العظات
لماذا الفداء
" فإنّ كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأمّا عندنا نحن المخلّصين فهى قوة الله ، لأنه مكتوب " سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء " أين الحكيم ؟ أين الكاتب ؟ أين مباحث هذا الدهر ؟ ألم يجهل الله حكمة هذا العالم ؟ لأنّه إذ كان العالم فى حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة ، إستحسن الله أن يخلّص المؤمنين بجهالة الكرازة لأنّ اليهود يسألون آية واليونانيين يطلبون حكمة ولكنّنا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا0 لليهود عثرة ولليونانيين جهالة0 وأمّا للمدعوين يهودا و يونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله0لأنّ جهالة الله أحكم من الناس 0وضعف الله أقوى من الناس0} 1كو1: 18 – 25 { كان كل رجاء اليهود فى شخص المسيح هو أن يكون المسيح ملكا يرّد لهم الملك المفقود ويحررهم من قيود العبودية والإستعمار الرومانى ، وعندما علموا عند ميلاده أنّ نجم فى السماء أشار لمكان ميلاده وأنّ السماء إرتّجت لميلاده علموا أنّ المولود هو ملك اليهود وأنّه سّيرد لهم مملكة داود الساقطة فإبتدأوا يضعوا آمال كبيرة على المسيح ولكنهم وجدوه شخصية عادية جدا ، وعندما وجدوا المسيح مصلوبا على الصليب عثروا فيه وقالوا أنّ هذا المصلوب لا يمكن أن يكون ملكا لهم وإعتقدوا أنّه لا يستطيع أن يرّد الملك لإسرائيل حيث كانوا يطلبون ملكا أرضيا ولكن المسيح كان قد جاء ليردّ للإنسان مكانته الأولى ويردّ للإنسان الملك الروحى لا الأرضى وبهذا كان الصليب عثرة لليهود ، وأمّا اليونانيين فكانوا ناس عقلانيين وكانوا يطلبون الحكمة ويطلبون إلها يتكلّم بلباقة وبفلسفة عالية ولكنهّم وجدوا المسيح إنسانا عاديا يتكلم بأمثال بسيطة فسخروا من المسيح وإعتبروا الصليب جهالة ، فكان قمة الجهالة فى نظر اليونانيين هو صلب المسيح حيث أنّ الإله لا يمكن أن يشتم ويجرح ويصلب فإعتبروا الصليب جهالة وكل غنى الكنيسة ومجدها فى الصليب ، وهو رمز المسيحية وفخرها ، وعلى عكس الغير المسيحيين الذين يرفضون الصليب بشّدة فإنّ المسيحيين يتمسّكوا بالصليب بشدة ، ويمكن أن يتفق غير المسيحيين معنا فى أمور كثيرة إلاّ الصليب فيؤمنون مثلا بأنّ المسيح بلا عيب وأنّه حمل به من الروح القدس وأنّ المسيح إنسانا له سلطان على الأرض وفى السماء ويؤمنون أيضا بحكمته وفلسفته وسلطانه ومعجزاته وأمثاله لكنهّم لا يؤمنون أبدا بالصليب وذلك لأنّ الصليب كنز الكنيسة وكنز الكرازة وجوهرها كما أنّ عدم أعترافهم بالصليب بسبب إنكارهم عن المسيح صفة الكفارية والفدائية عن شعبه0والصليب هو الطريق الذى يستطيع الإنسان به أن يعيش على قواعد المسيحية0كما أنّ كل أفراح الصليب كامنة فى أحزانه وعار الصليب كامن فى مجده وكان يمكن لله أن يعّد طريقه يخلّص بها العالم أبسط من الصليب فكان يمكن أن يجدّد الله طبيعة الإنسان بأن يسامح آدم ويغفر له خطيته ، ولكن الله كان قد قال لآدم ( يوم أن تأكل من هذه الشجرة موتا تموت ) ولكن آدم أكل من الشجرة وبذلك أصبح الإنسان مستوجب الموت وكان الله لا يمكن أن يسامح آدم لأنّ هذا العهد بينه وبين الإنسان بألاّ يأكل من الشجرة كان أول عهد بين الله والإنسان فكان الله لا يستطيع أن يسامح الإنسان وبذلك دخل الموت إلى العالم وسقط الإنسان فى الخطية وأصبحت الخطية متوارثة من جيل إلى جيل وكما يقول بولس الرسول " من أجل ذلك دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا إجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع " ( رومية 5: 12 ) وهذا الإنسان هو آدم وبذلك وقع على الكل حكم الموت وكان الحل هو أن يتغيّر الإنسان ليس من الخارج فقط بل يجب أن يكون التغيير فى جوهره وفى طبيعته وكما أنّه هناك مدربين يروضّون الوحوش ويدرّبوها ولكن أحيانا تعود هذه الوحوش إلى طبيعتها الوحشية وتفترس مدربيها كذلك فإن آدم كان دائما يعود إلى الخطية حيث أنّ الخطية أصبحت إحدى سماته ودخلت الخطية إلى طبعه فأصبحت طبيعة الإنسان شريرة ومخالفة لله لذلك كان الإنسان يحتاج لتغيير فى طبعه وفى جوهره0
وفى العهد القديم فسد طبع الإنسان وكان يحتاج إلى الفداء وكان يمكن أن يقول الله للبشرية مغفورة لكم خطاياكم فالله رؤوف ورحوم ولكن ذلك معناه أنّ الله أخطأ فى تقييم القضية فكان يمكن لله أن يقول للإنسان أنه إذا أكل من الشجرة سيحرمه من شىء معيّن ولا يقول أنّ العقوبة ستكون الموت وبذلك يصبح المعنى أنّ الله أعطى للإنسان عقوبة لا تتناسب مع الجرم ، وبالخطية أصبح الإنسان مديونا ولابد أن يكون الإنسان نادم على خطيته حتى يفى الله عنه الدين وبذلك أصبح الإنسان يحتاج لندمه وتوبتة هو وغفران الله له وسداده للدين الذى لا يستطيع الإنسان أن يفى به وحده بل يحتاج لمعونة الله حيث كانت الخطية غير محدودة لأنها كانت موجهّة إلى ذات الله غير المحدود ، والله لا يستطيع أن يفى عن الإنسان دينه بدون توبة وندم صادقين من الإنسان ، ولم تكن توبة الإنسان كافية حتى يفى الله بالدين نيابة عن الإنسان فإقترح الله على آدم حل مؤقت وهو أن يتوب آدم ويفى عنه كائن آخر بالدين بدلا منه وهذا الكائن هو الخروف أو الذبيحة حيث أنّ آدم عندما تعرّى فى الفردوس بسبب الخطية صنع الله له جلدا يلبسه وهذا الجلد مصنوع من الخروف أو الذبيحة وبذلك كانت الذبيحة وسيلة لصلح مؤقت بين الله والإنسان وأصبحت الذبيحة تحمل عن الإنسان ذنوبه و تنقّى الإنسان من شروره أمام الله ، و فكر الذبيحة معترف به فى كل الديانات سواء الشعوب الوثنية أو عند إخواتنا المسلمين الذين يعترفون بعيد الأضحى والذى تقدّم فيه ذبيحة أو خروف لله وكانت الذبيحة حل مؤقت لذلك كان يجب إيجاد حل نهائى لهذه القضية المعقّدة والتى كان حلها مستحيلا عند البشر ولكن الله لا يوجد عنده مستحيل فهو المتحكّم فى كل شىء فى الكون فى الأرض وما عليها والسماء والبحر وما فيهما ، وكان الحل هو تجسّد الله بغير إستحالة فوجد الله أنّ الخطية أحدثت إنفصالا بين الله والإنسان وأدخلت الموت إلى العالم وأصبحت غير محدودة وبما أنّ الخطية الغير محدودة صنعها إنسان كان يجب أنّ الذى يرفعها عن العالم يكون إنسانا ويكون غير محدود ويكون قدوس بلا خطية لذلك كان الحل هو تجسّد الله ، فلا ملاك ولا رئيس ملائكة ولا نبى ولا رئيس آباء إستطاع الله أن يوكّله على خلاص الإنسان بل تجسّد الله بغير إستحالة ليرفع عن الإنسان الخطية فقبل أن يصبح إنسانا و فضّل التألّم عن التنعّم وفضّل الشقاء عن الراحة وفضّل الصليب عن العرش الذى يحمله الكاروبيم ورضى أن ينفصل عن بهاءه ومجده وعظمته ليخلّص العالم ولا يتركه يهلك ولذلك فإن الجسد والدم الذخيرة الحية فى الكنيسة هما قوة الكنيسة وعظمتها وهما كفاّرة وفداء للشعب وأصبحت كل عثرة وكل جهالة فى الصليب مصدر فرح للإنسان لأنّ الله بالصليب صنع الخلاص فى وسط الأرض كلها وبسط يديه على عود الصليب لكى يحتضن الكل ويغفر للكل وأصبح الصليب لا يحدّه زمان أو مكان لذلك فإن ذبيحة الصليب ذبيحة ممتدّة إلى الأبد تشفع فينا أمام عرش النعمة وبالصليب أخذ الإنسان طبيعة جديدة فمثلا مارجرجس عندما وضعوه مع الفتاة الخاطئة وربطوهما معا إستطاع أن يغلب شهواته وإستطاع أن يغلب الخطية وإستطاعت الطبيعة الجديدة التى أخذها بالفداء وبالصليب أن تنتصر على طبيعة الإنسان الجسدانية الشهوانية ولذلك فيجب على الإنسان أن يتعلّم من الصليب ومن جراحات وآلام الصليب وأن يتعلّم من محبة الله الذى لم يكتفى بأن يقدّم لنا آية أو معجزة بل رضى أن يقدّم نفسه ذبيحة عنّا لأجل خلاصنا ورجوعنا إلى الله و المجد لله دائما أبديا أمين
مساو الأب فى الجوهر
الإبن يسوع المسيح هو نور من نور .. له نفس صفات الآب ونفس الطبيعة
أزلي أبدي :-
الإنسان محدود له بداية ونهاية .. أما المسيح له ميلادان ميلاد في الزمان وميلاد قبل الزمان .. مولود من الآب قبل كل الدهور .. وهذه هي الأزلية .. { قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن }( يو 8 : 58 ) .. { من الكائن والذي كان والذي يأتي } ( رؤ 1 : 4 ؛ 4 : 8 ) .. { والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم } ( يو 17 : 5 ) .. { أنا هو الألف والياء البداية والنهاية } ( رؤ 1 : 8 ) .
هو الحياة ومُعطي الحياة :-
الله وحده هو الحي بذاته وأصل الحياة .. { أنا أنا هو وليس إله معي .. أنا أُميت وأُحيي }( تث 32 : 39 ) .. أقول حي أنا إلى الأبد .. ويسوع يقول عن نفسه { أنا هو القيامة والحياة }( يو 11 : 25 ) .. { أنا هو الطريق والحق والحياة } ( يو 14 : 6 ) .. من يجرؤ من البشر أو حتى الملائكة يقول ذلك .. { فيه كانت الحياة } ( يو 1 : 4 ) .. { وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد } ( يو 11 : 26 ) .. { كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته } ( يو 5 : 26 ) .. { أنا هو خبز الحياة } ( يو 6 : 35 ) .. الحياة الروحية .. الشركة مع الله{ أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل } ( يو 10 : 10) .. ويعطي الأبدية والقيامة( يو 5 : 21 ، 28 ){ أنا أعطيها حياة أبدية } ( يو 10 : 28 ) .
يغفر الخطايا :-
الله وحده غفر خطايا المفلوج ( مر 2 : 3 – 5 ؛ لو 5 : 20 ) .. وفي بيت سمعان غفر خطايا المرأة الخاطئة حتى أن المتكئين تذمروا قائلين من هذا الذي يغفر خطايا أيضاً ( لو 7 : 49) .. وحين غفر خطايا المفلوج قرنها بشفاؤه كدليل عملي وقال لهم أيهما أيسر أن يُقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك أم أن يُقال قم وامشي ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا ( مر 2 : 9 – 10 ) .
يعلم الخفايا والسرائر :-
الله وحده هو عالم الخفايا والسرائر .. { فاحص القلوب والكُلى الله البار } ( مز 7 : 9 ) .. أنت وحدك تعرف قلوب بني البشر ( 1مل 8 : 39 ) .. للسامرية إدعي زوجِك .. لأن لك خمسة أزواج .. إنساناً قال لي كل ما فعلت ( يو 4 : 16 ) .. وكثيراً ما كان يعرف أفكار التلاميذ .. وعلم يسوع أفكارهم كشف لنثنائيل أمر حدث في طفولته .. من أين تعرفني .. قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك .. فقال للمسيح .. يا مُعلم أنت إبن الله ( يو 1 : 47 ) .. حين أصدر هيرودس أمر بقتل الأطفال .. وضعته أمه في سفط وأخفته بيت أغصان إحدى أشجار التين قال لبطرس { قبل أن يصيح الديك مرتين تُنكرني ثلاث مرات } ( مر 14 : 30 ) حين أراد أن يوفِّي الضريبة قال لبطرس يُلقي بصنارته والسمكة التي يصطادها سيجد فيها إستاراً يدفع عنه وعنه ( مت 17 : 24 – 27 ) إلقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن فتجدوا ( يو 21 : 6 ) { هذا يقوله ابن الله الذي له عينان كلهيب نارٍ ورجلاه مثل النحاس النقي ؛ فستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكُلى والقلوب وسأعطي كل واحدٍ منكم بحسب أعماله }( رؤ 2 : 18 ؛ 23 ){ السرائر للرب إلهنا والمُعلنات لنا ولبنينا إلى الأبد } ( تث 29 : 29 ) .. { هو يكشف العمائق والأسرار .. يعلم ما هو في الظلمة } ( دا 2 : 22 ) .
هو الديان :-
{ الله هو الديان } ( مز 49 : 6 ) .. { ارتفع يا ديان الأرض } ( مز 94 : 2 ) .. { ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذٍ يجلس على كرسي مجده .. ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعضٍ كما يميز الراعي الخراف من الجداء } ( مت 25 : 31 – 32 ) .. { لأن الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن } ( يو 5 : 22 ) .. { ها أنا آتي سريعاً وأجرتي معي لأجازي كل واحدٍ كما يكون عمله } ( رؤ 22 : 12 ) .
العصمة من الخطأ :-
ليس إلا الله .. { من منكم يبكتني على خطية } ( يو 8 : 46 ) .. رغم غضبهم منه{ الجميع زاغوا وفسدوا } ( رو 3 : 12) .. { لك وحدك أخطأت } .. { ويل لي لأني هلكت }( أش 6 : 5 ) .. { إن قلنا أننا بلا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا } ( 1يو 1 : 8 ) .. { رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء } ( يو 14 : 30 ) .. { الذي لم يفعل خطية ولا وُجد في فمه غش }( 1بط 2 : 22 ) .. { القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله } ( لو 1 : 35 ) .. { قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات } ( عب 7 : 26 ) .
هو مُعطي الشريعة :-
من له سلطان إعطاء تشريع جديداً ؟ { سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ..... أما أنا فأقول لكم } ( مت 5 : 21 – 22 ) .. { فإن ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً } ( مت 12 : 8 ) المسيح الإبن مساو للآب .... في الجوهر{ ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي } ( يو 14 : 6 ) .. { يا سيد أرنا الآب وكفانا } ( يو 14 : 8 ) .. { الذي رآني فقد رأى الآب } ( يو 14 : 9 ) .. { ليس أحد يعرف الابن إلا الآب .. ولا أحد يعرف الآب إلا الابن } ( مت 11 : 27 )في الكرامة .. { من لا يُكرم الابن لا يُكرم الآب } ( يو 5 : 23 ) .
قادر على كل شئ :-
{ بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً } ( يو 15 : 5 ) .. { حامل كل الأشياء بكلمة قدرته }( عب 1 : 3 ) كائن في كل مكان .. { ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء } ( يو 3 : 13 ) .. { ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر } ( مت 28 : 20 ) .. { حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم } ( مت 18 : 20 ) .
الرعاية في البيت
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل عينا نعمته وبركته ورحمته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في تذكار نياحة الآباء البطاركة فصل من بشارة معلمنا يوحنا الإصحاح العاشر فصل الراعي الصالح، يحدثنا عند ربنا يسوع عندما قال عن نفسه "أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف". نحن كل شخص في حياته لابد أن يكون كسيده راعي صالح، الزوج في منزله راعي صالح، والأم والزوجة راعي صالح، والشاب والفتاة الذين مازالوا في الدراسة أو في الجامعة أو في عمل أو في مدرسة راعي صالح، كل شخص يا أحبائي عليه أن يفكر في نفسه كيف يكون كسيده راعي صالح، راعي صالح بمعنى أن يهتم بمن حوله، بمعنى أنه يحاول يقدم لمن حوله ما يحتاجون، شخص يسألني وأنا من يقدم لي إذا كنت أنا أفكر في من حولي، أقول لك في الحقيقة لكي يشبع الإنسان فهذا صعب وأكثر طريقة تقوم بإشباعه أنه يعطي وليس يأخذ، أكثر طريقة تشبعه أن يعطي وليس يأخذ، فمهما أخذ الإنسان تجده دائماً جائع، الشيء الذي يشبعه أنه يعطي، ماذا يعطي؟ يعطي حب، اهتمام، ابتسامة، صلاة، رعاية، يشبع الاحتياجات، الأب في المنزل والأم لابد أن يعرفوا أن لديهم دور كبير جداً في شيء اسمه الرعاية، في شيء اسمه تسديد الاحتياجات، لابد أن نعرف أن الأب في البيت ليس مجرد مصدر للمال، لا فمن الممكن أن تكون ظروف الحياة وضغوطها حولت دور الأب في البيت أن تكون فكرته عن دور الأب في البيت أن يكون مصدر للمال، ومن الممكن أيضا ان تكون تحولت الفكرة عن الأم أنها مصدر للطعام، لا أبدا فالدور أكبر من ذلك بكثير، الأم ليست فقط لتقدم الطعام، الأب ليس لمجرد تقديم المال، لا فالدور أكبر بكثير من ذلك، نحن علينا أن نهتم بالروح ونهتم بالنفس ونهتم بالجسد، لكن اهتمامنا بالجسد فقط فهذا معناه عبودية للأمور الزائلة، الإنسان عندما أخطأ في أيام أبونا آدم، آدم قبل أن يخطئ الله أعطى له سلطان على الطبيعة، سلطان على الحيوانات، سلطان على البحر، سلطان على الكون كله، الله أعطى له سلطان على الطبيعة، وكانت الطبيعة خاضعة له، ولكن بعد أن سقط انفصل عن الله، وبعدما انفصل عن الله تمردت عليه الطبيعة وخضع هو للطبيعة بعد أن كانت الطبيعة هي التي تخضع له، بعد أن كانت حيوانات البرية هي التي تخضع له، بدلاً من أن الأرض هي التي تخضع له أصبح هو الذي يخضع لها، وقال له "بعرق جبينك تأكل خبزك"، فكلما أنفصل الإنسان عن الله كلما عاش تحت وطأة هذه العقوبة، التي هي أن الطبيعة تسود عليه، أو في حقيقة الأمر أن الأمور المادية والأمور الزائلة تتسلط عليه، تصبح هذه الأمور هي التي تعطي له الحياة، كلما انفصل عن الله، وكلما أتحد بالله عاد إلى الصورة الأولى أن الطبيعة تخضع له، إذن الإنسان بارتباطه بالله تصبح الأمور المادية بالنسبة له سهلة، أذن يا أحبائي لابد أن نعرف أن دورنا أكبر بكثير من مجرد أن نأكل ونشرب، لا فهناك احتياجات للجسد، احتياجات للنفس، احتياجات للروح، ولابد أن كل أسرة تعرف أن لها دور مع بعض، أنهم يذهبوا إلى السماء معا، أنهم يرتبطوا بالله معا، أنهم ينموا معا، أنهم يصلوا معا، لكن إذا كان هناك عنصر غير مستجيب، فلنظل مع المستجيب، وأما إذا لم نجد أي شخص مستجيب لتكن أنت، لتكن أنت، أبونا إبراهيم أثناء ترحال حياته ذهب إلى أماكن كثيره جدا، لكن كل مكان يذهب إليه كان يقول: "وبني هناك مذبح للرب"، كل مكان يذهب إليه وبني هناك مذبح للرب، وأنا أشعر بالسعادة جداً عندما ادخل منزل أو عندما أصلي صلاة تبريك لشباب سيتزوجون ويقولون لي هنا ركن الصلاة، هذا المكان الذي نقف لنصلي فيه، أنا عندما أقوم بالتبخير أشعر أن هناك مكان يوجد به أيقونة وبجانبه قنديل أو شمعة أو مصباح مضيء، هذا ركن الصلاة، لابد أن يكون لديك في البيت مذبح، هنا مذبح للرب هذا المكان الذي نصلي فيه، نحن لا نعيش لكي نأكل ونشرب فقط، الحياة ليست أرض، الحياة ليست زمن، الحياة ليست جسد، الحياة ليست استهلاك، لا فالحياة أرقي من ذلك بكثير، وأجمل من ذلك بكثير، لذلك تجد نفسك وأنت بعيد عن الله كل شئ لا يوجد له مذاق، ستجد نفسك دائما مشدود وغاضب وبعدما نشبع الجسد تماماً تجدنا كلنا نعيش دائرة حزن واكتئاب، فكان من المفترض أن الإنسان يهتم بالجسد ليصبح سعيداً أبدا، لماذا؟ لأنه ليس من يقوم بإشباعي، فهذا ليس محور الحياة.
حينئذ يا أحبائي أنا الراعي الصالح لابد أن كل شخص في المنزل يكون له دور في الأبعاد العميقة التي لدي الإنسان، الحب جميعنا نحتاج الحب، كل من في المنزل يحتاج إلي الحب، كل شخص فينا لابد أن يقدم حب للآخر، الابن يقدم لوالده ولوالدته ولإخوته، الأخت تقدم لإخوتها، والأب والأم، والزوج يقدم لزوجته، والزوجة تقدم لزوجها، كل شخص يحتاج للحب، راعي صالح، يقول أن ربنا يسوع المسيح الشاب الغني نظر إليه وأحبه، هذه النظرة يمكن أن تكون نظرة حب، نظرة حنو، يوجد بها شعور بالقبول، في يعض الأحيان يا أحبائي تجد أقرب الناس لبعضهم هم أكثر ناس يقومون بأذية بعضهم البعض، من أكثر الناس الذين يشعرون إن كل شخص فينا لا يوجد له قيمة، وأنه غير محبوب، وأنه مرفوض، وأنه مرذول، وأنه سيء جداً، وأنه حتى الله لا يحبه، لماذا؟ لأننا لا نستطيع أن نقوم بتوصيل لبعض الأمور التي تكون أهم من أمور الجسد، من الممكن أن نكون نقدم أمور جسدية فهي تعبير عن الروح والنفس، عندما يقوموا بدراسة احتياجات الإنسان يجدوا أن أقل احتياجات لديه هي الاحتياجات الجسدية، نجد الاحتياجات الروحية والنفسية أكثر عمقاً، وعندما تشبع هذه الاجتياحات نجد الجسد خاضع ومتشبع، وعندما لا تشبع الجسد يتمرد ويظل يطلب، يطلب، يطلب، يطلب ولا يشعر بالشبع، شعور القبول .
ما أجمل ربنا يسوع المسيح وهو يتحدث مع السامرية ويعطيها قبول في الحديث، فهو لم يشعرها بالرفض، أو مدى قبحها، قال لها حسنا قلتي، أنتي بالصواب أجبتي، يريد أن يقول لها أنتي بداخلك شيء جميل جداً، فأصبحت هذه السيدة في حالة من الاندهاش، كيف يكلمها بذلك؟، كيف يقوم بمقابلتها؟ فالجمزع ترفضها وتحتقرها، إذا كل شخص فينا قدم للآخر يا أحبائي الحب والقبول الذي يحتاجه فهذه هي الرعاية الصالحة، هذه الرعاية الصالحة، ستجد ربنا يسوع المسيح مع المرأة الخاطئة التي قامت بسكب الطيب على أقدامه، كل المنزل رافضها، وكل من في المنزل مندهش لماذا هو يتركها تعمل كل هذا؟!، وكل من في المنزل يقولون هذه السيدة من قام بإدخالها من الإساس، لكن بينما هم يقولون في أنفسهم "لو كان هذا نبيا لعلم من هذه المرأة وما حالها أنها خاطئة"، وعندما يود الكتاب المقدس أن يصفها يقول إذا امرأة خاطئة في المدينة بمعنى أنها مشهورة، ليست في نطاق ضيق لكن في المدينة، بمعنى أن صيتها في الشر واسع، فهذه السيدة أبسط شيء لها أن ترفض، تطرد، لا المسيح يقوم بقبولها، ويقبل تقدمة توبتها ومحبتها، ويمدح توبتها، ما هذا يا أحبائي؟، نحن نحتاج أن نقدم لأولادنا أشياء يحتاجوها، أنا الراعي الصالح كل شخص فيكم راعي صالح في منزله، قدموا لأبنائكم أشياء يريدوها ليس فقط أمور الجسد، إذا قال الأب لابنه أنا أحبك، إذا الأم قالت لابنها أنا أحبك، إذا قالوا له أنت جميل، إنت متفوق، أنت تعرف في اشياء عديدة إذا قمنا بالشكر فيه أمام الناس كثيراً، فالتوبيخ الكثير يجرح، علاقتنا مع أقرب ما يكون لنا دائماً تكون علاقة متوترة لأننا نرى أخطاءهم، وأظل أركز عليه، الذي لا يقوم بالمذاكرة، والذي لم يقوم بسماع الكلام، والذي يعود متأخر والتي فعلت
فدائما ننقل لأولادنا صورة مشوهه عن أنفسهم، وبالتالي صورة مشوهة عن الله، أن الله لا يحبني، وأن الله لا يقبلني، وأن قبلني يكون بشروط وما أصعب شروطه، ما هو الشرط الذي أقدمه لابني لكي يشعر أنه مقبول؟ شرط الكمال، بمعنى أنه عليه أن يأتي بالدرجات النهائية في كل المواد، وكل تصرفاته ملتزمة تماماً، ويجلس هادئ، ويسمع الكلام وعندما يقوم بفعل كل هذا ننقل له شعور أنه مقبول وأننا راضيين عنه ونحن أيضاً متغصبون، فهذا ينقل لأولادنا أن الله يصعب إرضائه، ينقل لهم أنه دائماً شخص قليل في حين أن دورنا هو أن نسند أولادنا ونعرفهم أنهم مقبولين ومحبوبين ونحن نقبلهم حتى بأخطائهم، فهل هذا معناه أني لا أوبخهم؟ لا قم بتوبيخهم، لابد أن نعلم، لا أن تقول، لكن عندما تقوم بالتوبيخ لابد أن تعرف إن أنا أرفض التصرف ليس الشخص، في الكثير من الأحيان عندما نقوم بانتهار شيء نوصل للشخص الذي أمامنا إننا نكرهه، لا أنا أرفض التصرف ولا أرفضك أنت، أنا غير موافق على هذا، غير موافق على ذلك لكن أنت حبيبي وأنت جميل وأنت تفعل أشياء كثيرة جيدة لذلك أتمني أن تفعل أشياء أخرى وعموماً على قدر استطاعتك، لابد يا أحبائي نقدم الرعاية أنا الراعي الصالح، في مهارة اسمها تسديد الاحتياجات، الإنسان مثلما يجوع للأكل يجوع للحب أيضا، الإنسان مثلما لديه رغبة في الحياة لديه رغبة في الأبدية، الإنسان مثلما لديه ميول للخطية لديه رغبة للكمال، لذلك نحن لابد أن نشبع الاحتياجات العميقة والإيجابية، يشعر أنه مقبول، يشعر أنه محبوب، يشعر أنه يحترم، يشعر أننا نفهمه، يشعر أننا شاعرين به وشاعرين باحتياجاته، فهذا الكلام كله يعمل رعاية، أنا أريدك أن تتخيل معي الراعي الصالح إذا كانت كل اهتماماته فقط هي الأكل فأصبح لا يهتم بالذئاب، لا يهتم بمتى يأتي الليل، لا يهتم إذا فقد خروف، لا يهتم إذا كان خروف يشكو من وجع بساقيه، لا يهتم بأولاده أي غنمه، لا يهتم بكل هذا يقول أنا دوري أكل فقط لا ليس دورك الأكل فقط، لكن رعاية شاملة، نحن يا أحبائي دورنا مع بعض رعاية شاملة، كل فرد ينظر لاحتياجات الآخر، وبالطبع احتياجات الطفل، تختلف عن احتياجات الكبير، تختلف عن احتياجات المراهق، وعن احتياجات الزوج، وعن احتياجات الزوجة، وعلى كل واحد فينا أن يفهم احتياجات الآخر.
ما أجمل يا أحبائي الزوجة التي تعرف احتياجات زوجها، وما أجمل الزوج الذي يعرف احتياجات زوجته، وما أجمل أن أعرف احتياجات الطفل، واحتياجات المراهق، واحتياجات المراهقة، لابد أن أعرف ذلك.
ذات مرة كنت أشرح موضوع لأولاد مقبلين على الزواج، فقمت بسؤالهم من منكم قام بقراءة شئ عن هذا الموضوع؟ فوجدت شخص من وسط تقريبا ١٢٠ شخص، شخص واحد! ,فقلت لهم يا أولاد الذي يقوم بعمل مشروع فراخ أو أرانب يقوم بالقراءة كثيراً جداً لكي يعرف طريقة تربية هذه الفراخ، ويظل يدرس الأمراض التي تصيبها، وما هي مواسمها، ويسأل ويرى، يبحث، يري فيديوهات، ... إلخ فكيف يا أحبائي أن حياتنا نفسها، جوهر حياتنا نفسها لم يأخذ الاعتناء منا، على أساس أنه يسير أوتوماتيك، لا هو لا يسير أوتوماتيك، من الممكن أن أكون أنا سبب تعب لكل من حولي، في حين أني أرى أني أفعل كل ما في استطاعتي، فما هو كل ما في استطاعتي؟ هو أني أعمل وأجلب النقود!، لا ليس هذا فقط ما نحتاجه، فنحن نحتاج أشياء أخرى، نحتاجك أنت، نحتاج التحدث معك، تحتاج أن تسمعهم، تحتاج أن تفهمهم.ذات مرة طفل في أمريكا يحب والده وكان يعلم أنه مشغول دائماً، فكان يعلم أن ثمن ساعة العمل لوالده بمبلغ كبير، كان في ذلك الوقت ثمن الساعة حوالي 30 دولار، فحدث أن الولد ظل يأخذ من والده نقود تارة ٢دولار، ثم تارة أخرى ٢دولار، وهكذا إلى أن قال له يا أبي أريد 7 دولار فقال له الأب ذلك كثير جداً، لماذا تطلب كل هذه النقود؟! فأجابه الطفل لأني قمت بادخار 23 دولار ومتبقي لي سبعة دولارات لكي أدخر30 دولار وهم ثمن ساعة العمل لديك، لأني أريدك أن تجلس معي ساعة، يريد أن يقول لك أنا أحتاج إليك.نحن في تفكيرنا أن كل شخص منا في البيت هو يريد أن يأكل ويشرب فقط، لا فهو لديه احتياجات أخري أهم، وإذا كانت الكنيسة اليوم تقرأ لنا فصل الراعي الصالح فهي تريد أن تقول لنا لابد أن نهتم ببعض، ونقوم برعاية بعض، ونقوم برعاية الضعفاء، ونرى الذي يشعر أنه ضعيف وأنه قليل، فالطفل الذي يكون شقي قليلاً فنحن قمنا بنقل صورة له أنه منحرف، إذن فبذلك يقول لنا لا تسألوني عن شيء لأنني منحرف، يكفي ذلك فأنتم مصرين علي تصنيفي هكذا، فلماذا تطلبون مني شيئاً جيداً، لماذا تريدون مني أن أذهب للكنيسة بما أنني شخص منحرف، فأنتم تقولون علي ذلك وقمتم بإشاعتها وأعلمتوا جميع الناس بها، إذن يكفي ذلك، لا فنحن لابد أن نعرف أننا دورنا مع من حولنا أهم وأعمق بكثير من أننا نحضر النقود والطعام، لا، أنا هو الراعي الصالح، الراعي الصالح يعرف خاصته، يعرفها باسمها، يعرفها بظروفها، يعرفها بأحوالها.لذلك يا أحبائي هيا نهتم داخل منازلنا هيا نهتم بأحبائنا، هيا نهتم بأقربائنا، هيا نهتم بزملائنا، لكي نكون كمثال سيدنا وأن يكون كل شخص فينا راعي صالح، الله يوجه حياتنا، ويصحح أخطأنا، ويقوم بتقويم كل خطأ فينا.ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائماً أبديا آمين.
سرخيس وواخس
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته ورحمته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.
اليوم تذكار اثنين قديسين شباب أصدقاء، ضباط في الجيش، أحدهما اسمه واخس والآخر اسمه سرجيوس، جاءوا أمام الوالي واعترفوا أمامه بالإيمان بالمسيح، فأرسلهم إلى والي آخر فعذبهم وأستشهد أحدهم في البداية الذي هو واخس، بينما سرجيوس صديقه أصبح حزين عليه إلى أن رأى رؤية أنه في مكان جميل، مطمئن، سعيد، فتعزت نفسه وتقوى وأيضا كان مصيره أنه تعذب كثيراً وفي النهاية نال إكليل الشهادة، اثنين من الشباب في مركز مرموق في حياتهم، ضباط، قد تجد أن الضباط يكون فيهم كبرياء أنه إنسان له سلطان، إنسان موضع احترام وتقدير من الجميع، لكن في الحقيقة لكي يعيش الإنسان مع المسيح لابد أن يكون لديه ثلاثة مقومات هامة جداً:
١- لابد أن يكون غالب العالم .
٢- لابد أن يكون لديه قوة إيمان .
٣- لابد أن يكون لديه إيمان بالحياة الأبدية.
أولا: غالب العالم :
نحن نعيش الآن يا أحبائي في صراع، في صراع ما بين أننا نكون مغلوبين لأنفسنا والعالم أم غالبين أنفسنا وغالبين العالم، وفي الحقيقة لن تستقيم حياتنا مع الله أبدا طالما نحن مغلوبين لأنفسنا وللعالم، لأن الكتاب المقدس واضح جداً عندما يقول "لا تحبوا العالم"، ولأنه لا يصح أن نجمع بين الإثنين، ولأن الإنسان عندما يكون مغلوب لنفسه ومغلوب للعالم تكون الحياة الروحية والحياة مع الله بالنسبة له من باب الأوهام، وهم بمعنى أنه من الممكن أن يسمع عظة، من الممكن أن يحضر الكنيسة، من الممكن يقول لك إلى هنا وكفى من أجل ظروفي، ما هي ظروفك هذه؟! في الحقيقة هو مغلوب من نفسه ومغلوب من العالم، لكي نبدأ أول نقطة في حياتنا مع المسيح بطريقة صحيحة لابد أن نغلب أنفسنا ونغلب العالم كيف أغلب نفسي؟ بمعنى أن يكون المسيح أهم مني، كيف أغلب نفسي؟ بمعنى أنه في بداية أول قرار في اليوم أنني عندما أستيقظ أصلي هذا أول قرار في اليوم، هذه أول بداية، بهذا بدأت أعرف ما معنى أن أغلب نفسي، هذا قرار الاستيقاظ، قرار الصلاة، يأتي يوم الجمعة أقرر أنني صائم، يقال لك نعم ولكن لا تبالي، فتقول لا بل أنا صائم، أبدا لابد أن أغلب نفسي، يوم بعد يوم بعد يوم يتكون لديك فكرة أنك غالب، والذي يغلب نفسه يعرف أن يغلب العالم، هيا نأخذ تدريب كيف نغلب أنفسنا، هذه النفس تريد الكسل، تريد الشهوة، تريد الأرض، تريد الذات، تريد السلطة، تريد المال، هذه رغبات الإنسان الطبيعية، لكي أعيش مع المسيح لابد أن أغلب نفسي، مثلما قال معلمنا بولس "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في"، الخطوة الأولى يا أحبائي هي أننا نحتاج أن نتمسك بإلهنا ونطلبها منه كثيراً أقول له أعطني غلبة على نفسي، الذي يغلب نفسه يعرف أن يغلب العالم، العالم يصبح صغير بالنسبة له، لكن يا سرجيوس أنت ضابط، أنت الكل يحترمك، هل يوجد مثلك؟!، يقول لك لا فهذا الكلام كله باطلا أمام حياتي للمسيح، المسيح أغلى بكثير.
فماذا يا أحبائي لو نضع أنفسنا في اختبارات فعلية كم هي كرامة المسيح في حياتي الفعلية؟!، ماذا يا أحبائي إذا قمنا بقياس أنفسنا هل أنا أخضع إلى الوصية أم أخضع لنفسي، من إلهي؟، من ناموسي؟، من سيدي؟، من الذي اجتهد أن أخضع له؟، غلبوا أنفسهم وغلبوا العالم، غالبين العالم، الإنسان يا أحبائي الذي يغلب العالم يكون العالم بالنسبة له صغير جداً، صغير جداً، شاهد أنت مباهج العالم كيف تخضع لها الشعوب، شاهد الإنسان يشتهي ....، ....، .... إلخ، الإنسان الذي يعيش في المسيح يا أحبائي يشبع، الإنسان الذي يعيش في المسيح تختلف أولوياته وتتبدل، كما قال القديس أوغسطينوس "من أمتلكك شبعت كل رغباته" لماذا كل الوقت تريد ....، ....، .... إلخ، ولماذا طوال الوقت غير سعيد، غير فرحان، غير راضي، بالطبع تجد الإنسان يدخل في موجة اكتئاب، وتجده دائما مزاجه ليس على ما يرام، لأنه في الحقيقة هو يحاول أن يشبع ذاته ويلذذها لكن هو يجري خلف سراب، لماذا؟ لأنها لن تشبع، لن يأتي عليها وقت وتقول هذا يكفي، فإذا قمنا بإستبدال عمل شخص بعمل آخر يأخذ فيه راتب أكثر بعشر مرات ستجده أيضا غير سعيد، لماذا؟ لأنه عندما تكثر الخيرات يكثر الذين يأكلونها، لأن الفكرة ليست في كم راتبك، ليست في كم دخلك، لكن بماذا في قلبك، فكرك، وتوجهاتك، وهذا الأهم والأصعب، تريد أن تجاهد بالفعل جاهد أنك تكون غالب لنفسك.
ثانياً: قوة إيمان :
الغالب نفسه وغالب العالم يستطيع أن يقول أنا أتبع سيدي وإلهي وربي ومخلصي يسوع المسيح، ولكنهم سيفعلون فيك عذابات كثيرة، نعم سيفعلون في هذا وحتى إذا فعلوا في أكثر من ذلك لأن كما ذكرنا في النقطة الأولى أنا غالب نفسي وغالب العالم يفعلوا ما يفعلوه لكن المسيح أهم، قوة الإيمان، يقول لك على الآباء الرسل "وكانوا يؤدون الشهادة بكل مجاهرة" بكل مجاهرة، انتبهوا ألا يشعر أحد مننا في يوم من الأيام أنه لا يستطيع أن يجاهر بأنه مسيحي، لا يستطيع أن يعرف الجميع أنه مسيحي، لا يستطيع أن يقول اسمه، لا أرجوك قل لنفسك هكذا أنا كل الصفات في يمكن أن تكون رديئة إلا إنني مسيحي، كل صفة في من الممكن أن يكون فيها ضعفات لكن نقطة القوة الوحيدة التي في أن اسم ربنا يسوع المسيح دعي علي، قوة، مجاهرة، ذهبوا وقالوا للملك نحن مسيحيين، قوة إيمان، كما قال معلمنا بولس "لأني عالم بمن آمنت"، أنا أعرف، أنا أعرف بمن آمنت، لذلك الكنيسة دائما تحب أن تتلو قانون الإيمان، وكلنا نقول معا "بالحقيقة نؤمن"، ما هذا؟! نحن نعلن إيماننا، نجاهر بإيماننا، نفرح بإعلان إيماننا، نفخر بإعلان إيماننا، هكذا هو المسيح يا أحبائي، الذي يتبع المسيح يا أحبائي يشبع ويفرح ويكتفي، فسر قوة الإنسان في المسيح يسوع.
ثالثاً: إيمان بالحياة الأبدية :
فأنا لماذا أكون غلبت نفسي؟، لماذا أنا أجاهر بالإيمان؟، هل لأني إنسان بائع نفسي وبائع عمري؟! لا أنا أعرف لماذا أنا أفعل هذا، لماذا؟ من أجل الحياة الأبدية، من أجل الميراث الأبدي، لأن أنا أنظر إلي أشياء أعلى بكثير من الأرض، لأن أنا أعرف "إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا بناء في السماء"، إيمان بالأبدية، كم نفكر في الأبدية؟، وكم نحن مهتمين بها؟، وأحاول وأجتهد أن أعرف مكاني هناك ما هو شكله؟، ولما اسعى؟، هذا الكلام لابد أن تفكر فيه كثيراً لأن تفكيرك في الأبدية سوف يحميك من أشياء كثيرة وأنت هنا على الأرض، سوف يهون عليك زمان الغربة، سوف يهون عليك أتعاب الحياة، سوف يجعلك تدوس بغنى، لست مقهور، مغلوب، محروم، متضايق لا بل انت من داخلك مقتنع بما تفعله، لماذا؟ من أجل الحياة الأبدية، أنك لك مكان، لك ميراث، لك سماء، لك أفراح تنتظرك، يوجد مشهد أسفل صعب جداً منظر الموت ومنظر الدم، نحن جميعاً تأثرنا على استشهاد أبونا سمعان الذي ذبح بشكل صعب جداً وقاسي، لكن انتبه هذا المنظر الذي أسفل لكن هناك منظر آخر سماوي لابد أن تكون أعيننا وقلبنا وثقتنا فيه، أنه على قدر قسوة المنظر الذي أسفل على قدر مجد و فرح وبهاء بالمنظر السماوي، واخس وسرجيوس ومئات الألوف من الشهداء، هذا المنظر إذا رأيته مشهد موجع للقلب، تقابلت معه فتاة في الطريق أشفقت عليه وظلت تبكي، وأسقته ماء، قال لها لا تبكي، اذهبي إلى هذا المكان الأمامي عند الميدان لكي عندما استشهد حاولي أن تأخذي جسدي، فهي أشفقت عليه والدم يسيل منه فأحضرت جزة صوف من حيوان وأخذت الدم في جزة الصوف، لم يهون عليها أن نقطة دم الشهيد تنزل على الأرض لأنه قيمة غالية، المنظر قاسي نعم لكن قم وشاهد المنظر السماوي ماذا يكون؟ المشهد السماوي يا أحبائي أن له مجد في السماء، له كرامة في السماء، و كل هذا المشهد القاسي الذي أسفل يهون لأنه ليس هو هذا المشهد الحقيقي، لكن المشهد الحقيقي هو مشهد الإكليل، المشهد الحقيقي هو انقضاء هذا الزمان الزائل، وانقضاء زمن الغربة على الأرض، وانقضاء الحياة الزمنية، لكن يفتح باب طاقة الحياة الأبدية، يفتح باب الحياة الجديدة، الجسد الجديد الممجد، هل يوجد لدينا إيمان بهذا الكلام أم لا؟.
لذلك يا أحبائي نجد جهادنا ضعيف، ضعيف جداً، وتجدنا بخلاء جداً لماذا؟ لأني أنا لا أعرف ما الذي سوف آخذه في النهاية؟، فلماذا أتعب؟، مثلما يعطوا لشخص راتب قليل فيقول لك أنا أعمل على قدر نقودهم، بمعنى أنه يتكاسل عن العمل، بينما هو يستطيع أن يعمل أكثر، يقول لك نعم بالطبع لكن إذا الرواتب أصبحت غير ذلك، فأنا أعرف وأستطيع.
نحن أيضا يا أحبائي إذا كان لدينا إيمان بالمكافأة، إيمان الحياة الأبدية، إيمان بالميراث الذي لنا قال لك "رثوا الملك المعد لكم قبل تأسيس العالم"، إذا كان لدينا إيمان بمكانتنا فوق في السماء أننا نحافظ عليها سوف يهون علينا أمور كثيرة، لذلك يا أحبائي هيا نعيش هؤلاء الثلاثة خطوات :
١- هيا نغلب أنفسنا والعالم، احذر أن تغلبك نفسك، احذر أن يذلك العالم أو يهينك، احذر أن تكون خاضع للعالم لا بل قل مع معلمنا بولس الرسول "العالم مصلوب لي وأنا للعالم" بمعنى أنه ليس يجذبني ولست أنا منجذب له.
٢- قوة الإيمان، أغلى نعمة فيك إيمانك بربنا يسوع المسيح، أجمل نعمة فيك إيمانك بربنا يسوع المسيح.
٣- إيمانك بالأبدية، أنني لن أعيش من أجل الأرض وهذا الزمن زائل، وأنا أتعشم أن يكون لي مكان في السماء، وأثق أن الله يجهز لي مكان في السماء لأنني ابنه، وقال "حيث أكون أنا هناك يكون خادمي"
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .
الكنيسة والقديسين الجمعة الاولي من أبيب
بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .
اليوم والغد يا أحبائي تحتفل الكنيسة برموز عظيمة من آبائنا القديسين، فاليوم تذكار نياحة القديس العظيم الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وتذكار استشهاد القديس أغناطيوس الأنطاكي، وغداً نحتفل بعيد الأنبا بيشوي الرجل البار الكامل حبيب مخلصنا الصالح ونعيد أيضًا للقديس العظيم الأنبا كاراس .
كنيستنا يا أحبائي كنيسة قداسة، كنيسة قديسين عاشروا المسيح وأحبوه بصدق ليس مجرد كلام، لكن تركوا إلينا خطواتهم لكي ننظر إلى نهاية سيرتهم ونتمثل بإيمانهم، لذلك أود أن أقول لكم ثلاث نقاط صغيرة لكي ترى القداسة وهم:
١- مقابلة عشق بعشق.
٢- تطبيق عملي للإنجيل.
٣- علامات على الطريق.
أولا : مقابلة عشق ببعشق :-
القديس يوحنا سابا أو يقولون عليه الشيخ الروحاني يقول لك: "أولئك يا رب الذين أشرقت عليهم بشعاع من حبك لم يحتملوا السكنى بين الناس بل تركوا كل شيء وسعوا خلف الغني بحبه ساعة ما أدركوا مقدار محبته في قلبهم ما صبروا أن يبقوا في أفراح العالم لحظة واحدة". ساعه ما أدركوا مقدار محبته في قلوبهم ما صبروا أن يبقوا في أفراح العالم لحظة واحدة، أي أنهم تركوا الأب والأهل والأخوة والأصدقاء وصاروا يسعون في طريق الأتعاب بلا شبع يسرعون في حمل فضائلهم، الله أشرق عليهم بشعاع من حبه هم أيضا قاموا بمبادلة الحب بحب، فلم يحتملوا السكنى بين الناس، فهم يريدوا أن يبقى معهم بمفردهم.
هذه هي القداسة يا أحبائي، الأنبا شنودة رئيس المتوحدين طفل صغير، أرسله والده وهو صغير ليعمل في القطيع الذي يمتلكه خاله، والأنبا بيجول رجل تقي، يجعل الطفل الصغير يعمل معه، يقول أن الطفل كان يتصدق بطعامه على الرعاة منذ أن كان طفل صغير، ووالده لاحظ أن الطفل شنودة يعود إلى منزله في وقت متأخر، فذهب إلى خال الطفل الأنبا بيجول وقال له أنا أرسلت إليك الطفل الصغير فهو صبي صغير يعود إلي الساعة العاشرة مساءاً والساعة التاسعة مساءاً تمهل قليلاً على الطفل، لماذا تجعله يعمل لهذا الوقت المتأخر؟!، فأجابه لا، أنا لم أستبقيه لوقت متأخر، فهو يعمل بالكثير إلى الساعة الرابعة وأقول له تفضل بالذهاب إلى المنزل الساعة الثالثة أو الرابعة فهو طفل صغير، قال له لكنه لا يأتي الساعة الثالثة ولا الرابعة ولا الخامسة ولا حتى الساعة السادسة فهو يأتي بعد الساعة التاسعة فقال له كيف؟!، فقاموا بمراقبة الطفل وجدوا الطفل بمجرد أن يقول له خاله إذهب إلى المنزل الولد يذهب إلى كهف بعيد قليلاً يدخل ليصلي ولا يشعر بالوقت بالرغم أنه طفل صغير، وعندما كانوا يقوموا بمراقبته يقول لك وجدوا وجهه مضيء ووجدوا شعاع نار يخرج من أصابعه وهو طفل صغير، أولئك يارب الذين أشرقت عليهم بشعاع من حبك لم يحتملوا السكنى بين الناس، "شعاع من الحب".
ما هي حياة القداسة يا أحبائي؟! أبحث عن ماذا أعطاني الرب، وما المفترض أن أعطيه أنا، أنظر مقدار محبة الله لنا، من المفترض أنا أحبه إلى أي حد؟!، الحب يغير، مقابلة عشق بعشق، كان أبونا بيشوي كامل يقول لك من أجمل المناظر التي أراها هي قبر القديسة دميانة، الذي يقع في البراري، يقول لك أن فوق منه يوجد مذبح، فالمسيح مذبوح من أجل دميانة، ودميانة مذبوحة من أجل المسيح.
هكذا يا أحبائي كل شخص فينا، المسيح أحبنا، ذبح من أجلنا، ونحن أيضا يكون لدينا استعداد أن نذبح من أجله أو نحيا من أجله، من أجلك نمات كل النهار، هذه يا أحبائي حياة القداسة، مقابلة عشق بعشق، حب بحب فهي مبادلة، من أخطر الأشياء يا أحبائي أن الإنسان يكون بليد في محبته لله، لأنه غير مدرك ماذا فعل الله معه؟، وبلادة الحب تأتي بالكسل، وتأتي بانفصال في تنفيذ الوصية، وتجعل الصوم ثقيل، وتجعل الصلاة تكاد أن تكون معدومة بلادة الحب، فأين الحل؟! أدرك محبة الله في داخلك.
"ساعة ما أدركوا مقدار محبته في قلبهم ما صبروا أن يبقوا في أفراح العالم لحظة واحدة " .
إدراك محبة الله، ترك كل شيء، لماذا؟ لأنه وجد الجوهرة الغالية الكثيرة الثمن، وجد الكنز المخفي الذي يقول لك مضى وباع كل شيء لكي يقتنيه، هذا يا أحبائي جمال الحياة مع الله، اكتشف محبة الله لك، اكتشف فدائه، خلاصه، محبته، غفرانه، تجسده، صليبه، كل هذا من أجلي ومن أجلك، يالها من سعادة للشخص الذي شعر بمقدار محبة الله له، يا لسعادة الشخص الذي محبة الله ثابتة في داخله لا تتغير ولا تتشوه حسب الظروف. "ونحن بعد خطاه مات المسيح لأجلنا" البار من أجل الآثمة.
ثانياً : وصية عملية :-
الإنجيل يكون عملي، الإنجيل يا أحبائي لم يعطى لنا لمجرد المعرفة، لا بل الإنجيل للحياة، الإنجيل يا أحبائي لا لنعرف آيات ونقوم بحفظها ونعتبر أنفسنا أشخاص متفوقين في الإنجيل، الإنجيل ليغير حياتنا، هذا هدف الإنجيل، وهدف أي قراءة، أي دراسة في الإنجيل ليست للمعرفة فقط ولكن لتغيير الحياة، فهم أطاعوا الأنجيل، مثلما قال معلمنا بولس الرسول "شكراً لله لأنكم أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها"، أطع من قلبك التعليم الذي يقال لك، كثيراً ما نسمع يا أحبائي لكن عند التنفيذ تجد حواجز كثيرة جدا جدا، وكثيراً جدا لا تكون لدينا رغبة في التغيير، نسمع ولكن نريد أن نظل كما نحن، ونري نماذج والكنيسة تعطي لنا نماذج لكن تجد نفسك تنظر إلى الخلف، ولا تريد أن تتغير يقول لك لا كن حذر.
القديس أغناطيوس الأنطاكي قديس اليوم هو الذي صار أسقف بعد معلمنا بطرس، هناك عصر معروف باسم عصر الآباء الرسوليين، من هم الآباء الرسوليين؟ هم الذين خلفوا الرسل مباشرة، مثل بوليكاربوس، أغناطيوس، هؤلاء الذين جاءوا بعد الرسل مباشرة، الملك وجد أن كرازته تتسع والكثير من الناس تدخل الإيمان، فقام بأغوائه وأغرائه، لكن دون جدوى، فأرسله لروما لكي يستشهد، وبالطبع شعبه كله كان يبكي فهو كان أسقف لم يكن رجل من عامة الشعب، فكروا أن يفعلوا شئ مثلما نحن بعقلنا البشري نريد أن نحل مشكلة، قالوا نعطي رشوة للجنود لكي يتركوه، فذهبوا بالفعل للتفاوض معهم عن النقود، والجنود لديهم استعداد أن يفعلوا أشياء مثل هذه من أيام السيد المسيح عندما أعطوهم رشوة لكي يقولوا أنهم أتوا ليلا وسرقوه، فموضوع الرشوة للحراس وللجنود كان معروف جدا، فقالوا نعطي الجنود رشوة لكي يطلقوا لنا القديس أغناطيوس، والقديس أغناطيوس علم بذلك، فمن المفترض بفكرنا البشري يكون سعيد ويقول أنظروا أولادي يريدوا أن ينقذوني، شكرا لهم كثيرا، ويصلي للرب لكي يتمم الموضوع ويخرج، ولكنه في الحقيقة غضب وقال لهم : "لا تصنعوا بي شفقة في غير موضعها، وأتركوني لأطحن، أتركوني لأنياب الوحوش، أريد أن أقدم خبز لله". يقول لك وأما أغناطيوس فكان متعطشا للاستشهاد، ما هذا الكلام؟ كان متعطشا للاستشهاد!، ويقول لك وهو مقيد وسائر في الموكب كان يقبل السلاسل، ما هذا يا أحبائي؟!، وصية عملية، مقابلة حب بحب، يعيش الأنجيل، ستجد الوصية ليست لمجرد المعرفة أو للذة العقلية أو للافتخار لا فهي للحياة.
لذلك يا أحبائي في هذه الأيام الكنيسة مثل الأم التي تعطي ابنها وجبة ضخمة جدا، تقول له "كل" أو مثل الولد الكسلان الذي يمسكوا يده ويجعلوه يجري، أو الولد الذي لا يفهم شيء يقول له تعال سوف أعطيك درس مخصوص تعالى وتعلم، ردد، هذه سير القديسين الموضوعة لنا يا أحبائي، لكي تقول لنا الكنيسة "انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم" كنيستك غنية، تعطيك نماذج حية، طفل صغير صار أب ورئيس جماعة الرهبان، قالوا لخاله الأنبا بيجول صلي له، قال لا هذا الولد هو الذي يضع يده علي، ليس أنا الذي أضع يدي عليه، وأمسك بيد شنودة وهو طفل صغير ووضعها على رأسه، قال له أنت ستصبح رئيس للمتوحدين وستصبح أب ومدبر لجماعة كبيرة من الرهبان، وبالفعل بنى أثنين من الأديرة، وكل دير يوجد به في المتوسط ألفين راهب، يقودهم ويعلمهم ويرشدهم لقد صار بركة كبيرة.
القديس أغناطيوس الأسقف والشهيد يترك نموذج لأبنائه حيث قال من الممكن وأنا حي ومتواجد مع أبنائي ألا يستفادوا مني، لكن من الممكن أن يستفادوا بموتي، من الممكن عندما يروني وأنا أقبل الاستشهاد بفرح أن حياتهم تتغير أكثر من العظات.
هذه يا أحبائي عظمة القديسين في كنيستنا، إنجيل عملي، لذلك لا توجد فضيلة تشتاق إليها، ويكون من الصعب عليك تنفيذها إلا ما تجد لها تطبيق عملي، "إذا أردت أن تكون كاملا إذهب بع كل أموالك وأعطيه للفقراء وتعالي أتبعني" وصية صعبة جداً، وأريد أن أفهمها وأن أشرحها وأن أعرف كيف أنفذها تجد الأنبا أنطونيوس، "ينبغي أن يصلى كل حين" كيف؟! تجد الأنبا بيشوي يشرحها، كيف يشرحها؟ فأنت تعلم ماذا كان يفعل لكي يصلي وجميعنا نعلم ورأينا الحبل النازل من قلايته، عندما يقول لك "أعطوا تعطوا" عندما يحدثك عن الرحمة تجد الأنبا إبرآم، عندما يقول لك "لم يحبوا حياتهم حتى الموت" وعندما يقول لك "عذبوا ولم يقبلوا النجاة"، يوجد ألوف من الشهداء وعلى رأسهم أميرهم القديس والشهيد مار جرجس ما هذا؟! كل وصية لديها التطبيق العملي لها، لذلك يقال أن أجمل شرح للآية هم القديسين، إنجيلنا مشروح بالقديسين ومعاش بالقديسين، "مشروح ومعاش".
ثالثاً : علامات علي الطريق :-
خطوات على الطريق أنا رأيت الآن أنهم يقابلوا عشق بعشق، وأعلم أنهم يقوموا بتطبيق ما جاء بالإنجيل، فأين أنا؟، أين نفسي، لابد أن أضع نفسي في الموضوع، ولكني يا رب بعيد جدا جدا، هذا الكلام صعب علي جدا، يقول لك أبدأ بداية صغيرة، بداية صغيرة جدا، بدلا من أنك بعيد عن الصلاة تماما أبدأ بالصلاة حتى وإن كان قليلاً، بدلا من أنك بعيد عن العطاء جداً وتعيش في أنانية نفسك، لا أبدأ اجتهد أنك تقوم بتجربة بركة العطاء، بدلاً من أنك تعيش للعالم وأفراحه وملذاته أبدأ أعرف كيف تعيش للمسيح، حتى ولو بمقدار بسيط والله يعطيك أن تذوق من حلاوته، علامات على الطريق، يقول لك تعالى سر خلفي، أنظر ماذا فعلت أنا، أنظر أنا كم تعرضت لضغوط، كم تعرضت لعذابات ولتهديدات ولإغراءات لكن كل هذه كانت بالنسبة لي لا شيء، لماذا؟! لأني كان هناك شيء أمام عيني هذا الذي يشغلني، هو الذي آخذ قلبي، آخذ فكري، فأصبحت هذه الأشياء لا تؤثر في، ولا تغير في قلبي كثير، ما هذا؟! هذا عمل المسيح يا أحبائي، وهذا هو جمال عمل المسيح في كنيسته، في أولاده، اجتهد اجتهد أن يكونوا هؤلاء ليسوا مجرد قديسين عاشوا فترة وقد انتهت حياتهم، لا، فحياتهم باقية.
لذلك الكنيسة تصنع لهم تذكارات باستمرار، لماذا هذه التذكارات، هي لنا يا أحبائي، لماذا تقرأ لنا الكنيسة السنكسار؟ لكي تقول لنا هيا أكملوه، فهو لا زال مفتوح ونحن نرى يا أحبائي في كل جيل أن الله يختار أشخاص أمناء يصبحون سنكسار مفتوح، والسنكسار لا ينتهي. ما هذا الموضوع؟! إن كل واحد منا مدعو لأن:
١- يقابل عشق بعشق.
٢- يكون إنجيل عملي.
٣- أن يكونوا علامات على الطريق.
تريد أن تسأل نفسك أين أنت؟ إذهب خلفهم، تريد أن تتشجع إذهب خلفهم، تريد أن تتعزى إذهب خلفهم، لذلك يا أحبائي ليس فقط نتشفع بالقديسين لكي يقوموا بعمل بعض الطلبات مثل النجاح، العمل، السفر للخارج، الزواج، لا فأنا أريد أن أقول له علمني الصلاة، علمني الجهاد، أفطمني من العالم، أفطمني من نفسي، أعطني شجاعة الاعتراف بك، فرحني بك، حببني فيك، حاول ألا تكون سير القديسين لمجرد أنك تستخدمهم في قضاء أمور أرضية أو زمنية، لا فهم موجودين لأمر أكبر من ذلك بكثير، إنهم يقولوا لك هيا تعالى خلفنا، لذلك الكنيسة تتزين بالقديسين وتجدهم موضوعين أمامك، لكي يقولوا لك هيا تعالى خلفنا، لماذا أنت جالس هكذا ولماذا هذا الكسل؟، فالكنيسة يا أحبائي تزين لنا بالقديسين، لكي يكونوا هم فرحتنا وبهجتنا.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
طريق القداسة
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين ، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
تعيد الكنيسة يا أحبائي اليوم باستشهاد التسعة والأربعون شهيد شيوخ شيهيت، وأيضا تعيد الكنيسة اليوم بنياحة قديسة عظيمة اسمها القديسة أنسطاسيا، وفي الحقيقة من روعة كنيستنا انك تجد كل يوم قديسين تحتفل بهم الكنيسة، لأن الكنيسة تريد أن تقول لنا طريقكم هو طريق القداسة، وحياتكم حياة قداسة، ومنهجكم منهج قداسة، فسيروا في طريق القداسة.
فعندما تأتي لترى هؤلاء التسعة والأربعين شهيد تجد البربر قادمين، فكان يوجد في الدير حصن من أجل هجمات البربر هذه، فهي تكون كثيرة جداً. لأن هؤلاء البربر هم أشخاص لا يريدون أن يشاركهم أحد في سكنى البراري لكي يقوموا بالسرقة والنهب ويفعلوا ما يريدونه، يبتاعوا أي شيء مثلاً عبيد، فهم عملهم كله قائم على الغش وعلى القسوة وعلى القتل وعلى السرقة، فتجمعات الرهبان كانت تسبب لهم قلق، ولكي يتقي الرهبان شرهم فكانوا يصنعوا لأنفسهم حصون، ومن المؤكد أن حضراتكم رأيتم الحصون في الأديرة، يوجد في كل دير خصوصًا برية شيهيت تجد حصن، رئيس الدير شيخ البرية قال لهم هناك غزوة بربر قادمه الذي يريد أن ينتظر ليستشهد فلينتظر، والذي يريد أن يدخل الحصن ليدخل، فالتسعة والأربعين ظلوا موجودين وهذا رقم ليس بقليل ومعظمهم من كبار السن فهم شيوخ، فجاء البربر بالهجوم وجدوا هؤلاء فقاموا بذبحهم كلهم، وكان الملك ثيؤدسيوس قد أرسل وزير ليستشير رهبان الدير، ويقول لهم لقد تقدمت في العمر ولم أنجب أطفال، فهل أقوم بمحاولة زواج أخرى وأتزوج وأنجب أم لا؟ أنظر إلى أي درجة هذا الرجل يحب أن يستشير رجال الله، فهو قد آخذ نصيحة قبل ذلك من شيوخ الدير قالوا له لا، لا تفعل هذا، فأرسل إليهم ثانية ليسأل فظلوا يصلون، فآتي إليهم صوت من الرهبان الذين كانوا قبلهم، قالوا لهم ما سبق أن تحدثنا به نتحدث به، بمعنى نفس الكلام الذي تحدثنا به قبل ذلك فلا تحاول، فقد وصلت الرسالة، المهم أن هذا الوزير في أثناء وجوده حدث هذا الهجوم وابنه طفل صغير رأى استشهاد التسعة والأربعون شهيد، لكنه رأى منظر جميل جداً، رأى أن كل شخص يستشهد يأتي إليه الملاك ويلبسه إكليل، فأنبهر الطفل وقال لوالده يا أبي أنا أريد أن أذهب لآخذ أكليل مثلهم، فالطفل وصف لوالده منظر هو يراه، فالأب أيضا تحمس لهذا الأمر، وذهب واستشهد معه، هذه هي محبة ربنا، تدفعنا إلى الموت من أجله.
أيضاً القديسة أنسطاسيا فتاة شابة جميلة، والديها أثرياء في مدينة القسطنطينية، الملك كان متزوج لكنه أعجب بجمالها وأراد أن يتزوجها، فهي لا تعلم ماذا تفعل؟!، لا تعلم كيف ترفض؟، لأنه الملك، فذهبت واستشارت الملكة التي هي زوجة الملك الذي يريد أن يتزوجها، قالت لها الملكة سوف أهربك، فهربتها إلى مصر، وأتت من القسطنطينية إلى مصر، وترهبت في مكان، ولأن الملك كان يطاردها، ظل يبحث عنها، فقامت بالاستئذان من أب قديس اسمه الأب دانيال أب برية شيهيت، أن تقوم بتغيير ملابسها إلى زي الرجال، وأصبح اسمها أنسطاسي، وظلت ثمانية وعشرون عاماً لا يعلم أحد شيء عن سرها، وأي استشارة لها مع الأنبا دانيال كانت تكتبها على قطعه من الحجارة أو قطعة رخام صغيرة تكتب له الأشياء التي كانت تريد أن تأخذ فيها المشورة، إلي أن تنيحت وأظهر الله قصتها وكرامتها.
"طريق القداسة" أحبائي طريقنا كلنا، يريد عزيمة، يريد رغبة، يريد جدية، أنا سأقوم بوصف هذا الموضوع في ستة كلمات صغيرة جداً، كل أثنين مع بعضهما البعض:-
أولا : حب وعشرة.
ثانيا : جدية واستمرار.
ثالثا : تعزية ومكافأة.
أولا : حب وعشرة :-
جميع القديسين ستجد محبتهم لله محبة شديدة، أوصف لك ما معنى المحبة، أشياء منجذب لها جدا، مثل الذي يحب النقود، تجده مشدود للنقود جداً، ينجذب إلى سيرتها، ينجذب إلى منظرها ، ينجذب إلى تعدادها، ينجذب لاقتنائها، يحبها، حب تعني جاذبية قلب، هكذا محبتنا إلى الله يا أحبائي لابد أن تكون قلوبنا منجذبة لله، بمجرد أن تسمع كلمة عنه تصبح مشدود، عندما تحضر القداس يكون قلبك متطلع إلى فوق، تقرأ الأنجيل تكون في شغف أنك تسمع كلمته، وتكون لحظة الصلاة من أجمل لحظات يومك، سوف أصلي، سوف أتقابل معه، عريس نفسي، هذا يا أحبائي طريق القداسة يبدأ بالحب، وأي عمل في طريق القداسة بدون حب يكون عمل مائت، الصلاة بدون حب تكون روتين، الاستشهاد بدون حب إلى الله يكون اسمه انتحار، هؤلاء التسعة والأربعين شهيد إذا لم يوجد بداخلهم رصيد محبة لله وقالوا نعم نموت فيكونوا لا يتحملون معيشتهم لكن بحب إلى الله صاروا شهداء، محبة إلى الله.
تريد أن تبدأ طريق القداسة وتكون جاد مع الله قم بزيادة رصيد الحب، كيف يزيد رصيد الحب؟ أنظر إلى أي درجة تنجذب إلى صفات الشخص، دائما الشخص ينجذب للأشياء التي تعطي له، التي تحبه، ودائما الشخص ينجذب إلي الشخص الذي يحبه، عندما تتأمل عطايا الله لك، وغفران الله لك، وستر الله عليك، ومحبة الله لك، وصليب ربنا لأجلك، هذا الكلام كله يحرك المشاعر البليدة، لذلك كان أبونا بيشوي كامل يعطي تدريب كثير، ويقول لك أنظر إلي يسوع المصلوب أنظر له كثيراً، لماذا تنظر إليه؟! لكي تتحرك بلادة القلب التي داخلنا وفتور الحب الذي داخلنا، القلب القاسي يلين، والبعيد يقرب، الحب الذي داخلك، لذلك أول أمر هو حب، الحب يأتي بالعشرة، تحلو معه العشرة، تجد هؤلاء القديسين لهم عشرة جميلة مع ربنا يسوع المسيح. ماذا تعني عشرة؟ تعني اختبارات، مذاقة، تداخل، أسرار متبادلة، هذه هي العشرة، العشرة تعني أمان العشرة تعني وحدة، العشرة تعني ألفة، هل من الممكن أن يكون بيننا وبين الله هذه العشرة؟ نعم، معه تحلو العشرة، لابد أن يكون بينا وبين ربنا عشرة يا أحبائي، عشرة تعني جربته كثير، طلبته كثير، وكلمته كثير، وكلمني كثير، ورد علي كثير، وطلبت منه أشياء أخرى، وفعل أشياء ولم يفعل أشياء أخرى، وأدركت لماذا لم يفعل هذه الأشياء لأنه عشرة، لابد يا أحبائي أن يكون بيننا وبين ربنا عشرة، لابد أن يكون بينا وبين ربنا علاقة عميقة، وأنت تسير، تجلس، نائم، تأكل. يوجد عشرة، تشعر أنه رفيقك، تتبعه، لا تفعل شيء إلا وتشعر أن الله معك، تسير في الشارع وتشعر بأنه معك، لا تنام إلا وتشعر أنه معك، تستيقظ وتشعر أنه معك، عشرة ربنا يا أحبائي ليست للحظة - لا -الحياة مع الله اللحظية التي تتكون بالأوقات عندها لا تبني عشرة، يقول علي القديسة أنسطاسيا عندما جلست في المغارة ظلت ثمانية وعشرون عاماً في المغارة، عشرة، يوجد عشرة، يوجد علاقة حب متبادلة، بعد ذلك ماذا يحدث؟ الحب والعشرة بما يأتون بعدهم؟!، عندما يوجد حب وعشرة ستجد جهاد وأمانة وتعب واستمرار، حب وعشرة يوجد تعب، التعب مع الله يا أحبائي تعب لذيذ، لماذا لذيذ؟ لأن يوجد فيه حب، الأصوام مع ربنا لذيذة لأن يوجد فيها حب وعشرة وقفات الصلاة الطويلة لذيذة لأنه يوجد حب وعشرة، الحديث مع ربنا، الجهاد من أجله، السجود من أجله، الخضوع لربنا.
ثانيا : الجدية والأستمرار :-
كلما يوجد حب وعشرة ستجد الحياة جدية، لذلك يا أحبائي أحيانا كثيرة تقول لماذا لا يوجد لدي جدية مع الله؟ أقول لك معذرة فالمشكلة ليست في الجدية، المشكلة فيما قبلها، أن رصيد الحب والعشرة قليل.
يقول لك عن أبونا يعقوب عندما أحب رحيل فوالدها قال له اعمل لدي سبع سنوات وأنا أعطيها لك زوجة، أما والدها فأعطاه ليئة بدلاً من راحيل، قال له لكن هذا لم يكن اتفاقنا من البداية أنا أريد راحيل، قال له قم بخدمتي بها سبع سنين أخرى، لقد عمل أربعة عشر عاماً، لكن الكتاب يقول لنا كلمة جميلة يقول: "وهو حسبها كأيام قليلة بسبب كثرة حبه لها"، أربعة عشر عاماً من العبودية لدى لبان، يقول لك حسبها أيام قليلة بسبب كثرة حبها لها، كلما يتعب يعقوب قليلاً وكلما لبان يضغط عليه يقول لك أنه قام بتغيير أجرته عشر مرات، كلما يضغط عليه لبان، وبمجرد شعور أبونا يعقوب بالتعب يقول أنا أترك هذا الرجل الذي هو لبان ولكن بمجرد أن يتذكر راحيل يقول لا فأنا أحتمل من اجل حبي لها، فنحن كذلك يا أحبائي آلام هذا الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد، كلما تشعر بالتعب قليلاً تتذكر المسيح فتقول أن هذا لا شيء، كلما نقدم جهاد نقول ما هذا الذي نقدمه، فأنا كتلة كسل، الكنيسة تقول لي أصوم، سوف أصوم بأقصى طاقة بأكبر قدر ممكن من الجدية والأمانة، فكلما أقول لنفسي كفى هذا الصوم أتذكر كلمة حسبها أيام قليلة بسبب كثرة حبه لها، وهذا الكلام ليس لمجرد لحظات، كن حذراً فجهاد اللحظات هذا جهاد جميل، لكن لا يستمر، الحياة مع الله يا أحبائي ليست حياة للمناسبات، الحياة مع الله ليست حياة أحداث، فمثلاً نسمع عن حادثة الكنيسة البطرسية والتفجيرات التي حدثت في الكنيسة، قلبنا يرتفع كلنا، نخاف كلنا، نحيا مع الله أسبوع أو أكثر نكون ملتزمين وبعدها نعود وننسى، لا الحياة مع الله ليست حياة مناسبات، ليست تحت أحداث، لا إطلاقاً، الرصيد الذي داخلنا لمحبة الله لا يتوقف على مناسبة ولا على حدث، بل بالعكس أنت كل يوم تقول مع معلمنا بولس "أنسى كل ما هو وراء امتد إلى ما هو أمام، أسعى نحو الغرض"، بمعنى أن شخص باستمرار يذهب طول الوقت للأمام، استمرار، الحياة مع ربنا يا أحبائي استمرار وجدية، اليوم البولس الذي قرأ عليك من رسالة العبرانيين يقول لك "لأنكم لم تجاهدوا بعد حتى الدم" بمعنى إلى آخر لحظة، لآخر نفس، جهاد واستمرار، هل الجهاد واستمرار هذا يشعرنا بالملل؟ يقول لك لا، لأنه يوجد به حب وعشرة فلا تشعر بملل، لا يوجد شخص يعيش مع ابنه أو ابنته وهو عمره سنتين أو ثلاثة بعد ذلك أصبح لديه ستة، ثمانية، أثنى عشر، فيشعر بالملل من هذا الابن ويقول أريد أن أغيره، وكل يوم أستيقظ أجد هذا الولد، لا ، يوجد حب عشرة تزيد وتنمو، علاقة فيها حياة، فهي علاقة متجددة، لذلك لا تتعجب عندما تذهب إلي الدير مثلاً أو عندما ترى أشخاص تعيش في القداسة ولديه سبعون سنة أو ثمانون سنة شيخ عجوز، فتقول هذا كبر جداً، فهو يتحرك بصعوبة لكن داخله مقدار من محبة ربنا عجيب، من أين أتت؟ من العشرة، الجهاد، الأمانة، الاستمرار، لا يشفق على نفسه.
الحياة مع ربنا يا أحبائي تريد جهاد وأمانة مستمرة، لكي نعيش في طريق القداسة فلابد أن يكون لدينا أمانة وجهاد مستمر، تعب كل يوم يوجد تعب، لكن يوجد فرح، يوجد تعب نعم لكن يوجد تغيير، يوجد تعب لكن فيه إرضاء لله، وبهذا ندخل على النقطة الأخيرة التي هي تعزية ومكافأة.
ثالثا : التعزية والمكافأة :-
التعزية الآن أما المكافأة فهي سماوية وبعد حين، لكن الآن ستأخذ تعزية، يا أحبائي لايوجد جهاد مع الله إلا وله تعزية، ما معنى تعزية؟ تعني هؤلاء الناس الذين عاشوا مع الله والذين قضوا حياتهم مع الله وتألموا كثير من أجل اسمه، والذين قدموا أصوام وجهادات وأتعاب كثيرة هؤلاء يا أحبائي لم يكونوا مكتئبين، لا فهم كان من داخلهم فرح وتعزية، التعزية هي النعمة البديلة، فمثلاً أنت صائم فبذلك بدأت تحرم جسدك من مجموعة رغبات لديه، فعندما تكون صائم تحرم جسدك من أشياء لكن أخذت نعمة بديلة فهذه التعزية، لكن النعمة البديلة كانت نعمة روحية فأنت منعت نفسك من الأكل لكن أخذت من داخلك فرح وسلام، منعت نفسك من رغبات وشهوات لكن أخذت داخلك روح انتصار، فهذه هي التعزية التي تأخذها في جهادك، لا تعتقد أن هؤلاء الناس القديسين عاشوا طريق جهادهم والاستمرار هذا بدون تعزيات، لا ، فكثير من الأفراح كانت تأتي، وكثيراً ما تنظر إليهم وتجد قلبهم هذا يطفر فرحة من التعزية، هناك تعزية سماوية، لا تعتقد أن الله يبيت مديون لأحد، لا، كل جهاد، وكل أمانة، وكل تعب، له فرحته وله الأجر، هذه هي التعزية، تعزية أرضية لكن يوجد أيضا مكافأة سماوية.
اليوم الإنجيل الذي قرأ علينا في التطويبات، كل تطويب وله مكافأته في نفس السطر، طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض، طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله، طوبي للرحماء لأنهم يرحمون، إذا طردوكم وعيروكم افرحوا لأن أسماءكم مكتوبة في الملكوت، كل أمر وله المكافأة الخاصة به، تقرأ في سفر الرؤيا كل حين يقول لك من يغلب أعطيه حصاة بيضاء، من يغلب أجعله عمودا في هيكل إلهي، من يغلب أعطيه اسما ما هذا؟ هذه المكافأة، يوجد مكافأة سماوية يا أحبائي تنتظرنا، الله يريد أن يعطينا مكافأة، ضع عينك على المكافأة، التي قال عنها معلمنا بولس الرسول من أجل الجعالة، مكافأة، يوجد مكافأة يا أحبائي لأن الله يقول لنا أن كل جهاد وكل تعب وكل قداسة سوف تقدموها ستنالون عنها إكليل سمائي.
قم بقراءة الكتاب المقدس وأنظر وعود الله، أنظر مكافآت الله، فهو يعطي تعزية على الأرض ومكافأة في السماء، عينك على المكافأة لكي تستطيع أن تتعب من أجل ربنا، القديسين كلما كانت المكافأة تثبت في قلوبهم كلما تحملوا أي تعب، اليوم هذا الطفل الصغير الذي رأى شيوخ شيهيت وهم يوضع لهم أكاليل بدأ يندهش ويقول ما هذه الأشياء الجميلة؟، ما هذا النور؟، المشهد كان مشهد قاسي جداً، مشهد سيف ودم، ومشهد غير آدمي، لكن على مقدار ظلام المنظر من دم وموت فهناك منظر آخر من أشخاص نورانية، وتظل تلبس أكاليل، هذا المشهد عكس هذا تماما.
القديسين يا أحبائي الذي جعلهم يعيشوا في طريق القداسة بمنتهى الجدية أن أعينهم أنفتحت على المكافأة، فبدأ يهون عليهم التعب، وبدأوا يتعاملوا مع الله بكثرة، أصبحوا يفعلون الشيء ولا ينتظروا ما يأخذوه الآن، فهم يعلمون أن في نهاية الرحلة يوجد مكافأة، لذلك معلمنا بولس قال لك: "قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان، أخيرا وضع لي أكليل البر" معلمنا بولس يقول هذا الكلام وهو مازال حي في هذه الأرض، بمعنى أن الإكليل لم يوضع بعد، فهو لم يمت، لم يستشهد، لكنه لديه ثقة، فنحن كذلك طالما نحن نثق أن الله سوف يعطينا مكافأة نحن لا نضعف، لذلك يقول: "لأني عالم بمن آمنت وموقن أنا متأكد أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى النفس الأخير".
طريق القداسة يا أحبائي ينبغي فيه هؤلاء الستة كلمات، حب وعشرة، استمرار يتجددوا في القلب، جدد الحب الذي بداخلك، راجع الحب الذي بداخلك، قديس من القديسين يقول: "أنظر إلى الحب الذي بداخلك وأنت ستعرف إلى أي مدينة تنتمي". بمعنى ماذا تحب أنت؟ فعندما تكون تحب أمور أرضية فأنت منتمي للأرض، وعندما تحب أمور سماوية فأنت منتمي للسماء.
١- حب وعشرة.
٢- جهاد وأمانة واستمرار.
٣- تعزية ومكافأة.
سر في الطريق، سر في الطريق وابدأ ولو بأول خطوة، ابدأ وقل له أنا أحتاج حقا أن أنمي محبتي لك يارب، أنا أحتاج أن أدخل في عشرة أكثر جدية معك، أحتاج أن أستمر، وستجد الله يعطيك تعزية ويرد عليك بالمكافأة.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
ما بين الغطاس والتوبة
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته ورحمته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.
تستمر الكنيسة يا أحبائي في احتفالها بعيد الظهور الإلهي واليوم يقال عنه ثاني أيام عيد الغطاس، وكأن عيد الغطاس مستمر لأنه هناك فعل روحي مهم جدا، فالكنيسة تريد تتأكد أن أولادها قبلوه واقتبلوه وتأثروا به وعاشوا فيه، أريد التحدث في ثلاث أمور سريعا :
١- لا يوجد عيد في الكنيسة يا أحبائي يخص المسيح فقط، لايوجد شيء فعله المسيح كان لنفسه، كل ما فعله المسيح كان لأجلنا، فهو عندما تجسد لم يتجسد لنفسه ولكنه تجسد لنا، عندما مات لم يمت لنفسه ولكنه مات لنا، عندما قام لم يقم لنفسه ولكنه قام لنا، وكذلك عندما صعد فهو صعد لنا، عندما أعتمد من يوحنا المعمدان لم يعتمد لنفسه ولكنه اعتمد لنا من يوحنا المعمدان.
كل عيد في الكنيسة يا أحبائي في داخله بركة مخفية لنا، يحملها وينقلها لنا ربنا يسوع المسيح كنائب عنا، كل عيد يحمل بركة مخفية في المسيح يسوع كنائب عنا، فنحن لابد يا أحبائي أن مفهومنا في الأعياد يكون مفهوم قبول نعمة خاصة بي أنا، قبول عطية من الله أراد أن يرسلها لي عن طريق ابنه الحبيب ربنا يسوع المسيح و يعطيها لي، فاليوم هو يعطيني نعمة المعمودية، اليوم هو يأخذ المعمودية من يوحنا المعمدان لكي يقول لي هذه المعمودية ليست معموديتي أنا، هذه معموديتك أنت، لكي يقول لي هذا اليوم بالنسبة لك يوم ممتلئ بالبركات، كن حذر لا تخرج منه فارغ، كنت أتحدث مع مجموعة من الأحباء وأقول لهم أنا أريدكم تتخيلوا أنكم ذهبتم إلي مكان وهذا المكان كان يوزع به شيء فتجد الجميع يحملون أشياء، تقول لأحدهم هذا الشيء من أين اشتريته؟ يجيبك من المكان .... ، فتسأله كم دفعت من النقود؟ فيجيبك لا هذا يوزع، فتسأله هل يوزع على كل الأشخاص؟، هل الكل يأخذ؟ نعم الكل يأخذ، الكل يأخذ، فتقول إذن سوف أدخل لآخذ أنا أيضًا، كذلك نحن يا أحبائي العيد في الكنيسة نعمة، نعمة تعطي للجميع، فلابد أننا عندما نأتي لندخل ندخل بنية أننا نريد أن نأخذ، لكن ماذا نأخذ؟ نأخذ نعمة روحية، الكنيسة يا أحبائي ممتلئة بالبركات، ينبوع بركات، كل عيد يحمل قوة في داخله، ويحمل نعمة في داخله، ويحمل بركة في داخله، لذلك يا أحبائي نحن نحتاج جداً أن نراجع أنفسنا ونقيس أنفسنا ونتأكد هل أنا أخذت بركة هذا العيد أم لا؟، أي عيد يمر عليك، أي مناسبة تمر عليك، اسأل هل أنا اليوم كنت مجرد مشاهد.
لذلك الكنيسه إذا ركزت على ألحانها، عندما تصلى بالروح ستجد أن هناك نعمة تريد أن تنتقل إليك، وهناك مشاعر تريد أن تنتقل إليك، هناك روح تريد أن تنتقل إليك، أنت عليك أن تتقبل هذه النعم، فهذا أول شيء في مفهوم العيد.
٢- ما النعمة التي لي في هذا العيد؟ يجيبك نعمة التوبة، المعمودية التي أعتمدها ربنا يسوع المسيح اسمها معمودية التوبة، عيد الغطاس، عيد الظهور الإلهي، هذا عيد التوبة الذي يغسل من الخطايا، لذلك يقول لك ربنا يسوع المسيح نزل في عمق الأردن ليدفن خطايانا، وبعض الآباء القديسين يقولوا كلمه أخرى لم يقولوا يدفن لكن يقولوا ليغرق خطايانا، بمعنى أنه أغرق خطايانا في الأردن، تعلم عندما يغرق شيء إذن فهو بذلك إنتهى، لذلك فلنبارك الذي أغرق خطايانا في نهر الأردن، خطايانا غرقت في نهر الأردن، مثلما غرق فرعون في البحر الأحمر ونجى بني إسرائيل وعبروا هكذا نحن في عيد الغطاس خطايانا تغرق وننجوا نحن، خطايانا تموت ونحيا نحن.
عيد الغطاس يا أحبائي يجعل الشخص يفكر هل الخطايا التي بداخلي غرقت أم لا؟، ماتت أم لا؟، هل خطايانا مازالت كما هي؟ فلماذا أنا تاركها، الغطاس هذا اغتسال بماء، غسل بماء، غسل بماء الكلمة، الغسل هذا يعني النظافة، الغسل هذا يعني أنه يزيل من الإنسان أي تلوث علق به، هذا هو الاغتسال، هذا هو العيد، هذه نعمة العيد ومفهوم العيد الذي يخص كل واحد فينا بشخصه، يتوب، يسأل نفسه ما الخطايا المتكررة في حياتي؟، ما الخطايا الملتصقة بي؟، ما الخطايا التي لا أستطيع التصرف جهتها؟، ما الخطية المحبوبة؟، ما الخطية التي لها سلطان علي؟، هذا كله يا أحبائي لابد أن يغرق في عيد الغطاس، والذي لابد أن يغرق بنعمة المسيح، أنا لم أقف أشاهد فقط - لا - أقوم بأخذ موقف، أقدم توبة، أصرخ، أقدم ميطانية، أقول يارب قم بتفكيكي، يارب أغرق خطاياي، يارب ارفع عني هذا النير، لا تتركني هكذا، لا تتركني في هذه الحالة، لا تتركني أستمر كثيراً بحالي الضعيف هذا، لا تتركني.
هذا يا أحبائي مفهوم العيد ونعمته وقوته وبركته، أن هناك عطية من الله وتخصني أنا، ولابد أن أكون على علم بها، فمثلاً في التجسد أكون على علم أن هذا يبارك طبيعتي يفتقد جنسي البشري الشقي، وفي الغطاس لابد أن أعرف أن خطاياي تغرق في الأردن، وفي الصليب لابد أن أعرف أنه يتم لي أنا، فداء شخصي لي أنا، وفي القيامة أنا نفسي أقوم معه، وفي الصعود أنا نفسي أصعد، نحن لا نشاهد فقط يا أحبائي، فكل هذه العطايا من أجلنا، وكل هذه العطايا يا أحبائي لكي تنقلنا من حالة إلى حالة، لذلك أي عيد لابد أن أفهم المعنى الروحي له، وأفرح به، وأعيشه، وأخذ نعمته، وأخذ بركته، ولا أكون مجرد متفرج أو شاهد على حدث، لا بل أغتسل من كل ضعف داخلي، فعلي سبيل المثال عندما يترك الشخص شيء غير نظيف فتصبح رائحته كريهة، وتجعل الأشياء أسف في القول أن يحدث لها تعفن، فالذي يترك خطية بداخله لا يغسلها يحدث لها تعقن داخله، الذي يترك خطيه بداخله لا ينظفها تقوى، تنتشر، فإذا تركت أي شيء وليكن أكل مثلا غير نظيف تأتي عليه ميكروبات، وحشرات، وبكتيريا، وفطريات، ويجتمع عليه النمل، وأشياء كثيرة، ويصبح له رائحة، فكذلك الخطية بل وأصعب، فالسكوت عن الخطية يا أحبائي من أصعب الأمور التي من الممكن أن تقوم بأذية الإنسان، لابد أن الإنسان يقدم توبة، عيد الغطاس يذكرك بأن تغتسل من خطاياك، عيد الغطاس يذكرك أن تدفن خطيتك مع المسيح في عمق الأردن، عيد الغطاس يا أحبائي هو قبولنا لنعمة معمودية جديدة، لذلك من أجمل التذكارات التي نتذكرها في عيد الغطاس تجديد عهد معموديتنا، من أجمل العطايا التي نتذكرها في الغطاس تجديد عهد معموديتنا، إننا نعمد معك يا ربنا يسوع المسيح.
كان القديس العظيم الأنبا انطونيوس يقول لأبنائه يا أبنائي جددوا كل يوم عهد معموديتكم كأنكم كل يوم قد عمدتم من جديد، يا أولادي في كل يوم جددوا عهد معموديتكم، جدد عهد المعمودية كأنكم اليوم قد عمدتم جديدا، جدد عهد معموديتك، قل له يا رب أريد أن أولد من فوق وأصبح إنسان جديد لك، وهذه النقطة الثالثة التي أريد أن أحدثك عنها ما الفرق بين معمودية المسيح ومعمودية يوحنا؟
٣- ما الفرق بين معمودية المسيح ومعمودية يوحنا؟ معمودية يوحنا كانت معمودية للتوبة، كانت معمودية لغسل الخطايا، لكن معمودية المسيح هذه معمودية الميلاد الجديد الفوقاني، هذه معمودية الولادة للمسيح، معمودية البنوة للمسيح، تأخذ بنوة للمسيح، نحن اليوم نجدد عهد معموديتنا بمعني أننا نجدد عهد بنوتنا لله، نجدد عهد ميلادنا الجديد الفوقاني، "الذي أنعم علينا بالميلاد الفوقاني بواسطة الماء والروح"، هذا الذي نحن نجدده اليوم يا أحبائي، هناك فرق كبير بين معمودية يوحنا ومعمودية المسيح، معمودية يوحنا تماما كمثل سر الاعتراف الآن، التوبة والاعتراف هذه معمودية يوحنا لكن معمودية المسيح هي الجذر، ما هو الجذر؟ حق البنوة للمسيح، حق البنوة للسماء، حق أنك أنت أصبحت جزء أصيل في الجسم المقدس، حق صليبه وقيامته، هذه معمودية المسيح، لم تعد أنت تغتسل من خطية فعلتها لا أنت أصبح ضميرك يغسل، وقلبك يغسل، وتنال نعمة البنوة بالميلاد الفوقاني، ليس فقط لتخلص من خطيتك لا بل تأخذ نعمة الميلاد الجديد ليس فقط تخلص من خطيتك ولكنك تأخذ طبيعة جديدة، لذلك يقول "إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة"، أنت خليقة جديدة، أنت تأخذ الآن نعمة خليقة جديدة، يا لسعادتك أنت مولود من السماء، أنت فيك ختم الروح، لقد أصبح من حقك أن تقول على نفسك أنك ابن المسيح إذ أعطيتنا نعمة البنوة، بغسيل الميلاد الفوقاني.
يا أحبائي معمودية يوحنا كانت باب لبركات لنا، معمودية يوحنا كانت مقدمة لكي نأخذ مفاعيل ومفاهيم كانت غامضة علينا قبل ذلك، لذلك يا أحبائي بالمعمودية تنال الاستنارة، بالمعمودية تأخذ قوة التوبة هي التي تدفعك دائما للتوبة ليس توبة مرة مثل معمودية يوحنا لا بل تجعل داخلك روح توبة متجدد، رفض للخطايا، فهم لكلمة الله، روح الله.
لذلك تلاحظ أن الإبركسيس الذي قرئ عليك اليوم فصل الخصي الحبشي، عن رجل تقي يحب الله ويريد أن يعرف عنه، فترك الحبشة وذهب إلى أورشليم، كي يسمع عن الله ويرى السجود ويرى الهيكل، وبينما هو في الطريق كان يركب على مركبة، هذا الرجل كان يعتبر أن هذه فترة مقدسة فجلس يقرأ في الكتاب المقدس، لكنه في الحقيقة وجد نفسه لا يفهم، فجاء فيلبس الرسول فقال له أنا أقرأ أمور لا أفهمها، فأنا أقرأ كلام يقول "كمثل شاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها". فهو عمن يتحدث؟ هذه أمور غامضة حقا ومن الصعب فهمها، يقول عن نفسه أم عن آخر؟!، الذي كتب هذا الكلام هو أشعياء، فهل أشعياء يقول هذا الكلام عن نفسه، بمعنى هل هو يقول أنا مثل شاة تساق إلى الذبح أم عن آخر؟ عن من؟ تتخيل يا أحبائي أنه عندما شرح له فيلبس وجد أن الشرح عليه صعب جدا، صعب، وجد أن الحل في المعمودية لكي تفهم لابد أن تأخذ الميلاد الفوقاني، لابد أن تأخذ الماء والروح، فقال لفيلبس هذا ماء ما الذي يمنع أن أعتمد؟!، أنت رسول وهذه مياه فهل هناك شيء يمنع ، قال له لا أبدا هيا بنا.
ففي العصور الأولى من الكنيسة يا أحبائي المعمودية كانت تتم في المياه الجارية، لكن عندما بدأ يكون هناك عصور اضطهاد لم تصبح المعمودية في المياه الجارية هكذا، في نهر، في وضح النهار - لا - بدأت تكون في أماكن مخفية، وبدأت في النهاية تتطور وتكون جزء من مبنى الكنيسة، في داخل الكنيسة، تكون في جنوب الكنيسة من الناحية الغربية إشارة لأن الشخص قادم ليقتبل الإيمان من الغرب لكي بعد ذلك يدخل على الشرق في نور المسيح، فنحن في عيد الغطاس نجدد عهد معموديتنا ونتذكر، نتذكر البركات التي لنا في المسيح يسوع، نتذكر الكنز الذي لنا في المسيح يسوع، نتذكر النعمة التي لنا في المسيح يسوع، لأنه عندما لا يتذكر الإنسان هذه البركة يا أحبائي يفقد أمور كثيرة جدا معها، يفقد بنوته لله، ويفقد غسل خطاياه، ويفقد نعمة أخذها ويفقد عمل الروح القدس داخله.
لذلك يا أحبائي لا تترك هذه الأيام تمر عليك وأنت لا تنتبه ماذا أخذت أنت؟، وماذا نلت؟ فأنت نلت، وأنت أخذت، وأنت تباركت، وأنت أخذت نصيب بركة في هذا العيد، أنت نزلت معه في الأردن، وأخذت نعمة بنوة جديدة، أنت سمعت الصوت من السماء الذي قال "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت".
ربنا يعطينا يا أحبائي في كل عيد وفي كل يوم أن نفهم مقاصد الله، وأن ندرك أن لنا بركات مخفية لنا فيها حقوق، وأن نطالب بها، وأن نصرخ من أجلها.
يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمة لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
معه علي جبل التجلي
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .
تعيد الكنيسة يا أحبائي في هذا اليوم المبارك بعيد تجلي رب المجد يسوع علي جبل طابور، أخذ ثلاثة من تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبل عال منفردين، بعد ذلك تغيرت هيئته وصارت ثيابه لامعه أبيض من الثلج، وجاء صوت من السماء يقول "هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا"، ومعلمنا بطرس قال له "جيد يارب أن نكون ههنا"، عيد تجلي ربنا يسوع هو استعلان لمجد لاهوته، من الممكن عندما نتأمل في أحداث عيد التجلي يحدث لنا غيرة من بطرس ويعقوب ويوحنا، نقول لماذا أنتم؟ ونقول كنا نشتهي أن نكون معه، نشتهي أن يأخذنا على الجبل ونصعد إلى فوق ويستعلن مجد لاهوته أمامنا، لكن في الحقيقة يا أحبائي تجلي ربنا يسوع المسيح وإعلان لاهوته لا يقتصر على بطرس ويعقوب ويوحنا فقط لكن إعلان مجد لاهوت ربنا يسوع المسيح خاص بنا جميعا، وجميعنا على دعوة أن يتجلى المسيح في حياتنا، جميعنا على دعوة أن نصعد معه على جبل عال منفردين، كلنا مدعوين، كلنا مدعوين يقول لنا تعالوا أريدكم بمفردكم، تعالوا من فضلكم واتركوا الأسفل قليلاً، تعالوا من فضلكم اصعدوا معي إلى فوق، واصعدوا معي إلى فوق بمفردنا، ربنا يسوع المسيح دعانا يا أحبائي، دعانا أن يتجلى فينا، دعانا أن نصعد معه علي الجبل منفردين، وصعود الجبل يعني ترك الاهتمامات العالمية، نحن نجلس في الأرض، مشغولين بالأرض، مهمومين بالأرض، متضايقين من الأرض، وهو يريد أن يأخذنا إلى فوق، يريد أن يصعد بنا إلى فوق، يريد أن يتجلى معنا فوق، فهل لم يكن ممكناً أن يتجلى أسفل؟، هل كان لا يمكن أن يتجلى في وسط أعداد غفيرة؟ يقول لك لا، لا يمكن ذلك.
الله يا أحبائي يريد أن يتجلى فينا على انفراد، الله يريد أن يتجلى فينا في خفاء، الله يريد أن يتجلى فينا ونحن في ارتفاع، الإنسان المهموم بالأرض، الإنسان الذي كل تفكيره أسفل، صعب أن يتجلى المسيح في حياته، الإنسان الذي يرفض الصعود إلى الجبل منفرداً مع ربنا يسوع المسيح يظل المسيح بالنسبة له إنسان عادي، مثلما قال عليه بعد القيامة تلميذي عمواس قال لهم من هو هذا؟ "قالوا إنساناً نبيا مقتدرا في القول والفعل أمام الله والناس"، الإنسان الجالس في أسفل يمكن أن يكون المسيح بالنسبة له نبي مقتدر في القول والفعل، لكن ليس إله، لكن ليس قادر على كل شيء، لكن ليس هو الذي تود أن تتبعه بكل قلبك، يريد أن يصعدك إلى فوق لكي تعرف مع من أنت تسير، لكي إذا رأيته يصلب لا تعثر فيه، لكي تصدق أنه هو الإله، أنه موضع مسرة الآب، الذي قال "هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا".
هذا يا أحبائي تجلي ربنا يسوع المسيح، الذي يريد أن يعلن مجد لاهوته في حياتنا، الله يا أحبائي لا يتأخر عن استعلان مجد لاهوته فينا أبدا، الدعوة موجودة، لكن نحن الذين نتأخر، نحن الذين نريد أن نظل أسفل، وهو يريد أن يأخذنا معه إلى فوق، نحن الذين نحب أن نعيش في وسط الزحام، وهو يحب أن يكون منفرد بنا، تريد أن يتجلى المسيح في حياتك اصعد معه إلى فوق، اصعد بعقلك، اصعد بقلبك، تجد الكاهن في بداية القداس يقول لك ارفعوا قلوبكم، ارفعوها، يقول لك "آنو إيمون طاس كارذياس"، (آنو) تعني اصعد، لذلك القداس كله أحيانا يسمى صعيدة، أو اسمه آنافورا، (آنافورا) بمعنى شيء يصعد إلى فوق، مثلما يقول لك نافورة شئ يصعد إلى فوق هكذا، اصعد قلبك إلى فوق، اصعد عقلك إلى فوق، ارتفع فوق هموم العالم، ارتفع فوق التفكير الروتيني الذي يخنق الإنسان، نعيش كل يوم لكي نعمل ونأكل ونشرب ومهمومين ومتضايقين لذلك المسيح لا يتجلى في حياتنا، الحياة مع الله يا أحبائي لا تتجزأ، ليس بعض الوقت مع الله والبعض الآخر بعيد عنه، لابد أن تكون في حالة وجود دائم حضرة الله، وأنت في العمل، وأنت في المنزل، وأنت تنام، وأنت تأكل، اصعد معه على جبل عالي، اصعد معه، الله يريد أن يتجلى في عقلك، الله يريد أن يتجلى في قلبك، الله يريد أن يتجلى لنا جميعاً، أمنا السيدة العذراء يعتبر المسيح تجلى في حياتها، قديسين كثيرين تجلى ربنا يسوع في عقلهم وفي قلبهم، ظهرت علامات المسيح فيهم، ظهرت سيرة المسيح فيهم، ظهر ضياء المسيح فيهم، وكأن كل أحد فيهم سمع نفس الصوت هذا ابني الحبيب له اسمع، فأصبح يسمع للمسيح، كل يوم يتأكد له نفس الصوت، هذا هو ابني الحبيب له اسمع، وكل شخص فينا الله يقول له نفس الكلام، ربنا يسوع المسيح يقول لك الله الآب يقول لك هذا هو ابني الحبيب له اسمع، الله يريد أن يعلن مجده فينا، الله يريد أن يسكن فينا، الله يريد أن يمكث عندنا، الله يريد أن يتجلى في ضمائرنا، عقولنا، قلوبنا، أفهامنا، الله يريد أن يتجلى لكي ما نكون شهود له، لكي ما نكون تابعين حقيقين له، نسجد له بالروح والحق، عندما تقف لتصلي وأنت علي جبل عالي ليس معناه أن تذهب في مكان فيه جبل عالي لا لكن يعني أن تصعد عقلك إليه، يعني أن تصعد قلبك له، يعني أن تغمض عينيك، يعني أن تكف عن الاهتمامات الأرضية، يعني أن تصعد بعقلك إلى فوق وتتخيل نفسك أمام عرش مجد نعمته، هكذا يصعد عقلك، وهكذا تصعد مشاعرك، حينئذ يتجلى المسيح في حياتك، حينئذ تستحق أن يعلن لك مجده، التجلي متاح لدينا يا أحبائي لكن نحن الذين كثيراً ما نتأخر عن الاستجابة له، نحن الذين مهمومين بأسفل كثيراً، ومشغولين بأسفل، الله يريد أن يتجلى في عقلك، تجد عقلك بدأ يحدث له وميض إلهي، نور إلهي، ينير لك فكرك، الأمور التي كنت تفكر بها ومنشغل بها بدأت تقل، عندما تصعد إلى مكان عالي، فالأمور التي توجد تحت تصغر، ما سر يا أحبائي أننا مهمومين بالأرض؟ أننا فكرنا تحت، فكل شيء يحدث تحت يخنقننا، يتعبنا، لأنها ظاهرة بحجمها الطبيعي، أصعد إلي أعلى سوف تصغر، إذا نظرت لنفسك من سبعة أو ثمانية أو عشرة سنين ستجد أكثر الأمور التي كانت تخيفك وتقلقك الآن لا تهمك، تقول لكني كنت أعيش منذ عشرة أعوام مهموم بها وكانت تضايقني جداً، تتعبني جداً، أقول لك الله يريدك أن تتعلم من الآن، يريدني أن اتعلم من الآن، لا تختنق بهموم الأرض، لا تكن مذلول بهموم الأرض، لا تنظر للأمور بهذا الحجم الذي يزعجك، اصعد، اطلع إلى فوق، اصعد إلى أعلى ولحظات التجلي هذه ستكون أجمل لحظات عمرك، لدرجة أنك لا تريد أن تنزل، إذن ماذا عن الهموم، العمل ، الأولاد ، ..... إلخ ستقول له جيد يارب أن نكون ههنا، تقول كل شيء سوف يرتبه الله، لتكن إرادة الله، "الأشبال احتاجت وجاعت أما طالبو الرب فلم يعوزهم أي شيء" ، لا يوجد شيء، إنتهى الأمر، أصبحت أكثر الأشياء التي تعطينا اهتمام وتعطينا هموم في حياتنا نجدها تقلصت جداً، الله يريد أن يتجلى في مشاعرك، يريد أن يتجلى داخل قلبك، ينير داخل قلبك، تجد نوره أشرق وجعلك ترى كل شيء بشكل أوضح، ظهرت، وضحت الأشياء البيضاء والأشياء السوداء والأشياء الزرقاء، ظهرت، وضحت الأشياء الأنصاف الحقائق، وضحت الأشياء الغير مرضية لله التي كنت في بداية الأمر يمكن أن تتعثر بها وتقول لا يوجد بها شيء خطأ فجميع البشر يفعلون هكذا، لا بل عندما يظهر نور المسيح تتضح الأوضاع الخاطئة، معرفتك للخطية تبدأ تجعلك أكثر حساسية للنقائص والصغائر الذي كنت تعتبره شيء بسيط قبل ذلك، الآن تقول أنه لا يليق، لا أبدا لن أفعل ذلك، لماذا؟ لأن المسيح تجلى في قلبك، لأن النور دخل إلى داخلك، لأنك علمت ما معنى أنك تغلب المال، وكيف تغلب نفسك، وكيف تربح السماء، عندما ينير المسيح القلب يا أحبائي ينير الطريق، كثير من البشر تضل في الطريق، كثير من البشر تختنق وتغلب من أنفسها، ومن المال، ومن الأرض، ..... إلخ.
لذلك في سفر ارميا يقول لك : "ليذل الرب جميع المرتبطين بالأرض"، الذي يرتبط بالأرض يذل، الذي يرتبط بالأرض يتعذب، ويحيا في شقاء الجحيم وهو بعد علي الأرض، وكأن ذلك عقوبة زمنية قبل أن يأخذ العقوبة الأبدية، لماذا؟ لأنه اختار طريق الأرض فيعيش فيه خائف، مرتعب، مذلول، مرتعش لماذا؟! لأنه يعيش متوهم بالأرض، الذي يرتفع إلى فوق تجده يقول لك "معك لا أريد شيء علي الأرض"، الذي لي في السماء، التجلي يا أحبائي يعرض علينا جميعاً، يسوع يريد أن يأخذنا منفردين ونصعد معه ويجلس معنا ويتجلى أمامنا، ونسجد أمامه ونقول له لا نريد أن ننزل من هنا، إذا قمت بفتح إنجيلك فسوف يتجلى المسيح ويحدثك بآية، واثنين، وعشرة، وسوف يحاصرك بالآية، وينير حياتك، ويتجلى في عقلك، ويتجلى في قلبك، التجلي موجود يا أحبائي ، لم يكن مرة فقط، لا فكان نموذج لكل نفس تبدي استعدادها أن تصعد معه، كان من الممكن أن ربنا يسوع يقول لبطرس ويعقوب ويوحنا اصعدوا معي إلى فوق، فيقولون له منشغلين أين نصعد؟، لا أنتظر قبل أن نصعد قل لنا أين المكان بالضبط؟، وهل فوق سوف نجد طعام أو شراب، كان من الممكن أن يرفضوا، ربنا يسوع يعرض علينا يا أحبائي أن نصعد معه علي الجبل منفردين، قل له أنا أحب أن أجلس معك علي انفراد يارب، ليتنا يكون لنا أوقات نسرقها، نجلس مع انجيلنا، أوقات نسرقها، نجلس أمامه ساجدين، أوقات نختلسها، أننا نكون مرضيين عنده، هذا يا أحبائي تجلي ربنا يسوع المسيح لنا، إنه يدعونا كل يوم، كل يوم يقول لكل أحد فينا تعالي اصعد معي منفرد على جبل عالي، تعالى أنا أريدك أن تعاين مجدي، تعالى أنا أريدك أن تسمع الصوت الإلهي هذا هو ابني الحبيب له اسمع، اسمع وصاياه، اسمع انجيله، اسمع كلماته، اسمع كنيسته، تعالى، تعالى التجلي لك أنت، تعالى أنا أود أنك تتذوق التجلي لكي تقول له جيد يارب أن نكون ههنا، أنا أحب أن أظل معك إلى الأبد، يقول لك لا أنت لك رسالة، انزل أكمل رسالتك وأنت رأيت عينة جميلة من المجد السماوي إلى أن تأتي وتصبح عندي وتبقي معي إلي الأبد، أكمل رسالتك علي الأرض لكن وأنت تكمل رسالتك علي الأرض يكون استعلان مجدي في حياتك، ونوري في حياتك، وكلمتي في حياتك، وأبقى معك إلى الأبد.ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
حمل الصليب
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .
إنجيل هذا الصباح المبارك يا أحبائي فصل من بشارة معلمنا لوقا الإصحاح الرابع عشر، والذي يقول لنا "وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت وقال لهم: من يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه فلا يقدر أن يكون لي تلميذا ومن لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يمكنه أن يصير لي تلميذا ".
ربنا يسوع وجد أشخاص كثيرة تذهب حوله، جمع كثير سائرين معه، أعتقد أنه كانت النتيجة الطبيعية أنه عندما يرى ناس كثيرة تذهب حوله ماذا يحدث؟ يصبح سعيد، يفرح، ويقول أنا أتباعي كثيرة، وسوف تزيد وتكثر، ونريد أن نجذب أكبر عدد من الناس، هذا المنطق الطبيعي لتفكير أي إنسان، لكن وجدنا ربنا يسوع نظر لهذا العدد الكبير وكأنه يريد أن يقوم بتنقيتهم، كأنه لم يغرم بهذا العدد الكبير، كأنه يريد أن يقول لهم هل أنتم تتبعوني بطريقة صحيحة أم لا؟، أم تأتوا خلفي لأجل معجزة، أم طعام، أم من أجل مرض، لماذا تأتوا خلفي؟ فعندما نظر خلفه قال لهم من يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه أيضا لا يقدر أن يكون لي تلميذ، أنا أريدك أن تتخيل هذا الكلام عندما يقال لنا بهذا الشكل، شخص يقول لك أنت لابد أن تبغض نفسك وأبوك وأمك وزوجتك وأخوك وأختك وحتى أولادك، إذا لم تفعل هذا لا تقدر أن تكون لي تلميذا، ما هذا يارب؟! لماذا ترفض الجموع؟!، فمن الممكن أن تقوم بتشجيعهم قليلاً، يجيبك أنا أريد أن الذي يتبعني يكون يتبعني من أجل الملكوت، أنا أريد أن الذي يتبعني تكون تبعية حقيقية، لا أريد تبعية مزيفة، وبعدها قال لهم ومن لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يمكنه أن يصير لي تلميذا، بعدما حدثهم عن أن الشخص ينبغي أن يبغض أهله ويبغض حتى نفسه بدأ يكلمهم عن أن من لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يمكنه أن يكون لي تلميذا.
هذا يا أحبائي منهج ربنا يسوع المسيح، ربنا يسوع يريد أن نكون له، بالحقيقة له، بالكلية له، بجوهر كياننا له، ألا يتزاحم معه شيء في قلوبنا ولا في اهتماماتنا، أنه يكون حقا هو أعلى ما في حياتنا، ليست مجرد تبعية شكلية، وليس أن ربنا يسوع واحد من ضمن اهتمامات حياتي، واحد من ضمن العلاقات التي في حياتي، لا أبدا، المسيح يريد أن يصبح أعلى من ذلك بكثير، لا تقارن المسيح بأبوك ولا بأمك ولا بزوجتك ولا بأخواتك ولا بأولادك، المسيح أعلى بكثير وأعلى أيضاً من نفسك، عندما يكون الإنسان جوهر حياته نفسه بالتالي تكون جوهر الإنسان حياته، علاقاته، وبالتالي تكون كل علاقة هو يريد منها الأخذ، الإنسان في مرحلة من المراحل واحد من الفلاسفة قال أنا من عشرون عام كنت أحب أمي، من عشرة أعوام أحب زوجتي، الآن أحب أبنائي، ما هذه العلاقة؟ في الحقيقة هذه علاقة نفعية، عندما كان صغير قليلاً كانت أمه أهميتها كبيرة بالنسبة له، فكان متعلق بأمه قليلاً، بعد ذلك فقد كبر قليلاً أصبح لديه لون من ألوان الاعتمادية على نفسه فأمه قلت أهميتها قليلاً وأخذت مكانها زوجته، فكانت زوجته أعلى اهتماماته، بعد ذلك كبر قليلاً أصبح أهم اهتماماته أبنائه، الثلاثة خطأ، فهو لابد أن تكون أمه مهمة، ولابد أن تكون زوجته مهمة، وأولاده مهمين، لكن لا يتم مقارنتهم بالله، لابد أن يعرف أن محبته لأبيه ولأمه تكون في المسيح، محبته لزوجته في المسيح، محبته لأولاده في المسيح، محبته لإخوته في المسيح، والمسيح أهم، فالعلاقة ليست علاقة منافسة - لا - العلاقة علاقة جوهر حياة هو المسيح، هو الذي أعطى كل شيء، وأجدد محبتي له، اعترافي بفضله، لا أقارن بين علاقة وعلاقة، لذلك قال لك ولا حتى نفسك، عندما يكون الإنسان يا أحبائي يجعل نفسه مركز الحياة نفسه، نفسه الذات لديه هي مركز الحياة كلها، كل الأمور تدور حول ذاته، يريد أن يسترخي، يأكل، يشرب، يأخذ نقود، ملذات يريد حياته كلها لذاته ولملذاته، هو محور الحياة، قال لك لكي تعيش معي بطريقة صحيحة لابد أن حتى ذاتك هذه تبغضها، لابد حتى ذاتك هذه تصلبها، لابد حتى ذاتك لا تكون ضدها، لذلك يريد أن يقول لك أن حتى ذاتك لا تكون سبب حياتك.
معلمنا بولس يا أحبائي قال "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في" من مركز الحياة؟ أنا أم المسيح؟ ما هو مركز الاهتمامات الأرض أم السماء؟ الكلام صعب أقول لك صعب لأننا لم نتذوقه، صعب لأن الإنسان العتيق فينا هو الغالب، لكن عندما نعيش الخليقة الجديدة التي في المسيح يسوع التي قال عنها معلمنا بولس "إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت". الإنسان الذي يثور عليه ذاته، الذي يثور عليه كرامته، الإنسان الذي متطلباته لا تنتهي وتلح عليه، ولا يهدأ إلا عندما يقوم بتلبية طلباتها، وفي النهاية يصبح مسكين لأن كلما يلبي لها طلباتها يجد طلبات أكثر وأكثر فلا يهدأ ولا يشبع ولا يستريح، لماذا؟! لأنه يعيش لذاته، فماذا تفعل ذاته؟ تجعل حياته مرة، لكن إذا كان يعيش للمسيح فإنه يجد الأمر مختلف تماما، قال أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيا، قال لك فما أحياه الآن في الجسد أحياه في إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم ذاته لأجلي أنا أعيش لأجله.
من هنا يا أحبائي كيف نري الحياة بأعين المسيح؟ وكيف نعيش علاقتنا بمشاعر المسيح؟ وكيف يكون محور حياتنا المسيح ليس أنا ولا العالم، لذلك قال لك "من لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يقدر أن يكون لي تلميذا"، وكأن ربنا يسوع المسيح نظر للجموع الكثيرة التي تذهب معه وكان يريد أن يقول لهم هل أنتم تعلمون خلف من تذهبون؟! فليست القصة منظر ولا قصة عدد ولا مشاهدة معجزة هل تفكيركم في النهاية سوف أشفي مقعد أم أقيم ميتا؟!، وجميعكم تمتلئوا بنشوة الانتصار، لا مطلقاً، ففي الحياة معي أنت لابد أن تعرف أنه ينبغي أنا أكون في المقدمة ، قال من احب أبا أو أما أو زوجة أو أخ أكثر مني فلا يستحقني، ومن أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني، هذا يا أحبائي شرط تبعية المسيح، لذلك يا أحبائي الأحداث التي تمر بها كنيستنا وبلادنا أحداث كثيرة ومؤلمة، لا نستطيع أن نقبلها إلا في المسيح، ليس لنا عزاء إلا في المسيح، الذي يعزينا وسط هذه الآلام كلها إن المسيح قال إن الباب ضيق، والمسيح قال أننا لا بد أن نحمل الصليب، عندما يعيش الإنسان يا أحبائي المسيح بالفعل، تكون الآلام بالنسبة له ليست أمور مؤلمة نفسياً عليه ولكنها وسيلة تؤدي إلى السماء، وجهة النظر مختلفة تماما.
هناك فرق يا أحبائي بين نظرة الشيطان للصليب ونظرة أولاد الله للصليب، الشيطان يري الصليب فيرتعب، يغتاظ، يتضايق هذا الشيطان، لكن أولاد الله ينظروا للصليب فيشعرون بالنصرة، أقول لك لكن الصليب ألم، الصليب موت، الصليب هذا دم، الصليب هذا يعني العار، قال لك الألم والعار والدم والموت بالنسبة لي هذا فخري، قال لك هكذا "أما أنا فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح"، معلمنا بولس الرسول عندما وجد اليهود يفتخروا بالأنساب، بالممتلكات، بالأراضي، بالنسب، فيقولوا نحن من سبط .... ، نحن لدينا الأرض ..... ، نحن تحدث الله معنا، نحن المختونين، نحن الذين آخذنا المواعيد، نحن الذين لنا الأعياد، نحن الذين لنا العهود والشرائع، نحن الذين اخترنا، قال لهم إذن إذا كنت تعيش بهذه الفكرة فعش بها، لكن أريد أن أقول لكم هذه الفكرة لا تنجيكم ولن تخلصكم، أما أنا حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح، لن افتخر بنسبي، لن أفتخر أنا من أي سبط، لن أفتخر بكمية الأراضي التي لدينا، وليس بكثرة الممتلكات، أما أنا فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح، لماذا؟ لأنه سر نجاتي، لذلك حملنا للصليب يا أحبائي لابد أن يكون أمام أعيننا، عندما نري هذه الأحداث المؤلمة نصلي للمتألمين ونشاركهم ألمهم، عندما نري هذه الأحداث المؤلمة نحن أنفسنا يكون لدينا إستعداد لقبول مثل هذه الآلام، نحن أنفسنا يكون لدينا إستعداد أن نجتاز هذه الآلام بسرور وفرح، وأقول هكذا "إن كانوا فعلوا هذا بالعود الرطب فكم يكون باليابس" إن كانوا عروا سيدنا يسوع المسيح، إن كانوا أهانوه، إن كانوا طردوه، إن كانوا تآمروا عليه، إن كانوا ظلموه، إن كانوا حسدوه، كل هذا على ربنا يسوع المسيح، إن كانوا فعلوا هذا بالعود الرطب كم يكون باليابس.
فلنقبل يا أحبائي أن نشترك في آلام ربنا يسوع المسيح، الإنسان الذي يعيش في المسيح يسوع هذه الأمور بالنسبة له ليست غريبة وليست جديدة، بل أريد أن أقول لك شيء أكبر من هذا فهي أيضا بالنسبة له شهية ولذيذة لأنها هي التي تصل به للأبدية، لكن النفس المربوطة بالأرض والنفس البعيدة عن روح المسيح تنزعج جدا وتثور جدا وتغضب جدا، لماذا؟ لأنه يرى في هذا أنه ظلم، افتراء، هو ظلم وافتراء حقا نحن لا نقول أن هذا ليس ظلم ولا افتراء، ولكن هل هذا غريب على منهجنا في المسيح يسوع؟ ليس غريب، فهل هذا يعني أن نستسلم، أن نصمت تماما، أقول إن كان هناك أي طرق لتوصيل الرأي أو لإبداء الرغبة في الدفاع عن النفس بشكل راقي، بشكل ممتلئ محبة، بشكل لا يمس سلامك الداخلي، فليكن، لكن وأنت تفعل هذا التصرف لابد أن تعلم أنك قابل، أنت قابل طريق الصليب، الأشخاص الذين يحدث لهم هذه الأمور ليسوا أفضل مننا، لابد أن نكون نحن أيضا لدينا نفس الاستعداد، لأنه قال لك هكذا، "فمن لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يقدر أن يكون لي تلميذا".
ما الصليب الذي نحن نحمله يا أحبائي؟ لابد أن نحمل صليب، لابد أن يكون لنا صليب من داخلنا وصليب من خارجنا، فما الصليب الذي من داخلنا؟ أن تحمل آلام جسدك، جهاد ، صوم، وقفة صلاة، وأنت مرهق وأنت متعب، تصلب عينك، وتصلب حواسك، تصلب روح العالم التي بداخلك، فالذي يصلب من الداخل يعرف أن يصلب من الخارج، الذين صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات يعرفوا أن يصلبوا من خارج.
الصليب يا أحبائي لابد أن يخرج من الداخل للخارج، عندما يقبل الإنسان على نفسه أن يقطع عنه سلطان غرائزه وشهواته وطلبات جسده، والذي يستطيع أن يقف للصلاة ويرفع أيديه لله، صلاة بجسده، فعندما يتعرض الجسد لضيق يكون الجسد متقبل لأنه كان ثمرة جهاد في البداية.
معلمنا بولس قال "لا يجلب علي أحد منكم أتعابا" أي لا أحد منكم يستطيع أن يتعبني إذ أني أحمل في جسدي سمات ربنا يسوع، لا أحد يجلب علي أتعاب لأني حامل في جسدي سمات الرب يسوع، لذلك نظر ربنا يسوع المسيح إلى العدد الكبير هذا وقال لهم ما هذا؟! ما كل هذا الجمع؟ هل كل هذه الجموع صادقة؟ هل كل هذه الجموع تعيش المسيح؟ هل كل هؤلاء يعيشون الباب الضيق؟.
إذن أنا سأقول لكم على أمر مهم، أقول لكم الذي يريد أن يأتي ورائي لابد أن أكون أنا الأول بالنسبة له، لا يأخذني هكذا في وسط القائمة، لابد أن يبغض أبوه وأمه وزوجته وأولاده وأخواته، وبعد ذلك قال لك وحتى نفسه، وإذا تريدوا أن أوضح لكم ثانية أيضا، ومن لا يحمل صليبه ويتبعني، هنا من المؤكد أن الناس سوف تراجع أنفسها، من المؤكد أن هناك بعضهم يقولوا طريقك طريق صعب، طريق مستحيل، نحن سنتركك، يقول كنت أتمنى أن تكون معي، لكني أريدك أن تكون معي بطريقة صحيحة، من الممكن أن يرجعوا للخلف لفترة، يمكن أن يعودوا مرة أخرى، ويمكن أن يظلوا في الخلف طوال الوقت، المهم أن الاختيار لنا.
طريق الصليب يا أحبائي معروض علينا، طريق الوصية يا أحبائي معروض علينا، أن نكون للمسيح، طريق الوصية يا أحبائي أن نكون نحن للمسيح، ونكون سالكين في الباب الضيق، وأن نكون سالكين حسب أمر السماء، وألا تكون حياتنا حياة للأرض ولذواتنا، لا لذلك ربنا يسوع يظل يؤكد علينا هذه الحقيقة، وكل ظروف هذه الحياة الله يسخرها من أجل هذه الحقيقة، الله سمح يا أحبائي أن نحيا في أجساد ضعيفة، لماذا؟! لكي نحمل صليب، من منا لا يشعر بهوان الجسد؟، من منا لا يشعر بضعف الجسد؟، فقد كان من الممكن أن الله يعطينا أجساد أقوى من ذلك، لكن الله سمح أن نحيا في آنية ضعيفة، ما هو الإناء الضعيف؟ الإناء الضعيف هو الجسد، لذلك معلمنا بولس قال "إذ لنا هذا الكنز في أوان خزفية" المسيح داخلنا لكن إناء جسدنا هذا أناء خزفي، فهذه الأشياء الخزف دائما تكون ضعيفة، بمجرد أن تسقط فقد إنتهت، وتحطمت، وأصبحت قطع كثيرة وصغيرة، نحن الإناء الخاص بنا إناء خزفي، لماذا أعطانا الله إناء ضعيف؟! لكي نلجأ له، لكي لا نثق بأنفسنا، لكي نعرف أن خلاصنا به هو ليس بشيء آخر، وسمح أيضا أن الحياة التي نعيشها لا تكون حياة فيها كل ما نريده، لماذا فعل ربنا هذا؟، لماذا لا يعطينا كل شيء؟، لماذا كل الأشياء التي نتمناها يأخذها منا؟، لماذا ظروف الحياة دائما متقلبة؟، لماذا تكون ظروف الحياة غير آمنة؟، لماذا ترتفع الأسعار دائما، لماذا يكون كل فترة هناك حروب وتقلبات وثورات وأوبئة وأمراض وأوجاع؟، لماذا يكون هناك تقلبات سياسية؟، لماذا يكون هناك تقلبات اقتصادية؟، لماذا يسمح الله بذلك؟، نحن نريد أن نعيش في هدوء وسلام، قال لك لا بل انتبه فأنا أريدك أن تعلم أن ليست لنا هنا مدينة باقية ولكننا ننتظر العتيدة، أنا أريدك تعلم أنك سوف تعيش حياة بابها ضيق، وطريقها ضيق، وأريدك أن تعرف أن من لا يحمل صليبه ويتبعني لا يقدر أن يكون لي تلميذا.
لذلك ربنا يسوع المسيح عندما عاش بيننا لم يحيا حياة ناعمة، لم يسكن القصور، لم يحيا حياة ممتلئة ترف، أبدا فهو طوال الوقت ينتقل من مدينة إلى مدينة، وكان من أسرة فقيرة، ويعير، ويضطهد، ويطارد، ويهرب، ويأتي ما هذا الكلام كله؟ يريد أن يقول لك أن الحياة لن تكون هي المنتهى بالنسبة لنا، من لا يحمل صليبه، ظروف الحياة يا أحبائي الذي يسمح بها الله في أجسادنا تعلمنا حمل الصليب، أحداث مؤلمة تمر بها الكنيسة تعلمنا حمل الصليب، ننظر يا أحبائي إلى سيدنا يسوع المسيح، ننظر إلى كنيستنا، ننظر إلى تاريخها، ننظر إلى أجدادنا، أجدادنا يا أحبائي لم يكونوا يعرفوا أن يصلوا مثلنا الآن في كنيسة في وضح النهار، بل كانوا عندما يصلوا يكون قبل شروق الشمس يخرجوا، يصلوا في سراديب، يصلوا في أماكن قفرة، يصلوا وهم مطاردين، لكن هذا من المؤكد كان يعطي لحياتهم معنى، كان يعطي لحياتهم من الداخل قوة مع الله.
لذلك يا أحبائي هذه التجارب لابد أن نستفيد منها، تقوينا من داخلنا ولا تضعفنا، تجعلنا نسلك بمنهج حمل الصليب الحقيقي، تجعلنا نستعد بالأكثر، تجعلنا أكثر قوة وأكثر صلابة لأن هذا هو الطريق الذي قال عنه ربنا يسوع المسيح، لذلك معلمنا بطرس الرسول قال لنا "لا تستغربوا من البلوى المحرقة المحيطة بكم" لا تستغرب، لا تستغرب من الألم، لا تستغرب من الصليب، لا تستغرب لأن هناك أشخاص يكرهونك، لا تستغرب أن هناك أشخاص لن تستطيع أن تقبلك بجانبها، لا تستغرب أن هناك أشخاص ليست قابلة صلاتك، لا تستغرب، لماذا؟ لأن هذا ليس بجديد، فهذا هو المنهج الذي تعلموه آبائنا من جيل إلي جيل ونحن علينا يا أحبائي أن نتمسك بروح المسيح، نتمسك بروح الصليب، لأن هذا هو رجائنا، هذا هو قوتنا، وهو دالتنا، وهو عزائنا.
ربنا يعطينا يا أحبائي ألا نتبعه لغرض أرضي، وألا يكون سيرنا خلفه لمجرد تبعية جماعه، لا بل نحن نتبعه بكل قلوبنا ونخافه ونتبعه حاملين صليبنا لأننا اتكلنا عليه.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.