المقالات

26 أغسطس 2021

شخصية مريم العذراء والدة الإله ج4

مريم العذراء والدة الإله أم الرب وإخوته:- متى 12: 46 – 50، مرقس 3: 31 – 35، لوقا 8: 19 – 21 بمقارنة الفصلين الأولين المشار إليهما يبدو أن الحادثة المذكورة فيهما والتي تلفت نظرنا إلى مريم ثانية قد حدثت في كفرناحوم. وإلى تلك اللحظة كان الرب مشغولاً تماماً بخدمته المباركة. وكانت جموع غفيرة جداً التي انجذبت نحوه حتى أنه وتلاميذه لم يقدروا ولا على كسر خبز. "وأقرباؤه" سواء أكانوا المهتمين به أو المتضايقين مما كان يحدث "خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا أنه مختل". (مرقس 3: 20 و 21). هذه الحادثة هي التي ستشرح الواقعة التي سنتأملها الآن، لأنه في إنجيل مرقس تتبعها في الحال غالباً. ومرة أخرى نجده يتتبع بنشاط إرساليته الإلهية "وكان الجمع جالساً نحوه" (مرقس). "وفيما هو يكلم الجموع" (متى) "إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجاً طالبين أن يكلموه". وكما نفهم من لوقا أنهم "لم يقدروا أن يصلوا إليه لسبب الجمع" "ووقفوا خارجاً وأرسلوا إليه يدعونه" كما نتعلم من مرقس. وهكذا انتقل الكلام إلى دائرة المحيطين به من الجمع – الدائرة الداخلية بأن الرب يطلبه أمه وإخوته. وإذا نتتبع رواية متى – قال له أحد "هوذا أمك وإخوتك واقفون خارجاً طالبين أن يكلموك".وفي البداية قد يبدو غريباً بعدما تعلمت مريم الدرس في قانا الجليل أن تتجاسر هكذا لتقاطع الرب في خدمته.ويمكن أن نفهم ذلك في ضوء الحادثة المشار إليها في (مرقس 3: 20 و 21). وعلى الرغم من أنه قد كُشف لمريم من هو يسوع فلم تستطع إلا أن تُظهر عواطفها الطبيعية هذه التي ازدادت وقويت وهي تشهد حياته الطاهرة والمقدسة – الحياة التي ظهرت منها محبة كاملة لله وللإنسان. ومطالب إلهية وأرضية (إذ كان خاضعاً وهو صبي ليوسف ومريم). وإن كانت مريم لم تكن قد رأت كل شذى وجمال ابنها الذي يمكن أن نتصوره جيداً غير أن ما رأته كان يكفي ليجعل يسوع موضوع مشغولية قلبها المتزايد. ولهذا عندما رأته خاضعاً مستسلماً، دون اعتبار للذات أو الراحة، متابعاً خدمته يوماً فيوماً، غير مبق على نفسه ولو في أدنى درجة لها، وهو لا يكف بلا كلل صباحاً وظهراً ومساءً، متمسكاً بكل فرصة ليكون فيما لأبيه. فقد كانت إلى حد بعيد محكومة بعواطفها الطبيعية ومنزعجة لأجله. وبهذه الطريقة فقط أوصلت الرسالة التي رغبت أن تتحدث بها معه بشكل يكون مفهوماً.وقبل أن نتأمل في إجابة الرب، فإنه من المفيد أن نشير إلى الصفة المميزة للحكمة الإلهية المستعلنة هنا. فالفشل من جانب التلاميذ وتعبيرات العداوة التي يطلقها الذهن الجسدي مسجلة كلها في الأناجيل لتتحول في الحال بالفكر الإلهي إما لكي تلفت انتباهنا إلى بعض سمات المجد في شخص المسيح نفسه أو لتعلمنا بعض الدروس الهامة للحق الإلهي. فلا شيء أكثر وضوحاً ليبين لنا أن الله وراء كل شيء حتى أنه يستخدم الكل لتتميم مقاصده سواء بالنعمة أو بالحكم. وهكذا كان مع مقاطعة مريم لخطاب الرب المسجل هنا. وتوضح لنا أمثلة (متى 13) أن الرب قد وصل إلى أزمة في خدمته. ولا نذهب بعيداً إذا قلنا أن الأمثلة التي نطق بها لم تقال قبلما يقطع علاقته بالأمة اليهودية المرتبط بها حسب الجسد. وهو ذات الشيء الذي يفعله الرب إزاء رسالة مريم ويا للكمال الإلهي الذي نراه في كلٍ من حكمته وغنى كلمته. إنه هو الأقنوم الإلهي الذي سبق فرأى كل شيء وجعله خاضعاً لأغراضه. إن إجابة الرب لأمه وإخوته تستحق منا كل انتباهنا الخاشع: "من هي أمي؟ ومن هم إخوتي؟. ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها أمي وإخوتي! لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي" (متى 12: 48 - 50).ومع أننا مهتمون بالدرجة الأولى في تأملاتنا بتاريخ مريم الشخصي، غير أن هذا لا يمنع من أن نعبر سريعاً على التعليم النافع لهذه الحادثة. فبالنسبة لمريم نفسها فإن هذا الدرس شبيه للغاية بالدرس المعطى لها في قانا الجليل. وإذ كان الرب مشغولاً بتتميم إرادة الله في خدمته المباركة فإنه لم يسمح بمن يُعوِّق خدمته ولو كانت أمه بحسب الجسد. وفي تكريسه لصوالح أبيه لم يكن لديه ما يفعله معها (انظر يوحنا 2: 4). ويسمح لنا هنا أن نراه باعتباره لاوي الحقيقي والكامل. وقبل رحيل موسى كان قد بارك أسباط إسرائيل فقال عن لاوي: "الذي قال عن أبيه وأمه لم أرهما، وبإخوته لم يعترف وأولاده لم يعرف بل حفظوا كلامك وصانوا عهدك" (تثنية 33: 9، انظر أيضاً مزمور 69: 8). ويا لها من أمور مباركة هذه التي نجدها ممثلة كلها في المسيح إزاء هذا المشهد الذي أمامنا! لقد كان لله تماماً وبكليته، وهكذا كان خارج العلاقات الطبيعية برمتها. لقد كان حقاً قائداً لشعبه في كل طريق يدعوهم أن يسلكا فيه (انظر 1 يوحنا 2: 6). وبأسلوب مماثل تمم فكر الله عن النذير، وهكذا في كل أيام انفصاله ونذره كان قدوساً لله. ومع أن نذره الآن مؤكد ويأخذ الآن شكلاً آخر وحالة أخرى، إلا أن حياته التي عاشها هنا كانت لله، وكان في كل طريقه هنا على الأرض بكامله لله.وبالإضافة إلى ما ذكرنا هناك معنى آخر. ففي ختام (ص 11) نجد أنه قد رفض، وأن مختار الله هذا قد نحى جانباً الأمة التي لم تقبل ماسياها. وإذا كان بركات النعمة مخيفة عن الفهماء والحكماء فإن الله أعلنها للأطفال. وأمكن ليسوع أن يحمد الآب "رب السماء والأرض" لأجل تدريبات نعمته بحسب مقاصدها الأزلية. وهكذا كما أعلن الآن "كل شيء قد دُفِع إليَّ من أبي. وليس أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا أحد يعرف الآب إلا الابن، ومن أراد الابن أن يعلن له". ولذلك عندما قال الرب إجابته لمن أخبره عن رغبة أمه وإخوته أن يتكلموا معه – من هي أمي؟ ومن هم إخوتي؟ كان في هذا إعلاناً عن عدم اعترافه بالروابط الطبيعية. ومن كما نتوقع أن نجده في الفصل التالي يذهب ليلقي البذار طالباً الثمر، إذ قال أتى مفتشاً عن الثمر ولكنه لم يجد.ونتعلم أيضاً بخلاف ذلك أنه أقام روابط حميمة وأكثر مودة مع تلاميذه إذ مد يده نحوهم وقال ها أمي وإخوتي! لأن من يصنع مشيئة أبي في السماوات هو أخي وأختي وأمي. ويا لها من نعمة ثمينة يعلنها مظهراً أمام الجميع ارتباطه الكامل بهذه البقية المسكينة والضعيفة التي تتبعه بخطوات مترددة، والتي بفضل عنايته ومؤازرته لها يثبتون معه في تجاربه! وإذ يصنعون مشيئة الآب وذلك بسماعهم لدعوته فإنه قد أحضروا إلى الدائرة التي يشكل فيها هو المركز والرأس والتي وجد فيها كل مسرته (مزمور 16: 3). ويمكننا أن نرى كيف اهتم بمريم بكل حنان عندما انتهت خدمته. وكان هذا أيضاً جزءاً من كماله كإنسان على الأرض. وليس أقل من ذلك كانت روابطه الحميمة بأولئك الذي أعطوا له كأبناء (أشعياء 8: 18).ويلاحظ أيضاً بالتأكيد أنه كان في هذا كالمثال الكامل. فكم يفشل الكثيرون في اتخاذ الموقف المتوازن بين استيفاء مطالب الله وشعبه وبين مطالب الروابط الطبيعية! إن خلو الفرد من العواطف الطبيعية هي علامة الأزمنة الأخيرة والخطيرة، ولكن إذا تغلبت هذه العواطف وعلت فوق المحبة للإخوة وأصبحت تتحكم في حياتنا فإننا لا نقدر أن نسلك في روح كلمات رنا المبارك. أما لو كان المسيح ممتلكاً لقلوبنا فإننا نرى جميع هؤلاء الذين هم له في ضوء عواطفه ومن جهة الحق الكنسي كعائلاتنا وأهلنا الذين يشغلون كأنهم الحقيقي. ليت قلوبنا تستنير بكلمات النعمة التي انسابت من شفتي ربنا في هذا الموقف. مريم تقف عند صليب يسوع:- (يوحنا 19: 25 - 27) عندما حمل سمعان الشيخ الطفل يسوع على ذراعيه قال لمريم "ها إن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل، ولعلامة تقاوم، (وأنت أيضاً يجوز في نفسك سيف) لتعلن أفكار في قلوب". وقد كتبنا الكلمات التي تشير بصفة خاصة إلى مريم في شكل مائل، وقد وجدت تتميمها في المشهد لذي يحويه هذا الكتاب. لم يقال أنها تبعت يسوع إلى الصليب أو إذا كانت شهدت التعبير والإهانات واللطم الذي لحقه قبل محاكماته. ولقد أسدل الستار على مشاعر مريم وقلقها وألمها الشديد طوال الليل المظلم الكئيب لتسليمه، وإن كان لا بد أن السيف كان قد أترق أعماق نفسها طوال الليل والنهار عقب الفصح. غير أن روح الله يهتم هنا بالسيف الذي تسلط على الرب وليس على مريم. وقد دعينا لكي نتأمل اتجاهه مسلكه ووداعته وصبره واتضاعه وكلماته، والآن إذا تقترب أحزانه وآلامه من النهاية فإن الستار يرتفع إلى لحظة قصيرة حتى يمكننا أن نرى مريم عند الصليب أو بالحري أن ننظر إلى كمال يسوع في اهتمامه بمريم – بعدما تمم إرادة الله بخدمته على الأرض. كان آخرون مع مريم، ومريم أختها زوجة كليوباس، ومريم المجدلية. ولكن لمريم وللتلميذ المحبوب الذي كان واقفاً كانت كلمات الرب. لا يمكننا أن نخمن حيث صمتت كلمة الله ولكننا لا نزال نكرر ونؤكد أن مريم لم تستطع أن تتفرس في صليب ابنها القدوس بدون ألم لا ينطق به وبدون أن يتمزق قلبها بهذا المشهد المروع. لقد شاهدته لأكثر من ثلاثين عاماً ولم تستطع إلا أن تكون حساسة لشذاه الأدبي الفائق وجمال حياته المكرسة، ولا بد أنها قد رأت على الأقل بعض اللمحات من مجد شخصه. والآن صار من نصيبها أن تنظره مرفوضاً ومهاناً ومنبوذاً ومصلوباً! لقد نالت بكل تأكيد مؤزارة إلهية وهي تعبر هذه التجربة النارية. ولم يطن قلبها أقل من كونه ينفطر حزناً وهي تراه معلقاً على الصليب وتجد ابتهاج أعدائه بحقدهم الشيطاني وقد بلغوا غايتهم الشريرة.لا يمكننا مهما كان أن نتوانى في تأملات كهذه، ولا نتجاسر فنجعلها إلا لتزيد من تقديرنا لعطف وحنان يسوع لمريم في أحزانها. كانت كأسه على وشك أن تفرغ إذ نقرأ في الحال "رأي يسوع أن كل شيء قد كمل" وكان عالماً بما يدور في قلب مريم، وقد أنهى عمله، فتوجه إلى مريم بكلمات التعزية والمواساة. أكانت هي في ظلام رأسي في لحظات تجربتها المرة؟ كان النور يقترب ليبدد لظلمة ويؤكد لها أن الشخص الذي كانت تنظر إليه بأسى وحزن لا يوصف يفهم حزنها، فقد فتح شفتيه وقال عندما رأى أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً "يا امرأة هوذا ابنك، ثم قال للتلميذ هوذا أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته".عندما التأمل في هذه الكلمات يلفت انتباهنا تلك الحقيقة بأن الإنجيلي بالوحي يكتب كلمة "أم"بينما خاطبها يسوع "امرأة"، كانت مريم هي أم يسوع – هذه النعمة من الله قادت جبرائيل أن يعطي التحية لها كالمباركة بين النساء. ولكن كما رأينا أن الروابط الطبيعية لا يمكن الاعتراف بها أنها تشكل أي مطلب من حياة نذير ومكرس كامل والآن بما أن موت الرب صار وشيكاً وهذه الرابطة الحميمة والعاطفية ستنتهي برحيله من هذا المشهد – وحتى تلك اللحظة فإن الروح القدس يذكرنا بأنها أم يسوع. وبلا جدال فإننا نتعلم أن الكرامة التي منحها الله لمريم في دائرتها الخاصة لن تنتزع منها. إن الخطأ، بل الخطأ القاتل، كان في نقل الكرامة من الأرض إلى السماء، ونتيجة ذلك أنها نالت مجداً أعلى مما لابنها الحبيب.وفي كلمات ربنا هذه يمكننا أن نفهم بوضوح شيئين. ففي المكان الأول يعطي لمريم في حرمانها تعزية وغرضاً. إن التلميذ المحبوب الذي عرف فكر الرب أكثر مما عرفه أحد آخر (إذ كان يتكئ رأسها على صدر الرب) كان عليه أن يصبح ابناً لمريم، وكان على مريم أن تأخذه في عواطفها كابنها بطريقة جديدة كما أعطي لها من الرب نفسه. وفي الحقيقة لقد كان ميراثاً ثميناً لعواطف قلبه واستطاع أن يمنحها أعظم تعزية لها في تلك الظروف. وثانياً أنه نقل علاقته الأرضية إلى يوحنا عندما قال له "هوذا أمك". وهكذا خصص للتلميذ الذي كان يحبه تتميم كل المسؤوليات الحبية والمرتبطة بعلاقات القرابة. وبإيجاز فإن مريم سلمت من الرب لعناية يوحنا واهتمامه، الذي كان عليه أن يحنو عليها ويمنها عواطفه البنوية. لقد عرف الرب ما في قلب كل منهما التي كانت بحسب معرفته ومحبته لكل منهما حتى أنه استودعهما بعضهما لبعض وهكذا ربط قلبيهما معاً في الزمان الباقي لغربتهما على الأرض. آخر ذكر لمريم:- (أعمال 1) إن التلميذ المحبوب في طاعته لرغبة الرب قبل أن يميل رأسه ويسلم روحه كان قد أخذ مريم إلى بيته. ومن تلك اللحظة تختفي عن أبصارنا باستثناء مرة واحدة تذكر فيها. ولا نجدها عن دفن جسد الرب، ولا نجدها كذلك في البستان الذي قام منه باكراً. ولكن بعد صعود الرب حيث رأوه الرسل (أنظر أعمال 1: 1- 11). وبعد رجوعهم إلى أورشليم من الجبل الذي يدعى الزيتون صعدوا إلى العلية حيث أقام الرسل وبالارتباط بذلك نجد أخر مرة يذكر فيها اسم مريم في السجل المقدس. وقيل عن الأحد عشر "وكانوا يواظبون على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم لأم يسوع وإخوته"إن ذكر مريم أم يسوع بشكل خاص هنا باعتبارها واحدة من هذه الجماعة مع التلاميذ له أهمية عظيمة.ولاشك أن انتباهنا يستوقف بهذا الشكر الخاص لاسم مريم. والغرض من ذلك أن نتعلم أن مريم أصبحت تفهم من ذا الذي تنازل ليصبح ابنها بحسب الجسد، وأيضاً مع النور الذي دخل إلى نفسها من جهة موته وقيامته وتمجيده عن يمين الله، تتخذ الآن مكانها وأصبحت مندمجة تماماً مع تلاميذه هنا على الأرض. إنها لن تقدر الفضل المعطى لها ولو مثقال ذرة لكونها أم يسوع. ولن تتوقف عن كونها منعم عليها ومباركة في النساء، أمام الآن فبالإيمان بربها الممجد صارت معدودة بين الأفاضل في الأرض الذين كل مسرة الله بهم. إن عواطفها ومشاعرها الطبيعية قد اختفت في العبادة والتسبيح. لد كانت إناء مختاراً لولادة المسيح في هذا العالم وأصبحت الآن واحدة من أتباعه وتلاميذه المتواضعين، واحدة من تلك الرفقة المباركة التي سرعان ما تتشكل مسكن الله بالروح. وكما علّم الرب السبعين أنه شيء عظيم أن تكتب أسمائهم في السماء على أن يصبحوا أواني لقوته في الصراع مع العدو. وهكذا بالنسبة لمريم يصبح شيئاً عظيماً أن تكون حجراً حياُ في مسكن الله الروحي (كما صارت كذل في يوم الخمسين) مبنية عليه الذي هو الحجر الحي المختار من الله والكريم عن أن تكون أماً لربها على الأرض.ويلزم أن نضيف هنا أن أولادها صاروا مؤمنين بيسوع. ومعدودين مع مختاري الله ونالوا نعمة للاعتراف باسمه والارتباط بخاصته وهم الجماعة السماوية الجديدة. وكما اختيرت مريم أمه فقد اختيروا في المسيح من قبل تأسيس العالم واستعلن الاختيار في الزمن كشعبه. وقد أدركت مريم وأولادها أن سماع كلمة الله وحفظها أكثر بركة من مجرد الارتباط بيسوع هنا على الأرض خلال حياته وسياحته على الأرض،في علائق أرضية طبيعية. ولذلك فإن تمجيد مريم على حساب ربنا الممجد يضر ويعي التعليم الكتابي الصحيح ويفسد الخصائص المسيحية بجملتها.
المزيد
25 أغسطس 2021

الدينونة حسب الأعمال

هذه حقيقة واضحة تبين أهمية أعمال الإنسان.في العهد القديم يقول داود في المزمور (لك يا رب الرحمة لأنك تجازى الإنسان كعمله) (مز 62: 12)، ويقول سفر الجامعة (لأن لله يحضر كل عمال إلى الدينونة، على كل خفي أن كان خيرًا أو شرًا) (جا 12: 14).وفى العهد الجديد تأكدت هذه الحقيقة من فم السيد المسيح وأفواه رسله القديسين، وفي هذا يقول السيد الرب (فان ابن الإنسان سوف يأتي مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله) (مت 16: 27). كما قال أيضًا (فانه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة لحياة، والين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة) (يو 5: 28، 29) لاحظوا أن يتكلم في هذه الآية عن الأعمال (الذين فعلوا الصالحات.. والذين عملوا السيئات).وليست الدينونة على الأعمال فقط، بل حتى على الكلام. ولذلك يقول (بكلامك تبرر وبكلامك تدان) (متى 12: 36).وهذا الأمر واضح واضح في سفر الرؤيا. إذ أن الرب أرسل إلى كل ملاك من ملائكة الكنائس السبع يقول له (أنا عارف أعمالك) (رؤ 1: 2، 3). كما قال الرب صراحة (وها أنا آتى سريعًا وأجرتي معي، أجازى كل واحد كما يكون عمله) (رؤ 22: 12).وقد قيل في هذا السفر (طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن نعم يقول الروح! لكي يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تبعهم) (رؤ 14: 13). وقيل أيضًا (ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم) (رؤ 20: 12).وصورة الدينونة التي شرحها لنا الرب يسوع من حيث كلامه الذي قوله للذين عن اليمين، وكلامه للذين على اليسار، هي صورة دينونة حسب الأعمال.إذا أنه قال للذين عن اليمين (جعت فأطعمتموني عطشت فسقيتموني، كنت غريبًا فآويتموني..). وبناءًا على هذه الأعمال الصالحة قال لهم (تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم) (مت 25: 31-46).. وبالمثل فعل مع الأشرار، دانهم حسب أعمالهم.إذن يكفى أن يقصر الإنسان في إطعام الجياع أو زيارة المرضى، وإذ يخلو قلبه من هذه الرحمة يفقد الملكوت، مهما كان له من إيمان، ومهما كان له من ثقة جوفاء في داخله لا تغنيه شيئًا!! ما أخطر العبارة التي قالها معلمنا يعقوب الرسول (ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيمانًا ولكن ليس له أعمال. هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟!) (يع 2: 14).وكون الدينونة حسب الأعمال، حقيقة تكلم عنها بولس الرسول كثيرًا. فقال لأنه لا بُد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد ما كان بالجسد يحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا (2 كو 5: 10). وقال أيضًا: (ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر نفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازى كل واحد حسب أعماله)" (رو 2: 5-7).وتلخيصًا للدينونة حسب الأعمال، قال بولس الرسول كذلك "فإن الذي يزرعه الإنسان، إياه يحصد أيضًا. لأن من يزرع لجسده، فمن الجسد يحصد فسادًا. ومن يزرع للروح يحصد حياة أبدية" (غل 6: 7، 8). كما قال "فعمل كل واحد سيصير ظاهرًا، لأن اليوم سيبينه وستمتحن النار كل واحد ما هو" (1 كو 3: 13).وقال أيضًا "كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه"، ولم يقل "بحسب إيمانه" أو "بحسب النعمة"وعن الدينونة حسب الأعمال قال بطرس الرسول عن الأب "الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد، فسيروا زمان غربتكم بخوف" (1 بط 1: 17).فإن كانت الأعمال على هذه الدرجة من الخطورة -خيرًا كانت أم شرًا- بحيث يدان الإنسان بموجبها، فهل يجرؤ أحد أن يقلل من قيمة الأعمال وأهميتها؟! إن كان الله لا ينسى "كأس الماء البارد" فلا يضيع أجره، ولا ينسى أبدًا تعب المحبة، "إذن يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غبر متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلًا في الرب" (1 كو 15: 58).إن الأعمال هامة جدًا في طريق خلاصنا، وهامة في تحديد مصيرنا الأبدي، فلنتأمل إذن كم هي لازمة.... قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث عن كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي
المزيد
24 أغسطس 2021

يوم الدينونة ، يوم الرب يهوه هو يوم يسوع المسيح، فمن يكون غير الله؟

يوم الرب يهوه هو يوم مجيء المسيح الدَيان: يتكلم العهد القديم عن يوم الدَّينونة العامة مستعملاً تعبير مثل: يوم يهوه (الرب) العظيم، اليوم الرهيب والمخوف، يوم الدينونة العامة.ونجد في العهد الجديد أن الرب يسوع المسيح ينسب هذا اليوم له! والرُسل القديسون ينسبون أيضاً هذا اليوم للرب يسوع المسيح. أمثلة من العهد القديم، عن يوم الرب يهوه: ولولوا لان يوم الرب (يهوه) قريب، قادم كخراب من القدر على كل شيء ( أشعياء 6:13) هوذا يوم الرب (يهوه) قادم، قاسياً بسخط وحمو غضب، ليجعل الأرض خراباً و يبيد منها خطاتها (اشعياء 9:13 ) اضربوا بالبوق في صهيون. صوتوا في جبل قدسيّ ليرتعد جميع سكان الارض لان يوم الرب (يهوه) قادم، لأنه قريب (يوئيل 1:2 ) قريب يوم الرب (يهوه) العظيم. قريب وسريع جداَ. صوت يوم الرب (يهوه) العظيم. يصرخ حينئذٍ الجبار مراَ ( صفنيا 14:1 ) “… ويأتي الرب الهي (يهوه إيلوهي) وجميع القديسين معك (زكريا 5:14) بعد كل ما تقدم نجد أن المقصود بعبارة “يوم الرب” معنيان، فهو اليوم الذي سينتقم فيه الرب من معانديه، وكذلك يشار به إلى يوم الدينونة. أمثله من العهد الجديد عن يوم الرب يسوع المسيح: لنقارن الآيات السابقة تكلمت عن يهوه، بالآيات الواردة في العهد الجديد عن الرب يسوع المسيح.ونبدأ بأية النبي زكريا السابقة“… ويأتي الرب إلهي (يهوه إيلوهي) وجميع القديسين معك. (زكريا 5:14) مع ما كتبه مار بولس الرسول يثبت قلوبكم بلا لوم في القداسة، أمام الله(إيلوهيم) أبينا في مجئ ربنا يسوع المسيح مع جميع قديسيه” (1تسالونيكي 13:3)ونلاحظ بأن القسم الأخير من هذه الآية مطابق تماماً لما قرأناه عن الرب يهوه في سفر زكريا! ولكن القديس مار بولس استبدل إسم يهوه، بإسم يسوع المسيح! وهذا يعني أن يهوه هو يسوع المسيح له كل المجد! كذلك نقرأ في تسالونيكي الثانية إعلاناَ عجيباَ بأن يسوع هو الرب الديان، والملائكة التي تنسب لله، هي ملائكته “وإياكم الذين تتضايقون راحة معنا، عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته، في نار لهيب، معطيناً نقمة للذين لا يعرفون الله، والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح، الذين سيعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب (يهوه) ومن مجد قوته، متى جاء ليتمجد في قديسيه ويتعجب منه في جميع المؤمنين. لان شهادتنا عندكم صدقت في ذلك اليوم” (2تسالونيكي 1: 7- 10). وفي إنجيل القديس مار متى يسأل التلاميذ الرب يسوع المسيح عن مجيئه الثاني قائلين:” قل لنا متى يكون هذا؟ وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟”(متى 3:14). وايضاً “ومتي جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحيئنذ يجلس علي كرسي مجده” (متى 31:25 )، ويخبرنا القديس مار بولس أن يوم الرب هو يوم مجئ السيد المسيح له المجد، قائلاَ “… كما أنكم أيضاً فخرنا في يوم الرب يسوع” (2 كورنثوس 14:1) “واثقاً بهذا عينه أن الذي ابتأ فيكم عملاً صالحاً يكمل إلى يوم يسوع المسيح” (فيلبي 6:1) “لان من هو رجاؤنا وفرحنا وإكليل إفتخارنا؟ أم لستم أنتم ايضاً امام ربنا يسوع المسيح في مجيئه؟” (1 تسالونيكي 19:2) هوذا يأتي (المسيح) مع السحاب، وستنظره كل عين، والذين طعنوه، وينوح عليه جميع قبائل الأرض. نعم أمين” (رؤيا 7:1) يقول الشاهد بهذا: نعم! أنا أتي سريعاً. أمين. تعال أيها الرب يسوع” (رؤيا 20:22) بعد كل ما تقدم نجد ان يوم الرب يهوه في العهد القديم، هو نفسه يوم الرب يسوع المسيح في العهد الجديد، الذي سيأتي ثانية لدينونة العالم! فالنبوءات المكتوبة عن مجيء الرب يهوه، هي نفسها المكتوبة عن مجئ الرب يسوع المسيح، لان يهوه هو يسوع المسيح. للأب أنطونيوس لحدو
المزيد
23 أغسطس 2021

ضد المسيح في الكتاب المقدس

من هو ضد المسيح وما هي أوصافه: ويجيبنا الوحي الإلهي على هذا السؤال في كل من العهدين القديم الجديد ؛ 1 - يقول الوحي الإلهي في رسالتي القديس يوحنا الأولي والثانية " أيها الأولاد إنها الساعة الأخيرة. وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار ألان أضداد للمسيح كثيرون. من هنا نعلم إنها الساعة الأخيرة. منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا 000 من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح. هذا هو ضد المسيح الذي ينكر الأب والابن " (1يو18: 2،22)." وكل روح لا يعترف بيسوع (المسيح انه جاء في الجسد) فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم انه يأتي والآني هو في العالم " (1يو4: 3)." لأنه قد دخل إلى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتيا في الجسد. هذا المضل والضد للمسيح " (2يو7: 1).ويقول السيد المسيح وهو يشرح لتلاميذه علامات مجيئه " فأن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين " (مت5: 24؛مر6: 13؛ لو8: 21)، " لأنه سيقوم مسحاء كذبه وأنبياء كذبه ويعطون آيات كثيرة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا " (مت24: 24؛مر 22: 13).وقال للكهنة والكتبة والفريسيين " أنا قد أتيت باسم أبى ولستم تقبلونني أن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه " (يو5: 43). إذا " ضد المسيح هو: " كذاب ومضل ومخادع " وينكر أن يسوع هو المسيح، وهذا ما فعله اليهود.وهو الآخر أو البديل أو الضد والكذاب الذي سيأتي باسم نفسه ويزعم أنه المسيح الحقيقي ومع ذلك سيقبله اليهود على الرغم من رفضهم للمسيح الحقيقي الذي أتى باسم الاب وسلطانه!! كما أنه ينكر التجسد وان المسيح قد جاء في الجسد أو هو الله وقد ظهر في الجسد، وهذا ينطبق علي الفكر اليهودي الذي رفض التجسد وأعتبر أقوال المسيح الدالة على لاهوته وبنوته للآب ومساواته له ووحدته في الذات الإلهية من قبيل التجديف!! بل وقد أدت به عدة مرات للرجم ثم للموت (أنظر يو 5؛ 33: 10 ؛ مر62: 14-64). كما ينطبق على كل فكر رافض لعقيدة التجسد ولاهوت المسيح علي مر العصور. كما يشير السيد المسيح إلي شخصيات معينه، أفراد، غالبا من اليهود، سيدّعي كل واحد منهم انه المسيح. وهذا حدث فعلا في تاريخ اليهود وسيتكرر حتى يأتي الشخص الذي سيصدقه اليهود فعلا ويتصوروا انه المسيح. كما يتكلم القديس يوحنا عن أضداد كثيرين للسيد المسيح مرتبطين بالساعة الأخيرة ومع ذلك فقد خرج بعضهم في أيامه وكانوا مرتدين على المسيحية وخارجين عليها " منا خرجوا "، مما يعنى أن هناك أضداد كثيرين سيظهرون على مر التاريخ حتى يأتي الضد الرئيسي، الكذاب والدجال، الذي سيزعم أنه المسيح والذي يصفه السيد المسيح بالآخر. 2 - وفي حديث القديس بولس بالروح القدس يتكلم عن هذا الشخص المحدد والمعين والذي يسميه بإنسان الخطية الأثيم والمخادع وابن الهلاك والمقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إله والذي تتجسم فيه كل أوصاف المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة الذين تحدث عنهم السيد المسيح، وضد المسيح في رسالتي القديس يوحنا الثانية والثالثة، والذي تظهر صورته بوضوح أكثر في وحش سفر الرؤيا. هذا الأثيم، ضد المسيح، المسيح الكذاب والدجال، إنسان الخطية وابن الهلاك الذي سيسبق مجيئه وظهوره المجيء الثاني للسيد المسيح مباشرة ويتخذ لنفسه الكثير من صفات المسيح وألقابه فيصف نفسه بصفات الله ويزعم أنه إله، بل ويرفع نفسه على الله!! ويعمل آيات كاذبة وعجائب كاذبة وذلك بمساعدة القوي الشيطانية، وسيخدع الهالكين لإتباعه، وستكون نهايته بعمل المسيح مباشرة في مجيئه الثاني، يقول الوحي الإلهي: " ثم نسألكم أيها الاخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا إليه، أن لا تتزعزعوا سريعا عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منا أي أن يوم المسيح قد حضر. لا يخدعنكم أحد على طريقة ما لأنه لا يأتي أن لم يأت الارتداد أولا ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلها أو معبودا حتى انه يجلس في هيكل الله كإله مظهرا نفسه انه اله. أما تذكرون أنى وأنا بعد عندكم كنت أقول لكم هذا. والآن تعلمون ما يحجز حتى يستعلن في وقته، لان سر الإثم الآن يعمل فقط إلي أن يرفع من الوسط الذي يحجز الآن وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه، الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا " (2تس1: 2-10). 3 - أما في سفر الرؤيا فقد اخذ الوحش، الذي هو أداة الشيطان وعميله وضد المسيح، أسوأ ما في صفات الإمبراطوريات السابقة للإمبراطورية الرومانية ؛ شراسة النمر ولونه وافتراسه، وفم الدب وشراهته وميله لسفك الدماء، وقوة وتصلب الأسد وتكبره. ومع ذلك فله كل ضعف الإنسان حيث أن رقمه هو " 666 " والذي يعنى النقص المركب " يقول القديس يوحنا وهو في الروح: " ثم وقفت على رمل البحر فرأيت وحشا طالعا من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى قرونه عشرة تيجان وعلى رؤوسه اسم تجديف. والوحش الذي رايته كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطانا عظيما. ورأيت واحدا من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي وتعجبت كل الأرض وراء الوحش. وسجدوا للتنين الذي أعطى السلطان للوحش وسجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش من يستطيع أن يحاربه، وأعطى فما يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطى سلطانا أن يفعل اثنين وأربعين شهرا، ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على اسمه وعلى مسكنه وعلى الساكنين في السماء. وأعطي أن يصنع حربا مع القديسين ويغلبهم وأعطى سلطانا على كل قبيلة ولسان وأمة، فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم في سفر حياة الخروف الذي ذبح 000 ويجعل الجميع الصغار والكبار والأغنياء والفقراء والأحرار والعبيد تصنع لهم سمة على يدهم اليمنى أو على جبهتهم وأن لا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع ألا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه. هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش فانه عدد إنسان وعدده ست مئة وستة وستون"(رؤ1: 13-18).وقد درس العلماء رقم " 666 "، عدد الوحش الذي يقول الروح القدس أنه " عدد إنسان " على أساسين ؛ الأول: هو حساب القيمة العددية لكل حرف في أي اسم، لأن اللغات العبرية واليونانية والرومانية ليس بها أرقام وإنما تستخدم حروف تمثل هذه الأرقام حيث يمثل حرف A في اليونانية والرومانية رقم (1) وحرف В رقم (2) وهكذا وعلى سبيل تكوّن حروف كلمة لاتينوس Lateinos سواء في اللاتينية أو اليونانية رقم (666)، كما نرى في الشكل المجاور، وهكذا كلمة Neroفي اللاتينية واليونانية، ومن ثم فقد قيل أن المقصود بالوحش هو الإمبراطور الروماني " نيرون "، خاصة أن كلمة Neron Caesar في العبرية هي Qsrnron نيرون قيصر ويكوّن أجمالي عدد حروفها (100+60+200+50+200+6+50=666). ولكن هذا العدد ينطبق على أسماء كثيرة مثل نابليون وكرومويل ومارتن لوثر وبعض باباوات الفاتيكان!! والأساس الثاني: هو دراسة العدد (666) من جهة المعنى الرمزي لكل رقم حيث يمثل رقم (6) الإنسان في نقصه، كما يقول الروح " فانه عدد إنسان "، كما يمثل الديانة الزائفة بالمقابلة مع رقم (7) الذي يمثل الكمال، وتكرار رقم (6) ؛ (666)، يعنى النقص الإنساني المركب للوحش، المسيح الكذاب، ضد المسيح، وضعفه وعجزه بالمقابلة مع كمال المسيح المطلق الذي كان مجرباً " في كل شيء مثلنا بلا خطية " (عب4: 15)، وسلطانه المطلق على الكون وقدرته على كل شئ. 4 - أما سفر دانيال (ص 7) فيصف ضد المسيح الخارج من فروع الإمبراطورية الرومانية العشرة بقوله " بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جدا وله أسنان من حديد كبيرة أكل وسحق وداس الباقي برجليه وكان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله وله عشرة قرون. كنت متأملا بالقرون وإذا بقرن آخر صغير طلع بينها وقلعت ثلاثة من القرون الأولى من قدامه وإذا بعيون كعيون الإنسان في هذا القرن وفم متكلم بعظائم 000 كنت انظر حينئذ من اجل صوت الكلمات العظيمة التي تكلم بها القرن كنت أرى إلي أن قتل الحيوان وهلك جسمه ودفع لوقيد النار 000 هذا القرن له عيون وفم متكلم بعظائم ومنظره اشد من رفقائه. وكنت انظر وإذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم، حتى جاء القديم الأيام وأعطى الدين لقديسي العلي وبلغ الوقت فامتلك القديسون المملكة 000 ويتكلم بكلام ضد العلي ويبلي قديسي العلي ويظن انه يغير الأوقات والسنة ويسلمون ليده إلي زمان وأزمنة ونصف زمان. فيجلس الدين وينزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا إلي المنتهى " (دا8: 7-11،21-25). 5 - ويصف سفر دانيال (ص 8) ما فعلة الملك السوري أنتيوخس ابيفانس (175 - 164 ق م) القرن الصغير (حرفيا قرن من الصغر) الخارج من أحد أفرع الإمبراطورية اليونانية الأربعة والذي دنس الهيكل ووضع فيه رجسة الخراب وأبطل المحرقة الدائمة مدة ثلاث سنين ونصف، وأقام العبادة الوثنية ووضع تمثال للوثن جوبيتر في قدس الأقداس ومنعهم من حفظ السبت والاحتفال بأعيادهم مدة ثلاث سنين ونصف وقتل منهم الآلاف وسبى الآلاف وصار نموذجا مصغرا لضد المسيح، ووصفه علماء الكتاب المقدس بضد المسيح العهد القديم: " وتعظم حتى إلي جند السماوات وطرح بعضا من الجند والنجوم إلي الأرض وداسهم. وحتى إلي رئيس الجند تعظم وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن مقدسه، وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح 000 وفي أخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل، وتعظم قوته ولكن ليس بقوته يهلك عجبا وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين. وبحذاقته ينجح أيضا المكر في يده ويتعظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر " (دا10: 8-12،23-25). 6 - ويعود دانيال النبي للحديث ثانية عن ضد المسيح الآتي في آخر الأيام ويذكر نفس الصفات التي ذكرها عنه القديس بولس فيقول: " ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل اله ويتكلم بأمور عجيبة على اله الآلهة وينجح إلي إتمام الغضب لان المقضي به يجرى. ولا يبالي بآلهة آبائه ولا بشهوة النساء وبكل اله لا يبالي لأنه يتعظم على الكل " (دا36: 11،37).وتتفق جميع هذه النبوات في وصف هذا الشخص، المسيح الكذاب والدجال، ضد المسيح، الأثيم أبن الهلاك، إنسان الخطية، المجدف على الله ومدعى الألوهية، الوحش الخارج من البحر والمعطى لنفسه لقب المسيح وصفات الله. ويتضح لنا ذلك بوضوح في مقارنة نبوات دانيال مع إعلانات العهد الجديد: القرن الصغير في دانيال ص 7 والوحش في رؤيا ص 13 (1) يخرج القرن من أحد ممالك الإمبراطورية الرومانية العشرة، ويمثل الوحش الإمبراطورية الرومانية ذاتها (د 71: 8،24 ؛ رؤ 13: 2). (2) سيحكم كل منهم مده رمزيه عبارة عن ثلاث سنوات ونصف، مذكورة في سفر دانيال ﺑ " زمان وزمانين ونصف "، وفي رؤيا ﺑ " اثنين والأربعين شهرا "، (دا7: 25 ؛ رؤ 13: 5). (3) كل منهم سيغلب القديسين ويذلهم لفترة (دا 7: 21؛ رؤ 13: 10). (4)كل منهم سيبلي قديسي العلي (د 71: 15؛ رؤ 12: 13؛ 13: 12). (5) كل منهم سيجدف علي الله العلي ويتكلم بكلام ضده (د71: 25 ؛ رؤ 13: 5،6)0 (6) وكل منهم سيهزم ويباد في المجيء الثاني للسيد المسيح (د71: 11؛ رؤ19: 20). القرن الصغير في سفر دانيال ص8 وإنسان الخطية في 2 تسالونيكي والوحش في سفر الرؤيا ؛ كان ضد المسيح الذي جاء في القرن الثاني ق. م صوره مصغرة كما سنري لما سيفعله ضد المسيح السابق للمجيء الثاني والدينونة في المستقبل، فهو دائما وفي كل عصر ضد أولاد الله وعدوهم الروحي وسيفعل في مجيئه النهائي قبل الدينونة ما سبق إن فعله كل ضد للمسيح علي مدي العصور، خاصة في القرن الثاني ق. م. واكثر بكثير، فقد كان القديم صوره مجسمه ومصغرة للثاني ورمزا له. وهذا ما تبينه المقارنة التالية: (1) كل منهما غزا كثيرا (د 8: 9 ؛ رؤ 13: 4). (2) كل منهم سوف يمجد ذاته (د 81: 11 ؛ 2 تس 2: 4 رؤ 13: 5). (3) كل منهما سيكون سيدا للخديعة (د71: 25 ؛ 2 تس 2: 10). (4) كل منهما سيدنس الهيكل (د81: 11 ؛ متي 24: 15). (5) كل منهما سيقدم برنامج سلام كاذب (د81: 25 ؛ 1تس 5: 2،3). (6) كل منهما سيأخذ قوته من الشيطان (دا 8: 24 ؛ رؤ 13: 2). (7) كل منهما سيحارب القديسين حوالي ثلاث سنوات ونصف(د81: 14 ؛ رؤ 13: 5). (8) كل منهم سيجدف ضد الله (د81: 25؛ 2 تس 2ك 4؛ رؤ 13: 5). (9) كل منهم سيدمره الله تماما (د 81: 25 ؛ 2تس 2: 7 ؛ رؤ: 19: 19، 20). (10) كل منهما سيكره أولاد الله (د1 8: 25 ؛ رؤ 12: 13). كما تتجمع في ملك الشمال في دانيال ص 11 معظم صفات ضد المسيح سواء التي جاءت في نبوتي دانيال ص 7و8 وما جاء عن ضد المسيح في العهد الجيد أيضا. فهو سيدنس هيكل الله ويغوي أولاد الله ويحاول أن يضلهم بالتملقات والغواية، ويعثر بعضهم إلي الميعاد، ويرتفع علي كل إله ويجدف ضد الله. ثم يبلغ نهايته علي يد الله ولن يوجد من يعينه. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطر عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد
22 أغسطس 2021

ميمر إصعاد جسد العذراء مريم للقديس كيرلس السكندري 16 مسرى

أيها الأخوة الأحباء أعيروني أذاناً صاغية وقلوباً واعية كي أقص عليكم أنا الحقير كيرلس بطريرك الاسكندرية ما وجدته مكتوباً بأيدي سادتنا الآباء الرسل الأطهار معززاً بشهادة القديس يوحنا البتول حبيب ربنا يسوع المسيح بخصوص صعود جسد السيدة العذراء فى مثل هذا اليوم الذى هو السادس من شهر مسرى ووجوده تحت شجرة الحياة التى بسطت أغصانها عليه بأمر الثالوث الأقدس الإله الواحد الذى ينبغي له السجود والعظمة إلى دهر الداهرين وتفصيل ذلك أنه لما كان بعد نياح السيدة العذراء فى اليوم الحادي والعشرين من شهر طوبة حيث أنتشرت رائحة زكية لم يشتم مثلها من قبل وصوت من السماء يقول طوباك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك وبعد أن دفنت داخل جثسيماني بحقل يهوشافاط بإرشاد الروح القدس، وبواسطة الرسل الأطهار الذين إستمروا يقدمون الصلوات من حين لآخر أمام قبرها الطاهر حتى السادس عشر من شهر مسرى فأشرق عليهم نور سمائي فى الوقت الذى كانوا فيه يسبحون ويرتلون أمام باب المغارة الموضوع فيها جسدها الطاهر وسمعوا أصوات تهليل وتسابيح روحانية ونغمات ملائكية ولم يعلموا سر ذلك؛ فإن الإله له المجد أراد أن يرفع جسد والدته على أجنحة ملائكته النورانية فأرسل طغمة منهم لإتمام ذلك حسب مشيئته، وكان توما أحد الرسل ببلاد الهند ولم يحضر اليوم الذى تنيحت فيه السيدة العذراء لسر لا يعلمه أحد ما ولما كان هذا التلميذ لا يؤمن ما لم يره؛ أراد الله أن يظهر له هذا السر العظيم فأرسل سحابة نورانية وأمره بواسطه الروح القدس أن يعلوها قاصداً موضع جثسيماني بحقل يهوشافاط حيث هناك أخوته الرسل وبينما هو على السحابة إذ رآى طغمة الملائكة تحمل جسد السيدة العذراء؛ فإستفسر عن حقيقة الحال فقيل له أن هذا هو جسد السيدة العذراء مرتمريم التى تنيحت وأمرنا السيد أن نحمله ونصعد به إلى فردوس النعيم ففرح كثيراً وسجد لها وقبل جسدها وطوبها، ثم أنزلته السحابة عند الرسل فسلم على أخوته وقالوا له ما الذى أخرك عن الحضور يوم نياحة العذراء لترى العجائب التى ظهرت على يديها، حقاً لقد فاتك أمر عظيم جداً فأجابهم : إن الروح القدس أعلمني بكل شيء فى حينه وأني كنت مشتغلاً وقتها فى عماد أكلوديا ابنه ملك الهند وها قد أتيت الآن وليَّ رغبة شديدة فى أن أنظر جسد سيدتي(يقصد بذلك ألا يخبرهم بحقيقة ما رآه مباشرة بل أراد تمهيد الطريق أولاً حتى لا يزعج أخوته) فأجابوه قائلين : أنه داخل المغارة ويصعب علينا رفع الحجر عن باب القبر لجسامته، فقال : أنا لا أصدق جميع ما تقولونه إن لم آره بعيني، فأجابوه : ألم تزل فى شكوك حتى الآن، ونسيت ما فعلته يوم قيامة المخلص، فقال : أنا هو توما الذى لا يصدق إلا إذا رآى، فقاموا معه ودحرجوا الحجر عن باب القبر بعد عناء شديد، ثم دخلوا إلى داخل فلم يجدوا جسد العذراء فوقفوا باهتين متحيرين وهم يقولون ما الذي حدث؟! فوقف توما بينهم وهم حيارى وقال لهم لا تحزنوا يا أخوتي لأني رآيت اليوم جسد سيدتي العذراء محمولاً على أجنحة الملائكة وقت أن كنت آتياً على السحابة فطلبت إليهم أن يخبروني فأجابوني أن هذا جسد السيدة العذراء نحمله إلى الفردوس بأمر السيد المسيح فقبلته وتباركت منه وطوبته فتعجبوا جداً لأجل ذلك ومجدوا الله ..... أيتها الخدر الملوكي إن الروح القدس حل عليك وقوة العليَّ ظللتط لأن المولود منك حقاً هو كلمة الله وابن الآب الذى لا إبتداء له ولا نهاية، قد أتى وخلصنا من خطايانا، أنت أصل ذرية داود التى ولدت لنا مخلصنا يسوع المسيح وحيد الأب قبل كل الدهور، أنت القبة المدعوة قدس الأقداس والتابوت المصفح بالذهب من كل جانب، وألواح العهد المكتوبة بأصبع الله، والقسط الذهب والمن مخفى فيه مثال ابن الله الذى أتى وحل فيه وتجسد بوحدانية غير مفترقة؛ دعيتي أم الله الملك الحقيقي ومن بعد الميلاد بقيتي عذراء كما قال حزقيال النبي يا مريم ممجد هو عمانوئيل الذى ولدتيه من أجل هذا حفظك بغير فساد، تشبهتي بالسلم الذى رآه يعقوب مرتفعاً إلى علو السماء، السلام لك أيتها المنارة النقية التى حملت مصباح اللاهوت، إفرحي يا رجاء خلاص المسكونة كلها لأنه من أجل طهارتك صرنا أحراراً من لعنة حواء ومن أجلك صرناً مسكناً للروح القدس هذا الذى حل عليك وطهرك، من أجل هذا نحن نعيد عيداً روحانياً صارخين مع الملك داود المرتل قائلين قم يارب إلى راحتك أنت وتابوت موضع قدسك الذى إخترته الذى هو أنت يا مريم العذراء، السلام لك أيتها المائدة الروحانية التى منها أخذ خبز الحياة لكل أحد، السلام لك يا فخرنا ورجاءنا وثباتنا بظهور إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح منك، نعظمك بإستحقاق مع أليصابات نسيبتك قائلين : "مباركة أنت فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك" السلام لفخر جنسنا التى ولدت لنا عمانوئيل نسألك أذكرينا أيتها الشفيعة الأمينة عند ابنك الحبيب ربنا يسوع المسيح ليغفر لنا خطايانا ويسامحنا على هفواتنا ويثبتنا على الإيمان المستقيم إلى النفس الآخير الذى له المجد الدائم إلى الأبد أمين.
المزيد
21 أغسطس 2021

القديسة مريم مثال العذارى

يمثل آباء الإسكندرية اتجاهين مريميين: اتجاه لاهوتي وآخر نسكي. ففي كل فترة يهدأ فيها الاضطهاد يلعب الجانب النسكي دورا مرموقا في حياة المصريين، فيفضل الرجال الحياة في الصحراء بينما تكن الفتيات في بيوت خاصة بالمدن. وكان من الطبيعي أن تقدم القديسة مريم لهؤلاء الفتيات كمثال عظيم يقتدين به. وكانت العذارى يصورن إياها كعذراء العذارى ومثالا لهن. وفي القرن الثاني نجد العلامة أوريجين يقول "يبدو أنه من غير اللائق أن نحسب إنسانا آخر غير العذراء كبكر للبتولية المسيحية". وفي خطاب البابا الكسندروس بابا الإسكندرية الذي أورده القديس أثانسيوس يخاطب العذارى قائلا: "سلوك مريم كمثال هو نموذج للحياة اللائقة بالمساء (أي البتولية) وصورة لها"وفي خطاب وجهه القديس أثانسيوس للعذارى، لا يزال محفوظا بالقبطية يتحدث عن القديسة مريم كنموذج العذارى، مقدما وصفا لحياتها لا كما أظهرها الكتاب المقدس بل أقرب إلى مثال لحياة العذراء، إذ يقول"كانت مريم عذراء نقية تحمل تفكيرا منسجما لقد أحبت الأعمال الصالحة لم تكن تريد أن يراها الرجال، بل سألت الله أن يخبرها كانت تلازم بيتها على الدوام، تعيش حياة العزلة مقتدية بالنحلة وزعت على الفقراء بسخاء كل ما تبقى لها من عمل يديها كانت تصلي لله في وحدة لامرين: لكي لا يوجد فكر رديء له أصلا في قلبها، ولكي لا يكون قلبها متجاسرا أو قاسيا حديثها هادئ وصوتها خافت تشتاق أن تتقدم من يوم إلى يوم، وهكذا كان يحدث إذ تستيقظ كل صباح تسعي أن تقدم عملا جديدا عما سبق لم تكن تخاف الموت بالحري كانت تتنهد حزينة كل يوم أنها لم تعبر بعد ألى مواضع السماء" والقديس أمبروسيوس إذ أشار إلى رسالة القديس أثناسيوس للعذارى قدم صورة جميلة للعذراء مريم كمثال للعذارى، في كتابة "de virginibus" فمدح فيها أتضاعها وصمتها واعتدالها في الكلام، خلوتها، غيرتها العذراوية لحفظ سمعتها، وداعتها، مثابرتها في قراءة الكتاب المقدس، احترامها للآخرين، عملها، وبصورة أخص إيمانها ووعها لقد ختم مقاله قائلا: "هوذا أمام أعينكم صورة لحياة مريم البتولية التي تضئ ببهاء العفة وشكل الفضيلة كما من مرآه"ويروي القديس غريغوريوس النزينزي في مقال ألقاه عام 379م بالقسطنطينية كيف أن القديسة الشهيدة والعذراء يوستينة إذ واجهت الموت مع الساحر كبريانوس الذي أعتنق المسيحية على يديها التجأت إلى السيد المسيح عريسها كحامي بتوليتها وتوسلت إلى القديسة مريم "كعذراء في خطر" تتطلع إلى شفيعة العذارى. القمص تادرس يعقوب ملطى عن كتاب القديسة مريم فى المفهوم الأرثوذكسى
المزيد
20 أغسطس 2021

شخصية مريم العذراء والدة الإله ج3

مريم العذراء والدة الإله مريم ويوسف يجدان يسوع في الهيكل:- لقد انقضت اثنتا عشرة سنة، ولم يذكر طيلة هذه الفترة غير شيئين أولهما: "وكان الصبي وينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه". والأمر الثاني: "وكان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح". وهذا شهادة أخرى لتقوى مريم وزوجها لعل هذا الأمر مذكور هنا للتأكيد على هذه الحقيقة. ولا يرد هنا عن مريم أنها كانت تأخذ معها الصبي يسوع في هذه المناسبات السنوية. كما لا نجد هنا كلمة تضاف لإشباع الرغبة البشرية لحب الاستطلاع، ولكن ما يتناسب فقط مع غرض روح الله هنا. فالكل في كمال إلهي – لأن كل كلمة في الكتاب كانت تعبيراً لحكمة إلهية. والحقيقة تتقرر في عدد 41 وهي مقدمة للحادثة التي تتبعها والتي ترتبط بمريم.إن العددين الأولين يمهدان طريقنا للموضوع، "ولما كانت له اثنتا عشر سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد. وبعدما أكملوا الأيام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في أورشليم، ويوسف وأمه لم يعلما". ومن السجلات اليهودية نعلم أن عمر الثانية عشر بين الشباب اليهودي يعتبر السن الكافي للنضوج وتحمل المسئولية الفردية أمام الله. والصبي الذي يبلغ هذا العمر يعتبر ابناً بحسب الشريعة ويطالب أيضاً بمتطلبات الناموس.والحقيقة التي يسجلها الوحي هنا بأن يوسف ومريم صعدا بيسوع إلى أورشليم عندما كان عمره اثنتا عشرة، لا يمكن أن تكون هذه الملاحظة دون معنى خاص لنا. أما ما حدثا في العيد فلم يتسجل هنا، إنما يلفت انتباهنا مباشرة بالحري إلى هذا الظرف بالذات، وهو عند رجوع مريم مع القافلة العائدة فإن يسوع بقي في أورشليم. وكان من الطبيعي أن يظنان بين الرفقة وذهبا مسيرة يوم يطلبانه بدون قلق. ولكنهما إذ لم يجداه بين الأقرباء والمعارف رجعا إلى أورشليم يبحثان عنه. ولمدة ثلاثة أيام في قلق ومخاوف وهما يطلبانه. فمما لاشك فيه بأن كل هذا بترتيب إلهي، فبينما كان "الصبي يسوع" يتمم إرادة أبيه فقد كان يجب ألا يتعطل عن عمله. وفي نهاية المدة "وجداه في الهيكل جالساً في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم". ليت القارئ يدرك هنا كيف أن الروح القدس قبل أن يسجل كلمات مريم فإنه يلفت انتباهنا إلى الحكمة التي يعلمها هذا الصبي القدوس- وهي حكمة مستعلنة بشكل واضح. "وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته". وكم هو حقيق بأن الله يسر بأن يشغلنا بكلمات ابنه المحبوب! أما مريم ويوسف – وهما من أذل الغنم على الرغم من أن يوسف كان ابناً لداود (متى 1: 21) – فقد اندهشا من هذا لمنظر ومريم بقلب أم متأثرة قالت "يا بني لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين".وقبل أن نأتي إلى جواب يسوع فلنتأمل قليلاً في كلمات مريم. لقد انقضى أكثر من اثني عشر سنة على تلك الإعلانات العجيبة التي أتى بها جبرائيل، وكذلك نفس المدة تقريباً على الأقوال النبوية لسمعان الشيخ، والتي لم تعترضها إلا أوقات عيد الفصح السنوية التي كانا يصعدان فيها إلى أورشليم. بخلاف ذلك مرت هذه السنوات هادئة في الناصرة تتخللها الحياة العائلية بالتزاماتها العادية. وليس أمر غير مصدق، بالرغم من كمالات ابنها الظاهرة في نموه عبر تلك السنوات، أن يصيب مريم العمى الجزئي تجاه طبيعة حياة يسوع اليومية أو على الأقل كانت تنسى النصيب الذي ينتظر ابنها. ولن نذهب بعيداً في تصوراتنا بل نلتزم بالمكتوب فقد كان هناك أمران في خطابها إلى يسوع تؤكد لنا هذا الافتراض السابق، فأولا اللوم الذي تتضمنه كلماتها "يا ابني لماذا فعلت بنا هكذا؟" وثانياً استخدمها لعبارة تتضمن يوسف معها "هوذا أبوك". ولسنا بحاجة إلى إبراز هذين الأمرين باعتبارهما فشلاً، وإن كنا لا نشك أنهما نبعاً من مشاعر طبيعية صافية وعلاقات نقية. ولكن من جهة أخرى يتبرهن لنا أن أسلوب حديثها هو نتاج عواطف شديدة لابنها الكامل.أما إجابة يسوع لأمه فكانت إعلاناً عن إدراكه لتلك العلاقة الإلهية بالإضافة إلى إعلانه أنه قد جاء ليفعل إرادة أبيه. قالت مريم ليسوع عن يوسف أنه "أبوك"، وكانت إجابته أنه بقي في أورشليم، كقوله، "ينبغي أن أكون فيما لأبي" كانت إرادة أبيه هي الشريعة العظمى في حياته، وفرحه في أن يعترف بها. وعب اعترافه بها مكان جواباً شافياً لسؤال مريم الذي أزاح به لومها الظاهر. ولا يدهشنا أنهما "لم يفهما الكلام الذي قاله لهما".وعلى ذلك نقرأ: "ثم نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعاً لهما". كانت إجابته لمريم في الهيكل قد ألقت الضوء الكافي على هذه السنين كلها ما بين أول فصح يصعد إليه وبين يوم معموديته إذ كان يعرف مركزه بدقة، لقد كان هنا فيما لأبيه أو لخدمة أبيه، وبالتالي في خضوعه ليوسف ومريم كان يفعل إرادة أبيه بنفس الكيفية كما بقي في أورشليم. فلم يكن هناك ولا يمكن أن يكون شيئاً من عدم الاتساق بين حياته اليومية وما يسمونه الناس الواجبات المقدسة. وكان كل نفس وكل شعور وكل فكر وكل كلمة وكل عمل إنما هي ثمار لحياة تقوية وتكريسية تامة لإرادة أبيه إذ كان يفعل كل حين ما يرضيه (يوحنا 8: 29). ويا له من مشهد يجرى يومياً أمام عيني مريم ويوسف في هذا المسكن المتواضع بالناصرة.وفي الختام يقال لنا عن "أمه" التي كانت "تحفظ جميع هذه الأمور متفكرة به في قلبها". هناك الأقوال في أورشليم وكذلك الأقوال في الناصرة. وهي في حالة من اليقظة وتتفكر متأملة في هذه الكلمات. ويمكننا أن نتأكد أن روح الله أعطاها بعض الإدراك لمعاني هذه الأقوال. لتؤازرها وتقودها وتعزيها في سنوات آتية. وأقول أنه ليست واحدة من بين جميع النساء أعطي لها الامتياز المبارك مثل مريم، فهي حقاً "المنعم عليها". ومرة أخرى نسترجع إجابة الرب للمرأة التي رفعت صوتها من الجميع قائلة له "طوبى للبطن الذي حملك والثديين الذين رضعتهما" أما هو فأجاب "بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه". هذه البركة ممنوحة لكل واحد من شعب الله. في قانا الجليل:- (يوحنا 2: 1 - 11) تمضي السنون قبلما نجد مريم مرة أخرى في سجل الوحي. رأيناها آخر مرة في أورشليم عندما كان يسوع عمره اثنتا عشرة سنة وقد صعدت مع رجلها إلى هناك لتحفظ عيد الفصح ثم رجعت إلى الناصرة. ولا يرد شيئاً عن يسوع أو عن أمه لمدة لا تقل عن ثمانية عشر عاماً. وطوال هذه الفترة التي كان فيها يسوع مختفياً كانت هي كذلك مختفية وهكذا يكون الأمر مع المسيحي فإن حياتنا الآن مستترة مع المسيح في الله، ولكن عندما يظهر المسيح حياتنا ستظهرون معه في المجد (انظر أيضاً 1 يوحنا 3: 2) كذلك في الإنجيل ففي اللحظة التي بدأ فيها يسوع ظهوره لإسرائيل (ص 1: 31) نجد مريم مرة أخرى تأتي في المشهد. ولكن لكي نفهم الأمر فهماً صحيحاً وما تبع ذلك فتجب ملاحظة أن سيرتها الشخصية تتوقف. وعندما نراها بعد ذلك أو يرد ذكرها فإما بغرض رمزي أو لتعلم درساً ثميناً في ارتباطها مع ربنا. وتجد ملاحظة أن مريم هذه المنعم عليها لا ينبغي أن تكون محط أنظار شعب الله عندما يأتي ابنها يسوع في المشهد، فما يشغل القارئ هو كمالاته وحكمته وخضوعه الكامل لإرادة إلهه ومجده، وفي نفس لوقت لا ننسى هذه الوحدة في العلاقة بين مريم وطفلها.ويقال لنا أنه "في اليوم الثالث" "كان عرس في قانا الجليل. وكانت أم يسوع هناك". "ودعي أيضاً يسوع وتلاميذه إلى العرس". إن البعض يشكون إذ تناولنا هذا المشهد بشكل رمزي عندما نطرح الصورة النبوية لرجوع إسرائيل المستقبلي. والجملة التي تتكلم عن العرس أنه كان "في اليوم الثالث" إنما تشير بوضوح إلى ذلك المعنى النبوي، فاليوم الثالث يتكلم عن زمان البركة (وكذلك الدينونة إذا أضفنا إليها حادثة تطهير الهيكل) والتي جاءت بعد اليومين للشهادة وهما ليوحنا المعمدان وليسوع نفسه – والمسجلة في ص 1، والتي تعني غالباً القيامة – وهي ظلال مستقبلية لحقيقة بركة الشعب الأرضي وكذلك بركة الشعب السماوي والتي تتأسس على القيامة وحدها. ولكي نفهم الخاصية الرمزية لهذا العرس – فقد اتخذ العرس مجراه ولكنه اختير خاصة لإظهار هذا الغرض وهو مفتاح هذه الحادثة ولا بد لنا أن نقول ذلك لأن كثيرين حتى من المسيحيين أنفسهم لم يفهموا بحسب أفكارهم البشرية المناقشة التي دارت بين الرب نفسه في تعاملاته مع مريم في هذه المناسبة، وقد نسوا مجد ذاك الذي استعلن هنا كما في أماكن أخرى وكذلك كماله المستعلن في تلك العلاقة. ونقرأ "ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر. قال لها يسوع مالي ولك يا امرأة؟ لم تأت ساعتي بعد. قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه" (ع 3 - 5). ونسجل هنا ملاحظات كتبها واحد تشرح معنى هذا الجزء: [إنه في العيد (أو العرس) لا يعرف أمه، وهذه هي علاقته الطبيعية مع إسرائيل، والمنظور لها أنه قد ولد منها تحت الناموس، فإسرائيل أمه، إنه يفصل نفسه عنها ليتمم البركة]. وهذا يساعدنا في شرح طبيعة هذا المشهد الرمزي المشار إليه. وهذا صحيح فإذا كان يسوع قد ولد من امرأة وولد تحت الناموس، فقد كان عليه أن يموت عن هذه العلائق جميعها لكي يمجد الله تمجيداً كاملاً ويفتدي الذين هم تحت الناموس بأن يصير لعنة لأجلهم قبلما يأتي بالبركة لإسرائيل. وحبة الحنطة كان ينبغي أن تقع في الأرض وتموت لكي تأتي بثمر كثير.ولكن هناك شيئاً آخر يجب أن نتذكره أن يسوع قد أخبر أمه – كما رأينا كذلك من قبل – أنه ينبغي أن يكون فيما لأبيه أي لصوالح أبيه، وأنه قد أتى ليفعل إرادة أبيه وهو قد فعل ذلك ففي كل خطوة كان في شركة مع أبيه سواء من جهة التوقيت أو الأسلوب الذي يتبعه، كما قال عن نفسه "لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذلك فهذا يعمله الابن كذلك" (يوحنا 5: 19 - 20). ولذلك كان من المستحيل عليه أن يقبل اقتراحاً من مريم عما ينبغي أن يعله وهذا معناه أن مريم تتدخل في منطقة مقتصرة ومحددة للآب وللابن. كان ما قالته تعبيراً عن حثها للرحمة وهو في ذات الوقت يعبر عن إيمانها بقوة يسوع التي لا يمكن أن تنكر. وعندما نأتي إلى دائرة كمال المسيح وتكريسه فإننا لا نسمع غير صوته الذي يقول أنه جاء ليفعل إرادة أبيه. إن هذا يفسر لنا قوله "مالي ولك يا امرأة؟؟ لم تأت ساعتي بعد".كانت كلمة يسوع لأمه التأثير المقصود، ويتضح هذا من حقيقة أنها لم تحاول أن تجيب،وأنها كانت تعتمد على تدخل يسوع وإظهار قوته، فقالت للخدام: "مهما قال لكم فافعلوه". وهذا جميل ورائع في حد ذاته، فمع أن مريم بسبب عواطفها الزائدة جربت في أن تأخذ مكاناً لا يخصها، وربما رغبة منها أن ترى ابنها يظهر علانية،ولكن سرعان ما تكلم الرب حتى عادت إلى مكانها الصحيح وانسحبت إلى الخلف. حتى وهي تتطلع إلى مجده الذي يفوق المجد البشري (ع 11) موصية الخدام بطاعة له لا تقبل الجدال. إن التوفيق بين عواطف الأمومة مع إيمانها بيسوع باعتباره يدعى ابن العلى وابن الله، وهي تراه في طريقة حياته اليومية يأكل ويشرب وينام، إنما يصبح هذا التوفيق أمراً صعباً ولكن الله نفسه كان يلاحظها ويفتح قلبها كل يوم لما كانت تحتاج أن تتعلمه وكذلك في هذه المناسبة عرس قانا الجليل. لم تعد تنشغل بتاتاً بنقص الخمر، وبقيت شاهدة بصمتها عن ما سيحدث، ولذلك استمتعت بهذا الامتياز الذي لا ينطق به كشاهدة لبداية هذه الآيات التي صنعها يسوع عندما أظهر مجده وآمن به تلاميذه. إن ما يصدر عما هو إلهي هو جزء من مجد الله وإظهار لحقيقة شخصه، وبالتالي فإن تحويل الماء إلى خمر كان بقوة كلي القدرة ونتيجة ذلك أن تلاميذه آمنوا به.كانوا قد قبلوه من قبل مع ضعف إيمانهم أما الآن فقد تثبت إيمانهم وذلك مريم أيضاً.وإذ أكمل يسوع إرساليته في قانا الجليل انحدر إلى كفرناحوم هو وأمه وإخوته وتلاميذه وأقاموا هناك أياماً ليست كثيرة. وللحديث بقية
المزيد
19 أغسطس 2021

التجلى للقديس مارإفرام السرياني

" إن من القيامِ ههُنا قوما لا يذوقون الموت " ) مت 28:16 . )هكذا أشار المسيح إلى الذين سيرُفعون إلى السماء ، لقد دعا المسيح إيلياالذي سبق ان رُفِعَ إلى السماء ) 2 مل 2 : 10 - 12 ( ، وموسى الذي أُقيمَ منالأموات ) مت 3:17 ( وثلاثة شهود من الرسل ؛ ثلاثة أعمدة جديرين بأن يشهدواعن الملكوت ، وكما تعرَّف المعمدان سابقًا على المسيح بالروح القدس حينما جاءإليه وقد شهد " وانا لمْ أكُنْ اعرف هُ " ) يو 31:1 ( ، هكذا أيضا تكلم بطرس – رغم أميته بحكمة عظيمة ، لأنه تعرف على موسى وإيليا ، لقد نطق الروح –معبراً عن نفسه على فم بطرس بأمر كان هو نفسه يجهله سابقا ، ففي هذه الحادثة الخاصة بموسى وإيليا وبالثلاث مظال تضافر نور الروح القدس مع الرغبة البشرية في العمل معا .أظهر لهم الرب إمكانية ان يتغيرَّ حينما " صارت هيئةُ وجهه مُتغيرةً "( لو 29:9 ) ، فتغير وجهه على الجبل قبل أن يموت حتى لا يشكوا في تغير وجهه بعد موته ، وحتى ما يعلموا أن ذاك الذي تغيرت هيئته قدامهم ، سوف يُقيم الجسد الذي لبسه بالمثل ، فالذي أعطى لجسده الخاص مجداً ، يستطيع ان يُقيمه من الموت الذي يجوزه .فإن كان هذا بهاء ملكوته بعد القيامة ، فلماذا لم يضفيه على الجميع منذ ذلك الحين ؟ لأَّنهم لم يكونوا بعد جديرين بمعاينته ، وبالرغم من ذلك أراد أن يعرفوا أنهم هم أيضا سوف يتغيرون بالمثل ، إذ استحضر هذين الاثنين ، موسى وإيليا ،حتى ما نؤمن بالقيامة العتيدة ، فأولئك الذين ماتوا مثل موسى سوف يقومون ، وأولئك الذين سيكونون أحياء حينئذٍ سوف يُختطفون كمثال إيليا ، لأن للرب العلو والعمق .لقد سُرَّ بطرس أن يرى الجبل وقد خلا من منازعات الكتبة ، وطاب له عبير الملكوت وقد عَبَّق أنفه ، فرأى مجد الرب عوضا عن عاره ، وفرِحَ بوجوده مع موسى وإيليا وتهلل لأنه تخلص من قيافا وهيرودس . وكما أشفق على الرب مرة بقوله : " حاشاكَ يارب " ( مت 22:16 ، ) هكذا يقول الآن : " فلنصنع ثلاثَ مظالَّ " ويضيف الإنجيلي : " لأنه لم يكُن يعلمُ ما يتكلَّمُ بهِ إذ كانوا مُرتعبِيِنَ " ( مر 6:9 ) ، لأن الرب كان ينبغي أن يتألم ويُصلب ويموت ثم يقوم . كان بطرس يظن أنه لو سَمَحَ له الرب بالبقاء على الجبل وعمل ثلاث مظال فإنه لن يفكر بعد في العودة إلى المدينة حيث كان ينبغي أن يموت هناك كما كان قد أخبر تلاميذه .فيا له من حب وإشفاق من بطرس نحو سيده . ولكن ماذا تقول أيها الرسول القديس ؟ لقد ميزت للتو في اعترافك بين الرب وبين عبيده ، أتعود الان وتخلطهم معا ؟ هكذا كان الرسل غير كاملين قبل موت المُخلَّص وغاب عن بطرس ما اُستعلن له من الآب عن الابن أثناء هذه الرؤية ، حتَّى عبَّر القديس مرقس بقوله " لأنه لم يكن يعلمُ ما يتكلمُ به " ( مر 6:9 ( . ولكي ما يبين بالأكثر ذهولهم عبرعنه القديس لوقا أيضا بقوله : " أنهم كانوا قد تثقلوا بالنومِ " ( لو 32:9 ) . وكما تخشى العين الجسدية عادة من النور الشديد هكذا صار التلاميذ كعميان من مجد نور المسيح ولم يقوى ضعف عيونهم على احتماله .يجب أن نفهم أن هذه المظال ليست من عالمنا الأرضي ، بل من العالم الآتي : " اصنعوا لكم أصدقاء بمالِ الظُلم ، حتى إذا فنيتُم يقبلُونكم في المظال الأبدية " ( لو 9:16 ) . ومرة أخرى إذ أنه لم يكن يعلم ما يتكلم به لأنه قد حسب المسيح في عدِ اد أصحاب المظال مع موسى وإيليا غير مُميز بين الرب وبين عبيده . لهذا أنار عقله صوت إلهي من السموات قائلاً : " هذا هو ابني الحبيبُ الذي به سرِرِتُ " ) مت 5:17 . ) في تواضعه ، لبِسَ المسيح جسدنا حتى ما نستطيع أن ننظره ونسمع كلامه ، ولا نُعاني مما عاناه تلاميذه الثلاثة على الجبل ، الذين قد تثقلوا بالنوم ، بسبب عظمة مجد الجسد الذي هبط عليهم ، وهم قد تعجبوا وذُهلوا من مجده .حينما كان ينبغي أن يسهروا أكثر من أي وقت مضئ ، ناموا ؛ بالرغم من أنهم لم يروا مجده كاملاً ، بل فقط بعضا من مجده في الجسد الذي نزل إليهم ولم يعلموا شيئا عمَّا كانوا يرونه ولا ما كانوا يقولونه حتى نتعلم لماذا ظهر بدون مجد وجاء في جسد . وإذا كان بطرس قد قال كلماته هذه فماذا عساه أن يحدث معنا؟ ! لماذا ظهر موسى وإيليا معه ؟ لأنه حينما سألهم : " مَنْ يقولُ الناس إني أنا ابن الإنسان . قالوا : قوم يوحنا المعمدان . وآخرون إيليا . وآخرون إرميا أو واحد من الأنبياء ( مت 16 : 13- 14 ) .إذاً ، فموسى وإيليا ظهرا معه حتى ما يُعلن أنه لم يكن لا إيليا ولا موسى ولا إرميا ولا واحداً من الأنبياء ، بل هو رب الأنبياء .إذ لم يكن المسيح إلها ، فكيف أقام موسى واستحضر إيليا ؟! إذا لم يكن المسيح إلها ، لما سمعنا ذاك الصوت قائلاً : " هذا هو ابني الحبيبُ . له اسمعوا " ؟ "وفيما همْ نازلُون من الجبلِ أوصاهم يسوعُ قائلاً : لا تُعلمُوا أحداً بما رأيتم حتى يقوم ابنُ الإنسان من الأمواتِ " ( مت 9:17 ) . أوصاهم المسيح بذلك ؛ لأنه كان يعلم أن الآخرين سوف لا يصدقونهم ؛ بل سيعتبرونهم مجانين ويقولون لهم من أين أتي إيليا ؟ وأيضا لقد مات موسى ودُفن " ولم يعَرف إنسان قبرهُ إلى هذا اليومِ " ( تث 6:34 ) ؟! وهكذا يكونون قد أثاروا تجديفا وعثرة ، لهذا أوصاهم الرب قائلاً لا تبرحوا من أورُشليم ... حتى تنالوا قوة ( أع 1 : 4 - 8 ) . انتظروا حتى تتفتح القبور ويخرج الأبرار أن الذي أقامهم أقام موسى أيضا .وحتى لا يقول اليهود إن الرب قد ضلل تلاميذه ، فها هم يُعلنون ان موسى وإيليا تكلما معه . في القديم ، تسلم موسى الناموس على الجبل ، وجاء إيليا بغيرة كي يُحقق النقمة المُ علنة في هذا الناموس الذي يقول : " إن لم تتأدبوا مني بذلك ، بل سلكتم معي بالخلاِفِ " ( لا 23:26 . ) لماذا لم يصطحب جميع التلاميذ ؟ لأن يهوذا كان بينهم ، متغربًا عن الملكوت ، وغير جدير بان يُصطَحَب إلى مثل هذا المكان ، وما كان لائقا بأن يُترك وحده ، إذ كان محسوبا في نظر الناس على أنه كامل من أجل اختيار من اختاره . فلو كان الرب قد تركه وحده : لقيل إنه قد أقصاه عن جماعة التلاميذ . فماذا اختاره أولاً ثم رفضه ، ولماذا جعله بصفة خاصة مُدبَّراً للصندوق ؟ هذا لكي ما يُظهر محبته الكاملة ورحمته . ولكي يُعلم كنيسته ، إنه رغم وجود مُعلمون كذبه في وسطها ، فهي جسده الحقيقي .لقد أعطى الخبز لتلك اليد التي امتدت وقَبِلَت أجرتها وباعت المسيح للموت ، وق بَّل فم ذاك الذي أعطى علامة الموت لمغتصبيه .
المزيد
18 أغسطس 2021

اَلقدّيسَة العَذراء وفضيلة الاحتمَال

إن للقديسة العذراء فضائل عديدة جدًا. لعل في مقدمتها الاتضاع، والاحتمال، والتعب سواء في خدمة الآخرين مثل تعبها في رحلة لزيارة أليصابات وخدمتها، مع أنها شابة في حوالي السادسة عشرة من عمرها. وتعبها أيضًا في رحلتها إلى مصر ذهابًا وإيابًا، واحتمالها مشقة الطريق. وتعبها داخل مصر حينما كانوا يطردون العائلة المقدسة من بلد إلى بلد بسبب سقوط الأصنام التي يعبدها المصريون وقتذاك. إلى جوار احتمالها التعب النفساني حينما كانت ترى اضطهادات القيادات الدينية اليهودية لابنها، وأيضًا احتمالها لصلبه.ولما كان من أهم تكريمنا للسيدة العذراء، أن نقتدي بها، فإنني أود هنا أن أذكر كيف نقتدي بها في الاحتمال. ومنها مقدار الاحتمال، التعب في الخدمة. وقد شرح لنا القديس بولس الرسول كيف تعب في الخدمة أكثر من جميع الرسل، وقال إن كل إنسان سيأخذ أجرته بحسب تعبه.وهنا أحب أن أنبه الآباء الكهنة إلى أهمية التعب في افتقاد الناس وفي حل مشاكلهم. وكذلك أنبه جميع الخدام إلى الاهتمام بالتعب في الخدمة. وأذكر قصة ذلك الراهب الذي كان يتعب في خدمة الشيوخ وإحضار الماء لهم من مكان بعيد. فلما ثقل عليه التعب رأى وراءه ملاكًا يكتب شيئًا. فقال له الملاك: "إنني أكتب كل خطوة تخطوها في خدمة أولئك الشيوخ، لكي يمنحك الله أجرًا عليها". حينئذ تعزّى ذلك الراهب وازداد بذلاً في تعبه.ومن أنواع الاحتمال أيضًا، احتمال الظلم. ونذكر مثالًا لذلك يوسف الصديق: الذي احتمل الظلم من أخوته وقد باعوه عبدًا، واحتمل الظلم من امرأة فوطيفار التي اشتكته وادّعت عليه على الرغم من أنها كانت المخطئة. واحتمل الظلم من فوطيفار أيضًا الذي أخذه وألقاه في السجن، على الرغم من أنه كان مخلصًا له جدًا. وبسبب احتمال يوسف الصديق كافأه الله كثيرًا وجعله الثاني في مملكة مصر.وهنا أيضًا احتمال العوز والفقر والجوع. ولعلنا نضرب مثلاً لذلك باحتمال لعازر المسكين، وفي الواقع لست أجد في سيرة هذا البار أي سبب جعله يستحق أن يتنعم في أحضان أبينا إبراهيم سوى فضيلة الاحتمال هذه، الذي كان يتعذب فيحتمل، صار يتعزى أخيرًا.ومن نواحي الاحتمال أيضًا احتمال المرض. ونذكر مثالاً لذلك أيوب الصديق الذي احتمل مرضًا مؤلمًا من قمة رأسه إلى أخمص قدميه. وقال لزوجته «أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟».وفي الاحتمال أيضًا نذكر احتمال موت الأحباء وبخاصة الذين ماتوا فجأة. ولا شك أن الله قد سمح بذلك لخيرهم. فموتهم هكذا أسهل بكثير جدًا من الموت على فراش المرض لمدة طويلة يتحمل فيها المريض عذابات شديدة.ومن أسمى أنواع الاحتمال، احتمال المجد والكرامة. ونذكر هنا أن القديسة العذراء قد احتملت مجد التجسد الإلهي في ظهور رئيس الملائكة جبرائيل لها وتبشيرها بعمل الروح القدس فيها، وبأن القدوس المولود منها يُدعى ابن الله. واحتملت الظهورات المقدسة، ومجيء المجوس إليها، وسجودهم لابنها، وتقديمهم الهدايا ذهبًا ولبانًا ومرًا. واحتملت أمجادًا كثيرة تُحيط بابنها.. كل ذلك دون أن تفتخر أو تتعالى، بل كانت «تحفظ كل هذه الأمور متأملة بها في قلبها». حقًا كما قال القديس أنطونيوس الكبير: "هناك من يستطيعون احتمال الإساءة، ولا يستطيعون احتمال الكرامة. لأن احتمال الكرامة أصعب من احتمال الإهانة". ذلك لأن شخصًا قد ينال كرامة أو رفعة في منصب كبير، أو مال وفير. وحينئذ يرتفع قلبه، ويتعالى على الآخرين، وتهز الكرامة روحياته فينتفخ ويتعجرف! ويتغير قلبه وفكره. لأنه لم يستطع أن يحتمل الكرامة.هناك نوع آخر من الاحتمال قد اختبرته القديسة العذراء مريم. وهو احتمال ترك المشيئة. فما كانت تظن يومًا أنها ستحبل وتلد ولكن لما أخبرها الملاك أن هذه إرادة الله، أجابت في ترك لمشيئتها «لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ».يذكّرنا هذا بالراهب الذي كان يحب أن يحيا حياة الوحدة والهدوء والسكون والتأمل. ولكن مشيئة الله دعته إلى الخدمة. وكان عليه أن يتنازل عن مشيئته، ويقول لله لتكن مشيئتك.من أنواع الاحتمال أيضًا احتمال أخطاء الآخرين. وفي هذا ما أكثر ما يعجز الناس عن احتمال اساءات الغير. ويحاولون أن ينتقموا لأنفسهم، ولا يحوِّلون الخد الآخر. وأتذكر أنني قلت يومًا في اجتماع لجنة البر: "ليس واجبنا فقط أن نعطي الناس احتياجاتهم، إنما واجبنا أيضًا أن نحتمل ضعف هؤلاء في ادّعاءاتهم. فالفقر هو الذي ألجأهم إلى ذلك".من أنواع الاحتمال: احتمال انتظار الرب. فقد يصلي إنسان ويطلب طلبة معينة وتمر فترة طويلة ولا يشعر أنه قد نال مراده. وربما يتذمر على الرب ويعاتبه! إن أبانا إبراهيم وعده الرب أن يمنحه نسلًا، ومرت سنوات طويلة جدًا ولم ينل هذا النسل. فلجأ إلى الزواج من هاجر برغبة ونصيحة من زوجته سارة. في عدم الانتظار نقرأ في المزمور «اَلَّلهُمَّ، إِلَى تَنْجِيَتِي. يَا رَبُّ، إِلَى مَعُونَتِي أَسْرِعْ»، عبارة «أسرع» تدل على أن المصلي لم يحتمل الانتظار.ومن أنواع الاحتمال أيضًا: احتمال التجارب، احتمال التأديب، لأنه «إن تزكى ينال إكليل الحياة».إن الله تبارك اسمه يقدم لنا أكبر مثال للاحتمال، وهو ذاته احتمل الأمم سنوات طويلة وهم يعبدون غيره من أنواع عبادات متعددة، وهكذا احتمل الوثنية حتى عادت وآمنت به. وقد احتمل الشيوعية في روسيا لمدة سبعين عامًا، وهم يشيعون أن لا إله! وأيضًا احتمل الخطاة حتى يتوبوا. احتمل أوغسطينوس، وموسى الأسود، ومريم القبطية. وغيرهم... إلى أن تحول هؤلاء إلى قديسين. ولم يتوبوا فقط، بل نموا في حياة الفضيلة إلى درجات عالية.واحتمل اللص اليمين طول حياته، إلى أن ذكره هذا اللص على الصليب.ونرى أمثلة أخرى للاحتمال في موسى النبي الذي احتمل شعبًا متذمرًا لسنوات عديدة، بل أنه أكثر من هذا كان يدافع عنهم أمام الله ويمنعه من إفنائهم.ونرى مثلًا آخر للاحتمال: داود النبي والملك الذي احتمل أبشالوم ابنه الذي نافسه في المُلك، وأقام جيشًا يحاربه، ودخل على جواريه. ولما قُتِل أبشالوم في الحرب، بكى عليه داود وقال: «يَا ابْنِي أَبْشَالُومُ! يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضًا عَنْكَ!».ومن أوضح الأمثلة في الاحتمال احتمال الأم لابنها في صياحه وبكائه وفي عناده وتمسكه برأيه. تحتمله في بطنها، وفي حجرها، وفي حملها على كتفها، وفي تعليمه الحياة.والاحتمال هو وصية إلهية. فيقول الكتاب «مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا» (أف4: 2). وأيضًا «فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الأَقْوِيَاءَ أَنْ نَحْتَمِلَ أَضْعَافَ الضُّعَفَاءِ» (رو15: 1).وأيضًا «المحبة تحتمل كل شيء لأنها لا تطلب ما لنفسها»، ويقول القديس بولس الرسول: «نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ».أما لماذا نحتمل؟ فإننا نحتمل أخطاء الآخرين، كما احتملنا الله أيضًا، وكما يحتملنا. والاحتمال يدل على الوداعة، وطول البال، وسعة القلب. ونحن نحتمل الغير أيضًا لكي نكسبهم. وكما قال القديس يوحنا ذهبي الفم: "هناك طريقة تستطيع بها أن تقضي على عدوك، وهو أن تحول العدو إلى صديق". ونحن لا نستطيع أن نحول العدو إلى صديق إلا باحتمالنا له، بل وإحساننا إليه حسب وصية الرب.وأنت إن لم تحتمل فسوف تتعب أعصابك. وقد تُصاب بمرض من ضغط الدم، والسكر، وأيضًا تخسر الناس. وفي عدم احتمالك تكون قدوة سيئة لغيرك. وكما ورد في سفر الأمثال «لاَ تُجَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ تَعْدِلَهُ أَنْتَ»، أي تصير مثله في أسلوب الهجوم والصياح، فتعثر الناس الذين يشاهدونك.وفي عدم الاحتمال قد يلجأ الناس إلى طرق خاطئة، بزعم الدفاع عن حقوقهم، أو استرجاع كرامتهم.وأهم سبب للاحتمال هو محبة المخطئين والعطف عليهم وتقدير ضعفهم وظروفهم. وهكذا قيل عن الرب في المزمور «لَمْ يَصْنَعْ مَعَنَا حَسَبَ خَطَايَانَا، وَلَمْ يُجَازِنَا حَسَبَ آثامِنَا.لأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ».والرب في احتماله لأخطائنا، أحيانًا يلتمس العذر لنا كما قال الرب على الصليب طالبًا المغفرة لصالبيه «لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».ومما يساعد على الاحتمال: القلب الواسع، وقوة الأعصاب. قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل