المقالات

24 يونيو 2019

لماذا اختار رسلًا

أراد السيد المسيح أن يكرّم عروسه المحبوبة -كنيسته المقدسة- بأن يشركها معه في العمل، فقال لرسله القديسين "كما أرسلني الآب؛ أرسلكم أنا" (يو20: 21). بحيث يحمل الآباء الرسل نفس رسالة الحب والمصالحة التي حملها السيد المسيح نفسه، صانعًا الفداء بدم صليبه يا له من شرف عظيم أن تشترك الكنيسة، بقوة الروح القدس العامل فيها، مع عريسها السمائي في توصيل بشرى الخلاص إلى كل البشرية، مؤيَّدة بخدمة الملائكة السمائيين الذين قال عنهم الكتاب: "أليس جميعهم أرواحًا خادمة، مُرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب1: 14) وقد اختار السيد المسيح اثني عشر تلميذًا ليكونوا معه وأرسلهم، ثم اختار سبعين آخرين لتكميل عمل الخدمة وأرسلهم كان شعب إسرائيل أثناء خروجهم في برية سيناء قد جاءوا إلى واحة اسمها إيليم وهناك اثنتا عشر عين ماء وسبعون نخلة. وشربوا من مياه الينابيع الاثني عشر وأكلوا من ثمار النخيل وانطلقوا بعد ذلك في رحلتهم في البرية (انظر خر15: 27). كانت الينابيع الاثني عشر إشارة إلى تلاميذ السيد المسيح الاثني عشر، والسبعين نخلة إشارة إلى السبعين الآخرين الذين أرسلهم بالفعل صار الاثنا عشر ينابيع لمواهب الروح القدس وهم الذين صاروا يمنحون عطية الروح القدس بوضع الأيدي في سر المسحة المقدسة وأيضًا في سر الكهنوت،كما قدّم السبعون رسولًا غذاءً حلوًا للشعوب التي حملوا إليها بشرى إنجيل الخلاص. رقم الاثني عشر قاله السيد المسيح لرسله الاثني عشر مثلما قال: "متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده، تجلسون أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًا، تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر" (مت19: 28) فمن الواضح أن السيد المسيح قد اختار تلاميذه بنفس عدد أسباط إسرائيل أو أبناء يعقوب الاثني عشر فمن الاثني عشر سبطًا تكونت كنيسة العهد القديم في إطار محدود. وبالا ثنى عشر رسولًا تكونت كنيسة العهد الجديد في المسكونة كلها. ولكن لماذا رقم الاثني عشر بالذات؟ أولًا: من الملاحظ أن السنة تتكون من اثني عشر شهرًا، أي أن الزمان يكمل بالنسبة للأرض باثني عشر شهرًا. مثل قول الرب لإبراهيم حينما ظهر له عند بلوطات ممرا:"إني أرجع إليك نحو زمان الحياة، ويكون لسارة امرأتك ابن" (تك18: 10). والمقصود هنا إنها سوف يكون لها ابن في نفس الموعد في العام التالي في العام الواحد أي في اثني عشر شهرًا تكمل الأرض دورة كاملة حول الشمس. وتكمل كل فصول السنة بكل ما فيها من متغيرات وكمال العام باثني عشر شهرًا، يرمز إلى كمال الزمان. مثلما قال السيد المسيح: "قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر1: 15) حقًا لقد أشرق شمس البر ربنا يسوع المسيح في ملء الزمان، حسب وعد الرب "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر، والشفاء في أجنحتها" (ملا4: 2) لا توجد شمس لها أجنحة سوى ربنا يسوع المسيح، الذي بسط يديه -على خشبة الصليب- الممدودتين لاحتضان كل التائبين. ثانياً: نلاحظ أيضًا أن اليوم يتكون من اثنتي عشرة ساعة، كما قال السيد المسيح: "أليست ساعات النهار اثنتي عشرة. إن كان أحد يمشى في النهار لا يعثر، لأنه ينظر نور هذا العالم. ولكن إن كان أحد يمشى في الليل يعثر لأن النور ليس فيه" (يو11: 9، 10) إن السيد المسيح هو نور العالم.. والبشارة بالإنجيل هي نور العالم. ولهذا فقد حمل الاثنا عشر هذا النور، ونشروه في المسكونة لإنارتها كانوا اثني عشر ليحملوا أنوار ساعات النهار الاثني عشر. وكل منهم كانت ترمز إليه ساعة من ساعات النهار. كقول الرب عن يوحنا المعمدان "كان هو السراج الموقد المنير وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة" (يو5: 35). ثالثًا: رقم اثني عشر هو رقم ثلاثة (مضروبًا) في رقم أربعة (3 × 4 = 12). ورقم (3) هو إشارة إلى الثالوث القدوس وعمله في خلاص البشرية. أما رقم (4) فيشير إلى أربع اتجاهات المسكونة. أو يشير إلى الأناجيل أي البشائر الأربعة. وبهذا يكون رقم 12 هو إشارة إلى عمل الثالوث القدوس في خلاص البشرية في أرجاء المسكونة من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر16: 15) "وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت28: 19، 20)،وبالفعل قيل عن الآباء الرسل "في كل الأرض خرج منطقهم وإلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم" (مز18: 4) من الأمور الجميلة أن الكنيسة تحتفل بعيد الآباء الرسل يوم 12 من الشهر السابع من السنة الميلادية كما أن رقم 12 يستخدم في حساب كثير من الأمور التي يتم إحصاؤها "بالدَسْتة"في حديث السيد المسيح عن جيوش الملائكة قال لبطرس الرسول: "أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشًا من الملائكة" (مت26: 53) وفي سفر الرؤيا رأى القديس يوحنا حول العرش في السماء أربعة وعشرين قسيسًا في أيديهم مجامر وقيثارات، ويرفعون بخورًا أمام الله هو صلوات القديسين (انظر رؤ5: 8). والملاحظ هنا أن رقم 24 هو ضعف رقم 12 لأن النهار على الأرض، اثنتا عشرة ساعة، أما في السماء فليس هناك نهار وليل، بل نهار دائم يرمز إليه رقم 24 (انظر رؤ21: 25) أما المئة وأربعة وأربعون ألفًا البتوليون غير الدنسين (انظر رؤ14: 3، 4)، الذين ظهروا في المشهد السماوي يتبعون الحمل (المسيح) أينما ذهب، فهؤلاء هم 12×12=144 مضاعفًا ألف مرة. فهؤلاء عاشوا حياة منيرة غير دنسة (12 ساعة)، وما فيها من نور هو بحسب الإيمان الرسولي (×12 رسول)، ويصعب حصر عددهم لكثرتهم (ألوف) ولعل هذا يذكرنا بتوبة أهل نينوى الذين قال عنهم الله: إنهم اثنتا عشرة ربوة من الناس، أي مائة وعشرون ألفًا. وهو رقم 12×1000×10 ويرمزون إلى الذين يحيون حياة النور بالتوبة، في أفواج يصعب حصرها (عشرات ألوف). وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي هل دبّر الله أن يكون النهار اثنتي عشرة ساعة، والسنة اثني عشر شهرًا، لكي يختار اثني عشر تلميذًا؟ أم اختار اثني عشر تلميذًا لأن النهار اثنتا عشرة ساعة، والسنة اثني عشر شهرًا؟ وللإجابة على ذلك نقول: إن المعنى الأساسي للرقم 12 هو الإشارة إلى الثالوث القدوس، في عمله من أجل خلاص البشرية في المسكونة كلها. وعلى هذا الأساس يأتي ترتيب باقي الأمورحقًا يا رب ما أعجب تدابيرك كلها بحكمة صنعت! وما أبعد أحكامك عن الفحص وطرقك عن الاستقصاء..! إننا فقط نقف لنتأمل ونتفهم ونتعجب ويبقى أمامنا الكثير لنعرفه عنك يا إلهنا القدوس. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
23 يونيو 2019

الخادم والإزدواجية

الخادم يمثل المسيح أمام المخدومين ويحمل فكره ويتكلم بكلامه وينشر رسالته وتعاليمه وهكذا يرى المخدمين الخادم أنه فى درجه من الكمال وقد لا يستوعبون انه شخص تحت الآلام مثلهم وكثيراً ما نجد الخادم قد يسر بهذه الصورة ويرسخها فى أذهان المخدومين بينما الحقيقة مختلفه تماما فتجد الخارج غير الداخل والكلام غير الافعال والمظهر غير الجوهر مما يجعل الخادم يحيا فى إزدواجية تجعله غريباً عن نفسه وأخطر ما فى الأمر هو تباعد المسافة بين ما يقول وما يفعل إلى أن يصل إلى درجة الإزدواجية المريضة وهنا نجد أنفسنا أمام موقف من الكتاب المقدس يوضح لنا كيف يحيا الإنسان مزدوجاً حين تقدم ابونا يعقوب إلى أبيه إسحق لنوال البركة عوض عيسو البكر قال اسحق ليعقوب تقدم لأجسك يا إبني أأنت هو إبني عيسو أم لا؟؟ فتقدم يعقوب إلى اسحق ابيه فجسه و قال الصوت صوت يعقوب و لكن اليدين يدا عيسو و لم يعرفه لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه فباركه و قال هل انت هو ابني عيسو فقال انا هوتك 22:27كثيراً ما يوجد داخلنا هذا التناقض ...الصوت صوت يعقوب واليدين ( التى تشير إلى الأعمال) يدين عيسو وتجتهد النفس فى تزييف حقيقتها لتأخذ ما ليس لها .. وتدقق وتجتهد لتلبس الثياب وتأخذ الشكل بل والرائحة وتمتد إلى ما أهو أكثر وأعقد من ذلك وهو تغطية الجلد حتى يحصل على ضمان إقتناء الشخصية المرغوبة ويتحمل المخاطر ويستمر فى الخداع حتى وإن ظهر الشك فى أمره ولكنه يؤكد أنا هو ما أخطر خداع النفس وما أسوأ النتائج حيث يتوقع المخدوم من الخادم كمالات لا يجدها بل والأكثر حين تظهر أمور عكس ما يظهر أو يعلم لقد مدح السيد المسيح من عمل وعلم أنه يدعى عظيماً قى ملكوت السماوات (مت 19:5) بل وقد وجدنا فى شخصه القدوس المبارك تحقيقاً وتطبيقاً واضحاً لكل ما علم به فلم نجده يتكلم عن المتكىء الأخير بينما يتنافس على المتكآت الأولى ولم نجده يحدثنا أن بيعوا أمتعتكم واعطوا صدقة بينما يسكن هو فى القصور الفارهه ولم نجده يتكلم عن ضرورة حمل الصليب بينما يهرب هو من حمله بل على العكس نجده فعل أكثر مما تكلم به لدرجة عجز الكلمات عن التعبير أعظم عمل للخادم هو التأثيروالعين أكثر تفاعلاً من الأذن فنحن لا نحتاج إلى كلمات بقدر ما نحتاج إلى أفعال ولا نحتاج إلى خدام بل إلى نماذج ومن المعروف أن أى تعليم يستمد قوته من قائله فالذى جعل القديس تيموثاؤس الرسول يتبع معلمنا بولس الرسول ليس فقط تعليمه بل سيرته وقصده وإيمانه وأناته ومحبته وصبره ( 2تى 10:3) التى رآها وتلامس معها بشكل عملى ليت نفوسنا تتوحد فى خوف الله ونقدم صورة للمسيح الذى يحيا فى داخلنا ولا ننجذب لغيره ولا نتبع غيره فنقدم صورته وكلامه وحياته لأولاده فيجذبهم فيجروا ورائه. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس بمحرم بك الإسكندرية
المزيد
22 يونيو 2019

الخادم والموضوعات اللاهوتية والعقائدية

من الملاحظ في جيل خدامنا الحالي الهروب من الموضوعات اللاهوتية والعقائدية إما عن خوف أو عن جهل أو عن تجاهل ..ومن المؤسف أصبح غالبية موضوعاتنا ومؤتمراتنا يختارها منظميها وخدامها بحبكة إعلامية أكثر منها ما يفيد أو ما يبنى فى تجاهل تام للأمور التى تمس المعرفة اللاهوتية أو العقائدية وفى هذا خطر شديد أي خدمة روحية وأي مؤتمروأى كرازة بدون معرفة لاهوتية وتأصيل عقيدي هي لا تعد أكثر من نشاط أخلاقي أو إجتماعي وفي إهمال الموضوعات اللاهوتية والعقائدية إحتقاراً لفحواها وقيمتها ... الأمر الذي سيؤل تباعاً إلي نسيانها وتجاهلها وتغييب دورها ... ويكون نتيجة لذلك أننا نجعل التعاليم البشرية والأرضية معياراً للأمور الإلهية والأبدية ... بدلاً من أن تكون المعرفة اللاهوتية والأبدية هى التى تقيس وتدين الأمور البشرية والزمنية .... وإذا قصرنا في التعليم اللاهوتي والعقيدي نكون قد أجرمنا في حق اللاهوت والعقيدة والمخدومين ... ونكون بذلك جهلنهاهم عن لاهوتهم وعلقناه ... ربما عن جهل أو عن كسل ... وأصبحنا نميل إلي التعليم الفضائلي ... ربما لأنه يسهل تحضيره أو لأنه الأكثر طلباً من المخدومين فصرنا نساير ابنائنا ونجاريهم في ميولهم لما يسمعون ... وهذا خنوع وضياع وإنعدام رؤيا ... كيف يستقيم الإيمان بدون تعليم ومعرفة لاهوتية وعقائدية سليمة ... أري في هذا تنكر للاهوت وخدمة للشر ... لأننا حين نتجاهل اللاهوت ونعلقة نحن نصرح بشكل غير مباشر أنه لا ينفع ولايجدي .. وهنا نعلم أولادنا بدلاً من أن يمتزجوا بالمعرفة اللاهوتية أن يسايروا التعاليم الزمنية .. هذه حقيقة لابد مواجهتها والسكوت عليها أو إغفالها يعد إنكاراً للإيمان بشكل خفي ... علينا أن نستيقظ ونراجع أنفسنا كيف نخدم وماذا نرجو من خدمتنا .... ربما تقديم اللاهوت والعقيدة بشكل تلقين المعلومات وذكر بعض الإصطلاحات بشكل جامد مثل الأقنوم والإنبثاق والجوهر ... صنع حاجزاً في أذهان المخدومين ... إذ كان يجب أن يلمس اللاهوت أعماق إحتياجاتهم .... أكثر مما يخاطب عقولهم .. علينا أن نعمق التعليم اللاهوتى والعقيدى ونطور أساليبه بما يتناسب مع إحتاجات المخدومين ... علينا أن نشجع علي القراءة والتنوير والمعرفة والتنقيب في كنوز كتابات الآباء ... ولا نعتبر أن التعليم اللاهوتي يقتصر علي الراغبين والدارسين ... فكنيستنا القبطية استطاعت أن تجعل من بسطاء شعبها معلمين للاهوت من خلال نصوصها الليتورجية فى تسابيحها وصلواتها وحفظتهم من الهرطقات وقدمتهم شهداء علي مذبح الحب والإيمان فكيف ننحو نحن إن إهملنا تراثاً وتايخاً هذا مقداره ... علينا أن نعرف ونعلم ولا نسكت ولا ندعه يسكت ... القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس بمحرم بك الإسكندرية
المزيد
21 يونيو 2019

المسيح الراعي

قال السيد المسيح عن نفسه: "أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو10: 11) واعتبر السيد المسيح أن الخراف هي رعيته؛ أي خرافه الخاصة التي يعرفها بأسمائها ويدعوها باذلًا نفسه من أجلها وهكذا قال الرب أيضًا بفم حزقيال النبي: "هأنذا أسأل عن غنمي وأفتقدها. كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه المشتتة هكذا أفتقد غنمي وأخلصها" (حز34: 11، 12) وقال أيضًا: "أنا أرعى غنمي وأربضها يقول السيد الرب. وأطلب الضال وأسترد المطرود وأجبر الكسير وأعصب الجريح وأبيد السمين والقوى وأرعاها بعدل" (حز34: 15، 16) الله هو الراعي والمخلّص والفادي وقد افتقد غنمه وحل في وسطها لأن الله "الكلمة صار جسدًا وحل بيننا" (يو1: 14) "كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه" (حز34: 12). وصار السيد المسيح هو الحمل والراعي في آنٍ واحد. دعوة الخراف قال السيد المسيح: "الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف. لهذا يفتح البواب، والخراف تسمع صوته، فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو10: 2، 3) وقال أيضًا: "أما أنا فإني الراعي الصالح، وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني، كما أن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب" (يو10: 14، 15). الدعوة والمعرفة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.. أي أن الرب يعرف خرافه بسابق معرفته الإلهية ولهذا فلابد أن يدعوها.. سواء أكانت من شعبه القديم أو شعبه الجديد. لذلك قال:"ولى خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بتلك أيضًا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد" (يو10: 16). فبهذا المفهوم تنبأ إشعياء النبي عن شعب مصر بعد مجيء السيد المسيح "مبارك شعبي مصر" (إش 19: 25) نقول أن الدعوة وسبق المعرفة عند الله مرتبطان ببعضهما بالنسبة لخراف السيد المسيح لذلك يقول معلمنا بولس الرسول: "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله، الذين هم مدعوون حسب قصده. لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه، ليكون هو بكرًا بين إخوة كثيرين. والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضًا. والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضًا. والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضًا" (رو8: 28-30)إن سِبق معرفة الله لا تلغى حرية إرادة الإنسان ولكن الله بسابق معرفته يعلم من هم الذين يقبلون الحق بصفة عامة.. أو من لديهم استعداد لقبول الحق، كقول السيد المسيح لبيلاطس: "كل من هو من الحق يسمع صوتي" (يو18: 37). مثل هؤلاء الذين يتلمس فيهم الرب الاستعداد لقبول الحق لابد أن يدعوهم. وهذا هو معنى كلام بولس الرسول: "الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم.. والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضًا" (رو8: 29، 30)ونادى إشعياء النبي قائلًا: "ها إن يد الرب لم تقصر عن أن تُخلّص ولم تثقل أذنه عن أن تسمع" (إش59: 1) إن الدعوة لابد أن تصل إلى كل إنسان مستعد لقبولها لأن وسائل الرب وإمكانياته ليس لها حدود. لهذا قال السيد المسيحعن نفسه وعن خرافه: "والخراف تسمع صوته، فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو10: 3).وقد فهم معلمنا بولس الرسول هذه الحقيقة في عمله الكرازي بالإنجيل فقال لتلميذه تيموثاوس: "اذكر يسوع المسيح المُقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي الذي فيه احتمل المشقات حتى القيود كمذنب. لكن كلمة الله لا تقيّد. لأجل ذلك أنا أصبر على كل شيء لأجل المختارين لكي يحصلوا هم أيضًا على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع مجد أبدي" (2تى2: 8-10) إنه يكافح ويحتمل المشقات لكي تصل كلمة الإنجيل إلى المختارين لكي يحصلوا هم أيضًا على الخلاص الذي في المسيح. هو يعتبر نفسه موضوع لأجل الإنجيل وينال شرف أن يكون هو الأداة أو الوسيلة التي يستخدمها الله لهذا الغرض، ولكن حتى وهو في السجن والقيود فإن كلمة الله لا تقيَّد أي لا تحبس كما قال لأنه كان يفهم قول إشعياء النبي:"ها إن يد الرب لم تقصر عن أن تُخلّص" (إش59: 1) وفي حديث بولس الرسول عن المختارين نلاحظ أيضًا إنه يبنى الاختيار على سبق معرفة الله لمن سوف يقبلون الحق الذي في المسيح. لهذا شرح هذا الاختيار في رسالته إلى أهل أفسس فقال "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة. إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته. لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب" (أف1: 3-6) الرسول بولس يقول "اختارنا فيه (أي في المسيح) قبل تأسيس العالم.. إذ سبق فعيننا للتبني" وهو يربط بوضوح بين الاختيار وسبق المعرفة والتعيين مثلما ربط سابقًا في رسالته إلى أهل رومية بين الدعوة وسبق المعرفة والتعيين كما ذكرنا سابقًا (انظر رو8: 29، 30) والخلاصة إن سبق المعرفة والتعيين والاختيار والدعوة كلها مرتبطة ببعضها وعلى هذا الأساس قال السيد المسيح: "أعرف خاصتي وخاصتي تعرفني" (يو10: 14) كما قال إنه "يدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو10: 3). ولكن كل ذلك بشرط أن يظل المدعو أمينًا إلى النهاية حسب قول الرب: "من يغلب فذلك سيلبس ثيابًا بيضًا ولن أمحو اسمه من سفر الحياة وسأعترف باسمه أمام أبي وأمام ملائكته" (رؤ3: 5). الرعاية والمحبة هذه العبارة قالها السيد المسيح لسمعان بطرس الرسول في عتابه له بعد قيامة الرب من الأموات، مبينًا أن رعاية الغنم، أي خراف السيد المسيح الناطقة، ترتبط ارتباطًا كبيرًا بمحبته وفي حديثه عن عمله كراعٍ للخراف قال الرب "أنا أضع نفسي عن الخراف" (يو10: 15). أي أنه وضع لنا مثلًا أعلى للرعاية الحقة ينبع من منطلق الحب. وقال "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو15: 13). الله محبة إن مفتاح المسيحية يكمن في أن "الله محبة" (1يو4: 8، 16) ففي علاقة الآب والابن والروح القدس يوجد مثال المحبة الكائنة قبل كل الدهور بين الأقانيم الثلاث. وحينما وجدت الخليقة العاقلة، غمرها الله الآب بمحبته بحسب مسرة مشيئته التي قصدها في نفسه. وتمتعت الخليقة بمحبة الثالوث القدوس. وحينما سقطت البشرية كان الله قد دبر لها الخلاص بابنه الوحيد بالفداء على الصليب وبعمل الروح القدس في أسرار الكنيسة. حسب قول معلمنا بولس الرسول: "حين ظهر لطف مخلّصنا الله وإحسانه، لا بأعمال في بر عملناها نحن. بل بمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا" (تى3: 4-6)عن حب الله الآب للبشرية قال السيد المسيح: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد الجنس لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16). إذن المسألة تتلخص في أمرين:- أولهما: إن المحبة كائنة وتمارس في الله قبل كل الدهور. وثانيهما: إن المحبة الإلهية تغمر الخليقة منذ أن وجدت. وتتألق كلما أتيحت الفرصة لذلك مثلما تألقت على الصليب لهذا فإن عمل الرعاية يرتكز أساسًا على الحب: الحب نحو الله ونحو الخليقة. وقد لخص السيد المسيح كل الوصايا الإلهية في وصيتين: الأولى: محبة الله. والثانية: محبة القريب. وقال إن الثانية هي على مثال الأولى "الثانية مثلها" من هذا المنظور قال السيد المسيح لبطرس الرسول: "يا سمعان بن يونا أتحبني؟ ارع غنمي" (يو21: 16) لذلك فكل من يتقدم إلى عمل الرعاية ينبغي أن يمتلئ أولًا من محبة الله ثم ينطلق نحو محبته للرعية بنقاوة وطهارة على مثال المحبة الإلهية. المحبة ترجو كل شيء هذه العبارة قالها معلمنا بولس الرسول (انظر 1كو13: 7). وإذا طبقناها على عمل الرعاية فمعناها أن الراعي ينظر بعين الرجاء إلى مخدوميه فلا يراهم في ضعفهم وسقوطهم وخطاياهم، بل يراهم في توبتهم وقيامتهم من الخطية وتمتعهم بحياة النصرة. مدركًا أنه "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" (مت9: 12، مر2: 17، لو5: 31) وأن الرب لم يرسله ليدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة. بهذا المفهوم قال معلمنا بولس الرسول: "قوّموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة واصنعوا لأرجلكم مسالك مستقيمة لكي لا يعتسف الأعرج، بل بالحري يشفى" (عب12: 12، 13) الرعاية تحتاج إلى صبر واحتمال وطول أناة.. تحتاج إلى حب يحتمل كل شيء، ويصبر على كل شيء، ويرجو كل شيء.. تحتاج إلى حب لا يسقط أبدًا. وقد يحتاج الراعي أن يستخدم التأديب حرصًا على إصلاح شأن من يستهين بطول الأناة. وحرصًا على خلاصه، أو حرصًا على حماية باقي القطيع من أذيته. فبسلاح البر ذات اليمين وذات اليسار يستمر الراعي في خدمته للرعية بطول الأناة والرفق أحيانًا وبالتوبيخ والتأديب في أحيان أخرى، ولكن الهدف باستمرار هو أن تنتصر المحبة ضد كل قوى الظلمة الروحية. الله لا ينسى تعب المحبة كل خادم سيأخذ أجرته بحسب تعبه. والله ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة. ولابد أن الخادم الأمين يفرح بثمار تعبه وخدمته ورعايته. فالمحبة كنز لا يفنى ولا يضيع بل هو أبقى من الدهور ويعبر إلى ما وراء الزمان إن الوجود يفقد معناه بدون المحبة أو كما قال أحد الكتاب المسيحيين [أن توجد معناها أن تحب، وأن تحب معناها أن توجد]. والوجود المقصود هنا هو الوجود في المسيح والذي بدونه يصير الوجود بلا قيمة ليت الرب يثبتنا في المحبة لكي نثبت فيه ويثبت هو فينا. وليته يشعرنا بمحبته الفائقة الوصف لكي ننطلق بكل قوة في خدمتنا وفي محبتنا. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
20 يونيو 2019

القدوة فى حياة الخادم

لا يستهن أحد بحداثتك، بل كن قدوة للمؤمنين فى الكلام و التصرف فى المحبة فى الروح فى الإيمان فى الطهارة" (1 تى 4 : 12)الإنسان المسيحى مطالب أن يكون قدوة للآخرين بصفة عامة و الخادم بصفة خاصة و هذا يعتمد أساسا على عمل الروح القدس فى الإنسان الذى يحيا للمسيح. "لى الحياة هى المسيح" (فى 1: 12) وهكذا كتب القديس بولس الرسول أيضا إلى تلميذه تيطس قائلا " مقدما نفسك فى كل شىء قدوة للأعمال الحسنة" (تى 2: 6 – 7). و المطلوب من الكل أن يكونوا قدوة لذا يقول الرسول "كونوا متمثلين بى معا أيها الإخوة ولاحظوا الذين يسيرون هكذا كما نحن عنكم قدوة" (تى 3:17( أولاد الله جميعا يجب أن يكونوا قدوة لجميع الناس " يروا الناس أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذى فى الموات" (مت 5:16) ولقد دعانا المسيح له المجد نورا للعالم وملحا للأرض..ولذا يقول الرسول بولس "لأنه الله هو العامل فيكم أن تريدوا و أن تعملوا من أجل المسرة. إفعلوا كل شىء بلا دمدمة أو مجادلة لكى تكونوا بلا لوم و بسطاء أولادا لله بلاعيب فى وسط جيل معوج و ملتوٍ تضيئون بينهم كأنوار فى العالم" (فى 2:13-15) ولقد قدم لنا ربنا و مخلصنا يسوع المسيح ذاته قدوة قائلا "تعلموا منى لانى وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم"(مت 11:28) و أيضا لأجلهم أقدس أنا ذاتى(يو 17 : 19 ) لذا وجب على كل الرعاة و الخدام أن يقدموا ذواتهم قدوة و مدققين بأن يكونوا بلا عثرة للمخدومين مرددين مع الرسول " لسنا نجعل عثرة فى شىء لئلا تلام الخدمة" (2كو 6 : 13 )إن سبب إنتشار المسيحية لم يكن فقط بالوعظ و التعليم و إنما بالقدوة فى حبياة المؤمنين مما جذب إليهم الكثيرون متحققين من صدق تعاليم المسيح مما يحلو ان نسمى حياة القدوة بالإنجيل الخامس أو الإنجيل المعاش. قدوة فى الكلام:- أى أن يكون له الكنز الصالح(القلب) الذى يخرج منه الصالحات، فبأى لسان نتكلم؟!.. يوصينا الرسول يعقوب قائلا "ليكن كل إنسان مسرعا فى الاستماع مبطئا فى الغضب" (يع 1 : 19). بلا شك أن لغة الانسان تظهره و تكشف مابداخله من مبادىء أو أمثلة روحية. " الصديق يبغض كلام الكذب" ( أم 13 : 15 ) " كثرة الكلام لا تخلوا من معصية. أما الضابط شفتيه فعاقل" (أم 10 : 19)كيف تتكلم إلى غيرك؟!.. لا تقاطع غيرك فى الكلام ولا تتعجل فى الرد بل تعلم فضيلة الإستماع.إحذر أن يتكلم لسانك بالباطل الذى لا يمجد إسم إلهك أو تدنس فمك بالكلام الدنس. قدوة فى التصرف:- أى قدوة فى السلوك.. فسلوك الخادم لابد أن يظهر مسيحيته سواء فى البيت أو الكنيسة أو فى العالم فى البيت طائعا و باذلا فى الكنيسة مصليا و خادما فى العالم عاملا و طاهرا" من علم و عمل يدعى عظيما فى ملكوت السموات" (مت 5:19 )إن السلوك الخاطىء من بعض الخدام يؤثر مباشرة على المخدومين مما يسبب العثرة لهمو قيل" ويل لمن تأتى بواسطته العثرات" (نت 18: 7)هذه الأخطاء إما أن يقلدها الخدام فتضيع روحياتهم أو أن ينتقدوها فيقعون فى خطية الإدانة.. فالسلوك المستقيم للخادم أو للمسيحي بصفة عامة ينبع من خضوعة للوصية, الإلهيه فى حياته و التى تتحول فى حياته إلى منهج ومبدأ روحى لا يتغير بتغيير الظروف المحيطة به. قدوة فى المحبة:- يتميز أولاد الله بالمحبة... لأن المحبة قد إنسكبت فى قلوبكم بالروح القدس المعطى لهم (رو 5: 5 ) من أجل ذلك ففى امكان الانسان المسيحى أن يكون قدوة فى المحبة.ففى محبتنا لله .. نبغض العالم و شهواته و نسعى دائما لإرضائه و صنع مشيئته و تنفيذ وصيته ولا نحتسب نفوسنا ثمينة عندنا حتى نتمم بفرح الخدمة التى إستلمناها من يده فلا نسعى وراء الراحة بل نستعذب كل تعب من أجل مجد إسم القدوس. وفى محبتنا للقريب و للأخوه و حتى للأعداء سنبارك من يلعننا و نحسن إلى من يبغضنا و نصلى لأجل من يسىء إلينا."نشتم فنبارك نضطهد فنحتمل يفترى علينا فنعظ" (1 كو 4 : 2) مثال سيدنا يسوع المسيح الذى قيل عنه ..".إذا شتم لم يكن يشتم عوضا " (1 بط 2 : 23 ) قدوة فى الروح:- هذا يعنى عمل الروح القدس و ثماره فى حياة الإنسان المسيحيى روح و ديع هادىء ...روح متواضع و منسحق...روح وقور لا يعرف الهزل أو كلام السفاهة..روح أمين على أسرار الآخرين إن الخدمة كما يقول قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث ليس كلاما و إنما هى روح و حياة (يو 6 : 63) و أن الخادم الذى لايملك سوى معلومات لايأخذون منه سوى هذه المعلومات بلاروح ..فالخادم الروحى ليس مجرد درس بل حياته كلها خدمة...إنه حياه روحية تتحرك فى عمق و تؤثر روحيا فى غيرها بطريقة مشوقة غير مصطنعة و يكون غسم الرب حلوا فى فمه يتحدث عنه بطريقة تجذب و تربح النفوس. بعض الناس يظنون ان المبادىء المسيحية مثاليات من يستطيع تنفيذها أما الخادم الروحى فيقدم هذه المثاليات منفذه فى حياته. قدوة فى الإيمان:- إيمان بإبن الله الذى احبنى و أسلم نفسه لأجلى (غل 2: 20) و كما يقول يوحنا الحبيب " هذه هى الغلبة التى تغلب العالم إيماننا. من هو الذى يغلب العالم إلا الذى يؤمن أن يسوع هو إبن الله" (1 يو 5 : 4،5) فنؤمن أنه ليس للشيطان سلطان علينا...ولا للخطية..ولا للعالم فنسلك كما يليق ببنوتنا لله ولا نشابه أهل هذا الدهرإيمان بالحياة الأبدية..: اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل" (يو 10 : 10) هذه هى الحياة التى عرفها أباؤنا القديسون بالإيمان فنظروها و صدقوها و حييوها وأقروا بأنهم غرباء و نزلاء (عب 11 : 13) مثال أبينا إبراهيم فالخادم الحقيقى يعيش متغربا فى العالم و بعد نفسه و الآخرين للحياة الأفضل و يسعى دائما أن تكون سيرته محفظة فى السموات (فى 3 : 20)إيمان بان الله معنا " يدعون إسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا" (مت 1 : 23) الخادم المؤمن يشعر دائما انه ليس بمفرده فلا ينظر لضعفه بل يثق بأن الله معه سند و معين فلا يخاف ولا ينزعج مهما كانت الريح ضده و أمواج بحر هذا العالم..فهو يتمسك بإلهه و متوكل عليه "طوبى لجميع المتوكلين عليه" حتى يستطيع أن يشدد الضعفاء و يعزى المتضايقين و كما يقول بولس الرسول " مبارك الله الذى يعزينا فى كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزى الذين هم فى كل ضيقة بالتعزية التى نتعزى بها نحن من الله" (2 كو 1 : 3 – 4 ) قدوة فى الطهارة:- " فى كل شىء نظهر أنفسنا كخدام الله فى صبر كثير فى شدائد فى ضرورات فى ضيقات..فى اتعاب فى أسهار فى أصوام فى طهارة فى علم فى أناة فى لطف" (2 كو 6 : 6 )هكذا يؤكد بولس الرسول على وجوب حياة الطهارة للخادم بصفة عامة لأنه سيدعو الناس للملكوت و هذا لايدخله شىء دنس او نجس فهو لا يشارك فى أعمال الظلمة ولا يسلك طريق المستهزئين ولا يعطى أذنا لأباطيل العالم و يغمض عينيه عن الشر مرددا هذه الوصية" فإذ لنا هذه المواعيد أيها الاحباء لنطهر زواتنا من كل دنس الجسد و الروح مكملين القداسة فى خوف الله" (2 كو 7 : 1 ). القمص يوحنا أديب
المزيد
19 يونيو 2019

أهمية الخدمة وعموميتها

ليست الخدمة قاصرة على الذين يعملون في مجال التعليم، إنما هي لازمة للكل ونافعة للكل. وتعتبر من الوسائط الروحية العامة. وهى مبدأ روحي عام يطالب به كل مؤمن: الكبار والصغار، المتزوجين وغير المتزوجين. يكفى قول الكتاب:"من يعرف أن يعمل حسنا ولا يفعل، فتلك خطية له" (يع 4: 17) فالخطايا ليست هي فقط السلبيات في تصرفات الإنسان، إنما عدم عمل الخير يعتبر خطية. ولذلك فالإنسان الروحي هو الذي يعمل الخير باستمرار، كصورة لله الذي نصفه بأنه "صانع الخيرات". وكما قيل عن السيد المسيح له المجد، إنه "كان يجول يصنع خيرًا" (أع 10: 38). فهل أنت كذلك؟ الإنسان الروحي لا يحيا لنفسه فقط بل إن المثل المشهور يقول "ما عاش من عاش لنفسه فقط". إذن في الخدمة لابد أن تخرج من قوقعة نفسك، لتلتقي بالغير.تخرج من مجال (الأنا). لتشبع من حبك للكل. وتشعر أن رسالتك في الحياة أن تفعل خيرًا نحو كل من يدفعه الله في طريقك وكلما تكتسب خبرة في الحياة وسعة في القلب، تتسع دائرة خدمتك. فلا تقتصر على بيتك وأسرتك، ولا على أقاربك وجيرانك ومعارفك وزملائك وأصدقاءك، بل تصل إلى نطاق أوسع وأوسع والخدمة في جوهرها، إن هي إلا تعبير عن الحب المختزن في القلب من نحو الله والناس فالمفروض في كل مؤمن أن يحب الله من كل القلب والفكر والنفس. وهذه وصية منذ العهد القديم (تث 6: 5). وقد تكررت في العهد الجديد أيضًا (مت 22: 37. 39). والمحبة ليست مجرد شيء نظري. فالكتاب يقول "لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" (1يو3: 18). والمحبة العملية تظهر عن طريق الخدمة. فأنت تحب الله، فتعبر عن محبتك له بنشر ملكوته، بخدمة الكنيسة وخدمة الكلمة. وأنت تحب الناس فتخدمهم بكل الوسائل المتاحة لك والنافعة لهم المهم أن يوجد في حياة الإنسان، كل إنسان، عنصر البذل والعطاء وهكذا تجد أن الخدمة قد أكسبتك فضيلة روحية، هي الحب والعطاء والبذل وتكون قد استفدت من خدمتك وقد تخدم الفقراء، وتجد أن الفقراء أو الاحتياج، قد حول بعضهم إلى الكذب أو الاحتيال، أو الغش للحصول على ما يريدون فلا تتبرم بهؤلاء، ولا تيأس منهم، ولا تتضايق، ولا يكون رد الفعل عندك هو أن تعاملهم معاملة سيئة ربما سمح الله لك أن تلتقي بهؤلاء لتتعلم الاحتمال وطول البال، وأيضًا الحكمة في التصرف، أو خدمتهم روحيًا لكي يتخلصوا من مثل هذه الطباع السيئة. وتكون أنت قد استفدت فضائل فيما تخدمهم. مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب الوسائط الروحية
المزيد
18 يونيو 2019

الخادم إنجيل معاش

" فقط عيشوا كما يحق لانجيل المسيح " (فيليبي 27:1) المسيحية تلمذة، والسيد المسيح لم يسلم تلاميذه كتاباً، ولكنهم تتلمذوا عليه وتلامسوا معه " الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه و لمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة" (1يو 1:1) وبعد أن تلمذهم أرسلهم ليتلمذوا الآخرين بدورهم "فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " (متى 19:28). كان سلوك السيد المسيح بينهم هو أقوى شرح للتعليم عن الفضيلة، ولذلك فإن سلوك الخادم سيكون له التأثير الأول على من يخدمهم، اكثر من الكلام وحلاوة التعبير والذى يمكن أن يتحول عند شخص ما إلى ما يقرب من المهنة .. أو الصناعة (حسن الكلام أو مهنة الكلام). الخادم يجب أن يكون إنجيلي من جهة القلب والقالب، فهو مُطلع بشكل جيد على الكتاب المقدس، ويحفظ منه الكثير ويعضّد تعليمه وإرشاده بالآيات، وُيحسن استخدام الآيات فى تقنين الأفكار والمبادئ التى يسلمها لمخدوميه, وفى الوقت ذاته يتحول فيه الإنجيل إلى حياة، فتأتى حياته وسلوكه كثمرة تفاعل شخصه مع الوصية، أو هو كما يقول قداسة البابا شنودة أنه على الخادم أن يكون وسيلة إيضاح للفضائل، وكذلك إنجيلا مشروحاً للمخدومين .. إن الخادم ليس شخصاً عارضاً لبضاعة أو "ريكوردار" وليس خزانة معلومات وليس "بياع كلام" ولكنه شخص تحول بالوصية من الخبر إلى الخبرة ومن التعليم إلى التسليم. وفى الأدب الرهبانى نقرأ عن شخص زار أب كبير لسمع منه كلمة منفعة، ولكن الأب أمسك عن الحديث معه .. فلما سأله البعض، قال: " يعلم الله إنى لم أمسك نفسى عنه إلاّ لكونه بياع كلام يؤثر أن يتمجد بأقوال الآخرين !!" وفى انشودة المحبة التى كتبها القديس بولس يقول أن المحبة تتأنى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ .. الخ .. (1كو 13: 4) ولعله كان من المنطقى أن يقول أن المُحبّ يتأنى ويرفق .. الخ ولكنه تكلم عن المحب باعتباره محبة !!.. أليس حسنا أن يدعى الله نفسه محبة " ونحن قد عرفنا و صدقنا المحبة التي لله فينا الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه" (1يو16:4 ) محبة تجسدت فى تجسده وفداءه. هكذا الخادم إذا تكلم عن الاتضاع فهو متضع .. وإذا تكلم عن المحبة فهو مُحبّ ..إنه ليس واعظاً بقدر ماهو عظة .. وليس صاحب رسالة بقدر ماهو رسالة مقرؤة من الآخرين، وهو أيضا إنجيل معاش وبشارة مفرحة. هناك شخصيات في حياتنا ُتمثل لنا المسيحية المفرحة والعبادة المبهجة، والمسيح المعزيّ، ويكفى أن ترى شخصاً من هذا النوع. ويكفى أن يقول أى شئ .. يكفى أن فلان الذى قاله .. فكم وكم إذا كان شخصاً كتابياً، وإذا تكلم فلن يقول أى شئ بل "قاعدة الكلام كتابية والكلمة مشروحة فيه هو". لذلك فإن من عمل وعلم فهذا يدعى عظيماً (متى 19:5)، وقديماً كانوا يكتبون فى تقريظ الكتب ُمقدمين الكاتب بقولهم " الأب العامل العالم ". وهذا هو الفرق بين الفلاسفة والسيد المسيح .. فكثير منهم رغم ماقدموه من نظريات وأفكار عاشوا تعساء وأنهى بعضهم حياته بطريقة مأساوية إن الخادم هو شخص كاشف ومعلم صادق لكلمة الله وقوتها وفاعليتها من خلال حياته بكلمة الله كلام الله يؤيد كلامه، وكلامه وسلوكه يؤكدان أن الوصية حق وحيّة ويمكن الحياة بها فى كل الظروف إن الخادم هو انجيل مسموع وإنجيل مقروء وانجيل معاش. " فقط عيشوا كما يحق لانجيل المسيح " ( فى 27:1). نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
17 يونيو 2019

مجد وكهنوت السيد المسيح

في مناجاته مع الآب ليلة الصلب تكلّم السيد المسيح عن نوعين من المجد: 1- مجده الأزلي: قبل كون العالم بقوله للآب: "والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك، بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم " (يو17: 5). 2- مجده المسياني: الذي ظهر به في الجسد عندما أخلى نفسه وأخذ صورة عبد، ومارس عمله كمسيح للرب، ورئيس كهنة ومخلّص للعالم. وعن مجده كرئيس كهنة قال للآب في ليلة آلامه، في حديثه عن علاقته بتلاميذه الأحد عشر (بعد استبعاد يهوذا الإسخريوطي من الحديث): "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو17: 22) وقد شرح مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث هذه المسألة مؤكدًا أن المجد المقصود في هذه العبارة الذي أعطاه الرب للتلاميذ هو مجد رئاسة الكهنوت والرعاية (مجلة الكرازة 3/12/2004م العدد 37 للسنة ال32 ص 16 العامود الثاني سطر 37)ومن المفهوم طبعًا أن السيد المسيح كان أحيانًا يكشف عن شعاع من مجده الإلهي من خلال التجلي، ومن خلال المعجزات التي أجراها وخاصة معجزة قيامته المجيدة من الأموات بقدرته الإلهية ولكن لم يكن من الممكن أن يعلن مجده الإلهي بصورة كاملة أثناء وجوده على الأرض، لأن البشر لن يحتملوا رؤية هذا المجد قبل أن يلبسوا جسد القيامة الروحاني الممجد. لهذا قال الرب لموسى على جبل سيناء: "الإنسان لا يراني ويعيش" (خر33: 20) كما أن الخلاص لم يكن ممكنًا أن يتم لو أعلن السيد المسيح في تجسده على الأرض ملء مجده الإلهي. لهذا قال معلمنا بولس الرسول: "لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1كو2: 8). فالمسألة إذن أن السيد المسيح قد أخفى لاهوته عن الشيطان، وأخفى مجده المنظور عن البشر إلى حين إتمام الفداء وصعوده إلى السماء ودخوله إلى مجده السمائي عن يمين الآب وقد شرح القديس بولس الرسول هذه الحقيقة بقوله "بالإجماع عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكة، كرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رُفع في المجد" (1تى3: 16)لقد أخفى السيد مجده الأزلي بالناسوت لكي يتمم الفداء ثم يدخل إلى مجده عند صعوده إلى السماء وتحدّث القديس بولس الرسول عن حالة السيد المسيح في دائرة الإخلاء عند قبوله الآلام لأجل خلاصنا فقال: "ولكن الذي وضع قليلًا عن الملائكة، يسوع، نراه مكللًا بالمجد والكرامة، من أجل ألم الموت، لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد. لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل، وهو آتٍ بأبناءٍ كثيرين إلى المجد، أن يُكمِّل رئيس خلاصهم بالآلام (عب2: 9، 10)إن المجد الذي تكلل به السيد المسيح في آلامه، هو مجد الحب والبذل والعطاء والفداء،ومجد رئاسة الكهنوت في تقديم ذبيحته الخلاصية كرئيس للخلاص، وكقائد لمسيرة المفديين في طريقهم نحو المجد السمائي. ولكن ينبغي أن نلاحظ أن عبارة "الذي وضع قليلًا عن الملائكة، يسوع" التي وردت في النص السابق قد ورد قبلها في نفس الرسالة إلى العبرانيين عن صعود السيد المسيح إلى المجد "صائرًا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسمًا أفضل منهم" (عب1: 4) فالمسيح الذي "أخلى نفسه" هو هو نفسه "الذي رفع في المجد". مجد المسيح الأزلي مجد المسيح الأزلي هو واحد فيه مع الآب ومع الروح القدس. هو مجد الثالوث القدوس الذي نسبحه في الكنيسة ونعطيه " الذوكصا" ونقول: (المجد للآب والابن والروح القدس)عن هذا المجد قال الرب: "ومجدي لا أعطيه لآخر" (إش42: 8). لذلك لا يمكن لأي أحد آخر أن يشارك الثالوث القدوس في هذا المجد. ولا تنطبق عليه عبارة السيد المسيحعن رسله القديسين "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو17: 22). مجد رئاسة الكهنوت هذا المجد الذي منحه السيد المسيح لرسله القديسين، يترتب عليه سلطان التعليم في الكنيسة ومقاومة البدع والهرطقات، وسلطان الحل والربط والتشريع في الكنيسة من خلالالمجامع المقدسة. وكذلك سلطان الحكم في المجالس الإكليريكية، وسلطان إقامة الرتب الكنسية مثل سيامة الأساقفة بيد الآباء البطاركة ومعهم الأساقفة، وسيامة الآباء الكهنة بواسطة الأساقفة وكذلك سيامة الشمامسة وتدشين الكنائس والأواني المقدسة. وسلطان وضع اليد قد منحه الرب للرسل وخلفائهم باعتبار أن الأسقف هو وكيل الله. لهذا قالمعلمنا بولس الرسول: "يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل الله" (تى1: 7). كهنوت السيد المسيح يقول معلمنا بولس الرسول عن رئاسة الكهنوت: "ولا يأخذ أحد هذه الوظيفة بنفسه، بل المدعو من الله كما هارون أيضًا. كذلك المسيح أيضًا لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنة، بل الذي قال له: أنت ابني أنا اليوم ولدتك" (عب5: 4، 5، انظر مز 2: 7) إذن فقد أخذ السيد المسيح مجد رئاسة الكهنوت من الآب السماوي لأن بولس الرسول يقول: "لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنة بل الذي قال له أنت ابني"ومجد رئاسة الكهنوت الذي للسيد المسيح قد أشرنا إليه سابقًا في تفسير عبارة "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو17: 22) التي قالها السيد المسيح للآب في ليلة آلامه عن عطيته لرسله الأحد عشر والتي أخذها من الآب في إرساليته الخلاصية وقد استطرد القديس بولس الرسول في كلامه السابق فأشار إلى أن كهنوت السيد المسيح هو على رتبة ملكي صادق وليس على رتبة هارون فقال: "مدعوًا من الله رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق" (عب5: 10)هكذا أيضًا كهنوت الآباء الرسل وخلفائهم من الآباء البطاركة والأساقفة هو على رتبة ملكي صادق، لأنهم يقدّمون ذبيحة الإفخارستيا (أي سر الشكر) بالخبز والخمر، والتي هي نفسها ذبيحة الصليب، ولكن تحت أعراض الخبز والخمر،ولا يقدّمون الذبائح الحيوانية الخاصة بالكهنوت الهاروني وهذا ما أوصاهم به السيد المسيح في ليلة آلامه عن تقديم جسده ودمه الأقدسين "اصنعوا هذا لذكرى" (لو22: 19، 1كو11: 24) إن ملكي صادق حينما خرج لملاقاة إبراهيم قدّم خبزًا وخمرًا، ولم يقدم ذبيحة حيوانية وأعطاه إبراهيم عشرًا من كل شيء. وقد ورد ذلك في سفر التكوين كما يلى:"وملكي صادق ملك شاليم أخرج خبزًا وخمرًا. وكان كاهنًا لله العلى. وباركه، وقال: مبارك أبرام من الله العلى مالك السماوات والأرض. ومبارك الله العلى الذي أسلم أعداءك في يدك. فأعطاه عُشرًا من كل شيء" (تك14: 18-20) إن مجد رئاسة كهنوت السيد المسيح يرتبط ارتباطًا واضحًا بتقديم ذبيحة الإفخارستيا التي صنعها السيد المسيح وأمر تلاميذه أن يصنعوها. والتي هي نفسها ذبيحته الخلاصية على الصليب وتستمد وجودها وفاعليتها من حقيقة الصليب فوق الجلجثة، إذ هي امتداد لذبيحة الصليب عبر الزمان في ليلة الآلام وإلى مجيء الرب الديان لهذا اهتم القديس بولس الرسول في أكثر من موضع بإبراز رئاسة كهنوت السيد المسيح أنها على رتبة ملكي صادق "مدعوًا من الله رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق" (عب5: 10 انظر أيضًا عب6:20) ولا يخفى على أحد بالطبع أن كهنوت السيد المسيح هو كهنوت أبدي. فخدمته الكهنوتية مستمرة عبر الأجيال إذ أنه يشفع فينا بذبيحته الخلاصية إلى آخر الزمان. "إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا" (1يو2: 1، 2) لقد دخل السيد المسيح إلى المقادس السماوية "حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا صائرًا على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة إلى الأبد" (عب6: 20) إنه شيء رائع أن نرى الكنيسة المقدسة وهي أيقونة للسماء على الأرض مثلما رآها يعقوب أب الآباء مثل سلم منصوب على الأرض ورأسه يمس السماء والرب واقف بجلاله المخوف والملائكة صاعدين ونازلين على السلم (انظر تك 28: 12، 13، 17) إن السماء تكون مفتوحة أثناء القداس الإلهي والسيد المسيح حاضر بجسده ودمه على المذبح سرائريًا بنفس ذبيحته الخلاصية التي بها يشفع فينا شفاعة كفارية أمام الآب السماوي والملائكة الذين كتب عنهم أنهم خدام العتيدين أن يرثوا الخلاص يكونون في حالة صعود ونزول أثناء القداس يرفعون صلواتنا، وينزلون بالبركات السمائية، ويشاركون معنا تسبيح الحمل الذبيح وشكر الآب على محبته غير المحدودة حقًا إن الكنيسة هي بيت الملائكة لأن الرب قد صالح السمائيين مع الأرضيين، كقول بولس الرسول عن ذلك "لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السماواتوما على الأرض في ذاك الذي فيه أيضًا نلنا نصيبًا معينين سابقًا" (أف1: 10، 11). نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
16 يونيو 2019

عمل الروح القدس فينا

قال السيد المسيح: "متى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي" (يو15: 26) وهكذا أُرسل الروح القدس بناءً على طلب السيد المسيح، وبناءً على الصلح بدم صليبه أما المؤمنون بالمسيح فقال لهم: "أما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث معكم ويكون فيكم"تلاميذ الرب نشأت بينهم وبين الروح القدس علاقة شخصية، اختبارية كقول معلمنا بولس الرسول: "جميعنا سقينا روحًا واحدًا" (1كو12: 13)، وقوله: "الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها" (رو8: 26) صارت لهم معرفة للروح القدس، ماذا يريد، وماذا يقول "قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" (أع13: 2)صارت لهم الدالة أن يطلبوا من الروح القدس. مثلما تصلى الكنيسة وتقول (أيها الملك السمائي المعزى روح الحق الحاضر في كل مكان؛ مالئ الكل كنز الصالحات ومعطى الحياة، هلم تفضل وكن فينا، وطهِّرنا من كل دنس أيها الصالح وخلّص نفوسنا( (قِطع صلاة الساعة الثالثة).وقد تنبأ داود النبي في المزمور عن الروح القدس وعن وجوده في كل مكان وعن عمله في حياة الإنسان فقال: "أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر فهناك أيضًا تهديني يدك وتمسكني يمينك" (مز139: 7-10) ونلاحظ في كلمات المزمور؛ عمل الروح القدس في إرشاد المؤمنين "تهديني يدك وتمسكني يمينك". "لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله" (رو8: 14). المؤمن الحقيقي الذي يطلبه بحرارة من الله، يستشعر عمل الروح القدس في داخله: يعلّمه ويرشده ويعزّيه روحيًا ويقوده ويقود ضميره، وأحيانًا يوبّخه.. يذكّره بكلام السيد المسيح، أو يعلن مشيئة المسيح في داخله.. يقوّيه.. ينطق على لسانه.. يحدِّثه.. يلهمه لكي يتصرف بحسب فكر الروح، يعلن له أسرار سمائية، أو مقاصد إلهية.. يرفعه فوق مستوى العالم والمادة والزمان لكي يتصل بالحياة الأبدية. وعمومًا يشعر الإنسان بحضور الله في داخله إذ يصير هيكلًا للروح القدس فكيف بعد هذا كله، وكثير غيره، يتصور الإنسان أو تتصور الكنيسة أن تحيا بدون عمل الروح القدس فيها؟!وقال السيد المسيح إنه هو الذي سيرسل الباراقليط (انظر يو15: 26)، وأن الباراقليط سوف يأخذ مما للمسيح ويخبرنا.. لأن كل ما للمسيح فهو للآب وهو أيضًا للروح القدس. وكل ما للروح القدس فهو للآب وهو أيضًا للابن.. وهكذا فالجوهر الإلهي الواحد للأقانيم الثلاثة يجعل كل ما للأقنوم الواحد هو أيضًا للأقنومين الآخرين، فيما عدا الخاصية الأقنومية التي يتمايز بها هذا الأقنوم على وجه الخصوص. فالأبوة هي للآب، والبنوة هي للابن. والانبثاق هو للروح القدس. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل