إن للقديسين فى كنيستنا ترتيب ويأتى على رأس قائمة القديسين جميعا ً العذراء القديسة مريم . تتقدم جميع السمائيين والملائكة وروؤساء الملائكة والشاروبيم والسيرافيم ، تتقدمها لأنها الملكة أم الملك .ولهذا فنحن فى كنيستنا القبطية الأرثوذكسية لا نرسم أيقونة للسيدة العذراء بمفردها أبدا ً لكننا نرسمها مع أبنها لأن مكانتها مستمدة من كونها أم الملك .
هو الإيمان الذى تسلمته الكنيسة المسيحية من الأباء الرسل ويعبر عنه الرسول يهوذا بأنه المسلم مرة للقديسين ( يهوذا 3) وقد حفظت الكنيسة هذا الإيمان بدماء أبنائها وبطولتهم ،و زادت عنه بما كتبه فلاسفة المسيحية وعلماؤها فى كل الأجيال .
الرهبنة المسيحية كما ظهرت فى بادئ أمرها تجسيد لنظرية نسكية وفكرة فلسفية قوامها التبتل والتعبد فى البرارى والجبال بعيدا ً عن العالم فى حياة زهد وفقر أختيارى واستخدمة كلمة رهبنة فى بادئ الأمر للتعبير عن حياة العزلة الكاملة Eremiticalmode of life ،و لكنها استخدمت فيما بعد للتعبير عن حياة الكنوبيون ( الشركة الرهبانية }ثىخلاهفهؤ مهبث ) وعلى ذلك فقد استخدم اللفظ ( الرهبنة ) فى معناه الواسع للتعبير عن الحياة التى عاشها النساك بعيدا عن العالم سواء فى عزلة كاملة أو فى حياة شركة .
إن لسير القديسين والأبرار السابقين أثرا ً عميقا ً فى نفوس الراغبين فى الحياة مع الله ،و مشجعا قويا ً للسائرين فى طريق التوبة والجهاد الروحى . فلقد كان أولئك القديسون بشرا ً مثلنا تماما ً وعاشوا فى ظروف مشابهة لظروفنا من جهة الخطية ومغرياتها . ومع ذلك فقد عاشوا فى العالم دون أن يعيش العالم فى قلوبهم . كان حبهم لله أقوى من حبهم للعالم بكل ما فيه ومن فيه ، بل أقوى من حبهم لأنفسم.
هذه الكنيسة العجيبة، الكائنة من أقاصي المسكونة إلى أقاصيها، متسامية فوق الحواجز الطبيعية والسياسية والبشرية حبة الخردل الصغيرة التي نبتت ونمت، وصارت شجرة كبيرة جداً تآوت في أغصانها شعوب وشعوب، من كل جنس ولون وأمة ولسان هذه الكنيسة التي عمرت حتى الآن ما يقرب من ألفي عام دون أن تشيخ، بل يتجدد كل يوم شبابها، وينضم إليها كثيرون ممَنْ تعمل فيهم النعمة، ويقبلون الرب يسوع فادياً ومخلصاً هذه الكنيسة التي جاءت إلى العالم بمعجزة، واستمرت عبر التاريخ بمعجزة الكنيسة التي لا تنمو بطريقة التوالد الطبيعي، بل بالميلاد الجديد الفائق للطبيعة ولا تستند إلى ذراع بشرية تحميها وتذود عنها، بل إلى ذراع مؤسسها وراعيها، الذي وعد أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها.
الكتاب الذى بين يديك عزيزى القارئ هو عمل موسوعى فريد إذ يضم القطمارس بأجزائه الخمسة فى مجلد واحد . شاملا ً النصوص الإنجيلية والشواهد الكتابية مع التأملات الروحية والأقوال الآبائية التى تصلح للقراءة والتآمل ، كما يمكن تقديمها كعظات فى القداسات عبر السنة الكنسية. هذا بالاضافة للمادة الدراسية المتعلقة بالقطمارس وأجزائة الخمسة فى صورة لوحات شرح تعليمية مبتكرة فى أفكارها وطريقة تقديمها ، مع وفرة من الأيقونات واللوحات والصور المعبرة.