المقالات

21 نوفمبر 2022

«إِذَا أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ» (أم16: 7) (2)

4- طلب رؤساء الكهنة من أمير الكتيبة أن يُنزل إليهم بولس لمحاكمته في الهيكل، فأنزله تحت حراسة مشدّدة، وبينما بولس يدافع عن نفسه أمام المجمع صار صياح عظيم ومنازعة شديدة... فخاف الأمير أن يقتلوا بولس فأمر العسكر أن ينزلوا ويختطفوه من وسطهم ويأتوا به إلى المعسكر وهكذا أنقذه للمرة الثانية من أيديهم. 5- اتفق أربعون رجلًا من اليهود المتعصبين لقتل بولس، وصاموا قائلين إنهم لا يأكلون ولا يشربون حتى يقتلوا بولس، واتفقوا مع رؤساء الكهنة على هذه المؤامرة الدنيئة، وطلبوا من رؤساء الكهنة أن يستسمحوا أمير الكتيبة بإنزال بولس إليهم كأنهم مزمعون أن يحاكموه وفي الطريق يقتلونه.سمع ابن أخت بولس بهذه المؤامرة فذهب إلى خاله في المعسكر وأخبره، فاستدعى بولس أحد الضباط وكلفه أن يوصل الشاب للأمير ليخبره بالأمر، ولما سمع الأمير بالمؤامرة قام بترحيل بولس من أورشاليم إلى قيصرية تحت حراسة مشددة. وهكذا أنقذه من أيدي اليهود للمرة الثالثة، وهو رجل وثني لا يعرف بولس، ولكن الله الذي يدبر لأولاده من يحميهم حتى لو كان من أعدائهم. 6- لما تولّى فستوس الولاية نزل إلى أورشاليم فعرض عليه اليهود أن يستحضر بولس إلى أورشاليم للمحاكمة وهم صانعون كمينًا ليقتلوه في الطريق، ولكنه رفض هذا العرض وأمرهم أن يذهبوا إلى قيصرية العاصمة حيث بولس ويحاكموه هناك. وهكذا أنقذ بولس من مؤامراتهم للمرة الرابعة. 7- لما رفع بولس دعواه إلى قيصر، رتّبوا له السفر إلى روما مع أسرى آخرين، وسلموهم إلى قائد مائة من كتيبة أوغسطس قيصر (وهي كتيبة الحرس الإمبراطوري)، واسم القائد يوليوس وهو رجل روماني وثني ولكنه طيب ومحب، فعامل يوليوس بولس بالرفق طول الرحلة الشاقة، وأذن له أن يذهب إلى أصدقائه ليحصل منهم على عناية (أع27: 3).تعرضت السفينة إلى رياح وزوابع شديدة، وتعرضت للغرق عدة مرات، والله ينقذ الركاب من أجل صلوات بولس. ولما قربوا من جزيرة مالطة تكسرت السفينة في الخليج المُسمّى حتى الآن خليج مار بولس. رأى العسكر أن يقتلوا الأسرى لئلا يسبح أحد منهم فيهرب (أع27: 42)، فيُقتل العسكري حارسه بدلًا عنه، ولكن قائد المائة إذ كان يريد أن يخلّص بولس منعهم من هذا الرأي (أع27: 43). وهكذا أنقذ بولس من القتل للمرة الخامسة. نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف دير السريان العامر
المزيد
20 نوفمبر 2022

نسمع ونعمل

مثل الزارع الذى كثيرا نسمعه فى الكنيسه ونقراءه فى الكتاب المقدس هو يعبر عن حالنا دائما لانه يتكلم عن نوعيات متنوعه بتستقبل كلمه الله ,البذره واحده لكن المشكله فى التربه ,الانجيل الذى فى بيتك هو نفسه الذى عند غيرك ببيته هو الانجيل الذى قراءه الانبا انطونيوس هو الانجيل الذى قراءه القديسين ,الكلمه وحده لكن المهم التربه تكون مهيئه ,كل واحد فينا لديه كتاب مقدس وكلمه الله متاحه ,نشكر الله ان البذره ليست نادره وليس الحصول عليها بصعوبه,فهى موجوده ومتوفره بشكل قوى,ولكن تسقط على انواع من الترب,فى ارض مجرد طريق اى ياخذ الامور بشكل عابر فكلمه ربنا تلمسك من الخارج ولا تتدخل فى ارض محجره بمعنى تدخل كلمه ربنا داخلها لكن لا توجد فرصه لان لايوجد اصل لها فتجف فى ارض افضل لكن مليئه بالشوك,والشوك هو هموم العالم تقبل كلمه ربنا لكن مع الوقت نجدها اتخنقت بالشغل والاولاد والبيت والمسئوليات وضعف الاشتياقات , وفى الارض الجيده هذا الامر يمثلنا فى حياتنا وكل يوم, وعلى كل واحد فينا ان يهيئ تربته لاستفبال كلمه ربنا,ممكن واحد يقرا الانجيل لمجرد القراءه وهذا جيد ,وفى اخر يبذل مجهود فى القراءه ,وفى الذى يقراء ويقضى وقت طويل مع الكلمه اى ان الكلمه ثمر وتفغل داخله الاباء القديسين يعملونا ان نردد كثيرا كلمه ربنا داخلنا وكئننا نعطيها فرصه لتعمل وتنمو ,فلا يوجد شئ يقدر يضبط غرائزنا وطبعنا وانساننا العتيق مثل كلمه ربنا التى قال عنها انها محييه,ادخل كلمه الانجيل داخلك تجد انها حولت الموت الذى داخلك لحياه هى فاعله ,مثل البذره الصغيرفى داخلها حياه,يجب ان تثق ان كلمه ربنا حيه ,فما علاج الموت الذى بداخلنا ,الحياه فى الوصيه لذلك منا من ينظر للانجيل ويشعر انه مقصر معاه,اجعل انجيلك فى بيتك مفتوح ,خصص وقت للانجيل ,خصص وقت لترديد ايات من الانجيل , خصص وقت لانك تحول الذى تقراءه الى تداريب عمليه بحياتك لينطبق عليك الكلمه التى تقول " ان لا نكون سامعين فاخادعين انفسنا فسامعين عاملين",نسمع وتعمل ,خذ الايه وصلى بها ورددها داخلك ,لا تترك الايه الا بعد ان تترك تاثير فى حياتك نحن نرى ان المسيح هو الكلمه " فى البدء كان الكلمه" ,والانجيل هو الكلمه يعنى المسيح هو الانجيل, الذى يريد ان يرى المسيح يري الانجيل, والذى يريد ان يعرف الانجيل يعرف المسيح, ومن هنا يصير بينك وبين المسيح والكلمه علاقه قويه,هذا مانراه فى الكنيسه فلا يوجد قداس بدون قراءه الكلمه فالجزء الاول من القداس يسمى "قداس الكلمه"وهو القراءات ثم"قداس الذبيحه" والاثنين يوصلو لبعض ,وتجد نفس الهتافات مثل " مبارك الاتى باسم الرب" تجدها عند قراءه الانجيل وعند التناول ,ومثل "الليلويا" عند الانجيل وعند التناول عند الانجيل نفرح وعند التناول نفرح ,الاتنين يوصلو لبعض لذلك حاول ان تستخدمهم كسلاح لعلاجك الكلمه والافخارستيا اقوى سلاحين ,فى العهد القديم عندما يريدو ان يستعيدو عافيتهم الروحيه وعلاقتهم بربنا كانو يستعينو بحاجتين الفسح والشريعه ,الشريعه هو الكلمه والفسح هو الافخارستيا , تريد ان حياتك تكون صح ابنيها على هذين العمودين اقراء واتناول كتير وسترى عجبنا بلاش تستقبل الكلمه بشكل سطحى او بقساوه قلب وتتضع حوائط لاستقبال الكلمه مثل الارض الجريه ,اما الارض التى بلا شوك تستقبل الكلمه لكن المشغوليات والعوائق الكثيره ,وهذه من اصعب ما يوجهنا فى حياتنا وعصرنا الشوك الكثير الذى لم يعطى فرصه لنمو الشجره ولنمو البذره ,وفى الاخر الارض الجيده . حول الامر الى صلاه اطلب من الرب غير ارضى الى ارض جيده ,انزع الاشواك ,ابدل الارض الحجريه ,اجعلنى اقبل كلمتك بشكر وفرح ,لذلك الكلمه الى تخبئها داخلك هى التى تثمر "خبئت كلامك فى قلبى كى لا اخطئ اليك " ,خبئ كلمه ربنا داخلك وشاهد ماذا تفعل بك , هتحول الاراده الضعيفه , هتديك روح قداسه, هى الفاعله ,ثق فيها عمرك ما هتشوف كلمه وتجدها حيه ,او كتاب له الالاف السنين كلمه فاعله ولازالت جديده ,عمرك تقرا كتاب يكون عمر زمن كتابته 1600 سنه ومع ذلك تجده نسيج واحد ,هو كلمه من عند الله ,فعندما تهمل فى الانجيل يبقى بتهمل فى خلاصك ,فكيف ننجو نحن اذااهملناه ربنا يعطينا قلوب واذان مفتوحه ومهيئه لاستعداد الكلام ويعطينا اراده روحيه لنسمع ونعمل.يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمتهِ ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين . القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
19 نوفمبر 2022

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر هاتور

تتضمن الحث على طلب السعادة الباقية والاعـراض عن الشهوات الفانية مرتبة على فصل زنابق الحقل . ( لو ۱۲ : ۲۷-۳۱ ) إذا كان زهر الحقل الذي هو ليس ضروري الوجودفي قوام حياة البشـر لأنه لم يخلق للمأكل ولا للمشارب ولا للملابس ولا لغير ذلك . بل ليحرق بالنـار كما قال الكتاب يهتم به الله هكذا لأنه من مخلوقاته . فكيف يهمل الاهتمام بمصـالح عبيده الطائعين ؟ وما بالنا نحن نجهد نفوسنا ونتعب أجسامنا ونخاصم عبيـد ربنـا . ونستعمل الربا والظلم والإيمان الكاذبة في معاملاتنا . لنحصل الأمور المحتاج إليـها ولا نطلبها بأمانة من ربنا لنعطاها بأيسر الطلب ومن أفضل الجهات . وكيف أبـدل المؤمنون الاجتهاد هكذا في تحصيل الأمور الزائلة وشيكا . حتى بلغ الحال ببعضـهم في المتاجر إلى التغرب عن الأهل والوطن والتهاون بالاولاد والعيال " ويركبـون البحار المخيفة والطرقات الهائلة . ويستصغرون ما ينالونه مـن مـلاقـاة الخـاطفين والغاصبين والقتلة والوقوع في المهالك . مع العلم أن نهاية المطلوب وغايتـه هـو تحصيل الحاجات الضرورية الزائلة سريعاً . وكيف لا نفعل ذلك نحـن فـى طلـب الباقيات ؟ وكيف لا ننظر إلى ذواتنا ونفكر بعقولنا ونعلم أننا في عالمنا هذا غربـاء عن أوطاننا . وأننا في كل ساعة مسافرون . وكيف يجوز للغريب العـاقل أن يجمـع قناياه إلى بلاد غريبة سينقل منها بالضرورة عرياناً ذليلاً ؟ وكيف يحسن عنـده أن يترك أمواله وقناياه للأباعد ويسير إلى بلدته فقيراً محتاجاً إلى اليسير ؟ وكيـف لا يخجل إذا نظر إلى المعارف والاخوان مقبلين من بلاد غربتهم بالاموال والمتـاجر والخيرات الجميلة الوصف وهو يقبل عاريا ذليلا . وكيف لا يهلك ندما إذا ما أقبـل عليهم الملك والحجاب والجنود وخدام المملكة ولاقوهم بـــــــالوجوه المنـيرة وقبلـوا هداياهم وشكروا أتعابهم . وكللوهم بأكاليل الظفر . وخولوهم التصرف بسعادة الابـد . وهو يطرد خارجاً مع الشياطين . وإذا كان أحدنا عندما يصنع وليمة لبعض الخـلان يجتهد أن لا يوجد عاجزاً ولا ناقصاً . فينفق الامـوال ويكـثر الالـوان وأصنـاف المشروبات والنقول والازهار . ويصف الاواني المختارة . ويستعير بعض ما يحتـاج غليه ليشكر على حسن صنيعه الزائل سريعاً . ولكي لا يوجد مقصراً عن عمل مثـل هذه الولائم . فكيف لا تفكر أنت في الحضور مع المتكئين في وليمـة ابـن المـلـك السماوى ؟ حيث يجتمع الاقارب والاباعد الامم . وعساكر الملائكة البشـر . وينظرون جميعهم إلى شرف المتجملين . وعظم شقاوة العارين . لاجل هذا قد نبه سيدنا له المجد أفهامنا على اهتمامنا بالاشياء التي لا يحتاج إليها . لنتعلم من ذلك اهتمامه بنا واشفاقه علينا ونظره فيما يعود لصالحنا . فضـرب لنا الامثال : تارة بزهر الحقل . وتارة بطير السماء . وأمثال هذه الحقيرات . ثم دفـع عقولنا إلى طلب السعادة الباقية . وأمرنا أن نطلبها دائماً بالاجتهاد وبغير ملل . ليكون حصولها لنا بطريقة الاستحقاق . وبعد الانعطاف عليها بضمائرنا . يضرب لنا على ذلك مثل الامرأة المترددة على قاضي الظلم لو١:١٨-٨ . والطالب من صديقه الخبزات لو٥:١١-١٣ . والابن الشاطر المضيع لأموال أبيه لو ١١:١٥-٣٢. وغير ذلك حتى لا نقطع آمالنا من امكانيـة ، نوال المراحم الإلهية بواسطة اللجاجة . ؟ لانه تعالى يلذ لـه أن نطلـب منـه دائمـاً ونتضرع اليه في كل حين . كما يفعل الأب الشفوق مع أعز أولاده . فإنه كثيراً مـا يكون في يده دينار ويريد أن يعطيه إياه سريعاً . ثم يمنعه عنه وقتاً يسيراً ليســتتحلى منه الفاظ الطلب ويستلذها . ثم يمنحه أمثال المطلوب أضعافاً . أما الولد العاصي فإنـه يفعل مع أبيه ما يفعله العبيد العصاة بسيدهم . وذلك لانه إذا جذبه اليه يعرض عنـه . وإذا طلب بمحبة ينعطف مبتعداً . وإذا اظهر له الثمرات الشهية فلا ينظـر لجهتـها . و اذا توعده بالعقاب الشديد فلا يبالي .فسبيلنا إذن أن نطلب دائما خيرات ربنا . ونجتـهـد فـى عودتنـا إلـى الله بالتوبة والاعمال الصالحة حتى نفـوز بملكـوت ربنـا يسـوع المسـيح . الـذي له المجد إلى الابد آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
18 نوفمبر 2022

مفهوم الاتحاد الزيجي الاتحاد العاطفي

يسكب الله العاطفة في الإنسان، ولذا فهي شيء مقدس يضعه الله في الإنسان أثناء رحلته، فالطفل تتلاقى عيناه مع عيني أمه وهي تحتضنه، ترضعه، تنام بجواره، فتتكون عاطفة عند الطفل تجاه أمه. وهكذا بالنسبة للأب الذي يداعبه ويحضر له ما يحبه، فتنمو عاطفته تجاه أبيه، شاعرًا أن أباه وأمه هما كل الحياة، ثم يكبر فيلتحق بالحضانة ثم المدرسة، ويبدأ في الانفصال عنهما قليلًا قليلًا، حتى إذا ما بلغ سن المراهقة بدأ ميله تجاه الجنس الآخر، وهي نعمة من الله وضعها في قلب الإنسان. هذه العاطفة يسمّونها في علم الاجتماع "الجنسية الغيرية العامة"، بمعنى أنها لا تكون موجّهة تجاه شخص محدّد، إنما تجاه الجنس الآخر عمومًا، والولد والبنت المنتبهان يحفظان هذه العاطفة القوية في قلوبهم فتكون أثمن ما يمكن أن يقدّماه لشريك المستقبل. وكلّما نضجت الفتاة أو الشاب، تبدأ العاطفة العامة أن تضيق وأن تتخصّص حتى تتركّز في شخص واحد يرى فيه الشاب أن هذه هي الفتاة المناسبة له، والفتاة نفس الأمر، وهو ما يُسمى بمرحلة "النضج العاطفي". يحدث القبول والإعجاب، ثم مع الصلوات ومع المشورة، وأخذ الوقت الكافي لمعرفة الطرف الآخر يتم الارتباط. لكن إن حدث أن الشاب أهدر عاطفته قبل الارتباط، لا يجد ما يقدمه للفتاة التي سيرتبط بها يومًا من الأيام، فيكون كمثل شاب يركب الترام وتراه كل محطتين أو ثلاث يقوم بتمزيق ورقة مالية، مئة جنيه مثلًا، ليلقيها في الهواء من شباك الترام! فترى أنه شخص مجنون لا يقدّر قيمة المال، هذا المثال البسيط للشاب أو الفتاة اللذين يقيمان علاقات بلا معنى، وهذا يفسّر سبب الشجار والانفصال بين الزوجين بعد ما كان يبدو بينهما من مشاعر الحب، لأن هناك ما يُسمى بإناء المشاعر، فحينما يمتلئ القلب بالمشاعر يصبح لديه خزين ثمين يقدمه لشريكه، والقلب الممتلئ بتلك العاطفة النقية هو أثمن من كل الهدايا المادية من ذهب وغيره. بولس الرسول يوصي تلميذه تيموثاوس، الذي كان شابًا، قائلًا: «احفظ نفسك طاهرة» (1تي5: 22)، ونفس الكلام ينطبق على الشاب والشابة اللذين يتجهان للرهبنة أو التكريس، يمتلئ إناء المشاعر وتصبح هذه العاطفة موجّهة لله.كلمة الحب مكوّنة من حرفين، فلنقل أن الـ"ح" حياة، والـ"ب" بقاء- أي أن الحب هو بقاء الحياة، فبدون حب لا توجد حياة. والكتاب المقدس ذكر كلمة حب أكثر من ٢٥٠ مرة. وأكثر سفر نسميه سفر الناضجين الذين نضجوا روحيًا، هو سفر نشيد الأنشاد الذي يتكلم عن المحبة، وجعل حبه الأوحد هو حب المسيح للنفس البشرية. توجد خمس احتياجات لدى أي إنسان: احتياجات بيولوجية أي جسدية، نفسية، عقلية، اجتماعية، وروحية. الاحتياجات الجسدية مثل الطعام والشراب والملبس والمسكن... النفسية: كالحاجة إلى التشجيع، الأمان، الحرية، الحب والاحتواء سواء من الأهل أو من الأصدقاء. احتياجات عقلية: من خلال القراءة، السفر، الاطلاع... احتياجات اجتماعية: كل إنسان يحتاج مجتمع ينتمي إليه: وطن، مدرسة، جامعة، نقابة.. وأخيرًا احتياجات روحية: الإنسان محتاج إلى الله. في كتب الدراسات النفسية يقولون إنه احتياج للمطلق، للخلود. لكن تُرى ما هو أهم هذه الاحتياجات؟ بعد دراسات كثيرة، قالوا إن أهم هذه الاحتياجات هو الحاجة إلى الحب، هو المفتاح. لمّا رأى الله الإنسان غارقًا في خطاياه، نزل ليتمم الفداء لكل البشر، ويقول: «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية» (يو3: 16)، لأنه يعرف أن مفتاح قلب الإنسان هو الحب. «هكذا أحب الله العالم»: كل البشر في كل مكان في كل العصور. لذلك أيها الشاب والشابة، عندما تبدآن بناء أسرة مقدسة يجب أن تكون العاطفة عندكما كاملة، ناضجة، نقية، طاهرة. في الإكليل يصلي الكاهن: "املأ قلبيهما بالمحبة الروحانية"، فهناك أنواع من الحب، أشهرها ثلاثة: حب الشهوة، الذي يبدأ وينتهي سريعًا جدًا. الحب الثاني حب (الفيلو)، وهو حب اجتماعي، ويندرج تحته حب العمل أو المكان أو الوطن. النوع الثالث حب روحاني، وهو المقصود في طلبة الإكليل، المحبة التي على مستوى حب المسيح للكنيسة «أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، لكي يقدسها مطهِّرًا إياها بغسل الماء بالكلمة، لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس بها ولا غضن»، غضن معناها (الكرمشة) أي لتظل كنيسة المسيح صبية، كذلك يبقى الزوجان شبابًا حتى وإن تقدم بهم العمر وكبر أولادهما، لكن تظل نظرتهما إلى بعضهما نظرة شبابية، وحبهما لبعضهما قويًا ويزداد قوة يومًا بعد يوم.الحب هو فن إسعاد الآخر، وهو ليس بكلام سرعان ما يتبخر في الهواء، هذا هو أرخص أنواع الحب، لكن بالعمل والتفنُّن في إسعاد الآخر، وإسعاد الوالدين لأبنائهما، وهذه هي قيمة الأسرة. أهم ملامح فن إسعاد الآخر ألّا يكون هناك أنانية، لذلك أنصحك ألّا تتزوج إن كنت أنانيًا، ولا حتى أن تتقدم للتكريس أو الخدمة، لكن انتبه لنفسك. فالحب الحقيقي هو في إسعاد الآخر، أمّا حب الإيروس، وحب الفيلو، والحب الذي نشاهده على شاشات التلفزيون، هو حب تجاري. احفظ مشاعرك نقية طالما انتويت أن تؤسس بيتًا مسيحيًا مقدسًا قائمًا على أن «اثنين خير من واحد» (جا4: 9)، وأن «الخيط المثلوث لا ينقطع سريعًا» (جا4: 12)، لأن الرابطة الزيجية هي رابطة ثلاثية؛ هي وهو والمسيح، الثلاثة مع بعضهم، بحيث يكون المسيح هو مركز الحياة. في الزواج المسيحي يدرك الشريك أنه يستلم شريكه من يد المسيح نفسه، لذلك تكون قيمته غالية جدًا، ومكانته أعلى من الجميع بالنسبة لشريكه.في سفر النشيد يقول العريس للعروس: «أريني وجهكِ، أسمعِيني صوتكِ» (نش2: 14)، هكذا مع زوجتك، تحب أن تراها وتسمع صوتها فتتبادلان العاطفة بينكما. يقولون إن الوجه المحبوب مرغوب.احذروا إذًا ممن يشوّهون قيمة الأسرة، فالأسرة المسيحية تقوم على أساس: «النفس الشبعانة تدوس العسل» (أم27: 7)، فالنفس الشبعانة بالحب تدوس أي إغراء. ابدأوا في البناء العاطفي، والاتحاد بعاطفة نقية حقيقية. ولنلاحظ أربعة أشياء هي أغلى هدايا يُعبَّر بها عن الحب: الهدية الأولى هي الوقت: أغلى هدية تقدمها لأحد أن تجلس لتتكلم معه، وهو احتياج حقيقي، حتى أن الله لمّا خلق آدم قال: ليس حسنًا أن يكون آدم وحده، بل أخلق له معينًا نظيره لكي يتكلم معه، لأنه كان يسكن مع الحيوانات فلا يتبادل حديثًا مع أحد، فمن عظامه خلق حواء، لها نفس رجاحة عقل آدم ليتكلما. لذلك احترسوا مما يسرق الوقت لأنه يسرق عمرك! فبدلًا من أن تجلس مع خطيبتك أو زوجتك أو أولادك كل يوم لتتكلموا في كل الأمور، يصبح الحديث في التليفون أو الانشغال به حاجزًا يفقد الشخص تركيزه مع أسرته وأولاده. الهدية الثانية هي كلام التشجيع: كلام المشاركة، الكلام المفرح، وتجنُّب الكلام الجارح الذي يؤذي أكثر من الرصاص. الهدية الثالثة شكل من التعبير عن الحب هو الهدايا: ليس بقيمتها أو شكلها، إنما بما يحبه الشخص. فالهدايا البسيطة الجميلة ليست بغلو ثمنها وإنما بقدر ما تحمله من مشاعر رقيقة. وأخيرًا، الهدية الرابعة هي المفاجآت اللطيفة: حتى ولو كانت صغيرة، قد تكون رحلة، نزهة... المفاجآت تنعش الحياة، والكلام هنا للطرفين بالتساوي. الخلاصة: عن طريق الاتحاد العاطفي تُبنى الثقة، والثقة تحتاج إلى الأمانة والوضوح والتقدير والحنان، الاشتياق للآخر والانشغال بالآخر. ليحفظكم الرب ويبارك حياتكم، ولتكن كل أسرة فيكم أسرة مقدسة. لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد. آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
17 نوفمبر 2022

شخصيات الكتاب المقدس يوسف

يوسف " أنتم قصدتم لي شراً، أما الله فقصد به خيراً لكي يفعل كما اليوم ليحيي شعباً غفيراً "تك 50: 20 مقدمة لست أعتقد أن هناك قصة خيالية أروع أو أجمل من القصة التي كتبها "أ. هيل" في كتابه "عيد الميلاد في قصر... وقد كتب هذه القصة تحت عنوان "الأيدي المرفوعة"، وهي عن الليلة الأولى في حياة يوسف، بعد أن باعه إخوته وأخذته قافلة الاسماعيليين لتذهب به إلى مصر، وإذ حطت القافلة رحالها في الليلة الأولى، ونام الجميع، واستولى عليهم سبات عميق، استيقظ يوسف في منتصف الليل ليجد الكل نياماً، ويجد فرصة واسعة في الهروب، فتسلل، وهم أن يصل إلى باب الخروج، وكاد أن يفلت، لولا أن كلباً أصفر ضخماً أخذ ينبح نباحاً عالياً،.. وفزع يوسف ورفع عينيه إلى السماء، يطلب معونة الله في إسكات الكلب،.. وقد تحرك أحد الملائكة، وأراد أن ينزل ليقتل الكلب، ويطلق سراح الشاب النقي المظلوم، لولا أن أمراً إلهياً منعه، واستيقظ الحارس ليضرب يوسف، ويقيده، ويمنعه من الهروب، وإذ عجب الملاك من المنع الإلهي،.. صور له الله ما كان يمكن، لو تمكن يوسف من الهرب وعاد إلى أبيه، حيث يستقبله بترنم وفرح،.. غير أن المجاعة لا تلبث أن تحل، وليس هناك يوسف الذي يتأهب لمواجهتها، وإذا بمصر وفلسطين تجوعان، ويموت خلق كثير، ويضعف الباقون ويتعرضون لهجمات الحثيين الوحشية، وإذا بالحضارة تدمر، ومصر تنتهي، وتتحول روما واليونان إلى البربرية الكاملة، ويهلك العالم كله، ولا نسمع عن إسرائيل ويهوذا والملوك والأنبياء، وبالتالي لا يأتي المسيح مخلص العالم!!. وما من شك بأن القصة غارقة في الخيال، ولكنها تؤكد الحقيقة الدائمة الصادقة: إن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده، وترينا أن الظروف التي يجتازها الإنسان بحلوها ومرها، وسجنها ومجدها، ليست إلا السبيل المؤهل لإتمام رسالته في الأرض،.. وهذا ما ذكره يوسف في قوله لإخوته: "أنتم قصدتم لي شراً أما الله فقصد به خيراً لكي يفعل كما اليوم ليحيي شعباً غفيراً"ولعل هذا يساعدنا على متابعة قصة يوسف على النحو التالي المتتابع: يوسف من هو؟!! إن أول ما يلفت النظر في يوسف هو ذلك الجمال والحلاوة التي انطبعت عليه، إذ كان جميلاً جداً،.. ويعتقد أنه ورث الكثير من حلاوة أمه وجمالها، بل يظن أن يعقوب -وهو يضمه إلى حضنه- كان يفتقد في صورته الجمال الذي ذهب في زوجته راحيل، الجمال الذي عاد إليه في صورة مذهلة مرة أخرى في وجه يوسف،.. على أنه من الغريب أن قصة يوسف تكشف عن جمال أحلى، وأروع، وأجمل، وأبهج، وهذا الجمال لا يلفتنا إلى الشبه الكبير بين يوسف وأمه راحيل، بل إلى الشبه المتقارب بين يوسف والمسيح، فما أكثر ما تقترب القصتان وتتشابهان، اقتراب الرمز من المرموز إليه،.. وقد عدد بعضهم ما يقرب من أربعة وعشرين شبهاً بين الاثنين،.. فإذا كان يوسف هو الابن المحبوب الوحيد المتميز بين إخوته، فإن المسيح: "الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب".. وإذا كان يوسف أسمى وأشرف من إخوته، وأكثرهم تعلقاً بأبيه، فإن المسيح هو الابن الوحيد الكامل الذي لا يداني أو يباري من إخوته جميعاً، وهو الألصق بأبيه، والذي دائماً يصنع مشيئته بمسرة كاملة،.. وهل ننسى أن يوسف حسده إخوته، وباعوه وأسلموه للضيق والتعب، والتشريد والعبودية؟ وهل ننسى أن ذات الشيء حدث بالنسبة للمسيح إذ علم بيلاطس أنهم –أي إخوته وشعبه- أسلموه حسداً؟.. وهل ننسى القميص الملون المغموس بالدم،.. والقميص الذي اقترع عليه الجنود يوم الصليب؟.. ومن الغريب أن المسيح ويوسف جاء كلاهما إلى مصر،.. كما أن يوسف بيع بعشرين من الفضة.. وبيع المسيح بثلاثين،.. وقد غفر كلاهما للإخوة ما فعلوا،.. وقدم يوسف للعالم الخبز المادي،.. وكان المسيح هو خبز الحياة،.. هذه وغيرها من الصور تعطي لقصة يوسف الحلاوة التي قل أن نجدها في غيرها من السير أو القصص التي نقرؤها في داخل الكتاب أو خارجه!!.. يوسف التقي النقي كان يوسف نقياً لأنه كان تقياً، وما من شك بأن التربية الدينية كان لها أعمق الأثر في ذلك، كان يوسف في السابعة من عمره، عندما ترك أبوه فدان أرام، على الأغلب،.. ولم يستطع التأثير الوثني الشرير في بيئة خاله أن يفعل ما فعله في نفس الصغير، فكان موقفه من هذا القبيل أفضل من إخوته الآخرين، بل كان التصاقه بأبيه واقترابه إليه فرصة عظيمة لكي تستمع أذنه ما فعل الله مع آبائه إبراهيم واسحق ويعقوب،.. ورسخ في ذهن الصغير أن الحياة مع الله هي الطريق الصحيح الوحيد الرائع إلى القوة والنجاح، مهما التوت السبل، وتنكبت الطرق، وتغيرت الظروف ومن الملاحظ أن النقاوة عندما لم تكن مجرد سمو أدبي أو ترفع ذهني، بل كانت بالأحرى إحساساً عميقاً برؤية الله، والتمسك به، لقد ضربت جذورها في أعماق الشركة مع الله، فلم تبال بالأجواء أو الظروف المتغيرة، ولم تبال أكثر بألام ومتاعب الأنقياء الأتقياء، بل كانت تجسيداً لقول أبيه: "يوسف غصن شجرة مثمرة غصن شجرة مثمرة على عين أغصان قد ارتفعت فوق حائط فمررته ورمته واضطهدته أرباب السهام ولكن ثبتت بمتانة قوسه وتشددت سواعد يديه من يدي عزيز يعقوب من هناك من الراعي صخر إسرائيل" أو قول المزمور الأول: "طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار وفي طريق الخطاة لم يقف وفي مجلس المستهزئين لم يجلس لكن في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل وكل ما يصنعه ينجح".. أو ما ردده إرميا: مبارك الرجل الذي يتكل على الرب وكان الرب متكله فإنه يكون كشجرة مغروسة على مياه وعلى نهر تمد أصوله ولا ترى إذا جاء الحر ويكون ورقها أخضر وفي سنة القحط لا تخاف ولا تكف عن الإثمار".. لقد وقع هذا الشاب بين نوعين من التجارب، هما من أقسى ما يتعرض لهما الشباب في كل جيل وعصر، وهما الرهبة والرغبة، أو الوعيد والوعد، أو الاضطهاد والإغراء،.. فإذا لم يفلح النوع الأول، فلعل الثاني يمكن أن يسقطه إلى الأرض والحضيض، وأي شيء أقسى على النفس الحساسة من الجو المتبدل فجأة من حضن الآب إلى الغربة، ومن الحرية إلى الاستعباد، فالظلم فالسجن، لقد نشبت السهام في قلب الفتى متطايرة إليه من إخوته والأجانب معاً،.. ولما لم تفلح تبدل الأمر بفحيح الأفعى، وإغراء الدنس والفجور والإثم، ولكن الشاب الغارق في الألم والمخضب رأسه بالدم، رفع هذا الرأس النبيل في مقاومة أقسى تجربة، وهو يصيح: "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطيء إلى الله"؟ ووقف الشاب القديم مما يقرب من ثلاثة آلاف عام قائداً من أعظم قواد الشباب في معركة التقوى والنقاوة، لأنه تطلع إلى الله، فانتصر على التجربة!!.. يوسف الحالم المرتفع الرؤى ولن نستطيع أن نفهم هذا الشاب ما لم نتتبع أحلامه ورؤاه، الأحلام التي ترسبت في عقله الباطن لتحكم عقله الواعي، والتي سيطرت على مشاعره الخفية لتحكم تصرفاته الظاهرة،.. لقد ولد يوسف ليكون مرتفعاً، وولد ليكون سداً، وهو يمد الطرف في رؤى الشباب ليحلق بين النجوم تنحني أمامه الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً ساجدة له، وتنتصب حزمته لتسجد أمامها حزم إخوته،.. وقد عاشت هذه الرؤى إلى آخر عمره تدغدغ حسه، وتنشر جوه بالعطر العبق الذي يملأ رئتيه، وعاشت لترفعه فوق الصغائر والكبائر، وتحيط به في الظلمة والنور، في السجن وعلى العرش معاً، وإذا كان الوحي يقول: بدون رؤية يجمح الشعب، فإن أحلام هذا الشاب كانت من أقوى العواصم التي حفظته من الضعة والإسفاف والتردي والجموح!!.. كان يوسف النقي يحسن الرؤية لأنه يعاين الله: "وطوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله".. وكان يوسف في هذه النقاوة قد أعطى الشفافية التي ترقى به فوق عالم الدنس، فهو أشبه الكل بالنسر المحلق يضرب بجناحيه القويين في السماء العالية في الشركة مع الله!!.. وعاش يوسف برؤاه أعلى من تراب الأرض، وغبار الفساد، وحقد التشفي، وسقوط البؤس أو اليأس الذي يلم بملايين الناس العائشة على الأرض المتطلخة بطينها ووحلها وحمأتها!!.. وعاش يوسف في أحلك الليالي يتطلع خلف القضبان إلى كوكب الصبح الذي لابد أن ينبلج مهما طال الليل أو امتد به القتام!!.. ولم يفسر يوسف أحلامه الخاصة به، بل فسرها لرئيس السقايين ورئيس الخبازين، وفسرها لفرعون نفسه، لأن يوسف في هذه الرؤى جميعاً لم يشك قط في مصدرها الإلهي من عند الله!!.. أيها الشاب: هل لك رؤى يوسف وأحلامه؟!!.. يوسف الواضح الصريح ثمة خلة أخرى تمكنت من يوسف في صدر شبابه، وهي أنه الإنسان الصريح المجبول على الصراحة، لا يستطيع أن يتصور -وهو مع إخوته- مدى الحطة التي وصلوا إليه، وهو أن عجز عن إصلاحهم، لأنهم ربما يستصغرونه ويستضعفونه، فلا أقل من أن يعطي أباه الصورة الصحيحة عنهم، ومع أن هذا أورثه حقدهم وضغينتهم، إلا أنه كان لابد أن يكشف شرهم أمام أبيه،.. كما أن رؤياه التي أبصرها في الليل، كانت في الصباح أمامهم.. لقد التزم يوسف جانب الصدق، وإن كان أسلوبه مع الأيام تغير، إذ أدرك أن هناك أشياء يعرفها الإنسان، ولكنه من الحكمة ألا يقولها إلا في الحين الذي تصبح فيه الضرورة ماسة لذكرها، ولعل حديثه مع رئيس السقايين عندما قال له: "لأني سرقت من أرض العبرانيين، وهنا لم أفعل شيئاً حتى وضعوني في السجن، كان يكشف عن الصدق، ولكن بالصورة التي بلغت النضوج والحكمة في عرض الرواية في حدود الصدق المفيد، دون انزلاق عاطفي أو زلة لسان دفع الكثير بسببها دون أن يعلم أو يفطن!!. يوسف المخلص الغيور كانت صفة الإخلاص واحدة من أعظم صفات يوسف وأثبتها، وكان في إخلاصه غيوراً ممتلئاً من الغيرة،.. كان مخلصاً لأبيه الذي أحبه، فإذا كلفه أبوه بمهمة ما، فهو غيور في طاعة أبيه وتنفيذ رغبته، فإذا طلب إليه أن يذهب إلى شكيم ليسأل عن سلامة إخوته، لا يكتفي بالذهاب إلى هناك، فإذا لم يجدهم يرجع ليخبر أباه بذلك، بل هو يمعن في البحث عنهم حتى لو تاه أو ضل الطريق، وإذ يسمع أنهم في دوثان يذهب إليهم وراء الطاعة لأبيه المحبوب،.. وهو مخلص لإخوته، ونجد هذا الإخلاص الأخوي في التعبير القائل لمن وجده ضالاً في الحقل: "أنا طالب إخوتي" وهو مخلص لفوطيفار يخدمه بأعمق ما يمكن أن يكون من الولاء في الخدمة، وهو يحرص على أن يكون النموذج المثالي لخدمة إنسان لآخر في الأرض،.. وهو مخلص لفرعون وهو يرسم السياسة في خدمة الشعب الجائع، وفي نفس الوقت في إعطاء فرعون أكبر ما يمكن أن يعطي من ثمن للطعام الذي سيقدمه للناس،.. وهو قبل وبعد كل شيء، مخلص غيور لله، يرتبط هذا الإخلاص بعظامه التي يريدها أن تنقل مع شعب الله، عندما يفتقدهم الله في يوم من الأيام!!.. يوسف المؤمن الصبور خرج من بيته في السابعة عشرة من عمره، وظل ثلاث عشرة سنة، كان من المستحيل أن يحتملها دون أن يكون له مصباح الإيمان الذي يمسك به في أحلك الليالي،.. لقد عرف المرصد الذي يقف عليه، قبل أن يأتي حبقوق بقرون طويلة، وكان يسمع صوت الإيمان يقول إلى قلبه وكيانه: "إن توانت فانتظرها لأنها تأتي أتياناً ولا تتأخر".. وقد رأى الرؤيا كوعد من الله، لابد أن يتحقق مهما طال الليل أو امتد به الظلام.. وهو يثق في الرؤيا، ولا يفشل في انتظارها،.. وعندما يعرض رئيس السقايين ورئيس الخبازين حلميهما عليه، لا نسمع منه أدنى تشكيك في حقيقة الأحلام، بل على العكس يرى الله صانع ومفسر الأحلام،.. وعندما يحلم الملك ويتكرر حلمه، يؤكد له أن تكرار الحلم معناه أن الله مسرع لتنفيذه، ولقد بلغ به اليقين في ذلك، اقتراحه على الملك أن يواجه الحلم بالترتيب العملي اللازم لتنفيذه،.. على مرصد الإيمان وربوته يقف يوسف ليرى الشمس خلف الظلام والغيوم، وليؤكد أن دورة الأرض تعقب الليل بالنهار، وتعقب الظلام بالنور، وقد كان هو بالحقيقة مثلاً للإيمان القوي العميق الصبور!!.. يوسف الصفوح الغافر كانت جراح هذا الشاب عميقة بالغة الغور والعمق،.. لقد جرح من إخوته الذين عند الترفق تحولوا من قتله إلى بيعه عبداً بلا رجاء أو حرية أو أمل،.. لقد باعه إخوته، وجرح الأخ أعمق وأقسى الجراح على وجه الإطلاق.. ما هذه الجروح التي في يديك؟ ويأتي الجواب المرير: هي التي جرحت بها في بيت أحبائي، ولقد لف قيصر وجهه تحت طعنة الغدر، وهو يقول: “حتى أنت يا بروتس؟!!.. ولقد جرح يوسف من الغريب،.. جرح من الرجل الذ ي خدمه بكل إخلاص وأمانة، ومع أننا لا نعلم ماذا فعل معه بعد ذلك،.. إلا أننا نعلم أن إخوته عندما تصوروا أنه سيرد عليهم بعد وفاة أبيه الصاع صاعين بكى لمجرد تصورهم هذا،.. إن سر الغفران عند يوسف، يرجع إلى تجاوزه الإنسان البشري والتوقف عند قصد الله، وهو يعلم أن اليد البشرية مهما طالبت فهي قاصرة ما لم يأت السماح من الله!!.. على أي حال أن قصته تكشف عن الإنسان الذي غفر وصفح عما فعلوا فيه.. والعفو كما يقال من شيم الكرام القادرين!!.. يوسف في مدرسة الآلام كان يوسف واحداً من أقدم التلاميذ الذين دخلوا مدرسة الألم العظيمة في الحياة، وكان واحداً من الذين تخرجوا منها بامتياز إن صح أن نستخدم هنا النهج العلمي في تقدير الدرجات!!.. وقد قضى يوسف في مدرسة الألم ثلاثة عشر عاماً متواصلة، ومع أن مدارس الألم تختلف باختلاف الآلام وأنواعها في الأرض، وباختلاف الهدف أو الغاية من هذه الآلام، فإذا صح أن تعطي هذه المدارس أسماء مختلفة،.. فيمكن أن نذكر منها "مدرسة العقوبة" التي يأخذ فيها المرء الجزاء والقصاص لما يرتكب من آثام وفجور. وهناك "مدرسة التأديب" وهي نوع من المدارس لا يقصد بها العقوبة في حد ذاتها، بل يقصد منها الإصلاح والتقويم، وهناك "مدرسة الامتحان" وهي التي تكشف لصاحبها والآخرين عن قدراته، وما يكمن في أعماقه من قوة أو ضعف،.. وهناك مدرسة أخيرة يمكن أن نطلق عليها "مدرسة التدريب"، وربما كانت هذه المدرسة الأخيرة هي مدرسة يوسف طوال الثلاث عشرة سنة حتى وقف أمام فرعون في الثلاثين من عمره!!.. وقد رأى يوسف في مدرسة الألم ثلاث حقائق عظيمة أساسية: الحقيقة الأولى: الألم الموزون،.. فالألم الذي يسمح به الله ليس مجرد ضربات عشوائية تنهال على المتألم الباكي، بل هو في الحقيقة ألم محدد موزون،.. وإذا صح أن الإنسان وهو يستخدم أفران الطهي أو الصناعات المختلفة، يحدد درجة الحرارة التي لا يجوز أن تقل أو ترتفع عن الحد المطلوب، فإن الله أكثر دقة واهتماماً بدرجة الألم التي يتوقف عندها الميزان، لأنه لا يسمح بأن نجرب فوق ما نطيق إذ أنه مع التجربة يعطي المنفذ!!.. وقد وزن الله الألم تماماً في قصة يوسف، ومع أنه كان ألماً قاسياً محرقاً، أفصح عنه المرنم: "بيع يوسف عبداً. آذوا بالقيد رجليه. في الحديد دخلت نفسه"... إلا أن الله وازن الألم من الدقيقة الأولى بحضوره ومعونته ومساندته وتشجيعه.. ولقد رأى الشاب كيف أعطاه نعمة في بيت فوطيفار، وكيف أعطاه نعمة في عيني رئيس بيت السجن، وكيف ساعده وأعانه وأنجحه على الصورة الواضحة التي لم يحس بها هو فحسب، بل أحس بها كل من تعامل معه وتقابل!!.. لقد ذهب الله مع الغربة والنفي، والتشريد والسجن وأحس الغلام القديم أن هناك شيئاً عجيباً من التوازن في المدرسة التي دخلها، فإذا أهمله الإنسان فإن الله لا يمكن أن يهمل ويترك،.. وأن السلام العميق الذي يواجه النفس المنكوبة، هو التوازن الخفي الحقيقي الذي يصنعه الله حتى لا ترجح كفة الألم بما فيها من ثقل الضغط أو القسوة أو التعب أو المعاناة أو اليأس أو القنوط،.. وكانت الحقيقة الثانية أن المدرسة كانت مدرسة التدريب العميقة الواضحة فيما وصل إليه الشاب من نضوج وإدراك، وتخطيط وتنفيذ،.. وأين الشاب الذي لا يستطيع أن يخبي ما في صدره فيسرع بالكشف عنه دون ترو أو مبالاة، حتى ولو وضع الأساس العميق للعداوة بينه وبين إخوته بهذا الكلام؟.. أيناه من الشاب الحريص داخل السجن الذي وهو يعرض رواية ظلمة على رئيس السقاة لا يتهم قريباً أو غريباً، وكل ما يقوله "لأني سرقت من أرض العبرانيين وهنا لم أفعل شيئاً حتى دفعوني في السجن".. وهو أعقل من أن يحدث الغريب عن عورة إخوته، وأفطن من أن يخوض في اتهام من هو في مركز ليس من صالحه أن يثصير ثائرته وغضبه مرة ثانية.. أو في لغة أخرى: لقد تعلم كيف يضبط لسانه على نحو يدعو إلى الإعجاب،.. وأكثر من ذلك فإن الشاب بمجيئه إلى مصر كان وجهاً لوجه أمام أعظم حضارة عرفها التاريخ في ذلك الوقت،.. لقد كانت مصر في أيامه أم الدنيا ورائدتها في العلم والفن، والاختراع والصناعة، والتجارة والترف، والحضارة وعبادة الأوثان،.. وكانت بالنسبة للشاب الآتي من الصحراء مركز انبهار وتجربة، وكان عليه أن يواجه الصراع النفسي العميق بين ما يأخذ منها وما يرفض، بين ما يقبل عليه ويمتنع، وإذا دققنا النظر في الرواية الكتابية نجد أن الشاب تعلم الكثير بين بيت فوطيفار والسجن، فتعلم كيف يعمل ويشتري، ويبيع ويربح، ويكنز ويجمع، وإذ لم يكن له من سبيل في الدخول إلى قصر فرعون وهو سجين، جاءه من القصر إلى السجن رئيس السقاة ورئيس الخبازين، وعرف منهما نوع الحياة التي تعيشها الطبقة العالية في مصر،.. وفي كل الأحوال نزل الشاب المترفه الحر بقميصه الملون إلى قاع البئر، بئر الآلام والمتاعب، والخدمة، والاستعباد، وعرف كيف تتلون الحياة وتتبدل، ويتحول الحر عبداً، والعبد حراً، وكيف تدور الساقية علواً وانخفاضاً، وهي تنزح ما في البئر إلى حيث يشاء الله في إرادته العالية العجيبة، في حياة من تعصرهم الآلام وتدربهم الأحزان والتجارب!!.. وهذا يأتي بنا إلى الحقيقة الثالثة من الألم وهي الألم المنتج، أو العصارة التي يطرحها هذا الألم للخير والمنفعة،.. والقاريء لقصة يوسف من واجبه ألا يقرأ قصة شاب دفعته الصدفة إلى شكيم فدوثان، فبيت فوطيفار فالسجن، فقصر فرعون.. بل عليه أن يقرأ القصة كجزء من خط العناية في شاب أرسل أولاً، وفي أمة تتبعه ثانياً، وقد كانت هذه العناية عجيبة ودقيقة بالنسبة للشاب، وهو في التصور تتخبطه الأحداث، أو تتلقفه الحوادث، ولكنها في الخط الإلهي العميق المرسوم، كانت قصة الشاب المرسل من الله، وبيته الذي سيسكن في أرض جاسان، وهي الأرض الواقعة في الجزء الشرقي من الدلتا أو مكان محافظة الشرقية اليوم، ويبدو أنها لم تكن أرضاً مأهولة السكان. وإن كانت في الوقت ذاته مراعي خضراء عظيمة للماشية وكانت الحكمة الإلهية أن يأتي هذا البيت ليكونوا على مقربة من أعظم مدينة في ذلك التاريخ، وليتكونوا هناك -لا كمجموعة من الأفراد- بل كأمة تأخذ بنظم الحياة وأوضاعها وأساليبها، على يد أعظم أمة في الأرض في ذلك الحين، وفي الوقت عينه كان لابد أن ينفصلوا عن تأثيراتها الوثنية المفسدة، وكانت جاسان أفضل بقعة من هذا القبيل، حيث يرعون الماشية بعيداً عن المصريين، وفي عزلة منهم، لأن هؤلاء كانوا يعتبرون رعاية المواشي دنساً ورجساً، وثم كانوا يأبون الاختلاط بها وبرعاتها، وكانت جاسان أقرب نقطة للانطلاق بعيداً عن مصر عندما يحين الوقت لخروجهم منها!!.. يوسف المرتفع ذكرنا أن يوسف شديد الشبه بذلك الذي سيأتي بعده بألفي عام على وجه التقريب، وإذا كان يوسف قد حمل صليبه وسار في مصر ثلاثة عشر عاماً، فإن الصليب على الدوام يلحقه التاج، وكما قيل عن سيده وقد أخذ صليبه إلى الجلجثة: "الذي إذا كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه، آخذاً صورة عبد، صائراً في شبه الناس وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه. وأطاع حتى الموت موت الصليب، لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم" هكذا نرى يوسف بين الصباح والمساء يشق طريقه من السجن إلى أعلى منصب يتلو منصب فرعون في مصر.. ولعل يوسف في هذا الارتفاع يكشف عن صور إلهية متعددة لعل أهمها: يوسف وصدق الله إن نهر الصدق الإلهي كاسح وعارم، فإذا رأيت هذا النهر يتدفق في جلال، ثم جئت إلى النقطة التي لم تعد تراه فيها فليس معنى هذا أن النهر انتهى، بل أن النهر تحول بكل قوته، إلى نهر جوفي يسير بعيداً عن العين البشرية، أو قدرة أبصارها لكنه سيسير في الخفاء مندفعاً، لأن قوة الله العظيمة تدفعه إلى الأمام، لقد سار النهر في الخفاء عبر بيت فوطيفار، وعبر السجن وعبر السنين المظلمة القاسية، واندفع إلى النور ذات صباح، متدفقاً كالنيل العظيم فوق أرض النيل سواء بسواء،.. إنك عندما تقرأ القصة، ستقول إن واحداً من ملوك مصر القدامى، لعله كان واحداً من الهكسوس) رأى من الصواب ذات يوم إخراج يوسف من سجنه ليقود أمة، وينظم أمر شعب بين عشية وضحاها، إنك لو قلت هذا القول، أو مثله لن تصل إلى كبد الحقيقة أو تدرك أعماق الأمور،.. إذ أن الملك الذي أخرج يوسف من السجن، لم يكن الملك المصري، بل كان أعظم من ذلك بما لا يقاس إذ هو ملك الملوك ورب الأرباب. والقصة الكتابية خير شاهد على هذه الحقيقة، ويكفي أن تراها آتية على لسان الملك ذاته إذ قال: هل نجد مثل هذا رجلاً فيه روح الله، ثم قال فرعون ليوسف بعدما أعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك".. أجل إنه الله، وسيصدق الله حتى ولو كذب جميع الناس، أو كما قال بلعام بن بعور: ليس الله إنساناً فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل. أو يتكلم ولا يفي".. أو كما ردد الرسول بولس: "حاشا. بل ليكن الله صادقاً وكل إنسان كاذباً كما هو مكتوب لكي تتبرر في كلامك وتغلب متى حوكمت"... عندما أصبحت الطريق ورطة أمام يعقوب، وخاف أن يصيبه الضرر في الطريق، تعلق بالصدق الإلهي وهو يناجي ربه: "وأنت قد قلت إني أحسن إليك وأجعل نسلك كرمل البحر الذي لا يعد للكثرة".. وعندما أوشكت شمس يشوع على الغروب هتف في قومه: "وها أنا ذاهب في طريق الأرض كلها وتعلمون بكل قلوبكم وكل أنفسكم أنه لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلم به الرب عنكم، الكل صار لكم لم تسقط منه كلمة واحدة".. إن ثبات الكلمة الإلهية في روعتها وعظمتها ودقتها تأتي في سياق تصريح السيد العظيم القائل: "فإني للحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل!!..".. لقد ارتفع يوسف لأنه كان واثقاً كل الثقة من صدق الله!!.. يوسف وعدالة الله عندما بدأت القصة، بدا الأمر كما لو أن شريعة الغاب هي التي تحكم كل شيء فالحكم للقوة، يأتي الصبي الصغير، فيجرده إخوته من القميص الجميل الملون، وقد تكاثروا عليه، وهم يسخرون من أحلامه بالقول هوذا صاحب الأحلام،.. وقد أوشكوا في لحظة أن يزهقوا روحه، قبل أن يزهقوا روح التيس من المعزى لغمس القيمص في الدم، ثم هم يأخذون أخاهم في خط عكسي لأحلامه، كان يحلم بالشمس والقمر والكواكب الساجدة له،.. إذاً فليحلم حلمه في طين البئر التي ألقوه فيها،.. فإذا رأوا قافلة آتية فلتكن السخرية من السيادة بتحويله عبداً، لا خلاص له من العبودية إلى الأبد، وليبيع بأزهد ثمن، فليس الأمر أمر إثراء بل واقعة تخلص، وإذا بيوسف العظيم لا يساوي ما يقرب من جنيهين بعملتنا الحالية،.. وغاب يوسف عن الأنظار، غيبة كانت في تصورهم لا عودة فيها أو أوبة منها، وليذهب، ولتذهب أحلامه إلى غير لقاء أو رجعة،.. فإذا تمرد يوسف على الشر، فليحكم الشيطان قبضته الظالمة عليه داخل سجن هيهات أن تتحطم قضبانه أو يخرج هو إلى أن تنتهي الحياة، في أرض ظالمة يدوس فيها الظلم أعناق الأبرياء بدون حنان أو شفقة أو عدالة أو رحمة!!.. هل ذهبت عدالة الله أو ضاعت في الأرض، إن تجربة الثلاثة العشر عاماً كثيراً ما ترسل غيومها القاسية في سماء العدالة وقوة شمسها، وكثيراً ما يصل الناس إلى النقطة التي وقف عند آساف في مزموره القديم: "حقاً قد زكيت قلبي باطلاً وغسلت بالنقاوة يدي وكنت مصاباً اليوم كله وتأدبت كل صباح لو قلت أحدث هكذا لغدرت بجيل بنيك فلما قصدت معرفة هذا إذا هو تعب في عيني حتى دخلت إلى مقادس العلي وانتبهت إلى آخرتهم".. لكن يوسف كان يؤمن أن الله هناك، وكانت هناك دائماً الكأس المروية، التي تلطف من حدة التجربة، والتي تبل شفتيه بمائها القراح، وكلما زاد الظمأ، والتهب السعير،.. لقد أدرك بأنه غير متروك، وأنه غير منسي، ربما ينساه البشر كما نسيه رئيس السقاة، لكن الله هيهات أن يهمله أو يتركه، أو ينساه، وفي أعماق ليله الطويل، كانت عدالة الله تعد المخرج. وتمهيد السبيل، ولكن في الموعد الحكيم المحدد الدقيق المرتب من الله،.. وإذا كان الظلم قد أخذه خفية وغدراً، فإن عدل سيخرج مثل النور بره، وحقه مثل الظهيرة،.. وسيرى رئيس السقاة هذا العدل، وسيراه فوطيفار، وستراه زوجة فوطيفار، وسيراه إخوة يوسف، وسيراه أبوهم، وستراه مصر والدنيا بأكملها، وسيراه التاريخ، لأن الرب عادل ويحب العدل، وطوبى لجميع المتكلين عليه".. إن العربة التي ركبها يوسف -وقد رد اعتباره، وارتفع فيها مجده- ما تزال إلى اليوم في مصر وفي كل أرجاء التاريخ، العربة التي يركبها المظلومون الأبرياء الذين ظن الناس أنهم قضوا عليهم إلى الأبد!!.. هل رأيت هذه العربة تجري في شوارع التاريخ!!.. إنها دائماً عربة عدل الله الذي قال إبراهيم وهو يتحدث معه جل جلاله: أديان كل الأرض لا يصنع عدلاً؟!! كان ارتفاع يوسف لا يتحدث فقط عن صدق الله، بل عن عدله أيضاً!!.. يوسف وخدمة الله كان يوسف من أقدم الناس الذين أدركوا أن الارتفاع ليس نزهة أو ترفاً في حد ذاته، عندما ركب يوسف العربة، ولبس خاتم الملك، وطاف في أرض مصر، وركع أمامه الناس، لم يكن هذا نوعاً من النزهة أو الاستعلاء على غيره من بني البشر،.. لقد كانت عظمة يوسف ملتصقة بالخدمة، بل أن اسمه الذي أطلق عليه في مصر "صفنات فعنيع" أو "حاكم الحي مكان الحياة"، أو "حاكم الواحد الحي" أو "خبز الحياة": على الأصح، كان يؤكد ارتباط الاسم بنوع الخدمة التي سيقوم بها يوسف في مصر،.. كان هو الإنسان المرسل من الله لإبقاء الناس على حياتهم، بما يقدم لهم من طعام وخبز،.. كان رمزاً للخادم الأعظم الذي جاء بعد ذلك بقرون طويلة ليقول: "أنا هو خبز الحياة من يقبل إلى فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش".. كان يوسف وكيلاً أميناً طوال ثمانين عاماً قضاها في مصر،.. هل رأيت الحياة بهذا المعنى؟ وهل قرأت قصة ذلك الشاعر الذي سار ذات يوم وهو يضرب بقدميه المتعبتين في حر النهار، حتى أبصر من على بعد خميلة ظليلة، فسعى إليها ووجد مقعداً كتب فوقه: اجلس هنا واسترح فوق المقعد، وإذ هو أن يستريح، وجد سلة بها تفاح، وفوقها عبارة “خذ تفاحة من السلة وكلها”!!.. وعندما أخذ التفاحة رأى ورقة وقد كتب عليها: “على قيد خطوات من هنا غدير ماء، اذهب إليه واشرب!!”.. وتعجب الشاعر ورام أن يدرك قصة المكان، فرأى من على بعد كوخاً يقف على بابه رجل عجوز، وإذ استفسر منه الشاعر قال الرجل: “هذا المكان مكاني، وقد كتبت هذه الورقات، ربما يأتي متعب في الطريق، فيجد مكاناً يستريح فيه،.. وربما يكون في حاجة إلى طعام، وعندنا تفاح فائض، فلماذا لا يأخذ واحدة من التفاح؟ وقد يكون ظامئاً ويحتاج إلى من يهديه إلى الغدير". واستمع الشاعر، وخرج من عند الرجل، وكتب قصيدة يتمنى فيها أن يقف على الطريق في الحياة ليعين متعباً ليستريح، أو جائعاً ليشبع، أو عطشاناً ليرتوي!!.. لم يأخذ يوسف الحياة راحة له أو لبيته، بل لقد جعله الله راحة لكل جائع ومتعب ومنكوب في الطريق البشري المليء بالآلام والمتاعب والمأسي والدموع!!.. يوسف وعفو الله لا أعلم ماذا فعل يوسف مع فوطيفار أو امرأة فوطيفار، لقد شاء الله أن يترك هذا الجانب من القصة في زاوية من الظلال لا تجلب الانتباه، لقد كان ارتفاع يوسف في حد ذاته، عقوبة دونها كل عقوبة للرجل أو زوجته على حد سواء.. وقد يكون العفو هنا أقتل من القتل نفسه!!.. على أننا نعلم أن يوسف لم يكتف بالعفو عن إخوته، بل اهتم بإعالتهم،.. وذلك لأنه رأى يداً أعلى من أيديهم في القصة، وهو لا يقف عند اليد البشرية، إذ يرى يد الله: "أنتم قصدتم.. أما الله فقصد".. لقد ارتفع يوسف عن كل حقد ومرارة، وضغينة وانتقام.. لأنه رأى يد الله وقصده في الأمر،.. وليس هناك من شيء يدفع إلى العفو أو يرفع إلى التسامح قدر الارتفاع إلى القصد الإلهي الأعلى، عندما تطوي الآلام جميعاً في فيض إحسانه وجوده ورحمته وتعويضه وحبه الظاهر علانية أمام جميع الناس!!..
المزيد
16 نوفمبر 2022

يعيش خارج نفسه

إن نفسك أمانة في عنقك ستقدم عنها حسابًا في اليوم الأخير فاهتم بنفسك، واهتم بأبديتك، وحاذر من أن تعيش حياتك خارج نفسك فما أقسى أن يعيش الإنسان خارج نفسه هل فكرت أيها القارئ العزيز في أبديتك؟ أعنى في مصيرك الأبدي، في المكان الذي ستستقر فيه أخيرًا بعد رحلة هذا العمر؟ إنه سؤال خطير ينبغي أن تفكر فيه، وأن تعد حياتك كلها من أجله إن لك نفسًا واحدة إن ربحتها، ربحت كل شيء وإن خسرتها خسرت كل شيء ففكر في مصير هذه النفس، التي لا يوجد في هذا العالم كله ما هو أثمن منها. وفي ذلك قال السيد المسيح "ماذا يستفيد الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟‍! "إن الشيطان مستعد أن يعطيك كل شيء، في مقابل أن يربح نفسك له هو مستعد أن يعطيك الغنى والشهرة والمجد واللذة، في مقابل أن يأخذ منك نفسك وكثير من الناس تغريهم أمثال هذه الأمور، فينسون أنفسهم كثير من الناس تغريهم أمور العالم الحاضر، حتى يصبح التفكير في الأبدية أمرًا ثقيلًا عليهم! تراهم يهربون من هذا الموضوع، ولا يحبون التحدث فيه، لأنه يزعج بهجتهم، ويعطل تمتعهم بالحياة ومع ذلك فهذا الموضوع حقيقة قائمة، الهرب منها لا يمنع وجودها والشيطان مستعد أن يشغل الإنسان بأي شيء، على شرط ألا يفكر في أبديته، وألا ينشغل بخلاص نفسه والشيطان مستعد أن يشغل الإنسان بأي شيء، لكي لا يضع أمام عينيه ذلك اليوم الرهيب الذي يقف فيه أمام منبر الله العادل، ليعطى حسابًا عما فعله في هذه الحياة الدنيا نعم ذلك اليوم الرهيب، الذي تفتح فيه الأسفار، وتكشف الأعمال، وتعلن الأفكار والنيات ما أكثر المشغولين عن نفوسهم بأمور أخرى، لذلك هم يعيشون خارج نفوسهم قد جرفهم العالم بكل مشاغله ومشاكله، وبكل شهواته ونزواته، وبكل أخباره وأفكاره وإن فكروا في نفوسهم، فإنما يفكرون من حيث ارتباطها بأمور العالم، وليس من حيث ارتباطها بالأبدية..! آمالهم وأحلامهم مركزة هنا، في هذا التراب، في أمجاد هذا العالم الزائل الذي قال عنه الكتاب إن "العالم يبيد، وشهوته معه" ويندر أن يفكر أحد منهم في العالم الآخر، في أمجاد السماء، في ذلك النعيم الأبدي الذي قال عنه بولس الرسول "ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر ما أعده الله لمحبي اسمه القدوس"إننا نعيش في عالم مشغول عن خلاص نفسه ليس لديه وقت للتفكير في مصيره عالم تجرفه دوامة عنيفة في أبعاد سحيقة، خارج نفسه لذلك حسن قال الكتاب عن الابن الضال الذي تاب أخيرًا، إنه " رجع إلى نفسه" لقد نجح الشيطان في أن يشغلنا جميعًا، حتى لا يبقى لنا وقت للتفكير في أبديتنا بل إن استطاع واحد منا أن يهرب من مشغوليات العالم، لكي ينشغل بالله وحده، بأن يهدأ في البرية عابدًا ناسكًا مصليًا، مهتمًا بخلاص نفسه، مناجيًا الله طوال ليله ونهاره، مرتفعًا عن تفاهات العالم وأباطيله، نرى الشيطان يتهكم عليه ويقول انظروا هذا الهارب من العالم!! هذا الخائف العاجز!! أية رسالة له؟ وأية منفعة؟! إن هدف الشيطان واضح: يريد أن يشغل هذا العابد أيضًا، أو هذا المصلى، حتى يرجع إلى مشاكل العالم ومشاغله..! إن الشيطان يعدل خططه وأساليبه طبقًا للظروف ومقتضيات الحال كان يقنع الناس في القديم بأن الله هو تلك الأصنام والأوثان.. فلما فشل في ذلك الأمر، قدم للبشر فلسفات مضلة.. فلما فشلت تلك أيضًا، قدم لهم الشهوات واللذة حتى يغريهم بعيدًا عن الله فإن تنبه الناس لإغراءاته، يقدم لهم شيئًا آخر هو المشغولية الدائمة إنه لا يهمه نوع السلاح الذي يحارب به إنما المهم عنده أن يربح على كل حال قومًا فقد يحارب بهذا السلاح أو ذاك، أو بكل تلك الأسلحة جميعها، لكي يصل إلى هدف واحد، وهو أن ينفرد بالإنسان، بعيدًا عن الله، في متاهة خارج نفسه و إن اتجه الإنسان نحو الصلاح والخير، وعجز الشيطان عن إبعاده، يحاول حينئذ أن يجعل سعى الإنسان للخير خارج نفسه! فيدعو الناس للخير، دون أن يهتم بالسلوك فيه يكون كما قال أحد الآباء، كمن يشبه أجراس الكنائس، التي تدعو الناس إلى دخول الهياكل دون أن تدخل هي إليها.. أو كما قال أحد الاقتصاديين يكون الخير عنده للتصدير الخارجي، وليس للاستهلاك المحلى..! هذا الإنسان يتصل بالخير عن طريق المعرفة، وليس عن طريق الممارسة.إنه يتحمس للخير لكي يسير فيه الناس، لا لكي يسير هو فيه. إنه يشبه ذلك الرجل الذي بكته الشاعر بقوله يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذوى الضعفى كيما يصح به وأنت سقيم ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم من أجل هذا الإنسان قال السيد المسيح له المجد "أخرج أولًا الخشبة من عينك، قبل أن تخرج القذى من عين أخيك"إن كثيرين يهتمون بأخطاء غيرهم، دون أن يهتموا بأخطاء أنفسهم يتحمسون في مناقشة أخطاء الغير، كأنهم بلا أخطاء! يتأثرون بأخطاء الغير ويثورون عليها، كأنهم هم الذين سيحاسبون عليها في اليوم الأخير..! وأما أخطاؤهم هم فلا يبصرونها.. هم أمام أنفسهم ولا يصلحون لذلك، لأنهم يعيشون خارج أنفسهم! بل أن أخطاءهم ينسبونها إلى غيرهم، كما قال الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا أيها القارئ الكريم، اهتم بنفسك وقبل أن تفكر في أخطاء غيرك، جاهد لكي تصلح أخطاءك وقبل أن تطبق المثاليات على غيرك من الناس، طبقها على نفسك أولًا وبدلًا من أن تكون واعظًا لسواك، كن عظة، كن قدوة، كن درسًا عمليًا، كن نموذجًا ولكن حاذر من أن تفعل الخير لكي تكون قدوة، وإلا عشت خارج نفسك. وإنما افعل الخير من أجل نفسك، لكي تكون نقيًا ومقبولًا أمام الله ومحبًا له وإن كنت قد عشت هذا الزمان كله خارج نفسك، ادخل الآن إليها، واكتشف خباياها، وأصلحها ولا تنشغل بأخطاء الناس، أو ما تظنها أخطاء، فربما تكون ظالمًا في ظنك ضع أمامك ذلك المثل المشهور الذي يقول " من كان بيته من زجاج، لا يقذف الناس بالحجارة". قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية
المزيد
15 نوفمبر 2022

المغفرة

نغفر للآخرين لكي يغفر لنا الله. والإساءات التي تلحق بنا فنغفر ونسامح، لا تساوي شيئاً إلى جوار الخطايا والتجاوزات التي تصدر عنا نحن. إذا فنحن نترك القليل لأجل الكثير. وعندئذ نصلى بدالة: واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا. وينبغي أن يفكر المرء إلى أي مدى هو محتمل، لا إلى كم أخطاء الآخرين، وان كانوا محقين أم لا. بل علينا أن نأتي باللوم على أنفسنا في كل مرة، إمّا لأننا قد نعثر الآخرين مما يدفعهم إلى الخطأ وإمّا أننا قد أخطأنا في مواقف اخرى فاستحققنا التأديب. وهذه محبة من الله "لأن الذي يحبه الرب يؤدبه". نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
14 نوفمبر 2022

«إِذَا أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ» (أم16: 7)

تنطبق هذه المقولة تمامًا على الآباء الرسل الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة، وجالوا يكرزون بكلمة الإنجيل في كل العالم حسب أمر الرب: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا» (مر16:15)، مضحّين بحياتهم من أجل المسيح. تعرّضوا لاضطهادات كثيرة من اليهود ومن الأمم، وكان الرب يسندهم وينقذهم، ويدبّر لهم مَن يدافع عنهم ويحميهم من المؤامرات والمخاطر، رغم أن هؤلاء المدافعين ليسوا مسيحيين وليسوا أصدقاء للرسل، وإنما بعضهم يهود وبعضهم وثنيين من أعداء المسيحية، لكي تكمل عليهم آية الحكيم سليمان «إِذَا أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ» (أم16:7).وإليك بعض الأمثلة: 1- لما جرت على أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة في الشعب، وكان ينضم كل يوم إلى الكنيسة جماهير كثيرة من رجال ونساء (أع5:12-14)، امتلأ رئيس الكهنة اليهودي وحزبه من الصدوقيين بالغيرة وقبضوا على الرسل وألقوهم في السجن، ولما قدموهم للمحاكمة وجعلوا يتشاورون أن يقتلوهم ويقضوا على الكنيسة في مهدها، قام -بتدبير إلهي- عضو كبير في مجمع السنهدريم اسمه غمالائيل ودافع عن الرسل وقال للمجمع: «أيها الرجال الإسرائيليون احترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس فيما أنتم مزمعون أن تفعلوا... فانقادوا إليه ودعوا الرسل وجلدوهم (بدل القتل) وأوصوهم أن لا يتكلموا باسم يسوع ثم أطلقوهم» (أع5:33-40)، وهكذا نجا الرسل ومعهم الكنيسة كلها وازدادت نموًا وانتشارًا. 2- ذهــــــــــــب بولـــــــــــــس إلى كورنثوس وكان يخدم ويبشر اليهـــــــــــود واليونانييــــــــن ويشهد للمسيــــــــــــــــح، وكثيـــــــــــــرون من الكورنثيين لما سمعـــــوا آمنوا واعتمدوا (أع18:8)، فقـــــــــــام اليهود بنفس واحدة وقبضوا على بولــــــس وأتوا به إلــــــــــى كرسي الولايـــــــــــة أمام غاليون الوالي العادل، وقدموا ضده شكاوى كثيرة، ولكن غاليون الوالي الوثني دافع عنه ضد اليهود وطردهم من الكرسي (أع18:16)، وهكذا نجا بولس من مؤامرة اليهود بفضل غاليون والي كورنثوس الوثني. 3- جاء بولس الرسول إلى أورشاليم ومعه صدقات كنائس الأمم لفقراء أورشاليم، ودخل إلى الهيكل ليصلي ويوفي ما عليه من نذور، فقبض عليه اليهود وهم يصرخون «يا أيها الرجال الإسرائيليون أعينوا، هذا هو الرجل الذي يعلّم الجميع في كل مكان ضد الشعب والناموس وهذا الموضع (الهيكل)». فهاجوا عليه كلهم ونزلوا عليه ضربًا طالبين أن يقتلوه، فسمع الخبر الضابط الروماني كلوديوس ليسياس أمير الكتيبة المكلفة بحراسة الهيكـــــــــل وأورشاليم، فللوقت أخـــــــــذ العسكر وقواد مئات وركـــــــض إليهم، فلما رأوا الأمير والعسكر كفّوا عن ضرب بولس (أع 21)، وهكذا خلصه من أيديهم وأخذه معه إلى المعسكر لحمايته منهم. نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف دير السريان العامر
المزيد
13 نوفمبر 2022

فعل كلمة الله الاحد الاول من هاتور

تقرأ علينا الكنيسة يا أحباء في هذا الصباح المبارك مثل نعرفه جميعاً وهو (مثل الزارع) أنواع من الأراضي في الطريق وهم:- 1- الأرض التي فيها الشوك. 2- الأرض التي فيها حجارة. 3- الأرض الجيدة. نعرف جميعاً أنه عندما نبدأ في الزراعة يجب أن تكون الأرض مهيئة والزرع هو كلمة الله والبذرة كلمة الرب وكلمة الله تكون متاحة للجميع وتنزل على الكل ويسمعها الكل ولكن الأهم هو القلب الذي يستقبل هذه الكلمة ويوجد أنواع من القلوب منها:- 1- يوجد قلب في الطريق لا يسمح لك بالدخول يكون من الخارج فقط مثل: (الذي تعطيه كوب من الماء ولا يستفيد به بل يأخذ منه قطرتين على يده)، فأحياناً تكون كلمة الله من الخارج فقط ليس لنا علاقة بها وتكون غير فاعلة بنا هذا هو القلب الذي يكون على الطريق. 2- القلب الذي يكون في الطريق الذي يكون فيه الشوك بمعنى ان الكلمة التي تنزل على ارض الشوك تتفاعل معها قليلاً وعندما تخرج من الكنيسة، او تنتهي من الصلاة، او عندما تقابل أصغر المشاكل، او أي فكرة تمر في بالك تجد بان الكلمة خرج الشوك وقام بخنقها. 3- والثالثة هي الأرض الحجارة ان البذرة نزلت وبدأت تكبر وعندما يصل الجذر الى الأسفل تجد حجر كبير يعيق طريقها ومنعتها من النمو. اذن ما هو الحل لهذا الموضوع؟ يقول إننا لسنا بحاجة لمعرفة أنواع الأراضي بقدر ما نتكلم عن تغيير هذه الأراضي. فهل يمكن ان تتغير هذه الأراضي؟ نعم، فالشخص الأول يمكن ان نسميه الشخص السطحي، والشخص الثاني هو الشخص المغلوب من الهموم القادمة من الشوك، والشخص الثالث المغلوب من القساوة القادمة من الحجارة. فهل للشخص السطحي والمهموم والمغلوب علاج مع المسيح يسوع؟ نعم، لهم علاج فهذه الثلاث أنواع من الحجارة يمكن ان نكون نحن أي نوع من هذه الأراضي ويمكن أن نكون الثلاث أنواع معاً فيمكن أن أكون انا (سطحي ومهموم وسطحي)، فكلمة الله لا تدخل الي نهائياً فأنت يمكن ان تعرف أية معينة ولكن هل تحاول ان تعيشها هل تحاول ان تطبقها، ففي الحقيقة تجد نفسك قد وقفت عند حيز المعرفة فقول لك لا لان الوصية ليست للمعرفة العقلية وليست للتلذذ العقلي وليس لكي تقول إنك قد حفظت أية ولكن لتقول إنك عشت هذه الآية ويقول لنا معلمنا بولس الرسول: (فقط عيشوا كما يحق لإنجيل ربنا يسوع المسيح)، مطلوب من أن نعيش الانجيل يا احبائي ليس مجرد أن نعرف ونحفظ فالسطحية والهموم والقساوة هي التي تخنق كلمة الله فينا وهذا هو الحاجز الذي يحجز كلمة الله عنا وهذا هو السبب الذي يمنع البركات عنا. اولاً: السطحية: - ما هو علاج السطحية؟ فمثل أنني جالس الأن في الكنيسة وسمعت كلمة الله لا أجعلها فقط ان تمر في فكري بل أدخلها داخل فكري وأحاول ان اتفاعل معها لكي ينزلوا على قلبي فعندما ينزلون على القلب فيكون الذي فكرت فيه أشعر فيه عندها يتحول الى فعل فتتحرك قوة الأرداة عند الانسان (فالفكر يحرك المشاعر والمشاعر تحرك الإرادة والإرادة تحرك الأفعال)، اذن انا من أجل البذرة التي تقع على أرضي وتأتي بثمر يجب ان أفكر في الكلام، قم بالتفكير في الآية التي تقول لك (لا تحبو العالم) وفكر في الآية التي تقول لك (أن العالم يمضي بشهواته)، فعلاً ان هذا العالم زائل فعندما أفكر في الكلام ابدأ بتصديقه واتفاعل معه كثيراً بكل مشاعري وكل افكاري وكل احاسيسي، اذاً طالما هذه هي الحكاية، لماذا انا متمسك في هذه الدنيا كثيراً؟ ولماذا متمسك بالمال بهذه الطريقة؟ ولماذا اضع يقيني في هذه الأرض بالرغم انني رأيت احبائي يدفنون في التراب ففي هذا اللحظة أبدأ في التفكير والشعور وتبدأ هذه الأفكار والشعور بتحريك الإرادة، فيجب ان أبدأ من التغيير من حياتي لان هذا العالم يمضي وشهواته معه ففي هذه اللحظة الكلمة التي تنزل الى الأسفل تفعل، نصل الى ان علاج السطحي هو العمق، فلتجعل الأفكار تنزل الي الأسفل لتصل للقلب واشعر وقم بتصديقها وسوف نرى ان هناك الكثير من الأشياء نقولها ولا نصدقها فنحن نُصدق القيامة ونُصدق الحياة الأبدية ونُصدق مكافأة القديسين ونُصدق ان وراء كل نعمة ألم ونُصدق وجود قيامة بعد كل موت لان كل هذا الكلام على السطح من الخارج، أذن يا احباء نحن بحاجة ان تنزل الكلمة وتختلط مع العمق لتعمل فيها لذلك يحتاج الشخص الذي يريد التخلص من السطحية هو التفاعل مع الكلمة. لذلك يوجد تدريب صغير للتفاعل مع الكلمة هو قم بتخصيص وقت لقرأه الكتاب المقدس، فيمكن ان يكون اخر وقت قرأت فيها الإنجيل تكون من شهور فهذا تكون الكلمة على السطح، مثل: الزارع يقوم بترتيب الأرض وحراثتها ويقوم بتعريضها للشمس ويقتل الميكروبات ويضع سماد لها حتى تكبُر ثمرته وتنبت وغير ذلك لن يأتي بالمحصول فاذا اشتكاك أحد المزارعين يقول لك لم أتي بمحصول تقول له هل حصدت وزرعت ورويت يقول لك لا اذاً كيف تريد ان يكون لك ثمار فأنت لا تستحق ان يكون لك زرع لأنك لم تتعب فيه اذاً لا تشتكي من الجوع، اذا نصل الى ان علاج السطحية هو ان الشخص يأتي بآية و يقوم بترديدها عشرات المرات مثل آية (ليكن لي كقولك) فعند ترديدها أكثر من مرة تنزل الكلمة من الأعلى الى الأسفل وتدخل القلب وانا اغمض عيني وأردد الآية تخضع نفسي للمشيئة الألهية فعندما تردد الآية بهدوء تكون انت تخاطب مشاعرك و الكلمة تسكن فيك بغنى الله وانتم متأسسون ومتأصلون فالكملة تنزل الى الأسفل فكذا ابدأ بتغير الأرض التي على السطح كمثل الزارع عندما يبدأ في زراعة أرض جديدة تكون متعبة بالنسبة اليه ولكن فيما يعد تصبح أرض جيدة فلتصدقو بأن الله أعطانا ارض جميلة، كل أحد فيكم قلبه جميل وكل أحد فيكم توجد فيه صورة المسيح وكل واحد فيكم تسكن الروح القدس بداخله وكل واحد يملك الصورة الإلهية، فالشر هو شيء دخيل علينا يا أحباء و ليس من الأصل الذي نملكه فالشر الدخيل علينا هذا نحن قادرون على طرده مثل الشخص الذي يُمسك مكنسة ويقوم بكنس الأرض فيعتبر هذا التراب دخيل على هذا البيت فبمجرد ان تمسح قليلاً تجد ان التراب قد ذهب، فالخطيئة هكذا نعمل على ازاحتها، اذن الأرض السطحية علاجها هو العمق عندما أفكر كثيراً في الذي اسمعه حاول ان تأخذ فترات هدوء قليلاً، حاول ان تردد الآية عدة مرات ولا تحاول فقط ان تخاطب عقلك ولكن حاول ايضاً ان تخاطب مشاعرك لان قلبك ومشاعرك تعمل على دفع إراداتك الارداة التي ضعفت وانهارت و لم تصبح إرادة لذلك يا رب حرك هذا الارداة، وكقول أحد الإباء كان يقول انا اشبه لعازار الميت لكن انا لدي رجاء في بكائك علي فأن ان كان للميت رجاء في بكاء هكذا يكون رجائي فيك لأنه يوجد رجاء لبكاء الموتى عند الرب، من اجل هذا يا احباء نحن محتاجون ان نرى الأرض السطحية و نحاول ان ننزل الكلمة الى العمق. ثانياً: الأرض التي يوجد فيها الشوك: - البذرة نزلت والأرض من الأسفل صالحة يعني القلب صالح وأستقبل كلمة الله، فابتدأت مثلا الانتظام على الصلاة وتحدد إنك تريد ان تذهب الى القداس في كل أسبوع ولكن بعد ذلك تنظر ان الشوك بدأ في خنق الكلمة في كل مرة تقول هذا موعد قرأه الانجيل تأتيك مكالمة هاتفية يأتيك أي شيء يقوم بعكس افكارك نحن الان يا احباء في كل حين أي خبر يزعجنا وأشياء تضايقنا في كل حين وفي كل مكان يفقدنا سلامنا لدخلي مثل الاكل والشرب والعمل والمصاريف هذه الهموم تأكل في عمرنا ومشاعرنا وتأكل كلمة الله. فا ما هو علاج هذه الهموم؟ فكما السطحية لها حل في المسيح، الحل في الأرض هي التسليم والثقة في الله فأذا كان المحيط كله حولك مشاكل فقط ارفع عينك الى السماء وقل يا رب لتكن اراداتك يا رب تصرف في أي موضوع يضايقك لان الله هو رجاء لمن ليس له رجاء معين من ليس له معين قصة في مرة كنت جالس مع احد النساء البسطاء كانت تشتكي من الحياة ومن أمور تحدث معها فقلت لها كلمة أعجبتها قالت لي هل من الممكن ان تكتبها لي قلت لها بالطبع، فنصل الى مقولة رجاء لمن ليس له رجاء، فقلت لها اليس لديك احد في هذه الحياة قالت لي ليس لي احد ابدا قلت لها ليس لكي غير الله فهو معين لمن ليس له معين لا تخافي عندك اله ضابط الكل الذي هو اباك فعندما تشعر بالهموم فليس لك غير الله فعندما ننظر الى الأشياء التي كانت تزعجنا قبل 10 سنوات نجد انها كان ذهبت فأحيانا الانسان ينكسر من الهموم و عندما تأتي للكنيسة تأتي مع همومك التي تجعلك تشعر بالهموم حتى لو فعلت أي شيء، احياناً يا احباء يرتاح الانسان للقيود. قصة يقول لك انه في أحد الأيام كان هناك رجل يربط قدم طائر لكي يربطهم ويمنعهم من الطيران وعندما يأتي العصفور للطيران يدور في شكل دائري لأن قدمه مربوطة فعندما يبيع العصور ويقوم بأعطائه للرجل فيقطعها من الخيط وتصبح مُلك للرجل وعندما يفك الخيط وتتحرر قدمه يعود ويدور في نفس الدائرة فلماذا تطير بنفس الطريقة؟ لأنها اعتادت على الطيران بشكل دائري، أحياناً تأسرنا الهموم بداخلها ما هو حل الهموم؟ الحل هو التسليم لله فلتدبر يا رب كما تريد، يقول لك كم مرة تقرأ الكتاب المقدس يخبرك ان ليس لديه وقت من كثرة الهموم فلنرمي كل حملنا على الله، جميل يا احبائي جميل ان يرتفع الانسان فوق الهم ويضع الهم على الله وكما كانوا يعلمونا الذي لديه مشكلة كبيرة بدل ان يقول يا رب بدل مشكلة كبيرة يقول للمشكلة انا لدي رب كبير وبدل ان اضع المشكلة بيني وبين الرب بس اضع الله بيني وبين المشكلة، وسوف أرى عمل الله لان الثقة في الله تعمل على حل المشكلة فاذا اخذنا تدريب روحي لمدة ساعتين فقط يومياً ولنقسمها نصف ساعة صلاة وساعة الا ربع قرأه في الكتاب المقدس ونص ساعة أخرى للترتيل ومزامير والحان الكنيسة حتى لو سمعت فقط من دون ان تقول شيء فيحصل في هذه الحلة تنقية للأفكار فكما الجسد يتعب فايضاً الروح والنفس يتعبون ويبدأ الجسد ان يشيخ وتبدا الشرايين في التصلب والقلب يتلف، فلا ننتظر روحياً ان نتلف فساعتين في اليوم لله كفيلة ان تزيل عنك الهم، فنصل الى ان علاج الهم هو التسليم والثقة. ثالثاً: القساوة: - وهي تعد مشكلة كبيرة ان نسمع ولا نفعل نعمل على تبرير اخطائنا ونؤجل عملنا مع الله والكلمة لا تؤثر في داخلي فيؤدي هذا الكلام الى القساوة ففي بعض الأحيان نصل الى هذه الحالة مع الله الى درجة القساوة والله متأني وصابر علينا، فنقول يا رب لا تأخذني وانا في منتصف ايامي ومصباحي منطفئ ما الحل وكيف نعالج هذه القساوة وما حلها؟ حل هذه القساوة هي النعمة والتوبة والدموع ومحاسبة النفس والتوبة اللحظية والتدقيق في الحياة لا اترك تفكيري وعيني ولساني ومشاعري وانا لا اشعر، عندما تصل الى هذه الحالة استيقظ واقرأ، هل سوف احمل الضغينة للأشخاص كثيراً، وهل سوف أبقى على الخطيئة ولا اعمل على تغيريها وهل سوف أبقى من دون ان اتعظ الى أي شيء ما هو الحل؟ لو كان العمر ثابت وكان هذا العالم مؤبد لكانت لكي يا نفسي حُجة فهذا العمر ليس ثابت وهذا العالم ليس مؤبد اذن ما هي الحجة؟ فالقساوة تريد الشخص ان يجلس ويدقق في افعاله ويرى الشيء الذي دخل داخله وقام بتوليد هذا الجمود والأسباب هي الذات والعالم وحب الأرض والاتكال على البشر م الذي جاء بكل هذه القساوة؟ الغياب عن الله، الغياب عن عمل النعمة، لقد قُفل قلبي ولا اريد ان افتحه ومن اجل هذا قال حزقيال النبي يا رب غير لهم قلوبهم الحجرية واعطهم قلوب من لحم، يمكن ان يعيش الانسان بقلب من حجر؟ نعم، يستطيع، فتتكلم معه لا يسمع وتحاول ان تعظه لا يسمع، احداث تحدث وأطفال نودعهم وكبار نودعهم ولا يؤثر فينا، فالله يعملنا من خلال الاحداث التي نمر بها ويعملنا بالأشخاص والكنيسة فالله يريد ان يخلص الجميع بكل الطرق، فالذي لا يسمع للإنجيل يسمع لنفسه، فلنفرض ان الله يعطينا فرص فهل نستفيد منها، فعلينا يا احباء ان نلين حياتنا بزيت نعمة الله والشخص الأمين عندما يأتي ويحاسب نفسه يجد ان دموعه قد نزلت فتزيل هذه الدموع جميع القساوة والجمود، عندما تسمع آية وتجد الرب يقول لك أنا طوال النهار أبسط يدي، انا يدي مفتوحتان لك، انا لم ارفضك وانا لا اكرهك ولست ضدك ولكن لا يجوز يا احباء ان يمد احد الشخص يده للسلام والشخص الاخر يُمثل أنه لم يراه فلتتخيل شعورك في هذه اللحظة كيف سوف يكون فسوف تنجرح جرح كبير، فتخيل ان الرب طوال النهار يبسط يده لك وانت غير مهتم، يجب عنما يفتح الله لك تذهب الى احضانه وتقول يا رب احتويني، اذا علاج القساوة هي التوبة ومحاسبة النفس وتشعر يوماً بعد يوم أن هذه القساوة قد ذابت، فيقول لك نقطة المياه لو نزلت باستمرار على صخر يمكن ان تحفر لها طريق بداخل الصخر، فنعمة وكلمة الله هكذا يحول صخر قلوبنا الى قلوب تتجاوب مع كلمة الله اذا فالأرض التي فيها الحجارة تتفتت ويضعف فالحجارة عندما تلين كلمة الله تجد لنفسها مكان فترى ان الأرض تصبح جيدة وان اخطأ أحد اليك تقول فليسامحه الله اذا كان هو سيء فأنا اسوء منه، هي لديها خطأ ظاهر انا لدي الف خطأ ظاهر ويستر الله عليها وعلي ويرحمنا جميعاً تحت الضعف فمن فينا من دون خطيئة. اذن يا احبائي الانسان الذي يبدأ بوضع نفسه مع الإنجيل تبدأ مشاعره تتغير وقلبه يتغير وفكره يتغير، نحن نعيش فترة طالت او نقصت سوف تنتهي في النهاية نعيشها لكي تثمر كلمة الله في داخلنا وعندما تكون كلمة الله عاملة فينا نكون صادقين للرسالة الإلهية فلا تكونوا غاشين لأنفسكم ربنا يريدنا جميعاً ان نكون له لأنه خلقنا لكي نكون له هو يريدنا معه في الملكوت وهو اتى بنا الى الأرض لكي نكون معه في النهاية في السماء فنحن لسنا من الأرض نحن من فوق ولكن ما زلنا في الأسفل نعيش فترة لكي نعود مرة أخرى الى فوق وكما يقول لنا الرب انتم لستم من اسفل، ولكن الذي بريد ان يكون في الأسفل يقول له فلتتركني في الأسفل يجاوبه الله ان بقيت في الأسفل لن يكون لديك مكان في الأعلى فيكون هذا هو قرار الانسان فلتكون هذه الحياة رسالة نمجد فيها اسم الله لكي نعود اليه مجدداً واحيا مع الى الابد. من اجل ذلك يا احباء عنما نودع شخص من احبائنا وندفنه في التراب يمسك الكاهن القليل من التراب ويضعه عليه ويقول نحن قد قمنا بدفن التراب لان الانسان من تراب والى التراب يعود وهكذا يكون الجسد قد مات، اما النفس والروح نقول لها انتي من السماء والى السماء تعودين، نحن من السماء ومخلوقين من السماء وسوف نعود للسماء، فلتتحول ارضنا أي ارض جيدة تثمر فيها كلمة الله. لربنا كل مجد وكرامة الى الابد آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل