العظات

قزمان ودميان الجمعة الثالثة من شهر هاتور

في تذكار الشهيدين العظيمين قزمان ودميان المزمور يقول لنا { جُزنا في النار والماء وأخرجتنا إلى الراحة } ( مز 66 : 12) .. { أدخل إلى بيتك بمحرقاتٍ أُوفيك نذوري التي نطقت بها شفتاي }( مز 66 : 13 – 14) .. قزمان ودميان من أسرة بسيطة من خمسة أطفال .. توفى الأب ودخل ثلاثة أولاد الدير ودرس قزمان ودميان الطب .. الأم تقية .. كان قزمان ودميان يخدموا الله عن طريق شفاء الناس .. يُقال عنهم عندما يأتي مريض للعلاج يقف الأخوان ويرفعا يدهما إلى فوق ويُصليا على أن ينال المريض الشفاء رغم أن المرضى جميعاً من الوثنيين .. يروا الإثنان يُصليان بالدموع ويتضرعا من أجلهم .. وفي النهاية يرشم عليه علامة الصليب ويعطوا للمريض بعض من الأعشاب والعلاج ويخبروه بأنه سيُشفى باسم يسوع المسيح .. وعندما يحاول المريض إعطائهم أي مقابل يرفضوا بشدة .. شفاء كثير كان يحدث على يدهم .. وعندما يوجدوا في مكان يكون عليهم تجمع كثير من الناس ( نوع من أنواع الكرازة ) بالتأكيد بسبب كل هذه الأشفيا كثير جداً دخلوا في الإيمان .. وأما عدو الخير فلم يحتمل هذا المنظر فآثار عليهم بعض المتاعب .. إستدعاهم الوالي وحاول أن يثنيهم عن عزمهم وتم على يدهم شفاء كثير من الناس مما جعل الوالي نفسه يُعرض عليهم كمريض وتم شفائه بعد أن صليا له وطلبا له الشفاء .. فتركهم الوالي مما جعلهم يعملوا ما أرادوا .. وكان مجد عظيم للرب بواسطتهم وذاع صيطهم في أقطار المملكة كلها بعد أن جاءت إليهم الناس من كل المملكة جميل أن تستخدم وزناتك الطبيعية لمجد الله .. جميل أن تخدم الله ومجِّده بما تجيده .. المدرس .. الطبيب .. المحاسب .. وغيرهم حتى لو كانت لك إجادة في مهنة بسيطة .. يمكن أن تمجد الله وأنت في المجتمع .. يجب أن تؤثر في المجتمع عندما تعيش مع المجتمع آلامه واحتياجاته كيف يعالج أطباء الناس بلا مقابل حتى أطلقوا عليهم * مبغضي الفضة .. أو عديمي الفضة * .. مما جعل المملكة كلها تستعجب من هذا تذكر في السيرة الخاصة بهم أن دميان الأخ الأصغر عند علاجه لشخص أعطى له هدية فرفض بشدة هذه الهدية .. إلا أنه أصر على هذا مما جعل دميان يقبل هذه الهدية وقال في نفسه أن يعطيها لشخص آخر .. فعندما علم الأخ الأكبر – قزمان – بهذا حزن جداً من أخيه وقال إنه لم يلتزم بما إتفق عليه مع أخيه وإنه إختلف عن منهجه فاحتد عليه بشدة كيف نخدم المجتمع بالمهنة الخاصة بنا ؟ كيف نصل للمجتمع عن طريق محبة ليس لها هدف ؟ إخوتنا الكاثوليك عند الدخول إلى مكان للكرازة يقوموا بعمل شيئين .. بناء مستشفى وبناء مدرسة وكلٍ منهما ملحقة بكنيسة حتى يسمع المرضى أو الطلبة صوت الصلاة في خشوع .. يروا كهنة .. يروا المسيحيين المدرسين .. يروا معاملة مختلفة ( كرازة ) قزمان ودميان أيضاً كرزوا باسم المسيح بطريقة عملية بسيطة جداً وقدموا نموذج للإنسان المحب بلا هدف .. مما جعل الناس تريد أن تعرف الله بعد الشفاء فيتم شفائهم وعمادهم ويبدأ يعيش كمسيحي .. عدو الخير لم يهدأ لأن أُناس كثيرين دخلوا الإيمان عن طريق قزمان ودميان المسيحي في المجتمع إنسان محب .. عطَّاء .. أمين .. هدفه أن يشهد للمسيح .. جميل أن تعرف هدفك وعندما تسأل لماذا أنت هنا يقول لك إنه يمجد المسيح .. عندما زادت الكرازة إحتد عدو الخير وهيج عليهم المملكة مرة أخرى ولكن الأمر إرتفع إلى الرئيس وليس الوالي ويُدعى دقلديانوس .. جاء بهم وبأخواتهم الثلاثة من الدير وأتى أيضاً بأمهم .. وحتى يُزيد من أحزانهم قتل أمهم عندما رآهم متعلقين بها جميل أن تعيش شاهد للمسيح .. وأن تعرف أن رسالة في حياتك أن يظهر إسمه للناس .. وأن يُمجد المسيح من خلال مجده الشخصي .. { يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات }( مت 5 : 16) .. ويرى الناس فينا روح مختلفة .. ترى فينا حب بلا مقابل وبلا حدود .. صورة لمجد المسيح .. صورة لقوتة وإتضاعه وبذله .. وبعد كل هذا لا تجد كل الأمور سهلة .. فإنهم يطردوك ويُبغضوك ويهينوك ويُسلموك للمجامع وتُقدم للولاة .. فتقول في نفسك إنك يجب أن تكون من كبار رجال الدولة على الخدمات التي أؤديها .. ولكن لم يحدث ذلك ..{ من أجل اسمي } ( لو 21 : 17) قزمان ودميان إختاروا المجد السماوي .. رفضوا الفضة .. وكان معهم القوت الضروري وما زاد عن ذلك كانا يتصدقا به على الفقراء .. غير مرتبطين بشهرة أو كرامة .. أو محبة عالم .. يريدا المسيح فقط فهدفهم واضح واستخدما المَلَكَات والوظيفة الخاصة لأجل إسمه .. بيت يعيش للمسيح به ثلاث رهبان وإثنان لخدمة مجد الله ويُحضرا له قديسين .. بيت ينشأ في الأرض ويمتد إلى السماء عندما يفقد الإنسان كل هذه المعاني .. وبدأت الأمور داخله غير واضحة المعالم .. وابتدأ لا يرى إلا الأرض ويجري وراء شهواته ويُذل لها فحياته تُصبح بلا معنى وبلا رسالة .. رأينا قزمان ودميان وهما في سن صغير .. سن شباب .. رأينا فيهما نضج ورؤيا .. يرى الإنسان أن من حقه بعض التجاوزات في مرحلة شبابه .. هذا غير صحيح .. { اذكر خالقك في أيام شبابك } ( جا 12 : 1) .. أُذكر أن هذا هو زمن المحبة .. الجهاد والتعب .. أكثر من مرة يتعرض قزمان ودميان للإستشهاد ونرى أن الله يُرجعهم سالمين .. مرة من المرات وُضعوا في معصرة ومع ذلك جسدهم كان سليم .. { جُزنا في النار والماء وأخرجتنا إلى الراحة } .. ربنا يريد أن يقول لنا أن الجسد الذي هو محور إهتمامكم هو في يد الله لا يمكن أحد أن يمسه إلا بسماح من الله ذاته .. أنا أحدد وأقول فأنا ضابط الكل .. لا يستطيع أحد أن يأتي عليك بسوء ولا يمس شعرة أو عظمة من رؤوسكم إلا بإذني أنا .. وعندما أئذن تكون ممجد عندي يُقال عن القديس العظيم أبو مقار عندما كان يقف للصلاة يرفع يده عالياً وهذا يُزعج الشيطان جداً .. فحاول أن يعطيه إحساس أن يده ثقيلة جداً حتى يُنزلها ويأتي له بأصوات مزعجة .. يحاول يثنيه عن هذه العادة .. ولكن القديس أبو مقار يزيد من رفع يده إلى فوق .. يُقال عن عدو الخير أنه أتى بسيف وإندفع إليه حتى يقطع يده وأما أبو مقار ظل رافع يده ولا يخاف .. ونراه يقول له * لو كان سمح لك أن تقطعها فلتقطعها .. وإن لم يسمح لك لا تستطيع هذا * آبائنا الشهداء كان لديهم هذا الإحساس بأن حياتهم ليست في يد السياف .. ومصيره ليس في يد الملك .. ومستقبله مُدبر من عناية الله وإن سمح بالإستشهاد فهو غاية ما اشتهاه أن يكون مع المسيح فذاك أفضل جداً ( في 1 : 23 ) قزمان ودميان أعطوا لنا نماذج عملية لنعيش في وسط المجتمع .. كثيراً ما سمعنا عن قديسين عاشوا في صحاري وقلالي ونسك شديد ويمكن أن نقول أن سيرتهم غير مناسبة لنا لأننا نعيش في وسط الناس .. وأما قزمان ودميان فرفعوا إسم إلههم بمحبتهم وبذلهم ورؤيتهم الواضحة الله يعطينا أن نكون شهود له في كل مكان نُوضع فيه أن يجعل الجميع يمجدوه ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

غريزة الخوف الجمعة الثانية من شهر بابة

تَقْرَأ الكِنِيسَة فِي هذَا الصَبَاح فَصْل مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمْنَا لُوقَا مِنْ نِهَايِة الأصْحَاح الحَادِي عَشَر وَبِدَايِة الأصْحَاح الثَّانِي عَشَر .. تَعَوَّدَت الكِنِيسَة أنْ تَقْرَأ هذَا الفَصْل فِي تِذْكَار إِسْتِشْهَادٌ الأبَاء القِدِّيسِينْ وَتَقُول ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ ( لو 12 : 4 ) الخُوف غَرِيزَة فِي الإِنْسَان وَالله سَمَح أنْ يَكُون مِنْ مُكَوِنَات الإِنْسَان الرَّئِيسِيَّة الله أعْطَى لِلإِنْسَان غَرَائِز هَدَفْهَا أنْ يَحْفَظْ الإِنْسَان بِهَا حَيَاتُه .. فَنَجِدٌ أنَّ ضَرُورِيَات الحَيَاة كُلَّهَا مِنْ كَثْرِة مَحَبِّة الله تَكُون مُرْتَبِطَة بِغَرَائِز .. ضَرُورِيَات الحَيَاة وَإِسْتِمْرَارْهَا رَبَطْهَا الله بِغَرِيزَة حَتَّى لاَ يَتَوَقَفْ الأمر عَلَى هَوَى الإِنْسَان فَنَجِدٌ الإِنْسَان كَيْ يَعِيش لاَبُدْ أنْ يَأكُل .. الله رَبَطْ الأكْل بِالغَرِيزَة .. كَيْ يَسْتَمِر الإِنْسَان فِي الحَيَاة لاَبُدْ مِنْ تَنَاسُل وَكَيْ يُوْجَدٌ تَنَاسُل فَلاَبُدْ مِنْ غَرِيزَة .. فَوَضَعَ الله فِي الإِنْسَان الغَرِيزَة لِكَيْ تَكُون مُرْتَبِطَة بِاسْتِمْرَار الحَيَاة وَلِكَيْ يَضْمَنْ إِسْتِمْرَار الحَيَاة رَبَطْ كُلَّ الغَرَائِز بِلَذَّة فَنَجِدٌ الشَّهْوَة قَدْ يَكُون بِهَا لَذَّة .. الأكْل بِهِ لَذَّة .. حَتَّى الخُوف بِهِ لَذَّة .. فَنَجِدٌ البَعْض يَمِيلُون لِمُشَاهَدِة أشْيَاء مُرْعِبَة .. لِمَاذَا ؟ مَا الَّذِي يِجْبِرَك لِتَرَى أشْيَاء مُخِيفَة ؟ أوْ مَا الَّذِي يِجْبِرَك لِتَرْكَبْ قِطَار يَسِير فِي الظَّلاَم أوْ تَدْخُل بِيتْ الرُّعْب ؟ هذِهِ أُمور مُرْتَبِطَة فِي الإِنْسَان بِلَذَّة الله مِنْ كَثْرِة رَحْمِتُه جَعَلَ الغَرَائِز مُرْتَبِطَة بِلَذَّة مِنْ أجْل إِسْتِمْرَار حَيَاة الإِنْسَان .. لكِنْ الإِنْسَان بِهَوَاه الشَّخْصِي وَحُرُوب عَدُو الخِير لَوَّث إِرَادِة الله فِي الإِنْسَان .. وَبَدَلْ أنْ تَكُون هذِهِ عَلاَمَة لإِعْلاَن مَحَبِّة الله فِينَا سِوَاء بِغَرِيزَة أوْ شَهْوَة أوْ أكْل أوْ خُوف دَخَلْ العَدُو وَلَوَّث الخُوف وَالأكْل وَالغَرِيزَة وَبَدَلْ مَا تَكُون عَلاَمِة حُبْ الله صَارَت عَلاَمِة إِنْفِصَال عَنْ الله هُنَا يَقُول الله ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ .. كَأمر غَرِيزِي طَبِيعِي لِتُحَافِظْ عَلَى حَيَاتَك وَضَعْت لَك الخُوف كَغَرِيزَة كَيْ تُحَافِظْ عَلَى حَيَاتَك وَمُجَرَّدٌ أنْ تَرَى شِئ يُخِيفَك إِهْرَبْ أوْ حَاوِل أنْ لاَ تُوَاجِه المَوْقِفْ .. هذَا شِئ غَرِيزِي طَبِيعِي فِي الإِنْسَان .. قَالَ الله إِلاَّ فِي هذِهِ الأُمور نَعَمْ الغَرِيزَة هِيَ عَلاَمِة مَحَبِّة الله فِي الإِنْسَان مِنْ أجْل الحِفَاظ عَلَى حَيَاتُه .. لكِنْ عِنْدَمَا يَكُون الإِنْسَان يَحْيَا فِي حَالَة رُوحِيَّة مُتَحِد مَعَ الله يَبْدَأ إِحْسَاسُه بِتَمَسُّكُه بِالحَيَاة يَقِلْ وَعِنْدَمَا يُضَحِّي بِتَمَسُّكُه بِالحَيَاة مِنْ هُنَا يَكُون الخُوف مَنْزُوع وَشَهْوِة الأطْعِمَة لاَ تُوْجَدٌ وَشَهْوِة الحَيَاة الجِنْسِيَّة تَكُون غِير مَوْجُودَةٌ .. هذَا جَاءَ مِنْ شَهْوَة أعْلَى رَفَعَتْ الإِنْسَان إِلَى فَوْق رَبَطِتُه بِالأعْلَى جَعَلِتْ الغَرَائِز لاَ تَكُون خَادِمَة لِحِفْظ الحَيَاة عَلَى الأرْض بَلْ خَادِمَة لِحِفْظ الحَيَاة فِي السَّمَاء وَمِنْ هُنَا تَتَحَوَّل الغَرَائِز مِنْ غَرَائِز إِنْسَان يَحْيَا لِلأرْض إِلَى غَرَائِز إِنْسَان يُرِيدْ أنْ يَحْيَا لِلسَّمَاء فَإِنْ كَانِتْ الغَرِيزَة أوْجَدْهَا الله فِي الإِنْسَان لِحِفْظ حَيَاة الإِنْسَان مُرْتَبِطَة بِلَذَّة صَارَتْ هذِهِ الغَرَائِز نَفْسَهَا مُرْتَبِطَة لِحِفْظ الحَيَاة الأبَدِيَّة بِلَذَّة فَصَارَ الصُوم لَذَّة .. وَصَارَتْ الطَّهَارَة لَذَّة .. وَصَارَ الخُوف الَّذِي يُؤدِّي إِلَى مِيرَاث الحَيَاة الأبَدِيَّة لَذَّة لكِنْ لاَ نُسَمِّيه خُوف بَلْ نُطْلِقٌ عَلِيه مَخَافَة .. فَصَارَتْ فِيَّ مَخَافِة الله لَذَّة .. وَصَارَ الصُوم بِهِ لَذَّة .. وَالطَّهَارَة بِهَا لَذَّة .. لكِنْ قَدْ نَقُول أنَّ هذِهِ الأُمور ضِدٌ الطَّبِيعَة .. نَعَمْ هِيَ ضِدٌ الطَّبِيعَة لكِنْ بِحَسَبْ قَوْل الكِتَاب كَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ ﴾ ( 2كو 5 : 17) .. بَدَأتْ الدَّوَافِعْ تَتَغَيَّر وَالأهْدَاف تَتَغَيَّر وَيَسْلُك الإِنْسَان بِحَسَبْ الإِنْسَان الجَدِيد .. إِنْسَان الحَيَاة الأبَدِيَّة وَكَمَا يُسَمِّيه الآبَاء ** إِنْسَان الله .. إِنْسَان السَّمَاء *هَلْ هذَا لَيْسَ لَهُ غَرَائِز ؟ لَهُ غَرَائِز لكِنَّهَا مُخْتَلِفَة .. غَرَائِز لَيْسَتْ مِنْ أجْل حِفْظ حَيَاة الإِنْسَان عَلَى الأرْض بَلْ مِنْ أجْل حِفْظ الحَيَاة الأبَدِيَّة وَصَارَتْ مُرْتَبِطَة بِلَذَّة أكْثَر مِنْ لَذِّة حِفْظ الحَيَاة الأرْضِيَّة .. لِذلِك الَّذِي بِهِ رُوح الله يَعْمَل صَارَ هذَا الأمر مُؤشِر أكِيدٌ لأِنَّ إِشْتِيَاقَات الحَيَاة الأبَدِيَّة بَدَأت تَعْمَل دَاخِلُه وَالآبَاء القِدِّيسِينْ كَانُوا يَطْلُبُون مِنْ الله قَائِلِينْ ﴿ أعْطِنَا يَا الله أنْ نُحِبَّك بِقُوِّة أهْوَائْنَا ﴾ وَلِنَرَى قُوِّة الأهْوَاء دَاخِلْ الإِنْسَان وَكَيْفَ تَكُون مُتَسَلِّطَة .. نَفْس الإِحْسَاس الّذِي لأِهْوَاء الإِنْسَان بَلْ وَأعْلَى مِنْهُ تَكُون مَحَبِّة الله .. مِنْ هُنَا تَتَبَدَّل شَهْوِة وَاشْتِيَاقَات الإِنْسَان لِذلِك هُنَا يَقُول لَهُمْ ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ تَخَيَّل إِثْنِينْ وَاقِفِينْ وَالإِثْنَان لَهُمَا غَرِيزِة الخُوف .. وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُحِبْ لِلشَّهْوَة وَالحَيَاة مَدْفُوع بِغَرَائِزُه وَتَحْت وَطْأة الغَرِيزَة مُجَرَّدٌ أنْ يَرَى السَّيَاف وَاقِفْ بِيَدِهِ سِيف تَرَى كِمِيِة الرُعْب الَّتِي تَدْخُلْ قَلْبُه وَتَكُون عِنْدُه حَسْرَة عَلَى حَيَاتُه .. وَهذَا الأمر مُرْتَبِطْ بِغَرَائِزُه لِلحِفَاظْ عَلَى حَيَاتُه وَلاَ نَسْتَطِيعْ أنْ نَلُومُه لأِنَّ هذَا حَال الإِنْسَان الطَّبِيعِي .. وَلكِنْ نَجِدٌ الآخَر مُخْتَلِفْ .. يِكَلِّمَك عَنْ سَرْجِيُوس وَوَاخُس– وَهُمَا لَهُمَا شَأنْ عَظِيمْ حَتَّى أنَّ الَّذِينَ عَذَّبُوهُمَا حَاوَلُوا أنْ يُقْنِعُوهُمَا – يُحْكَى عَنْ سَرْجِيُوس أنَّ الَّذِي كَانَ يُعَذِّبُه كَانَ فِي المَكَان الَّذِي كَانَ فِيهِ بِوَاسِطَة سَرْجِيُوس فَكَانَ فِي خَجَل أنْ يُعَذِّبُه لأِنَّهُ يَشْعُر بِجِمِيلُهٌ عَلِيه وَكَأنَّهُ يُرِيدْ أنْ يَقُول لَهُ أنَا أفَضَّل أنْ أكُون مُقَصِّر وَأقُول لَك إِهْرَب مِنِّي .. المُهِمْ أنْ تَهْرَب أنَا غِير قَادِرٌ أنْ أمُدٌ يَدِي وَأُعَذِّبَك فَأنَا مَدْيُون لَك بِالكَثِير .. وَلكِنْ قَدْ يَكُون سَرْجِيُوس يَرْجُوه كَيْ يَسْتَمِر فِي تَعْذِيبُه .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ عِنْدُه غَرِيزَة لكِنَّهَا تَقَدَّسَتْ وَارْتَفَعَتْ جِدّاً وَصَارَتْ غَرِيزَة فِي الله .. وَصَارَتْ غَرِيزَة لَيْسَتْ مِنْ أجْل حِفْظ الحَيَاة الأرْضِيَّة لكِنَّهَا صَارَتْ خَادِمَة لِلحَيَاة الأبَدِيَّة لِذلِك يَقُول ﴿ بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ ﴾ ( لو 12 : 5 ) .. هذَا خُوف جِدِيد .. خُوف الإِنْسَان الرُّوحَانِي الَّذِي عِنْدُه خُوف عَلَى خَلاَص نَفْسُه وَخُوف مِنْ المُعَاشَرَات الرَّدِيئَة وَخُوف مِنْ مَنْظَر رَدِئ .. أوْ إِنُّه يِكُون قَدْ إِسْتَهْتَر بِحَوَاسُه .. عِنْدُه خُوف عَلَى الحَيَاة الأبَدِيَّة مُرْتَبِطْ بِلَذَّة .. جَمِيلٌ الإِنْسَان الَّذِي لاَ يَخَاف مِنْ السِيف لأِنَّ لَذِّة الحَيَاة الأبَدِيَّة أمَامُه لِذَا هُوَ غِير خَائِفْ مِنْ المُوت لأِنَّهُ يَعْلَمْ أنَّ حَيَاة تَنْتَظِرُه .. هذَا جَمَال دَوَافِعْ الإِنْسَان الرُّوحَانِي الَّتِي يَغْلِبْ فِيهَا الإِنْسَان الطَّبِيعِي الَّتِي يَغْلِبْ فِيهَا نَفْسُه .. يَغْلِبْ فِيهَا ضَعَفَاتُه كَثِير مِنْ الآبَاء الشُّهَدَاء كَانُوا يَسْعُون لِلإِسْتِشْهَادٌ وَكَانَ عِنْدَهُمْ لَذِّة الإِسْتِشْهَادٌ وَهذَا لأِنَّ الخُوف الَّذِي دَاخِلُه تَحَوَّل إِلَى مَخَافِة الله فَصَارَ الخُوف الَّذِي دَاخِلُه لَيْسَ غَرِيزَة أرْضِيَّة بَلْ إِنْ صَح التَّعْبِير صَارَ لَدَيْهِ غَرِيزَة رُوحَانِيَّة .. صَارَتْ لَهُ غَرَائِز تَخْدِم أُمور أُخْرَى .. صَارَتْ الغَرِيزَة لَيْسَتْ مَوْضُوعَة فِي الإِنْسَان لِحِفْظ حَيَاة الإِنْسَان مُرْتَبِطَة بِلَذَّة أرْضِيَّة .. بَلْ صَارَتْ مَوْضُوعَة فِي الإِنْسَان مِنْ أجْل حِفْظ حَيَاتُه الأبَدِيَّة مُرْتَبِطَة بِلَذَّة رُوحَانِيَّة لِذلِك الإِنْسَان الرُّوحَانِي عِنْدُه وَقْفِة الصَّلاَة لَذِيذَة وَجَمِيلَةٌ وَإِنْ كَانْ بِهَا تَعَبْ لِلجَسَد .. أيْضاً صُوم يَومَيّ الأرْبَعَاء وَالجُمْعَة يَفْرَح بِهِ وَيَنْتَظِرُه لأِنَّ فِيهِ لَذَّة وَلاَ يَشْعُر بِحِرْمَان .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ الغَرَائِز تَتَبَدَّل وَالإِنْسَان الجَدِيد الَّذِي بِحَسَبْ الرُّوح يُولَدٌ وَيَنْمُو وَصَارَ يَتَذَوَقٌ مَذَاقَة جَدِيدَة لِطَعْم حَيَاة جَدِيدَة فِي الْمَسِيح يَسُوع .. هذِهِ هِيَ بِدَايِة الإِسْتِعْدَادٌ لِلإِسْتِشْهَادٌ .. الإِسْتِشْهَادٌ لَيْسَ لَحْظَة بَلْ حَيَاة .. لَيْسَ مَوْقِفْ بَلْ سُلُوك دَائِمْ .. مِنْ هُنَا الشَّهِيدٌ وَإِنْ كَانِتْ عَنْدُه رَغَبَات حَيَاة أرْضِيَّة إِلاَّ أنَّهَا تَقَدَّسَتْ بِالرُّوح وَارْتَفَعِتْ جِدّاً وَصَارَتْ تَخْدِمٌ أهْدَاف سَمَاوِيَّة قَدْ نَقُول هذَا ضِدٌ طَبِيعِة الإِنْسَان .. نُجِيبْ أنَّ الإِنْسَان يَتَقَدَّس فِي الْمَسِيح .. هَلْ تُصَدِّقٌ أنَّ نَفْس جَسَدَك وَنَفْس غَرَائِزَك تَتَبَدَّل ؟ .. نَعَمْ تَتَبَدَّل .. الله لَمْ يَخْلِقْنَا لِنُسْتَعْبَدٌ لِلغَرَائِز الأرْضِيَّة .. الله خَلَقْنَا مِنْ فَرْطٌ مَحَبِّتُه أعْطَانَا غَرَائِز مِنْ أجْل حِفْظ نُوعْنَا وَالإِبْقَاء عَلَى حَيَاتْنَا .. أعْطَانَا غَرَائِز كَيْ نَعِيش الحَيَاة وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَنَا الأكْل غَرِيزَة سَتَجِدٌ الكَثِيرُون لاَ يَأكُلُون فَيَضْعَفُون وَيَمْرَضُون وَيَمُوتُون .. لِذلِك مِنْ أجْل مَحَبِّة الله رَبَطْ الأكْل بِلَذَّة .. كذَلِك التَّنَاسُل لَوْ لَمْ يَرْبُطُه الله بِلَذَّة كَانَ الإِنْسَان يَنْقَرِض لِذلِك مِنْ مَحَبِّة الله أعْطَانَا أُمور بِهَا تَعْبِير عَنْ إِرْتِقَاء مَحَبَّة .. عِنْدَمَا يَنْحَرِفْ الإِنْسَان عَنْ هذِهِ الأهْدَاف يَقُول لَهُ الله الَّذِي أعْطَيْتَك إِيَّاه أنْتَ بِهِ تُهِينَنِي .. الّذِي أعْطَيْتُه لَك بِمَحَبِّتِي لَك أنْتَ إِسْتَخْدِمْتُه لإِهَانَتِي .. إِذاً تَسْتَطِيعْ يَارَبَّ أنْ تَسْحَبْهَا مِنْ الإِنْسَان ؟ .. يَقُول لاَ .. أنَا لَذِّتِي فِي الإِنْسَان .. أنَا أحَاوِل أنْ أُقَدِّسُه وَأنَا أجْتَهِدٌ أنْ أجْعَل جَسَدُه مِلْكِي .. أجْعَلُه هَيْكَل لله وَغَرَائِزُه مُنْضَبِطَة .. أنَا مَيِّزْت الإِنْسَان بِأجْمَلٌ نِعْمَة نِعْمِة الحُرِّيَّة .. أنَا خَلَقْت الإِنْسَان عَلَى صُورَتِي وَمَيَّزْتَهُ وَلَنْ أنْدَم عَلَى ذلِك .. لاَبُدْ أنَّ الصُورَة الإِلهِيَّة تَثْبُتْ فِي الإِنْسَان حَتَّى عِنْدَمَا يُمَجِّدْنِي يَسْتَحِقٌ أنْ أُمَجِّدُه كَيْ أقُول لَهُ تَعَالَ وَرِث المُلْك المُعَدُّ لَك مِنْ قَبْل إِنْشَاء العَالَمْ ( مت 25 : 34 ) .. أنْتَ حَقَّقْت صُورْتِي عَلَى الأرْض .. حَقَّقْت هَدَفِي فِيك مِنْ خِلْقِتَك أنْتَ مَجَّدْتِنِي عَلَى الأرْض لِذلِك حَرَصِتْ الكِنِيسَة عَلَى إِبْرَاز آبَائْنَا الشُّهَدَاء كَنَمَاذِج لَنَا صُور عَمَلِيَّة لَنَا عَنْ أُنَاس عَاشُوا فِي أجْوَاء بِهَا تَقْرِيباً نَفْس التَّحَدِيَات الَّتِي تُوَاجِهْنَا .. تَحَدُّوا مُجْتَمَع .. تَحَدُّوا طُغَاة .. تَحَدُّوا ألَمْ .. تَحَدُّوا مُقْتَنَيَات وَغَرَائِز وَغَلَبُوا لأِنَّ بِذْرِة الحَيَاة الأبَدِيَّة وُضِعَتْ فِيهُمْ فَرَوُوهَا وَنَمُّوهَا .. كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا وُضِعَتْ فِيهِ بِذْرِة الحَيَاة الأبَدِيَّة مِنْ يُوم المَعْمُودِيَّة .. مِنْ يُوم المَعْمُودِيَّة لاَبُدْ أنْ نَرْعَاهَا بِإِجْتِهَادٌ .. القِدِيس أُوغُسْطِينُوس يَقُول ﴿ إِرْعَى مُحِبّاً مَا قَدْ أخَذْتَهُ ﴾ ** إِرْعَى مُحِبّاً ** أي كَمَا تَهْتَمْ بِطِفْل بِحُبْ وَحَنَان وَرِعَايَة الله أعْطَانَا الكَثِير أعْطَانَا رُوحُه القُدُّوس .. أعْطَانَا نَفْسُه كُلَّ يُوم عَلَى المَذْبَح لِلتَّقْدِيس وَالثَبَات وَالنُمُو لَمْ يَمْنَع خِير عَنْ طَالِبيِه .. لَمْ يَدَعْنَا مُعْوَزِينْ شَيْء .. أعْطَانَا بِذَار وَقَالَ هذِهِ البِذَار مِنْ أجْل نُمُو الحَيَاة السَّمَاوِيَّة لِذلِك كَانُوا يَسْعُون لِلإِسْتِشْهَادٌ وَإِنْ كَانُوا فِي مَدِينَة أُخْرَى يَتَقَاطَرُون عَلَى الإِسْتِشْهَادٌ .. لِمَاذَا ؟ .. هُنَاك رَغْبَة جِدِيدَة جَدِّت فِي حَيَاتْهُمْ .. شَهْوِة حَيَاة جِدِيدَة .. حَيَاة أبَدِيَّة لاَ يَسْتَطِيعُوا أنْ يَحْتَمِلُوهَا فَبَحَثُوا عَنْ أمَاكِنْ الإِسْتِشْهَادٌ هُنَاك أبَاء شُهَدَاء كَانُوا يُعْطُون فِضَّة لِضَارِبِيهُمْ بِالسِيف .. القِدِيس بُطْرُس خَاتِمْ الشُّهَدَاء خَافْ السَّيَاف أنْ يَقْطَعْ رَأسُه مِنْ شِدِّة وَقَارُه وَهَيْبَتُه .. كَيْفَ يَخَاف السَّيَاف ؟ .. نَعَمْ الخُوف غَرِيزَة لِحِفْظ النُّوع وَلكِنْ السَّيَاف يُمِيتْ وَلاَ يَمُوت .. الَّذِي يَمُوت لاَ يَخَافْ .. الحَيَاة فِي الْمَسِيح يَسُوع تُحَوِّل الخَائِفْ إِلَى شَهِيدٌ وَالشَّهْوَانِي إِلَى بَتُول .. الحَيَاة فِي الْمَسِيح يَسُوع تُبَدِّل الغَرَائِز وَتَعْلُو بِهَا وَتُقَدِّسْهَا وَتَجْعَلْهَا غَرَائِز لِحِسَاب الْمَسِيح لِذلِك تَقُول لَك الكِنِيسَة ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ الكِنِيسَة وَضَعِتْ هذِهِ النَّمَاذِج وَتَحْتَفِل بِهَا لِتُغَيِّر أهْدَافْنَا وَتَقُول لَك أنْتَ لاَ تَعِيش لِلأرْض فَقَطْ تَهْتَمْ بِمَا تَأكُلْ وَتَرْتَدِي لاَ نَمِّي إِشْتِيَاقَات الحَيَاة الأبَدِيَّة الَّتِي عِنْدَك تَغَيَّر وَتَقَدَّم وَنَمِّي إِشْتِيَاقَاتَك إِذَا جَاءَ مَوْقِفْ الأنْ لِتُقَدِّم حَيَاتَك لِلْمَسِيح مَاذَا سَتَفْعَل ؟ لَنْ تَسْتَطِيعْ أنْ تَقُول أُقَدِّم حَيَاتِي لِلْمَسِيح فِي لَحْظَة لاَبُدْ أنْ تَكُون مُقَدِّمْهَا كُلَّ يُوم لاَبُدْ أنْ تَكُون لَك وَقْفِة صَلاَة وَإِنْ كَانِتْ مُتْعِبَة لِلجَسَد لاَبُدْ أنْ تَغْلِبْ الجَسَد وَإِنْ كَانْ لَيْسَ لَدَيْكَ وَقْت وَإِنْ كُنْت لاَ تُعْطِي حَتَّى وَلَوْ لَحَظَات لله فَكَيْفَ تُعْطِيه الحَيَاة كُلَّهَا ؟ مِنْ هُنَا نَقُول تُوْجَدٌ حَيَاة أبَدِيَّة بِغَرَائِز رُوحِيَّة مِحْتَاجِينْ أنْ نَحْيَاهَا مِنْ الأنْ لِنَتَهَيَّأ لِمَجْد الحَيَاة الأبَدِيَّة الله يُعْطِينَا أنْ نَسْلُك بِإِسْتِقَامَة فِي الحَيَاة وَأنْ يُصَحِّح أهْدَافْنَا وَيُقَوِّم خَطَوَاتْنَا وَيُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

زكريا الكاهن الجمعة الرابعة من شهر توت

تُعَيِّدٌ الكِنِيسَة اليُّوم بِتِذْكَار بِشَارِة زَكَرِيَّا الكَاهِن بِمِيلاَدٌ السَّابِقٌ يُوحَنَّا المَعْمَدَان .. زَكَرِيَّا الكَاهِن هُوَ كَاهِن مِنْ كَهَنِة العَهْد القَدِيم جَاءَتْ عَلَيْهِ القُرْعَة أنْ يَدْخُل الهِيكَل وَفِيمَا هُوَ يُبَخِّر ظَهَرَ لَهُ مَلاَك وَبَشَّرَهُ بِمِيلاَدٌ يُوحَنَّا المَعْمَدَان هُنَاك فِكْرَة عَنْ أُسْلُوب الخِدْمَة فِي العَهْد القَدِيم كَكَهَنُوت .. كَانَ هُنَاك مَا يَقْرُب مِنْ مَائَة وَعُشْرُون ألْف كَاهِن عَلَى هَيْكَل وَاحِدٌ وَمَذْبَح وَاحِدٌ فَكَيْفَ يَخْدِم كُلَّ هؤُلاَء ؟ كَيْ تُنَظَمْ الخِدْمَة قُسِّمُوا إِلَى أرْبَعَة وَعِشْرِينْ فِرْقَة وَكُلَّ فِرْقَة تَخْدِم عَشْرَة أيَّام .. الفِرْقَة الوَاحِدَة تَتَكَوَنْ مِنْ آلاَف الكَهَنَة .. لَوْ قَسَمْنَا مَائَة وَعُشْرُون ألْف عَلَى أرْبَعَة وَعِشْرِينْ فِرْقَة فَتَكُون كُلَّ فِرْقَة حَوَالِي خَمْسَة آلاَف .. الكَهَنَة يَخْدِمُون عَشْرَة أيَّام كُلَّ سَنَتِينْ .. وَكَانُوا يُرِيدُون أنَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يُبَخِّر وَلِكَيْ لاَ يَكُون هُنَاك أي لُون مِنْ ألْوَان التَّحَيُز كَانُوا يُقِيمُون قُرْعَة لِيَدْخُل وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِيُبَخِّر فِي الهِيكَل فَكَانَ مُمْكِنْ كَاهِن لاَ تَقَعْ عَلِيه قُرْعَة وَبِالتَّالِي يَظَلْ طُول عُمْرُه لاَ يَدْخُل الهِيكَل وَلاَ يُبَخِّر كُلَّ سَنَتِينْ تَأتِي الدَّوْرَة عَلَى الفِرْقَة عَشْرَة أيَّام فَتَذْهَبْ الفِرْقَة مِنْ مُخْتَلَفْ نَوَاحِي أُورُشَلِيم وَتُقِيم فِي مَكَان مُعَيَّنْ فِي يَمِينْ الهِيكَل خَاص بِهِمْ .. إِنْسَان يَقُول هؤُلاَء هُمْ الفِرْقَة الَّتِي سَتَخْدِم هذِهِ الأيَّام العَشْرَة مَنْ يَدْخُلْ مِنْهُمْ لِيُبَخِّر ؟ .. يَقُولُون لَهُ حَسَبْ القُرْعَة .. أُسْلُوب القُرْعَة كَانَ يُتَّبَعْ كَثِيراً فِي العَهْد القَدِيم فِي الأُمور الَّتِي بِهَا تَسَاوِي مُطْلَقٌ .. هذَا أُسْلُوب لاَ يَتَفِقٌ مَعَ رُوح العَهْد الجِدِيد .. تُقَام قُرْعَة وَيَدْخُل وَاحِدٌ مِنْ الفِرْقَة إِلَى الهِيكَل لِيُبَخِّر .. تَخَيَّل أنَّ كَاهِن يَدْخُلْ الهِيكَل وَهُوَ يَعْلَمْ أنَّهُ قَدْ تَنْتَهِي حَيَاتُه دُونَ أنْ يَدْخُلْ مَرَّة أُخْرَى لِذلِك يَكُون يُوم دُخُولُه الهِيكَل هُوَ يُوم عُمْرُه كُلُّه .. هُوَ يُوم كَهَنُوتُه كُلُّه .. قَدْ يَكُونْ كَاهِن حَالَفَهُ الحَظْ وَيَدْخُلْ الهِيكَل مَرِّتِينْ أوْ ثَلاَثَة مَرَّات فِرْقِتُه تَخْدِم كُلَّ سَنَتِينْ مَرَّة وَقَدْ تَقَعْ عَلِيه القُرْعَة أكْثَر مِنْ مَرَّة زَكَرِيَّا الكَاهِن كَانَ كَاهِن فِي فِرْقَة إِسْمَهَا فِرْقِة أبِيَّا وَنَقْرَأ ذلِك فِي سِفْر أخْبَار الأيَّام الأوَّل تَقْسِيمْ الكَهَنَة إِلَى أرْبَعَة وَعِشْرِينْ فِرْقَة وَالَّذِي سَمَحَ بِهذَا التَّقْسِيمْ هُوَ دَاوُد النَّبِي كَانَ الكَاهِن يَبْدأ خِدْمِتُه كَمَا نَقْرَأ فِي سِفْر العَدَد فِي عُمْر الخَمْسَة وَالعِشْرُون عَاماً وَيَظِلْ تَحْت التَّدْرِيبْ خَمْسَة سَنَوَات وَيَبْدَأ خِدْمِتُه الفِعْلِيَّة فِي عُمْر الثَّلاَثِينْ عَاماً وَتَنْتَهِي خِدْمِتُه أوْ يَتَقَاعَد عَنْ الخِدْمَة فِي عُمْر الخَمْسِينْ عَاماً .. إِذاً فِتْرِة الخِدْمَة الفِعْلِيَّة لِلكَاهِن مِنْ سِنْ الثَّلاَثِينْ إِلَى الخَمْسِينْ مِنْ عُمْرُه زَكَرِيَّا الكَاهِن دَخَل الهِيكَل تَقْرِيباً فِي نِهَايِة فِتْرِة خِدْمِتُه لأِنَّ الكِتَاب قَالَ أنَّهُ كَانَ شِيخ وَزَوْجَتُه مُتَقَدِّمَة فِي الأيَّام ( لو 1 : 18) .. دَخَلْ الهِيكَل مَرَّة وَاحِدَة لِيُقَدِّم فِيهَا البُخُور مَعَ العِلْم أنَّ زَكَرِيَّا الكَاهِن شَهَدَ لَهُ الكِتَاب بِبِرُّه الكَامِل .. وَمَعَ العِلْم أيْضاً أنَّ زَكَرِيَّا الكَاهِن مَشْهُودٌ لَهُ أنَّهُ مِنْ أفْضَل نَوْعِيَات جِيلُه .. وَمَعَ كُلَّ ذلِك يَدْخُلْ الهِيكَل مَرَّة وَاحِدَة فِي حَيَاتُه .. هُنَا نَتَفِقٌ مَعَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول لَوْ فَكَّرْنَا فِي الرُّوح الَّتِي سَادَتْ العَهْد القَدِيم فَنَعْرِفْ قِيمِة كَلِمَتُه الَّتِي تَقُول ﴿ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ ﴾ ( رو 5 : 2 ) نَحْنُ اليُّوم نَدْخُلْ الهِيكَل كُلَّ يُوم .. اليُّوم الأسْرَار مَكْشُوفَة لَنَا .. صَارَ لَنَا تَلاَمُس حَقِيقِي مَعَ الْمَسِيح سَيِّد الهِيكَل .. اليُّوم نَنْظُر لَيْسَ فِي لُغْز أوْ كَمَا فِي مِرْآة بَلْ كَمَا يَقُولُون ﴿ نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ ﴾ ( 2كو 3 : 18) ..وَصَارَ يَتَكَلَّمْ مَعَنَا بِالعَيَانْ وَنَفْهَمْ الأُمور الغَامِضَة .. مِسْكِينْ الإِنْسَان الَّذِي بِجَانِبِهِ بَرَكَات وَيَكُون مَحْرُومٌ مِنْهَا .. يَقُول لأِنَّ النَّامُوس عَاجِز .. عَاجِز عَنْ أنْ نَتَلاَمَس مَعَ النِّعْمَة النَّامُوس يَصِلْ بِك إِلَى مَرْحَلَة .. يَصِلْ بِك إِلَى بَاب الهِيكَل لكِنْ كَيْ تَدْخُلْ القُدْس وَقُدْس الأقْدَاس .. لاَ .. تَرَاهَا مِنْ بَعِيد فَقَطْ بِعَيْنَيْكَ .. هَلْ تَعْرِفْ مَا بِدَاخِلُه ؟ .. لاَ .. هذَا هُوَ الفَرْق .. هذِهِ هِيَ النِّعْمَة الَّتِي أخَذْنَاهَا بِتَجَسُّد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح .. هذِهِ هِيَ النِّعْمَة الَّتِي بِهَا نَحْنُ الأنْ وَلاَبُدْ أنْ نُدْرِك قِيمِتْهَا وَلاَبُدْ أنْ نُقَدِّم لله عِوَضْهَا ذَبَائِح شُكْر وَحَمْد وَتَسْبِيح وَنَشْكُرُه عَلَى أنَّهُ أعْطَانَا إِسْتِحْقَاقٌ التَّلاَمُس مَعَ أسْرَارُه .. النِّعْمَة الَّتِي جَعَلَتْنَا لاَ يُكَلِّمْنَا الله بِألْغَاز بَلْ وَجْهاً لِوَجْه وَعَيَاناً بِعَيَانْ .. قَدِيماً عِنْدَمَا صَعَدَ مُوسَى النَّبِي عَلَى الجَبَلْ لِيُكَلِّمْ الله ثُمَّ نَزَلْ كَانَ وَجْهَهُ مُضِئ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أحَدٌ أنْ يَنْظُر وَجْهَهُ فَوَضَعَ بُرْقُعْ عَلَى وَجْهِهِ .. بُولِس الرَّسُول بَارِع فِي فَك رُموز العَهْد القَدِيم فَقَالَ ﴿ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاقٍ غَيْرُ مُنْكَشِفٍ الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ ﴾ ( 2كو 3 : 14) .. أُزِيلَ البُرْقُعْ فِي الْمَسِيح .. لاَ يُوْجَدٌ بُرْقُعْ يَفْصِل بَيْنَنَا وَبَيْنَ الله وَصِرْنَا نَرَاه فِي العَهْد القَدِيم كَانَتْ الأُمور أمَام عُيُونَهُمْ وَلَمْ يَسْتَوْعِبُوهَا .. رُبَّمَا كَانَتْ أُمور تَحْدُث مَعَهُمْ هُمْ أنْفُسَهُمْ وَلَمْ يَسْتَوْعِبُوهَا .. تَخَيَّل أبُونَا إِبْرَاهِيم وَهُوَ يُقَدِّم إِبْنُه إِسْحَق عَلَى المَذْبَح هَلْ تَتَخَيَّل أنَّهُ كَانَ يَفْهَمْ أنَّ هذَا هُوَ الصَّلِيبْ ؟ هَلْ تَتَخَيَّل أنَّ مَا يَفْعَلُه كَانَ يَعْرِفْ أنَّهُ مُوتْ الإِبْن وَأنَّهُ وَهُوَ يَرْبُطْ إِبْنُه أنَّ هذِهِ هِيَ المَسَامِير الَّتِي عَلَى الصَّلِيبْ وَأنَّهُ وَهُوَ رَاجِعْ بِإِبْنُه أنَّ هذِهِ هِيَ القِيَامَة ؟ ( تك 22 : 1 – 19) .. بِالطَبْع لَمْ يَكُنْ يَفْهَمْ .. كَانَتْ الأُمور تَحْدُث مَعَ الشَّخْص نَفْسُه وَلاَ يَفْهَمْ يُونَان النَّبِي وَهُوَ فِي بَطْن الحُوت هَلْ تَتَخَيَّل أنَّهُ فَاهِمْ أنَّ هذَا هُوَ الْمَسِيح فِي القَبْر ثَلاَثَة أيَّام ؟( يون 1 : 17) .. لَمْ يَفْهَمْ .. نَحْنُ الَّذِينَ فَهَمْنَا وَوَرَثْنَا وَفَهَمْنَا أنَّ الإِبْن يُمَهِدٌ لِمَجِيئُه مِنْ أوِّل الدُّهُور .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ يُرِيدْ أنْ يُعْطِيك رِسَالَة عَنْ المَحَبَّة . يُرِيدْ أنْ يَكْشِفْ لَك أعْمَاقٌ تَدْبِيرُه الَّذِي بِدَاخِلْ قَلْبُه الَّذِي يَنْبُض بِمَحَبِّتَك .. هَلْ تَتَخَيَّل أنَّهُمْ وَهُمْ يَأكُلُون خَرُوف الفِصْح كَانُوا يَعْرِفُون مَاذَا يَعْمَلُون ؟ ( خر 12 : 3 – 12) .. هَلْ تَتَخَيَّل أنَّ يُوسِف وَهُوَ فِي السِّجْن كَانَ يَعْرِفْ أنَّ هذَا هُوَ يَسُوع فِي الجَحِيم ؟ ( تك 39 : 20 ) .. أي رَمْز فِي العَهْد القَدِيم الَّذِينَ فَعَلُوه هُمْ أنْفُسَهُمْ لَمْ يُدْرِكُوه .. لَمْ يَعْرِفُوا أنَّ الحَيَّة النُّحَاسِيَّة الَّتِي كُلَّ مَنْ نَظَرَ إِليْهَا يَبْرأ هِيَ الصَّلِيبْ صَلِيبْ رَبِّنَا يَسُوع الَّذِي فِيهِ شِفَاء مِنْ كُلَّ أمْرَاض خَطَايَانَا وَمِنْ سُمْ الحَيَّة الَّتِي هِيَ إِبْلِيس( عد 21 : 8 – 9 ) . نَحْنُ الأنْ فِي العَهْد الجِدِيد أخَذْنَا النِّعْمَة وَالبَرَكَة وَإِنْ كَانْ زَكَرِيَّا الكَاهِن كَانَ يَدْخُل مَرَّة وَاحِدَة فِي حَيَاتُه الهِيكَل وَكَانَ أي كَاهِن مِثْلُه فَكَمْ يَكُون سَائِر الشَّعْب ؟ كَانَ المَفْرُوض أنَّ زَكَرِيَّا الكَاهِن يَدْخُل الهِيكَل وَيَخْرُج يُبَارِك الشَّعْب لكِنَّهُ خَرَجَ صَامِتْ لاَ يَعْرِفْ أنْ يَتَكَلَّمْ لأِنَّ المَلاَك قَالَ لَهُ سَتَظَلْ صَامِتْ حَتَّى مِيلاَدٌ يُوحَنَّا ( لو 1 : 20 ) .. خَرَجَ صَامِتْ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُعْطِيهُمْ البَرَكَة .. هذَا هُوَ العَهْد القَدِيم الَّذِي يَخْرُج لَك صَامِتْ .. العَهْد الجَدِيد مَمْلُوء بَرَكَة مُذَخَّر فِيهِ كُلَّ كُنُوز المَعْرِفَة وَالحِكْمَة فَلْنَأخُذْ ( كو 2 : 3 ) قَدْ يَقُول لَك هذَا كَاهِن .. نُجِيبُه هذَا حَال الكَاهِن فِي العَهْد القَدِيم .. يُجِيبَك الكَاهِن اليُّوم يَدْخُل الهِيكَل كُلَّ يُوم وَيُبَخِّر لكِنِّي لَسْتُ كَاهِن !! .. نَقُول لَهُ لاَ .. هُوَ جَعَلَك تَأخُذْ نِعْمِة تَقْدِيمْ ذَبِيحَة وَرَفْع البُخُور وَتَكْرِيس حَيَاتَك .. وَيَقُول لَنَا كُلُّكُمْ قَدْ كُرِّسْتُمْ فِي المَعْمُودِيَّة وَدُشِّنْتُمْ بِالمَيْرُون .. كُلُّكُمْ مِلْك لله قَدِيماً كَانَتْ فِئَة وَاحِدَة فَقَطْ مِلْكُه فِئَة اللاَّوِيِّين مَوْهُوبُون هِبَة لله ( عد 3 : 9 ؛ 8 : 15 – 16) لكِنْ الأنْ كِنِيسِة العَهْد الجِدِيد كُلُّكُمْ مَخْتُومِينْ .. كُلُّكُمْ مِلْك لله وَلاَ تُوْجَدٌ فِئَة مِلْكُه مُعَيَّنَة أوْ الكَهَنَة فَقَطْ .. لِذلِك صِرْنَا كَهَنُوت مُلُوكِي .. إِنْ كَانَ دَاوُد النَّبِي قَدِيماً إِرْتَفَعَ فَوْقَ الزَّمَنْ وَقَالَ ﴿ لِيَكُنْ رَفْعُ يَدَيَّ كَذَبِيحَةٍ مَسَائِيَّةٍ ﴾ ( مز 141 : 2 ) .. رَفْع اليَدْ ذَبِيحَة كَيْفَ ذلِك وَلَمْ يَكُنْ فِي أيَّامَك يَا دَاوُد ؟يَقُول لاَ .. هذِهِ رُوح العَهْد الجِدِيد أنْتَ اليُّوم عِنْدَمَا تَرْفَعْ يَدَك لِلصَّلاَة فَأنْتَ تُقَدِّم ذَبِيحَة .. عِنْدَمَا تَرْفَعْ قَلْبَك لِلصَّلاَة فَهذَا بُخُور طَيِّبْ يَشْتَمُّه الله رَائِحَة ذَكِيَّة نَقِيَّة يَصْعَدٌ لِحَضْرَتِهِ .. عِنْدَمَا تُسَبِّح اليُّوم بِشِفَاهَك فَأنْتَ تُقَدِّم لَهُ عِجْل وَكَمَا يَقُول هُوشَع النَّبِي ﴿ عُجُولَ شِفَاهِنَا ﴾ ( هو 14 : 2 ) .. ﴿ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ ﴾ ( عب 13 : 15) .. أي هَلْ أسْتَطِيعْ اليُّوم أنْ أُقَدِّم ذَبَائِح ؟ يَقُول نَعَمْ .. ﴿ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ ﴾ ( رو 12 : 1) .. عَقْلَك يُقَدِّم ذَبِيحَة .. ﴿ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ ﴾ ( رو 12 : 1) زَكَرِيَّا الكَاهِن كَانَ يَدْخُلْ الهِيكَل مَرَّة وَاحِدَة .. مَتَى أنْتَ تَسْتَطِيعْ أنْ تُقَدِّم ذَبِيحَة ؟ فِي كُلَّ وَقْت تَرْتَفِعْ يَدَك لِلصَّلاَة تَرْفَعْ ذَبِيحَة وَتَتَرَاءَى أمَامُه أحَدٌ القِدِّيسِينْ يَقُول أنَّ جَسَدَك هذَا كُلُّه هُوَ هَيْكَل لله وَقَلْبَك هُوَ المَذْبَح وَعَقْلَك هُوَ الكَاهِن .. الهِيكَل وَسَطُه مَذْبَح .. جَسَدَك هِيكَل وَقَلْبَك مَذْبَح أمَّا عَقْلَك فَهُوَ الكَاهِن الَّذِي يَقُوم بِشَرَفْ هذِهِ الخِدْمَة .. ﴿ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ ﴾ .. إِذاً أنْتَ تَسْتَطِيعْ أنْ تُقَدِّم ذَبَائِح وَبُخُور وَرَفْع يَدَيْن .. إِذاً أنْتَ لَمْ تَصِر مَحْدُودٌ بِقُرْعَة .. لَمْ تَصِر لَك إِشْتِيَاقَات وَيُقَالْ لَك لَيْسَ الأنْ .. لَمْ يَصِر لَك دُور تَنْتَظِرُه صَارَ كُلَّ وَقْت يُدْعَى أجَاب .. حَتَّى أنَّهُ إِنْ قَالَ لَكَ إِنْسَان أنَا أعُودٌ مِنْ عَمَلِي مِتْأخَّر فَهَلْ أصَلِّي السَّاعَة الثَّالِثَة فِي الثَّالِثَة ظُهْراً ؟ .. نُجِيبُه نَعَمْ .. هَلْ أسْتَيْقِظْ بَاكِر وَأُصَلِّي صَلَوَات بَاكِر وَالثَّالِثَة وَالسَّادِسَة فِي السَّابِعَة صَبَاحاً ؟ نُجِيبُه تَسْتَطِيعْ ذلِك .. هُوَ قَالَ " فِي كُلَّ وَقْت دُعِيَ أجَاب " .. حَتَّى فِي الطَّرِيقٌ صَلِّي .. فِي كُلَّ وَقْت إِرْفَعْ قَلْبَك إِلَى الله قَدِيماً كُنْت مُقَيَدٌ بِمَكَان وَاحِدٌ تَأتِي إِليْهِ وَكُنْت مُقَيَدٌ بِأزْمِنَة وَبِقُرْعَة .. الأنْ أنْتَ غِير مُقَيَدٌ بِزَمَنْ أوْ عَدَد أوْ مَكَانْ .. إِلَى هذِهِ الدَّرَجَة ؟ نَعَمْ .. هذِهِ هِيَ النِّعْمَة .. ﴿ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ ﴾ لِذلِك قَالَ بُولِس الرَّسُول ﴿ كَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصاً هذَا مِقْدَارُهُ ﴾ ( عب 2 : 3 )الله يَقُول أعْطَيْتَك كُلَّ هذِهِ النِعَمْ وَالخَيْرَات .. ﴿ رَبَطْتَك بِكُلَّ الأدْوِيَة المُؤدِيَة إِلَى الحَيَاة ﴾( مَا يَقُولُه الكَاهِن فِي جُزْء ** حَوَّلْتَ لِيَ العُقُوبَةَ خَلاَصاً ** فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) .. مَا مِنْ شِئ أعْوَزَك إِلاَّ وَأعْطَيْتُه لَك .. مَاذَا تُرِيدْ أكْثَر مِنْ ذلِك ؟ أنَا أقُول لَك إِرْفَعْ يَدَك وَأنَا أقْبَلْهَا ذَبِيحَة وَأنْتَ تِكَسِّلْ .. قَدِيماً كَانَ الكَاهِن يَقِفْ أمَامِي مَرَّة وَاحِدَة وَأنَا أقُول لَك قِفْ أمَامِي فِي كُلَّ وَقْت وَأنْتَ تَرْفُض .. هَلْ أُعِيد لَك زَمَنْ القُرْعَة ؟ هَلْ أُعِيد لَك زَمَنْ الإِبْتِعَادٌ ؟ لِذلِك لَمَّا أحْزَنْ الشَّعْب فِي العَهْد القَدِيم الله لَمَّا تَمَرَّدُوا عَلِيه قَالَ لَهُمْ ﴿ فَتَعْرِفُونَ ابْتِعَادِي ﴾ ( عد 14 : 34 ) .. نَعَمْ يَسْتَطِيعْ الله أنْ يَجْعَلَك تَشْعُر بِرُوح الإِبْتِعَادٌ .. لكِنُّه فِي العَهْد الجِدِيد قَالَ أنَا قَرِيبْ مِنْكَ جِدّاً حَتَّى إِنِّي لَمْ أجِدٌ مَكَانْ أسْكُنُه أفْضَلْ مِنْ دَاخِلَك كُلَّ هذَا كَانَ فِي زَكَرِيَّا وَكَهَنُوت زَكَرِيَّا وَالعَهْد القَدِيم لكِنْ أنْتَ الأنْ فِي نِعْمَة كِبِيرَة .. هُمْ تَعَامَلُوا مَعَ الرَمْز أمَّا أنْتَ فَتَتَعَامَلْ مَعَ الحَقِيقَة .. هُمْ تَعَامَلُوا مَعَ الظِّلْ أمَّا أنْتَ فَتَتَعَامَلْ مَعَ الخِير نَفْسُه .. هُمْ أخَذُوا الذَّبِيحَة رَمْز أنْتَ أخَذْت الذَّبِيحَة الحَقِيقِيَّة .. كُلَّ الرُمُوز الَّتِي كَانَتْ فِي ذَبَائِح العَهْد القَدِيم ذَبِيحِة الإِثْم .. ذَبِيحِة الخَطيَّة .. ذَبِيحِة الكَفَّارَة .. كُلَّهَا كَمُلَتْ فِي ذَبِيحَة وَاحِدَة لَيْسَ فَقَطْ تَرَاهَا أوْ تَسْمَعْ عَنْهَا بَلْ تَأخُذْهَا وَتَتَحِدٌ بِهَا وَتَمْتَزِج بِدَمَك وَحَيَاتَك .. لِذلِك نِعْمِة العَهْد الجَدِيد هِيَ نِعْمَة لاَبُدْ أنْ تُتَاجِر بِهَا وَتَفْرَح بِهَا .. لِذلِك الكِنِيسَة تَطْلُبْ مِنْك مُسْتَوَى أنْ تَكُون قِدِيس وَلَك حَوَاس مَخْتُونَة وَمُكَرَّسَة وَقَدَاسَة بِدَرَجِة قَدَاسِة الْمَسِيح لأِنَّهُ أعْطَاك إِمْكَانِيَات كَثِيرَة وَيَقُول ﴿ كُلَّ مَنْ يَسْألُ يَأْخُذُ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ ﴾( مت 7 : 8 ) .. لِذلِك فِي العَهْد الجَدِيد أخَذْنَا خَيْرَات وَبَرَكَاتْ لِذلِك يُغَار الشَّيْطَان وَيُوَجِّه سِهَامُه بِطَرِيقَة مُرَكَّزَة وَيِصْعَبْ عَلِيه أنْ تَتَمَتَّعْ بِكُلَّ هذِهِ النِعَمْ .. وَيِصْعَبْ عَلِيه أنْ تَقْتَرِبْ بِإِلهَك فَيَهِيج وَلكِنُّه يَهِيج وَهُوَ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانْ وَلاَ تُعْطِيه الفُرْصَة أنْ يَهِيج .. فَلاَ يِشْغِلَك تِلِيفِزْيُون عَنْ وَقْفِة الصَّلاَة .. لاَ .. أنْتَ تُقَدِّم ذَبِيحَة مَقْبُولَةٌ أمَام الله .. رُوح العَالَمْ لاَ يَشْغِلَك عَنْ أنْ تَتَمَتَّعْ بِرُوح تَكْرِيسِيَّة لِلْمَسِيح حَتَّى وَإِنْ كُنْت مَشْغُول قُلْ لَهُ أنَا مِلْك لَك لأِنِّي دُشِّنْت فِي المَعْمُودِيَّة كُلَّ جُزْء فِيَّ مَخْتُومٌ وَالخِتْم عَلاَمِة المِلْكِيَّة يَقِفْ زَكَرِيَّا الكَاهِن بِقَلْب مَكْسُور أمَام الله وَرَغْم كُلَّ بِر زَكَرِيَّا إِلاَّ أنَّهُ كَانَ يَشْعُر بِإِنْكِسَار لأِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أوْلاَدٌ .. الكِتَاب يَشْهَدٌ لَهُ أنَّهُ بَار .. ﴿ وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ ﴾ ( لو 1 : 6 ) .. شِهَادِة الإِنْجِيل وَشِهَادِة السَّمَاء .. مُمْكِنْ إِنْسَان يَشْهَدٌ لَهُ النَّاس أوْ يَشْهَدٌ لِنَفْسُه لكِنْ أنْ تَشْهَدٌ لَهُ السَّمَاء فَهذَا هُوَ المَطْلُوب .. الفِرِّيسِيِّينْ كَانَ الشَّعْب يَشْهَدٌ لَهُمْ لأِنَّ شَكْلُهُمْ بَرَّاق عَارِفِينْ النَّامُوس وَالأحْكَام وَالشَّرَائِعْ .. مَظْهَرْهُمْ بَرَّاق جِدّاً .. وَلَمْ يَكُنْ لِلشَّعْب كِتَاب يَقْرأ مِنْهُ .. أمَّا الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيُون فَكَانَ لَهُمْ كِتَاب يَقْرَأُون مِنْهُ لِذلِك عِنْدَمَا كَانَ رَبَّ المَجْد يَسُوع يُكَلِّمَهُمْ كَانَ يَقُول لَهُمْ ﴿ أَمَا قَرَأْتُمْ ﴾ ( مت 12 : 3 ) .. وَعِنْدَمَا يُكَلِّمْ عَامَّة الشَّعْب كَانَ يَقُول لَهُمْ﴿ قَدْ سَمِعْتُمْ ﴾ ( مت 5 : 21 ) .. مَسَاكِينْ كَانَتْ كُلَّ مَعْرِفَتِهِمْ يَأخُذُونَهَا مِنْ الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّينْ فَقَطْ وَلَمْ يَقْرَأوا .. لِذلِك كَانَ الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيُون يِوَصِلُون أحْيَاناً المَعْلُومَة خَطَأ .. وَلِذلِك وَبَّخَهُمْ السَيِّد الْمَسِيح قَائِلاً أخَذْتُمْ مَفَاتِيح المَعْرِفَة وَلَمْ تَدْخُلُوا وَمَنَعْتُمْ الدَّاخِلِينْ ( مت 23 : 13)حَمَّلْتُمُوهُمْ أحْمَال عَسِرَة ( لو 11 : 46 ) .. شَبِّهْتُونِي بِإِله قَاسِي .. شُوَّهْتُمْ الأُمور .. أظْهَرْتُمُونِي بِصُورِة إِله مُنْتَظَر سُقُوطَك وَهَلاَكَك أكْثَر مِنْ إِنْتِظَارُه تَوْبِتَك زَكَرِيَّا الكَاهِن كَانَ يَقِفْ أمَام الله مَكْسُور .. فِي عِينْ الله بَار لكِنْ فِي عِينْ النَّاس غِير بَار .. هَلْ تَعْلَمْ لِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ كَانَتْ تُوْجَدٌ قَاعِدَة فِي العَهْد القَدِيم أنَّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أوْلاَدٌ يَكُون الله غَاضِبْ عَلِيه لأِنَّهُ جُلِبَتْ عَلِيه لَعْنَة لأِنَّ الله قَالَ لإِبْرَاهِيم وَعْد بِالبَرَكَة أنَّهُ يَنْمُو وَيَكْثُر وَيَمْلأ الأرْض وَعِنْدَمَا لاَ تَكُون بِك هذِهِ النِّعْمَة تَكُون أنْتَ شَخْص مَلْعُون .. تَخَيَّلْ زَكَرِيَّا الكَاهِن البَّار فِي عَيْنَيَّ الله النَّاس تَحْتَقِرُه لأِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أوْلاَدٌ .. وَلِنَرَى مَاذَا يَقُول النَّاس وَمَاذَا يَقُول الله ؟ .. لِذلِك قَالَتْ ألِيصَابَات بِصَرَاحَة ﴿ هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِي الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ لِيَنْزَعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ ﴾ ( لو 1 : 25 ) .. عَارٌ أنَّ لَيْسَ لَهَا أوْلاَدٌ مَعْنَاه فِي العَهْد القَدِيم أنَّ المَسِيَّا يَرْفُض أنْ يَأتِي مِنْ نَسْلُه .. لِذلِك العُقْم فِي العَهْد القَدِيم كَانَ عَلاَمِة نَزْع البَرَكَة .. تَخَيَّلْ رَأي النَّاس وَرَأي الله .. نِسْأل .. لِمَاذَا يَا الله أنْتَ مُتَمَهِلْ عَلَى زَكَرِيَّا ؟يَقُول لأِنِّي أُعِدٌ لَهُ هِدِيَّة قَيِّمَة وَكَبِيرَة ..أُرِيدْ لَهُ إِبْن لاَ يَكُون مِثْل أي إِبْن .. أنَا أُرِيدُه أنْ يَكُون هُوَ السَّابِقٌ لِلسَيِّد الْمَسِيح لِذلِك أنَا سَأُعْطِيه إِبْن قَبْل الْمَسِيح لِيُعِدٌ لَهُ .. مَنْ يَفْهَمْ أحْكَام الله ؟ مَنْ يَفْهَمْ تَأنِّي الله ؟ مَتَى تُعْطِنِي يَا الله ؟ فِي الوَقْت المُنَاسِبْ وَبِالطَّرِيقَة المُنَاسِبَة .. إِنْتَظِر الرَّبَّ .. لِذلِك رَائِعْ مَزْمُور اليُّوم الَّذِي يَقُول ﴿ أنْتَ يَا الله تَرْجَعْ وَتَتَرَاءَفْ عَلَى صِهْيُون لأِنَّهُ وَقْت التَّرَاؤُف عَلَيْهَا لأِنَّ الزَّمَان قَدْ حَضَر ﴾( مز 102 : 13 ) .. وَقْت التَّرَاؤُف .. جَاءَ الوَقْت الَّذِي يَنْزَع فِيهِ العَار عَنْهُ .. جَاءَ الوَقْت الَّذِي يُعْلِنْ فِيهِ بِرُّه .. رُبَّمَا يَعِيش الزَّمَنْ كُلُّه مُحْتَقَر فِي أعْيُنْ النَّاس .. رُبَّمَا يَأتِي وَقْت يَتَحَنَّنْ فِيهِ الله ؟ رُبَّمَا .. المُهِمْ إِنْتَظِر الرَّبَّ وَهُوَ يُعْطِي البَرَكَة فِي حِينْهَا رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

المسيح فى الضعفاء الجمعة الأولى من شهر نسئ

إنجيل معلمنا متى الإصحاح 25 يحدثنا عن مجئ ربنا يسوع المسيح عندما يأتي مع ملائكته لكي يدين العالم .. فلكي يميز الراعي الخراف من الجداء .. الجيد من الردئ .. سيضع الخراف عن يمينه والجداء عن يساره .. الذين عن يمينه سيرحب بهم ويقول ﴿ تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم ﴾ ( مت 25 : 34 ) .. وعندما نتساءل ونقول لماذا هؤلاء ؟ يقول ﴿ لأني جعت فأطعمتموني .. عطشت فسقيتموني .. كنت غريباً فآويتموني .. عرياناً فكسوتموني .. مريضاً فزرتموني .. محبوساً فأتيتم إليَّ ﴾ ( مت 25 : 35 – 36 ) .. الغريب عندما سأله متى حدث ذلك فلم نشاهدك قط عرياناً أو عطشان .. محبوساً أو جوعان .. فقال له ﴿ بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم ﴾( مت 25 : 40 ) .. وضع الرب يسوع نفسه في جميع الفئات .. محبوس .. عريان .. غريب .. جوعان .. جعل نفسه متاح للكل .. وأعطى لكل هؤلاء قيمة نفسه هو وجعل هذا هو شرط البر لذلك نرى في المسيحية جميع الخدمات .. سواء خدمة الفقير مجاناً أو خدمة المحبوس .. خدمات المعاقين ذهنياً في كل أنحاء العالم .. خدمات للمتضايقين .. الصليب الأحمر .. الصم والبكم .. كل هذا جاء عندما جاء المسيح ورفع كل هذه الفئات في شأنها وجعلها كنفسه .. تسابق الشعب المسيحي على خدمة هؤلاء .. فهذا هو الجوهر في الخدمات المسيحية وأصبحت الرؤية إلى المتضايق أو المحتاج على أنه شخص المسيح .. لهذا نرى بعض الآباء الكهنة عند ذهابه إلى مريض لزيارته يخلع حذاءه لأنه يعتبر نفسه داخل إلى المسيح .. من أمثلة ذلك أيضاً قصة الأنبا بيشوي عندما أخذ تلاميذه وذهبوا لرؤية المسيح وهو في طريقه شاهد رجل عجوز أراد أن يذهب ولكنه لم يستطع ذلك .. فحمله القديس على كتفه وظل الحِمل يزداد ويزداد وبعدها أخذ يقل وعرف أنه هو المسيح الذي كان يحمله ولهذا نراه يقول للذين على يساره ﴿ إذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته لأني جعت فلم تطعموني .. عطشت فلم تسقوني .. كنت غريباً فلم تأووني .. عرياناً فلم تكسوني .. مريضاً ومحبوساً فلم تزوروني ﴾ ( مت 25 : 41 – 43 ) .. والآن نقول إسرع للخدمة والعطاء ولا تنظر لما هو الأحق بالخدمة .. قدم حب لأنه أهم من عطاء المال .. الرب يسوع يرى أن العطاء يعمل شيئين :- i.تفريغ القلب من محبة العالم وهذا مهم جداً .. أهم من المال لأن المال ليس شر لكن محبة المال هو الشر والتعلق به . ب.حركة عطاء قلبي ومادي .. حركة تتوقف على الحياة الروحية . من أجل هذا فإن الكنيسة الأولى عندما إلتهب عمل روح الله فيهم لم يطيقوا أن يكون لهم ممتلكات .. باعوا كل ممتلكاتهم وبدأوا في مساعدة الفقراء جميعاً ولم يوجد في هذا الوقت فقير أو محتاج .. معادلة الله للبشرية تقول عشور الناس = إحتياجات الفقراء .. وعندما نرى محتاج نعرف أن هناك من لا يعطي العشور يُقال عن قديس إسمه بيصاريون أنه نسخ من الكتاب المقدس نسخة كاملة وكان الرهبان يتبادلوا هذه النسخة فيما بينهم للقراءة .. وذات مرة لم يعطي القديس النسخة لأحد وخرج وعندما أتى ورفض إعطاءهم النسخة عرفوا أنه لم يرجع بها وقال لهم « هو كان يأمرني أن أعطي وأبيع وأعطي وبعت الكتاب المقدس وأعطيت ثمنه لرجل كان عليه دين وكان يبكي لأنه كان سيُحبس » .. فضَّل أن يحيا الوصية عن أن يقرأ الوصية .. من عرف قيمة المسيح في المحتاج هو الذي يبحث عن المحتاج .. هو يساعد المسيح .. هم الذين قال لهم تعالوا رثوا الملكوت المُعد لكم الكنيسة تضع هذا الإنجيل في نهاية السنة حتى تعلمنا أن نفكر في إحتياجات الفقير كما نفكر في إحتياجاتنا .. إذا رأيت كرامة الذين فعلوا الرحمة مع الآخرين تتعجب كثيراً .. ولكن من فعل رحمة ليتمجد هو غير الذي يفعل الرحمة من أجل أن يتمجد الله نفسه .. رحمة تُقدم للمسيح بدون أي نفاق دون أن يشعر أحد .. في الخفاء لأن المسيح هو الذي يرى .. عندما تقرأ هذا الإنجيل بإيمان لا تحتقر أي محتاج أو فقير مهما كان .. لأنه يأتي اليوم الذي يطالبك فيه الله بكل صرخة مسكين .. وبكاء المحتاجين .. يُطالبك ويقول لك لماذا أغلقت قلبك .. من أجل هذا عليك بالضعفاء والمساكين ولكن الأمر يحتاج إلى حكمة ورؤية .. يجب أن تعرف أن إحتياجه وسيلة لخيرك وتقدمك أنت الآباء القديسين يذكرونا بقصة السامري الصالح عندما ذهب بالشخص المُلقى في الطريق إلى صاحب الفندق وقال له ﴿ مهما أنفقت أكثر فعند رجوعي أوفيك ﴾ ( لو 10 : 35 ) .. يقول لنا المسيح هذا الكلام عندما أعطي أي إنسان محتاج في مجيئه الثاني إعتني به ومهما أنفقت وعندما آتي أوفيك .. إبحث عن محتاج لتساعده .. إبحث على شخص المسيح فالمسيح يحتاج إلى من يبحث عنه .. يحتاج لمن يكرم إخوته الأصاغر . هل تعلم أن أبونا بيشوي كان يحب زيارة الناس التي تسكن الأكشاك خاصة في المناطق النائية جداً في الإسكندرية المقيمين على خط السكة الحديد في أكشاك من حديد .. وأنه طلب من زوجته بأن ينقل إقامته هو وزوجته في أحد الأكشاك لكي يعيش بنفس الطريقة .. فهو أدرك أنهم ليس فقط مجرد أناس بل كل واحد هو المسيح الأمر يحتاج رؤية أوسع .. وكما يقول أحد الآباء القديسين ﴿ ليس هو بعيد عنك ذاك الذي تتعب في البحث عنه طول أيام حياتك ﴾ .. إن أردت أن تراه وتتلامس معاه وتتكلم .. لهذا إنجيل متى الإصحاح 25 يعمل عمل رحمة لكي نرث الملكوت المُعد لنا منذ تأسيس العالم ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين

مفهوم العظمة الجمعة الأولى من شهر أبيب

إنجيل معلمنا مرقس أصحاح 9 : 33 – 34 ربنا يسوع تقابل مع تلاميذه وقال لهم { بماذا كنتم تتكالمون فيما بينكم في الطريق .. فسكتوا لأنهم تحاجوا في الطريق بعضهم مع بعضٍ في من هو أعظم } .. كلٍ منهم أراد أن يُثبِت أنه الأعظم بينهم بدليل سواء الأكبر سناً أو أول من دعاه يسوع أو يسند له مهام أكثر أو المحبوب عنهم وهكذا هذا هو صراع هذه الحياة .. نرى من يعيش لمجرد أنه أراد أن يُثبت أنه الأعظم .. عندما نرى واحد مثل يوحنا المعمدان رجل براري يأكل جراد وعسل نحل ويلبِس جِلد ماعز فهو ليس بعظيم أبداً .. وإن قيسَ ربنا يسوع نفسه على مقياس العظمة الأرضية نجده غير عظيم لأنه ليس له أين يسند رأسه وليس له مال أو مركز في المجتمع .. فإن مقاييس العظمة التي نقيس عليها العظمة غير مُنطبِقة عليه بالتأكيد هذا الكلام عمل نوع من أنواع الإنقسام بينهم .. فرد الرب يسوع عليهم وقال { إذا أراد أحد أن يكون أولاً فيكون آخر الكل وخادماً للكل } ( مر 9 : 35 ) نرى الكتاب المقدس يذكر لنا هذا الموضوع عدة مرات .. سمح الله لهم أن يدخلوا في امتحان صعب بعد هذه المناقشة ويسقطوا فيه .. بعد واقعة النقاش هذه في من يكون الأعظم دخلوا الإمتحان الثاني وهو أنهم رأوا شخص عليه روح شريرة ولم يستطيع أحدهم إخراجه .. من يبحث عن الأعظم لا يستطيع أن يتحدى مملكة العدو وجاء الرب يسوع وقال لهم { هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم }( مت 17 : 21 ) المرة الثانية قبل دخول الرب يسوع بستان جثسيماني سألوا أنفسهم هذا السؤال فيما هو الأعظم بينهم .. سقطوا في الإختبار الثاني .. عندما دخل ليُصلي وأمرهم بالسهر سقطوا في وصية السهر وناموا .. فم يسقط في تجربة العظمة لا يستطيع أن يجاهد جهاد روحي مرضي أمام الله .. { إذا أراد أحد أن يكون أولاً فيكون آخر الكل وخادماً للكل } .. هنا تبدأ العظمة وهنا نستطيع أن نغلب مملكة العدو ويسهر ويواظب على الصلاة نحتفل بالقديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين .. وهو صبي صغير كان يعطي طعامه للرعاة ويصوم هو للمساء .. وبعد الإنتهاء من عمله في رعاية الغنم وهو فتى صغير يدخل في مكان مُظلم للصلاة حتى الليل ثم يذهب إلى والده .. في يوم ذهب والده لصاحب العمل يعاتبه على أنه بيأخر إبنه حتى الليل وهو فتى صغير السن .. فقال صاحب العمل لوالده أنه يصرِفه في العصر ويجعله يمضي مُبكراً .. فراقبه أبوه ليعرف إلى أين يذهب الفتى بعد العمل فوجدهُ يدخل إلى مكانٍ ما ليصلي حتى يأتي الليل فم يجد لذته مع الله لا يبحث فيما هو أعظم .. من يعرف أن عظمته في المسيح لا يبحث عن عظمته بين الناس .. العظمة مع المسيح هي التي تعطي له كرامة وسط الناس .. محبة الجميع تجعل الجميع يُعطوا له كرامة إستخدم ربنا يسوع المسيح مناهج تربوية في التعليم .. { فأخذ ولداً وأقامهُ في وسطهم ثم احتضنهُ وقال لهم من قبل واحداً من أولادٍ مثل هذا باسمي يقبلني ومن قبلني فليس يقبلني أنا بل الذي أرسلني }( مر 9 : 36 – 37 ) .. هنا يقول له يوحنا { رأينا واحداً يُخرِج شياطين باسمك وهو ليس يتبعنا فمنعناه لأنه ليس يتبعنا } ( مر 9 : 38 ) .. فإن الذات داخلهم جعلتهم عندما يروا أي شخص يفعل شئ ولم يكن معهم يكون خاطئ .. هذا لأن الهدف ضاع في وسطهم ونظروا إلى أنفسهم ليس على أنهم جماعة مقدسة ولكنها جماعة قوة المفهوم في الحياة المسيحية والروحية إننا واحد في المسيح يسوع وكلٍ منا يُكمِّل الآخر .. فعندما ترى أحد لديهِ موهبة عليكَ أن تفرح .. داء الإنسان في الكرامة .. داء الإنسان في الذات والصراع على العظمة ويرغب أن يكون أولاً .. وهنا يقلِب لنا الرب يسوع القاعدة { إذا أراد أحد أن يكون أولاً فيكون آخر الكل وخادماً للكل } .. ولأن هذا صعب جداً تحقيقه فعليكَ أن تُجاهد حتى تكون هكذا .. كرامة الإنسان في المسيح يسوع .. في البذل والعطاء وليس في الأخذ .. كرامته في الإتضاع وليس في الإرتفاع .. كرامته في خدمته للآخرين وليس في التعاظُّم على الآخرين مقاييس العظمة عند ربنا يسوع المسيح مقاييس مختلفة تماماً عن مقاييس الأرض .. لذلك هناك أُناس في الملكوت ليس لهم كرامة على الأرض .. على رأي الست العذراء في التسبحة الخاصة بها عندما قالت { أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المُتضعين } ( لو 1 : 52 ) .. سنرى مفاجأت في السماء .. أُناس لم يُعطوا أي كرامة على الأرض ولكنهم سبقونا في السماء ولكنهم استوفوا أجرهم على الأرض العظمة في المسيح يسوع .. يحيرنا هذا السؤال كثيراً وصراع العظمة يأخذنا في الحياة .. تملِّي هناك أُناس تريد أن تكون الأعظم والأكبر وموضع احترام وتقدير كل الناس .. كن هكذا من خلال إرضائك لله .. إذا اقتنيت المسيح اقتنيت كل شئ .. من أخذ المسيح أخذ الجوهرة الغالية الكثيرة الثمن رأينا ناس تخلوا عن تيجان المُلك وثياب المُلك والقصور والكرامة وسكنوا البراري والشقوق يعيشون في خفاء .. مثل الملكة أناسيمون التي تخلت عن المُلك وأرادت أن تعيش مجهولة .. إنها تفهم مفهوم العظمة وأن العظمة في المسيح يسوع .. عظمته في الأبدية وليست على الأرض الإنسان المُزكَّى بحسب تعبير معلمنا بولس الرسول { الذي مدحه ليس من الناس بل من الله }( رو 2 : 29 ) .. مفهوم العظمة هو أن يوجد خفاء بينه وبين الله ويكون لديهِ رصيد في الملكوت ويكون مكانة الإنسان عند ربنا في موضِع راحة ومتقدم بسبب تقواه وبره التلاميذ أنفسهم سقطوا في هذا الإختبار ولكنهم عندما رأوا ربنا يسوع المسيح في الصليب وعندما تلامسوا مع قيامته وحل عليهم الروح القدس رأينا أن المفهوم تغيَّر تماماً .. كل واحد يُقدم الآخر وكيف كلٍ منهم يُقبِل على الإختفاء .. وجدنا واحد مثل معلمنا بطرس الرسول عندما يختار موته يقول إنه لا يرغب أن يموت كما مات المسيح وطلب أن يُصلب مقلوب ومُنكس الرأس حتى لا يكون مثل سيده مفهوم الصليب في حياتهم قَلَب القواعد .. مفهوم العظمة على الصليب مفهوم مختلف .. الإنسان الذي يبذل نفسه عن الآخرين وموضع احتقار من كل الناس ومن وُضِع عليه ظُلم البشرية هذا هو الأعظم .. وهو الذي قال { وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع } ( يو 12 : 32 ) .. لهذا يُقال عن ربنا يسوع المسيح أنه مَلَكَ على خشبة .. فلا يوجد ملك يملُك خشبة .. فالملك يجلس على العرش ويلبِس ثياب ناعمة .. كل هذا من أجلنا حتى يُغيِّر مفهوم العظمة كن آخر الكل .. لكي تكون عظيم لا تفكر فيما هو لنفسك .. هذا هو ما يريد الإنسان أن يقتنيه بكل أمانة وكل إتقان .. جرب كيف تبحث عن الخفاء والعطاء وكيف تُقدم غيرك عن نفسك وكيف تكون عظيماً لدى الله .. إستمد العظمة من مصدر العظمة .. لا تأخذ العظمة من ذاتك حتى لا تظهر حقيقتك الضعيفة .. فلا يوجد شئ يستحق العظمة من عظَمَتُه من المسيح يشعر أنه أقل الناس .. والناس تشعر أنه أعلى الناس .. ربنا يسوع المسيح أوقف طفل في وسطهم حتى لا يتوارث هذا التفكير في كنيسته وخاصته .. لابد أن يزول هذا الفكر من داخلك .. ربنا يسوع المسيح جاء لكي يخدم ويضع نفسه تحت أرجلنا .. عاش بلا كرامة لكي يعطينا الكرامة .. رغم إنه غني إفتقر لكي يُغنينا بفقره .. أي عظمة خارجة عن المسيح هي عظمة زائفة .. المال .. الشهرة .. المنصِب .. المقتنيات القديس العظيم الأنبا شنودة رئيس المتوحدين رغم صِغَر سنه إلا إنه إكتشف الطريق وهو في أبسط نماذج العطاء .. أعطى طعامه للرعاة .. المُحب للصلاة ربنا أعطاه أسرار في اللاهوت لم يعطيها الله لحكماء .. الله استخدمه منارة .. إنه كان مصدر التعليم ضد بدعة نسطور الذي أراد أن يفرق بين اللاهوت والناسوت وأنهم طبيعتين ومشيئتين .. من أين أتى هذا القديس بهذا الكلام ؟ من الصلاة والنسك ومن الوحدة والتخلي .. هنا ترى مفهوم العظمة ويكشف لك الله أسرار وتشعر بالغِنى ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل