المقالات

05 أبريل 2024

طهارة للذين في البتولية

كتب معلمنا بطرس الرسول "بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة لانه مكتوب كونوا قديسين لاني انا قدوس وان كنتم تدعون ابا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف عالمين انكم افتديتم لا باشياء تفنى بفضة او ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الاباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب و لا دنس دم المسيح.( 1بط 15:1-19) طھارةً للذین في البتولیة ھي الطلبة الثالثة من الطلبات المتخصصة،والطلبة التاسعة ضمن الطلبات القصیرة التي تقال في القداس. ھذه الطلبة تختص بالشباب والشابات، والدلیل على ذلك ھو إن الطلبة التي تلیھا ھي: "حیاةً صالحة للذین في الزیجة". فھما طلبتان متتالیتان: الأولى تخص ما قبل الزواج والثانیة ما بعد الزواج. وتقابلھا في العھد الجدید الوصیة التي قالھا القدیس بولس الرسول لتلمیذه تیموثاوس الشاب: "اِحْفَظ نَفْسَكَ طَاھِرًا" ( ۱تي ٥ :22) وھي تذكرنا بعبارة وردت في العھد القدیم في سفر الجامعة: "اذْكُر خَالِقَكَ فِي أَیَّامِ شَبَابِكَ" (جا ۱۲: 1) وحیاة الطھارة لا تخص الجسد فقط لكنھا حیاة شاملة. والمقصود بالبتولیة لیس بتولیة الجسد فقط لكن المقصود بتولیة الفكر والنفس والضمیروالقلب والجسد. أھمیة حیاة الطھارة الشاملة فترة الشباب ھي فترة لا تعوض، تبدأ بسن المراھقة، الذي فیه یعطي الله كل منا طاقة وعاطفة تظل مخزونة في قلبه، فیبدأ القلب بالانفتاح على الجنس الآخر. وأغلى ھدیة یقدمھا الإنسان للطرف الآخر عند الزواج ھو ھذا المخزون من العاطفة.إن السبب الحقیقي لرغبة البعض في الانفصال بعد الزواج ھو أن مخزون العاطفة القلبیة كان قلیلاً فانتھى سریعًا. في حین أن الشاب/الشابة الذي یحتفظ بنعمة ربنا التي تسمى العاطفة emotion ولا یبذِّرھا، فإنه یوم یأخذ قرار الزواج یكون قراره صحیحًا، وزواجه یدوم ویفرح بالسنین كلھا.أما من یبذِّر العاطفة القلبیة ولا یقدِّر قیمتھا بعلاقات وتلیفونات ومقابلات وكلمات، عامًا بعد عام،وقصة بعد قصة،ھذا حینما یرید أن یكوِّن أسرة لا یجد ما یملأ ھذا الكیان الجدید لأن عاطفته تكاد تنتھي. كیف نبدأ؟ أیھا الشاب/الشابة أعطِ قوتك الشبابیة ﻟﻠﮫ.لا تقل أرید أن أفرح، وأعمل مثل باقي الشباب،وأذھب أي مكان، وأرى كل شيء، وأصادق أي شخص انتبه إن الحیاة بنك تسترد منه ما سبق أن أودعته فیه. إن وضعت قلیلاً ستجد قلیلاً. عندما تعطي قدرتك الشبابیة ﻟﻠﮫ الآن، یردھا لك في الكبرلأنك حافظت على نفسك.لیست حیاة الشباب فرصة أن تجرب أي شيء (إدمان المخدرات، والعلاقات الخاطئة،والصداقات الردیئة وھكذا). احترس لأن الحیاة مع الله دائمًا فیھا حلاوة وطمأنینة وفرح داخلي ورجاء وأمل ونجاح، أما إن جربت أمور العالم فستبعد عن الله، وعندما یبعد الإنسان عن الهل سیجد الحیاة فیھا مرارة،وغربة،ویأس وتؤول إلى الفشل،وربما یصل إلى الانتحارعالم الیوم مختلف تمامًا، فھو عالم فیه سرعة في كل شيء،وعنف شدید في الصغار والكبار،وإباحیات بكل الأشكال حتى صارت تجارة،وقلق یملأ القلوب، وھو عالم مليء بالفساد.تذكر إنك إن أعطیت قوتك الیوم ﻟﻠﮫ یردھا لك في الكبر وقت الشیخوخة، فیعطیك الله قوة وقدرة في الناحیة الصحیة،وعقل حاضر،ومشاعر قلب. التعامي عن الموت إن الحروب المحیطة بالشباب الیوم ھي من كل نوع (الإباحیات،السرعة،الإدمان،العنف،الجریمة، الفساد) ولھا ھدف غریب جدًا ھو التعامي عن الموت أي أن ینسى الإنسان الموت، ثم فجأة یأتیه الموت.الموسیقى الیوم عالیة جدًا وشدیدة، حتى إن من یعزفونھا یسدون آذانھم لحمایتھا من الذبذبات العالیة، لماذا؟ یقولون: لكي تنسي الإنسان الموت كیف ننسى الموت ونحن كل یوم نودع حبیبًا؟ ویقول الشعراء: "الموت كأس لكل البشر" كما إن قنوات التلفزیون تعمل ۲٤ ساعة، وشبكة النت، والموبایل، ومواقع التواصل الاجتماعي، كل ھذا یجعلك مشغولاً في كل وقت لتنسى حقیقة وحیدة أساسیة في الحیاة وھي أنك یومًا ما، لایعلمه أحد، سوف تغادر ھذه الحیاة.أرجوكم انتبھوا یا شباب.. حیاة الطھارة صعبة فقط في الحالات التالیة: ۱- من لا یرید الحیاة النقیة: ویعیش في تلاھي،ولا یسمع لمن ینصحه (الإنجیل، صلوات الكنیسة،الوالدان، الكاھن، الخدام)، لأنه لیست لدیه رغبة فتصبح الطھارة صعبة بالنسبة له. ھذا النوع في لسانھم عبارة: "مافیش فایدة". ۲- من یعتمد على إمكانیاته المحدودة: یظن في نفسه أنه قلیل وغیر قادر، وأن كل الناس تقول كذا أو تعمل كذا اعرف إن المسیح قال لنا: "بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَیْئًا" (یو ۱٥: 5) كلنا إمكانیاتنا قلیلة وضعیفة لكن القلیل في ید المسیح یصیر كثیرًا. تذكر معجزة إشباع الخمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأطفال بخمسة أرغفة وسمكتین، وفضل عنھم ۱۲ قفة مملوءة من الكسر.واعرف أن الله الساكن فیك یقدر أن یعطیك نعمة،فاطلب وربنا یقویك ویسندك. اطلب النعمة وجد في صلواتك وإنجیلك واعترافاتك وممارسة الأسرار والتناول. تذكر عبارة یوسف الصدیق: "كَیْفَ أَصْنَعُ ھذَا الشَّرَّ الْعَظِیمَ وَأُخْطِئُ إِلَى للهِ" (تك ۳۹: 9) التي قالھا في وقت لم توجد فیه وصیة مكتوبة. ۳- من یعیش حیاة فارغة: فالحیاة الفارغة مرتع للنجاسة. والحیاة الفارغة ھي الحیاة التي بلا رسالة، بلا مسئولیات، بلا خدمة. یقول الكتاب "مَحَبَّة الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ﻟﻠﮫِ" (یع ٤:4) لا تدخل أمورالعالم إلى قلبك وإلا یصیر قلبك فارغًا بلا معنى،وتكون إنسانًا بلا منفعة وبلا طائل في حیاتك. لوأردت أن تعیش في الطھارة اھتم واملأ قلبك بالدراسة، بالمھنة، بالھوایة، بالشغل، بالقراءة،بالثقافة، بالخدمة بأي شكل من أشكالھا. ٤- من یندمج في مجتمع معثر: الصدیق الصالح یرفعك أما "الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِیَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَیِّدَةَ" ( ۱كو ۱٥: 33) المناخ العام والمجتمع غیر نقي وفیه أمور كثیرة معثرة تذكر أن جسدك مقدس وله كرامة لأنك رشمت بالمیرون. من فضلك انتبه واحمِ نفسك من عثرات المجتمع الذي حولك ولا تنسى قصة یوسف الصدیق قال القدیس أثناسیوس الرسولي: "قد یقول أحدكم: أین ھو زمان الاضطھاد لكي أصیر شھیدًا؟ الآن یمكنك أن تكون شھیدًا إذا أردت: أمت الخطیة،احفظ نفسك طاھرًا،فتصیر شھیدًا باختیارك". قال القدیس یوحنا ذھبي الفم: "الوجه الذي تقدس بعلامة الصلیب لا یمكن أن ینحني للشیطان" لأن أول رشمة بالمیرون كانت بعلامة الصلیب على جبھتك. الخلاصة : "طھارة للذین في البتولیة": ھي نداء لكل شاب/شابة لكي یحفظ حیاته طاھرًا، فكرًا وقلبًا،ویحفظ الطھارة لعینیه ویده ولسانه ونفسه وضمیره.إن عاش الإنسان في النقاوة سیصیر شبابه صحیحًا ومستقبله صحیحًا، ولله ینظر إلیه لأنه سمع الوصیة "اذْكُر خَالِقَكَ فِي أَیَّامِ شَبَابِكَ" (جا 12: 1) فمتى أراد أن یكوِّن أسرة، تكون أسرته قویة وصالحة ومباركة ومفرحة. ﻟﻴحفظ الله ﻛﻞ أولادنا وبناتنا وشبابنا وشاباتنا. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
19 أبريل 2024

رحمة للتائبين

استكمالاً ﻟﺘأملاتنا ﻓﻲ سلسلة الصلوات القصيرة من القداس الغريغورى نصل إﻟﻰ عبارة "رﺣﻤة للتائبين وما أجمل قطاع التائبین في كنیستنا فالكنیسة لیس لھا عمل سوى الاھتمام بتوبة كل إنسان ھذا ھو عملھا الرئیسي كل الأنشطة والصلوات والمناسبات والنھضات والقداسات العشیات إلخ ھي من أجل أن تتوب النفوس، لأن التوبة أحیانًا تكون بعیدة عن الإنسان. مثل الفریسي والعشار (لو ۱۸: 9-14) طائفة الفریسیین كانت من الطوائف الیھودیة والفریسي ھو الشخص الناموسي الحرفي الذي یظن أن عنده كل المعرفة أما العشار فھو جابي الضرائب، وھي فئة لم تكن محبوبة في المجتمع الیھودي، لأنه كان یجمع الضرائب لیسلمھا للسلطة الرومانیة التي كانت تحكم البلاد ھذا المثل قاله السید المسیح كنموذج، فكل منا إما في جانب الفریسي أو العشار سل نفسك وأحكم ھل أنا في جانب الفریسي أم العشار؟ وقد قال المسیح ھذا المثل لأنه یوجد "قَوْم وَاثِقِینَ بِأَنْفُسِھِمْ أَنَّھُمْ أَبْرَارٌ، وَیَحْتَقِرُونَ لآخَرِینَ" (لو ۱۸:۹)، إحساسھم الداخلي أنھم أبرار، وھذه لیست الحقیقة، ومن لا یكتشف مرضھ یضیِّع على نفسه فرصة الشفاء. والأخطر ھو أن یحتقر الآخرین صعد الفریسي والعشار إلى الھیكل لیصلیا.فتقدَّم الفریسي الصفوف ووقف رافعًا یدیه وعینیه،كنوع من لفت النظر، وھو یقول: "اَللّھُم أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِینَ الظَّالِمِینَ الزُّنَاةِ" (لو ۱۸: 11) یفتتح صلاته ﻟﻠﮫ بأنه أفضل من كل الناس، ویشكر الله على ذلك وفي نظره الناس ثلاثة أنواع: خَاطِفِینَ ظَّالِمِینَ زُّنَاةِ لا یرى أحدًا صالحًا إلا نفسه. ثم نظر للخلف حیث العشار وحدد "وَلاَ مِثْلَ ھذَا الْعَشَّارِ"، وأضاف "أَصُوم مَرَّتَیْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِیه" (لو18: 12) كأنه یقول ﻟﻠﮫ لن تجد مثلي. إیاك أن تكون مثل الفریسي الذي مدح نفسه واحتقر غیره فكانت النتیجة أن "ھذَا (العشار) نَزَلَ إِلَى بَیْتِه مُبَرَّرًا (أخذ حكم براءة) دُونَ ذَاكَ (الفریسي)" (یو ۱۸: 14) رﺣﻤة للتائبين ربنا یسوع المسیح بدأ خدمته بقوله "قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ للهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِیلِ" (مر ۱: ۱٥ )، "تُوبُوا، لأَنَّه قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ" (مت ۳ :2) )، "لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ" (لو ٥: 32) فھو قد جاء لكي تتوب كل نفس وتتغیر وتستیقظ ویقول معلمنا بولس الرسول "صَادِقَة ھِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول أَنَّ الْمَسِیحَ یَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِیُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِینَ أَوَّلُھُمْ أَنَا" ( ۱تي1: 15) وھو ھنا لا یقول إنه خاطئ بل إنه أول الخطاة الذین تجسد المسیح لیخلصھم من الخطیة. حوار الرﺣﻤة أرید أن أكلمكم عن حوار الرحمة (حدیث بین اثنین) في أربع خطوات: ۱- نداء من الله: تبدأ التوبة بنداء یتردد ویتكررموجه للجمیع من الله "تُوبُوا" حینما أخطأ داود الملك والنبي العظیم ولم ینتبه لخطیته، جاءه ناثان وقال له "لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَیْنَیْه؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِیَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّیْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَه لَكَ امْرَأَةً، وَإِیَّاهُ قَتَلْتَ بِسَیْفِ بَنِي عَمُّونَ"( ۲صم ۱۲: 7-9) فبدأ داود یسكب الدموع وقال مزمور التوبة ببكاء وندم وحسرة مقدمًا لنا قطعة من أروع قطع الصلاة الفردیة: "اِرْحَمْنِي یَا لَلهُ كَعَظِیم رَحْمَتِكَ" (مز ٥۱: 1) "إِلَیْك وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَیْنَیْكَ صَنَعْتُ" (مز٥۱: 4) مثال آخر، ھو بطرس الرسول الذي كان أحد تلامیذ السید المسیح المتقدمین، لكنه أنكر المسیح أمام جاریة، ثم ظن أن لیس له رجاء فعاد إلى صید السمك، فأتاه المسیح وھو یصطاد وناداه ثلاث مرات: "یَا سِمْعَان بْنَ یُونَا، أَتُحِبُّنِي.. ارْع خِرَافِي"(یو ۲۱: 15) فعاد إلى مكانته ورسولیته وإلى الكرازة والخدمة حتى صلب منكس الرأس إن الإنجیل ھو نداء المسیح، وكل مرة تقرأ الإنجیل أنت تستمع إلى نداء التوبة والمسیح صباحًا ومساءً ینادي ویقول"تُوبُوا" بصیغة الجماعة (أنا أتوب وأساعد الآخرین على التوبة). ۲- استجابة من الإنسان: إن سمعت نداء المسیح "تُوبُوا"، علیك أن تستجیب، والاستجابة یجب أن تكون یومیة، لأن لنا خطایا وضعفات یومیة ذھب النبي یونان لأھل نینوى وقال "بَعْد أَرْبَعِینَ یَوْمًا تَنْقَلِبُ نِینَوَى" (یون ۳: 4) فاستجابت المدینة وتاب أھلھا كلھم من الملك مثال آخر قال بولس لسجان فیلیبي "آمِن بِالرَّبِّ یَسُوعَ الْمَسِیحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَھْلُ بَیْتِكَ" (أع ۱٦: 31 ) فاستجاب وآمن أما الابن الضال فاستجاب للنداء الداخلي فقط وقال "أَقُومُ وَأَذْھَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَه یَا أَبِي، أَخْطَأْتُ" (لو ۱٥: 17-18)ونسمع عن زكا العشار إنه صعد على الشجرة لیرى المسیح فقال له المسیح: "یا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّه یَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْیَوْمَ فِي بیْتِكَ" (لو19 : 5) فتغیرت حیاتھ تمامًا وصار قدیسًا. وفي المقابل ھناك أناس لا یستجیبون، مثال: یھوذا الإسخریوطي وعخان ابن كرمي وحنانیا وسفیرة. ۳- فتح الباب من لله: إذا استجبت لنداء لله یفتح أمامك باب الرجاء، لأن التوبة تحمي الإنسان من الیأس والقلق والمتاعب النفسیة، ویقول الكتاب "ھكذاَ یَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاء بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ یَتُوبُ أكَثَرَ مِنْ تسِعَة وَتسِعِینَ بَارًّا لا یَحْتَاجُونَ إلِىَ تَوْبَة"ٍ (لو۱٥: 7) أتوا بالمرأة التي أمسكت في ذات الفعل لیرجموھا لكن السید المسیح تعامل مع الموقف بطریقة كلھا حكمة ورحمة، وفتح لھا باب الرجاء قائلاً: "أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟... وَلاَ أَنَا أَدِینُكِ اذْھَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَیْضًا" (یو ۸ : ۱۱-۱۰) والابن الضال أثناء عودته كان یفكر أفكارًا كثیرة لكنه فوجئ أن الأب "تَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِه وَقَبَّلَه" (لو ۱٥: ۲۰ ) وأعطاه الحُلة الأولى والخاتم والحذاء وذبح العجل المسمن إنه الرجاء. ٤- نوال الجائزة: الجائزة ھي كمال الرحمة أوحالة الفرح التي یصل إلیھا الإنسان التائب، لأن الخطیة ثقل، لذلك قال السید المسیح "تَعَالَوْا إِلَيَّ یَا جَمِیعَ الْمُتْعَبِینَ وَالثَّقِیلِي الأَحْمَالِ،وَأَنَا أُرِیحُكُمْ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ" (مت ۱۱: ۲۸، ۲۹) ،تجدوا راحة البال وراحة القلب والسعادة والعجیب إن أكثر كلمة تكررت في مثل الدرھم المفقود، والخروف الضال، والابن الضال (لو15 ) التي تتكلم عن التوبة ھي كلمة فرح (وردت 10-11 مرة) بینما لا نجد كلمة توبة ولا مرة(انظر لو ۱٥: 5, 6, 9, 23, 24, 32). اﻟﺨلاصة حینما نقول "رحمة للتائبین" كأننا نقول أرجع لھم الفرح. في كل مرة یقدِّم الإنسان توبة یحصل على كنز ھو الفرح وھذا الكنز یدوم ویبقى. إن أردت أن تشعر بالفرح وراحة البال والسلام في وسط العالم المتوتر والھائج بأزماته وضعفاته وأخباره فكن من التائبین في الكنائس قدیمًا كان یوجد خورس للباكین أو التائبین، وما أشھى أن یقف الإنسان في مخدعه ویقدم دموعه التي تغسل خطایاه إذا حدث أن قابلت المسیح ماذا ستطلب منه سوى الرحمة ارحمني كعظیم رحمتك ليعطينا اﻟﻤسيح أن تكون حياتنا تائبة،ونشتهى الرحمة التى يسكبها الله علينا ﺟﻤيعًا،ونسمع نداءه " توبوا ، لأنه قد أقترب ملكوت السماوات" ( مت 3: 2). قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
08 أبريل 2024

يوم الاثنين من الأسبوع الخامس(لو ۹ : ۱۲-۱۷)

"فَابْتَدَأَ النَّهَارُ يَمِيلُ. فَتَقَدَّمَ الاِثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالصِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَاماً،لأَنَّنَا هَهُنَا فِي مَوْضِعِ خَلَاءٍ.فَقَالَ لَهُمْ: أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا فَقَالُوا : لَيْسَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَيْنِ،إِلا أَنْ تَذْهَبَ وَنَبْتَاعَ طَعَاماً لِهَذَا الشَّعْبِ كُلِّهِ. لَأَنَّهُمْ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلَافِ رَجُلِ.فَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: أَتَّكِنُوهُمْ فِرَقًا خَمْسِينَ خَمْسِينَ.فَفَعَلُوا هَكَذَا وَأَنْكَلُوا فَأَخَذَ الْأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ،وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ، ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلَامِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جَمِيعًا. ثُمَّ رُفِعَ مَا فَضَلَ الْجَمِيعَ،عَنْهُمْ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ قُفَّةً". معجزة إشباع الجموع «فَابْتَدَأَ النَّهَارُ يَمِيلُ. فَتَقَدَّمَ الإِثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالصِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَاماً، لأَنَّنَا هَهُنَا فِي مَوْضِعِ خَلَاءٍ» واضح هنا أن الجموع التي تبعت المسيح ليست من سكان المكان،والمكان فعلاً قفر لا يصلح لمبيت ولا يوجد فيه ما يؤكل وربما كان المكان أيضاً ليس أرضاً يهودية بل قفراً تابعاً لأراضي المدن العشر الأممية، حيث يعز الضيافة والمبيت «فَقَالَ لَهُمْ: أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا فَقَالُوا : لَيْسَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ تَذْهَبَ وَنَبْتَاعَ طَعَامًا لِهَذَا الشَّعْبِ كُلِّهِ». الدرس الذي يريد ق. لوقا أن يعطيه للكنيسة هو: أن الكنيسة مسئولة عن إطعام الشعب الجائع حتى ولو كانت فقيرة وليس لديها فلسان ولا لحسة زيت ولا شيء في كُوَّار الدقيق فهنا يؤسس الرب مبدأ على استفسار التلاميذ أن الكنيسة مسئولة، وليس لها أن تتجاهل منابع الزيت والدقيق الذي وضعته أرملة صرفة صيدا في خزانة الكنيسة، أو تتجاهل صنارة ق. بطرس فهي سند كبير يمكن أن يُطعم ويملأ الخزانة بالمال، هذا بجوار الاثنتي عشرة قفة التي أمر المسيح أن تُستودع في مخازن الكنيسة لوقت الحاجة. لأننا نحن بالرغم من النعمة التي نحن فيها مقيمون، ولكن نحتاج لبواقي وفضلات القديسين نسند بها قلبنا إن جف نبعه الجديد. كذلك شبكة ق. بطرس التي كانت قد طرحت على يمين السفينة موجودة في خزانة الكنيسة يمكن أن تنفع ساعة القحط وتعب الليل كله ولا يوجد الإدام.«ليس عندنا أكثر من خمسة أرغفة وسمكتين، إلا أن نذهب ونبتاع طعاماً لهذا الشعب كله إن أرقام رئيس مالية كل كنيسة لا تكذب فهي دائماً أقل ودائماً لا تكفي لشيء، هذا كله يسمعه الله ويتعجب ويقول: ألا يوجد في وسطكم صبي تكون أمه قد دست في مخلاته خمسة أرغفة وسمكتين؟ فقبل أن يعلن الرؤساء إفلاسهم ينبغي أولاً أن يصرخوا إلى الرب، فالرب لا يمطر من نفسه ذهباً ولا فضة ولكنه يضعها في مخلاة صبي. فلتبحث الكنيسة عن الإيمان الذي فيها، فرُبَّ صبياً له عند المسيح دالة، فالمسيح سبق وألهم الصبي أن يطالب أمه بالخبزات والسمكات قبل أن يجري مع الرفاق ليلحقوا.بالمسيح، أو تكون أمه وضعتها في مخلاته متوسلة أن يستخدمها وقت الجوع. فالنعمة تتكفل من ذاتها بترتيب كل شيء وليس علينا إلا أن نبحث عن الملهمين الذين أعطتهم النعمة مسئولية الجماعة كلها وهم لا يدرون. "لأَنَّهُمْ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلَافِ رَجُلٍ فَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: أَتْكِتُوهُمْ فِرَقاً خَمْسِينَ خَمْسِينَ. فَفَعَلُوا هَكَذَا وَأَتْكَلُوا الْجَمِيعَ".أما الأمر بجلوس الشعب فجيد، أما أن يجعلوهم صفوفاً والعدد خمسين فهذا رفع من اندهاش كل من الناس والتلاميذ، أين الطعام؟. فالشعب يعرف أنه ليس من خبز ولا إدام فمن أين يأتي بالطعام؟ وهنا في الحال استحضر الشعب ذكرى المن السماوي، بل وحتى المن غير منتظر لأن المن كان يسقط والشعب في خيامه، وفي الصباح كل واحد يجمع لنفسه. وهذه أول إشارة لسرية القصة التي ستتعجب عليها البشرية كل الأيام والسنين. لأن وضع هذا الشعب هكذا صفوفاً صفوفاً وكل خمسين معاً يعني أن المن في وسطهم ولن يقوموا ليبحثوا عنه لا في السماء ولا على الأرض، إذ حتماً سيأتيهم وهم جلوس !! «فَأَخَذَ الْأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ،ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلَامِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ». كل عيون الشعب مُسلطة على الرغيف الذي في يد الرب، والكل رآه وهو يرفع عينيه نحو السماء، فابتدأ الشعب يحس بالسر، لأن هنا الآن الخبز أخذ السر، سر البركة، من فوق من الآب ومن يد المسيح وقوة الروح القدس التي بدأت تكسر وتعطي الشعب، وإذ بالرغيف الذي انكسر لا يريد أن ينقص. هنا القوة، والسر في الكسر، هنا فعل سماوي روحي لاهوتي أزلي أبدي معاً، مطلق بمعنى فعل لا ينتهي. لقد ابتدأ سر الإفخارستيا كفعل بركة وشكر من فم المسيح وهو يدعو الآب ليشترك بالروح! ”سر الكسر كفعل خلق مستتر في الكسر وفي اليد التي تكسر ، يملأ كل تلميذ حجره، وبمجرد ما يستدير ويعطي المسيح ظهره ليمشي يعود الرغيف بكماله الذي كان عليه. الخبز حقيقي خبز قمح، ولكن الكسر فعل إلهي لا يتأتى منه نقص، فبمجرد أن ينكسر يعود الرغيف صحيحاً وكأنه لم ينكسر. وهذه سمة الروح لا ينكسر ولا يتغير ولا يزول وفيه القوة غير المنظورة وغير المحسوسة، يأخذها المتناول في فمه لتدخل أحشاءه لتصنع عملها الروحي، وهي بآن واحد خبزة تؤكل وتهضم، ولكن أثرها الروحي باق في الإنسان. اللقمة الصغيرة كالكبيرة لأن الخواص الطبيعية لا تهم، ولكن عمل الروح الذي فيها يعمل عمله في الإنسان الذي يقبلها بالروح والإيمان. «فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جَمِيعاً . ثُمَّ رُفِعَ مَا فَضَلَ عَنْهُمْ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ قُفَّةً».هناك فعلان: «شبع»، و «فضل»، الامتلاء والفيض. وهذا هو سمة العمل السماوي: الكيل الملبد المهزوز أي الملآن الفائض، لأن كل هزة في الملء تجعله يفيض.أتوا إلى المسيح جائعين فارغين فذهبوا شباعي، والذي فاض عنهم يملأ اثنتي عشرة قفة.إن قصة الخمس خبزات والخمسة آلاف، وهي القصة التي انكسر فيها رقم (٥) ليمتد إلى اللانهائية بلا توقف ولا حدود؛ تمثل سر تحول المادة في يد المسيح إلى روح، والزمن إلى أبدية وخلود، الأمر الذي تجسد ليكمله في نفسه والإنسان معه. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
27 أبريل 2024

سبت لعازر (يو١:١١-٥٤)

حلوه ودعوه يذهب سبت لعازر يحمل معاني عميقة لمحبي الطقس والهواة التلذذ بربط المعاني والغوص في بحر لآلى الأرثوذكسية. كل ما عرفناه عن السبت والسبوت أنه رمز الراحة والتوقف عن أعمال الحياة هكذا جعله العهد القديم رمزاً لانتهاء الخلقة الترابية ولكن فجأة، وكختام لعهد قدم وشاخ، يأتي سبت لعازر ليقلب معنى السبوت كلها معلناً عن بداية جديدة للحركة والحياة وفك ختوم السكوت والموت واقتحام الطريق الموصل بين القبر والهاوية هكذا تتلقف الكنيسة سبت لعازر لتجعل منه أحداً صغيراً وقيامة صغرى ترابية لواحد من أولاد آدم الأول، تمهيداً لقيامة عظمى إلهية للمسيح آدم الثاني سبت لعازر هو في الأرثوذكسية مفتاح سر البصخة سر الانتقال من القديم إلى الجديد من عهد السبوت إلى عهد الآحاد من عهد الموت إلى عهد القيامة. وهو أول مرحلة من مراحل العبور التي جازها مخلصنا، إذ بإقامة لعازر من الموت قدم المسيح صورة للنهاية قبل البداية، فأطلق في القلوب سر فرحة النصرة على الموت حتى لا تخور في موكب الصليب ليس جزافاً أن يطلق المسيح في يوم السبت سراح لعازر من بطن الهاوية ويقيمه من بين الأموات، ولكنه أراد أن يُمهّد بسبت لعازر للسبت الكبير، حتى تكون آلامه وصلبه ودفنه على رجاء، وقيامته يقيناً كالفجر هكذا كانت ولا تزال قيامة لعازر حجة رجاء ضد الموت ويقين قيامة ننتظرها على كافة المستويات حتى ولو أنتنت أجسادنا وانحلت وذابت وتلاشت في الماء أو بين ذرات التراب.هل كان لعازر في حاجة إلى أسبوعين يضافان إلى حياته أو شهرين أو عدة سنين أخر ؟ كلا،ولكن كان التلاميذ بل نحن بل العالم كله في أشد الحاجة أن يقوم لعازر من بين الأموات ليؤمن الجميع بالمسيح، ليس فقط أنه قادر أن يقوم، بل ويقيم من بين الأموات أيضاً !! والقصة تبدأ عندما أرسلت مريم ومرثا إلى المعلم بلهفة أن: أسرع، فلعازر الذي تحبه مريض. والإسراع هنا يفيد توقف إيمان الأختين بالرب عند حد شفاء الجسد: يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي». لهذا كانت اللهفة وكان الإسراع من جانب الأختين لئلا يموت وتضيع الفرصة. وبالرغم من ذلك نرى المسيح يتأخر، لأنه يرى في موت لعازر فرصة لإيمان أعلى: فلما سمع أنه مريض مكث حينئذ في الموضع الذي كان فيه يومين. ثم بعد ذلك قال لتلاميذه: لنذهب وفي الطريق قال لهم: لعازر مات. وأنا أفرح لأجلكم إني لم أكن هناك لتؤمنوا» الرب هنا يفرح عند ازدياد فرصة الإيمان أمام التلاميذ، عندما يسترد نفساً من بين مخالب الموت. ولكن العجيب أنه بعد قليل يواجه المسيح الأختين ويرى بكاءهما، فيبكي هو أيضاً من فرط تحننه : انزعج بالروح واضطرب بكى يسوع». فالذي رأيناه يفرح بازدياد فرص الإيمان للتلاميذ والأختين تجاه الموت نجده يبكي عندما يقف بين الباكين، وكأنما الفرح والبكاء عند المسيح نظير أو رهن ما يسرنا ويبكينا !! ولكن بتأمل صغير نجد أن الفرح والبكاء جاءا مختلفين في ترتيبهما لدى المسيح عن ما كان لدى الأختين والتلاميذ. فعند المسيح الفرح أولاً ثم البكاء، إذ كان يرى القيامة قبل الموت، ولكن بالرغم من ذلك لم تعقه فرحة الرؤيا المسبقة للعازر قائماً من بين الأموات عن أن يذرف الدمع مع الباكين أمام القبر.وهكذا بدا يسوع فائقاً جداً في حنانه وترفقه بالمتألمين إذ أخلى نفسه من فرحته النبوية لما سيكون، فبكى كما يستلزمه الإشفاق وتحتم به المودة. أما الأختان، فإذ اختفت رؤية القيامة عن مستوى إيمانهما بكتا بكاءً مُرَّا خُلواً من فرحة النبوة المسبقة بما سيكون! وأمام القبر وقف رب الحياة وسيد القيامة ونادى لعازر، فقام، وقام معه رجاء الإنسان كله كل بني آدم بالحياة الأخرى. والذي نادى لعازر باسمه فقام من بين الأموات ويداه ورجلاه مربوطات سيأتي وسينادي الإنسان، كل إنسان، لقيامة أبدية ودينونة وحياة. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
15 أبريل 2024

يوم الاثنين من الأسبوع السادس (لو ١٣: ١ - ٥)

[وَكَانَ حَاضِراً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ الْجَلِيلِيِّينَ الَّذِينَ خَلَطَ بِلَاطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ، فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ الْجَلِيلِيِّينَ، لأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هَذَا؟ كَلَّا أَقُولُ لَكُمْ. بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ. أَوْ أُولئِكَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ وَقَتَلَهُمْ، أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟ كَلَّا أَقُولُ لَكُمْ ۚ بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ]. إن لم تتوبوا الرب في هذا الإنجيل أعطى مثلين لنوعين من الكوارث التي يُفاجأ بها الناس: أولاً : الكوارث الاجتماعية: وفيه يتحدث هذا الإنجيل عن الصدام الدموي الذي حدث بين الجليليين وبين الجنود الرومان داخل الهيكل. كانوا يظنون أن الهيكل سيدافع عنهم، ومن أمثلة هذا النوع الكوارث التي يتسبب فيها الإنسان كالحروب والاضطهادات العنصرية والصراعات المسلحة. ثانياً : الكوارث الطبيعية، والمثال الذي يقدمه الإنجيل هو سقوط برج على الناس مما أدى إلى موتهم. ويندرج تحتها كل ما ينشأ من الطبيعة وليس للإنسان يد فيها، مثل الزلازل والأعاصير والأمراض والحرائق.ولكن ما هي وجهة نظر المسيح في هذين النوعين من الكوارث؟ المسيح يرتفع بهذه الحوادث كلها ولا ينسب سببها إلى خطية محددة، فهو ينفي عن أولئك الذين قتلهم بيلاطس أنهم كانوا أكثر خطية من غيرهم، وهو أيضاً لا ينعت الجماعة التي قتلهم البرج في سقوطه بأنهم أكثر شراً من الآخرين. ولكنه يستطرد ويقول: إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون. وهنا يجب أن نلاحظ بعض الأمور: ١- أن الكارثة سواء كانت طبيعية أو اجتماعية هي عظة تنبيهية، هي إنذار، سواء لك أو لمن معك، أو للجماعة، أو للمدينة أو للشعب، إذن فعليك إذا تواجهت مع كارثة، فلا تبحث عن سببها، بل عليك بالتوبة. ٢- إن أي كارثة سببها خطية، ولكن ليس خطية الذين ماتوا فقط؛ ولكن خطية الكل. إنها خطية الذين ماتوا وخطية الذين نجوا، وهذا ما يوضحه المسيح عندما قال: أتظنون أن هؤلاء أكثر خطية من الآخرين، بمعنى إنهم كانوا خطاة مثلهم تماماً، وهو يجيب بالنفي التام. ٣- إن كل كارثة نسمع بها أو نراها أو ندخل فيها هي إنذار لكارثة أعم أكبر قادمة، ما لم يتبعها توبة. ٤ - التوبة قادرة أن توقف أي كارثة في الحال. والذي يسترعي انتباهنا في قول المسيح: جميعكم تهلكون»، إن "جميعكم" معناها أن الخطر القادم سيكون أشد ضراوة وسيشمل ويعم الجميع؛ فإذا كان البرج قد قتل فقط ثمانية عشر؛ فتعالوا انظروا ماذا فعل تيطس بمدينتهم أورشليم، حيث ارتكبت فظائع يندى لها الجبين. كان المسيح يرى الحاضر ويرى القادم ويرى وسيلة الخلاص من القضاء المحتم وقوعه. وهنا تظهر التوبة أمامنا بجلاء كقوة عظمى قادرة أن تُغيّر قضاء الله وتغير القانون المحتوم. الله ليس عنده قوانين محتمة القوانين مُحتمة علينا نحن فقط. الله حر في جميع قوانينه. والعجيب المذهل هو أن الله، وهو صاحب القضاء وصاحب القانون ألزم نفسه إن جاز التعبير، وهو جائز بأنه مستعد أن يُغيّر جميع أقضيته، وجميع حتمياته المقدر وقوعها إذا الإنسان تاب. هنا ترتفع التوبة في عيني أي إنسان لكي تبلغ إلى قامة الله في قدرته على تنفيذ الحكم، وفي نفس الوقت على رفع الحكم. الخطية تجعل الله ينفذ الحكم؛ والتوبة تجعله يلغيه.انظروا إلى أي مدى يعتمد الله علينا في قضائه وأحكامه.ولكن الشيء الأعجب من هذا كله هو أن الله لا يريد التوبة من الجميع، يكفيه عشرة فقط تائبين. واقرءوا المحادثة الرائعة التي دارت بين إبراهيم والله، وكيف تشفع فيهم إبراهيم حتى لا يحرق سدوم وعمورة معتمداً على وجود عشرة أشخاص فقط تائبين فيهما. المسيح يريد واحداً من كل بيت أو حتى من كل بيتين. مطلوب فدائيين للتوبة عن كل العالم مطلوب جماعات فدائية تتوب لأجل لمصر ولكل بلد، تكرّس حياتها الخاصة للصلاة والتقوى والتوبة عن نفسها والآخرين. لكي يرحم الله العالم ويرفع غضبه. أرجوكم انتبهوا،هذه هي مسئوليتكم! والآن ما هو موقفنا نحن يا مسيحيين، من إنجيل هذا اليوم؟ يجب أن نعلم أولاً أنه ليس هناك أفكار أو فتاو بشرية؛ ولكن المسيحية محكومة وقائمة على قدمين ١- إنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله. لذا فإن كل كارثة تحدث للشخص المسيحي هي أمر داخل في اعتبار الله واعتبار المنهج المسيحي للخلاص وتكميل الرسالة. لذلك يقول: «لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة»، بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل الملكوت»، في العالم سيكون لكم ضيق»، «سيأتي وقت يظن فيه كل من يقتلكم أنه يؤدي خدمة الله». إذا ليس في الأمر جديداً، ونحن لهذا نحيا، ولهذا ولدنا،وإن متنا بها؛ يا مرحبا. ٢- علينا أن نرى مسيحنا ونتعلم منه ففي أوج محنة آلامه وصلبه طلب من الآب أن يغفر خطايا أعدائه، وكأنه يقول: لا تجعل صليبي وموتي سبباً لدينونتهم، اغفر لهم، أنا مصلوب من أجلهم. لذلك لابد من حتمية الصفح والغفران للمسيئين.ما أعظم الصليب ! إذ ليس في كل ما يُعرض على الإنسان من كرامة ومجد يساوي حمل الصليب هذا هو منهجنا. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
21 أبريل 2024

المولود أعمى " الخطية و العمـــــــــى "

إنجيل هذا الصباح المُبارك يا أحبائى 0إنجيل المولود أعمى ، فالكنيسة بتضع هذا الإنجيل فى أخر آحاد الصوم المقدس وتُسميه " إنجيل الإستنارة " وهو بإسم " أحد التناصير " وهو الذى يُعمدّ فيه غير المؤمنين الكبار الداخلين للإيمان 0وكانوا يدخلوا مع غير المؤمنين ويتناولوا من الأسرار المُقدسة فالكنيسة إختارت فصل يُناسب هذا اليوم وهو فصل المولود أعمى وهو معناه أنّه إنسان يعيش فى الظلمة وتحت نير الخطايا الثقيلة0وعندما يتقابل مع المسيح ينال الإستنارة علينا أن نجتاز خبرة إجتياز الظُلمة وننتقل للنور ، لابد أنّ كل واحد فينا يكون له نصيب مع المولود أعمى ويُبصر معه ولذلك يقول السيد المسيح " فقال يسوع لدينونة أتيت أنا إلى هذا العالم حتى يُبصر الذين لا يُبصرون ويعمى الذين يُبصرون " ( يو 9 : 39 ) بنعمة ربنا أريد أن أتكلّم معكم فى ثلاث نقاط :- 1- علاقة الخطية بالعمى ( العمى خطية ) الخطية إنفصال عن الله 0ومن يفعل الخطية يفعل التعدى والله هو نور ، وهو مصدر الإبصار ، فهو النور وليست العين هى النور ، فالنور هو الذى يُحدث إنعكاسات على العين فترى هكذا الإنسان الذى يحيا فى غياب عن حضرة الله ، وغياب عن النور فعينه عين لا ترى ، أخطر شىء هو أنّ الخطية تجعلنى أعمى لا أرى0أمور كثيرة مخفية عن عينى ، فيفقد الإنسان ميراثه الأبدى ، ويفقد البهجة ويفقد السرور وإناره عيون العُمى لم يعملها أحد سوى ربنا يسوع المسيح فقط إقرأ فى الكتاب المقدس ستجد إيليا أقام ميت موسى شق البحر الأحمر إليشع أقام ميت ولكن إعطاء البصر للعُميان هى صفة من صفات المسيا وهى صفة من صفات الخلاص ، ولذلك يقول " العُمى يُبصرون والخرُس يتكلّمون " ففى البداية ذكر العُمى يُبصرون مادام العُمى يُبصرون فإنّه لم يكن أحد النفس التى لم تتقابل مع ربنا يسوع فإنّها تكون فى عمى ، ولا تشعر بخطيتها نفس لم تعرف خطيتها لماذا ؟! لأنّه يوجد عمى فى الداخل ولكن عندما تتقابل مع المسيح فإنّ النور ينكشف لها وتبدأ النفس تكتشف الكبرياء الذى بداخلها وتتكلّم عن محبة الأعداء وعن إدانة الآخرين وعن فالعمى بيجعل الإنسان لا يشعر بالخطية وهو بيفعلها ، القديس مارإسحق يقول قول جميل جداً " إنّ الذى يبُصر خطاياه أعظم من الذى يُبصر ملائكة " معرفة خطيتى هذا أمر مهم جداً ، فالإنسان المُستنير لنور الروح تجده يعرف خطيته ويُصلّى من أجلها بإستمرار ، بإستمرار فالقديس الأنبا مكاريوس كان يرى فخاخ العدو ، فالإنسان المُستنير بالروح مُتمتّع بهذه الصفة ولذلك ربنا يسوع يريد أن يُركّز معنا على أن يكون عندنا عيون مُنيرة من الداخل( عين القلب ) فهى التى تكشف وتفحص ، فلو أنا عين قلبى فاقدة البصيرة فممكن أن يكون لى نصيب مع المولود أعمى وعينى تفتح فأطلب من ربنا وأقول له مستحيل أن أخرج من الكنيسة وأنا لم أرى ، قُل كلمة واحدة فأرى ، إصنع طين وإطلى عينى فابصر فى الحال ولذلك عدو الخير يريدنا أن نعيش فى هذا العمى ، ولذلك فى أهل سدوم يقول عنهم الكتاب " ضربهم بالعمى " ، عدو الخير يريد أن يستخدم العين لحساب مملكته ويحارب النفس بشهوة العين ، لدرجة أيام أبونا آدم وحواء يقول لنا الكتاب أنّ الشجرة " شهية للنظر وبهجة للعيون " ففيها كلمتين عن العين فالنظر مهم جداً ، فلم يقُل شهية للأكل ولذلك يقول لنا الكتاب أنهّم عندما أكلوا منها إكتشفوا عُريهم ، إبتدأوا يُشعروا بالعُرى والخزى0ولذلك يقول الكتاب " لأننّا لا نجهل حيلُة " القديس بولس الرسول عندما إهتدى للإيمان المسيحى كانت توجد قشور على عينيه وسقطت فلابد أنّ القشور التى على عينيه تسقُط عندما يتقابل مع المسيح فمن الأمور التى تجعل الإنسان يرى كيف أنّ الخطية بتعمى العين هى قصة شمشون فجاءت له بنت وقالت له " أخبرنى بماذا قوّتك ؟! بماذا تُوثق لإذلالك " ( قض 16 : 6 ) ، تخيلّوا كيف أنّ السؤال واضح جداً ، ففى مرة قال لها " إذا اوثقونى بسبعة أوتار طرية لم تجف أضعُف وأصير كواحد من الناس " وفى مرة أخرى قال لها " إذا أوثقونى بحبال جديدة لم تُستعمل أَضعُف وأصير كواحد من الناس " وفى مرة أخرى قال لها " إذا ضفرتِ سبع خُصل رأسى مع السدى " ، فكل هذه مرات ربنا بيعطيك فرص لكى ترجع عن العمى الذى أنت فيه وأنت غير شاعر بالخطية بتعمى إلى أنّه فى النهاية قد عرفوا سر قوتّه وقصّوا شعره لأنّه كان نذير للرب وأذلّوه وفارقته قوتّه " فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه ونزلوا به إلى غزّة وأوثقوه بسلاسل نُحاس وكان يطحن فى بيت السجن " ( قض 16 : 21 ) الخطية بتعمى يا أحبائى ، وبتجعل الإنسان لا يُدرك إنذارات الله ، يقولوا عن شخص قد مرض بمرض صعب جداً ، فشعر أنّ ربنا سيأخذه ، فطلب من ربنا وقال له يارب لا تسمح بأن أفارق الدنيا الآن أعطينى فرصة سنة أو أثنين لكى أتوب ، وفعلاً ربنا سمع كلامه وأعطاه هذه الفرصة ، وبعد ذلك جاء اليوم الذى سيموت فيه فحزن جداً وقال لربنا لماذا لم تقُل لى عن اليوم الذى سأموت فيه ، فقال له الرب أنا قُلت فى اليوم الذى ذهبت فيه للكنيسة أنا أنذرتك فى القراءات أنا أنذرتك فى الموقف الفُلانى0 2- فقد الرؤية:- الخطية تجعلنى أفقد الرؤية ، أى لا أرى إلاّ ما هو أرضى ، وأنسى السماويات فافقد صُلب الحياة المسيحية ، وعندما أرى الأرضيات أُغلب للزينة وللزخرفة والأكل واللبس فأفقد الرؤية ، وإبتدأت الأبدية بالنسبة لى فيها لون من الوهم والخيال وعدم التصديق وهذا يجعل الإنسان غير قادر أن يرى بعينيه الأمور الخفية0 جحزى كان يرى أنّ الجيش محاصرهم فإضطرب وخاف جداً وذهب لإليشع وقال له يوجد جيش محاصرنا فماذا نفعل ، فأخذه إليشع للخارج وقال للرب " يارب إكشف عن عين الغُلام ليرى أنّ الذين معنا أكثر من الذين علينا " لأنّ الذين معنا غير مرئيين ، فهل أنت تريد أن تجعل ركائزك على المرئيات ؟!! فأنت بذلك سوف لا تتمتّع بالمجد السماوى ففى قصة يعقوب وعيسو ، عيسو باع البكورية بأكلة عدس ، تخيلّوا أنّه قال " أنا ماضى إلى الموت بماذا ستنفعنى البكورية " فهو فاقد الرؤية ، فإن لم يبيع البكورية لكان يأتى من نسل عيسو المسيح ، وكان عيسو سيكون بو الآباء ، فهو أراد أن يأخذ شىء محسوس إياك أن تُدرك المسيح الذى على المذبح بالمرئى لأنّه غير محسوس وغير مرئى ، إياك عندما تُصلّى أن تتلّمس فى حياتك الروحية شىء مرئى الخطية يا أحبائى تجعل الإنسان فاقد الرؤية ، ولذلك عدو الخير بيحاول معنا جاهداً لكى يفقدنا رؤيتنا ففى سفر صموئيل يوجد ناس قّوروا أعيُن شعب الله ، فعدو الخير يريد أن يأخذ منى نورى وفرحى ومجدى الكنيسة بتقرأ لنا هذا الفصل لكى ترجّع لى نور عينى ، الخطية بتحجز النور عنى وبتفقدنى الرؤية0 3- فقد المعرفة:- الخطية بتجعل الإنسان يعيش فى تكبّر وفى جهل ، ولا يعرف إرادة الله فى حياته ، ولا يُدرك الأمور الروحية ، ومهما كانت إنذارات الله فإنّه لا يُدركها لا يُدرك التجسّد وكيف أنّ الله تجسّد وجاء بغير زرع بشر ،وكيف أنّ المسيح هو الديان وعندما تسأله من يكون المسيح ؟! يقول لك لا أعرف ، ولا يُقر أنّه هو الله ،ولذلك قال الكتاب" إنّ إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين " ومن القصص العجيبة فى سفر صموئيل أنّ الفلسطينيين أخذوا تابوت العهد ووضعوه فى هيكل الإله لاون فإلههم وقع على وجهه فأرجعوه كما كان وقالوا يمكن أنّ الذى حدث من باب الصُدفة ، ولكن الذى حدث فى ثانى يوم أنّه ليس فقط وقع على الأرض ولكن رقبته كُسرت ورجليه ، فقالوا هذا حدث لأنّ إلهنا غير مُستريح مع إلههكم وعندما وقعوا على العتبة إبتداوا يُقدّسوا العتبة لهذه الدرجة من الحماقة ؟!! نعم فكثيراً ما نسمع عن ظهورات القديسين ، والست العدرا تظهر لشهور وتظهر فى الزيتون أمام الجميع ، ولكن من عرف المسيح ومن يكون ؟! فإله هذا الدهر قد أعمى غير المؤمنين ، لأنّ الإستنارة تحتاج لفعل روحى ، تحتاج أنّ الروح يكون نشيط ، نحن مُحتاجين أن نكون حارين فى الروح لكى يتجلّى الله فى داخل القلب ، ولذلك يا أحبائى صعب جداً أن يتفق النور مع الظُلمة فإن رأيت إثماً فى قلبى لن يستمع الرب لى يا ليتّ تكون ثمرة صومك إستنارة فى الداخل ، فلا يكون عدم الإيمان مالك على حياتك النفس المُستنيرة بالروح تقرأ الإنجيل فتجده مُنير ،فالنفس يا أحبائى التى عين قلبها مُستنير تجد الإنجيل ينّور حياتها ربنا يسوع يفتح عيوننا الداخلية لنرى ما لا يُرى ، لنُجدّد عهد معموديتنا كل يوم ربنا يسند كل ضعف فينا ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
18 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (۳) مَا هوَ الحل ؟

سقط آدم تحت حكم الموت ، وفسدت طبيعته بالخطيئة ، فلم تعد تثمر سوى الخطيئة ،كامنة في أعماق أولاده، وواضحة في سلوكهم اليومي ولاشك أن إلهنا العظيم لم يتوقف لحظة ليفكر فيما يفعله لحل هذه المشكلة .. كما أنه تكن لديه حوارات واختيارات مطروحة ليرى أيهما أفضل هذه كلها مجرد تعبيرات بشرية عن الفداء تحاول أن تقترب بنا إلى جوهر الأمر، كما هو فى ذهن الله منذ الأزل ، وقبل أن يخلق آدم وحواء وهو إلهنا العظيم ، عالم بكل شيء ، وقادر على كل شيء ، ولا يستحيل عليه شيء ، أو يخفى عليه شيء الأزلية مكشوفة أمامه ، وكذلك الأبدية الكمالات في جوهره تتكامل ولا تناقض هو المحبة العدل أو قل هو العدل المحب والمحبة العادلة أو قل هو فوق هذا كله !! فإلهنا ليس في متناول إدراكنا البشرى القاصر العاجز المحدود إن هي إلا اشراقات أساسها الوحى المقدس، والروح القدس اشراقات تحاول أن ترفع الذهن البشرى، ليدرك بعض أسرار التدبير الإلهى ، في خلاص الإنسان . بدائل ممكنة : ۱ - الغفران : هل كان ممكناً أن يسامح الله آدم وحواء ؟ ما هي المشكلة هنا ؟ إن إلهنا محبة، وكله محبة ، فلماذا لا يسامح آدم وحواء. وينتهى الأمر تماماً ؟! أليس هو القائل « من يقبل إلى لا أخرجه خارجاً» (يو٦ : ٣٧) . وحتى في العهد القديم يقول « أنا أنا هو الماحى ذنوبك لأجل نفسي، وخطاياك لا أذكرها »( اش ٤٣ : ٢٥ ) ولكن إذا سامح الله آدم بسبب محبته اللانهائية فأين عدله اللانهائي الذي حكم بالموت . ولابد من تنفيذ هذا الحكم العادل كذلك إذا سامح الله آدم فلن ينته الأمر عند هذا الحد! فالغفران شيء، وتطهير وتقديس الطبيعة التي فسدت شيء آخر أهم . ومن السهل أن تدفع عن السارق المبلغ الذي سرقه ، ولكن الأهم أن تتغير طبيعته فلا يعود إلى السرقة !! ولهذا كان التجسد، والفداء، تقدياً للكيان الإنساني والطبيعة البشرية : "دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية " ( ابوا : ٧) "يسوع لكي يقدس الشعب بدم نفسه ، تألم خارج الباب " ( عب ۱۳ : ۱۲ ) . ٢ - الإفناء : وهذا حل آخر ممكن، أن يفنى الرب آدم وحواء ، ويخلق آدم جديد وحواء جديدة! ما المشكلة هنا ؟ المشكلة أن هذا اعتراف - وحاشا لله بالعجز، فها قد خلق الله الإنسان، واستطاع الشيطان أن يفسد خليقة الله ويضطر الله أن يفنيها . إنها تصرة شيطانية، لا تليق بقدرة الله غير المحدودة ، وكرامته ومجده كخالق !! كذلك ففرصة سقوط آدم الجديد وحواء الجديدة ممكنة وقائمة ومستمرة، فالله هو الله ، والإنسان هو الإنسان، والشيطان هو الشيطان ومادام الله سيخلق الإنسان حراً فيسقط ويتكرر الأمر هل الحل أن يخلق الله آدم مقيداً ، وبلا حرية ؟ هذا مستحيل لأن الله من الأساس أراد أن يخلق الإنسان حراً، وقادراً على الاختيار، لكي يأتي إليه بكامل حريته و بعد أن يتذوق طرقاً أخرى . وبالطبع فخلقة آدم مقيد بدل آدم الهالك، لن تلغى أن آدم الأول هلك ، وأن الشيطان انتصر، لهذا اضطر الله أن يخلق دمية جديدة أو قطعة شطرنج لن تفترق شيئاً عن الأشجار أو الحيوانات !! إذن ، فلابد من حل آخر إنه الفداء . (يتبع) نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد العشرون عام ١٩٨٩
المزيد
14 أبريل 2024

الصوم والشفاء من الخطايا

اليَوْم هُوَ الأحَد السَّادِس مِنْ الصُوْم المُقَدَّس وَالكِنِيسَة تُسَمِيه أحَدٌ المِخَلَّع لِذلِك نُحِب أنْ نَأخُذ فِكْرَة سَرِيعَة عَنْ آحَاد الصُوْم وَارْتِبَاطْهَا بِبَعْضَهَا البَعْض هُمْ مِنْ البِدَايَة إِلَى النِهَايَة تِسْعَة آحَاد وَيُمْكِنْ تَقْسِيمَهُمْ إِلَى ثَلاَث مَجْمُوعَات كُلَّ مَجْمُوعَة تَضُمْ ثَلاَث آحَاد :- الثَّلاَثَة الأُولَى أُسْبُوع الإِسْتِعْدَاد ( الوَصِيَّة ) أُسْبُوع الكُنُوز أُسْبُوع التَجْرُبَة. الثَّلاَثَة الثَّانِيَة أُسْبُوع الإِبْن الضَّال ( الشَّاطِر ) أُسْبُوع السَّامِرِيَّة أُسْبُوع المِخَلَّع. الثَّلاَثَة الثَّالِثَة أُسْبُوع المَوْلُود أعْمَى ( الإِسْتِنَارَة) أُسْبُوع الشَّعَانِين ( السَّعَفْ ) أُسْبُوع القِيَامَة. تَبْدَأ الرِّحْلَة بِهذَا التَّسَلْسُل فِي أُسْبُوع الإِسْتِعْدَاد الكِنِيسَة تَقُول لاَبُد وَأنْ يَكُون لَكَ أسْلِحَة تُحَارِب بِهَا وَتُظْهِر الكِنِيسَة هذِهِ الأسْلِحَة فِي الوَصِيَّة " الصَدَقَة الصُوْم الصَّلاَة " وَنَجِد أنَّ الصَدَقَة تَتَقَدَّم عَنْ الصُوْم وَالصَّلاَة وَهُمْ يُمَثِّلُوا مُثَلَّث أهَمْ ثَلاَث عِلاَقَات لَنَا مَعَ الله :- لأِنَّ الصَدَقَة هِيَ عِلاَقَتِي بِالآخَر وَأنَّ عِنْدِي حَنَان وَأشْعُر بِمَدَى إِحْتِيَاجَاتُه وَأنَّهَا جُزء مِنِّي . وَالصُوْم يُمَثِّل عِلاَقَتِي مَعَ الله . وَالصُوْم تُمَثِّل عِلاَقَتِي مَعَ نَفْسِي . هَؤُلاَء الثَّلاَثَة مُرْتَبِطِين فِي البُّنَاء الرُّوحِي لأِنَّهُ حِينَمَا تَنْمُو عِلاَقَتِي مَعَ الله يَزْدَاد قَبُولِي لِلآخَروَقَبُولِي لِنَفْسِي لِذلِك نَتَعَجَّب أنَّ الوَصِيَّة تَبْدَأ بِالصَدَقَة لأِنَّهَا نَتِيجَة لِلعِشْرَة مَعَ الله لأِنَّهَا كُلَّمَا زَادِت زَادَ حُنُوَك نَحْوَ الآخَرِين مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول { لِكَيْ تَكُونَ فِي هذَا الْوَقْتِ فُضَالَتُكُمْ لإِعْوَازِهِمْ كَيْ تَصِيرَ فُضَالَتُهُمْ لإِعْوَازِكُمْ حَتَّى تَحْصُلَ الْمُسَاوَاةُ } ( 2كو 8 : 14) بِمَعْنَى أنْ تَتَسَاوَى الفَضَلاَت مَعَ الإِعْوَاز وَالصَّلاَة هِيَ عِشْرَة خَفِيَّة مَعَ الله دَاخِلِيَّة لِذلِك لاَبُد وَأنْ يَكُون لَكَ جِهَاد بِينَك وَبَيْنَ الله وَالصُوْم عِلاَقِة ضَبْط لِلنَّفْس أسْلُك بِالرُّوح وَلاَ أُكَمِّل شَهْوِة الجَسَد وَلاَ أكُون مُنْصَاع وَرَاء شَهَوَاتِي وَحِينَمَا تَصِل فِي هذَا الأُسْبُوع إِلَى هذِهِ المَرْحَلَة تَتَصَدَّق وَتَصُوم وَتُصَلِّي فَالكِنِيسَة هُنَا تُحَذِّرَك لأِنَّكَ بِهذَا تَضَعْ كِنْز فِي السَّمَاء لَك { اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرِّهِ وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ } ( مت 6 : 33 ) تَدَرَّب فِيك عُيُون مُشْتَاقَة لِلسَّمَائِيَات وَقُلُوب مَرْفُوعَة لله وَغِير نَاظِرِين لِلأرْضِيَات { وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأشْيَاءِ الَّتِي تُرَى بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى } ( 2كو 4 : 18) وَيَكُون قَلْبِي وَفِكْرِي فِي السَّمَاء . ثُمَّ يَأتِي الأحَد الثَّالِث وَطَالَمَا أصُوم وَأتَصَدَّق وَأُصَلِّي وَقَلْبِي مُكَرَّس وَمَشَاعِرِي مُكَرَّسَة أسْتَعِد لِلتَّجْرُبَة وَاحْذَر لأِنَّ العَدُو لَنْ يَتْرُكَك فَسَيُحَارِبَك بِالطَّعَام وَمَبَاهِج العَالَم وَحُرُوب تَشْكِيك لاَبُد أنْ تَعْرِف أنَّ رِحْلِة الصُوْم بِهَا تَسَلْسُل مُعَيَّن وَاعْلَم أنَّكَ بَدَأت مِنْ الدَّاخِل حِينَمَا يُحَارِبَك العَدُو وَحَتَّى إِنْ كَانَ جِهَادْنَا الدَّاخِلِي غِير مُنْضَبِط وَلكِنْ العَدُو يُحَارِبْنَا لأِنَّ الَّذِي يَعِيش مَعَ رَبِّنَا بِأمَانَة وَصِدْق وَيَسِير فِي الرِّحْلَة بِانْتِظَام يَهِيج عَلِيه العَدُو جِدّاً الصُوْم المُقَدَّس بِالذَّات مَا الَّذِي فِيهِ ؟لأِنَّكُمْ أُنَاس أوْلاَد الله أعْلَنْتُمْ حَرْب عَلَى رَئِيس هذَا العَالَم وَجَهِّزْتُمْ أسْلِحَة وَالعَدُو يِهِيج جِدّاً وَلكِنْ إِحْذَر مِنْ الغَلْبَة مِنْ الخَطَايَا الذَّاتِيَّة وَالَّتِي فِيهَا تَكُون مَغْلُوب مِنْ نَفْسَك وَاحِد مِنْ أوْلاَد القِدِيس مَقَارْيُوس الكِبِير جَاءَ لِيَشْكُو حَالُه لأَبُو مَقَّار وَالعَدُو يُقَاتِلُه بِاسْتِمْرَار فَصَلَّى أبُو مَقَّار لأِجْلُه كَثِيراً وَأخِيراً ظَهَرَ عَدُو الخِير لأَبُو مَقَّار وَقَالُّه إِنْ صَلاَتَك هذِهِ تِحْرَقْنِي وَلكِنْ لَسْتُ أنَا المُخْطِئ بَلْ هُوَ لأِنَّهُ يَنَام كَثِيراً وَيَأكُل كَثِيراً لِذلِك إِنْسَان قَلْبُه فِي السَّمَاء وَيُحَارِب مَعَ العَدُو وَغَلَب وَلكِنْ سَتَظَل الحُرُوب مَوْجُودَة أنْتَ مُعَرَّض لِحُرُوب شَرِسَة مُعَرَّض لِلتَعَبْ وَسَطْ الطَّرِيق فَهُنَا تَبْدَأ الكِنِيسَة تِسْنِدَك لأِنَّهُ فِي أحَدٌ الإِبْن الضَّال هُوَ يُمَثِّل مَدَى شَنَاعِة الخَطِيَّة وَتَأثِيرْهَا عَلَى الإِنْسَان وَالَّتِي تَجْعَلُه لاَ يَسْتَحْسِن البَقَاء فِي بَيْت الله لأِنَّكَ مُمْكِنْ تِكُون مَوْجُود مَعَ الله وَتَتْرُك البِيت وَتَنْسَى العَزِيمَة الأُولَى وَلكِنْ الإِبْن الشَّاطِر رِجِعْ بِسُرْعَة وَلكِنْ هُنَاك أُنَاس تُقَعْ ( تَسْقُط ) وَتَتَكَرَّر الخَطِيَّة وَهيَ الَّتِي تُمَثِّل السَّامِرِيَّة وَلكِنْ هُوَ يَقُول أنَا رَجَاءَك حَتَّى وَلَوْ تَرَكْت بِيت أبُوك وَصَارَ لِلخَطِيَّة سُلْطَان عَلِيك وَلكِنْ أنْتَ لَكَ رَجَاء ثُمَّ نُدْخُل عَلَى أحَدٌ المِخَلَّع وَهُوَ لَيْسَ مُجَرَّد تِكْرَار لِلخَطِيَّة بَلْ حَالَة مِنْ الإِسْتِسْلاَم الكَّامِل وَالشَلَل لِلأعْضَاء فِي الذِّهْن وَالجَسَد وَالنَّفْس وَعَدَم القُدْرَة عَلَى أخَذْ القَرَار وَعَدَم القُدْرَة عَلَى إِعْلاَن الرُجُوع إِلَى الله ثُمَّ نُدْخُل إِلَى الهَدَف مِنْ الصُوْم وَهُوَ " الإِسْتِنَارَة " وَنَوَال فَوَائِد المَسِيرَة الرُّوحِيَّة وَلكِنْ لاَ خَلاَص خَارِج بَيْت الآب المَمْلُوء بِالعِجْل المُسَّمَن وَالحُلَّة الأُولَى لأِنَّ أُسْبُوع السَّامِرِيَّة يُمَثِّل الإِرْتِوَاء مِنْ ثِمَار الرُّوح القُدُس وَأُسْبُوع المِخَلَّع لَيْسَ أنْ تَقُوم فَقَط بَلْ وَخَطَايَاك مَغْفُورَة وَتَحْمِل سَرِيرَك وَفِي الإِسْتِنَارَة تَقُول{ كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ } ( يو 9 : 25 )هُنَاك أُمُور كُنْتُ أُقَيِّمْهَا بِشَكْل خَاطِئ وَلِي مُعَامَلاَت خَاطِئَة مَعَ مَنْ حَوْلِي فَأبْدَأ فِي تَغْيِير كُلَّ هذَا وَذلِك يَتِم بِالمَعْمُودِيَّة فِي أحَدٌ الإِسْتِنَارَة وَبِالسَعَفْ فِي دُخُول الْمَسِيح لأِورُشَلِيم لأِنَّ أُورْشَلِيم هِيَّ نَفْسَك وَقَلْبَك وَدُخُولُه فِيهَا هُوَ إِعْلاَن إِنْتِصَار عَمَل نِعْمِة الله رَغم كُلَّ مَكَائِد الأعْدَاء رَغم الحُرُوب لأِنَّ الله أحَبَّ أُورُشَلِيم { الرَّبُّ أَحَبَّ أَبْوَابَ صِهْيَوْنَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ } ( مز 87 : 2 ){ هَهُنَا أسْكُنُ لأِنِّي أرَدْتَهُ } ( مز 132 : 14 ) ثُمَّ نُكَلَّل بَعْد كُلُّ هذَا بِالقِيَامَة وَانْتِصَارْهَا وَاليُوْم نَتَكَلَّم عَنْ المِخَلَّع وَآخِر شِئ وَصَلِت إِلِيه الخَطِيَّة هُوَ إِنْسَان مَشْلُول جَالِس عِنْدَ بَيْت حَسْدَا وَهيَ تَعْنِي " بَيْت الرَّحْمَة " وَالَّذِي يَحْدُث هُنَاك أنَّ هذِهِ البِرْكَة يَأتِي إِليْهَا مَلاَك أحْيَاناً وَيُحَرِّك المَاء وَالَّذِي يَنْزِل أوَّلاً يُشْفَى وَلكِنْ كُلَّ وَاحِد مِنْ الَّذِينَ حَوْلَ البِرْكَة مَعَهُ مَجْمُوعَة مِنْ الأصْدِقَاء لِيُسَاعِدُوه حِينَمَا يَأتِي المَلاَك وَيُلْقُوه فِي البِرْكَة لِيُشْفَى وَلكِنْ حِينَمَا يَتْرُكَهُ الكُلَّ يَكْتَئِب لأِنَّهُ مُمْكِنْ لأِعْمَى وَلكِنْ يَسْتَطِيع الحَرَكَة فَحِينَمَا يَسْمَع أنَّ المَلاَك جَاءَ وَحَرَّك المَاء يُلْقِي بِنَفْسُه وَآخَر مَرِيض بَرَص وَأيْضاً يَسْتَطِيع أنْ يُلْقِي بِنَفْسُه وَلكِنْ لِهذَا المِخَلَّع يَا لَهَا مِنْ حَسْرَة لأِنَّهُ كَثِيراً مَا رَأى المَلاَك وَأُنَاس تُشْفَى وَهُوَ لَمْ يَنْزِل وَرَغم كُلَّ هذَا نَجِد فِي هذَا الرَّجُل مِيزَة عَظِيمَة جِدّاً وَهيَ أنَّهُ لَمْ يَخْرُج مِنْ البِرْكَة ظَلَّ بِجَانِبْهَا رَغم كُلَّ هذَا الزَّمَان وَلَمْ يَفْقِد رَجَاءُه وَلَمْ يَتْرُك مَكَانُه لأِنَّهُ قَالَ فِي نَفْسُه يُمْكِنْ أنْ يُشْفِق عَلَيَّ أحَدٌ حِينَمَا يُحَرِّك المَلاَك المَاء فَهُوَ بِذلِك يُعْطِينَا نَمُوذَج لِعَدَم فَقْد الرَّجَاء لأِنَّ عَدُو الخِير لاَ يُهِمُّه إِنْ كُنَّا نُخْطِئ كَثِيراً أوْ قَلِيلاً وَلكِنْ الَّذِي يَهِمُّه هُوَ أنْ نِبْعِد عَنْ الله وَأنْ يَقْطَع رَجَاءَنَا بِهِ وَيَكُون سُور بَيْنَك وَبَيْنَ الله لأِنَّ الإِنْسَان نَرَاه يِحْزَن عَلَى الخَطِيَّة وَلاَ يَحْزَن أنَّهُ بَعِيد عَنْ الله لأِنَّهُ كَيْفَ أخْطَأت ؟ لاَ يَهِمْ وَلكِنْ المُهِمْ أنَّكَ إِبْتَعَدْت عَنْ الله لأِنَّهُ مِنْ المَفْرُوض أنْ تَكُون نَتِيجِة الخَطِيَّة هُوَ أنْ تَقْتَرِب مِنْ الله وَلَيْسَ العَكْس كَلِمَة جَمِيلَة جِدّاً يَقُولَهَا أبُونَا فِي تَحْلِيل صَلاَة نِصْف الَّلِيل { لاَ تَقْطَع رَجَاءَنَا يَا سَيِّدِي مِنْ رَحْمِتَك } لِذلِك مَهْمَا الشَّيْطَان أصَابَنَا بِشَلَل فِي الفِكْر وَالجَسَد إِلاَّ أنَّهُ لَنَا رَجَاء فِي الْمَسِيح يَسُوع الجَمَال فِي عَمَل نِعْمِة رَبِّنَا أنَّهَا مُتَافَضِلَة أي أنَّهَا تَزِيد زِيَادَة غِير مُتَوَقِعَة لأِنَّ هذَا مِنْ طَبْع الله كَثِير التَّحَنُّن وَالإِحْسَان لِكَي أتَمَجَّد فِيهِ وَأعْطَى الإِنْسَان أنْ لاَ يَفْقِد رَجَاءُه أبَداً مَهْمَا مَضَى مِنْ الزَّمَان وَكُلَّمَا صَعَبِت حَالِة الإِنْسَان كُلَّمَا زَادَ عَمَل الله فِيهِ لَكَ رَجَاء فِي الْمَسِيح يَسُوع مَهْمَا كُنْت عَايِش فِي الخَطِيَّة وَلكِنْ اليُوْم أنْتَ لَسْتَ جَالِس عِنْدَ البِرْكَة الَّتِي كَانَ لَهَا خَمْسَة أرْوِقَة وَهيَ الَّتِي تُمَثِّل التَوْرَاة وَلَكَ أنْتَ أنْ تَعْرِف الفَرْق بَيْنَ الضَّأن وَهُوَ الَّذِي كَانَتْ تُقَدَّم عِنْدُه الذَّبَائِح قَدِيماً وَبَيْنَ مَسِيح العَهد الجَدِيد :- 1- فِي العَهد القَدِيم يَذْهَب الإِنْسَان وَيُقَدِّم ذَبِيحَة وفِي العَهد الجَدِيد يَسُوع آتِي إِلِيك { هذَا الَّذِي مِنْ أجْلِنَا نَحْنُ البَشَر وَمِنْ أجْل خَلاَصِنَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاء وَتَجَسَّد مِنْ الرُّوح القُدُس وَمِنْ مَرْيَم العَذْرَاء تَأنَّس } ( قَانُون الإِيمَان ) . 2- فِي العَهد القَدِيم لاَبُد أنْ يَذْهَب المَرِيض عِنْدَ البِرْكَة أوْ خِيمِة الإِجْتِمَاع وَيُقَدِّم ذَبِيحَة وفِي العَهد الجَدِيد لكِنْ مِنْ حَنَان رَبِّنَا وَنِعْمِتُه وَمَحَبِّتُه هُوَ يَقْرَع عِنْدَ البَاب وَيَأخُذ المُبَادَرَة وَيَطْلُب الضَّال وَيَسْتَرِد المَطْرُود وَيَعْصِب الجَرِيح( حز 34 : 16) . 3- فِي العَهد القَدِيم المَلاَك هُوَ الَّذِي يَأتِي إِلَى البِرْكَة وفِي العَهد الجَدِيد لكِنْ يَقُول { لاَ مَلاَك وَلاَ رَئِيسُ مَلاَئِكَةٍ وَلاَ رَئِيسُ آبَاءٍ وَلاَ نَبِيّاً إِئتَمَنْتَهُ عَلَى خَلاَصِنَا }( مَا يُقَال فِي صَلاَة صُلْح " أيُّهَا الكَائِن الَّذِي كَانَ " ) بَلْ بِإِبْن الله وَنِعْمَتِهِ وَعَطَايَاه المُقْتَدِرَة لأِنَّهُ إِله . 4- فِي العَهد القَدِيم المَلاَك كَانَ يُحَرِّك المَاء أحْيَاناً وَالكُلَّ مُنْتَظِر وَمُتَوَقِع الشِفَاء وفِي العَهد الجَدِيد اليُوْم لاَ تُوجَدٌ " أحْيَاناً " { هَا أنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ }( مت 28 : 20 ) { عَمَانُوئِيلَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ اللهُ مَعَنَا } ( مت 1 : 23 ) لاَ نُرِيد التَوَقُع فَهُوَ يَأتِي لاَ بَلْ هُوَ مَوْجُود بِدَاخِلْنَا فِي كُلَّ وَقْت مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول { النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ } ( رو 5 : 2 ) هُوَ مَوْجُود يَعْمَل فِينَا وَيَتَمَجَّد بِاسْتِمْرَار . 5- فِي العَهد القَدِيم عِنْدَ البِرْكَة كَانَ المَلاَك يَحْضَر أحْيَاناً وَوَاحِد فَقَطْ هُوَ الَّذِي يَنَال الشِفَاء وَلاَبُد أنْ يَكُون لَهُ أصْدِقَاء لِيَحْمِلُوه وَنَتَوَقَّع عِنْدَ مَجِئ المَلاَك يَحْدُث صِرَاع شِدِيد وفِي العَهد الجَدِيد وَلكِنْ اليُوْم الشِفَاء لِلجَمِيع { يُعْطَى عَنَّا خَلاَصاً وَغُفْرَاناً لِلخَطَايَا وَحَيَاة أبَدِيَّة لِكُلَّ مَنْ يَتَنَاوَل مِنْهُ } ( مَا يَقُولُه الكَاهِنْ فِي الإِعْتِرَاف الأخِير ) الكِنِيسَة كُلَّهَا نَالِت الشِفَاء وَالَّذِي لاَ يَتَمَتَّع يَكُون ذلِك لِسَبَبْ وَاحِد مُرْتَبِط بِهِ هُوَ أنَّهُ لاَ يُرِيد أنْ يَبْرَأ وَلكِنْ إِنْ أرَادَ يَخْرُج مُبَرَّراً . يَا لِعِظَم مَجْدَك يَارَبَّ الَّذِي وَضَعْتَهُ فِي كِنِيسْتَك اليُوْم كُلَّ وَاحِد مِنَّا عَنْدُه ضَعْف " مَرَض " لِذلِك لاَ تَدِين الآخَر لأِنَّكَ أعْرَج وَآخَر أعْمَى وَيُوجَدٌ مَنْ هُوَ أبْرَص لِكُلَّ وَاحِد مِنَّا الدَاء الَّذِي لَهُ يُوجَدٌ مَنْ هُوَ شَهْوَانِي مُحِب المَال مُحِب السُّلْطَة أنَانِي كُلَّ وَاحِد مِنَّا لَهُ مَرَضُه العَايِش بِهِ وَكُلِّنَا جَالْسِين عِنْدَ البِرْكَة لِلشِفَاء وَالبِرْكَة هَيَّ المَذْبَح وَالمَذْبَح الَّذِي سَيُعْطِينَا الشِفَاء وَنَحْنُ مُنْتَظِرِين رُوح الله لَيْسَ لِكَي يُحَرِّك المَاء وَلكِنْ لِيُحَرِّك عَصِير الكَرْمَة وَالخُبْز وَيُحَوِّلْهُمَا إِلَى جَسَد وَدَم رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح إِبْن إِلهْنَا وَيَصِير هُوَ الحَمَل الَّذِي بِلاَ عِيب وَبِالتَأكِيد هذَا سَيَحْدُث وَلَيْسَ كَمَا كَانَ قَدِيماً " أحْيَاناً " وَلكِنْ كُلِّنَا سَنَخْرُج مُبَرَّرِين لِذلِك سَألَهُ يَسُوع سُؤال لَمْ يَكُنْ مُتَوَقَّع { أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ }( يو 5 : 6 ) إِنْسَان لَهُ 38 سَنَة جَالِس عِنْدَ البِرْكَة مَاذَا يَنْتَظِر ؟ يَرُد يَسُوع أخْشَى أنْ تَكُون تَصَالَحْت مَعَ الخَطِيَّة وَمَعَ المَرَض وَصَارَ جُزء مِنْكَ لاَ تَرْفُضه أُرْفُضه وَارْفُض المَرَض الَّذِي بِدَاخِلَك وَاجْعَل الخَطِيَّة شِئ عَارِض إِجْعَلْهَا مَوْضِع طِلْبَه وَتَنَهُّد أمَام الله لِكَي نَخْرُج اليُوْم وَنَكْرِز بِعَمَل الله لاَ نَخْرُج فَقَطْ مَغْفُورِي الخَطَايَا بَلْ وَحَامِلِين الأسِرَّة وَهذَا يُعْلِنْ أنَّهُ قَدْ صَارَ لَنَا سُلْطَان عَلَى الخَطِيَّة الَّتِي حَمَلِتْنَا اليُوْم حَمَلْنَاهُ نَحْنُ وَنَحْنُ نَشْهَد لِعِظَم عَمَل الله فِي حَيَاتْنَا الآن هُوَ أبْرَئَنِي وَأعْطَانِي خَلاَص ..أُنْظُر الغِنَى وَاحْذَر أنْ تَتْرُك آحَاد الصُوْم لأِنَّكَ سَتَجِد قِرَاءَات الكِنِيسَة طَوَال الأُسْبُوع حَوْلَ مَوْضُوع يُوْم الأحَد أنْتَ أيْضاً لَكَ رَجَاء مَعَ هذَا الرَّجُل الَّذِي لَمْ يَفْقِد رَجَاؤه { لِكُلِّ الأحْيَاءِ يُوجَدُ رَجَاءٌ } ( جا 9 : 4 ) رَبِّنَا يِسَاعِدْنَا أنْ نَنَال الخَلاَص وَنُنَادِي بِهِ لأِنَّهُ بِمَوْتِكَ يَارَبَّ نُبَشِّر( مَا يَقُولُه الشَّعْب بَعْد رُشُومَات الكَأس ) رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
24 أبريل 2024

ما معنى الزواج؟

معناه في المفهوم المسيحي أن إنسانًا روحيًا، هيكل للروح القدس، يقترن بإنسانة روحية، هي الأخرى هيكل الروح القدس، يربطهما الروح في سر الزواج، لكي يصيرا واحدًا لهذا ينبغي أن يكون الاثنان من نفس الإيمان، الإيمان السليم، لان الروح القدس لا يجوز أن يربط متناقضات إيمانية بهذا الشكل ينجح الزواج ويعمل الروح القدس في كليهما عملًا روحيًا متناسقًا أما أن نربط اثنين غير غير تائبين، بعيدين عن الروح القدس وعمله، فليس هذا عملًا روحيًا لهذا فإن الكنيسة تتقبل اعتراف الخطيبين، وتناولهما من الأسرار المقدسة قبل زواجهما، حتى يبدأ الاثنان حياة روحية سليمة، معًا، متعاونين بهذا لا يكون الزواج مجالا للخلافات الزوجية، التي تحدث غالبًا من عدم حياة الزوجين حياة روحية سليمة إننا نحاول أن نضع القوانين للأحوال الشخصية، وقد يرى البعض الاتساع في أسباب الطلاق، إذ بدت الحياة مستحيلة بين الزوجين! ولماذا مستحيلة؟! لأنهما لا يعيشان بالروح، كما يفهم من الزواج المسيحي هذا البعض يريد زواجا غير مسيحي (غير روحي) تحكمه شريعة المسيح التي تمنع الطلاق إلا لعلة ولو عاش الزوجان مسيحيين في حياة روحية، لأمكن إلغاء بند الطلاق نهائيًا من قانون الأحوال الشخصية، إذ لا حاجة إليه، لان المحبة الكبرى التي تربط الزوجين، لا يمكن أن تسمح مطلقا بالطلاق، بل على العكس، بدلًا من الانفصال تتعمق العلاقة بالأكثر يومًا بعد يوم إن أجمل تشبيه للزواج المسيحي، والعلاقة بين الزوجين هو العلاقة بين المسيح والكنيسة وعن هذا الأمر قال الرسول "هذا السر العظيم" (اف5: 32) أيوجد تشبيه أعمق من هذا؟ وحب أعظم من هذا؟ "فليحب كل واحد امرأته هكذا كنفسه" (أف5: 33) ليس الزواج المسيحي علاقة عابرة وتنتهي! إنها علاقة العمر كله المرأة بالنسبة إلى الرجل "لحم من لحمه، وعظم من عظامه" (تك2: 23) هي جسده وهو رأسها وكلاهما جسد واحد ومن أجلها يترك أباه وأمه! ما أعجب هذه الأهمية. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل