المقالات

10 فبراير 2024

إنجيل عشية الأحد الأول من شهر أمشير (يو ٦ : ١٥ - ٢١)

" وأَما يَسوعُ فإِذ عَلِمَ أنهُم مُزمِعون أن يأتوا ويَحْتَطِفوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكًا، انصَرَف أَيْضًا إِلَى الجَبَلِ وحده. ولمّا كانَ المساءُ نَزَلَ تلاميدُهُ إِلَى البحرِ، فَدَخَلُوا السفينة وكانوا يَذهَبونَ إِلَى عَبر البحر إلى كفرناحوم. وكانَ الظَّلامُ قد أقبل ، ولم يَكُنْ يَسوعُ قد أتى إليهِمْ. وهاج البحـر مـن ريـح عظيمةٍ تهب. " فَلَمّا كانوا قـد جَدَّفوا نحو خمس وعِشرين أو ثلاثينَ غَلَوَةً، نَظَرُوا يَسُوعَ ماشيًا على البحرِ مُقتَرِبًا مِنَ السَّفِينَةِ، فخافوا. فقالَ لَهُمْ: أنا هو، لا تخافوا. "فرضوا أن يقبلوه في السَّفِينَةِ. وللوقتِ صارَتِ السَّفِينَةُ إِلَى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها ". الشاطئ الآخر: في شهر أمشير تكثر الرياح التي تهب عنيفة، فشهر أمشير معروف لدى كافة أنه شهر الزوابع في كل أنحاء مصر. وإنجيل العشية يُشير إلى الرياح العظيمة التي هبت وهيجت البحر وداهمت سفينة الرسل الأطهار. ولكن المسيح أتاهم ماشيًا على الماء وحين رضوا أن يقبلوه. صارت السفينة إلى الشاطئ الآخر.عمل إعجازي فائق أن تصل هذه السفينة بسلام إلى الشاطئ الآخر حالما دخلها المسيح.الشاطئ الآخر بالنسبة للمسافرين في بحر هذا العالم. الأبدية... والوصول إلى الأبدية... إلى شاطئ الأمان حيث لا اضطراب ولا خوف ولا زوابع ولا ظلام... هو أمنية غالية على نفس الإنسان المسيحي. كل ما يشغل باله هو متى أصل بسلام إلى الشاطئ الآخر؟ مادامت السفينة في وسط الماء، وفي وسط البحر، فهى عرضة لهذه الأهوال وللرياح والأمواج.لا تأمن للبحر إذا صار هادئًا إلى زمان. فهدوء البحر لا يدوم. قد تمر أيام سلام بلا حروب وبلا اضطراب وكأن الحروب الروحية بطلت وكأن الشيطان قد أوقف نشاطه وكأن التجارب صارت بعيدة عنا !! إن كل هذا إلى حين. حينما جرب الشيطان السيد المسيح على جبل التجربة قيل: "فلما أكمل إبليس كل تجربة تركه إلى حين". ثم بعد ذلك عاود مناوشاته وحروبه حتى الصلب. ولما حارب موسى عماليق وكسره . قال: "للرب حرب مع عماليق من دور فدور". عادت الحرب وتعود طالما عماليق الروحي كائن. فإن هدأت مناوشات الجسد وحروبه إلى حين. فهل مات الجسد؟ وإن سكنت الأفكار المضادة والخيالات. فهل بطل الفكر أن يكون ؟ هكذا كان الآباء القديسون يقظون لا يعطون الأمان ولا يسلمون نفوسهم للتعاون بل كان انتباههم ووعيهم في حالة الصحو الدائم. وكانوا يقولون إلى أن تبلغ السفينة الشاطئ الآخر لا يجب أن ينام الملاحون ولا يتهاونوا لحظة لا أمان للبحر لأنه في لحظة تهيج الرياح وتنقلب أحوال البحر الهادئ فيصير صاخباً بالأمواج.جاء العدو المجرّب للقديس أنبا مقار وهو على فراش الموت يقول له: طوباك يا مقاره لقد غلبت" فقال له القديس وهو في يقظة الروح ولو أنه في انحلال الجسد، قال له: "لم أبلغ بعد إلى الشاطئ الآخر". القديس بولس الرسول أيضًا رغم ما صنع به الرب من العجائب ورغم ما تعب وكرز وشفى مرضى وأقام موتى، يقول: "الست أني قد نلت أو صرت كاملاً... ولكنـي أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام نحو جعالة دعوة الله"، والجعالة هى الملكوت ... فإلى أن يصل إلى الشاطئ الآخر يظل يسعى ويمتد ويجاهد... حتى يأخذ إكليله.يُخطئ الذين يمدحون أحدًا وهو في وسط جهاده ولم يصل بعد إلى الشاطئ الآخر لأن كثيرين بعد أن قطعوا شوطًا كبيرًا من السير، انقلبت بهم الأحوال وانقلبوا إلـى سيطرة غير مرضية ولم يصلوا إلى الميناء. وانكسرت سفنهم في وسط البحر. كثيرون من الذين كنت أذكرهم لك أذكرهم الآن باكيًا وهم أعداء صليب المسيح". شيء محزن "ديماس قد تركني لأنه أحب العالم الحاضر". فالعبرة دائما بالنهايات ... حين تصل السفينة إلى الشاطئ الآخر بسلام. كثيرون بدأوا بالروح ولكن أكملوا بالجسد. كنت مرة جالسًا مع أبينا عبد المسيح الحبشي الراهب المتوحد ، فسألني كيف الحال ؟ وكان كلامه للغة العربية وفهمه لها ضعيفًا ، قلت له أشكر الله، ففهم أنني أقول أشكر الله أنني وصلت أو أنني صرت كاملاً، فصار يضربني ويقول، حمد الله إيه؟ إيه شمشون؟ إيه نهاية؟ إيه أبو مقار؟. وكان أبونا بيشوي كامل جالسًا بجواري، وهو يعرفه تمامًا فقال له: أبونا بيقول حمدًا لله أنا خاطئ وضعيف!!. فهدأ الرجل وابتسم.لقد كان القديسون حريصين أن لا يثق الإنسان في شيء طالما هو مازال في الجسد . فهو عرضة للحروب وعرضة للسقوط "من هو قائم فلينظر لئلا يسقط". حتى القائم أي الذي يعيش في المستويات العالية بعيدًا عن الخطايا والأهواء فلينظر لئلا يسقط لأنه لا يوجد من هو فوق مستوى السقوط.فإن كان الإنسان يسهو أو يتغافل فإنه يسقط. آباء وأنبياء أخطأوا في لحظات ضعف أو رياح مفاجئة أو فخاخ الشياطين. فأين نحن من هؤلاء؟.فلنحذر من غدر البحر، وقسوة الرياح وتلاطم الأمواج ولا نأتمن الحياة في الجسد طالما نحن لم نصل إلى الشاطئ الآخر.وليكن معلومًا أن ضمان وصول السفينة إلى الشاطئ الآخر هو المسيح فيها ، فبدونه لا خلاص ولا وصول ليس بأحد غيره الخلاص".ووصول السفينة إلى الشاطئ الآخر هكذا بسلام هو عمله الإعجازي لأن ليس في مقدور أحد - مهما بلغ من خبرة أو فن - أن ينجو من هياج بحر العالم وتلاطم أمواجه. فالخلاص ليس بالقوة ولا بالقدرة البشرية بل بنعمة المسيح وحده وهو الذي يحملنا إلى الأبدية بذراع قوية ويد ممدودة فلنسبحه ونمجده ونزيده علوا. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
24 فبراير 2024

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر أمشير ( يوه : ٣٩ - ٤٧ )

" فتشوا الكُتُبَ لأَنَّكُمْ تظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيها حياةً أبديةً. وهي التي تشهد لي. ولا تُريدون أن تأتوا إليَّ لتكونَ لَكُمْ حَياةُ. مَجِدًا مِنَ الناس لستُ أقبل، ولكني قد عَرَفتُكُمْ أَنْ ليستْ لَكُمْ مَحَبَّةُ الله في أَنفُسِكُمْ. أنا قد أتيتُ باسم أبي ولستُم تقبلونني. إنْ أَتَى آخَرُ بِاسمِ نفسه فذلك تقبلونه. “كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتُمْ تقبلُونَ مَجِدًا بَعضُكُمْ مِنْ بَعضِ، والمَجدُ الذِي مِنَ الْإِلَهِ الواحِدِ لستُم تطلبونَهُ؟ لا تظُنُّوا أنّي أشكوكُمْ إِلَى الآب. يوجد الذي يَشكوكُمْ وهو موسَى، الذي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. لأَنَّكُمْ لو كنتُم تُصَدِّقون موسَى لَكُنتُمْ تُصدقونني، لأنَّـه هــو كتَبَ غني. . فإِنْ كُنتُم لستُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ، فكيف تُصَدِّقُونَ كلامي؟ " . علل عدم الإيمان: ما دار من حديث في الأصحاح الخامس بعد أن شفى المسيح له المجد مريض بركة بيت حسدا في يوم السبت... وقال: "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل، فطلبوا أن يقتلوه ليس لأنه نقض السبت فقط بل قال إن الله أبوه معادلاً نفسه بالله" فأجاب يسوع في حديث مشوق وكشف لهم سر الآب والابن وسر الوحدانية في ذات الله، ولكن من يفهم ومن يؤمن. لقدأضمروا أن يقتلوه فكيف يسمعون كلامه؟. فصل إنجيل العشية هو ختام حديث المسيح له المجد وفيه كشف العلل التي كانت تعمل في قلب الرؤساء معلمي الشعب. ١ - إن كلمة الله لا مكان لها في القلب: فهم يعرفون معرفة العقل وكلام الشفاه. أما القلب فمبتعد عن الله بعيدًا كما قال إشعياء النبي: "هذا الشعب يكرمني بشفتيه". لذلك دلّهم المسيح على الطريق إن أرادوا... قائلاً: "فتشوا الكتب" والمطلوب ليس قراءة الكتب الإلهية، بل أن يتعمق الإنسان القصد الإلهي من المكتوب "لأن كل ما كتب كتب لأجل تعليمنا".إن المعرفة العقلية للكتب المقدسة دون ممارسة حياة التقوى وحياة الفضيلة والسير بحسب الكتب وحفظ الوصايا يغلق على الإنسان باب الخلاص. تفتيش الكتب معناه أن يبحث الإنسان عن حياته الأبدية فيما هو مكتوب تظنون أن لكم فيها حياة أبدية". فيأخذ الإنسان لنفسه كلمة يحيا بها ويخضع لها ويخبئها في كنز قلبه. ليست الكتب الإلهية كتب معرفة عقلية كباقي علوم الدنيا. بل هي كلام الحياة الأبدية إلى من نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك"، لذلك فالكلام يؤكل وجد كلامك فأكلته". كما فعل الرب مع حزقيال وإرميا وباقي الأنبياء الذين أكلوا كلمة الرب فصارت في فمهم كالعسل ولكن مرة في الجوف لأنها مبكتة على الخطايا ومطهرة للضمير. ٢- لا تريدون أن تأتوا لتكون لكم حياة هذه هى العلة الرئيسية التي صدت جماعة اليهود ورؤسائهم عن معرفة المسيح - العناد - لا يريدون. وهذا ما أبكى المسيح على أورشليم وهو منحدر من جبل أحد الشعانين بكى على المدينة وقال: كم مرة الزيتون يوم أردت أن أجمع بنيك ولم تريدوا".إن مريض بركة بيت حسدا الذي صار الكلام كله بسبب شفائه في يوم السبت سأله الرب قائلاً: أتريد أن تبرأ ؟. فإن كانت الإرادة حاضرة فالخلاص يصيـر فـي يـد الإنسان لأن المسيح أكمل الخلاص، لمن يريد، ومن يؤمن، ومن يقبل كل من يسأل يأخذ وكل من يطلب يجد أما إذا رفض الإنسان مشورة الله من جهة نفسه فمن يشفع فيه؟ هم لم يريدوا أن يقبلوا المسيح، والمسيح يحترم حرية الإنسان الذي أبدعها فيه وخلقها كصورته المسيح لا يضطر الإنسان أن يقبله ولا يجبره قسرًا أن هو يريد أن الجميع يخلصون ولا يشاء موت الخاطئ بل يُسر برجوعه إليه ولكن من يتمسك بخطاياه ويرفض يسير وراءه الخلاص ويصر على العناد يخسر ويندم حيث لا ينفع الندم. ٣- كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجدًا بعضكم من بعض هذه العلة خطيرة تُخرج الإنسان خارج دائرة الإيمان: كل من يسعى ويقبل مجدًا من الناس !!.قال الرب بغاية الوضوح واضعًا المنهج الإلهي للحياة الفضلي: "مجدًا من الناس لست أقبل". من يقبل مجد الناس وأجرة من يد الناس فقد حرم نفسه من مجد الله ومجازاة الله.كانوا يصومون ليمدحهم الناس.وكانوا يصلون ليعظمهم الناس.وكانوا يصنعون صدقة ليظهروا أمام الناس.فأغلق قدامهم باب ملكوت المسيح.مجد الناس يُزكي الذات ويضخمها ويعلي الكبرياء والافتخار الباطل، وهذه كلها ضد ملكوت المسيح الوديع متواضع القلب.مسيحنا هو مسيح المذود والصليب والمتكأ الأخير فهو تقبله !! .كبرياء اليهود ومدح أنفسهم أخرجهم خارجًا. "إن أتى آخر باسم نفسه تقبلونه، لقد قبلوا ما هو بشري ورفضوا ما هو إلهي تمركزوا حول الذات البشرية البغيضة فرذلوا الحق بل رذلوا من الحق."لا تظنوا إني أشكوكم إلى الآب".هكذا قال الرب موضحًا أنه أضمر من جهتهم كل حب وكل إرادة صالحة. لقد جاء المسيح مخلصًا للعالم... جاء إلى خاصته..وخاصته لم تقبله.لما رفضته إحدى البلاد قال ابني زبدي: "أتشاء أن نطلب أن تنزل عليهم نار من السماء فقال الرب لستما تعلمان من أي روح أنتما ابن الإنسان لم يأتِ ليهلك بل ليخلص". ما كانت إرادته أن يهلك أحد وحتى ساعة صلبه غفر للذين سمروه والذين صلبوه!!. فهو لا يشكوهم إلى الآب ولا يدينهم على رفضهم إياه ولكن يوجد من يشكوهم.الناموس الذي يعلمونه والكلمة الإلهية التي أؤتمنوا عليها فحفظوها في الخزائن للأجيال ولم يحيوا بها، وموسى كاتب الناموس هو الذي يشكوهم لأنه قال عن المسيح وكتب عن المسيح وقال : إن نبيًا مثلي يقيم لك الرب من إخوتك ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تقطع تلك النفس من شعبها". هذه هي الدينونة علل كثيرة كمنت في داخل نفوسهم فأعمت عيونهم عن النظر ومسامعهم عن قبول الحق . فكان النور الحقيقي أمامهم ولكنهم عميان وكان الحق متجسدًا بينهم ولكنهم لم يفتشوا فيمجدوه. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
14 مارس 2024

بدعة نيقولاوس

النيقولاويون يذهب البعض إلى أنهم أتباع نيقولاوس الأنطاكي أحد الشمامسة السبعة الذين رسمهم الرسل وأن نيقولاوس هذا ضل في الإيمان وخرج عن الكنيسة ولكن مراجع أصحاب هذا الرأي متأخرة ونصوصها مبهمة وغامضة فلا بد والحالة هذه من الاعتراف بأننا لا ندري من هم هؤلاء بالضبط وهناك آخرون يقولون أن الاسم نيقولاوس هو رمز فقط وآخرون يقولون أن اسمهم يعود لشخص اسمه نيقولاوس مجهول الهوية وأسسس هذه البدعة أو الهرطقة شخص أسمه نيقولاوس كان أحد الشمامسة وسننقل ما جاء عنه فى كتاب لمؤرخ فى القرون الأولى للمسيحية تاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م) ص 159-160 1 - وفى هذا الوقت ظهرت الشيعة المسماة بشيعة النيقولاويين ولم تستمر إلا وقتاً قصيراً، وقد ذكرها الإنجيل فى رؤيا يوحنا (1)، وأعضاء هذه البدعة يفتخرون بأن الذى بدء هذا الفكر هو نيقولاوس أحد الشمامسة الذين أقامهم الرسل مع أستفانوس لخدمة الفقراء ويخبرنا عنه أكليمنضس السكندرى فى الكتاب الثالث من مؤلفه المسمى "ستروماتا " (فى هذا المؤلف يحاول أن يثبت بأن الأسفار اليهودية أقدم من أى كتابة يونانية .) 2 - " يقولون أنه كانت له زوجة جميلة، وإذا أتهمة الرسل بالغيرة والحسد بعد صعود المخلص، أخذ زوجته وأوقفها فى وسطهم وسمح لأى واحد أن يتزوج بها، لأنه قال أن هذا كان يتفق مع القول المعروف عنه أن المرء يجب أن يذل جسده، أما الذين أتبعوا هرطقته وقلدوا حماقته وكل ما فعله وقاله إنما أتبعوه كعميان يتبعون أعمى فإرتكبوا الزنى بلا خجل ولا حياء . 3 - ولكنى علمت أن نيقولاوس لم يعرف أمرأة اخرى غير زوجته التى تزوجها، وأن بناته أستمرين فى حالة العذراوية حتى سن الشيخوخة، أما أبنه فلم يتدنس، وإن صح عنه أعنه عندما أحضر زوجته (التى كان غيوراً فى محبتها) وسط الرسل فقد كان واضحاً أنه ينبذ شهوته، وعندما أستخدم تعبير " إذلال الجسد " كان يشهر سيف ضبط النفس فى وجه تلك الملذات التى تقتفى البشرية أثرها بإلحاح، لأننى أعتقد أنه، إتماماً لوصية المخلص .. لم يشأ أن يعبد سيدين .. الشهوة والرب 4 - " ويقال أن متياس أيضاً نادى بنفس التعليم أننا يجب ان نحارب الجسد ونذله، وأن لا نرخى له العنان بملذاته، بل يجب أن نقوى للروح بالإيمان والمعرفة " أما تعليمهم التي استوجب هذه الانذارات الشديدة اللهجة فإنها قد تكون نوع من الانتيمونية. وقد يكون الزنى المشار إليه في هذا الفصل من الرؤيا هو النوع الذي عُبر عنه بالكلمة اليونانية Porneia أي التزاوج بين الأقرباء الذي نهى عنه الناموس.وهم أتباع تيار غنوسي إباحي في جماعة أفسس وبرغامون. وتوجه رؤيا يوحنا الحبيب ما بين السنة 75 والسنة 85 انذاراً إلى ثلاثة من الكنائس السبع التي في آسية إلى تيتيرة وبرغامون وأفسس انذارات بوجوب الابتعاد عن النيقولاويين الذين يتمسكون بتعليم بلعام الذي علّم بالاق أن يلقي معثرة أمام بني اسرائيل "حتى يأكلوا من ذبائح الأوثان ويزنوا". وتأخذ الرؤيا على ملاك كنيسة تيتيرة أنه يدع المرأة ايزابل الزاعمة أنها نبية تعلّم وتضل العباد حتى يزنوا ويأكلوا من ذبائح الأوثان ولا سيما أنها أمهلت مدة لتتوب من زناها فلم ترضَ أن تتوب ولذا فهي تُطرح في فراش واللذين يزنون معها في ضيق شديد أن لم يتوبوا من أعمالهم "ولسائر في تيتيرة من جميع الذين ليس لهم هذا التعليم والذين لم يعرفوا أعماق الشيطان أني لا ألقي عليكم ثقلاً آخر ولكن تمسكوا بما هو عندكم إلى أن آتي" (رؤ2: 14 و18-26) لم تستمر هذه البدعة كثيراً لأنها مخالفة للتعليم المسيحى بشريعة الزوجة الواحدة - ومن نظر لأمرأة ليشتهيها فقد زنى فى قلبه وقد طردوا من الكنيسة وتكلم عنهم الإنجيل بأنهم هرطقة أقوال الاباء عن هذه البدعة أما الأخير في قائمة الرسل فهو نيقولاوس. اسم يوناني معناه "المنتصر علي الشعب"يرى البعض مثل القديسين ايريناؤس وأبيفانيوس أن بدعة النيقولاويين (رؤ 2: 6، 15) تُنسب إلى الشماس نيقولاوس: 1. يقول القديس ايريناؤس [النيقولاويون هم أتباع نيقولا أحد الشمامسة السبع (أع 5: 6)، وهؤلاء يسلكون في الملذات بلا ضابط ويعلمون بأمور مختلفة كإباحة الزنا وأكل المذبوح للأوثان.] 2. يبرئ القديسان إكليمنضس الإسكندرى وأغسطينوس نيقولاوس من البدعة وينسبانها لأتباعه. ويعلل البعض نسبة هذه الهرطقة إليه ترجع إلي تأويل كلماته، فقد قال بأن الذين لهم زوجات كأنه ليس لهم، أي يحيا مع زوجته بالروح ينشغلان بالأكثر بخلاصهما ونموهما الروحي والشهادة لإنجيل الخلاص. لكن بعض أتباعه قاموا بتأويل كلمته، ظانين أنه نادى بأن من له زوجة فليهجرها ويصير كمن بلا زوجة، ويسمح إن تكون مشاعًا. 3. يرى العلامة ترتليان والقديس جيروم أنه لما أختير للشموسية امتنع عن الاتصال بزوجته، وبسبب جمالها عاد إليها. ولما وبَّخوه على ذلك انحرف في البدعة إذ أباح الزنا. جاء رد الفعل في كتابات العلامة ترتليان حيث قال: "كل الأشياء مشترك بيننا فيما عدا زوجتنا" Omnia indiscreta apud nos praeter upores. القديس جيروم: نيقولاوس أحد الشمامسة السبعة، والذي في فسقه لم يعرف الراحة ليلاً أو نهارًا، انغمس في أحلامه الدنسة. 4. يرى آخرون أنه كان يغير على زوجته جدًا بسبب جمالها، فلما ذمَّه البعض بسبب شدة تعلقه بها أراد أن يظهر العكس فأباح لمن يريد أن يأخذها، فسقط في هذه البدعة لا تسقط مسؤليته انحراف نيقولاوس على الرسل القديسين في رسالة وجهها القديس جيروم إلى الشماس سابينيانوس Sabinianus يدعوه إلى التوبة وألا يتكل على أن الذي سامه أنه أسقف قديس: أتوسل إليك أن ترحم نفسك تذكر أن حكم الله سيحل عليك يومًا ما تذكر أي أسقف هذا الذي سامك. لقد أخطأ هذا القديس في اختياره لك، لكنه سيكون بريئًا (ربما لأنه ندم على سيامته)، والله نفسه ندم أنه مسح شاول ملكًا (1 صم 15: 11) وُجد حتى بين الاثنى عشر رسولاً يهوذا خائنًا ووُجد نيقولاوس الأنطاكي شماسًا مثلك (أع 6: 5)، نشر الهرطقة النيقولاوية وكل وسيلة للدنس (رؤ 2: 6، 15) القديس جيروم: يلاحظ أن السبعة يحملون أسماء يونانية، ولعلهم أقيموا لخدمة المتذمرين من اليونانيين بشيء من التعاطف معهم، ولم يكن من بينهم شخص واحد يهودي بالمولد لقد كان الاثنا عشر تلميذًا عبرانيين، لذلك اُختير السبعة من اليونانيين لتحقيق شيء من المساواة والشعور بالتزام الكل بالعمل واضح أن عمل السبعة لم يدم كثيرًا، فقد استشهد استفانوس ثم حدث ضيق شديد على الكنيسة، وتشتت الشعب خارج أورشليم يكرزون بالكلمة، بينما بقي الرسل في أورشليم.
المزيد
04 يناير 2024

أهداف التجسد كما ذكرها أثناسيوس الرسولى

هو الكلمة وحده الذى يليق بطبيعته أن يجدد خلقة كل شيء ، وأن يتحمل الآلام عوضا عن الجميع ، وأن يكون نائباً وشفيعاً عن الجميع لدى الاب . لكي يبطل الناموس الذى كان يقضى بهلاك البشر إذ مات الكل فيه ،ولكي يعيد البشر إلى عدم الفساد ويحييهم من الموت بجسده و بنعمة القيامة . لإمكان تقديم ذبيحة عن الأجساد أخذ الكلمة جسداً مشابهاً ( اشترك هو أيضاً في اللحم والدم لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت أى إبليس ) فبذبيحة جسده وضع جداً لحكم الموت الذي كان قائماً ضدنا" . ليعرفهم شخص الآب السماوى لأن الإنسان بعد سقوطه هوى إلى العبادة الوثنية واتبع السحر والشعوذة . بتجسده جدد الخليفة التي كانت في صوره الله إذا انحط فكر البشر نهائياً إلى الأمور الحسية فقد توارى الكلمة بظهوره في الجسد لكى يستطيع كإنسان أن ينقل البشر الى ذاته ويركز احساساتهم في شخصه أنى ليحمل عنا اللعنة الموضوعة علينا وبموته صار كفارة عن الجميع ونقض حائط السياج المتوسط واذ رفع جسده على خشبة الصليب طهر الهواء من خبث الشيطان .ليحقق النبؤات التى ملأت الكتب الالهية عن ميلاده و آلامه وموته . جاء في شكل بشرى وليس في شكل اسمى لأنه جاء ليخلص ، لا ليبهر الأنظار ويؤثر على الألباب ، ولان الانسان وحده هو الذى أخطأ دون سائر المخلوقات . ( لا يقصد ان نكون الها في الجوهر أو الأقنوم وإنما ان يكون لنا امكانية مشاركته في طبيعة مجده وفرحه وحبه الإلهى المجيد ) . مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب التجسد الإلهى لاهوتيا .روحيا.كنسيا. طقسيا
المزيد
19 مارس 2024

لماذا صام المسيح أربعين يوما ؟

في بداية العهد القديم كان صوم ، وفى بداية العهد الجديد كان صوم أيضا. في الجنة كانت وصية الصوم والامتناع عن شجرة معرفة الخير والشر وفيها سقط آدم كاسراً هذه الوصية ، وبمعصيته طردنا من الفردوس حتى جاء آدم الثاني وصام ليكسر شوكة الموت ويعيدنا إلى الفردوس الذى فقدناه ، وفى هذا يقول اللاهوتى شممان Schmemann " إذا كان الإنسان قد رفض الحياة المقدمة له من الله وفضل الحياة المعتمدة فقط على الخبز فإنه لم يعصى الرب فقط وإنمـا هوفي الحقيقة غير العلاقة الوطيدة التي بينه وبين العالم إن العالم قد قدم له كطعام ، والطعام كان مقوماً أساسياً للحياة ، والحياة قد قصد بها الشركة مع الله ، فلم يكن الطعام هدفاً فى حد ذاته وإنما وسيلة للشركة مع الله الذى فيه الحياة والحياة نور الناس العالم والطعام خلقا كوسائط للشركة مع الله ، فإنهما إذا أخذا من يد الله فإنهما يصبحان وسائط حياة حقيقية ، ولكن الطعام فى حد ذاته ليس فيه حياة ولا يمكنه أن يعطى حياة ، الله وحده هو الحياة سر الحياة إذا ليس في الطعام وإنما في العمل الإلهى الذى فيه ، إن أكلنا من يد الله فإننا نحيا من خلال شركتنا معه ، ولكن مأساة آدم إنه أكل بعيداً عن الله ، أنه آمن بالطعام كما لو كان هدفا فى حد ذاته فأضحى الطعام والعالم إلها له وصار آدم عبدا لهذا الإله قد يدعى الإنسان الجسدى أنه يؤمن بالله، ولكنه لا يستطيع أن يدعى أن الله هو كل حياته ، غذاؤه ووجوده وكيانه ، هذه هى مأساة الإنسان وخطيئته الكبرى أنه لم يجعل الله حياته ، فجاء أدم الثانى ليصلح الفساد الذي ابتليت به حياة آدم ، جاء ليعيد للإنسان الحياة الحقيقية . لهذا بدأ بالصوم وجاع بعد أن صام أربعين يومـا ، عندما أجوع فإني أكشف ما في داخل نفسي.إما إني أخشى الموت جوعا وإما أن أكون مستقرا مكتفياً بما في داخلي . إنه الوقت الذى فيه أواجه السؤال الحتمى ، على ما تعتمد حياتي ؟ لقد جاءت التجربة لأدم الأول ولأدم الثاني ، وكان كل منهما جائعاً ، وقال الشيطان لهما كلاما حتى يجعل حياتهما من الخبز ، آدم الأول وافق على أن يجعل الخبز مصدر حياته ، وآدم الثانى رفض الإغراء وقال " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله " ، إنه رفض الأكذوبة التي خدع بها الشيطان آدم ثم ألقى بها على العالم كله ، وهى لا تزال إلى الآن طابع الحياة الإنسانية في العلم والفن وكافة الأنشطة الصوم عند المسيحيين إذا هو مدخل وإسهام فى خبرة المسيح نفسه التي بها يحررنا من اعتمادنا الكلى على الطعام والمادة و العالم ، إننا لا نزال نحيا في عالم آدم الأول ، ولا نزال نعتمد على الطعام، لهذا عبر الابن الكلمة المتجسد وادى ظل الموت ليعطينا الحياة التي يحياها مع الآب ، حياة المجد والفرح والحب الإلهى ، لقد أعطى الرب بغلبته على الشيطان في البرية قوة نصرته لكل من يؤمن به ، وصار لكل من يحيا بالإيمان بالمسيح قوة الغلبة على شهوة الخبز وتجربة الاعتماد والاتكال على لقمة العيش ، المسيحى يتجرد بالصوم من الحياة حسب الجسد ليحيا حسب الروح ومن ثم يصبح الله كل غذائه وشبعه وحياته إنه الصوم الذي يصنع هذا التحول ، إنه الصوم الذي يعطينا فرصة التأكد من رفضنا الاعتماد على المادة والطعام ويبقيان مجرد وسيلة ومجال لنيل البركة والنعمة الإلهية بالصوم نستعيد طبيعتنا الروحية الحقيقية ونتحدى الأكذوبة والكذاب الذى خدعنا في أن نعتمد على الطعام في حياتنا ونبني على قاعدة لقمة العيش معارفنا وعلومنا ووجودنا كله ، الصوم هو فضح لهذه الأكذوبة ، أنه كشـف للوهم والغش والخداع إنه المعركة الحقيقية ضد الشيطان لأنه تحد لقانونه ومنهجه الذي به يترأس على العالم فإذا صام المؤمن وجاع واكتشف أنه بالحقيقة راض ومستقر رغم هذا الجوع ثم حول هذا الجوع إلى طاقة روحية وانتصار فإن شيئاً لا يبقى من الأكذوبة الكبرى التي سرت من بدء الخليقة حتى الآن ، ولكن يلزمنا أن نشير إلى أنــــــه ليــس كـــل جـــوع هو حالة روحية ، فهناك جوع لأجل إنقاص الوزن، وجوع لأجل الانتحار ، ولكن الجوع في كنيسة الله هو جوع لأجل الله ، من أجل هذا يلزم أن يرتبط الصوم بالصلاة لأجل الانتعاش ، فبدون أن تتغذى نفوسنا على الحق وبدون ارتباطنا بالطاقة الروحية من خلال الصلاة والقراءات الروحية فلا معنــى للصوم إطلاقاً وإذا كان السيد المسيح قد انتصر على الجوع ليعطينا الغلبة على تجربة الخبز فإن الرب وهبنا أيضاً جسده ودمه الأقدسين كخبز سماوى ووعدنا بأن كل من يأكل جسده ويشرب دمه يثبت فيه وينال الحياة الأبدية ، فمن خلال سر الأفخارستيا نتحد بالرب الظافر وننال قوته ونصرته ، وهذا هو سر حرص الكنيسة على أن تجعل صوم أبنائها مقترناً بالتناول حتى تتقدس ذبيحة صومنا في ذبيحة الأفخارستيا وننــال من خلالها قوة ونصرة وشبعاً وضماناً لعدم العودة إلى الخبز كمصدر وعماد للحياة .أى ألا ننتكس ونرتد إلى خطيئة أبينا آدم الأول في الصوم الأربعينى تطلب الكنيسة من أبنائها أن يجاهدوا كمـا جــاهد المسيح في البرية وانتصر ، تطلب منهم أن يجوعوا معه لينتصروا على جوعهم ويصعدوا طاقتهم إلى صعيد روحى ويفضحوا الأكذوبة القائلة إن الإنسان يأكل ليحيا ، ويؤكدوا حقيقة أن الله وحده هو الخبز الحقيقى والحياة الحقيقية، وكل من يأكله يحيا به إلى الأبد. نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب الصوم الكبير لاهوتيا و كنسيا وروحيا
المزيد
04 فبراير 2024

البصيرة الداخلية للمولود أعمى الاحد الرابع من شهر طوبة

الكنيسة النهارده الاحد الرابع من شهر طوبه تقرا علينا انجيل المولود اعمى كلمتين عايزين نقف معهم شويه في المولود اعمى لما نيجي نشوف احنا بالنسبه لنا نستفاد ايه من الانجيل ده؟! وايه هو المولود اعمي بالنسبه لى انا؟ اقول لك حاجتين او حاجات كثيرلكن ناخذ حاجتين صغيرين ان ممكن الواحد فينا يكون بيشوف بس اعمى ايه اكثر حاجتين بيدلوا على ان الشخص اعمى؟ الذى لم يرى خطيتة والذى لم يرى الاحداث المحيطة بية اعمى يعني ايه لما يشوفش خطيتة؟ يعني يبقى الشخص متكبر جدا بس مش عارف مش شايف انانى جدا مغرور جدا بس مش عارف والذى يثبت انة أعمى اكتر مش بس مغرور جدا لا شايف ان الناس مغروره شايف ان الناس هما المتكبرين يعني هو مش شايف خالص يبقى هو كتلة كبرياء كل حاجه بيعملها وبيفكر فيها بيفكر فيها بس محب لنفسه جدا محب للنصيب الاكبر جدا محب للظهور جدا محب لمديح جدا طب هو كل ده فاضل ايه ثاني فاضل ايه ثاني بس كل ده وايه مش شايف مع كامل احترامنا دة كده اعمى ارحمنا يا رب ممكن يكون الواحد أعمى وهو مش واخد باله ؟!! اقولك اة ممكن اللي مايشوفش خطيتة والذى لم يرى انة محب جدا لسيرة الناس محب جدا للمال وشهواني جدا وبيخاصم بسهوله ومخاصم معظم الناس كل دي اخطاء عنده في حياته وسبته فيه بس للاسف مش شايفها اقولك ياساتر يا رب دة يبقى عمى عشان كده مره واحد من القديسين قال ان تبصر خطاياك اعظم من ان تبصر ملائكه بمعنى ان لو شوفت خطيتي احسن ما اشوف ملائكه اصل انا لو شفت ملائكه هتكبرهقول انا بشوف ملائكه لكن لما اشوف خطيتى هيحصل لي ايه هتواضع ايه اكثر حاجه تجعل الشخص تجعل الشخص يبقى اعمى ؟ الذى لم يرى خطيتة يبقى مش حاسس اكتر لحظه ربنا يعطينا فيها نعمه لما الواحد خطيتة تكون قدام عينيه يا رب ارحمني ياااة ماكنتش واخد بالي خذ بالك عشان كده تلاقي دائما الشيطان بيلهينا عن فحص انفسنا دائما بيلهينا عن ان احنا نشوف احنا بنعمل ايه واتصرف دة لية والدوافع بتاعتنا لية وانا بكرة دة لية يمكن عشان احسن منى ؟! اة عشان عايز انا اكون انا احسن واحد اذا انا وانا وانا انا دي دى خطية كبيرة جدا الشخص بيكون مش شايفها خطايا كثير جدا والشخص مش شايفها ومش واخذ باله ممكن واحد يبقى عندة للعالم محبة شديده جدا ومش واخد باله ممكن واحد بيبقى عنده محبه للنصيب الاكبر ممكن واحد يبقى عنده كراهيه للي حواليه ممكن واحد يكون دائما بيجيب في سيره الناس ممكن واحد بيحتكر الفقراء كل دي خطاياة طب عاوزين نفتح طب نعمل ايه نقول له ايه؟! يا رب اكشف عينيا يا رب اجعلني ارى اكثر شي يفرحك شي يعزيك عندما ترى خطيتك ليه هتتواضع وعندما تتواضع ترى اللة معلمنا داود قال كدة قبل ان اتواضع انا تكاسلت تخيلوا وداود ظل سنة كامله والخطيه موجوده واشترك في القتل والخطيه موجوده بس اكنه مش شايفها اللي حصل ده كله مش شايفه يا داود؟!لكن اول ما ربنا ارسل له ناثان وكشف له خطيبته قال له ارحمني يا الله كعظيم رحمتك لك وحدك اخطئت وبعد كده قال صارت لى دموعى خبزا نهارا وليلا يا رب لا تبكتني بغضبك ولا تأدبنى بسخطك ارحمني يا رب فانى ضعيف اشفيني يا رب فان عظامي قد اضربت ونفسي قد انزعجت جدا(عندما تاب) لكن قبل كده كان عادى محتاجين نشوف خطيتنا طب نعمل ايه ،؟!اعدل نفسي شويه افحص نفسى افحص تصرفاتى وافكاري ومشاعري وارادتى اصعب حاجه ان الشخص يعمل خطيه مايشعرش بها او يبررها لنفسه او يشعر انة افضل من غيره يقول لك ما كل الناس بتعمل كده ده انا ارحم من غيرى بكتير كده لسه في مرحله العمى امتى يبصر ،؟عندما يرى الخطايا بتاعته تانى شي الذى لا يرى الاحداث النهاردة بنعيد ع الانبا انطونيوس حدث هز الانبا انطونيوس هزة جامدة جدا حدث وفاه والدة والدة كان رجل غني طويل عريض و صاحب املاك 300 فدان عارفين يعني ايه 300 فدان يعني اللي عنده فدانين ثلاثه ده بيبقى مهم فوالدة دة فى ايامة كانوا بيقولوا عليه ناظر وناس تحاسب وناس تبيع و ناس تشتري حاجه كدة كبيره كده فجاه دخل الانبا انطونيوس لاحظ البيت بتاعهم زحمه في ايه؟! ما حدش عايز يقول له لحد ما مانظر لوالدة جالس على دكة متمدد ميت ا تصدم الطول بالعرض بالصوت والغناء والمراكز والدنيا والممتلكات في لحظه كده كله راح قال لة لو انت كنت عشت كده وانا استمر عايش زيك يبقى المشكله عندي انت قد خرجت من العالم بغير ارادتك اما انا فساخرج منة بارادتى انت تركت كل شي بدون ارادتك وفي لحظه ما بقاش في اى حاجه الاحداث كام مرة احنا ممكن نودع احد من احبائنا؟! طب فى رساله بتوصل بتغير فينا؟! كام مره بنشوف احداث ان في خطر حوالينا طب بنقول مانتمسكش بالدنيا قوي ماهو ربنا قاصد بالاحداث يعلمنا بس فى ناس بتشوف وفى ناس ما بتشوفش نفس الحدث يبقى قدام واحد ونفس الحدث يبقى قدام واحد ثاني واحد يشوف وواحد ما بيشوفش اذا الحكاية حكايه اية حكايه واحد اعمى ولة واحد بيبصر محتاج اشوف محتاج اشوف ايدك يا ربى في المرض و الوباء المنتشر الايام دي اشوف ايدك يا رب انت يا رب اخذت ناس كثير من مختلف الاعمارعاوز تقول لي ايه لازم اشوف ايه اقول ان نهايه كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات زي ما قال معلمنا بطرس اشوف ايه اشوف ايد ربنا اشوف البحر اشوف ايد ربنا اشوف السماء اشوف ايد ربنا اشوف المطر اشوف ايد ربنا اشوف الشمس اشوف الزرع في ناس بتشوف وفي ناس ما بتشوفش لدرجه ان في ناس تقولك كل ده ماشي بالفتره ما فيش الاة ؟!!!مش شايفينوعميان ويبصروا شوف الاحداث!!مااجمل احبائي ان يكون لنا ضمير حي ورؤيه بصيره داخليه زي الانبا انطونيوس شاف والدة قال خلاص اشوف ببصيره داخلية كدة اشوف ناس بيعملوا كذا وكذا اشوف حدث حصل في كذا اشوف الدنيا وهي عماله ناس يحصلها ارتفاع وناس يحلصها انخفاض اشعر ان الحياه دى غير ثابتة غير مضمونه مخدوع الانسان اللي يطمن لهذه الحياه مخدوع لا يوجد اطمئنان الا في المسيح يسوع لا يوجد سلام الا في المسيح يسوع لا يوجد رجاء الا في المسيح يسوع لكن الانسان عشان يتكل على نفسه لا ابدا ولا غناة ولا ايامة ولا قدرته ولا اي حاجه ابدا الذى لا يرى الاحداث ويري المعنى اللي فيها وماذا يريد الله يبقى عينه ضعيفه ما بتشوفش ما بيشوفش عناية ربنا ليه في مختلف المراحل يبقى ما بيشوفش اللي ما بيشوفش احداث ربنا يبعثها على بلاد محيطه يبقى ما بيشوفش ربنا عاوز يقولنا من خلال الاحداث لا سلام الا معايا لا امان الا معايا مثال لناس قدمنا كانوا وكانوا وكانوا ودلوقتي أصبحوا فين ؟! طب مانتعلم ما دة حدث من لغات الله مخاطبه الله للبشر الاحداث ان ربنا يعلمهم بالحدث قال لهم فاكركم الناس اللي وقع عليهم البرج بتاع سلوان وتوفى منة سبعة عشر شخص فكركم الناس اللي ماتت لية هل انتم فكركم انهم كانوا اكثر شرا من الباقي؟ ابدا دة حدث انا عامله لاجل الناس كلها تتوب ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون حدث الناس كلها عارفاة دة مجرد حادثه طب لما احنا نشوف حادثه نقول اية؟ نقول نشكرك يارب لانك ساتر علينا بس ممكن اكون انا فى الحادث دة طب هل انا مستعد هل اتا رباطاتى بالحياه جعلتنى اشعر ان انا عايش للابد ولا انا متعلم الدرس؟ ان دى فترة بتعلم ولا مش بتعلم اللي بيشوف واللى ما بيشوفش في ناس مش عايزه تشوف يفوت عليها الف حدث والعجيب ان ممكن يسمع بانتباة والعجيب ان ممكن يتصعب على الناس بس الكلام ده كله بعيد عنه هولا المفروض ان انا اسمع واقول الموضوع ده مش بعيد عني ابدا ممكن جدا يكون انا بالنسبه لي يحصل معي كده اللى يشوف خطاياة واللى يشوف الاحداث ينظر ربنا في الحدث والخطيه بتعتة كدة عينوا ابتدت تتقتح ربنا يعطينا احبائي عنينا تنفتح مع المولود اعمي يلة نفحص نفسنا ونشوف الخطيه بتاعتنا ونقول يا رب ارحمني محتاجه اتوب محتاجه اوقف يا رب اكشفلى خطايا يا رب وريني مقدار المرض الخبيث اللي جوايا المستخبي الذى يؤدي الى موت ان كان مش باين عشان كده اسمه خبيث يا رب وريني المرض الخبيث اللي جوايا الذى تملك عليا يا رب اجعلنى اتعلم من الاحداث كل يوم بتبعتلى حدث كل يوم كل يوم ربنا بيكلمنا بطرق وأنواع كثيرة بس فى الذى يرى والذى لم يرى ربنا يعطينا بصيرة نرى خطايانا ونراة فى الأحداث ويجعل حياتنا كلها توبة واستعداد يكمل ناقصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولالهنا المجد الابد امين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
07 يناير 2024

كن ولوداو مثمرا

عندما نحتفل بميلاد السيد المسيح فأننا نحتفل بحدث كونى له جوانبه المتعددة سواء كتابيا أو تاريخيا أو جغرافيا أو نبويا أو روحيا أو إنسانيا ... إلخ ولكن المهم أن نعرف أن السيد المسيح هو الذى اختار ظروف ميلاده بعكس أي إنسان في العالم، لأن كل منا ولد من عائلة لم يخترها وفى بلد لم يختره وفي زمن لم يختره وفي ظروف اجتماعية أو ثقافية أو سياسية لم يخترها، لقد كان بإمكان السيد المسيح أن يولد في بلد الفلسفة مثل أثينا أو بلاد السلطة مثل روما، ولكنه اختار فلسطين حيث قرية بسيطة وأناس بسطاء وبيت فقير، كما أنه اختار فتاة فقيرة ليولد منها.وكان وقت ميلاده متزامنا مع حدث الاكتتاب الإحصاء، الذي أصدره أغسطس قيصر لكل الإمبراطورية الرومانية (لوقا ٢-١) وهو بذلك أخذ رقم مواطن أرضى حيث كثيرا ما قال عن نفسه، إنه ابن الإنسان. وفي ذات السياق نجد أن السيد المسيح يحمل اسمين لكل منهما دالته القوية فى حياة كل من يؤمن به الاسم الأول يسوع ويعني مخلصا (متی ۱: ۲۱) وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم. إنه اسم يشير إلى بداية الخلاص من آثار خطية آدم وحواء، أما الاسم الثانى فهو « عمانوئيل (متی ۲۲:۱) هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا، وهذا هو غنى ميلاد وتجسد السيد المسيح، إذ صار حبا فينا نحن البشر يسكن فينا ومعنا في محبة فائقة المعرفة ولكل ما سبق صار حدث الميلاد حدثا غنيا بكل تفاصيله وأحداثه من اللافت للنظر أنه حدث مثمر بمعنى أن كل شخصياته قدمت شيئًا أو على الأدق ولدت ثمرا مفرحا فالقديسة مريم العذراء ولدت السيد المسيح وقد اختارها بحسب تعبير الملاك لأنها الممتلئة نعمة (لو ۱ : ۲۸) ثم جاءت قرية بيت لحم المغمورة وغير المعروفة والصغرى بين جيرانها فقدمت مذودا بسيطا للحيوانات ليكون مكان السيد المسيح ويصير الأشهر عالميا، وكثيرا ما نجد فى أيقونات الميلاد صورة المذود به حيوانات أهمها الثور والحمار كما تقول النبوة في (إشعيا ٣:١٠) الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم، ثم يأتى الرعاة الذين كانوا في البادية يرعون قطعانهم فيقدموا شغفا وفرحا إذ صاروا أول من علم بميلاد المسيح، ومن بلاد بعيدة يأتى المجوس، هؤلاء الحكماء والعلماء والذين تتبعوا نجما في المشرق حتى وصلوا إلى بيت لحم وقدموا هداياهم ذهبا ولبانا ومرا (مت۱۱:۲) حتى الملائكة فى السماء قدموا تسابيح الفرح والبهجة وأنشودتهم الخالدة المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة كل هؤلاء قدموا شيئًا وأثمروا بحياتهم وبعطاياهم على تنوع ما قدموه. والسؤال الآن عزيز القارئ هل أنت ولود في حياتك؟ هل أنت مثمر في أيام عمرك ماذا قدمت في ماضيك؟ وماذا تقدم في حاضرك؟ وماذا ستقدم في مستقبلك؟ سوف أجيب على هذه التساؤلات واستعرض معك كيف تكون ولودا ومثمرًا وحياتك غنية ما تقدمه من خلال أمثلة ونماذج: ١- البعض يلد أبناء وبنات على مستوى الجسد من خلال الزواج المقدس ومن خلال التربية الحكيمة ينشأ أفراد نافعون جدا، فيصير الإنسان مواطنا صالحًا بكل ما تعنيه هذه الكلمة. ومفيدا في المجتمع والكنيسة والعالم كله.فالأب والأم في الأسرة القوية والمستقرة والسعيدة والتي نسميها كيان الحب، تستطيع أن تربى وتعلم ليس علمًا فقط بل أخلاق ومبادئ وقيم وتستطيع أن تغذى المجتمع والوطن بنماذج منيرة وخادمة تعمل على إثراء الحياة الاجتماعية والحياة الإنسانية في شتى المجالات. ٢- والبعض يلد أبناء وبنات على المستوى الإنساني خلال التلمذة الأمينة والمستمرة في الخدمة الاجتماعية المتنوعة هؤلاء الذين يقومون بتسليم الخبرة والمهارة إلى تلاميذ لهم سواء في مجالات الصناعة أو الزراعة أو الاقتصاد. وهذا التسليم الأمين والممتد عبر سنوات وسنوات هو الذي يثرى حياة البشر ويكون سببا فى تقدمهم وتسديد احتياجاتهم على تنوع أشكالها، وعلى المستوى الروحى والكنسى فى مجال التكريس بأنواعه حيث يتتلمذ الإنسان على أبيه الروحى فى تلمذة روحية مستمرة يتسلم فيها الخبرة الروحية والتقوية والتي يمكن أن يفيد بها آخرين وهكذا يلد الإنسان آخرين في سائر المجالات. ٣- والبعض يقدم على مستوى العلوم الاختراعات أو الابتكارات أو الاكتشافات والتي تجعل حياة البشر أكثر سعادة ورفاهية وسلاما كمن يقدم ويكتشف أدوية عديدة تشفى ملايين من البشر مثل الكسندر فلمنج مكتشف البنسلين هؤلاء يلدون من عقولهم واجتهاداتهم الجديد والجديد في كل جيل يعملون من أجل صالح الإنسان إنما كان ومازال قطار العلم والعلماء يمضى في تقديم كل ما هو عظيم ومفيد لحياة البشر وعلاج أمراضهم وتسهيل حياتهم ورفعة مستويات حياتهم. ٤- والبعض يقدم ويلد مواهب متنوعة في شتى المجالات سواء الأدبية أو الثقافية أو الفنية أو الرياضية، وهذه المواهب تصير نجوما في سماء البشرية ويعتز أى مجتمع أنه قدم مواهب فذة مثلما قدمت مصر طه حسين ونجيب محفوظ في مجال الأدب وغيرهم في مجالات الموسيقى والفن والرياضة وأسماء عديدة لامعة ليس في فقط، وإنما في كل العالم. ٥- والبعض يقدم خدمات جليلة للإنسانية لا يمكن أن تنسى ولأن حاجات الإنسان عديدة وخدمة أي إنسان وكل إنسان هي الغاية العظمى لهؤلاء البشر الذي أعطاهم الله هذه الخصوصية في خدمة الآخرين مثل خدام المعاقين وذوى الهمم وخدمة المدمنين وخدمة اليتامى وخدمة المغتربين وخدمة حالات الجنوح بين الفتيان والفتيات وخدمة الأرامل وخدمة المسجونين وخدمة أطفال الشوارع وخدمة الذين ليس لهم أحد أن يخدمهم أو يهتم بهم. ومن الأمثلة الرائعة في زماننا خدمة البروفيسور مجدى يعقوب في مجال طب القلوب والخدمة المدنية الرائعة التي يقدمها مع فريقه النشيط من خلال سلاسل الأمل أنقذت حياة الآلاف من الصغار والكبار، وغيره كثيرون والتي جدا.أنه درس الميلاد الأعظم أن تكون ولودًا ومثمرا وليس عقيما مجدبا، إنسانيتك تحتاج منك أن تلد وتقدم وتثمر في وسط أسرتك أو كنيستك أو مجتمعك أو وطنك أو عالمك الذي تعيش فيه. إننا في هذه المناسبة السعيدة وبداية العام الميلادي الجديد نتقدم بخالص التهنئة لجموع شعب مصر العظيم وفي المقدمة سيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية وكافة المسئولين ومعاونيه، مصلين أن يحفظ الله بلادنا الحبيبة سالمة أمنة وأن تتخطى كل الصعاب والأزمات التي سببتها حروب ونزاعات لا طائل من ورانها ... ونصلي من أجل سلام العالم خاصة في مناطق الصراع والنزاع وليمنح الله فرحا ونعيما لكل من يعيش أمينًا مخلصا لبلاده ووطنه ومجتمعه ودمتم في رعايته السامية. مصر وكل عام وجميعكم بخير. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
02 فبراير 2024

ثبت أساس الكنيسة

لموضوع تأملنا نقرأ من رسالة معلمنا بولس الرسول لأهل أفسس: "لأن بِهِ لَنَا كِلَيْنَا (اليهود والأمم) قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الْآبِ. فَلَسْتُمْ إِذَا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللَّهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنَا اللَّهِ فِي الرُّوحِ" (أف٢: ١٨ -۲٢) الأواشي أي الطلبات في كنيستنا نصلي مجموعة من الأواشي: نصلي أوشية المرضى والراقدين والمسافرين، ونصلي أوشية من أجل رئيس أرضنا أي المسئول المدني على الأرض، ونصلي من أجل الزروع والثمار ونبات الحقل، ومن أجل الهواء، ومياه الأنهار (كنا نصلي من أجل نهر النيل فقط لكن لما انتشرت كنائسنا في العالم صرنا نصلي من أجل الأنهار والأمطار والينابيع)، هذه مجموعة من الأواشي الكبيرة. وهناك أيضًا أواشي من أجل سلام الكنيسة، والبابا والأساقفة والكهنة والشمامسة ومن أجل الاجتماعات. طلبة: "نعم نسألك أيها المسيح إلهنا ثبت أساس الكنيسة هي مجموعة من الطلبات الجميلة المركزة نصليها بعد التقديس في القداس. هذه الطلبات قصيرة تناسب الجميع، ومن الممكن أن تحفظها وتصلي بها في بيتك مع صلواتك الخاصة الأجبية، التسبحة الخ.). ويمكنك أن تقف عند طلبة معينة تهمك في مرحلة خاصة من حياتك وترددها كثيرا.في هذه الطلبات نصلي من أجل المكرسين والمتبتلين، وكذلك نطلب "حياة صالحة للذين في الزيجة. فمثلاً لو كنت تعرف أسرة بها مشكلة يمكنك أن تصلي هذه الطلبة مع ذكر أسماء أفراد الأسرة.وضمن هذه الطلبات نطلب: "نجاحًا للطلبة وعملا للمحتاجين، بسبب نسب البطالة العالية واحتياج البعض إلى عمل فنصلي من أجلهم.نصلي أيضًا من أجل انقسامات الكنيسة. ومن قلبنا نصلي أن تصير الكنيسة واحدة لأن المسيح واحد.نطلب أيضا: "حل تعاظم أهل البدع"، وأهل البدع هم من يخرجون بابتداع في الإيمان والعقيدة مثل أريوس ومقدونيوس ونسطور إلخ. وذكر التعاظم بالتحديد هو لأن الصفة السائدة لأهل البدع هي الكبرياء، فالمبتدع لا يسمع لأحد، لأنه يظن في نفسه أنه يملك كل العلم، وتكون النتيجة أنه يُعثر كثيرين هي طلبات متعددة وسوف نركز هنا على الطلبة الأولى منها: نعم نسألك أيها المسيح إلهنا ثبت أساس الكنيسة ما المقصود بالكنيسة؟ ليس المقصود هو مبنى الكنيسة إنما المقصود ١- الهيكل أي الفرد بحسب تعبير معلمنا بولس الرسول: "أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللَّهِ، وَرُوحُ اللَّهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟" ( ١ كو : (١٦)، فكل فرد هو هيكل الله، أي جزء من الكنيسة. ٢- الأسرة أو الكنيسة التي في بيتك: لأن كل بيت من بيوتنا هو كنيسة ترفع فيه الصلوات الفردية لكل فرد من الأسرة) والجماعية (أثناء تجمع الأسرة). ٣- الكنيسة التي تنتمي إليها من الأمور الجميلة في حياتنا كأقباط داخل مصر وخارجها إننا حينما نتقابل نسأل بعضنا البعض: "بتروح كنيسة إيه؟" فالانتمانية الكنسية تعبير مهم جدا عندنا. ما المقصود بالأساس؟ الأساس هو الجزء الرئيسي في المكان. فحينما أقول "ثبت أساس الكنيسة" أقصد اجعل كنيستي القبطية ثابتة ولها أساس قوي كما سنشرح حدث صراع على من هم لبولس ومن هم لأبولس وصار هناك ،حزبان، فقال لهم معلمنا بولس الرسول: "فَإِنَّنَا نَحْنُ (بولس وأبولس) عَامِلَانِ مَعَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ فَلَاحَةُ اللَّهِ، بِنَاءُ اللَّهِ (كل منا بناء) حَسَبٍ نِعْمَةِ اللَّهِ الْمُعْطَاةِ فِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاسًا، وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلَكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ. فَإِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ الَّذِي هُوَ يَسُوع المَسِيحُ (۱ کو ۳ :۹ - ١١) إذن الأساس هو المسيح. وفي مصر الذي وضع أساس الإيمان بالمسيح هو القديس مار مرقس الرسول الذي استشهد في أراضي مدينة الإسكندرية. وعلى هذا الأساس الذي وضعه بدأ كل جيل يبني، واليوم هذا البناء يرتفع إلى عشرين قرنا من الزمان. لذلك فإن القديس مار مرقس له مكانة خاصة عندنا، فنحتفل بأعياده، ونعمل القداسات والتماجيد، ونسمي كنائس باسمه ونسمي أولادنا على اسمه إلخ. ما هو المقصود بالثبات؟ الثبات صفة جيدة، والإنسان الثابت في حياته ومبادئه وتصرفاته يمتدح، أما المتغير والمتلون فهو غير مقبول.ثلاثة معاني رئيسية للثبات: ١- ثبت الخلاص في القلوب: أي ثبت خلاص المسيح الذي تممه من ألفي عام في قلوبنا نانوا انكم ولوا قلوبكم، لأن مجيء الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَا (يع ٨:٥).نحن في زمن تخرج فيه كل يوم موضة جديدة، وتتزايد الخطايا وتنتشر ، بل أحيانا تصدر من أماكن علمية عالمية لها وضعها ولها صوت في العالم، فتخرج الخطية مغلفة بغلاف علمي لكن المسيح جاء من أجل الصليب ومن أجل خلاص الإنسان. فهل أنت تشعر وتعرف قيمة الخلاص الذي قدمه المسيح على الصليب مرة واحدة من أجلك؟ هل تعلم إنه لولا خلاص المسيح لما كان لك مكان في السماء؟ هل تعرف أن مفتاح السماء هو من خلال صليب المسيح؟ هل هذه الحقائق داخلك؟. في أيام نوح، عمل الفلك خلاصا نجى به ثمانية أنفس، وكل العالم انتهى. أما فلك خلاصنا نحن فهو المسيح حيث نحتمي، كما تقول عروس النشيد: خت ظله (ظل الصليب) اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة الخلقي (نش ٣:٢)هل تتأمل في الصليب كل يوم وفيما صنعه المسيح من أجلك؟ هل تنظر إلى المسيح الذي يقول: تعالوا إلى يا جَمِيعَ المُتعبين والتقيلي الأحمال وأنا أريحُكُمْ (مت ۱۱: ۲۸)، أم أن المسيح تاه وسط زحام الحياة، ولا تتذكره إلا داخل الكنيسة؟ حينما تقول طلبة "ثبت أساس الكنيسة" قل: يارب ثبت خلاصك في قلبي اجعلني أشعر بحضورك، وبيدك الممدودة، وبالصليب الذي قدمت عليه نفسك ذبيحة من أجل خطايانا. ففي نهاية كل قداس يقول الكاهن في نهاية الاعتراف: "يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه". هذه النعمة الكبيرة التي نحن مقيمون فيها نعمة وجود الصليب الذي يفتح أمامنا الطريق، ويكون خلاص المسيح هو الصورة الجميلة التي نتمتع بها هي كل يوم. ٢- ثبت الاستنارة في العقول: مشكلة الإنسان في هذا الزمان هو ظلام العقل.. كثيرون عقلهم مظلم لا يرى إلا الدنس والخطية، ويعيش في التراب. أما نحن فنطلب من الله أن يجعل عقلنا مستنيرا في قطع صلاة الساعة الثالثة نقول: "أيها الملك السمائي المعزي روح الحق الحاضر في كل مكان المالئ الكل كنز الصالحات ومعطي الحياة، هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس أيها الصالح". من أين نحصل على الاستنارة؟ أولاً: الاستنارة تبدأ في سر المعمودية. ومن الأمور الرائعة في كنيستنا إنها تحرص أن يتم سر المعمودية والطفل عمره أيام، لكي يولد الإنسان من فوق بالماء والروح، لأن هذا ما سيعطيه استنارة العقل.يقول كليمندس السكندري: "إذ نعتمد نستنير".ويقول القديس باسيليوس: "المعمودية ثوب منير"، والقديس ديونيسيوس يقول: "المعمودية لها مفعولان التطهير والاستنارة". ثانيا: الاستنارة تأتي من الكتاب المقدس المفتوح على الدوام. كما قال ربنا يسوع المسيح: "الكَلامِ الَّذِي أَكَلِّمُكُمْ به هو روح وحياة (يو ٦: ٦٣). قربك من إنجيلك الشخصي المفتوح باستمرار يعطيك استنارة. إذا ابتعدت عن الإنجيل فإن عقلك يصير مظلما، وأحكامك خاطئة، وأفكارك غير سليمة، مشورتك غير صحيحة أنت تحتاج هذه الاستنارة لتتمكن من فهم الحياة وأيضا الكتاب المقدس تتفرع منه الصلوات والتسابيح إلخ. ثالثًا: الاستنارة تأتي من ممارسة باقي الأسرار مثل سر التوبة وسر التناول. إن الممارسات الكنسية ليست مجرد ممارسات تطيب خاطرنا وتطمئنا بعض الوقت. أبدًا إن دوام استمرارك في الحياة الروحية هو الذي يعطيك استنارة، والأسرار تساعدك من أجل استنارة حياتك. حرب التشكيك في المسيحية في هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك من يشكك في المسيحية باستهزاء وباستفزاز لابد أن تعرف أن مسيحيتك بدأت من ألفي عام وأن تعرف أنه لا يوجد سؤال في المسيحية ليست له إجابة، حتى إن كنت أنت لا تعرف الإجابة لكن هناك إجابة. لقد ظهرت في تاريخ المسيحية هرطقات كثيرة كلها انتهت في التراب.يجب أن تعرف أن عدو الخير يستخدم بعض الأشرار الذين يدخلون للإنسان من باب التشكيك فعدو الخير ليس له إلا حربين حرب اليأس وحرب التشكيك. وحرب الشك تزيد ويطرح سؤالاً ليشكك السامع.. قل له أنت لا تعرف شيئًا ولا تكن مثل الريش في مهب الريح بل كن منتبها. كن قويًا واعرف أن إيمانك الذي تعيش فيه اليوم هو هو منذ أن تسلمته الكنيسة من ألفي عام إنه إيمان ثابت وقوي، وإيمان له أساس. لكن أيضا لا تكن مهملاً في حق نفسك: اقرأ، اعرف ،اسأل افهم اكتب فمن عنده فراغ تلهو به الأفكار أما من هو ثابت فلا يلهو به أحد. اطلب ثبت أساس الكنيسة، وثبت الاستنارة في العقول ولا تنسى أن الروح القدس أي بعشار متى الرسول وصيره تلميذا للمسيح، وبصياد محدود المعرفة بطرس الرسول) وجعله ينطق بالإلهيات، وبمضطهد للكنيسة (بولس الرسول) وحوله إلى كارز و عملاق و شهید من عدة سنوات قدمت كنيستنا على مرأى من العالم كله، ۲۱ شهيدًا في ليبيا. كانوا شبابا من قرية صغيرة جدًا في صعيد مصر، وإمكانياتهم محدودة للغاية، لكن إيمانهم كان قويا وباستشهادهم ثبتوا إيمان الملايين.وفي زيارتي الأخيرة للفاتيكان (مايو (۲۰۲۳م)،أخذنا كهدية منا للكنيسة الكاثوليكية، قطعة صغيرة من كل سترة من ملابس إعدام هؤلاء الشباب الحمراء الملطخة بدمائهم. وكم كان بابا روما في غاية التأثر، وللوقت أمر بوضع سيرتهم في سنكسار الكنيسة الكاثوليكية الذي تتم قراءته في العالم كله وسألونا على اليوم، فقلنا لهم إننا اخترنا يوم ١٥ فبراير من كل عام وأطلقنا عليه "عيد الشهداء المعاصرين وهو عيد استشهادهم فكتبوا سيرتهم في سنكسارهم يوم ١٥ فبراير، فصار هذا عيد يحتفل به في كل العالم. ومن شدة تأثر البابا فرانسيس بابا روما قال إنه سوف يعمل مذبحًا في الفاتيكان باسم شهداء الأقباط في ليبيا.إن الاستنارة تثبت في عقلك بعمل الروح القدس الذي يستطيع أن يحول كل شيء. أما الأشخاص الذين يسببون بلبلة العقول فنصلي من أجلهم، ونثق أن الروح القدس سوف يصطادهم ويحولهم ويصيرهم شهودًا للمسيح. ٣- ثبت اشتياقنا للسماء : من الأمور الجميلة في كنيستنا أننا نتجه للشرق في الصلاة وحتى في جلوسنا في الكنيسة. يقول الشماس وقت القداس "وإلى الشرق انظروا"، لأن الشرق هو موطن النور وموطن مجئ السيد المسيح.يا ترى هل شوقك للسماء موجود؟ أم إنه باهت؟ أم إنك مشغول بأمور كثيرة؟إن أحد أسباب قوة الإنسان المسيحي هو اشتياقه الدائم للسماء، ونظرته الدائمة للسماء. ولذلك في کنیستنا صلوات نسميها مجمع القديسين (في القداس والتسبحة) وكأننا نقوم برحلة للمواطنين الموجودين في السماء (العذراء مريم، وآباءنا الرسل، ومار مرقس، والشهداء، والقديسين والنساك، والخدام). كان الغني الغبي مشغولاً، ولم يكن عنده اشتياق للسماء: "قَالَ: أَعْمَلُ هَذَا أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أعظم وأجمع هناك جميع غلاتِي وَخَيْرَاتِي وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةً لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ إِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي فَقَالَ لَهُ الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك، فهذه التي اعددتها لمن تكون (لو ١٨:١٢-٢٠) نحن حينما نردد صلاة: "أبانا الذي في السموات" فإننا نخاطب أبانا الذي في السموات، ونجعل فكرنا في السموات.هل عندك حنين للأبدية؟ أم إنك مشغول بالأرض والحاضر والمستقبل والمال وحتى بالخدمة لابد أن مكانك في السماء يكون موضع انشغالك ويكون حاضرًا أمامك في كل حين ولا تظن أن السماء رخيصة لا، السماء غالية وتحتاج ثمنًا عاليا تحتاج إيمانا غاليا وتعبا روحيا غاليا وإصرارًا. ونحن حتى في المثل العامي نقول: "الغالي ثمنه فيه" كل يوم في القداس نشتاق للأبدية وللسماء وكل يوم عمرنا يزداد فنقترب من السماء والأبدية. نطلب ثبت أساس الكنيسة وثبت اشتياقنا للسماويات، لأن الكنيسة هي المكان الذي نقدر أن نعيش فيه ونفهم السماء التي نحن مدعوون إليها ونصلي بما ورد في نهاية الكتاب المقدس: "آمين. تعالَ أَيُّهَا الرب يسوع (رو ۲۰:۲۲). الخلاصة: "ثبت أساس الكنيسة" هي الطلبة الأولى: ثبت أساس كل فرد ثبت أساس كل أسرة، ثبت أساس الكنيسة التي نخدم فيها، ثبت أساسنا وعقيدتنا وإيماننا وتراثنا وحياتنا. لا تنسى أن كنيستنا القبطية هي الكنيسة الوحيدة التي زارتها العائلة المقدسة ببركة خاصة لأهل مصر لا تنسى أن كنيستنا قدمت أعدادًا كبيرة من الشهداء والنساك والمعلمين لا تنسى تاريخ كنيستنا المجيد، وتراثنا الغني من أيقونات وموسيقى وألحان ولغة القبطية وطقوس. لا تنسى أن الرهبنة نشأت في حضن الكنيسة القبطية وانتشرت منها للعالم كله كنيستنا غنية ومرتفعة بارتفاع عشرين قرنا من الزمان ولها أساس قوي وحجر زاويتها هو ربنا يسوع المسيح. إنها كنيسة قوية وعلية ولامعة.لنعش ونتمتع جميعًا بكنيستنا التي لها هذا الأساس القوي مبنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نفسة حجر الزاوية الَّذِي فِيهِ كُل الْبِناءِ مركبا معا، ينمو هيكلا مقدسًا فِي الرَّبِّ الَّذِي فِيهِ أنتم أيضا مبنيون معا، مسكنا لله في الروح" (آف٢٠:٢-٢٢).نعمة الله تكون معنا والمجد الله دائما أبديًا أمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
26 فبراير 2024

اليوم الاول من صوم يونان (مت 12 : 35 – 45)

"الانسان الصالح من الكنز الصالح في القلب يخرج الصالحات و الانسان الشرير من الكنز الشرير يخرج الشرور و لكن اقول لكم ان كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساب يوم الدين لانك بكلامك تتبرر و بكلامك تدان حينئذ اجاب قوم من الكتبة و الفريسيين قائلين يا معلم نريد ان نرى منك اية فاجاب و قال لهم جيل شرير و فاسق يطلب اية و لا تعطى له اية الا اية يونان النبي لانه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة ايام و ثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الارض ثلاثة ايام و ثلاث ليال رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل و يدينونه لانهم تابوا بمناداة يونان و هوذا اعظم من يونان ههنا ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل و تدينه لانها اتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان و هوذا اعظم من سليمان ههنا اذا خرج الروح النجس من الانسان يجتاز في اماكن ليس فيها ماء يطلب راحة و لا يجد ثم يقول ارجع الى بيتي الذي خرجت منه فياتي و يجده فارغا مكنوسا مزينا ثم يذهب و ياخذ معه سبعة ارواح اخر اشر منه فتدخل و تسكن هناك فتصير اواخر ذلك الانسان اشر من اوائله هكذا يكون ايضا لهذا الجيل الشرير" يونان ونينوى ونحن ليس عبثاً وضعت الكنيسة هذا الصوم المبارك في هذا الوقت بالذات، فترتيب الكنيسة دائماً مُلهَم. تعلمون أننا قادمون على الصوم الأربعيني المقدَّس. والكلام هنا مركَّز وموجَّه. فكلمة "الأربعيني" ذات أهمية خاصة. ذلك لأننا قادمون على موت يجوزه المسيح عن البشرية كلها، أو هو استبدال موت بهلاك، ذلك لأن البشرية كلها كانت في حالة هلاك أو مشرفة على هلاك وإبادة لا تقل عن إبادة الطوفان(2)، وذلك بسبب تعاظم سلطان الخطية وهذا ما حدا بالابن المبارك أن يترك مجده ويلبس بشريتنا ويتألَّم لكي ينقذ البشرية. لقد قدَّم نفسه للموت عوضاً عن هلاك البشرية ثم قام، فصار موته وقيامته مصدر خلاص وتوبة لا تنتهي. صار آية لكل مَنْ يريد أن يرث - لا أن يرى الإنسان بعد آية - بل يرث السماء نفسها. فهذا هو موت المسيح وقيامته. وهذا هو الصوم الأربعيني الذي صامه الرب عن البشرية كلها، ليوفِّي عنها كل نقص في نسك أو في صوم والكنسيون منكم يتذكَّرون أننا لازلنا نردِّد ألحان عيد الظهور الإلهي، أي التعميد الذي لا يتم حسب الطقس إلا بالتغطيس الكامل تحت سطح الماء(3)، أي في عمق المياه - أو بتعبير قصة يونان - نزل إلى بطن الماء. لذلك لما خرج المسيح من الماء اعتُبر ذلك مسحة خَدَم بها، تلك التي تقدَّم بها للدخول في صوم الأربعين يوماً، ثم إذا تجاوزنا الزمان أو التـزمنا بالطقس الكنسي ندخل مباشرة في أسبوع الآلام ثم الموت فالقيامة وهكذا يأتي صوم يونان قبل الأربعين المقدَّسة حاملاً معاني ورموزاً كثيرة ما بين الغطاس والموت على الصليب!! نعود إلى يونان. ونسأل: مَنْ هذا المدعو يونان؟ إنسان نبي، من العبرانيين، أتاه صوت الرب هكذا «وصار قول الرب إلى يونان بن أمتاي قائلاً: قُم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة » (يون 1: 1 و2)فقام يونان، يقول الكتاب إنه "قام وهرب" إلى ترشيش من وجه الرب، وذهب وهاج البحر السفر لم يوضِّح أكثر من هذا، وطبعاً إن أي عدم توضيح في الأسفار أو الإنجيل ليس معناه قصوراً أو خللاً في التدوين ولا حتى سهواً، ولكنه فسحة للفكر العمق وللنفس المتأمِّلة، لتستوعب الأشياء التي لا يمكن أن تُكتب في سطور. وأتمنَّى أن يكون هذا الكلام له صدى عند السامع، لأن كثيرين يشتكون من غموض بعض المواضع في العهد القديم؛ بل وفي الإنجيل أيضاً. صوت الرب يقول ليونان: اذهب وبشِّرها لأن شرَّها صعد أمامي. فهرب ونزل في بطن الماء وبقي فيه ثلاثة أيام، وبالتعبير الكتابي، المسيح نـزل إلى الهاوية ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ. ويونان نـزل إلى العمق، في بطن الحوت، ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، وبتعبيره هو قال: «صرختُ من جوف الهاوية» (يون 2: 2)، وهكذا يبدو سفر يونان تطبيقاً ورؤيويًّا، وكل سطر وكلمة فيه تشير إلى المسيح بصورة قويَّة جداً. وهنا يمكن اعتبار يونان بمثابة يوحنا المعمدان في العهد الجديد الصارخ ليعد طريق الرب يونان رمز حيٌّ بشخصه، يمثِّل المسيح. عماد المسيح دفع به إلى الأربعين المقدَّسة، والأربعين إلى الصليب ثم القيامة. تماماً كما نـزل يونان الماء ثم ذهب لنينوى كارزاً لها بالتوبة قائلاً لها: إن المدينة ستهلك بعد أربعين يوماً - كأنما هنا إشارة خفية أن الأربعين يوماً هذه مهمة في تحديدات الله - وكأنها وفاء أقصى مدة محدَّدة للهلاك(4). لكن الرب وفَّاها وقضاها في صومه الأربعيني عن البشرية كلها أما هروب يونان، فكأنه يستصعب الدعوة، لكنه بعد أن نـزل في الماء وظلَّ فيها ثلاثة أيام حدث له شيء ما. لأنه بعد ما ألقاه الحوت على الشاطئ، قال له الرب مرَّة ثانية بنفس الألفاظ الأُولى: «قُم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة ونادِ لها بالمناداة التي أنا مُكلِّمُكَ بها» (يون 3: 2)، فانصاع يونان وكأنما تجدَّد فكره بعد أن اعتمد لنينوى ثلاثة أيام في العُمق!! هنا شيء سرِّي حدث. وكأنما النـزول في الماء - معمودية يونان - هو اجتياز الموت والقيامة لنينوى. يا للعجب على الإشارات البليغة، يا للكنيسة التي تستطيع باللمسات الخفيفة أن تحدِّد صوماً محدَّداً أو عيداً معيناً. تحديدات كلها إلهام ورؤيا لمَنْ يريد أن يسمع أو أن يرى، وليس كالكتبة والفريسيين الذين قالوا له: «نريد أن نرى آية»، متغاضين عمَّا حدث من قبل وضعت الكنيسة هذا السفر أمام أعيننا في هذه الأيام لنستطيع أن نستوعبه لأنفسنا: أولاً في يونان، وثانياً في نينوى. لأن ليونان ونينوى رسالتين لنا في حياتنا. فيونان يضع لمسات صورة المسيح القادم من بعيد. ونينوى تبكِّتنا بشدَّة: «رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه، جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تُعطَى له آية إلاَّ آية يونان النبي.» (مت 12: 41 و39)«هذا الجيل»، لا يقصد به الوحي زمن جيل المسيح فحسب - كما يقول أغلبية الشرَّاح - ولكنه هو هذا الجيل أي كل جيل شرير وفاسق. كل جيل فيه الشرير والفاسق، فهو «هذا الجيل». أما جيل المسيح الذي هو جيل الرسل فهو جيل مستمر فينا وبنا حتى الآن. وأنتم تسمعون الكاهن يقول: "اذكر يا رب كنيستك الواحدة الوحيدة المقدَّسة الجامعة الرسولية"، ثم تسمع في المجمع أسماء البطاركة حتى آخر بطريرك. فالكنيسة ممتدَّة من المسيح والرسل إلى هذا اليوم. فهو جيل واحد، هو جيل المسيح، وهذا اسمه. الجيل الشاهد للمسيح حتى آخر يوم في تاريخ البشرية، جيل ممتد، الجيل الطيب القديس الطاهر أما الجيل الآخر فهو جيل قايين، وجيل يهوذا، الجيل الصالب، هو أيضاً ممتد حتى هذا اليوم، فيه يهوذا وفيه الصالب أيضاً «جيل فاسق وشرير»، قد تبدو هنا قسوة في كلام المسيح، ولكن ليس الأمر كذلك. هو جيل فاسق وشرير لأنه زاغ عن الله. وإذا سمعت عن "الفسق والشر" في الإنجيل فلتفهم أنه يقصد الوضع الروحي وليس الجسدي (لأن الوضع الجسدي يمكنه بطعنة في الضمير الحي من سيف كلمة الله أن يحوِّل أشر الناس إلى القداسة). الشر الروحي، هو أن نعبد غير الله، أن نرتمي في أحضان الشيطان، هذه هي الخيانة الزوجية. لأن المسيح اتخذ الكنيسة لنفسه عروساً، حسب نفسه عريساً للكنيسة: «لأني خطبتكم لرجل واحد لأُقدِّم عذراء عفيفة للمسيح.» (1كو 11: 2)«جيل فاسق وشرير يطلب آية»، هل يريد من الله أن يرسل له ناراً من السماء؟ أو يرسل له منًّا من السماء يأكله ويشبع؟ ألم يقدِّم لهم الطعام في معجزة إكثار الخمس خبزات والسمكتين (إنجيل اليوم الثالث من صوم يونان)؟ ولكن لننتبه لأنفسنا جداً لأن الآية لا تزيد الإيمان، ولكن الإيمان بحد ذاته آية!! تذكرون قول الإنجيل إن المسيح «لم يصنع هناك (في الناصرة) قوات كثيرة لعدم إيمانهم» (مت 13: 58). لن يستطيع المسيح أن يعمل لك آية في حياتك إن لم يسبقها إيمان «ولا تُعطَى له آية إلا آية يونان النبي»، جيل فاسق شرير، وخطيته شنيعة جداً. لن تنفعه الآيات من السماء. ولكن آيته الوحيدة هي التي تقيمه من موت الضمير، وآيته هي آية يونان النبي، آية الموت لأن يونان في عُرف المنطق والعلم أنه كان يتحتَّم أن يموت في بطن الحوت، يونان مات، نعم مات، والرب أقامه، ولكن لمَنْ كان الموت؟ ما أجمله موتاً ذلك الذي نموته كل يوم من أجل الآخرين! ما أجملك يا يونان يا نبي الفداء وأنت تموت ثلاثة أيام بلياليها لتكفِّر عن خطيتك وخطية نينوى العظيمة!! الشرَّاح الغربيون يقولون عن سفر يونان أنه سفر خرافي، أما المتساهلون منهم فيقولون عن يونان إنه يمثِّل الابن الأكبر (في مَثَل الابن الضال)، لأن نينوى لما خلصت حزن يونان وصار مثل الابن الأكبر لم يُرِدْ أن يدخل البيت لا، لم يحدث هذا، الحقيقة العميقة هي أن يونان تمنَّع من الذهاب لنينوى لئلاً يبِّشرها بالخراب!! ولأنه يعلم يقين العلم أن الله طويل الأناة بطيء الغضب، وسيصفح حتماً في النهاية. لذلك هرب يونان لئلا يواجه محنتين: محنة التبشير بالخراب، وهو عسير كل العسر على النفس الوديعة؛ ومحنة رجوع الله عن غضبه، فيظهر يونان وكأنه يسخر من شعب غريب. ولكن أين يهرب يونان من وجه الله؟ فالله دائماً يطارد الخادم الهربان. فكل إنسان يمكن أن يهرب من وجه الله، إلاَّ من سمع صوته وحمل نيِّره وقَبـِلَ اسمه القدوس في الفكر القبطي يونان ليس هو الابن الأكبر الذي حزن على خاص نينوى، ولكنه مثال المسيح. هو نبي الفداء المبدع، لا يقلُّ بل ربما يزيد عن كل الأنبياء في العهد القديم، رقة ورهافة، لا يماثله في هذه الرهافة والرقة إلاَّ نبي واحد مظلوم مثله، هو أيوب.يونان لم يحتمل أن يكون كارزاً بالخراب. وفي إنجيل لوقا إشارة لطيفة جداً ولكنها سرية للغاية، تكشف عن حدوث صلة توبيخ لأهل نينوى بسبب المخاطرة العظمى والموت المحقَّق الذي تعرَّض له يونان من أجلهم: «وكما كان يونان آية لأهل نينوى كذلك ابن الإنسان أيضاً لهذا الجيل.» (لو 11: 30)إذاً، فقد بلغ أهل نينوى أن يونان عبر محنة الموت في داخل بطن الحوت ثلاثة أيام، ثم قام من أجل خلاصهم!!هنا يقصد إنجيل لوقا أنه كما كان يونان بنفسه (وليس بكرازته فقط) آية لأهل نينوى، هكذا يكون ابن الإنسان بنفسه آية لهذا الجيل، أي بموته وقيامته من الصعب جداً، يا إخوة، أن نتكلَّم كثيراً عن ضغطة الموت على مدى ثلاثة أيام بلياليها التي جازها يونان، ولكننا نعرفها أكيداً في تطبيقها على المسيح لما مكث ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ في الهاوية ثم قام: «سبى سبياً وأعطى الناس عطايا (أي كرامات)» (أف 4: 8)، قام «ونفخ (في وجه تلاميذه) وقال لهم ... مَنْ غفرتم خطاياه غُفرت له» (يو 20: 22 و23). أعطى الحِلَّ والبركة على الأرض لتدوم إلى أبد الآبدين، إذ نسمع الكاهن يقول: «كما أعطيت الحلّ للتلاميذ ليغفروا الخطايا ...»، هكذا دام هذا الحلُّ الذي يفك كل الخطايا هكذا قام يونان وكَرَزَ لنينوى، ليحل عنهم بضيقة موته ثم بكرازته غضب الله!! ويبدو أنه قال لهم ما حدث له وأما من جهة نينوى المدينة العظيمة، فنحن آتون هنا لمنظر من المناظر الرهيبة، إذ بمجرَّد أن سمع الملك بما حدث ليونان، وبما نادى به، قام عن كرسيه الملكي وخلع ثيابه وفخفخته وجماله وفخره الكاذب، ولبس المسوح، والشعب كله لبس المسوح - والمسوح ثوب من شعر المعزى خشن الملمس جداً - وأعطى الملك أمراً أن يُرفع الطعام عن كل إنسان كبيراً كان أم صغيراً حتى الرضيع على صدر أمه - يا للهول - وعن البهائم كلها، وهنا وكأنما الخليقة كلها تتمثَّل في قصة توبة نينوى.وكان ذلك إلى ثلاثة أيام. مدينة فيها "واحد على ثمانية" مليون نسمة تتوب كلها ويعفو الرب عنها من أجل توبة جماعية ناشطة وتدبير متقن لهذا الملك النصوح الواعي الذي استطاع بحكمته أن يرفع حكم الموت عن شعبه؛ يا للرعاية ويا لحكمة الراعي!! ثم ما هذا الحضن المتسع يا الله؟ إن هذا عجب كبير حقاً! مدينة وثنية تؤمن بالله بكرازة واحدة؟ نعم، ليس بآية من السماء ولا من الأرض تتوب البشرية أو يُعفَى عن إثمها، بل بالاتضاع والصوم والصلاة وتذلُّل القلب لدى الله القدير!آه لو علم كل خاطئ هذا، ما استكثر خطاياه أبداً عن عفو الله. لو علمت الكنيسة ما ينبغي أن تكون عليها من توبة جماعية، لجلست مع أبنائها في هذه المسوح وفي تراب المذلة إلى أن تجتذب لنفسها عفواً من السماء، ولكانت أزمنة الفرج تأتي من السماء سريعاً!! كما قال بطرس الرسول (أع 3: 19)يا أحبائي، إن تعطَّلت أزمنة الفرج فالعيب هو منا، نينوى كانت تسير إلى الهاوية والهلاك أكيداً وسريعاً، ولكن بوقفة شريفة شُجاعة أمينة على قدر الدعوة وقدر التهديد استطاعت أن تجتذب لنفسها عفواً من السماء. ماذا يعوزك أيها الخاطئ؟ أيعوزك المسوح؟ أيعوزك التراب؟ ماذا يعوزك؟ لو كانت التوبة بذهب وفضة، لو كانت تستلزم سلماً عالياً نطلع به إلى السماء، لو كانت تستلزم منا جهداً نفسانياً أو عقلياً أو جسمانياً أو حكمة فائقة أو علماً زاهراً، لكي نحدر المسيح من السماء أو نصعده من الهاوية؛ لقلنا إن التوبة صعبة وشاقة. ولكن ملك وشعب ونساء وأطفال وبهائم نينوى عرفت طريقها سريعاً إلى النجاة. فما بالنا نتعطَّل نحن، وما بالنا نذهب يميناً ويساراً ونستشير الكبير والصغير، والخلاص أمامنا وبابه مفتوح، والذين دخلوا منه كثيرون، ومن كل شعب ولسان وأُمة!!وها هي نينوى تضع لنا نموذجاً لتوبة بسيطة قادرة بعنفها أن تفتح أبواب السماء وتحدر عفواً شاملاً بلا أي استثناء للمدينة بأسرها، قيل عنها في الكتاب إنها لا تعرف شمالها من يمينها!يا إخوة، نحن قادمون على الأربعين المقدسة، يعوزنا قلب كقلب ملك نينوى وشعب نينوى. أما مجرَّد ذكر البهائم الصائمة وهي خائرة على مذاودها ففيه توبيخ لنفسي، لأني أرى في نفسي وحوشاً ضارية تتعالى على غيرها كما يعلو الأسد على الغزال. كم فيكِ يا نفسي من غرائز تحتاج أن تُذلَّل بالجوع والمسوح؟ منظر نينوى وبهائمها واقفة على المذاود تئن، مرعب لشهواتي وملذاتي. الثيران وقعت من الجوع خائرة. وكم فيكِ من هذا يا نفسي يا مدينة الله! ما أجملكِ يا نفسي وأنتِ جالسة في المسوح والتراب متشبِّهة بنينوى!! جيد لكِ يا نفسي في هذه الأربعين المقدسة أن تَرْبُطي حواسكِ كلها، البهيمي منها والوحشي، ولا تفتكري أنكِ بنت المدينة العظمى التي تعرف شمالها من يمينها، لأن الخطية لا يتعالى عليها إلا مَنْ ذاق ما ذاقته نينوى!اليوم يا أحبائي، أكشف أمامكم سر السماء بلا ستار، بلا حجاب؛ ملك يترك عرشه، وينتـزع الخلاص، وينتـزع العفو السمائي، بتوبة جميلة رائعة استطاع أن يحصل عليها وهو في التراب والرماد ثقوا، إن ساعات الخلاص وأيام الرجاء لا تأتي جزافاً أبداً. إن كنت تريد خلاصاً سريعاً، إن كنت تريد أزمنة فرج، فاليوم تعلَّم من درس نينوى، وهو درس للأجيال كلها جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تُعطَى له آية إلا آية نينوى آية نينوى لا تقل إطلاقاً عن تفتيح عيني الأعمى، وعن إطعام الجائعين بخمس خبزات وسمكتين، وتحويل الماء إلى خمرآية نينوى فاقت كل آية إلا موت المسيح وقيامته، ولكن الجديد في آية نينوى أنها تابت بمناداة نبي، والآن الصوت الذي ينادينا أعظم من كل نبي لأن يونان نادى بالموت أو التوبة، ولكن المسيح يقدِّم لنا موته قوَّة حية محيية قادرة أن تُقيم من الخطية والموت!!اليوم يا أحبائي يوم نينوى ونبيها الرقيق المشاعر، النبي الفادي القائل: "هذه خطيتي" حينما هاج البحر ولم يقل "هذه خطية نينوى"يونان هنا ينادي كل خادم، كل واعظ، كل كاهن، كيف يرى خطية شعبه ومدينته، ويرى في آلامه وحزنه وضيقه، بل وموته فدية لأولاده وصلَّى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت وقال«دعوت مِنْ ضيقي الرب فاستجابني. صَرَختُ مِنْ جوف الهاوية فَسَمِعتَ صوتي. لأنك طرحتني في العمق في قلب البحار. فأحاط بي نهرٌ (نهر الموت). جازت فوقي جميع تياراتك ولججك. فقلت: قَدْ طُردتُ مِنْ أمام عينيك (إلهي إلهي لماذا تركتني؟). ولكنني أعود أنظر إلى هيكل قدسك (وفي اليوم الثالث أقوم). قد اكتنفتني مياهٌ إلى النفسِ (هذا المزمور يُقال في يوم جمعة الصلبوت). أحاط بي غَمْرٌ. التفَّ عشبُ البحرِ بِرَأْسِي. نزلت إلى أسافل الجبال. مغاليق الأرض عليَّ إلى الأبد. ثم أصعدت من الوهدة حياتي أيها الرب إلهي. حين أعيت فيَّ نفسي ذكرتُ الرب فجاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك. الذين يراعون أباطيل كاذبة يتركون نعمتهم. أما أنا فبصوت الحمد أذبح لكَ. وأوفي بما نذرته. للرب الخلاص.» (يون 2: 2 - 9) هكذا تكون صلواتنا في ضيقاتنا. اشْتَكِ للرب فقط، شكوى الممنونين "جازت عليَّ آلامك يا رب. أجزتني المحنة وأمررتني تحت العصا. المرُّ في حلقي. دخلت المرارة إلى قلبي وإلى نفسي". وكما يقول النبي: «توجعني جدران قلبي» (إر 4: 19)، بتعبير عجيب، كلها أنين الشكر وشكوى الحمد إن صلاة يونان هي المزامير الجديدة للسائرين في طريق الجلجثة والتي حتماً تردِّد قرارها في السماء كل الأرواح المبرَّرة المكمَّلة في المجد. إنها السلم الجديد الذي نرتفع عليه لكي نطل خلسة إطلالة سريعة على المجد المعد!نعم، هكذا يُغتصب ملكوت السموات! بصلاة كصلاة يونان وهو في عمق الهاوية. اليوم يا أحبائي، هو يوم التوبة الغاصبة لحقوق القديسين وميراث ابن الله. اليوم، مفهوم جديد لمعنى الكرازة بالبذل حتى الدم. اليوم، دعوة للكارز ليسلك طريق النجاة لنفسه وشعبه، للراعي والرعية. هذه نينوى تعطينا صورة حاسمة لكل دقائق ومعنى استرضاء وجه الله!! يا رعية الله، صغيرها وكبيرها، شيخها وطفلها، مريضها وسليمها، هذه نينوى أمامنا آية ويا كارزي المسكونة، ويا واعظي الكنيسة، هوذا يونان لكم اليوم مثلٌ يُحتَذى، كيف كان وماذا صار. فيونان قَبـِلَ أن يدخل محنة الموت والثلاثة الأيام بلياليها ما كان نافعاً لا لنينوى ولا لنفسه، حيث كان سيذهب إلى ترشيش ليأكل الخرنوب مع الخنازير وها هو يونان بعد أن صلَّى من عمق التجربة وأهوال الموت يرينا كيف جاز التجربة حتى النهاية، وصار يونان كارزاً بشبه المسيح، وحُسب له موته بشبه فداء. وهكذا تكرَّم يونان بهذه التجربة فصار هو النبي الوحيد الذي أخذه المسيح ليضعه نموذجاً لموته وقيامته! وآية للتائبين!! صلاة يا رب الفداء الحقيقي الذي منك نستمد كل معنى وكل قوَّة للفداء، أعطِ يا رب روح الفداء لرعاة شعبك، الكبير منهم والصغير، العجوز والحَدَث، المطران والكاهن، أعطهم روح يونان يا رب، وأما رعيتك فأعطها طاعة كطاعة نينوى لمليكها لقبول مرارة التوبة لتنجو ولا تُدان مع العالم، وليؤمن شعبك بالحق أن الرب قادر أن يميت ويُحيي فيا شعب الله اطلبوا الحياة بسيرة التوبة ولا تسعوا بسيرة أهل العالم في طريق الموت يا رب أعطِ رعيتك جميعاً روحاً كروح نينوى في هذا اليوم ليتوب شعبك، وتتوب كل مدن ممالك الأرض إليك، ولتأتِ أزمنة الفرج سريعاً من عندك على العالم. آمين. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل