المقالات
13 مارس 2023
أضواء من الإنجيل : ٧- كيف نحب الله ؟
تكلمنا عن أهمية احسانات الله لكى تنمو محبتنا له ... ونتابع كلمات المزمور « بارکی یا نفسي الرب ولا تنسى كل حديثنا حسناته » ( مز ۱۰۳ ) .
4 ـ الذي يكللك بالرحمة والرأفة : الإكليل هو ما يحيط بالرأس ومعنى أن الرب يكللنا بالرحمة أى أنه يضع حول رؤوسنا إكليلا من رحمته ... وكل من يرانا يبصر عمل رحمة إلهنا واضحاً في حياتنا ... لهذا قال القديس زكريا الكاهن حينما ولد يوحنا المعمدان « ليصنع رحمة مع آبائنا و يذكر عهده المقدس ... أن يعطينا أننا بلا خوف و منقذين من أيدى أعدائنا ، نعبده بقداسة وبر قدامه جميع أيام حياتنا ... باحشاء رحمة إلهنا التي بها أفتقدنا المشرق من العلاء » ( لوا : ۷۲ ، ٧٤، ٧٥ ، ۷۸ ) . نطق زكريا الكاهن بالروح القدس بهذه الكلمات ، معبراً عن الرحمة الإلهية التي بسببها سوف يمكن للبشر الذين يقبلون خلاص الله أن يتخلصوا من سلطان الشيطان ، وأن يعبدوا الرب بقداسة وبر كل أيام حياتهم ... إنه يعبر عن إكليل الرحمة الذي وضع على رأس البشرية بأحشاء رحمة إلهنا التي بها أفتقدنا المشرق من العلاء » ( لوا : ۷۸ ) . الإنسان الذي يتكلل برحمة إلهنا يذكر دائماً أن كل ما في حياته من أمور مقدسة ، إنما هو ثمرة الرحمة الغنية التي أحاطته و يبقى مديوناً لها إلى الأبد . إن قيام حياتنا وإكليلها هو الرب يسوع المسيح ، لهذا قال الكتاب « البسوا الرب يسوع » وحينما نتكلل بالرب يسوع ، فإننا نتكلل بعنوان الرحمة . لأننا في المسيح قد نلنا الرحمة الموعود بها « ليصنع رحمة مع آبائنا و يذكر عهده المقدس » ( لوا : ۷۲ ) . إن أفضال الرب تطوق أعناقنا ، وتحيط برؤوسنا وتغطيها ، حتى أننا نليس إكليلا من رحمة . لهذا يقول المزمور « مثل إرتفاع السموات فوق الأرض ، قويت رحمته على خالقیه » ( مز ١٠٣ : ۱۲ ) أما عن الرأفة فإن الرب كثيراً ما يتراءف علينا ، ويعاملنا برفق ، و يرثى لضعفنا . لأن « الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة ، لا يحاكم إلى الأبد ولا يحقد إلى الدهر . لم يصنع معنا حسب خطايانا ، ولم يجازنا حسب آثامنا » ( مز ۱۰۳ : ۸ . ۱۰).وأجمل لقب يحب الرب أن ندعوه به هو لقب الأبوة كما يحلو له أن يشبه نفسه في علاقته معنا ، بعلاقة الأب بابنائه مثلما يقول : « كما يتراءف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه . لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن » ( مز ١٠٣ : ١٣، ١٤ ) . وما أروع هذا الإحساس في داخلنا ، حينما نشعر بترفق الرب بنا ، وبأنه يعاملنا برأفة كثيرة . فتتهلل أنفسنا وتقول « الذي يكللك بالرحمة والرأفة » ( مز ١٠٣ : ٥ ) . لقد اقتبس القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات هذه الآية في قداسه الغريغوري فقال « مكللنا بالمراحم والرأفات » . وفي ختام صلوات الكنيسة تردد قول المزمور « ليتراف الله علينا ويباركنا ، ويظهر وجهه علينا ويرحمنا » ( مز ٦٧ ( 66 ) .ه ـ الذي يشبع بالخير فيتجدد مثل النسر شبابك : الجميل في ذلك أن الله لا يكتفي بكل ما سبق من إحسانات ، بل إنه يشبعنا من خيراته ونعمه ... « يفتح يديه و يشبع كل حى غنى من رضاه » ... يملأ حياتنا فرحاً ونعيماً وشبعاً وحلاوة ... بل يدعونا أن نفتح أفواهنا لكي تمتلىء من حلاوة محبته .
أولاً : في سر الإفخارستيا :
أعطانا الرب خبز الحياة الأبدية ، ودعانا إلى الثبات فيه بالتناول من جسده ودمها « أنا الخبر الحي الذي نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد . والخبر الذي أنا أعطى هو جسدي الذي أبذله من أجل حيوة العالم » ( يو ٦ : ٥١) « من يأكل جسدى و يشرب دمى قله حيوه أبدية ، وأنا أقيمه في اليوم الأخير . لأن جسدى ودمى مشرب حق . من يأكل جسدى و يشرب دمى يثبت في وأنا فيه » ( يو ٦: ٥٤ - ٥٦ ) . لا توجد كلمات بشرية تستطيع أن تعبر عن عظمة هذا السر ، ومقدار فاعليته في حياتنا ، وتأثيره في تجديد شبابنا الروحي .... إنه يعطى لمغفرة الخطايا ، وحياة أبدية لمن يتناول منه بإيمان .
ثانياً : فعل الروح القدس الذي نلناه في سر المسحة المقدسة
الروح القدس يشبع بالخير عمرنا ... يعلن أسرار الله لنا ... يدخلنا إلى شركة الحياة الروحية مع الله ... يرفع عقولنا نحو السماء ... يضرم محبة الله في داخلنا ... يشفع فينا في الصلاة بآنات لا ينطق بها ، و يشبعنا من الخيرات الروحية « بإسمك أرفع يدى ، فتشبع نفسى كأنها من شحم ودسم » ( مز ٦٣ : ٤ ، ٥ ) ... يرافق كلمات الكتاب المقدس حتى يستعلن المسيح لنا ، ويحول الكلام إلى حياة في داخلنا ... يمنحنا ثماراً روحية مثل الفرح والسلام ، ويجتذبنا إلى كل ما هو سمائي ، وكل ما هو صالح وكل ما هو جليل ... ألم يقل السيد المسيح « من آمن بي كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حي » (يو ٣٨:٧ ) . ( وللحديث بقية )
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد الثانى عام ١٩٨٩
المزيد
12 مارس 2023
خطوات التوبه - أحد الإبن الضال
فِى الأحد الثالث مِن الصوم المُقدّس تقرأ علينا يا أحبائىِ الكنيسة فصل مِن إِنجيل لوقا البشير وهو كما يقول عنهُ الآباء " الإِبن الشاطر " ، أو الإِبن الّذى أخطأ ولكن رِجِع ، الإِبن الّذى ضل ولكِن سُرعان ما راجِع خطأه وسُرعان ما رِجِع إِلى بيت أبيهِ فرِحاً والجميل أنّ هذا الفصل لا يُقرأ أبداً فِى أى فصل مِن السنة ، فالكنيسة تُريد أن تدّخرهُ لِهذا الزمان زمان الصوم ، لِكى تُحثّ أولادها على التوبة فِى الصوم ، وكأنّ الكنيسة بِتدّخر غِنى مُعيّن لأولادها فِى فترة الصوم ، بينما هُم مُمتنعين عن الأطعمة ، تُقدّم لهُم أطعمة روحيّة تُفرّحهُم وتسندهُم فِى الصوم الكنيسة تُريد أن تقول لك إِقرن صومك بِتوبة لأنّهُ لا يليق أبداً أن نكون مُمتنعين عن الطعام بِدون فِكر توبة ما أجمل أنّ الصوم يُقترن بإِقتناء فضائل ومُقاومة رذائل ، لِذلك اليوم الكنيسة بِتضع لنا هذا الفصل الجميل وهذهِ القصة الرائعة ، وستظل قصة خالدة نتعلّم منها ياليتنا نلتفت لِروعة إِسلوب ربنا يسوع وهو الإسلوب القصصىِ ، إِسلوبه كتشبيهات وكروايات ، فكُلّ كلِمة لها معنى ، فهى قصة ولكِن تُفيد معانىِ ومعانىِ ، وسنظل نتأملّ فيها طوال عُمرنا إِلى الأبديّة ، وفِى الأبديّة سنفهمها أكثر مِن الأرض القصة بِتضع لنا منهج التوبة وهو يقوم على أربع ركائز :-
1- الرجوع إِلى النِفَس
" فَمَضَى وَالْتَصَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْكُورَةِ ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ وَكَاَنَ يَشْتَهِى أَنْ يَمْلأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الّذى كَاَنَتِ الْخَنَازِيِرُ تَأْكُلُهُ ، فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ " ( لو 15 : 15 – 16 ) قال ما الّذى أنا فيهِ ؟ ما ضيقة النِفَس التّى أعيش فيها ! ما هذا الفقر ! ما التيّهان والزيغ الّذى أعيشُ فيهِ ! فعندما أُحب أن أتوب يجب أن أجلِس جلسة هادئة مع نِفَسى أُنظُر إِلى نفِسَك كيف أحدثت الخطيّة فيك مِن فقد للصورة الإِلهيّة ، فما أجمل أنّ الإِنسان يجلِس جلسة هادئة وتكون هذهِ الجلسة مع روح ربنا فيُرشدهُ ويُبكّتهُ على خطيّة ، أسكّن الأصوات التّى حولىِ لِكى أسمع صوت ربنا فِى داخلىِ وحتى يوقظنىِ مِن الغفلة التّى أعيشُ فيها صدّقونىِ نحنُ نعيش فِى دوّامة بإِستمرار ولا نعرِف نُقيم أنفُسنا ، ولا يوجد رِجوع للنِفَس ، والّذى يحدُث هو أنّ الخطيّة بِتملُك على الإِنسان وبِذلك فإِنّ كُلّ يوم سيكون أصعب مِن الّذى قبلهُ يجب أن أرى ما الّذى فعلتهُ الخطيّة فىّ ، فأكثر شىء تفعلهُ الخطيّة هو أنّها بِتسلبنا حُرّيتنا وحقّنا وسلامنا ، فما الّذى يجعل الإِنسان لا يتمتّع بالهدوء ، ولِماذا الإِنسان بِيشعُر أنّ الله يعجز عن أن يُخلّصهُ ؟ ولِماذا بيشعُر أنّهُ توجد فجوة بينهُ وبين الله ؟ كُلّ هذا بِسبب الخطيّة ، ربنا يقول أنا أُريد أن أعمل ولكِن أنتُم الّذين تمنعونىِ عن العمل قايين كان يشعُر أنّ كُلّ إِنسان يجدهُ يقتُلهُ ، فالخطيّة ملكت عليهِ وأفقدتهُ سلامه ، الكِتاب يقول " الشرير يهرب ولا طارد " ، الخطيّة بِتُفقِد الإِنسان مجدة وحُريّتهُ وتُفسِد عليهِ الصورة التّى ربنا خلقهُ عليّها وتُفسِد عليهِ وحدتهُ مع ربنا أحد الآباء قال لأولادهُ " ما رأيكُم لو أحضرنا كوب فيهِ ماء وكان بهِ مجموعة شوائب وقُمنا بِرج هذا الكوب فإِنّ الكوب ستظهر بهِ الشوائب ويتعكرّ ، ولكِن عِندما نترُكهُ يهدأ فإِنّ كُلّ واحد سيرى وجهه فِى الكوب ، فالإِنسان لو يعيش فِى ضوضاء وفِى تيه ولا يرى نفسهُ فإِنّهُ لن يعرِف ربنا فلو كُنت أُريد أن أعرِف ربنا يجب أن أعرِف نفسىِ ، فأرى ما هى أهدافىِ ؟ وهل أنا برضِى ربنا ؟ ولو نفسىِ أُخِذت الآن فماذا يكون مصيرى ؟ فلو ربنا أخذنىِ الآن إِلى أين أذهب ، فمِن أهم شروط التوبة يا أحبائىِ إِن الإِنسان يِرجع لِنفسه فليس العيب إِنّىِ أكون خاطىء ولكِن العيب كُلّ العيب إِنّىِ أستمر فِى الخطأ وأستمر فِى طريقىِ الخطأ رغم إِنّىِ عارِف إِن هذا خطأ ومع ذلك بستمِر فِى عِنادىِ فعندما أنظُر للطفل الخارج مِن المعموديّة أقول معقول ياربىِ أنا كُنت فِى يوم هكذا مولود ولادة جديدة ، ولِذلك نقوله " جدّد فىّ صورة ملامحك وأسترِد لىّ كُلّ ما بددّتهُ ، قلباً نقياً إِخلِق فىّ يا الله " فالتوبة هى إِنسان شاعر كم أنّ الخطيّة أفسدت حياتهُ ودمّرتها ونزعت الفرح ونزعت السرور مِن حياتهُ ، فالإِنسان بيشعُر أنّ الخطيّة ستُعطيه لذّة أو فرح ولكِن العبوديّة لِسيّد قاسىِ أهوِن مِن العبوديّة للخطيّة كان رعى الخنازير لا يقوم بهِ أدنى العبيد أبداً ، وكان الّذى يقوم بِذلك يحتقرهُ الّذين حولهُ ولا يُعطوهُ لِيأكُل ، ولِذلك كان هذا الإِبن يشتهىِ أن يملأ بطنهُ مِن الخرنوب الّذى كانت الخنازير تأكُلهُ فلِم يُعطهِ فهذهِ هى الخطيّة فإِنّها خاطئة جداً ، " طرحت كثيرين جرحى وكُلّ قتلاها أقوياء " ، فهى التّى طردت الإِنسان مِن حضرة الله ، وهى التّى جلبت الطوفان ، وهى التّى أحرقت سادوم وعمورة ، وهى التّى ستدين كُلّ سُكّان العالم ، وهى التّى ستوصلّ الإِنسان للجحيم ، فبالرغم مِن كُلّ هذا كيف أكون حابِب الإِستمرار فيها ؟!
2- أقوم الآن ولا أؤجِلّ:-
فبعد أن جلس مع نفسه قال " أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِى " ( لو 15 : 18 ) ،لا أُؤجِلّ ولا أُؤخّر ، أقوم الآن ، مُباركة هذهِ اللحظة التّى فيها أُريد أن أتوب ، مُباركة هذهِ اللحظة التّى فيها أسمع صوت ربنا ولا أُؤجِلّ ، فلا أقول هو لا يقبلنىِ ، أجمل ما فِى الحياة الروحيّة أن تكون كُلّ لحظة نحياها هى لحظة رجوع إِلى الله فالقديس أوغسطينوس مديون بِتوبته لأعداد قليلة مِن رِسالة القديس بولس الرسول لأهل رومية التّى تقول " إِنّها الآن ساعة لِنستيقظ قد تناهى الليل وتقارب النهار " ، قرأ هذهِ الكلِمات فتحّولت حياتهُ وفاق عِندما قرأ كلِمة " إِنّها الآن " ، ما أجمل أن نتجاوب مع نِداءات الله المُستمِرة ، ما أجمل إِنّىِ عِندما أجلس مع نفسىِ أوبخّها وقلبىِ يتحرك أحد الآباء القديسين يقول " إِنّ كُلّ سُكّان الجحيم كانوا يُريدون أن يتوبوا ولكنّهُم أجّلوا ولم يتوبوا ، وهُم الآن يتمنّون لحظة ولكِن لمْ توجد " ، ربنا عاطىِ لنا حياة وعاطىِ لنا فُرصة فلِماذا أأجِلّ ؟!!
فأنا لا أضمن أنّ ربنا يُكرِر لىِ هذا الصوت فلا أأجِلّ حتى لا يتقسّى القلب لِغرور الخطيّة ، ففِى سِفر النشيد نجِد النِفَس تقول " حبيبىِ تحّول وعِبر طلبتهُ فما وجدتهُ " ، وكأنّ ربنا يقول أنا تعبت مِن كثرة النِداء فلا أقدِر أن أأتىِ بِك غصب عنّك ، لابُد أنت تقول أنا أُريد أن أأتىِ مُبارك هو الإِنسان الّذى يسمع صوت ربنا ويقول ها أنا آتى إِليّك سأأتىِ إِليّك وأنا حافىِ وأنا لِبسىِ مقطّع ومذلول ، ما أجمل أن يكون للإِنسان عزم على التوبة ، فأبونا عِندما يُصلّىِ للإِنسان الّذى سيتعمِدّ يقول " وطِدّ إِيمانهُ فِيك لئلاّ يعود إِلى ما تركهُ مرّة أُخرى "فلو أنا ماشىِ فِى الشارع ورأيت منظر أعثرنىِ أُقدّم توبة ، ما أجمل التوبة اللحظيّة ،ولو جاءنىِ فِكر إِدانة أقول يارب يسوع سامحنىِ ، ما أجمل أن تكون الخطيّة شىء عارض مرفوض ، فأنا مِن البِداية " أقوم الآن " ، فلو أحزنت أحد أعتذر لهُ فِى الحال ، ما أجمل الآباء القديسين التائبين الّذين لبّوا نِداء ربنا كثيراً جداً ما يكون الإِنسان غير شاعِر بِخطيتهُ ولا يُقيّم الخطيّة ويعرِف هل هو خطأ أم لا ؟! ، فمُمكِن نحنُ نُقدّم توبة ولكِن ليست توبة روح بل توبة الضمير والعقل ، فمُمكِن أنّ الإِنسان يتذّكر شىء خطأ قد فعلهُ ، ولكِن هذا لا يكفىِ ولا يُوصّل للأحضان يهوذا قد أعاد المال الّذى أخذهُ ( الثلاثين مِن الفِضة ) ولكِن هذا ليس بِتوبة ، فالتوبة ليست مُجرّد كشف عقل أو ضمير ، فالضمير مُمكِن أن يجلِب يأس ولكِن التوبة بالروح بِتكشِف الخطيّة مع الرجاء ، فأكشِف الخطيّة بالوصيّة يوجِد إِنسان آخر وهو عايش فِى خطيتهُ بِيشعُر أنّهُ غير ردىء ، وذلك لأنّهُ بِيقارِن نفسهُ بالّذين حولهُ ، فيقول أنا صائم وتوجد ناس كثيرة غير صائمة ، فأنا يجب أن أقيس نفسىِ على الإِنجيل وأقول الإِنجيل ماذا يقول يقول " المحبة لا تطلُب ما لِنفسِها "" حبّوا بعضكُم بعضاً كما أحببتكُم أنا " ، وعِندما أجِد ذلك أقول أنا فِى الموازين إِلى فوق قس نِفَسك على الوصيّة و لا تقُل أنا لا أفعل شىء خطأ ، فإِن كُنت تُريد أن تقيس نِفَسك فِى الصلاة قُلّ أنّ الوصيّة تقول " صلّوا بِلا إِنقطاع " قس نِفَسك على المسيح فهو " تارِكاً لنا مِثالاً لكى نتبِّع خطواته " ، فلو مثلاً بِتتعرّضىِ لِظُلم أو إِضطهاد أُنظُرىِ ماذا كان سيعمل المسيح فِى هذا الموقف قس نِفَسك على القديسين ، أقيس نِفَسىِ على الناس التّى تعبت ، وعلى الآباء الشُهداء ، ولِوقتها أعرف أنّ الطريق أمامىِ طويل وأنا لم أصِل بعد فالقديس أبو مقّار عِندما إِفتقد البرّيّة ورجع قال أنا وجدت نفسىِ إِنّىِ لستُ راهباً ولكِن وجدتُ رُهبان ، كُلّ واحد فينا لابُد أن تكون لهُ نماذج يراجع نفسه عليّها 0
3- الإِقرار بالخطيّة:-
فضح النِفَس وصلب النِفَس ، فلا يكفىِ أن يُقرّ مع نفسهُ بِخطأه ، ولكِن أمام أبوه ، ولابُد أمام أُمّىِ الكنيسة التّى هى جسد المسيح الّذى أهنتهُ ، والّذى هو مُمثّل فِى الكهنوت الّذى أُؤتمِن على الأسرار ، فهو لا يملُك الغُفران ولكِن مؤتمِن عليه مِن الله ، فالأب الكاهِن معهُ توكيل مِن الله فالإِعتراف لابُد أن يكون فيهِ ندامة وإِنسحاق ، ما أجمل الإِنسان المُنسحق فِى توبتهُ ، ما أجمل الإِنسان الّذى يعترِف وخطيّتهُ تؤرقهُ وتتعِبهُ ، فهو يأتىِ ويقول أنا خاطىء ، يأتىِ بإِنسحاق وبِمذلّة ، ولِوقتها يكون مكسور فالإِنسان الّذى يأتىِ لِيعترِف لابُد أن يعرِف أنّهُ مخزىِ ولِوقتها يجِد الأحضان الإِلهيّة ، فهذا إِنسان مقبول مِن رحمة ربنا ، فالكِتاب يقول " مِن يكتِم خطاياهُ لا ينجح ومِن يُقرّ ويعترِف بِها يُرحم " 0
(4) الثبات فِى التوبة
لا تظُن أنّك مُمكِن أن تتوب الآن وغداً لن تتعرّض للخطيّة ، ولكِن فإِنّك ستتعرّض لها ، فعليك أن تثبُت فِى التوبة فالقديس الأنبا موسى الأسود عِندما تاب ظلّت الخطيّة تُطارِدهُ وظلّ يصرُخ مِن جسدهُ وذهب لأب إِعترافهُ 13 مرّة ، فالخطيّة قاسية جِداً ولن تترُك أحد بِسهولة ، ورُبّما تواجهك حروب أشدّ بعد أن تتوب القديسة مريم المصريّة كانت تعيش فِى دنس الخطيّة والخلاعة وتابت وظلّت تُحارب بالشهوة 17 سنة بالرغم مِن أنّها تركت كُلّ المؤثِرات التّى حولها فما الّذى يجعلنىِ لا أرجع للخطيّة ؟ إِحساسىِ بالمذلّة السابقة معرِفتىِ كم إِنّىِ أُهنت مِن الخطيّة " كونوا كارهين الشر " ، فالإِنسان يثبُت فِى التوبة ولا يرجع أبداً ، وإِن حورب يُزيد مِن الصُراخ ، فلم يكُن الأمر كُلّهُ علىّ ، ولكِن أنظُر ماذا فعل الأب أُنظُر للفرحة التّى تملأ قلبك أُنظُر للسرور الّذى سيغمُرك يكفىِ إِنّهُ " وَإِذْ كَاَنَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ ، فَتَحَنّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبّلَهُ " ( لو 15 : 20 ) لابُد أن يكون عِندىِ ثقة فِى رِجوعىِ أنّهُ سيقبلنىِ ، فنحنُ نقول " يا قابِل الخُطاه أنت بدل عن الخُطاه قدّمت ذاتك عِوضاً عنّا نحنُ الخُطاه "" وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ " فالعُنُق هو المكان الّذى يوضع عليهِ النير ، وكان مكان مجروح ، فالأب وقع على هذا المكان المجروح وقبّلهُ فالتوبة هى ترياق أى دواء للخطيّة ، فكُلّ ما أحدثتهُ الخطيّة مِن ضرر التوبة تُعالِجهُ التوبة تدخُل إِلى مخادع الخُطاه والزُناه مَن ذا الّذى لا يُبغضُكِ أيّتُها التوبة إِلاّ العدو لأنّكِ أخذتىِ غِناه وكُلّ مُقتنياه العدو لا يُريد أن يسمع كلِمة ربنا أبداً ، أنت لك فرحة فِى التوبة لك كنز ولك حِذاء ولك عِجل مُسمّن ولك الحُلّة الأولى ولك أغانىِ وهى التسابيح والحِذاء هو وصايا ربنا ، فهذا هو عمل ربنا فِى حياتنا لِمن يسمع ويعمل ربنا يقبل توبتنا ويقع على عُنُقنا ويقّبلها ويُضّمِد جِراحاتنا ربنا يسنِد كُلّ ضعف فينا ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين .
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
11 مارس 2023
انجيل عشية يوم الاحد الثالث من الصوم الكبير
تتضمن الحث على العناية بتطهير النفوس . مرتب على قول الكتبة والفريسيين للسيد المسـيـح بفصـل الانجيل : " لماذا يتعدى تلاميذك تقليـد الشـيوخ . فانهم لا يغسلون أيديهم حينمـا يـأكلون الخبز " ( مت ١٥ : ۱-۲۰ ) يجب علينا أن نترك الاهتمام أجسادنا ونبتعد عـن الامـور التـي تنجـس نفوسنا . نرى الآن جماعة من المؤمنين يتنـاظرون عنـد الذهـاب إلـى الكنيسـة ويتفاخرون بلبس الثياب الفاخرة . والتضمخ بالطيوب والاعطار . ويغفلون عن زينـة النفوس الناطقة . فإن قلت الا يجوز الإهتمام بتنظيف الاجساد ؟ أجبتك نعـم . ولكـن ليس بالماء وحده . بل إن أردت أن تغسل فمك نقياً . فيجب أن تصونه عـن الـهزل والسفاهة والنميمة والكذب والشتيمة والتجديف والحلف . وتزينه بتــــلاوة المزامـير والتسابيح وقراءة الكتب الروحية والصدق والإرشاد : وإلا فما بالك تحتمل الاتعـاب باطلا إذا تجتهد في تنقية الفم واللسان بالمياه وهما متدنسان بأقذار الخبائث ، وهكـذا أقول في تطهير اليدين والرجلين وظاهر البدن كله ، فينبغي أن تبعدها عن نجاسـات السرقة والخيانة والنجاسة والظلم والخطف وان تغسلها بمسـاه الصدقـات وإعانـة الضعفاء والتفريج عن المتضايقين . وأمثال هذه من الاعمال الصالحة التي يرضــى بها الرب . إن اللسان للنفس بمنزلة الفرس للراكب . فكما أن الفرس إذا اهتم به الراكـب وضبطه باللجام ونبهه بالمهماز وعلمه أن ينقل خطواته بنظام . ويمشى مشية مرتبة .أمن به من القلق والعثار وخطر السقوط . كذلك اللسان أيضا إذا ضبطـه الإنسـان وقيده عن الكلام الذي لا يليق . وعلمه أن يلهج بالتسابيح والاقوال الصالحـة . فإنـه يكون أهلا لحلول الروح القدس في القلب . اسمع كلام سيدنا له المجد : " بكلامك تتبرر وبكلامك تـدان . ويعقـوب الرسول يقول : " هكذا اللسان أيضاً هو صغير ويفتخر متعظماً . هوذا نار قليلـة أي وقود تحرق . فاللسان نار . عالم الإثم . هكذا جعل في أعضائنا اللسان الـذي يدنـس الجسم كله ويضرم دائرة الكون ويضرم من جهنم . لان كل طبع للوحوش والطيـور والزحافات والبحريات يذلل وقد تذلل للطبع البشرى . وأما اللسان فلا يستطيع من الناس أن يذلله . هو شر لا يضبط مملؤ سماً مميتا . به نبارك الله الآب وبه نلعـن الناس الذين قد تكونوا على شبه الله وإذا كان الذين يستعدون لملاقاة الملك يزينون أجسادهم وأعمالهم جميعـاً . فكيف لا نستعد نحن لملاقاة ملك الملوك ؟ . وكيف يجوز أن نهمل العنايـة بـالنفس الناطقة ونهتم بالاباطيل . فإن قلت وما هي زينة النفس ؟ أجبتك من قول سـيدنا لـه المجد : إنها الرحمة والمحبة واللين والاناة والتواضع والبساطة والاعـراض عـن أضداد هذه الامور . فسبيلنا أن نجتهد في تطهير نفوسنا الباقية . لا أجسـادنا الباليـة . لنسـتحق المديح من سيدنا القادر على خلاص نفوسنا . له المجد إلى الابد . آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
10 مارس 2023
مائة درس وعظة ( ٦ )
العبادة الشكلية
« یا معلم ، نعلم أنك صادق وتعلم طريق الله بالحق ، ولا تبـالـي بأحـد ، لأنك لا تنظر إلى وجـوه الناس " ( مت ١٦:٢٢ ) .
مظاهر العبادة الشكلية
١- الصلاة غير الفاعلة : هي الصلاة الظاهرة من الشفتين أو من اللسان ولا تتعدى ذلك الأعماق كما هي لا تتغير .
۲- المعرفة العقلانية : فنجد شخصا ما موسوعة ، ولكن ليست موسوعة اتضاع بل موسوعة كبرياء يفتخر بذاته وبما يحصله من مـعـارف ، وأحيانا تكون معرفة في الكتاب المقدس وأقوال الآباء وأحيانا يعطيه الله ملكة الحفظ ولكن كل هذا حـديث الـعـقـل وليس في القلب وليس في الكيـان وليس بالروح . ونقرأ في (متی ۱۳:۲۳ ) « ويل لكم أيهـا الكـتـبـة والفريسيون المراؤون ! » وكانت طائفة الكتبة والفريسيين من أعلى طوائف اليهود ، فكلمة « فریسی » معناها « مفرز » وهم أشخاص متميزون جدا ( الكتبة هم الناسخون ) .
٣- الحرفية : الحياة المسيحية تعتمد على الحياة القلبية ، وتعتمد على الروح ولا تعتمد على الحرف ، ومن يحيا بالحرف يتـأخـر ، ومن يعش بالناموس وفكر الناموس الجـاف دون روحه يكن متأخرا كثيرا ، لذلك قال ربنا يسوع المسيح : « ما جئت لأنقض بل لأكمل » ( مت 17 : 5 ) ، فما جاء السيد المسيح لينقض العهد القديم ، فتقرأ العهد القديم بروح الـعـهـد الجـديد ، مـثـل مـا تقـرأ رسالة العبرانيين ، فهي رسالة في العهد الجديد ، ولكنها تحكي كيف نفهم العهد القديم بروح العهد الجديد ، أما الإنسان المراثي ( بحرفيته أو بنامـوسيته ) فليس له روح العهد الجديد ، لأن الله في العهد الجديد أعطانا الحرية من خلال عمل الروح القدس .. والذي يضبطنا هو روح الحق .
4- التقرب الشكلي إلى الله : يتظاهر بقربه من الله « يسرون بالـتـقـرب إلى الله ( إش ٢ : ٥٨ ) من خلال تأدية طقوس وممارسات معينة دون أن يدخل جوهرها . تصـور إنسانا يقضى يومه صائما ويمارس ممارسات الصيام المعتادة ، ويبدأ بعد فترة الصـوم ( في نفس يوم الصـوم ) غضبـه يظهر أو سلوكه ينحـرف !! فهذا تقـرب شكلي .. فـالصـوم هو ممارسة ووسيلة لتساعد الإنسان في نموه الروحي وليس هدفا في حد ذاته .
حياة الصوم
أولا : الصوم غير المقبول :-
۱- صوم بلا ضبط : هو صـوم يسـر صـاحـبـه ولا يسر الله .
۲- صـوم بلا صمت : الصـوم لا يكون عن الطعام فقط بل أيضا عن الكلام ، فأنت في فترة الصـوم عليك أن تضبط كل صغيرة وكبيرة وكل كلمة وتختار الصمت وتنشغل بداخلك .
۳- صـوم بلا تذلل : كأى شكل بلا جـوهـر مـجـرد منظر خارجی.
ثانياً :. بركات الصوم :
۱- صلوات مستجابة : لأنك عندمـا تـحـيـا جـو الـصـوم تشـعـر بالانسحاق والخشوع وتخرج من داخلك صلوات عميقة وتدخل فيها روح الإيمان ، صلوات مرفوعة من قلب نقى.
٢- التلذذ بالرب : فأنت تصوم عن الطعام لكي تتـحـول لذة الطعام في داخلك إلى لذة للرب ويكون المسيح هو لذتك .
٣- الشعور بالسمو : كما يقول داود النبی : « لیت لی جناحا كـالحـمـامـة فأطير وأستريح ! » ( مزه 6 : 5 ) ، يرتفع فوق الماديات وحتى فوق احتياجات الجسد ، ويشعر أن رباطات الأرض تصير ضعيفة ، ويشعر أنه يقترب من السماء ويحيا بهذه الروح .
٤- الصحة الجسدية : تقريباً ثلث سكان العام نباتيون ، والطعام النباتي يمنح الإنسان شكلاً من الطاقة الهادئة .
ه- الاستنارة : ليست للعين الجسدية بل للعين القلبية . لذلك أدعوك فـي فـتـرة الـصـوم القـادم أن تقـرأ ( أصحاح 58 من سفر إشعياء النبي ) وقس نفسك علیه کتدریب روحی .
ثالثاً :. كيف نصوم ؟
الكنيسـة تقـدم لنا في فترة الصـوم المقـدس ثلاثة أنواع من الغذاء
1- الغذاء الروحي : الذي تقدمه الكنيسة هو كل شكل للعبادة وممارسة الأسرار . جـمـيـل أن تتقابل مع أب اعـتـرافك قـبـل الصـوم وتضع خطة للصوم .الغذاء الروحي يتجلى في القداسات المتأخرة ، ويمكن خلال فترة الصـوم أن يكون حضورك للقداس يوميا ، إن كانت ظروفك تسمح .فترة غذاء روحي جيد تصحبها توبة وصلوات وألحان وميطانيات . يجب ألا تنشغل بشيء ولا تنشغل بإنسان ، وأن تكون لك فترات خاصة بك .
۲- الغذاء الذهني : يعتمد أساسا على القراءات الإنجيلية ، والكنيسة تعلمنا في فترة الصوم المقدس أن نقرأ النبوات .يجب أن نقرأ يومياً وليست قراءة فقط بل ادرس وافهم وعش . قراءة النبوات مفيدة جدا وتكشف مقاصد الله في حياتك . أيضا قراءة الكتب الروحية تساعدك في الحياة النسكية ، القراءة تساعدك ألا تنشغل بشيء آخر .
٣- الغذاء النسكي : الصوم الانقطاعي شيء مهم لتقوية الإرادة . الطعام النباتي هو طعـام هادئ الطاقـة وصـحى ومفيد للإنسان . الميطانيات ( سجدات التوبة ) من القلب وليس بالجسد ، وهي مرتبطة بالصلوات .. فيها الصلاة القصيرة « ياربي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ » ، وأنت تسجد وترشم نفسك بعلامة الصليب .. ممكن تبدأ باثنتي عشرة ميطانية في أول يوم ، وتزداد واحدة كل يوم مع الصـوم ، وتقدمها بروح الصلاة وتقدمها في بدء النهار أو في آخر الليل ، وتقدم الميطانيات كوسيلة مساعدة لتركيز الذهن وفيها تعب ، وهذا التعب يذكرك بأتعاب المسيح من أجلك ومن أجل كل البشر قضاء فترات اعتكاف تستفيد منها كفترات تأمل وقراءة وصلاة أو ترنيم وتسبيح الزهد أيضا في الملبس وفي الكلام والطعام . حاول أن تعيش بفكر روحي خلال فترة الصوم .
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
09 مارس 2023
شخصيات الكتاب المقدس فيلبس الرسول
بشّر في مناطق عديدة في آسيا الصغرى واليونان حيث حاول اليهود قتله لكن الرب أنقذه بعجائب كثيرة، منها تحويل رؤساء اليهود إلى عميان وإحداث زلزال عظيم فتح الأرض فابتلعت مضطهدي فيليبس. في بلدة Phrygian عمل فيليبس مع الرسول يوحنا اللاهوتي، وأخته مريامنا والرسول برثلماوس. بصلاته قتل أفعى سامة كان الوثنيون يعبدونها. فهجم عليه الوثنيون وصلبوه منكّس الرأس على شجرة، ومن ثم صلبوا برثلماوس أيضاً. فانفتحت الأرض وابتلعت القاضي وآخرين معه. سارع الوثنيون وأنزلوا برثلماوس حيّاً قبل موته، أما فيليبس فكان قد أسلم الروح في العام 86، أيام الإمبراطور دوميتيانوس.ولد في بيت صيدا (يو 1: 44) ويبدو أنه عكف منذ صباه على دراسة الكتب المقدسة، فنجده سريعًا لتلبية دعوة الرب حالما قال له اتبعني، ونجد في حديثه إلى نثنائيل: "قد وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء، يسوع..." (يو 1: 45) ما يدل على الانتظار والتوقع.لم يرد ذكره كثيرًا في الأناجيل. ذُكر اسمه في معجزة إشباع الآلاف من خمس خبزات وسمكتين، حينما سأله الرب سؤال امتحان: "من أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء؟" فكان جواب فيلبس: "لا يكفيهم خبز بمائتيّ دينارًا ليأخذ كل واحد منهم شيئًا يسيرًا" (يو 6: 5-7). وجاء ذكره في يوم الاثنين التالي لأحد الشعانين حينما تقدم إليه بعض اليونانيين الدخلاء وسألوه أن يروا يسوع (يو 12: 20-22). وجاء ذكره أيضًا في العشاء الأخير في الحديث الذي سجله لنا القديس يوحنا، حينما قال للرب يسوع: "أرنا الآب وكفانا"، فكان جواب الرب عليه: "أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس؟ الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أرنا الآب؟ ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيَّ؟" (يو 14: 8-10).حمل بُشرى الخلاص إلى بلاد فارس وآسيا الصغرى خاصة إقليم فريجيا، وانتهى به المطاف في مدينة هيرابوليس المجاورة لكولوسي واللاذقية بآسيا الصغرى حيث استشهد مصلوبًا، بعد أن ثار عليه الوثنيون.ويخلط البعض بينه وبين فيلبس المبشّر أحد السبعة شمامسة في بعض الروايات.
الكنيسة في عصر الرسل، صفحة 321.
نشأته
هو اسم يوناني تفسره (محب الخير) اسم ابيه يوليناريوس واسم امه سارية وكانت صناعتهم رياضه الدواب وكانوا من سبط اشير من مدينة صيدا بالجليل.التقي به السيد المسيح في بيت عينيا عبر الاردن ووجد نثنائيل فجأء به الي يسوع بعد سنه واحده اختاره يسوع ليكون تلميذا له وقد اختبر الرب ايمان فيلبس وقت معجزه اشباع الجموع عندما قال له من أين نبتاع خبز ليأكل هؤلاء (يو 6: 5).
كرازته:
ذهب الي افريقيا فبشر فيها باسم المسيح ورد أهلها الي الايمان ومعرفة الله ولقد اظهر علي يديه آيات وعجائب باهره ازهلت عقولهم بعد ان ثبتهم علي الايمان خرج هذا الرسول الى مدينة ايربولس.
استشهاده:
عندما ذهب الي مدينة ايربولس ورد أهلها الي الايمان تشاوروا عليه ليقتلوه فأدعو عليه فأمر الملك القاضي بعدم دخول مدينتهم فوثبوا عليه وقيدوه أما الرسول فكان يبتسم في وجوهم وكانت نعمه الروح القدس علي وجهه فجعلته كالملاك فعذبوه ثم صلبوه منكسا واثناء الصلب حدثت زلزله عظيمة فارتعدوا الجميع ونال اكليل الشهادة سنه 80 م ونقل جسده الي روميه وكانت تظهر من جسده الكثير من الآيات والعجائب وتعيد الكنيسة باليوم الثامن عشر من شهر هاتور المبارك
استشهاد القديس فيلبس الرسول (18 هاتور)
في مثل هذا اليوم من سنة 80 ميلادية استشهد القديس فيلبس الرسول أحد الاثني عشر تلميذا. وذلك إن قرعته قد خرجت إلى أفريقية وأعمالها فذهب إليها وبشر فيها باسم المسيح، ورد أهلها إلى معرفة الله، بعد إن اظهر من الآيات والعجائب الباهرة ما اذهل عقولهم. وبعد إن ثبتهم علي الإيمان خرج إلى ايرابوليس، ورد أهلها ايضا إلى معرفة الله، إلا إن غير المؤمنين بتلك البلاد قد تشاوروا علي قتله بدعوى انه خالف أمر الملك القاضي بعدم دخول غريب إلى مدينتهم، فوثبوا عليه وقيدوه، أما هو فكان يبتسم في وجوههم قائلا لهم: لماذا تبعدون عنكم الحياة الأبدية، ولا تفكرون في خلاص أنفسكم. أما هم فلم يعبئوا بكلامه وتكالبوا عليه وعذبوه عذابا كثيرا ثم صلبوه منكسا. وأثناء الصلب حدثت زلزلة فارتعب الجميع وفروا. فجاء بعض المؤمنين وأرادوا إنزاله من علي الصليب، فطلب إليهم إن يتركوه ليكمل سعيه وينال إكليله. وهكذا اسلم روحه بيد المسيح ونال إكليل المجد الأبدي سنة 80 م ودفن هناك. وفي الجيل السادس المسيحي نقل جسده إلى رومية. وكان الله يظهر من جسد القديس فيلبس الآيات والعجائب العظيمة. صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما ابديا امين.
المزيد
08 مارس 2023
فرح.. وفرح
هناك فرح تافه بأمور العالم الزائلة، ومتعها ومثلها فرح سليمان بكل تعبه الذي تعبه تحت الشمس (جا 3)، ومثلها فرح يونان باليقطينة بينما لم يفرح بخلاص نينوى ومن هذا النوع فرح الابن الكبير بقوله لأبيه "وقط لم تعطني جِديًا لأفرح مع أصدقائي" (لو 15: 29) ومن الفرح الزائف، فرح بعض الناس بالمواهب كما فرح التلاميذ بإخراج الشياطين، فقال لهم الرب "لا تفرحوا بهذا، أن الشياطين تخضع لكم، بل افرحوا بالحري أن أسمائكم قد كتبت في ملكوت الله " ولعل أسوأ أنواع الفرح، الفرح بالألم وعن هذا قال الرسول "المحبة لا تفرح بالإثم" (1 كو 13)، كمن يفرح بضياع الناس وخسارتهم وقد قال سليمان الحكيم "لا تفرح بسقوط عدوك" (أم 24: 17) وهذا الفرح الرديء يسمونه (الشماتة)
أما الفرح المقدس، فهو من ثمار الروح (غل 5: 23) لقد فرح التلاميذ لما رأوا الرب، وفرح المجوس لما رأوا النجم، وفرح الصديقون بثمار تعبهم المقدس "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج" وشرح لنا الكتاب الفرح بالخلاص، والفرح بالبشارة وهكذا قال الملاك للرعاة "ها أنا أبشركم بفرح عظيم، انه ولد لكم مخلص وعن فرح الخلاص قال المرتل "امنحني بهجة خلاصك" (مز 50) وقال الأب "كان ينبغي أن نفرح ونسر لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش" (لو 15: 32) والفرح بتوبة التائب يكون في السماء والأرض فحينما وجد الراعي الصالح خروفه الضال "حمله على منكبيه فرحًا"، وقال أيضًا "يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب " (لو 15: 6، 7) وقد فرحت الأرملة بوجود درهمها الضائع ودعت جميع جيرانها ليفرحوا معها ونحن نفرح أيضًا بجميع وسائط النعمة "فرحت بشهاداتك"، "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" (مز 22: 1)، " مجارى الأنهار تفرح مدينة الله" بل الصديقون يفرحون أيضًا بالتجارب (يع1) وبالتأديب "احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة"، "لذلك اسر بالضيقات، بالضرورات" ولعل أعظم فرح، هو فرح الملكوت "ادخل إلى فرح سيدك، هذا هو الفرح الحقيقي فيه نفرح بالرب، وبِلُقياه وعشرته، وإن كنا لم نصل بعد إلى الملكوت، فإننا نفرح بانتظاره، بالرجاء" "فرحين في الرجاء" كما قال الرسول (رو 12).
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
07 مارس 2023
أساسات أخرى للإعتراف
تحدثنا في الـعـدد الماضي عن الأساس الـكـتـابي لممارسة الاعتراف ، وذكرنا آيات وأدلة كثيرة من العهدين القديم والجديد على ضرورة الإعـتـراف على يد الأب الكاهن ، تحت قيادة و بفعل روح الله القدوس . والـيـوم نستكمل حديثنا عن الأساسات الأخرى للإعتراف وهي :-
١ ـ الأساس الكنسى
٢ ـ الأساس الإرشادي .
٣ ـ الأساس النفسي .
١ ـ الأساس الكنسى :-
الإعـتـراف في كنيستنا ثابت في التقليد الكنسى ، وقد تسلمناه جيلاً بعد جيل . ومن منا لا يذكر اعترافات القديس الأنبا موسى الأسـود ؟ أو قـصـة المرأة التائبة التي جاءت لـتـعـتـرف للـقـديس باسيليوس بخطاياها ، فـوجـدتـه قـد رقد في الرب ، فأخذت تبكى حزينة أن الرب لا يقبلها ولا يعطيها فرصة للـتـوبـة ، وفجأة أكتشفت أن الورقة التي دونت فيها خطاياها صارت بيضاء كالثلج ، - تماماً كقلبها التائب . والكنيسة تعلمنا من خلال أقوال الآباء أن الإعـتـراف وقـفـة تـوبة أمام الله ، وليس مجـرد تـصـفـيـة حسابات معه . فالرب أساساً يهدف إلى تـقـديسنا لنكون أدوات خير و بر وطـهـارة . وكتابات الآباء زاخرة بارشادات من ذلك في كتابات بستان الرهبان ، ليعرف أن كـنـيـسـتـنـا تمارس هذا الأمر منذ نشأتها وحتى اليوم . أما القوانين الكنيسة المتعاقبة ، وما فيها مـن تـوجـيـهـات وترتيبات وتأديبات روحية بناءة ، فهي دليـل ثـالـث ـ بجوار التقليد الكنسى وأقوال ومماراسات الآباء . يؤكد روسخ خـطـوة الإعـتـراف كمكمل أساسي للتوبة الأرثوذكسية .
٢ ـ الأساس الإرشادي : « في الإعـتـراف نأخذ حلا وحلا » وهكذا علمنا قداسة البابا شنوده الثالث . وهذه حقيقة ، فنحن نأخذ في الإعتراف الـحـل والـغـفران لخطايانا ، والحل والإرشاد لمشاكلنا . ومعروف روحياً واختبارياً أن « الذين بـلا مـرشـد ، يسقطون كأوراق الخريف » ... فالإنسان يحتاج إلى إرشاد في مسيرته الروحية ، لـيـتـمـكـن مـن أن يجـد إجـابـة لتساؤلاته ، وحسماً لحيرته ، وفرصة لاتخاذ القرار الصائب ، وتوجيها يبنيه ، و يبعده عن تـيـار الخطيئة وضغطات الإنحراف . الإرشاد الروحي أساسي في خلاص الإنسان ، إذ يكون له ثان ليقيمه » ( جا ٤ : ١٠ ) ... والإرشاد هنـا لا ينبع من خيرات أب الإعـتـراف الروحية فقط ، بل من روح الله القدوس الحاضر والفاعل في السر . فنحن لا نعتمد في خلاصنا لا على ذراعنا ولا على غـيـرنـا ، بل على عمل روح الله فينا ، الذي يوجه جهادنا الوجهة القانونية السليمة . ومـن مـنـا يستطيع أن يعتمد على حكمته الذاتية ، والكتاب ، يقول لكل منا : « لا تكن حكيما في عيني نفسك » ( أم ٣ : ٧ ) . و يـقـول أيضاً : « حيث لا تدبير يسقط الشعب ، أما الخلاص فبكثرة المشيرين » ( أم ١٢ : ١٤ ) .
٣ ـ الأساس النفسي : لاشك أنـهـا ثـمرة رائعة من ثمار ممارسة الإعـتـراف ، أن يجد الإنسان آخـر يـستمع إليه ، ويحفظ سره ، و يشبعه بالحضور الإلهى والتوجيهات السمائية ، يمتص كل شحنات الـتـوتـر والحيرة والقلق والندم والغيرة والحسد والإثارة والخوف والأوهام التي يؤثر بلاشك على صحة الإنسان بطريقة شاملة : جسدية ونفسية وروحية ، وليس خير من الاعتراف أمام الله وفى حـضـور الأب الكاهن المحب والحـنـون ، وفى كتمان أبدى لكل ما باحث به النفس من شجون وآلام . لذلك فالاعتراف هو الطريق السليم إلى النـفـس الـسـلـيـمة ، فهو خير سند لإنسان العصر ، في صـراعـاتـه الـداخـلـية والخارجية الكثيرة ، وهو ليس مجرد سند إنسان لإنسان ، بل سند الله لنا في مسيرة هذه الحياة . فهيا أيها القارىء الحبيب إلى فرصة تـوبـة أمام الله ومـراجـعـته ، يعقبها لقاء مع أبيك الروحى في حضرة المسيح ، وفعل الروح القدس ، والرب معك .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
06 مارس 2023
أضواء من الإنجيل : ٦- كيف نحب الله ؟
تكلمنا عن أهمية تذكرنا لإحسانات الله إلينا ، وذلك لكي تنمو محبتنا له بإستمرار . وقلنا إن محبتنا لله سوف تقودنا إلى حب الآخرين . واتخذنا من مزمور « بارکی یا نفسی الرب ولا تنسى كل حسناته » منهجاً نتذكر بواسطته إحسانات الله العجيبة .
٣ - « الذي يفدي من الحفرة حياتك » ( مز ۱۰۲ : ٤) الحفرة تشير إلى الفخ الذي يقع فيه الإنسان ، كما تشير إلى الهاوية التي يهوى إليها . وتشير إلى الجب كقول المرنم « لا تحجب وجهك عنى فأشابه الهابطين في الجب » ( مز ١٤٢ : ٧ ) . معنی ان الرب يفدى من الحفرة حياتنا هو أنه أنقذنا من الهلاك الأبدي في الهاوية بالفداء الذي صنعه لأجلنا حتى أنه وعد بلسان النبي قائلاً : « من يد الهاوية أفديهم . من الموت أخلصهم » ( هو ١٣ : ١٤ ) . ومعناه أيضاً أن الرب ينقذنا من الفخاخ الشيطانية التي ينصبها لنا الشيطان ليقتنصنا لإرادته ، و يأخذنا معه إلى هاوية الهلاك الأبدى . كم من مرة أنقذنا فيها الرب من فخاخ الشيطان ، ونبهنا إلى خطورتها وأعاننا بنعمته لتنجو منها ونتجنبها . ربما يرسل الرب لنا من يحذرنا قبل أن نقع . ربما بتحذير من مرشد أو أب أو صديق روحي . وربما عن طريق عظة روحية سمعناها ، أو عن طريق كتاب روحی قرأناه . ربما يحذرنا الرب عن طريق أحداث معينة ، نفهم منها مشيئته وتسمع صوته يجتذبنا إليه . وفى كل ذلك نتغنى ونقول المرنم « عینای تنظران إلى الرب في كل حين ، لأنه يجتذب من الفخ رجلی » ( مز ٢٤ : ١٥ ) . كم من مرة حملتنا يد القدير لكي لا تهوى إلى عمق الفخاخ الشيطانية فحتى لو عثرنا في الفخ ، فإنه يحملنا على ذراعيه منقذاً إيانا .كم من مرة أخرجنا الرب من داخل الفخ . حتى لو سقطنا فإن الرب يقيمنا ، ويخرجنا إلى الرحب والسعة « أيها الرب إلهى صرخت فشفيتنى . يارب أصعدت من الجحيم نفسى ، وخلصتنى من الهابطين في الجب » ( مز ۲۹ : ۲ ، ۳ ) . وحقاً كان هذا هو لسان حال البشرية التي إنتظرت مجيء المخلص ، ولكنه أيضاً إختبار كل إنسان خلصه الرب من خطاياه بالتوبة والإعتراف وفى كل ذلك تتغنى ونقول « لولا أن الرب كان معنا .. عندما قام الناس علينا لإبتلعونا ونحن أحياء .. مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم . نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين . الفخ إنكسر ونحن نجونا . عوننا باسم الرب » ( مز ۱۲۳ : ۱- ۸ ) . لولا عمل الله في حياتنا لضاعت أنفسنا ، ولضاعت أبديتنا . إنه يهتم بأمر خلاصنا ويحيطنا بمراحمه ، ويحارب كجبار بأس لحمايتنا . ونحن ينبغي ـ بعد عمادنا ـ أن نشترك معه في الحرب الروحية ، ولكننا نغلب بقوته التي توازر ضعفنا إن فخاخ الشيطان كثيرة ومتنوعة ومحكمة الإتقان ، إذ أنها تحمل خبرة طويلة في الحرب ضد جنس البشر . لهذا تساءل القديس أنطونيوس منزعجاً ، حينما أبصر في البرية فخاخ الشيطان الكثيرة المنصوبة لمحاربة الرهبان : « يارب من يفلت من كل هذه الفخاخ ؟ !! » . فأتاه صوت من السماء قائلاً : « المتواضعون يفلتون منها » ، لأن الرب « يعلم الودعاء طرقه » ( مز ٢٤ : ٩ ) « يرشد الذين يخطئون في الطريق ، يهدى الودعاء في الحكم » مز ٩:٢٤ ) وقد أصدر قداسة البابا مثلث الرحمات شنوده الثالث ـ كتاباً قيماً عن « حروب الشياطين » . من المفيد جدا قراءته لنفهم ، كيف حارب القديسون الشياطين ، ولتعرف أنواع الحروب الشيطانية ، وكيفية الإنتصار فيها ... إنه ينقل إلينا خبرات واسعة نضيفها إلى خبراتنا الروحية أجيالاً وأجيال . + أخيراً نقول إن معنى « الذي يفدى من الحفرة حياتك » ، أن الرب كثيراً ما أنقذنا من مصائب شعرنا بها ، وأخرى لم نشعر بها ولم نعلمها . ونحن نشكره على جميع إحساناته وهى بلا شك غير محصاة لكثرتها ... كم من مرة أنقذنا فيها الرب من موت محقق ، وشعرنا أننا مديونون للرب بحياتنا ـ ليس بحياتنا الأبدية فقط ، بل وبحياتنا على الأرض أيضاً .. لهذا فإننا نقول مع معلمنا بولس الرسول « إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت . فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن » ( رو ١٤ : ٨ ) .
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد الاول عام ١٩٨٩
المزيد
05 مارس 2023
التجربة على الجبل
تُعلّمنا الكنيسة فى تجربة ربنا يسوع على الجبل مع الشيطان فى بداية صومنا وتقول لنا إستعدّوا للحرب لأنكّم ستصوموا وترفّعوا عن العالم وشهوات العالم عدو الخير سيكون سلبى من ناحيتكم ولابد أن تكونوا واعيين لحروب عدو الخير لأنّ عدو الخير كان فى الأول فى حضرة الله وكان يُسبّح ويُمجّد وقد ذاق عِشرة ربنا ولذلك هولا يطيق أنّ الناس تذوق عِشرة ربنا لأنّه هو حُرم من ذلك ويعلم جيداً بحلاوة الحياة مع الله ولذلك هو عندما يجد إنسان يقترب لعِشرة ربنا فإنّه لا يطيقه ولا يحتمله ففى صلاة الشكر توجد عبارة تقول " كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان " فنحن نقصد بها حسد الشيطان علينا لأننّا عندما نقترب من ربنا الشيطان لا يسكُت ولذلك فى فترات الصوم بنجد أنّ عدو الخير ربما يكون نشيط من جهتنا ولذلك بنجد مثلاً إنسان يقول أنا يا أبونا لم أستفيد من الصوم وصُمت عن الأكل فقط وذلك لأنّ عدو الخير يجد النفس إبتدأت ترتفع وتفرح بنعمة ربنا أريد أن أتكلّم معكم فى نقطتين فإن كانت الحرب بين طرفين وهم الشيطان وربنا ولذلك أريد أن أتكلّم معكم عن :-
1- ربنا والشيطان :-
لابد أن نضع أنفسنا فى داخل المسيح المسيح عندما تجسّد شاركنا فى اللحم والدم وأخذ طبيعتنا فكل شىء عمله كان يقصد به أن يكون لنا ولذلك عمله لأجلنا نحن أعضاء المسيح جسمه نحن من لحمه ودمّه كان يوجد إنسان رسم صورة فرسم المذبح " رأس المسيح " وجسمه هى " الكنيسة " ، فهى جسمه0فأنا الآن ماذا أكون بالنسبة للرأس ؟! أنا عضو فيه ، خليّة فيه ، جزء منّه هذا هو ربنا يسوع بالنسبة لنا مادُمت أنا فى داخله ولذلك هو عندما يُحارب الشيطان نكون نحن بنحارب وعندما ينتصر نحن أيضاً ننتصرهذا هو سر الكنيسة فعندما أحارب من الذى يُدبر لى النصر ؟! هو الذى يُدبر لى النصرمادُمت أنا فى داخله أنا ضامن النُصرة الخطر هو عندما أبُعد عنّه وبذلك أكون بحارب بمفردى وبذلك تكون حرب غير مُتكافئة0فكل الذى عمله ربنا يسوع عمله من أجلنا ، والمفروض أن نتأكد أنها لنا وملكنا فالنُصرة التى إنتصرها كانت نُصرة لنا نحن فالذى عمله عمله لكى يجعله منهج لحياتنا منهج ثابت للكنيسة ولم يعمله لنفسه ربنا يسوع يعلم طبيعتنا جيداً ولذلك فهو بيرسم لنا الطريق المناسب للغلبة فما هو الطريق ؟! نأخذ عدّة نقط من التجربة على الجبل فخطوات الصوم هى :-
أ- الجوع :-
أول شىء كان سبب هياج عدو الخير على ربنا يسوع أنّه صعد للبريّة مُنقاداً بالروح " وكان يقتاد بالروح فى البرية أربعين يوماً يُجرّب من إبليس ولم يأكل شيئاً فى تلك الأيام "( لو4: 1، 2 ) " لم يأكل شيئاً " فإغتاظ عدو الخير وإبتدأ هياجه ربنا يسوع بيرسم لنا الخطة التى نغلب بها فيقول إنظر ماذا فعلت وإفعل مثلى " تاركاً لنا مثالاً لكى نتبع خطواته " ، ربنا يسوع جاع طريق النُصرة هو الصوم هو الجوع لابد أن أنقطع عن الطعام لفترة فنحن بننقطع لكى نجوع و لابد أن نجوع فلا يوجد صوم بدون جوع لابد أن نجتاز خبرة الجوع لكى نتغلّب على مصيدة عدو الخير وحيله وكما أنّ ربنا يسوع جاع لابد أن أجوع فإن لم أجوع بذلك لم أكون أنا من جسمه لأنّ الجسم عندما يجوع لابد أنّ كلّه يجوع ولذلك فى الكنيسة كلنّا نصوم مع بعض ونجوع مع بعض لأنّ كل واحد فينا هو خليّة حيّة فى جسم يسوع المسيح فنجوع من أجله ، فعندما أجتاز هذه الخبرة أجد نفسى أننى إبتدأت أثبُت فيه فنحن بنجعل الجسد يجوع لكى يجوع إلى البر ، جميل جداً فى الصوم أننّا بنجوع عن طعام الجسد لكى نأكل طعام الروح ، فالصوم هو من أجل نمو أرواحنا ونحن يجب ان نكون مُشاركين المسيح فى منهج صومه0فهنا هو يقول لنا لكى تنتصر لابد أن تجوع0
ب- الإختلاء للصلاة :-
يقول لك لابد أن تختلى فهو صعد للجبل ولم يكن معه أحداً فأنا أيضاً لابد أن أختلى فالصوم لابد أن يُقرن بالخلوة والإعتكاف والهدوء لابد أن يُقرن بالمخدع المُغلق ، فالصوم لابد لابد أن يكون معه إعتكاف ، فيوئيل النبى يقول " قدّسوا صوماً نادوا بإعتكاف " أنا أريد أن يكون لىّ إنفراد مع الله ، ما أجمل أن يكون الإنسان برنامجه اليومى فى فترة الصوم مختلف ، وإلاّ يكون الصوم عمل جسدى فإن كنت قد تعّودت أن أرجع البيت متأخر فلا أرجع متأخر فأبدّل الوقت من وقت ضائع إلى وقت مع الكتاب المقدس ومع التسبيح ومع سير القديسين وإن كنت قد تعودّت أن أشاهد التليفزيون فأستبدل هذا الوقت بوقفة صلاة مع الله رب المجد يسوع يضع لنا الطريق يا أحبائى لكى نسير وراءه ونسير فى أمان وبسهولة فربنا يسوع يريد أن يُعلّمنا كيف نغلب فيقول يسوع للشيطان أنت غلبت آدم فى الجوع ، أتريد أن تغلبنى فى الجوع !! فأنا سأُعلّم أولادى أنّ النُصرة ليست فى الأكل كل واحد فينا صعد مع ربنا يسوع على الجبل وإنتصر على الشيطان فالذى لم يجوع لم يصعد معه على الجبل والذى لم يغلب لم يصعد معه على الجبل والقديسين يقولوا " إن الجوع خير مُعين لضبط الحواس " ، فالإنسان الذى يجوع تكون حواسه هادئة أمّا الإنسان الأكول لا يكون فيه إستقرار ، لابد أنّ الإنسان يكون له عُزلة وإعتكاف فالإنسان الذى يتكلّم كثيراً مع أصدقاءه لا يجب أن يكون عنده هذا الأمر فى الصوم صائم أى لابد أن تمتلأ روحياً ، فلو عرفنا قصد الكنيسة من البرنامج الذى تضعه لنا صدقّونى سننمو سريعاً لدرجة فائقة ولذلك الكنيسة بعد 55 يوم تقول لك إفطر أنا الآن أطمئن عليك لأنك قد ضبطت نفسك عن الأكل أنا عّودتك على الطهارة نحن رفعناك ولذلك يا أحبائى الذى يجتاز مع الكنيسة بقلب أمين بيعرف كيف يعيش كإنسان روحانى وفيه غلبة ربنا يسوع 0ولذلك الكنيسة بتعطيك خطوات الصوم جوع إختلاء والمسيح قوى ولذلك لا يوجد شىء يغلبنا ، لا شهواتنا ومحبتنا لذاتنا ، فلو أنا عايش الكنيسة صح فأنا سيكون عندى حرية مجد أولاد الله فأنا ليس مسئول عن نفسى فقط ولكن أنا مسئول عن إخوتى لأنّ ضعف إخوتى هو ضعفى أنا توجد قصة عن شاب متغرّب فى الأسكندرية فى الجامعة وبيعترف عند أبونا بيشوى كامل وهذا الشاب شكله تقى و مؤدبّ ولكن عندما يعترف بيعترف بخطايا صعبة جداً فأبونا تعجّب من هذا الأمر والشاب كان يبكى فى كل إعتراف وكان يقول لأبونا إعطينى قانون تأديب ، فأبونا تعجّب جداً وإستفسر عن هذا الأمر فقال له الشاب أنا مُقيم فى شقة مع شابين وهم بيعملوا الخطية ولم يوافقوا أن يكُفّوا عنها ، فأنا بعترف بدلاً منهم فلم يكون كل واحد فينا هو لنفسه ولكن نحن جسم المسيح ، ضعف أخى هو ضعفى أنا ، فهو أعطانا الخطوات ، فلو بعِدنا عن شركة الكنيسة وعن محبتنا لإخواتنا سنُهزم ، فهذا هو منهج ربنا يسوع0
منهج الشيطان :-
أمّا منهج الشيطان فهو كُلّه خُبث وكُلّه رياء0فلكى تضمنوا الغلبة إعرفوا منهجة ، فمنهجة كُلّه شك ( حرب تشكيك ) فإنّه جاء يُشكّك ربنا يسوع فى بنّوته لله ، ألهذه الدرجة يتجاسر ؟! نعم لهذه الدرجة فربنا يسوع هو الحق ونجد الشيطان يقول له " إن كنت إبن الله " ، حرب التشكيك وإلى اليوم يُمارسها معنا فهو يحب أن يُشكّك فى كل شىء فيقول لك أحقاً توجد أبدية !! وهل توجد دينونة أم لا ؟! فيُشكّك فى القديسين ويُشكّك فى التناول ويقول لك أيُعقل أنّ القربانة تصير جسد المسيح ، و يُشكّك حتى فى الصوم ويقول لك لا تصوم فأنت صحتك تعبانة ويجعل الإنسان يهتز ولا يعمل العمل بفرح أولاد الله لابد أن يعرفوا إسلوبه ، فهو خبير بضعف الإنسان وحروبه حروب رهيبة ، فالحل هو الثبات فى المسيح ، فإن ثبتّ فى المسيح فأنت غالب وإن لم تثبت فستجد حروب الشيطان تحتاج إلى قوة جباّرة ، فأنت جزء من المسيح 0أنت إبن للملك ، أنت فيك قوة جباّرة فكان يوجد شخص جالس معى ولأول مرة بيعترف ، فقلت له فرصة سعيدة ، فقال وعندما تسمع إعترافى ستقول ليست فرصة سعيدة ، فقلت له فأنت إبن للملك المسيح مهما كنت فنحن أمام عين ربنا من الأسرة الملكية ، خُطاه ولكن نحن ملكه ، نحن له ، مادام أنّ الإنسان بيثبت فى المسيح يكون كريم جداً فى عين ربنا فإن كان الشيطان جاء ليُشكّك ربنا يسوع فهل سيتركنى ألمّ سيأتى ليُشككّنى ويقول من أنت ؟!
فالشيطان عندما وجد ربنا يسوع قد جاع فأتى له من حرب الخبز ، ما اكثر أن يجعل حياتنا كلّها لعبودية الخبز ، ويجعل الإنسان يعيش فى عبودية من أجل الخبز ، ويعرف فى أى لحظة يأتى لكى يُحارب فيها الإنسان ، عدو الخير عدو مكّار فعندما أصوم إنقطاعى يقول لى أنت جوعان كُل فأقول له لا أكُل فلم يأتى الوقت الذى سآكل فيه وأرشم نفسى بعلامة الصليب ، فيُطرد ولا يعرف أن يغلب الإنسان ، فهو آتى ليُحاربنا بشهوة الخبز فأقول له " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان " ، فأنا الذى يجعلنى أعيش هو روح الله الذى فىّ ، فالحياة التى أتمسك بها هى حياتى الأبدية ، ولذلك الإنسان الذى يجعل حياته مع ربنا يأخذ آية يعيش بها وتفرّحه ويعيش بها طوال اليوم ، فى حين أنّ الإنسان المُستبعد للخبز فإنّه ينهار أمام الخبز ولا يستطيع أن يثبُت أبداً ، فإن كان دانيال رفض أن يتنجّس بأطايب الملك وقال له جرّب عبيدك ، فأنا سأخذ أقل الأنواع وأنت جرّب عبيدك ، فإنّ الكنيسة عجيبة غالبة عدو الخير يا أحبائى بيستخدم أسلحة مُختلفة وفى أوقلت مُختلفة ، بيستخدم حرب المجد الباطل ، فالإنسان الذى لم يغُلب بالخبز عدو الخير يقول يمكن أن يغُلب بممالك العالم وبالمقتنيات ، حرب الملكية بالمظاهر وبالأشكال بالمبانى ، عدو الخير يريد أن يغلب بها ما أكثر أن نغُلب بالمظاهر ، رب المجد يسوع يقول لك لا تسجُد للشيطان أبداً وقُل له لن أسجُد لك " للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبُد " أسجُد لإلهك ، إحذر أن يكون عدو الخير أقام من مقتنيات عندك صنم تسجُد له ويقيم لك مظاهر تسجُد لها وتخضع لها هو عارف أنّ الإنسان مُحب للكرامة ولذلك يُحارب الإنسان بالكرامة وبالشهوة ، فيقول للإنسان أنت إبن لله فلو رميت نفسك من على الجبل فإنّه سيوصى ملائكته بك ليحملوك فهو يريد أن يجعله يشعر بالزهو ولذلك لابد أن نكون مُتأكدين أننا جزء منّه00وهذا هو ذخيرة الصوم رب المجد يسوع عندما صام صام لإجلنا ، فأنا الآن صومى هو جزء من صومه هو ولكن الأساس هو صومه هو ، ولذلك هو صوم قوى ، ولذلك الكنيسة تؤكد اننّا لم نكن صائمين لوحدنا ولكن هو صائم معنا ، ولذلك فى كل يوم نقول " يسوع المسيح صام عنّا أربعين يوماً وأربعين ليلة " هو جاء لكى يُعطينا نُصرة مجاناً فلو إكتشفنا النُصرة التى لنا فى الكنيسة ، فأننّا سنسلُك فعلاً كأولاد الله ، لأنّ هو عندما جاء جاء لكى ينزع عنّا العار ، فلا شهوة ولا محبة للعالم ولا شىء يغلبنى ، فالمسيح عندما غلب كُلنا غلبنا ، نحن صرنا نُحارب مع عدو مهزوم كم أنّ يا أحبائى لو الإنسان شعر أنّه جزء من كنيسة المسيح ، وشعر بالقوة التى تريد الكنيسة أن تُعطيها له ، وكم يكون لو الإنسان عزل نفسه عن الكنيسة فإنّه سيسبّب مرض للكنيسة كُلّها ، ولو كُلنّا بنجاهد وكُلنّا بنجوع فكُلنّا بنُعطى نُصرة للكنيسة وتصير " مُرهبة كجيش بألوية " فالكنيسة فيها روح المسيح فهل أنا أعمل حركات بهلوانية ؟! الإنسان الذى يُحب أن يعيش مع ربنا يُحب الخفاء ، ويُحب البساطة والإتضاع ، ولا يُحب أن يكون كريم أمام الناس ولا قوى أمام الناس ، والعكس فقد يكون إنسان ضعيف أمام الناس ولكن فى الداخل يكون قوى ربنا يسوع يريدنى أن اثبُت فيه لكى أستطيع أن أغلب ، لأنّ كُل هذا هو إجتازه فعندما تثبُت فى المسيح فالمسيح غلب وعندما غلب غلب من أجلك وهو غلب كنائب عنّا كم أنّ يا أحبائى النفس المجُاهدة تستحق خدمة الملائكة ، فإن كنّا مُنتصرين فستجد الملائكة منتظراك هذه هى خدمة الملائكة وهى أن تخدم النفس ربنا يُعطينا صوم بحسب قلبه ويُعطينا غلبة وجهاد ربنا يسند كل ضعف فينا ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين0
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد