المقالات

11 يوليو 2021

الخادم والحماس

قيل عن المتنيح القمص بيشوي كامل إنه كان دائمًا يردّد الآية «خدامه لهيب نار».. وبذلك ينادي دائمًا على ضرورة حماس الخادم المتقد تجاه خلاص النفوس وجذبها، إذ يُعَدّ الحماس تعبيرًا أمينًا عن صدق الحب للمخلص والفادي، فيردّد: «كيف أنجو إن أهملت خلاصًا هذا مقداره».. ويصل به إلى درجة الشغف للخدمة في وقت مناسب ووقت غير مناسب.رأينا معلمنا بولس يعظ في البيوت، والمجامع اليهودية، وفي الطرقات، والسياجات، بل وفي الأسواق، والسجن... ولم تمنعه الضيقات والمكائد والأخطار عن استكمال مسيرة الخدمة حتى وصل إلى روما متغلِّبًا على كل العوائق، ولم نجده يفقد حماسه حتى النهاية، ولم يقع في الكسل واليأس ورثاء الذات. وكان هذا منهج التلاميذ في الكرازة بعمل المخلص، إذ أخذوا على أنفسهم ضرورة امتداد الكرازة بما رأوا وسمعوا رغم كل تهديد ووعيد.+ يُعَد الحماس للخدمة هو دافعها القوي والأمين والمستمر، فهو الذي يمنح القوة والتأثير في المخدومين، ولذلك نجد في كرازة القديس يوحنا المعمدان نموذجًا رائعًا لحماسة الخدمة التي ينبغي أن نتعلمها وتتدفق إلينا، وننادي «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم».+ كيف ننادي بالمخافة والتوبة والخلاص من الهلاك الأبدي، ونختطف نفوسًا من النار ومن قبضة العدو، برخاوة وبدون حماس؟ وكيف ندعو لبناء الأسوار المنهدمة، ولا نلهب القلوب بالحماس بأن نقوم ونبني ولا نكون بعد عارًا؟ وكيف نوقظ المتهاون بروح التهاون؟!.. فلا يصح مجرد النصح لمن يغرق، ولا مجرد التوجيه لمن تمكّن المرض منه. ومع الإيمان بجسامة المسؤلية يتولّد الحماس والغيرة، فنردّد: «من يضعف وأنا لا أضعف؟ من يعثر وأنا لا ألتهب؟»ونتعجب حين يحذّر إرميا النبي «ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة» (إر48: 10)، ووصل به الأمر أن نادى: «أحشائي، أحشائي! جدران قلبي توجعني، لا أستطيع السكوت» (إر4: 19). ورأينا إشعياء النبي يصرخ: «نادِ بصوت عالٍ، لا تمسك، ارفع صوتك كبوق، وأخبر شعبي» (إش58: 1).+ الحماس يظهر في الإعداد الجيد، والحضور المبكر، وحُسن الاستقبال، وغيرة الأداء، ونبرة الصوت، ونشاط الحركة، والتأهُّب للمساعدة.. أمّا الخمول والتباطؤ والتثاقل في الأداء وبطء الإيقاع وإهمال الإعداد وعدم التفاعل، فيُحدث لونًا من ألوان الخمول والتراخي وعدم المصداقية، وبالتالي عدم الاستجابة لما يُقال أو يُفعَل... ويعبّر عن خادم فقد رجاء دعوته!ما أجمل أن نستودع مواهبنا وقدراتنا في يد القدير، فيطلقها كسهام بيد جبار، تعمل بقوة تفوق قدراتنا الضيقة المحدودة.أشير عليك أن تأخذ نصيبك من ذلك الروح الناري الذي يمنحك القوة والغيرة، فتتكلم بما يتخطّى قدراتك، فتخبر بعظائم فوقك، ويتمجد الله حين يرى غيرتك وحماسك وتعبك، فكيف لا يحصد بابتهاج من زرع بدموع... ليت اسمه يكون محصورًا في قلوبنا وعظامنا، فلا ندعه يسكت ولا نستطيع أن نسكت عن المناداة به وله... القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
26 مايو 2021

تأملات فى أهمية القيامة

الحياة والخلود:- مبارك هو الله الذى منحنا الوجود إذ لم تكن ، وميزنا عن باقى الكائنات بالعقل والنطق وأعطانا الله الحياة 0 وهى سر يغوص الناس فى أعماقه ، ولا يصلون إلى مكنوناته وأعطى الله الحياة لكائنات حية عديدة جداً تعيش معنا على هذا الكوكب ، من طيور وحيوانات وحشرات وهوام وأسماك ، كل منها له طبيعته ولكن الحياة فى الإنسان تميزت بميزة أسمى من كل تلك الكائنات تميزت بالروح التى تختلف عن أنفس الحيوانات فتلك الكائنات الحية معنا حياة أما نحن فلنا حياة ، وحياة أخرى إذ أعطامنا الله حين خلقنا أرواحاً خالدة الخلود عطية عجيبة وعميقة جداً ، منحها الله للبشرية فكان إذن من أهم عطاياه لنا الوجود ، والحياة ، والخلود 0 مع سمو فى كل من هذه الأمور الثلاثة ، نتفوق فيها على كل المخلوقات الأرضية 0 يضيف لها الله مجموعة من المواهب والقدرات ، تتنوع من إنسان لآخر ، حسبما قسم الله لكل واحد كما شاءت مواهبه الإلهية ( 1 كو 12 : 11 ) خروج الحياة من الإنسان سر لا ندريه 0 ورجوع الحياة إليه سر أعظم كل ما ندريه عن خروج الحياة من الإنسان هو بعض مظاهر خارجية ، مثل توقف المخ ، وتوقف القلب ، وتوقف النفس ، وتوقف النبض ، وتوقف الحرارة ، وتوقف الحس ، وبالتالى توقف كل أجهزة الجسد أما خروج الروح من الجسد ، فهو سر كيف يحدث ، ومتى ؟ وما تحيط به من مشاعر وأحاسيس ، أو من مناظر 0 وما يتبع ذلك ، ومسيرة الروح كل هذه أسرار حتى الذين عادوا إلى الحياة ، وأقامهم الأنبياء فى العهد القديم ، أو أقامهم السيد المسيح له المجد ، لم يخبرونا بما حدث لهم ، وكيف خرجت منهم الحياة ، وكيف عادت إليهم ، وكيف كانوا بين الحالين ؟! كل ذلك بقى سراً مختوماً عليه بسبعة ختوم كل ما نستطيعه ، هو أن نشكر الله ، لأنه وعد أن يعطينا حياة أخرى إنها حياة بعد الموت ، ننالها فى القيامة العامة ، التى تقوم فيها جميع البشر 0 ترجع الأرواح إلى اجسادها فتقوم ، لتقف فى يوم الدينونة العظيم ، الذى فيه يجازى الله كل نفس بما عملت 0 وينال كل واحد منا حسبما صنع بالجسد كان أم شراً ( ( 2 كو 5 : 10 ) ولكن كيف تعود الأرواح إلى الأجساد ؟ هنا نقف بالإيمان أمام قدرة الله القادر على كل شئ الله الذى خلق الكون كله من العدم ، أتكون القيامة صعبة عليه ؟ حاشا القيامة تعطينا إذن فكرة عن قدرة الله الله القوى المتناهى فى قوته ، الذى يستطيع أن يعيد هذه الأجسام مرة أخرى بعد أن تتحلل وبعد أن نتحول إلى تراب 000 ويعيدها فى نوع من التجلى ، أجساداً روحانية ،سماوية ، نورانية ( 1 كو 15 : 49 ) 0 لا يدركها الموت فيما بعد ، ولا يدركها تعب ، ولا مرض فالله وعد الإنسان بالخلود ، وليس بالخلود لجزء منه فقط هو الوح ، بل الخلود للإنسان كله ، روحا وجسداً فلو أن الروح فقط أتيح لها الخلود والنعيم الأبدى ، إذن لا يمكن أن نقول إن الإنسان كله قد تنعم بالحياة الدائمة ، وإنما جزء منه فقط ، وهو الروح 0 فبالضرورة إذن لابد أن يقوم الجسد من الموت ، وتتحد به الروح ، لتكون إنساناً كاملاً تصير له الحياة الدائمة 0 الجسد والروح معا:- القيامة عقيدة أساسية فى جميع الأديان ولولاها ما يثبت دين إطلاقاً فنحن نؤمن بقيامة الجسد من الموت وبالحياة الأخرى والنعيم الأبدى وعقوبة الأشرار إن قيامة الأجساد ضرورة تستلزمها عدالة الله فالإنسان مخلوق عاقل ذو إرادة 0 وبالتالى هو مخلوق مسئول عن أعماله وسيقف أمام الله ، لينال ثواباً أو عقاياً عما فعل خلال حياته بالجسد على هذه الأرض فهل يعقل أن يقع هذا الجزاء على الروح فقط ، أم يقع على الإنسان كله بروحه وجسده ؟ إن الروح والجسد اللذين اشتراكاً معاً فى العمل ، تقتضى العدالة الإلهية أن يتحملا الجزاء معاً ، أو أن يتنعماً بالمكافأة معاً الجسد هو الجهاز التنفيذى للروح أو للنفس أو للعقل الروح تميل إلى عمل الخير ، والجسد هو الذى يقوم بعمل الخير ، يجرى ويتعب ويشقى ويسهر ويحتمل أفلا تكون له مكافأة عن كل ما اشترك فيه من خير مع الروح ؟ أم تتنعم الروح وحدها فى الأبدية ، وكل تعب الجسد يضيع هباء ؟! وهل يتفق هذا مع عدل الله الكلى العدالة ؟! ونفس الوضع نذكره أيضاً عن عمل الشر الذى يشترك فيه الجسد مع الروح بل قد يكون له فى الشر النصيب الأوفر فالجسد الذى ينهمك فى الملاذ العالمية ، من أكل وشرب وسكر ومخدرات وزنى ورقص وعبث ومجون ، ويلذذ حواسه باللهو هل بعد هذا كله ، تدفع الروح الثمن وحدها فى الأبدية ، ولا يلحق بالجسد شئ من العذاب أو من المجازاة ؟! كلا ، فهذا لا يتفق مطلقاً مع العدل الإلهى ، الذى لابد أن يجازى الإنسان كله روحاً وجسداً إذن لابد أن يقوم الجسد ليشترك فى المجازاة ، ويكون الحساب لكليهما معاً لأنهما أشتركا فى العمل معاً ، سواء بدأت الروح ، وأكمل الجسد أو أشتهى الجسد واستسلمت الروح له ، واشتركت معه فى شهواته إن الجسد ينفذ ما تريده الروح ، ويبر أيضاً عن مشاعرها ولنأخذ الجندى فى الميدان مثالاً لنا الجندى تدفعه روحه إلى أعمال البسالة والبذل والفداء ، وتشتعل روحه بمحبة وطنه ومواطنيه ولكن الجسد هو الذى يتحمل العبء كله ، ويدفع الثمن كله الجسد هو الذى يتعب ويسهر ويحارب ، وهو الذى يجرح ويتمزق وتسيل دماؤه فهل بعد كل هذا تتمتع الروح وحدها ، والجسد لا يشترك معها فى المكافأة ؟! وكأنه لم ينل أرضاً ولا سماء ؟! إن العدل الإلهى لا يوافق إطلاقاً على هذا إذن لابد أن يقوم الجسد من الموت ، ليشترك مع الروح فى أفراحها ولنضرب مثلاً واحداً للشركة بين الروح والجسد ، وهو العين الروح تحب أن تشفق ، ويظهر الحب والإشفاق فى نظرة العين 0 والروح تغضب أو تميل إلى الانتقام 0 وترى العين نظرة الغضب أو نظرة الانتقام 0 الروح تتجه إلى الله بالصلاة ، وترى فى العين نظرة الابتهال ، أو تغرورق العين بالدموع من تأثر الروح الروح الوديعة المتضعة يشترك معها الجسد بنظرات وديعة متضعة 0 والروح المتكبرة المتغطرسة المتعالية ، يشترك معها الجسد أيضاً بنظرات التكبر والغطرسة والتعالى 0 وكما تشترك العين ، تشترك أيضاً كل ملامح الوجه ، كما تشترك دقات القلب ومراكز المخ ، وأعضاء أخرى من الجسد 0 هذه أمثلة من الشركة بين الروح والجسد 0 وفى مجال الجد والإجتهاد ، نرى هذا أيضاً ويوضح هذا قول الشاعر : وإذا كانت النفوس كباراً تعبت فى مرادها الأجساد إذن تكون المكافأة فى الأبدية للروح الكبيرة التى أرادت الخير وصممت على عمله ، وأيضاً للجسد الذى حمل عبء وجاهد واحتمل وصبر ، حتى حقق حقق للروح رغبتها وهكذا كما اشترك معها فى العمل ، ينبغى أن يقوم ليشترك معها فى الجزاء وفى حمل المسئولية فالمجازاة هى للإنسان كله ونحن على الأرض نكافئ الجسد ، ونعتبر هذا أيضاً مكافأة فى نفس الوقت للروح التى لا نراها ألسنا نمجد أجساد الشهداء والأبرار ، ونجعل مقابرهم مزاراً ، ونضع عليها الورود والأزهار والأطياب ، ونصلى هناك من أجلهم ؟ ولا نعتبر هذا كله مجرد إكرام للجسد أو للعظام أو للرفات أو للتراب ، وإنما للإنسان كله 0 لأننا فيما نفعل هذا ، إنما نكرم روحه أيضاً وإن كان الإنسان لا يستحق الإكرام ، ينسحب الأهمال على جسده وعلى روحه معاً 0 فالمجرمون الذين يحكم عليهم بالأعدام أو بالسجن ، تنال أجسادهم جزاءها وفى نفس الوقت يلحق بأرواحهم سوء السمعة ، وتتأثر أرواحهم بما يحدث لأجسادهم فإن كانت عدالتنا الأرضية تفعل هكذا ، فكم بالحرى عدالة الله عدالة الله تشمل الإنسان كله ، روحاً وجسداً ، لذلك لابد أن يقوم الجسد الذى عاش على الأرض مشتركاً مع الروح فى أعمالها 0 وليس فى مجرد الأعمال فقط ، بل حتى فى الأفكار والمشاعر فإن الجسد ينفعل بحالة الروح ، بفكرها ومشاعرها ونياتها الروح تقدم المهابة أو الخشوع فينحنى الجسد تلقائيا الروح تحزن فتبكى العين ، ويظهر الحزن على ملامح الوجه وفى حركات الجسد الروح تفرح ، فتظهر الابتسامة على الوجه الروح تخاف فيرتعش الجسد ، ويظهر الخوف فى ملامحه الروح تخجل ، فيعرق الإنسان ، أو يبدو الخجل فى ملامحه إنها شركة فى كل شئ ، ليس من العدل أن تتحملها الروح وحدها أو الجسد وحده إنما يتحملها الإثنان معاً ، وهذا هو الذى يحدث فى القيامة كذلك من العدالة أن تقوم الأجساد لتنال تعويضاً عما كان ينقصها فالعميان مثلاً والمعوقون أصحاب العاهات ، والمشوهون ، وكل الذين لم تنل أجسادهم حظاً من الجمال أو الصحة أو القوة من العادلة أن تقوم أجسادهم فى اليوم الخير ، وتقوم بلا عيب ، حتى يعوضها الله عما قاسته على الأرض من نقص وألم كذلك الذين عاشوا على الأرض فى فقر وعوز ، وفى جوع ومرض ، كان له تأثيره على أجسادهم ، يحتاجون أن تقوم أجسادهم فى حياة أخرى لا تشعر فيها أجسادهم بما كان لها على الأرض من ألم كرامة الإنسان :- إننا نفرح بالقيامة ، ونراها لازمة وضرورية وممكنة ونراها تعبيراً عن محبة الله للبشر ، وتعبيراً أيضاً عن عدله القيامة أيضاً تعطينا فكرة عن محبة الله للبشرية ،الله الذى أحبنا حتى أنعم علينا بالخلود ، كما أحبنا من قبل وأنعم علينا بالوجود الله المحب منح البشرية هذا الخلود العجيب ، فيحيون إلى الأبد فى نعيم دائم القيامة أعطت الإنسان قيمة معينة ، أعطت لحياته قيمة فلو كانت حياة الإنسان تنتهى عند القبر ، لأصبح مخلوفاً فانياً زائلاً ، مثله مثل الحيوان تماماً ، ومثل باقى الكائنات التى لها مجرد حياة أرضية فقط ما هى إذن الميزة التى لهذا الكائن البشرى العاقل الناطق ، الذى وهبه الله من العلم موهبة التفكير والاختراع ، والذى سلطه على كل الكائنات الأرضية الأخرى ! هل يعقل أن هذا الإنسان العجيب ، يؤول جسده إلى مصير كمصير بهيمة أو حشرة أو بعض الهوام ؟! إن العقل لا يمكنه أن يصدق هذا إذن قيامة الجسد تتمشى عقلياً مع كرامة الإنسان الإنسان الذى يتميز على جميع المخلوقات ذوات الأجساد ، والذى يستطيع بما وهبه الله أن يسيطر عليها جميعاً ، وأن يقوم لها بواجب الرعاية والاهتمام إذ أراد 0 فكرامة الجسد هذا المخلوق العاقل ، لابد أن تتميز عن مصير باقى أجساد الكائنات غير العاقلة غير الناطقة وهذه الميزة تظهر فى قيامة الجسد وتجليه لذلك نشكر الله لأنه بالقيامة أعطى لحياتنا امتداداً كبيراً إلى غير نهاية ، حيث يعيش الإنسان فى حياة أخرى لا تنتهى إلى الأبد عندما خلق الله الإنسان خلقه حياً ، ذا نفس حية ، ولم يكن تحت سلطان الموت إذن الموت دخيل على العالم ، والحياة هى الطبيعة الأصلية للإنسان وبالقيامة يرد الله الإنسان إلى رتبته الأولى ، إلى الحياة التى خلق بها ولأجلها 0 فوائد أخرى للقيامة:- بالقيامة تتثبت المبادئ الروحية ، ويصبح الإنسان صاحب رسالة وصاحب قيم لأنه مع القيامة توجد المسئولية وتوجد الدينونة ، والإنسان يقوم من الموت لكى يقف أمام منبر الله العادل ليعطى حساباً عن كل ما فعله بالجسد إن خيراً وإن شراً يعطى حساباً ليس فقط عن أعماله ، وإنما أيضاً عن أعماله ونياته وحواسه ومشاعره الباطنية ومادام الإنسان سيقوم وسيعطى حساباً عن كل شئ ، ينبغى إذن له أن يحيا حياة التدقيق والحرص ، حياة البر والقداسة التى يقف فيها بلا خجل ولا خزى ولا خوف أمام الله ، وأمام الناس فى اليوم الأخير لو لم تكن قيامة لساد الفساد العالم ، ولأنتشر الظلم ، ولأكل الناس بعضهم بعضاً لو لم تكن هناك قيامة للأجساد ، وحياة أخرى ، لانتشر الفساد والأربيقورية التى تقول " لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت " ، ولتهالك الإنسان على ملاذ الدنيا وعلى المادة 0 لكن بالقيامة أصبحت هناك قيم ، وهناك مبادئ ، وهناك أهداف روحية يحيا الإنسان لها ، وهناك الحياة الآخرة التى يسعى الإنسان إليها بهدف واسع كبير غير الأهداف القصيرة المؤقتة التى يعيش لها الناس وبالقيامة دخلت إلى الإنسان مشاعر الشجاعة والجرأة وعدم الخوف وأصبح الإنسان لا يخاف الموت ، وهكذا على رجاء القيامة تقدم الشهداء إلى الموت غير هيابين إنهم يعرفون أن الموت ليس نهاية حياتهم ، ويرون أن بعد الموت باباً واسعاً لحياة لا تنتهى على رجاء القيامة عاش الناس على هذا الرجاء فى فكرهم السماء ، وفى فكرهم النعيم الأبدى ، وفى فكرهم سعادة تفوق سعادة الدنيا ، وهى ما عبر عنها الكتاب بقوله " ما لم تره عين ، وما لم تسمع به أذن ، وما لم يخطر على قلب بشر ما أعده الله لمحبى اسمه القدوس " إن الناس كلما يودعون راحلاً عن الدنيا يودعونه على رجاء القيامة ، باعتبار أنهم سيرونه هناك بل إن القيامة أعطت رجاء أوسع من هذا ، ليس فقط فى تلاقى الأحباء والأقرباء ، وإنما فى تلاقى الأجيال كلها حيث يلتقى الناس هناك فى السماء مع أبينا آدم وأبينا نوح والأنبياء ، ومع جميع الأبرار فى جميع العصور ستلقى الأجيال كلها هناك فى القيامة ولولا القيامة ما كان مثل هذا اللقاء ممكناً ، ولعاش الناس فى جيل محدود ، وفى زمن محدود لا يتعدونه ومن هنا رأينا أناساً يعيشون حياة الزهد والنسك والتجرد من الماديات فى العالم ، لأنهم يعرفون تماماً أن وراء هذا النسك والزهد توجد مكافأة أبدية تعوض كل شئ 0 الاستعداد:- ولكن ولكن هذه القيامة يا أخوتى هى فرح للأبرار ، وهى خوف ورهبة للمخطئين والأشرار الذين يخافون من القيامة لأنها تفتح باباً أبدياً فىعقاب الله لذلك إذ نتذكر القيامة ، وإذ نتذكر هذا العمر الطويل غير المتناهى الذى ينتظرنا فى الأبدية ، نستعد لهذه الحياة بحياة البر وحياة الإيمان ، لكى نستحق هذا الخلود السعيد لأنه لن يدخل فى نعيم الله الأبدى إلا المؤمنون الذين عاشوا بالحب ، وعاشوا بالسلام ، وعاشوا فى خير ، ينشرون الخير أينما وجدوا ، وأينما حلوا ويبحثون عن سعادة غيرهم أكثر من سعادتهم الشخصية هؤلاء الأنقياء الأبرياء ، الأبرار هم الذين يعيشون فى النعيم الأبدى علينا أن نحيا فى هذا البر ما دامت لنا أنفاس تتردد فينا ، ولنبذل كل طاقاتنا لكى نسعد الأجيال التى نعيش فيها ، ولكى نتمثل بالسيد المسيح الذى قيل عنه " كان يجول يصنع خيراً " قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
17 يونيو 2022

الخدمة وكيفية ممارستها

أولا : قيم ومفاهيم الخدمة مفهوم الخادم والخدمة : الخادم بالمعنى المفهوم للكلمة ، هو الإنسان الذي يربط وسطه ليعمل في المنزل ، ينظف ويطبخ . ويقـدم لـرب البيت ولربـة البيـت ولأفراد المنـزل مـا هـم في حاجة إليـه مــن طعام وشراب و ... ، هذا هو المفهوم الموجود في أذهاننا ، وربما لهذا السبب ومن أجله سيدنا له المجد عندما أراد أن يغسل أرجل التلاميذ ائتذر بمئذرة ، أي ربط وسطه بمنديل لكى يقـوم بـدور الخادم ، وانحنى على الأرض وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ، والبطريرك والأسقف والكهنة يفعلوا كما فعل المسيح ، ولهذا في تقليد الكنيسة أن رجال الدين يربطوا وسطهم بحزام ، وكذلك الرهبان يلبسوا المنطقة ، القصد من هذا أن الراهب قائم على خدمة الله وعبادته ، فيعبر عن هذه الخدمة بأن يربط وسطه ، رمز على أنه خادم الله ، لأن ربط الوسط يمكن الإنسان من أن يجمع ملابسه الواسعة لكـى يـكـون عنـده إستعداد بـأن يـقـوم بنشاط حركي كبير ، وحتى السيدات كن يلبسن الزنار ، والسيدة العذراء كانت تلبس زنار لكي تتمكن من العمل ، وأن تنحنى وأن تقـف بـدون عائق ، فهذا هو الأساس في أن سيدنا لـه المجد ربط وسطه بمئذرة ، وكذلك الكاهن يربط وسطه بالمنطقة لأنه يقوم بدور الخادم . المفهوم الخاص للخدمة : في المجال الكنسي عندما نقول خادم أو خدمة ، عادة ينصرف تفكير الإنسان بأن الخدمة هي العمل التعليمي في الكنيسة سواء كان للكبار أو للصغار ، ومفهوم الخدام هنا هو المعنى المحدود في خدمة التعليم المناسب للكبار وللصغار أيضا. المفهوم العام للخدمة : أما الخدمة في مفهومها المسيحي العام ، هي كل نوع من الخير يسديه الإنسان إلى شخص يكون في حاجة إليه ، فليس مفهوم الخدمة هو أن يلقى الإنسان درساً على أطفال أو على كبار فقط ، ولكن هناك معنى أعم للخدمة يظهر في الخدمات العملية ، فإذا كان الواحد يمشي في الطريق ورأى رجلا أعمى ، فكـونـه يقـود الأعمى حتى لو لم يطلب منه ، هذه خدمة ، أو كونه يريح إنسان ملهوف ، أو يتقدم لخدمة إنسان عجوز أو إمرأة عجوز ، ويعبر به أو يعبر بها الطريق فهذه خدمة . أو كونه يجد إنسان مريض ويكون في إمكانه أن يسعفه ، وإن لم يكـن في إمكانه أن يسعفه فكونه يستدعى له الطبيب ، أو يجرى ليحضـر لـه دواء ، هذه خدمة ، لو وجدت إنسان مسكيناً محتاج إلى القوت الضروري أو إلى ملابس ، لو أعطيته شيء يقتات به فأنقذت حياته بدلا من أن يموت من الجوع ، هذه خدمة ، كل إنسان يقوم بخدمة في دائرة عمله أو تخصصه سواء كان طبيب أو محامي أو قاضي أو مهندس أو محاسب أو رجل أعمال ، حتى عامل النظافة في الشارع يعد خادما ، لأنه فعلا يقوم بخدمة الآخرين ، وهذا الفعـل بـه خير والناس يحتاجون لهذا الخير ، فهنا الإنسان يـؤدى خدمة لأسـرتـه بالمعنى الضيق ، وللأسرة البشرية بمعناها الواسع ، كـل حسب إمكانياته العقلية أو الذهنية أو الروحية أو اليدوية أو العملية ، كل هذه خدمات ، وهنا يصدق قول الشاعر الناس للناس من بدو وحاضـرة بعض لبعض إن لم يشعروا خدم لذلك يجب أن نحس بإحترام لجميع الخدمات الإنسانية الموجودة في الأسرة البشرية ، ونحس بأن الإنسانية في حاجة إلى هذا النوع من الخدمات ، وإلى أن يتحول كل إنسان إلى خادم الله وخادم لكل الناس . خادم الله إذا أداها بـروح الخدمة من أجل الخير للبشر ، مع نية تنطوى على روح طيبة لإسداء الخير لجميع الناس ، وتخفيـف بـلـواهم وشقاءهم ، بـأن يحمـل متاعبهم ويساعدهم في حملها وتخفيفها عنهم قدر إمكانه أي نوع من هذه الخدمات حتى لو كانت خدمة صامته تدخل في نطاق الخدمة ، فكـون الإنسان يسدى خير لإنسان هو في حاجة إليه هذه هي الخدمة . لذلك نقول أولا : يجب أن لا نحتقر الخدمات الأخرى التي يؤديها آخرون من غير خدمة التعليم . وثانيا : يجب أن لا تقتصر خدمتنا على مجرد درس نلقية والذي أعطانا هذا المفهوم هو سيدنا له المجد ، عندما نتأمل خدمات المسيح له المجد نجد أنه لم يكن فقط يعلم الجماهير ويشبعها من تعاليمه ، ولكن أيضا كان ينظر إلى إحتياجاتها ، فيشفى المرضى ، ويقيم الموتى ، ويطهـر الـبرص ، ويجيـب كـل إنسان إلى إحتياجه ، وهذه هي الصورة التي نجدها في الأناجيل باستمرار . فإن كنا نحن مسيحيين لابد أن نفهم أن مهمتنا في الكنيسة أهم من أن يلقى الإنسان درساً . فلا بد أن نضيف إلى إلقاء الدرس الخدمات العملية . فإذا دخل الإنسان منزل لكي يفتقد طفل أو طفلة ، فإذا كان في إمكانه أن يؤدى خدمة تكون هذه الأسرة في حاجة إليها هذا داخل في مفهوم الخدمة ، وفي نطاق الخدمة ، فلا يكون في حاجة إليه ، فليس مفهوم الخدمة هو أن يلقى الإنسان درساً على أطفال أو على كبار فقط ، ولكن هناك معنى أعم للخدمة يظهر في الخدمات العملية ، فإذا كان الواحد يمشي في الطريق ورأى رجلا أعمى ، فكـونـه يقـود الأعمى حتى لو لم يطلب منه ، هذه خدمة ، أو كونه يريح إنسان ملهوف ، أو يتقدم لخدمة إنسان عجوز أو إمرأة عجوز ، ويعبر به أو يعبر بها الطريق فهذه خدمة . أو كونه يجد إنسان مريض ويكون في إمكانه أن يسعفه ، وإن لم يكـن في إمكانه أن يسعفه فكونه يستدعى له الطبيب ، أو يجرى ليحضـر لـه دواء ، هذه خدمة ، لو وجدت إنسان مسكيناً محتاج إلى القوت الضروري أو إلى ملابس ، لو أعطيته شيء يقتات به فأنقذت حياته بدلا من أن يموت من الجوع ، هذه خدمة ، كل إنسان يقوم بخدمة في دائرة عمله أو تخصصه سواء كان طبيب أو محامي أو قاضي أو مهندس أو محاسب أو رجل أعمال ، حتى عامل النظافة في الشارع يعد خادما ، لأنه فعلا يقوم بخدمة الآخرين ، وهذا الفعـل بـه خير والناس يحتاجون لهذا الخير ، فهنا الإنسان يـؤدى خدمة لأسـرتـه بالمعنى الضيق ، وللأسرة البشرية بمعناها الواسع ، كـل حسب إمكانياته العقلية أو الذهنية أو الروحية أو اليدوية أو العملية ، كل هذه خدمات ، وهنا يصدق قول الشاعر الناس للناس من بدو وحاضـرة بعض لبعض إن لم يشعروا خدم لذلك يجب أن نحس بإحترام لجميع الخدمات الإنسانية الموجودة في الأسرة البشرية ، ونحس بأن الإنسانية في حاجة إلى هذا النوع من الخدمات ، وإلى أن يتحول كل إنسان إلى خادم الله وخادم لكل الناس . خادم الله إذا أداها بـروح الخدمة من أجل الخير للبشر ، مع نية تنطوى على روح طيبة لإسداء الخير لجميع الناس ، وتخفيـف بـلـواهم وشقاءهم ، بـأن يحمـل متاعبهم ويساعدهم في حملها وتخفيفها عنهم قدر إمكانه أي نوع من هذه الخدمات حتى لو كانت خدمة صامته تدخل في نطاق الخدمة ، فكـون الإنسان يسدى خير لإنسان هو في حاجة إليه هذه هي الخدمة . لذلك نقول أولا : يجب أن لا نحتقر الخدمات الأخرى التي يؤديها آخرون من غير خدمة التعليم . وثانيا : يجب أن لا تقتصر خدمتنا على مجرد درس نلقية والذي أعطانا هذا المفهوم هو سيدنا له المجد ، عندما نتأمل خدمات المسيح له المجد نجد أنه لم يكن فقط يعلم الجماهير ويشبعها من تعاليمه ، ولكن أيضا كان ينظر إلى إحتياجاتها ، فيشفى المرضى ، ويقيم الموتى ، ويطهـر الـبرص ، ويجيـب كـل إنسان إلى إحتياجه ، وهذه هي الصورة التي نجدها في الأناجيل باستمرار . فإن كنا نحن مسيحيين لابد أن نفهم أن مهمتنا في الكنيسة أهم من أن يلقى الإنسان درساً . فلا بد أن نضيف إلى إلقاء الدرس الخدمات العملية . فإذا دخل الإنسان منزل لكي يفتقد طفل أو طفلة ، فإذا كان في إمكانه أن يؤدى خدمة تكون هذه الأسرة في حاجة إليها هذا داخل في مفهوم الخدمة ، وفي نطاق الخدمة ، فلا يكون دائما مفهوم الخدمة في نظرنا هي عملية تعليم للصغار أو الكبار ، إنما الإنسان يكون عنده أريحية وإستعداد لأن يؤدى ويشترك في خدمات كثيرة أخرى ، ولذلك حاليا في فروع مدارس التربية الكنسية عندما يعمد الأطفال الصغار الفقراء ، نجد البنات يصنعوا ملابس للأطفال الصغار ، وأيضا نجد في مناسبات الأعياد ، الخدام والخادمات يطبخوا في بعض الفروع بعض المأكولات وتوزع هذه المأكولات ، من اللحوم والخضار والفاكهة إلى البيوت الفقيرة ، ويشترك الخدام والخادمات في هذه الخدمة وهكذا . هذا بلا شك أن هذا مجال متسع جداً أن الإنسان يشغل الطاقات الموهوبـة لـه مـن الله في هذه الخدمات ، ولا تـكـون المسألة قاصرة على درس يلقيـه ، ولـكـن مـهـم جـدا الخدمات الأخـرى العملية ، فمثلا نجد البنات يقوموا بعمل لفائف للكنيسة وللمذبح وبعض الستائر ، والأولاد يعملوا صور وإيقونات ، ومن هنا جاءت فكرة المعارض التي تقدمها فصول مدارس التربية الكنسية ، في مناسبة عيد من الأعياد أو في الأجازة الصيفية أو في أي مناسبة أخرى ، هذا النشاط الذي يتقـدم بـه الأولاد والبنات والخدام والخادمات لإسداء خدمات معينة ، وأيضا حصيلة هذه الخدمات العملية تستغل في نشاط في قرى ، أو في الإنفاق على بعض المحتاجين هو المفهـوم العام للخدمة ، فالخدمة ليست هي فقط خدمة التعليم للصغارأو للكبار ، وبإضافة الخدمات الأخرى العملية ، مـن جهـة نجد بعض الخدام والخادمات ليس لهم موهبـة الشرح والدرس والتعليم ، لكن نجد أن لهم مواهب أخرى ممكن أن تستغلها ، فلا نحتقر أمثال هذه الخدمات ، لأن الكنيسة في حاجة إليها وهي تكمـل خدمة التعليم ، ومن الجهة الأخرى أن المسيح له المجد أعطانا ككنيسة أن لا نعلم الناس فقط ، بل ننظر إلى إحتياجات الناس الأخرى المادية والجسدية أو ما إلى ذلك .. ولهذا السبب قال المسيح لتلاميذه " اشفوا مرضى " ، لذلك دخل سر مسحة المرضى من ضمن الأسرار الكنسية ، الذي فيه الكنيسة تهتم بالمرضى المصابين بالأمراض الجسدية المتسببة عن علل نفسية وروحية ، إنما الأمراض الجسدية البحتة أو العضوية البحتة تدخل في إختصاص الطبيب . السيد المسيح لم يكن يعلم الجماهير فقط ، إنما كان ينظر إلى إحتياجات الإنسان كله باعتباره روح وجسد ، فنحن ككنيسة لابد أن نقوم بهذا العمل ، ولابد أن نوزع على الجميع الإختصاصات ، لأنه ليس كل واحد يقدر أن يقـوم بـكـل شيء ، الطبيب عندما يزور مريض ويفحصه ويشخص المرض ويصف الدواء ، وعن هذا الطريق يشفى المريض وتتحسن حالته ، أكيد أن هذه خدمة ، وهكذا قل عن الصيدلي والمعلم والتاجر والمحاسب ورجل الأعمال ، أعمال مختلفة وأنواع متعددة من الخدمات يمكن أن يسديها الإنسان إلى الآخر ، وهذا معنى خادم وخدام ، وهذا تعبير يجب أن لا نخجل منه ، لأن الشخص الذي يؤدى خدمة لآخر هذا شرف له ، هی كلمة كريمة ومحترمة ويجب أن نحيطها بما يليق بها من التقدير ، لأن الإنسان بهذه الخدمة يخرج عن أنانيته ويخرج عن الإثرة إلى الإيثار ، يبذل الجهد العصبي والجهد الجسماني والجهد المادي أو المالي ، أي نوع من البذل يحقـق خيراً ونفعاً إلى إنسان آخرفي حاجة ماسة إلى هذه الخدمة . عظمة هذه الخدمة لاتقاس بالكم بل بحاجة الشخص المخدوم إليها ، وأيضا بمقدار الجهد الذي بذله الخادم ، كلما كان الجهد أكثر وكلما كانت الحاجة أكثر تكون الخدمة أعظم . وأيضا كلما كانت الوسيلة والكيفية التي تؤدى بها هذه الخدمة ، فروح الخادم واسلوبه وهو يخدم غيره . هنا يظهر باطن هذا الخادم ، ولذلك السيد المسيح مدح المرأة التي أعطت فلسين ، فمـن جهة الكم كانت أقل من أعطى ، لكن السيد المسيح مدحها وقال أنها دفعت أكثر من الأغنياء ، نسبة ما أعطت مما تملك ، وكما قال المسيح أنها أعطت كـل معيشتها وكل ما عندها ، هذا إلى جانب ما انطوت عليه نفسيتها من روح إيمانية غير عادية ومحبتها الشديدة لعمل الخير ، وللكنيسة والهيكل وحب الناس الآخرين ، الذي دفعها أن تفضلهم على نفسها ولذلك هناك خدام لا يجيدون الكلام ، وليس لديهم القدرة على أن يعلموا آخرين ، ومع ذلك يعتبرون أمام الله خداماً من أعلى طراز ، لا يتكلمون وإنما يبذلون خدمات عملية قيمتها أمام الله عظيمة جدا . نقول هذا لا تحقيراً لخدمة الكلمة أو خدمة التعليم ، إنما حتى يتواضع الذين يعتبرون أنفسهم خـداماً ولا ينتفخـوا ، ويحترمـوا الخدمات العملية الصامتة الأخرى ويشعروا أن هذه الخدمات تبنى الكنيسة . وهناك خدمات أخرى خفية غير الخدمات العملية مثل خدمة الصلاة التي يسديها إنسان إليك وأنت لا تعلم ، سواء كانوا من الذين على الأرض أو الذين انتقلوا إلى العالم الآخر ، نحن نؤمن أن للصلاة فاعلية وأن للصلاة أثر كبير في مقاومة الشر وفي هزيمة الشيطان ومساعدة الإنسان . وأيضا موجود في الكنيسة خدمة الموائد ، التي تسمى الآن الخدمة الإجتماعية ، والآباء الرسل وجدوا أن هذه الخدمة ستعطلهم عن التبشير ، فأقاموا الشمامسة ليقوموا بهذه الخدمة وهي خدمة التوزيع على الفقراء والمحتاجين ، وتوجد أيضا خدمة الملاجىء ودور الإيواء وخدمة المسنين والعجزة والمستشفيات والأرامل والأيتام وخدمة اللقطاء ، كذلك حل مشاكل الناس المادية والمعنوية والإجتماعية ، كل هذه الخدمات وغيرها الكنيسة مكلفة بالقيام بها ، هذا إلى جانب خدمة إحتياجات الكنيسة من مبانى وتأثيث وقرابين وشمع وبخور ، وأيضا من خدمات الكنيسة المدارس والتعليم ، والأقباط أول من اهتم بالتعليم في مصر ، فهم أول من بنوا المدارس في مصر . وأول من أقام مدرسة للبنات هو البابا كيرلس الرابع ، فخدمة العقل أيضا من ضمن إهتمامات الكنيسة ، وقبـل المدارس اهتمت الكنيسة بإنشاء الكتاتيب الملحقة بالكنائس ، وكان يدرس فيها المعلم أو العريف ، ويسمى الآن المرتل ، وكل هذه الأعمال لها جزاءها الذي لا يقـل عـن خدمـة الـوعظ والتعليم الديني . كـل هـذه خدمات ومنها جميعهـا تـكـون الخدمة المتكاملة ، الكنيسة فعلا أعضاء في جسد واحد ، العين لها عمل ، والأذن لها عمـل ، والظفر له .عمل ، والشعر لـه عمـل ، كل شيء في جسم الإنسان له عمل . كما قال بولس الرسول " بـل بالأولى أعضاء الجسد التي تظهر أضعف هي ضرورية ، وأعضاء الجسد التي نحسب أنها بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل ، والأعضاء القبيحة فينا لها جمال أفضل ... " ( ۱ کو ۲۲ : ۱۲ - ۳ ) . وجميع من يخدمون ينالوا من الله أجرأ ، جزاء كل فعل أو خدمة أدوها بنية صالحة ، من أجل الله ومن أجل الخير لأخيه الإنسان قيمة الخدمة : تختلف قيمة الخدمة من واحد إلى آخر بحسب نوع الخدمة ، وبحسب الهدف الباطني من الخدمة ، وبحسب ما تؤديه هذه الخدمة من نفع حقيقي ، لشخص أو أشخاص أو مجموعة من البشر ، لنفرض أن موظف في عمل من الأعمال ، فهو في عمله يؤدي خدمة ، لكن هذا الموظف لو أدى عمله ليس بروح الخادم المؤمن بطبيعة العمل وبقيمته ، تكون خدمته مجرد أداء واجب مفروض عليه ، فتصير خدمته خدمة سطحية شكلية ، حقا أنها تسد خانة في المجتمع الإنساني ، لكنها خالية من الجوهر ومن الحياة ، ولو امتد هذا الوضع لأصبح كل إنسان يخدم المجموع البشرى بلا روح وبلا إيمان وبلا مبدأ وبلا قيم ، ولإرتد المجتمع البشرى وسقط من أساسه تستطيع وأنت مكانك أن تؤدى خدمة ، وتبلغ رسالة صارخة عن المسيحية يتمجد فيها الله ، بدون كلام أو وعظ أو تعليم ـ ولكن برسالة صامته ، قد لا يستطيع الكاهن بزيه أن يدخل هذه الأماكن ويؤدى خدمات بها ، فالذي لا يستطيعه الكاهن تستطيعه أنت كعلماني وكمـدنی الرسالة الصامته هي الرسالة التي تتكلم عن نفسها دون ألفاظ ، تعبر عنها بالروح التي تنبعث وتنطلق منك ، كأنها نور أو كهرباء أو مغناطسية تؤثر في المحيط الذي يحيط بك ، ما أضيق نطاق خدمة الكلام ، لكن هناك أبواب أوسع من ذلك ، يستطيع الإنسان أن يعبر بها عما في قلبه ونفسه ، وينقل روح المسيح التي في داخله إلى الآخرين ، نقلا أفضل بالعلامات وبالحركات والسكنات وبالصمت وبالخدمات ، يقدم رسالة المسيح أفضل مما يقدمها بالكلمات ، صارت الكلمات ثقلاً على الأذهان ، ما أبرع بعض الناس في قدرتهم على الكلام ، حتى تحولت ديانتنا إلى لباقة في الألفاظ وإلى خطابة ، ولكـن أيـن هـو الكسب الروحي للآخرين ، إن طريق الخدمة الخاصة هو أقرب الطرق لتوصيل رسالة المسيح . إذا لم يكـن لـك موهبة الخدمة الخاصة فهناك خدمات كثيرة أخرى ، المواهب متعددة ومختلفة كما يقول الرسول بولس ، فكـل عضو في الإنسان له وظيفة لا يستغنى عنها الجسم ، مهما كنت تـرى فـيـه أنـه عضو حقير ، فظفر الإنسان له وظيفة كبيرة وقيمة لا يستغنى عنه الجسم .. تستطيع أن تكتشف موهبتك الأولية وهنا تضع نفسك في الوضع الصحيح ، وتخدم الخدمة المثمرة حسب موهبتك . نيافة مثلث الرحمات الأنبا غريغوريوس أسقف عـام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى عن كتاب الخدمة والخدام المفاهيم والمجالات والمؤهلات والمعوقات وللحديث بقية
المزيد
17 ديسمبر 2021

القديس يوسف البار ج3

في الهيكل ابن 12 سنة «وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ، ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ. فَقَالَ لَهُمَا: لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟. فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا. وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ» (لو2: 41–52). كُتب كثيرة دخيلة تكلّمت عن طفولة الرب، وأحاطتها بغرائب ومعجزات وأمور فائقة لطبيعة الأطفال حتى في اللعب.. ولكنّ الكنيسة لم تقبلها ورفضتها، لأنّ الإنجيل هنا يتكلّم عن الكلمة المتجسِّد الذي «أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ» (في2: 7، 8). فهو طفل في وسط الأطفال، وهو غير منعزل ولا مُختلِف.. مع أطفال الأقارب والمعارف رفيقًا لهم ومعهم. الشيء الوحيد الذي يجب الانتباه إليه هو خلُوّ حياة القدوس من عنصر واحد وهو الخطية.. لأنّ الوحي الإلهي يؤكّد هذا قائلاً: «فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ» (عب4: 15). وكما نقول في القداس الغريغوري: «وشابهتنا (اشتركتَ معنا) في كلّ شيء ما خلا الخطيّة وحدها». على ذلك كانت سنوّ الطفولة والصِّبا والشباب حياة بشرية كاملة طبيعيّة في كلّ شيء تتّصف بالكمال المطلق اللائق بربّنا القدوس «الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ (غش)» (1بط2: 22). هكذا خَلَتْ طفولة الربّ وصِباه من نقص الطفولة، وظواهر الطبيعة الساقطة، التي تُلاحَظ في الأطفال، من الأنانية والغضب والصياح والشراسة أحيانًا.. وما إلى ذلك. فهو بطفولته قدّس قامة الطفولة في ذاته، وأظهرها جديدة كلّ الجِدّة إذ كان هو الجمال المطلَق، الذي على صورته كان مُزمِعًا أن يخلق إنساننا الجديد. وهكذا أيضًا خَلَتْ حياة الرب من نَزَق الصِّبا وحركاته وميوعته، وكلّ ما يخصّ هذه المرحلة من العمر أدخَلها أيضًا إلى الكمال والانضباط، كنموذج إلهي لفترة من العمر يفتقِر فيها الإنسان إلى الاتزان ورجاحة العقل وضبط اللسان وباقي أنماط السلوك. هذا الأمر يجب أن يكون واضحًا للذين يقتربون بالفكر أو التأمل في طفولة الرب أو مراحل نموّه فهو كما قال الكتاب: «كَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ» (لو2: 52). أليس هو الكلمة الذاتي الواحد مع الآب في الربوبيّة. ولكن لمّا اتّخذ له جسدًا كان كطفلٍ كامل وصبيّ كامل وإله كامل في ذات الوقت، لأنّ اتّحاد لاهوته بناسوته هو اتحاد بغير افتراق.. ولكنّ أَمرَ نموِه بقدر الحكمة التي تَظهر للناس، كان بتدبيره الخاص الذي لا يُمكِن إدراكه أو الاقتراب إلى كَنَهِ طبيعته.. لأنّ أفكار الله وطرقه تعلو عن أفكار البشر كعلوّ السماء عن الأرض. لقد ظلّ القديس يوسف والعذراء الطاهرة يبحثان عن يسوع بعد ما رجعا إلى أورشليم ثلاثة أيّام، وبحسب تعبير القديسة الأم «كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!». في يقيني أنّ الخليقة بجملتها من ملائكة وبشر لم تتعرف على الله أو تدركه كما أدركته القديسة العذراء مريم. لأنّ التجسُّد الإلهي خصّها بملء النعمة، وحلول الله فيها وسُكناه في أحشائها تسعة أشهر كاملة. بل وأرضعته من ثديها الطاهر، ونما ناسوته بعد أن وُلد من لبنها، فهي إذن تعرفه معرفة الأم فهو ابنها وإلهها، وهذه معرفة تفرّدت بها، وصارت قاصِرة عليها لا يشاركها فيها ملائكة ولا بشر. ولكن رغم كلّ هذا فعاطفة الأم في القديسة غالبة.. فهى تقول: «كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!». هكذا نطقت بصدق مشاعر الأمومة. وهذا يُلقي ضوءًا على حقيقة العلاقة الفائقة التي ربطت الأم القديسة بابنها الإلهي. وقد بدا من كلام العذراء القديسة أيّ توقير تقدّمه للقديس يوسف البار حينما قالت: «أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ». وقد قدّمت القديس يوسف على نفسها، مع العلم أنّها ارتفعَتْ أعلى من السموات وصارت أرقى من السيرافيم. وأنا أتعجب من صمت البار يوسف الذي يرفع مكانته ويُعلي قدره جدًا. + قال الرب لأمه: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟». تقول له مجازًا "أبوك" وهو فى واقع الأمر واقف في بيت أبيه. لماذا كنتما تطلباني؟ سؤال الرب هنا تجاوَزَ الواقع المنظور، وهما، وبالأكثر القديسة مدرِكة كلّ الإدراك رسالته وارساليته وتدبيره الذي وُلد لأجله. ولكن نعود للمشاعر البشرية الصادقة التي عاشوها، وهي التي سادت خلال ثلاثة أيام البحث التي أرهقَت شعورهم الطبيعي. هنا رد المسيح ابن الاثنتي عشرة سنة على كلمة العذراء «أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ». في الواقع هو تصحيح سِرِّي لمقولة العذراء إذ كان هو في (بيت أبي) وهو كائن فيما لأبيه فكأنّه يقول لها: تقولين أبي كان يبحث عنِّي، هذا جيد ولكنّ الحقيقة إنّني في بيت أبي، وأبي فيَّ وأنا كائن مع الآب كلّ حين، وها أنا في بيت أبي الذي جعله اليهود مغارة لصوص، «يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي». وقول الرب: «أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي». في الواقع يَرُدّ الشعور البشري وعاطفة الأمومة إلى الهدف الأسمى الذي لم يَغِب لحظةً عن حياة الرب بالجسد، رغم حداثة السنّ، ولكن مجد الآب وتكريمه وطاعته كانت هي بدء وغاية التجسّد. حتى في نهاية أيام الخدمة قال للآب: «أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ... أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ» (يو17: 4، 6). ومنذ البدء شهد الآب من السماء قائلاً: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (مت3: 17). + يقول الوحي: «فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا» (لو2: 50). ثم يعود فيقول: «أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا» (لو2: 51). ربما اختلط الأمر في كلام الرب، وعسر فهمه على القديس يوسف، فقيل إنّهما لم يفهما. ولكن عاد الروح فخَصّ العذراء بحِفظ الأمر في القلب كأسرار الله التي لايدركها أحدٌ غيرها. ولم يكن مُمكِنًا في سياق الحديث أن يُفَرِّق بين يوسف والعذراء فجمعهما في كلمة أنّهما لم يفهما.. إذن من غير المعقول أن يُنسَب عدم الفهم إلى القديس يوسف وحده. + ثم أنّ الرب بعد أن كشف كَنَه عمله الإلهي ورسالته، ذهب معهما إلى الناصرة «وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا».. ومَن يُطيق مثل هذه الكلمة.. فهو الذي تَخضَع وتسجُد له كلّ ركبة ما في السماء وما على الأرض. ولكن هذا هو الإخلاء الذي صنعه الرب لأجل خلاصنا. السير بحسب التدبير: منذ اللحظة التي ظهر فيها الملاك للقديس يوسف ليخبره عن سِرّ الحَبَل الإلهي.. نقول منذ تلك اللحظة صار القديس يوسف في تحرّكاته خاضعًا لتوجيهات السماء.. يسمعها ويتبعها بطاعة وخضوع وبساطة شديدة. وكان الروح يقود خطواته في الخِطّة الإلهيّة لخلاص العالم. ولم يكُن مُعاندًا للرؤيا السماويّة كقول بولس الرسول، بل قد انحاز بكلّ كيانه خادمًا للسرّ الأقدس. فتدبير الهروب إلى مصر مَثَلاً، كان ممكنًا إذا فَكَّرَ بفكره الخاصّ أن يسأل.. لماذا مصر؟ وإن كان ثمّة هروب من وجه هيرودس فالأماكن كثيرة وقريبة. شيء مثل هذا لم يخطر على بال القديس يوسف.. بل في الحال قام وأخذ الصبي وأمّه وجاء إلى أرض مصر. فتحملا مشاق الطريق وبُعد المسافات.. وهكذا إذ أتى إلى أرض مصر مُكمِّلاً النبوّات، وتنقّل فيها من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها. لقد بدا كآلة طيِّعة في يد الروح يحرّكها كما يشاء وحيثما يشاء وأينما يشاء. (يُتَّبَع) المتنيح القمص لوقا سيداروس
المزيد
04 فبراير 2023

انجيل عشية الأحد الرابع من شهر طوبة

تتضمن الحث على طلب العلـوم وتفتيـش الكتـب وتبكيت السحرة والمنجمين والذين يكتبون الحـروز . مرتبة على قوله بفصل إنجيل اليوم : " إن كنت أشهد لنفسى فشهادتى ليست حقا . الذى يشهد لى هو آخر ( يو ٥ : ٣١-٤٦ ). إذا كان سيدنا له المجد قد بكت الذين أهملوا البحث في الكتب كمـا ينبغـى بقوله لهم : " فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حيوة أبدية . وهي تشـهدؤ لى " وقوله : " لأن موسی كتب عنی . وامثال ذلك . فماذا عساه يبكت المؤمنيـن ؟ ومعنى ذلك هو أنكم لو قرأتم كتب الشريعة قراءة المتفهمين لها . لعلمتم أننـي أنـا المنتظر . لا غيرى . ولأغنتكم شهادة الأقوال الإلهية عن سواها . لمطابقة المكتـوب قديما على الواقع . فما بالنا نحن الآن نعرض عن البحث والتفتيش . حتى صرنا عند المخـالفين لنا في الأيمان أضحوكة وخزيا . ويصدق علينا قول الكتاب : " هلـك شعبي لعـدم المعرفة وإذا كنا إلى الآن نوجد هكذا جهلاء من شدة الكسل . فينبغي لنا أن نبدأ لكـم من الشريعة القديمة بالأسهل والأقرب . وما يصلح للأطفال لا للكاملين . حتى يمكنكـم بهذه الواسطة أن ترتقوا إلى فهم المعاني الخفية والنبوات الرمزية . وكما أن الفلاح إذا نظر إلى قوة الأرض . فأنه يبذر الحبوب بكـثرة . هكـذا نحن إذا رأيناكم إلى فهم ذلك تسارعون . ولإحرازه ترغبون . أما الآن فاسمعوا قـول الله تعالى في أول التعاليم الالهية : " أنا الرب الهك لا يكن لك ألهة أخرى أمامي لا تنطق باسم الرب الهك باطلا . لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا أكـرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الـرب إلـهك . لا تقتـل . لا تزن . لا تسرق . لا تشهد على قريبك شهادة زور . لا تشته بيت قريبك . ولا أمراتـه ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا مما لقريبك . لا تلعن رئيسا في شعبك . لا تؤخر ملء بيدرك وقطر معصرتـك . وأبكـار بنيك تعطيني . كذلك تفعل ببقرك وغنمك . سبعة أيام يكون مع أمه وفي اليوم الثـامن تعطيني أياه . وإذا صادفت ثور عدوك أو حماره شاردا ترده إليه . إذا رأيت حمـار مبغضك واقعا تحت حمله .. فلابد أن تحل معه ' لا تأخذ رشوة في القضاء . لأن الرشوة تعمى المبصريـــن وتعـوج كـلام الابرار . وإن وجدت ضالة لا تعرف مالكها فضمها إلى منزلك لتكون عندك إلـى أن يطلبها صاحبها . لأنه لا يحل لك أن تتغافل عن الضال .ومن أخطأ في فعـل واحدة من مناهى الله . أو فعل ما لا يحل يقدم عن خطيته قريابا . وإن خان صاحبه في وديعة أو أمانة . أو غصبه شيئا . أو أخذ ماله ظلما وحلف كاذبـا علـى شئ فليرد كل واحدة من هذه ويزيد عليه خمسة ويعطيه إلى صاحبه . ويقرب قربانـا عن خطيته لا تكشف امراة في وقت حيضها . ولا تتنجس بزوجة صاحبك . ولا تضـاجع الذكور . ولا يتدنس أحد من الرجال والنساء بشئ من البهائم لا تلتقط ماسقط مـن حصاد أرضك . ولا من ثمار كرمك . بل ترك ذلك للمسكين والغريب لا تؤخر أجرة الأجير عندك للغد . ولا تشتم الاصم . وقدام الأعمى لا تجعـل معثرة . لا تتفاءلوا ولا تقصروا شعوركم . ولا تفسدوا لحالكم ولا تخدشوا وجوهكـم وابدانكم على أمواتكم . وكتابة وشم لا ترسموا على أعضائكم ولا تظلموا الغريـب الساكن بينكم لا تسمعوا للمنجمين والعرافين والمشعبذين . لأني أنا الله ربكـم ولا تفعلوا غشا في الحكم . ولا في القياس ولا في الوزن . ولا في الكيل . بل تكون لكم موازين واقساط عادلة الزاني والزانية يقتلان معا . وكذلك من يتنجس ببهيمـة يقتـل الانسـان والبهيمة رجما . ومن جامع حائضا فليقتل مع المرأة . والمشعوذ والعـراف يقتـلان رجما بالحجارة ويكون دمهما على عنقهما " ولا يوجد فيكم عراف ولا سـاحر ولا متفائل . ولا من يرقى رقية ولا من يسـأل جانـا أو تابعـه ، ولا مـن يستشـير الموتى. ومن وجد هكذا فليخرج من الجماعة . واما الذي يسألهم ويخالطهم . أو يدخلهم إلى بيته أو يدخل هو إلى بيوتـهم . أو يأكل من طعامهم ويشرب من شرابهم . فأن كان كاهنا فليقطع ويمنع من مخالطـة المؤمنين وإن كان غير كاهن فليخرج خارج الجماعة إلى ان يرجع ويتـوب عـن ردی عمله إن كان لرجل ابن عاص مارد لا يطيع أوامر أبيه وأمـه فليخرجـاه إلـى المشائخ . ويقولا لرجال تلك المدينة : أن ابننا هذا عاص متمرد علينا يلعب ويســــر ولا يطيع أوامرنا . فيرجمه جميع أهل المدينة بالحجارة حتى يمـوت ) . واعزلـوا جميع الاشرار من بينكم . ولا تلبس المرأة ثياب الرجل . ولا الرجل ثيـاب المـرأة . فـإن هذه الأفعال مرذولة عند الرب إلهك . أعمل درابزين لسطحك لئلا يقع أحد منه فيموت ويكون قتيلا في منزلك إياك أن ترابي أخاك . لا بربا الورق . ولا ربا الطعـام . ولا ربـا جميـع الأمـور . ليباركك الرب إلهك في جميع أعمالك . وإن نذرت للرب نذرا فلا تؤخر وفاءه . فـإن الرب إلهك يطلبه منك ويكون عليك إثم . احفظ ما يخرج من شفتيك . واعط ما تكلـبه فمك لتجازي بالحسنی . إن كان لك دين على صاحبك . فلا تدخل إلى بيته لتأخذ منه رهنا . بل تقيــم خارجا . وإن كان فقيرا فإياك أن تنام في رهنه . بل رد اليه الثـوب عنـد غـروب الشمس لينام فيه . لتجد رحمة امام الرب ألهك لا تحـف علـى الضعيـف فى القضاء . ولا تسترهن ثوب الأرملة وكونوا قديسين لأنى أنا قدوس ،وإذ قد علمنا أن هذه الأقوال الأولى القريبة المأخذ والسـهلة العمـل هـي متعذرة على الاكثرين منا . فكيف والحالة هـذه تكـون شـريعة الكمـال الموافقـة والمطابقة لعقول الفضلاء ؟ فسبيلنا إيها الأحباء أن نتيقظ من غفلتنا . ونتفهم معـــانى كلام ربنا . لنأخذ أكاليل الغلبة . ونحظى بسعادة ملكوت مخلصنا يسوع المسيح . الـذي له المجد والوقار إلى ابد الآبدين آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
30 مارس 2023

شخصيات الكتاب المقدس يعقوب بن حلفى الرسول

هو يعقوب بن حلفى أحد الإثني عشر رسولاً، وهو أحد الأعمدة الثلاثة لكنيسة الختان حسبما دعاه القديس بولس الرسول (غل 2: 7-9). كلمة "حلفى" آرامية، ويقابلها كلوبا في اليونانية. يؤكد رسولية هذا القديس وأنه من الإثني عشر نص صريح ذكره القديس بولس في رسالته إلى أهل غلاطية، فيذكر بولس زيارته الأولى لأورشليم بعد إيمانه فيقول: "ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف ببطرس، فمكثت عنده خمسة عشر يومًا، ولكنني لم أرَ غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب" (غل 1: 19-19)، وواضح من هذه الآية أن يعقوب أخا الرب رسول نظير بطرس والآخرين.عُرِف باسم يعقوب أخي الرب لأنه ابن خالته بالجسد من مريم زوجة كلوبا (شقيقة العذراء مريم).وعُرِف باسم يعقوب الصغير (مر 15: 40) تمييزًا له عن يعقوب الكبير بن زبدي.وعُرِف أيضًا باسم يعقوب البار نظرًا لقداسة سيرته وشدة نسكه.كما عُرِف باسم يعقوب أسقف أورشليم لأنه أول أسقف لها.قد خصّ السيد المسيح يعقوب بظهوره له بعد قيامته (1كو 15: 3-7)، وهناك رأي قديم بخصوصه أورده كاتب إنجيل العبرانيين الأبوكريفا (غير القانوني)، وهو من أقدم الأناجيل الأبوكريفا وأقلها مجانبة للصواب، ويتلخص في أن يعقوب لما علم بموت المخلص على الصليب تعاهد ألا يذوق طعامًا إلى أن يقوم الرب من بين الأموات. وحدث في صبيحة يوم القيامة أن الرب تراءى له، وقدّم له خبزًا، وقال له: "قم يا أخي تناول خبزك لأن ابن البشر قام من بين الراقدين"، وقد أورد هذا الاقتباس القديم القديس جيروم في كتابه "مشاهير الرجال". أسقف أورشليم رأس هذا القديس كنيسة أورشليم وصار أسقفًا عليها، واستمر بها إلى وقت استشهاده. لا يُعرف بالتحديد متى صار أسقفًا على أورشليم. يرى البعض أن ذلك كان سنة 34م، وهذا التاريخ يتفق تقريبًا مع شهادة القديس جيروم التي ذكر فيها أن يعقوب ظل راعيًا لكنيسة أورشليم نحو ثلاثين سنة. وعمله الرعوي كأسقف على أورشليم يوضح لنا حكمة الكنيسة الأولى في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فلقد كان هذا الرسول يتمتع بشخصية قوية مع صلة القرابة الجسدية بالرب يسوع. ولذا فقد أُسنِدت إليه المهام الرعوية في أورشليم معقل اليهود في العالم كله، وإليها يَفِد الآلاف منهم، ليكون كارزًا لهم. وبناء على تقليد قديم ذكره أبيفانيوس، كان يعقوب يحمل على جبهته صفيحة من الذهب منقوش عليها عبارة "قدس للرب" على مثال رئيس أحبار اليهود.تمتع هذا الرسول بمكانة كبيرة في كنيسة الرسل، فقد رأس أول مجمع كنسي سنة 50م وهو مجمع أورشليم، الذي عرض لموضوع تهوُّد الأمم الراغبين في الدخول إلى الإيمان (أع15)، ويبدو أنه هو الذي كتب بنفسه صيغة قرار المجمع. فقد لاحظ العلماء تشابهًا بين أسلوب القرار وأسلوب الرسالة التي كتبها فيما بعد وهي رسالة يعقوب، مما يدل على أن كاتبها شخص واحد.يذكره الرسول بولس كأحد أعمدة كنيسة الختان الثلاثة الذين أعطوه وبرنابا يمين الشركة ليكرز للأمم، بل ويورد اسم يعقوب سابقًا لاسميّ بطرس ويوحنا، مما يدل على مكانته (غل 2: 9)، ويؤيد هذه المكانة أيضًا الخوف والارتباك اللذان لحقا ببطرس في إنطاكية لمجرد وصول اخوة من عند يعقوب، الأمر الذي جعله يسلك مسلكًا ريائيًا وبَّخه عليه بولس علانية (غل 2: 11-14). يعقوب البار أما عن نسكه فقد أفاض في وصفه هيجيسبّوس Hegesippus، أحد علماء القرن الثاني الميلادي وقال أنه كان مقدسًا من بطن أمه لم يَعلُ رأسه موسى، لم يشرب خمرًا ولا مسكرًا، وعاش طوال حياته نباتيًا لم يأكل لحمًا، وكان لباسه دائمًا من الكتان.كان كثير السجود حتى تكاثف جلد ركبتيه وصارت كركبتيّ الجمل. وبسبب حياته المقدسة النسكية ومعرفته الواسعة للكتب المقدسة وأقوال الأنبياء نال تقديرًا كبيرًا من اليهود، وآمن على يديه كثيرون منهم في مدة رئاسته لكنيسة أورشليم.لم يتردد يوسيفوس المؤرخ اليهودي الذي عاصر خراب أورشليم عن الاعتراف بأن ما حل بأمته اليهودية من نكبات ودمار أثناء حصار أورشليم لم يكن سوى انتقام إلهي لدماء يعقوب البار التي سفكوها. استشهاده أما الطريقة التي استشهد بها فيذكرها هيجيسبّوس ويؤيده فيها إكليمنضس السكندري: أوقفه اليهود فوق جناح هيكلهم ليشهد أمام الشعب اليهودي ضد المسيح. لكنه خيَّب ظنهم وشهد عن الرب يسوع أنه هو المسيا، فهتف الشعب "أوصنّا لابن داود"، وكان نتيجة ذلك أنهم صعدوا وطرحوه إلى أسفل. أما هو فجثا على ركبتيه يصلي عنهم بينما أخذوا يرجمونه، وكان يطلب لهم المغفرة. وفيما هو يصلي تقدم قصّار ملابس وضربه بعصا على رأسه فأجهز عليه ومات لوقته. وكان ذلك سنة 62 أو سنة 63م بحسب رواية يوسيفوس والقديس جيروم.وقد خلَّف لنا هذا الرسول الرسالة الجامعة التي تحمل اسمه، والتي أبرز فيها أهمية أعمال الانسان الصالحة ولزومها لخلاصه إلى جانب الإيمان (يع 3: 14-20، 4: 14-17). أما عن زمن كتابة هذه الرسالة فهناك رأي يقول أنها كتبت في الأربعينيات من القرن الأول قبل مجمع أورشليم، ورأي آخر يقول أنه كتبها قبيل استشهاده بزمنٍ قصيرٍ.كما خلَّف لنا هذا الرسول الليتورجيا (صلاة القداس) التي تحمل اسمه والتي انتشرت في سائر الكنائس؛ يجمع التقليد الكنسي لجميع الكنائس الشرقية على صحة نسبتها إليه. باقات عطرة من سير الأبرار والقديسين، صفحة 67. نشأته عرف باسم يعقوب أخي الرب ابن خالته بالجسد من مريم زوجه كلوبا (كلمة كلوبا كلمه يونانية مقابل لها كلمه حالفى فى الارامية) هو أحد الاعمده الثلاثة لكنيسة الختان حسبما دعاه القديس بولس الرسول (غل 2: 7) وباسم يعقوب الصغير (مر 15: 40) تميزا له عن يعقوب الكبير بن زبدي.عرف باسم يعقوب البار نظرا لقداسته وشده نسكه كما عرف أيضا بأسقف اورشليم لانه أول أسقف لها.رأس أول مجمع سنه 50 م هو مجمع أورشليم الذي تعرض لموضوع التهود للامم الراغبين في الدخول لموضوع كان يعتبر موضوع الساعه وكتب بنفسه قرارات المجمع.كلمنا هيجسبوس أحد علماء القرن الثاني المسيحي في وصفه للقديس يعقوب اخو الرب بأنه كان مقدسا من بطن أمه لم يشرب الخمر ولا المسكر وعاش نباتيا لم يأكل لحما وكان لباسه من الكتان وكان كثير السجود ويقول بأن ما حل باليهود من نكبات ودمار أورشليم لم يكن سوي انتقام الهي لدم يعقوب البار وأيده اكليمنضس الاسكندري ان اليهود اوقفوه فوق جناح الهيكل ليشهد امام الشعب ضد المسيح ولكن شهد للمسيح انه المسيا وطرحوه الي اسفل. كرازته: كرز في اورشليم وسيم عليها أسقفا وكان أول اسقف وحضر مجمع اورشليم وكتب قراراته. استشهاده: عندما كان يصلي من اجلهم وتقدم (قصار ملابس) فضربه بعصا علي رأسه فمات في الوقت وتعيد الكنيسة في اليوم العاشر من شهر أمشير من كل عام استشهاد القديس يعقوب الرسول (10 أمشير) في مثل هذا اليوم استشهد القديس يعقوب الرسول ابن حلفى. وذلك انه بعدما نادي بالبشري في بلاد كثيرة عاد إلى أورشليم، ودخل هيكل اليهود، وكرز بالإنجيل جهارا، وبالإيمان بالسيد المسيح وقيامة الأموات. فاختطفه اليهود وأتوا به إلى اكلوديوس نائب ملك رومية وقالوا له إن هذا يبشر بملك أخر غير قيصر، فأمر إن يرجم بالحجارة فرجموه حتى تنيح بسلام فاخذ قوم من المؤمنين جسده ودفنوه بجانب الهيكل. صلاته تكون معنا آمين.
المزيد
15 يوليو 2022

القيم التي تنبع من غسل الأرجل ج٣

القيمة الثالثة الخدمة :- ما معنى الخدمة ؟ الواقع الخدمة في مفهومها الجوهري هو شيء يسديه الإنسان لآخر عندما يكون في حاجة إلى هذا الشيء . أي واحد محتاج لأمر أيا كان هذا الأمر سواء كان شيء مادى أو شيء معنوى . ثم تنبرى أنت لتقديم هذا الشيء لهذا الأخ المحتاج إليه ، هذه تعد خدمة . مثلا أعمى رأيته يتخبط في الطريق ، فتلحق به وتمسك يده وتعبر به الطريق هذه خدمة ، لأن هذا الإنسان في حاجة إلى أحد يمسك يده . إنسان مريض يتلوى من الألم ، كونك لا تتركه وتبحث عما يخفف عنه الألم ، ولو استدعى الأمر أن تدعو له طبيب أو تحضر له دواء ، أي شيء يخفف عنه الألم هذه خدمة ، واحد يغرق في النيل أو في الترعة أو يستغيث وأنت تعرف السباحة ، وتنزل مباشرة وتنقذ هذا الإنسان هذه خدمة نوع آخر من الخدمة ، واحد محتاج لأى نوع ، ينقصه شيء ، وأنت تقدر أن تحضره ، أي شيء مادي أو معنوی ، افرض أنك أنت في مستوى دراسي أعلى ، ويوجد تلميذ محتاج إلى مساعدتك ، و انبريت لخدمته بأن شرحت له درس بلا شك أن هذه خدمة ، فالخدمة ليس لها باب واحد ، وليس لها طريق واحد ، القاعدة العامة هي أنك تسدى خيراً لإنسان هو في حاجة إليه ، لكن لو لم يكن في حاجة إليه لا تكون خدمة . لأن في بعض الأحيان الإنسان لو عمل ذلك قد يتلف الشخص الآخر ، مثل واحد فقير محتاج إلى شيء فيمد يده فأنت تعطيه ، في هذه الحالة أنت تخدمه ، لكن لو رأيت إنسان قادر على العمل ومع ذلك يمد يده ، واستمر على ذلك أنت تشعر أنك لو أعطيته تتلفه وتفسده ، لأنه سيأخذ على ذلك وهذا يضره ، في هذه الحالة لاتعتبر أن هذه خدمة ، إنما إذا استطعت أن توجهه أن يعمل أو تعطيه فرصة عمل ، أو تسعى أن تلحقه بعمل ، أو في بعض الأحيان واحد يعطى لآخر مبلغ لكي يفتح به محل ، أو يبدأ به مشروع هنا خدمة ، كنت أرى من زمن شاب يلبس جلباب أبيض ، أنيق وحالق ذقنه ، وحذائه نظيف لامع ، ويقف على باب الكنيسة أو على باب الجمعية ويمد يده وعليها منديل الحقيقة قد تعطى له مرة أو إثنين ، ثم يأتي وقت من الأوقات قلبك يتقسى ، لأنك تشعر أعطيت هذا الإنسان كأنك تتلفه ، إنما عندما يكون واحد في حاجة تعطيه هذا واجب عليك أن تساعده ، كل شيء لابد أن يكون بحكمة ، لذلك الآن في المجتمعات الحديثة التنظيم الحالي للعطاء ، نحن نعطى الكنيسة والكنيسة تعرف إحتياجات شعبها ، والأصل في ذلك أن الآباء الرسل أقاموا الشمامسة للخدمة الإجتماعية ، فهذا إختصاص الشماس الأول الخدمة الإجتماعية أي خدمة الفقراء ، عندما تقرأ في أعمال الرسل أصحاح 6 تجد أن الشمامسة الذين رسموا كان إختصاصهم الأول الخدمة الإجتماعية ، وهي أعمال التوزيع على الأيتام والمساكين والفقراء ، هذا عمل مهم جداً من أعمال الخدمة الإجتماعية للآخرين ، إنما مبنية على أساس الإحتياج ، لذلك يقول : " إن كانت أرملة لها أولاد أو حفدة فليتعلموا أولا أن يوقروا أهل بيتهم ويوفوا والديهم المكافأة " ( 1 . تيموه : 3 -5 ) ، لكي لايثقل على الكنيسة ، أما الأرملة " التي هي بالحقيقة أرملة " وهنا يفرق بين الأرملة التي هي بالحقيقة أرملة أي المحتاجة فعلا ، إنما الشخص القادر لماذا يترك أمه للكنيسة ؟ هذا واجبه أولا نحو أمه ونحو جدته لكى لا يثقل على الكنيسة ، إنما الكنيسة تعطى للأشخاص الذين ليس لهم أحد عائل فكرة الخدمة أساساً أنك أنت تسدى الخير لإنسان هو في حاجة إليه ، إنما إذا كان ليس في حاجة إليه أنت تتلفه بذلك ، اخدمه بشيء آخر ، محتاج يتعلم ، محتاج مهنة أو حرفة ، ولذلك شيء جميل جدا في مجتمعاتنا الحديثة وفي كنائسنا ، أجد مثلا بالنسبة للبنات ، يقيموا فصول أعمال التطريز والخياطة وما إليها ، خدمة كبيرة أن تخرج الفتاة ذات حرفة أو قادرة على أن تعمل ، فيما بعد تقدر أن تعول نفسها أوتعول أسرتها حينما تكون في حاجة إلى ذلك ، وكذلك بالنسبة للأولاد ، في المجتمع الحديث العطاء لا يكون بغير حساب ، إنما لابد أن يكون هناك عملية تنظيمية ، الناس الذين لا يعرفون أن يوزعوا عشورهم ، الأفضل أن يحضروها للكنيسة ، والكنيسة هي التي تتولى هذه العملية . ولذلك لابد أن يكون في الكنيسة بإستمرار لجنة تختص بهذا الأمر ، وهي لجنة إجتماعية سواء من الشمامسة أو من بعض أراخنة الشعب لكي يقوموا بهذه العملية ، ليبحثوا عن المحتاج فعلا ، وهناك ناس يذهبوا إلى البيوت ويقدروا مدى إحتياج هذا الشخص ، حتى لا يكون العطاء مجرد عملية مجنونة من غير عقل ومن غير حساب ، لابد أن تكون محسوبة لتأتى بالفوائد الأعظم .نعود مرة أخرى لفكرة غسل الأرجل ، فهي تحمل إلى جوار معنى التواضع معنى الخدمة والخدمة معناها أن تسدى الخير لإنسان في حاجة إليه ، حينما تشعر أن إنسان محتاج لشيء لابد أن ضميرك يحركك أن تصنع معه شيء ، مادمت تقدر أن تخدمه لابد أن تتحرك ، وإن لم تصنع ذلك فأنت لم تستفد من هذا الدرس الذي أعطاه المسيح ، وهو غسل الأرجل لكي يعطينا شرف خدمة الآخرين ، وهذا الشرف معناه أنه أنا كإنسان أعمل عمل سیدی ، من سیدی ؟ سيد الكون . الله صانع الخيرات ، إحدى صفات الله أنه صانع الخيرات ، فالإنسان منا مدعو يشارك سيده في أن يصنع الخير ، ويمد آفاق الملكوت ويمد آفاق الخير ، ولذلك هذا التعبير هو الذي استخدمه بولس " نحن عاملان مع الله " ، أنت عامل مع الله لأن الله هو الخير الأعظم وهو صانع الخيرات ، فأنت عندما تعمل الخير تكون عامل مع الله ، والمحصلة بعد ذلك أن الخير يمتد ، لأنه لماذا خلق الله الإنسان ؟ هل الله في حاجة إليه ؟ لا .. هذا شرف أعطاه الله للإنسان أن يخلقه لمهمة ليعمل ، الله عندما خلق آدم الأول خلقه بعد أن خلق له كل شيء ، خلقه في آخر الحقبة الثالثة ، بعد أن خلق الحيوان والطيور والزحافات إلى آخره ، ثم خلق له الجنة ، ووضعه في الجنة ليحرسها ويفلحها ، لابد أن يكون له مهمة ، حقا أن الجنة خلقت قبله ، لكنه له مهمة وهذه المهمة مهمة شريفة ، وهي أن يكمل عمل الله أو يمد عمل الله . " ليفلحها " ولذلك يعد آدم هو الفلاح الأول ، وهذا شرف له أن يفلحها ويحرسها من إعتداءات الحيوانات ، أو مما يسموه عوامل التعرية ، ويحتاج الشجر إلى مايسمى بالتشذيب ، وهي قص الفروع الجافة التي تمنع إمتداد ونمو الفروع والأوراق ، فالفلاح يشذب ويهذب الأطراف ، فأدم كان له مهمة ، على الرغم من أن الله أعطاه كل شيء ، مهمة أن يفلح الأرض ، يحرثها ويعطى فرصة للهواء وللماء أنها تدخل في التربة ، وأعطاه الله أيضا مهمة الحراسة ، وهي مهمة الكاروبيم ، الذين هم أرقى أنواع الملائكة ، هؤلاء حراس العرش الجالس عليه الله ، أنت الجالس فوق الكاروبيم ، وهل الله محتاج لحراسة ، من ماذا يحرسوا العرش ؟ ! ، لاشيء لكنه شرف أضفاه الله على كائنات خلقها وخلق لها وظيفة وهو في غنى عنها ، إنما الكائن يشعر أنه موجود وأن وجوده له معنى ، عندما أن له وظيفة وله إختصاص ، أحيانا عندما ينتقموا من إنسان ينقلوه من وظيفته إلى مكان بلا وظيفة وبلا مكتب وبلا مسئولية ، .. ورغم أنه يستلم مرتبه لكنه يشعر بالمهانة ، وتجرحه كرامته الإنسانية من هذا الإهمال ، لأنه في مكان ولا عمل له ، على الرغم من أنه يأخذ مرتبه لكنه يحس بعدم كرامة أمام نفسه ، لكن متى يشعر الإنسان أن له قيمة ؟ عندما يحس أنه معين في عمل مطلوب منه ، فيحس أن له معنى . يشعر الملائكة الكاروبيم يسموهم حراس العرش ، ولو أنهم هم حملة العرش ، ويحرسه من من ؟ الله غير محتاج لحراسة ، حاشا !! إنما الحراسة من كائنات أخرى تتعدى حدودها ، فتقوم هؤلاء الملائكة بإيقاف هذا الكائن عند حده . مثلا سطانائيل وهو الشيطان عندما تجاوز حدوده ، " .ووقع فيما يسمى بخطيئة الكبرياء ، والكبرياء معناها أنه أعطى لنفسه حجماً أكثر من حجمه ، ومعناه أن الشيطان ارتأى في نفسه أنه أذكى من الله ، ورأى أن الله يصنع أشياء فانتقدها ، كما يحدث أن إنسان ينتقد أبوه أحيانا أو تلميذ ينتقد المعلم ، فما حدث أن الشيطان لم تعجبه حكمة الله ، هذا هو الكبرياء بالنسبة للشيطان ، ما معنى يتكبر ؟ هو يعرف نفسه أنه مخلوق ، لكن نوع الكبرياء أنه انتقد الفكر الإلهي ، وهذه الخطيئة نقع فيها كلنا ، عندما الصغير ينتقد الكبير ، مثلا الإبن يحتقر فكر أبوه ، أو التلميذ يحتقر فكر المعلم ، يحتقره في قلبه ، هذا الإنتقاد كثير ما نقع فيه ، الناس تقول أين الله ؟ لماذا يترك هذا الشرير ؟ لماذا لم يعمل كذا .. ؟ وهذا معناه أنه يرى أن الله مقصر ، وأنه يفهم أشياء أكثر من الله ، هذه هي خطيئة الشيطان ، الكبرياء كانت من هذا النوع ، الله أعلن للملائكة تدبير معين ، هذا التدبير الغالب هو موضوع التجسد ، لأنه يقول : " دم المسيح معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم " ( 1 . بط ۱ : ۲۰ ) . فمعلومة منذ الأزل تدبيرات الله ، فقبل أن يخلق الإنسان ، أعلن للملائكة أنه سيخلق إنساناً من تراب ، ويعطيه وصية ثم يخالف هذه الوصية ، ويقتضى الأمر أن الله يأخذ صورة الإنسان ويتجسد ، ويأخذ الطبيعة الترابية للإنسان ويخلصه . فكر من هذا القبيل لم يعجب الشيطان كيف يأخذ الله طبيعة ترابية ، هذا الفكر احتقره الشيطان ، احتقر فكر الله ، من هنا جاءت كلمة الحراسة ، ميخائيل رئيس الملائكة ، . معنى " ميخائيل " " من مثل الله " . فعندما يأتى إنسان يدعى لنفسه شيئا وهو من حق الله ، أول من ينبرى له ميخائيل ليوقفه عند حده ، وهذه المهمة هي التي قام بها ميخائيل في حربه مع الشيطان وأسقطه ، يقول : " حدثت حرب في السماء ميخائيل وملائكته حاربوا التنين وملائكته ، ولم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء " ( رؤ ۱۲ : ۷ ) ، ويقول : " لأنه إذا كان الله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا ، بل في سلاسل الظلام طرحهم في أعماق الجحيم ، بقيود أبدية تحت الظلمة محروسين ليوم القضاء " ( ۲. بط ٢ : ٤ ) ، هذه مهمة ميخائيل لأن سطانائیل تعدى حدوده ،ولم يحترم فكر الله ولم يخضع ، ولكن إرتأى فوق ما ينبغي أن يرتأى وكانت هذه الكبرياء . فكلمة الحراسة هنا ليس بمعنى أن الله محتاج للحراسة ، المعنى الأولى أو البسيط أو السطحى من كلمة الحراسة ، مثل العسكري الواقف على الباب لكى يحرس البيت من اللصوص ، وإنما الحراسة بمعنى أنهم يكونوا يقظين ، ولذلك هم مملوئين أعينا لترمز إلى الصحو وإلى اليقظة المستمرة وأنه حارس ، وهذا رأيناه عندما سقط آدم في الخطيئة ، وكان الله قد أظهر له شجرة الحياة ، ووعده أن يأكل من شجرة الحياة لو لم يخطىء . فلما رسب في الإمتحان يقول الكتاب : " أقام شرقى جنة عدن الكاروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة " ( تك 3 : ٢٤ ) ، ليمنع الإنسان من أن يقترب لشجرة الحياة ، هذه مهمة الكاروبيم ، حراسة شجرة الحياة لأن هذا الإنسان غير أهلا ، حتى لا يتجاسر ويأكل من شجرة الحياة . "فالحراسة وظيفة ، فعندما خلقنا الله خلق لنا وظيفة ، وظيفتنا أننا نعمل مع الله ، الله إله الخير وصانع الخيرات ، فلنا شرف أن نعمل مع سيدنا بأن ننشر الخير ، وماهو الخير ؟ أن تسدى للإنسان الخير الذي في حاجة إليه ، ولذلك مهمة التعليم في مدارس التربية الكنسية ، والتعليم والوعظ في الكنيسة تعد خدمة ؟ لأن هناك أشخاص محتاجين إليها ، قد يكون طفل أو شاب أو شابة أو شخص كبير محتاج لشيء من التعليم والفهم والمعرفة ، فكونك تقدم له هذه المعرفة التي هو في حاجة إليها ، أنت تسدى إليه خير وهذه خدمة الخلاصة أن كلمة الخدمة ليست قاصرة فقط على الدروس التي نعطيها للأطفال أو لصغار الشباب ، الخدمة هي كل خير أنت تسديه لإنسان هو في حاجة إليه ، أيا كان هذا الخير ، لو كان خير مادى أو خير معنوی . نيافة مثلث الرحمات الأنبا غريغوريوس أسقف عـام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى عن كتاب الخدمة والخدام المفاهيم والمجالات والمؤهلات والمعوقات وللحديث بقية
المزيد
01 سبتمبر 2021

الدينونة العامة

يعتقد أخوتنا الكاثوليك بدينونة خاصة بعد الموت مباشرة وهي غير الدينونة العامة التي بعد قيامة الأجساد... فيرون أن الإنسان بعد موته مباشرة يقف أمام لينال الحكم: إما أن يكون شريرًا فيذهب مباشرة إلى جهنم، أو يكون بارًا فيذهب إلى المطهر، لتتطهر نفسه، ويكفر عن خطيته ويوفي ديونه... ولكننا نقول إنه لم يذكر الكتاب سوي الدينونة العامة. وسنحاول أن نفحصها معًا لنرى على أي شيء تدل يشرح الرب خير الدينونة فيقول "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده، وجميع الملائكة القديسين معه [أي في مجيئه الثاني]، فحينئذ يجلس على كرسي مجده، ويجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميز بعضهم من بعض، كما يميز الراعي الخراف من الجداء فيقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين معه: تعالوا إلى يا مباركي أبى، رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم، لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني... فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين: يا رب متى رأيناك جائعًا فأطعمناك؟ أو عطشانًا فسقيناك... فيجيب الملك ويقول لهم: الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي الصغار فبي فعلتم""ثم يقول للذين عن اليسار: اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (متى25: 41).وعبارة " اذهبوا إلى النار المعدة لإبليس، معناها أنهم لم يكونوا قد ذهبوا إليها بعد". لأنه من غير المعقول أن يكونوا قد ذهبوا إلى هذه النار بعد الدينونة الخاصة، ثم يخرجهم الرب منها يوم القيامة ليختلطوا بالأبرار. ثم يفرزهم عنهم، ويوقفهم عن يساره، ويعود فيقول لهم " اذهبوا إلى النار... "؟! نلاحظ أيضًا أنه بدأ يقول لهم حيثيات حكمة: "لأني جعت فلم تطعموني، عطشت فلم تسقوني. كنت غريبًا فلم تأووني.. إلخ." حينئذ يجيبونه هم أيضًا قائلين "يا رب متى رأيناك جائعًا أو عطشانًا أو غريبًا أو عريانًا أو مريضًا أو محبوسًا، ولم نخدمك؟" فيجيبهم قائلًا: الحق أقول لكم: بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر، فبي لم تفعلوا" (متى25: 42-45) هنا نرى لونًا من المحاكمة، وحوارًا وفرصة للدفاع عن النفس ثم ينفذ الحكم بعد ذلك "فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدي، والأبرار إلى حياة أبدية" (متى25: 46). ومعنى هذا أنه لم تكن محاكمة من قبل... بدليل أن الأبرار ما كانوا يعلمون، معنى حيثيات الحكم، بدليل أنهم سألوا الرب "متى يا رب رأيناك...؟" والرب بدأ هنا (بعد القيامة) يشرح لهم ذنوبهم، وما كانوا قبلًا يفهمون فإذا كان المضي إلى العذاب الأبدي، وإلى الحياة الأبدية، يكون بعد القيامة والفرز والمحاكمة، فكيف يقال إنه بعد الموت مباشرة، في دينونة خاصة؟! 2 – وكون الدينونة تكون بعد القيامة واضح من قول الرب " تأتى ساعة، فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو5: 28، 29) إذن هنا قيامة عامة، ولا يذهبون إلى الحياة أو إلى الدينونة إلا بعدها بعد أن تتحد الأرواح بالأجساد التي تخرج من القبور، ويقف الإنسان كله أمام الله... وهناك شاهد آخر على هذا وهو: 3 – يقول الرب "فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجده أبيه مع ملائكته. وحينئذ يجازى كل واحد بحسب عمله" (متى16: 27).وعبارة "حينئذ يجازي" معناها أنه لم يجازهم من قبل، وإنما حينئذ، حينما يأتي في مجد أبيه مع ملائكته. 4 – هذه المجازاة في المجيء، هي جزء من قانون الإيمان النيقاوي وهو قانون الإيمان تؤمن به جميع الكنائس، وفيه نقول عن المجيء الثاني للسيد المسيح: "يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات". 5 – نفس المعنى نراه في تفسير الرب لمثل الزوان، إذ يقول "الحقل هو العالم، والزارع الجيد هو بنو الملكوت، والزوان هو بنو الشرير والحصاد هو انقضاء العالم. والحصادون هم الملائكة"."هذا يكون في انقضاء العالم، يرسل أبن الإنسان ملائكته، فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار. (متى13: 38 – 41).أي أن هذه الدينونة تكون عند انقضاء العالم. والأشرار يطرحون في أتون النار في انقضاء العالم، وليس بعد الموت مباشرة... وكلمة "يجمعون" معناها يأتون بهم من كل مكان... وماذا عن الأبرار؟ ينابع الرب شرحه فيقول: "حينئذ يضئ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم. من له أذان للسمع فليسمع". وعبارة حينئذ، أي في ذلك الوقت، في انقضاء العالم، في الدينونة العامة، وليس بعد الموت مباشرة... "ومن له أذنان للسمع فليسمع".وعبارة حينئذ، أي في ذلك الوقت، في انقضاء العالم، في الدينونة العامة، وليس بعد الموت مباشرة... "ومن له أذنان للسمع فليسمع". 6 – يشبه هذا ما ورد في رسالة يهوذا الرسول "وتنبأ عن هؤلاء أيضًا أخنوخ السابع من آدم قائلًا: هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه... ليصنع دينونة على الجميع... ويعاقب جميع فجارهم على جميع أعمال فجورهم... وعلى جميع الكلمات الصعبة... إلخ." (يه 14: 15). إذن هؤلاء لم يكونوا قد عوقبوا قبلًا، وإنما سيعاقبون حينما يأتي الرب في ربوات قديسيه ليصنع دينونة على الجميع... على هؤلاء الفجار وعلى غيرهم... 7 – ومن الآيات الواضحة في هذا المجال قول بولس الرسول: "لأنه لابد أننا جميعًا أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد ما كان بالجسد، بحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا" (2كو5: 10) فلا يمكن أن تقف الروح وحدها، لكي تنال جزاء ما كان بالجسد، خيرًا كان أم شرًا.إذن لا بُد من الوقف أمام كرسي المسيح، بعد أن تتحد الروح بالجسد. وعبارة " أننا جميعًا، تعنى الدينونة العامة. وهنا نود أن نقول بعض ملاحظات عما يسمونه (الدينونة الخاصة): 8 – ما لزوم الدينونة العامة، بعد الدينونة الخاصة؟ إن كان الخاطئ – في الدينونة الخاصة – قد صفى حسابه، وأخذ عقابه أو ثوابه، فما لزوم الدينونة العامة بالنسبة إليه؟! مادام الإنسان قد وقف الله ونال دينونته، البار ذهب إلى السماء، والشرير ذهب إلى جهنم، وانتهى الأمر... فما لزوم الدينونة العامة إذن؟ وما هدفها؟ وما قيمتها؟ وما تأثيرها على تلك النفوس؟... ولكن تكون لها قيمة، إن كانت هي الدينونة الوحيدة التي يتقرر فيها مصير الإنسان. 9 – ومن الآيات الواضحة في الدينونة، ما ورد في سفر الرؤيا "ثم رأيت عرشًا عظيمًا أبيض، والجالس عليه الذي من وجهه هربت الأرض والسماء ولم يوجد لهما موضع" [هذا عن نهاية العالم طبعًا] "ورأيت الأموات صغارًا وكبارًا واقفين أمام الله. وانفتحت أسفار، وانفتحت سفر آخر هو سفر الحياة. ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم. وسلم البحر الأموات الذين فيه، وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيها. ودينوا كل واحد بحسب أعماله. وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار... (رؤ20: 11-15) كيف توجد دينونة قبل أن يقف كل الأموات أمام الله، وقبل أن يسلم البحر والهاوية الأموات الذين فيهما؟! وقيل أن تفتح الأسفار وتكشف الأعمال؟ 10 – والقديس بولس الرسول يتكلم عن الدينونة في المجيء الثاني واستعلان ربنا يسوع المسيح، فيقول: "إذ هو عادل عند الله أن الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقًا، وأباكم الذين تتضايقون راحة معنا، عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته، في نار لهيب، معطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله... الذين سيعاقبون بهلاك أبدي" (2تس1: 6-9). فكيف نقول إن الدينونة تكون بعد الموت مباشرة، على الرغم من كل هذه الآيات الصريحة؟! 11 – وأيضًا لا يتفق العقاب بعد الموت مباشرة، مع قول بولس الرسول"... ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب، تدخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة سيجازى كل واحد بحسب أعماله" (رو2: 5، 6).وهنا يتكلم عن المجازاة في يوم الغضب، يوم الدينونة. 12 – وأيضًا هذه الدينونة التي بعد الموت، ويكافأ فيها الأبرار، كما يعذب الأشرار، لا تتفق مع كلام الكتاب عن الأكاليل حيث يقول القديس بطرس الرسول للرعاة " صائرين أمثلة للرعية. ومتى ظهر رئيس الرعاة، تنالون إكليل المجد الذي لا يبلى" (1بط5: 3، 4). وكذلك قول الرسول عن إكليل البر الموهوب له. قال "وأخيرًا وضع لي إكليل البر، الذي لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل، وليس لي فقط، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضًا" (2 تي 4: 8). قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث عن كتاب لماذا نرفض المطهر؟
المزيد
05 أكتوبر 2021

المسيح المحرر

" أرسلنى لأُنادى للمأسورين بالإطلاق " ( لو 4 : 18 ) أول عظة بدأها الرب يسوع ، كانت فى مجمع الناصرة ، واقتبس عنوانها من سفر إشعياء ، مُعلناً أن هذا النبى الذى سبق التجسد الألهي بنحو سبعمائة عام ، قد تنبأ عن مجئ المسيح الفادى ورسالته الخلاصية ، فلم يأت المسيح واعظاً ولا منذراً فقط ، ولكن مخلصاً الناس من العبودية لإبليس وللخطية . وهى نفس رسالة كل خادم ، وكل مسيحى ومسيحية ، لكسب الأهل والأصدقاء والعالم إلى بيت الله ، وللتحرر من قيود الشر والإثم والظلم . وما أكثر الأسرى فى هذا الزمان : أسرى الحروب والتمييز والأضطهاد : أسرى الحروب عادة ماينالون قسوة فى المعاملة من اسراهم ، وربما يظلون فى غياهب السجون أعواماً قد تمتد لعدة سنوات يعانون فيها من مرارة الأسر ، وهناك العديد من الأسري نتيجة الظلم الواقع من الأنسان علي اخيه نتيجة عدم حرية العقدة والاضطهاد الواقع علي الأقليات لاسيما في العالم الثالث ووسط أجواء الصراع الديني والتعصب الأعمي والمضطهدين من اجل الاختلاف في الرأي او الجنس او العرق .ورغم تجريم القانون الدولي والأقليمي والمحلي للظلم والتمييز وسوء معامله الاسري الا انه شتان بين الواقع والقوانين ومن أجل هذا نصلي ونطلب ليفتح الله عيون العمي ويستنيروا ويعطي الله القادة والمسئولين الحكمة والقوة لأقرار السلام الدائم والشامل والعادل ورفع الظلم وتطبيق قواعد العداله والمساواة بين جميع المواطنين أسرى الخطية والعادات الشريرة : أدمان المكيفات والخمر والتدخين ، والدنس ، وكل العادات الشريرة ، وقال القديس اغسطينوس : " إن عبد الشهوة أذل من عبد الرق " ، ونحن نشعر بحالاتهم الصحية والنفسية والمادية البائسة ، ونعطف عليهم ، ونسعى لخلاصهم وعلاجهم روحياً ، ونرشدهم للمختصين إذا أحتاجوا للعلاج الطبى ، فربما يكون موتهم فى شبابهم بسبب ما هم فيه ( جا 7 : 17 ) لقد جاء الرب ليعطي القوة والنعمة والحكمة لكل من يريد الخلاص نعم جاء لتكون لنا حياة وليكون لنا ملء الحياة الفاضله الكريمة .اننا لن نحيا الا حياة واحدة وحيدة فلماذا نهدر حياتنا ووزناتنا وطاقاتنا وأمكانيتا فيما يضر ونحي نعاني المرارة ونخسر ابديتنا ،ان المسيح له المجد يدعو كل نفس للتحرر من قيود العادات الضارة والمهلكة ويريد لنا ان نتغير ونغير حياتنا ونعرف ارادة الصالحة المرضية ونعمل بها .أن التوبه تعني الرجوع الي الله والحياة المقامة في المسيح يسوع القائم منتصرا علي الشيطان والخطية والضعف والقادر ان يحرر الخطاة ويعطيهم قوة القيامة والانتصار علي الشر. أسرى الفكر : وهو تقييد الفكر ، بأفكار خُرافية ، مثل تصديق أثر العين ( الحسد ) والسحر ، والحظ ، والتشاؤم بأمور مُعينة ، والجن والعفاريت (عالم الغيبيات ) .او ان يفكر الانسان فقط في الارضيات وينسي الله والحياة الروحية ،او ان يتعصب الانسان لفكرة او لبني جلدته او دينه ،او يحي الانسان لنفسه في أنانيه مفرطه حتي داخل الاسرة الواحدة ويحي متغرباً عن أخوته غير مشاركا لهم همومهم وافراحهم ... الخ . دور الرب يسوع فى تحرير الخطاة : سدد الدين القديم ، وحررهم من سجن الجحيم ، وكان إبليس قبل الفداء والقيامة يقبض على روح الميت ، ويدفع به إلى الهاوية ، ففتح الرب الفردوس ، بعدما قيد عدو الخير ، وحد من سلطانه وسطوته . يُحرر الله النفوس من العادات القاتله للنفس ، والمهلكة للجسد ويقوينا بوسائط النعمة – لكسر قيود الفساد ، مثل أغسطينوس ، وموسى الأسود ، وبلاجية ، ومريم المصرية .وهو يمد يده لكل نفس مكبلة بسلاسل الدنس ، ومرتبطة بعبودية الخطية ، والتى تحاول عبثاً الإتكال على ذاتها وحدها فلا تستطيع الفكاك منها ، بينما يناديها الرب لتأتى إليه ليكسر لها قيودها ، ويحررها من عبودية الخطية ، ومن اي عادة ردية ، تجلب الهموم والعار والفقر والمرض الشديد والموت المفاجئ . وهذه دعوة لكل مؤمن وأنسان ، إلى المناداة للمأسورين بالإطلاق من سجن الخطية والشهوات العالمية ، ولكى يُقبلوا إلى حرية مجد أولاد الله .اننا نسير علي خطي المخلص الذي كان وسيبقي يجول يصنع خيراً ويشفي كل مرض وضعف في الشعب الحصاد كثير والفعلة قليلون لنطلب من رب الحصاد ان يرسل فعلة لحصاده. لنكون اذاً رسل سلام وسط ظلمة هذا العالم ورائحة المسيح الذكية التي يشتم منها الأخرين قوة المحبة والبذل والعطاء ، لنكون سفراء لمملكة السماء نطلب عن المسيح له المجد من الناس ان يتصالحوا مع أنفسهم واخوتهم والله. استخدمنا يارب لسلامك واجعلنا أواني مقدسة لحلولك لنزرع المحبة ونشعل نور الأيمان في القلوب ندعوا في الناس بالتوبة فقد أقترب ملكوتك نعلن بشري الخلاص للمقيدين ورساله الحرية للخطاة نختفي ويظهر مجدك ايها الاله المحب للبشر ليختفي الظلم ويعلن حبك وعدلك ورحمتك وينتشر الهي أننا نصلي من أجل العالم الحزين ليفرح، والمريض ليشفي، والخاطي لكي يتوب ويرجع اليك وانت ضابط الكل فأعمل فالجميع ليخلصوا والي حضنك ليرجعوا فيفرح الزارع والحاصد ويستعلن حبك لكل بشر ..أمين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل