المقالات

05 سبتمبر 2021

بين النبوة والإيحاء الشيطانى

ربما كان اختيار رصل لعام 1914م هى بمحض الصدفة أو بإيحاء شيطانى، لأن الشيطان يستطيع أن يعرف بعض الأشياء ليس كنبوة ولكن كاستنتاج لأحداث يمكن أن تحدث من دراسته للجو السياسى فى العالم. فلا نأخذ هذه الاستنتاجات على أنها نبوات. النبوة هى شئ لا يستطيع أحد أن يستنتجه بطريحته أو بذكائه السياسى. فمثلاً عندما يتنبأ إشعياء النبى قبل ميلاد السيد المسيح بثمانمائة سنة ويقول: "ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" (إش7: 14) فهذا لا علاقة له لا بالطب ولا بالسياسة أو غيرها. وعندما يقول داود النبى قبل صلب السيد المسيح بألف سنة: "ثقبوا يدىّ ورجلىّ. أُحصى كل عظامى.. يَقسِمُون ثيابى بينهم وعلى لباسى يقترعون" (مز22: 16-18) والمعروف أن أحداً لم يثقب يدى داود أو رجليه. وأيضا حينما يقول: "يُنغِضون الرأس قائلين: اتكل على الرب فلينجه، لينقذه لأنه سُرَّ به" (مز22: 7، 8).. هذه العبارات نفسها قالها اليهود وهم يلتفون حول صليب السيد المسيح، وكان هذا الكلام قد قيل قبل الحدث بأكثر من ألف سنة وقدم وصفاً دقيقاً لصلب السيد المسيح. والذين تمموا هذه النبوات ليسوا أصدقاء للسيد المسيح لئلا يظن أحد أنهم اتفقوا على محاولة إتمام النبوة، بل الذين تتموه هم أعداء السيد المسيح اليهود ومعهم الرومان الوثنيون. فما منفعة الرومان أن يعملوا كل هذا ليثبتوا الآيات التى قالها داود النبى؟! النبوة دائماً تكون واضحة أنها نبوة... لكن الأحداث التى تحدث بالصدفة لا تكون نبوات. مثلما يقول البعض أن مستردامس تنبأ عن بعض الأشياء. بالطبع لا؛ مستردامس فى فرنسا عندما كان التنجيم محرّماً وكان يحكم على المنجمين بالإعدام، كتب بعض الأخبار والأشياء فى وريقات متفرقة خوفاً من أن تُمسك وتعتبر تنجيماً، وكتب عن حروب وعن مآسى وعن أمور أخرى من الممكن أن تحدث فى العالم ولكن لم يحدد تاريخ لأى حدث منها. فالذين يتتبعون أوراقه يبحثون إلى أن يجدوا ما يناسب الزمن المعين فينسبون ما فى ورقة ما إلى تاريخ معين، أو يقولون هذه نبوة لم تحدث بعد. يا ليتنا لا نتبع هذه البدع والخرافات. البقرة الحمراء أيضاً من ضمن الذين استغلّوا موضوع المجيء الثانى، أولئك الذين تكلموا منذ بضع سنوات عن موضوع البقرة الحمراء. فادعوا أن بقرة حمراء ولدت فى إسرائيل وعملوا ضجة كبيرة فى العالم وفى مصر على هذا الموضوع، حتى أن البعض أصدروا كتباً للرد. يقولون أن بقرة حمراء ولدت فى إسرائيل وفى سفر العدد الأصحاح 19 ورد ما يلى: "وكلّم الرب موسى وهارون قائلاً هذه فريضة الشريعة التى أمر بها الرب قائلاً: كلّم بنى إسرائيل أن يأخذوا إليك بقرة حمراء صحيحة لا عيب فيها ولم يعلُ عليها نير. فتعطونها لألعازار الكاهن فتُخرَجُ إلى خارج المحلة وتُذبحُ قدامه. ويأخذ ألعازار الكاهن من دمها بأصبعه وينضح من دمها إلى جهة وجه خيمة الاجتماع سبع مرات. وتُحرق البقرة أمام عينيه، يحرق جلدها ولحمها ودمها مع فرثها. ويأخذ الكاهن خشب أرز وزوفا وقرمزاً ويطرحهن فى وسط حريق البقرة. ثم يَغسِلُ الكاهن ثيابه.. ويجمع رجل طاهر رماد البقرة ويضعه خارج المحلة فى مكان طاهر فتكون لجماعة بنى إسرائيل فى حفظٍ ماء نجاسة. إنها ذبيحة خطية.. فتكون لبنى إسرائيل وللغريب النازل فى وسطهم فريضة دهرية" (عدد19: 1-10).هذا الماء كان يُستخدم لتطهير الذين يتنجسون بحسب الشريعة الموسوية. فاعتقدوا أنه بولادة بقرة حمراء سيُبنى الهيكل لأن هذه كانت لها علاقة بخيمة الاجتماع وبالذبائح الحيوانية عند اليهود.. فقالوا مادامت قد ولدت فى إسرائيل بقرة حمراء وحيث إنه لا يوجد فى العالم كله بقرة حمراء أخرى فسوف يبنى الهيكل وستعود الشرائع اليهودية مرة أخرى.إذا روّج اليهود لهذه الشائعات فنحن نعرف خططهم ولا نجهلها لكن أن يتبنى المسيحيون الفكرة ويروجوا لها فأمثال هؤلاء يريدون أن يعملوا شهرة لأنفسهم لاغير. وفعلاً عمل أحد الوعاظ المسيحيين ضجة حول هذا الموضوع، وحينما قابله قداسة البابا وسأله كان رده "ذبحناها خلاص يا سيدنا"! للرد على هذا الموضوع أمامنا اعتباران:- 1) بإمكان اليهود عن طريق المسائل الجينية إعطاء حقن وهرمونات معينة لكى تولد بقرة بلون معين.. فلا يخدعنا هذا الأمر. 2) ماذا تعنى كلمة أحمر فى الكتاب المقدس؟ هل تعنى دائماً الألوان الحمراء الصريحة؛ الأحمر القرمزى مثلاً أم ماذا؟! أحياناً حينما يذكر اللون الأحمر فى الكتاب المقدس يكون أحمر فعلاً، وأحياناً يكون بنى أو أصفر. والدليل على ذلك أن العدس الذى طبخه يعقوب عندما أراد عيسو أن يأكل منه يقول الكتاب "قال عيسو ليعقوب أطعمنى من هذا الأحمر.. فأعطى يعقوب عيسو خبزاً وطبيخ عدس" (تك25: 30، 34). يقول على العدس "هذا الأحمر" فالأحمر هنا هو لون تقريبى لأنه لا يوجد عدس أحمر. يوجد عدس بنى وعدس أصفرهكذا حينما يقول الكتاب "بقرة حمراء" قد يكون المقصود بقرة لونها بنى لأنه من غير المعقول أن يظل شعب إسرائيل ينتظرون قروناً طويلة حتى تولد بقرة حمراء منذ أن أمر الله موسى بهذه الوصية، وأضاف أن تكون صحيحة ولا يعلوها نير. من الواضح أن المقصود هو البقر بنى اللون لأنه يوجد بقر لونه أسود اللون وبقر أبيض اللون وبقر مبقع أبيض على بنى.. والبقر الموجود فى منطقة الشرق الأوسط غالباً ما يكون أبيض اللون أو بنى أو مشكل. إيمان اليهود ونهاية العالم للأسف؛ فإن البعض يعتقدون أن اليهود سوف يؤمنون عندما يبنون الهيكل ويقدمون الذبيحة ولا تنـزل نار من السماء وتأكل الذبيحة، فيكون هذا هو سبب إيمانهم.لكن اليهود سبق وعرفوا من الحراس الرومان أن المسيح قام من الأموات، وكانت النتيجة أنهم أعطوا رشوة للحراس وقالوا لهم قولوا أن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام.. والمعروف طبعاً أن النائم لا يرى من حضر!! فإيمان اليهود لا يتوقف على حدوث حدث معين يحرجهم لأنه سبق وأحرجتهم قيامة السيد المسيح ولم يؤمنوا. والذين آمنوا هم فقط المعينون للحياة الأبدية. لكن قيادات اليهود والأمة اليهودية الرسمية فى ذلك الوقت استمرت فى عصيانها. أنا أعتقد أن إيمان اليهود ليس من الضرورى أن يرتبط بحدث بناء الهيكل لأن السيد المسيح نفسه قال "لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض" (مت24: 2). لذلك الدوران حول قضية نهاية العالم وربطها ببناء الهيكل وتقديم بقرة حمراء ذبيحة خطية و.. إلخ، أعتقد أنها فى غالب الأمر محاولات سوف تبوء بالفشل.فحينما نفكر فى إيمان اليهود وتوبتهم كعلامة من علامات المجئ الثانى التى سوف نتكلم عنها، الأفضل أن نفكر فى البُعد الروحى لهذا الموضوع ولا نربطه بحدث محدد قد لا يكون هو الذى فى تدبير الله. الطريقة الصحيحة للتفكير فى المجيء الثانى تكلّم السيد المسيح كثيراً عن أهمية حياة الاستعداد... واستخدم الاستعداد لمجيئه الثانى كوسيلة للاستعداد فى حياتنا الشخصية. لأن العالم سينتهى بالنسبة لأى إنسان مع انتقاله من هذا العالم. فمجيء السيد المسيح الثانى لن يغير الوضع كثيراً بالنسبة لأى إنسان من حيث استعداده الشخصى لملاقاة الرب.. والذين سيكونون فى العالم فى وقت مجيء السيد المسيح الثانى عليهم أيضاً أن يستعدوا، لكن ما الفائدة من أن يظل الإنسان يفكر فى ميعاد نهاية العالم ثم تنتهى حياته هو شخصياً على الأرض ولم يكن مستعداً؟ فلو فُرض أن عرف الإنسان أن العالم سينتهى بعد ألف سنة من الوقت الحاضر، بينما لم يستعد هو نفسه لأنه يعلم أنه لا يزال هناك ألف سنة أخرى. حياته هو لن تطول ألف سنة، فما الفائدة من معرفته بميعاد نهاية العالم؟!! لذلك كان السيد المسيح متعمداً كما أيضاً فى التدبير الإلهى أن لا يعلن متى ستكون نهاية العالم لأن هذا سيكون مدعاة للناس أن تتمسك بهذا العالم. لكن الكتاب ينذرنا دائماً بزوال هذا العالم وانتهائه لنفهم أيضاً أن العالم سينتهى بالنسبة لنا شخصياً بانتقالنا من هذا العالم، فالبعدين مرتبطين معاً.لذلك حينما تكلّم السيد المسيح عن مثل العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات قال فى نهاية المثل: "فاسهروا إذاً لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التى يأتى فيها ابن الإنسان" (مت25: 13).كذلك حينما تكلّم عن نهاية العالم قال: "اسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون فى أية ساعة يأتى ربكم.. لذلك كونوا أنتم أيضاً مستعدين لأنه فى ساعة لا تظنون يأتى ابن الإنسان" (مت24: 42، 44). والعروف أن "ابن الإنسان" هو الرب السيد المسيح نفسه لأنه تجسد من العذراء مريم وصار إنساناً.إذاً الشئ الذى يستفيد منه الإنسان فى تذكّره لنهاية العالم هو أن لا يحب العالم.. ليس المقصود هو كراهية الناس، بل عدم محبة المادة والحياة الزمنية. وأن يشتاق إلى الأمور السمائية وينتظر الحياة الأبدية. فى نهاية قانون الإيمان الذى يقال فى الصلوات الخاصة وفى القداسات والأسرار إلخ. نقول {وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى آمين}. ففيما نحن ننتظر حياة الدهر الآتى ونهاية العالم نتذكر قيامة الأموات. وهذا هو الأسلوب السليم للتفكير فى نهاية العالم. فنهاية العالم بالنسبة لنا هى بداية استعلان ملكوت الله فى الحياة الأبدية. هل سيملك على الأرض البعض يظنون أن السيد المسيح حينما يأتى ليدين العالم ويجلس على عرش مجده سوف يكون هذا العرش على الأرض، لكن معلمنا بولس الرسول يقول فى رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكى: "لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات فى المسيح سيقومون أولاً. ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعاً معهم فى السحب لملاقاة الرب فى الهواء وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس4: 16، 17). فإذا كنا سنلاقى الرب فى الهواء، إذاً الرب سيجلس على عرش مجده فى السماء، ولكن بعد أن يكون قد اقترب من الأرض. وعن مجيئه الثانى قال السيد المسيح نفسه: "ومتى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسى مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب. فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعى الخراف من الجداء. فيُقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركى أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم.. ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار: اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدَّة لإبليس وملائكته، لأنى جعت فلم تطعمونى، عطشت فم تَسقونى. كنت غريباً فلم تأوونى، عرياناً فلم تكسونى، مريضاً ومحبوساً فلم تزورونى.. الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر فبى لم تفعلوا. فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى والأبرار إلى حياة أبدية" (مت25: 31 –46).الإيحاء المبدئى الذى تتركه عبارة "متى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسى مجده" التصور المبدئى هو أن يكون هذا الكرسى موضوعاً على الأرض، ولكن هذا الكرسى ليس مثل الكراسى المادية التى نعرفها المصنوعة من الخرزان، أو خشب، أو حتى الذهب، ولكنه كرسى مجده، أو عرش مجده.. هل عرش مجده فى سماء المسوات فى الملكوت مصنوع من الخشب؟! هذا العرش لا يحتاج أن يرتكز على الأرض. أما عبارة "يجلس على كرسى مجده" فتعنى أنه الديان، مثلما يجلس القاضى إلى منصة القضاء. فالسيد المسيح حينما صعد إلى السماء لم يخضع لقوانين الجاذبية الأرضية بالرغم من أنه صعد بجسده الذى قام من الأموات. لذلك يصف القديس بولس الرسول نفس الموقف يقول "الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء". إذاً مجيئه من السماء وأن عرش مجده فى السماء أمر واضح فى العبارات التى ذكرناها من إنجيل متى ورسالة تسالونيكى الأولى. "والأموات فى المسيح سيقومون أولاً" أى الذين رقدوا سيقومون أولاً.. "ثم نحن الأحياء.." وقد شرح بولس الرسول فى رسالته إلى أهل كورنثوس إن الأموات سيقومون أولاً ثم كلنا نتغيّر "هوذا سر أقوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير. فى لحظة فى طرفة عين عند البوق الأخير؛ فإنه سيُبوَّقُ فيقام الأموات عديمى فساد ونحن نتغير" (1كو15: 51، 52). نتغير بمعنى نكون لابسين جسداً معرضاً للموت أو الفساد أو الألم أو الجوع، نتغير إلى أجساد ممجدة، أجسام روحانية. فجسد القيامة الذى سنأخذه سيكون على مثال جسد السيد المسيح الذى صعد به إلى السماء ولكن ليس مساوٍ له فى المجد لأنه ليس متحد باللاهوت مثل جسده الإلهى. مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المجئ الثانى للرب من منظور روحى
المزيد
04 سبتمبر 2021

علامات تسبق المجيء الثاني للرب ج3

عودة أخنوخ و إيليا إلى الأرض: الزيتونتان و المنارتان القائمتان:- هناك مَثَل شعبي يقول أن القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود... هذا المثل يناسب حدث عودة أخنوخ وإيليا، لكنهما قرشين.على مدى تاريخ البشرية رفع الله شخصين من الأنبياء أحياء إلى السماء، وهما أخنوخ السابع من آدم وإيليا النبي الذي صعد بمركبة نارية وخيل ناري إلى السماء. ولكن ليس إلى السماء العليا سماء السموات في الملكوت، بل إلى سماء معينة. لماذا حفظ الرب إيليا وأخنوخ؟ لكن لماذا "سار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه" (تك5: 24)؟ لماذا حفظه الله عنده هو وإيليا حتى الآن وهما لم ينالا سر المعمودية ولا ماتا؟! والكتاب يقول "وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة" (عب9: 27) فلابد إنهما سيموتا، فلماذا هما باقيان هكذا؟ وماذا يفعلان؟ وما هي فائدتهما؟ فائدتهما أنهما من أعظم شخصيات الأنبياء، أحدهما قبل الطوفان وهو أخنوخ، والآخر بعد الطوفان وهو إيليا. والرب وعد أنه سوف يرسل إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب العظيم والمخوف. فالله يحفظهما عنده لكي يشهدا للمسيح الحقيقي أمام الوحش. وقد قيل ذلك في سفر الرؤيا "سأعطى لشاهديَّ فيتنبآن ألفًا ومئتين وستون يومًا لابسين مسوحًا" (رؤ11: 3) وألفًا ومئتين وستون يومًا أي ثلاث سنين ونصف إن كان الشهر ثلاثين يوم فقط، لكن قد تكون هذه أرقام رمزية. وهنا نتذكر أن إيليا قد صلى صلاة فلم تمطر السماء ثلاث سنين وستة أشهر "كان إيليا إنسانًا تحت الآلام مثلنا وصلى صلاة أن لا تمطر فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر" (يع5: 17) وهى نفس المدة المذكورة في سفر الرؤيا.وقيل عنهما أيضًا أنهما يكونان "لابسين مسوحًا" وهذا دليل الحزن، لأنه في أيام الوحش ستكون الأوضاع سيئة للغاية.ويكمل: "هذان هما الزيتونتان والمنارتان القائمتان أمام رب الأرض. وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما تخرج نار من فمهما وتأكل أعداءهما، وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما فهكذا لا بد أنه يقتل" (رؤ11: 4، 5). والمعروف أن إيليا النبي عندما كان الملك يرسل رئيس الجند ليستدعيه، كانت تنزل نار من السماء تأكل رئيس الجند مع جنوده الخمسين (انظر 2مل1).علامة أخرى "هذان لهما السلطان أن يغلقا السماء حتى لا تمطر مطرًا في أيام نبوتهما، ولهما سلطان على المياه أن يحوّلاها إلى دم وأن يضربا الأرض بكل ضربة كلما أرادا" (رؤ11: 6) من الذي صلى ولم تمطر السماء ثلاث سنين وستة أشهر؟ إنه إيليا النبي أما عبارة "لهما سلطان على المياه أن يحولاها إلى دم" فتذكرنا بقصة إيليا النبي عندما قدّم ذبيحته وأمر بأن يغرقوا الذبيحة بماءً حتى تمتلئ القناة التي حول المذبح أمام كهنة الأصنام لكي يعرف الجميع حقيقة قوة المعجزة التي سوف تحدث، وبعد ذلك صلى، فنزلت نار من السماء أكلت الذبيحة ثم لحست المياه التي حول المذبح وكان قد اختلط دم الذبيحة بالماء، فتحولت المياه إلى دم مثلما حدث وقت الضربات العشر لموسى النبي."وأن يضربا الأرض بكل ضربة كلما أرادا. ومتى تمما شهادتهما فالوحش الصاعد من الهاوية سيصنع معهما حربًا ويغلبهما ويقتلهما" (رؤ11: 6، 7) إذًا هما أحياء ولم ينتقلا كموسى النبي الذي مات ورقد ودفن. هؤلاء أحياء لأنه قال "يقتلهما" وكلمة "يغلبهما" هنا ليس معناها الغلبة الروحية، لكن بمعنى أنه سيكون معه قوة أكثر من القوة التي معهما بسماح من الله. هما يعملان بقوة الله، ولكن قوة الله تُعطىَ بدرجة معينة للأنبياء وهذه ليست قوة الله اللانهائية.. فهو سوف يعطيهم درجة معينة من القوة. وبالرغم من قوتهما الهائلة إلا أن الوحش سيغلبهما. إنها ستكون من أصعب الأيام!! تصوروا أن إيليا وأخنوخ القادمين بقوة وبتأييد من الله يغلبهما الوحش!! إيليا هذا الذي طلب أن تنزل نار من السماء لتأكل الذين أتوا للقبض عليه، والذي كان بصلاته يمنع المطر ثلاث سنين وستة أشهر، ومع كل هذه القوة يغلبه الوحش!! ولكن، قبل أن يغلبهما الوحش سيكونا قد شهدا للمسيح لذلك يقول الكتاب "سأعطى لشاهديَّ"، أي سوف يصيرا شهداء."وتكون جثتاهما على شارع المدينة العظيمة التي تُدعى روحيًا سدوم ومصر حيث صُلب ربنا أيضًا" (رؤ11: 8) و"مصر" ليست مصر فعلًا بل "تُدعى روحيًا" لأن "المدينة العظيمة" حيث صلب الرب على جبل هي أورشليم القدس.. هناك سيُقتل إيليا وأخنوخ. وهذا يعرّفنا أن الوحش سيظهر بالفعل في أورشليم.لكن شيء جميل أنهما يأتيان ويشهدان للمسيح ويكون قد تحقق المثل الذي قلناه أن القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود... نعم قُتلا.. لكنهما قاما بالدور الذي كان عليهما أن يقوما به. لأنه في وقت الذي سوف تكون فيه الكنيسة مطحونة بالاضطهاد سوف تفاجأ بأن هذين النبيين قادمان من السماء ليقفا إلى جوار الكنيسة أمام الوحش، ويشهدا للمسيح. وباستشهادهما سترتج السموات والأرض. والسؤال الذي يرد إلى الأذهان الآن هو: متى يُعمدا؟ الإجابة: إن معموديتهم هي معمودية الشهادة أو معمودية الدم... وهذا تأكيد كتابي لقبول الكنيسة لمعمودية الدم. الأجيال تجتمع حول المسيح:- رغم أن النبيين قادمان من العهد القديم إلا أنهما سوف يُحسبا من شهداء العهد الجديد.. وهذه هي الروعة! ويكون عمادهما بدمهما. شيء رائع أن نرى جميع الأجيال تجتمع حول السيد المسيح.وأيضًا على جبل التجلي لما ظهر إيليا وموسى مع الرب كان السيد المسيح يمثّل المزامير، وموسى يمثّل التوراة أو الناموس، وإيليا يمثّل الأنبياء "لا بُد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى في ناموس موسى والأنبياء والمزامير" (لو24: 44). فقد اجتمعت الأجيال أيضًا حول المسيح على جبل التجلي.وأيضًا على جبل أورشليم سوف تجتمع هذه الأجيال السحيقة لكي تشهد للمسيح.. الأجيال المتواجدة وقتها وجيل أخنوخ إلخ.وأخنوخ ليس شخصية عادية.. فهو من الشخصيات التي تعتبر بداية الكارزين في تاريخ البشرية. ويقول عنه الكتاب: "حفظ نوحًا ثامنًا كارزًا للبر" (2بط2: 5) فأخنوخ كان أول الكارزين. إيليا بين المجيء الأول والثاني:- آيات أخرى بالكتاب تشير إلى النبيين:- في سفر ملاخي النبي وهو آخر أسفار العهد القديم يقول في آخر آيتين من السفر: "هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف. فيرُدُّ قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم لئلا آتى وأضرب الأرض بلعن" (ملا4: 5، 6).. هاتين هما آخر آيتين في آخر أسفار العهد القديم! وكأنه يريد أن يقول هذا آخر شيء. إيليا بين المجيء الأول والثاني هل سيأتي إيليا النبي قبل مجيء السيد المسيح الأول أم الثاني؟ "قبل مجيء يوم الرب، اليوم العظيم والمخوف" المقصود المجيء الثاني حرفيًا والمجيء الأول رمزيًا! لماذا؟ لأن التلاميذ عندما رأوا إيليا على جبل التجلي، وكانت رؤية مؤقتة لأن إيليا رجع مكانه مرة أخرى، قالوا للسيد المسيح "لماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغي أن يأتي أولًا؟" (مت17: 10، مر9: 11)، فقال لهم: "إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا" (مت17: 12)، "حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان" (مت17: 13) لأن الملاك المبشر بميلاد يوحنا كان قد قال لزكريا عن يوحنا "يتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيئ للرب شعبًا مستعدًا" (لو1: 17).إذًا إيليا قد جاء رمزيًا، وليس بالاستنساخ طبعًا لأن هذا مرفوض مسيحيًا، ولا بعودة التجسد، أو بأي نوع من الأنواع، لأن إيليا كان حيًا ولم يكن قد مات. قال الرب: إيليا قد جاء وكان يقصد يوحنا المعمدان، والملاك قال عن يوحنا أنه سيتقدم بروح إيليا وقوته، ولكنه ليس هو إيليا. الضيق العظيم، ونبوة عن المجيئين الأول والثاني:- الضيق العظيم قال عنه السيد المسيح: "لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون" (مت24: 21).وأكمل السيد المسيح كلامه قائلًا: "ولو لم تقصّر تلك الأيام لم يخلص جسد. ولكن لأجل المختارين تقصّر تلك الأيام" (مت24: 22). نبوة عن المجيئين: يوم الرب العظيم والمخوف ذكرت مواصفاته في سفر يوئيل النبي وفى سفر أعمال الرسل على لسان معلمنا بطرس في يوم الخمسين "بل هذا ما قيل بيوئيل النبي يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة أنى أسكب من روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلامًا وعلى عبيدي أيضًا وإمائي أسكب من روحي في تلك الأيام فيتنبأون. وأعطى عجائب في السماء من فوق وآيات على الأرض من أسفل دمًا ونارًا وبخار دخانًا. تتحول الشمس إلى ظلمة، والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم الشهير ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلُص" (أع2: 15-21).وقيل في ملاخي: "قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف" (ملا4: 5). واضح الربط بين نبوة يوئيل وبين نبوة ملاخي والمجيئين. المجيء الأول هو يوم الخمسين ويوم الصلب والفداء. والمجيء الثاني الذي سيحدث فيه أن الشمس تحترق والقمر.. والعناصر.. إلخ. هذه ليست من علامات المجيء بل من الأحداث التي سوف تصاحب المجيء نفسه.لكن كيف نطبق "دمًا ونارًا وبخار دخانًا" (أع2: 19) على المجيء الأول؟ حدث في يوم صلب المسيح أن الشمس أظلمت في وضح النهار، وكان هناك دم المسيح المسفوك، ونقول {هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة..}. فبخار الدخان هو النار التي أصعدت الذبيحة في يوم الفداء وهى نفس النار التي ظهرت في يوم الخمسين، لأن بولس الرسول يقول عن السيد المسيح في رسالته إلى أهل العبرانيين "الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب" (عب9: 14) فهو قدّم نفسه بالروح القدس.. الروح القدس الذي حلّ على هيئة ألسنة منقسمة من نار هو نفسه أصعد ذبيحة الابن الوحيد فوق الجلجثة فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء."الدم والنار وبخار دخان" موجودة في يوم الفداء في المجيء الأول، وموجودة في يوم الخمسين كحدث متصل بيوم الفداء، وموجودة في المجيء الثاني في نهاية العالم.واضح هنا من نبوة يوئيل ونبوة ملاخي عن يوم الرب العظيم والمخوف إنه يشير إلى المجيء الأول والفداء وحلول الروح القدس يوم الخمسين، ويشير أيضًا إلى المجيء الثاني حينما تحدث هذه العجائب فتتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم. وهذه هي العلامات التي تكلّم عنها السيد المسيح. ثامنًا: العلامات التي ترافق المجيء الثاني "وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء" (مت24: 29، 30).وعلامة ابن الإنسان هي علامة الصليب التي سوف تظهر في السماء لكي نستطيع أن نميّز بين المسيح الحقيقي والمسيح الغير حقيقي. "وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير" (مت24: 30). ويحيطه ألوف ألوف وربوات ربوات من الملائكة لذلك يقول: "آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السموات إلى أقصائها" (مت24: 30، 31) الملائكة سيجمعون هؤلاء المختارين لنختطف لملاقاة الرب في الهواء."تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوئه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع" هذه أمور سوف تحدث أثناء المجيء الثاني. معنى ذلك أن هذا أيضًا هو يوم الرب العظيم الشهير المخوف.وليس فقط السماوات والقوات التي فيها تتزعزع، بل حتى الأرض نفسها ستحترق. لذلك يدعونا بطرس الرسول أن نعتبر من هذا الأمر فيقول: "لا يخف عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء؛ أن يومًا واحدًا عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد. لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها. فبما أن هذه كلها تنحل أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى. منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب الذي به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب. ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضًا جديدة يسكن فيها البر" (2بط3: 8-13).واضح من كلام معلمنا بطرس الرسول أنه لا يُفيدنا حساب الأيام والسنين لمعرفة ميعاد مجيء الرب لأن "ألف سنة عند الرب كيوم واحد"، لكن يقول "منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب". ومع ذلك يقول "لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة". فكون الله يتأنى ويطيل أناته هذا لا يعنى أنه يتباطأ. ولكن هذا لا يمنع أن نكون مشتاقين إلى سرعة مجيء يوم الرب ومشتاقين أن ننطلق من هذا العالم مثلما قال بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح، ذاك أفضل جدًا" (فى1: 23).من ضمن إعجاز الكتاب المقدس أن معلمنا بطرس يقول: "تنحل العناصر محترقة". في أيام بطرس الرسول من كان يصدق أن الحديد من الممكن أن يحترق؟ في عصر الذرة نعرف أن النيوترونات تصطدم بنواة الذرة وتدمّرها وتحوّل المادة إلى طاقة. بمعنى أن العناصر نفسها تحترق وهذا ما حدث عند انفجار القنبلة الذرية في هيروشيما.من الناحية العلمية لم يكن هذا الكلام معقولًا في أيام معلمنا بطرس لكنه كتبه لأن الروح القدس هو المتكلم.كيف تحترق الأرض؟! من يصدق أن الرمل يحترق، بل ويحترق بضجيج!! "تزول السماوات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة".. من المعروف أنه يحدث ضجيج في الانفجار النووي. ولكن إذا حرقت حديد مثلًا وأذبته لا يحدث ضجيج؛ بل يحدث احمرار فقط. لكن متى يحدث ضجيج؟ الضجيج يحدث مع الانفجار النووي، هيدروجيني أو ذرى كان بطرس الرسول صياد سمك بسيط ولكنه حينما تكلم عن نهاية العالم تكلم بالروح القدس. وعلى الرغم ذلك، كان بطرس واحدًا من الذين سألوا السيد المسيح عن نهاية العالم فقال لهم: "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه" (أع1: 7). نصيحة ختامية: يا ليتنا نتضع ونقول إذا كان الآباء الرسل أنفسهم لم يعرفوا متى سوف ينتهي العالم، فمن يستطيع أن يدّعى أنه فاق الآباء الرسل القديسين كاتبي أسفار العهد الجديد، فاقهم في معرفة الأزمنة والأوقات ويستطيع أن يحدد كما فعل وليم ميلر وتشارلز راصل مؤسسا بدعتيّ الأدفنتست وشهود يهوه.يا ليتنا نستعد لمجيء الرب بروح الانسحاق والاتضاع لأن هذا أنفع لأنفسنا من أن نحاول معرفة الأزمنة. مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس عن كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان
المزيد
03 سبتمبر 2021

علامات تسبق المجيء الثاني للرب ج2

ظهور الوحش من علامات المجيء الثاني:- الله لا يُرى أحدًا هذه الأيام التي سوف يظهر فيها الوحش فالسيد المسيح يقول أنه سيكون هناك ضيق عظيم لم يحدث مثله منذ بداية العالم "لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. لو لم تقصّر تلك الأيام لم يخلص جسد ولكن لأجل المختارين تقصّر تلك الأيام" (مت24: 21، 22).يقول الرائي في سفر الرؤيا ما يلي: "ثم متى تمت الألف السنة يُحَلُّ الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض" (رؤ20: 7، 8). والألف سنة هنا هي مجرد رقم رمزي قيّد خلالها السيد المسيح الشيطان بعد إتمام الفداء. والضلال المذكور في هذه الآية هو الأهوال التي لم يرَها أحد من قبل.وفى سفر الرؤيا ورد أيضًا ما يلي: "ورأيت ملاكًا نازلًا من السماء معه مفتاح الهاوية وسلسلة عظيمة على يده. فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو إبليس والشيطان وقيَّده ألف سنة. وطرحه في الهاوية، وأغلق عليه، وختم عليه لكي لا يضل الأمم في ما بعد حتى تتم الألف السنة. وبعد ذلك لابد أن يُحلَّ زمانًا يسيرًا" (رؤ20: 1-3).وقد علّق على الزمان اليسير في سفر الرؤيا أيضًا بقوله: "ويل لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالمًا أن له زمانًا قليلًا" (رؤ12: 12).فبعد أن حُلَ الشيطان من سجنه بعدما أظهر السيد المسيح طغيانه وظلمه بدلًا من أن يتوب ازداد شره بالأكثر.هذا يرد على من يقولون إن الشيطان سوف يتوب!!! وقد قرأت في بعض الصحف مقالًا يقول الكاتب فيه أننا يجب أن نحب الشيطان ونطلب من أجل توبته!! هذا الكلام يتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس لأنه مُعلم مسبقًا أن الشيطان لن يتوب فمن ناحية: ما فائدة أن نضيع جهدنا في هذا الأمر ونطلب من أجل عدو الله وقد أعلن الله هذا؟ومن ناحية أخرى: كيف نحب الشيطان؟!! حقًا قال السيد المسيح: "أحبوا أعداءكم" (مت5: 44).لكنه كان يقصد أعداءنا من البشر ولم يقل أبدًا "أحبوا الشيطان"! بل قال الكتاب "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسدٍ زائرٍ يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الإيمان" (1بط5: 8، 9).علينا أن نحترس من هذه الضلالات. الوحش 666:- وعندما يأتي الشيطان لن يكتفي بأن يوسوس للناس بأفكار سيئة، ولكن سيختار شخصية معينة من البشر، وهذه الشخصية سوف تكون أداته. وللأسف سوف يختار إنسان عدد اسمه 666، فلذلك عبدة الشيطان حاليًا يضعون رقم 666 كعلامة من علاماتهم في عباداتهم. ما معنى أن عدد اسمه 666؟ هذا يعنى أننا عندما نجمع حروف اسمه يكون حاصل الجمع 666. إن كل حرف في اللغات يقابله رقم، ففي اللغة العربية مثلًا ترتب الحروف على طريقة أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت.. فالحرف "أ" يقابله رقم "1"، والحرف "ب" يقابله رقم "2"، وهكذا إلى الحرف "ى" الذي يقابله رقم "10"، ومن بعده مباشرة الحرف "ك" يقابله رقم "20"، وهكذا إلى الحرف "ق" يقابله الرقم "100"، ومن بعده مباشرة الحرف "ر" يقابله الرقم "200" وهكذا فعندما تجمع الرقم المقابل لكل حرف من حروف اسم الوحش يكون الحاصل 666... لذلك يقول الكتاب: "هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان وعدده ست مئة وستة وستون" (رؤ13: 18).ولم يرد ذكر اسم الوحش لئلا عند مجيئه يقول أنه طالما أن الكتب المقدسة ذكرت أنه الوحش يجب أن تحرق كل هذه الكتب. لذلك يقول "هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش".ومحاولة توفيق أسماء لأشخاص عاشوا فعلًا على العدد 666 هو أمر غير مقبول. الاسم سيكون واضحًا، وعندما تحسبه تجده 666، وغالبًا سيكون باللغة العبرية لأنه سيدّعى أنه المسيح، فلابد أن يأتي من سبط يهوذا ومن نسل داود ويكون غالبًا اسمه عبريًا. وحروف الأبجدية العبرية تمشى بطريقة أبجد هوز حطي كلمن المعروفة وبالتالي سيكون هناك تشابه في الرقم بين اللغة العربية والعبرية.هناك حروف تُحسب أيضا باللغة اليونانية التي كُتب به العهد الجديد من الكتاب المقدس ولكن في حساب عدد الوحش لن يكون لليونانية الدور الفعّال لأن الوحش سيدّعى أنه المسيح، ولن يصدق أحد أن المسيح من اليونانيين أو من شعب اليونان. إلا إذا كان هناك رجلًا يهوديًا يعيش في اليونان ويعرف اللغة اليونانية وسُمّى بأسماء يونانية فهذا وضع آخر. الارتداد العام من علامات المجيء الأخير:- بالطبع لن يكون ظهور الوحش بلا تأثير بعد توبة اليهود وإيمانهم ستكون هناك مرحلة ازدهار شديد جدًا، لكن لا بُد أن كل الذين آمنوا يرقدون في الرب سواء كان رقاد طبيعي أو استشهاد لأنه يقول: "هكذا سيخلُص جميع إسرائيل" (رو11: 26). لم يقل "يؤمن جميع إسرائيل" بل "يخلُص جميع إسرائيل" وكلمة "يخلُص" تعنى أن الشخص يؤمن ويرقد في الإيمان. فأين إيمان اليهود اليوم وأين خلاصهم؟!! لذلك، عندما بدأ الرسل يقولون إنهم منتظرين سرعة مجيء الرب لكي يحفِّزوا الناس للتوبة والاستعداد، ظن أهل تسالونيكي أن المسيح سوف يأتي سريعًا فبدأوا يتوقفون عن العمل وعن بناء الكنائس إلخ. فحذرهم معلمنا بولس الرسول وبدأ يعطيهم علامة فقال لهم: "لا يأتي إن لم يأتِ الارتداد apostasy أولًا ويُستعلَن إنسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلهًا أو معبودًا حتى إنه يجلس في هيكل الله كإله مظهرًا نفسه إنه إله.. الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآياتٍ وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين. لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا. ولأجل هذا سيُرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدِّقوا الكذب. لكي يُدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سُرُّوا بالإثم" (2تس2: 3، 4، 9-12). الارتداد العام واستعلان إنسان الخطية:- ربط معلمنا بولس الرسول بين ثلاثة أشياء فيما يخص مجيء السيد المسيح:- أولًا: الارتداد العام واستعلان إنسان الخطية:- إن المسيح لن يأتي إلا بعدما يأتي الارتداد العام أولًا وأيضًا استعلان إنسان الخطية ابن الهلاك فيقول معلمنا بولس الرسول: "لا يأتي إن لم يأتِ الارتداد أولًا ويُستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك" (2تس2: 3).و"ابن الهلاك" هو الوحش الذي يجلس في هيكل الله كإله مظهرًا نفسه إنه إله. ويقول عنه الكتاب أنه "المقاوم والمرتفع على كل من يدعى إلهًا أو معبودًا حتى أنه يجلس في هيكل الله". وهنا يتساءل البعض ما معنى عبارة "يجلس في هيكل الله"؟ هل تعنى أن هيكل سليمان سيبنى؟ هيكل سليمان عندما دشنه سليمان بذبائح كثيرة وكان تابوت العهد موجودًا في ذلك الحين فحينما أدخل الكهنة تابوت العهد في قدس الأقداس ملأ مجد الرب البيت، وتم تدشين الهيكل وصار اسمه هيكل الله. خيمة الاجتماع دشنها موسى النبي ورش الدم بالزوفا فقدّس الخيمة. ولكن اليوم، من له أحقية تدشين الهيكل؟ لقد انتهي الكهنوت الهاروني وزال فلا يدعى هيكل الله فيما بعد. إذًا عبارة "يجلس في هيكل الله" من الممكن أن تعنى أنه يجلس مثلًا في كنيسة القيامة في القدس. هناك توجد كنيسة اسمها "كنيسة نصف الدنيا" وهى كنيسة ضخمة جدًا، وداخل قبتها الكبيرة يوجد قبر المسيح والجلجثة وتفاصيل كثيرة أخرى ومن الممكن أيضًا أن تطلق تسمية "هيكل الله" على كنائس من أيام الإمبراطورة هيلانة أم الملك قسطنطين، تم بنائها في ذلك الزمان ودشّنها الآباء البطاركة القديسين قبل عصر الانشقاق. لكن لا يمكن أن يبنى أي شخص معاصر اليوم هيكل ويقول عنه بولس الرسول أن هذا هو هيكل الله.الكتاب يقول عن جماعة المؤمنين: "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" (1كو3: 16) وقال أيضًا: "مبنيين كحجارة حية" (1بط2: 5) (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)، "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أف2: 20).فنحن لا نستطيع أن نقبل أن عبارة "هيكل الله" في الكتاب المقدس في العهد الجديد تطلق على مبنى يبنيه إنسان غير مؤمن بالمسيح.هذا الوحش سيحاول الاستيلاء على الهياكل والمقدسات. وسيُعلِن نفسه أنه المسيح الحقيقي وأن المسيح السابق ليس هو المسيح. ثانيًا: المعجزات الخارقة التي يعملها الوحش وتؤدى إلى الارتداد العام:- هذا الارتداد سيأتي نتيجة المعجزات الخارقة التي سيعملها الوحش "الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين" (2تس2: 9، 10)."الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين" (2تس2: 9، 10) لذلك نحذر شعبنا من الجري وراء أي شيء يسمعه ويقول أنها معجزة.. لا يجب أن نجرى وراء أي معجزة ونصدقها. بل يجب أن يكون هناك شيء من التأني والفحص. ويفضّل أن الكنيسة نفسها هي التي تقيّم المعجزات، وتصدر بشأنها قرارات كما حدث في ظهور السيدة العذراء في كنيستها بالزيتون وفى كنيستها ببابا دوبلو. وأيضا عندما ظهرت الأنوار السمائية في كنيسة مارمرقس في أسيوط قريبًا.. هذه الأمور شهدت لها الكنيسة بصفة رسمية وصدّقت عليها.نحن لا نحب أن نجرى وراء أي مظهر من المظاهر الخارقة لأن للشيطان أيضًا قدرة على الأعمال الخارقة للطبيعة. ففي أيام أيوب أنزل نارًا من السماء وحرق كل حقوله وقتل كل الماشية وهدم البيت وقتل كل أولاده.. فللشيطان قوة خارقة.. هو حاليًا مقيد لكن عندما يُحل ستكون هذه أصعب الأيام.. لذلك قال بولس الرسول عن الوحش: "الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه" (2تس2: 8).214- ظهور الرب وإبادته للوحش في المجيء الثاني ثالثًا: ظهور الرب أو مجيء المسيح وإبادته للوحش وللوضع السيئ:- من الذي سيوقف هذا الوحش عند حدّه ويرميه في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت مع إبليس وكل جنده، إلاّ مجيء الرب "الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه" (2تس2: 8).إذًا من علامات نهاية العالم ظهور الوحش والارتداد العام، ومعجزات الوحش التي تؤدى إلى الارتداد العام. وبعد ذلك مجيء الرب وإبادته لهذا الوضع السيئ.يقول الكتاب: "يصنع آيات عظيمة حتى إنه يجعل نارًا تنزل من السماء على الأرض قدام الناس. ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أعطى أن يصنعها" (رؤ13: 13، 14). هل هناك أكثر من ذلك أنه سوف يجعل نارًا تنزل من السماء على الأرض أمام الناس؟!! لذلك نقول للناس الذين يدّعون أن اليهود سوف يؤمنون عندما يتم بناء الهيكل ولا تنزل نارًا من السماء نقول لهم أن الشيطان يقدر أن يُنزل نارًا من السماء. لذلك قد سبق السيد المسيح وحذّر قائلًا: "إن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا" (مت24: 23).والوحش طبعًا يعمل ضد الثالوث لذلك رقمه 666. ورقم 666 هو 7-1 ، 7-1 ، 7-1 لأن رقم ستة هو سبعة ناقص واحد، أو مطروح منها واحد. وقد أكمل الله الخليقة في سبعة أيام بما فيها الراحة فحينما نطرح من السبعة واحد تصير ستة. لذلك صلب المسيح في اليوم السادس، يوم الجمعة، وقال: "هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو22: 53) وفى نفس هذا اليوم الذي ارتكب فيه الشيطان جريمته، صنع السيد المسيح الفداء وداس الموت بالموت، وقام في اليوم الثامن الذي هو يوم الأحد أول أيام الأسبوع، لذلك يُرمز للسيد المسيح برقم 888.رقم 666 يرمز إلى ما هو ناقص 7-1=6 وتذكر ثلاث مرات لأن الوحش يعمل ضد الثالوث. أما 888 فهي 7+1=8 وهذا الرقم يرمز إلى الحياة الجديدة بعمل الثالوث الأقدس في حياة البشرية. وللحديث بقية مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس عن كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان
المزيد
02 سبتمبر 2021

علامات تسبق المجيء الثاني للرب

علامات المجيء الثاني للرب هناك من يتساءلون هل هناك علامات معينة للمجيء الثاني للسيد المسيح له المجد؟ وإن وجدت هذه العلامات فهل تكون وسيلة لتحديد موعد المجيء الثاني؟ لقد أعطى السيد المسيح علامات وقال: "فمن شجرة التين تعلّموا المثل متى صار غصنها رخصًا وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف قريب" (مت24: 32).فلا يوجد مانع أن يكون لدينا علامات لكن هذه العلامات لا تحدد موعد المجيء الثاني، وإلا سيتعارض هذا مع كلام الرب عندما قال: "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه" (أع1: 7).إن هذه العلامات لها فائدة ثانية إلى جوار معرِفة موعد المجيء الثاني بالتقريب (وحينما نقول بالتقريب هنا فإننا لا نقصد الساعة أو اليوم أو الشهر أو السنة طبعًا). الفائدة الثانية هي أنه طالما هذه العلامات لم تحدث بعد فإننا نستطيع أن نرد على الذين يدّعون أن المجيء الثاني سوف يحدث الآن بسؤالهم: أين هي العلامات؟!! إذًا العلامات ليست فقط لكي نعرف أن مجيئه قد اقترب، لكن أيضًا لكي نقدر أن نرد على الذين يدّعون سرعة مجيء الرب. لذلك لابد أن نفهم العلامات جيدًا. ترتيب علامات المجيء الثاني ولا يكفى مجرد معرفة ما هي العلامات لكن لابد أيضًا من معرفة ترتيبها ونلاحظ من كلام السيد المسيح العلامات التالية بالترتيب الآتي: أولًا: انتشار الإنجيل في كل العالم. ثانيًا: توبة اليهود وإيمانهم بالسيد المسيح. ثالثًا: النهضة الروحية الهائلة التي تترتب على هذا الحدث، الذي هو توبة اليهود وإيمانهم بالسيد المسيح. رابعًا: ظهور الوحش والوحش ليس حيوان لكنه إنسان سوف يدّعى إنه هو المسيح. خامسًا: الارتداد العام الذي سيترتب على ظهور الوحش. وهو ارتداد غير ما نراه في أيامنا هذه، وسيكون مصحوبًا باضطهاد عنيف جدًا على المسيحيين. سادسًا: عودة أخنوخ Enoch وإيليا اللذين صعدا إلى السماء أحياء؛ سيرجعان إلى الأرض مرة أخرى ويستشهدا. سابعًا: الضيق العظيم الذي سيسبق مجيء الرب. ويلي ذلك أحداث المجيء نفسها، فالمجيء الثاني هو الحدث الثامن في الترتيب. هناك سبعة علامات للمجيء الثاني ثم أحداث المجيء الثاني نفسها. انتشار الإنجيل في كل العالم من علامات المجيء الثاني:- قال السيد المسيح: "ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم ثم يأتي المنتهي" (مت24: 14). وهو هنا ربط بين البشارة بالإنجيل لجميع الأمم وبين نهاية العالم.لو فحصنا هذه العلامة سوف نجد أن الإنجيل قد انتشر فعلًا في العالم كله وطُبع في مئات اللغات، ومن السهل جدًا على أي شعب من شعوب الأرض حاليًا معرفة محتوى الإنجيل سواء عن طريق أناجيل طُبعت بلغاتهم الخاصة أو عن طريق ترجمات من الممكن أن يقوم بها بعض المفسرين.وكما نعرف فإنه حتى كنيستنا القبطية الأرثوذكسية حاليًا لها كنائس في كل قارات العالم تقريبًا. فلها كنائس في أوربا، وكنائس في أمريكا الشمالية، وفى أمريكا الجنوبية، وفى أفريقيا، وفى أسيا مثل دول الخليج، ولنا كنائس في أستراليا. وبدأت خدمة في اليابان. وأيضًا إلى جوار أستراليا توجد نيوزلندا التي تعتبر أرض جديدة ولنا فيها كنيسة في بلد اسمها Christ Church "كنيسة المسيح" وهى تتبع إيبارشية ملبورن.ولنا كنائس شقيقة مثل الكنيسة السريانية وهى كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية الموجودة في أسيا: في سوريا ولبنان وبلاد المشرق حتى الهند.فبنظرة سريعة نرى الكلام الذي قيل عن بشارة الرسل "إلى كل الأرض خرج صوتهم وإلى أقاصي المسكونة أقوالهم" (رو10: 18) وذكرها بولس الرسول نقلًا أو اقتباسًا من سفر المزامير (مز18: 4).ففي تصوري إن فكرة انتشار الإنجيل أو البشارة بالإنجيل في العالم كله من الممكن أن نعتبرها علامة شبه تمت. وهذا يعطينا انطباعًا لما قاله السيد المسيح: "حتى تكمل أزمنة الأمم" (لو21: 24) الأمم أي الشعوب التي ليست من أصل يهودي. نستطيع القول بأننا قاب قوسين أو أدنى من عبارة "تكمل أزمنة الأمم". لكن ليس هناك تحديدات إنما مجرد ملاحظة أن الإنجيل قد انتشر في العالم كله. توبة اليهود وإيمانهم من علامات المجيء الثاني:- وهناك ارتباط بين الأمرين.. فقد قال معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية: "فإني لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا هذا السر لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء، أن القساوة قد حصلت جزئيًا لإسرائيل إلى أن يدخل ملؤُ الأمم" (رو11: 25). بمعنى أن الذي لا يحاول فهم هذه النقطة، ويظن نفسه فاهمًا وحكيمًا، فهو في الحقيقة غير فاهم. إذًا هذه مسألة تستدعى الانتباه.. بمعنى أننا يجب أن نتفهّم هذا القول "أن القساوة قد حصلت جزئيًا لإسرائيل إلى أن يدخل ملؤُ الأمم. وهكذا سيخلُصُ جميع إسرائيل" (رو11: 25، 26).عبارة "سيخلص جميع إسرائيل" تبطل تطبيق هذه العلامة على إيمان عشرون أو ثلاثون فردًا من اليهود بالمسيحية في بلد ما، أو جماعة كبيرة من اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية عملوا في فلوريدا نموذج لهيكل سليمان ليُوَضِحوا الارتباط بين الرموز الموجودة في الهيكل وبين الديانة المسيحية.. هذه كلها مجرد محاولات للاقتراب من المسيحية من جانب بعض اليهود. ثم، أولًا: هل هؤلاء صاروا مسيحيين أرثوذوكسيين؟ ثانيًا: ما هو عددهم؟ لأن الكتاب يقول "هكذا سيخلص جميع إسرائيل" (رو11: 26)، فالنص الكتابي لا يحتمل المزايدات. إن توبة اليهود وإيمانهم هو عبارة عن تحول جذري في مصير الأمة اليهودية كلها. فإذا استثنينا أفراد قلائل لن يقبلوا الإيمان في ذلك الحين ولا يعبرون عن المجتمع العام لليهود سواء كانوا موجودين في أرض إسرائيل أو خارجها هذا لا يؤثر في المعنى لكن الهدف إن اليهود سوف يؤمنون بصفة شاملة، حتى غير الموجودين في إسرائيل.. لابد أن يكون الرجوع شاملًا.. رجوع إلى الله وتوبة.هذا الكلام لا يوجد فقط في الكتاب المقدس بعهده الجديد لكنه موجود في القديم أيضًا. فقد قال هوشع النبي في العهد القديم: "لأن بنى إسرائيل سيقعدون أيامًا كثيرة بلا ملك وبلا رئيس وبلا ذبيحة... بعد ذلك يعود بنى إسرائيل ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم ويفزعون إلى الرب وإلى جوده في آخر الأيام" (هو3: 4، 5). والمعروف أن هوشع النبي قد أتى بعد داود النبي بمدة كبيرة أي بمئات السنين، فعندما يقول: "ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم" يكون المقصود بعبارة "داود ملكهم" هو "الرب يسوع المسيح"، وهذا يعنى إيمانهم بالمسيح لأنهم كيف يطلبون داود وهو قد دُفن وقبره موجود إلى هذا اليوم كما قال بطرس الرسول (انظر أع2: 29).وقوله: "يعود بنى إسرائيل ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم ويفزعون إلى الرب وإلى جوده في آخر الأيام " (هو3: 4-5) عبارة "آخر الأيام" تعنى المجيء الثاني، وهذه هي إحدى علامات المجيء الثاني.لا زال اليهود إلى الآن يسفكون دماءً كثيرة في حروبهم ضد الفلسطينيين، ويشردون سكان الأراضي المقدسة، ويصارعون من أجل مملكة أرضية رفضها السيد المسيح عندما قال: "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو18: 36)، ويصارعون من أجل هيكل قديم قال عنه السيد المسيح: "لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض" (مت24: 2، مر13: 2، لو21: 6) وهذه العبارة وردت في ثلاثة أناجيل من الأربعة.وقال لهم السيد المسيح أيضًا: "هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا" (مت23: 38، لو13: 35).. إذًا السعي إلى بناء الهيكل هو أمر يعتبر ضد التيار.. فتيار الرب هو في أن يستغنوا عن الذبائح الحيوانية ويقبلوا ذبيحة الرب يسوع المسيح. وأن يستغنوا عن المُلك الأرضي ويقبلوا الملكوت السماوي. فطالما لازالت أحلامهم الأرضية قائمة، سيظل إيمانهم بالمسيح معطل. والعزوة والاعتزاز بالشرائع الناموسية الموسوية المختصة بالذبائح والهيكل إلخ. كل هذا يُعطّل إيمانهم بالسيد المسيح.كيف سيؤمن اليهود؟ هذه مسألة لا نقدر أن نقطع فيها برأي. ولكن علينا مسئولية وهى أن نشهد للمسيح في كل زمان ومكان..لقد أصبحت وسائل الاتصالات اليوم توفّر للإنسان التواصل مع أي شعب من الشعوب حتى وهو جالس في مكانه. لذلك علينا مسئولية وهى أن تكون لنا شهادة عما ورد في العهد القديم من نبوءات. ومن الممكن جدًا أن يهتم المسيحيين بشرح المسيحية شرحًا سليمًا من خلال الكتاب المقدس وأسفار العهد القديم بحيث تبرز صدق إرسالية السيد المسيح وحقيقة أن يسوع الناصري هو فعلًا المسيا المنتظر. فهذه رسالة موضوعة علينا حتى وإن لم نوجد في وسط اليهود في الأراضي المقدسة، ومن الممكن أن يكون لنا القدرة على التواصل الفكري من خلال وسائل الاتصالات. كما أنه توجد لنا كنائس وشعب في الولايات المتحدة الأمريكية من الممكن أن يعلن المبادئ المسيحية لكي يراجع اليهود الموجودون هناك أنفسهم، وتكون لهذه قوة تأثير كبيرة جدًا على اليهود في أي مكان آخر في العالم عندما قال الرب: "لما كان إسرائيل غلامًا أحببته، ومن مصر دعوت ابني" (هو11: 1) كان المقصود بها ليس فقط خروج شعب إسرائيل من أرض مصر ولكن أيضًا مجيء العائلة المقدسة إلى أرض مصر وعودتهم مرة أخرى إلى هناك حيث صُلب السيد المسيح في الأراضي المقدسة. فعبارة "من مصر دعوت ابني" تعنى عندما هربت العائلة المقدسة إلى مصر.وحاليًا الإيمان الحقيقي مستقر في مصر وفى الكنائس الشقيقة. ونحن نحتاج إلى أن نحفظ هذا الإيمان إلى أن يأتي الوقت الذي يصل فيه نور الإيمان وشرارة الإيمان إلى هؤلاء الناس.. هذه مسئولية علينا.. النهضة الروحية من علامات المجيء الثاني:- اليهود مصدر حزن وقلق للعالم كله، وقد قال عنهم بولس الرسول: "غير مرضيين لله وأضداد لجميع الناس" (1تس2: 15). ولكن الله في مقاصده التي يعبر عنها بولس الرسول بقوله: "إن كان رفضهم هو مصالحة العالم، فماذا يكون اقتبالهم إلا حياة من الأموات" (رو15:11). وهذا يعنى أنه لما كان اليهود قد رُفِضوا بسبب قساوتهم وصلبهم للسيد المسيح، اتجه الآباء الرسل للتبشير بالمسيحية إلى كل أمم الأرض، فإذا كان رفضهم صار مصالحة للعالم -لأن المسيحية قد انتشرت في شعوب الأرض كلها بسبب قساوة اليهود- فماذا يكون اقتبالهم إلا حياة من الأموات. إذن رجوعهم سيكون سبب ازدهار شديد جدًا للمسيحية. للأسف نحن نرى أن المسيحية تنهار في الغرب بصورة رهيبة.اليهود في حالة غضب شديد بسبب فيلم آلام المسيح الذي ظهر قريبًا (إخراج ميل جيبسون Mel Gibson)، وفى نفس الوقت فإن المسيحيون الذين يشاهدون هذا الفيلم يتأثرون ويتبكت الكثيرون منهم على خطاياهم. هناك حركة تحدث الآن.. لست أقصد أن هذا الفيلم هو الذي سوف يتسبب في إيمان اليهود لكن من الواضح أن هناك صراع فكرى يدور. تأثير هذا الفيلم جبار على كل المستويات فاليهود في حالة غضب شديد والمسيحيون في حالة تأثر شديد. وهذا يعطينا نموذج لِما يمكن أن يحدث في مرحلة مشابهة عندما ينوح اليهود على خطاياهم بدلًا من أن يبكوا عند حائط المبكى على مجدهم الزائل، يبكوا على خطية صلبهم للسيد المسيح، حينئذ يتبكت المسيحي أيضًا.اليهود في وقت صلب السيد المسيح قالوا "دمه علينا وعلى أولادنا" (مت 27: 25)، والآن يقولون ما ذنبنا إن كان أجدادنا هم الذين صلبوه؟ لكن طالما هم إلى هذا الوقت يعتبرون أن السيد المسيح مضل ومخالف للناموس، وبالتالي فحسب شريعتهم هو مستحق للموت، إذن كل يهودي اليوم يظن في نفسه أن السيد المسيح كان مستحقًا للصلب، لا يجب أن يقول ما ذنبي إن كان أجدادي هم الذين صلبوه؟! لأن هذا نوع من تزييف الحقيقة ونوع من التمويه لكن على أية الأحوال اليهود أعداء من أجل الإنجيل، وأحباء من أجل الآباء كما يقول معلمنا بولس الرسول: "من جهة الإنجيل هم أعداء من أجلكم وأما من جهة الاختيار فهم أحباء من أجل الآباء" (رو11: 28). "من جهة الإنجيل أعداء" تعنى أنهم طالما ينكرون السيد المسيح فهم أعداء للإنجيل، و"من جهة الاختيار فهم أحباء من أجل الآباء" تعنى أنهم عندما يتوبون ويؤمنون بالمسيح فسيكون هذا هو تحقيق الوعد الذي قاله الرب لإبراهيم: "يتبارك فيك وفى نسلك جميع قبائل الأرض" (تك28: 14). فمن باب أولى إذا كانت كل الشعوب قد تباركت، فلماذا يحرمون هم أنفسهم من هذه البركة؟ ولكن بشرط أن يتوبوا.. ومن ضمن توبتهم أن يكفوا عن سفك الدماء والعدوان والأحلام الأرضية والتوسعية. وللحديث بقية مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس عن كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان
المزيد
29 أغسطس 2021

نهاية العالم والمجيئ الثانى وأهميته عند البشر

موضوع نهاية العالم ومجيء السيد المسيح الثانى يشغِل الناس منذ أزمنة طويلة.. ويستغل البعض هذا الموضوع لأهميته ويكوِّنون جماعات أو طوائف ويبتدعون فى الدين على هذا الأساس. والذى يدل على أن موضوع نهاية العالم يشغل البشرية فى أزمنة كثيرة هو أنه حتى تلاميذ السيد المسيح أنفسهم كان هذا الموضوع يشغلهم.. فقد ذكر القديس متى فى إنجيله ما يلى: "وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدّم إليه التلاميذ على انفراد قائلين: قل لنا متى يكون هذا؟ وما هى علامة مجيئك وانقضاء الدهر" (مت24: 3). واضح هنا أن مجيء السيد المسيح الثانى ارتبط فى حديث التلاميذ بنهاية العالم فقالوا "ما هى علامة مجيئك وانقضاء الدهر"وعندما سأل التلاميذ السيد المسيح هذا السؤال تكلّم معهم فى حديث مستفيض عن نهاية العالم، ولكنه حذّرهم من البحث عن ميعاد محدد. وقال لهم أثناء حديثه فى الرد على هذا السؤال فى نفس الأصحاح من إنجيل متى: "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلاّ أبى وحده" (مت24: 36) فبالرغم من أن السيد المسيح تكلّم حديثاً طويلاً جداً عن نهاية العالم بناءً على سؤال التلاميذ، وبناءً على إشارة سابقة كان قد قالها فشغلهم الموضوع حتى سألوه إلا أنه فى الوقت نفسه أكّد لهم أن ذلك اليوم وتلك الساعة لا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلاّ الآب وحده. وأيضاً بالرغم من تحذيره لهم بهذا القول إلا أنهم فى يوم صعوده إلى السماوات بعد قيامته المجيدة من الأموات حاولوا أن يسألوه فى نفس الموضوع مرة أخرى، فهى فرصة قبل أن يتركهم، فأجابهم بنفس الإجابة ولكن بمفهوم أوسع فقال: "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه" (أع1: 7). لم يقل هنا اليوم والساعة فقط بل قال "الأزمنة والأوقات".. لأنه من الممكن أن يقول البعض قد لا نعرف اليوم أو الساعة لكن من الممكن أن نعرف الشهر مثلاً، لذلك قال السيد المسيح فى هذه الآية "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه" لسد الطريق على هذا النوع من التحايل.. البدع وتحديد نهاية العالم:- فى مناسبات كثيرة نسمع عن أناس يحددون نهاية العالم... أحياناً يحددون السنة، وأحياناً يحددون الشهر أو اليوم. وسنورد أمثلة لذلك:- وليم ميلر:- وليم ميللر صاحب بدعة الأدفنتست حدد فى البداية سنة 1843م كميعاد لمجيء المسيح الثانى ونهاية العالم. وقال أنه سوف يكون فى شهر مارس.. ولكن المسيح لم يأت فى الميعاد الذى زعمه. وكان قد بدأ بتجهيز الناس لهذا الحدث لسنوات طويلة بلغت حوالى عشرين سنة أى من حوالى سنة 1823م، فكان يجول كواعظ متجوّل فى الولايات المتحدة الأمريكية والتف حوله كثير من الناس وقد استند ميلر بطريقة خاطئة إلى نبوات وردت فى الأصحاح الثامن والتاسع من سفر دانيال واستخرج منها ميعاد المجيء الثانى. إلا أن هذه النبوات لا تشير إلى مجيء السيد المسيح طبعاً.ولما لم يأتِ المسيح سنة 1843م أدَّعى ويليام ميللر أنه قد يكون فى مارس 1844، ولكن لم يأتِ المسيح أيضاً. وهنا تدخل واحد من أتباعه لإنقاذ الموقف يدعى صموئيل سنو.. صمويل سنو:- قال صموئيل سنو إن مجيء السيد المسيح مرتبط بعيد الكفارة العظيم فى الشهر السابع اليهودى من سنة 1844م. وحدد اليوم بالتحديد أنه يوم 22 أكتوبر سنة 1844م. (ولعلنا نذكّر أن يوم الكفارة العظيم فى سنة 1973 وافق يوم 6 أكتوبر يوم عبور قناة السويس. ولكن اليوم لا يكون ثابت فى كل السنين، فكان يوم الكفارة العظيم فى سنة 1844 هو يوم 22 أكتوبر.)ويوم عيد الكفارة العظيم قبل هدم الهيكل هو اليوم الذى يدخل فيه رئيس الكهنة فقط إلى قدس الأقداس مرة واحدة فى السنة. ولأنه غير مصرح إلا لرئيس الكهنة وحده بالدخول كانت عادة اليهود أن يربطوه من وسطه عند دخوله لئلا يموت بالداخل فلا يستطيع أحد أن يدخل ليخرجه. وفى ذلك اليوم قام أتباع ميللر وصمويل ببيع ممتلكاتهم ومنازلهم وحقولهم، واستقالوا من وظائفهم وارتدوا ثياب بيضاء وخرجوا إلى الجبال وظلوا طوال النهار والليل يرنمون وهم ينتظرون ولم يأتِ السيد المسيح. فسموا هذا اليوم يوم الإحباط العظيم The Great Disappointment Day وانفض الكثير من أتباعهم من حولهم نتيجة لما حدث ثم بدأت تلك البدعة فى الاختفاء. إيلين هوايت:- ثم ظهرت النبية المزعومة إيلين هوايت التى كانت تعانى من نوع من أنواع مرض الصرع، فكانت تصاب بنوبات صرع تغيب فيها عن الوعى، وكانت تدعى أنها فى أثناء ذلك ترى رؤى وإعلانات سماوية. ثم بدأت تؤكد أن مجيء المسيح قد اقترب، وبدأ الناس يصدقونها بناءً على الأفعال الفائقة للطبيعة التى كانت تحدث لها والتى قد تكون بتأثير من الأرواح الشريرة. فكان يحث لها ذهول لدرجة أنه إذا قرب أحد شئ إلى عينيها وهى تحملق فلا ترمش بعينيها، كما أنها من الممكن أن تستمر فترة طويلة بدون تنفس. فظن الناس أن هذه علامات خارقة للطبيعة وبدأوا يصدقونها، فبدأت البدعة تنتعش من جديد بسبب هذه إيلين هوايت. حتى أن أغلب كتب الأدفنتست هى الكتب التى قامت بكتابتها النبية المزعومة إيلين هوايت.وفى زماننا المعاصر ادعى البعض أن نهاية العالم سوف تكون يوم 4/4/1984 وللأسف صدق كثير من المصريين هذا الكلام وكانوا مرعوبين، فكنا نقول لهم لا تصدقوا هذا الكلام لأن السيد المسيح قال "أما ذلك اليوم وتكل الساعة فلا يعلم بهما أحد". تشارلز تاز راصل:- بعد إيلين هوايت ظهر أحد السبتيين يدعى تشارلز تاز رصل فى الولايات المتحدة الأمريكية بدأ هو أيضاً يتنبأ عن نهاية العالم. فقال أنه بعد أربعون عاماً، من ميعاد هو حدده بأنه عام 1874م، سوف يأتى السيد المسيح ويحل ملكوت الله وسوف يملك المسيح على الأرض ألف سنة، أى "المُلك الألفى". وهى عقيدة معروفة عند بعض الطوائف البروتستانتية وخاصة عند أصحاب البدع مثل بدعة شهود يهوه التى أسسها تشارلز رصل.فى سنة 1877م قام رصل مع أحد زملائه يدعى نيلسون باربور بنشر كتاب بعنوان "العوالم الثلاثة أو خطة الفداء". وعلّقت جمعية "برج المراقبة والكراريس"، وهى جمعية تشارلز تاز راصل التى أصبحت فيما بعد جماعة شهود يهوه، على هذا الكتاب بقولها [فى هذا الكتاب أعلن الشريكان رصل وباربور إيمانهما بأن مجيء المسيح الثانى قد بدأ فعلاً سنة 1874م حيث استهلت بأربعين سنة دعيت فترة الحصاد ثم حددا على وجه الدقة عام 1914م كوقت نهاية أزمنة الأمم].. هذا اقتباس مما قاموا بنشره فى كتابهم.ثم حدث خلاف بينهما وافترقا، فأسس تشارلز تاز رصل مجلته الخاصة به واسمها "برج صهيون للمراقبة وبشير مجيء المسيح".لكن لماذا اختار كلمة "برج صهيون" كعنوان لمجلته؟ وفى البداية لماذا دعى تلاميذه باسم "تلاميذ التوراة"؟ هنا يظهر الميل والتوجه اليهودى الصهيونى التوراتى الذى يتجاهل العهد الجديد.. نحن نحترم التوراة ونقدّسها، ونعرف أن جبل صهيون هو المكان الذى بُنيت فيه مدينة أورشليم، ولكن لا نستخدم هذه الألقاب بغزارة بعد مجيء السيد المسيح، بل نميل أن نتكلم عن الإنجيل وعن الكنيسة وعن العهد الجديد. لكن تتضح جداً رائحة التوجه اليهودى فى كل التسميات التى يستخدمها راصل.طبعاً من المعروف أن السبتيون وشهود يهوه يقدّسون يوم السبت كاليهود، وكذلك لا يؤمنون بالعذاب الأبدى للأشرار مثل "شيعة الصدوقيين" عند اليهود. وهناك الكثير من نقاط التلاقى بين اليهود وبين السبتيين وأيضاً شهود يهوه. ولكن شهود يهوه أكثر قرباً من اليهود لأنهم أيضاً ينكرون أن السيد المسيح هو كلمة الله المولود من الآب قبل كل الدهور. فى سنه 1876م اعتبر رصل نفسه هو راعى المجموعة، وفى سنة 1879 أسس مجلة "برج صهيون للمراقبة"، وفى سنة 1884 أسس جمعية اسمها "جمعية برج صهيون للمراقبة"، وفى سنة 1908م حرّك إدارة هذه المؤسسة إلى بروكلين فى نيويورك. وحينما كنت نيويورك رأيت أنا شخصياً مبنى برج المراقبة Watching Tower وهى المكان الذى تُطبع فيه كل منشورات جماعة شهود يهوه. وللأسف فقد انتشروا فى العالم وطبعوا كتبهم بلغات كثيرة، وأصبح عددهم لا يقل عن 10 مليون. بحلول عام 1914م لم يأتِ السيد المسيح كما ادَّعى رصل فأحرج لأن أساس جماعته كان مبنياً على محاولاته أن يخيف الناس ليتبعوه باستخراج حسابات معينة من الكتاب المقدس ليؤكد بها المواعيد التى يحددها لنهاية العالم. وللخروج من هذا الحرج أعلن الآتى:- [فى تلك السنة عينها (1914) تُوِّج يسوع المسيح ملكاً على العالم حيث بدأ نشاطه الملكى بطرد زمرة الشياطين والأبالسة من الأجواء السماوية]. طبعاً هذا الكلام مخالف لتعاليم الكتاب لأن بولس الرسول يقول عن السيد المسيح وعن صليبه: "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافراً بهم فيه (أى فى الصليب)" (كو2: 15)، وقال أيضاً: "رئيس هذا العالم يأتى وليس له فىَّ شئ" (يو14: 30)، وقال: "رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء" (لو10: 18)، ومكتوب فى العهد الجديد أن السيد المسيح قيّد الشيطان ألف سنة "وقيده ألف سنة" (رؤ20: 2).. هذا طبعاً الكلام لا ينطبق على سنة 1914! يقول رصل عن السيد المسيح [بدأ نشاطه الملكى بطرد زمرة الشياطين والأبالسة من الأجواء السمائية الذين هبطوا إلى الأرض وأشعلوا نار الحرب فيها]. هنا استغل راصل حدث زمنى خاص بالبشر هنا على الأرض لأن الحرب العالمية الأولى حدثت سنة 1914م، فاعتبر ذلك هو علامة سقوط الأبالسة إلى الأرض.. فهل حدوث أى حرب يعنى نزول الأبالسة من السماء إلى الأرض وتتويج السيد المسيح ملكاً؟!! فماذا يقول عن الحرب العالمية الثانية هل تُوّج السيد المسيح مرة أخرى؟!! وهل أى حرب تحدث فى العالم يكون معناها طرد الأبالسة من السماء؟!! كلام ليس له أية قيمة من الناحية الروحية.والسيد المسيح نفسه قال: "انظروا لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمى قائلين: أنا هو المسيح ويضلون كثيرين. وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب، انظروا لا ترتاعوا. لأن لابد أن تكون هذه كلها ولكن ليس المنتهى بعد" (مت24: 4-6). فقبل أن يدّعى رصل بأن هناك ارتباط بين الحرب العالمية الأولى وبين مجيء السيد المسيح الثانى، قال السيد المسيح نفسه لا ترتاعوا حين تسمعون بحروب وأخبار حروب لأنه لابد أن تكون هذه كلها ولكن ليس المنتهى بعد. مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المجئ الثانى للرب من منظور روحى
المزيد
12 يوليو 2020

كرازة بولس الرسول

كان عند بولس الرسول رغبة حارة في كرازة اليهود؛ لأنه قبل أن يؤمن بالمسيح كان متعمِّقًا جدًا في دراسة الديانة اليهودية، وفي مقدمتها أسفار العهد القديم. فهو فريسي ابن فريسي (أع23: 6)، وتتلمذ على يدي غمالائيل (أع22: 3) من كبار معلمي اليهود. ولكن النعمة الإلهية حوّلت ما لديه من إمكانيات إلى فهم عميق للتدبير الإلهي في حياة الشعب الإسرائيلي منذ دعوة الله لأبينا إبراهيم، والدخول معه في العهود والوعود المختصة بالخلاص. واستطاع أن يتصدى لتيار التهوُّد في المسيحية، أي منع التمسُّك بحرفية الديانة مثل موضوع الختان إلى حرية مجد أولاد الله في سر المعمودية. هو لم يقصد أن يغيّر جوهر الديانة اليهودية، بل أن يبرز أن جوهرها هو خلاص الله في المسيح.ولكي يؤكّد بولس الرسول محبته لليهود وسعيه لأجل خلاصهم بالرغم من كرازته لليهود لكي يؤمنوا بالمسيح أنه قال «إِنَّ لِي حُزْنًا عَظِيمًا وَوَجَعًا فِي قَلْبِي لاَ يَنْقَطِعُ. فَإِنِّي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِي مَحْرُومًا مِنَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ إِخْوَتِي أَنْسِبَائِي حَسَبَ الْجَسَدِ. الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ وَلَهُمُ التَّبَنِّي وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاِشْتِرَاعُ والْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ. وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ» (رو9: 2-5).اليهود كانوا يتمسكون بأعمال الناموس كعهد الختان، وكتقديم الذبائح الحيوانية لمغفرة الخطايا، وخدمة الكهنوت الهاروني بالوراثة. وبولس الرسول كان يوضّح لهم أن الختان لم يعد ختان الجسد بقطع جزء منه؛ بل «خِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ» (رو2: 29) الذي يتم في المعمودية لقطع الإنسان العتيق «عَالِمِينَ هَذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ» (رو6:6). وأن الذبائح الحيوانية كانت رمزًا لذبيحة الصليب التي بها تم خلاص البشرية من حكم الموت الأبدي لكل من يؤمن ويعتمد. وأن خدمة الكهنوت الهاروني قد أبطلها كهنوت المسيح الذي قال الرب عنه «أقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ، أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ» (عب7: 21).ولكن السيد المسيح كان قد أعدّ بولس الرسول لكرازة الأمم حتى أنه صار له لقب «رَسُولٌ لِلأُمَمِ» (رو11: 13). وبالرغم من رغبته الحارة في كرازة اليهود، إلّا أنه قد استقبل توجيهات من الرب قال عنها: «وَحَدَثَ لِي بَعْدَ مَا رَجَعْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَكُنْتُ أُصَلِّي فِي الْهَيْكَلِ أَنِّي حَصَلْتُ فِي غَيْبَةٍ. فَرَأَيْتُهُ قَائِلًا لِي: أَسْرِعْ وَاخْرُجْ عَاجِلًا مِنْ أُورُشَلِيمَ لأَنَّهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ شَهَادَتَكَ عَنِّي. فَقُلْتُ: يَا رَبُّ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنِّي كُنْتُ أَحْبِسُ وَأَضْرِبُ فِي كُلِّ مَجْمَعٍ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِكَ. وَحِينَ سُفِكَ دَمُ اسْتِفَانُوسَ شَهِيدِكَ كُنْتُ أَنَا وَاقِفًا وَرَاضِيًا بِقَتْلِهِ وَحَافِظًا ثِيَابَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ. فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَإِنِّي سَأُرْسِلُكَ إِلَى الأُمَمَ بَعِيدًا» (أع22: 17-21). وقال أيضًا: «وَفِي اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ وَقَفَ بِهِ الرَّبُّ وَقَالَ: ثِقْ يَا بُولُسُ لأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا» (أع23: 11).وقد تأكّد ذلك من قَبل الكنيسة في لقاء بولس الرسول مع الآباء الرسل يعقوب أخي الرب وبطرس ويوحنا في أورشليم، إذ كتب في رسالته إلى أهل غلاطية «فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ، أَعْطَوْنِي وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ» (غل2: 9). نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس
المزيد
06 يونيو 2020

روح الحق.. وأما أنتم فتعرفونه

"وأما أنتم فتعرفونه" (يو14: 17)"روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم" (يو14: 17). كما قام السيد المسيح بتعريف الآب لتلاميذه، هكذا قام أيضًا بتعريفهم بالروح القدس لهذا قال لهم عنه: "وأما أنتم فتعرفونه". وبهذا تكمل رسالته في تعريفهم بالثالوث القدوس.. أي أن تعرف الكنيسة الآب والابن والروح القدس في مناجاته للآب، قال السيد المسيح في ليلة آلامه: "أيها الآب البار، إن العالم لم يعرفك أما أنا فعرفتك. وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني. وعرفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 25، 26) وقال لتلاميذه: "تأتى ساعة حين لا أكلمكم أيضًا بأمثال، بل أخبركم عن الآب علانية" (يو16: 25) وعن الروح القدس قال: "متى جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق.. يأخذ مما لي ويخبركم" (يو16: 13، 14) وقال أيضًا: "وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو14: 26).. "ومتى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي" (يو15: 26) قام السيد المسيح بتعريف تلاميذه بالآب وكذلك بالروح القدس.. ووعدهم أن الروح القدس سيقوم بتعليمهم كل ما يختص بالآب والابن والروح القدس، أي أنه سيكشف لهم الأمور المختصة بالله، وسيسكب فيهم محبة الله، ليكون فيهم مثال الحب المتبادل بين الأقانيم، وأنه سوف يرشدهم إلى جميع الحق.. وأنه سيمكث معهم ويكون فيهم.. وأنه سيمكث مع المؤمنين إلى الأبد الأقانيم الثلاث يعملون معًا بغير انفصال. وبالرغم من تمايز دور كل أقنوم، إلا أن الأقنوم الواحد من الثالوث يعمل من أجل الأقنومين الآخرين، بصورة تشهد للحب العجيب غير الموصوف بين الأقانيم اختفى السيد المسيح بحسب الجسد عن أعين تلاميذه.. ولكن الروح القدس جاء ليتصور المسيح في الذين يقبلون عمله ومحبته. وانسحب السيد المسيح من موقف المجد بين التلاميذ.. ولكن الروح القدس جاء لكي يمجده ويشهد له "ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي" (يو16: 14، 15). وهكذا تحقق في السيد المسيح أن من يترك الكرامة تجرى خلفه وتخبر الناس عنه. فبالرغم من تركه العالم وصعوده إلى الآب، إلا أن الآب قد أرسل الروح القدس ليشهد للابن، وليمجد الابن الذي أكمل رسالته بأروع مثال. حتى في صعوده إلى السماء كان متجليًا باتضاعه، لهذا استحق كل التكريم كما في السماء كذلك على الأرض "لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة، ممن في السماء ومَنْ على الأرض ومَنْ تحت الأرض. ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فى2: 10، 11) ما أجمل أن يصعد الاتضاع.. هذا هو دستور الحياة مع الله.. فليس غريبًا للاتضاع أن يصعد كما أنه ليس بغريب للكبرياء أن تهبط.. "لأن الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (1بط5: 5). نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
30 مايو 2020

عشرة أيام في انتظار الروح المعزي

في تلك الأيام العشر التي عاشتها الكنيسة في انتظار موعد الروح القدس، اختبرت الكنيسة الأشواق السمائية كانت أفراح الصعود تعمل في قلب الكنيسة بمنتهي القوة.. وتهزها بصورة فائقة، حتى صارت الكنيسة مهيأة تمامًا لهبوب ريح الله وناره المقدسة التي ملأتها من المواهب الفائقة للطبيعة، وفجّرت فيها ينابيع الماء الحي لم يكن ممكنًا للروح القدس أن يغمر الكنيسة بهذه الصورة إلا بعد أن تتم أيام كاملة من تطلعها نحو ينبوع الماء الحي. وكانت هذه الأيام هي بالعدد عشرة حتى كملت الأيام وتحقق الوعد. فرقم عشرة هو رقم الكمال العددي إن انتظار مواعيد الله يحتاج إلى صبر وإيمان ورجاء كقول الكتاب "أما الصبر فليكن له عمل تام" (يع1: 4)إن ما يرجوه الإنسان فإنه يتوقعه بالصبر "وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا تُرى" (عب11: 1) كان هناك وعد صريح من السيد المسيح، وهو هو نفسه ما أسماه موعد الآب: بحلول الروح القدس على الكنيسة.. وكما وعد الله إبراهيم بالخلاص أي الفداء، وحقق وعده، هكذا وعد السيد بإرسال الروح القدس وتحقق الوعد. وكما آمن إبراهيم بالله فحُسب له إيمانه برًا. هكذا آمن أبناء إبراهيم (كنيسة المسيح)، فحُسب لهم إيمانهم برًا ونالوا الوعد الذي وعدهم به الآب يوم الخمسين كان هو أول الأسبوع الثامن بعد القيامة (السبعة أسابيع تساوى تسعة وأربعين يومًا). وكما حدثت القيامة يوم الأحد في أول الأسبوع الجديد أي في اليوم الثامن من بداية أسبوع الآلام. هكذا ولدت الكنيسة في أول الأسبوع الثامن من بعد القيامة المجيدة،فرقم ثمانية يشير دائمًا إلى الحياة الجديدة في مفهوم الكتاب المقدس. كقول الكتاب عن نوح الذي جدد الحياة على الأرض مرة أخرى "حفظ نوحًا ثامنًا كارزًا للبر" (2بط2: 5). وكان في الفلك ثمانية أنفس خلصوا بالماء من الطوفان ليت الرب يمنحنا أن نحيا في جدة الحياة بقوة قيامته وبعطية روحه القدوس. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
23 مايو 2020

شركاء الطبيعة الإلهية

للأسف فإن البعض يحرّفون هذه الآية عند تعرّضهم لها، ويقولون "شركاء في الطبيعة الإلهية".. هذا لم يقله الرسول بطرس لأنه لا يمكن إطلاقًا أن يشترك أي مخلوق في طبيعة الله، أو في كينونته، أو في جوهره. ومن يدّعى ذلك يكون قد دخل في خطأ لاهوتي خطير ضد الإيمان بالله وبسمو جوهره وطبيعته فوق كل الخليقة. كما أن هذا الادعاء هو لون من الكبرياء سقط فيه الشيطان من قبل حينما قال: "أصير مثل العلى".. الرب يحمينا من هذا الكبرياء المهلك أما قول معلمنا بطرس الرسول: "لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية" فهو بمنتهي البساطة يقصد أننشترك مع الله في ملكوته الأبدي من خلال اشتراكنا في قداسته حسب الوصية "كونوا قديسين لأني أنا قدوس"(1بط1: 16). وحتى الاشتراك في قداسة الله هو مسألة نسبية، ليست مطلقة. فكمال الخليقة هو كمال نسبى، أما كمال الله فهو كمال مطلق. وقداسة الله قداسة طبيعية غير مكتسبة، أما قداسة القديسين فهي قداسة مكتسبة إن الرسول بطرس يتكلم عن الاشتراك في الحياة الإلهية مثل ميراث القديسين في الحياة الأبدية. فقال: "بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة، اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة، لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية، هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة" (2بط1: 3، 4) إننا نشترك مع الله في العمل مثلما قال معلمنا بولس الرسول عن نفسه وعن أبلوس: "نحن عاملان مع الله" (1كو3: 9) نشترك مع الله في الحياة الروحية مثل البركة الرسولية التي يُقال فيها (شركة وموهبة وعطيةالروح القدس تكون مع جميعكم)"شركاء الطبيعة الإلهية" في الخلود، في القداسة، في الملكوت، في السعادة الأبدية، في الحب الذي قال عنهالسيد المسيح للآب: "أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك، أما أنا فعرفتك. وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني. وعرّفتهم اسمك وسأعرّفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 26) إن السيد المسيح يقول للآب إن الحب الذي بينهما؛ من الممكن أن يكون في التلاميذ. والمقصود نوع الحب وليس مقداره. لأن الآب غير محدود والابن غير محدود، فالحب الذي بينهما غير محدود. أما نحن فمحدودون، وننال من الحب الإلهي على قدر استطاعتنا،وبهذا توجد شركة المحبة بيننا وبين الله. ونصير شركاء الطبيعة الإلهية.. ولكن ليس شركاء في الطبيعة الإلهية كما يتجاسر البعض ويقولون فليرحمنا الرب لكي نشعر بضعفاتنا وخطايانا فلا نسقط في الكبرياء. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل