المقالات

18 أبريل 2019

لماذا تضل ايها الانسان ؟

من انجيل مرقس 18:12 – 27 يطرح علينا انجيل غدا الخميس سؤال هام و هو لماذا تضل ايها الانسان ؟ جاء إلى المسيح طائفة من اليهود و هم لا يؤمنون بالقيامة و يسمون الصدوقيين ليوقعوه في فخ بهذا السؤال لمن تكون هذه المرأة في يوم القيامة؟. و هنا قال لهم السيد المسيح لهذا تضلون لأنكم لاتعرفون الكتب و هنا يأتي السؤال لماذا يضل الانسان ؟! لابد من أن نحترس من سببين قد يوقعونا في الضلال : 1- الجهل :عندما قال لهم السيد المسيح لهذا تضلون لأنكم لا تعرفون الكتب، والكتاب المقدس قال: “هلك شعبي من عدم المعرفة ” (هو 4 : 6) 2- الشك : قد يكون الشك بتشجيع من عدو الخير لأن من أحد أسلحته الشك والتشكيك ويضع الإنسان في دائرة شك وتشكيك في كل من حوله لدرجة إنه قد يوقعه في الإلحاد ومن شطارته وإن جاز التعبير وصل إلى أن جعل الإنسان يعبده و ظهر لنا ما يسمي اليوم بعبادة الشيطان وأسلوب الشك أصبح هو الأسلوب السائد اليوم في العالم. أسباب ضلال الإنسان 1-ضعف الإرادة: لا يوجد علاج لتقوية الإرادة الضعيفة سوي الصوم. 2 – ضعف المعرفة: علاجها يكون بالقراءة اليومية والمنتظمة لكتابك المقدس لها الأثر الكبير فمجرد القراءة اليومية المستمرة تمنحك القوة. 3- ضعف الرؤية : إذا كنت إنسانا رؤيتك ضعيفة ولا تستطيع رؤية السماويات والروحيات وتري فقط الأرضيات فعلاجك هو الصلاة و لهذا نجد كنيستنا مليئة بالصلوات المختلفة. والسماء يا إخوتي روحية لا يوجد بها كل الروابط الجسدية. 4- صحبة باهتة : إن كان لديك أصحاب متعبين فنصيحتي لك أن تستبدلهم بالصحبة المقدسة من القديسين فما أروع قراءة سير القديسين. 5 – ليس عندك نفس لعمل أي شيء : إذا أردت أن تكون لك النفس لكل شيء فليس عندك علاج سوي خدمة الآخرين وكما نقول في الأوشية أعطهم عوض الأرضيات بالسماويات والباقيات بالفانيات. اشغل نفسك بخدمة الاخرين. فليعطنا مسيحنا أن تكون حياتنا واعية وخالية من كل شك وضعف. و بهذا الانجيل يا أحبائي نكون قد ختمنا كل أناجيل يوم الخميس من هذا الصوم المقدس قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
16 يونيو 2020

«هَأنَذَا أَرْسِلْنِي» (إش6: 8)

«لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ» (أع1: 8)،«فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي» (لو24: 49).- بعد صعود الرب إلى السماء، رجع التلاميذ إلى أورشليم.. ومكثوا يصلون في علية مارمرقس.. التلاميذ ومعهم السيدة العذراء مريم، والنسوة، ومن معهم.. إلى أن حلّ عليهم الروح القدس المعزي.ويأتي "عيد العنصرة" في اليوم الخمسين من يوم عيد القيامة، وبعد عشرة أيام من عيد الصعود، ويُسمّى الـ Penticost "البنطيقستي" حيث كلمة بنتا تعني خمسة، ويسمى أيضًا "عيد حلول الروح القدس". ويليه صوم الآباء الرسل الأطهار؛ وكان من أهم أعياد اليهود..- و"العنصرة": هي كلمة عبرية معناها "الجمع" أو "الاجتماع" أو "المحفل المقدس"، وفيه كانوا يجتمعون ويعيّدون.. وجاءت المسيحية فدعت عيد حلول الروح القدس باسم "عيد العنصرة" لأن الروح القدس حل فيه على جماعة التلاميذ وهم مجتمعون في العلية، حيث أعطى قوة للتلاميذ، في الكرازة، وصنع المعجزات، فأقاموا الموتى، وشفوا الأمراض المستعصية، وأخضعوا الشياطين وصنعوا المعجزات (مر16: 17-18).- فالعنصرة إذًا تتويج للفصح، لأن السيد المسيح بعد أن أتمّ الفداء والقيامة على الأرض، صعد إلى السماوات، ثم أرسل لنا الروح القدس المعزي، لكي ينير أذهاننا، فنفهم الكتب، وندرك عمق أقواله التي وردت في الكتاب المقدس.- أرسلهم ليكرزوا: كانت إرسالية الرب للتلاميذ، الذين سرعان ما فتنوا المسكونة، وغيّروا وجه التاريخ، ونشروا اسم المسيح في كل مكان، حتى دانت لهم إمبراطورية الأوثان، وملك الرومان، وصارت هياكل الأصنام مذابح للرب.. وهكذا سلكوا:- في بذل.. حتى إلى الموت..- وفي إخلاء.. حتى إلى وضع العبيد..- وفي ألم.. حتى الاستشهاد..- وفي طاعة.. مهما كانت التضحيات..- وفي أمانة.. حتى النفس الأخير..- قدموا من أجل المسيح:1- خدمة الصلاة من أجل المخدومين.2- وخدمة المحبة لكل الناس.3- وخدمة النموذج الشاهد للمخلص.4- وخدمة الكلمة الحية الفعالة..لذلك يعظنا الكتاب المقدس «امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ» (أف5: 18). «وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ» (أف4: 30). «لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ» (1تس5: 19)، بل «حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ» (رو11: 12).. فالروح القدس هو الذي يعطينا التجديد الروحي وإرسالية الخدمة، وإمكانية الكرازة!! وهكذا انطلق الآباء الرسل يخدمون ويبشرون، حتى نشروا المسيحية وصاروا شهودًا للرب في كل مكان، في أنحاء العالم المعروف آنذاك، وذلك: بقوة الروح، وعمق الصلاة، ويقين الإيمان، وفاعلية الكلمة.- لقد تغيرت حياة التلاميذ بعد حلول الروح القدس عليهم.. لهذا يجب أن نسلم حياتنا لقيادة الروح القدس لكي يغيرنا «لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ» (رو8: 14).فليعطنا الرب أن نخدم كما خدموا.. لنذوق فرحة الخدمة والإرسالية، مع فرحة القيامة المجيدة.. ولنقل في تواضع إشعياء النبي وانسحاقه: «هَأنَذَا أَرْسِلْنِي» (إش6: 8). نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
05 فبراير 2019

عصر ما بعد داود وسليمان

+ إنْ حَفِظَ بَنوكَ عَهدي.. رأينا فيما سبق كيف أعد الله داود النبي، ومن بعده ابنه سليمان الحكيم، لإدخال خدمة ذبيحة التسبيح إلى خدمة العبادة الرسمية في الهيكل. وكيف صار التسبيح الكنسي ذا شأن عال جدًّا، وعلى أعلى مستوى من التنظيم والمهارة والخبرة والفن. وكان الملك داود ومن بعده سليمان يهتمان بهذا النشاط الروحي بنفسيهما. الآن وبعد أن "اضطَجَعَ سُلَيمانُ مع آبائهِ فدَفَنوهُ في مدينةِ داوُدَ أبيهِ. ومَلكَ رَحُبعامُ ابنُهُ عِوَضًا عنهُ" (2أخ31:9).. ماذا حدث لخدمة التسبيح؟ ماذا حدث لهؤلاء المغنين والعازفين الذين كان الملك نفسه يهتم بهم وباحتياجاتهم، ويتابع بنفسه نشاطهم وخدمتهم، ويصرف على خدمتهم وحياتهم وبيوتهم من خزينة الملك؟ (1) رحبعام والانقسام.. وتدهور خدمة التسبيح لقد انقسمت المملكة بسبب سوء تصرف رحبعام، وصارت المملكة مملكتين (يهوذا وإسرائيل)، وفي الغالب كانت مملكة يهوذا أكثر تدينًا من مملكة إسرائيل، "وكانَتْ حَربٌ بَينَ رَحُبعامَ (ملك يهوذا)، ويَرُبعامَ (ملك إسرائيل) كُلَّ أيّامِ حَياتِهِ" (1مل6:15). انصرف الملك والجيش والناس إلى الحرب، ولم يعد أحد ينتبه إلى هؤلاء المرنمين والموسيقيين الموهوبين ليرعاهم.. فبدأت خدمة التسبيح في الانحدار والانحطاط. وحافظ سبطا يهوذا وبنيامين بالكاد على خدمة الذبائح فقط، في مقابل انسياق كل باقي أسباط إسرائيل وراء الأوثان. هذا ما عيَّر به "أبِيَّا" ملك يهوذا شعب إسرائيل المنحرفين وراء يربعام الملك عابدين الأوثان قائلاً: "وأنتُمْ جُمهورٌ كثيرٌ ومَعَكُمْ عُجولُ ذَهَبٍ قد عَمِلها يَرُبعامُ لكُمْ آلِهَةً. أما طَرَدتُمْ كهنةَ الرَّب بَني هارونَ واللاويينَ، وعَمِلتُمْ لأنفُسِكُمْ كهنةً كشُعوبِ الأراضي (الأمم)... للذينَ ليسوا آلِهَةً؟ وأمّا نَحنُ فالرَّبُّ هو إلهنا، ولم نَترُكهُ. والكهنةُ الخادِمونَ الرَّبَّ هُم بَنو هارونَ واللاويّونَ في العَمَلِ، ويوقِدونَ للرَّب مُحرَقاتٍ كُلَّ صباحٍ ومساءٍ" (2أخ8:13-11). في هذا الكلام ذكر "أبيّا" خدمات الهيكل التي نظمها موسى، ولم يتطرق إلى ذكر فرق التسبيح التي نظمها داود، ومن بعده سليمان. ومن ذلك يبدو أن هذه الفرق كانت قد ضعفت أو توقفت.. أي أن أسباط مملكة إسرائيل (الشمالية) انساقت إلى الأوثان، وتركت عبادة الله الحي.. ومملكة يهوذا (الجنوبية) أيضًا قد انشغلت، وتركت عنها خدمة التسبيح. فقد كانت البلاد في حالة حرب وفوضى وانشغالات كثيرة "وفي تِلكَ الأزمانِ لم يَكُنْ أمانٌ للخارِجِ ولا للدّاخِلِ، لأنَّ اضطِراباتٍ كثيرَةً كانَتْ علَى كُل سُكّانِ الأراضي" (2أخ5:15). لم يدُم الأمر هكذا كثيرًا، بل كانت ذبيحة التسبيح تتأرجح في قوتها بحسب زمان الملك الذي يملِك، وظروف المملكة.. فإن كان الملك بارًا تقيًا والمملكة في حالة سلام كان التسبيح يأخذ مكانته في الاهتمام والاعتبار، وإذا كان الملك شريرًا معوجًا والمملكة في حالة حرب وفوضى كان يضعف الاهتمام بالتسبيح، ويتفرق المُسبِّحون والعازفون، ويتوقف التسبيح من هيكل الرب أو يضعف مستواه الروحي والفني. (2) نهضات روحية متعاقبة كانت من أهم علامات النهضة الروحية التي يقوم بها أي ملك يملك على يهوذا، أو (إسرائيل) أن يعيد إلى الهيكل بهاءه، بتنظيم خدمة التسبيح. + نهضة في عهد آسا الملك.. في عهد "آسا" الملك.. وبَّخ النبي "عزريا بن عوبيد" الشعب، فتنبهوا ونزعوا الرجاسات من كل أرض يهوذا وبنيامين، وعادوا إلى الرب "ودَخَلوا في عَهدٍ أنْ يَطلُبوا الرَّبَّ إلهَ آبائهِمْ بكُل قُلوبِهِمْ وكُل أنفُسِهِمْ" (2أخ12:15). كانت علامة هذا العهد أنهم "حَلَفوا للرَّب بصوتٍ عظيمٍ وهُتافٍ وبأبواقٍ وقُرونٍ. وفَرِحَ كُلُّ يَهوذا..." (2أخ14:15-15). كذلك كانت عودة هتاف التسبيح، هي العلامة المميزة لعودة الروح إلى الشعب، بعد عصور من التمزق والتمرد وعبادة الأوثان والحروب العنيفة. + نهضة في عهد يهوشافاط.. في عهد "يهوشافاط" الملك تعرضت الدولة لهجوم من الأعداء.. فرجعوا إلى الرب، وكان أحد المُسبِّحين هو الذي قاد الشعب للتوبة وهو "يَحزَئيلَ بنَ زَكَريّا... مِنْ بَني آسافَ، كانَ علَيهِ روحُ الرَّب في وسطِ الجَماعَةِ" (2أخ14:20). وكانت عودتهم للرب مرتبطة بالتسبيح "فخَرَّ يَهوشافاطُ لوَجهِهِ علَى الأرضِ، وكُلُّ يَهوذا وسُكّانُ أورُشَليمَ سقَطوا أمامَ الرَّب سُجودًا للرَّب. فقامَ اللاويّونَ مِنْ بَني القَهاتيينَ ومِنْ بَني القورَحيينَ ليُسَبحوا الرَّبَّ إلهَ إسرائيلَ بصوتٍ عظيمٍ جِدًّا" (2أخ18:20-19). في الغد وقف "يهوشافاط" لتحفيز الشعب على العودة للرب، و"أقامَ مُغَنينَ للرَّب ومُسَبحينَ في زينَةٍ مُقَدَّسَةٍ... وقائلينَ: "احمَدوا الرَّبَّ لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَه"ُ. ولَمّا ابتَدأوا في الغِناءِ والتَّسبيحِ جَعَلَ الرَّبُّ أكمِنَةً علَى بَني عَمّونَ وموآبَ وجَبَلِ ساعيرَ الآتينَ علَى يَهوذا، فانكَسَروا" (2أخ21:20-22). فكان الفضل في نصرتهم يرجع إلى التسبيح. وعاد الشعب من الحرب "ليَرجِعوا إلَى أورُشَليمَ بفَرَحٍ، لأنَّ الرَّبَّ فرَّحَهُمْ علَى أعدائهِمْ. ودَخَلوا أورُشَليمَ بالرَّبابِ والعيدانِ والأبواقِ إلَى بَيتِ الرَّب" (2أخ27:20-28). يا لفرحة إسرائيل بنصرته على الأعداء، بل بالأحرى بعودة المجد لإسرائيل؛ إذ عادوا يُسبِّحون الله بحسب ترتيب داود وسليمان. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
27 أكتوبر 2018

الدكتور بهجت عطا الله

(من رواد مدارس احد اسكندرية) خدم مدارس الاحد واجتماعات الشباب فى الاربعينيات ، والتى انطلقت من كنيسة العذراء "محرم بك" ، ثم بدأ خدمة فروع التربية الكنسية فى القرى المحيطة بالاسكندرية تحت قيادة القس يوحنا حنين ، حيث قاموا بعمل قوافل لخدمة الاحياء الشعبية - العضوية الكنسية - اجتماعات درس الكتاب للكبار - فصول مدارس الاحد . عاش الدكتور بهجت جيل كامل ، وقد عاش ظروف شعبه بصدر واسع وايمان عميق ، جعله يتخصص فى خدمة الكلمة واعداد الخدام والشباب . فصار اميناً للتربية الكنسية فى كنائس عديدة ، منها على سبيل المثال كنيسة العذراء محرم بك - كنيسة مارمينا فلمنج - كنيسة مارمينا المندرة ؛ والمشرف الروحي علي مجلس كنيسة مارجرجس ابو قير .؛ وغيرها من كنائس غيط العنب وابيس والطابية ... يجول يصنع خيرا . مهتماً بدراسات الخدام والتلمذة ، مفضلاً خدمة الخروف الضال والبعيدين وافتقاد الحالات الصعبة . والسعى لعمل خدمة متخصصة للفتيات الجانحات ، لجذب نفوس اولاد الكنيسة التى افتداها الرب يسوع بدمه الطاهر الكريم تميز بالملء والهدوء الحكيم ، والوعظ والتجوال لصنع الخير كسيده ، كذلك تميز بالعمق الخفى والرزانة التي بها صار ايقونة حلوة لخادم مدارس الاحد الذى يعرف قيمة النفس البشرية وافتقادها ، وحتمية الخدمة الفردية الخاصة كمحور وكنتيجة لفصول مدارس الاحد . عندما واجهت المذاهب البروتسطانطية التي جاء بها المرسل الاسكتلندي هوج ؛ حيث طاف بالاسكندرية ليسلب حفنة من ابناء الكنيسة السطحيين في العقيدة والمحمولين بكل ريح تعليم ، وقد استهواهم الشكل الاجنبي والاغراءات المادية ؛ الامر الذي جعل خدام مدارس الاحد ينتقلون الي افتقاد ورعاية البعيدين ؛ لاحتضان الذين ضلوا من جراء التعاليم المعسولة... لذلك سعي الخدام الي رد المخطوفين ؛ وتفنيد ادعائتهم المخادعة ؛ بدعوي شعارات : ( اللاطائفية ) ؛ واننا كلنا ( واحد في المسيح ) وان ( خلاص النفوس ) لاتتعرض للعقائد .. ومن هنا ذهبت القوافل الي القري البعيدة ؛ لتكريس المواهب للمسيح واعظين كل نفس بالبشارة المفرحة وبمسيح الكنيسة .؛ فاتوا بالكثير من العائلات التي لم تنل العماد المقدس بالقري المحيطة ؛ وعلموهم طريق الكنيسة . رفع دكتور بهجت عطا الله شعارات جيل خدام التربية الكنسية الاتقياء التي عاشوها وسلموها وهى : لا خدمة من دون اجتماع الصلاة ؛ وحياة التقوي بملازمة التعليم بمداومة . لاخدمة من دون مواظبة على القداسات والعبادة الليتورجية ؛ والقانون الروحي للخادم لا خدمة من دون تلمذة واعداد مستمر ؛ درس حبة الحنطة ؛ بالاقتداء بسيرة حياة الرسل واباء الكنيسة .الفلوس لا تعطل الخدمة ( عند اقدام الرسل ) الذبيحة الالهية هى دينامو نجاح الخدمة المحبة هى عصب الخدمة واساسها الله الذى نعبده ونخدمه هو يبدأ ويكمل ويعمل فى الاطفال والكبار . المنهج نعيشه ونتشربه في مدارس الاحد وهو خارطة طريق ومصنع ينتج خدام جيل مدارس الاحد : ( روح الاغابي - اجتماعات الصلاة - العطاء - سلامه العقيدة - طاعة الرؤساء والمرشدين - الاهتمام باحتياجات وضرورات المحتاجين -احترام الكهنوت - خدمة الاماكن المحرومة مهما كانت اعداد اامخدومين قليلة ولا تعد علي اصابع اليد الواحدة - الخلوة وزيارة بركة مواضع القديسين - الصدق والمشورة الحسنة - السلوك حسب الايمان - مظهر الخادم -التبعة للمسيح والسعي للوحدة والسلامة بالابتعاد عن التحزب والانقسام والعثرات - الالتزام بالشهادة الارثوذكسية بلا ضجيج ولا افتعال - مدارس الاحد خدمة كرازة ).ونظراً لانه قائداً للتربية الكنسية فى جيله ، لذلك عاش ماقاله وعلم به عن الدعة واحترام الكهنوت والالتزام الامين بالمواظبة . فلا أنسى ابداً اللازمة الكلامية التى كان مكثراً فى ترديدها " قدس ابونا له حق فى كل ما قاله فأطيعوا مرشديكم الذين يسهرون عنكم " . وقد كان قريبا ومحبوبا عند ابينا المتنيح القمص بيشوي كامل والقمص تادرس يعقوب وانبا باخميوس والقس يوحنا حنين ..والكثير من الاباء والخدام ؛الذين وجدوه مثيلهم في الهدف والقصد كان دكتور بهجت مدرسة فى جيله لها نمطها فى سلوك التوبة والجهاد الروحى ، وعمق المعرفة الاختبارية وتنفيذ الوصية عملياً ، مع سهر الليالى للصلاة والتحضير وحل المشاكل ؛ فلم تتوقف خدمة مدارس الاحد عند جيلة فقط علي دروس ومحاضرات ؛ لكنها قدوة ومثال وافتقاد وسهر وعطاء وحل المشاكل . فحينما نذكر سيرته بمناسبة مئوية مدارس الاحد ، إنما نخطو على خطاه فى التقوى وتمجيد الله وخدمة المخادع فى الخفاء ، وعدم الاكتفاء بخدمة الكلام لكن نعمل ببذل واحتمال وستر وغيرة وهدوء وعطاء نفس وتكريس وحمل للصليب . ولا يمكن ننسى ابداً تحركاته وكلماته وما قدمه سواء فى تأسس مدارس احد الاسكندرية والقرى ، او خدمة بيت طابيثا مع الجانحين والراجعين.؛ مؤكدا بخدمته ان مدارس الاحد قصة اجيال عاشها مع الرواد من سنة ١٩٤٧ وحتي يوم انتقاله الي المجد في ٢٦ / ٢ / ١٩٩٥ ...ينقل لنا ماتسلمه لنقتدي به ؛ في سلوكه كصورة ابن مدارس الاحد وتلميذ مدارس الاحد ومدرس مدارس الاحد . القمص اثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج الأسكندرية
المزيد
21 نوفمبر 2018

المال الحرام والسرقة

المال الحرام هو كل مال تحصل عليه، وهو ليس من حقك: كأن يكون ثمنًا للخطية، أو قد وصل إليك بطريقة غير شرعية. والسرقة هي أحد بنود المال الحرام، ولكن معناه أوسع من السرقة. بكثير، ويشمل عناصر متعددة سنذكرها فيما بعد... * والسرقة هي خسة في نفس السارق وعدم أمانة... إنها تحطم شخصيته في نظر الناس، وتدعوهم إلى الاحتراس منه والى احتقاره وعدم الخلطة به... بل قد تجعل السارق ذاته حقيرًا في عيني نفسه. ** والسرقة قد تكون في الخفاء أو في العلن بإرادة المسروق أو بغير إرادته. ومن أمثلة حدوثها في الخفاء بدون علم المسروق ما يفعله المختلسون أو كسرقة مال شخصي في غيبته أو أثناء نومه. أما في العلن فمن أمثلتها ما تتم عن طريق الاحتيال أو الخداع أو التزوير. وفي هذه الحالة تكون برضى المسروق ولكن بغير علمه بحيلة السارق. وقد تحدث السرقة أيضًا علنًا أمام بصر المسروق وتحت سمعه، ولكن بغير رضاه، كالاستيلاء على ماله بالقوة، بالقهر أو بالاغتصاب أو بالتهديد. وهذا ما يسمونه (السرقة بالإكراه) مثلما يفعل الخاطفون وقاطعو الطريق وقراصنة البحار. وهؤلاء تمتزج سرقتهم بالإيذاء. ** والسرقة قد تكون أحيانًا نوعًا من المرض النفسي، يحتاج إلى علاج لا إلى عقاب. وفي حالة هذا المرض، يلاحظ أن السارق قد يأخذ أشياء لا يحتاج إليها مطلقًا، أو لا يعرف كيف ينتفع بها. إنما يجد لذة في الاحتفاظ بها وفي أخذها من غيره. وربما يكون مدفوعًا إلى هذه السرقة المرضية بعوامل داخلية فوق إرادته، وهو يفعل هذا ولا يستطيع أن يقاوم نفسه.. ** عمومًا فالمال الحرام الذي يحصل عليه السارق كفيل بأن يضيّع المال الحلال الذي كان موجودًا معه من قبل. وعلى رأى المثل "المال الحرام يأخذ الحلال معه ويضيّعه". فالسرقة هي نار للسارق نفسه، تتلف ما معه. مثل إنسان تناول طعامًا تالفًا أو غير مقبول الطعم أو عفنًا. فما أن ينزل هذا الطعام إلى جوفه، حتى يتقيأ كل ما في داخله من جيد ورديء... فما أجمل أن يعيش الناس معًا في جو من الأمانة من الثقة المتبادلة والاطمئنان، حيث يترك الإنسان أي شيء له في أي مكان، فيجده حيث هو. ويترك بيته مفتوحًا، فلا يأخذ أحد منه شيئًا... وإن نسى خطاباته أو أسراره في موضع، يكون مطمئنًا أنه لن يسمح أحد لنفسه أن يطّلع على شيء منها...! ** إن السرقة خطيئة تخجل من ذاتها، لذلك فإن تُقترف في الظلام، وصاحبها يشمئز منها ويتبرأ ويحاول أن ينفيها عن نفسه. ولهذا نقول "إن سار شيطان السرقة في طريق، يقول له شيطان الكذب (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات): خذني معك". فمن الصعب أن تجد سارقًا لا يكذب. فهو يكذب لكي يغطى سرقته وينكرها. وهو يكذب قبل السرقة وأثناءها. يكذب قبلها لكي يتمكن من إتمامها، كما يفعل الخادعون، ويكذب أثناءها لكي تستمر أو لكي يخدع من يراقبه ومن يشك فيه. ويكذب بعدها لينجو من الخجل أو من العقوبة... ** وتزداد خطية السرقة ثقلًا بعاملين: أحدهما مقدار الضرر الذي يحيق بالمسروق، وثانيهما شخصية المسروق ذاتها. فهناك من يسرق من الأفراد، ومن يسرق من الهيئات أو البنوك، ومن يسرق مال الدولة، ومن يسرق من بيت الله أو من حقوق الله المالية عليه. والسرقة من الفقير والمحتاج لها بشاعتها، كمن ينهب مال اليتيم أو الأرملة، أو ما قاله شاعر عن بعض من جمعوا المال حرامًا، أنهم: خطفوه من فم الجوعان بل من رضيع لم يوفّوه فطام. ** وهنا لا تقاس ثقل السرقة بمقدار قيمة الشيء المسروق، وإنما بمقدار أهميته للشخص الذي سرق منه... وقد لا تكون للشيء المسروق قيمة في ذاته، لكنه يمثل لصاحبه ذكرى عزيزة أو أهمية خاصة، بحيث أن فقده يحدث في قلبه ألمًا عميقًا لأن من الصعب تعويضه!. * والسرقة من إنسان محتاج تدل على انعدام الشفقة في قلب السارق. مثال ذلك من يأخذ ربا أو رهنًا من شخص لا يجد قوته الضروري. فكأنه يسلبه طعامه وطعام أولاده. وهذا الفقير لولا عوزه، ما كان يلجأ إلى القرض أو الرهن. فهل يليق بدلًا من مساعدته، أن يقرضه الدائن بالربا؟! وهذا المال الزائد الذي يأخذه المرابي من الفقير غير الربا الذي تدفعه البنوك والمصارف التي تتاجر بمال المودعين عن طريق مشروعات اقتصادية تربح منها، ثم تشركهم في ربحها باعتبارهم شركاء في رأس المال. * على أن العكس قد يحدث بأن يسرق بعض المودعين من البنوك، بأن يأخذ قرضًا بالملايين ثم يهرب. وهناك أيضًا نوع آخر يسمى (بالقروض المعدومة)، له اسم القرض مع العجز التام عن الوفاء به، وهو كذلك سلب لمال الغير. وأصعب منه (إعلان الإفلاس) حيث يضيّع حقوق كثيرين، سواء كان إفلاسًا حقيقيًا أو حيلة مدبرّة... ** أما السرقة من مال الدولة فتأتى بوسائل متعددة منها ما يقوم به البعض من حيل للإفلات من الضرائب أو من الجمارك، أو المطالبة بالإعفاء من رسوم معينة بدون وجه حق، أو استخدام عربات الدولة في تنقلات خاصة لا علاقة لها بالعمل، أو استخدام النفوذ في شراء أراضٍ أو أملاك للدولة بأبخس الأثمان، أو الحصول على رشوة للمساعدة في سلب بعض حقوق الدولة المالية. وتكون الرشوة هي من بنود المال الحرام... ** هناك أنواع أخرى من السرقات ثم سرقة الأفكار والسرقات الأدبية، والتسخير، والسرقة في مجالات التجارة، وفي الفن، وفي القمار، مما سوف نعرض له في المقال المقبل، إن أحبت نعمة الرب وعشنا. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
22 ديسمبر 2018

التَّسْبِحَةُ الكِيَهْكِيّة أيْقُونَةٌ صَوْتِيَّةٌ

التسبحة القبطية هي مستودع خبرات الكنيسة، وهي ليست بهيِّنة، وكل من اختبرها وذاقها وفهم معانيها تأخذه، بحيث لا يجد ما يماثلها في الشمولية والدسم والعمق المستيكي الروحاني... ولغة التسبحة فن فنون بمعنى الكلمة. فن الآباء العظام وتقواهم وخبرتهم... لهذا أُلقي علينا نِير الفهم (تعالَ وانظر!!!) كلمة ولحنًا وعمقًا وسجودًا وتضرعًا وانسكابًا، في حضرة الله وسط شعبه وفي مسكنه ومحل موضعه المستعد. ويكشف قالب التسبحة الأبعاد الكتابية واللاهوتية والعقيدية والروحية، كسيمفونية إيمان الكنيسة وتراثها الحي المُعاش عبر الأجيال، الذي ينقلنا بالفهم الروحي لمعرفة الحق متجاوزين الحرف إلى الروح المحيي، وإدراك الحكمة عند شركة الطغمات السماوية وجماعة المؤمنين وملامسة حضور العريس السماوي، بعين الإيمان حسب وعده الصادق. وبهذا الإيمان عينه نسبحه ونمجده ونسجد له ونباركه ونتضرع إليه بيقين، لأنه معنا وفيما بيننا كائن ويكون، حيث يجتمعا الماضي والمستقبل ليلتقيان في الحاضر المكرَّس. يأتي الشكل الليتورچي للتسبحة الكيهكية دليل تثبيت لمعاينة سر التجسد الإلهي، عبر التعبير النطقي ونصوص الإبصلمودية التي تنطق بالحكمة والمعرفة الإلهية المقترنة باتفاق نغمات الخلاص في لغة صياغات مَحكية معبرة عن الحدث الخلاصي، وفي لغة مرنَمة موزونة ومفعمة بروح التعزية على قيثارات النفوس، داخلة إلى العمق في حضرة مجد الله... وفي نُسك فكري لتقديم الفكر وبقية العقل كذبائح معقولة لله، عبر تصوير نغمي مختبئ بين النغمات والخلايا الصوتية الموسيقية. ويتضمن الإطار الليتورچي للتسبحة كل أنواع الصلوات: التوسلات (Intercessions)، الصلوات (Prayers)، التشفعات (Supplications)، التشكرات(Thanksgivings) فهي مشحونة بالتضرعات والالتماسات والتوسلات والتعهدات والنذورات والتشفعات لأجل الكائنات وجميع الناس (١ تي ١:٢). لهذا تنسكب التسبحة كذبيحة عقلية غنية بالاصطلاحات والمعاني المليئة بالسمو، مثل لهيب لا يمكن إدراكه، ملتهم كل شيء حتى يصل ويُعلَم لدَى الله. في التسبحة الكيهكية نتجه إلى الله إله الكنيسة، نتضرع إليه ونناجيه بالإلهامات والإبداع في التعابير الليتورچية والمديح العبقري، عندما نخاطبه قائلين: يا الله مخلصنا/ الأزلي قبل الأدهار/ الكائن في مجد أبيه/ المهتم بنا والمدبر كل الأمور/ حامل خطية العالم/ الرب المرهوب/ الضابط الكل محيي الأرواح والنفوس/ إله خلاصنا/ الملك الديان/ الرب المعبود/ رب القوات/ الستار وحيد الآب مسياس/ النور الحقاني/ معدن الغفران/ رب الأرباب الفادي الكريم/ مدبر مختاريه/ الكائن في حضن أبيه، ابن الله الكلمة/ المشتاق لخلاص خليقته/ رب جميع البشرية، ملك المجد الواحد من الثالوث/ الله القدير/ رب وإله آبائنا مخلص كل أحد/ إله الرحمة وحياة كل إنسان محب البشر الصالح/ رب الدهور الحي بغير زوال/ الله الآب والابن والروح القدس ثالوث إله واحد رب جميع الآلهة/ الله المتعالي سيدنا القوي الكثير الرحمة/ ابن الله المُنزَّه/ مخلصنا الوسيط يسوع المسيح/ مسيا الرؤوف/ إله الآلهة عمانوئيل إلهنا/ ملك الملكوت الواحد من الثالوث/ المتكئ في حضن أبيه الذي هو فوق كل رئاسة/ صانع الخيرات الأزلي ذو الجلال الدائم إلى الأبد/ إله جميع الأحقاب ذو الاسم المرتفع/ إله إبراهيم الذي بسط يمينه، والجمع الممسوك مع آدم رفعه إليه/ الله المستريح في قديسيه/ الراعي العظيم الذي جمع المؤمنين وألَّفهم مع الملائكة وصيَّرهم وارثين لملكوته الأبدية/ الذاتي مع أبيه من جوهر الإله/ غير المنظور والغير المدنو منه/ المتسربل بالنور والساكن في النور الذي لا يُدنى منه/ ملاك المشورة العظمى/ الكائن والذي كان والذي أتى وسيأتي/ آدم الثاني المسيح الملك/ عمانوئيل مخلص العالم. وبمناداتنا بلجاجة على الله نلتحف بالفرح من أجل حضرته بالسلام والنصرة والحلاوة والبشرَى والكرامة، ومن أجل نوالنا رتبة الفرح والسرور بسرّ التجسد الإلهي الذي حوّل لنا العقوبة خلاصًا... من الحسرة والحيرة وحزن آدم النادم واكتآب الأرض المقفرة الذي صار لنا بالتدبير حُرية وبنوية ومجدًا وخلاصًا ونجاة من ضيق الجنوس ورِقّ الشيطان، والذي به بلغنا أرض الميعاد، وانمحَى الرِقّ وتمزق الصك ونلنا المراد. من أجل هذا نتهلل بالتسبيح والمديح اليسير، وتفرح نفوسنا التي كانت بهيمية (حيوانية)، وقد صارت الآن روحانية، واستمدّت قوام حياتها من قوة الحياة الإلهية، وتتزود زادًا روحانيًا يدسم روحها بدسم سماوي يملأها فرحًا ولسانًا ونعيمًا، فنتقوَى على من بنا يمكرون... وتتقوى شجرة الكنيسة بالتسبيح في السر والإجهار، حاملين هدايا مُرّ البخور والرضا، ولبان التسبيح، وذهب توبة النفوس لنبلغ مذود الملك المولود الآتي... غير المتجسد الذي تجسد، وغير الزمني الذي صار تحت الزمن... الحاضر معنا، وفيه قد خلصنا من الفساد، وتربّينا على معرفة إرادة الله. الكائن بذاته الذي أتى إلى الوجود في ملء الزمان ونلنا به التبني... وهو الملء الذي أخلى نفسه ليكون لنا نصيب في ملئه. القمص أثناسيوس چورچ كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد
06 يناير 2020

مقتطفات من ميمر يوحنا ذهبي الفم علي ميلاد ربنا يسوع المسيح

الجميع يعيدون إذ يرون الإله في الأرض -المرتفع- تنازل رأفة منه، والهابط ارتفع إذ أحب الله البشر، اليوم تشبهت بيت لحم بالسماء وإن كان اليهود يجحدون الميلاد العجيب ولقد تقوًل الكتبة مضادو الناموس وكان هيرودس الملك يطلب المولود لا ليكرمه بل ليقتله الملوك قد تعجبوا كيف ينزل ملك السماء إلي الأرض وليس في معيته ملائكة ولا رؤساء أو قوات فقد سلك طريقًا غريبًا لم يسلطه غيره تناول اللبن كالطفل من ثدي أمه العذراء، جاءه الأطفال، نعم جاءوا إلي الذي صار طفلًا ليجري منطق التسبيح علي أفواه الأطفال والرضع.. جاء الآدميون إلي ذلك الذي صار إنسانًا وأبرأ آدم من مصائبه جاء الرعاة إلي الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن غنمه، جاء الكهنة إلي رئيس الكهنة علي طقس ملكي صادق جاء الصيادون إلي رئيس الحياة ليجعل صيادي السمك صيادين للناس جاء العشارون إلي الذي صًير العشار كارزًا بالإنجيل جاء الخاطئات إلي الذي كانت قدماه تبللهما الزانية وبدموعها غسلتهما، جاء كل الخطاة إلي حمل الله الذي يرفع خطايا العالم فإذًا الكل في عيد وأنا أيضًا أريد أن أحتفل بالعيد وأفرح فرحًا وأتهلل مبتهجًا بلا ضرب طنبور ولا نفخ مزمار هو فرحى وزينتي ورجائي وهو أملي وهو خلاصي فمن أجل ذلك أبتهج لكي بقوته أقوي وأقول مع الملائكة المجد لله في الأعالي، ومع الرعاة أٌول وعلي الأرض السلام وفي الناس المسرة. مثل إنسان ولد من العذراء وبقيت عذراء بعد ولادتها بم أنطق وبماذا أعبر يا للأعجوبة العظيمة أن المولود وحيد قبل الدهور الذي بلا جسد لا يُحس ولا يفتش جاء في الجسد لأن الناس إنما يصدقون ما يرون ويسمعون عنه، وما لا يرونه لا يصدقونه، فمن أجل ذلك أحتمل المسيح سيدنا أن يُنظَر إليه بالجسد ليؤمن جحود الذين لا يؤمنون به ويولد من عذراء غير عارفة بالأمر لأنها كانت إناء طاهرًا وبسيطًا لا تعرف إلا ما سمعته من جبرائيل الملاك إذ سألته أنىَ يكون لي هذا وأنا لا أعرف رجلًا، فأجابها الملاك وقال لهاالروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك والذي يولد منك قدوس إبن العلي يدعى أما كيف كان معها وبعد قليل ولدته فكما أن الصانع الحاذق إذا صب فضة نقية جيدة عمل منها إناءً جيدًا كذلك المسيح وجد العذراء طاهرة الجسد والنفس واتخذها هيكلًا هكذا شاء ولم يأنف من الطبيعة لأنها خلقة يديه، وإن هذا لمجد عظيم إذ عرف الناس الخالق بِمَ أنطق أو بِمَ أُعبر، عتيق الأيام صار اليوم طفلًا -الذي علي العرش في العلو يوضع اليوم في مذود، العالي الذي لا يُجس ولا يفتش يقلب اليوم بيد البشر، الذي يفك أغلال الخطايا اليوم يشد بالأقماط حقًا أنه يريد أن يبدل الهوان بالكرامة ويلبس المجد من لا مجد له من أجل ذلك جاء في الجسد.. يأخذ جسدي ويعطيني من روحه، فهو يعطى ويأخذ ليكسبني كنوز الحياة (أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له فلنسبحه ونمجده ونزيده علوًا إلي الأبد [الإبصلمودية]) أقدم جسدي هذا ليطهره ويعطيني روحه لكيما يخلصني لقد تحقق ما قيل عنه، أن العذراء ستحبل ما كتب كان لجماعة اليهود، أما الاقتناء فللكنيسة تلك الجماعة أخذت اللوحين أما الكنيسة فقد اقتنت الجوهر، تلك الجماعة صنعت الصوف أما هي فقد لبست السندس، يهودية ولدته وأمم كثيرة قبلته، نشأ في تلك الجماعة وقبلته الكنيسة وقطفت الثمرة فتلك الجماعة غصن الكرمة ولنا عنقود الحق هي عصرت العنقود فشربت الأم كأس الشراب، زرعت حبة القمح وحصدت الأمم من أجل الإيمان السنبل وقطفت الثمر مخشية الله وقد بقيت أشواك الكفر عنداليهود يا لهذا الميلاد العجيب، ليس كمثل البشر كان مولده لكن الإله صار بشرًا الأزلي أتى من العذراء إن الذي خلق آدم أولًا من أرض عذراء خلقه من غير امرأة، ثم خلق المرأة كما شاء، كذلك العذراء ولدته ولا تعرف رجلًا كما قال الكتاب هو إنسان ومن يعرفه، وللنساء دورهن بعد آدم، فآدم من غير امرأة خلق الله له امرأة، وجاءت العذراء وولدته لتفي عن حواء الدين الذي لزمها من آدم. جاءت حواء من غير امرأة، فلا يفتخر آدم بمدح عظيم أن حواء كانت له بدونها. العذراء ولدته لكي تكون الطبيعة شريكة فقد أخذ الله من آدم ضلعًا ولم ينقص من جنبه شيئًا ومن العذراء ولد ولم تفك بتوليتها وكما أن آدم كان تامًا وكاملًا بعد أخذ الضلع منه، كذلك العذراء بقيت صحيحة لم يُبن له من غيرها هيكل، كما أنه ليس من غير جسدها تجسد إن الإنسان إذا خدع صار إناء للشيطان، من أجل ذلك اتخذه المسيح هيكلًا وظهر إنسانًا كاملًا بلا خطية لينقذ الإنسان من ولاية إبليس، ويفك أغلال الخطية وإذ صار إنسانًا لم يولد مثل ميلاد الإنسان ولكن الإله صار إنسانًا، ولأنه لو ولد كالبشر لظن كثير من الناس أنه باطل أما وقد ولد من عذراء ومن بعد ولادته حفظ العذراء فإن ميلاده عجيب غريب وهذه هي الأمانة العظيمة لكيما يخلصني من ذنوبي وله المجد دائمًا أبديًا آمين. المقدس يوسف حبيب عن كتاب أفراح عيد الميلاد المجيد
المزيد
26 ديسمبر 2018

العالم محتاج السلام

علي الرغم من كل ما في العالم من كنوز‏,‏ ومن خيرات لا تحصي‏,‏ ومن نتائج كثيرة لنمو العلم و المخترعات‏,‏ ومن نتائج عجيبة للمدنية والحضارة والعلم‏‏ ومع ذلك فإنه محتاج ولعلنا نسأل إلي أي شيء هو محتاج؟‏!‏ العالم محتاج إلي السلام وإلي الهدوء‏, فإلي أي مكان نذهب إليه نجد احتياج العالم إلي السلام, في هذا الجو المضطرب, والذي يموج بالاختلافات في كل بلد وفي كل مكان حتى إنك لا تتصفح الجرائد في أي يوم, إلا وتجد أخبار الصحف الرئيسية عن مشاكل العالم جملة, وعن المشاكل المحلية في كل بلد تجد هذا في العناوين الرئيسية فإن دخلت إلي التفاصيل تجد ما هو أبشع نعم هذا هو العالم الذي خلقه الله في سلام وفيه كان يعيش أبونا آدم في سلام حتى مع الوحوش كانت في سلام معه, ويعيش هو في سلام معها, وتأتي إليه ويسميها بأسماء وبنفس الوضع كان يعيش أبونا نوح مع الوحوش في الفلك ويهتم بها ويغذيها, ويتعهدها بالرعاية وإن كان السلام هكذا, فإن الله قد أوصانا قائلًا: وأي بيت دخلتموه, فقولوا سلام لأهل هذا البيت، ونص الآية هو: "وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَقُولُوا أَوَّلًا: سَلاَمٌ لِهذَا الْبَيْتِ." (إنجيل لوقا 10: 5) وهكذا عندما كنت أزور أي بيت من بيوت أولادنا في المهجر, كانت أول عبارة أقولها عندما تخطو قدماي باب بيتهم, كنت أقول: قال الرب: وأي بيت دخلتموه فقولوا سلام لأهل هذا البيت والسلام معروف في كل تحياتنا مع بعضنا البعض فإن حضر أحد من سفر نقول له: حمدا لله علي السلامة وإن سافر, نقول له: مع السلامة, وإن وقع علي الأرض, نقول له: سلامتك. وأي اجتماع رسمي, نبدأه بالسلام الجمهوري. والسلام علي أنواع ثلاثة: سلام مع الله, وسلام مع الناس, وسلام داخل النفس, في الفكر وفي القلب, ما بين الإنسان وبين نفسه, ولذلك فالإنسان البار هو في سلام مع الله أما إذا بدأ بالخطية يبتعد عن الله, حينئذ يفقد سلامه الداخلي, ويحتاج أن يصطلح مع الله بالرجوع إليه. غير المؤمن يصطلح مع الله بالإيمان وحياة البر. أما المؤمن الخاطئ, فيصطلح مع الله بالإيمان وحياة البر وإلهنا المحب الغفور يكون مستعدًا لقبول ذلك الصلح, إذ يقول: ارجعوا إلي أرجع إليكم ويأتي هذا السلام أيضا بحفظ الله للإنسان: كما يقول: "وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ" (سفر التكوين 28: 15) أحفظك من حروب الشياطين, ومن الناس الأشرار وأحفظك من حروبك الداخلية, وأحفظ دخولك وخروجك.. وينضم إلي هذا المزمور وعود الله الكثيرة, كقوله: "هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ." (إنجيل متى 28: 20) وقوله عن الكنيسة: إن "أَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا." (إنجيل متى 16: 18). نقطة ثانية وهي سلام مع الناس, فيها يسلم الناس علي بعضهم البعض ليس فقط بالأيدي وإنما بالقلب والشعور أيضًا وإن كانت بينهم خصومة من قبل فإنهم يتصالحون. ولأنه قد يبدو من الصعب أن تصطلح النفس مع كثير من الأعداء والمقاومين, فإن الكتاب يقول: إن كان ممكنا, فعلي قدر طاقتكم سالموا جميع الناس, وقيل علي قدر طاقتكم فإن هناك أشخاصا تحاول أن تسالمهم وهم لا يريدون إما بسبب طباعهم, أو بسبب سلوكك الطيب يكشف سلوكهم الرديء, أو لأنهم يحسدونك بسبب نجاحك, أو بسبب تدبير أو بسبب تدابير معينة يدبرونها, أو لأي سبب آخر فهؤلاء أيضًا سالمهم حسب طاقتك وإن وجد خلاف فلا يكن بسببك أنت.. قد يعاكسك الغير.. ولكن لا تبدأ أنت بالخصومة تكن حساسًا جدًا من جهة احتمال أخطاء الغير, كن واسع الصدر حليمًا وتذكر أنه قيل عن موسي النبي: "وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ." (سفر العدد 12: 3) إن بدأ الغير بالخصومة فاحتمل, فقد قيل في الكتاب: "لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 19).. "لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 17). لذلك ابعد عن الغضب. ولا تعط فرصة لأحد أن يستثيرك فتخطئ واسمع هذه النصيحة الغالية: "لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ." (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 21).. واعرف أن الذي يحتمل هو الأقوى.. أما الذي لا يستطيع أن يحتمل فهو الضعيف. لأنه لم يقدر علي ضبط نفسه. † لا تطالب الناس بمثاليات لكي تستطيع التعامل معهم. نعم, بل تعامل معهم كما هم, وليس كما ينبغي أن يكونوا, وإلا فربما يأتي عليك وقت تختلف مع الجميع, إننا نقبل الطبيعة كما هي: الفصل المُمْطِر, والفصل العاصِف, والفصل الحار.. دون أن نطلب من الطبيعة أن تتغير لترضينا.. فلتكن هذه معاملتنا لمن نقابلهم من الناس, إنهم ليسوا كلهم أبرارًا أو طيبين. كثير منهم لهم ضعفات, ولهم طباع تسيطر عليهم, إنهم عينات مختلفة, وبعضها مثيرة, فلتأخذ منهم بقدر الإمكان موقف المتفرج وليس موقف المنفعل, وعاملهم حسب طبيعتهم بحكمة, ولكن احترس من معاشرة الأشرار الذين قد يجذبونك إلي الخطيئة معهم, "إِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 15: 33). النقطة الأخيرة هي السلام داخل النفس, أي السلام داخل القلب والفكر, والذي عنده مثل هذا السلام, يظهر أيضا هذا السلام في ملامح وجهه. فنجد أن ملامحه مملوءة سلامًا, ويستطيع أن يشيع السلام في نفوس الآخرين, وفي وجوده, يكون الجو مملوءًا سلامًا, ويكون مملوءا أيضا اطمئنانًا وذلك بسبب عمل الله معه, وعمل الله فيه أما الذي يفقد سلامه الداخلي, فإنه يقع في الاضطراب والخوف والقلق والشك. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
18 أغسطس 2019

تمْجِيدُ العَذْرَاءِ مَرْيَمَ وَالِدَةِ الإِلَهِ ( Θεοτόκος)

فِي اللاَهُوتِ الأُرثُوذُكِسِيِّ تقليد كنيستنا برمته يحوﻱ تمجيدًا وتطويبًا للعذراء مريم على مدى الأجيال، وهو ليس منحة ممنوحة لها على وجه التخصيص الشخصي أو بصورة كيفية؛ لكنه مرتبط برسالتها داخل الخطة الإلهية لسر تدبير الخلاص. وكيف أن تكريمها ليس بمعزل عن دورها كمختارة لخدمة التدبير من أجل خلاص الناس وتتميم مقاصد الله الأزلية، كي بقبولها الحر المباشر تصير الشرط البشرﻱ الموضوعي للتجسد العجيب، وبإسهام إيمانها وطاعتها الفورية، وبطهارة تكريس نذرها صارت لها صلة فريدة.بالله الكلمة المتجسد . تارة بالقبول الكامل من جهة، وبالعطاء المطلَق من جهة أخرى، استحقت أن تكون كرمة حقيقية حقانية، حاملة عنقود الحياة، ومن ثَمَّ صارت شفاعتها قوية ومقبولة عند مخلصنا، تشفع في كل حي كحواء جديدة؛ وكأم قادرة رحيمة ومعينة، وسُور وحصن للخلاص تنظر إلينا من المواضع العلوية وزينتها في السموات. لذلك استشفاعنا بها وتمجيدنا لها ليس بحالٍ من الأحوال حالة عاطفية أو وجدانية فحسب، بل لها أساسها في اللاهوت الكتابي والكنسي المستقيم. وهي التي أوصت الكنيسة كلها عبر الأجيال كي تفعل كل ما قاله لنا ابنها وملكها ومالك الكل. فهوذا منذ بشارتها تطوِّبها جميع الأجيال؛ لأن القدير صنع بها عظائم، وقد أتى تمجيدها بشكل ثابت من مكانتها كوالدة الإله القديسة في كل شيء، وأم ملكنا ومخلص كل أحد؛ أصلنا ومركزنا الوحيد والوسيط الشفيع، الذﻱ به وعليه يستند كل شيء، ابنها الوحيد الجنس بِكرنا ورب الكل. فهي مكرمة من أجله، ومن أجل سر حياتها كعرش العليّ، ومن أجل بهاء ولمعان نقاوتها؛ عندما خضعت للإرادة الإلهية وصارت أَمَةَ الرب، وقبلت أن تحيا كقوله، ممتلئة من النعمة والرب معها، وظللتها قوة العلي؛ كون القدوس المولود منها يتجسد بسر معظم لا يُنطق به ومجيد. لهذا رأتها الكنيسة كيمامة جليلة تصيح بالفرح وببهجة الخلاص الثمين؛ لأن عنقود كرمتها قد أثمر رأس يُنبوع الحكمة بالفهم العالي، الذﻱ للإناء المستور قبل كَوْن العالمين، محتوٍ للنور من النور في حضن الآب كل حين... رأتها ككنز خفي حامل للأسرار وبها الوعد وُفِّي لسائر الآباء الأبرار، وهي أيضًا مظلة وينبوع وفجر مشرق بالتهليل، ليروﻱ ويُشرق ويبارك ويمنح البركات والخيرات؛ مزيلاً كل اللعنات. فمِنْ حقل كرمتها المشهور أتى الفائق الجوهر الذﻱ يفوق كل كنز أبهر. ومنها ظهر الزرع الإلهي المثمر وسط عالمنا المُقفِر.. وابنها الفادﻱ القدوس هو الذﻱ صَيَّر المشجوب مبرورًا؛ وأنار بخلاصه العالم كله، ولاح فجرُهُ بالإشراق على الجالسين في الظلمة وظلال الموت، فبينما هو صانعها وجنينها، وبينما هي بيده مبدوعة؛ إلّا أنه وُلد كصبي منها كالتدبير، وجعلها سفينة نجاة كنوح جديد. نجمتها بدرية وحقلها مبرور؛ لكنه مع كونه غير مُفَلَّح من ذاته إلا أنه فَلَّحه وسقاه روحه القدوس الصريح. وبه صارت رجاءً لمن خاب رجاه (أُم وعرش وعذرا) (بِكر وبتول وعروس)، وجعلها شفيعة ومعينة لمن يريد، ونموذج صلاح للتائبين والسالكين على الدرب، دواؤها يُبرئ التعبان؛ وقُوتُها فاق الأثمان وزهرتها روعة البستان، وثمرتها استُعلنت بالظهور المحيي بأجلى بيان، وأَمَة عروسة الديان. تمجيدها صار تعزية وبركة للصديقين والمستقيمين؛ لأنها ولدت مخلص العالم الذﻱ أتى وخلص نفوسنا من الموت والندامة، وتعظيمها صار لأنها أم نور العالم الذﻱ لا يُدنىَ منه، ملكة الكل التي قامت عن يمين الملك؛ وسلامها مليء بالروح القدس القدوس، وإيمانها ودعتها عاشتهما عندما آمنتْ بما قيل لها من قبل الرب. فآمنت وتكلمت وعملت واستحقت النعمة والفرح وشرف أن يكون مولودها قدوس القديسين، وبه أضحت هي المجمرة الذهب النقي الحاملة العنبر المختار، ومدينة أورشليم التي قيل عنها أعمال مجيدة، كسماء ثانية ومنارة ذهبية حاملة جمر النار وبخور العطر؛ حيث العليقة المرموز إليها كحاوية لجمر اللاهوت تسعة أشهر في أحشاها ولم تمسسها بأذِيَّة.. تابوتها مغشًّى بالذهب الحق من داخل ومن خارج، وقِسْطها ذهبي موضوع فيه من الحياة، وقد أفرخت وأينعت كعصا هارون، وصارت هي لوحا الشريعة الجديدة، وباب المشارق الذﻱ أتانا منه إله الكل ومجده ملأ البيت. أم وعذراء، ملكة وعبدة، دخلها الكلمة اللوغوس فصار صامتًا في بطنها. سكنها راعي الخراف الناطقة فصار حَمَلاً يحمل خطية العالم كله، حملته غنيًا قديرًا ومشيرًا ليعين المجرَّبين وينتشل الخليقة. تمجيدكِ يا عذراء في دوركِ الذﻱ حان في ملء الزمان، عندما أرسل الله ابنه مولودًا منكِ حسب مشورته الخفية، لتكوني خادمة لسر التدبير؛ كجسر الله إلى العالم؛ وكسُلَّم يعقوب الحقيقي حيث حَلَّت عليك الشكينة؛ وصرتِ مسكن الله مع الناس ومقر المجد الذﻱ بات هيكلاً جديدًا؛ وخيمة اجتماع ملكوتية الأبعاد، وما كان رمزًا؛ أضحى بكِ راهنًا. لذا أبدع الآباء في تطويبها؛ ووصفوا حِجَالها ومَعْمَلها وكنزها وشمسها وقمرها وسماء فضيلتها السرائرية؛ كمركبة نورانية شاروبيمية، تهيأت لحمل حامل كل الأشياء بكلمه قدرته. ووجدوها أصل كل تعظيم، وبسببها أعلن الانجيل (مبارك الآتي باسم الرب) لما أتى منها سيد الكل وقاهر الموت ومحطِّم الجحيم.. ولما خرج من بطنها صانع الخليقة الأولى ليُصلح فساد الإنسان الساقط، وبيده ملكوت السموات. نمجدكِ يا عذراء يا أمنا لأن ربنا يسوع وُلد منكِ حسبما أراد هو، وسكن في هيكلكِ الذﻱ بناه هو بنفسه، جاعلكِ مصباحًا لا ينطفئ وتاجًا للطهارة والفضيلة، وعتيق الأيام تجسد جنينًا في أحشاكِ وهو غير المحدود.. لذلك لا توجد كلمات بشرية ولا تعبيرات لغوية يمكن أن تصفكِ؛ ولا ألوان ترسم أيقونتكِ العجيبة يا ابنة داود، يا من سكن فيكِ الكلمة وحملتية ودللتيه وأطعمتيه، وكنتِ أمه في المزود والهروب إلى مصر وعند الصليب؛ وجاز فيكِ السيف من كل جانب؛ حتى نزوله على الصليب وتكفينه وقيامته وإلى صعوده في جبل الزيتون. فأنتِ من أرضعتيه من لبن محبتكِ وأجلستيه على ركبتيكِ، وصرتِ مثالاً للذبيحة السمائية، وأيقونة من أخذتْ النور والحق والحياة في حضنها، فمنحكِ الدالة عنده، وجعل بشارتكِ بشارة عهد النعمة وحضور الرعاة وسجود التسبيح ومجد الأعلى وسلام الأرض ومسرة الناس، ودخول الهيكل وحمل نور الخلاص وبصيرة الانطلاق. فأحشاؤكِ قلبت المعايير وحوَّلتها، حالما أتاكِ مُثبِّت الأنظمة وخالقها، وصنع عندكِ مكانًا لنفسه، وبقوته وخوافِيهِ حماكِ، ولا توجد لغة تعبِّر أو تقترب لتعبر عن هذا التدبير، الذﻱ به نزعتِ شوكة الفساد والموت واللعنة، والذﻱ به مات الموت وانهدم الجحيم وانغلبت الهاوية، وظهرت القيامة وأعلنت بصمتها لبراءة الكل من العصيان، وبجسد المخلص صنع الشفاء وختم كيانه على إنسانيتنا؛ مبارِكًا طبيعتنا فيه، تلك التي اتخذ عَجْنَتَها منكِ بميلاده العذراوﻱ الأسمى سمو السماء وعظمة الأبدية. القمص اثناسيوس فهمي جورج
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل