المقالات

14 يونيو 2021

عيــد حلوُل الرُوح القدُس

عيد حلول الروح القدس صار بالنسبة إلينا من الأعياد الكبيرة جدًا الذي تحتفل به الكنيسة كل عام برسامات ينتظرها الجميع.لذا أحب أن أكلمكم اليوم عن الروح القدس...ومن أهمية عمل الروح القدس معنا، قال السيد الرب لتلاميذه القديسين: «أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم» (يو16: 7).. وقال لهم عنه إنه «يمكث معكم إلى الأبد.. ويكون فيكم» (يو14: 16، 17).أي أن السيد المسيح له المجد، عاش معهم بالجسد إلى أن صعد إلى السموات، ثم وعدهم بالروح القدس ليمكث معهم إلى الأبد، روح الحق المعزي.. فما الذي ينبغي علينا أن نعرفه عن الروح القدس؟ الروح القدس هو روح الله. لذلك فهو موجود منذ الأزل.نقرأ عنه في الآيات الأولى من سفر التكوين. إذ يقول الوحي «في البدء خلق الله السماوات والأرض. وكانت الأرض خربة وخاوية. وعلى وجه الغمر ظلمة. وروح الله يرف على وجه المياه» (تك1: 1-2).والروح القدس يتكلم عنه إشعياء النبي، ويُعطي له أسماءً، فيقول «.. روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب» (إش11: 2).ونضيف إلى ذلك في صلاة الساعة الثالثة من كل يوم فنقول: "..روحًا مستقيمًا ومحييًا، روح النبوة والعفة، روح القداسة والعدالة والسلطة". ونناديه بقولنا: "أيها الملك السمائي المعزي، روح الحق الحاضر في كل مكان والمالئ الكل، كنز الصالحات، ومُعطي الحياة..".ويقول عنه الرب في إنجيل يوحنا:«روح الحق الذي من عند الآب ينبثق» (يو15: 26). وعقيدة الانبثاق من الآب هذه، ذكرها مجمع القسطنطينية المسكوني المقدس في قانون الإيمان. غير أن الإخوة الكاثوليك يضيقون عليها "ومن الابن" Filioque أي and from the son. وهذا مخالف لعقيدة الثالوث القدوس. ففي تشبيه الثالوث بالنار، نقول "تتولّد منها حرارة، وينبثق منها ضوء" ولا نقول إن الضوء ينبثق من الحرارة! بل أن الضوء والحرارة كليهما يخرجان من الأصل أي النار، وليس أحدهما من الآخر.. الروح القدس كان يعمل في العهد القديم أيضًا.نسمع في قصة شمشون أن روح الرب كان يحركه في محلة دان (قض13: 35). ونقرأ أنه بعد أن مُسِح شاول ملكًا، أنه «حلَ عليه روح الله فتنبأ» (1صم10:10). كذلك داود لما مسحه صموئيل النبي ملكًا «حلَ روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدًا» (1صم16: 13).وطريقة حلول الروح القدس على كلٍ من شاول وداود، كانت بواسطة مسحهما بزيت المسحة Anointing Oilالذي أمر الرب بإعداده في سفر الخروج (خر30: 22-31). وقد مُسِح به هارون رئيسًا للكهنة، إذ صبّ موسى النبي من هذا الزيت على رأس هارون ومسحه (لا8: 12)، كما نقول في المزمور «كالطيب الكائن على الرأس...» (مز133: 2). وكذلك مُسِحت بهذا الزيت المقدس: خيمة الاجتماع، والمذابح والأواني فتقدست (خر40، لا8). وبهذا الزيت أيضًا مُسِح ملوك وأنبياء (1مل19).ونتيجة المسحة، كان يحل روح الله، وتحل مواهبه أيضًا.ونقرأ في سفر يوئيل النبي قول الرب:«ويكون في ذلك اليوم أني أسكب روحي علي كل بشر. فيتنبأ بنوكم وبناتكم، ويحلم شيوخكم أحلامًا، ويرى شبابكم رؤى» (يوئيل2: 28).وهذا ما قد تم في يوم الخمسين، حسبما شرح القديس بطرس الرسول الآية التي وردت في سفر يوئيل النبي (أع2: 16، 17). الروح القدس أيضًا كان يمكن أن ينتقل من شخص إلى آخر.كان حدث بالنسبة إلي السبعين شيخًا أيام موسى النبي الذي قال له الرب: «اجمع إليّ سبعين رجلًا من شيوخ إسرائيل.. فأنزل أنا وأتكلم معك.. وآخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم» (عد11: 16، 17). وهنا يقول الكتاب «فنزل الرب في سحابة وتكلم معه، وأخذ من الروح الذي عليه، وجعل على السبعين رجلًا الشيوخ. فلما حلّ عليهم الروح تنبأوا» (عد11: 25). نلاحظ أنه قبل موسى، لما فسرّ يوسف الصديق حلم فرعون، «قال فرعون لعبيده: هل نجد مثل هذا رجلًا فيه روح الله؟!» (تك41: 38).وهنا كانت موهبة الروح هي تفسير الأحلام، أي روح المعرفةكذلك كان هناك عمل آخر لروح الله، في كل فنّ. فبالنسبة إلى ما تحتاجه خيمة الاجتماع، قال الرب لموسى«انظر، قد دعوت بصلئيل بن أوري بن حور، من سبط يهوذا باسمه. وملأته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة، لاختراع مخترعات ليعمل في الذهب والفضة والنحاس، ونقش حجارة للترصيع ونجارة الخشب، ليعمل في كل صنعة..» (خر31: 1-5).هنا نرى أن الروح القدس يعمل حتى في موهبة الصناعة التي تُعطي للبعض، حتى في المجوهرات وصناعة الخشب من أهم صفات الروح أيضًا، أنه الناطق في الأنبياء.وهذه عبارة في مضمون قانون الإيمان. أي أن الروح القدس هو مصدر الوحي الإلهي للكتب المقدسة. فكل ما نطق به الأنبياء والرسل في الكتب المقدسة كان مصدره الروح القدس.وفي هذا قال القديس بطرس الرسول في رسالته الثانية: "لم تأتِ نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم بها أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس» (2بط1: 21). حاليًا– في العهد الجديد – يُنال الروح القدس بواسطة ثلاثة أمور: بالمسحة المقدسة، ووضع أيدي الكهنوت، والنفخة المقدسة. فمن جهة النفخة المقدسة، كُتب في إنجيل يوحنا أن ربنا يسوع بعد قيامته – لما ظهر لرسله القديسين في العلية – قال لهم «كما أرسلني الأب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ في وجوههم وقال لهم: أقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر لهم. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت»(يو20:21-23).ونحن في سيامة الأب الأسقف أو الأب الكاهن، ننفخ في وجهه ونقول: "اقبل الروح القدس". فيفتح فمه ليتقبل النفخة المقدسة، ويقول مع المزمور «فتحت فمي واقتبلت لي روحًا». أما عن وضع الأيدي، فكان الروح القدس – في عهد الآباء الرسل – يُنال بوضع أيدي الرسل. كما ورد في منح الروح القدس لأهل السامرة. إذ أن مجمع الرسل في أورشليم أرسل إليهم بطرس ويوحنا «حينئذ وضعا عليهم الآيادي، فقبلوا الروح القدس» (أع8: 14-17). وكذلك بالنسبة إلى أهلأفسس«لماوضعبولسيديه عليهم، حل الروح القدس عليهم» (أع19:6).وبالمثل في سر الكهنوت، قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس «أذكرك أن تضرم أيضًا موهبة الله التي فيك بوضع يديّ» (2تي1: 6). على أن المسحة عُرفت أيضًا في العهد الرسولي. كما يقول القديس يوحنا الرسول «وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس..» (1يو2: 20) «.. والمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم» (1يو2: 27). ونحن في منح سر المسحة للأطفال بعد العماد: نمسحهم بزيت الميرون المقدس، ونضع الأيدي عليهم، وننفخ في وجوهم. ونقول لهم: أقبلوا الروح القدس.وبسر المسحة المقدسة، نصبح هياكل للروح القدس. والروح القدس يسكن فينا..وفي هذا يقول القديس بولس الرسول في رسالته الأولي إلي كورنثوس: «أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم» (1كو3: 16)، «أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم» (1كو6: 19). إذًا فليتذكر كل واحد منّا أنه في يوم مسحه بزيت الميرون المقدس، أنه قد صار هيكلًا للروح القدس، وأصبح الروح القدس يسكن فيه.. الروح القدس يعمل في الكهنوت، والكهنوت يُؤخذ بالروح القدسوله سلطان مغفرة الخطايا. ولكن لعل أحدًا يقول: كيف هذا؟ ولا يغفر الخطايا إلا الله وحده! نقول: نعم، الروح القدس الذي في الكاهن هو الذي يغفر الخطايا. كما يقول في القداس الإلهي: ".. يكونون محاللين من فمي بروحك القدوس". إذًا الروح القدس هو الذي يغفر الخطايا، وتصدر هذه المغفرة من فم الكاهن. والحِلَ الذي يعطيه الكاهن، يعطيه بصلاة التحليل التي قول فيها: الله يحاللك. الله يسامحك. الله يغفر لك..والروح القدس يدخل أيضًا في كل أسرار الكنيسة. ويدخل في قرارات المجمع المقدس. فأول قرار صدر من المجمع في أورشليم أيام الآباء الرسل، قالوا فيه «رأى الروح القدس ونحن...» (أع15: 28). والروح القدس يعمل في الخدمة أيضًا..والآباء الرسل لم يبدأوا الخدمة، إلا بعد أن حلَ عليهم الروح القدس وتحقق فيهم وعد الرب «ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم.. وحينئذ تكونون لي شهودًا» (أع1: 8).الروح القدس هو الذي كان يختار الخدَام، كما قال «افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه..» (أع13: 2، 4). وكان هو الذي يوجَه الخدام، ويعمل فيهم ويعمل بهم.إن طلب الروح القدس هو موضع صلاتنا اليومية في الساعة الثالثة.نطلب أن يحل فينا، وأن يطهرنا من دنس الجسد والروح ونصرخ إلى الله قائلين: روحك القدوس لا تنزعه منا.ولكن يدخل في حريتنا أن نقبل الروح، ونعمل معه، وندخل في "شركة الروح القدس". أو أن نرفض، ونطفئ الروح، ونقاوم الروح. وأخطر شيء هو التجديف على الروح القدس، أي رفضه بالتمام مدى الحياة. ولكن ما أجمل قول الكتاب «لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله» (رو8: 14).هنا وأنبّه الذين ينخدعون ويظنون كل روح يقودهم هو روح الله!! يقول الرسول «لا تصدقوا كل روح. بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله. لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلي العالم» (1يو4: 1). مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
13 يونيو 2021

الأحد السادس مِن الخماسين المُقدّسة

إِحنا فِى الفترة دلوقتىِ بِتاعِت إِنتظار عطيّة الروح القُدس ألـ 10 أيام الّلى بين الصعود وحلول الروح القُدس ، فِى هذهِ الأيام أوصاهُم قائلاً " لا تبرحوا أورشليم حتى تأخُذوا قوّة مِن الأعالىِ " هُم قاعدين فِى إِشتياق00فِى ترقُّب ، منظر الصعود لا يقدِروا أن ينسوه أو يستوعِبوه ، السيّد المسيح كان معهُم فِى بيت عِنيا ثُمّ ذهب إِلى جبل الزيّتون وفِضَل يرجع لِورا يرجع لِورا ثُمّ يِطلع يِطلع فرجعوا فرحانين يُسبّحون الله وقعدوا يتذّكروا كُلَّ كلامهُ ، كُلَّ كلِمة قالها لازم نِفكّر فِيها ألف مرّة ، أكيد كُنّا الأول مُش فاهمين حاجات كتير، أكيد كُنّا بِنتصرّف معاه كقائد مُتميّز أو مُجرّد قائد لنا ، لِذلك لابُد أن نقضىِ هذهِ الأيام فِى إِشتياق وتوقُعّ لِعطيّة الروح إِيه أعظم شىء ربنا أعطاهُ لنا ؟ أعظم شىء هو الروح القُدس ، فإِحنا الخُطاه الدنسين أصبح فينا روح القداسة ، إِحنا الّلى مفيش فينا شىء صالح أخذنا كنز الصالِحات ، أخذنا روح الحياة ، لِذلك لابُد الآن نُفكرّ فِى كُلّ أحداث ربنا يسوع ، كُلّ ما قال لنا نسترجِع مِن جديد وننتظِر هديّة الهدايا الروح القُدس ، أى شىء مُمكِن أن نأخُذهُ عربيّة00فلوس00ده شىء فانىِ فاسِد ، لكن أغلى شىء لا تتوقّع أن تأخُذهُ هو الروح القُدس لابُد أن يكون لنا مُراقبة لإِنفُسنا وإِشتياق وترقُبّ وتوقُعّ للروح القُدس ، وجميل جداً أن نقضىِ ألـ 10 أيام دول فِى هدوء وخُلوة ، وجميل جداً فِى ألـ 10 أيام دول أن يكون فِيها إِنتظار لِموعد الآب هديّة عظيمة جداً جداً تنبّأ عنها أشعياء النبىِ فِى العهد القديم أنّ ربنا لمّا هيسكُب روحه على بنىِ البشر أنّهُ " تصير البرّيّة بُستاناً " ، البرّيّة القفرة تصير بُستاناً ، عطيّةلا يُعبرّ عنها لِذلك مزمور الإِنجيل أنهاردة قال " سبّحىِ الرّبّ يا أورشليم 00سبّحىِ إِلهِك يا صهيون " ، وبعدين لمّا نسبّح ربنا هيحصل إِيه ؟ يقول حتى تهُبّ ريحه وتُسيل المياه ، لمّا الروح القُدس يُعطىِ لنا المياه الّلى هى عمل الله فينا تتدفّق فِى داخلنا أدى الفترة الّلى لازم نقضّيها فِى إِعتكاف ، قال " أُرسل ماء إِلى العِطاش " ، عطيّة الروح القُدس فائقة لأى تخيُلّ بشرى ، لِذلك لمّا يجى فِى الكِتاب المُقدّس يكلّمك عن الدم أو الثياب المزخرفة أو المطرّزة أو ملّونة تكون رمز للروح القُدس ، أصل زمان مكنش أحد يلبِس هذهِ الأشياء إِلاّ الملوك ، فيقول ربنا أنا هاميّزكُم 00أنا هالبّسكُم الثياب المزخرفة " فألبسنىِ المُطرّزة " فاكر القميص المُلّون بِتاع يوسف ، أنا هأجعلكُم كيوسف ، هاميّزكُم عن باقى البشر ، إِيه الثياب المُلّونة ؟ دى عطايا الروح القُدس محبّة فرح سلام طول أناة لُطف صلاح إِيمان وداعة تعفّفُ ، كُلّ حاجة فِى دول تثبت فيك يابختك فاكر لمّا إِبراهيم بعت أليعازر الدمشقىِ وقاله شوف لى واحدة زوجة لإسحق تكون مِن جنسى ، فأخذ أليعازر 10 جِمال وحمّلها بِكُل خيرات أبونا إبراهيم ولمّا لقى رفقة لبّسها أقراط ذهب كميّة كبيرة فِى العُنُق والأنف والأُذُن والرجلين ، النِفَس الّلى يحب ربنا يخطُبها له يفيض عليها بِمواهب روحه فِى صورة أعمال صالحة جداً ، دى عطيّة الروح القُدس الّلى إحنا منتظرنها ، لِذلك الّذى يُدرك عطيّة الروح القُدس يكون عايش بِلا هم وفرحان فِى العهد القديم يقول الكِتاب " روح الرّبّ كان يرف على وجه المياه " ، ولمّا كان يفتقد أحد يفتقد الناس المُميّزين جداً مِثل الأنبياء لِيقودهُم لِيتكلّموا ، ولكِن الآن الروح القُدس أصبح سكن داخليّة مش مِن برّايّا ، لا ده جوايّا ، بأه مسئول عن قداستى ، بأه هو الّلى يرشد وينظّف ويعزّى تعالى شوف نفِسَك لمّا تعمل خطيّة كأنّك بِتُجلد ، روح ربنا يشتغل ، الّلى عنده مكنسة فِى البيت مُهمتها تنظّف وتكنس ، أهو روح ربنا كده ، لِذلك الّذى يخضع لِتوبيخات وتأديبات الروح يصير قديس إِيه سر قداسة القديسين ! إِنّهُم خضعوا للروح ، فإِيه مُشكلة الإِنسان ؟ إِنه يكون بعيد عن ربنا أو عايش فِى مسرّة فِى الخطايا ، أنّ الروح جوّاه يكلمهُ وهو مش سامعه ، الروح القُدس كان فِى القديسين يِشكّلهُم وهُم يخضعوا ويتجاوبوا ، خِتم يتختم على الإِنسان لِذلك فِى سير القديسين حاجات تفوق الخيال ، واحد زانىِ وسارق هل يقدر يبأه قديس ؟ الروح القُدس يقدر زى القديس موسى الأسود مش بِشطارته بأه قديس لكنّهُ خضع للروح القُدس ، مش مُمكن واحد يبيع كُلّ أملاكه أو يسهر الليل بِدون الروح لكِن بِنعمة ربنا أنا محتاج أشعُر بهِ جوايا فِعلاً أتكلّم معاه أقول لهُ " قلباً نقياً إِخلق فىّ يا الله وروحاً مُستقيماً جدّدهُ فِى أحشائىِ " ، روحك يارب إِجعلهُ بإِستمرار مُتجدّد ، أنا قد تمسكنت جداً أنا ضِعفت جداً ، أنا الخطيّة بأت ساكنة جوّايا ، ياما إِحنا نحجِب روح ربنا ولا نخضع لروح ربنا ، ياما أقول حاضر هأخضع ولكِن 000فأول ما أقول ولكِن الروح يتراجع على طول لِذلك الروح يُعطىِ بِلا حدود ولا حساب ولا نهاية ، " فلنا هذا الكنز فِى أوانىِ خزفيّة " ، أنا إِناء تُراب وخزف لكِن جوّايا كنز ولكِن الكنز مش باين ، شكلِنا مِن برّه أوانىِ خزفيّة وجوانا كنز ، إِوعى تعيش كإِناء خزف ولا تُدرك الكنز الّلى جوّاك ، لو أدركت روح ربنا الّلى جوّايا كلامىِ هيختلِف وتطلُّعاتىِ هتختلِف وموقفىِ مِن أمور كثيرة جداً هيختلِف لِذلك الروح القُدس هو سر قداسة القديسين وسر الإِرشاد وسر أنّ الكنيسة مليانة تقّوى وشُهداء ورُهبان ومُتوحدين ، الروح القُدس هو الّلى عمل كُلّ ده ، لِذلك لمّا قال السيّد المسيح " خير لكُم أن أنطلق " ، ليه ؟ أصل لمّا أنا هاسيبكُم هأُرسل لكُم الروح القُدس ، لِذلك كُنّا نتوقّع لمّا المسيح فارقهُم فِى الصعود أن يحزنوا ويكتئِبوا ولكنّهُم رِجعوا فرِحين ، أصلهُم عارفين أنّهُ جالهُم مِن السماء وصعِد إِلى السماء ، مش مُمكِن هيترُكنا ، لا ده إِحنا هنعيش هنموت مِن أجله خلّى بالك زمان لمّا إِيليّا صعد إِليشع بكى ، لكن هُنا لمّا صعد السيّد المسيح التلاميذ رجعوا فرِحين ، إِليشع بكى وقال لهُ ياأبىِ ياأبىِ إِزاى هتسبنىِ ده أنا ضعيف جداً مِن غيرك ، فأعطى لهُ روحين مِن روحه ، نِفَس الّلىِ حصل ، وإِيليّا علشان يسِند إِليشع عمل إِيه ؟ راح رمى الرداء بِتاعه ، ليه ؟ الرداء بِتاعه ده إِشارة للروح القُدس ، الثياب علامة الروح ، أهو ربنا يسوع لمّا صعد للسماء رمى عليهُم رِداءه ، إِيه هو رِداءه ده ؟ خلاّهُم لابسين روحه مش مُجرّد رِداء ، خلاّنا متوشّحين بالروح 0 وأنا المفروض إِنّى أعمل 3 أشياء :- لا أُطفأهُ " لا تُطفئوا الروح " لا أُحزنهُ " لا تُحزنوا الروح " أسلُك بِمُقتضاه لا أُطفأهُ :- ميُبأش روح ربنا عمّال يحفّزك ويقول يالاصلّىِ 00يالا صوم00يالا حِب ، منين ماروح ربنا يحفّزك يالا طير ، أد إيه الإِنسان ربنا يحفّزه لِطاعة وصيّة ويُطفأ الروح ، نار الروح عايزه تُلهبنا وتخلينا لهيب نار جوّانا ، عايز يلهب قلوب ولاده بالمحبة بالصلاح ، تخيّل بأه أنا لمّا أبرّد حرارته كم مرّة الحرارة جات لى والنار جات لى وأنا أطفأته بيدىِ قال السيّد المسيح " أنا جئتُ لأُلقىِ ناراً على الأرض " ، نار روحه القُدّوس ، عايز يُعطينا فيض مِن نار روحه فِى العِبادة والصلوات ، لكِن الإِنسان لمّا يبأه بارد يحس أنّهُ واقف فِى الصلاة وقفة ثقيلة 0 2- لا أُحزنهُ :- فِى واحد أصعب مِن الّلى بِيطفأ الروح لمّا الإِنسان يُصمّم على الخطيّة ، لمّا أعيش فِى دنس ، كده إِحزان لروح ربنا ، يخلّىِ الروح يحزن جوّايا ، لمّا الإِنسان يكون ساعىِ للخطايا وميّال للشرور تخيّل لمّا ربنا يشترينىِ بدمهُ الغالىِ وأعيش لِغيره ، تخيّل لمّا روح ربنا جوّايا إِسمه روح الحق وأنا حابب إِنّىِ أعيش بالفهلوة والكِذب والغِش ، ده يُحزن جوّايا الروح 0 3- أسلُك بالروح :- طاوع روح ربنا ، يعنىِ خلّى حياتك بِحسب إِرادة الله ، مُنقاد بأمره ، تشعُر إِنّهُ يسكُن جوّاك يملاك سلام وتعزيّات وأفراح وسرور أدى الإِنسان الّلى بِيسلُك بالروح ، لِذلك يُعطيك روح بِنّوة ، لِذلك لابُد أن نسلُك بِحسب بُرهان الروح ياريت يسوع الّلى صعد للسماء لا يُفارق خيالنا ، أُقعُد فِى هذهِ الأيام فترة إِعتكاف فِى إِنتظار وترقُبّ ، هو جاى يُثبّتك ، جاى يستخدِم ضعفك ، جاى يُغيّرِك ، هو حوّل تلاميذهُ الّلى شك منهُم والّلى أنكر حوّلهُم لِجبابرة ربنا يُكملّ نقائصنا ويسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ لإِلهنا المجد الدائم مِن الآن وإِلى الأبد آمين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد
12 يونيو 2021

عيد العنصرة

وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل "ينتظروا موعد الآب". أعمال 4:1 يوم العنصرة وهو الخمسين من يوم القيامة التي للسيد هو يوم ميلاد الكنيسة الحقيقي فقد صعد الرب بعد قيامته بأربعين يوما وترك تلاميذه مذعورين خائفين مختبئين خلف الأبواب المغلقة خوفا من اليهود.لم يكن لهم عمل سوى الصلاة بنفس واحدة تؤيدهم أم الرب وأمنا العذراء وربما كانوا يتفكرون في قلوبهم بمعنى كلام الرب بل "ينتظروا موعد الآب". أعمال 4:1 ربما لم يتذكروا في تلك الأيام أين هو وعد الآب وربما تذكروا بعد ذلك ما ورد في سفر يوئيل النبي الآية التالية: "ويكون في آخر الأيام أني أسكب من روحي على كل أحد فيتنبأ بنوكم ويرى بنوكم وبناتكم أحلاماً" يوئيل 2 :28 لكنهم فوجئوا (بعبارة على كل أحد) فهم يعلمون أن الروح القدس يحل على أناس معينين الأنبياء والمرسلين فيتنبأ النبي ثم يفارقه ذلك الروح أي يحل بشكل مؤقت ليبلغ النبي الرسالة ثم يفارقه الروح القدس.لكن ان يحل على كل أحد أي على كل بشر فهذا أمر مستغرب لم يألفه الشعب ولا حتى الرسل.لكنهم كانوا يواظبون على الصلاة بنفس واحدة هم وأمهم مريم العذراء.لكن تحقق الوعد بعد عشرة أيام من صعود الرب هبت ريح عاصفة ملأت البيت الذي كانوا فيه وظهرت الألسن النارية واستقرت على كل واحد منهم فقد حل الروح القدس روح الله بشكل ريح ونار فالريح طردت من نفوسهم الجبن والخوف والنار ملأتهم قوة عظيمة لبدء الكرازة بعهد النعمة والبشرى بالخلاص وبدئوا ينطقون بلغات العالم المختلفة ليوصلوا البشارة لكل العالم والمعجزة كانت أن كل واحد يتحدث بلغته الأصلية لكن السامعون يسمع كل واحد بحسب لغته.ومن قوة العظة الأولى بعد هذا الملء المقدس آمن ثلاثة آلاف من السامعين وزال الخوف حتى لو وصل الأمر إلى حبسهم وقتلهم لا يهم المهم أن تصل البشارة للعالم كله فيكون ثمن فقدان الحياة يسيرا مقارنة بانتشار البشارة إلى أقصى الأرض. من أسماء الروح القدس الباراكليتوس وتعني المعزي والمؤيد والمدافع والشفيع والمحامي. كثيرون اعتقدوا في الباراكليتوس شخص يأتي بعد المسيح. لنرى النص يوحنا 14: أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر يمكث معكم إلى الأبد روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يدركه لكنكم تعرفونه ويحل فيكم إذن هو ليس شخصاً. عمل الروح القدس في الكنيسة 1. إنه يعزي المؤمنين لعدم مشاهدتهم الرب بالجسد. 2. يتكلم فيهم. 3. يوحي بالكتاب: "لأنه لم يأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين بالروح القدس . 2 بطرس 21:2". لو كتب الرسل الإنجيل لكان كتاباً بشرياً . الروح تكلم فيهم فهو من الله. + حلّ الروح القدس هنا على التلاميذ علناً بعكس نفخة الروح القدس التي أخذوها في العلية والأبواب مغلقة. وذلك لسببين: 1. أعلن الرب تأييده للرسل علناً أمام الناس، إنهم مرسلون من عنده حقيقة لاصطياد الناس. 2. أعلن شرعيتهم ككنيسة. الروح القدس والأسرار حل الروح القدس على الرسل ككنيسة وهو باق فيها ومتدفق جريانه وكما يقول داود في المزمور 4:46 نهر سواقيه تفرح مدينة الله. فالنهر هو الروح القدس، والسواقي هي الأسرار، فلا حلول للروح القدس خارج الأسرار. 1. في سر المعمودية: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله. يوحنا 3:3. رسم الرب هذا السر هو ولادة جديدة بل هو تجديد الطبيعة البشرية كلها. والروح القدس يعمل خلال هذا السر. 2. في سر المسحة المقدسة: الذي فيه أيضاً إذا آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس الذي هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى لمدح مجده. أفسس 14:1. + في العهد القديم كانت المسحة من أهم طقوس التكريس، ولدهن المسحة طريقة خاصة للإعداد خروج 3 : 23 – 33. + يمسح به الملوك والكهنة والأنبياء وكان إشارة لمسحة الروح القدس التي ننالها في الميرون. + بها تتقدس النفس، ويهبها الروح القدس إمكانية القداسة، (المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح). يوحنا 6:3 3. في سر الاعتراف والتوبة : الروح يعين ضعفاتنا والروح نفسه يشفع فينا. رومية 26:8 + الروح القدس يحل فينا ليقودنا إلى التوبة. يشجعنا ويبكتنا على خطايانا لنقدم توبة عنها. وعندما نعترف بخطايانا يمنحنا الغفران. 4. في سر الشكر (الإفخارستيا: يستدع الكاهن الروح القدس على الخبز والخمر فيتحولان إلى جسد ودم الرب، إذ يحل على الأسرار وعلى الكاهن والشعب ليصيروا أهلاً لاقتبال السر). ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: لا ذبيحة بدون شعب. 5.في سر الزيت المقدس: يحل ويقدس الزيت ويحل على المريض فيعطيه قوة الشفاء. يعقوب 14:5 6.في سر الزواج: يحل على المتقدمين للزواج فيقرنهما متحدين في جسد واحد. أفسس 31:5 7.في سر الكهنوت: وهو تاج الأسرار، يحل الروح القدس على المتقدم للكهنوت، ليتمم الأسرار ويقدس نفسه والشعب. الروح القدس وعمله فينا + الفرق بين حلول الروح القدس في العهد القديم والجديد، أنه في العهد القديم كان يحل على الأشخاص ويفارقهم عند انتهاء العمل أو النبوة. + في العنصرة حلّ الروح على الجميع، وأصبح له صورة جديدة، وعطية متميزة، حلّ في الكنيسة ولن يفارقها، لذا وجب علينا المحافظة على حلول الروح فينا محافظة تامة. كيف؟ ذكر الرسول بولس أربع وصايا لننال ثمر الروح: 1.لا تحزنوا الروح. أفسس 20:4 فهو يحزن بسبب خطايانا وشهواتنا. + ويحزن الروح القدس عند الرجوع لأعمال الإنسان وطبيعته القديمة التي جحدناها في المعمودية ومنها الكذب والسرقة والغضب والكلام الرديء والمرارة والسخط والتجديف والخبث، وهي صفات ذكرها الرسول بولس. أفسس 24 : 25 – 31 2.لا تطفئوا الروح. 1 تسالونيكي 19:5 + أي لا تخمدوا نار الروح القدس إنه مشتعل فيكم يرشدكم إلى الحق. يوحنا 13:16 + وهو دائم العمل يشتعل فينير أجسادنا ونعكس منها نور المسيح. 3- اسلكوا بالروح. غلاطية 16:5 + هو أن تلتقي إرادتنا مع إرادة الله. + والسلوك بالروح عكس السلوك بالجسد فسلوك الجسد ذكره الرسول بولس في غلاطية 5 : 19 وهو : زنا عهر نجاسة دعارة، عبادة أوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل سكر. + السلوك بالروح يهيئ مكاناً في داخلنا ليستريح فيه الروح القدس الذي لا يسكن إلا في القديسين. + الحمامة في سفينة نوح لم تجد لها مكاناً بين جثث الموتى المنتنة فعادت إلى الفلك، وهي ترمز للروح القدس. + والروح له أعمال ظاهرة: فهو يعلم ويرشد ويعزي. ولا ننسى أن أجسادنا هي هياكل للروح القدس. امتلئوا بالروح. أفسس 18:5 + يدعونا للامتلاء من الروح القدس كما امتلأ به التلاميذ في مناسبات عديدة + لقد سكن فينا الروح القدس في المعمودية، لكننا نحتاجه ليتدفق فينا كما احتاج الرسل في مناسبات عديدة: فلكي يشهد بطرس أمام مجمع السنهدريم الذي حكم على المسيح بالصلب، بقيامة المسيح كان يتطلب امتلاءً جديداً. وشرعية اختيار الشمامسة السبعة للخدمة يحتاج للامتلاء من الروح القدس. ومواجهته علم الساحر المضل يحتاج أيضاً للامتلاء + الامتلاء من الروح القدس لا يعني بأي حال من الأحوال نوال المواهب وما يرافق ذلك من التشنجات العاطفية. هو تدفق الطاقة في الكنيسة. + والامتلاء من الروح القدس لا يعني ملء إناء فارغ ، بل هو فيض الروح القدس فينا وتدفق مستمر لا ينقطع، وهو تدفق ماء حي. يوحنا 38:7 + هو النفخ في نار الخمسين في داخلنا فتتأجج وتشتعل حرارة أرواحنا. ثمر الروح + وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف. غلاطية 22:5 خاتمة 1.الروح القدس يجدد طبيعة الإنسان. 2.يبعث الفرح في نفوس الشهداء. 3.ينزع الحزن من العالم. 4.يهب التقوية في الآلام. + لا فضيلة ولا بركة ولا نعمة إلا من كنز الروح القدس الذي يعطي الغنى ويحيي الكنيسة بكل وسائط النعمة.لذلك فلننحن مع الساجدين في وسط الكنيسة ونصرخ: يا رب أغثنا بروحك القدوس لنكون حقاً من الساجدين لك بالروح والحق. آمين
المزيد
11 يونيو 2021

شخصيات الكتاب المقدس جدعون

"الرب معك يا جبار البأس" قض 6: 12 مقدمة ما أوسع الفرق بين نابليون وجدعون، وبين تكتيك المدفعية الثقيلة وتكتيك الجرار الفارغة. كان نابليون في الحرب لا يؤمن بالله، ويقول ساخراً إن الله مع المدفعية الثقيلة، وكان يؤمن بثلاثة عناصر يقوم عليها النجاح في الحرب: عدد الجنود، والتسلح الجيد، وعبقرية القيادة. ومن العجيب أن الثلاثة توفرت له، ومع ذلك هزم هزيمة منكرة، فقد قاد حملته إلى روسيا، وكان تكتيك الروس الانسحاب أمامه وحرق المدن بكاملها حتى لا يجد ملجأ أو طعاماً، وذهب بنصف مليون جندي، وعاد ببضعة آلاف، قد لا تصل إلى الخمسين ألفاً، وعندما سئل عن سر الهزيمة قال: لقد هزمني الچنرال يناير، ويقصد بذلك الشتاء الروسي، وفي آخر معاركه ووترلو، وفي شهادة واحد من كبار العسكريين أنه وفقاً للحساب البشري والتخطيط العسكري، كان أوفر حظاً من ولنجنتون، وعندما سئل: ومن الذي هزمه إذاً؟.. أجاب! الله هزم نابليون رغم عبقريته العسكرية، أو مدفعيته الثقيلة،لم يعرف جدعون العدد الكثير فقد أمره الله ألا يبقى من جيش قوامه اثنان وثلاثون ألفاً وثلاثمائة من الجنود، وألا يحمل معه سيفاً واحداً، وأن يتسلح بثلاثمائة من الجرار الفارغة، وثلاثمائة من الأبواق، وثلاثمائة مصباح، وكان تكتيكه العسكري، أن يضرب الجنود بالأبواق، وأن يكسروا الجرار، وأن يرفعوا المصابيح في أيديهم، وذلك في أول الهزيع الأوسط، عندما كان جنود الأعداء غارقين في النوم العميق قبيل منتصف الليل بقليل،.. وعندما نسأل بعد ذلك، ومن الذي هزم المديانيين إذاً؟ لا نجد سوى الجواب الوحيد: الله هزم المديانيين، ويهزم في كل جيل وعصر الطغاة مهما كان عددهم ومهما كانت أسلحتهم. إن قصة جدعون من أمتع وأصدق القصص التي يجمل أن نضعها أمام أنظارنا، ونحن نخوض حرب الحياة، ومعارك الأيام!!.. جدعون والقوى الداخلية الكامنة فيه هل رأيت جدعون عندما باغته ملاك الرب، وقال له الرب معك يا جبار البأس؟، كان جدعون في ذلك في الحضيض نفسياً، في أسوأ حالة يمكن أن يكون عليها الإنسان، وجهه مملوء بالتراب، وعيناه لا تكادان تقويان على النظر، جلس الملاك أمامه تحت البطمة، وهو عاجز عن رؤياه، والأعجب أن الملاك مع هذا كله يناديه قائلاً: الرب معك يا جبار البأس، وهي في نظره سخرية ما بعدها سخرية، كيف يمكن أن يكون جباراً، وهو الخائف من المديانيين والذي يخبط الحنطة في المعصرة ليهربها من المديانيين، ويكاد يخاف من ظله هو؟.. ولكن الملاك مع ذلك يرى فيه رجلاً جبار بأس، وأن هناك قوى هاجعة في داخله توشك أن تستيقظ، وتوشك أن يكشفها الله له!!.. هل حقاً ما قاله أحدهم: إن الناس أربعة.. رجل يجهل، ويجهل أنه يجهل، ذلك مدع أتركه.. ورجل يجهل ويعلم أنه يجهل، ذلك بسيط علمه،.. ورجل يعلم، ويجهل أنه يعلم ذلك نائم أيقظه،.. ورجل يعلم، ويعلم أنه يعلم، ذلك معلم اتبعه!!.. كان جدعون الجبار النائم الذي جاء الله ليرفع عنه التراب الذي يعفر وجهه، ويخرجه من المعصرة التي اختبأ فيها، ومن الظلام الذي حاول أن يتدثر به!!.. ومن الندم الذي وصل إليه حتى عجز عن أن يدرك جبروته الصحيح! الجبار الصريح وكانت هذه سمة من أفضل سمات الرجل، إنه ذلك الإنسان الصريح الذي لا يخبئ في أعماقه شيئاً يداور به الواقع الذي يعيشه،.. قال له الغريب: الرب معك،.. وكان الجواب: لا يا سيدي، إنني لا أستطيع أن أصدق هذه الحقيقة، وذلك لأن الرب الذي تذكره لي، يختلف تماماً عن الذي حدثنا به آباؤنا: "وإذا كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه؟ وأين عجائبه التي أخبرنا بها آباؤنا، قائلين: ألم يصعدنا الرب من مصر والآن قد رفضنا الرب وجعلنا في كف مديان".. هذا رجل صريح لا يداور الحقيقة التي يلمسها بيديه، وهو يطرحها أمام الغريب الذي يتحدث معه دون سابق معرفة،.. ساوره الشك، وهو من أخلص الناس في شكوكهم، وهو يطرح تجاربه الذهنية دون لف أو دوران أمام ملاك الرب وهو لا يعلم، وما أجمل أن يكون الإنسان صريحاً، شفافاً كالبلور، أمام الله، يعكس الظلال التي تقع عليها دون أن يغطيها أو يداريها، وهذا أعظم وأجدى أمام السيد، من التكلف والتصنع والمداورة،.. فمن الناس من يملأ قلبه التذمر، وهو يدعى الشكر، أو يمتليء بالغيظ وهو يدعي الرضا!!.. جيد عند الرب أن تتحدث بشكوكك ومتاعبك ومخاوفك وضيقك، ولن يضيق الرب بهذا الإحساس ما دمت صادقاً مخلصاً أميناً. إن صفحات الكتاب ممتلئة بهذه الحقيقة من أناس جابهوا الله بما يعتمد في صدرهم بدون مواراة،.. وهل رأيت أجرأ من يقول لله مع موسى محتجاً، وهو يرى أن مقابلته لفرعون، لم تخرج الشعب، بل زادت الطينة بلة، أو زاد الثقل عليهم: "فرجع موسى إلى الرب وقال يا سيد لماذا أسأت إلى هذا الشعب لماذا أرسلتني لأنه منذ دخلت إلى فرعون لأتكلم باسمك أساء إلى هذا الشعب وأنت لم تخلص شعبك"؟؟ وهل وقفت مع إيليا وهو يصرخ لله ويقول: "أيها الرب إلهي أأيضاً إلى الأرملة التي أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك ابنها؟؟".وهل سمعت آساف وهو يكاد يترك الدين: "حقاً قد زكيت قلبي باطلاً وغسلت بالنقاوة يدي وكنت مصاباً اليوم كله وتأدبت كل صباح؟؟" وهل ذكرت أرميا وقد ناله الجهد والتعب، إلى درجة التصميم أن لا يذكر اسم الرب بعد: "فقلت لا أذكره ولا أنطق بعد باسمه فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فمللت من الإمساك ولم أستطع؟؟" وهل أدركت حبقوق وهو يبدأ سفره: "حتى متى يا رب أدعو وأنت لا تسمع، أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص؟؟" وهل تابعت المعمدان وهو يرسل تلميذيه إلى السيد قائلاً: "أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟؟".. هؤلاء جميعاً كانوا على لظى الشكوك، ولكنهم كشفوا أعمال نفوسهم لله، ولم يضق الله بشكهم، إذ كانوا أمناء صادقين دون خداع أو ختال أو رياء!! إن هناك فرقاً بين شك وشك،.. هناك من يشك كجدعون، دون أن تكون له الرغبة في التمسك بالشك أو الإبقاء عليه، على العكس ممن يشك وهو مصر على عدم التحول عن هذا الشك، مهما كانت البراهين واضحة أمامه،.. قيل عن الواعظ العظيم فردريك روبرتسن أنه عاش سنوات متعددة في صراع مع الشك، كان أميناً في بسط هذا الشك أمام الله، ولم تضعف الوساوس خدمته على الإطلاق، حتى انتصر في معركة الشك، وخرج إلى إيمانه العظيم بالله،.. قيل عن اثنين من اسكتلندا كان أحدهما شاباً والآخر عجوزاً: كان الشاب مهما تلونت الظروف معه، يؤمن بأنه يسير إلى جوار الله، وكان يتكلم على الطريق معه، كما يكلم الإنسان صاحبه الذي يتمشى معه، وكان الآخر عجوزاً، مرض وطال مرضه، وكان يضع إلى جواره كرسياً يطلق عليه كرسي الله، وقد رأوه في لحظة الموت، وقد مد يده إلى الكرسي، وعلق أحدهم بالقول هل كان الكرسي خالياً؟!!. كن صريحاً أبلغ الصراحة مع الله، ما دمت مؤمناً يملؤك الإخلاص الذي يعلم الله!!.. الجبار الوديع لم يكن وديعاً فحسب، بل كان رائعاً في وداعته،.. يقول له الملاك: "اذهب بقوتك هذه وخلص إسرائيل من كف مديان ؛ أما أرسلتك؟! فقال له أسألك يا سيدي بماذا أخلص إسرائيل؟ ها عشيرتي هي الذلى في منسى وأنا الأصغر في بيت أبي".. هل وقفت أمام الجبار الذي يقول: "أنا الأصغر؟؟، وهل وقفت أمام سر من أعظم الأسرار في حياة الأبطال الناجحين الذي يرون نفوسهم على حقيقتها ويقولون: "أنا الأصغر؟؟.. هل علمت لماذا ترك بولس اسمه القديم "شاول"، وعرفه العالم باسم بولس الذي يعني "صغير" لأنه أدرك هذه الحقيقة، إنه يبدأ ويعيش وينتهي تحت إحساس الإنسان الصغير، مهما فعل في هذه الدنيا،.. بل هل نعلم بأنه نافس جدعون منافسة قوية في التعبير "الأصغر" فعندما وازن بين نفسه والرسل قال: "وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لي لأني أصغر الرسل، أنا الذي لست أهلاً لأن أدعى رسولاً لأني اضطهدت كنيسة الله"؟؟ على أنه في الموازنة أكثر من ذلك مع القديسين قال: "لي أنا أصغر جميع القديسين أعطيت هذه النعمة أن أبشر بين الأمم بغنى المسيح الذي لا يستقصى" لم يضع بولس مجرد الموازنة مع الرسل ليرى نفسه أصغرهم، بل مع جميع القديسين ليقول أنا الأصغر!! هل الإحساس بالأصغر هو المغالاة في التعبير عند جدعون أو بولس أو من على شاكلتهما من العظماء؟ أو هو الاكتشاف الصحيح الذي ينبغي أن يكتشفه جبابرة الأرض أمام السيد: "الجالس على كرة الأرض وسكانها كالجندب الذي ينشر السموات كسرادق ويبسطها كخيمة للسكن الذي يجعل العظماء لا شيئاً ويصير قضاة الأرض كالباطل".. وهل يزيد الإنسان أمام الله مهما كانت عظمته عن الجندب أو الجراد؟؟ وما الفرق بين جرادة وجرادة؟؟ لو أنك رأيت نملاً يندفع في خط طويل أمامك، ما الفرق بين نملة وأخرى؟؟ إذا رأيت عشباً هنا أو عشباً هناك، ما الفرق بين هذا وذاك؟؟ والإنسان عشب: "كل جسد عشب وكل جماله كزهر الحقل يبس العشب ذبل الزهر لأن نفخة الرب هبت عليه حقاً الشعب عشب يبس الشعب ذبل الزهر وأما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد".. عندما اعتلت الملكة ولهلمينا عرش هولندا، علمتها أمها دائماً أن تكون متواضعة صغيرة،.. ذات مرة طرقت غرفة أمها، وعندما صاحت الأم: من بالخارج؟؟ جاء الجواب: ملكة هولندا.. أريد الدخول،.. ولم يكن من مجيب!!.. وعادت الابنة تطرق.. وكان السؤال من بالخارج؟.. وجاء الجواب: ولهلمينا هولندا؟!!.. ولم يكن من مجيب، ثم طرقت الابنة مرة ثالثة: وإذا بالسؤال: من بالخارج؟.. وكان الجواب ابنتك الصغيرة وعندئذ قالت الأم: ادخلي!!.كان لورد كلفن من أعظم علماء علم الأحياء، وكانوا يسألونه عما فعل وأنجز.. فيأتي الجواب: لا شيء وحياتي فاشلة!!.. وعندما انتصر إبراهام لنكولن على منافسه، وأصبح رئيساً للولايات المتحدة.. قال: في الحقيقة أنا لا أصلح أن أكون رئيس الولايات المتحدة.. وطالما سمع الناس أينشتين العظيم يقول: إن سر ما وصل إليه يرجع إلى العديد من تلاميذه المجهولين غير المعروفين!!.. لقد بلغ جدعون السر الذي قال عنه المسيح لتلاميذه بعد قرون طويلة، وهو يقيم ولداً صغيراً في الوسط، إذ رآهم يتشاجرون عمن يكون الأعظم،.. وقال: "لأن الأصغر فيكم جميعاً هو يكون عظيماً".. الجبار المناضل عندما جاءه الملاك، لم يجده مسترخياً في مكانه، أو نائماً في سريره بل جاءه في الوقت الذي كان فيه يخبط الحنطة، ويبدو أنها كانت كمية قليلة لا تحتاج إلى نورج، أو أنه لا يجد النورج بسهولة، فهو يقوم بالعمل مهما كلفه من جهد وتعب، كان الرجل بطبيعته مناضلاً متحركاً، وهو لهذا من النوع المحبوب لدى الله،.. إن الله لا يهتم بنوع العمل الذي تقوم به، ومقدار ما فيه من عظمة وجلال ومجد، بل يهمه أولاً وأخيراً أن تقوم بالعمل بأمانة وجد وإخلاص، مهما بدا العمل صغيراً أو حقيراً.. عندما طلب الله موسى، طلبه وهو يرعى أغنام حميه في مديان، وعندما طلبه داود كان داود وراء الأغنام في بيت لحم، وعندما وجد جدعون وجده وهو يخبط الحنطة،.. قم بعملك مهما كان صغيراً، ولا تنتظر مؤجلاً العمل حتى تصل إلى ظروف أسمى وأفضل، إن الله يأتي إليك حتى ولو كنت وراء قليل من الحنطة، تعمل في معصرة دون أن ينتبه إليك أحد. قيل عن رجل حكم عليه بالسجن مدى الحياة، وكان الرجل يهوى الموسيقى ولم يقل الرجل أن لا أمل في الخروج، بل كان في السجن يلحن ويدرس الموسيقى حتى أصبح من أعظم رجال الموسيقى في عصره، وخرج من السجن بالعفو ليجد نفسه يسمع الدنيا بأكملها موسيقاه،.. قد تكون سجين ظروف قاسية في سجن الفقر، أو الاضطهاد، أو المرض، أو التعب، أو العزلة، اعمل دون أن تستهين يوماً بالأمور الصغيرة، فإن أعظم أعمال الدنيا جاءت من أناس بدئوا صغاراً وعملوا!!.. جدعون والخطية المانعة كان السؤال الذي وضعه جدعون أمام الملاك: هل تغير الله؟. ولماذا لا تظهر عجائبه التي سمعها من آبائه وأجداده؟؟ وكان عليه أن يعلم أن الله ليس عنده تغيير أو ظل دوران،.. وأن البشر هم الذين يتغيرون، ويكفي أن يلقى جدعون أقرب نظرة إليه، في بيته وعند أبيه ليرى كم كان التغيير مخيفاً ومؤلماً وبشعاً،.. لقد تفشت الوثنية في الشعب إلى درجة أن أباه أقام مذبحاً للبعل، ويعتقد البعض أن هذا المذبح كان لأبيه خاصة، ويرى آخرون بأنه كان لأبيه وللمدينة كلها، وما من شك بأن الله ضاق بهذا التحول عنه، وسلم الشعب للأعداء، وكان لا يمكن أن ينقذهم قبل أن يطهرهم من الفساد الذي وصلوا إليه، وهذا التطهير له الجانب السلبي في هدم مذبح البعل، والجانب الإيجابي في بناء مذبح الرب على رأس الحصن ليبقى مرتفعاً ومنظوراً من الجميع، وهناك تساؤل: هل قدم جدعون العجلين ذبيحة أو العجل الواحد؟؟ وأغلب الظن أنه قدم عن نفسه عجل أبيه، لكن الأهم كان العجل ابن السبع سنين، وهي سنو الفساد والاستعباد التي أدخلها المديانيون إلى حياتهم، وكانت الذبيحة هنا إشارة لهدم كل رابطة تربطهم بالوثنية السوداء التي عاشوا فيها!! عندما دخلت الخطية حياة الشعب دخل الخراب، فقد استولى المديانيون على كل شيء، وكانوا أشبه بالجراد الذي يأكل كل شيء ولا يترك وراءه إلا أرضاً جرداء بدون ثمر أو طعام. ودخل الحزن، وكثرت الضحايا، وسقط الشباب كالأعواد الزاهرة الذاوية، وقتل ذبح وصلمناع سبعين رجلاً هم إخوة جدعون الأشقاء، ودخل الفزع ليصنع فعله القاسي في حياة الناس، إذ لم يعد هناك أمان أو اطمئنان. وعندما جاء الملاك كان جدعون يخبط حنطته في خوف ورعب ليهرب بها من المديانيين.. وكان على جدعون قبل أن يحتج أو يصنع شيئاً أن يقول ما قاله إرميا في مراثيه فيما بعد: "لماذا يشتكي الإنسان الحي الرجل من قصاص خطاياه لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب"..!! جدعون والإيمان المسترد كان العنصر الأساسي في حياة جدعون أن يتخلص من كل شك، وبعد أن يطهر نفسه والشعب يسترد إيمانه العظيم بالله، الإيمان الذي صنع العجائب العظيمة مع آبائه، ويمكن أن يصنعها أيضاً معه،.. وقبل الله ذبيحته الأولى، وقبل أن يعطيه البرهان في الجزة مرتين، مرة تمتليء بالطل والأرض جافة، والثانية عندما تجف والأرض كلها ممتلئة بالطل،.. وزاد الله بأن أسمعه حلم المدياني الذي تحدث عن رغيف الخبز من الشعير الذي قلب خيمته، والذي فسره الآخر بأنه سيف جدعون بن يوآش رجل إسرائيل كان بسكال الفيلسوف معجباً إلى الحد الكبير بجدعون بن يوآش، وهو صاحب ذلك الخيال الطريف، والذي ذكر فيه أن أم جدعون أخذت جزة ابنها، وصنعت منها صديرياً يلبسه على صدره كل حين، ويذكره على الدوام بإيمانه بالله، كلما تعرض هذا الإيمان لهزة من الهزات، وسار جدعون بإيمانه ليدخل ركب التاريخ وصفوف الأبطال، ويكتب اسمه في الرسالة إلى العبرانيين قبل أن يعوز الوقت الكاتب الذي جعله يمر بالكثيرين دون أن يذكر أسماءهم وأفعالهم العظيمة!! كان الفرق بين إيمان جدعون الأول وإيمانه الثاني: إن الإيمان الأول كان إيماناً إخبارياً نقل إليه من الكثيرين عما فعل الرب مع آبائه وأجداده في القديم، أما الإيمان الثاني، فهو الإيمان الاختباري الذي فيه تلاقى مباشرة مع الله واختبره، وهناك فرق عظيم، بين مجرد السمع، وبين الاختبار الفعلي، وبين أثر هذا وذاك في حياة الناس، ويكفي أن نرى الفرق بين إيمان أهل سوخار بسبب ما قالت المرأة السامرية لهم، وإيمانهم المباشر بعد لقاء المسيح المبارك معهم: "فأمن به من تلك المدينة كثيرون من السامريين بسبب كلام المرأة التي تشهد أنه قال لي كل ما فعلت، فلما جاء إليه السامريون سألوه أن يمكث عندهم فمكث هناك يومين فآمن به أكثر جداً بسبب كلامه وقالوا للمرأة إننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم. جدعون والمعركة الناجحة ومع أن معركة جدعون كانت من أغرب المعارك التاريخية على وجه الأرض، إلا أنه يمكن أن نلاحظ عليها ما يلي:- استراتيچية القائد الأعلى كان على الجنود أن يصرخوا "سيف للرب ولجدعون".. ولئن كان جدعون هو الأداة البشرية فإن الله هو القائد الأعلى، وهذا القائد لا يسير بمنطق الناس أو حكمتهم أو فهمهم البشري، بل إنه على العكس يقلب كل شيء ويجعله مضاداً للفكر البشري، والسر في ذلك كما قال هو: "لئلا يفتخر على إسرائيل قائلاً يدي خلصتني". ومن ثم فقد تقدم للحرب اثنان وثلاثون ألفاً، فوصل بهم الله إلى ثلاثمائة جندي، وحتى يقطع الطريق تماماً على كل ادعاء بشري، جرد الثلاثمائة جندي من كل سلاح يستخدم في المعارك ومن العجيب أن هذه استراتيچيته الثابتة في كل معارك الحياة، كلما أراد أن يصنع المعجزات، ويغير التاريخ، ويكفي أن نرى في كل العصور: "فانظروا دعوتكم أيها الإخوة أن ليس كثيرون حكماء حسب الجسد ليس كثيرون أقوياء ليس كثيرون شرفاء بل اختار الله جهال العالم ليخزى الحكماء، وأختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء، واختار الله أدنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه".. وهو إلى جانب هذا يرفض الأسلحة البشرية التقليدية،.. هل قرأت ذلك الخيال الطريف الذي تصوره أحدهم، إن المسيح في عودته إلى السماء، استقبلته الملائكة، وقال لقد أتممت الرسالة وتركتها وديعة في يد الذين سينشرونها في الأرض؟؟ وسأل الملائكة: هل هم فلاسفة الأرض، وقال المسيح: كلا.. هل هم أغنياء الأرض.. وأجاب: كلا.. هل هم مجموعة من الجيوش الزاحفة في الأرض.. وقال المسيح: إنهم جماعة من الصيادين الفقراء الذين لا يملكون شيئاً، وإنما يحملون اسمي معهم في كل مكان!!.. أن أنظار الأصدقاء والأعداء تتجه في معركة جدعون إلى الله وإلى الله وحده!!.. استراتيچية الجندي الناجح عندما صرخ الجنود، كانت صرختهم: "سيف للرب ولجدعون" ومع أن جدعون يستوي والعدم بالنسبة للمعركة، لكن وجوده ووجود جنوده أمر أساسي وجوهري في النصر، وبكل إجلال واحترام لله، نقول: إنه لا يصنع شيئاً في الأرض إلا إذا استخدم الأداة البشرية، لكن السؤال يأتي: من هم الذين يستخدمهم الله؟؟.. إن الله هنا يهتم بالنوع أكثر من العدد، لقد أعاد من المعركة الخائفين الذين ليس لهم قوة الإيمان وجسارته، وأدخل البقية الأخرى في الامتحان عند شرب الماء فالذي جثا على ركبتيه للشرب كان في جانب، والذي ولغ بيده كما يلغ الكلب كان في جانب آخر، وكان العدد الأخير ثلاثمائة، هم الذي دخلوا المعركة، أما الآخرون فسرحوا، ويعتقد كثيرون أنهم سرحوا لأن الانبطاح على الوجه، كان عادة الذين تعودوا الانبطاح أمام البعل في العادة، وهؤلاء مرفوضون أي لأنهم كانوا في السهل، وأعداؤهم كانوا في أعلى الجبل ويسهل أن يهاجموهم وهم على هذا الوضع، ولا يجوز لإنسان أن يدخل المعركة، ثم ينبطح على وجهه، أو لأنهم يريدون أن يشربوا ملء بطونهم، وليس لهم حركة الآخرين، وتأهبهم، الذين يرون فقط ظمأهم وهم مثل آبائهم الذين خرجوا من مصر وأحقاؤهم مشدودة، والأحذية في أرجلهم، لأنهم على استعداد للحركة السريعة!!.. أياً كان الفكر، فمما لا شك فيه أن "النوع" في الثلاثمائة هو الأفضل والأنشط والأكثر استعداداً وتأهباً للقتال!!من طريف ما يذكر أن أحد رجال الله قال لزميله الذي سأله عن الأحوال وأجاب الآخر: رائعة إذ أن الكنيسة في نهضة عظيمة، لقد شطبنا من عضويتها خمسين عضواً،.. وكانت هذه حقاً نهضة عظيمة، إذ أن الله يسر بالنوع أكثر من الكم، والثلاثمائة بغيرتهم وحركتهم وجسارتهم أفضل من ثلاثين ألفا أو يزيد من الخائفين أو الكسلة، أو المترددين أو المنبطحين على وجوههم!!.. استراتيچية الوسيلة البارعة باغت جدعون الأعداء عندما تثقل نومهم في أول الهزيع الأوسط الذي يبدأ حسب النظام اليهودي من الساعة العاشرة إلى الثانية صباحاً، وطوقهم من ثلاث جهات، وهم يستيقظون على فرقعة الجرار المكسورة والأنوار المرتفعة، والأبواق الضاربة، فلا يعتقدون أن المهاجمين هم ثلاثمائة جندي بغير سلاح، بل هم جيوش جرارة تطوقهم من ثلاث جهات، وفي الفزع والرعب لا يعرف العدو من الصديق، وإذا بهم كل واحد يقتل جاره، لم يقاتل جدعون أجساد أعدائه، بل قاتل أذهانهم، وساعد بعضهم على إهلاك بعض!! وفي المعارك الروحية، نحن لسنا إلا جراراً فارغة يستخدمها الله أفضل استخدام، رغم تصدعها وضعفها، ولا قدرة لنا إلا أن نرفع أمام العالم الغارق في الظلام مشاعل النور والحق والخير والسلام،.. وليس لنا من سلاح إلا كلمة الله نبوق بها للناس، فإذا بعالم الخطية والفساد والشر يسقط تحت أقدامنا أسرع من البرق!! ترى هل نستطيع أن نستعيد الوسيلة القديمة البارعة، فلا نرى نفوسنا في معارك الحياة، سوى جرار فارغة تحمل مشعل النور العظيم للعالم، وبوق الكلمة الإلهية كصوت صارخ في البرية؟!! جدعون والتجربة الزاحفة وهذا آخر ما تنتهي به في قصة الرجل، لقد واجهته التجربة في قمة انتصاره فرفضها عندما طلب منه أن يكون ملكاً على الشعب، زمجرت التجربة في وجهه، ولكنه أبى أن يأخذ مكان الله وقال: "لا أتسلط أنا عليكم ولا يتسلط ابني، الرب يتسلط عليكم".. وتركه الشيطان إلى حين، ليداوره مرة أخرى، ولكن بأسلوب آخر لا كملك بل ككاهن، فصنع أفوداً وابتعد عن شيلوه، وكان ذلك فخاً له ولبيته ولشعب الله،.. إن جدعون يذكرنا على الدوام، بأنه لا يوجد فينا إنسان محصن ضد التجربة وأنه في الصغر والصبا والشباب والشيخوخة، نحن في حاجة إلى أن نصرخ: "اختبرني يا الله واعرف قلبي، امتحني واعرف أفكاري وانظر إن كان في طريق باطل واهدني طريقاً أبدياً"هل صرخ جدعون هذه الصرخة أو مثلها؟؟.. وهل تاب عنها؟؟.. نحن نشكر الله الذي لم يحرمنا من الرجاء فيه أو في شمشون من بعده، عندما نقرأ الكلمات الإلهية ونراه من أبطال الإيمان في الرسالة إلى العبرانيين القائلة: "وماذا أقول أيضاً لأنه يعوزني الوقت إن أخبرت عن جدعون وباراق وشمشمون ويفتاح وداود وصموئيل والأنبياء!!..".. شكراً لأجل النعمة التي أنقذت جدعون.. وأنقذت شمشون أيضاً!!..
المزيد
10 يونيو 2021

عظة على عيد الصعود

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد يا مَن صعد إلى السماء جسدانياً، وهو يملأ الكل بلاهوته، أيها المسيح إلهنا، أَصْعِد هِمَمنا من تنازُل الأرضيات إلى اشتياق السمائيات. يا مَن شرَّف جنس البشر بارتفاع الجسد المأخوذ منهم إلى حيث مجد لاهوته الأزلي، أيها السيد، ارفع عقولنا من تنازُل رذائل هذا العالم إلى ارتقاء ذلك الدهر المستأنف (الآتي).يا مَن عظَّم الإنسان الترابي وجعله أهلاً أن يصير سمائياً، اقبلنا إليك أيها الرب الإله الذي يعلو الكل وهو فوق كل رئاسة وسلطان. وهَب لي أنا - أيها القدوس - قولاً لأتكلَّم على كرامة صعودك إلى (الموضع) الذي لم تَزَل فيه أزلياً.يا مَن وهب للأرضيين أن يبلغوا رتبة السمائيين، أعطني نطقاً يا عمانوئيل إلهنا، الذي أعطى قوةً للجسدانيين أن يصيروا روحانيين، لأنطق على جلالة ارتفاعك العجيب بالجسد إلى السموات التي أنت فيها باللاهوت لم تَزَل.امنحني معرفةً يا مَن وهب فضلاً وخلاصاً وارتفاعاً لجنسنا الذي كان ساقطاً في هاوية الهلاك، وصيَّره فوق ملكوت السماء الباقية، لأُخبر بحُسْن بهائك وأنت صاعد إلى علو سمائك، وأُرتل مع داود المزمِّر وأقول: «صعد الله بالتهليل. الرب بصوت القَرْن. رتلوا لإلهنا، رتلوا لملكنا، لأن الله هو ملك الأرض. رتلوا بفهم لأن الرب هو ملك على كل الشعوب. جلس الله على كرسي مجده» (مز 47: 5-8).أُعلنُ معه أيضاً بدخولك في أبواب المجد الدهرية وأقول: «ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم، ارتفعي أيتها الأبواب الدهرية، ليدخل ملك المجد. من هو ملك المجد؟ رب القوات هو ملك المجد» (مز 24: 9-10).وأُخبر معه أيضاً بالسبي الذي اقتلعه من يد الشيطان بصعود الجسد الذي اتَّحدْتَ به وأَفضْتَ مواهبك على البشر وأقول: «صعد إلى العُلا، وسبى سبياً، وأعطى الناس مواهب» (مز 68: 18). ونسجد لك ونسبح جميعاً معه قائلين: «يا جميع ملوك الأرض سبِّحوا الله، رتلوا للرب الذي صعد إلى سماء السماء في المشارق» (مز 68: 33). ونرسل لك أيضاً معه تسبيحاً جديداً، لأن الأشياء العتيقة قد زالت وكل شيء قد تجدَّد بك أيها المسيح الرب، الذي جدَّد الخليقة بقيامته وأعلى رتبها بصعوده. ونقول جميعاً باتفاق واحد: «سبِّحوا الرب تسبيحاً جديداً، سبحوا الرب (يا) جميع الأرض، باركوا اسمه، بشِّروا يوماً فيوماً بخلاصه. قولوا في الشعوب إن الرب قد ملك» (مز 96: 1-10)، أعني غلبة الشيطان، وأن الجسد قد ظفر بالمُلك الأبدي كما قال لرسله بعد قيامته: «أُعطيتُ كلَّ سلطان في السماء وعلى الأرض» (مت 28: 18). وإن كان السلطان له لم يَزَل، وإنما أعني الجسد الذي أُعطي كرامةً وسلطاناً لم يكن (له) باتحاده باللاهوت وإقامته من بين الأموات. وهكذا تفهَّم في نوع الصعود والجلوس والمُلْك مثل ذلك كقول داود: إن «الرب ملك، سحاب وضباب حوله، بالعدل والحكم أتقن كرسيه» (مز 97: 1-2)، هذا هو المُلك الذي يعنيه جبرائيل الملاك للسيدة مرتمريم البتول قائلاً: «ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لمُلْكه انقضاء» (لو 1: 33).وداود أيضاً يقول: «قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك تحت موطئ قدميك، عصا قوة يُرسل لك من صهيون وتملك في وسط أعدائك إلى الأبد» (مز 110: 1-2). وهذا الموضع فسَّره الرب في الإنجيل. وهكذا اسمه القدوس قد ملك في وسط أعدائه وليس إلى وقت ينقضي بل إلى الأبد بلا انقضاء. وعَنِيَ بأعدائه الشياطين المَرَدَة واليهود الكفرة والذين لم يُذعنوا للإيمان باسمه، كما قال: «أعدائي الذين لم يشاؤوا أن أملك عليهم، ائتوني بهم واذبحوهم قدامي» (لو 19: 27)، أعني انتقامه منهم في استعلانه الثاني.بحقٍّ، أيها الإخوة الأحباء، إن كرامة هذا العيد الشريف جليلةٌ جداً، أعني عيد صعود ربنا يسوع المسيح إلى السماء، لأن فيه كمال التدبير بالتجسُّد العجيب. اليوم صعد الرب إلى السموات بالجسد وهو فيها باللاهوت لم يَزَل. وإنما ذكر نزوله أي أنه تجسَّد وذكر صعوده أنه أصعد الجسد الذي اتحد به إلى فوق كل رئاسة وسلطان. اليوم صعد الرب إلى سماء السموات وخضعت له الملائكة والرؤساء والقوات. اليوم صار (الجسد) الذي كان تحت الكل ساقطاً في التراب والبلوى، فوق الكل في سماء السموات. ولما نظرت البشر إلى الجسد الذي كان ساقطاً في الهاوية، أنه قد علا إلى سماء السموات فوق كل ما يُرى وما لا يُرى، علموا أن الهلاك قد مضى والأشجاب قد ذهب وانقضى، ومجد حرية البنوة قد استنار بربنا يسوع المسيح. لأن كيف تستطيع الأرض الصعود إلى السماء لو لم يتحد بها رب السماء بالتجسُّد العجيب، ويصعد إلى حيث مجده غير المُدْرَك. كيف يقدر الجسدانيون (أن) يصيروا روحانيين، لو لم يتجسد منهم رب الأرواح وإله كل ذي جسد، ويصلح كل شيء كما يليق به. كيف يقدر المسجونون تحت حكم الموت والفناء أن يبلغوا رتبة الذين لم يوجب عليهم حكم الموت، أعني الملائكة، لو لم يخالط طبيعتهم البار غالب الموت ويصعدها فوق الكل، وكل شيء خضع تحت قدميه. لم تصر لنا النعمة بمقدار الزلَّة، بل عظمة نعمة ربنا يسوع المسيح فاقت كل زلَّة وهفوة، وبلغت في العلو حتى نفذت سماء السموات فوق كل الملائكة والرؤساء والقوات.أليشع النبي يعلِّمنا سرَّ صعوده، وذلك أنه مكتوب في أسفار الملوك أن بني الأنبياء أتوا إلى أليشع النبي وسكنوا عنده، فقال لهم يا إخوة ليس في المكان بسعة لنا جميعاً، فاقطعوا لكم خشباً من على شاطئ نهر الأردن واصنعوا لكم محلات لتأووا فيها وتجدوا سكناً جيداً. ولم يكن عندهم سوى فأس واحد. فأخذوه ومضوا يقطعون به، فانقلعت العصاة من الفأس وسقط الحديد في نهر الأردن. وكان الموضع مهبط مياه قوي التيار جداً. فأتوا وأعلموا أليشع النبي بذلك. فأخذ عصا جديدة غير تلك الأولى وأتي إلى الموضع الذي سقط فيه الفأس، وألقى العصا الجديدة في النهر. فنزلت العصا إلى قعر النهر ودخلت في الفأس وأصعدته إلى فوق أعلا النهر. فمد النبي يده وأخذ الفأس (2مل 6: 1-7). وكان هذا مثالاً بروح النبوة على البشرية التي سقطت في بحر العالم ورسبت مثل حديد ثقيل، ولم تقدر (أن) تصعد إلى الشرف الفاضل. فتحنن الرب السماوي واتحد بجسد طاهر لم يُعتَّق بالخطية، بل أخذه من البتول مرتمريم بغير زرع بشر، ثم أصعده بغير مانع كما يليق به، وأعطى لجنسنا القوة على الصعود معقولاً إلى حيث مجده، كما يقول الرسول: «نتمسك بالرجاء الذي وعدنا به، الذي هو بمنزلة المرساة التي تمسك أنفسنا لئلا نزول، وندخل حتى نجاوز حجاب الباب، حيث سبق فدخل بدلنا يسوع («حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا») وصار حبراً دائماً» (عب 6: 18-20). وقال أيضاً: «فلنقترب الآن بوجوه مُسْفرة (مكشوفة) إلى كرسي نعمته لنظفر بالرحمة ونستفيد (ونجد) النعمة ليكون لنا ذلك عوناً في زمان الضيق» (عب 4: 16-17).يعقوب إسرائيل تقدم فأبصر كيفية صعود الرب، حيث أبصر سُلَّماً مرتفعاً من الأرض إلى السماء، وملائكة الله نازلين وصاعدين عليه، والرب فوق أعلا السُّلَّم (تك 28: 12-13). يدل هذا على تدبير الرب الذي أكمله بالجسد البشري، وارتقى من واحدة إلى أخرى كنوع السلم حين التجسد إلى حين الصعود والملائكة خادمون له. في ذلك باشره من حين البشارة إلى حين القيامة والصعود.هَلُمَّ في وسطنا اليوم أيها الإنجيلي القديس لوقا لنأخذ منك سياقة القول على صعود الرب، وكيف كتبتَ الإنجيل بتأييد الروح من ابتداء الجسد وأكملته بالصعود؛ ثم ابتدأت أيضاً بالصعود في كتاب الإبركسيس وجعلته فاتحة القول (أعمال الرسل - الأصحاح الأول)؛ ثم ذكرتَ كيف كان كمال الإنجيل، وجمعت الاثنين في حال الصعود وقلتَ: «قد كتبتُ كتاباً يا ثاوفيلا»، أعني الإنجيل المقدس. قال: «في جميع الأمور التي ابتدأ يسوع في فعلها وتعليمها»، أعني سياسة تدبير الرب وأنه عمل أولاً وعلَّمنا أن نتبع أثره. ولكي ما يظهر بهذا أن كل ما عمله إنما كان لأجل تأديبنا وتعليمنا، وليس حاجة به إلى ذلك، أعطانا بهذا مثالاً أن نعمل ونعلِّم. قال: «حتى اليوم الذي صعد فيه»، أعني أن الصعود الكريم (هو) كمال بُشرى الإنجيل، وفيه انتهى القول في نوع تدبير الله. قال: «إن من بعد ما أوصى رسله الذين اصطفاهم بروح قدسه»، أعني الوصية التي ذكرها في الإنجيل. قال: «أولئك الذين أراهم نفسه أنه حي»، أعني القيامة المقدسة التي هي أربون (أي عربون) قيامتنا. قال: «من بعد ما تألم بآيات كثيرة»، أعني بالآيات شهادات الأنبياء التي تقدمت لأجله، (وهي) تُظهر كيفية علامات آلامه المُحيية مع الآيات التي كانت وقت الصلبوت علانية، من تغيُّر وجه السماء والأرض واضطراب العناصر. قال: «في أربعين يوماً كان يتراءى لهم ويقول على ملكوت الله»، أعني أنه أربعين يوماً بعد القيامة المقدسة يظهر لهم حيناً بعد حين. فحيناً يظهر لهم ليُفرِّح قلوبهم ويُسرُّوا بمشاهدته، وحيناً يختفي بقوة لاهوته عنهم لكي يشتاقوا إليه ويحفظوا ما أوصاهم به ويتذكروه بينهم. وقوله: «يقول على ملكوت الله»، أعني كل تعليمه لأجل ملكوت السموات التي هو صاعد إليها بالجسد وهو باللاهوت حالٌّ فيها.قال: «فلما أكل معهم خبزاً أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم»، وهذه الوصية فقد تقدم ذكرها في الإنجيل، وهي وصيته لهم أن لا يبرحوا من أورشليم حتى يتدرعوا القوة من العلاء (لو 24: 49)، وها هنا أيضاً نبَّه على ذلك. قال: «بل ينتظروا ميعاد الآب». قد تقدم ووعدهم بأن يُرسل إليهم موهبة الروح، وهو والآب واحدٌ في الفعل والقوة، فلهذ ا قال: «ميعاد الآب» لكي يثبت لهم وحدانية اللاهوت بغير تجزُّء ولا افتراق. قال: «ذلك الذي سمعتموه مني»، أعني أنهم سمعوا منه ذلك، وهو والآب واحدٌ، كما قال لليهود، وأيضاً قال لفيلبُّس: «مَن رآني فقد رأى الآب» (يو 14: 9)، قال: «يوحنا عمَّد بالماء وأنتم تُعَمَّدون بالروح القدس». ذكر هاهنا شرف المعمودية التي هم مزمعون أن يقبلوها بحلول الروح القدس عليهم عندما تعطيهم موهبة الكمال، وأن يوحنا شُرِّف بالعماد لكن بالماء، وأنتم تُعمَّدون بعماد الروح، ثم تكونون أئمةً لكل المسكونة في المولد من فوق. قال: «ليس بعد أيام كثيرة»، أعني كمال الخمسين. فلما سألوه عن مُلك بني إسرائيل الجسداني، نزع هذا التشاغل العالمي من عقولهم، ثم عرَّفهم أن الروح إذا أقبل عليهم يملأهم معرفةً ويَعْلَمون كل شيء، وليس هذا فقط بل ويقبلون قوةً فاضلةً حتى يكونوا له شهوداً وليس في مكان واحد، بل قال: «في أورشليم واليهودية والسامرة وإلى أقاصي الأرض».فلما أكمل لهم هذه الأشياء بأسرها وثبَّتهم على انتظار الموعد الذي من السماء، يهبط عليهم ويكون لهم مرشداً ومعزِّياً ومعلِّماً، باركهم حينئذ الربُّ الإله معدن كل البركات وصعد إلى السماء أمام أعينهم وهم ينظرون إليه. ثم قبلته سحابة ليتم المكتوب: «استوى على السحاب ومشى على أجنحة الرياح» (مز 104: 3)، أعني الجو غير المحسوس والرياح غير المضبوطة صعد فيها بقوة لاهوته بغير مانع، كأن لها أجنحةً خادمةً لباريها. وأيضاً مكتوبٌ: «سحابٌ وضبابٌ حوله، بالعدل والحكم أتقن كرسيه» (مز 97: 2). وأيضاً مكتوبٌ: «ركب على الكاروبيم طار، طار على أجنحة الرياح» (مز 18: 10). ذكر أولاً ركوبه على الكاروبيم، ثم ذكر طيرانه على أجنحة الرياح، ليُعلن قوة لاهوته وأنه غير محتاج إلى شيء من البرايا، بل هو أصعد الجسد المتحد به بقوة إلى أعلى المراتب الروحانية فوق كل القوات العقلية.ولما شاهدوا خضعوا جميعاً الملائكة والرؤساء والقوات، أعني كافة الروحانيين الذين فوق السموات. «فأما الرسل فبقوا قياماً متفرِّسين نحوه وهو صاعد وهم متعجبين، فيما هو كذلك إذ وقف بهم رجلان بلباس يلمع أبيض»، أعني ملاكين ظهرا لهم بشبه البشر لكي يقدروا على مخاطبتهم، ولكي ما يعلمونا أن السمائيين قد صاروا واحداً مع الأرضيين بالرب الذي أصعد الجسد المتحد به إلى السماء. لأن (القديس) لوقا جرت عادته (أن) يذكر الملائكة أنها تظهر بشبه أناس، كما ذكر في الإنجيل لأجل الملاكين اللذين بشَّرا النسوة بهذا المثال بعينه. فقالا: «أيها الرجال الجليليون»، يعني أن الرسل من الجليل. قال: «لماذا أنتم قيام تتفرَّسون في السماء»، يعنيان أن هذا ليس أمراً غريباً، صعود الرب إلى السماء. ثم قالا: «هذا يسوع الذي صعد عنكم إلى السماء، هكذا يأتي كما رأيتموه صاعداً إلى السماء»، عَنِيَا يسوع المخلِّص، لأنه سُمِّيَ بهذا الاسم لأجل التجسُّد، فأعلنا لهم كرامة صعوده ثم أثبتا مجيئه في استعلانه الثاني من السماء التي صعد إليها، لأنهم مزمعون أن يأتوا معه كما قال الرب أنه يأتي في مجده مع ملائكته القديسين (مت 16: 27).ثم إن الرسل الأطهار رجعوا إلى أورشليم مسرورين بما شاهدوا من المجد والكرامة ولأجل الموعد الإلهي. فلما دخلوا صعدوا إلى العلِّية المقدسة التي كانوا مجتمعين فيها أولاً مع الرب، وفيها دخل عليهم والأبواب مغلقة، كمثل عبيد يتذكرون المكان الذي كانوا فيه مع سيدهم منتظرين رجاء الموعد وهم فرحين. وقد كانت سيدتنا مريم أيضاً مع نسوة تقيات وأولاد يوسف النجار مواظبين مع الرسل على الصلاة والطلبة، بنفس واحدة، منتظرين جميعاً موعد الروح القدس، وهم مشتاقون لِمَا سمعوه من الرب أن له الغاية في معرفة الكمال، وهو المرشد إلى الحق، وأن به يُعطَوْن قوة علم البُشْرَى في أقطار الأرض كلها.نعظِّم الآن، يا أحبائي، صعود الرب يسوع المسيح، ونُعيِّد له بكل الوقار والإكرام، لأن به شرَّف وأعلا طبيعتنا الأرضية الهالكة وجعلها فاضلة سمائية. كما يقول الرسول: «إن الله الغني برحمته، من أجل كثرة محبته، لمَّا كُنَّا أمواتاً بخطايانا أحيانا بنعمته، وأحيانا وأقامنا وأجلسنا مع يسوع المسيح» (أف 2: 5-6). نسجد ونمجِّد الذي خضعت له الملائكة والرؤساء والقوات. نخرج مع رسله معقولاً خارجاً عن المدينة، الذي هو الخروج عن سيرة العالم الحسي، ثم نصعد إلى الجبل الذي هو ارتقاء العقل من الرذيلة إلى علو الفضيلة، ليباركنا مع خواصه الأطهار الأفاضل. ونسجد له معهم، ثم نرتل مع النبي المزمِّر داود قائلين: «عظِّموا الربَّ إلهنا واسجدوا في جبله المقدس، فإن الربَّ إلهنا قدوس» (مز 99: 9). وأيضاً نقول: «ندخل إلى مظلته ونسجد في موضع قدسه» (مز 132: 7)، ثم بعد ونصعد إلى العلِّية ونمكث منتظرين نحوه، وله مترجِّين، لكي يمنحنا موهبة روح قدسه، ليرشدنا إلى البر والحق؛ إذ الرسول يُعلِّمنا مثل ذلك قائلاً: «إن كنتم مُتُّم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله، واهتموا لِمَا فوق لا لِمَا في الأرض» (كو 3: 1-2). فإذا سمعت بالجلسة عن يمين الله، فلا تظن أنه يمين محسوس، لأن داود يقول: «يمين الرب رفعتني يمين الرب صنعت القوة» (مز 118: 16)، فلا تفتكر في شيء محسوس ولا يمين ضد الشمال، بل يعني باليمين القوة والرِّفْعَة، وأن الجسد الذي كان أسفل الكل صيَّره فوق جالساً يعلو الكل. وبولس يفسر هذا قائلاً: «إنه أجلسه عن يمينه فوق السموات، فوق الرؤساء والملائكة والمُسلَّطين، وفوق كل اسم يُسمَّى وكل شيء أخضع تحت قدميه» (أف 1: 20-22)، أعني باليمين الرِّفْعة والقوة والشرف الذي أُعْطِيَ للجسد المتحد به، لأنه باللاهوت هناك لم يَزَل.فلنرفض عنا الآن دنس العالم ولنطلب الشرف الذي صار إلينا، لئلا نكون نحن السبب في هلاك نفوسنا وحدنا. نحفظ أجسادَنا نقيةً وأرواحنا طاهرةً مرضيةً لأجل الذي اتحد بحبه بالبشرية ورفعها إلى السماء العلوية. نصنع صُلحاً وسلامة مع بعضنا لأجل الذي صعد إلى السموات وصيَّر الأرضيين واحداً مع السمائيين. نرحم أهل الفاقة من أجل الذي رحمنا وأعطانا كل شيء بتوسعة غناه لحاجتنا. نسلك أمامه في سبيل مستقيم لكي يجعلنا مستحقين الارتقاء إلى السبيل العلوية السمائية، التي تقدَّمنا فيها رئيسُ الحياة الأبدية مخلِّص كل البرية. نحب النقاوة والطهارة ونجاهد على حفظها، لكي نستحق التسبحة مع الملائكة الروحانيين. نتلو الصلوات في كل حين لكي يشرق فينا نور نعمته في علِّية نفوسنا ويملأنا من موهبة روح قدسه. ننطق بمجده ونتكلَّم بعجائبه ونخبر بقوة خلاصه وعِظَم ذراعه، ونتلو ما صنع من أجلنا، لكي نستحق الشركة مع رسله الأطهار، الذين كرزوا باسمه بين الملوك والسلاطين وكافة الشعوب باجتهاد ومحبة كل أيام حياتهم، إذ الرسول يفتخر بذلك ويتلو في هذه الألفاظ قائلاً: «وحقاً إن سرَّ هذا اللاهوت لعظيم، الذي ظهر بالجسد، وتبرَّر بالروح، وتراءى للملائكة، وبشروا به في الأمم، وآمن به العالم، وصعد بالمجد» (1تي 3: 16).ونحن نسأل ربنا يسوع المسيح الذي صعد إلى السموات أن يُصعدنا بقوته من بحر هذا العالم المُهلك، ويثبِّت في السبيل المستقيم أقدامنا، ويغفر ما تقدَّم من قُبح أعمالنا، ويساعدنا على العمل برضاه وحفظ وصاياه، ويرحم كافة بني المعمودية الذين رقدوا على رجاء الإيمان باسمه القدوس، بشفاعة سيدتنا الطوباوية البتول مرتمريم والدة الخلاص، وكافة الرسل الأطهار والشهداء والقديسين والسواح والمجاهدين، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين وأبد الآبدين، آمين. تمَّ وكمل ميمر صعود ربنا وإلهنا ومخلِّصنا يسوع المسيح الذي له السُّبْح دائماً أبدياً، آمين، آمين الأنبا بولس البوشي أسقف مصر في القرن الثالث عشر الميلادي
المزيد
09 يونيو 2021

دروس‏ ‏روحية‏ ‏من عيد‏ ‏الصعود‏ ‏المجيد‏

عيد‏ ‏الصعود‏ ‏عيد‏ ‏سيدي‏ ‏خاص‏ ‏في‏ ‏معجزته‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏ ‏وحده‏.‏ أي‏ ‏أنه‏ ‏يشمل‏ ‏معجزة‏ ‏لم‏ ‏تحدث‏ ‏مع‏ ‏أحد‏ ‏من‏ ‏البشر‏, ‏وإنما‏ ‏كانت‏ ‏للسيد‏ ‏الرب‏ ‏وحده‏: ‏مثل‏ ‏الميلاد‏ ‏العذراوي‏, ‏ومثل‏ ‏قيامته‏ ‏بقوة‏ ‏لاهوته‏ ‏وخروجه‏ ‏من‏ ‏القبر‏ ‏المغلق‏, ‏ومثل‏ ‏التجلي‏ ‏علي‏ ‏جبل‏ ‏طابور‏, ‏كذلك‏ ‏صعوده‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏وجلوسه‏ ‏عن‏ ‏يمين‏ ‏الآب‏.‏لقد‏ ‏صعد‏ ‏بذاته‏, ‏وليس‏ ‏مثل‏ ‏إيليا‏ ‏النبي‏ ‏الذي‏ ‏أخذته‏ ‏مركبة‏ ‏نارية‏ ‏فصعد‏ ‏فيها‏ (2 ‏مل‏ 2: 10 ‏و‏11), ‏ولا‏ ‏مثل‏ ‏أخنوخ‏ ‏الذي‏ ‏لم‏ ‏يوجد‏ ‏لأن‏ ‏الله‏ ‏أخذه‏ (‏تك‏ 5: 24), ‏أما‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏فصعد‏ ‏بقوته‏, ‏دون‏ ‏أية‏ ‏قوة‏ ‏خارجية‏.‏ ‏‏وكان‏ ‏صعوده‏ ‏صعودا‏ ‏بالناسوت‏.‏ ذلك‏ ‏لأن‏ ‏اللاهوت‏ ‏موجود‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏مكان‏, ‏في‏ ‏الأرض‏ ‏وفي‏ ‏السماء‏ ‏وما‏ ‏بينهما‏, ‏لذلك‏ ‏فاللاهوت‏ ‏لا‏ ‏يصعد‏ ‏ولا‏ ‏ينزل‏. ‏وفي‏ ‏القداس‏ ‏الغريغوري‏ ‏نقول‏ ‏له‏ ‏وعند‏ ‏صعودك‏ ‏إلي‏ ‏السموات‏ ‏جسديا‏, ‏وقد‏ ‏شرحنا‏ ‏هذه‏ ‏النقطة‏ ‏من‏ ‏قبل‏.‏ ‏صعود‏ ‏المسيح‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏مفارقة‏ ‏لكنيسته‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏ ما‏ ‏كان‏ ‏انفصالا‏ ‏عن‏ ‏الكنيسة‏, ‏ولا‏ ‏تركا‏ ‏لها‏, ‏ولا‏ ‏تخليا‏ ‏عنها‏, ‏لأنه‏ ‏قال‏ ‏ها‏ ‏أنا‏ ‏معكم‏ ‏كل‏ ‏الأيام‏ ‏وإلي‏ ‏انقضاء‏ ‏الدهر‏ (‏مت‏ 28: 20) ‏وقال‏ ‏أيضا‏ ‏حينما‏ ‏اجتمع‏ ‏اثنان‏ ‏أو‏ ‏ثلاثة‏ ‏باسمي‏, ‏فهناك‏ ‏أكون‏ ‏في‏ ‏وسطهم‏ (‏مت‏ 18: 20), ‏إذن‏ ‏هو‏ ‏معنا‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏, ‏وفي‏ ‏كل‏ ‏اجتماع‏ ‏روحي‏, ‏وهو‏ ‏كائن‏ ‏معنا‏ ‏علي‏ ‏المائدة‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏قداس‏, ‏هو‏ ‏عمانوئيل‏ ‏الذي‏ ‏تفسيره‏ ‏الله‏ ‏معنا‏ (‏مت‏ 1: 23).‏ ‏ ‏صعوده‏ ‏إذن‏ ‏هو‏ ‏مجرد‏ ‏اختفاء‏ ‏عن‏ ‏الحواس‏ ‏المادية‏, ‏مع‏ ‏وجوده‏ ‏فعليا‏. كان‏ ‏مع‏ ‏تلاميذه‏ ‏وهم‏ ‏يرونه‏ ‏بالحواس‏, ‏وبعد‏ ‏صعوده‏ ‏ظل‏ ‏أيضا‏ ‏معهم‏ ‏ولكنهم‏ ‏لا‏ ‏يرونه‏ ‏بالحواس‏, ‏هو‏ ‏معهم‏ ‏بالإيمان‏ ‏لا‏ ‏بالعيان‏ ‏والإيمان‏ ‏هو‏ ‏الإيقان‏ ‏بأمور‏ ‏لا‏ ‏تري‏ (‏عب‏ 11: 1), ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏لتلميذه‏ ‏توما‏ ‏طوبي‏ ‏لمن‏ ‏آمن‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يري‏ (‏يو‏ 20: 29), ‏إذن‏ ‏هو‏ ‏صعد‏ ‏عن‏ ‏الأرض‏ ‏بالجسد‏, ‏وظل‏ ‏باقيا‏ ‏عليها‏ ‏باللاهوت‏, ‏يدركون‏ ‏وجوده‏ ‏معهم‏ ‏بالإيمان‏, ‏وإن‏ ‏كانوا‏ ‏لا‏ ‏يرونه‏ ‏بالحواس‏ ‏المادية‏, ‏أي‏ ‏بالعين‏ ‏الجسدية‏.‏ كان‏ ‏صعوده‏ ‏رفعا‏ ‏لمستوي‏ ‏التلاميذ‏, ‏ودليلا‏ ‏علي‏ ‏نضوجهم‏ ‏الروحي‏ لقد‏ ‏رفعهم‏ ‏من‏ ‏مستوي‏ ‏الحواس‏ ‏إلي‏ ‏مستوي‏ ‏الإيمان‏, ‏في‏ ‏بدء‏ ‏علاقتهم‏ ‏معه‏ ‏وهو‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏, ‏كانوا‏ ‏محتاجين‏ ‏أن‏ ‏يروا‏ ‏وأن‏ ‏يلمسوا‏ ‏وأن‏ ‏يحسوا‏ ‏وجوده‏ ‏بالجسد‏, ‏فلما‏ ‏وصلوا‏ ‏إلي‏ ‏درجة‏ ‏من‏ ‏الإيمان‏, ‏فارقهم‏ ‏بالجسد‏, ‏لأنهم‏ ‏صاروا‏ ‏قادرين‏ ‏أن‏ ‏يروه‏ ‏بالروح‏, ‏وأن‏ ‏يحسوا‏ ‏وجوده‏ ‏بالإيمان‏, ‏ويقينا‏ ‏أنهم‏ ‏بعد‏ ‏صعوده‏, ‏لم‏ ‏يشعروا‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏من‏ ‏الأيام‏ ‏أنه‏ ‏فارقهم‏.‏ ‏‏هو‏ ‏معنا‏ ‏أبصرناه‏ ‏بعيوننا‏ ‏أم‏ ‏لم‏ ‏نبصره‏ إن‏ ‏النظر‏ ‏الجسدي‏ ‏ليس‏ ‏هو‏ ‏الحكم‏ ‏في‏ ‏الأمور‏ ‏الإيمانية‏. ‏نحن‏ ‏نؤمن‏ ‏بوجود‏ ‏الله‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏نبصره‏, ‏ونؤمن‏ ‏بوجود‏ ‏الملائكة‏ ‏حولنا‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏نبصرهم‏, ‏ونؤمن‏ ‏بوجود‏ ‏الروح‏ ‏وبخروج‏ ‏الروح‏ ‏من‏ ‏الجسد‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏نبصر‏ ‏ذلك‏.. ‏إذن‏ ‏وجود‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏معنا‏ ‏بعد‏ ‏صعوده‏, ‏لا‏ ‏تحكمه‏ ‏الرؤية‏ ‏الجسدية‏, ‏وإيماننا‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏ارتفاع‏ ‏لمستوانا‏ ‏الروحي‏ ‏في‏ ‏موضوع‏ ‏صعود‏ ‏المسيح‏ ‏وبقائه‏ ‏معنا‏.‏ معجزة‏ ‏صعوده‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏ضد‏ ‏قوانين‏ ‏الطبيعة‏ ‏بل‏ ‏سموا‏ ‏عليها‏.‏بداءة‏ ‏نقول‏ ‏إن‏ ‏الرب‏ ‏لما‏ ‏وضع‏ ‏قوانين‏ ‏الطبيعة‏, ‏وضعها‏ ‏لتخضع‏ ‏لها‏ ‏الطبيعة‏, ‏لا‏ ‏ليخضع‏ ‏هو‏ ‏لها‏, ‏بل‏ ‏تبقي‏ ‏هي‏ ‏خاضعة‏ ‏له‏, ‏لواضعها‏ ومع‏ ‏ذلك‏, ‏فإنه‏ ‏في‏ ‏صعوده‏, ‏صعد‏ ‏بالجسد‏ ‏الممجد‏, ‏الجسد‏ ‏الروحاني‏ ‏السماوي‏, ‏الذي‏ ‏سنقوم‏ ‏نحن‏ ‏بمثله‏ (1 ‏كو‏ 15: 44 ‏و‏49) ‏علي‏ ‏شبه‏ ‏جسد‏ ‏مجده‏ (‏في‏ 3: 21). إذن‏ ‏معجزة‏ ‏الصعود‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏في‏ ‏الانتصار‏ ‏علي‏ ‏قوانين‏ ‏الجاذبية‏ ‏الأرضية‏, ‏إنما‏ ‏كانت‏ ‏المعجزة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الجسد‏ ‏الروحاني‏ ‏السماوي‏, ‏الذي‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يصعد‏ ‏إلي‏ ‏فوق‏, ‏إنه‏ ‏إذن‏ ‏سمو‏ ‏للطبيعة‏ ‏وليس‏ ‏تعارضا‏ ‏معها‏, ‏إنه‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏التجلي‏ ‏لطبيعة‏ ‏الجسد‏.‏ ‏‏معجزة‏ ‏الصعود‏ ‏تعطينا‏ ‏لونا‏ ‏من‏ ‏الرجاء‏ ‏من‏ ‏ناحيتين‏:-‏ الأولي‏ ‏أن‏ ‏الذين‏ ‏أعثروا‏ ‏بصليب‏ ‏الرب‏ ‏وما‏ ‏صاحبته‏ ‏من‏ ‏إهانات‏ ‏ومن‏ ‏آلام‏, ‏كان‏ ‏الرد‏ ‏عليها‏ ‏في‏ ‏مجد‏ ‏القيامة‏, ‏ثم‏ ‏في‏ ‏مجد‏ ‏الصعود‏, ‏وهكذا‏ ‏عاد‏ ‏الإيمان‏ ‏إلي‏ ‏الناس‏ ‏الذين‏ ‏ظنوا‏ ‏أن‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏قد‏ ‏انتهي‏ ‏بالصليب‏, ‏وصار‏ ‏لنا‏ ‏رجاء‏ ‏أنه‏ ‏بعد‏ ‏كل‏ ‏صليب‏ ‏توجد‏ ‏قيامة‏ ‏وصعود‏, ‏وهذا‏ ‏الرجاء‏ ‏صاحب‏ ‏الشهداء‏ ‏والمعترفين‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏جيل‏.‏ ‏ ‏الناحية‏ ‏الثانية‏ ‏من‏ ‏الرجاء‏ ‏أنه‏ ‏سيكون‏ ‏لنا‏ ‏المثل‏ فكما‏ ‏صعد‏ ‏المسيح‏ ‏بجسد‏ ‏ممجد‏, ‏سيكون‏ ‏لنا‏ ‏أيضا‏ ‏جسد‏ ‏ممجد‏ (‏في‏ 3: 21), ‏وكما‏ ‏أخذته‏ ‏سحابة‏ ‏عن‏ ‏أعين‏ ‏التلاميذ‏ ‏في‏ ‏صعوده‏, ‏هكذا‏ ‏في‏ ‏اليوم‏ ‏الأخير‏ ‏سنأتي‏ ‏معه‏ ‏علي‏ ‏السحاب‏, ‏في‏ ‏مجئ‏ ‏ربنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏ ‏مع‏ ‏جميع‏ ‏قديسيه‏ (1 ‏تس‏ 3: 13), ‏متي‏ ‏جاء‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏ربوات‏ ‏قديسيه‏ ‏ليصنع‏ ‏دينونة‏ ‏علي‏ ‏الجميع‏ (‏يه‏ 14, 15), ‏حين‏ ‏يأتي‏ ‏علي‏ ‏السحاب‏ ‏وتنظره‏ ‏كل‏ ‏عين‏ (‏رؤ‏ 1: 7), ‏ونحن‏ ‏الأحياء‏ ‏الباقين‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏سنخطف‏ ‏جميعا‏ ‏معهم‏ ‏في‏ ‏السحب‏ ‏لملاقاة‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏الهواء‏, ‏وهكذا‏ ‏نكون‏ ‏كل‏ ‏حين‏ ‏مع‏ ‏الرب‏ (1 ‏تس‏ 4: 17).. ‏حقا‏ ‏ما‏ ‏أعظم‏ ‏هذا‏ ‏الرجاء‏.‏ ‏‏وهذا‏ ‏الرجاء‏ ‏يعلمنا‏ ‏الصبر‏ ‏وانتظار‏ ‏الرب‏ الصبر‏ ‏أولا‏ ‏في‏ ‏تحقيق‏ ‏مواعيد‏ ‏الرب‏, ‏الصبر‏ ‏علي‏ ‏آلام‏ ‏الصليب‏, ‏حتي‏ ‏تتحقق‏ ‏أمجاد‏ ‏القيامة‏ ‏وأمجاد‏ ‏الصعود‏, ‏والصبر‏ ‏علي‏ ‏الصعود‏ ‏وترك‏ ‏الرب‏ ‏لنا‏ ‏بالجسد‏, ‏حتي‏ ‏يتحقق‏ ‏قول‏ ‏الملاكين‏ ‏للرسل‏ ‏يوم‏ ‏الصعود‏ ‏إن‏ ‏يسوع‏ ‏هذا‏ ‏الذي‏ ‏ارتفع‏ ‏عنكم‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏سيأتي‏ ‏هكذا‏ ‏كما‏ ‏رأيتموه‏ ‏منطلقا‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ (‏أع‏ 1: 11).‏ كذلك‏ ‏الصبر‏ ‏أيضا‏ ‏الذي‏ ‏صبره‏ ‏الآباء‏ ‏الرسل‏ ‏في‏ ‏انتظار‏ ‏وعد‏ ‏الرب‏ ‏لهم‏ ‏بإرسال‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏.‏إنه‏ ‏صبر‏ ‏في‏ ‏رجاء‏, ‏وهو‏ ‏رجاء‏ ‏مملوء‏ ‏بالفرح‏ ‏في‏ ‏إيمان‏ ‏بتحقيق‏ ‏مواعيد‏ ‏الرب‏, ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏الرسول‏ ‏فرحين‏ ‏في‏ ‏الرجاء‏ (‏رو‏ 12: 12).‏ ‏ ‏كان‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏عملية‏ ‏فطام‏ ‏للتلاميذ‏ لقد‏ ‏تعودوا‏ ‏خلال‏ ‏فترة‏ ‏تلمذتهم‏ ‏له‏ ‏وهو‏ ‏موجود‏ ‏بينهم‏ ‏بالجسد‏, ‏أن‏ ‏يتكلوا‏ ‏عليه‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يعملوا‏ ‏شيئا‏. ‏كان‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏يعمل‏ ‏المعجزات‏ ‏وهو‏ ‏الذي‏ ‏يرد‏ ‏علي‏ ‏المعارضين‏, ‏بينما‏ ‏يقف‏ ‏التلاميذ‏ ‏متفرجين‏, ‏ويتأملون‏ ‏ويتعلمون‏.. ‏أما‏ ‏الآن‏, ‏بعد‏ ‏الصعود‏, ‏فقد‏ ‏آن‏ ‏لهم‏ ‏أن‏ ‏يفطموا‏, ‏ويقوموا‏ ‏هم‏ ‏أنفسهم‏ ‏بكل‏ ‏المسئوليات‏ ‏الروحية‏: ‏يتلمذون‏ ‏جميع‏ ‏الأمم‏, ‏ويعلمونهم‏ ‏جميع‏ ‏ما‏ ‏أوصاهم‏ ‏الرب‏ ‏به‏ (‏مت‏ 28), ‏ويردون‏ ‏علي‏ ‏معارضيهم‏, ‏ويحتملون‏ ‏الألم‏ ‏في‏ ‏عمل‏ ‏الكرازة‏.‏ ‏‏كان‏ ‏الرب‏ ‏كالنسر‏ ‏الذي‏ ‏يعلم‏ ‏فراخه‏ ‏الطيران‏ حينما‏ ‏يكبرون‏ ‏أو‏ ‏ينضجون‏, ‏يحملهم‏ ‏علي‏ ‏جناحيه‏, ‏ثم‏ ‏يلقي‏ ‏بهم‏ ‏في‏ ‏الجو‏ ‏ويصعد‏ ‏عنهم‏, ‏كي‏ ‏يحركوا‏ ‏أجنحتهم‏ ‏ويتعلموا‏ ‏الطيران‏, ‏وفي‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏لا‏ ‏يتخلي‏ ‏عنهم‏, ‏بل‏ ‏يرقبهم‏ ‏ويأتي‏ ‏لحمايتهم‏ ‏إن‏ ‏تعرضوا‏ ‏لخطر‏ أو‏ ‏مثل‏ ‏أب‏ ‏يعلم‏ ‏ابنه‏ ‏العوم‏, ‏ويحمله‏ ‏علي‏ ‏يديه‏, ‏ثم‏ ‏يتركه‏ ‏في‏ ‏الماء‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏يعلمه‏ ‏العوم‏, ‏كي‏ ‏يعوم‏ ‏وحده‏ ‏ويجرب‏ ‏الماء‏, ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏لا‏ ‏يتركه‏, ‏بل‏ ‏يبقي‏ ‏قريبا‏ ‏معه‏, ‏يساعده‏ ‏كلما‏ ‏احتاج‏.‏ هكذا‏ ‏الرب‏, ‏درب‏ ‏تلاميذه‏ ‏خلال‏ ‏ثلاث‏ ‏سنوات‏ ‏أو‏ ‏أكثر‏, ‏وأرسلهم‏ ‏أيضا‏ ‏في‏ ‏تدريب‏ ‏عملي‏ (‏مت‏ 10), ‏ثم‏ ‏انتهت‏ ‏فترة‏ ‏التدريب‏, ‏فصعد‏ ‏عنهم‏ ‏لكي‏ ‏يعملوا‏ ‏بأنفسهم‏ ‏ويؤدوا‏ ‏رسالتهم‏, ‏وهو‏ ‏معهم‏ ‏كل‏ ‏الأيام‏ ‏وإلي‏ ‏انقضاء‏ ‏الدهر‏.‏ ‏وكان‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏محفوفا‏ ‏بوعدين‏, ‏بل‏ ‏بثلاثة‏:‏- أما‏ ‏الوعد‏ ‏الأول‏ ‏فهو‏ ‏إرسال‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏ليكون‏ ‏معنا‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏. ‏وهكذا‏ ‏سبق‏ ‏فقال‏ ‏لهم‏: ‏الحق‏ ‏أنه‏ ‏خير‏ ‏لكم‏ ‏أن‏ ‏انطلق‏. ‏لأنه‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏انطلق‏ ‏لا‏ ‏يأتيكم‏ ‏المعزي‏. ‏ولكن‏ ‏إن‏ ‏ذهبت‏, ‏أرسله‏ ‏إليكم‏ (‏يو‏16: 7). ‏وقد‏ ‏كان‏, ‏وأرسل‏ ‏لهم‏ ‏الورح‏ ‏القدس‏ ‏بعد‏ ‏صعوده‏ ‏بعشرة‏ ‏أيام‏.‏ أما‏ ‏الوعد‏ ‏الثاني‏ ‏فهو‏ ‏قوله‏ ‏لهم‏ ‏لا‏ ‏أترككم‏ ‏يتامي‏, ‏إني‏ ‏آتي‏ ‏إليكم‏ (‏يو‏ 14: 18), ‏وقوله‏ ‏أيضا‏ ‏ها‏ ‏أنا‏ ‏معكم‏ ‏كل‏ ‏الأيام‏ ‏وإلي‏ ‏انقضاء‏ ‏الدهر‏ (‏مت‏ 28: 20), ‏وقد‏ ‏حقق‏ ‏هذا‏ ‏الوعد‏ ‏أيضا‏ ‏ولايزال‏ ‏يحققه‏, ‏وقد‏ ‏رآه‏ ‏القديس‏ ‏يوحنا‏ ‏الحبيب‏ ‏وسط‏ ‏الكنائس‏ ‏السبع‏ (‏رؤ‏ 1: 13, 20) ‏وقد‏ ‏أمسك‏ ‏ملائكة‏ ‏الكنائس‏ ‏السبع‏ – ‏أي‏ ‏رعاتهم‏ – ‏في‏ ‏يمينه‏ (‏رؤ‏ 2: 1).‏ أما‏ ‏الوعد‏ ‏الثالث‏, ‏فهو‏ ‏قوله‏ ‏لتلاميذه‏ ‏وأنا‏ ‏إن‏ ‏ارتفعت‏ ‏عن‏ ‏الأرض‏, ‏أجذب‏ ‏إلي‏ ‏الجميع‏ (‏يو‏ 12: 32)‏يجذبنا‏ ‏إليه‏ ‏لنرتفع‏ ‏معه‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏كما‏ ‏قال‏ ‏أنا‏ ‏ماض‏ ‏لأعد‏ ‏لكم‏ ‏مكانا‏, ‏وإن‏ ‏مضيت‏ ‏وأعددت‏ ‏لكم‏ ‏مكانا‏, ‏آتي‏ ‏أيضا‏ ‏وآخذكم‏ ‏إلي‏, ‏حتي‏ ‏حيث‏ ‏أكون‏ ‏أنا‏, ‏تكونون‏ ‏أنتم‏ ‏أيضا‏ (‏يو‏ 14: 2, 3) إذن‏ ‏هو‏ ‏وعد‏ ‏بأن‏ ‏يكون‏ ‏معنا‏, ‏ونكون‏ ‏معه‏, ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏وفي‏ ‏السماء‏, ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏ها‏ ‏أنا‏ ‏معكم‏ ‏كل‏ ‏الأيام‏ ‏وحيثما‏ ‏اجتمع‏ ‏اثنان‏ ‏أو‏ ‏ثلاثة‏ ‏باسمي‏, ‏هناك‏ ‏أكون‏ ‏في‏ ‏وسطهم‏ (‏مت‏ 18: 20), ‏وفي‏ ‏السماء‏ ‏حيث‏ ‏أكون‏ ‏أنا‏, ‏تكونون‏ ‏أنتم‏ ‏أيضا‏.. ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏ ‏سنخطف‏ ‏جميعا‏ ‏معهم‏ ‏في‏ ‏السحب‏, ‏لملاقاة‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏الهواء‏, ‏وهكذا‏ ‏نكون‏ ‏كل‏ ‏حين‏ ‏مع‏ ‏الرب‏ (1 ‏تس‏ 4: 17) ‏ما‏ ‏أعظمه‏ ‏من‏ ‏مجد‏.‏ ‏ ‏إذن‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏هو‏ ‏عربون‏ ‏لصعودنا‏ كما‏ ‏كانت‏ ‏قيامة‏ ‏الرب‏ ‏عربونا‏ ‏لقيامتنا‏, ‏إذ‏ ‏هو‏ ‏باكورة‏ ‏للراقدين‏ (1 ‏كو‏ 15: 20), ‏وكما‏ ‏في‏ ‏آدم‏ ‏يموت‏ ‏الجميع‏, ‏هكذا‏ ‏في‏ ‏المسيح‏ ‏سيحيا‏ ‏الجميع‏ ( 1‏كو‏ 15: 22) كذلك‏ ‏أيضا‏ ‏في‏ ‏الصعود‏, ‏نسمعه‏ ‏يقول‏ ‏وأنا‏ ‏إن‏ ‏ارتفعت‏, ‏أجذب‏ ‏إلي‏ ‏الجميع‏ (‏يو‏ 12: 32)… ‏علي‏ ‏السحاب‏, ‏وفي‏ ‏السماء‏, ‏وبجسد‏ ‏ممجد‏, ‏ونكون‏ ‏كل‏ ‏حين‏ ‏مع‏ ‏الرب‏, ‏في‏ ‏أورشليم‏ ‏السمائية‏ ‏مسكن‏ ‏الله‏ ‏مع‏ ‏الناس‏ (‏رؤ‏ 21: 2, 3), ‏في‏ ‏مستوي‏ ‏أعلي‏ ‏من‏ ‏المادة‏ ‏ومن‏ ‏الحواس‏, ‏علي‏ ‏شبه‏ ‏جسد‏ ‏مجده‏, ‏في‏ ‏ربوات‏ ‏قديسيه‏.. ‏حيث‏ ‏نتمجد‏ ‏أيضا‏ ‏معه‏ (‏رو‏ 8: 17), ‏حيث‏ ‏نقام‏ ‏في‏ ‏مجد‏ (1 ‏كو‏ 15: 43).. ‏وبالتالي‏ ‏نصعد‏ ‏إليه‏ ‏في‏ ‏مجد‏ لذلك‏ ‏قيل‏ ‏في‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏كان‏ ‏تلاميذه‏ ‏شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏وهو‏ ‏منطلق‏ (‏أع‏ 1: 10) إنه‏ ‏درس‏ ‏لنا‏ ‏من‏ ‏دروس‏ ‏السماء‏, ‏أن‏ ‏نكون‏ ‏شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏حيث‏ ‏صعد‏ ‏الرب‏, ‏وإلي‏ ‏السماء‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏يأتي‏ ‏إلينا‏ ‏في‏ ‏مجيئه‏ ‏الثاني‏, ‏وأيضا‏ ‏شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏حيث‏ ‏تتركز‏ ‏كل‏ ‏عواطفنا‏ ‏وآمالنا‏, ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏الرب‏ ‏حيث‏ ‏يكون‏ ‏كنزك‏, ‏هناك‏ ‏يكون‏ ‏قلبك‏ ‏أيضا‏ (‏مت‏ 6: 21) مساكين‏ ‏الذين‏ ‏كل‏ ‏كنوزهم‏ ‏في‏ ‏الأرض‏, ‏ولذلك‏ ‏تكون‏ ‏كل‏ ‏رغباتهم‏ ‏وآمالهم‏ ‏فيها‏, ‏وحينما‏ ‏يتركون‏ ‏الأرض‏, ‏لا‏ ‏يجدون‏ ‏شيئا‏ أما‏ ‏أولاد‏ ‏الله‏, ‏فيعيشون‏ ‏دائما‏ ‏شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏التي‏ ‏تلتصق‏ ‏بها‏ ‏قلقوبهم‏ ‏وكل‏ ‏رغباتهم‏.‏ ‏ ‏ليت‏ ‏أفكارنا‏ ‏إذن‏ ‏ترتفع‏ ‏دائما‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ تصعد‏ ‏كلها‏ ‏هناك‏ ‏لتكون‏ ‏مع‏ ‏الرب‏, ‏وهي‏ ‏وكل‏ ‏شهوات‏ ‏قلوبنا‏ ‏وكل‏ ‏حواسنا‏ ‏الروحية‏, ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏القديس‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏ ‏ونحن‏ ‏غير‏ ‏ناظرين‏ ‏إلي‏ ‏الأشياء‏ ‏التي‏ ‏تري‏ ‏بل‏ ‏إلي‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏تري‏. ‏لأن‏ ‏التي‏ ‏تري‏ ‏وقتيه‏, ‏أما‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏تري‏ ‏فأبدية‏ 2 ‏كو‏ 4:18 وأن‏ ‏بقينا‏ ‏شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏ناظرين‏ ‏إلي‏ ‏غير‏ ‏المرئيات‏, ‏وقد‏ ‏صار‏ ‏كل‏ ‏كنزنا‏ ‏في‏ ‏السماء‏, ‏حينئذ‏ ‏سنقول‏ ‏مع‏ ‏الرسول‏: ‏لي‏ ‏اشتهاء‏ ‏أن‏ ‏أنطلق‏ ‏وأكون‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏ذلك‏ ‏أفضل‏ ‏جدا‏ ‏في‏ 1 : 23.‏ في‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏أيضا‏, ‏يمكننا‏ ‏أن‏ ‏نتأمل‏ ‏في‏ ‏عظمته‏ ‏ومجده‏ وهذا‏ ‏التأمل‏ ‏يغرس‏ ‏في‏ ‏قلوبنا‏ ‏مشاعر‏ ‏عميقة‏ ‏منها‏:‏- ‏1 – ‏نشعر‏ ‏براحة‏ ‏واطمئنان‏, ‏إذ‏ ‏أننا‏ ‏في‏ ‏رعاية‏ ‏إله‏ ‏عظيم‏ ‏هكذا‏, ‏كل‏ ‏عظمة‏ ‏ضده‏ ‏لا‏ ‏قيمة‏ ‏لها‏, ‏وهكذا‏ ‏نثق‏ ‏بوعده‏ ‏للكنيسة‏ ‏أن‏ ‏أبواب‏ ‏الجحيم‏ ‏لن‏ ‏تقوي‏ ‏عليها‏ ‏مت‏ 16 : 18 ‏وقوله‏ ‏لها‏ ‏كل‏ ‏آلة‏ ‏صورت‏ ‏ضدك‏ ‏لا‏ ‏تنجح‏ 1 ‏ش‏ 54 : 17, ‏وقوله‏ ‏للقديس‏ ‏بولس‏ ‏لا‏ ‏تخف‏.. ‏لأني‏ ‏أنا‏ ‏معك‏ ‏ولا‏ ‏يقع‏ ‏بك‏ ‏أحد‏ ‏ليؤذيك‏ 1 ‏ع‏ 18 : 10,9. ‏وهكذا‏ ‏نتعزي‏ ‏بعظمة‏ ‏الرب‏, ‏ونتكل‏ ‏عليها‏, ‏ونحتمي‏ ‏بها‏.‏ ‏2 – ‏تذكر‏ ‏عظمة‏ ‏الرب‏, ‏منحنا‏ ‏مشاعر‏ ‏الخشوع‏ ‏والخشية‏ ‏وعدم‏ ‏الاستهانة‏, ‏وعظمة‏ ‏الرب‏ ‏تدفعنا‏ ‏إلي‏ ‏الحياة‏ ‏والطاعة‏ ‏وإلي‏ ‏حياة‏ ‏التدقيق‏, ‏وإلي‏ ‏مخافة‏ ‏الرب‏ ‏التي‏ ‏هي‏ ‏بدء‏ ‏الحكمة‏ ‏أم‏ 9 : 10 ‏ورأس‏ ‏الحكمة‏ ‏مز‏ 111 : 10. ‏وكل‏ ‏هذا‏ ‏يقودنا‏ ‏إلي‏ ‏الحرص‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏تصرفاتنا‏, ‏لتكون‏ ‏نقية‏ ‏قدامه‏.‏ ‏3 – ‏والتأمل‏ ‏في‏ ‏عظمة‏ ‏الرب‏ ‏يقودنا‏ ‏إلي‏ ‏حياة‏ ‏الاتضاع‏ ‏وإلي‏ ‏تمجيد‏ ‏الرب‏, ‏فمن‏ ‏نحن‏ ‏أمام‏ ‏هذا‏ ‏الصاعد‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏الجالس‏ ‏عن‏ ‏يمين‏ ‏الآب‏ ‏مز‏ 110 : 1 1 ‏ع‏ 7 : 56 ‏عب‏ 1 : 3.. ‏الذي‏ ‏ليست‏ ‏السموات‏ ‏طاهرة‏ ‏قدامه‏, ‏وإلي‏ ‏ملائكته‏ ‏ينسب‏ ‏حماقة‏ ‏أي‏ 4 : 18.‏وحينما‏ ‏نري‏ ‏أن‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏عظمته‏ ‏كان‏ ‏وديعا‏ ‏ومتواضع‏ ‏القلب‏ ‏مت‏ 11 : 29, ‏حينئذ‏ ‏تنسحق‏ ‏أنفسنا‏ ‏ونتعلم‏ ‏التواضع‏ ‏وحينما‏ ‏نتأمل‏ ‏عظمة‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏صعوده‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏وجلوسه‏ ‏عن‏ ‏يمين‏ ‏الآب‏, ‏نقول‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏اتضاع‏ ‏ليست‏ ‏الأرض‏ ‏يا‏ ‏رب‏ ‏مكانك‏. ‏أنها‏ ‏موطئ‏ ‏قدميك‏ ‏مت‏ 5 : 35أما‏ ‏السماء‏ ‏يارب‏ ‏فهي‏ ‏عرشك‏ ‏الذي‏ ‏صعدت‏ ‏إليه‏ ‏مت‏ 5 : 34. ‏كرسيك‏ ‏يا‏ ‏الله‏ ‏إلي‏ ‏دهر‏ ‏الدهور‏. ‏قضيب‏ ‏الاستقامة‏ ‏هو‏ ‏قضيب‏ ‏ملكك‏ ‏عب‏ 1 : 8. ‏أما‏ ‏نحن‏, ‏فاننا‏ ‏تراب‏. ‏حب‏ ‏عظيم‏ ‏منك‏ ‏أن‏ ‏تجذبنا‏ ‏إليك‏, ‏ونكون‏ ‏معك‏ ‏ومع‏ ‏ملائكتك‏. ‏حقا‏ ‏أنك‏ ‏أنت‏ ‏المقيم‏ ‏المسكين‏ ‏من‏ ‏التراب‏, ‏والرافع‏ ‏البائس‏ ‏من‏ ‏المزبلة‏ ‏ليجلس‏ ‏مع‏ ‏رؤساء‏ ‏شعبك‏ ‏مز‏ 113 : 7.‏ إن‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏كان‏ ‏خاتمة‏ ‏عبارة‏ ‏أخلي‏ ‏ذاته‏ قيلت‏ ‏هذه‏ ‏العبارة‏ ‏في‏ ‏تسجده‏ ‏لأجل‏ ‏فدائنا‏ ‏أخلي‏ ‏ذاته‏, ‏وأخذ‏ ‏صورة‏ ‏العبد‏, ‏صائرا‏ ‏في‏ ‏شبه‏ ‏الناس‏, ‏وإذ‏ ‏وجد‏ ‏في‏ ‏الهيئة‏ ‏كأنسان‏ ‏وضع‏ ‏نفسه‏ ‏وأطاع‏ ‏حتي‏ ‏الموت‏, ‏موت‏ ‏الصليب‏ ‏في‏ 2 : 8,7.‏ أما‏ ‏الآن‏, ‏وقد‏ ‏قام‏ ‏بعمل‏ ‏الفداء‏, ‏وقال‏ ‏قد‏ ‏أكمل‏, ‏وداس‏ ‏الموت‏, ‏وقام‏, ‏ثم‏ ‏صعد‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏وجلس‏ ‏علي‏ ‏يمين‏ ‏العظمة‏ ‏في‏ ‏الأعالي‏ ‏عب‏ 1 : 3. ‏فقد‏ ‏انتهت‏ ‏عبارة‏ ‏أخلي‏ ‏ذاته‏ لذلك‏ ‏حينما‏ ‏يأتي‏ ‏في‏ ‏مجيئه‏ ‏الثاني‏ ‏سيأتي‏ ‏بمجده‏ ‏ومجد‏ ‏الآب‏ ‏لو‏ 9 : 26. ‏نعم‏ ‏سيأتي‏ ‏في‏ ‏مجد‏ ‏أبيه‏ ‏مع‏ ‏ملائكته‏ ‏مت‏ 16 : 27 ‏له‏ ‏المجد‏ ‏الدائم‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏, ‏آمين‏. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
08 يونيو 2021

القيامة طريق الحياة

تحدثنا قراءات الكنيسة في الأحد الخامس عن أن السيد المسيح هو الطريق والحياة :(يو14: 1-11):قال له يسوع : «أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي»، والرب يسوع المسيح هو الطريق الحقيقي للحياة الأبدية : «لأنه ليس اسم آخر تحت السماء قد أعُطي بين الناس به ينبغي أن نخلص، وليس بأحد غيره الخلاص» (أع12:4-13). + قال يسوع هذا عن نفسه.. لأنه ليس هو مرشد للطريق بل هو الطريق نفسه، وهو الطريق الوحيد للحياة الأبدية فلا طريق سواه.. هو الحق الكامل الذي لا يشوبه ظلم.. هو الحياة الحقيقية فلا حياة بدونه .. + السيد المسيح يكشف لنا حقيقة معزية: إذ يؤكد لتلاميذه أنه هو الطريق والحياة وأنه لا يمكن أن يصل أحد إلى السماء إلا عن طريقه وأنه لا يوجد طريق آخر سواه ولا يمكن أن يأتي أحد إلى الآب إلا عن طريقه.. + لماذا لا يصل أحد للآب إلا عن طريقه؟ لأن الله هو العدل المطلق اللانهائي وطبقاً لمقتضيات العدل كان لابد أن تكون هناك كفارة عن الخطيئة إذ أخطأ الإنسان فلا يمكن أن يُقبل عند الآب إلا إذا كان هناك كفارة عن آثامه.. لذلك في ليلة عيد القيامة: تُطفَأ الأنوار في الكنيسة ويُغلق باب الهيكل، ويسمع المؤمنين حوارًا بين رئيس الكهنة أو الكاهن داخل الهيكل وبين آخرين خارج الهيكل.. هذا الحوار يمثل ما حدث حينما دخل السيد المسيح إلى السماء غالبًا منتصرًا بعد أن جعل للقديسين المحبوسين المنتظرين الخلاص مكانًا معه في الفردوس. «الذين نظروا المواعيد من بعيد وحيّوها وصدقوها».. فعندما يسمع الحراس كلام الملائكة "افتحوا أيها الملوك أبوابكم ليدخل ملك المجد"، فالحراس يقولون: "من هو ملك المجد؟:، فيجاوبهم الملائكة: "رب القوات هو ملك المجد"، لقد "كَسَرَ أبواب النحاس ومتاريس الحديد".. وهكذا يعلن الملائكة عن من هو الغالب المنتصر الذي قهر الموت وأعطانا القيامة والحياة لأنه هو الشفيع الكفاري الوحيد: «إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لأجل خطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضًا»، إذًا كفارتنا فقط هو واحد وهو يسوع المسيح مخلصنا وفادينا وحده: «ليس بأحد غيره الخلاص». هذا هو معنى أن المسيح هو الطريق بل والطريق الوحيد والحق والحياة .. فلا يمكن لإنسان يقدر أن يخلص إلا إذا آمن بالمسيح وإلا إذا اغتسل في دم المسيح وإلا إذا قبل المسيح فاديًا ومخلصًا يقول القديس جيروم: "إن كان المسيح هو طريق الأبرار فالشيطان هو طريق الأشرار، وما يميز المؤمنين هو اتحادهم بكلمة الله أي بالسيد المسيح".ويقول أحد الآباء أيضًا: "السيد المسيح يقودني إلى ذاته بكونه "الطريق". يجتذبني إليه بحبال محبته الإلهية ويهبني شركة طبيعته: القداسة والنقاوة والحب والاتضاع...الخ"ويقول القديس ذهبي الفم: "أنا هو الطريق والحق والحياة. المسيح هو الطريق إلى الحياة أي مصدر الحياة. فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية (يو3: 36)".وأيضًا يقول أحد الآباء: "إنه الطريق الصالح الذي يقود الإنسان الصالح إلى الآب الصالح. يقود الإنسان الذي من كنز قلبه الصالح يخرج الصالحات. يقود العبد الأمين الصالح حقًا. إن هذا الطريق ضيّق، إذ لا يقدر كثيرون أن يحتملوا السير فيه لأنهم محبون لأجسادهم. ولكن من يسير فيه مع المسيح لا يعتاز لشيء، لا يحمل معه زادًا ولا مزودًا ولا ثوبًا ولا عصا، ولا يكون له احتياج (مت10:10)". نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية
المزيد
07 يونيو 2021

المعانى الروحية لعيد الصعود المجيد

تتويج العمل الخلاصى بالصعود المجيد + ان عيد الصعودالمجيد يمثل تتويجا للعمل الخلاصى الذى فعله السيد المسيح من أجلنا فى رحلة الخلاص فى العهد الجديد بدء من البشارة بالتجسد الإلهى {فاجاب الملاك و قال لها الروح القدس يحل عليك و قوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} لو35:1 . الي الميلاد العجيب واقتراب الله الكلمة الينا معلنا محبته للبشرية وعمله على ارجاعها الى الفردوس والبنوة لله { و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا} (يو 1 : 14) وصولا الى أكمال الفداء بالقيامة والصعود المجيد . فلقد صعد الرب الى أعلى السموات بالجسد البشرى القائم كجسد روحياً نوراني ممجد ، واصعد طبيعتنا البشرية معه الى السماء ، وانتهت مرحلة اخلاء الذات التدبيرى من اجل خلاص جنس البشر وبصعود المخلص تمجد الابن الكلمة واستحقت البشرية نعمة ومواهب وثمار الروح القدس { قال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به و انا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى و الانبياء و المزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. و قال لهم هكذا هو مكتوب و هكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم و يقوم من الاموات في اليوم الثالث. و ان يكرز باسمه بالتوبة و مغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم. و انتم شهود لذلك. و ها انا ارسل اليكم موعد ابي فاقيموا في مدينة اورشليم الى ان تلبسوا قوة من الاعالي. و اخرجهم خارجا الى بيت عنيا و رفع يديه و باركهم. و فيما هو يباركهم انفرد عنهم و اصعد الى السماء. فسجدوا له و رجعوا الى اورشليم بفرح عظيم. و كانوا كل حين في الهيكل يسبحون و يباركون الله امين} لو44:24-52. + السيد المسيح الملك الظافر الممجد في السماء وعلي الأرض في أحد الشعانين دخل الي اورشليم كملك وديع وعادل ومتواضع ، وفى عيد الصعود يدخل غالبا الي أورشليم السمائية، كان في أحد الشعانين راكبا على جحش واليوم راكبا على السحاب ، دخل أولا وسط تسابيح الشعب واليوم تستقبله الملائكة بالتسابيح ، استقبله أطفال القدس خلصنا يا ابن داود واليوم يهتف الاباء والانبياء الذين ماتوا على رجاء ومعهم نحن خلصتنا وادخلت طبيعتنا الى السماء، فى عيد الصعود نصلى ليصعدنا من الضعف والخوف والمرض والخطية وان ينقذنا من أعدائنا الخفيين والظاهرين . عيد الصعود فى التقليد الكنسى وفكر الاباء + ان الاحتفال بعيد الصعود المجيد هو تقليد رسولى كما جاء فى الدسقولية التى هى تعاليم الاباء الرسل (من أول اليوم من الجمعه الاولى احصوا أربعين يوما إلى خامس السبوت ثم أصنعوا عيد لصعود الرب الذى اكمل فيه كل التدبيرات وكل الترتيب وصعد إلي الاب الذى أرسله وجلس عن يمين القوة (دسق 31). لقد استقبلت الملائكة وكل قوات السماء المخلص بما يليق به من أكرام وسجود كما تنباء بذلك داود النبى { ارفعن ايتها الارتاج رؤوسكن و ارتفعن ايتها الابواب الدهريات فيدخل ملك المجد.من هو هذا ملك المجد الرب القدير الجبار الرب الجبار في القتال.ارفعن ايتها الارتاج رؤوسكن و ارفعنها ايتها الابواب الدهريات فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد رب الجنود هو ملك المجد } مز 4:24-10. ونحن نتمثل بالملائكة ونفرح مع الاباء الرسل بصعود الرب الى السموات كسابقاً من أجلنا مترنمين كأمر داود النبى { يا جميع الامم صفقوا بالايادي اهتفوا لله بصوت الابتهاج. لان الرب علي مخوف ملك كبير على كل الارض.صعد الله بهتاف الرب بصوت البوق . رنموا لله رنموا رنموا لملكنا رنموا. ملك الله على الامم الله جلس على كرسي قدسه} مز1:47. + اننا نتعلم من ابائنا القديسين ونسلم الوديعة لكم فى أمانة لنعيش فى تقوى ومحبة الله ولهذا يذكرنا القديس ساويرس الأنطاكي (459-536م ) ، بهذا العيد كأَجل الأعياد إذ يقول: "إني احتفل بتقاليد الرسل القديسين التي سلمها لنا أعمدة الكنيسة كميراث أبدي لا يفنى بعد أن تسلموها كل واحد بدوره كما يتسلم الابن من أبيه، وهذه تمت على أيديهم وأزهرت في الكنيسة، ومن بين هذه التقاليد التي استلمناها ما تنادي به الكنيسة اليوم لتعلمنا به أن المسيح لأجلنا صعد إلى السموات". ان السيد المسيح صعد الى السموات بالجسد الممجد اذ انه بلإهوته حال فى كل مكان ولا يحويه مكان وكما نستقبل ارسال القنوات الفضائية ونراها صوت وصورة دون ان نحدها فى الجهاز التلفزيونى الخاص بنا هكذا التجسد الإلهى لم يحد اللإهوت { و ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 28 : 20) .{ لانه حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي فهناك اكون في وسطهم} (مت 18 : 20) . عيد الصعود فى حياتنا الروحية .. + عيد الصعود المجيد يرفع قلوبنا وأفكارنا وارواحنا الى السماء حيث المسيح جالس عن يمين الاب . فنحن نشكر الله الذى أقام طبيعتنا واصعدها الى السماء . ونساله ان يقيمنا من الكسل والتعلق بالإرضيات الي سمو الفكر وارتفاعه عن كل فكر غريب عن محبة الله { هادمين ظنونا و كل علو يرتفع ضد معرفة الله و مستاسرين كل فكر الى طاعة المسيح }(2كو 10 : 5) .ان السيد المسيح الذى نزل لأجل خلاصنا هوالذى صعد ايضا فوق جميع السموات لكى يملأ الكل (أف 4: 9، 10). فنحن مدعوين الى الصعود بحياتنا مع من صعد ليقيمنا ويرفعنا الى مرتبة البنوة والحياة السمائية . + ان جبل الزيتون كما كان يمثل الآلم والمعاناة فى حياة المخلص الصالح وفيه قُبض عليه وسيق كشاة حتى الى الصليب هو جبل السلام والفرح بقيامة الرب من بين الاموات وجبل الصعود الى السماء ، ونحن لكى ما نتمجد مع المسيح ونصعد معه الى الفردوس وملكوت السموات فاننا نحمل بفخر صلبينا{ فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله و وارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو 8 : 17). ونحن اذا نتبع خطي التلاميذ والاباء الرسل نفرع بالصعود ونواظب على الصلاة كجماعة واحدة مقدسة طالبين مواهب وثمار وعطية الروح القدس المعزى { حينئذ رجعوا الى اورشليم من الجبل الذي يدعى جبل الزيتون الذي هو بالقرب من اورشليم على سفر سبت. و لما دخلوا صعدوا الى العلية التي كانوا يقيمون فيها بطرس و يعقوب و يوحنا و اندراوس و فيلبس و توما و برثولماوس و متى و يعقوب بن حلفى و سمعان الغيور و يهوذا اخو يعقوب. هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة و الطلبة مع النساء و مريم ام يسوع و مع اخوته} 12:1-14. نصلى ونطلب من الرب ان ينظر بعين الرأفة والمحبة الى كل نفس فى الكنيسة رعاة ورعية وان يصعد بلادنا من التخلف والتعصب والجهل وعدم الأمان الى حياة السلام والتقدم والمعرفة والنور ويقوى أيماننا به للننتظر بفرح مجئية الثانى . + أن يسوع المسيح الذى ارتفع عنكم إلى السماء سيأتى هكذا ليدين العالم وياخذ الابرار للحياة الدئمة معه ونحيا معه كملائكة باجساد نورانية روحية ممجده {و لما قال هذا ارتفع و هم ينظرون و اخذته سحابة عن اعينهم. و فيما كانوا يشخصون الى السماء و هو منطلق اذا رجلان قد وقفا بهم بلباس ابيض. و قالا ايها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون الى السماء ان يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الى السماء سياتي هكذا كما رايتموه منطلقا الى السماء} (أع 1: 9-11) نعم سيأتى للدينونة {فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته و حينئذ يجازي كل واحد حسب عمله} (مت 16: 27). ولهذا فنحن نعد أنفسنا بالتوبة الدائمة وثمار الأعمال الصالحة منتظرين سرعة مجئ ربنا يسوع المسيح . فكل عام وحضراتكم بالف خير وسلام .المعانى الروحية لعيد الصعود المجيد القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
06 يونيو 2021

كيف تقدر أن تعرف الطريق؟

إِنجيل الأحد الخامس مِن آحاد الخماسين المُباركة وهو الأحد الذى يسبق صعود ربنا يسوع إِلى السماء الكنيسة تضع فصل مِن إِنجيل مُعلّمنا يوحنا الإِصحاح الرابع عشر يقول فيهِ " فىِ بيت أبىِ منازل كثيرة " ويقول كده " أنا أمضىِ لأعُدّ لكُم مكاناً " وكأنّ الكنيسة تُريد أن تُعدّ قلوبنا وأذهاننا لصعودنا مع رب المجد يسوع فىِ السماء وبعدما ربنا يسوع قال أنا أمضىِ لأعُدّ لكُم مكاناً وقال أيضاً لِتلاميذه أنتُم تعرفون الطريق ، عقّب مُعلّمنا توما على كلام السيّد المسيح وقال" كيف نقدر أن نعرِف الطريق ؟ لأننّا لا نعلم يارب أين تذهب " ، فردّ عليهِ ربّ المجدّ يسوع وقال " أنا هو الطريق والحق والحياة " 0 البولس فإذْ لنا أيُّها الإخوَةُ ثِقَةٌ بالدُّخول إلَى «الأقداسِ» بدَمِ يَسوعَ، طَريقًا كرَّسَهُ لنا حَديثًا حَيًّا، بالحِجابِ، أيْ جَسَدِهِ، (الرِّسالَةُ إلَى العِبرانيّينَ ١٩:١٠). الكاثوليكون وإنَّما نِهايَةُ كُلِّ شَيءٍ قد اقتَرَبَتْ، فتعَقَّلوا واصحوا للصَّلَواتِ. ولكن قَبلَ كُلِّ شَيءٍ، لتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعضِكُمْ لبَعضٍ شَديدَةً، لأنَّ المَحَبَّةَ تستُرُ كثرَةً مِنَ الخطايا. إنْ كانَ يتَكلَّمُ أحَدٌ فكأقوالِ اللهِ. وإنْ كانَ يَخدِمُ أحَدٌ فكأنَّهُ مِنْ قوَّةٍ يَمنَحُها اللهُ، لكَيْ يتَمَجَّدَ اللهُ في كُلِّ شَيءٍ بيَسوعَ المَسيحِ، الّذي لهُ المَجدُ والسُّلطانُ إلَى أبدِ الآبِدينَ. آمينَ.أيُّها الأحِبّاءُ، لا تستَغرِبوا البَلوَى المُحرِقَةَ الّتي بَينَكُمْ حادِثَةٌ، لأجلِ امتِحانِكُمْ، كأنَّهُ أصابَكُمْ أمرٌ غَريبٌ، بل كما اشتَرَكتُمْ في آلامِ المَسيحِ، افرَحوا لكَيْ تفرَحوا في استِعلانِ مَجدِهِ أيضًا مُبتَهِجينَ. (رِسالَةُ بُطرُسَ الرَّسول الأولَى ٦:٤). بِنعمة ربنا سوف نتكلّم هُنا عن نُقطتين هُما :- 1- المكان الذى يُعدّه لنا الله :- ربنا ذاهب لكى يُعدّ لنا مكان ، معنى هذا أنّهُ ما كان لنا مكان ، الحقيقة لا ما كان لنا مكان لِماذا ؟ لأنّهُ مِن أول ما أبونا آدم أخطأ وأتى باللعنة على بنيه طُرد مِن الفردوس وصار بِدون إِستحقاق وأيضاً ربنا أمر أن يكون هُناك كاروب بِسيف مِن نار يحرُس الطريق للّفردوس لكى يؤكّد أنّ الفردوس أُغلق ولكى يمنع مِن دخوله أى أحد هذا الكلام إِستمر عُمر البشريّة كُلّه حتى مجىء ربنا يسوع المسيح وحتى صُنع الفِداء ، وحتى بعد صُنع الفِداء لا نستطيع أن نقول أنّ باب السماء إِنفتح مرّة أُخرى ، لِذلك أكدّ ربّ المجدّ يسوع بأنّهُ ذاهب هو بنفسه لكى يُعدّ لنا مكان ، أنا ذاهب لكى يكون لكُم قدوم لدى الآب فىِ السماء ، وهذا فِكره صعود ربنا يسوع ربنا يسوع المسيح عِندما صعد صعد مُقدّم أمام الآب فىِ جسدهِ البشريّة كُلّها التى إِفتدت ، البشريّة التى إِحتمت بدمهِ عِندما صعد ربنا يسوع للسماء وأظهر للآب جِراحاته وأظهر للآب عمله الكفّارىِ ، الآب فىِ شفاعة الإبن فتح الفردوس ، هذا هو ما حدث لِذلك قال" أنا ذاهب لكى أُعدّ لكُم مكاناً " ، ولكى يُشّوقهُم قال لهُم " فىِ بيت أبىِ منازل كثيرة " فىِ الحقيقة يجب أن يكون فِكرنا مرفوع إِلى السماء ، يجب أن يكون فِكرنا يفكّر كثير فىِ المنازل التى صنعها لنا ربنا يسوع ، يجب وبإستمرار أن نضع يقيناً فىِ المنزل الذى صنعهُ لنا المسيح ولا نضع يقيناً فىِ المنزل الذى نسكُن فيهِ الآن" إِن نُقض بيت خيمتنا الأرضى فلنا فىِ السماء بُناء غير مصنوع بيدٍ أبدى " ، عِندما نُفكّر كثيراً فىِ البيت المصنوع لنا فىِ السماء فسوف تكون حياتنا على الأرض أهدأ وأكثر أماناً وإِستقراراً كُلّ ما أرفع عينىّ إِلى السماء وإِلى المكان الذى جهّزه لىّ ربّ المجدّ ، هو ده عمل ربنا يسوع لىّ ، ربنا يسوع بيقول أنا ذاهب لأعُدّ لك مكان المفروض عليك إِنّك تعِمل إيه ؟المفروض إِن أنا ألبّىِ الدعوة وأقبلها وأكون أمين فيها وأكون مُشتاق إِليّها، هىّ ديّه حياة الإِنسان المسيحىِ ، حياة الإِنسان المسيحىِ هى أن يحيّا الأبديّة يكون فِكره فىِ المكان الذى يذهب إِليهِ بإِستمرار يحيا فيها إِلى الأبد ، يقول" المدينة التى صانعها وبارئها الله ، المدينة التى لها الأساسات " هىّ ديّه الدعوة لنا يجب أن تكون موضع تفكيرنا ، يجب أن تكون شُغلنا الشاغل ، يجب أن تكون موضع إِشتياقنا ، ربنا يسوع ذاهب لكى يُعدّ لنا الأبديّة ويُريدنا لهُ فىِ القُدّاس أبونا بيقول " إِرفعوا قلوبكُم " نرُدّ ونقول " هى عِند الرّبّ " إِحنا رافعناها فوق فىِ السماء ، فِكرنا فىِ السماء إِشتياقتنا فىِ السماء الإِنسان الّلىِ زى ده يعِرف إِزاى يعيش يُرضىِ الله لأنّهُ سِر إِشتياقاته فىِ السماء صِناعة أى قديس هى إِيمانه بالأبديّة ، عِندما آمن بالأبديّة منهُم الّلىِ باع والّلىِ إِستُشهد كُلّ دى تضحيّات قدّموها فىِ يقين أنّ فىِ منزل مُعدّ لهُم فىِ السماء حياتنا على الأرض يجب أن نكون فيها مجهّزين أنفُسنا للبلد الثانيّة التى سوف نعيش فيها دائماً أبدياً لكى لا أحسّ بالغُربة ، طب لو حبّيت أعرف لُغة السماء ما هى ؟ لُغة السماء هى التسبيح والصلوات " قُدّوس قُدّوس قُدّوس " مُمكن تأخُذ تدريب هو أن تقرأ كثير فىِ سِفر الرؤيّا لكى تعِرف أنت ذاهب لأين ، ولكى تعِرف مواصفات المسكن الذى سوف تسكُن فيهِ ، ومُمكن تعِرف مواصفات العرش الذّى لربنا يسوع الذى سوف تعيش معهُ دائماً أبدياً وتعرف صِفات السمائيين ومجد السمائيين وتعِرف أيضاً مجد الحِمل نفسه لُغة السمائيين وتعِرف صِفات أورشليم السمائيّة وتعِرف أنواع التسابيح المُختلفة00وتعِرف طبيعة المؤمنين وكُلّ هذا موجود فىِ سِفر الرؤيّا عِندما تقرأ عن هذا سوف يجعل مِن قلبك مُلتهِباً بِمحبة السماء والمسيح يجعل عِندك إِشتياق للمسكن الذى سوف تسكُن فيهِ وللشخص الذى سوف تعيش تحت معيّته وحمايته يجب أن نعيش على الأرض وتفكيرنا فىِ المكان المُعدّ لنا ، ربنا يسوع خلقنا لكى نتمتّع بالسماء بِتاعته ، أنا ذاهب لأعُدّ لكُم مكاناً ، إِحنا معانا دعوه للسماء ، إِحنا مدعوين أن نكون سمائيين ، فيجب أن نحرِص على المكان بِتاعىِ ده ويكون موضع إِهتمامىِ وشُغلىِ الشاغل عِندما يكون عِندىِ متاعب على الأرض وهموم ومشاغل إِقتناعىِ بالمكان المُعدّ لىِ فىِ السماء سوف أترُك على الأرض كُلّ إِهتمامات ، لِدرجة أن مُعلّمنا بولس فىِ الحالة ديّه يقول لنا " أنتُم قبلتُم سلب أموالكُم بِفرحٍ عظيم " معقول يوجد أحد يفرح بِسرقة أمواله ! يوجد لأنّهُ عارف أنّ لهُ مالاً أبدياً فىِ السماء لا يفنى وأيضاً مُعلّمنا بولس الرسول يُخاطب تلميذه تيموثاوس ويقول لهُ " إِمسك بالحياة الأبديّة التى إِليها دُعيت ، جاهِد الجِهاد الحسن " عِندما الإِنسان يعيش الأرض ويهتمّ بالأرض والهموم تخُنقه ومشاكل الأرض تبلعه والمشاغل تبلع وقتهُ ، طب وبعدين ما سوف يكون مصِيرنا ؟ المفروض أن يكون لنا العُمر أبديّة لا تنتهىِ ، القديس أوغسطينوس يقول قول جميل جداً " أيّهُا الحبيب إِعلم أنّك لك نِفَس واحدة وأنّ لك حياة واحدة فلا تُضيّعهُما " ، فعلاً الواحد ليس لهُ حياتين هى حياة واحدة ، وليس لهُ نفَسِان بل نِفَس واحدة ، العُمر الذى نعيشهُ هو عُمر واحد لا عُمرين مش هناخُذ عُمر إِحنا في فيجب ألاّ نُضيّعها يقول أحد الآباء " طوبى لكُلّ الّذين يعملون الآن بكُلّ قوّتهُم لإِرضاء الله فإِنّ لحظة واحدة مِن ذاك المجد يُنسيهُم كُلّ أتعابهُم " تصّوروا أنّهُ يوجد بعض البلاد لا تعرف الجنية المصرىِ ، فتخيلّ أنت لو سافرت هذهِ البلاد وكُلّ الّلىِ معاك جنية مصرىِ ماذا سوف تفعل ساعتها هتشحذ ، فتخيلّ عُملة السماء ، تخيلّ لو إِنت روحت السماء بِكنز الأرض ماذا سوف تعمل هُناك ؟ لكى تستطيع أن تعيش فىِ السماء يجب أن يكون معاك نِفَس عُملتها ، فيجب عليك فىِ الأرض أن تبدلّ العُملة بِعُملة ، تبدلّ عُملة الأرض بِعُملة السماء ، تبدلّ حياتك وقلبك ونِفَسك لكى يكونوا مُقدّسين ، لكى يكونوا عُملة نافعة للسُكنى فىِ السماء ، يجب أن يكون قلبك مُلتهب بِحُب الله وحُب قديسيه ، يجب أن تكون نِفَسك وروحك مُلتهبة بتسبيح الله وتمجيده الدائم على الأرض لكيما تستطيع أن تسكُن السماء ولا تشحذ عِندما تصل إِلى فوق أو يقولوا لك إِنت ماتنفعناش هُناك لأنّهُ ليس لك عُملة السماء فعليك أن تمتلىء بِمحبة الله وتمجيدهُ الدائم على الأرض لكى تستطيع أن تعيش فىِ السماء 0 2- الطريق للوصول إِلى المكان المُعدّ لنا :- " أنا هو الطريق والحق والحياة " ما هو الطريق ؟ ماذا يعنىِ ربنا يسوع بأنّهُ هو الطريق ؟ كيف أصل للطريق الّذى يُريده ربنا يسوع ؟ الطريق هو وصاياى كلامىِ حياتىِ سِلوكىِ مُعلّمنا بولس يقول " ينبغىِ أنّهُ كما سلك ذاك هكذا نسلُك نحنُ أيضاً " ، لِماذا تجسّد ربنا يسوع ؟ لكى يكون بِنفَس طبيعتىِ ، الطبيعة الضعيفة التى تشتهىِ الأرضيّات فربنا يسوع أخذ هذا الجسد الضعيف لكى يُعلّمنا كيف نسلُك بِهذا الجسد حياة سماويّة ولكى يُقدّسهُ أيضاً ، لِذلك هو تجسّد لكى يُعلّمنا الطريق " تاركاً لنا مِثالاً لنتبّع خطواته " إِقرأ كثير فىِ وصيّة ربنا لتوصلك للطريق ، لِتُحّكمك فىِ الخلاص ،" الرّبّ يُحكّم العُميان ، سراجُ لرجلىّ كلامك ونور لسبيلىِ " ، أمشىِ على الوصيّة ولا أخاف ، عِندما جاءوا للأنبا أنطونيوس فىِ صورة نمور وحوش فىِ صورة نساء ، إِيه الّلىِ كان ساند الأنبا أنطونيوس ؟ الوصيّة الإنجيل قالّىِ لِذلك لم يهتز ولم يشُكّ ، عِندما قال هذا كان الله هو الضامن لكلمته ، مُرشده فىِ الطريق الطريق واضح جداً لكُلّ نِفَس تشتاق إِليهِ وكُلّ نِفَس تبحث عنهُ ، مِن الذى حبّ أن يعرِف ربنا ولم يعرِف ؟ مِن الذى حبّ أن يعيش مع ربنا ولم يعرف ؟ مِن الذى رفع قلبه لِربنا وربنا لم يُظهر لهُ نفسه ؟ " عرّفنىِ يارب الطريق " ، مُعلّمنا داود النبىِ كان يقولهُ فىِ مذلّة وإِنكسار ، علّمنىِ يارب كيف أصنع مشيئتك ؟ عرّفنىِ يارب الطريق ؟ لمّا نكون محتارين فىِ الطريق نرفع قلوبنا بِصلوة ، نفكّر فىِ حياة ربنا يسوع على الأرض ، المزمور يقول " الرّبّ صالح ومُستقيم ويُرشد الّذين يُخطئون فىِ الطريق " دا لو إِنت ماشىِ خطأ ربنا هيغيّر لك طريقك ويمشّيك صح ، " الرّبّ صالح ومُستقيم ويُرشد الّذين يُخطئون " ، طالما أنا برفع قلبىِ ولو أنا ماشىِ غلط ربنا هيرشِد الّذين يُخطئون ربنا يسوع المسيح فىِ البرّيّة عارف أنّهُم هيتوهوا وأنّهُم هيبعدوا فقدّسلهُم الطريق وقادهُم فىِ الطريق وضمن لهُم الطريق فىِ النهار عمود سِحاب فىِ السماء وفىِ الليل عمود نار لكى يُنير لهُم ظُلمة الليل إِحنا كمان نِفَسِنا نِفضل ماشيين زى ما هوّ يقولنا " حيثُ قادنىِ أسيرُ " ، قُدنىِ فىِ الطريق الّلىِ إِنت عايزه لىّ يارب ، فىِ حياتىِ فىِ سِلوكىِ فىِ شُغلىِ فىِ عملىِ فىِ أمورىِ لمّا أحتار فىِ أمر أرفع قلبىِ لهُ ، أقولّه إِنت عايزنىِ فين ؟ لو أنا فىِ حيرة مِن أجل أمرٍ ما علىّ أن أُصلّىِ ، عليك أن تجتهد فىِ حياتك ولا تأخُذ خطوة إلاّ بِصلاة لكى أعرف الطريق ده منّه وليس منىِ يوجد صلوة فىِ الأجبية لِطلب المشورة تقول " لا تترُكنىِ ومشورة نفسىِ بِمشورتك تُهدينىِ وبيمينك تمُسكنىِ " 00يقولّك جُملة أجمل " لئلاّ أتورّط فىِ ميولىِ "00أنا مش عايز أتورّط فىِ حاجة أنا ميلت إِليّها فأرجوك لا تترُكنىِ ومشورة نفسىِ ، أنا عايز أمشىِ فىِ طريق إِنت تقول عليه يارب ، حتى لو كان هذا الطريق صعب أنا هقبله لأنّك قولتلىِ عليه ربنا يسوع المسيح جهّز لنا الطريق وعرّفنا الطريق وأعطانا الوصايا ، مُعلّمنا بولس يقول لنا " طريقاً كرّسهُ لنا حياً جديداً بالحِجاب أى جسدهُ " ، المسيح هو الذى ضمن لنا الطريق ، هو الذى أسّس الطريق ، ولكى أضمن هذا الطريق يجب علىّ أن أراجع نفسىِ بإِستمرار وأبحث إِذا كُنت أنا سالك فىِ الطريق الصحيح أم الخطأ فىِ سِفر مراثىِ أرميا يقول " فلنفحص طُرقنا ونختبر خطواتنا ونرجع إِلى الرّبّ " ، يجب علىّ بإِستمرار أن أفحص طريقىِ وأعرف إِذا كُنت أنا سالك صح أم خطأ ، سالك فىِ وصيّة ربنا يسوع أم لا ، سالك بِحسب رِضاه أم لا ، أرجوك يارب إِذا كُنت أنا تركت طريقك فإِرشدنىِ لهُ " فىِ طريق أحكامك إِنتظرناك يارب00إِلى إِسمك وإِلى ذِكرك شهوة النِفَس " أنا فىِ الطريق يارب منتظرك لكى تُهدينىِ وتُرشدنىِ وهذا الطريق لهُ علامات كثيرة جداً 00ومِن أكبر العلامات هى أنّك :- 1- تعيش التوبة بإِستمرار ، وأيضاً تلاقىِ ربنا علّمك معنى الفضيلة ، معنى التواضُع الذى يجب أن تكتسبه ، وأيضاً معنى التسامُح فىِ حياتك 0 2- وأيضاً معنى العطاء ، يجب عليك أن تكتسب كُلّ هذا لكى تصل إِلى الطريق ، لكى تصل إِلى قلب ربنا يسوع عليك أن تمشىِ فىِ إِتجاه هذهِ العلامات 0 3- وعِندما تعيش هذهِ الفضائل فستجد الطريق راسخ داخلك وأيضاً سوف تجد وقتها طريقة جديدة تُعطىِ بِها وهذهِ مِن ضِمن علامات الطريق ، وأيضاً ما دام إِنت قبلت أن تُنفق مِن أجل الله معنى هذا أنّ إِنت قبلت أن تعيش للّدهر الآتىِ 0 4- عِندما تبدأ تعيش إِحدى الفضائل مِثلاً الإِتضاع الحقيقىِ ساعتها هتلاقىِ نِفَسك سالك بِطريقة صحيحة0 5- عِندما تجد محبتك للآخرين تزداد وخدِمتك لهُم تزداد إِعرف أنّك سالك فىِ الطريق 0 6- عِندما تجد أنّك بدأت تُحب الكنيسة وتزداد فىِ العِبادة والصلوات تزداد فىِ التسابيح ، إِعرف ساعتها أنّك بتحِب السماء وأنّك سالك صح 0 علامات أُخرى تعرِف بِها أنّك سالك بِطريقة خاطئة فىِ الطريق أو عكس طريق ربنا يسوع :- أ‌- إِذا كُنت عايش الأنانيّة وتُريد الغِنى والثروة على الأرض ، إِعرف أنّك بعيد عن الطريق0 ب‌- إِذا كُنت لا تُحب السكون والمكوث فىِ الكنيسة ، وإِذا التسابيح والصلوات طالت تزهق وتضايق ، إِعرف أنّك لم تُحب السماء بعد 0 ت‌- عِندما تكون الفضيلة ليست راسخة أو ثابتة فىِ حياتك ، وعِندما يكون يقينك بالحياة الأبديّة مُش راسخ فىِ حياتك إِعرف أنّك سالك خطأ 0 ث‌- عِندما تكون عِينك بعيدة عن وصيّة ربنا يسوع يُبقى إِنت فقدت الطريق ، لِذلك يقولّك " أنا هو الطريق والحق والحياة " 0 ربنا يسوع لم يخلقنا لِنهلك ، ولم يأتىِ بِنا إِلى الكنيسة لكى نضيع ولم نُعمّد لكى نفقد ميراث الملكوت ، بل إتعمدّنا لكى نأخُذهُ وبنذهب للكنيسة لكى نحافظ على هذا الميراث ونحنُ عايشين على الطريق لكى نضمن طريق السماء يجب علينا وبإِستمرار أن نتمسّك بالوعد " الدخول إِلى الراحة " والمفروض على كُلّ أحد منّا ألاّ يخيب بِهذا الوعد أبداً ربنا يسند كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ لإِلهنا المجد دائماً أبدياً أمين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل