّها مُمكِن أن تبعُد عن ربنا ولو لِلحظة ، ربنا يقول لها " أنا عينىِ عليك " ، أنا سأفتقِدك وسأأتىِ إِليّك فِى مكان جبايتك ، فيقول الكِتاب " فلنفحص طُرُقنا ونحتبِر خطواتنا ونرجِع إِلى الرّبّ "
إِفحص نِفَسك وإِعرف إِنت هربان ومُختبِأ فِى أى مكان ، فهو يقول لك : أنا سأأتىِ إِليك ، فأنت لن تهون علىّ ، فلذّتىِ فِى بنىِ آدم ، أنا لن أترُكك حتى ولو كُنت هربان فِى مكان الجِباية
فلاوىِ لمْ يقول لِربنا يسوع ولا أى كلِمة ولكِن ربنا يسوع يقول عنهُ الكِتاب أنّهُ نظر إِليهِ وقال لهُ إِتبعنىِ ، فهو بيقول لهُ أنا بقول لك كلِمة مُهمّة جداً وهى أجمل كلِمة فِى حياتنا ، وكأنّ ربنا يسوع بيكرّرها فِى آذانْ كُلّ نِفَس
فالكلِمة دخلت فِى قلب لاوىِ وغيّرت فِى حياتهُ أمور كثيرة ، فقديماً قالها ربنا يسوع لإِبراهيم ويقول عنهُ الكِتاب " لمّا دُعى أطاع وتغرّب فِى أرضٍ لا يعرِفها " ، فهو كان يعرِف أنّهُ يوجِد صوت لابُد أن يتبعهُ ، ويتغرّب فِى أرضٍ غريبة ، وأكتفى بِرعاية إِلههه الّذى ناداهُ وقال لهُ " سِر أمامىِ وكُن كامِلاً " ، لا تخِف
خِسارة يا لاوىِ إِنّك تقضىِ عُمرِك فِى مكان الجِباية هذا ، إِنت أغلى مِن ذلك ، فإِلى متى تظِلّ هُنا ؟ فالمكان الّذى أنت فرحان بهِ هو سبب هلاكك ، طوبى للّذى يُلّبىِ الصوت الّذى يقول " إِتبعنىِ " ، طوبى للّذى يتجاوب مع هذا النِداء ، ولِذلك قال ربّ المجِد يسوع " خِرافىِ تسمع صوتىِ وتتبعنىِ " ، فهى تعرِف صوتىِ ، ولِذلك الإِنسان يقول لهُ يارب أنا أُريدك أن تقول لىِ كُلّ يوم " إِتبعنىِ " ، زيغانىِ راقِب ولا تترُكنىِ فأنت الّذى بحثت عن الخروف الضال والدِرهم المفقود
فأحد القديسين يقول لهُ " أنا يارب خروفك وإِن لمْ أكُن فِى حظيرتك ، أنا دِرهمك وإِن لمْ أكُن فِى كيسك " ، أنا مِلكك ، أنا لك ، أنا يارب خروف معدود عليك ، ومحسوب عليك ، فكُلّ واحِد فينا المسيح إِقتناهُ بِدمهِ ، نحنُ محسوبين على ربنا ، إِنت ياربىِ فتّش علىّ وقُلّ لىِ إِتبعنىِ ، فأنا أعرِف أنّك قُلت " لمْ يقدِر أحد أن يأتىِ إِلىّ إِن لمْ يجتذِبهُ أبىِ " ، فأنت ياربىِ إِجذبنىِ ، أنا أُريد قوّة تُساعدنىِ وتنتشلنىِ لأنّىِ غير قادر
فهوشع النبىِ يقول لهُ " يا مَنْ درّجت إِفرايم مُمسِكاً إِيّاهُ بأذرُعهِ " ، أنت يارب إِمسِك يدى مِثل الأطفال وأصعِدنىِ السلالِمْ ، وأشعياء النبىِ يقول " بِذراعهِ يجمع الحُملان فِى حضنهِ ويقود المُرضعات "
فأنا يارب مُبتدِأ فِى الحياة معك ، فما أسهل أن أتوه ، وكثيراً ما أتوه ، ولِذلك أُريدك أن تجمعنىِ فِى حِضنك ، فأنا لا يوجد عِندىِ إِستحقاقات للدعوة ولكِن أنت الّذى تختار وتجتذِب وتسنِد
فأنت كثيراً ما جذبت خُطاه وأشرار ، وكثيراً ما حللت قيود ، أنت القادِر أن تورِدنىِ إِلى مياه محبّتك ، ولكِن لابُد أنّ الإِنسان يكون عِندهُ إِستجابة لهذهِ الدعوة
تخيّل شاول وهو ذاهِب لِيضطهِد الكنيسة ، فهل توجد أكثر مِن ذلك قسوة ، ولكِن يقول الكِتاب " بغتةً أبرق حولهُ نور مِن السماء 00وسمِع صوتاً قائِلاً لهُ شاول شاول لِماذا تضطهِدنىِ " ، قال لهُ إِتبعنىِ ، أنت جميل ، أنا عارِف إمكانياتك مِن الداخِل خِسارة إِنّك تضيع ، ربنا يسوع بيقول لِكُلّ واحِد فينا أنت خِسارة أن تضيّع عُمرِك وإِهتماماتك وأشواقك فِى أمور زائلة ، أنت إِبنىِ ، أنت لىِ ، فماذا ستأخُذ مِن هذهِ الأمور الزائِلة ، فهى أمور لا تفيد
ولِذلك نقول لهُ : نتبعك يارب بِكُلّ قلوبنا ، نتبعك أينما تمضىِ ، ولِذلك عِندما قال لواحِد مِثل بُطرُس الرسول " هلّمُْ ورائىِ فأجعلكُما صيّادىِ للناس " ، يقول الكِتاب أنّهُم للوقت تركا شباكهُما وتبعوه ، فلابُد أن أقول لهُ أنا يارب أُريد أن أتبعِك فِى خِدمِتك ، وفِى كنيستك ، أنا أتمنى أن أعيش لك ولِكنيستك ، فما الّذى سأأخُذهُ مِن العالم ؟!! فأنا أتمنّى أن يكون لىِ رِسالة نحو أولادك ، " فأُعلّم الأثمة طُرُقك والمُنافِقون إِليّك يرجعون " ، تعالى إِجتذبنىِ أنت مِن إِهتماماتىِ التافِهة الميّتة إِلى أمجادك السماويّة
هذا الإِنسان درجِة محبّتهُ للمال قويّة ، فهو مربوط بِمحبّة المال ، وربنا يسوع يُريد أن يقول لهُ أنا سأفُكّك مِنْ كُلّ قيد
زكّا العشّا عِندما تقابل معهُ قال لهُ " ها أنا يارب أُعطىِ نصف أموالىِ للمساكين وإِن كُنت قد وشيت بأحد أرُدّ أربعة أضعاف "
أمّا لاوىِ " فترك كُلّ شىء وقام وتبعهُ " ، فهو لمْ يُحدّد حدود ولكِن ترك كُلّ شىء ، عجيب أنت يارب فِى دعوِتك !!
بُطرُس الرسول 000فقِد دعاهُ ربنا يسوع هو وأخوهُ أندراوس " فللّوقتِ تركا الشِباك وتبِعاهُ " ( مت 4 : 20 )
كيف أنّ الإِنسان فِى لحظة يأخُذ هذا القرار الصعب ؟!! كيف أنّ لاوىِ وهو فِى وسط هذهِ الأموال يترُك كُلّ شىء ؟ يا لاوىِ ألمْ تُفكّر بأنّك عليك أقساط وإِلتزامات نحو الدولة ، فالناس بِتتصارع على هذا الشُغل ، وأنت قد أخذتهُ بالرشاوىِ فكيف تترُكهُ بِمثل هذهِ السُرعة ؟ ألمْ تتمهِلّ لِكى تحسِبها ؟ ولكِن هو إِختار صوتهُ
القديس أوغسطينوس يقول " إِنّ مَنْ يقتفىِ أثارك لن يضِل قط ، ومَنْ إِمتلكك شبِعت كُلّ رغباته " ، لاوىِ داس وترك كُلّ شىء ، فالتوبة تحتاج لِقرار جرىء وتحتاج لِنِفَس واعية تستجيب لِنداء ربنا
تاجر اللآلىء الحسِنة وجد الجوهرة الكثيرة الثمن فباع كُلّ ما يملُك لِكى يشترىِ هذهِ الجوهرة ، والإِنسان الّذى وجد كنز فِى الحقل فباع كُلّ مالهُ لِيشترىِ هذا الحقل ، فالّذى يتبع ربنا يسوع لابُد أن يكتشِف كنز فِى قلبهِ ويبيع كُلّ ما يملُك ، فهو بيكتشِف جوهرة غالية تستحِق الإِقتناء ويدوس على كُلّ إِغراء فِى حياتهُ
فداود النبىِ يقول لهُ " مَنْ لىِ فِى السماء ومعك لا أُريد شيئاً على الأرض " ، أنا لا أُريد شىء ، فكُلّ ما أمتلِكهُ فِى العالم أنا لا أُريدهُ
فبولس الرسول يقول فِى رسالتهُ لأهل فيلبّىِ : لا تعتقِدوا إِنّىِ بِدون أصل أو نسب فأنا مُتعلّم ومِن سِبط بنيامين ومِن جِنس إِسرائيل ، ومِن جهة الناموس فرّيسىِ ، والقديس بولس كان مِن أُسرة مرموقة ولها دالّة مع الحُكّام وقد ترّبى أفضل تربية ومع كُلّ هذا يقول " ولكِن ما كان لىِ رِبحاً فهذا قد حسبتهُ مِن أجل المسيح خِسارة " ( فيلبّىِ 3 : 7 )
فكُلّ الّذى كان لىِ قديماً وكُنت أحسِبهُ رِبح هذا صار نِفاية ، والآباء يقولوا أنّ النِفاية هى زِبالة الزبالة ، فالقِمامة بِتُفرز والّذى يتبقّى مِنها إِسمهُ نِفاية ، فبولس الرسول كُلّ الّذى ربِحهُ مِن العالم حسبهُ نِفاية مِن أجل فضل معرفة المسيح " بل إِنّىِ أحسِب كُلّ شىء أيضاً خِسارة مِن أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربّىِ " ( فيلبّىِ 3 : 8 ) ، أُنظُروا الفخر !!
فهل عِندك إِحساس أنّك لو تبعت المسيح ستكون كسبان أم خسران ؟! هل عِندك إِحساس إن ربنا سيعولك أم أنّك سترتبِك ؟! لاوىِ أخذ القرار ، فالإِنسان الّذى يسمع صوتهُ صح مُستحيل أنّهُ يظِلّ فِى مكان الجِباية
فاليوم هو دعوة لِتغيير الحياة ، والإِهتمام بالسماء والملكوت ، ولِذلك أول حركة للإِستجابة للملكوت هى الترك وإِحتقار أباطيل العالمْ ويكون إِيمانهُ جاد ولا يعود القلق يملُك عليه ، لِدرجة هُنا لاوىِ قِد عمل ضِيافة وكان يشعُر بِفرحة فما هذا ؟
يقول إِن السعادة التّى شعرت بِها هى سعادة لا يُعبّر عنها وتستحق أن أحتفِل بِها ، فالإِنسان الّذى يعرِف المسيح يُنادىِ على كُلّ إِنسان ويقول تعالوا " ذوقوا وأنظُروا ما أطيب الرّبّ " ، الرّبّ عِز لِخائفيهِ
فالسامِريّة لمْ تحتمِل أن لا تُعرّف الناس بالمسيح فنادت على الناس وقالت " هَلُمّوا أنْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِى كُلّ مَا فَعَلْتُ " ( يو 4 : 29 )
وزكّا العشّار عِندما تقابل معهُ قال لهُ ها أنا يارب أُعطىِ نصف أموالىِ للمساكين فالنِفِسَ التّى تتقابل معهُ تصير نِفَس شغوفة بالِجلوس معهُ ، والنِفِسَ عِندما تتحرّر تتمنّى أنّ كُلّ الناس تتحرّر ، فالعلامة الأكيدة أننّا تغيّرنا هو ترك مكان الجِباية وأن يشعُر الإِنسان بِثقتهُ فِى الله وفِى تدبيره
ربنا يسوع الّذى إِفتقد لاوىِ فِى مكان جبايتهُ وقال لهُ إِتبعنىِ قادِر أن يأتىِ إِلى مكان جِبايتىِ ، فمكان جِبايتىِ هو حالة القلب
ربنا يسوع الّذى يعرِف أين قلب كُلّ واحِد فينا يقول لهُ إِتبعنىِ ، فطوبى للنِفِسَ التّى تسمع كلِمتة وتترُك كُلّ شىء مِن أجلهِ وتُلبّىِ دعوتهُ وتتبعهُ أينما يمضىِ
ربنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ
ولإِلهنا المجد دائماً أبديا امين
الروح القدس المعزى
فِى هذا اليوم المُبارك ياأحبائىِ الّذى تحتفِل بهِ الكنيسة بِحلول الروح القُدس على الكنيسة كُلّها هو نُقطة الإِنطلاق بعد أن أكمل ربنا يسوع كُلّ تدبير الفِداء ، وبعد أن تجسّد وقام وصعد
-مزمور العشية مز٥٠ :١٢
امنحنى بهجة خلاصك وبروح رئاسى عضدنى
-انجيل العشية يو٧ :٣٧
فى العيد الكبير..من يعطش فليقبل الىّ ليشرب..من يؤمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء الحياة..قال هذا عن الروح القدس الذى كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه.
-مزمور باكر مز١٠٣ :٢٨
ترسل روحك فيخلقون
-انجيل باكر يو١٤ :٢٦
متى جاء المعزى الروح القدس..
لو كنتم تحبوننى لكنتم تفرحون بأنى أمضى الى الآب
-البولس ١كو١٢
أما من جهة المواهب الروحية ليس أحد يقدر أن يقول يسوع هو الرب إلا بالروح القدس...فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد..
-الكاثوليكون ١يو٢ :٢٠
أما انتم فلكم مسحة من القدوس وتعرفون كل شئ
-الابركسيس أع٢ :١ -١٢
فلما حضر يوم الخمسين وكان الجميع معاً بنفس واحدة...وصار فى السماء بغتةً صوت كصوت الريح العاصفة..وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين وظهرت لهم ألسنة منقسمة مثل النار واستقرت على كل واحد منهم
فكان لابُد أن يمكُث مع الكنيسة إِلى الأبد ويُرافِق الكنيسة فِى كُلّ عمل ، فوجود ربّ المجد يسوع بالكنيسة صار شىء أساسىِ بالنسبة لهل ، فلا تقدِر أن تستغنى عنهُ أبداً ، وبعد أن قام إِفتقد الكنيسة وإِبتدأ يظهر ويُثّبِت الكنيسة
ولكِن هُنا وجدنا ربنا يسوع يقول شىء عجيب جداً " أنّهُ خير لكُمْ أن أنطلِق " ، كيف يارب فهذا صعب جداً علينا ، " أنّهُ خير لكُمْ أن أنطلِق لأنّهُ إِن لمْ أنطلِق لا يأتيكُم المُعزّىِ " ( يو 16 : 7 ) ، " ومتى جاء ذاك يُبكّت العالمْ على خطيّة وعلى بِر وعلى دينونة " ، وإِبتدأ يتكلّم عن عمل الروح القُدس فينا ، فهو بيضعنا فِى إِختيارين فمُمكِن أن أظِل معكُم كإِله مُتجسِّد ولكِن إِن مضيت فأنا سأحِلّ بروحىِ فِى كيان كُلّ أحد وهذهِ هى العطيّة العظيمة التّى ستأخُذها الكنيسة
بِنعمة ربنا أُريد أن أتكلّم معكُم فِى نُقطة واحدة وهى أنّ الروح القُدس إِسمه المُعزّىِ
المُعزّى :
==========================
" يأتيكُمْ المُعزّى " وهُنا فِى أول الإِنجيل الّذى قُرِأ يقول " ومتى جاء المُعزّىِ " ، فما معنى المُعزّى ؟! يعنىِ يسنِد يعنىِ يرشِد يعنىِ يفرّح يعنىِ يرفِع الحُزن عن الإِنسان ، عِندما يكون إِنسان فِى ظروف صعبة أو فِى تجرُبة مُرّة أو عِندهُ حالة وفاة ، فالإِنسان عِندما تحدُث حالة وفاة يقول : أنا ذاهِب لأُعزّىِ ، أى لأُخفّف عنهُ الحِمل ، الروح القُدس هو المُعزّىِ ، فالتعزية هى دور الروح القُدس ، فهو الّذى يرفع عنّا الهم والضيق فهو إِسمهُ " الباراقليط "
لِذلك ما أروع وما أجمل الروح القُدس ياأحبائىِ ، فهو الّذى يُعزّىِ النفوس الحزينة والنفوس المكسورة والُمكتئبة ، ربنا يسوع يعرِف أنّ طريقنا طويل ، والباب ضيّق ، ويعرِف أنّ الطريق كرب ، وستواجِهنا ضغوط كثيرة ، مِن الجسِد ومِن المُجتمِع ، فمُمكِن أن نواجِه الفشل ، مُمكِن أن نواجِه الحُزن ، ولكِن ما الّذى يرفع كُلّ هذا ؟ الروح القُدس هو الّذى يفتقِد الإِنسان بِمسرّات روحه
فهل فِى مرّة حدث أننّا كُنّا نُصلّىِ ووجدنا أنفُسنا فرحانين ، مسنودين ، فرح غير فرح العالمْ ، فهو العامِل فينا الآن ، هو عزاءنا وهو قوّتنا هو فرحنا هو الّذى يُطمِئن ويحمِل البُشرى السعيدة للإِنسان ، فعندما يكون طالب فِى إِمتحان فنجِد أُسرتهُ تسنِدهُ وتُطمئنهُ ، وهذا هو عمل الروح القُدس الّذى يُعطىِ الرجاء ، ويُعطىِ السِند ، ويُعطىِ الأمل ، وبِدون هذا المُعزّىِ نخور فِى الطريق ، والضيقات تهزِمنا ، فهو الّذى يجعِل الطريق سهل ، ويجعلنا نُفطِم عن مسرّات العالم وذلك لأننّا وجدنا مسرّة أجمل فنُفطِم عن البشر
ويُشبّه الروح القُدس بالماء ، فالماء هو الّذى يُحولّ الصحراء إِلى جنّة ، " سواقىِ الله ملآنة ماء " ، عمل الله غزير جداً
كثيراً ما يمُرّ كُلّ واحِد فينا بِفترة جفاف فِى حياته ولو تلامس مع الروح القُدس يكون مِثل الأرض العطشانة التّى ترتوىِ مِن الماء ، ولِذلك يقول داود النبىِ فِى المزمور " صارت نِفَسىِ أمامك بِلا ماء " ، فتتحّول صحراء نفوسنا إِلى أرمملوءة بالأثمار ، الروح القُدس يرفع عن الإِنسان روح الفشل وروح الضعف
فكثيراً ما عدو الخير بِيجعل الإِنسان يشعُر أنّهُ مُستحيل أن يُكمِل الطريق ، ويشعُر أنّ نفسه ضعيفة ، فالروح القُدس بِينقِل النِفَس مِن روح الفشل إِلى روح القوّة وروح النُصرة
فموسى النبىِ أرسل جواسيس لأرض الميعاد ، وهى الأرض التّى كانوا يتمنوها فهى التّى تفيض لبناً وعسلاً ، فأرسل 12 رسول فأتوا وهُم معهُم مِن أثمار الأرض وذهبوا بِها إِلى بنىِ إِسرائيل ، فالناس فرِحت جداً ، ووجدوا أنّ 10 مِن ألـ 12 بيقولوا لهُم أنّ الأرض تأكُلّ سُكاّنها وليس لها أمان ، معقول بعد 40 سنة نجِدها تأكُلّ سُكّانها ! وقالوا لهُم أيضاً نحنُ وجدنا بنىِ عِناق وهُم عماليق ، مُحترفىِ حرب ، وهؤلاء ألـ 10 أشاعوا مذّمة الأرض ، فالناس ثارت ، والعجيب أنّ الكِتاب المُقدّس يُحدّثنا عن موقف يشوع وكالِب فهُم أسكتا الشعب وقالوا لهُم " أنّها أرض جيّدة جداً جداً ، إِن سُرّ الرّبّ أن يُعطيها لنا " ، ويقول الكِتاب أنّهُ كان معهُم " روح آخر " وهو روح الله المُعزّىِ ، فهو الّذىِ كان رافعهُم فوق مستوى الضعف وفوق الرؤية البشريّة المملوءة صعوبة
كثيراً ما تحزن النِفَس وتتضايق عِندما تواجِه صِعوبة الطريق ، فنحنُ مُحتاجين أن يكون معنا روح آخر ، الروح المُعزّىِ وهو الروح الّذىِ إِستودعهُ فِى الكنيسة وجعلهُ مِسحة ثابِتة فينا ، كثيراً ما نُصاب بِحُزن ياأحبائىِ وتكون نفوسنا صغيرة ، ولكِن الروح يُحِب أن يرفعها فوق مستوى الضعف
فنوح وهو فِى الفُلك أرسل حمامة لِكى يعرِف أحوال الأرض ، وكان نوح بِيسمع أصوات مُرعِبة ، وهى أصوات الناس الّذين خارِج الفُلك لأنّهُم بيواجهوا الموت ، وبعد أن أرسل الحمامة رجعِت إِليهِ لأنّها لمْ تجِد مكان تقِف عليهِ ، ثُمّ أرسل غُراب ولمْ يرجِع لأنّهُ يُحِب الجُثث الميّتة ، ثُمّ أرسل حمامة فأتت وهى معها غُصن زيتون ، فهى التّى أعطتهُ حياة ، وهى العزاء والسِند ، وعِندما يراها يفرح ، وعرِف أنّ الحياة قد عادت مرّة أُخرى ، وقد إِقتبلها ربّ المجد يسوع على الأرض وعاد وقبلها فِى نفسهِ
فالعزاء هو الحياة التّى تدُب فينا وسط الموت ، وهو الندى ، فربنا يسوع عارِف إِحتياجاتنا ولِذلك قال أُرسِل لكُم المُعزّىِ فيُعطىِ أمل وفرح وإِطمئنان ، مسكين الإِنسان الّذى يلتمِس عزاء مِن الأرض ، مسكين الإِنسان الّذى يظُن أنّ المال أو الشهوة أو حياة اللهو هى التّى يُمكِن أن تُعطيه عزاء ، ولكِن هذا مُستحيل لأنّ الروح سخىِ يُريد أن يُعطىِ كُلّ نِفَس رجاء وعزاء فوق كُلّ مستوى بشرىِ
والنِفَس التّى ذاقت هذا العزاء فإِنّها تستهين بأى عزاء أرضىِ بشرىِ ، فما سرّ فرحة الشُهداء 00وفرحة الرُهبان رغم أنّ مظهرهُم لا يوحىِ بالسعادة ؟ ولكِن هُم معهُم روح آخر وهو الّذى يسندهُم ويُفرّحهُم ، فالحل هو مع الروح القُدس وهو المُعزّى ، وهذا هو الّذى أنا مُحتاج إِليهِ ، فيجِب أن أتودّد إِليهِ لِيحلّ فىّ ، فالعزاء الّذى يحتاج إِليهِ الإِنسان جداً هو الروح القُدس ، ويجعل الإِنسان يشعُر فِى مُمارسته الروحيّة أنّهُ مسنود ومتعزّىِ ، وعِندما يُصلّىِ يشعُر أنّهُ فِى حضرة الله ومتعزّىِ ويخرُج وهو محمول على أجنحة الروح ، فهذا هو العزاء
فالروح القُدس هو الّذى غيّر الضعف البشرىِ الّذى فِى أنفُسهُم وجعلهُم جبابِرة وجعلهُم لا يصمُتوا عن الشِهادة لله ، فالروح القُدس المُعزّىِ هو الّذى حلّ على الكنيسة مِثل ألسِنة نار تحرِق كُلّ ضعف ، فهذا هو عمل الروح القُدس فِى الكنيسة 0
ومِن الرموز الجميلة عن الروح القُدس فِى الكِتاب المُقدّس وهى عِندما أراد أبونا إِبراهيم أن يُزّوِج إِبنهُ إِسحق فأرسل لِعازر الدمشقىِ ليختار زوجة لإبنهِ إِسحق ، فقال أنا سأأخُذ مَنْ لها علامة مِن الله ، ومَن يُرشِدهُ الله لها ، فصلّى ، وذلك لأنّها مُهمّة صعبة ، فربنا قال لهُ أنّ مَنْ تسقىِ جِمالك وتُسقيك وتخدُمك بِهمّة ونشاط تكون هى ، فوجِد رِفقة بِتسقيه وتُسقىِ جِماله بِنشاط وليس هذا فقط بل قالت لهُ يوجِد عِندنا تِبن للجِمال ، فتأكّد أنّها هى ، وطلبها مِن والِدها ، وكلّمهُم عن إِسحق وأقنعهُم وأخذها معهُ ، وهو فِى الطريق كان يُكلّمها عن إِسحق لأنّ إِسحق بالتأكيد غير معروف عِندها ، فمَنْ الّذى عرّف رِفقة بإِسحق ؟ لِعازر الدمشقىِ ، يُقال أنّ لِعازر هو " الروح القُدس " الّذى يخطُب النِفَس بالله ويُعرّف النِفَس بالله ، ورِفقة أكيد مُتعلّقة ببيت أبيها وأكيد بتفكّر فِى إِخواتها وكُلّما تسمع عن إِسحق يحدُث لها إِنسحاب تدريجىِ نحو إِسحق ، فعمل الروح القُدس هو أنّهُ يسحبنا مِن مشاعرنا ويسحبنا مِن رباطتنا ويُدخِلنا فِى عهد زيجىِ جديد 0
فكُلّما تصغُر نفسىِ وأشعُر أنّ مشوارىِ صعب علىّ وأحسّ إِنّىِ سأُحرِم مِن أمور أحبّها وأنا فِى طريقىِ مع ربنا ، فربنا يقول لىِ : أنت ستأخُذ أضعاف أضعاف ، ستأخُذ حياة أبديّة ، وستأخُذ مجد فِى السماء والأرض 0
فالروح القُدس هو الّذى يُعطينا العِوض ، ولِذلك قال ربّ المجد يسوع " إِن أحبّ أحد أباً أو أُماً أو إِخوة 000أكثر منّىِ فلا يستحقنىِ " ، فنقول لهُ يارب إِنّ هذا الكلام صعب جداً ، فيقول لك ربّ المجد إِن لمْ أكُن قد أعطيتك الروح القُدس لكان هذا الكلام صعب ولكِن الروح القُدس هو الّذى يجعلك لىِ 0
فاليوم هو يوم نُصرة ويوم فرحة ، ربنا ملك علينا عِندما أرسل روحه لِكى يكون روحه فينا ونكون ورثة ، ما أجمل النِفَس التّى تعرِف ما الّذى ستأخُذهُ بِعشرتها معهُ ، فأنا مُمكِن أن أكون محدود فِى فضيلتىِ ، ولا أقدِر أن أنفّذها ، ولكِن ربنا يقول عن الروح القُدس أنّهُ " يأخُذ ممّا لىِ ويُعطيكُم " 0
ربنا يسوع الّذى أرسل روحه القُدّوس على تلاميذهُ الأطهار لازال يُرسِل روحه على كنيستهُ مِثل ألسِنة نار فيُعطينا تقديس وإِرشاد 0
ربنا يُثّبت روحه فِى أرواحنا ويسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ
ولإِلهنا المجد دائماً أبديا امين