المقالات

11 ديسمبر 2019

مفهوم المعرفة

لقد أعطانا الرب عقلا يمكنه أن يعرف ولكنه أراد لنا أن نعرف ما يفيدنا وينفعنا وأيضا ما يفيد وينفع الآخرين ، أفرادا كانوا أو جماعات غير أن المشكلة التى قابلت الإنسان منذ البدء ، هى أنه أراد أن يعرف وحسب ، ولو أن يعرف الشر كان الإنسان الأول يعرف الخير فقط ولكنه أكل من شجرة معرفة الخير والشر فصار يعرف الشر أيضا وبهذا أضر نفسه تأكد من سلامة كل معرفة تصل إليك وتأكد من فائدتها قبل أن تقبلها واعرف أن المعرفة ليست غاية فى ذاتها ، وإنما هى وسيلة لمنفعتك اختر لإذن هذا اللون من المعرفة النافعة 0 أنواع من المعرفة :- هناك معرفة حسية تأتى عن طريق الحواس ، يعرفها الناس بالنظر ، أو باللمس ، أو بالشم ، أو بالسمع وهناك معرفة تأتى عن طريق العقل ، يعرفها بالدراسة أو الإستنتاج وهناك معرفة هى نوع من الكشف الإلهى أو الإعلان الإلهى يكشف بها الرب لقديسيه ما يريد لهم أن يعرفوه وذلك بواسطة الروح القدس الذى قيل عنه فى سفر أشعياء النبى ( روح الحكمة والفهم روح المعرفة ) ( أش 11 : 2 ) وهى التى كان يطلبها المرتل فى صلواته قائلا ( عرفنى طرقك فهمنى سبلك ) إنها أعظم معرفة ، هذه التى نقول عنها فى القداس الغريغورى ( أعطيتنى علم معرفتك ) هذه أيضا التى قال عنها السيد المسيح فى مناجاته للآب ( هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك) ( يو 17 : 3 ) وقال أيضا ) أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك ، أما أنا فقد عرفتك )( يو 17 : 25 ) وقال عن تلاميذه فى منحه لهم لهذه المعرفة الإلهية ( عرفتهم إسمك وسأعرفهم ، ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به ، وأكون أنا فيهم ) ( يو 17 : 26 )إذن هى المعرفة التى تقود إلى محبة الله ، وإلى سكناه فينا العالم شغوف أن يبحث عن المعرفة التى تعطيه فكرة عن القمر والكواكب ، بسفن الفضاء التى تكلفه أموالا طائلة جدا ولكن ليس بنفس الشوق إطلاقا إلى معرفة الله إنه يسعد جدا أن أحضر بعض حجارة من القمر ، أو بعض صور ، لأنها تعطيه بعض المعرفة عن الطبيعة التى من خلق الله دون أن يسعد بمعرفة الله ذاته ونفس الكلام يقال عن كثير من الإكتشاف التى يقوم بها الإنسان. وهناك معرفة تأتى من الآخرين عن طريق الكتب ، أو صحف ، أو الأفلام ، أو وسائل الإعلام المتعددة ومعرفة تأتى عن طريق الأصدقاء أو الزملاء0 وهناك معرفة تأتى عن طريق الشيطان إما يلقيها إلى أذهان الناس ، كما فعل مع حواء وقد يلقى الشيطان معرفة ما عن طريق فكر أو حلم أو بواسطة أحد جنوده وقد تكون معرفة كاذبة 0 أو قد تكون صحيحة ، ولكنه لم يستغلها من أجل غرض سئ وربما يسعى الإنسان بنفسه ليحصل على معرفة من الشيطان عن طريق السحر ، أو استشارة الموتى أو الأرواح ، أو بطرق عديدة هذا الذى نهى عنه الوحى الإلهى بقوله ( لا يكن فيك من يعرف عرافة ، ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر ، ولا من يسأل جانا أو تابعة ، ولا من يستشير الموتى لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب ) ( تث 18 : 10 ، 11 ) ومن أمثلة من وقعوا فى هذا الأمر شاول الملك ، حينما طلب المعرفة عن طريق صاحبة جان كانت عرافة فى عين دور ( 1صم 28 : 7 ) ومن أمثلة هؤلاء أيضا من يلجأون إلى المنجمين ، وإلى قارئى الكف والفنجان ، وإلى ضاربى الرمل ، وإلى إستشارة الأرواح عن طريق التنويم المغناطيسى أو البندول ، وما أشبه من الأمور التى وصفها الرب بأنها رجس الأمم ( تث 18 : 9 ، 12 ) ما الذى تعرفه من يقينية هذه الأخبار ، أو مدى استخدامها للضلالة ؟‍! ‍‍ اعرف جيدا أن الشيطان إن أعطاك معرفة ما ، لا يعطيها لك مجانا ، أو بدون مقابل ولا يعطيها بدون هدف شيطانى يريد الوصول إليه للإضراربك ، أو لجعلك تحت سلطانة أو تحت إرشاده 0 نوع آخر من المعرفة هو أن تعرف نفسك هذه الحكمة التى دعا إليها سقراط الفيلسوف (اعرف نفسك ) وما أعظم الفوائد التى تحصل عليها من معرفة النفس تعرف أنك تراب ورماد ، لكى تتضع وتعرف خطاياك لكى تندم وتتوب وتنسحق وتعرف طبيعتك وحروبك ، لكى تنجو منها بل تعرف مواهبك ، لكى تستخدمها لتمجيد الله 0 معرفة أخرى هى أن تعرف كتاب الله وصاياه كما قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس ( وأنت منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان ) ( 2تى 3 : 15 )هذا الكتاب الذى هو ( نافع للتعليم والتوبيخ ، للتقويم والتأديب الذى فى البر ) ( 2تى 3 : 16 ) وهو الذى بمعرفته تعرف طريق الرب ، وتعرف كيف سار فيه القديسون وبهذه المعرفة تدخل إلى الحكمة والتمييز وتعرف ما هو الخير لك ، وتميز طريق الله وضلالة الشياطين وحيلهم بل إن عرفت هذا ( تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضا ) ( 1تى 4 : 16 ) وبهذه المعرفة تميز بين الأرواح كما قال القديس يوحنا الرسول ( لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هى من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم ) ( 1يو 4 : 1 ) أيضا أعرف غيرك ، لكى تعرف كيف تتعامل معه وهذا كما ينطبق فى محيط الصداقة ، وفى محيط العمل والحياة الإجتماعية ، ينطبق أيضا فى محيط الأسرة حيث يعرف كل من الزوجين طبيعة شريكه فى الحياة وكيفية التعامل معه بل ويعرف نفسية الطفل وكيف يعامله وفى الحياة الإجتماعية يعرف نفسية المعوق ، ونفسية العاقر ، ونفسية المراهق ، وكيف يتعامل مع كل هؤلاء اعرف الله واعرف أنه يراك حيثما كنت ويعرف أفكارك ونياتك وشهواتك وخطاياك ، لكى يدركك الخجل من كل فكر شرير ومن كل شهوة بطالة بل ضع أمامك العبارة التى كررها الرب فى كل رسائله إلى ملائكة الكنائس السبع التى فى آسيا ( أنا عارف أعمالك ) ( رؤ 2 ، 3 ) وبهذه المعرفة تدخل إلى قلبك مخافة الله اهتم بمعرفة الحق وإن عرفته اتبعه وما أجمل قول داود النبى فى المزمور الكبير ( اكشف عن عينى ، لئلا تعاينا الأباطيل ) ( مز 119 ) وحاول أن تعرف أيضا احتياجات الناس ، لكى تدبرها لهم وأن تعرف طريق الخلاص ، لكى تمشى فيه ، وتقود الناس إليه واحترس من المعارف التى فوق مستواك التى قال عنها أيوب النبى ( قد نطقت بما لم أفهم بعجائب فوقى لم أعرفها ) ( أى 42 : 3 ) فكثير من الناس يبحثون فى الإلهيات فوق مستواهم فيضلون وكثيرون يبحثون فى أمور خاصة بعالم الأرواح فتضل أفكارهم أما أنت فتواضع وابحث عن الأمور التى توصلك إلى خلاص نفسك المعرفة الضارة:- هناك معرفة ضارة جدا ، مثل التى وقع فيها أبونا آدم وأمنا حواء وكانت النتيجة أنهما فقدا البراءة والبساطة التى كانت لهما وعاشا فى ثنائية الخير واشر ، الحق والباطل ، الحرام والحلال هذه الثنائية التى عاش فيها أولادهما إلى يومنا الحاضر ولذلك ما أصدق قول الحكيم فى سفر الجامعة الذى يزداد علما ، يزداد غما ( جا 1 : 18 ) ويقصد طبعا معرفة الإنسان بأمور تضره ، ليست من صالحه ويجمع فى فكره أشياء تؤذيه وللأسف يدعى أن معرفة تلك الأمور الضارة لونا من الثقافة العامة ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! لذلك قال أحد الآباء الروحيين كلمة لطيفة جدا وهى أحيانا نجهد أنفسنا فى معرفة أمور ، لسنا نلام فى يوم الدين على جهلنا إياها فإن كنا لا نلام على معرفة هذه الأمور ، فكم وكم يحاسبنا الله على معرفة الأمور التى تضرنا ، ونتائجها السيئة علينا ضع فى ذهنك مدى نتائج تلك المعرفة الضارة ما يدخل فى ذهنك من معارف ، يؤثر على حواسك ومشاعرك ، وقد يؤثر على علاقتك بالآخرين بل بالأكثر من هذا يخزن فى عقلك الباطن ثم يخرج من عقلك الباطن ، على هيئة ظنون أو أفكار أو أحلام وإذا بهذه المعرفة التى أخذتها قد امتدت فى داخلك وخارجك إلى نطاق واسع ، وقد لا تستطيع أن تحد إنتشارها ومدى أضرارها علينا إذن أن نستخدم قدرة عقلنا فى المعرفة ، فى ما ينفعنا وينفع غيرنا كم من أناس بكوا بدموع بسبب معارف خزنوها فى أذهانهم وقالوا يا ليتنا ما كنا عرفنا ، سواء بالقراءة أو الحواس ويحتارون كيف يمكنهم إخراج ما فى ذهنهم من معلومات رسخت فيه مثلهم فى ذلك مثل الذين وقعوا فى إدمان نوع من المخدرات Drugs ، وأصبحوا عاجزين عن الخروج من سيطرة ما قد أدمنوا عليه هناك ألوان من المعرفة تغير نظرة الإنسان إلى كثير من الأمور ، وتغير نظرتهم أيضا إلى بعض الناس أمنا حواء بعد أن أخذت من الحية معرفة ضارة خداعة ، تغيرت نظرة حواء إلى شجرة معرفة الخير والشر ، التى كانت فى وسط الجنة ، وربما كانت تراها كل يوم بعد ما دخل ذهن حواء من معرفة ( رأت أن الشجرة جيدة للأكل ، وأنها بهجة للعيون ، وأن الشجرة شهية للنظر ) ( تك 3 : 6 ) وبعد أن تغيرت نظرتها هذه إلى الشجرة ، دخلت شهوة الأكل منها إلى قلبها ( فأخذت من ثمرها ، وأكلت وأعطت رجلها معها فأكل ) مثال آخر للمعرفة وهو الشك وكما قال أحد العلماء سهل أن يدخل الشك إلى عقل إنسان ولكن ما أصعب خروج هذا الشك من عقله فإن أملت أذنك لمن يلقى فى قلبك شكا من جهة إنسان باثباتات معينة قد تكون زائفة أو إن سمحت لنفسك أن تقرأ قراءات خطرة تشكك فى الإيمان أو فى الكتاب قد تبذل جهدا كبيرا للخروج من هذا الشك وقد يبقى معك فترة طويلة ، إلى أن تفتقدك النعمة ، فتريحك منه لذلك يلزم أن يدقق كل إنسان فى اختيار مصادر معرفته احتفظ بنقاوة فكرك ، ولا تلوثه بمعرفة ضارة وينبغى أن تدقق كثيرا فى كل ما نقرأه ، وكل ما تسمعه ، وكل ما تراه وتدقق أيضا فى اختبار الأصدقاء الذين يصبون معلومات فى أذنيك ، أو ينقلون خبرة أمور ضارة ، أو أخبارا ضارة ، أو أفكارا متعبة ولا تسمح لكل تلك المعرفة أن تثبت فى ذهنك ، إلا بعد أن تتحقق منها تماما ، وتعرف الحق فيها من الباطل والزيف ولا تظن أن الأفكار عواقر ، بل ما أكثر ما تلد أفكارا أخرى كثيرة بل ربما كلمة واحدة تصل إلى ذهنك ، فتلد حكاية أو حكايات وأعرف أن الوقاية من الفكر ، خير بكثير من قبوله ثم محاولة التخلص منه واحترس جدا من نقل المعرفة والأفكار ربما تصل إليك معرفة تضرك وتنقلها أنت بدورك إلى غيرك فتضره ثم بعد أن تقاسى من تلك المعرفة ، تحاول أن تتخلص منها وربما تتخلص بنعمة من الرب ولكن ما نقلته إلى الغير لا يزال ثابتا فيه ، تضره معرفته وتكون أنت مدانا عن ضرر غيرك ، لأنك كنت السبب فيه وحينئذ لا تتعبك خطيئتك فى معرفتك ، بل تتعبك خطيئتك فى نقل تلك المعرفة الضارة إلى غيرك إنه ماضيك الذى يطاردك المعرفة الضارة التى نشرتها سواء نقلتها بالكلام ، أو بالكتابة ، أو بطرق حسية كثيرة ومن ذلك فإن الذين يقعون فى التشهير بالغير ، الذين ينقلون أخبارا سيئة عن أخطاء الغير ، أو ما يظنونها أخطاء ، أو ما يخترعونها ويل لهم إذا استيقظت ضمائرهم ، وبدأت تلومهم على ما كانوا يقولونه من قبل ويدخل فى هذا النطاق الذين يطلقون الشائعات أو ينشرونها ، سواء بقصد الإيذاء أو لمجرد التسلية الخاطئة بالتحدث عن أسرار الآخرين ، التى يلذ لهم الحديث عنها إما كما هى ، أو بإضافة استنتاجات من خيالهم 0 معرفة التافهات :- إن عقلك مثل كومبيوتر ، له طاقة معينة فى جميع المعلومات فلا تشغل جزءا كبيرا فيه بأمور تافهة ، تعطله عن تسجيل ما ينفعه وهكذا لا تخزن فيه إلا ما تحتاج إليه وما يلزمك فى حياتك بحيث تخرج منه تلك المعرفة فى الوقت المناسب ، لهدف نافع واعلم أن تخزنه فى عقلك لابد سيخرج منه أردت أو لم ترد وربما معلومات قد خزنتها فى عقلك الباطن منذ سنوات ، تجدها تخرج من ذاكرتك فى موعد لا تتوقعه ، أو فى مناسبة ما كنت تدريها البعض يستخدم عقله فى جميع معارف فانية وباطلة قد لا تكون فى حد ذاتها خطية ولكنها أمور تافهة تشغل عقله ، وتعطل هذا العقل عن الإنشغال بالروحيات والإلهيات ، أى أنها تعطل العمل الإيجابى فى بناء حياتهم الروحية ، وفى تعطيل ذهنهم عن التأمل النافع وقد ينقلون هذه المعرفة التافهة إلى الآخرين فى أحاديثهم التى تشغل آذان الناس وأذهانهم ، وبالتالى تشغل أفكارهم أيضا ، دون أية فائدة من ذلك كله إلا ضياع الوقت الذى يمكن استخدامه فيما ينفع يا ليت عقلك لا تشغله إلا المعرفة التى تبنيه ، وتكون سببا فى تقوية شخصيته ، والسمو بإنسانيته ونموه الروحى وفى نفع الإنسانية أو المجتمع الذى تعيش فيه 0 قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
04 أغسطس 2020

مهرجان الكرازة المرقسية 2020 (1) كنيستي.. روح وحياة

1- هذا هو شعار مهرجان الكرازة المرقسية 2020: وفي ظل الظروف الحالية، ولانتشار "فيروس كورونا" في العالم، فإن كنا لا نجتمع بداخل الكنيسة، ولكنها تسكن فينا ونعيشها ونشتاق إليها..2- وبسبب الجائحة العالمية "وباء كورونا"، وانتهاء الدراسة هذا العام قبل الوقت، ووجودنا في منازلنا: فهيّا بنا إلى مسابقات المهرجان المتنوعة، والتي للمراحل المختلفة بدءًا من الحضانة، وحتى ذوي القدرات الخاصة والمسنين.3- ونحن نشكر الله من أجل عمله في مهرجان الكرازة المرقسية: تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثاني، وأحبار الكنيسة الأجلاء والآباء الكهنة وأمناء وأمينات الخدمة، والذي نسعد بانتشاره في كنائسنا القبطية بمصر والمهجر. والمهرجان هذا العام له ثلاثة محاور:أولاً: كنيســــتي: 1- القبطية 2- الأرثوذكسية - ثانيًا: روح - ثالثًا: حياةأولاً: كنيســــتي:1- القبطية: إن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية كنيسة وطنية على مر العصور، والأقباط يحبون بلدهم ويدافعون عنها دائمًا.. ولذلك يجب علينا التمسك بالهوية القبطية:أ- أنا مصري.. سليل الفراعنة! ب- أنا قبطي.. ابن القديسين والشهداء!أ- أنا مصري: سليل بناة الأهرام، مخترعي الورق، والطب، والكيمياء (ابن الأرض السمراء), والحكمة الخالدة، والفلاح الفصيح. بل أن عيد الميلاد "الكريسماس" هي كلمة قبطية أخذها عنا العالم كله.ب- أنا قبطي: ابن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:1- كنيسة اللاهوتيين: أثناسيوس وديسقوروس وكيرلس.2- كنيسة الرهبنة: الأنبا أنطونيوس والأنبا مكاريوس والأنبا شنوده والأنبا باخوميوس.3- كنيسة الشهداء: الكنيسة المسيحية الوحيدة التي لها، بجانب التقويم الميلادي (م)، تقويم الشهداء (ش) من كثرة ما قدمت من شهداء عبر تاريخها الطويل، ولا تزال تقدم حتى في عصرنا الحالي (شهداء ليبيا مثالاً).4- كنيسة الكرازة: التي كرزت في أنحاء المسكونة... والتاريخ يذكر القديس موريس والقديسة فيرينا، حيث لهما في أوربا مؤسسات وأديرة ومدن كثيرة باسمهما.. وما تزال تنتشر بكنائسها وأساقفتها وكهنتها وشعبها القبطي، في كل قارات العالم بدون استثناء. ففي عصر الطائرات والفضائيات ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، نستطيع أن نحس بأننا جسد واحد. والكنيسة واحدة: طقوسها واحدة، وعقائدها واحدة, وتاريخها واحد. ولهذا أتخذنا شعارًا لمهرجان الكرازة المرقسية هذا العام 2020 "كنيستي: روح وحياة" يجعلنا نعيش هذه الوحدة: نردّد شعارًا واحدًا وألحانًا واحدة.. إلخ.كلمات شعار المهرجان 2020:كنيستي.. روح وحياة+ كنيستي السما.. أجمل ملحمة - حصن من بخور فيه الكل احتمى+ البشرية في آدم تاهت - والأبدية في وقتها غابتشمس البر قام في الفجر - بدّد كل ظلام الشر - أمي لأولادك ضيّ - عقيدة سليمة وطقسك حيّ+ تراثك قبطي عظيم.. - يا منارة للتعليم - أنت الكرمة بيت الله - كنيستي روح وحياة الرب يحفظ كنيسته بروحه القدوس لمجد اسمه،، - (يتبع) نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
07 يونيو 2020

الأحد السابع من الخماسين

ماذا قال الآباء عن الروح القدس؟ أولاً: القديس أثناسيوس؟: أكد القديس أثناسيوس لاهوت الإبن وأنـه مساوٍ للآب فى الجوهر. قال أيضا بوضوح أن الروح القدس مساوٍ مع الآب فـى الجوهر. إذ أنه مساو مع الإبن فى الجوهر، والإبن مساو للآب فى الجوهـر.. إذن فهو مساو للآب فى الجوهر.ويقول أيضاً أنه يوجد ثالوث مقدس وكامل ومعترف بـه: الله الآب والإبن والروح القدس.. وهو متماثل، غير قابل للتجزئـة بطبيعتـه، ونشاطه واحد.. الآب يعمل كل شئ بالإبن فى الروح القدس.. وهكـذا ينادى بإله واحد فى الكنيسة، الذى على الكـل ( كلـى الأصل )، وبـالكل ( كلى السبب )، وفى الكل ( كلى التنفيذ ). الكل المطلق.. أى الله فى ذاته الكلية المطلقة: 1- كآب : بداية وينبوع. 2- به الكل : بالإبن 3- وفى الكل : بالروح القدس. وعن علاقـة الروح القدس الجوهرية بالآب والإبن فى الثالوث قــال القديس أثناسيوس فى رسائله إلى الأسقف سرابيون + الثالوث إله واحد وقد أسس الرب الكنيسة عليه.. ( الثالوث كله إله واحد ولا موضع فيه لشىء غريب عن الله ) (سرابيون1 :17). + هذا هو إيمان الكنيسة الجامعة لأن الرب أسسها فى الثالوث وأصلـها فيه عندما قال لتلاميذه ” إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بإسم الأب والإبن والروح القدس ” (مت 19:28) (سرابيون 6:3). ويؤكد القديس أثناسـيوس أن الـروح القـدس منبثـق مـن الآب ومرسل من الإبن: ( لكى نعتقد أن هناك قداسة واحدة مسـتمدة مـن الآب بالإبن فى الروح القدس.. وكما أن الإبن مولود وحيد الجنـس هكذا كان الروح القدس واحد وغير متعدد، ليس واحد من كثير بـل روح وحيد ).وكما أن الإبن الكلمة وحيد هكذا ينبغى أن يكون ( روح الإبن )، القـوة الحية المعطية الذى به يقدس ما وينير، ينبغى أن يكون وحيدا كاملا تاما، وهو الذى قيل أنه ينبثق من الآب لأنه من الكلمة المعترف أنـه مـن الآب، وهوالذى قيل أنـه يشرق ويرسل ويعطى.وكما أن الإبن ارسل من الآب كذلك الإبن يرسل الـروح القـدس ” وإن ذهبت أرسل لكم الباراكليت ” (سرابيون 20:1). وقال أيضاً: الروح القدس هو الروح الحق وينبثق من الآب لكنـه يأخذ من الإبن الملك كل ما هو لـلآب، ليبيـن أن جوهـر الآخـذ والمأخوذ منه والمنبثق منه ( الروح والإبن والآب ) واحد.إن الآب وحده آب لأنه مبدئ، والإبن وحده إبـن لأنـه مولـود، والروح القدس وحده روح لأن انبثاقه من الآب بمفرده. وهنا يعطى القديس أثناسيوس مثل الشمس لتوضيح هذا الأمر ( كما أن قرص الشمس هو علة وغير مولود من أحد أما الشعاع فمعلـول ومولود من القرص والنور منبثق من القرص وحده وهو بالشـعاع مرسل ومشرق على الأرض، هكذا الله الآب وحده علة الإثنين وغير مولود وأما الإبن فإنه من الآب وحده معلول ومولود، والروح القـدس من الآب وحده معلول ومنبثق، وهو بالإبن مرسل إلى العالم ). ثانياً: القديس كيرلس؟: 1- نعرف ثلاثة أقانيم ونؤمن بها: الآب الـذى لا ابتـداء لـه، والإبن الوحيد، والروح القدس المنبثق من الآب وحده. 2- إن الروح القدس هو منبثق من الآب حسب قول المخلص، لكنه ليس بغريب عن الآب من حيث وحدة الجوهر. 3- نؤمن بالروح القدس كما نؤمن بالآب والإبن لأنه مساو لـهما فى الجوهر وهو منبثق من ينبوع الله الآب. 4- كما أن الإبن من الآب على جـهة الولادة هكذا الـروح القـدس من الآب على جـهة الإنبثاق. 5- الحصول على الآب والإبن داخل النفس هو أصل وأساس شـبع النفس ومجدها وهذا مخزون للذى يحفظ وصاياه.. فمن يرغب الإشتراك فى الطبيعة الإلهية وينال الرب آب الكـون سـاكناًَ ومقيماً فى أعماق القلب بإبنه فى الروح القدس، فليطهر نفسـه تطهيراً شاملاً ويغسل وسخ الشر بكل الوسائل التى يسـتطيعها، وفوق الكل بكل أنواع الصلاح فبذلك يصير حقا هيكلاً لله. 6- حينما يسكن مخلصنا المسيح فينا بالروح القدس فبالتأكيد سـيكون أبيه أيضاً هناك، لأن روح المسيح هو روح الآب أيضاً (رو 8: 11، غل 4: 6).. وهكذا نرى أن نفس الروح خاص بالآب والإبن. 7- فكلمة الله الوحيد الجنس يمنح القديسـين ميـلاً إلـى طبيعتـه الخاصة وطبيعة الله الآب بإعطائهم الروح وذلك بإتحادهم بـه بالإيمان والقداسة الكاملة، وهو يغذيهم فى التقوى ويعمل فيـهم لمعرفة كل فضيلة وكل الأعمال الصالحة. 8- الله الآب له روحه الذاتى من ذاته وفى ذاتـه الـذى بـه، أى الروح، يسكن فى القديسين ويعلن لهم أسراره، لا كأن الـروح يمارس مجرد وظيفة خدمة بل بالحرى كمن هو فيه جوهريـاًَ ومنبثق منه بغير إنفصال ولا إنقسام.. وهو يفسر ما هو خـاص بذلك الذى هو كائن فيه والذى منـه يصـدر- وهـذا هـو ما يخصه أيضاً هو نفسـه ( أى الروح )- لأن الله لـه إتحـاد بالخليقة فقط بواسطة إبنه فى الروح.وهذا الروح هو أيضاً خاصية الإبن الوحيد لأنه واحد معه فى الجوهر. ثالثاً: القديس باسيليوس الكبير: ( الفصل التاسع من كتاب الروح القدس ) وأول شئ نسأل عنه هنا هـو: عند سماع ألقاب الروح القدس.. من لا يسمو روحياً ومن لا يرتقـى إيمانـه إلى الطبيعة الإلهية؟!فالروح يدعى ” روح الله ” (مت 12: 28)،” وروح الحق الذى من عند الاب ينبثق ” (يو 15: 26)، ” والروح المستقيم ” (مز 51: 10)، ” وروح الرياسة ” (مز 12:51).أما إسمه الخاص ولقبه المعروف فهو الروح القدس، وهـو إسم لا يدل بالمرة على أنه محسوس بل روح محض بسيط.وعندما أراد ان يعلم أن يعلم المرأة السامرية التـى اعتقـدت بـأن الله محصور فى مكان ينبغى عبادته فيه، قال أن الله منزه عـن الجسـد ولا يمكن حصره فى مكان ” الله روح ” (يو 24:4).ولذلك إذا سمعنا كلمة ” الروح ” فمن الخطأ أن نكون صـورة عـن طبيعة محدودة خاضعة للتغيير والظروف أو تشبه المخلوق، بل تحتـم علينا كلمة ” روح ” أن نسمو إلى ما هو أعلى.. إلى طبيعة عاقلة وغـير محدودة القوة والعظمة لا تقاس بالزمان أو العصور بل محسن يعطـى من خيراته، وكل الذين يحتاجون إلى التقديس يلتفتون إليه ويسعى إليـه كل الذين يعيشون فى الفضيلة، والكل كما لو كان يشرب من إلهامـه وبه يتقدم نحو غايـة خلقه.هو يكمل كل شئ ولا ينقص شيئاً حتى لا يحتاج إلى تجديد حيـاة فهو ينبوع الحياة، لا ينمو ولا يضاف إليه بل هو دائما ملآن، كـائن فى كل مكان، ينبوع التقديس ونور لا يدركه إلا العقل يعطى من لدنـه الإستنارة لكل قوة عقلية تطلب الحق.الروح القدس بطبيعته غير مدرك ولكن يمكن الإقتراب منه ومعرفتـه بصلاحه، يملأ كل الأشياء بقدرته، ويعطى للمستحقين فقط ولا يعطـى بمكيال بل يوزع قوته على قدر الإيمان (رو6:12)، جوهـره بسـيط وقوته متنوعة، حاضر كله فى كل أحد لأنه حاضر فى كل مكان. مـوزع على الكل دون أن يعانى التقسيم. يشترك فيه الكل دون أن يفنى، مثل أشعة الشمس تسقط على كل من يريد أن يتمتع بها كما لو كـانت أشـعة الشمس لكل فرد على حدة لكنها تضئ الأرض والبحر وتمتزج بالـهواء، هكذا الروح القدس بالنسبة لمن يأخذه يكون كمن أعطى له وحده إلا أنـه يرسل نعمته التى تكفى الكل والتى تملأ الإنسانيـة، والذين ينالونه يتمتعـون به على قدر ما تحتمل طبيعتهم وليس على قدر قوة الروح القدس. وقال أيضاً: كما أن الروح القدس ليس له الولادة بحالة ما.. وهكـذا الإبن ليس له إنبثاق. وكما أن الإبن ليس هو من الروح القدس، هكذا الروح ليس من الإبن. وكما أن الإبن مولود من الآب وحده، هكذا الروح القدس منبثق من الآب وحده رابعاً: القديس يوحنا ذهبى الفم: يقول البعض أنه ما أعطاهم الروح لكنه جعلهم مسـتعدين لقبـول الروح بنفخته، فلا يخطئ من يقول أنهم أخذوا حينئذ سلطاناً روحيـاً ونعمة، ولكن ليس ليقيموا أمواتاً ويعملوا قوات بل لكـى يفحصوا عـن الخطايا لأن مواهب الروح القدس مختلفة، ولذلك استثنى بقولـه: ” من غفرتم لهم خطاياه غفرت لهم “.. موضحاً أى نوع فعل أعطاهم.فهناك من بعد أربعين يوماً أخذوا أنواع مواهب. وهذا صار لتعليـم أن موهبة الآب والإبن والروح القدس واحدة وسـلطانهم واحد، لأن المواهب التى تظن بها أنها مختصة بالآب لاتلبث أن تسـتبين أنـها مختصة بالإبن والروح القدس أيضاً. وقال أيضا : إن الروح القدس من الآب منبثق، والروح الذى أعطاه المسيح للرسل عندما نفخ فيهم، والذى حل عليهم يوم العنصـرة، لـم يكن جوهر الروح ولا أقنومه بل قوته. خامساً القديس كيرلس الأورشليمى: 1- يوجد روح قدس واحد وحيد، المعزى. وكما يوجـد الله الآب واحد وليس آب آخر، وكما أن هناك إبن واحد وحيد كلمـة الله الذى ليس له أخ، هكذا يوجد روح قدس واحد وليس هناك ثـان مساو له فى الكرامة. 2- الروح القدس قوة غاية القدرة ( أقنوم )، إلهى لا يستقصى.. فهو حـى عاقل مقدس كل ما خلقه الله خلال الإبن. 3- إنه يدعى المعزى لأنه يعزينا ويشجعنا ويعين ضعفنـا ” إذ لسنا نعلم ما نصلى لأجله كما ينبغى لكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها ” (رو 8: 36). 4- الآب معطى كل النعم خلال الإبن بالروح القدس، مواهب الآب ليست إلا مواهب الإبن ومواهب الروح القدس.لأنه يوجد خلاص واحد.. قوة واحدة.. ايمان واحد.إله واحد الآب، ورب واحد إبنه الوحيد، وروح قدس واحد المعزى. وعن أسماء الروح القدس… قال القديس كيرلس الاورشليم: + الروح : لأنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة” (1كو 8:12). + المعزى : “لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى” (يو 7:16). + روح الحق : “فيعطيكم معزياً أخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق” (يو 17: 16، 17). + روح الله : لأن الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله” (رو 14:8). + روح الرب : كقول بطرس: ” ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب” (أع 5: 9). + روح المسيح : ” وأما أنتم فلستم فى الجسد بل فى الروح إن كان روح الله ساكنا فيكم. ولكن إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له” (رو 8: 9). + روح إبن الله : كما هو مكتـوب: “بما أنكم أبناء أرسل الله روح إبنه” (غل 6:4). + روح يسوع المسيح: “بطلبتكم ومؤازرة روح يسوع المسيح” (فى 1 :19). + روح القداسة: كما هو مكتوب: “حسب روح القداسة” (رو1: 4). + روح التبني : كما قال بولس: “إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف بل أخدتم روح التبنى الذى بـه نصرخ يـا أبا الأب” (رو 8: 5 1). + روح الموعد: كما قال بولس: “الذى فيه أيضا إذ أمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس” (أف 1 :13). + روح الاعلان : كما هـو مكتـوب: “كى يعطيكم روح الحكمة والإعلان فى معرفته” (أف1 :17). + روح النعمه : كما قال بولس: “من حسب دم العهد الذى قدس به دنسا وازدرى بروح النعمة” (عب 10: 29). ختام للقديس كيرلس الأورشليمى: (ياليت إله الكل ذاته الذى تكلم بالروح القـدس خـلال الأنبيـاء والذى أرسل على رسله فى يوم البنطقستى فى هـذا المكـان، هـو نفسه يرسل عليكم فى هذا الوقت، وبواسطته يحفظنا نحن أيضاً لكـى نتمتع بالبركات السمائية ويكون فينا ثمار الـروح القـدس: محبـة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، إيمان، وداعة، تعفف.. فـى المسـيح يسوع ربنا الذى له وبه ومع الروح القدس المجد للآب الآن وإلـى الأبد وإلى أبد الأبد آمين).
المزيد
24 نوفمبر 2018

لاهُوتُ الوَقْتِ للوَقْتِ عَلاَمَةٌ

في أي امتحان يكون للوقت علامة، بحيث تكون الإجابة الصحيحة بعد انقضاء الموعد المحدد بلا معنى، لأنها أتت في الوقت الضائع، وبالتالي يكون للوقت الحاسم في تحديد العلامة المؤشر الدقيق للمستوى الذي يؤهل الممتحن للوصول إلى أعلى مستوى. لذلك بكل الجهد نفتدي الوقت، كما نصلي قائلين: (تُوبي يا نفسي ما دُمتِ في الأرض ساكنة) لأن هذا العمر ليس ثابتًا وهذا العالم ليس مؤبدًا. علامة وقتنا هي أعمال الملكوت؛ من دون التعريج بين محبة الله ومحبة العالم؛ إذ لا يمكن أن تنظر إلى السماء بعين وتكون العين الأخري ناظرة إلى الأرض في نفس الوقت؛ حتى تبلغ الشرارة مكان زيت النعمة، وتخرج قوة عظيمة من أيادينا، ولا نسلم إناءنا ليد عدونا الشرير، الذي يزأَر ليُلهينا حتى يختطف إناءنا، التي هي أشواقنا الصالحة التي يجب أن تخدم الله نهارًا وليلاً وكل الأوقات. فعلامة وقتنا هو امتحاننا وسلوكنا على طريق الملك، محروسين بعناية الملائكة القديسين ليلاً ونهارًا، مع كل السالكين بالنهار وبالليل، الذين يجتهدون من أجل حفظ نفوسهم من عثرة المهالك، فيكون تعب جهادنا حلوًا وشهيًا بلا ملل ... لأن الطوبىَ لمن يبقى في تعبه فرح القلب؛ ويدوم فيه بلا تكلف حتى باب الفردوس المفتوح. وكل واحد عمله محسوب له، إن كانت خدمة أو صلاة أو ميطانيات أو عمل خير أو ليتورجيا، فحتى الكلمة الواحدة التي يقولها الإنسان بالمحبة المسيحية في شأن الله للتعزية ... هذا كله محسوب؛ لأن مخلصنا لا يظلمنا بشيء، وكل شيء سوف يُستعلن لنا وقت خروج النفس من الجسد . الإنسان مدعو في حياته الأرضية أن يجعل من الزمن الحاضر وسيلة لتذوق الأبديات، على مسار تصاعد الزمن، لملاحظة علامة الوقت بحرص والالتفات لتحويل بصره في انتباه نحو الوقت المقبول، لأن اليوم يوم خلاص، ويوم غرس وزرع وجمع للحصاد وتخزين، فيكون خلاصنا دائمًا موضع سعي وإكمال، ولا سطوة للزمن علينا، بل يكون الزمن خاضعًا لنا، نقر ونختار مصيرنا، متحررين من المفهوم الدائري للزمن، متجهين إلى أبديتنا في اليوم الثامن الجديد. نملأ آنيتنا زيتًا دون أن نهمل فيها ثقبًا، حتى نصل إلى نهاية سعينا التي هي (علامة للوقت)؛ لئلا يصير الإناء فارغًا مما فيه، بل نحيا أمناء للوصية؛ لأن الله مخفي فى وصاياه، حتى يقبل تعبنا منا ولا يضيع ... حريصين على حالنا مميزين أعمالنا، ولا يلحقنا تفريط. عالمين أن التوبة قائمة الآن ومستعدة، وكل الفضائل تلحقها مثل السلسلة لكل من يجاهد فيها. وشأن التوبة جليل وعظيم، وهي حسنة العاقبة إلى الأبد، كسُلّم خيرات الحياة الدائمة. فنحيا ونجتاز وقتنا دون غفلة ولا استرخاء ولا دفن للوزنات ولا انعدام للنعمة بترك العلل والمطامع في نفوسنا، حتى نمضي إلى الرب بدالة، ووجوهنا مكشوفة وأعمالنا نيّرة؛ كي نستحق الدخول إلى أورشليم السمائية . لكننا لن نقوي على اجتياز الوقت، إلا بقوة ونعمة الله المقدسة، لا نميل يمنة ولا يسرة؛ بل نسلك في الطريق المستقيم كأولاد للنور، بذبيحة الروح المنسحق الخاضع لترتيب الروح القدس، والارتماء على الله والثقة به؛ لأن عنده طعام الفرح وخبز الخلود؛ ومَصل عدم الموت ونبع الخلاص وماء الحياة وحلاوة كل الحلاوة . إيماننا هو منبع التقوي، لذلك منذ الآن ينبغي أن يكون كل واحد منا كنيسة لله، لكي نرسل إلى فوق المجد والإكرام للثالوث الاقدس، باعترافنا بالإيمان الأرثوذكسي. مهتمين بكرمنا في أوان الإثمار؛ حتى لا ندع الثعالب المفسدة تُتلفه، وبشجرة حياتنا لئلا يبدد طرحها طيور السماء، وبكنزنا حتى لا ينقبه السارقون، وبمركبنا التي وسقت الخيرات الملكية لئلا يفسد العدو خطتها ... متمنطقين كجنود بأس في ميدان الركض، حتى يأتي وقتنا لنقول عند علامة النهاية يا ربي يسوع المسيح في يديك أستودع روحي .. القمص أثناسيوس چورچ كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد
19 نوفمبر 2019

المسيح في العهد القديم - قصة نزول يعقوب وأسرته إلى أرض مصر

كانت قصة نزول يعقوب وأسرته معه إلى مصر، واستعبادهم في عبودية مُرّة بأرض مصر لمدة أربعمائة سنة، ثم عودتهم إلى أرضهم إسرائيل كانت هذه القصة الطويلة تحمل في طياتها رمزًا وإشارة ونبوة عما عمله السيد المسيح مع البشر بتجسده وتأنسه وفدائه العظيم الذي أتمه على الصليب خروج إسرائيل من أرض الموعد إلى أرض مصر كان إشارة إلى خروج آدم من الفردوس إلى أرض الشقاء لقد كان خروج آدم بسبب الأكل، وكذلك نزول إسرائيل إلى مصر كان بسبب الأكل فرعون يرمز إلى الشيطان بسبب الكبرياء والوثنية واستعباد الناس بعبودية مُرّة فصار إسرائيل تحت سلطان فرعون لمدة أربعمائة سنة رمزًا إلى استعباد الشيطان للناس حتى مجيء السيد المسيح المُخلِّص"فقال لأبرام: اعلم يقينًا أن نَسلَكَ سيكون غريبًا في أرض ليست لهم، ويُستعبدون لهم. فيذلونهم أربع مئة سنة. ثم الأُمة التي يُستعبدون لها أنا أَدينُها، وبعد ذلك يخرجون بأملاك جزيلة" (تك15: 13-14) حقاً صار الإنسان غريباً في أرض ليست له، لأن موطننا الأصلي هو السماء واُستعبد الإنسان للخطية والظلمة والشيطان، ولنا رجاء في الله أن نخرج من هذه الأرض إلى السماء بأملاك جزيلة أي بأكاليل النصرة وثمار الروح القدس بعد حرب طويلة ضد قوات الظلمة الأربعمائة سنة ترمز إلى أربعة أحقاب طويلة مرت بها البشرية قبل مجيء المُخلِّص الرب يسوع، وهي من آدم إلى نوح، ومن نوح إلى إبراهيم، ومن إبراهيم إلى موسى، ومن موسى إلى المسيح في نهاية المدة التي حددها الله بنفسه لامتحان شعبه هيأ لهم مُخلصاً هو موسى النبي العظيم الذي كان رمزاً لشخص ربنا يسوع المسيح فأخرجهم موسى من سلطان فرعون بيد عزيزة وذراع عالية، كمثلما أخرجنا السيد المسيح من سلطان الشيطان عمل موسى معجزات عظيمة قبل إخراج الشعب من مصر، وكذلك عمل السيد المسيح معجزات باهرة قبل صلبه المقدس الذي به حررنا من عبودية إبليس كانت آخر ضربات مصرضربة قتل الأبكار، مع قصة خروف الفصح الذي كان رمزاً واضحاً لموت السيد المسيح على الصليب، ثم خرج الشعب من مصر بعد ذبح الخروف، وكذلك خرجنا نحن أيضاً بالمسيح بموته على الصليب "لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبح لأجلنا" (1كو5: 7) عندما خرج الشعب من مصر عبروا أولاً في البحر الأحمر، وكان هذا رمزاً للمعمودية التي نتحرر بها من سلطان الشيطان، ونبدأ حياة جديدة في رعوية شعب المسيح "فإني لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة، وجميعهم اجتازوا في البحروجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر" (1كو10: 1-2) بعد عبورهم البحر لم يدخلوا مباشرة إلى أرض الموعد، ولكن تاهوا في البرية لمدة أربعين سنة كانت إشارة إلى فترة الجهاد الروحي التي يقضيها الإنسان منذ معموديته حتى دخوله إلى السماء بالموت الجسدي مع ملاحظة أن رقم أربعين يرمز إلى جيل كامل أي إلى عمر الإنسان كله فنحن مطالبون أن نجاهد في برية هذه الحياة طوال العمر.. حتى ندخل إلى السماء"مَنْ يجاهد يضبط نفسه في كل شيء. أما أولئك فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى، وأما نحن فإكليلاً لا يفنى" (1كو9: 25) "جاهد جهاد الإيمان الحسن، وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دُعيت أيضاً، واعترفت الاعتراف الحسن أمام شهود كثيرين " (1تي6: 12) "وأيضاً إن كان أحد يجاهد، لا يُكلَّل إن لم يجاهد قانونياً" (2تي2: 5) "قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان" (2تي4: 7) كانوا في البرية يأكلون طعاماً من السماء هو المَن الذي كان رمزاً لجسد السيد المسيح الذي نغتذي به في حياتنا في هذه البرية"وجميعهم أكلوا طعاماً واحداً روحياً" (1كو10: 3)، "أنا هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المَنَّ في البرية وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء، لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أُعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 48-51) وكانوا يشربون في البرية من الصخرة التي ضربها موسى بالعصا فخرج منها ماء.. "وجميعهم شربوا شراباً واحداً روحياً، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح" (1كو10: 4)الصخرة هي المسيح، والعصا هي الصليب وضرب الصخرة بالعصا يرمز إلى صلب السيد المسيح وآلامه وموته، وخروج الماء يرمز إلى نهر الخلاص الذي نبع لنا من صليب المسيح في مرة أخرى عطش الشعب وتذمروا، فصرخ موسى للرب، فكان كلام الرب إليه قائلاً: "خذ العصا واجمع الجماعة أنت وهارون أخوك، وكَلِّما الصخرة أمام أعينهم أن تعطي ماءها، فتخرج لهم ماء من الصخرة وتسقي الجماعة ومواشيهم" (عد20: 8)"العصا" هي الصليب، و"اجمع الجماعة" يعني الاجتماع الليتورجي، وهرون يمثل الكهنوت، و"كلِّما الصخرة" تعني الصلاة إلى السيد المسيح بالقداس أن يعطينا خلاصه الثمين بدمه الكريم، وفي نهاية القداس نتناول من جسد الرب ودمه (تسقي كل الجماعة) ففي المرة الأولى أمر الرب موسى أن يضرب الصخرة، وفي الثانية أن يكلّمها رمزاً إلى أن السيد المسيح مات مرة واحدة بالصليب، وبعد ذلك يسيل دمه إلينا بالصلاة وليس بتكرار الصلب استمر الشعب في البرية حتى مات موسى، ثم أدخلهم يشوع إلى أرض الموعد إشارة إلى أن الناموس والأنبياء لم يستطيعوا تخليص الإنسان وإدخاله إلى السماء إلا المسيح وحده يشوعنا الجديد، الذي استطاع أن يدخلنا إلى الفردوس بنعمته أما الناموس فقد كان "مؤدبنا إلى المسيح" (راجع غل3: 24)، "ولكن بعد ما جاء الإيمان، لسنا بعد تحت مُؤدبٍ" (غل3: 25) وعند دخولهم إلى أرض الموعد عبروا نهر الأردن ليكون رمزاً جديداً للمعمودية ثم حاربوا حروباً صعبة إشارة إلى الحروب الروحية قبل أن يتمكنوا من تملك الأرض التي أعطاها إياهم الله التي هي رمز للسموات بعينها ترى إذاً أن فترة طويلة من تاريخ الإنسان (نحو خمسمائة عام) استخدمها الله ليكشف لنا خطته في الخلاص بعد السقوط والنفي، ثم عصر الأنبياء، وأخيراً مجيء المسيا المُخلِّص قبل أن نعود عودة نهائية إلى أرضنا الحقيقية التي هي ملكوت السموات. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
22 يونيو 2020

القيم الأخلاقية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (3) الحكمة

السيد المسيح اقنوم الحكمة الإلهية .. + ان شخص ربّنا يسوع المسيح، هو أقنوم الحكمة الإلهية الذى تجسد من اجل خلاص جنس البشر وهو {المُذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم} كو3:2 وهو حكمة الله وقوته 1كو30:1 الذى تنازل من اجل التدبيرالاله وصار بشرا {في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله. والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} يو 1:1،14.وهو الذى يقدر ان يعطينا حكمة ومعرفة كما قال لتلاميذه { لانى اعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم ان يقاوموها او يناقضوها } لو15:21 .لهذا قال السيد المسيح لسامعيه مرة { ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم لانها اتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان وهوذا اعظم من سليمان ههنا.رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لانهم تابوا بمناداة يونان وهوذا اعظم من يونان ههنا} لو 31:11-32.والسيد المسيح جاء ليهبنا حكمة وعلما لنعرفه ونحبه ونخلص نفوسنا وهو القادر وحده أن يضمنا إليه، فننعم بالشركة معه للحياة الإبدية . + اعمال السيد المسيح كانت كلها حكمة {ما اعظم اعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت ملانة الارض من غناك} (مز 104 : 24) كما ان تعاليمة واقواله هي تعبير عن هذه الحكمة ودعوة اليها . المسيح هو الكلمة الإلهي جاء يعلن لنا مشورة الله الآب وإرادته،وكلامه حكمة وقوة وله فاعلية فى حياة المؤمنين . لهذا السبب تسهم كلمة الكلمة في شفاء الإنسان{ أنتم الان أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به }(يو3:15) ان كلمة الله تطهّر وتنير وتقدّس الإنسان { بكلمة الرب صنعت السماوات } (مزمور 6:33).لذلك قال السيد المسيح أن مَن يحفظ وصاياه يحبه الآب { الذي عنده وصاياي و يحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21) يقول احد القديسين أن كلمة الله هى الله نفسه حاضر سرياً في كل وصية يعطيها. ومعروف أن كلمة الله لا ينفصل عن الآب والروح القدس. لهذا مَن يحفظ كلمة المسيح يحصل على محبة ونعمة الثالوث في داخله . + تعاليم المسيح هي حياة ابدية { فاجابه سمعان بطرس يا رب الى من نذهب كلام الحياة الابدية عندك } (يو 6 : 68). الكلمة المتجسد أعطى بروحه القدوس النبوة لأنبياء العهد القديم ولهذا نجدهم يقولوا { هكذا قال السيد الرب } (حز 3 : 27) . من ناحية ثانية، لا يتكلّم المسيح بهذه الطريقة بل يقول { اما انا فاقول لكم } (مت 5 : 22)وعندما تجد كلمة الله تربة ملائمة تثمر. المسيح كشف لنا بالتجسد إرادة الآب. وكما أن للبذرة إمكانية وقدرة عظيمتين لأن ينبت منها شجرة ضخمة متى وجدت التربة الصالحة والظروف المناسبة ، كذلك لكلمة الله إمكانية وقدرة عظيمة. يخبرنا القديس مكاريوس أن كلمة الله ليست كسولة بل لديها عمل حين تصبح في التربة لهذا مَن يسمع كلام الله يستنير ويثمر {لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا} (عبر 12:4-13.السؤال هو لماذا لا تعمل كلمة الله في كل الناس بالطريقة ذاتها. هذا يرتبط بأن النعمة الإلهية تعمل في الناس بشكل مختلف بحسب الحالة الروحية لكل منهم.كما ان الماء واحد ويعمل فى النباتات لتأتى بثمار مختلفه لكل شجرة ونبتة ثمرتها الخاصة، حلاوتها، مرارتها، حموضتها، مع أنها جميعاً تلقت الماء نفسه. هذا يتوقّف على تركيبة كل نبات. وهكذا تعمل الكلمة الإلهية وتظهر بما يتناسب مع نوعية فضيلة كل شخص ومعرفته عملياً ومعرفياً. إذا كان المرء دنساً، تطهره كلمة الله، إذا كان ناميا فى النعمة تجعله يثمر ، وان كان يسعى للكمال والحكمة والتقديس فكهذا يكون مفعولها هكذا كان السيد المسيح وسيبقى بحكمة يعمل وتختلف الثمار حسب استعداد نفوسنا لقبول كلمته . + لقد كان اليهود يطلبون ايات ومعجزات واليونانيين يسعون الى الحكمة ورغم ما صنعه السيد المسيح من ايات وما علمه من حكمه فقد عثر البعض فيه وآمن الذين سمعوا وراوا واطاعوا الإيمان { لانه اذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله ان يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة. لان اليهود يسالون اية و اليونانيين يطلبون حكمة. و لكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. واما للمدعوين يهودا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله} 1كو 21:1-24. لا نستطيع أن نفهم "الله محبة" الا بالصليب الذي به فدانا مخلصنا يسوع المسيح وخلصنا من لعنة الخطيئة. بينما عند الهالكين هو ذلٌّ وعار . عندنا نحن المسيحيين الصليب هو رمز المصالحة مع الآب وهو رمز لتجسّد محبة الله لنا لكي يدرك الأنسان محبة الله له، الصليب هو الجسر الذي يوصلنا الى السماء، بينما الذين لايقبلون الصليب كرمز للخلاص ،فهم يشبهون شخص يغرق ولا يقبل اليد الممدودة له لأنقاذه . هناك من يحاولون بلا جدوى ألأعتماد على قوّتهم وعقولهم وفلسفتهم لأنقاذ انفسهم من الموت ولكن مثلهم هو مثل العطشان في صحراء قاحلة يجري وراء السراب. قوة الصليب تظهر جليا في القيامة والأنتصار على الموت والخطيئة والدخول للحياة الإبدية لكل من يؤمن به . + يقدم لنا ايضا السيد المسيح فى الامثال حكمة علي مستويات وحاله المستمعين وهى دعوة للتفكير والحكمة والفم واعمال العقل . عندما أورد المسيح مثل البذار، لم يفهم اليهود معنى المثل ومحتواه العميق. وعندما اقترب التلاميذ ليسألوه معنى هذا المثل قال لهم: {لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَمَّا لِلْبَاقِينَ فَبِأَمْثَال، حَتَّى إِنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَفْهَمُونَ}(لوقا 9:8-10). يبدو واضحاً أن الصور في الأمثال استُعملَت لتخفي معاني الأمثال التي كانت تُشرَح للتلاميذ المهيئين لها.أن التلاميذ كانوا مستحقين لمعرفة أسرار ملكوت السماوات، بينما الآخرون على مقدار فهمهم. لكن المسيح فعل هذا ليس من باب الانتقائية، بل من باب المحبة والعناية. فلأنه كان يعرف أنهم سوف يزدرون باسرار الملكوت أن عرفوها، فقد أخفاها حتى لا تزيد دينونتهم. إذاً نرى من مثل البذار أن البعض، مثل الجموع، يسمعون كلمة الله في الأمثال، وآخرون، مثل التلاميذ، يعرفون أسرار ملكوت الله، وغيرهم، مثل التلاميذ الثلاثة الذين صعدوا على جبل طابور، يرون المسيح المتجلّي. يتوقّف الأمر على حالة المستمعين الروحية . دعوة السيد المسيح لنا لنكون حكماء + لقد دعانا السيد المسيح ان نكون حكماء ونراه يمدح وكيل الظلم (لو18:16) لانه بحكمة صنع وقال لنا{ كونوا بسطاء كالحمام ، وحكماء كالحيات } مت 16:10. وهو بالحكمة يبنى كنيسته ويعضدها بالاسرار المقدسة { الحكمة بنت بيتها ، نحتت أعمدتها السبعة } أم 1:9.والروح القدس العامل فى الكنيسة واعضائها هو روح الحكمة { روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب (اش 11 : 2).والذى يريد ان يسكن فيه روح الله لابد ان يتوب ويستجيب لعمل النعمة { ان الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق للخطية} (حك 1 : 4). ونحن نصلى لكي ما ننقاد بروح الله { بسبب هذا احني ركبتي لدى ابي ربنا يسوع المسيح.الذي منه تسمى كل عشيرة في السماوات و على الارض.لكي يعطيكم بحسب غنى مجده ان تتايدوا بالقوة بروحه في الانسان الباطن. ليحل المسيح بالايمان في قلوبكم.وانتم متاصلون ومتاسسون في المحبة حتى تستطيعوا ان تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو. وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا الى كل ملء الله.والقادر ان يفعل فوق كل شيء اكثر جدا مما نطلب او نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا} أف 14:3-20. والتلاميذ والرسل الذين اختارهم وهبهم حكمة ومعرفة روحيه بروحه القدوس بل حتى الشمامسه كان شرط اختيارهم ان يكونونوا مملوين من الروح القدس والحكمة { فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة }(اع 6 : 3). وعندما سُئل الانبا انطونيوس عن ما هي أعظم الفضائل ؟ اجاب : انه الافراز والحكمة ، بالافراز والحكمة الروحية يميز الانسان بين الخير والشر والحق والباطل ويسلك فى الفضيلة بحكمة فالحكيم عيناه فى راسه اما الجاهل فيسلك فى الظلام (جا 14:2). + الحكمة الروحية تنبع من معرفتنا لحقيقة انفسنا ومعرفتنا لله ومشيئته فى حياتنا وهكذا تجعلنا نفكر ونتصرف حسنا في سلوك يتسم بمخافة الله ومحبته والعمل علي رضاه {من هو حكيم وعالم بينكم ، فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة }يع 13:3. الحكيم يقيم توازن بين حياته على الارض كسفير للسماء فى غربة موقته وبين حياته الابدية فى السماء وان كانت تعوزه حكمة فيطلب من الله { ان كان احدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطى له} (يع 1 : 5). أنّ الحكمة تختلف عن المعرفة فهناك ناس عندهم معرفة ومعلومات كثيرة ولكنهم قد يفتقرون الى استخدام هذه المعرفة والمعلومات بصورة صحيحة لآنّهم يفتقدون الى الحكمة التي يهبها الروح القدس من فوق،وهناك ناس اذكياء ولكن قد ينقصهم الحكمة للفهم والتدبير والرؤية الصحيحة للأحداث،بينما الشخص الحكيم يطلب التمييز وأختيار الصواب والمشورة والتدبير وهذه كلها يطلبها من ربنا يسوع المسيح ، وهو الذي بيّن لنا أن الآب السماوي يكشف الحكمة للاتقياء المتواضعين والبسطاء ،بينما يخفي هذا السر عن غير المؤمنين الذين يعتبرون انفسهم حكماء وفهماء { و في تلك الساعة تهلل يسوع بالروح و قال احمدك ايها الاب رب السماء و الارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء و الفهماء و اعلنتها للاطفال نعم ايها الاب لان هكذا صارت المسرة امامك }(لو 10 : 21). + ان الحكمة التى من الله كهبة من الروح القدس ليس هى الكياسة او الدبلوماسية او الدهاء والمكر الذي يظنه البعض حكمة وليس هي الذكاء بل هى معرفة حقيقة الاشياء كما هى فى فكر الله والفطنة والافراز والتمييز الروحى الذى يهبنا ان نتصرف بالبساطة الحكيمة الطاهرة الرحيمة والوديعة كما يليق بابناء الله القديسين فى تكامل وتوازن واتزان والتزام روحى وكما جاء فى الإنجيل { من هو حكيم و عالم بينكم فلير اعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة.ولكن ان كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق. ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي ارضية نفسانية شيطانية. لانه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل امر رديء.واما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوة رحمة واثمارا صالحة عديمة الريب والرياء وثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام} يع 13:3-18. كيف نقتنى الحكمة الإلهية + بمداومة الصلاة لله بنقاوة قلب .. لقد صلى سليمان الحكيم وطلب من حكمة من الله { فقال سليمان انك قد فعلت مع عبدك داود ابي رحمة عظيمة حسبما سار امامك بامانة وبر واستقامة قلب معك فحفظت له هذه الرحمة العظيمة واعطيته ابنا يجلس على كرسيه كهذا اليوم.والان ايها الرب الهي انت ملكت عبدك مكان داود ابي وانا فتى صغير لا اعلم الخروج والدخول. وعبدك في وسط شعبك الذي اخترته شعب كثير لا يحصى ولا يعد من الكثرة. فاعط عبدك قلبا فهيما لاحكم على شعبك واميز بين الخير والشر لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا. فحسن الكلام في عيني الرب لان سليمان سال هذا الامر.فقال له الله من اجل انك قد سالت هذا الامر ولم تسال لنفسك اياما كثيرة ولا سالت لنفسك غنى ولا سالت انفس اعدائك بل سالت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم. هوذا قد فعلت حسب كلامك هوذا اعطيتك قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك.وقد اعطيتك ايضا ما لم تساله غنى و كرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل ايامك} 1مل 6:3-13.ونحن يجب ان نداوم على الصلاة والطلبة لنعرف ارادة الله وحكمته ونتعلم منه ونلتصق به مصدراً للحكمة {عنده الحكمة و القدرة له المشورة و الفطنة} (اي 12 : 13) ليكون كل منا كاملاً فى المسيح يسوع { الذي ننادي به منذرين كل انسان و معلمين كل انسان بكل حكمة لكي نحضر كل انسان كاملا في المسيح يسوع} (كو 1 : 28). + الانقياد لروح الله .. ان روح الله هو روح الحكمة والقداسة والمعرفة والتمييز { ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب} (اش 11 : 2) .ان الروح القدس هو نبع لا ينضب ابدا فى انساننا الداخلى { و في اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع و نادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي و يشرب.من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه } يو37:7-39 .{ لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا اياكم في صلواتي.كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته.مستنيرة عيون اذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين.وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته} اف 16:1-19. اننا اذ نولد من الماء والروح وناخذ بالميرون المقدس سكنى وعمل الروح القدس فينا يجب علينا ان لا نحزن روح الله بخطايانا وننقاد له فى افكارنا وسلوكنا ونطلب ارشاده فى كل ذلك وهو يعلمنا كل شئ{ و اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26).ويهبنا قوة وحكمة { فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا بل مهما اعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لان لستم انتم المتكلمين بل الروح القدس }(مر 13 : 11). ويهبنا قوة لنشهد لله { لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم و في كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} (اع 1 : 8).الروح القدس يهبنا ثمار ومواهب الروح القدس ويلهب قلوبنا بمحبة الله حتى المنتهى { لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو 5 : 5). + الكتاب المقدس والحكمة والاستنارة .. ان الكتاب المقدس مصدر لا ينضب من الحكمة فقد كتبه اناس الله القديسين مسوقين بالروح القدس ومن خلاله يتحدث الله الينا { ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى ومسالكها الوصايا الازلية} (سير 1 : 5) وبه نعرف ارادة الله الصالحة والكاملة نحونا ، ان عقولنا وقلوبنا وارواحنا نستنير بكلام الله { سراج لرجلي كلامك و نور لسبيلي }(مز 119 : 105) .وكلام الله يهبنا قداسة ومعرفة { قدسهم في حقك كلامك هو حق }(يو 17 : 17). وكما ان الجهل بكلام الله هلاك{ قد هلك شعبي من عدم المعرفة لانك انت رفضت المعرفة ارفضك انا} (هو 4 : 6). فان معرفة الكتاب حياة ابدية { وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته} (يو 17 : 3).ولهذا دعى السيد المسيح اليهود قديما ان يفتشوا فى الكتب لانها تشهد له { فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية و هي التي تشهد لي{ (يو 5 : 39) وهكذا كلام الله لابد ان ياتى ثماره متى حفظناه وعملنا به وشهدنا له وعلمناه . + التعلم من القديسين الحكماء ... نحن نحتاج الى التلمذة والتعلم من أناس الله القديسين الذين تعبوا وجاهدوا فى اقتناء الفضيلة والحكمة . من اجل هذا يدعونا الانجيل لنتمثل بايمانهم وفضائلهم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). لقد برع ابائنا القديسين فى اقتناء الافراز والحكمة والتمييز والتدقيق فى السلوك . كان يأتى اليهم الذين يريدون التعلم ليقولوا لهم كلمات قليلة ليخلصوا او يروا أعمالهم الحسنة ويقتدوا بها . ونحن نحتاج لحكمة هؤلاء القديسين والتلمذه عليها فى افراز وحكمة .والسلوك فى الفضيلة بافراز دون تطرف او مغالاة فنعرف متى نتكلم ومتى نصمت وماذا نتكلم ونعرف ان نفرق بين التواضع وصغر النفس وبين الكبرياء واحترام الذات وبين الادانة والنصح واداء المسؤلية وبين الوداعة واللين وبين الحزم والقسوة وبين الطاعة للحق والشهادة لله والدفاع عنه . نعرف متى نتصرف فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة وبالاسلوب اللائق فى بعد عن السطحية او التعقيد وفي اتزان والتزام لاسيما فى الامور المصيرية .نحن نتعلم الحكمة ايضا من خلال الخبرات الحياتية والتفكير والتأمل فى الاحداث ونكون انفسنا كما يريديها الله {العقلاء في الكلام يتممون اعمالهم بالحكمة و يفيضون الامثال السديدة} (سيراخ 18 : 29). من عندك الحكمة والمشورة .. + ايها الرب الاله يامن عنده الافراز والمشورة وفيك مخبأة لنا كل كنوز الحكمة والعلم نأتى اليك قارعين باب تعطفك فهبنا يا غني بالمراحم حكمة ومعرفة ومشورة صالحة لنعبدك بالحق والروح ونخافك ونتبعك بمحبة من كل قلوبنا جميع ايام حياتنا .ان الذين يحبون الحكمة ينالون نعمة والذين يبغضونها يحبون الموت . تتمشى الحكمةفي طريق العدل ، وتتحرك في سبيل الحق،لتهب الذين يعرفونها غنى،وتملأ قلوبهم سلاما وسعادة . الحكمة تحب الذين يحبونها وتدخل القلوب النقية الرحيمة وها نحن نطلبها بكل قلوبنا فلتسكن فينا لتقودنا فى طريق الفضيلة والبر . + انت يارب غايتنا وحكمتنا وخلاصنا ، ونحن نريد ان ندخل بانفسنا ومن معنا الى أحضانك الإلهية لننهل من حكمتك ونكتشف محبتك وابوتك ونعرفك ليس من أجل مكسب مادى ولا من اجل مجد زمنى ولكن من اجل ان نكون لك ابناء وتكون انت لنا ربا والها وحكمة وقداسة وبك نحيا مذاقة الملكوت على الارض وبك نتحصن ضد قوى الشر الروحية فلا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك . + يا اله الحكمة ووواهب الفهم يامن اعطى قديما ليوسف الصديق من روحه القدوس حكمة ولدانيال النبى معرفة بها شهد لك وتنبأ بخلاصك ، يامن قاد الكنيسة عبر العصور بحكمة من لدنه انت قادر يارب ان تعطي رعاتنا حكمة ومشورة ورعيتنا فهم ومعرفة روحية ، انت ضابط الكل وسيد التاريخ نسالك ان تقود البشرية قادة وشعوب وأمم نحو معرفتك وعمل اراداتك لتصل سفينة عالمنا المعذبه فى أمواج الصراعات الى بر الأمان والإيمان ، أمين . القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
24 ديسمبر 2019

فتاة ممتلئة نعمة

قال الملاك للسيدة العذراء حين بشرها:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا المُمْتَلِئَةُ نِعْمَةً» (لوقا 1: 28). ولاشك أن هذا يجعلنا نتمنّى ونطلب شيئًا من هذه النعمة الإلهية التي ملأتها، ولكن... َ ما هي النعمة؟ هي عمل الروح القدس في الإنسان، من أجل خلاص نفسه، وتقديسه، وتكميله... ليصير مناسبًا للحياة المسيحية هنا، والحياة الأبدية هناك. وكلمة نعمة باليونانية معناها "خاريس" وبالإنجليزية grace، ومعناها العمل المجاني الذي يقدمه روح الله للإنسان، لخلاص نفسه، لهذا يقول الرسول بولس: «خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ...‏ حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (تيطس 3: 5، 7). «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِى بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِى قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ» (رومية 3: 24، 25). «وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ¬ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ» (أفسس 2: 5). ومن هذه الآيات نكتشف مفاعيل النعمة الإلهية، التي قدّمها لنا الرب، من خلال تجسده وفدائه لنا: 1- التبرير: وهو غير التبرئة، فنحن خطاة ومدانون، لكن الرب برّرنا بأن دفع هو ديون خطايانا كما علّمنا الكتاب المقدس، والقديس أثناسيوس الرسولى. فالرب يسوع «يُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِى جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ» (أفسس 2: 16)، أي أننا كُنّا فى خصومة، وتحت عقوبة، وعلينا دين: «لأنَّ أُجرَةَ الخَطيَّةِ هي موتٌ» (رومية 6: 23)، لكن الرب يسوع على الصليب «حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِى جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ» (1بطرس 2: 24)، "ومات عوضاً عنا" (القديس أثناسيوس)، فصرنا نقول له: "حوّلت لي العقوبة خلاصًا"... "أنا اختطفتُ لي حكم الموت" (القداس الغريغورى). وهكذا برّرنا السيد المسيح إذ دفع الدين الذي كان علينا، وحمل حُكم الموت بدلاً منّا. 2 - الخلاص : والمقصود به أن دم المسيح خلصنا من خطايانا بأنه: X يغفرها لنا: «وَ‍بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عبرانيين 9: 22). يطهّرنا منها: «وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ ‍يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنا 1: 7). يقدِّسنا للرب: «لذلكَ يَسوعُ أيضًا، لكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعبَ بدَمِ نَفسِهِ، تألَّمَ خارِجَ البابِ» (عبرانيين 13: 12). يثبّتنا فيه: «مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِى وَيَشْرَبْ دَمِى يَثْبُتْ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ» (يوحنا 6: 56). يعطينا حياة أبدية: «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِى فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» ((يوحنا 6: 54). التجديد: فالرب يسوع، بروحه القدس يجّددنا: فبالمعمودية والميرون: تتجدّد طبيعتنا. وبالتوبة: تتجدّد سيرتنا. وبوسائط النعمة: نتجدّد يومًا فيومًا. ويتغيّر الجسد في القيامة: تتجدّد أجنا فتصير أجسادًا نورانية. 3- الميراث: النعمة المجانية، التي دفع ثمنها الرب يسوع بتجسده وفدائه لنا، جعلتنا أبناءً لله، وورثة للملكوت... فصرنا «وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَد (تيطس 3: 7)... لهذا قال لنا: «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا ‍الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ» (لوقا 12: 32). السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة، بالروح القدس، فصارت السماء الثانية، والشفيعة المؤتمنة. ليتنا نطلب قبسًا مما نالته من نعمة فائقة قال الملاك للسيدة العذراء حين بشرها:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا المُمْتَلِئَةُ نِعْمَةً» (لوقا 1: 28). ولاشك أن هذا يجعلنا نتمنّى ونطلب شيئًا من هذه النعمة الإلهية التي ملأتها، ولكن... َ ما هي النعمة؟ هي عمل الروح القدس في الإنسان، من أجل خلاص نفسه، وتقديسه، وتكميله... ليصير مناسبًا للحياة المسيحية هنا، والحياة الأبدية هناك. وكلمة نعمة باليونانية معناها "خاريس" وبالإنجليزية grace، ومعناها العمل المجاني الذي يقدمه روح الله للإنسان، لخلاص نفسه، لهذا يقول الرسول بولس: «خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ...‏ حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (تيطس 3: 5، 7). «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِى بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِى قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ» (رومية 3: 24، 25). «وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ¬ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ» (أفسس 2: 5). ومن هذه الآيات نكتشف مفاعيل النعمة الإلهية، التي قدّمها لنا الرب، من خلال تجسده وفدائه لنا: 1- التبرير: وهو غير التبرئة، فنحن خطاة ومدانون، لكن الرب برّرنا بأن دفع هو ديون خطايانا كما علّمنا الكتاب المقدس، والقديس أثناسيوس الرسولى. فالرب يسوع «يُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِى جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ» (أفسس 2: 16)، أي أننا كُنّا فى خصومة، وتحت عقوبة، وعلينا دين: «لأنَّ أُجرَةَ الخَطيَّةِ هي موتٌ» (رومية 6: 23)، لكن الرب يسوع على الصليب «حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِى جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ» (1بطرس 2: 24)، "ومات عوضاً عنا" (القديس أثناسيوس)، فصرنا نقول له: "حوّلت لي العقوبة خلاصًا"... "أنا اختطفتُ لي حكم الموت" (القداس الغريغورى). وهكذا برّرنا السيد المسيح إذ دفع الدين الذي كان علينا، وحمل حُكم الموت بدلاً منّا. 2 - الخلاص : والمقصود به أن دم المسيح خلصنا من خطايانا بأنه: X يغفرها لنا: «وَ‍بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عبرانيين 9: 22). يطهّرنا منها: «وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ ‍يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنا 1: 7). يقدِّسنا للرب: «لذلكَ يَسوعُ أيضًا، لكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعبَ بدَمِ نَفسِهِ، تألَّمَ خارِجَ البابِ» (عبرانيين 13: 12). يثبّتنا فيه: «مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِى وَيَشْرَبْ دَمِى يَثْبُتْ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ» (يوحنا 6: 56). يعطينا حياة أبدية: «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِى فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» ((يوحنا 6: 54). التجديد: فالرب يسوع، بروحه القدس يجّددنا: فبالمعمودية والميرون: تتجدّد طبيعتنا. وبالتوبة: تتجدّد سيرتنا. وبوسائط النعمة: نتجدّد يومًا فيومًا. ويتغيّر الجسد في القيامة: تتجدّد أجنا فتصير أجسادًا نورانية. 3- الميراث: النعمة المجانية، التي دفع ثمنها الرب يسوع بتجسده وفدائه لنا، جعلتنا أبناءً لله، وورثة للملكوت... فصرنا «وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَد (تيطس 3: 7)... لهذا قال لنا: «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا ‍الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ» (لوقا 12: 32). السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة، بالروح القدس، فصارت السماء الثانية، والشفيعة المؤتمنة. ليتنا نطلب قبسًا مما نالته من نعمة فائقة نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
15 أغسطس 2020

ليتورجيا كنيسة المشرق الكلدانية

العذراء مريم في طقس كنيسة المشرق المقدمة حظيت مريم العذراء بمكانة مرموقة في حياة ابناء كنيسة المشرق الكلدانية والآثورية، حيث غطى ذكرها مساحة كبيرة في مختلف الرتب والطقوس، أوسع من ان تحتويها صفحات مقال في مجلة. إن كلَّ ما نطمح اليه في هذا المقال هو رسمُ الخطوط العريضة لمكانة العذراء في هذا الطقس العريق تعكس مكانة العذراء في ليتورجيا كنيسة المشرق منزلتها في الكتب المقدسة. انها مكانة متوازنة، فلا مغالاة في تكريمها، أي لا إفراط في رفع منزلتها الى حدّ تنافس فيه الله في التقوى والعبادة، ولا تقليل او انتقاص في شأنها، أي عدم التنكرّ لصفاتها الأساسية السامية يمكننا تحديد مكانتها بكلمات قليلة على النحو التالي:”ان مريم العذراء هي والدة المسيح، الرب المخلص “، لذا فإن شفاعتها قديرة لدى الله، وهي الى ذلك امّ لأخوة يسوع ابنها، لذا فإنها كلية الحنان والشفقة بنا نحن البشر يتكون بحثنا عن مكانة العذراء مريم في طقوس المشارقة من القسمين التاليين:- مكانة العذراء مريم في الصلاة الفرضية مكانة العذراء مريم في رتب اسرار الكنيسة في طبعات الكتب الطقسية الكلدانية أجريت بعض التغييرات على نصوص التراتيل منها تبديل عبارة “أم المسيح” بعبارة ” أم الله”، كما جرى تحوير في تعابير لاهوتية تتحدث عن سر تجسد المسيح، سنشير الى الاختلافات الموجودة بين طبعات الكلدان وطبعات الآثوريين. أولا مكانة العذراء مريم في الصلاة الفرضية:- تتجلى منزلة العذراء السامية واضحة جلية من خلال الصلاة الفرضية التي يرفعها الكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة وسائر المؤمنين في الكنائس الراعوية وفي معابد الاديرة، وذلك عبر مواسم السنة الطقسية نتقصى مكانة العذراء مريم في الصلاة الفرضية من خلال العناصر التالية:- أ‌- مكانة العذراء في بنية ساعات الصلاة:- 1 – مكانة العذراء في السنة الطقسية:- تعكس منزلة العذراء مريم في السنة الطقسية الكلدانية المكانة التي منحها اياها الانجيل المقدس. إذ يرد ذكرها حينما تؤدي دوراً هاماُ خلال احداث حياة يسوع المسيح الارضية، أي انها تشارك يسوع ابنها في تنفيذ مخطط الله لخلاص البشر، لذا لا يمكننا فهم مكانتها السامية إلاّ ضمن إطار تدبير الخلاص قام البطريرك إيشوعياب الثالث الحديابي (649-659) بتنظيم التقويم الطقسي لكنيسة المشرق، فوزّع مراحل عمل يسوع الخلاصي عبر مواسم السنة الطقسية بحيث يحتفل المؤمنون بسر الخلاص كاملاً خلال السنة. فقسم السنة الى سبع فترات، تتكون كل فترة مبدئياً من سبعة اسابيع، واضاف اليها فترتين تتكون كل فترة منها من اربعة اسابيع، وضع الاول في بداية السنة والاخرى في نهايتها تبدأ السنة الطقسية بفترة البشارة / الميلاد التي تحيي ذكرى تجسد يسوع، الاله الكلمة من مريم العذراء، ثم تتوالى الفترات لتذكر بقية مراحل الخلاص، من عماد الرب، وتبشيره بالانجيل، موته وقيامته، والتطلع الى مجيئه الثاني، وتختم السنة بالتأمل بسر الكنيسة التي هي إمتداد لحضور يسوع في العالم ان ما يُلفت النظر في السنة الطقسية الكلدانية الحالية، هو ان للعذراء مريم ذكراً خاصاً في كل فترة من فتراتها، وذلك من خلال الاعياد المريمية المختلفة او من خلال المواسم الطقسية المقامة فيها، او من خلال الصلوات والادعية التي ترفع خلال ساعات الصلاة يظهر ذلك جلياً من خلال العرض السريع التالي لفترات السنة الطقسية: – فترة البشارة/ الميلاد: عيد البشارة، عيد مريم العذراء المحبول بها بلا دنس، عيد الميلاد، عيد تهنئة العذراء بميلاد الرب يسوع، عيد تقدمة يسوع وتطهير مريم العذراء. – فترة الظهور(الدنح) أي العماد: الاحد الرابع: ذكرى معجزة تحويل الماء خمراً بناءً على طلب مريم العذراء(يو2/ 1-12) – فترة الصوم الكبير: موسم الكنيسة مريم الطاهرة( الموصل). – فترة القيامة: عيد مريم العذراء حافظة الزروع. – فترة الرسل: عيد حلول الروح القدس على التلاميذ بحضور العذراء مريم (اعمال1/14). – فترة الصيف: عيد انتقال مريم العذراء. – فترة ايليا/ الصليب: عيد ميلاد مريم العذراء. – فترة موسى وفترة تقديس الكنيسة. 2– فترة البشارة/ الميلاد تمتاز فترة البشارة/ الميلاد عن الفترات الطقسية الاخرى بتخصيصها مساحة كبيرة لذكر العذراء مريم، لذا فانها تستحق ان نتحدث عنها بصورة خاصة. تبدأ السنة الطقسية الكلدانية بفترة البشارة، وتصادف عادة اما الاحد الاخير من شهر تشرين الثاني او الاحد الاول من كانون الاول من كل سنة. قوامها اربع آحاد، تسبق عيد الميلاد المجيد، هدفها اعداد المؤمنين لذكرى تجسد المخلص. تتّسم فترة البشارة/ الميلاد هذه بطابع مريمي رائع، إذ تحتوي على نصوص إنجيلية وتأملات لاهوتية تشرح سر تجسد المسيح وسر والدته المجيدة. ولا فترة طقسية اخرى تعطي هذه الاهمية لذكر العذراء. ويظهر ذلك من خلال النصوص الانجيلية التي تُتلى على مسامع المؤمنين اثناء القداس، ومن خلال التراتيل والابتهالات التي ترفع اثناء ساعات الصلاة الفرضية. النصوص الانجيلية: تسرد قراءات الانجيل المقدس، التي تُتلى أثناء قداس الآحاد والأعياد، احداثاً هامة من حياة مريم العذراء، وذلك على النحو التالي: 1-الاحد الثاني من البشارة: بشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم بالحبل البتولي، زيارة مريم لنسيبتها اليشباع، الحوار بين اليشباع ومريم، نشيد “تعظم نفسي…”(لوقا 1/26-56). 2-الاحد الثالث من البشارة: ولادة يوحنا المعمدان (لوقا1/ 57- 80). 3- الاحد الرابع من البشارة: إعلان الملاك جبرائيل للقديس يوسف حبل مريم العذراء العجائبي والايعاز اليه بجلب العذراء الى بيته(متى 1/ 18-25). 4-عيد الميلاد المجيد: ميلاد يسوع المسيح، بشارة الملاك للرعاة، وعبارة لوقا”وكانت مريم تحفظُ هذا الكلام كله وتفكر به في قلبها”(لو 2/ 1-20). 5- الاحد الاول بعد الميلاد: زيارة المجوس للطفل يسوع مع مريم أُمه، هرب العائلة المقدسة الى مصر والعودة الى فلسطين(متى2/1-22). 6-الاحد الثاني بعد الميلاد: مراسيم ختانة يسوع، رتبة تطهير العذراء في الهيكل، وتقدمة يسوع، وعثور مريم ويوسف على يسوع وهو في الهيكل، فكرة عن سياق حياة العائلة المقدسة في الناصرة، وعبارة لوقا “وكانت امه تحفظ هذا الكلام كله في قلبها”(لوقا 2/ 21-54). ب- التأملات اللاهوتية: لا تشرح الصلوات والتراتيل التي تُؤدّى خلال فترة البشارة/ الميلاد النصوص الانجيلية التي تُقرأ ايام الآحاد، كل أحدٍ او اسبوع على حدة، بل تقدم خلال الفترة كلها تأملات لاهوتية عن سر التجسد، واتحاد الله الكلمة بالطبيعة البشرية، والحبل العجائبي، ودور العذراء مريم في سر التجسد، كما أنها تعبّر عن المشاعر البنوية التي تغمر أبناءَ كنيسة المشرق تجاه ام المخلص وامهم. فيما يلي بعض من هذه التأملات اللاهوتية والمشاعر البنوية: 1ً- اختار الله مريمَ من نسل ابراهيم لتلد المسيح تُستهلُّ السنة الطقسية بصورة عامة، وفترة البشارة بصورة خاصة، بترتيلة نموذجية، تتسم بطابع صلوات المسيحيين الاولين، فهي تعبّر عن معان لاهوتية عميقة بكلمات قليلة، انها تقدم تأملاً سامياً بسر الكلمة المتأنس وبسر والدته القديسة. تُرتّل هذه الترنيمة خلال صلاة المساء، عشية الاحد الاول من البشارة، وفيما يلي ترجمتها: “إن الله(المولود) من الآب، لم يتخذ هيئة العبد(فيلي 2/7) من الملائكة (عبر1/5)، بل من زرع ابراهيم، واتى الينا في ناسوتنا بنعمته، ليخلص جنسنا من الضلال”(2) هكذا تتحدث السنة الطقسية في بدء دورتها عن دور العذراء مريم في تدبير الخلاص من خلال عبارة “زرع ابراهيم”، التي تشير الى اياتٍ نبوية من العهد القديم، منها قول الرب لابراهيم ابينا “يتبارك بنسلك جميع الامم” (تك 22/18). ان العذراء مريم هي نسل او زرع ابراهيم، الذي منه اتخذ الله الكلمة جسداً بشريا ليخلصنا من الضلال، إذ لم يأتِ من أجل الملائكة بل من اجل البشر، كما يقول القديس بولس ” لم يقم لنصرة الملائكة، بل قام لنصرة نسل ابراهيم، فحق عليه ان يكون مشابهاً لأخوته في كل شيء…(عبرانيين2/16-17). 2- المسيح آدم الثاني والعذراء حواء الثانية “المجد للآب والابن والروح القدس:… يا لحكمة الله، إن رحم حواء، التي قضي عليها أن تنجب بالآلام، أصبح معيناً يهبُ الحياة. فحبلت بدون زرع وانجبت عمانوئيل، وحررت هكذا جنسنا من الفساد…” (3)(جلسة صلاةالأحد الأول من البشارة). “تجاوز آدم الأول بواسطة امرأة، وبواسطة العذراء تجدّد في المسيح من الفساد…” (4)(جلسة صلاة الاثنين الاول بعد الميلاد). 3- تستحق العذراء مريم كل اكرام لانها انجبت المسيح يسوع: “الام التي انجبته تستحقُ البركات، الاذرع التي حملته تسأهل المديح، الركب التي ربّته تستحق الثناء…” (5)(مدراش صلاة الليل للاحد الاول بعد الميلاد). 4- ولدت العذراء مريم يسوعَ بقدرة الله: “…حبلت(العذراء) من دون أن يعرفها رجل، وذلك بقوة الروح القدس. الذي خَلَقَ آدم من التراب، وابدع حواء منه بلا زرع، هو نفسه جعل سارة العاقر تلد(التكوين 17/21)، ومن بعدها رفقة (التكوين 25/21)، وهو الذي كشفَ للعذراء حالة اليصابات…” (6)(ترتيلة قدس الأقداس للأحد الرابع من البشارة). 5- يتكرر ذكر البشارة في كل لحن: “…أنا جبرائيل، القائم للخدمة امام تلك السيادة الرهيبة، ارسلني الآب لابشّركِ ببشارة تُبهجُ العالم كله: انك ستقبلين حبلاً- معجزة، إذ ستخلقه قدرةُ العلي في أحشائك، وتلدين ابنه عمانوئيل، الذي سيصالح الكائنات السماوية مع الأرضية، فيحمده الجميع قائلين: “المجدُ لكَ، يا مخلص العالم” (7)(جلسة صلاة الأحد الأول من البشارة).
المزيد
08 أكتوبر 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وسِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

1- بين رؤ 2 : 7، 3 : 14 ففى الاول ان المسيح (الاول والاخر) وفى الثانى انه (بداءه خليقه الله). فنجيب : ان معنى القول الثانى انه رئيس الخليقه كلها او علتها. واللفظه اليونانيه المترجمه هنا (بداءه) مترجمه فى (اف 1 : 21) رياسه، وفى (اف 2 : 10) رؤساء، وفى (كو 1 : 16) رياسات، وفى كو 2 : 10 رياسه، وفى (رو 8 : 38) رؤساء. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل