المقالات

07 يونيو 2020

الأحد السابع من الخماسين

ماذا قال الآباء عن الروح القدس؟ أولاً: القديس أثناسيوس؟: أكد القديس أثناسيوس لاهوت الإبن وأنـه مساوٍ للآب فى الجوهر. قال أيضا بوضوح أن الروح القدس مساوٍ مع الآب فـى الجوهر. إذ أنه مساو مع الإبن فى الجوهر، والإبن مساو للآب فى الجوهـر.. إذن فهو مساو للآب فى الجوهر.ويقول أيضاً أنه يوجد ثالوث مقدس وكامل ومعترف بـه: الله الآب والإبن والروح القدس.. وهو متماثل، غير قابل للتجزئـة بطبيعتـه، ونشاطه واحد.. الآب يعمل كل شئ بالإبن فى الروح القدس.. وهكـذا ينادى بإله واحد فى الكنيسة، الذى على الكـل ( كلـى الأصل )، وبـالكل ( كلى السبب )، وفى الكل ( كلى التنفيذ ). الكل المطلق.. أى الله فى ذاته الكلية المطلقة: 1- كآب : بداية وينبوع. 2- به الكل : بالإبن 3- وفى الكل : بالروح القدس. وعن علاقـة الروح القدس الجوهرية بالآب والإبن فى الثالوث قــال القديس أثناسيوس فى رسائله إلى الأسقف سرابيون + الثالوث إله واحد وقد أسس الرب الكنيسة عليه.. ( الثالوث كله إله واحد ولا موضع فيه لشىء غريب عن الله ) (سرابيون1 :17). + هذا هو إيمان الكنيسة الجامعة لأن الرب أسسها فى الثالوث وأصلـها فيه عندما قال لتلاميذه ” إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بإسم الأب والإبن والروح القدس ” (مت 19:28) (سرابيون 6:3). ويؤكد القديس أثناسـيوس أن الـروح القـدس منبثـق مـن الآب ومرسل من الإبن: ( لكى نعتقد أن هناك قداسة واحدة مسـتمدة مـن الآب بالإبن فى الروح القدس.. وكما أن الإبن مولود وحيد الجنـس هكذا كان الروح القدس واحد وغير متعدد، ليس واحد من كثير بـل روح وحيد ).وكما أن الإبن الكلمة وحيد هكذا ينبغى أن يكون ( روح الإبن )، القـوة الحية المعطية الذى به يقدس ما وينير، ينبغى أن يكون وحيدا كاملا تاما، وهو الذى قيل أنه ينبثق من الآب لأنه من الكلمة المعترف أنـه مـن الآب، وهوالذى قيل أنـه يشرق ويرسل ويعطى.وكما أن الإبن ارسل من الآب كذلك الإبن يرسل الـروح القـدس ” وإن ذهبت أرسل لكم الباراكليت ” (سرابيون 20:1). وقال أيضاً: الروح القدس هو الروح الحق وينبثق من الآب لكنـه يأخذ من الإبن الملك كل ما هو لـلآب، ليبيـن أن جوهـر الآخـذ والمأخوذ منه والمنبثق منه ( الروح والإبن والآب ) واحد.إن الآب وحده آب لأنه مبدئ، والإبن وحده إبـن لأنـه مولـود، والروح القدس وحده روح لأن انبثاقه من الآب بمفرده. وهنا يعطى القديس أثناسيوس مثل الشمس لتوضيح هذا الأمر ( كما أن قرص الشمس هو علة وغير مولود من أحد أما الشعاع فمعلـول ومولود من القرص والنور منبثق من القرص وحده وهو بالشـعاع مرسل ومشرق على الأرض، هكذا الله الآب وحده علة الإثنين وغير مولود وأما الإبن فإنه من الآب وحده معلول ومولود، والروح القـدس من الآب وحده معلول ومنبثق، وهو بالإبن مرسل إلى العالم ). ثانياً: القديس كيرلس؟: 1- نعرف ثلاثة أقانيم ونؤمن بها: الآب الـذى لا ابتـداء لـه، والإبن الوحيد، والروح القدس المنبثق من الآب وحده. 2- إن الروح القدس هو منبثق من الآب حسب قول المخلص، لكنه ليس بغريب عن الآب من حيث وحدة الجوهر. 3- نؤمن بالروح القدس كما نؤمن بالآب والإبن لأنه مساو لـهما فى الجوهر وهو منبثق من ينبوع الله الآب. 4- كما أن الإبن من الآب على جـهة الولادة هكذا الـروح القـدس من الآب على جـهة الإنبثاق. 5- الحصول على الآب والإبن داخل النفس هو أصل وأساس شـبع النفس ومجدها وهذا مخزون للذى يحفظ وصاياه.. فمن يرغب الإشتراك فى الطبيعة الإلهية وينال الرب آب الكـون سـاكناًَ ومقيماً فى أعماق القلب بإبنه فى الروح القدس، فليطهر نفسـه تطهيراً شاملاً ويغسل وسخ الشر بكل الوسائل التى يسـتطيعها، وفوق الكل بكل أنواع الصلاح فبذلك يصير حقا هيكلاً لله. 6- حينما يسكن مخلصنا المسيح فينا بالروح القدس فبالتأكيد سـيكون أبيه أيضاً هناك، لأن روح المسيح هو روح الآب أيضاً (رو 8: 11، غل 4: 6).. وهكذا نرى أن نفس الروح خاص بالآب والإبن. 7- فكلمة الله الوحيد الجنس يمنح القديسـين ميـلاً إلـى طبيعتـه الخاصة وطبيعة الله الآب بإعطائهم الروح وذلك بإتحادهم بـه بالإيمان والقداسة الكاملة، وهو يغذيهم فى التقوى ويعمل فيـهم لمعرفة كل فضيلة وكل الأعمال الصالحة. 8- الله الآب له روحه الذاتى من ذاته وفى ذاتـه الـذى بـه، أى الروح، يسكن فى القديسين ويعلن لهم أسراره، لا كأن الـروح يمارس مجرد وظيفة خدمة بل بالحرى كمن هو فيه جوهريـاًَ ومنبثق منه بغير إنفصال ولا إنقسام.. وهو يفسر ما هو خـاص بذلك الذى هو كائن فيه والذى منـه يصـدر- وهـذا هـو ما يخصه أيضاً هو نفسـه ( أى الروح )- لأن الله لـه إتحـاد بالخليقة فقط بواسطة إبنه فى الروح.وهذا الروح هو أيضاً خاصية الإبن الوحيد لأنه واحد معه فى الجوهر. ثالثاً: القديس باسيليوس الكبير: ( الفصل التاسع من كتاب الروح القدس ) وأول شئ نسأل عنه هنا هـو: عند سماع ألقاب الروح القدس.. من لا يسمو روحياً ومن لا يرتقـى إيمانـه إلى الطبيعة الإلهية؟!فالروح يدعى ” روح الله ” (مت 12: 28)،” وروح الحق الذى من عند الاب ينبثق ” (يو 15: 26)، ” والروح المستقيم ” (مز 51: 10)، ” وروح الرياسة ” (مز 12:51).أما إسمه الخاص ولقبه المعروف فهو الروح القدس، وهـو إسم لا يدل بالمرة على أنه محسوس بل روح محض بسيط.وعندما أراد ان يعلم أن يعلم المرأة السامرية التـى اعتقـدت بـأن الله محصور فى مكان ينبغى عبادته فيه، قال أن الله منزه عـن الجسـد ولا يمكن حصره فى مكان ” الله روح ” (يو 24:4).ولذلك إذا سمعنا كلمة ” الروح ” فمن الخطأ أن نكون صـورة عـن طبيعة محدودة خاضعة للتغيير والظروف أو تشبه المخلوق، بل تحتـم علينا كلمة ” روح ” أن نسمو إلى ما هو أعلى.. إلى طبيعة عاقلة وغـير محدودة القوة والعظمة لا تقاس بالزمان أو العصور بل محسن يعطـى من خيراته، وكل الذين يحتاجون إلى التقديس يلتفتون إليه ويسعى إليـه كل الذين يعيشون فى الفضيلة، والكل كما لو كان يشرب من إلهامـه وبه يتقدم نحو غايـة خلقه.هو يكمل كل شئ ولا ينقص شيئاً حتى لا يحتاج إلى تجديد حيـاة فهو ينبوع الحياة، لا ينمو ولا يضاف إليه بل هو دائما ملآن، كـائن فى كل مكان، ينبوع التقديس ونور لا يدركه إلا العقل يعطى من لدنـه الإستنارة لكل قوة عقلية تطلب الحق.الروح القدس بطبيعته غير مدرك ولكن يمكن الإقتراب منه ومعرفتـه بصلاحه، يملأ كل الأشياء بقدرته، ويعطى للمستحقين فقط ولا يعطـى بمكيال بل يوزع قوته على قدر الإيمان (رو6:12)، جوهـره بسـيط وقوته متنوعة، حاضر كله فى كل أحد لأنه حاضر فى كل مكان. مـوزع على الكل دون أن يعانى التقسيم. يشترك فيه الكل دون أن يفنى، مثل أشعة الشمس تسقط على كل من يريد أن يتمتع بها كما لو كـانت أشـعة الشمس لكل فرد على حدة لكنها تضئ الأرض والبحر وتمتزج بالـهواء، هكذا الروح القدس بالنسبة لمن يأخذه يكون كمن أعطى له وحده إلا أنـه يرسل نعمته التى تكفى الكل والتى تملأ الإنسانيـة، والذين ينالونه يتمتعـون به على قدر ما تحتمل طبيعتهم وليس على قدر قوة الروح القدس. وقال أيضاً: كما أن الروح القدس ليس له الولادة بحالة ما.. وهكـذا الإبن ليس له إنبثاق. وكما أن الإبن ليس هو من الروح القدس، هكذا الروح ليس من الإبن. وكما أن الإبن مولود من الآب وحده، هكذا الروح القدس منبثق من الآب وحده رابعاً: القديس يوحنا ذهبى الفم: يقول البعض أنه ما أعطاهم الروح لكنه جعلهم مسـتعدين لقبـول الروح بنفخته، فلا يخطئ من يقول أنهم أخذوا حينئذ سلطاناً روحيـاً ونعمة، ولكن ليس ليقيموا أمواتاً ويعملوا قوات بل لكـى يفحصوا عـن الخطايا لأن مواهب الروح القدس مختلفة، ولذلك استثنى بقولـه: ” من غفرتم لهم خطاياه غفرت لهم “.. موضحاً أى نوع فعل أعطاهم.فهناك من بعد أربعين يوماً أخذوا أنواع مواهب. وهذا صار لتعليـم أن موهبة الآب والإبن والروح القدس واحدة وسـلطانهم واحد، لأن المواهب التى تظن بها أنها مختصة بالآب لاتلبث أن تسـتبين أنـها مختصة بالإبن والروح القدس أيضاً. وقال أيضا : إن الروح القدس من الآب منبثق، والروح الذى أعطاه المسيح للرسل عندما نفخ فيهم، والذى حل عليهم يوم العنصـرة، لـم يكن جوهر الروح ولا أقنومه بل قوته. خامساً القديس كيرلس الأورشليمى: 1- يوجد روح قدس واحد وحيد، المعزى. وكما يوجـد الله الآب واحد وليس آب آخر، وكما أن هناك إبن واحد وحيد كلمـة الله الذى ليس له أخ، هكذا يوجد روح قدس واحد وليس هناك ثـان مساو له فى الكرامة. 2- الروح القدس قوة غاية القدرة ( أقنوم )، إلهى لا يستقصى.. فهو حـى عاقل مقدس كل ما خلقه الله خلال الإبن. 3- إنه يدعى المعزى لأنه يعزينا ويشجعنا ويعين ضعفنـا ” إذ لسنا نعلم ما نصلى لأجله كما ينبغى لكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها ” (رو 8: 36). 4- الآب معطى كل النعم خلال الإبن بالروح القدس، مواهب الآب ليست إلا مواهب الإبن ومواهب الروح القدس.لأنه يوجد خلاص واحد.. قوة واحدة.. ايمان واحد.إله واحد الآب، ورب واحد إبنه الوحيد، وروح قدس واحد المعزى. وعن أسماء الروح القدس… قال القديس كيرلس الاورشليم: + الروح : لأنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة” (1كو 8:12). + المعزى : “لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى” (يو 7:16). + روح الحق : “فيعطيكم معزياً أخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق” (يو 17: 16، 17). + روح الله : لأن الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله” (رو 14:8). + روح الرب : كقول بطرس: ” ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب” (أع 5: 9). + روح المسيح : ” وأما أنتم فلستم فى الجسد بل فى الروح إن كان روح الله ساكنا فيكم. ولكن إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له” (رو 8: 9). + روح إبن الله : كما هو مكتـوب: “بما أنكم أبناء أرسل الله روح إبنه” (غل 6:4). + روح يسوع المسيح: “بطلبتكم ومؤازرة روح يسوع المسيح” (فى 1 :19). + روح القداسة: كما هو مكتوب: “حسب روح القداسة” (رو1: 4). + روح التبني : كما قال بولس: “إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف بل أخدتم روح التبنى الذى بـه نصرخ يـا أبا الأب” (رو 8: 5 1). + روح الموعد: كما قال بولس: “الذى فيه أيضا إذ أمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس” (أف 1 :13). + روح الاعلان : كما هـو مكتـوب: “كى يعطيكم روح الحكمة والإعلان فى معرفته” (أف1 :17). + روح النعمه : كما قال بولس: “من حسب دم العهد الذى قدس به دنسا وازدرى بروح النعمة” (عب 10: 29). ختام للقديس كيرلس الأورشليمى: (ياليت إله الكل ذاته الذى تكلم بالروح القـدس خـلال الأنبيـاء والذى أرسل على رسله فى يوم البنطقستى فى هـذا المكـان، هـو نفسه يرسل عليكم فى هذا الوقت، وبواسطته يحفظنا نحن أيضاً لكـى نتمتع بالبركات السمائية ويكون فينا ثمار الـروح القـدس: محبـة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، إيمان، وداعة، تعفف.. فـى المسـيح يسوع ربنا الذى له وبه ومع الروح القدس المجد للآب الآن وإلـى الأبد وإلى أبد الأبد آمين).
المزيد
06 يونيو 2020

روح الحق.. وأما أنتم فتعرفونه

"وأما أنتم فتعرفونه" (يو14: 17)"روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم" (يو14: 17). كما قام السيد المسيح بتعريف الآب لتلاميذه، هكذا قام أيضًا بتعريفهم بالروح القدس لهذا قال لهم عنه: "وأما أنتم فتعرفونه". وبهذا تكمل رسالته في تعريفهم بالثالوث القدوس.. أي أن تعرف الكنيسة الآب والابن والروح القدس في مناجاته للآب، قال السيد المسيح في ليلة آلامه: "أيها الآب البار، إن العالم لم يعرفك أما أنا فعرفتك. وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني. وعرفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 25، 26) وقال لتلاميذه: "تأتى ساعة حين لا أكلمكم أيضًا بأمثال، بل أخبركم عن الآب علانية" (يو16: 25) وعن الروح القدس قال: "متى جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق.. يأخذ مما لي ويخبركم" (يو16: 13، 14) وقال أيضًا: "وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو14: 26).. "ومتى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي" (يو15: 26) قام السيد المسيح بتعريف تلاميذه بالآب وكذلك بالروح القدس.. ووعدهم أن الروح القدس سيقوم بتعليمهم كل ما يختص بالآب والابن والروح القدس، أي أنه سيكشف لهم الأمور المختصة بالله، وسيسكب فيهم محبة الله، ليكون فيهم مثال الحب المتبادل بين الأقانيم، وأنه سوف يرشدهم إلى جميع الحق.. وأنه سيمكث معهم ويكون فيهم.. وأنه سيمكث مع المؤمنين إلى الأبد الأقانيم الثلاث يعملون معًا بغير انفصال. وبالرغم من تمايز دور كل أقنوم، إلا أن الأقنوم الواحد من الثالوث يعمل من أجل الأقنومين الآخرين، بصورة تشهد للحب العجيب غير الموصوف بين الأقانيم اختفى السيد المسيح بحسب الجسد عن أعين تلاميذه.. ولكن الروح القدس جاء ليتصور المسيح في الذين يقبلون عمله ومحبته. وانسحب السيد المسيح من موقف المجد بين التلاميذ.. ولكن الروح القدس جاء لكي يمجده ويشهد له "ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي" (يو16: 14، 15). وهكذا تحقق في السيد المسيح أن من يترك الكرامة تجرى خلفه وتخبر الناس عنه. فبالرغم من تركه العالم وصعوده إلى الآب، إلا أن الآب قد أرسل الروح القدس ليشهد للابن، وليمجد الابن الذي أكمل رسالته بأروع مثال. حتى في صعوده إلى السماء كان متجليًا باتضاعه، لهذا استحق كل التكريم كما في السماء كذلك على الأرض "لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة، ممن في السماء ومَنْ على الأرض ومَنْ تحت الأرض. ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فى2: 10، 11) ما أجمل أن يصعد الاتضاع.. هذا هو دستور الحياة مع الله.. فليس غريبًا للاتضاع أن يصعد كما أنه ليس بغريب للكبرياء أن تهبط.. "لأن الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (1بط5: 5). نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
05 يونيو 2020

وتكونون لي شهوداً

«لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أع 1: 8) هذا هو تعريف كلمة الشاهد أو الشهيد (مارتيس أو مارتيروس) كما جاءت على فم الرب يسوع له المجد. فالشهيد هو من يشهد لحياة الرب يسوع وموته وقيامته، يشهد له بسيرته وبكلماته. حتى إن الرب يسوع أطلق على نفسه هذا اللقب: «نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ الْكَائِنِ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ. الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ» (رؤ 1: 4-5) أما أول من نال هذا اللقب في العهد الجديد فهو القديس استفانوس، على لسان القديس بولس الرسول، وذلك بسبب شهادته عن الرب يسوع أمام محفل اليهود (أعمال 7): «وَحِينَ سُفِكَ دَمُ اسْتِفَانُوسَ شَهِيدِكَ كُنْتُ أَنَا وَاقِفاً وَرَاضِياً بِقَتْلِهِ وَحَافِظاً ثِيَابَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ» (أع 22: 20)، أي عندما قُتل استفانوس الذي شهد عنك. واضح هنا أنه نال لقب شهيد المسيح بسبب شهادته وليس بسبب قتله على اسم المسيح. ثم أُطلق هذا اللقب على القديس أنتيباس في سفر الرؤيا، بنفس المفهوم الذي دُعي به القديس استفانوس: «وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي وَلَمْ تُنْكِرْ إِيمَانِي، حَتَّى فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ الَّذِي قُتِلَ عِنْدَكُمْ حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ» (رؤ 2: 13) أي أنه نال لقب الشهيد الأمين قبل أن يتم قتلهأنأااااا اومن هذا المفهوم دخلت هذه الكلمة إلى الكنيسة، أن كل من يشهد بسيرته وبأقواله، أي يعترف بالرب يسوع المسيح، ويُقتل بسبب هذا الاعتراف، يُدعى شهيداً: «وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ» (رؤ 20: 4) ودخل هذا المفهوم الجميل في أقوال شهداء الكنيسة الأولى، كما جاء في رسالة القديس إغناطيوس لأهل سميرنا قبل استشهاده عام 107م: [الذي يكون قريباً من السيف، يكون قريباً من الله؛ والذي يكون محاطاً بالوحوش، يكون محاطاً بالله، بشرط أن يكون ذلك باسم يسوع المسيح. إني أحتمل كل شيء لأصير شريكاً لآلامه، وهو نفسه يقويني من الداخل، هو الذي صار إنساناً كاملاً]. وهكذا أيضاً شهد القديس بوليكربوس ساعة استشهاده (155م) عن الرب يسوع: [أباركك لأنك أهَّلتني لهذا اليوم وهذه الساعة لأنال نصيبًا مع عداد شهدائك في شرب كأس مسيحك لقيامة الحياة الأبدية] لقد قدمت الكنيسة منذ فجر المسيحية الكثير من الشهداء، الذين شهدوا للرب يسوع ولم ينكروا الإيمان، وما تزال الكنيسة حتى اليوم تقدم شهداءها الذين يشفعون لها أمام عرش النعمة، وصدق قول العلامة ترتليانوس (225م): [إن دم الشهداء هو بذار الكنيسة]. نيافة الحبر الجليل الانبا إبيفانيوس الأسقف الشهيد رئيس دير القديس أبو مقار
المزيد
04 يونيو 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ دَانِيآل

1- بين اصحاح 8 : 13 و14، اصحاح 12 : 11 و12 ففى الاول قيل (فسمعت قدوسا واحدا يتكلم فقال قدوس واحد لفلان المتكلم. الى متى الرؤيا من جهه الحرقه الدائمه ومعصيه الخراب لبذل القدس والجند مدوسين. فقال لى الى الفين وثلاث مئه صباح ومساء فيتبرا القدس) وفى الثانى ومن وقت ازاله المحرقه الدائمه واقامه رجس المخرب الف ومئتان وتسعون يوما. طوبى لمن ينتظر ويبلغ الى الالف والثلاث مئه والخمسه والثلاثين يوما) فنجيب : قد حل صاحب كتاب (الهدايه) حلا لا يدع مجال لمعترض. فالنبوه الاول ى هى عن الحوادث المريعه التى المت بامه اليهود من الملك العاتى انطيوخوس ابيفانوس وتبتدىء من 5 اغسطس سنه 71 ق.م اى من بدء معصيه الخراب لانه فى تلك السنه تعين ياسون رئيس كهنه بالدسائس وتعهدى الملك بان يدفع له 260 وزنه فضه اذا صرح له بانشاء محل لتعليم شبان اليهود عادات الوثنيين وتسميتهم بالانطيوخيين فاذن له بذلك فادخل عادات الوثنيين بين قومه وتزيوا بزيهم ولبسوا قبعتهم فازدرت الكهنه بهيكل الله وبادروا الى الالعاب اليونانيه وفضلوها على غيرها. 2- بين اصحاح 9 : 24 – 27 وبين الاناجيل الاربعه عن زمن مجىء المسيح. فنجيب : قيل فى كتاب (مرشد الطالبين) ان السبعون اسبوعا او الـ 490 يوما المذكوره فى (دا 9 : 24) لا شك فى ان المقصود بها ايام نبويه اى ان كل يوم عباره عن سنه كما فى (حز 4 : 5، 6) وابتداء هذه المده معين فى عدد 25 حيث قيل (من خروج الامر لتجديد اورشليم وبنائها) وقد ذكر فى الكتاب المقدس امران : الاول صدر من كورش (عز 1 : 1) والثانى من داريوس (عز 6 : 1) ولكنهما كانا من اجل بناء الهيكل فلا ريب ان الامر المذكور فى نبوه دانيال بحسب راى افضل المحققين هو الذى ورد فى (عز 7 : 25). لانه كان بنوع خصوصى لاجل اقامه وتثبيت الناموس والحكومه فى اليهوديه. وكما ذكر المؤرخون المشهورون صدر هذا الامر نحو سنه 457 ق.م وباضافه مده 33 سنه التى عاشها المسيح على الارض الى هذه المده تصير 490 سنه بالتمام مقدار المده المعينه فى دانيال من خروج الامر لتجديد اورشليم الى الوقت الذى فيه لتصنع كفاره الاثم ويؤتى بالبر الابدى. 3- بين اصحاح 10 : 13، 1 تى 5 : 21 ففى الاول ان رئيس مملكه فارس قلوم جبرائيل الملاك وفى الثانى ان الملائكه مختارون ليس فيهم عيب. فنجيب : اخطا من ظن ان رئيس مملكه فارس احد الملائكه فهو ملاك الظلمه (الشيطان) كما ام ميخائيل رئيس لامه اسرائيل فلكل امه رئيسها. وقد قصد الشيطان تاخير جبرائيل عن تاديه واجبه وله من ذلك اولا عدم تطمين دانيال وثانيا ليتمكن ملاك فارس منت ابرام القضاء ضد اسرايل مده وقوف جبرائيل مع الشيطان ولكن الله لم يسمح للشيطان بالفوز على جبرائيل فارسل ميخائيل لاعانته فانقذه من الشيطان وابقاه عند ملاك فارس ليلاحظ تدابيرهم ويخلف ظنونهم ويهدى ارائهم الى ما فيه خير الاسرائيليين ولا يستغرب مقاومه الشيطان للملاك جبرائيل فقد قاوم قبلا ميخائيل رئيس الملائكه (به 9) وقاوم المسيح نفسه (مت 4). المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
03 يونيو 2020

عقيدة كنيستنا

السيد المسيح هو الإله الكلمة المتجسد ، له لاهوت كامل ، وناسوت كامل ، لاهوته متحد بناسوته اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ، اتحاداً كاملاً أقنومياً جوهرياً ، تعجز اللغة أن تعبر عنة ، حتى قيل عنه إنه سر عظيم "عظيم هو سر التقوى ، الله ظهر في الجسد" (1 تى 3 : 16) وهذا الاتحاد دائم لا ينفصل مطلقا ولا يفترق . نقول عنه في القداس الإلهي "إن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين" الطبيعة اللاهوتية(الله الكلمة) اتحدت بالطبيعة الناسوتية التي أخذها الكلمة (اللوجوس) من العذراء مريم بعمل الروح القدس . الروح القدس طهر وقدس مستودع العذراء طهارة كاملة حتى لا يرث المولود منها شيئاً من الخطية الأصلية ، وكون من دمائها جسداً اتحد به ابن الله الوحيد وقد تم هذا الاتحاد منذ اللحظة الأولى للحبل المقدس في رحم السيدة العذراء وباتحاد الطبيعتين الإلهية والبشرية داخل رحم السيدة العذراء تكونت منهما طبيعة واحدة هي طبيعة الله الكلمة المتجسد لم تجد الكنيسة المقدسة تعبيراً أصدق وأعمق وأدق من هذا التعبير . الذي استخدمه القديس كيرلس الكبير (عامود الدين ) والقديس أثناسيوس الرسولى من قبله، وكل منهما قمة في التعليم اللاهوتي على مستوى العالم كله حتى أنني حينما اشتركت في حوار أعدته جماعة Pro Oriente في فيينا بالنمسا في سبتمبر 1971 م بين الكاثوليك الرومانيين والكنائس الأرثوذكسية الشرقية القديمة عن طبيعة المسيح ، كان موضوع هذا الحوار هو قول القديس كيرلس "طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد"وبعد الشقاق الذي حدث سنة 451 م، حيث رفضنا مجمع خلقيدونية و تحديداته اللاهوتية ، عرفنا بأصحاب الطبيعة الواحدة Monophysites وتشترك في هذا الإيمان الكنائس السريانية ، والأرمنية ، والأثيوبية ، والهندية ، وهى الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية بينما الكنائس الخلقيدونية الكاثوليكية واليونانية (الروم الأرثوذكس )فتؤمن بطبيعتين للسيد المسيح وتشترك في هذا الاعتقاد أيضاً الكنائس البروتستانتية ولذلك تعرف كل هذه الكنائس باسم أصحاب الطبيعتين وكنائس الروم الأرثوذكس ، أو الأرثوذكس الخلقيدونيين فتشمل كنائس القسطنطينية واليونان ، وأورشليم ، وقبرص ،وروسيا ، ورومانيا ، والمجر ،والصرب ،وكنائس الروم الأرثوذكس فى مصر ، وفى سوريا ولبنان ، وفى أمريكا ،وفى دير سانت كاترين بسيناء الخ وتعتبر أصحاب الطبيعة الواحدة Monophysites أسئ فهمه عن قصد أو غير قصد خلال فترات التاريخ ، فاضطهدت بالذات الكنيسة القبطية والكنيسة السريانية اضطهادات مروعة بسبب اعتقادها ، وبخاصة في الفترة من مجمع خلقيدونية سنة 451 حتى بدء دخول الإسلام مصر وسوريا (حوالي 641 م) واستمر المفهوم الخاطئ خلال التاريخ ، كما كنا نؤمن بطبيعة واحدة للمسيح وننكر وجود الطبيعة الأخرى فأي الطبيعتين أنكرتها كنيسة الإسكندرية ؟هل هي الطبيعة اللاهوتية . وقد كانت كنيستنا أكثر كنائس العالم دفاعاً عن لاهوت المسيح ضد الأريوسية في مجمع نيقية المسكونى المقدس سنة 325 م وفيما قبله وما بعده . أم هي الطبيعة الناسوتية وأقدم كتاب وأعمق كتاب شرحها هو كتاب "تجسد الكلمة" للقديس أثناسيوس الإسكندري ! إنما عبارة " طبيعة واحدة " المقصود بها ليس الطبيعة اللاهوتية وحدها ، ولا الطبيعة البشرية وحدها ، إنما اتحاد هاتين الطبيعتين في طبيعة واحدة هي (طبيعة الكلمة المتجسد) وذلك مثلما نتحدث عن الطبيعة البشرية وهى عبارة عن اتحاد طبيعتين هما النفس والجسد فالطبيعة البشرية ليست هي النفس وحدها ، ولا الجسد وحدة ، إنما اتحادهما معاً في طبيعة واحدة تسمى الطبيعة البشرية . وسنتحدث عن هذا الموضوع بالتفصيل فيما بعد والقديس كيرلس الكبير علمنا أن لا نتحدث عن طبيعتين بعد الاتحاد فيمكن أن نقول أن الطبيعة اللاهوتية اتحدت أقنومياً بالطبيعة البشرية داخل رحم القديسة العذراء ولكن بعد هذا الاتحاد لا نعود مطلقاً نتكلم عن طبيعتين في المسيح فتعبير الطبيعتين يوحي بالانفصال و الافتراق ومع أن أصحاب الطبيعتين يقولون باتحادهما ، إلا أن نغمة الانفصال كما تبدو واضحة في مجمع خلقيدونية ، مما جعلنا نر فضة ونفى القديس ديسقورس الإسكندري بسبب هذا الرفض وإلى أن نشرح بالتفصيل موضوع الطبيعة الطبيعتين في المسيح ، نود أن نتعرض قبل ذلك لشرح نقطة هامة وهى أشهر الهرطقات:- أشهر الهرطقات حول طبيعة المسيح :- 1– هـــــرطقة آريوس :- كان آريوس ينكر لاهوت المسيح ، ويرى أنه أقل من الآب في الجوهر ، وأنه مخلوق . ومازالت جذور الأريوسية قائمة حتى الآن . حتى بعد أن شجبها مجمع نيقية المسكونى سنة 325 م ، ظل أريوس والأريوريوسيون من بعده سبب تعب وشقاق وشك للكنيسة المقدسة … 2 – هرطقة أبو ليناريوس : وكان ينادى بلاهوت المسيح ، ولكن لا يؤمن بكمال ناسوته . إذ كان يرى أن ناسوت المسيح لم يكن محتاجاً إلى روح ، فكان بغير روح ، لأن الله اللوجوس كان يقوم بعملها فى منح الحياة. ولما كان هذا يعنى أن ناسوت المسيح كان ناقصاً ، لذلك حكم مجمع القسطنطينية المسكونى المقدس المنعقد سنة 381 م بحرم أبوليناريوس وهرطقته هذه . 3 – هرطقة نسطور :- وكان نسطور بطريركاً للقسطنطينية من سنة 428 م حتى حرمه مجمع أفسس المسكونى المقدس سنة 431 م وكان يرفض تسمية القديسة العذراء مريم بوالدة الإله OEOTOKOC ، ويرى أنها ولدت إنساناً، وهذا الإنسان حل فيه اللاهوت . لذلك يمكن أن تسمى العذراء أم يسوع . وقد نشر هذا التعليم قسيسه أنسطاسيوس ، وأيد هو تعليم ذلك القس وكتب خمسة كتب ضد تسمية العذراء والدة الإله . ويعتبر أنه بهذا قد أنكر لاهوت المسيح وحتى قوله أن اللاهوت قد حل فيه لم يكن بمعنى الاتحاد الأقنومى ، وإنما حلول بمعنى المصاحبة أوحلول كما يحدث للقديسين أي أن المسيح صار مسكناً لله ، كما صار في عماده مسكناً للروح القدس . وهو بهذا الوضع يعتبر حامل الله (صفحة 10 ) كاللقب الذي أخذه القديس أغناطيوس الانطاكى وقال أن العذراء لايمكن أن تلد الإله ، فالمخلوق لا يلد الخالق ! وما يولد من الجسد ليس سوى جسد وهكذا يرى أن علاقة طبيعة المسيح البشرية بالطبيعة اللاهوتية بدأت بعد ولادته من العذراء ، ولم تكن اتحاداً وقال صراحة " أنا أفضل بين الطبيعتين" وبهذا الوضع تكون النسطورية ضد عقيدة الكفارة لأنه إن كان المسيح لم يتحد بالطبيعة اللاهوتية ، فلا يمكن أن يقدم كفارة غير محدودة تكفى لغفران جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العصور والكنيسة حينما تقول أن العذراء والدة الإله ، إنما تعنى أنها ولدت الكلمة المتجسد ، وليس أنها كانت أصلاً للاهوت ،حاشا . فالله الكلمة هو خالق العذراء ، ولكنه في ملء الزمان حل فيها ،وحبلت به متحداً بالنا سوت وولدته والأثنا عشر حرماً التي وضعها القديس كيرلس Anathemas ، فيها ردود على كل هرطقات نسطور . فقد حرم من قال أن الطبيعتين كانتا بطريق المصاحبة ، ومن قال إن الله الكلمة كان يعمل في الإنسان يسوع ، أو أنه كان ساكناً فيه . كما من فرق بين المسيح وكلمة الله ، وأنه ولد كإنسان فقط من إمرأة . 4 – هرطقة أوطاخى :- كان أوطاخى (يوطيخوس) أب رهبنة ورئيس دير بالقسطنطينية . وكان ضد هرطقة نسطور . فمن شدة اهتمامه بوحدة الطبيعتين في المسيح – وقد فصلهما نسطور- وقع في بدعة أخرى . فقال إن الطبيعة البشرية ابتلعت وتلاشت في الطبيعة الإلهية ، وكأنها نقطة خل في المحيط . وهو بهذا قد أنكر ناسوت المسيح أوطاخى هذا حرمه القديس ديسقورس . وعاد فتظاهر بالإيمان السليم ، فحالله القديس ديسقورس على أساس رجوعه عن هرطقته . ولكنه بعد ذلك أعلن فساد عقيدته مرة أخرى فحرمه مجمع خلقيدونية سنة 451 م كما حرمته الكنيسة القبطية أيضاً . مجمع خلقيدونية :- على الرغم من أن مجمع أفسس المسكونى المقدس قد حرم نسطور ، ألا أن جذور النسطورية قد امتدت إلى مجمع خلقيدونية الذي ظهر فيه انفصال الطبيعتين حيث قيل فيه أن المسيح اثنان إله وإنسان الواحد يبهر بالعجائب والآخر ملقى للشتائم و الإهانات هكذا قال (ليو) Leo أسقف رومه في كتابه المشهور بطومس لاون الذي رفضته الكنيسة القبطية ولكن أخذ به مجمع ما يختص بها ، وطبيعة ناسوتية تعمل ما يختص بها قال نسطور أن هاتين الطبيعتين منفصلتان وقال مجمع قرطا جنة أنهما متحدتان ولكنه فصلهما بهذا الشرح وكما قرر أن المسيح له طبيعتان ، قرر أن له مشيئتين وفعلين ومن هنا نشأت مشكلة الطبيعتين والمشيئتين ، وبدأ صراع لاهوتي ، وانشقاق ضخم في الكنيسة، نحاول حاليا إنهاءه بالوصول إلى صيغة إيمان مشترك يقبله الجميع … قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب طبيعه المسيح
المزيد
02 يونيو 2020

عيد حلول الروح القدس

عيد حلول الروح القدس هو احتفال بتذكار ميلاد كنيسة العهد الجديد. وهو أحد الأعياد السيدية الكبرى التي فيها حقّق الرب وعده لشعبه «لأنَّ هذا هو العَهدُ الّذي أعهَدُهُ مع بَيتِ إسرائيلَ بَعدَ تِلكَ الأيّامِ، يقولُ الرَّبُّ: أجعَلُ نَواميسي في أذهانِهِمْ، وأكتُبُها علَى قُلوبهِمْ، وأنا أكونُ لهُمْ إلهًا، وهُم يكونونَ لي شَعبًا» (عب8: 10).وفي احتفالنا بعيد العنصرة نحن نحتفل بتذكار نوالنا لموعد الآب الذي هو روحه القدوس. ومن جهة إيماننا بعمل الروح القدس في الكنيسة فإننا نؤمن بـ...1- إن حلول الروح يوم الخمسين أو عند نوال سر المعمودية هو حلول مواهب وليس حلولًا أقنوميًا كالحلول الذي حدث بعد بشارة الملاك لأمنا العذراء مريم، لكي ما يولد منها الله الكلمة بصورة فريدة لم تتكرر مرة أخرى.2- كما نؤمن بالحلول المتكرِّر للروح القدس على الخدام لكيما يعينهم ويرشدهم، فنحن نؤمن أنه من خلال الأسرار يمكننا أن ننال مواهب الروح القدس.3- وأخيرًا نؤمن أن عمل الروح القدس لا يستطيع إنسان أن يوقفه، فالروح لا يوقفه إلّا خطايانا، ومن خلال التوبة والاعتراف يمكننا أن نجدد عمل الروح داخلنا. أمّا عن يوم الخمسين..1- فقد كان الجميع معا بنفس واحدة: فوحدانية القلب هي سر انسكاب الروح القدس وسر قوة الكنيسة، وأكثر ما يتعب الكنيسة هو التفرُّق والتشيُّع والنقد والهجوم، لذلك يجب أن تحرص الكنيسة دائمًا ليكون أولادها واحدًا في الفكر وفي الهدف وفي السلوك وفي المنهج. لذلك فأول طلبات الكنيسة في صلوات القداس الإلهي بعد حلول الروح القدس هي من أجل وحدانية القلب "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا"، كما نصلي في القداس الباسيلي قائلين: "اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قدساتك، طهارة لأنفسنا وأرواحنا وأجسادنا، لكي نكون جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا، ونجد نصيبًا وميراثًا مع كافة قديسيك".2- في يوم الخمسين كان الجميع مجتمعين في مكان واحد: وهو العلية الخاصة ببيت القديس مرقس كاروز كنيستنا الفبطية، والاجتماع في مكان واحد من أجل الصلاة والعبادة هو أمر أشار إليه الكتاب لكي ينبهنا أننا ككنيسة لا يجب أن نتشيع ولا يجب أن ينتهج كل منا منهجًا خاصًا، بل يجب أن يكون لنا جميعًا كأبناء للكنيسة منهج واحد وتعليم واحد وإيمان واحد.3- وفي يوم الخمسين كانت هناك ألسنة نارية: والألسنة إشارة إلى قوة الكلمة، وهي نارية إشارة إلى عمل الروح القدس في التطهير. وكانت هذه الألسنة هي إتمام نبوة يوحنا المعمدان «أنا أُعَمِّدُكُمْ بماءٍ للتَّوْبَةِ، ولكن الّذي يأتي بَعدي هو أقوَى مِنّي، الّذي لَستُ أهلًا أنْ أحمِلَ حِذاءَهُ. هو سيُعَمِّدُكُمْ بالرّوحِ القُدُسِ ونارٍ» (مت3: 11)، ولكنها كانت المرة الوحيدة لمعمودية الروح والنار لأن خدمة الكهنوت لم تكن قد انتظمت بعد، ومن بعد هذا اليوم التزمت الكنيسة بمعمودية الماء والروح التي أعطاها الرب لخدام سر الكهنوت كما ذكر يوحنا «أجابَ يَسوعُ: الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكَ: إنْ كانَ أحَدٌ لا يولَدُ مِنَ الماءِ والرّوحِ لا يَقدِرُ أنْ يَدخُلَ ملكوتَ اللهِ» (يو3: 5). نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
01 يونيو 2020

رحلة العائلة المقدسة الي مصر

بشائر وومضات الرحلة المقدسة في عام 1 قبل الميلاد، ظهر جبرائيل ملاك الرب لعذراء مخطوبة اسمها مريم، ليبشرها بميلاد ابن اسمه يسوع أو عيسى. وبالطبع أدرك الملاك أن خطيبها يوسف النجار سوف تنتابه الشكوك من هذه المسألة؛ فظهر له هو الآخر وطمأنه. وكان من الواضح انشغال السماء بهذا الميلاد، فمع هذين الاثنين ظهرت رؤية لثلاثة ملوك من بلاد فارس وأنبأتهم بالخبر؛ كما ظهر ملاك لأحد أحبار اليهود وبشره بميلاد ابن له يدعي يوحنا المعمدان (النبي يحيي)، وأنبأه بأن تلك ستكون علامة لميلاد يسوع. وكانت التوراة مليئة بنبوءات قديمة تتحدث عن تفاصيل هذا الميلاد، ومكانه، وعما سيهديه الملوك لهذا المولود، وعن رحلته لأرض مصر وكذلك عن جنون الملك الذي سيؤدي إلى هذه الرحلة. وفي العام صفر، صدرت أوامر من أوغسطس قيصر بأنه على اليهود التوجه إلى الدائرة التابع لها لكي يتمكن من عمل تعداد للسكان. فاصطحب يوسف النجار خطيبته إلي بيت لحم (حيث تنبأت الكتب القديمة أن الملك سيولد هناك)، ونظراً لأن الفنادق كانت كاملة العدد؛ اضطرا للبيات في مذود بقر، والتي تعد إشارة لتواضع الملك القادم.في طريقهم، مر ملوك الشرق بهيرودس ملك اليهود وسألوه عن مكان ميلاد الملك الطفل؛ فرحب بهم وقدم لهم الطعام والضيافة وقام بواجب الضيافة علي أكمل وجه. ولكن اضطرب قلبه خوفاً على عرشه من ذلك المولود الطفل، فجمع كل رؤساء الكهنة وسألهم:" أين يولد ملك اليهود؟" فقالوا له طبقاً للنبوءات القديمة، سيولد الملك الطفل في بيت لحم. فأوصي ملوك الشرق بأن يعودوا له بعد أن يجدوا المولود لكي يذهب هو أيضاً ويسجد له مُقدماً واجب الضيافة. ذهب الملوك لحظيرة البقر وسجدوا مع رعاة الغنم وقدموا هداياهم ذهباً" رمزاً لملكه" وألباناً" رمزاً" لآلامه على الأرض" ليظهر لهم النجم ويرحل بهم بعيداً عن هيرودس ملك اليهود.جن جنون هير ودس -الذي يعد واحداً من أكثر الملوك شراً في التاريخ- خوفاً من أن يشب هذا الرضيع ليأخذ ملكه، فأصدر أوامره بذبح كل طفل يبلغ من العمر أقل من عامين؛ ولكن كان الملاك قد ظهر ليوسف النجار في الحلم وأخبره بأن يأخذ الطفل ومريم إلى مصر، قائلا : خذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه، فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلى مصر، وكان هناك إلى وفاة هيرودس ، بهذه الكلمات تحدث الإنجيل عن رحلة السيد المسيح والسيدة مريم العذراء إلى مصر، التي سطرت صفحة جديدة في تاريخها واستغرقت زيارة العائلة المقدسة في مصر 3 سنوات، وقد رصد البابا "ثاؤفيلس" البطريرك رقم 23 في كرسي الكرازة المرقسية بمصر في الفترة ما بين 385-412م وفقا لمخطوطة " الميمر" (وهى كلمة سيريانية تعني السيرة)، أهم المحطات الرئيسية في رحلة العائلة المقدسة، بداية من "الفرما" والتي كانت تعرف بـ"البيليزيوم"، وهي المدينة الواقعة بين مدينتي العريش وبور سعيد حاليا، حتى جبل قسقام بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، حيث رجعا مرة أخرى إلى فلسطين بعد وفاة الملك هيرودس.وفي أكثر تفصيل يحدثنا أشعياء النبي في سفره الإنجيلي عن هذه الرحلة المقدسة فيقول : "هو ذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر ، فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها وهذا ما حدث فعندما كان السيد المسيح يدخل أي مدينة في مصر ، كانت الأوثان تسقط في المعابد وتنكسر، فيخاف الناس من هذا الحدث غير المألوف ويرتعبون" .وكان دخول السيد المسيح أرض مصر بركة كبيرة لأرضها وشعبها ، فبسببها قال الرب "مبارك شعبي مصر" ( أش 19 : 25 ) ، وبسببها تمت نبوءة أشعياء القائلة : " .. يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر فهو مذبح كنيسة السيدة العذراء مريم الأثرية بدير المحرق العامر ، حيث مكثت العائلة المقدسة في هذا المكان أكثر من ستة شهور كاملة ، وسطح المذبح هو الحجر الذي كان ينام عليه المخلص الطفل .ويقع دير المحرق في منتصف أرض مصر تماماً من جميع الاتجاهات ، كما كثرت في أرض مصر على امتدادها الكنائس ، خصوصاً في الأماكن التي زارتها العائلة المقدسة وباركتها. مسار الرحلة سارت العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق ( الفلوسيات ) غرب العريش بـ ٣٧ كم ودخلت مصر عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهه الفرما ( بلوزيوم ) الواقعة بنين مدينتى العريش وبور سعيد.ودخلت العائلة المقدسة مدينه تل بسطا ( بسطة ) بالقرب من مدينه الزقازيق بمحافظة الشرقية وتبعد عن مدينة القاهرة بحوالى ١٠٠ كم من الشمال الشرقى وفيها انبع السيد المسيح عين ماء وكانت المدينة مليئة بالاوثان وعند دخول العائلة المقدسة المدينه سقطت الأوثان على الأرض فأساء اهلها معاملة العائلة المقدسة فتركت العائلة المقدسة تلك المدينة وتوجهت نحو الجنوب.تم غادرت العائلة مدينه تل بسطا ( بسطه ) متجهه نحو الجنوب حتى وصلت بلدة مسطرد - المحمة وتبعد عن مدينه القاهرة بحوالى ١٠ كم تقريباً.وكلمة المحمة معناها مكان الاستحمام وسميت كذلك لان العذراء مريم أحمت هناك السيد المسيح وغسلت ملابسة وفى عودة العائلة المقدسة مرت ايضاً على مسطرد وانبع السيد المسيح له المجد نبع ماء لا يزال موجوداً الى اليوم.ومن مسطرد انتقلت شمالاً الى بلبيس ( فيلبس ) مركز بلبيس التابع لمحافظة الشرقية وتبعد عن مدينة القاهرة حوالى ٥٥ كم تقريباً.واستظلت العائلة المقدسة عند شجرة عرفت باسم شجرة العذراء مريم ومرت العائلة المقدسة على بلبيس ايضاً فى رجوعه.ومن بلبيس رحلت العائلة شمالاً بغرب الى بلدة منية سمنود - منية جناح مــن منيـة سمنود عبـرت العــائلة المقـدسـة نهـر النيــل الـى مـدينة سمنـود ( جمنوتى - ذبة نثر ) داخـل الدلتا واستقبلهم شعبها استقبـالاً حسناً فباركهـم السيد المسيح لـه المجـد ويوجد بها ماجور كبير من حجر الجرانيت يقال ان السيدة العذراء عجنت به اثناء وجودها ويوجد ايضا بئر ماء باركه السيد بنفسه ومن مدينة سمنود رحلت العـائلة المقدسة شمالاً بغــرب الـى منطقة البرلس حتى وصلت مدينة ( سخا - خـاست - بيخـا ايسوس ) حالياً فــى محافظة كفــر الشيخ.وقد ظهر قدم السيد المسيح على حجر ومنه اخذت المدينه اسمها بالقبطية وقد اخفى هذا الحجر زمناً طويلاً خوفاً من سرقته فى بعض العصور واكتشف هذا الحجر ثانيه من حوالى ١٣ عاما فقط.واذا كانت العائلة المقدسة قد سلكت الطريق الطبيعى اثناء سيرها من ناحية سمنود الى مدينة سخا فلا بد انها تكون قد مرت على كثير من البلاد التابعة لمحافظة الغربية وكفر الشيخ ويقول البعض انها عبرت فى طريقها فى برارى بلقاس.ومن مدينة سخا عبرت نهر النيل (فرع رشيد ) الى غرب الدلتا وتحركت جنوباً الى وادى النطرون ( الاسقيط ) وقد بارك السيد المسيح وامه العذراء هذا المكان.ومن وادى النطرون ارتحلت جنوباً ناحية مدينة القاهرة وعبرت نهر النيل الى الناحية الشرقية متجهه ناحية المطرية وعين شمس. ومنطقة المطرية وهى بالقرب من عين شمس ( هليوبوليس - اون ) وتبعد عن مدينة القاهرة بحوالى ١٠ كم وفى هذا الزمان كانت عين شمس يسكنها عدد كبير من اليهود وكان لهم معبد يسمى بمعبد اونياس. وفى المطرية استظلت العائلة المقدسة تحت شجرة تعرف الى اليوم بشجرة مريم . وانبع الرب يسوع عين ماء وشرب منه وباركه ثم غسلت فيه السيدة العذراء ملابس الطفل يسوع وصبت الماء على الارض فنبت فى تلك البقعة نبات عطرى ذو رائحة جميلة هو المعروف بنبات البلسم او البلسان يضيفونه الى انواع العطور والاطياب التى يصنع منها الميرون المقدس.ومن منطقة المطرية وعين شمس سارت العائلة المقدسة متجهه ناحية مصر القديمة وارتاحت العائلة المقدسة لفترة بالزيتون وهى فى طريقها لمصر القديمة.ومرت وهى فى طريقها من الزيتون الى مصر القديمة على المنطقة الكائن بها حالياً كنيسة السيدة العذراء الاثرية بحارة زويلة وكذلك على العزباوية بكلوت بك.ووصلت العائلة المقدسة الى مصر القديمة وتعتبر منطقة مصر القديمة من اهم المناطق والمحطات التى حلت بها العائلة المقدسة فى رحلتها الى ارض مصر ويوجد بها العديد من الكنائس والاديرة. وقد تباركت هذه المنطقة بوجود العائلة المقدسة ولم تستطع العائلة المقدسة البقاء فيها الا اياماً قلائل نظراً لتحطم الاوثان فأثار ذلك سخط والى الفسطاط فأراد قتل الصبى يسوع. وكنيسه القديس سرجيوس ( ابو سرجه ) بها الكهف ( المغارة ) التى لجأت اليه العائلة المقدسة وتعتبر من اهم معالم العائلة المقدسة بمصر القديمة.وارتحلت العائلة المقدسة من منطقة مصر القديمة متجهه ناحية الجنوب حيث وصلت الى منطقة المعادى احد ضواحى منف - عاصمة مصر القديمة.وقد اقلعت فى مركب شراعى بالنيل متجهة نحو الجنوب بلاد الصعيد من البقعة المقام عليها الان كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالعدوية لان منها عبرت (عدت) العائلة المقدسة الى النيل فى رحلتها الى الصعيد ومنها جاء اسم المعادى وما زال السلم الحجرى الذى نزلت عليه العائلة المقدسة الى ضفة النيل موجوداً وله مزار يفتح من فناء الكنيسة.ومن الاحداث العجيبة التى حدثت عند هذه الكنيسة انه فى يوم الجمعة الموافق ١٢ مارس ١٩٧٦ م وجد الكتاب المقدس مفتوحاً على سفر اشعياء النبى الاصحاح (١٩- ٢٥) مبارك شعبى مصر طافياً على سطح الماء فى المنطقة المواجهه للكنيسة من مياة النيل.وبعد ذلك وصلت العائلة المقدسة قرية دير الجرنوس(ارجانوس) على مسافة ١٠ كم غرب اشنين النصارى - مركز مغاغة.وبجوار الحائط الغربى لكنيسة السيدة العذراء يوجد بئرعميق يقول التقليد ان العائلة المقدسة شربت منه.مرت العائلة المقدسة على بقعة تسمى اباى ايسوس ( بيت يسوع ) شرقى البهسنا ومكانه الان قرية صندفا ( بنى مزار ) وقرية البهنسا الحالية تقع على مسافة ١٧ كم غرب بنى مزار.ورخلت العائلة من بلدة البهنسا ناحية الجنوب حتى بلدة سمالوط ومنهاعبرت النيل ناحية الشرق حيث يقع الآن دير السيدة العذراء بجبل الطير ( اكورس ) شرق سمالوط ويقع هذا الدير جنوب معدية بنى خالد بحوالى ٢ كم حيث استقرت العائلة بالمغارة الموجودة بالكنيسة الاثرية. ويعرف بجبل الطير لان الوفاً من طير البوقيرس تجتمع فيه. ويسمى ايضاً بجبل الكف حيث يذكر التقليد القبطى ان العائلة المقدسة وهى بجوار الجبل - كادت صخرة كبيرة من الجبل ان تسقط عليهم فمد الرب يسوع يده ومنع الصخرة من السقوط فامتنعت وانطبعت كفه على الصخر.وفى الطريق مرت على شجرة لبخ عالية ( شجرة غار ) على مسافة ٢ كم جنوب جبل الطير بجوار الطريق المجاور للنيل ، والجبل الواصل من جبل الطير الى نزلة عبيد الى كوبرى المنيا الجديد ويقال ان هذه الشجرة سجدت للسيد المسيح له المجد وتجد ان جميع فروعها هابطة بإتجاه الارض ثم صاعدة ثانيه بالاوراق الخضراء ويطلق عليها شجرة العابد.وتغادر العائلة المقدسة من منطقة جبل الطير وعبرت النيل من الناحية الشرقية الى الناحية الغربية واتجهت نحو الاشمونيين ( اشمون الثانية ) وحدثت فى هذه البلدة كثير من العجائب وسقطت اوثانها وباركت العائلة المقدسة الأشمونيين.وارتحلت العائلة المقدسة من الاشمونيين واتجهت جنوباً حوالى ٢٠ كم ناحية ديروط الشريف فيليس ثم تغادر من ديروط الشريف الى قرية قسقام ( قوست قوصيا ) حيث سقط الصنم معبودهم وتحطم فطردهم اهلها خارج المدينة واصبحت هذه المدينه خراباً.وتهرب العائلة المقدسة من قرية قسقام واتجهت نحو بلدة مير ميره تقع على بعد ٧ كم غرب القوصية وقد اكرم اهل مير العائلة المقدسة اثناء وجودها بالبلدة وباركهم الرب يسوع والسيدة العذراء.ومن مير ارتحلت الى جبل قسقام حيث يوجد الان دير المحرق ومنطقة الدير المحرق هذه من اهم المحطات التى استقرت فيها العائلة المقدسة حتى سمى المكان بيت لحم الثانى. يقع هذا الدير فى سفح الجبل الغربى المعروف بجبل قسقام نسبة الى المدينة التى خربت ويبعد نحو ١٢ كم غرب بلدة القوصية التابعه لمحافظة اسيوط على بعد ٣٢٧ كم جنوبى القاهرة. مكثت العائلة المقدسة نحو حوالى سته اشهر وعشرة ايام فى المغارة التى اصبحت فيما بعد هيكلاً لكنيسة السيدة العذراء الأثرية فى الجهه الغربية من الدير ومذبح هذه الكنيسة حجر كبير كان يجلس عليه السيد المسيح. وفى هذا الدير ظهر ملاك الرب ليوسف فى حلم قائلا قم وخذ الصبى وأمه وإذهب أرض اسرائيل لانه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبى.وفى طريق العودة سلكوا طريقا أخر إنحرف بهم الى الجنوب قليلا حتى جبل اسيوط المعروف بجبل درنكة وباركته العائلة المقدسة حيث بنى دير باسم السيدة العذراء يقع على مسافة ٨ كم جنوب غرب اسيوط. ثم وصلوا الى مصر القديمة ثم المطرية ثم المحمة ومنها الى سيناء ثم فلسطين حيث سكن القديس يوسف والعائلة المقدسة فى قرية الناصرة بالجليل.وهكذا انتهت رحلة المعاناة التى استمرت اكثر من ثلاث سنوات ذهابا وايابا قطعوا فيها مسافة اكثر من الفى كيلو متر ووسيلة مواصلاتهم الوحيدة ركوبة ضعيفة الى جوار السفن احيانا فى النيل وبذلك قطعوا معظم الطريق مشيا على الاقدام محتملين تعب المشى وحر الصيف وبرد الشتاء والجوع والعطش والمطاردة فى كل مكان فكانت رحلة شاقة بكل معنى الكملة تحملها السيد المسيح وهو طفل مع أمه العذراء والقديس يوسف بفرح لأجلنا. دلالات وبراهين عُرفت مصر منذ فجر التاريخ بأنها واحة الأمن والأمان وموطن الحضارات ومهد الأديان. وخير مثال علي ذلك احتضانها لكثير من أنبياء العهد القديم؛ ومن بينهم إبراهيم، ويعقوب، والنبي موسي _الذي تهذب بحكمة المصريين_، ويوسف الصديق _الذي جاء إلى مصر أيام فرعون حتى أصبح وزيراً_؛ بل نجد أكبر مثالاً على أن مصر خطاها الأنبياء والقديسون هو رحلة العائلة المقدسة، وقد سارت العائلة المقدسة في البلاد من أقصاها إلى أقصاها لتباركها، ولكي تحطم الوثنية بأصنامها وتغرس غرساً روحياً مباركاً يدوم مع الزمن.احتمت العائلة المقدسة في حضن مصر وباركت أرضها. فقد نشرت جامعة كولون بألمانيا لأول مرة بردية أثرية ترجع إلى القرن الرابع الميلادي تتحدث عن فترة وجود السيد المسيح والعائلة المقدسة في مصر؛ مؤكدة أن طفولة السيد المسيح استمرت ثلاث سنوات وأحد عشر شهراً. وقد كُتبت البردية باللهجة القبطية الفيومية، وتؤكد أحد المصادر المهمة أن البردية تؤكد أن البركة قد حلت بمصر وأن شهر بشنس هو أكثر شهور السنة بركة؛ لذا نجد الكنيسة القبطية تحتفل في اليوم الرابع والعشرين منه_ والذي يوافق 1 يونيو_ من كل عام بذكري دخول العائلة المقدسة إلى مصر. إن رحلة العائلة المقدسة لمصر تحمل الكثير من المعاني والقيم التي يجب أن يتحلى بها الجميع، أهمها أن مصر بلد للسلام والاطمئنان، وأن رحلة المسيح فيها ملأت ربوعها بالبركة؛ فكل الأديان السماوية أكدت أن مصر هي واحة الأمان. كما تتمثل العظة الكبيرة من هذه الرحلة في الاقتداء بهؤلاء العظماء في طريقة عيشهم البسيطة وتعاملهم بالمودة مع الناس؛ فمصر هي أرض التعايش والضيافة، أرض اللقاء والتاريخ والحضارة والسلام، وهي الأرض المباركة عبر العصور بدم الأبرار والشهداء الثمين؛ فهي التي عاش فوقها القديس يوسف، والعذراء مريم والطفل يسوع والكثير من الأنبياء.ويُقال أيضاً أنه ارتجفت الأوثان آنذاك في عهد الرومان من هيبة يسوع، وتزلزلت الأرض تحت أقدامها ومالت بثقلها الحجري فتحطمت وتكسرت أمام رجلي الصبي القادم على مصر. وقد روي المؤرخون هذه الحادثة أيام حكم الرومان فقالوا:" إن الأصنام كانت تتكسر لدي ظهوره أمامها والبراري أفقرت من شياطينها، وذاب قلوب كهنة الأصنام خوفاً وهلعاً فهرعوا إلى حكام مصر لينصروهم على القادم الصغير ولكنه لم يكن سلطان الظلمة له سيطرة عليه."وفي أثناء هروب العائلة المقدسة من بلدة إلى أخري، كان يؤمن بعض المصريين بيسوع ولكنه كان يجد الكره والعداوة من بعضهم الآخر ومن كهنة الأوثان وخدامها لفقدهم أرزاقهم؛ فحلت على الأولين بركته وحلت على الآخرين هيبته. وكما تحطم تمثال داجون أمام تابوت العهد المقدس سقطت التماثيل عند مجيء يسوع، فلم تقو على مواجهة حضوره. تحمل هذه الرحلة في طياتها دلالات ومعان حضارية، وتاريخية وثقافية؛ بل تحمل أيضاً مفاهيم إنسانية راقية؛ وتتمثل المعاني التاريخية أنها تحمل تراثاً إنسانياً عظيماً ملكاً لكل إنسانية، وروعته أن هذا الحدث التاريخي والتراثي في مصر _التي تمثل قلب العالم_. وقد تمثل المعني الديني والروحي في البعد الكتابي، حيث وردت نصوص عنها في العهد الجديد، ووردت نبوءات عنها في العهد القديم. كما أن هناك بعداً وحقيقة أثرية، فما زالت هناك أثاراً تؤكد مجيء العائلة المقدسة لأرض مصر منها أديرة، وكنائس أثرية، وهياكل، ومذابح أثرية، ومغائر دينية، وصخور، وأحجار، وآبار وأشجار. وهذه الأثار تمتد على طول البلاد الواقعة على مسار الرحلة ويضاف لذلك الأيقونات الأثرية، والمخطوطات والقطع الفنية، والأديرة والكنائس الأثرية القديمة.وهناك أيضاً بعداً حضارياً يمثل جزءاً من الهوية المصرية وتلامساً مع البعد التاريخي، فرحلة العائلة المقدسة في أرض مصر هي من المكونات الأساسية للحضارة المصرية القبطية بل زادت أهمية أرض مصر بين العالم لأنها أرض الطيبة التي قدمت الحماية واحتضنت العائلة المقدسة منذ وقت مبكر من التاريخ، بل بني في معظم مسار العائلة المقدسة الأديرة والكنائس التي عمرت مصر بالإيمان بالله، كما حملت قيماً إنسانية رائعة تتمثل في المحبة، والسلام والتعايش علي أرض مصر.
المزيد
31 مايو 2020

الأحد السادس من الخماسين

كتابات القديس اغسطينوس فى هذا الإنجيل، يقول ربنا يسوع المسـيح: ” قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فى سلام. فى العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم “. الرب يسوع المسيح يحدثنا من خلال هذه الآية عن: 1- السلام. 2- الضيق. 3- غلبة العالم ( النصرة- الغلبة ). دعنا نبحث عما قاله الآباء عن هذه الموضوعات.1-السلام: قال القديس يوحنا ذهبى الفم: لقد دعى السيد المسيح ” رئيس السلام ” (أش 6:9) ، وإنجيله هـو ” إنجيل السلام ” (أف 6: 15) وملكوته ” بر وفرح وسلام فى الروح ” (رو 17:14). وأما ثمن هذا السلام فهو دمه الثمين المبذول على الصليب. وقال أيضا: نعم قد صار هذا هو عمل الإبـن الوحيـد، أن يوحـد المنقسمين ويصالح الغرباء. ويرى القديس أغسطينوس أن صنع السلام ليـس عمـلا خارجيـا يمارسه الإنسان وإنما هو طبيعة ينعم بها أولاد الله فى داخلهم، خـلال السلام الداخلى الذى يحل بين الروح والجسد بـالروح القـدس فـى المسيح يسوع فيظهر ملكوت الله داخلنا.. لذلك قال: ( يكـون كمـال السلام حيث لا توجد مقاومة، فأبناء الله صانعوا سلام لأنهم ينبغـى أن يتشبهوا بأبيهم. أنهم صانعوا سلام فى داخلهم إذ يسيطرون على حركات أرواحهم ويخضعونها للصواب أى للعقل والروح، ويقمعـون شهواتهم الجسدية تماما، وهكذا يظهر ملكـوت الله فيـهم فيكـون الإنسان هكذا.. كل ما هو سام وجليل فى الإنسان يسيطر بلا مقاومة على العناصر الأخرى الجسدانية ). وقال أيضا: ( ليكن السلام حبيبا لك وصديقا، واجعل قلبك مضجعـا نقياً له. ولتكن لك معه راحة مطمئنة بدون مرارة، وعنـاق عـذب، وصداقة لا تنفصم عراها ). وقال القديس جيروم: (المسيح ربنا هو السلام.. لنحفظ السلام فيحفظنـا السـلام فـى المسيح يسوع). وقال ايضا: السلام هو قوة المسـيحيين ” سلام الله الذى يفوق كل عقل ” (فى 7:4)، ” وطوبى لصانعى السلام ” (مـت 5: 9)، لا بإعادة السلام بين المتخاصمين فحسب وإنما للذين يقيمون سلاماً فى داخلـهم. فإنه إن لم يوجد سلام فى قلبى مـاذا يفيدنـى أن يكـون الآخريـن فى سلام. أما القديس كبريانوس فله تأمل فى عبارة السيد المسـيح: ” سلاما أترك لكم. سلامى أعطيكم ” (يو 27:14).. إذ يقول: لقد أعطانا هذا ميراثاً، فقد وعدنا بكل العطايا والمكافآت التى تحدث عنها خلال حفظ السلام. إن كنا ورثة مع المسيح فلنسكن فى سلامه. إن كنا أبناء الله، يلزمنا أن نكون صانعى سلام، إذ يليق بأبناء الله أن يكونوا صانعى سلام، ذوى قلب شفوق، بسطاء فى الكلام، متحدين فى المحبـة، مـترابطين معاً إرتباطاً وثيقاً بربط المودة الأخوية. وقال ايضاً: يليق بإبن السلام أن يطلب السلام ويتبعه. الذى يعـرف رباطات الحب ويحبها يلزمه أن يمنع لسانه عن شر الخصام. وقال القديس اغريغوريوس اسقف نزينزا : (لنكرم عطية السلام التى تركها لنا المسيح عند رحيله. فالسلام علـى وجه الخصوص يخص الله الذى يوحد كل الأشياء معا فى واحد). 2-الضيق: “فى العالم سيكون لكم ضيق”… قال القديس اغسطينوس: +الذى يرفض أن يتحمل الضيق لا ينجيـه عـدم صـبره مـن الضيقات التى تحل به. + لا يوجد علاج مؤثر لشفاء الأوجاع مثل الصديق الصادق الـذى يسليك فـى ضيقاتك. + إن الضيقات التى تتحملها فى حياتك ها هنا هى بمثابـة عصـا تأديب من الله + فى الضيق لايجد المرء مجالا ليسمع.. إسمع فى وقت الرخاء. + ضيق الزمان يعلمك وتجارب الحياة الحاضرة تصقل مـا فيـك من شوق. + الضيقات وإن كثرت سبيل إلى الكمال وليست سببا للهلاك. + الرب يمتحن الإنسان بالضيقات لكـى يعرفه حقيقة نفسه فيلومها. + النار تمتحن إناء الفاخورى، والتجربة تمتحن الأبرار. + إذا كان الأصدقاء يفسدونك بكثرة مدائحـهم فالأعداء يصلحـون عيوبك بما يوجـهونه لك من اتهامات. + كيف تعرف أن الله لا يريد لـك الشـفاء والتـأديب لا يـزال مفيدا لك. + لا العنقود يصير خمراً ولا حبة الزيتون تصير زيتاً ما لم يمـر فوقهما حجر المعصرة. + إن الشهداء وسط آلامهم وعذاباتهم كـانوا يطلبـون خلاص مضطهديهم. + لا ترجع النفس إلى الله إلا إذا أنتزعت من العالم، ولا ينزعـها بحق إلا التعب والألم. القديس يوحنا ذهبى الفم والضيقات: عندما عانى القديس يوحنا ذهبى الفـم الآلام والإضطـهادات مـن الإمبراطورة أفدوكسيا، كتب من سجنه إلى الأسقف قرياقص قـائلاً: عندما استبعدت من المدينة لم أقلـق بـل قلـت لنفسـى: إن كـانت الإمبراطورة ترغب أن تنفينى فلتفعل ذلك، فإنه ” للرب الارض وملئها “. وإن أرادت إغراقى فى المحيط. أفكر فى يونان. وإن ألقيت فى النار.. أجد الثلاثة فتية قد تحملوا ذلك فى الأتون. وإن وضعت أمام وحوش ضارية.. أذكر دانيال فـى جب الأسود. وإن أرادت رجمى.. فإن استفانوس أول الشهداء أمامى. وإن طلبت رأسى.. فلتفعل.. فإن المعمدان يشرق أمامى. عريانا خرجت من بطن أمى وعريانا أترك العالم، وبولس يذكرنى: ” إن كنت بعد أرضى الناس فلست عبدا للمسيح “. العلامة أوريجانوس والضيقات: كتب العلامة أوريجانوس إلى القديسين أمبروسيوس وبرينكتيـوس، وهما تحت المحاكمة فى ظل الإضطهاد الـذى أثـاره مكسـيميانوس تراكس، قائلاً لهما: “فى أثناء محاكمتكما القائمة الآن بـالفعل أود أن تتذكرا دائمأ تلك المجازاة العظيمة التى يعدها الآب فى السـماء مـن أجل المظلومين والمزدرى بهم بسبب البر ومن أجل إبن الإنسان. إفرحا وابتهجا كما فرح الرسـل وابتـهجوا ” لأنهم حسبوا أهلا أن يهانوا من أجل إسم المسيح ” (أع 5: 41)، وإذا شعرتما بالحزن فاستغيثا بروح المسيح الذى فينا لكـى يرد روح الحـزن ويـنزع القلـق مـن قلبيكما. ” لماذا أنت حزينة يا نفسى ولماذا تزعجيننى. ترجى الـرب لأنى أقدم له التسبيح ” (مز 42: 5). إذن فلا تجزع أرواحنا، بل حتى أمام كراسى القضاء وفى مواجـهـة السيوف التى شحذت لتقطع رقابنا تظل أرواحنا محفوظة فـى سلام الله الذى يفوق كل عقل.. نستطيع أن نشعر بالطمأنينة والـهدوء عندمـا نتذكر أن الذين يفارقون الجسد يعيشون مع إله الكل (2 كو 8:5). عن الضيقات، قال الأب اسحق: الله لا يريد النفس المتشامخة التى فى تهور لا تحتاط فى التجربـة أو الضيقات، إنما يريد النفس المتضعة فيكون نصرتها بالله أكثر مجـدا وهزيمة الشيطان أكثر تأكيداً. + أيوب جرب لكنه لم يدخل فى تجربة، إذ لم ينطق ضد الله بـأى تجديف ولا استسلم لفم الشرير كرغبة الشرير نفسه. + إبراهيم جرب ويوسف جرب لكن لم يدخل أحدهما فى تجربـة لأنهما لم يستسلما ليرضيا المجرب. وقال الأنبا بولا اول السواح : من يهرب من الضيقة يهرب من الله. 3-الغلبة والنصرة: ” ثقوا أنا قد غلبت العالم “… قال القديس اغسطينوس: + انتصر على ذاتك فينهزم العالم أمامك. + ليت الرب ينصركم، ليس من الخارج على عدوكم وإنمـا مـن الداخل على انفسكم. + لا ترهب العدو الذى يأتى من الخارج فإنك إن غلبـت نفسـك ستصير غالباً للعالم. + فكيف تنتصر على عدو غضبان إذا لم تتمكن مـن الإنتصـار عليه متى لاطفك. وقال أيضاً: مع كل حركة حب وجهاد فى الرب يرفعنى بتعزياتـه الإلهية كما إلى جبل قدسه ليعلن لى بهاء مجده الداخلى، فـأعود مـن جديد لأدخل فى معركة جديدة روحية ” لا ضد لحم ودم بل ضد أجناد الشر الروحية فى السموات ” (أف 6: 12). لذلك قال داود النبى: ” الذى يعلم يدى القتال فتحنى ساعدى قوسا من نحاس. ومنحتنى نصرة خلاصك. ويمينك عضدتنى ” (مز 18: 34، 35). وقال أيضاً: يعلمنى الله أن أكون ماهراً فى القتال ضـد الشـياطين الذين يهدفون إلى إقامة حاجز يحجبنى عن ملكوت السموات. القديس كيرلس الاورشليمى والغلبه والنصرة: فى تأمل له عن قيامة المسيح قال: إفرحى يا أورشـليم.. إصنعـوا عيدا عظيما يا جميع محبى المسيح، لأنه قام. إفرحوا يا من نحتم من قبل حين رأيتم جسارة اليهود وشرهم، لأنـه قد قام. فليفرح السامعون بأخبار القيامة المبهجة.. ليتحول الحزن إلى فـرح والنوح إلى سرور وليمتلئ فمنا فرحا وتهليلا به، إذ قال بعـد قيامتـه ” إفرحوا ” (مت 9:28). الآن قد قام الميت الذى كـان ” حرا بين الأموات ” وهـو مخلـص الأموات، ذاك الذى أهين محتملا بصبر إكليل الشوك.. لقد قام متوجـاً بإكليل النصرة على الموت. فى مقالة عنوانها ” آدم الثانى واهب النصرة “.. قال القديس سـرابيون: إن كان بولس الرسول قد أوضح بكلماته أن ربنا يسوع المسـيح ” قد جرب فى كل شىء مثلنا ” إلا أنه قيل عنه أنه ” بلاخطية ” (عب 4: 15). إى لم تنتقل إليه عدوى الشهوات لأنه لا يعرف إغراءات الشـهوات الجسدية التى بها نضطرب ضد إرادتنا وبغير معرفتنا. وقد وصف رئيس الملائكة غبريال حالة الحبل بـه قـائلاً: ” الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى إبن الله ” (لو 1: 35). وكان يلزم بحق لربنا أن يجرب بنفس التجارب التى جرب بها أدم حيـن كان فى صورة الله قبل إفسادها، والتى هى: النهم، الإفتخار، الطمع، الكبريـاء.. والتى تشبكت وأفرخت بعدها تعدى الوصية وإفساد صورة الله وشبهه. لقد أعطانا الرب بمثاله كيف نستطيع أن ننتصر كما إنتصـر هـو حين جرب. لقد لقب كلاهما بــ ” أدم ” ” أحدهما كان الأول فى الخراب والمـوت وأما الثانى فكان الأول فى القيامة والحياة. بالأول صارت البشرية كلها تحت الدينونة وبالثانى تحررت البشرية.
المزيد
30 مايو 2020

عشرة أيام في انتظار الروح المعزي

في تلك الأيام العشر التي عاشتها الكنيسة في انتظار موعد الروح القدس، اختبرت الكنيسة الأشواق السمائية كانت أفراح الصعود تعمل في قلب الكنيسة بمنتهي القوة.. وتهزها بصورة فائقة، حتى صارت الكنيسة مهيأة تمامًا لهبوب ريح الله وناره المقدسة التي ملأتها من المواهب الفائقة للطبيعة، وفجّرت فيها ينابيع الماء الحي لم يكن ممكنًا للروح القدس أن يغمر الكنيسة بهذه الصورة إلا بعد أن تتم أيام كاملة من تطلعها نحو ينبوع الماء الحي. وكانت هذه الأيام هي بالعدد عشرة حتى كملت الأيام وتحقق الوعد. فرقم عشرة هو رقم الكمال العددي إن انتظار مواعيد الله يحتاج إلى صبر وإيمان ورجاء كقول الكتاب "أما الصبر فليكن له عمل تام" (يع1: 4)إن ما يرجوه الإنسان فإنه يتوقعه بالصبر "وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا تُرى" (عب11: 1) كان هناك وعد صريح من السيد المسيح، وهو هو نفسه ما أسماه موعد الآب: بحلول الروح القدس على الكنيسة.. وكما وعد الله إبراهيم بالخلاص أي الفداء، وحقق وعده، هكذا وعد السيد بإرسال الروح القدس وتحقق الوعد. وكما آمن إبراهيم بالله فحُسب له إيمانه برًا. هكذا آمن أبناء إبراهيم (كنيسة المسيح)، فحُسب لهم إيمانهم برًا ونالوا الوعد الذي وعدهم به الآب يوم الخمسين كان هو أول الأسبوع الثامن بعد القيامة (السبعة أسابيع تساوى تسعة وأربعين يومًا). وكما حدثت القيامة يوم الأحد في أول الأسبوع الجديد أي في اليوم الثامن من بداية أسبوع الآلام. هكذا ولدت الكنيسة في أول الأسبوع الثامن من بعد القيامة المجيدة،فرقم ثمانية يشير دائمًا إلى الحياة الجديدة في مفهوم الكتاب المقدس. كقول الكتاب عن نوح الذي جدد الحياة على الأرض مرة أخرى "حفظ نوحًا ثامنًا كارزًا للبر" (2بط2: 5). وكان في الفلك ثمانية أنفس خلصوا بالماء من الطوفان ليت الرب يمنحنا أن نحيا في جدة الحياة بقوة قيامته وبعطية روحه القدوس. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل