المقالات
09 فبراير 2025
انجيل قداس الأحد الأول من شهر أمشير
تتضمن الحث على الصدقة مرتبة على قوله بفصلى
انجيل اليوم "الحق الحق أقول لكم أنتم الآن تطلبوني ليس لأنكم رأيتم آيات بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم " ( يو ٦ : ٢٢ - ٣٩ )
يجب علينا أن نقدم الاهتمام بالأمور الروحانية على طلب الامور الجسدانية الضرورية وأن نلازم المسيح لا لنلتمس منه المحسوسات الأرضية كاليهود بل لنطلب منه نعيم الملكوت لأنه إذا كان قد قال لأولئك مبكتا لهم مع أن مواعيدهم كانت جسدانية انكم لا تطلبونني لنظركم الآيات بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم فماذا عساه أن يقول للمؤمنين؟
وإذا طان الطالبون للطعام البائد قد تركوا المدن والقرى والصنائع والمنازل وتبعوه في القفر فبأى مقدار يجب علينا نحن أن نبتعد عن الأمور الجسدانية لنحصل الباقيات ثم بعد ذلك نقدم الاهتمام للضروريات الوقتية فإن قلت إذا كان لانسان مال وقنايا كثيرة وحقول وزراعات وغير ذلك ولكن ليس له صناعة يتعيش منها أفما يدبر والحالة هذه أمور قناياه كما ينبغى؟ أقول لك أنه ينبغى أن يكون شبيهاً بأيوب الصديق الذى كان يستعمل أمواله ويصرفها في المفيد غير مغتبط بوجودها ولا مغموماً على فقدها وإذا كان المتيسر بالمال يعلم أن في العالم صنائع كثيرة وهو لا يحسن أن يكون صانعا للذهب ولا للفضة ولا للنحاس ولا للحديد ولا نساجاً ولا نجاراً ولا غير ذلك من أمثال هذه الصنائع فأنا الآن اقدم له صناعة أشرف من هذه الصنائع كلها فإن قال وما هـــــي الصناعة الجميلة الوصف؟ قلت أن يستعمل قناياه كما ينبغى وهو أن يعطى المقلين ويقرض المعسرين ويرحم البائسين ويتراءف على المساكين ويفعل جميع ما يجب عمله على المتيسرين فإنه بهذه يفوق سائر أرباب الصنائع لأن حوانيت أولئك في الأرض أما هو فحانوته في السماء أولئك يقتدون بالبشر في صنائعهم وهذا يقتدى بخالقه اولئك يحتاجون إلى آلات من نحاس وحديد وخشب وحجارة وغير ذلك لتدبير صنائعهم وهذا غنى عن جميع الآلات أولئك يحتاجون إلى وقت في تعليمهم وإلى جوائز للمعلمين وهذا يوجد بغير تعب وفى الوقت الحاضر ويأخذ الاجرة من المرشدين أولئك غاياتهم الفساد والهلاك اما هو فغايته التمتع بالخيرات السمائية وحصول النعم الروحانية والإختلاط بالزمر الملائكية والإستضاءة بالأنوار الإلهية والتصرف مع الختن في الأمجاد الابدية وإذا كان هذا علو شرف صاحب هذه الصناعة على الصنائع الضرورية في قوام الحياة فما قولك في الصنائع الاخرى المستعملة للمترفهين والمتنعمين والبذخين والمهملين لذواتهم كالذين يصنعون الحلل الملونة والثياب المنقوشة والذين يصورون الحيطان ويدهنون الخشب والذين يصنعون الاصناف المنقوشة بالحرير والذين يتناهون فى عمل أوانى الشراب وآلات اللهو والطرب وأمثال هذه التي لا ينبغى أن تسمى صنائع بل ينبغى أن تسمى اسبابا للفساد والبوار لأن المستعملين لها يحسبونها من الخطايا الصغار إلا أنها أسباب لكبائر كثيرة وإذا كان بولس الرسول يصرخ هكذا نحو النساء بأن تكون زينتهن لا بضفائر الشعر ولا بالجواهر ولا بحلى الفضة والذهب ولا بالثياب المرتفعة الثمن بل بخشية الله كما كانت النساء الطاهرات قديماً فماذا عساه يقول للرجال؟ وبماذا يقول لك أنت أيها اللابس الثياب المنقوشة المختلفة الألوان والاشكال المتحلى بخواتم الذهب والمتخذ الاخفاف المخروزة بالحرير والناظر إلى علو الاسرة ونقوش الفراش وتزيين الحيطان بصور الحيوانات والطيور المصنوعة من الخزف والشمع وغير ذلك وإذا كان الرجال لا يأنفون من التشبه بالنساء في اتخاذ الآلات المنقوشة فأولادهم ماذا عساهم أن يصنعوا ؟
وإذا كنت ياهذا إلى الان مغرما بألوان الازهار ونضارة الشجر ونقوش الحلل وزخرفة الثياب وسماع الملهين والمطربين فمتى تكون عاقلا؟ومتى تطلب زينة الباقيات؟ ومتى تشتاق إلى نعيم الملكوت؟
وإذا كانت قلوبنا معلقة بهذه الخسائس فكيف نضجر من عقاب ربنا إذا أيقظنا بالتأديبات اليسيرة كالامراض والمتاعب وتعذر المكاسب وقيام الظالمين وكيف لا نكون مستحقين للغلاء والوباء والتجارب والضيقات ونحن نبصر إخوة المسيح مطروحين في زوايا الشوارع جياعاً عراة عطاشى حزاني ونحن ننفق أموالنا فى الامور الضارة وننعم بها على الملهين والمضحكين ونحجبها عن المستحقين وإذا كنا إلى الآن نتعلق بالأمور الوضيعة فمتى ننظر إلى السموات؟ ومتى نتفرس في حسن صور المبدعات ؟
وإذا تعجبنا من أشكال الحيوانات المهندمة ومن الاحجار والخشب وغير ذلك فلم لا نتعجب من إبداع الخلائق وترتيب الافلاك وأشكال الكواكب ونظام الموجودات وإخراج الارض للمياه من العدم وإخراج جميع الحيوانات والنباتات من الأرض والماء ونسبح خالقها بلا فتور ؟
وإذا كنا إلى الآن نتخذ مثل هذه الثياب المنقوشة ونمدح اللابسين لها والمقتدرين عليها ونستنقص المقصرين والعاجزين عن إتخاذ نظائرها فكيف لا نحسب مع التائهين؟ لاننا بذلك نكون سبباً لان يبيع الاحداث والشابات من الرجال والنساء حسنهم وجمالهم لاقوام آخرين ليجودوا عليهم بما يقتنون به مثل هذه الثياب وهذه الآلات الفانية بل ويتطفلون عليهم ويصيرون عندهم بمنزلة العبيد والخدم وإذا كنا قد وجدنا هذه الامور سبباً لفساد المؤمنين هكذا فكم عقوبة يعدها لنا ربنا ؟
وإذا كان بعض الرجال يأخذون على نفوسهم تعليم الجيوانات وتأديبها كالذين يهذبون الوحوش والطيور وغير ذلك ويكلفون غير الناطقين التشبه بالناطقين فيعلمون الفيلة السجود لملوكهم والطيور تنطق باللغات، والقرود ترقص على ضروب مختلفة فلم لا نعتنى نحن بتعليم المؤمنين؟ وإذا كنا لا نعتنى بتهذيبهم فعلى الاقل لا نكون سبياً لهلاكهم وإذا كنا نعتنى بتنظيف ثيابنا واصلاح منازلنا فكيف نهمل نفوسنا ملطخة بهذه الأوحال مبتعدة عن مواطن الحياة وكيف لا نعلم أن النفوس المهملة من الفضائل هي كالاراضي المهملة من الزراعات المعدة لان الشوك ينبت فيها من هنا والحسك من هناك وتكون مكامناً للوحوش والافاعي ومرانعاً للشياطين
فسبيلنا إذن أن نبتعد عن الفانيات ونهرب من التنازل مع الشهوات ونتيقظ لعمل الصالحات. ونستعد للمواعيد السموية لنفوز بنعمة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى أبد الابدين أمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
08 فبراير 2025
الصراع بين الوصية كفكر وكتطبيق
مِنْ إِنجيِل مارِيُوحنا [ الكلامُ الّذِى أُكلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوح وَحيوة ] ( يو 6 : 63 ) ، الوصيَّة كفِكر جمِيلة وَمحبُوبة كُون إِنَّنا نسمع [ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلّ حِينٍ وَ لاَ يُمَلَّ ]( لو 18 : 1 ) كلِمة جمِيلة جِدّاً لكِنْ وقت تطبِيق الوصيَّة نجِد أنفُسنا 1/4 ساعة وَ لاَ نستطِيع أنْ نُزِيد عَنْ ذلِك جمِيلة وصيَّة [ فَإِنْ جاعَ عَدُوُّكَ فَإِطعمهُ وَإِنْ عطِشَ فإِسقِهِ ]( رو 12 : 20 ) ، وَلكِنْ عِندما نِنّفِذ الوصيَّة نتذكّر ما فعلهُ عدونا معنا صِراع الوصيَّة تقُول [ سِراجُ الجسدِ هُوَ العِينُ فَإِنْ كانت عينُك بسِيطةً فجسدُك كُلُّهُ يكُونُ نيِّراً ] ( مت 6 : 22 ) ،جمِيلة نظرياً لكِنْ عملياً صعبة جِدّاً00[ وَإِنْ أعثرتكَ عينُك فإِقلعها ] ( مت 18 : 9 ) ، كلِمات رائِعة لكِنّها صعبة التنفِيذ صِراع بين الوصيَّة كفِكر وَكتطبِيق 0
أولاً : الوصيَّة فِى العهد القدِيم :-
بدأت الوصيَّة عِبارة عَنْ مجموعة وصايا شفويَّة أوامِر أعطاها الله لآدم وَإِستمرت مِنْ جيل إِلَى جيل قايين يوسِف نُوح إِبراهِيم إِسحق أجيال الوصيَّة بِالنسبة لهُمْ شفويَّة حتَّى جاء مُوسى النبِى فأعطاهُ الله الوصيَّة مكتوبة ، وصايا مكتوبة تقُول لاَ تقتِل لاَ تسرِق لاَ تحلِف لاَ تزنِ لاَ لاَ لاَ هى وصايا لكِنّها بدل ما تسنِد الإِنسان أصبحت عِبء عليه لأِنَّها كانت كالمرآه تُظهِر عيوبه أنا فِى الوصيَّة أصبحت خاطِىء جِدّاً وَصارت الوصيَّة أداة دينونة بدلاً مِنْ أنْ تكُون أداة بِر ، حتَّى أنّ مُعلّمِنا بولس الرسُول قال بِالوصيَّة صارت معرِفة الخطيَّة الناموس عرَّفنا على الخطيَّة وَأصبح أداة دينونة للإِنسان وَقال أيضاً مُعلّمِنا بولس الرسُول فِى رِسالة رومية [ حِينما أُرِيدُ أنْ أفعل الحُسْنَى أنَّ الشَّرَّ حاضِرٌ عِنْدِي ] ( رو 7 : 21 ) ، هذِهِ صُورة لِصراع الإِنسان فِى ظِل الناموس إِذن الناموس لاَ يُخلِّص وَ لاَ يفدِى حتَّى أنّ بولس الرسُول قالها بِصرخة [ ويحِي أنا الإِنسان الشقيُّ مَنْ يُنقِذُنِي مِنْ جسدِ هذا الموتِ ] ( رو 7 : 24 ) هذِهِ صرخِة الإِنسان قبل المسِيح ، لَنْ أكُون صالِح إِنْ لَمْ أتخلّص مِنْ هذا الجسد هذا الفِكر أوْ الحال فِى ظِل الناموس لكِنْ فِى العهد الجدِيد الأمر مُختلِف جِدّاً إِذاً الناموس فِى العهد القدِيم عاجِز عَنْ أنْ يُرضِى الله وَأنْ يُعطِى الإِنسان بِر لأِنّهُ كما قال مُعلّمِنا بولس الرسُول [ لأِنَّهُ إِنْ كان بِالناموس بِرٌّ فالمسِيحُ إِذاً مات بِلاَ سببٍ ] ( غل 2 : 21 ) ، الناموس يُظهِر عيوب الإِنسان وَتقصِيراته 0
ثانياً : الوصيَّة فِى العهد الجدِيد :-
إِختلفت تماماً لأِنّهُ وجد أنّ المسِيح لمّا أتى أعطانا وصايا فِى الحقِيقة أصعب كثيراً مِنْ وصايا العهد القدِيم ، فمثلاً نجِده يقُول [ سمِعتُمْ أنّهُ قِيل عينٌ بِعينٍ وَسِنٌّ بِسنٍّ وَأمَّا أنا فأقُولُ لكُمْ أحِبُّوا أعداءكُمْ بارِكوا لاعِنيكُمْ ] ( مت 5 : 38 – 44 ) فِى العهد القدِيم شراسة فحدّها الله بِالتعادُل بين الطرفين ، لكِنْ فِى العهد الجدِيد يقُول قابِل الإِساءة بِالمحبَّة وصايا العهد الجدِيد فائِقة وَصعبة لِماذا ؟ لأِنّ الإِنسان أخذ إِمكانيات جدِيدة بِالمسِيح إِذن فِى العهد القدِيم الوصيَّة أسهل ، لكِنْ فِى العهد الجدِيد يقُول النظرة زِنى لِماذا ؟ لأنِّى أعطيتك إِمكانيات جدِيدة ، لِذلِك لابُد أنْ تقِيس نَفْسَكَ عليها كالطفل الصغِير نحنُ نُنهيه عَنْ أشياء كثيرة وَلكِنْ عِندما يكبر لاَ تُنهِيه عَنْ هذِهِ التوافِه لأنّهُ إِرتقى لإِمكانيات أكبر هكذا نحنُ فِى المسِيح إِرتقينا فأعطانا وصايا على مُستوى ملائِكِى مِنْ مُستوى أبناء آدم إِلَى مُستوى أبناء الله تُدعون إِذن الوصيَّة تُنّفذ فِى المسِيح وَبِالمسِيح وَ لاَ يُمكِنْ أنْ نُنّفِذها بِدونه لاَ نستطِيع أنْ نُصَلِّى إِلاّ بِهِ ، وَ لاَ نُحِب إِلاّ بِهِ ، وَ لاَ نُعطِى إِلاّ بِهِ وَلابُد أنْ أُعطِى وَأعمل بِالمسِيح لِذلِك يقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ إِنْ كان أحدٌ فِى المسِيحِ فَهُوَ خلِيقةٌ جدِيدةٌ ] ( 2 كو 5 : 17 ) ، أىّ طبعِى يتغيّر إِذن أنا بِدُون المسِيح إِمكانياتِى ضعِيفة ، لكِنْ بِهِ خلِيقة جدِيدة وَإِمكانيات عالية ، وَمِنْ هُنا الوصيَّة تُصبِح سهلة رغم صعوبتها مُمكِنْ الفِكر البشرِى يصطدِم بِالوصيَّة كيف أُحِب عدوِى كيف أبِيع أمتعتِى وَأُعطِى صدقة ؟ هذا بِالإِمكانيات الشخصيَّة مُستحِيل لأِنَّها إِمكانيات ضعِيفة وَمحدودة ،فَنَحنُ بِالكاد نُحِب مَنَ يُحبُنا لكِنْ لِكى نُحِب أعدائنا وَنُبارِكهُمْ هذا بُعد جدِيد لاَ نناله إِلاّ بِالمسِيح المُشكِلة إِنَّنا دائِماً نفصِل أنفُسنا عَنْ المسِيح وَالقدِيسين فنعِيش على مُستوى الفِكر البشرِى فنصطدِم بِالوصيَّة وَقَدْ نعثُر فِيها وَكأنَّنا نرى أنّ المسِيح يُرِيدنا ضُعفاء فَمَثلاَ وصيَّة [ يَنْبَغِي أنْ يُصَلَّى كُلّ حِينٍ وَ لاَ يُمَلَّ ] ( لو 18 : 1 ) ، فنقُول عنها أنَّها دروشة لأنَّنا نقِيسها بِمُستوانا كبشر وَهذا مُستوى محدُود أخطر ما فِى الموضُوع أنّنا نعِيش الوصيَّة بِإِمكانياتنا البشريَّة الضعِيفة الله أعطانا هذِهِ الوصيَّة لأِنّهُ هُوَ العامِل فِينا [ لأِنّ الله هُوَ العامِلُ فِيكُمْ أنْ تُرِيدُوا وَأنْ تعملُوا ]( فى 2 : 13 ) ، أىّ أنّ الله هُوَ المُحرِّك الأساسِى ، هُوَ الّذى يُحرِّك إِرادتِى أنا نفِذت الوصيَّة لكِنْ مَنَ الّذى عملها بِالفِعل داخِلِى ؟ الله0الله يحرّكنا لِفِعل البِر لِكى نُكلّل وَيرجِع الفضل لنا وَنحنُ نقُول لهُ أنت الّذى دفعتنا لِهذا العمل ، لكِنّهُ بِكُلّ تواضُع يُكافِئنا عَنْ عمل هُوَ عمله فِينا ، وَهُوَ يُعطِى قديسيه كرامات وَيُمّجِدهُمْ وَهُمْ يُمّجِدوه وَيُرجِعُون الفضل إِليه هذا هُوَ مجد العهد الجدِيد الله جعل الوصايا محفُورة فِى قلوبنا لاَ على لوح حجرِى وَ لاَ شفويَّة بل[أجعلُ نَوَامِيسِي فِى أذهانِهمْ وَأَكْتُبُهاَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ] ( عب 8 : 10 ) ،كثيراً فِى العهد القدِيم كانت توجد نواهِى كثيرة لكِنّنا فِى العصر الحدِيث توجد مُتغيّرات كثيرة ، لكِنَّنا نتعامل مَعْ هذِهِ المُتغيّرات بِصُوت الله الموجُود داخِل قلوبنا وَيُرشِدُنا لِلطرِيق الصحِيح [ ناموس الله فِى قلبِى فَلاَ تتعرقل خطواتِى ] ، فتقُول هل نُشاهِد فيديو ، نقُول مُمكِنْ نُشاهِد أفلام قديسين ، وَقَدْ تأتِى هذِهِ الأفلام بِإِنسان لِطرِيق الله ، بينما لَوْ فيلم غير جيِّد قَدْ يُعثر إِذن لاَ يوجد ما يُنهِينِى عَنْ شيء خاطِىء سِوى صُوت الله فِى قلوبنا [ها ملكُوت اللهِ داخِلكُمْ ] ( لو 17 : 21 )إِذن كُلّ ما أصطدِم بِوصيَّة أعرف إِنِّى فِى صِراع بين نَفْسِى وَالمسِيح نحنُ فِى المسِيح لنا إِمكانيات عظِيمة [ أستطِيعُ كُلّ شيءٍ فِى المسِيحِ الّذي يُقوّينِي ] ( فى 4 : 13 )0
كُلّ وصيَّة فِى المسِيح لها صِفات :-
1- إِنَّها مُمكِنة :- إِحذر أنْ تنظُر لِلوصيَّة على إِنَّها نظريات لاَ هى مُمكِنة الفِعل وَالتنفِيذ بِالمسِيح ، لأنّهُ هُوَ قادِر أنْ يوسّع قلوبنا وَيُعطِينا إِمكانيات قويَّة جبَّارة قادِرة على كُلّ شيء 0
2- الوصيَّة بنّاءة :- لَوْ نظرنا لِمجموعة تعِيش مَعْبعضها بِالوصيَّة وَمجموعة تعِيش مَعْ بعضها بِالفِكر البشرِى نجِد أنّ المجموعة الثانية تحدُث بينهُمْ مشاكِل ، بينما المجموعة الأولى يبنُون بعضهُمْ بِبعض وَيعِيشُون فِى أُلفة وَمحبَّة وَسلام وَأمن كُلّ ما الإِنسان يحيا الوصيَّة كُلّ ما يشعُر بِوجوده وَأمنه وَسلامه ، بينما الّذى يعِيش بعِيد عَنْ الله تتضخّم الخطيَّة داخِلهُ وَتتوالد إِذن المسِيح لمّا أعطانا الوصيَّة أعطانا إِمكانيات فِعلها بِهِ هُوَ بِدونه نقِف أمام الوصيَّة عاثِرين مُحبطِين عاجِزين الوصيَّة تُحكِّمْ الإِنسان لِلخلاص وَتُفرِّح العينين وَتُضىء القلب وَتُعطِى سلام وَنِعمة 0
بعض النماذِج عاشوا الوصيَّة :-
1- سمعان الخرّاز:- شاب بسيِط أعثرته عينه فنجِد الوصيَّة فِى ذِهنه أتت على مُستوى [ فَإِنْ كانتْ عينُكَ الْيُمنَى تُعْثِرُكَ فإِقلعها وَألْقِها عَنْك ] ( مت 5 : 29 ) فقلع عينه مَنَ يستطِيع هذا ؟ مُستوى فائِق ، يقُول القدِيسُون رأفة بِحالنا إِقلعُوا عين الشر لكِن سمعان الخرّاز إِنفعل إِنفعال عالِى بِالوصيَّة فعملت فِيهِ بِقوّة لأِنَّها بِالمسِيح يسُوعَ لِذلِك نجِد السيِّد المسِيح يقُول [ لأِنَّ نيرِي هيّنٌ وَحِملِي خفِيفٌ ] ( مت 11 : 30 ) ، جرّب ذلِك القدِيسين كما يقُول الأنبا أنطونيُوس [ إِعلموا يا أولادِى أنّ كُلّ الوصايا ليست ثقيلة وَ لاَ صعبة وَ لاَ مُتعِبة بل نُور حقِيقِى وَسرور أبدِى لِكُلّ مَنْ أكمل طاعتِهِ ] ، لَوْ نظرنا لِلمُكافأة سنطلُب مزِيد مِنْ الوصايا 0
2 – مارِجرجِس:- شاب عِنده غرِيزة وَعِنده جسد وَظروفه وَحالته النَفْسيَّة مُتعبة ، لكِنّهُ عِندما تعرّض لِلخطيَّة رفضها بِقوّة وَسُلطان أولاد الله ، هذِهِ هى قوّة الوصيَّة بِالمسِيح ، وَغلب الخطيَّة فهى نُور لِلعالم مثلاً الصُوم لَوْ عِشنا بِإِمكانيات الله سنفرح بِالصُوم وَقَدْ نرفُض الطعام ،لكِنْ لَوْ عِشناه بِإِمكانيات بشريَّة نجِد أنفُسنا نعِد الساعات وَنحسِبها حتَّى تنتهِى فِترِة الصُوم فننفجِر فِى الطعام كان القدِيس جلاسيُوس موهُوب فِى الرسم وَالخط ، وَكان القدِيسُون يُحِبُّون العمل ، وَكان عمل القدِيس جلاسيُوس كِتابِة المخطوطات ، فكتب الكِتاب المُقدّس بِعهديهِ بِطريقة جمِيلة وَتركهُ فِى الكنِيسة لِلمنفعة ، وَفِى أحد الأيَّام دخل إِنسان لِلكنِيسة فوجد الكِتاب وَأغواه الشيَّطان فسرقهُ وَنزل لِلسُوق لِيبيِعهُ ، وَمرّ إِنسان وَفاصل معهُ وَإِشترى الكِتاب وَكان المُشترِى يُريه لأصدقائه لِيتأكِّد مِنْ سِعره ، فشكِّكوه فِى ثمنه ، فأراد أنْ يأخُذ رأى الرُهبان وَبِالأخص الراهِب جلاسيُوس لأِنّ لهُ دِراية بِالمخطُوطات ، فأخذ الكِتاب وَذهب لِلقدِيس جلاسيُوس وَسألهُ بِكَمْ يُساوِى هذا الكِتاب ؟ فسألهُ القدِيس بِكَمْ أخذتهُ ؟ أجابهُ المُشترِى بِعشرة دِينار ، فأجابهُ القدِيس جيِّد جِدّاً وَعاد المُشترِى وَتقابل مَعْ البائِع وَقال لهُ إِنّ الكِتاب عالِى الثمن وَقَدْ أريتهُ لِلقدِيس جلاسيُوس ، وَلمّا علم البائِع بِذلِك عاد وَإِشتراه مرّة أُخرى بِثمن أعلى ممَّا باعه بِهِ وَأراد أنْ يُعِيده لِلقدِيس لكِنّهُ رفض إِستعادته لولا إِلحاح الرُهبان00مُستوى فائِق لِتنفِيذ الوصيَّة0
أنا إِمكانياتِى محدودة لاَ أستطِيع أنْ أسامِح ، لكِنْ بِالمسِيح أستطِيع نِعمة العهد الجدِيد لابُد أنْ نعرِف أنَّنا ننتظِر نِعمة وَقوَّة مخفيَّة داخِل وصايا العهد الجدِيد متى تكُون الوصيَّة مُفرِحة وَلذِيذة ؟ متى تخرُج النَفْسَ فِى طلب الوصايا الجدِيدة وَتتمتّع بِها ؟ عِندما تتحِد بِالمسِيح [ وَبِإِلهِي تسَوَّرْتُ أسواراً ] ( مز 18 : 29 ) ، أكثر شيء يُسّبِب لنا فرح فِى حياتنا إِتحادنا وَثباتنا فِى المسِيح ، وَكُلّ ما نتراخى عَنْ المسِيح كُلّ ما تثقُل الوصايا أكثر حتَّى أنَّنا نراها كخُرافات لمّا تسمع عَنْ أبو مقَّار عِندما يُتهم بِإِرتكاب خطيَّة مَعْ فتاه وَ لاَ ينفِى التُهمة بل يعمل بِجديَّة كى يُنفِق على الفتاه وَطِفلها كيف تتحمّل النَفْسَ هذا التعيير وَالإِتهام الضخم فَهُوَ إِنسان يعِيش طهارِة الجسد وَالفِكر فكيف يقبل هذا الإِتهام ؟ بِالمسِيح يستطِيع كُلّ شيء وَبدل ما يرفُض الوصيَّة بِذاته يقبلها بِالمسِيح لَوْ ثبتنا فِى المسِيح يصِير الإِنجيِل بِالنسبة لنا سِراج وَدستُور لِماذا الإِنجيِل مُنفصِل اليوم عَنْ حياتنا العمليَّة وَيختفِى مِنْ حياتنا ؟ لأِنّنا فاصلِين أنفُسنا عَنْ المسِيح فِى حِين أنّنا يجِب أنّنا نكُون داخِل الإِنجيِل وَالإِنجيِل داخِلنا محفُور فِى قلوبنا وَأذهاننا ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد
07 فبراير 2025
مائة درس وعظة (٦٣)
الموسيقى في الكتاب المقدس
"لإلهنا يلذ التسبيح"( مز ١:١٤٧)
. الموسيقي هى لغة كل العالم، فالله خلق للإنسان حنجرة التي هى آلة موسيقية طبيعية في جسم الإنسان الحنجرة بها أحبال صوتية تصدر نغمة الصوت، وبها اختلافات كبيرة لدرجة أن هناك نغمة صوت خاصة لكل إنسان كبصمة الأصبع، فلا يوجد تطابق ۱۰۰% بين أي إنسان وأخر.الموسيقى علم له قواعد ونظريات وأسس فن رقيق يعبر عن الشعور والأحاسيس فالطفل يتعرف على امه وهو جنين من صوت نبضات قلبها أو بمعنى أدق موسيقى نبضات قلبها تجربة جميلة مجموعة من الأطفال يلعبون في مكان مضئ وهناك غرفة واحدة غير مضاءة بها موسيقى نبضات قلب الأم فعندما ينقطع النور وجدوا أن الطفل يذهب إلى الغرفة التي بها صوت نبضات القلب التي تذكرهم بوضعهم كأجنة.الإنسان يعبر عن فكره بالكلام ومن عواطفه بالفنون كالموسيقي فهي من أكثر الوسائل المستخدمة عبر تاريخه، وهي ليست علما وفنا فقط بل هى لغة تكتب وتقرأ وتسمع لها حروف في بداية نشأة الانسان استمع لصوت الرياح وأصوات الحيوانات المتعددة، وابتدأ يقلد هذه الأصوات (عصفورة خروف الخ) ومن هنا جاء تطور الموسيقي
أولا، تطور الموسيقى
١- صفارة من الفم
٢- تصفيق كالكشافة
٣- نقر بالأيدي على أي سطح كالطبل
٤- خبط بالرجلين على الأرض كالفرق العسكرية
٥- غناء بعدها ابتدأ يغني ليعبر عن مشاعره وأحاسيسه. ثانيا - انواع الموسيقى
١-الحزن : رتمه بطىء للتعبير عن المشاعر الهادئة
٢-المرح: رتمه سريع مواكب مع هذا الزمن.
٣- الإثارة مثل الأناشيد الوطنية المعدة مثلاً لدخول الحرب.
ثالثا الأسفار الموسيقية
١- سفر المزامير وهو على اسم آلة موسيقية هي المزمار
٢- سفر نشيد الانشاد ويطلق عليه Song of Songs افضل نشید کتبه سليمان الملك الذي الف ١٠٠٥ نشيد.
٣- سفر الرؤيا وهو سفر التسبيح وهو السفر الأخير السماء كلها ممتلئة فرحة بالتسبيح والوجود في السماء.
رابعا انبياء موسيقيون
١-يوبال: هو اول موسيقي واب كل ضارب بالعود والقيثارة من نسل قايين كما جاء في سفر التكوين.
٢- مريم النبية: وهي اخت هارون وموسى، فهي التي رنمت ترنيمة العبور نشيد الخلاص فنجد في خروج ١٥ ترنيمة ترنمها الكنيسة في الهوس الأول. ٣- داود النبي: مرنم إسرائيل الحلو(٢صم١:٢٣)
٤- اساف: وفرقته الموسيقية
خامساء الأدوات الموسيقية
١- الدف: يستخدم حتى الآن وهو من معدن يمثل الشفتين للإنسان
٢- المثلث: معدن تعبير عقيدي عن إيماننا بالثالوث الواحد
٣- العود
٤- المزمار
٥- القيثارة. ٦- الناى
تمتاز كنيستنا بالتسبيح وبعض من موسيقاها من أيام الفراعنة كلحن " غولغوثا" الذي يصلي في يوم الجمعة الكبيرة، وموسيقته جنائزية لحنها طويل هادئ يقال إنها عزفت في جنازة خوفو
سادسا - كلمات الموسيقى
أشهر كلمات الموسيقي في صلواتنا وتسابيحنا هى كلمة "الليلويا" نطقها واحد في كل اللغات وتصلى في أول أو أخر المزمور عندنا مزامير تسمى "مزامير الهليل" من مزمور ۱۱۳ الی ۱۱۸ نرددها في صلواتنا، حتى نصبح إنسان هللويا أي إنسان الفرح
سابعا الموسيقى والإنسان
ماذا تصنع الموسيقى في الإنسان
١- غذاء للروح
٢- شفاء للنفس
٣- ملهمة للفنان
٤- مفككة الاحزان
٥- محركة للشعور
٦-مهدئة للأعصاب
٧- مقوية للعزيمة
٨-مبعدة للهزيمة
٩- علاج للأمراض
١٠- محفزة للحياة السماوية
تامنا - تدريبات روحية
١- صل بفهم صل المزامير بنغم ووعي
٢- احفظ الألحان احفظ بعض الألحان لتكون حاضرة في ذهنك علمها لأولادك في صغرهم ليتذوقوا طعم وروحانية الألحان الكنسية، فتجذبهم عن أي ميل لألحان العالم.
٣- ادرس معانيها كنيستنا بها زخم من الألحان الطويلة والقصيرة والتسابيح المعزية فكلنا نحب ليالي كيهك بتسابيحها ومعانيها، بالرغم من ظروف الجو البارد لكن التسبيح يعزينا، ولنجعل ترانيمنا من كلمات الكتاب المقدس لنتعلم لغة التسبيح لغة السماء.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
06 فبراير 2025
بدعة بيرلوس
بدعة بيرلوس أسقف بصرة سنة 244 م
محتوى بدعة بيرلوس أسقف بصرة
أن السيد المسيح قبل ولادته من العذراء لم يكن له لاهوت متميز، بل أنه كان له لاهوت الأب أى أن المسيح لم يكن له وجود قبل ولادته من مريم، وأنه فى ولادته دخلت وأتحدت بالأنسان النفس الإنسانية التى أصلها من الإله، وأنها بلا شك فائقة كل النفوس البشرية لأنها منبثقة من الطبيعة ألإلهية .
مكان أنتشار هذه البدعة
أنتشرت هذه البدعة ما بين النهرين وبين القبائل العربية التى نقلتها إلى بلاد العرب، فسمع بها أوريجانوس فذهب إلى بلاد العرب (السعودية الآن) ودحض تعاليم بيرلس وفند آراؤه وأنعقد مجمع فى بصرة سنة 244 م وتمكن أوريجانوس من أن يبين خطأ هذا الفكر ولما كان من هذا العلامة من رجاحة فكر وقوة فى الحجة فقد أستطاع أن يرد بيرلس الأسقف إلى الإيمان السليم، وأصبح بعد ذلك صديقاً لأوريجانوس ومن أكبر المدافعين عنه فيما بعد .
وذكر المؤرخ يوسابيوس القيصرى فى عام 244م تحت عنوان ضلالة بيريلوس:
1- أنحرف بيريلوس السابق التحدث عنه كأسقف لبوسترا ببلاد العرب - عن تعاليم الكنيسة، وحاول ادخال آراء غريبة عن الإيمان، فقد تجاسر على القول: أن مخلصنا وربنا لم يكن له وجود سابق بكيفية متميزة، وأنه لم يكن موجوداً من تلقاء ذاته قبل حلوله بين البشر، وانه ليس فيه أى شئ من اللاهوت بذاته، بل لاهوت حلول الآب فيه.
2- وقد تناقش معه أساقفة كثيرون فى هذا الصدد، أما اوريجانوس فإذ دعى مع غيره نزل إليه أولاً للتحدث معه للتأكد من آرائه الحقيقية، وإذ وقف على آرائه وعرف خطأها، وأقنعه بالحجج والبراهين المختلفة، رده إلى العقيدة القويمة، وأعاده إلى أرائه السابقة السليمة.
المزيد
05 فبراير 2025
العمل الجاد
قال الكتاب " ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة " إن الذى يعمل عمل الرب ، يجب أن يكون " أميناً حتى الموت " فالأمانة شرط أساسى للخدمة بهذه الجدية كرز الرسل باسم المسيح ، و كانوا يكرزون " بكل مجاهرة و بلا مانع " و بقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة و نعمة عظيمة كانت على جميعهم " ( أع 4 : 33 ) و نتيجة لهذا العمل الجاد ، الأمين ، المخلص ، انتشر الملكوت أنظر ما يقوله الرب لملاك كنيسة أفسس " أنا عارف أعمالك و تعبك و صبرك ، و قد احتملت ، و لك صبر ، و تعبت من أجل إسمى و لم تكل " ( رؤ 2 )
العمل الجاد يبنى على الإيمان
كلها كان إيمانك بعملك و أهميته و خطورته ، إيماناً حقيقياً كاملاً ،على هذا القدر تكون جديتك فى عملك و الرخاوة فى العمل دليل على عدم الإيمان بأهميته و العمل الجاد يدل على إحساس بالمسئولية تماماً كما كان يعمل يوسف الصديق فى خزنه للحنطة ، شاعراً أن حياة كثيرين تتوقف على أمانته و هكذا فى الخدمة الروحية حياة كثيرين تتوقف على أمانة الخادم إن أهمل فى خدمتهم ضاعوا 0
العمل الجاد عليه رقابة من داخل النفس
رقابة من ضمير الإنسان 0 و من صوت الله فى داخله رقابة من شعوره الحى ، و من غيرته المقدسة إنه يعمل بجدية لأن " الوقت مقصر " و كل دقيقة لها حسابها ، و كل تأخير أو تراخ ، له خطورته
و العمل الجاد هو دائماً عمل ناجح
إنه عمل متقن ، لأن الجدية تتقن العمل و العمل المتقن عمل ناجح و قيل عن الرجل البار " و كل ما يعمله ينجح فيه "
و العمل الجاد ، لا يهدأ حتى يتم
إنه لا يعترف بالتعب ، و لا يطلب راحة و لا يستريح صاحبة حتى يتممه ، و يذوق ثماره مثل لعازر الدمشقى الذى لم بسترح حتى أخذ رفقة زوجة لابن سيده ، و لما أرادوا إراحته أجاب " لا تعوقونى "
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
04 فبراير 2025
تكوين قانون الإيمان
الكنيسة جسد المسيح هي كائن حيّ وُلِدَ يوم الخمسين، وينمو بعمل الروح القدس يومًا فيومًا فالسيّد المسيح لم يترك لنا كتابًا أو نصوصًا معيّنه لنحفظها، ولا سلّم للرسل قانونَ إيمانٍ مُحدَّدًا، بل فقط سلّمهم مبادئ المحبّة والقداسة والعدالة، ودعاهم للثبات فيه لكي يمتلئوا من روحه القدّوس وبتفاعُلهم مع الروح القدس تنمو الكنيسة!أودّ أن أتحدّث في هذا المقال باختصار عن جانب واحد فقط يظهر فيه عمل الروح القدس بالتفاعُل مع آباء الكنيسة، من أجل بلورة قانون الإيمان، الذي يؤمن به الآن كلّ المسيحيّين في العالم في بداية الكنيسة كانت تُستَعمَل صِيَغ إيمانيّة بسيطة يُقرّ بها الشخص جَهرًا أمام بعض الشهود قبل المعموديّة، وهذا ما أشار إليه القديس بولس الرسول في حديثه مع القدّيس تيموثاوس عندما قال له «أَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضًا، وَاعْتَرَفْتَ الاعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ» (1تي6: 12) وهو هنا يُذكّره بإقرار الإيمان الذي جاهر به قبل معموديّته، وكان ذلك يُسمّى "الاعتراف الحسن"، وهو إقرار مختصر بالإيمان بالمسيح ابن الله وعمله الخلاصي ومجيئه الثاني للدينونة وكانت كلّ كنيسة في العالم تضع هذا الإيمان البسيط في صياغة مناسبة لها بإرشاد الروح القدس، فكانت هناك صِيَغ متعدّدة في كلمات قليلة، وتحمل نفس المعانى تقريبًا وظلّ الوضع هكذا حوالي ثلاثمائة سنة..بعد ظهور هرطقة آريوس في أوائل القرن الرابع، ظهرت الحاجة لوضع قانون إيمان موحَّد أكثر تفصيلاً تلتزم به كلّ كنائس العالم وقد تمّ هذا في المجمعَيْن المسكونيّيْن في نيقية عام 325م والقسطنطينيّة عام 381م، فقانون الإيمان الحالي هو نِتَاج هذين المجمعين، لذلّك سُمِّيَ "قانون الإيمان النِيقَوِي القُسطنطيني".ما أودّ التركيز عليه أنّ هذا القانون أخذ وقتًا في بلورته بهذا الشكل وهذا يؤكِّد لنا أنّ الكنيسة كائن حيّ ينمو بقيادة الآباء المستنيرين بالروح القدس، فلا مكان للجمود والتحجُّر فيها أبدًا الذي لا يعرفه الكثيرون أنّ صيغة قانون الإيمان في مجمع نيقية كانت مختصرة جدًّا، والآباء المائة والخمسون في مجمع القسطنطينيّة أضافوا لها الكثير من العبارات التوضيحيّة بين السطور مع الجزء الختامي بكامله بمعنى أنّ نص قانون الإيمان كما نعرفه اليوم استغرق سنوات طويلة وجهدًا فكريًّا كبيرًا من مئات من الآباء الأساقفة بإرشاد الروح القدس لكي يَظهر في شكله الحالي ولأنّنا كلّنا نحفظ قانون الإيمان، فسوف تكتشفون عندما أضع أمامكم نصّ مجمع نيقية حجم الإضافات التي دخلت عليه في القسطنطينيّة ها هو النصّ النيقَوي:"نؤمن بإله واحد، آب ضابط الكلّ، خالق، كلّ ما يُرى وما لا يُرى وبربٍّ واحد يسوع المسيح ابن الله، المولود من الآب، نور من نور، إله حقّ من إله حقّ، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كلّ شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل وتجسّد، وتأنّس، وتألّم وقام في اليوم الثالث كما في الكتب، وصعد إلى السماء، وسيأتي ليدين الأحياء والأموات، وبالروح القدس".من هنا نفهم كيف أنّ الكنيسة كائن حيّ ينمو بالروح القدس العامل في آبائها وقدّيسيها، ولم ولن يتوقّف عن العمل بعد نياحة بعض آبائها، بل هو قادر باستمرار على قيادة أعضاء جسد الكنيسة وتنمية غصونها الجديدة من أجل المزيد من النمو في المحبّة والفكر والروح والشهادة للعالم أجمع!
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو
المزيد
03 فبراير 2025
ادخلوا من الباب الضيق
في تأملنا لوصية الدخول من الباب الضيق، نكتشف أنها وصية مُلزِمة وليست وصية اختيارية، وربنا يسوع المسيح نفسه دخل من الباب الضيق: وُلِد في مكان فقير، وكان محلّ مقاومة من هيرودس. وقوبلت خدمته بحروب واضطهادات، وانتهى الطريق بأن يُسلَّم للموت حسدًا ويحتمل آلام الصليب. والعذراء مريم أيضًا اختبرت الباب الضيق فوُضِعت موضع شك، وبشّرها سمعان أنها سيجوز في نفسها سيف. والآباء الرسل والقديسون والخدام بكل درجاتهم، وكل أبناء الكنيسة المؤمنون، دُعُوا أن يجتازوا اختبار الباب الضيق.
فالباب الضيق هو للكل.. لكل إنسان مسيحي. فالرب يسوع لم يدعنا لحياة مريحة، بل كان وعده لشاول الطرسوسي «لأنّي سأُريهِ كمْ يَنبَغي أنْ يتألَّمَ مِنْ أجلِ اسمي» (أع9: 16). فطبيعة الطريق في حياة اولاد الله هو الباب الضيق.
والإنسان المسيحي يختبر الباب الضيق في عدّة أمور:
1. في حياته الروحية الشخصية وطريق عبادته: فالباب الضيق منهج تنتهجه الكنيسة القبطية، فهي تلتزم بصلوات وأصوام وعبادات تسير فيها بمنهج الباب الضيق لتحفظ أولادها داخل الأبواب. أمّا إن تخلّينا عن منهج الباب الضيق، فسنفقد أولادنا، فنحن نحتاج أن نحافظ على تراثنا القديم لنعيش في روح الإيمان الأصيل، حتى وإن كانت فيه ملامح التضييق على النفس.
2. في محاولة التخلي عن الضعفات الشخصية والشهوات الرديئة: فالحياة المسيحية مرتبطة أيضًا بالجهاد الدائم من أجل النقاوة، وأن يجتهد الإنسان ليعيش مسيحيًا بالحقيقة، وبحسب تعبير الكتاب أن "يحفظ الإنسان نفسه بلا دنس في العالم" (يع1: 27)، وهكذا فعل يوسف العفيف. نعم يتألم الإنسان عندما يجتهد ليحفظ نفسه بلا دنس، ولكنه بعد هذا يستطيع أن يختبر الراحة الحقيقية ويتمتع بمعونة الرب.
3. في التخلي عن الذات: والإنسان المسيحي مدعو لأن يتخلى عن فكره وعن راحته، فقد نفقد أمورًا وبركات كثيرة عندما نكون مرتبطين بذواتنا وراحتنا الشخصية.
4. في خدمتنا لإخوتنا: فكل من يسلك طريق الخدمة لابد أن يكون مستعدًا للدخول من الباب الضيق، فموسى الذي كان حليمًا جدًا كان عليه أن يحتمل تمرد الشعب، وأثناسيوس الرسولي قَبِل أن يكون ضد العالم من أجل حفاظه على الإيمان.
وأنت عندما تُدعى لخدمة وتجد فيها صعوبات، لا تتراجع، بل تذكر أن الله قد دعانا لندخل من الباب الضيق. فعلامة تمسُّك الإنسان بربنا يسوع واقتناعه بالطريق اقتناعًا حقيقيًا، هي قبوله الدخول من الباب الضيق.
لذلك عندما تُصاب بالكسل، أو بالنظر إلى الوراء، عندما تضيق نفسك أو تتعب في الطريق، لا تسمح لهذه المشاعر أن تدخل إلى قلبك، بل تذكر أنك دُعيت للباب الضيق.
نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
02 فبراير 2025
انجيل قداس الأحد الرابع من شهر طوبة
تتضمن البحث في العقاب الزمني للخطاة مرتبة على فصل إنجيل تفتيح عيني المولود من بطن أمه أعمى.
( يو ٩ : ١-٤١ )
بينما كان السيد مجتازا فى الطريق رأى انسانا مولودا من بطن أمه أعمى فسأله تلاميذه قائلين " يا معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى فأجاب يسوع لا هذا أخطأ ولا ابواه لكن لتظهر أعمال الله فيه " إن هذه المسألة عسرة الفهم جدا لأنه إذا كان هذا الإنسان قد ولد من بطن
أمه أعمى فأين ومتى أخطأ؟ أفى البطن وقبل أن يولد ؟إن في هذا عجبا لأنه قبل أن يولد لم يكن في الوجود حتى يقال إنه ولد أعمى قصاصا له على خطيته وبالتالي لم يكن ممكنا أن يخطئ وقول البشير أيضا " أم أبواه " لا يصح صدوره عن الرسل إن لم يكن هناك سبب آخر لأنهم يعرفون الكتاب المقدس القائل إن الله إن هذه المسألة عسرة الفهم جدا لأنه إذا كان هذا الإنسان قد ولد من بطن أمه أعمى فأين ومتى أخطأ ؟ أفى البطن وقبل أن يولد؟ إن في هذا عجباً لأنه قبلى أن يولد لم يكن في الوجود حتى يقال إنه ولد أعمى قصاصاً له على خطيته وبالتالي لم يكن ممكناً أن يخطئ وقول البشير أيضاً " أم أبواه " لا يصلح صدوره عن الرسل إن لم يكن هناك سبب آخر لأنهم يعرفون الكتاب المقدس القائل أن الله لا يعاقب الابن بخطأ أبيه كما يظهر من قول حزقيال النبي " النفس التي تخطئ هي تموت أيكون السبب إذن الذى جعل الرسل أن يلقوا هذا السؤال " من أخطأ هذا أم أبواه " ذلك المثل الدارج بين اليهود : " الآباء أكلوا الحصرم وأسنان الابناء ضرست كلا ليس هذا هو السبب لأن الله قد أثبت بقسم أنهم لا يرون اتمامه بالفعل إذ قال بواسطة حزقيال النبي " حى أنا يقول السيد الرب لا يكون لكم من بعد أن تضربوا هذا المثل في اسرائيل " وإنما السبب في ذلك عقيدة التناسخ التي كانت سائدة بين اليهود في ذلك الحين فظن التلاميذ السائلون وهم من اليهود أن هذا الأعمى كان صحيح العينين عند ولادته الأولى وأخطأ في جسده الأول ولما ولد ثانية عوقب بالعمى ليتطهر من خطاياه السابقة وهذا الظن ألجأهم لأن يسألوا معلمهم قائلين " من أخطأ هذا أم أبواه " فأجابهم بقوله " لا هذا أخطأ ولا أبواه " فأبطل بهذا ظنهم الذى كان قد خامرهم وقوض أركان الرأى الخاطئ الذي كان سائداً بين اليهود وهو عقيدة التناسخ وقد ظهرت أعمال الله في هذا الأعمى بتحويل ظلام عينيه إلى نور بواسطة الطين والتفل وعلى ذكر هذا الإشكال الذى عرض للتلاميذ بخصوص المولود من بطن أمه أعمى نبحث في التجارب وأنواعها فنقول إنها تكون لتمجيد الله كما سمعتم بفصل انجيل هذا اليوم للقصاص المادى الزمني كما حدث للانسان الزاني الذي أمر بولس الرسول بتسليمه للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص النفس يوم الرب يسوع للخلاص من شر الكبرياء كما قال بولس الرســـــول عــــن نفسه أنه أعطى في جسده ملاك الشيطان ليلطمه فسأل الرب من أجله ليفارقه فقال له " تكفيك نعمتى لان قوتي في الضعف تكمل " للتجربة كما حدث لأيوب البار هذه أنواع التجارب ويعترض البعض على وجود أبرار معاقبين وخطاة يرقدون بسلام ونسى أو تناسى أن أحكام الله لجة عظيمة وانها بعيدة عن الفحص والاستقصاء لأن من يقدر أن يعرف أفكار الرب أو من صار له مشيراً نعم يوجد خطاة قد عوقبوا كقايين وفرعون و شاول و آخاب
ونبوخذ نصر وغيرهم كثيرون ويوجد خطاة آخرون عاشوا في سعة ورقدوا وعمرى وغيرهم كثيرون وذلك لأنه لو عاقب الله بسلام كرحبعام وأبيا جميع الخطاة في هذا العالم لصارت الفضيلة أمراً اضطرارياً وخوفاً من العقاب الحسى الزمني وليس حباً في الصلاح ولا لأجل الحظوى بالملكوت الأبدى إذ لا يكون ثواباً للفضيلة وحينئذاك يكون خضوع الإنسان للناموس كخضوع الفرس للجام وتكون الدينونة العامة غير لازمة فيبطل القول بخلود النفس ويعكف الاشرار على شرب كأس الخطية ولا شرب الماء وفى هذا إنكار لعناية الله تعالى وبما أننا نؤمن بعدل الله فمتى شاهدنا بعض الخطاة غير معاقبين في هذا العالم فأنه يجب علينا أن نتأكد بوجود حياة أخرى مستقبلة وأنه سيأتي يوم فيه يعاقب الله الخطاة الذين رقدوا بدون عقاب أما معاقبته للبعض في هذه الدنيا فإنما هو لكي يقمع ذوى الشر والفساد ويرهبهم ولكى يظهر اعتناءه بالبشر وبأعمالهم غير أن البعض ارتأى ان الله يعاقب في هذه الدنيا أولئك الذين قد بغضهم لكثرة خطاياهم ويترك أولئك الذين أخطأوا خطايا صغيرة وهذا الرأى غير صحيح، لأن الكتاب يقول من أجل الخطاة المعاقبين في هذه الدنيا أن " الذي يحبه " الرب يؤدبه وكأب بأبن يسر به " ويقول من أجل الخطاة غير المعاقبين في هذه الدنيا : " لا أعاقب بناتكم لانهن يزنين ولا كناتكم لأنهن يفسقن لأنهم يعتزلون مع الزانيات ويذبحون مع الناذرات الزني وشعب لا يعقل يصرع " فمن هذا ايها الاحباء نعلم أن الله يؤدب ذوى الخطايا الصغيرة لأنه يحبهم ولكي يجذبهم اليه بواسطة التوبة أما ذوى الخطايا الثقيلة فأنه يتركهم ويحفظهم ليوم السوء والأبرار أيضاً قد يطرأ عليهم ما يطرأ على الاشرار فإننا نرى في الكتاب ودانيال مشرفاً من من هو مشرف وموفق في هذه الدنيا ومنهم من هو محتقر ومضطهد ومضطهد. كيوسف مثلا نراه راكباً مركبة ملوكية وأيوب مطروحا على المزبلة وداود جالسا على كرسى الملك و وإرميا ملقى في جب الحمأة نبوخذ نصر وميخا مضروبا من صدقيا فإن قلت ولماذا هذا ؟ أجبتك بأن الله قد جعل بعض الأبرار مشرفين لكى يراهم الناس فيكرموا الفضيلة ويجتهدوا في اقتنائها وجعل البعض الآخر محتقراً ليمتحن شجاعتهم ولكي يضئ نور فضيلتهم في هذا العالم فيتعظم اسمه القدوس كان الله في العهد القديم يعاقب الخاطئ أثر ارتكابه الخطية ومن ذلك أن رجلا قطع حطبا في يوم السبت فأمر بقتله بالحجارة فقتل وكم من الناس لا يجمعون حطبا يوم السبت فقط، بل يصرفون في كل أيام الاعياد في محال الخمور والفجور ومع ذلك لا يرجمون ولا يقتلون إن مريم وهرون تكلما على موسى لاتخاذه أمراة حبشية قائلين " هل كلم الرب موسى وحده ألم يكلمنا نحن أيضاً وفى الحال صارت برصاء وكـــــم من الناس يسعون لضرر غيرهم بالوشاية والنميمة ومع ذلك لا يسهم البرص إن عزة مد يده إلى تابوت الرب فجرح ومات لدى التابوت وكـــــم مــــن المسيحين في هذه الايام يتجاسرون ويمدون أيديهم إلى الاسرار الالهية بدون استحقاق ومع ذلك لا يجرحون ولا يموتون إن كثيرين يحسدون ويطمعون ويكذبون ويفعلون شروراً متنوعة ومع كل ذلك لا يعاقبون كأولئك فلماذا هذا يا ترى ؟
الجواب إن الله جل وعز قد عاقب البشر بأنواع كثيرة على سبيل العبرة والمثال لكي يبين للناس أنه ينتقم من الخطية ويؤدب الخطاة كما يقول الرسول"كلى تعد ومعصية نال مجازاة عادلة " ولاجل هذا تراه في هذه الايام يطيل أناته فلا يؤدب الجميع أثر أرتكاب الخطية في هذه الحياة وذلك حتى تبقى إرادة الانسان حرة فيعمل الفضيلة بالرضاء والاختيار وإلا فالقصاص سوف ينتظره فسبيلنا أيها الأحباء أن نحزن ونذرف الدموع على خطايانا مقدمين فروض التوبة والندامة معترفين حتى بما نظنه صغيراً كالحقد والحسد والنميمة وما أشبه ذلك لنحظى بما وعدنا به ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذى له المجد إلى الابد أمين.
القديس يوحنا ذهبي الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
01 فبراير 2025
مسيح الهزيع الرابع
مِنَ إِنجيل مارِ يوحنا البشير 6 : 16 – 21[ وَلمّا كان المساءُ نزل تلاميذُهُ إِلَى البحرِ فدخلُوا السفينة وَكانوا يذهبُون إِلَى عبرِ البحر إِلَى كفرناحُوم وَكان الظَّلام قَدْ أقبل وَلَمْ يكُنْ يَسُوعُ قَدْ أتى إِليهُمْ وَهاج البحرُ مِنْ ريحٍ عظيمةٍ تهُبُّ فلمّا كانُوا قَدْ جذَّفُوا نحو خمسٍ وَعِشرين أوْ ثلاثين غلوةً نظرُوا يَسُوعَ ماشِياً على البحرِ مُقترِباً مِنَ السَّفينة فخافُوا فقال لهُم أنا هُوَ لاَ تخافُوا فرضُوا أنْ يقبلُوهُ فِى السَّفينةِ وَلِلوقتِ صارت السَّفينةُ إِلَى الأرضِ التّى كانُوا ذاهِبين إِليها ] يُكلّمِنا مارِيوحنا عَنَ مُعجِزة مِنَ مُعجِزات الرّبّ يسُوعَ وَهى أنّ التلاميذ ركبوا سفينة وَكانوا يعبُروُن بحر الجليل لِكى يذهبوا إِلَى كفر ناحُوم ، وَبعد ركوبهُم السفينة هاج البحر وَصارت السفينة مُعذّبة ، وَبدأت الرّياح تُلاطِم السَّفينة وَتُسيّرها حسب إِتجاهها وَليس حسب ما يُريد التلاميذ ، وَبعدوا عَنَ الشاطىء نحو 25 – 30 غلوة فخافوا خُوف عظيم إِبتعدوا 25 – 30 غلوة ، وَالغلوة كانت وحدة قياس فِى زمان الكِتاب وَتُساوِى 200متر ، وَهذا يعنِى أنّ ألـ 25 غلوة = 5000متر ، أىّ 5 كم ، أىّ أنّهم إِبتعدوا عَنَ الشاطىء مِنَ 5 – 6 كم وَهذِهِ مسافة ليست بِقليلة وَالبحر مُضطرِب ،وُكُلّها قلق وَخُوف ، وَليست فِى خط سيرهُم الّذى يُريدوه بعد كُلّ هذِهِ المسافة وَهذا الإِضطراب نظرُوا يسُوعَ ماشياً على البحر[ فلمّا كانُوا قَدْ جذّفُوا نحو خمسٍ وَعشرين أوْ ثلاثين غلوةً نظرُوا يَسُوعَ ماشِياً على البحرِ مُقترِباً مِنَ السفينة فخافُوا فقال لهُمْ أنا هُوَ لاَ تخافُوا فرضُوا أنْ يقبلُوهُ فِى السَّفينةِ وَلِلوقتِ صارت السَّفينة إِلَى الأرض التّى كانُوا ذاهِبين إِليها ] ( يو 6 : 19 – 21 ) ، أىّ عّوض تأخيرهُم ، هذِهِ المُعجِزة وردت فِى إِنجيل متى 24 ، إِنجيل مرقُس 6 مسافِة ألـ 25 – 30 غلوة عبّر عنها القديس مارِمرقُس بِقولِهِ[وَنحو الهزيع الرّابِع مِنَ اللَّيل ] ( مر 6 : 48 ) ، وَهذا صحيح لأنّ الهزيع الأول يبدأ تقريباً حوالِى الساعة 6 مساءاً ، وَالهزيع الثانِى يبدأ حوالِى 9 مساءاً إِلَى 12 مساءاً ، وَالهزيع الثالِث مِنْ 12 – 3 صباحاً ، وَالهزيع الرابِع مِنْ 3 – 6 صباحاً 0
المسيح أتى لِتلاميذه فِى الهزيع الرّابِع لأنّهُم إِذا كانُوا قَدْ جدّفوا حوالِى 5 – 6 كم فإِنّهُم يحتاجون وقت لِهذِهِ المسافة حوالِى 10 ساعات ، فإِذا كانُوا قَدْ ركبوا السفينة حوالِى 6 مساءاً فإِنّ المسيح جاءهُم بعد 10 ساعات أىّ حوالِى 4 صباحاً ، أىّ فِى الهزيع الرّابِع 0
لِماذا أتى المسيح فِى الهزيع الرّابِع ؟ لِماذا أتى بعد جِهاد ؟ لِماذا كُلّ هذا التأخير ؟ هذِهِ علامِة تعزية المسيح للصابِرين ، وَعلامِة معيّة المسيح للمُجاهِدين ،لأنّهُم ظلّوا يُجدِّفُون 10 ساعات ، هُوَ سيأتِى وَإِنْ كان يُبطِىء لِكنّهُ سيأتِى الكنيسة وضعت هذِهِ المُعجِزة فِى صلاة السِتار الخاصّة بالرُهبان ، على أساس أنّ الليل قَدْ أتى وَأنّهُم اليوم كُلّه يُجدِّفُون فإِستحقّوا رؤية ربّ المجد المسيح سيأتِى وَلابُد أنْ يأتِى ، فِى سِفر هُوشع النبِى يقول [خُروجهُ يقينٌ كالفجرِ ] ( هو 6 : 3 ) ، لكِن مِنْ علامات مجيئه التأخير ، فِى مُعجِزة إِقامِة لِعازر قالوا للمسيح [ يا سيِّدُ هُوذا الّذى تُحِبُّهُ مرِيضٌ ] ( يو 11 : 3 ) ، أىّ الآن أفضل مِنْ التأخير وَلكِنّه لَمْ يأتِى ، وَمات لِعازر وَلَمْ يأتِى ، وَمضى على موتِهِ يومين وَثلاث وَفِى اليوم الرابِع أتى لِيُقيمه ، إِشارة للهزيع الرّابِع الله يأتِى للمُجرّبين لكِنّهُ كثيراً ما يتأخّر ، لِماذا تُبطِىء مادُمت ستأتِى ؟ يقول هذِهِ الفِترة علامِة ثبات الإِنسان وَإِنتظاره ، لأنّ مُنتظِروا الرّبّ لاَ يخزُون ، وَ كُلّ ما ينتظِر الإِنسان بِسِكوتٍ خلاص الله كُلّ ما يُعلِن ثبات أكثر ، [ جيِّدٌ أنْ ينتظِر الإِنسانُ وَيتوقَّعَ بِسُكُوتٍ خلاص الرّبّ ] ( مرا 3 : 26 ) وَكأنّ الرّبّ يقصِد بِتأخيرُه أنْ يجعل المُتزعزعِين وَالمُتشككيِن يرجعُون للخلف ما الّذى جعل هُناك خمس عذارى حكيمات وَخمس عذارى جاهِلات ؟ الوقت لأنّ الوكيل قال أنّ سيِّدى يُبطِىء قُدومه فأعلن تراجُعه عَنَ طريقه ، وَهذا إِعلان عَنَ عدم إِستحقاقه لِقُدوم سيِّدهِ ، لِكن إِذا ثبت وَتشدّد وَجاء الوقت عليه يزداد ثبات وَفضيلة لأنّ الرّبّ جعل الوقت لِصالِح بُنياننا 0
لِذلِك تنّبأ فِى المزمور عَنَ هذِهِ المُعجِزة [ أبصرتك المياهُ يا الله أبصرتك المياهُ ففزِعت إِرتعدتْ أيضاً اللُّجُج ] ( مز 77 : 16 ) ، أنت الّذى تُهدّىء المياه ، إِذا كان الإِنسان عِنده إِيمان أنّ المياه تُبصِر الله فتفزع ، فإِنّهُ لاَ يخاف ، كثيراً ما نشعُر أنّ المسيح وَكأنّهُ غائِب عَنَ حياتنا كُلّ غُلوة وَكُلّ تجديف محسُوب لهُم إِكليل وَجِهاد ، عملهُم لَمْ يضع هباء ، فِى الكيمياء يُوضع محلول فِى السحّاحة وَآخر فِى إِناء وَيقُولُون للطلبة أنْ يضعُوا ما فِى السحّاحة على ما فِى الإِناء حتّى يتغيّر لُون محلول الإِناء ، فِى النُقطة التّى يتِم تغيير لُون المحلول تُسّمى end point أىّ نُقطة النهاية ، لكِن ليس معنى هذا أنّ كمية المحلول السابِقة لِنُقطة النهاية لَمْ تُؤثِّر وَ لَمْ تُحسب ، لاَ كُلّ كمية المحلول النازِلة مِنْ السحّاحة لها عمل وَإِنْ كان غير واضِح ، لكِن النُقطة الأساسيّة التّى يُحسب عِندها تغيير اللون هى نُقطة النهاية هكذا كُلّ إِنتظار وَكُلّ لحظِة جِهاد محسوبة كأمانة تشهد لنا ، وَهذِهِ خِطة الله أنْ يختبِر ثبات الإِنسان وَأمانتهُ وَجِهاده ، يختبِر ماذا يفعل الإِنسان وسط العواصِف ، هل يؤمِن أنّ خُروُجه يقين كالفجر ؟؟!!
بعض أحداث الكِتاب تقول أنّ المسيح يأتِى فِى الهزيع الرّابِع بعدما يحسِب الإِنسان كُلّ حساباته وَيخلّص ، لمّا يعلِن الإِنسان كمال عجزه ، إِبحر كما تُريد وَجدِّف كما تُريد لكِن فِى الوقت المُناسِب وَالّذى يختاره الله سيُوصِل سفينتك للميناء ، إِعلان عَنَ قُدرِة الله فِى حادِثة ميلاد إِسحق مِنَ إِبراهيم وَساره ، كان إِبراهيم عُمره 100سنة وَسارة عُمرها 90سنة وَقَدْ إِنقطع لِسارة رجاء أنْ يكون لها أولاد ، وَعِندما تراءى الله لإِبراهيم فِى هيئِة ثلاث رِجال وَقال لهُ [ فقال إِنِى أرجِعُ إِليك نحو زمان الحيوة وَيكُونُ لِسارة إِمرأتك إِبنٌ ]( تك 18 : 10 ) ، تعجّبت سارة لكِن الله تمجّد حتّى أنّ سارة تقول [ وَقالت سارة قَدْ صنع إِلىَّ اللهُ ضِحكاً 0 كُلُّ مِنْ يسمعُ يضحكُ لِى ] ( تك 21 : 6 ) لأنّهُ مُمكِن النّاس تقول عِند سماعهُم بِخبر حبل سارة أنّهُ مرض شيخُوخة أنّها تشعُر أنّها حامِل ، لعلها تخيّلت ذلِك ، إِنّهُ ما لَمْ تفعلهُ فِى شبابِها عملتهُ فِى شيخُوختها ، إِذا كان الله قَدْ أعطاهُم إِسحق فِى شبابِهِم ما كان تمجّد فِى شيخُوختِهِم ، لِماذا يا الله جعلتهُم ينتظِروُن ؟ يقول هذا سر مِنْ أسرارِى فِى حادِثة ذبح إِسحق تدخّل الله فِى الهزيع الرابِع ، بل فِى أخِر ثوانِى مِنَ الهزيع الرّابِع لِكى يُنقِذهُ ، أىّ أنّهُ ذهب للموضِع وَرتّب إِبراهيم الحطب وَربط إِسحق ثُمّ أخذ السّكين لِيذبح إِبنهُ ، عِندئِذٍ ناداهُ الملاك مِنَ السّماء وَقال لهُ أنّهُ علِم أنّهُ خائِف الرّبّ وَأعطاهُ خروُف عِوضاً عَنَ إِسحق ، متى تدخّل ؟ فِى الهزيع الرّابِع ، بل فِى نهايِة الهزيع الرّابِع 0
هل عِندما ننتظِر الرّبّ لِوقتٍ ما يُعتبر هذا الوقت ضائِع ؟ إِحذر أنْ تتمرّد إِذا تأخّر الله عليك وَتكوُن ناقِم ، فإِنّ هذا الوقت لاَ يُحسب تذكية لك بل يحكُم عليك الله ، يحِب أنْ يتشدّد الإِنسان وَيتوقِّع بِسكُوتٍ خلاص الله [ جيِّد أنْ ينتظِر الإِنسانُ وَيتوقَّعَ بِسُكُوتٍ خلاص الرّبّ ] ( مرا 3 : 26 ) ، وَيقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ وَلكِن إِنْ كُنَّا نرجُو ما لسنا ننظُرُهُ فإِنَّنا نتوقَّعُهُ بِالصبرِ ] ( رو 8 : 25 ) ، قَدْ نصِل إِلَى حالِة ضعف إِيمان أنْ نتخيّل كيف ننتظره فلنا أنْ نتوقَّعُهُ بالصبرِ عِندما صارع يعقُوب الرّبّ صارعهُ حتّى طُلُوع الفجر وَقال لهُ[ فقال لاَ أُطلِقُك إِنْ لَمْ تُبارِكنِى ] ( تك 32 : 26 ) ، فإِستحق أنْ يجعل إِسمه إِسرائيل لأنّهُ صارع وَغلب ، صارع حتّى الفجر أىّ حتّى الهزيع الرّابِع ، يقُول أنّ الله لَمْ يقوى عليه فكسر لهُ حُق فخذِهِ ، الله جعل نَفْسَه أضعف لِكى يكُون قدوُمه بِرجاءٍ أعظم ، لأنّ الإِنسان يؤمِن أنّ الله سيأتِى ، الّذى يثبُت هذا سيخلُص وَالّذى يتزعزع هذا لاَ يثبُت كثيراً ما نقُول أنّنا لاَ نجِد تعزية فِى الصلاة وَنشعُر بِفتور ،كما يقُول القديس مارِإِسحق [ أنّ الكلام يكُونُ كالرُصاص ] ، هذا يكُون نتيجة ضعف فِى حياة الإِنسان ، فهل سيثبُت الإِنسان خِلال هذا الضعف أم يتراجع ؟
كثير مِنّا ترك الصلاة نتيجة عدم التعزية ، فنقُول لهُم أنّكُم لَمْ تثبتوا ألـ 25 غلوة ، إِعلموا أنّ كُلّ لحظة تُجاهِدوا فِيها محسوبة لكُم وَليس عليكُم ، وَالنعمة تصنع للإِنسان ترقية إِذا ثبت فِى التجرُبة ، القديس يوحنا الدرجِى يقُول[ أنّ الحياة مَعَ الله كالسُلّم الّذى بِهِ جُزء أُفقِى وَجُزء رأسِى لو لَمْ أثبُت فِى الجُزء الأُفقِى أىّ التجرُبة لن أصِل للجُزء الرأسِى ] ، هكذا قال القديسين[ وراء كُلّ تجرُبة موهِبة ، وَوراء كُلّ تخلِّى إِفتقاد ، وَوراء كُلّ هياج للبحر ظُهُور للرّبّ يَسُوعَ ] متى أعلن الله عمله فى حياة يوسِف الصدّيق ؟ مِنْ المؤكد أنّ يوسٍف قال لله أين الرؤى التّى أعطيتنِى إِياها ؟ يوسِف مِنْ مرحلة لِمرحلة كان يزداد إِنحدار ، لكِن بِتدبير الله جاء لِفرعُون بِحُلم يفزعهُ فيعمل يوسِف بِنعمة ، حتّى أنّ فرعُون قال[ فقال فُرعونُ لِعبيدهِ هل نجِد مثل هذا رجُلاً فِيهِ رُوحُ الله ] ( تك 41 : 38 ) ، رغم أنّهُ جاء مِنَ السجن مُباشرةً ، ماذا حدث ؟ هذا هُوَ الهزيع الرّابِع لِيوسِف ،يقُول فُرعون [ ليس بصِيرٌ وَحكيمٌ مِثلك أنت تكُونُ على بيتِى ]( تك 41 : 39 – 40 ) ، كلام جميل لكِنّهُ جاء بعد الهزيع الرّابِع لِيوسِف ، أىّ بعد جِهاد وَثبات كان مُمكِن لله أنْ يُخرِج شعبه مِنْ مصر بِسُهولة ، ذُلّ الشعب كثيراً فخلّصهُم يا اللهُ بِسُرعة ، يقُول لاَ حتّى أنّ بنِى إِسرائيل تنّهدوا وَصرخُوا ، فنجِد الله يقُول لِمُوسى النبِى [ وَقال الرَّبُّ لِمُوسى لاَ يسمعُ لكُما فرعونُ لِكى تكثُر عجائِبِى فِى أرضِ مِصر ]( خر 11 : 9 ) ، أحياناً الله يُعلِن عمله للأبرار كما أعلن لِمُوسى عَنَ عمله مَعَ فرعُون ، حتّى أنّهُ بعدما ظهرت عجائِب الله فِى مِصر ألحّ المصريُون على بنِى إِسرائيل أنْ يخرُجوا بعدما كانُوا يذِلّوهُم ، ما الّذى حدث ؟
تدبير الله ،الله يُعلِن عجائِبهُ ، وَلكِن بعض النّاس ترى أنّ هذا الإِنتظار ضِدّهُم ،داوُد النبِى يقُول [ملجأً فِى أزمِنةِ الضِّيقِ ] ( مز 9 : 9 ) ، هذا ليس تخلِّى كما نقُول فِى القُدّاس [ لن تترُكنا عنك إِلَى الإِنقضاء وَفِى أخِر الأيّام ظهرت لنا ] ، لهُ وقت مُحدّد سيأتِى فيهِ ، لكِن كُلّ تأخير لإِختبار محبِتنا ، لِتذكية لنا ، تدابير الله بعدما خرج بنِى إِسرائيل مِنَ مِصر تعقّبهُم فرعُون وَلَمْ يشعُروُا بِهِ إِلاّ عِند وصولهُم للبحر الأحمر وَأصبح لاَ مفر أمامهُم ، البحر أمامهُم وَفرعُون خلفهُم ، الله يعمل عِندما يزداد الخطر ، حتّى أنّ إِسرائيل فزعوا وَصرخُوا لله وَقالُوا لهُ أنّهُ أفضل لهُم أنّهُم يخدِموا فرعون فِى مِصر وَيموتوا هُناك مِنْ أنْ يهلكوا فِى البرّيّة ، عِندئِذً تدّخل الله وَشقّ البحر لهُم وَصار الماء لهُم كالسور ثُمّ يدخُلُون البرّيّة
المسيرة مِنْ مِصر لِفلسطين لاَ تتعدّى مِنْ 20 – 30 يوم سيراً على الأقدام ، مسافة ليست صعبة ، فلِماذا ظلّوا فِى التيه 40 سنة ؟ الله يُريد أنْ يصِل بِهُم للهزيع الرّابِع ، لِماذا يترُكهُم الله هذِهِ المسافات مادام سيُعطيهُم أرض الميراث [ وَكان لمّا أطلق فرعون الشَّعبَ أنَّ الله لَمْ يهدِهِمْ فِى طريق أرضِ الفلِسطينييّن مَعَ أنَّها قرِيبةٌ ] ( خر 13 : 17 ) ، لأنّ الله قال لِئلاّ يندم الشعب إِذا رأوا حرباً فيرجعوا لِمصر إِذا كانت المسافة قريبة مُمكِن يرجعوا عنهُ بِبساطة خاصّةً لو الطريق سهل ، لِذلِك أتاههُم وَلَمْ يهديهُم لِفلسطين بِسُرعة ، حتّى إِذا رأوا حرب لاَ يُفكِّروُن فِى الرجُوع لِمصر ، حتّى أنّهُ قال " أنّ الرّبّ قَدْ أغلق عليهُم " ، هذِهِ تدابيره ، مسيحنا مسيح الهزيع الرّابِع ، وَكُلّ هذا التأخير لِتذكية الإِنسان
فِى مثل المرأة التّى تشتكِى خِصمها للقاضِى قائِلةً إِنصفنِى مِنْ خصمِى ، يقُول الكِتاب[ وَكان لاَ يشاءُ إِلَى زمانٍ] ( لو 18 : 4 ) ،هكذا الله فِى حياتنا أحياناً يقُول لَمْ أشاء إِلَى زمانٍ لِيرى هل سنثبُت أمام حرب برّيّة حياتنا أم نتخلّى عَنَ الله ؟ هذا قصد الله مِنَ الهزيع الرّابِع إِنْ كان الأنبا أنطونيوس قَدْ تمرّر مِنْ كثرِة التجارُب وَالآلام حتّى حاربهُ الشيّطان وَصرعهُ ، وَيقُول القديس الأنبا أثناسيوس أنّ عدو الخير فِى أحد المرّات تصارع مَعَ الأنبا أنطونيوس وَتركهُ مطرُوح على الأرض ، عِندئِذٍ رفع عينهُ للسّماء وَكلّمهُ الله قائِلاً [ إِلَى متى تترُكنِى فِى تجارُبِى ؟ وَإِلَى متى لاَ تضع حدّاً لآلامِى ؟ ] عِندئِذٍ تراءى لهُ الله بِنورٍ بهىّ وَقال لهُ [ أنا كُنت معك فِى حربك أُراقِب حربك ، وَلأنّك حاربت وَثابرت وَلَمْ تكِل فسأجعلك نور لِهذِهِ البرّيّة ] ، أىّ أنا معك مُتابِع جِهادك ، لِذلِك أُعطيك وعُود عظيمة ، وَلكِن فِى الهزيع الرّابِع الخلاص نَفْسَه جاء فِى مِلء الزمان أرسل الله إِبنهُ ، تأخّرت كثيراً يارب ، يقُول لا لِهذا الكنيسة تؤمِن أنّ المسيح فِى وسطها وَسيأتِى لِيُجازِى كُلّ واحِد كعملِهِ ، الله وسطنا وَإِنْ كُنّا لاَ نراه لكِنّنا نشعُر بِهِ بِعين الإِيمان ، حتّى أنّ أخِر آية فِى الإِنجيل تقُول [ وَالرُّوحُ وَالعرُوسُ يقُولان تعال وَمَنْ يسمع فليقُل تعال وَمَنْ يعطش فليأتِ وَمَنْ يُرِدْ فليأخُذْ ماءَ حيوةٍ مجّاناً يقُولُ الشاهِدُ بِهذا نعم أنا آتِى سرِيعاً آمين تعال أيُّها الرَّبُّ يَسُوعَ ] ( رؤ 22 : 17 ، 20 ) يمكِن عِندما يطُول الوقت وَتطُول التجرُبة نشتاق لهُ أكثر ، عِندما يحِل الظلام نقُول متى يظهر النّور ، وَبعد مرور ساعة نقُول أنّهُ تأخّر ، لكِن لو صبرنا سنراهُ وَنفرح الله يأتِى فِى حياتنا كومضات حتّى الهزيع الرّابِع لِيرى مَنَ جدّف وَمَنَ ندم وَمَنَ قذف بِنَفْسِهِ فِى البحر ، الّذى يجِدهُ ثابِت يقُول لهُ لاَ تخف لأنّهُ مُنذُ ثبت وَشدّدت يدك للجِهاد وَأنا أُراقِب جِهادك ياليت يقيننا بالله لاَ يتراجع لأنّهُ سيأتِى فِى كُلّ تجرُبة لهُ تدبير ، لكِنّهُ سيأتِى ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد