المقالات

27 يوليو 2019

بطرس والرب يسوع

"قال لسمعان أبعد إلى العمق وألقوا شباككم للصيد" (لوقا٤:٥).هذا ما قاله الرب يسوع المسيح لسمعان بطرس وشركائه. كان المسيح قد استعمل سفينة سمعان بطرس الصغيرة فأراد مكافأته على ذلك وكان بطرس وشركاؤه قد قضوا الليل كله يحاولون صيد السمك ولم يمسكوا شيئا والآن وفي وضح النهار نرى يسوع إبن النجار ومعلم الدين هذا يأمر بطرس أن يحاول الصيد مرة أخرى لقد كان بحر الجليل مألوفا لصيادي الأسماك. وكانت بعض المدن قائمة على شواطئهوكان كثيرون من الناس يعيشون من صيد الأسماك بإلقاء شباكهم في مياهه وسمعان بطرس من بيت صيدا كان قد اعتاد أن يصطاد الأسماك في بحر الجليل مع أخيه أندراوس. ويوحنا المعمدان يقول عن يسوع: "هوذا حمل الله" (يوحنا٣٦:١) فأحضر أندراوس أخاه سمعان إلى المسيح الذي أعطاه اسما جديدا وهو كيفا أو بطرس وهما كلمتان كل منهما تعني صخرة أو صفاة. ونجد في الكتاب المقدس أن الصخرة هي رمز لله، لذلك فإن يسوع بإعطائه سمعان هذا الاسم عنى أن سمعان سيصبح إبنا لله وشريكا في الطبيعة الإلهية (٢بطرس٤:١)وهنا على بحر الجليل يأمر يسوع سمعان أن يحاول الصيد مرة أخرى. وعندما أطاع بطرس وشركاؤه أمر يسوع اصطادوا سمكا كثيرا جدا مما دهش له بطرس حتى أنه قال ليسوع: "اخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ" (لوقا٨:٥). بيـد أن يسوع قال لسمعان بطرس أن لا يخاف وطلب إليه أن يتبعه. وبعد قليل جعله أحد الرسل الإثني عشر (لوقا١٤:٦) وهكذا نال بطرس صياد السمك البسيط إمتيازا مدهشا وهو السير مع الرب يسوع المسيح مدة ثلاث سنين. ومن أعظم اللحظات في حياة بطرس تلك اللحظة التي إعترف فيها بالمسيح أنه إبن الله. لقد سأل يسوع تلاميذه مرة: من تقول الناس أن إبن البشر هو؟ فقالوا، قوم يقولون أنه يوحنا المعمدان وآخرون أنه إيليا وآخرون أنه إرميا أو واحد من الأنبياء "وانتم من تقولون أني أنا؟ فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح إبن الله الحي" (متى١٥:١٦و١٦). فامتدح الرب يسوع بطرس على ذلك لأنه كان إعلانا خاصا له من الأب السماوي. ثم أنه وعد ببناء كنيسته وأعطى بطرس مفاتيح ملكوت السماوات، أما بطرس فلم يكن دائما ينطق بالكلمات التي أعطاها له الله. ففي الفصل نفسه بالذات أخبر يسوع تلاميذه أنه ينبغي أن يقتل وفي اليوم الثالث يقوم، فلم يستطع بطرس أن يفهم كيف أن إبن الله ملك إسرائيل يمكن أن يقتل فقال: "حاشا لك يا رب لا يكون لك هذا. فالتفت وقال لبطرس اذهب عنّي يا شيطان. أنت معثرة لي لأنك لا تهتمّ بما لله لكن بما للناس" (متى٢٢:١٦و ٢٣لم تكن هذه هي المناسبة الوحيدة التي أخطأ فيها بطرس في أقواله، فذات مرة تغيرت هيئة يسوع قدام تلاميذه وظهر له موسى وإيليا يكلمانه، فقال بطرس ليسوع: "يا رب جيد أن نكون ههنا. فإن شئت نضع هنا ثلاث مظال. لك ولموسى واحدة ولإيليا واحدة" (متى٤:١٧). لقد أراد بطرس بقوله المذكور تكريم السيد المسيح والنبيين العظيمين موسى وإيليا. ولكن الله القدير لا يشاء البتة أن يكون أي إنسان على نفس مستوى إبنه، ولذلك سُمع صوت من سحابة يقول: "هذا هو إبني الحبيب الذي به سررت. له إسمعوا" (متى٥:١٧). في أواخر حياة ربنا يسوع على الأرض قال لتلاميذه أنه سيقبض عليه فيتركونه كلهم ويهربون فلم يستطع بطرس أن يصدق أنه هو نفسه يمكن أن يعمل عملا خسيسا كهذا ولذلك قال أنه لو تركه جميع تلاميذه الآخرين فإنه لن يتركه أبدا. فأنذره الرب يسوع قائلا: "إنك في هذه الليلة قبل أن يصيح ديك تنكرني ثلاث مرات. قال له بطرس ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك" (متى٣٤:٢٦و٣٥)بعد قليل جاء يسوع وتلاميذه إلى بستان جثسيماني، فتركهم يسوع وذهب ليصلي لأبيه السماوي ولما عاد إليهم وجد بطرس والذين معه نياما، فقال لهم: "أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف" (متى٤١:٢٦).عندما جاء جمع كثير للقبض على يسوع فكر بطرس أنه ينبغي أن يدافع عن سيّده فاستل سيفه وضرب رجلا فقطع أذنه ولكن يسوع أبرأ الرجل. وحينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا أما بطرس فتبعه من بعيد.أتوا بيسوع إلى دار رئيس الكهنة، حكم الكهنة عليه بالموت وبصقوا في وجهه المبارك. لقد أهانوه كثيرا فاستهزءوا به وضربوه ضربات كثيرة. وكان بطرس جالسا قرب النار فرأته جارية وقالت له: "وأنت كنت مع يسوع الجليلي" (متى٦٩:٢٦) فأنكر بطرس قولها قدام الجميع. وأخيرا قال بقسم: "لست اعرف الرجل" (متى٧٢:٢٦) وللوقت صاح الديك فالتفت الرب يسوع ونظر إلى بطرس وتذكر بطرس كلام يسوع وخرج إلى الخارج وبكى بكاء مرا. ذهب الرب يسوع وحده إلى الصليب وهو وحده إحتمل عقاب خطايانا وفي أحلك لحظة وهو على الصليب صرخ قائلا: "إلهي إلهي لماذا تركتني" (متى٤٦:٢٧). والجواب عن هذا السؤال هو لأن الله وضع عليه إثم خطايانا، وأخيرا صرخ يسوع بصوت عظيم: "قد أكمِل" (يوحنا٣٠:١٩).لقد عنى يسوع بهذا القول أن العمل الضروري لخلاص البشر قد أكمل، وهكـذا مات ولكن الله أقامه من بين الأموات في اليوم الثالث ولما ذهب بطرس ويوحنا إلى القبر وجداه فارغا. فعرفا حينئذ أن يسوع قد قام حقا. وبعد ذلك بقليل إلتقى يسوع ببطرس وسامحه على إنكاره له وأعاده لخدمته وأمره أن يعلم المؤمنين الأحداث وهكذا نرى أن سمعان بطرس بن يونا كان رجلا عظيما. لقد كان إنسانا، مخلوقا بشريا، إنسانا مقصرا، ولكنه صار عظيما. وقد جعله قربه من الرب يسوع المسيح عظيما لقد دعا بطرس نفسه رجلا خاطئا لكن المسيح سامحه لإيمانه. فالإيمان هو السبب الوحيد الذي لأجله يغفر المسيح خطايا كل إنسان يتوب. لقد مات المسيح وأكمل العمل وأنا أومن به حقا وهذا كل ما يلزم لمغفرة خطاياي لم يكن بطرس إنسانا قد غفرت له خطاياه فحسب بل أنه أصبح رسولا ملهما لذلك فمن الضروري أن نسمع أقواله بانتباه وفي مجموعة الدروس هذه سنتأمل في ما قاله بطرس وما كتبه عندما كان هنا على الأرض ولا شك أنه يريد أن يقول نفس تلك الأمور في هذه الأيام أيضا فليصغ جميع البشر إلى أقوال بطرس وليصدقوها
المزيد
08 سبتمبر 2019

الاستشهاد في المسيحية

المسيحية هي المحبة الباذلة، والصليب هو علامة المسيحية، وفي شخص السيد المسيح التقي الحب بالألم، وتغير مفهوم الألم وأصبح شركة حب مع الرب المتألم، وأرتفع إلي مستوي الهبة الروحية، والموت أصبح كأسا لذيذا يرتشفها المؤمن سعيدا راضيا بل يسعى إليها عن حب ويتعجلها، وليس في هذا عجب فقد تحول الموت من شيء مرعب إلي جسر ذهبي ومعبر يعبر بنا من حياة قصيرة وغربة مؤقتة وثوبا باليا إلي سعادة أبدية دائمة وثوبا لا يفني ولا يتدنس ولا يضمحل وأرتبط الاضطهاد بالمسيحية وهو يسير معها جنبا إلي جنب، وأحيانًا يصل إلي النهاية وهو ما نقول عنه الاستشهاد، وأول اضطهاد تعرضت له المسيحية كان من اليهودية إذ ولدت المسيحية في وسط المجتمع اليهودي، ورفض اليهود السيد المسيح وصلبوه، واضطهدوا أتباعه بالقتل والتعذيب أو بالوشاية وإثارة الجماهير أو بالمقاومة الفكرية بعدها دخلت المسيحية الناشئة في صراع طويل مع الوثنية متمثلة في الإمبراطورية الرومانية بما لها من سلطة الدولة وقوة السلاح وقد وصل هذا الصراع إلي حد الإبادة أي الاستشهاد، وكان الصراع غير متكافئًا إذ لم يكن للإيمان الجديد ما يسنده من قوة زمنية أو سلاح اللهم إلا ترس الإيمان ودرع البر وخوذة الخلاص وسيف الروح (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 6)، وأستمر الصراع حتى أوائل القرن الرابع حين قبلت الإمبراطورية الرومانية الإيمان بالمسيح وسقطت الوثنية لقد بدأ اضطهاد المسيحية في روما علي يد نيرون في القرن الأول المسيحي وانتهي علي بعد ميل واحد من روما علي يد قسطنطين في القرن الرابع وكان القصد منه إبادة المسيحية ولكن علي العكس كان سببا في تنقيتها وإظهار فضائلها وبطولات شهدائها الأمر الذي أدي انتشارها ودخول الوثنيين في الإيمان المسيحي، وكما عبر عن ذلك العلامة ترتليانوس "دماء الشهداء بذار الكنيسة". لماذا اضطهدت الدولة الرومانية المسيحية • جاء الإيمان بالمسيح يحمل مفاهيم جديدة غير التي كان يألفها الناس في القديم: في الوثنية كانت العبادة عبارة عن ترديد لصيغة عزيمة سحرية وبعض التعاويذ وتقديم المأكل والمشرب للآلهة والتعاليم غامضة والشعائر والصلوات سرا، عكس ما وجد الناس في المسيحية تعليمًا مفهومًا وموضوع عظيم للإيمان وديانة تستقر في داخل الإنسان وفكره وروحه والعبادة فيها ترجمة عملية للإيمان وحل الحب محل الخوف.ولم يعد هناك غرباء أو أجانب بالنسبة لإله المسيحيين، ولم يعد الأجنبي يدنس الهيكل أو القربان لمجرد حضوره، ولم يعد الكهنوت وراثيا لأن الديانة ليست ملكًا موروثًا بل علي العكس أصبح هناك تعليم ديني مفتوح يعرض علي الجميع وكانت المسيحية تبحث عن أقل الناس اعتبارًا لتضمهم ولم تعلم المسيحية أتباعها بغض الأعداء أو الأجنبي بل علي العكس التعاطف والمودة. • جاءت المسيحية كديانة عالمية: كل العبادات الوثنية كانت محلية، ولكل إقليم معبود خاص به وحتى اليهودية كانت ديانة مغلقة تخص شعب واحد ولكن المسيحية ظهرت للعالم أجمع حسب قول السيد المسيح "اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (إنجيل مرقس 16: 15). • ونادت المسيحية أنها الديانة الوحيدة الحق: وانجذب إلي الإيمان بها من كل جنس وشعب وطبقة وسن من اليونان والرومان أكثر من الذين جذبتهم اليهودية، ورفضت أن تتحالف مع الوثنية. • وعلمت بفصل الدين عن الدولة: في القديم كان الدين والدولة شيئًا واحدًا، وكل الشعب يعبد إلهه وكان كل إله يحكم شعبه، وكانت الدولة تتدخل في نطاق الضمير وتعاقب من يخرج الشعائر والعبادة وأما المسيحية فقد جاءت تفصل الدين عن الدولة حسب قول السيد المسيح " أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " (إنجيل متى 22: 21). • الحماس الشديد للروحانية بدلا من النشاط الاجتماعي: رفض المسيحيون الاشتراك في الاحتفالات الوثنية والعبادة العامة وكان هذا يعبر عن عدم تحمسهم للسياسة والعزوف عن الشئون المدنية والزمنية بالمقارنة بالأمور الروحية والأبدية والتصاقهم الشديد ببعض في اجتماعات مغلقة كل هذا أثار حولهم الشبهات وعداوة الحاكم والشعب. وفي الواقع أنه في ظل المسيحية تغيرت إحساسات الناس وأخلاقياتهم ولم يعد الواجب الاسمي أن يعطي الإنسان وقته وحياته وقواه للدولة في السياسة والحرب فلقد شعر الإنسان أن عليه التزامات أخري من نحو خلاص نفسه ومن نحو الله. حلقات الاضطهاد العشر منذ القرن الخامس الميلادي تعود المؤرخون علي تقدير الاضطهادات التي خاضتها الدولة الرومانية ضد الكنيسة المسيحية بعشرة اضطهادات كبيرة تحت حكم عشرة أباطرة هم علي الترتيب: نيرون – دومتيانوس – تراجان – مرقس أوريليوس – سبتيموس ساويرس – مكسيمينوس – ديسيوس – فالريان – أوريليان – دقلديانوس ولكن هذا التقسيم عرفي اصطلح عليه ولا يعني أن الاضطهادات حدثت عشر مرات فقط، لأن أكثر الفترات هدوءا كانت فيها شهداء ولقد حاول البعض أن يربط بين الضربات العشر في مصر وهذه الاضطهادات باعتبارها رمزًا لها، كذلك يربطون بين العشرة قرون التي للوحش الوارد ذكرها في سفر الرؤيا الذي صنع حربًا مع الخروف علي أهنا هذه الحلقات العشر من الاضطهاد. نيرون وحريق روما كان الاضطهاد الذي أثاره نيرون هو أول الاضطهادات التي كرستها الإمبراطورية الرومانية، وأرتبط باستشهاد عمودين عظيمين في الكنيسة هما الرسولان بطرس و بولس، وقد ابتدأ في السنة العاشرة من حكم هذا الطاغية بأمره وتحريضه عام 64م حين أتهم نيرون المسيحيون الأبرياء بحرق روما وكانت كارثة مدمرة لم ينجو من هذا الحريق سوي أربعة أقسام من الأربعة عشر قسما التي كانت تنقسم إليها المدينة العظيمة والتهمت السنة النار أعرق الآثار والمباني ولم ينجو منها الناس والبهائم وتحولت المدينة العظيمة إلي جبانة تضم مليون من النائحين علي خسارات لا تعوض، وحتى يبعد الشبهة عن نفسه الصق نيرون التهمة بالمسيحيين المنبوذين، وسرعان ما بدء في سفك الدماء وأستخدم أبشع الوسائل في سبيل ذلك، صلب البعض إمعانا في السخرية بالعقوبة التي تحملها السيد المسيح، وألقي البعض للحيوانات المفترسة في مسارح الألعاب الرياضية، وبلغت المأساة قمتها عندما أشعل النار في المسيحيين بعد دهنهم بالقار وسمرهم في أعمدة الصنوبر يضيئون كالمشاعل لتسلية الجماهير في الحدائق الإمبراطورية بينما نيرون في عربته الخاصة يلهو. اضطهاد دقلديانوس وأعوانه كل الاضطهادات التي شنتها الدولة الرومانية علي المسيحيين ابتداء من نيرون تتضاءل أمام شد وعنف ووحشية الاضطهادات التي بدأها دقلديانوس وأكملها أعوانه، ولهذا السبب اتخذت الكنيسة القبطية بداية حكمه وهي سنة 284 م. بداية لتقويمها المعروف باسم تاريخ الشهداء في عام 303 م. أصدر منشورا بهدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة وطرد كل أصحاب المناصب العالية وحرمانهم من حقوقهم المدنية وحرمان العبيد إذا أصروا علي الاعتراف بالمسيحية، وإذ علق المنشور علي حائط القصر لم يخل المجال من شاب مسيحي شجاع غيور مزق المنشور مظهرا استياءه وسرعان ما سرت موجة الاضطهاد في ربوع الإمبراطورية وازداد الاضطهاد عنفًا ووحشية بسبب اندلاع الحريق مرتين في قصر الإمبراطور في خلال أسبوع ربما أفتعل الحريق أحد معاونيه لكي يثيره ضد المسيحيين أصدر في مارس عام 303 م. منشورين متلاحقين بسجن رؤساء الكنائس وتعذيبهم بقصد إجبارهم علي ترك الإيمان وفي 30 ابريل من نفس العام أصدر مكسيميانوس هرموليوس منشورا وهو أسوأها ويقضي بإرغام جميع المسيحيين في المدن والقرى في أنحاء الإمبراطورية بالتبخير والتضحية للآلهة وأخيرا وفي محاولة يائسة لمحو المسيحية وبعث الوثنية أصدر مكسيميانوس دازا منشورا في خريف عام 308 يقضي بسرعة إعادة بناء مذابح الأوثان وأن يقدم الجميع الرجال والنساء والأطفال الذبائح مع الالتزام بتذوق التقدمات وأن يقف الحراس أمام الحمامات ليدنسوا بالذبائح كل من يدخل للاغتسال، وقد استمر العمل بهذا لمدة سنتين حتى أنه لم يكن أمام المسيحيين في ذلك الوقت إلا أن يموتوا شهداء أو يموتوا جوعا أو يجحدوا الإيمان وفي سنة 311م أمر مكسيميانوس دازا بإقامة الهياكل في كل مدينة وعين كهنة للأصنام ومنحهم الامتيازات. قسطنطين ومراسم التسامح الديني تعتبر اضطهادات دقلديانوس وأعوانه آخر مقاومة يائسة للوثنية الرومانية ضد المسيحية، وعلي الجانب الآخر تجلت بطولات المسيحيين وثباتهم أمام وحشية الوثنية وشراستها حتى بدت الوثنية في حالة إعياء. أعتزل دقلديانوس الحكم في عام 305 م. بعد أن انتهي إلي نهاية سيئة تربي قسطنطين في بلاط دقلديانوس وهرب إلي بريطانيا وهناك نودي به إمبراطورا علي غاليا وأسبانيا وبريطانيا في عام 306م خلفا لوالده. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). عبر جبال الألب وانتصر علي منافسه مكسنتيوس بن مكسيميانوس شريك دقلديانوس في حكم الغرب عند قنطرة ملفيا علي بعد ميل واحد من روما، وباد هذا الطاغية هو وجيشه في مياه نهر التيبر في أكتوبر عام 312 م وفي مارس 313 م. التقي قسطنطين مع ليكينيوس إمبراطور الشرق في ميلان ومن هناك أصدرا مرسوم للتسامح مع المسيحيين يعرف باسم مرسوم ميلان بموجبه أعطيت الحرية الدينية للمسيحيين ولغيرهم أن يتبعوا الدين الذي يرغبونه وإذ خرج ليكينوس علي قسطنطين وجدد اضطهاد المسيحيين لفترة قصيرة في الشرق هزمه قسطنطين عام 323 م. وأصبح إمبراطور الشرق والغرب وهكذا يعتبر قسطنطين آخر الأباطرة الوثنيين وأول المسيحيين، وبعدها بدأت فترة جديدة في حياة الكنيسة والمسيحيين. نيافة المتنيح الحبر الجليل الأنبا يوأنس أسقف الغربية
المزيد
22 يناير 2019

خطورة الإدانة

من أكثر الحروب التي تجد مكانًا في الإنسان إدانة الآخرين، وهي خطية صعبة ومنتشرة بكثرة. والكتاب يوصينا قائلًا: «لا يئنّ بعضكم على بعض أيها الأخوة لئلا تُدانوا» (يع5: 9)، وهذا الوصف دقيق لأنه يصور هذه الحرب الشديدة التي تنبع من داخل الإنسان، ولكن «هوذا الديّان واقف على الباب» بمعنى أن الحُكم على الناس ليس هو دور البشر، لكن الديّان الحقيقي الذي يرى الخفيّات قبل الظاهرات وبلا خطية ويعرف الحقيقة كاملة وله هذا السلطان «فَمَنْ أنت يا من تدين غيرك؟» (رو14: 4). والسيد المسيح أوصانا «لا تدينوا لكي لا تُدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تُدانون» (مت7: 1).الإدانة خداع: بمعنى أن مَنْ يُدين غيره يخدع نفسه: «لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأمّا الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها» (مت7: 1، 3). وهذا يعني أن الإدانة غير حقيقية ويكون مًنْ يُدين هو الُمدان.. ويقول القديس برصنوفيوس: "يوم تدين أخاك تنقطع عنك نعمة الروح القدس، فتكون سبب عثرة له". وبما أن المؤمن هو مسكن للروح القدس لذلك ينال نعمة التمييز الروحي فيشفق على مَنْ يخطئ بسبب حرب الشيطان، فبدل أن يحكم عليه يأخذ بيده ويُعينه ليقيمه.الإدانة ضد نقاوة القلب: لأن مَنْ قلبه نقي يملك عينًا بسيطة لا ترى الشر ولكن تحب الخير للجميع، لذلك الإدانة لا تتفق مع النقاوة والبساطة الحكيمة التي ترى الحقيقة.. إن العين التي بها خشبة لا ترى القذى الذي في عين الآخر (وهو إفراز العين الطبيعي)، وهكذا كان القديسون... لهذا حين رأى القديس يوأنّس القصير أحدًا يخطئ بكى، فسأله الأخوة لماذا تبكي؟ فقال لهم: "لأن أخي أخطأ اليوم بحربٍ من الشيطان وقد يتوب وغدًا، قد أُخطئ أنا بحربه ولا أتوب". وقد قيل عن لوط إنه كان يُعذّب نفسه البارة بالسمع والبصر للخطايا التي حدثت أمامه.الإدانة تتعارض مع كل الفضائل: فهي ضد المحبة التي تستر كثرة من الخطايا، فمن يُدين لا يحب. وتتعارض مع الاتضاع، لأن المتضع لا يرى خطايا غيره بل يرى خطايا نفسه ويدين نفسه. والإدانة ضد الوداعة الحليمة على البشر التي تحترم الصغير والكبير، فلا تحكم على أحد ولا تحتد. وهي ضد الصدق، لأن مَنْ في عينه خشبة لن يستطيع رؤية شيء، بل هو في حكم الأعمى. وضد احترام الناس وتوقيرهم، لأن الإنسان صورة الله، وهذه كرامة لا تناظرها رفعة. وإذا كانت الإدانة ضد كل هذه الفضائل، إذًا فهي تجمع العديد من الرذائل السيئة.فالإدانة خطية مركبة: فيها الكراهية والكبرياء والخداع الكاذب واحتقار البشر ورفضهم، وحين يسقط في كل هذه الخطايا فسوف ينعكس حكمة على الآخرين ليقدم إدانة لنفسه.والنصيحة... إن مستعظم النار من مستصغر الشرر، فربما نقدٌ بسيط يعتاده الإنسان فيدخل إلى الإدانة، وحين يعتاد عليها يصير أعمى يقود أعمى فيسقط كلاهما في حفرة. ومَنْ يحكم يجب أن يكون بلا خطية كما قال السيد المسيح لمن أتوا إليه بالمرأة الخاطئة: «مَنْ منكم بلا خطية فليرمها بأول حجر» (يو8: 7)، ومَنَعَ العمّال من نزع الزوان الذي وسط الحنطة قائلًا لهم: «دعوهما ينميان كلاهما معًا إلى وقت الحصاد»، والقمح يُجمع إلى مخازن والزوان مصيره معروف... نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية
المزيد
25 ديسمبر 2019

بشرى مفرحة

أود في نهاية عام و بداية العام الجديد ، أن أكلمكم بكلمة أمل ورجاء أود أن يشرق علينا هذا العام كنور ، برسالة فرح من السماء لأنه بميلاد ربنا يسوع المسيح ، وولد السلام وكان ميلاد الرب بشري فرح للجميع وفي يوم ميلاده وقف الملاك يقول للرعاة " ها أنا أبشركم بفرح عظيم ، يكون لجميع الشعب " " إنه ولد لكم اليوم مخلص "( لو 2: 10، 11) ها أنا أبشركم بفرح عظيم " في هذه العبارة نجد رسالة المسيحية كلها لقد جاءت المسيحية لكي تبشر الناس بالفرح العظيم الذي يكون لجميع الشعب لذلك فكلمة إنجيل معناها بشارة مفرحة ، أخبار سارة وكان الرسل يبشرون ، أي ينقلون هذه الأخبار السارة إلي جميع الناس فيقولون لهم أتي الخلاص ويوحنا المعمدان ، الذي هيأ الطريق أمام ربنا يسوع المسيح ، كان يبشر الناس بأنه قد " أقترب ملكوت الله "( مت 3: 2) ونحن كرجال دين ، وليس لنا عمل سوي أن نبشر الناس بهذا الفرح العظيم ورسالتكم أنتم هي هذه ، أن تبشروا الناس بهذا الفرح وأن تفرحوا معهم وأن تفرحوا معهم وأي فرح ؟أن المسيح أتي بديانة مفرحة لجميع الناس ، تحمل لهم الخلاص وتحمل لهم الفداء ، وتكسر أبواب الجحيم ، وتفتح أبواب الفردوس أتي المسيح برسالة تقول للص وهو علي الصليب " اليوم تكون معي في الفردوس " ( لو 23: 43) رسالة تقول لرئيس العشارين الخاطئ ، مثال الظلم و الشر في حيله ، تقول له اليوم حدث خلاص لأهل هذا البيت ، إذ هو أيضاً أبن لإبراهيم ( لو 19: 9 ) إنها رسالة تبشر الأمم الغرباء ، البعدين عن رعوية الله في ذلك الحين ، الذين كانوا محتقرين من إسرائيل ، فتقول عنهم يأتون من المشارق و المغارب ، ويتكئون في أحضان إبراهيم في ملكوت الله ( مت 8: 11، لو 13: 29) الدين عموماً هو رسالة مفرحة للناس ، وبشارة فرح لهم . أسباب للفرح:- " إفرحوا في الرب كل حين . وأقول أيضاً إفرحوا "( في 4: 4) " إفرحوا في الرب "( في 3: 1) إفرحوا بالصلح الذي تم بين السماء والأرض إفرحوا في الرب يسوع المسيح ، الذي أتي ليصالح السمائيين مع الأرضيين ، ويجعل الاثنين واحداً ، ويكمل التدبير بالجسد إفرحوا لأن خطاياكم ستمحي والرب لا يعود يذكرها ( أر31: 34 ) . أفرحوا لأن الرب سيغسلكم ، فتبيضون أكثر من الثلج . حقاً إنها بشري مفرحة للناس بشري بالخلاص من خطاياهم ، يقول فيها الرب " أعطيهم قلباً ليعرفوني إني أنا الرب ، فيكونوا لي شعباً ، وأنا أكون لهم إلهاً ، لأنهم يرجعون إلي بكل قلبهم " أر 24: 7) يقول أيضاً " أجعل شريعتي في داخلهم ، وأكتبها علي قلوبكم " ( أر 31 : 33) وماذا أيضاً يارب في كلامك المفرح هذا ؟ يقول " لأني أصفح عن إثمهم . ولا أذكر خطيتهم بعد " ( أر 31 : 34) حقاً مبارك هو الرب ، في كل عهوده المفرحة ، التي ذكرها في العهد القديم نبوءة عما سيفعله معنا في هذا العهد الجديد ونحن في هذه السنة الميلادية الجديدة ، التي نذكر فيها أنه قد ولد لنا مخلص هو المسيح الرب ( لو 2 : 11 ) ، " يخلص شعبه من خطاياهم" ( مت 1 : 21 ) . يلذ لنا أن نذكر عمله المفرح ، كما رواه أشعياء النبي قال روح الرب علي ونحن لماذا ؟ لأية رسالة ؟ فيجيب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب ، لأنادي للمسبيين بالعتق ، وللمأسورين بالإطلاق ، لأنادي بسنة مقبولة للرب ، لأعزي كل النائحين لأعطيهم جمالاً عوضاً عن الرماد ، ورداء تسبيح ، عوضاً عن الروح اليائسة ( أش 61: 1- 3) نعم ما أجملها رسالة مفرحة ، تبشر المساكين والمنكسري القلوب تنادي للمسبيين بالعتق ، وللمأسورين بالإطلاق وكلمة المأسورين تعنينا كلنا فكلنا كنا في أسر إبليس ، مأسورين بالخطايا والذنوب وكان الشيطان له سلطان ، قال عنه الرب لليهود " هذه ساعتكم وسلطان الظلام "( لو 22: 53) ثم جاء المخلص ، الذي ينادي بالإطلاق ، فهتف الملاك قائلاً للرعاة " ها أنا أبشركم بفرح عظيم ". نظرة مستبشرة:- لذلك نريد في هذه السنة ، أن تكون لنا النظرة المستبشرة تكون لنا النظرة المتفائلة ، المملوءة رجاء ، التي دائماً تري الفرح في كل شئ لأنه كثيراً ما يوجد أشخاص يعقدون الأمور ، ويشعرون اليأس ، ويغلقون أبواب الرجاء المفتوحة ، ويكونون كالبوم التي تنعق منذرة بالخراب! وهؤلاء ليس لهم صوت لأن صوت الله يقول ينادي للمسبيين بالعتق ، وللمأسورين بالإطلاق يبشر المساكين ، ويعطيهم فرحاً عوضاً عن النوح ولهذا يقول سفر أشعياء أيضاً ما أجمل قدمي المبشر بالسلام ، المبشر بالخير ، المخبر بالخلاص ( أش 52: 7) حقاً ما أجمل أقدام المبشرين بالخير ، المبشرين بالخير ، المبشرين بالسلام ، الذين يغرسون الفرح في قلوب الناس ، وينزعون الحزن من القلوب المكتئبة ، ويجعلونها تمتلئ بالفرح وهذه هي رسالة أولاد الله وقد كان هذا هو عمل المسيح له المجد ، يملاً الدنيا فرحاً وسلاماً ، يبهج قلوب الناس ، ويمسح كل دمعة من عيونهم ( رؤ 7: 17) كان يجول يصنع خيراً ( أع 10 : 38) يفرح قلب السامرية ، والمرأة الخاطئة ، والمضبوطة في ذات الفعل ، ويفرح قلوب العشارين و الخطاة ، ويرفع معنوياتهم بأن يحضر ولائمهم ويبشر الناس بأن النور قد أضاء في الظلمة ، وأنهم في فجر جديد وقد تعلم الرسل هذا الأسلوب من السيد المسيح ، وإذا ببولس الرسول يقول " ثمر الروح محبة ، فرح ، سلام "( غل 5: 22) واضعاً الفرح في مقدمة ثمار الروح ويدعوا الناس إلي الفرح الدائم ، قائلاً لهم " إفرحوا كل حين "( 1تس 5: 16) ،" إفرحوا في الرب كل حين "( في 4: 4) أو ليس هذا أيضاً هو ما قاله لتلاميذه "تفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم "( يو 16: 22)إذن انشروا رسالة الفرح . أفرحوا الناس:- ارسموا ابتسامة علي كل شفة واغرسوا الأمل و الرجاء لا تشيعوا الكآبة فإن الله لا يريدكم أن تحيوا في كآبة ،هذا الذي أرسل ملاكه ليبشركم بفرح عظيم ولكن لعل إنسانا يسأل كيف يستطيع القلب أن يفرح ، وهناك أسباب كثيرة تدعوه إلي الحزن و التعب أبواب مغلقة ، ومشاكل معقدة ، وخطايا تبعد عن الله ؟ وأنا أقول أن الرجاء يحل كل هذا فقولوا للناس كل مشكلة لها حل وكل باب مغلق له مفتاح وما أسهل أن تكون لكل خطية توبة ، ولكل خطية غفران وكل خصومة مع الله تساعد النعمة أن توجد لها صلحاً لذلك عيشوا باستمرار في الرجاء دربوا أنفسكم أن تكونوا كما قال الرسول " فرحين في الرجاء "( رو 12: 12) وكونوا أنشودة فرح في قلوب الجميع لا تجعلوا إنساناً ييأس مهما كانت الأسباب وإن سدت الأبواب أمامه ، افتحوا له طاقة من نور واعطوه رجاء في كل فروع الحياة ، مادية أو روحية كونوا مبشرين بالخير ، ومبشرين بالسلام قولوا لكل ضعيف هناك قوة إلهية تسندك وقولوا لكل خاطئ إن الله مستعد أن يخلصك " لأن الله يريد أن جميع الناس يخلصون ، وإلي معرفة الحق يقبلون "( 2تي 2: 4) قولوا له أن الله مستعدك فروحه القدوس يعمل معك ، ونعمته واقفة علي بابك تقرعه وملائكة الله حالة حولك لتنقذك ، وأرواح القديسين تشفع فيك ووسائط النعمة ستأتي بفاعليتها كونوا رسالة رجاء ، ورسالة سلام ، وأفرحوا الكل قوموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة ( عب 12: 12 ) وقد اخذ معلمنا بولس هذه النصيحة من قول الوحي الإلهي في العهد القديم لسان أشعياء النبي " شددوا الأيادي المسترخية والركب المرتعشة ثبتوها قولوا لخائفي القلوب تشدوا لا تخافوا هوذا إلهكم هو سيأتي ويخلصكم ( أش 35 : 3، 4) أريحوا الناس من متاعبهم علي قدر ما تستطيعون ، فهكذا كان يفعل السيد المسيح الذي قال " تعالوا إلي يا جميع المتعبين و الثقيلي الحمال ، وأنا أريحكم " ( مت 11: 28 ) تعالوا إلي ، فأنا قد جئت إلي العالم لأحمل تعب الناس كما قال عني أشعياء " أحزاننا حملها ، وأوجاعنا تحملها "( أش 53: 4) لقد جئت لأبشر المتعبين بالراحة . أتيت لأعصب منكسري القلوب ، لأبشر المساكين حتي القصبة المرضوضة ، و الفتيلة المدخنة قبل عن الرب " قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيله مدخنة لا يطفئ " ( مت 12: 20) إنه يعطي رجاء للكل هذه القصبة المرضوضة يعصبها ربما تشتد وتستقيم وهذه الفتيلة المدخنة قد ينفخ فيها فتعود وتشتعل إن السيد المسيح أراد أن يقدم لنا رسالة فرح ، ديانة فرح بشري كلها رجاء بأن الملكوت قريب ، والخلاص قريب إني أعجب من الذين تملكهم الكآبة في الجو الديني ‍!وتصبح الكآبة هي الطابع الذي تتميز به روحياتهم باستمرار . ولا يجدون في الكتاب المقدس كله من أوله إلي آخره ، من التكوين إلي الرؤيا ، من أول " في البدء خلق الله السموات والأرض " إلي " أمين تعال أيها الرب يسوع " لا يجدون في كل هذا سوي قول سليمان الحكيم " بكآبة الوجه يصلح القلب "( جا 7: 3) وإن أرادا أن يضيفوا عليها شيئاً يضيفون " طوبي للباكين الآن "( لو 6: 21) ونحن نريد أن نقول لهؤلاء حتي البكاء و الحزن في المسيحية ، ممزوجان بالفرح ‍‍!وقد قال السيد المسيح لتلاميذه " أنتم ستحزنون ، ولكن حزنكم سيتحول إلي فرح عندكم الآن حزن ولكني سأراكم فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم " ( يو 16: 20، 22) . وما أجمل قول القديس بولس الرسول ، التي يلخص فيها متاعبه وضيقاته هو وكل العاملين معه ، فيقول كحزانى ، ونحن دائماً فرحون " ( 2كو 6: 10) إنه فرح يميز كل أولاد الله في كل ظروف حياتهم ، فرح في الرب ، فرح لا ينطق به ومجيد ( 1بط 1: 8) ، فرح من النوع السامي ، فرح روحاني ، فرح إلهي ، فرح لا ينتهي فرح كل حين . فرح مهما كانت المتاعب :- حياة أولاد الله لا تخلو من المتاعب ، لأنهم يحملون صليباً ولكنهم يفرحون في وسط متاعبهم لأن المتاعب شئ ، والحزن شئ آخر السيد المسيح كان أمامه الصليب ومع ذلك قيل عن في الصليب وآلامه وخزيه " من اجل السرور الموضوع أمامه ، أحتمل الصليب مستهيناً بالخزي "( عب 12: 2) وقد قال بولس الرسول " لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والضيقات لأجل المسيح "( 2كو 12: 10) أولاد الله يفرحون بالتعب ، أذ يرون في التعب إكليلاً لا تضغطهم المتاعب ، بل يفرحون بها ، عارفين أن كل إنسان ينال أجرته من الله بحسب تعبه ( 1كو 3: 8) والقديس يعقوب الرسول يقول " احسبوه كل فرح يا أخوتي ، حينما تقعون في تجارب متنوعة "( يع 1: 2) وأولاد الله لا يرون في التجارب والمتاعب شيئاً من التخلي ، بل يرون أن الله يفتقد بها أولاده لكي يهبهم نعماً الشهداء كانوا يفرحون ويغنون ، وهم ذاهبون للإستشهاد كما كانوا يحبون في فرح ، كانوا في فرح أيضاً يستقبلون الموت ، شاعرين إن الرباطات التي تربطهم الزائل قد تمزقت لذلك فهم فرحون أن يلتقوا بالله ، وفرحون بالإكليل ، وفرحون بإتمام جهادهم علي الأرض ، وفرحون بالقوة التي جعلتهم يثبتون في الإيمان بولس الرسول كان فرحاً ، وهو في السجن الضيقة دائماً خارجهم ، لا يمكن أن تدخل إلي قلوبهم لذلك فقلوبهم فرحة وفي عزاء لأن العزاء يأخذونه من داخلهم وليس من خارجهم وفي داخلهم يوجد الإيمان بالله المحب الراعي المهتم بالكل الذي قال الكتاب عن اهتمامه ومحبته وحفظه " أما أنتم ، فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة "( لو 12: 7) لا تسقط شعرة واحدة منها بدون إذن أبيكم ، الذي نقشكم علي كفه الله الذي يحافظ حتي علي العصافير ، فلا يسقط واحد منها بدون إذنه ، وأنتم أفضل من عصافير كثيرة ( مت 10: 29- 31) . لذلك كان أولاد الله في كل ضعفاتهم ، يغنون للرب أغنية فرح ، ويسبحونه تسبيحه جديدة ... ويأخذون بركة هذه الضغطات . قيل عن الآباء الرسل الإثني عشر ، بعد أن يجلدوهم ، أنهم مضوا " فرحين لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهابوا لأجل إسمه "( أع 5: 41) وأولاد الله كما يفرحون في المتاعب ، يفرحون مهما كانت العوامل الخارجية تدعو إلي اليأس كما في ترنيمة العاقر . ترنيمة العاقر:- إنها قطعة عجيبة في الكتاب ، في نبوءة أشعياء ، تدعو إلي الرجاء العجيب ، وإلي الفرح بالرب ، مهما كانت الظروف الخارجية فهل هناك أصعب من ظروف العقار التي لا رجاء لها في إنجاب البنين ! أنظر ماذا يقول الكتاب لها يقول وهو يحمل لها بشري الفرح " ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد أشيدي بالترنيم " ( أش 54: 1) كيف تترنم هذه ؟ وما دواعي الفرح أمامها ؟ فيجيب ترنمي ليس بما هو كائن ، إنما بما سوف يكون وما الذي سوف يكون يارب ؟ يجيب في رجاء " أوسعي مكان خيمتك ، ولتبسط شقق مساكنك "، " لا تمسكي . أطيلي أطنابك ، وشددي أوتادك "، لأنك تمتدين إلي اليمين وإلي اليسار "، ويرث نسلك أمماً ، ويعمر مدناً خربة "( أش 53) ويختم الرب هذه الأنشودة الجميلة بقوله " لحيظة تركتك . وبمراحم عظيمة سأجمعك "( أش 53: 7) إذن بالإيمان " أوسعي مكان خيمتك " سيكون لك أولاد ، وسيكثرون وتمتدين إلي اليمين وإلي اليسار ألا يدعو هذا إلي فرح الرجاء ، الرجاء في وعود الرب لذلك أولاد الله في فرحهم يكونون " غير ناظرين إلي الأشياء التي تري ، بل إلي التي لا تري "( 2كو 4 : 18 ) إنهم يفرحون لأنهم يحيون بالإيمان . وما هو الإيمان ؟ أنه الثقة بما يرجي ، والإيقان بأمور لا تري " ( عب 11: 1 ) ونحن نفرح بهذا الذي لا يري وبالإيمان نغني أيضاً بترنيمة هذا العاقر ، التي تكررت قصتها مع عاقر أخري هي سارة إمرأة أبينا إبراهيم ولم يكن لهما ولد ، حتي أنها حينما سمعت وعد الرب ، ضحكت في داخلها ،وفي يأس قالت " أبعد فنائي يكون لي تنعم ، وسيدي قد شاخ " ( تك 18: 12)ولكن الغير مستطاع عند الناس ، مستطاع عند الله ( مر 10 : 27 ) هكذا قال الرب ( لو 18: 27 ) ، ليجعلنا نرجو ونفرح ولكي يثبت هذا لأبينا إبراهيم وزوجته العاقر قال له نسلك سيكون كنجوم السماء وكرمل البحر إن استطعت أن تعد رمل البحر ، تستطيع أن تعد نسلك وكأن سارة تقول أنا لست أجد أبنا واحداً فقط أفيكون لي نسل كعدد نجوم السماء ؟! هذا عجيب نعم ، في الرجاء " ترنمي أيتها العاقر التي لم تلك أشيدي بالترنيم لا يأس في الحياة مع الله أنه الرب المعطي بسخاء ، الذي يفتح لنا كوي السماء الذي يفيض من محبته ورعايته علي كل أحد ، الذي قال جئت لأعصب منكسري القلوب ، وأبشر المساكين ، وماذا أيضاً ؟ يقول : أبشر بسنة الله المقبولة:- ما هي البشري الطبية التي تحملها في هذه السنة المقبولة أمام الله ؟ ما هي بشراك يارب ، وكل سنواتك مقبولة ؟ جئت لأبشر شاول مضطهد الكنيسة بأنه سيصير بولس الكارز العظيم وجئت أبشر كثيرين من أمثاله أبشر موسي الأسود ، القاتل السارق الشرير ، بأنه سيصير القس موسي العظيم ، أب الرهبنة ، وصاحب القلب الحاني الطيب الوديع أيضاً أبشره بأنه سيكون شهيداً جئت لأبشر اوغسطنيوس الفاسد ، الذي تبكي عليه أمه ، بأنه سيصبح كنز الروحيات و التأملات الذي تنتفع به أجيال كثيرة جئت لأبشر مريم القبطية الزانية بأنه ستصبح سائحة قديسة ، يتبارك منها الأنبا زوسيما القس جئت لأبشر المسبيين بالعتق ، والمأسورين بالإطلاق ، جئت لأبشركم بسنة سعيدة مقدسة مقبولة أمام الله ، وأقول لكم إنه لا يوجد شئ غير مستطاع عند الله ولا توجد مشكلة يعصي حلها علي خالقها العظيم ، الذي يفتح ولا احد يغلق ( رؤ 3 : 7) جئت لأبشر الأرض المظلمة الخربة المغمورة بالمياه الأرض التي قيل عنها في سفر التكوين أنها خربة وخاوية ومغمورة بالماء ، وعلي وجه الغمر ظلمة ( تك 1: 2) جئت أبشر هذه الخربة بأن روح الله يرف علي وجه المياه ، وأن الله سينيرها ، ويقيم فيها كل نفس حية ، مع جنات وبساتين ، ويجعل فيها أزهاراً وزنابق ، ولا سليمان في كل مجده كواحدة منها وستكون هذه الأرض رمزاً لكل نفس خربة وخالية هذا هو الله المحب القادر ، وهذه هي بشارته المفرحة لذلك كل من يعقد الطريق أمامك ، لم يفهم الله بعد الذي لا يذكر لك سوي الجحيم وجهنم و العذاب والبحيرة المتقدة بالنار و الكبريت ، ويعطيك صورة مسودة عن الأبدية ، هذا لم يعرف الله بعد ، وكلامه غير مقبول في بداية سنة جديدة ، نريد فيها بشري طيبة الأولي إذن أن نبشركم بإلهنا الطيب الحنون ، الذي غني بمراحمه وإحساناته داود النبي ، فقال في مزمور 103 كلاماً جميلاً محبباً إلي النفس ، نقتبس منه قوله باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل إحساناته "ويتذكر المرتل في فرح إحسانات الله إليه ، ويذكر بها نفسه فيقول الذي يغفر جميع ذنوك ، الذي يشفي كل أمراضك ، الذي يفدي من الحفرة حياتك ، الذي يكللك بالرحمة والرأفة ، الذي يشبع بالخير عمرك ، فيتجدد مثل النسر شبابك ( مز 103 ) ثم يذكر المرتل إحسانات الرب من جهة مغفرة الخطايا ، فيقول لا يحاكم إلي الأبد ، ولا يحقد إلي الدهر لم يصنع حسب خطايانا ، ولم يجازنا حسب آثامنا لأنه مثل ارتفاع السموات والأرض ، قويت رحمته علي خائفيه كبعد المشرق عن المغرب ، أبعد معصينا إذن ليس هو إلهاً يترصد الخطايا ، ليدخل الناس إلي جهنم أنه رحيم ورؤوف ، طويل الروح وكثير الرحمة ، يتراءف علي خائفية ، كما يترأف الأب علي بنيه ومادام هكذا فلنفرح إذن بالرب علينا أذن أن نفرح الناس ، لكي يطمئنوا إلي إله أخذ الذي لنا ، ليعطينا من الذي له صار أبنا للإنسان ، ليجعلنا أولاداً الله هذا الذي أتي ليخلص شعبه من خطاياهم كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلي طريقه والرب وضع عليه إثم جميعاً "( أش 53: 6) هناك أشخاص أفكارهم سوداء كلها قسوة وعنف وعدم مغفرة ويلقون ثيابهم السوداء ، ليلبس كواحد منهم ولكن الرب ، كل ما فيه أبيض ناصع ، ما أبعده عن أفكار الناس السوداء ونشكر الله أنه حتي الملائكة الذين ظهروا ، ظهروا بثياب بيض ، ثياب من نور إلهنا إله طيب وتأكد أنه سيفتح له طريق الخلاص ، وأنه سيخلصك من جميع خطاياك إنه لابد سيفتقدك ، ولو في آخر الزمان ولو في الهزيع الأخير من الليل ، ولو بعد أن يضطرب البحر ، ويخيل إليك أن السفينة ستنقلب إنه لن يتركك ، بل ستدركك رحمته ، ولو ساعة الموت أو قبيل ذلك بقليل نعم لن يتركك أن كانت الخطية أقوي منك ، فرحمة الله أقوي من الخطية إن كانت الخطية تزداد ، فالنعمة تكثر جداً إن خفت من الذين قاموا عليك ، فاعرف أن " الذين معنا أكثر من الذين علينا "( 2مل 6: 6 ) إننا نحب أن نعيش في فرح دائم تهب الأمواج ، وته الرياح ، وتسيل الأمطار ، وتتزلزل الجبال أما نحن فنسبح الرب تسبيحه جديدة نغني أغنية جديدة للرب نعيش في فرح "" راسخين غير متزعزين " ( 1كو 15 : 58 ) ، واضعين في أنفسنا حقيقة هامة ، وهي أن الله يتدخل في كل مشكلة ، ليحلها الله يتدخل والله أقوي من العالم . الله سينتصر فيك:- أن الله قد غلب العالم . وقال لنا " في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبات العالم " ( يو 16 : 33) لقد غلبه في القديم والحاضر وفي كل حين وهو قادر أن يغلب العالم فيك ، وبك وهو مستعد أن يغلبه في كل معركة روحية تقوم ضدك إنه لا يترك عصا الخطاة تستقر علي نصيب الصديقين " ( مز 124 ) إنما يعوزك فقط أن تقول له أرنا يارب رحمتك ( مز 84) أمنحنا بهجة خلاصك ( مز 50 ) جميلة هي عبارة " بهجة خلاصك " أن الرب قد جاء يقدم الخلاص ، ويقدم معه أيضاً بهجة خلاصه لذلك نحن نبشر بسنة مفرحة ، بسنة الله المقبولة سنة يعمل الله فيها عملاً مفرحاً وقوياً نبشر بإله قوي ، أقوي من العالم ومن الشيطان ومن الخطية إله أنتصر في حروب أولاده في القديم ، وينتصر الآن وفي كل زمان إله يعطي المعيي قوة ( أش 40 : 29 ) ويجدد مثل النسر شبابه إله أفرح كل الذين تبعوه ، وقادهم في موكب نصرته ( 2كو 3: 14 ) هذه هي البشري التي نقدمها في سنة جديدة فحاذر أن تنظر إلي العالم الجديد بمنظار قاتم حاذر أن تنظر إليه بمنظار اليأس أو الخوف أو القلق ولا تظن أن الأبواب مسدودة موصدة أخشى أن تكون نفسك هي المسدودة أفتح أذن حواسك الروحية ، لتري مراحم الله ومعونة الله ومعونة الله وتفرح وتبتهج وأطلب من أليشع النبي أن يصلي من أجلك ، كما صلي من أجل تلميذه جيحزي ، ويقول افتح يارب عيني الغلام ، فيري ( 2مل 6: 17 ) وستري جبل الله مملوءاً خيلاً ومركبات ، فتطمئن نفسك وتفرح وستجد الرب قد فتح لك طريقاً في البحر فتفرح وستسمع داود النبي يرتل في أذنيك قائلاً " نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الشياطين الفخ انكسر ونحن نجونا "( مز 123 ) ستسمع هذا من فم داود فتفرح إن القوة الإلهية موجودة . ولكن يعوزك أن تراها لا تقل في بداية العام " لا توجد معونة " أو " أعطني يارب معونة " ، إنما قل أعطني يارب أن أري المعونة الموجودة فأمجدك " أرنا يارب رحمتك "( مز 84 ) أذن رسالة هذه السنة الجديدة ، هي أن نبشر الله المقبلة نبشر الناس بفرح عظيم ، نبشرهم بخلاص الرب نبشر الضعيف بقوة تحيط به من فوق نبشر اليائس بالأمل والرجاء ونبشر الخاطئ بعمل النعمة فيه ، وبافتقاد من الروح القدس ليتوب ويرجع غلي الله نبشر الكل بأن الله يجول يعمل خيراً ، يجول في كل مكان يشبع كل حي من رضاه ، ويمسح كل دمعة يراها في عين كل إنسان هذه هي طريقة الرب ، الذي خلقنا للفرح ، وأعدنا لنعيم أبدي لذلك فالأبدية هي مكان للنعيم والأبدية تعمل فينا نقول عن الأبدية في صلواتنا " الموضع الذي هرب منه الحزن و الكآبة والتنهد "والأرض أيضاً مكان خلقه الله لفرح " فرح للمستقيمين بقلوبهم " وعبارة " أفرحوا في الرب كل حين " الفرح صورة مشرقة للدين:- ليست هي مجرد نصيحة ، إنما هي أمر من الوحي الإلهي إن سرت في طريق الله ، فملكت الكآبة ، ستعطي صورة كئيبة عن الدين و الحياة الروحية ، ويقول كل من يراك هذا الإنسان كان هادئاً ومطمئناً ، وقلبه عامر بالحب والسلام ولكن منذ أن تدين صار متجهم الملامح ، عابس الوجه ، يسير وهموم الدنيا كلها علي كتفيه ، وأحزان العالم كله فوق رأسه وهكذا يعثرون بسببك ، ويخافون من الحياة مع الله ومن الطريق الروحي فلماذا هذا الإتلاف ؟ أعط الناس دروساً بفرحك علمهم أن أولاد الله فرحون ، لأنهم وجدوا الله وعرفوه وعاشروه إنهم فرحون بملكوت الله داخلهم ، فرحون بعمل الروح القدس فيهم فرحون بخروجهم من أسر إبليس وتخلصهم من خطايا عديدة فرحون بالحياة الجديدة بالحديث مع الله ، والتأمل في الإلهيات فرحون بانطلاق أرواحهم من سلطان الجسد والمادة فرحون لأنهم صار تحت قيادة الله المباشرة وتحت رعايته ، وقد ذاقوا ونظروا ما أطيب الرب ، واختبروا جمال الحياة معه وهم فرحون أيضاً لأنهم قد لبسوا ثوباً جديداً من الرب ، بل قد لبسوا المسيح ( غل 3 : 27 )هذه هي أسابا الفرح بالرب التي نبشركم بها أن وضعت كل هذا في ذهنك فستفرح بالرب أما إن ملكت الخوف من المستقبل والخوف من الخطية ، والخوف من السقوط ، فهذا دليل علي أنك نسيت عمل الله معك وعمل فيه ، وبشراه لخلاصك وأعرف هذا إذن إن كل قلق وخوف واضطراب ويأس ، هو من عمل الشيطان هذا هو أسلوبه ، يريد أن يزعجك ويخفيك ، لكي تتسلم له وتترك جهادك الروحي ، وتفشل فلا تسمع له فنحن لا نجهل أفكاره ( 2كو 2: 11) أما ثمار الروح فهي فرح وسلام لذلك لما بشر الملائكة بميلاد المسيح قالوا "علي الأرض السلام ، وفي الناس المسرة "فلتكن المسرة إذن في قلوب الناس ، ولنعش في حياة الفرح الدائم ، نفرح بالرب كل حين ، شاكرين في كل حين ، علي كل شئ ( أف 5 : 20 ) . أرجو لكم :- أرجو لكم سنة سعيدة مباركة ثابتة في الرب ، تكونون فرحين فيها ، مملؤين من الرجاء والبهجة ، شاعرين بعمل الله فيكم ، وعمل الله لأجلكم ,وشاعرين أن قوة الله تظللكم ، وأن يده فوق أيديكم ، تمسك بأيديكم ، تمسك بأيديكم ، وتعمل به ، وتقود خطواتكم إليه وبهذه الروح تستقبلون العام الجديد ، وأنتم لستم وحدكم ، وإنما الله معكم ، مصلين أن يكون عامنا الجيد عاماً سعيداً مباركاً وفي نفس :- نحن نعلم أنه حسبما نكون ، هكذا يكون عامنا كثير من أحداثه وأخباره وتاريخه ، هي من ضعفنا نحن بإمكننا بنعمة الله العاملة فينا أن نملأ هذا العام خيراً وبراً فيكون كذلك أن حياتنا في أيدينا ليست مفروضة علينا نحن نصنعها بحرية الإرادة الموهوبة لنا من الله ، لنسير في الطريق التي نشاء فهكذا ترك لنا الحرية التي نقرر بها مصيرنا وماذا عن عمله الإلهي إذن في هذا العام ؟ إن نعمته مستعدة أن تعمل معنا الأعاجيب ، أن استسلمنا لعملها فينا ، ولم نقاوم الروح القدس الذي يريد لنا الخير الله يريد لنا الخير ، وبقي أن نريده نحن كذلك ، فتتحد مشيئتنا مع مشيئة الله الصالحة حينئذ تصير حياتنا كلنا خيراً حتي أن صادفتنا عقبات أو تجارب أو ضيقات ، تكون كلها للخير أيضاً لسنا محتاجين في حياتنا الروحية إلي من يتنبأ لنا كيف يكون عامنا الجديد إنما نحن محتاجون أن نفحص قلوبنا لنعرف قلوبنا هي مرآة المستقبل هي التي ترسم صورة مستقبلنا القلب القوي النقي هو نبوءة عن مستقبل قوي نقي و القلب الضعيف هو نبوءة عن مستقبل ضعيف فلنصل إلي الله أن يعطينا قلوباً طاهرة وقلوباً صامدة ولنطلب إليه من أجل بلدنا وشعبنا ، ليكون هذا العام عاماً سعيداً ، مهما حاول عدو الخير أن يعرقل عمل النعمة فيه ليكن عاماً كله فرح وكل عام وجميعكم بخير قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كيف نبدأعاماً جديدا
المزيد
21 أغسطس 2018

زوجة الكاهن

شهادة الكاهن في تدبير بيته هي من مؤهلات الكاهن في تدبير الكنيسة، يدبِّر بيته حسنًا حتى يعرف كيف "يدبر ويعتني بخدمة كنيسة الله" (1تي4:3). وزوجة الكاهن هي كأي امرأة مؤمنة، لكنها كزوجة كاهن لا بد أن تضع نفسها من أجل نجاح خدمة رسالة الإنجيل في حياة زوجها، تخدم بفَهم ورضا وقناعة فكرية وقلبية، واعية بأن كأس الماء البارد المقدَّم بمسرة لأجل رئيس الرعاة لن يُنسَى، وزوجة الكاهن التقية الفرحانة بخدمتها ودعوة حياتها تدرك بوعي تام مسئوليتها بأنها معاونة للكاهن في حياته الشخصية كزوجة (معينة نظيره)، وفي رسالته ككاهن الله. كثيرون عاشروا الكهنوت وللأسف لم يأخذوا بركته، بل حملوا متاعبه وتبَعاته دون بركة لحياتهم ولخلاصهم، عاشوا في صورة كهنوتية مُنكرين قوتها، ولم يعِش الكهنوت فيهم، لذا فقدوا موضعهم ورتبتهم، وسَرَق القاسي جهدهم. إن خدمة الكهنوت طريق يحتاج إلى نذور وتعهدات تُحفَظ زمان الغربة كله، لأنه طريق مخاطر يحتاج إلى خط دفاع وسَندة في صد هجمات أبليس، كي يحفظ الله جندية الكاهن وجهاده وثماره بسلاح البر لليمين ولليسار. إن الكاهن كجندي في خط الدفاع الأمامي للكنيسة كل اليوم كل أيام العمر يحتاج إلى إصلاح وتنقية ومراجعة وانسحاق وصلاة ومعونة وانسكاب وتعزية ومِلء في خدمة كهنوت المسيح، ليمر بمجد وهوان وبصيت رديء وحَسن. وبناء البيت الروحي لبيت الكاهن على الصخر لا بد أن يُتابَع باستمرار وبمواظبة من أجل البنيان والنمو في الله كغنيمة حياة الكاهن وكنز بيته... فما أحلى زوجة الكاهن التي تُعين زوجها بصلواتها ودموعها ودعائها وبتدعيهما العملي. الكاهن الذي يحمل أوجاع شعبه كراعٍ أمين تحمله زوجته إن كانت أمينة، لأنها قد اختارت أيضًا الرب نصيبًا لها وقد شرفها المسيح بخدمة أولاده الخصوصيين، وهي تخدمهم من خلف زوجها ومعه، معاونة له بهدوئها وقدوتها وتباسطها وسيرتها العملية التي هي أبلغ من كل العظات بل وأجمل من كل العناوين، خاصة عندما تفتح بيتها للفقير والمحتاج والضعيف والمنبوذ وتعمل أروع خدمات الخفاء، فالرجل والمرأة عمومًا يختلفان في الشكل الجسدي فقط، لكن ليس في النفس، فقد غلبْنَ كثيرات منهن وتفوَّقن على الرجال في الجهاد لأجل الخلاص. لذا ليست كل شخصية تصلُح لأن تكون زوجة كاهن، إنها مسئولية خطيرة لا بُد أن يُحسب لها كل الحُسبان، لأن إساءة الاختيار يؤثر سَلبًا على الخدمة، وهناك إذن ضوابط روحية في اختيار من تكون زوجة للكاهن، لأنها ترافقه في رحلة لحمل الصليب... فالكهنوت "خدمة" والكهنوت "غسل أرجُل" والكهنوت "رعاية وأبُوَّة" والكهنوت "صليب وذبيحة وتكريس" منذ لحظة الرسامة ترافقه الزوجة كخادمة، يصيبها تبعات هذه الرحلة من وخزات الشوك والمسامير والتعب والتضحيات التي لها بركتها ومعونتها وحراستها السماوية. رحلة يفتح الرب فيها أبوابًا وأعماقًا، لكنها تتوقف على رؤية الكاهن وزوجته لماهية وطبيعة خدمة الكهنوت!!! وكيف أنها رحلة صعود مرتفعات، ليس فيها عوج ولا التواء، إنها دعوة وخدمة وترْك ومسئولية، رحلة قد يواجهوا فيها ضيقًا أو شُحًّا أو عوزًا واحتياجًا، لكن بالإيمان والاتكال والصبر على كل شيء يسد الله فيها كل الاحتياجات، ما دام قد قبلوا خدمتهم من يد الله ولله، وما دام الكاهن يقدم لله مشورات حُرّيته، ويكتب أعماله تَبْعًا لأقواله. وبالتأكيد يتعيَّن على الكاهن وأسرته أن يكونوا قدوة للشعب في الإيمان والكفاف والاعتدال، والويل كل الويل لمن تأتي به العثرة، لذلك زوجة الكاهن تكون أيقونة جميلة، إذا أعطت المثل لإنسانة الله المتزينة بالفضيلة والبعيد عن الترف والتنعُّم الباطل، لأنها باعتدالها ورزانتها تعيش نذر دعوتها كشريكة للكاهن في حياته، ويكونوا بذلك قد عملوا بأقوالهم وتكلموا بأعمالهم. إن زوجة الكاهن الشبعانة بكلمة الله والمواظِبة على التغذّي بوسائط النعمة، تجد لها الوسائل لتعبِّر عن محبتها واتضاعها وغسلها للأرجل وضيافتها للغرباء وترفُّقها بإخوتنا وأسيادنا المساكين والمجرَّبين، بل ويمكن أن تكون زوجة الكاهن بركة وسندًا ودعمًا وتصديقًا لخدمة الكاهن بل وللكنيسة كلها، عندما توضَع على المنارة بتعقُّلها وتصرفاتها المسئولة، وانحيازها للمرذولين وللبؤساء وللذين يعتبرهم العالم أنهم "وسخ" بينما هم كنوز الكنيسة الحقيقية... مغبوطة هي بالحقيقة زوجة الكاهن المُصَلِّية، الصوَّامة، المعطاءة، المضيفة للغرباء، المُحِبّة للجميع بلا محاباة للوجوه، والتي ينطبق عليها انها بحقّ امرأة فاضلة وثمنها يفوق اللآلئ. ثيابها هي الحشمة والجمال، وزينتها هي الأدب والتقوى، وسلوكها البساطة والمعرفة التي لبنات الله، فلا تكون مُعثِرة ولا مُجلِبة لغضب الله بل مُحقِّقة مقاصد الله في حياتها، مُعلِنة لغنىَ واتساع تدابيره. وأيضًا زوجة الكاهن عنوان للفطنة التربوية، عندما تكون دليلاً للرعية في تنشئة أولادها في حضن الكنيسة، ناجحين في حياتهم ممجدين الله كل حين. لكن عندما يُساء اختيار زوجة الكاهن، تكون عثرة وشوكة في موضع مَقتَل... مُعطِّلة للإنجيل في خدمة الناس، إذ تفوح رائحة مُجُونها وماديتها أو استبدادها وتعظُّم معيشتها، كفساد الطين وكالظلمة المثلَّثة الكآبة التي للجهل، فتبقى أصل مرارة أمام الجميع، وبسببها يُجدَّف على الاسم الحسن، وينطفئ بهاء الإكليروس، مثلما أنذرالملاك القديس "هرماس" عن الرعاة المنحرفين بقوله (انظر يا هرماس حيث يكون التنعُّم يكون الخداع والتزييف أمام الله). وحسنًا يطلق الشعب على زوجة الكاهن (تاسوني)، فهي أخت كل أحد، ببذلها وبشاشتها تساعد الخراف المريضة والمبتدئة والخاملة والبعيدة، بأعمالها وأنفاسها أكثر من كلامها، وقد عاينّا الأمومة المداوية التي لا تعبث بخلاص الآخرين ولا تَسخَر منهم، بل تحملهم كصغار وكمكسورين لإرضاعهم ومساندة رحلتهم، والوصول بهم إلى الميناء، تلك الصورة الرقيقة المُضحِّية هي أيضًا حاسمة وصريحة، لأنها خدمة على مستوى الصليب، وليس مجرد نشاط مزيَّف وإعلان، لأن الأجرة إنما تُعطىَ على العمل لا على الكلام. لقد تعرضت هذه الصورة لبعض الشوائب والصدأ، إلا أن واقعنا أيضًا مملوء وزاخر بزهور الحياة الكنسية، وبزينة العمل الروحي من خادمات وسيدات لهُنَّ طابع بهجة التقوى وانعكاس الصورة الإلهية التي للقداسة في حياتهن، وهُنَّ جانب مشرق لرعية المسيح، حاملات معهن ثمار المجد للكنيسة كلها. القمص أثناسيوس چورچ
المزيد
18 سبتمبر 2018

كيف أشبع روحياً؟

ما هى الروح ؟ الروح هى العنصر الذى وضعه الله فى الإنسان، والذى من خلاله يتصل الإنسان بالله، وبالإيمانيات، وعالم الروح. فإذا كان الإنسان يشترك مع النبات فى الجسد ومع الحيوان فى الجسد والنفس، إلا أنه يتميز بعد ذلك بالعقل والروح، لذلك يقول البعض عن الإنسان أنه حيوان عاقل ومتدين. ومنذ فجر التاريخ الإنسان متدين، حتى وإن ضل الطريق الصحيح، إلا أن أحشاءه تؤكد له وجود الخالق، والخير، والثواب والعقاب، والخلود. وما شابه ذلك من عالم - الماورائيات - أى ماذا وراء المادة؟ وماذا وراء الموت؟ وماذا وراء الزمن؟ وماذا وراء الطبيعة؟ وأحياناً يسمونه عالم - الميتافيزيقيا - أى ما وراء الطبيعة المحسوسة! لقد استلم آدم معرفة الله من الله مباشرة، ثم تعاقبت الأجيال بعد السقوط، وتشتت البشر بعد بلبلة الألسنة، وبدأنا نسمع عن عبادات كثيرة، كعبادة الشمس والقمر والنجوم والعجل والبقرة والتماثيل. ولكن هذه جميعاً كانت مجرد تعبيرات عن القوة والخير والعدل والسلطان.. وقد أختار الله فى القديم بعض أسرار الشريعة والفهم والإيمان، ومع ذلك كثيراً ما ضلوا وعبدوا الأوثان التى تعبدت لها الأمم فى مختلف حقب الزمان. ولنا أن نفخر كمصريين بأخناتون العظيم الذى نادى بالإله الواحد، وقدم له العبادة والسجود، وتحدث عن بعض صفاته الإلهية، وكيف أنه جل إسمه - روح بسيط خالد خالق، يرعى الكون بحبه، ويشرق عليه بشمسه: ويضمه إليه بحنانه الفائق. ومع أن الروح هى عنصر الإيمان فى الإنسان، إلا أنها ما أنفصلت قط عن العقل عنصر التفكير.. لهذا رأينا فى الفلاسفة اليونان وفى الحضارات الشرقية القديمة، عقولاً استنارت بالروح القدس، واستشرقت من بعيد آفاق الألوهة الفائقة للعقل والمعرفة، حتى أستحق الفلاسفة أن يسميهم القديس كليمنضس الإسكندرى أنبياء الوثنية. إن الروح - أيها القارئ الحبيب هى العنصر الذى يوصلنا إلى الله، ويوحدنا به، فأحذر أن يضمر هذا العنصر فى حياتك: حينما تهمل خلاص نفسك، أو حينما تجعل المادة أو الغرائز تتحكم فيك. فأنت مخلوق إلهى، فوق المادة والتراب، وإتجاهك نحو الخلود والأبدية، فأنتبه خشية أن يضمر هذا العنصر فى حياتك بسبب الإهمال الروحى. 2- وسائل أشباع الروح أ- الصلاة : الصلاة هى الحبل السِرى - بكسر السين - الذى من خلاله نتصل بالرب سراً ولا رقيب. وهى أيضاً الحبل السُرى - بضم السين - الذى من خلاله ننال الغذاء الروحى من السماء لحظة بلحظة، كالجنين فى بطن أمه. والصلاة تفتح عالم الله علينا، كما تفتح عالمنا على حبه وفعله الإلهى، لذلك فهى الفرصة الأساسية التى فيها يشكلنا الله، ويبنينا، ويقدسنا ويشبعنا. + "الصلاة هى رفع العقل إلى الله" (الأب يوحنا الدمشقى) "الصلاة سلاح عظيم وكنز لا يفرغ، غنى لا يسقط أبداً" (القديس يوحنا ذهبى الفم). + "حينما تصلى ألا تتحدث مع الله؟ أى امتياز هذا" (القديس يوحنا ذهبى الفم). ب- الكتاب المقدس :  "بدون القراءة فى الكتب الإلهية، لا يمكن للذهن أن يدنو من الله" (مارأسحق السريانى).  "فى ناموسه يلهج نهاراً وليلاً" (مز 2:1).  "والهذيذ فى الشريعة لا يعنى قراءة كلماتها أو تلاوتها، بل يتسع إلى تتميم أحكامها بالتقوى" (الأسقف ايلارى).  "ليكن لك محبة بلا شبع لتلاوة المزامير لأنها غذاء الروح" (مارأسحق السريانى).  "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4:4).  "وجد كلامك فأكلته فكان كلامك لى لفرح ولبهجة قلبى" (أر 16:15). الكتاب المقدس هو بالحقيقة مائدة دسمة، فيها تشبع أرواحنا وحواسنا، وتستريح نفوسنا، فقراءة الكتاب بإنتظام وحرارة قدام المسيح، فإذا كان السيد المسيح هو الكلمة الذاتية، فالكتاب هو الكلمة المكتوبة لخلاصنا، أنه ببساطة: السيد المسيح متكلماً!! ج- الأفخارستيا : لقد أعطانا الرب جسده ودمه ذبيحة يومية على مائدته المقدسة، لكى كل من يأكل منه يحيا إلى الأبد. إنه - خبز الحياة النازل من السماء - واهباً حياة للعالم، "مأكل حق ومشرب حق". + "من يأكلنى يحيا بى"، "يثبت فىّ وأنا فيه" (يو 48:6-57). من هنا تدعونا الكنيسة إلى الأغتذاء اليومى من هذا السر المبارك، الذى من خلاله نتحد : أ- بالسيد المسيح. ب- بالقديسين. ج- بأخوتنا المؤمنين. د- ونصلى من أجل العالم كله. د- القراءات الروحية : القراءة فى الكتب الروحية أساسية للشبع الروحى، لذلك أوصى الآباء القديسون أولادهم بها... أنت مخلوق إلهى، فوق التراب والمادة، وإتجاهك نحو الخلود والأبدية، فأنتبه خشية أن يضمر هذا العنصر فى حياتك بسبب الإهمال الروحى.  "أتعب نفسك فى قراءة الكتب، فهى تخلصك من النجاسة" (القديس الأنبا أنطونيوس).  "كن مداوماً، لذكر سير القديسين، كيما تأكلك غيرة أعمالهم" (القديس موسى الأسود).  "كتبى هى شكل (سيرة) الذين كانوا قبلى، أما إن أردت القراءة ففى كلام الله أقرأ" (القديس أنطونيوس). لهذا أوصى الآباء بأن نكرم القراءة كما نكرم الصلاة، حيث أنهما تكملان إحداهما الأخرى... ونحن نشكر الله من أجل فيض الكتب والمجلات والنبذات الروحية التى أعطاها الرب لنا فى هذه الأيام. هـ- الإجتماعات الروحية : يوصينا الرسول بولس أن لا نترك إجتماعاتنا، بل أن نحرص على الحضور، لما فى ذلك من بركة روحية وتعليمية هامة..  "غير تاركين إجتماعنا كما لقوم عادة" (عب 25:10)..  "حينما تجتمعون معاً ليس هو لأجل عشاء الرب" (1كو 20:11)، يقصد الأغابى التى تسبق القداس الإلهى، أى العشاء معاً فى المساء، قبل تسبيح نصف الليل..  "متى إجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور له تعليم.." (الإجتماعات التعليمية).. (1كو 26:14). والإجتماعات الروحية تحقق أهدافاً كثيرة... فهى مثلاً : أ- تعطى التعاليم الأساسية للخلاص.. "هلك شعبى من عدم المعرفة" (هو 6:4). ب- تشبع نفوسنا روحياً بكلمة الله. ج- تحمينا من إنحرافات الفكر وحيل الشيطان. د- ترد على أية مطاعن فى إيماننا المسيحى القويم. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
23 أغسطس 2021

ضد المسيح في الكتاب المقدس

من هو ضد المسيح وما هي أوصافه: ويجيبنا الوحي الإلهي على هذا السؤال في كل من العهدين القديم الجديد ؛ 1 - يقول الوحي الإلهي في رسالتي القديس يوحنا الأولي والثانية " أيها الأولاد إنها الساعة الأخيرة. وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار ألان أضداد للمسيح كثيرون. من هنا نعلم إنها الساعة الأخيرة. منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا 000 من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح. هذا هو ضد المسيح الذي ينكر الأب والابن " (1يو18: 2،22)." وكل روح لا يعترف بيسوع (المسيح انه جاء في الجسد) فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم انه يأتي والآني هو في العالم " (1يو4: 3)." لأنه قد دخل إلى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتيا في الجسد. هذا المضل والضد للمسيح " (2يو7: 1).ويقول السيد المسيح وهو يشرح لتلاميذه علامات مجيئه " فأن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين " (مت5: 24؛مر6: 13؛ لو8: 21)، " لأنه سيقوم مسحاء كذبه وأنبياء كذبه ويعطون آيات كثيرة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا " (مت24: 24؛مر 22: 13).وقال للكهنة والكتبة والفريسيين " أنا قد أتيت باسم أبى ولستم تقبلونني أن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه " (يو5: 43). إذا " ضد المسيح هو: " كذاب ومضل ومخادع " وينكر أن يسوع هو المسيح، وهذا ما فعله اليهود.وهو الآخر أو البديل أو الضد والكذاب الذي سيأتي باسم نفسه ويزعم أنه المسيح الحقيقي ومع ذلك سيقبله اليهود على الرغم من رفضهم للمسيح الحقيقي الذي أتى باسم الاب وسلطانه!! كما أنه ينكر التجسد وان المسيح قد جاء في الجسد أو هو الله وقد ظهر في الجسد، وهذا ينطبق علي الفكر اليهودي الذي رفض التجسد وأعتبر أقوال المسيح الدالة على لاهوته وبنوته للآب ومساواته له ووحدته في الذات الإلهية من قبيل التجديف!! بل وقد أدت به عدة مرات للرجم ثم للموت (أنظر يو 5؛ 33: 10 ؛ مر62: 14-64). كما ينطبق على كل فكر رافض لعقيدة التجسد ولاهوت المسيح علي مر العصور. كما يشير السيد المسيح إلي شخصيات معينه، أفراد، غالبا من اليهود، سيدّعي كل واحد منهم انه المسيح. وهذا حدث فعلا في تاريخ اليهود وسيتكرر حتى يأتي الشخص الذي سيصدقه اليهود فعلا ويتصوروا انه المسيح. كما يتكلم القديس يوحنا عن أضداد كثيرين للسيد المسيح مرتبطين بالساعة الأخيرة ومع ذلك فقد خرج بعضهم في أيامه وكانوا مرتدين على المسيحية وخارجين عليها " منا خرجوا "، مما يعنى أن هناك أضداد كثيرين سيظهرون على مر التاريخ حتى يأتي الضد الرئيسي، الكذاب والدجال، الذي سيزعم أنه المسيح والذي يصفه السيد المسيح بالآخر. 2 - وفي حديث القديس بولس بالروح القدس يتكلم عن هذا الشخص المحدد والمعين والذي يسميه بإنسان الخطية الأثيم والمخادع وابن الهلاك والمقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إله والذي تتجسم فيه كل أوصاف المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة الذين تحدث عنهم السيد المسيح، وضد المسيح في رسالتي القديس يوحنا الثانية والثالثة، والذي تظهر صورته بوضوح أكثر في وحش سفر الرؤيا. هذا الأثيم، ضد المسيح، المسيح الكذاب والدجال، إنسان الخطية وابن الهلاك الذي سيسبق مجيئه وظهوره المجيء الثاني للسيد المسيح مباشرة ويتخذ لنفسه الكثير من صفات المسيح وألقابه فيصف نفسه بصفات الله ويزعم أنه إله، بل ويرفع نفسه على الله!! ويعمل آيات كاذبة وعجائب كاذبة وذلك بمساعدة القوي الشيطانية، وسيخدع الهالكين لإتباعه، وستكون نهايته بعمل المسيح مباشرة في مجيئه الثاني، يقول الوحي الإلهي: " ثم نسألكم أيها الاخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا إليه، أن لا تتزعزعوا سريعا عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منا أي أن يوم المسيح قد حضر. لا يخدعنكم أحد على طريقة ما لأنه لا يأتي أن لم يأت الارتداد أولا ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلها أو معبودا حتى انه يجلس في هيكل الله كإله مظهرا نفسه انه اله. أما تذكرون أنى وأنا بعد عندكم كنت أقول لكم هذا. والآن تعلمون ما يحجز حتى يستعلن في وقته، لان سر الإثم الآن يعمل فقط إلي أن يرفع من الوسط الذي يحجز الآن وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه، الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا " (2تس1: 2-10). 3 - أما في سفر الرؤيا فقد اخذ الوحش، الذي هو أداة الشيطان وعميله وضد المسيح، أسوأ ما في صفات الإمبراطوريات السابقة للإمبراطورية الرومانية ؛ شراسة النمر ولونه وافتراسه، وفم الدب وشراهته وميله لسفك الدماء، وقوة وتصلب الأسد وتكبره. ومع ذلك فله كل ضعف الإنسان حيث أن رقمه هو " 666 " والذي يعنى النقص المركب " يقول القديس يوحنا وهو في الروح: " ثم وقفت على رمل البحر فرأيت وحشا طالعا من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى قرونه عشرة تيجان وعلى رؤوسه اسم تجديف. والوحش الذي رايته كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطانا عظيما. ورأيت واحدا من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي وتعجبت كل الأرض وراء الوحش. وسجدوا للتنين الذي أعطى السلطان للوحش وسجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش من يستطيع أن يحاربه، وأعطى فما يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطى سلطانا أن يفعل اثنين وأربعين شهرا، ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على اسمه وعلى مسكنه وعلى الساكنين في السماء. وأعطي أن يصنع حربا مع القديسين ويغلبهم وأعطى سلطانا على كل قبيلة ولسان وأمة، فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم في سفر حياة الخروف الذي ذبح 000 ويجعل الجميع الصغار والكبار والأغنياء والفقراء والأحرار والعبيد تصنع لهم سمة على يدهم اليمنى أو على جبهتهم وأن لا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع ألا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه. هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش فانه عدد إنسان وعدده ست مئة وستة وستون"(رؤ1: 13-18).وقد درس العلماء رقم " 666 "، عدد الوحش الذي يقول الروح القدس أنه " عدد إنسان " على أساسين ؛ الأول: هو حساب القيمة العددية لكل حرف في أي اسم، لأن اللغات العبرية واليونانية والرومانية ليس بها أرقام وإنما تستخدم حروف تمثل هذه الأرقام حيث يمثل حرف A في اليونانية والرومانية رقم (1) وحرف В رقم (2) وهكذا وعلى سبيل تكوّن حروف كلمة لاتينوس Lateinos سواء في اللاتينية أو اليونانية رقم (666)، كما نرى في الشكل المجاور، وهكذا كلمة Neroفي اللاتينية واليونانية، ومن ثم فقد قيل أن المقصود بالوحش هو الإمبراطور الروماني " نيرون "، خاصة أن كلمة Neron Caesar في العبرية هي Qsrnron نيرون قيصر ويكوّن أجمالي عدد حروفها (100+60+200+50+200+6+50=666). ولكن هذا العدد ينطبق على أسماء كثيرة مثل نابليون وكرومويل ومارتن لوثر وبعض باباوات الفاتيكان!! والأساس الثاني: هو دراسة العدد (666) من جهة المعنى الرمزي لكل رقم حيث يمثل رقم (6) الإنسان في نقصه، كما يقول الروح " فانه عدد إنسان "، كما يمثل الديانة الزائفة بالمقابلة مع رقم (7) الذي يمثل الكمال، وتكرار رقم (6) ؛ (666)، يعنى النقص الإنساني المركب للوحش، المسيح الكذاب، ضد المسيح، وضعفه وعجزه بالمقابلة مع كمال المسيح المطلق الذي كان مجرباً " في كل شيء مثلنا بلا خطية " (عب4: 15)، وسلطانه المطلق على الكون وقدرته على كل شئ. 4 - أما سفر دانيال (ص 7) فيصف ضد المسيح الخارج من فروع الإمبراطورية الرومانية العشرة بقوله " بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جدا وله أسنان من حديد كبيرة أكل وسحق وداس الباقي برجليه وكان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله وله عشرة قرون. كنت متأملا بالقرون وإذا بقرن آخر صغير طلع بينها وقلعت ثلاثة من القرون الأولى من قدامه وإذا بعيون كعيون الإنسان في هذا القرن وفم متكلم بعظائم 000 كنت انظر حينئذ من اجل صوت الكلمات العظيمة التي تكلم بها القرن كنت أرى إلي أن قتل الحيوان وهلك جسمه ودفع لوقيد النار 000 هذا القرن له عيون وفم متكلم بعظائم ومنظره اشد من رفقائه. وكنت انظر وإذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم، حتى جاء القديم الأيام وأعطى الدين لقديسي العلي وبلغ الوقت فامتلك القديسون المملكة 000 ويتكلم بكلام ضد العلي ويبلي قديسي العلي ويظن انه يغير الأوقات والسنة ويسلمون ليده إلي زمان وأزمنة ونصف زمان. فيجلس الدين وينزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا إلي المنتهى " (دا8: 7-11،21-25). 5 - ويصف سفر دانيال (ص 8) ما فعلة الملك السوري أنتيوخس ابيفانس (175 - 164 ق م) القرن الصغير (حرفيا قرن من الصغر) الخارج من أحد أفرع الإمبراطورية اليونانية الأربعة والذي دنس الهيكل ووضع فيه رجسة الخراب وأبطل المحرقة الدائمة مدة ثلاث سنين ونصف، وأقام العبادة الوثنية ووضع تمثال للوثن جوبيتر في قدس الأقداس ومنعهم من حفظ السبت والاحتفال بأعيادهم مدة ثلاث سنين ونصف وقتل منهم الآلاف وسبى الآلاف وصار نموذجا مصغرا لضد المسيح، ووصفه علماء الكتاب المقدس بضد المسيح العهد القديم: " وتعظم حتى إلي جند السماوات وطرح بعضا من الجند والنجوم إلي الأرض وداسهم. وحتى إلي رئيس الجند تعظم وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن مقدسه، وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح 000 وفي أخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل، وتعظم قوته ولكن ليس بقوته يهلك عجبا وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين. وبحذاقته ينجح أيضا المكر في يده ويتعظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر " (دا10: 8-12،23-25). 6 - ويعود دانيال النبي للحديث ثانية عن ضد المسيح الآتي في آخر الأيام ويذكر نفس الصفات التي ذكرها عنه القديس بولس فيقول: " ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل اله ويتكلم بأمور عجيبة على اله الآلهة وينجح إلي إتمام الغضب لان المقضي به يجرى. ولا يبالي بآلهة آبائه ولا بشهوة النساء وبكل اله لا يبالي لأنه يتعظم على الكل " (دا36: 11،37).وتتفق جميع هذه النبوات في وصف هذا الشخص، المسيح الكذاب والدجال، ضد المسيح، الأثيم أبن الهلاك، إنسان الخطية، المجدف على الله ومدعى الألوهية، الوحش الخارج من البحر والمعطى لنفسه لقب المسيح وصفات الله. ويتضح لنا ذلك بوضوح في مقارنة نبوات دانيال مع إعلانات العهد الجديد: القرن الصغير في دانيال ص 7 والوحش في رؤيا ص 13 (1) يخرج القرن من أحد ممالك الإمبراطورية الرومانية العشرة، ويمثل الوحش الإمبراطورية الرومانية ذاتها (د 71: 8،24 ؛ رؤ 13: 2). (2) سيحكم كل منهم مده رمزيه عبارة عن ثلاث سنوات ونصف، مذكورة في سفر دانيال ﺑ " زمان وزمانين ونصف "، وفي رؤيا ﺑ " اثنين والأربعين شهرا "، (دا7: 25 ؛ رؤ 13: 5). (3) كل منهم سيغلب القديسين ويذلهم لفترة (دا 7: 21؛ رؤ 13: 10). (4)كل منهم سيبلي قديسي العلي (د 71: 15؛ رؤ 12: 13؛ 13: 12). (5) كل منهم سيجدف علي الله العلي ويتكلم بكلام ضده (د71: 25 ؛ رؤ 13: 5،6)0 (6) وكل منهم سيهزم ويباد في المجيء الثاني للسيد المسيح (د71: 11؛ رؤ19: 20). القرن الصغير في سفر دانيال ص8 وإنسان الخطية في 2 تسالونيكي والوحش في سفر الرؤيا ؛ كان ضد المسيح الذي جاء في القرن الثاني ق. م صوره مصغرة كما سنري لما سيفعله ضد المسيح السابق للمجيء الثاني والدينونة في المستقبل، فهو دائما وفي كل عصر ضد أولاد الله وعدوهم الروحي وسيفعل في مجيئه النهائي قبل الدينونة ما سبق إن فعله كل ضد للمسيح علي مدي العصور، خاصة في القرن الثاني ق. م. واكثر بكثير، فقد كان القديم صوره مجسمه ومصغرة للثاني ورمزا له. وهذا ما تبينه المقارنة التالية: (1) كل منهما غزا كثيرا (د 8: 9 ؛ رؤ 13: 4). (2) كل منهم سوف يمجد ذاته (د 81: 11 ؛ 2 تس 2: 4 رؤ 13: 5). (3) كل منهما سيكون سيدا للخديعة (د71: 25 ؛ 2 تس 2: 10). (4) كل منهما سيدنس الهيكل (د81: 11 ؛ متي 24: 15). (5) كل منهما سيقدم برنامج سلام كاذب (د81: 25 ؛ 1تس 5: 2،3). (6) كل منهما سيأخذ قوته من الشيطان (دا 8: 24 ؛ رؤ 13: 2). (7) كل منهما سيحارب القديسين حوالي ثلاث سنوات ونصف(د81: 14 ؛ رؤ 13: 5). (8) كل منهم سيجدف ضد الله (د81: 25؛ 2 تس 2ك 4؛ رؤ 13: 5). (9) كل منهم سيدمره الله تماما (د 81: 25 ؛ 2تس 2: 7 ؛ رؤ: 19: 19، 20). (10) كل منهما سيكره أولاد الله (د1 8: 25 ؛ رؤ 12: 13). كما تتجمع في ملك الشمال في دانيال ص 11 معظم صفات ضد المسيح سواء التي جاءت في نبوتي دانيال ص 7و8 وما جاء عن ضد المسيح في العهد الجيد أيضا. فهو سيدنس هيكل الله ويغوي أولاد الله ويحاول أن يضلهم بالتملقات والغواية، ويعثر بعضهم إلي الميعاد، ويرتفع علي كل إله ويجدف ضد الله. ثم يبلغ نهايته علي يد الله ولن يوجد من يعينه. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطر عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد
19 يوليو 2019

التعب فى الخدمة

كل واحد سيأخذ أجرته بحسب ـعبه ( 1كو8:3) و لسنا نقصد هنا تعب العالم الباطل ، بل التعب لأجل الملكوت. أما تعب العالم الباطل ، فهو يشبه تعب سليمان في أمور الرفاهية و الغني ، حيث قال بعد ذلك " ثم التفت أنا إلي كل أعمالي التي عملتها يداي ، و إلي التعب الذي تعبته في عمله ، فإذا الكل باطل و قبض الريح ، و لا منفعة تحت الشمس " ( جا 2 : 11 ) . أما التعب الذي تتعبه لأجل الله ، فهو تعبك من أجل خلاص نفسك ، و من أجل بناء الملكوت .و سوف نركز الآن علي هذا التعب في الخدمة إن كل تعب تتعبه من أجل الله ، هو محفوظ لك في ملكوته بقدر ما تتعب هنا ، ترتاح في الأبدية . و بقدر ما تحتمل هنا سوف تتنعم هناك . و كما قال أيوب الصديق " هناك يستريح المتعبون " (أي 3 : 17 ) . و بحسب تعبك لأجل الله : علي الأرض يحسن مستواك الروحي ، و في الأبدية يحسن مصيرك . و هؤلاء الذين تعبوا في بناء ملكوته " يستريحون من أتعابهم ، و اعمالهم تتبعهم " ( رؤ 14 : 13 ) . و ما أجمل قول القديس بولس الرسول عن التعب في الخدمة :" إذن يا أخوتي الأحباء ، كونوا راسخين غير متزعزعين ، مكثرين في عمل الرب كل حين ، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب " ( 1 كو 15 : 58 ) .ذلك " لأن الله ليس بظالم حتي ينسي عملكم و تعب المحبة الذي أظهرتموها نحو إسمه ، إذ قد خدمتم القديسين و تخدمونهم " ( عب 6 : 10 ) . نعم ، هؤلاء سوف يستقبلهم الرب بعبارته المعزية " تعالوا إلي يا جميع المتعبين و الثقيلي الأحمال ، و أنا أريحكم " ( مت 11 : 28 ) . أريحكم ليس علي الأرض فقط ، بل في السماء أيضاً . علي الأرض ترتاح ضمائركم و قلوبكم . و في السماء ترتاح ارواحكم ... قال بولس الرسول عن عمله في الخدمة " أنا غرست ، و أبولس سقي و الغارس و الساقي هما واحد .و لكن كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه " ( 1 كو 3 : 6 ، 8 ) إن الأنصبة في الملكوت ليست واحدة فكما يقول الرسول " لأن نجما يمتاز عن نجم فى المجد "( 1كو 15 : 41 ) ومادام الله سوف يجازى كل واحد بحسب عمله " ( مت 16 : 27 ) إذن عليك أن تبذل كل جهدك فى خدمة الله ،أنت هنا على الأرض ، عالما أن الله يرقب عملك ويحسب لك كل تعبك 0 كما قال لملاك كنيسة أفسس " أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك 00 وقد إحتملت ولك صبر ، وتعبت من أجل إسمى ولم تكل " ( رؤ 2 : 2 ، 3 ) إن تعبك يدل على مقدار محبتك لك وملكوته فالذى يحب الله ، لا يسمح أن يعطى لنفسه راحة ، بل يجاهد حتى يوصل كل إنسان إلى قلب الله 0 كما قيل عن داود النبى ونذره لإله يعقوب " إنى لا ادخل إلى مسكن بيتى ، ولا أصعد على سرير فراشى ، ولا أعطى لعينى نوما ، ولا لأجفانى نعاسا 00 إلى أن أجد موضعا للرب ، ومسكنا للإله يعقوب " ( مز 132 : 2 – 5 ) فاسأل نفسك : ماهو مقدارتعبك من أجل الرب ؟ هوذا بولس الرسول الذى تعب أكثر من جميع الرسل ( 1كو 15 : 10 ) يشرح لنا بعضا من أتعابه فىالخدمة ، فيقول : فى الأتعاب أكثر ، فى الضربات أوفر ، في السجون أكثر ، في الميتات مراراً كثيرة . من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة . ثلاث مرات ضربت بالعصي مرة رجمت بأسفار مراراً كثيرة ، بأخطار سيول ، بأخطار لصوص ، باخطار من جنسي بأخطار من الأمم ، بأخطار في المدينة ، بأخطار في البحر ، بأخطار من أخوة كذبة . في تعب و كد ، في اسهار مراراً كثيرة . في جوع و عطش في برد و عري . عدا ما هو دون ذلك : التراكم علي كل يوم ، الإهتمام بجميع الكنائس " ( 2 كو 11 : 23 – 28 ) و أنت يا أخي ، ما هو تعبك في الخدمة ، إذا قورن بكل هذا ؟ أعرف أن كل ما تتعبه في خدمة ، مسجل لك في سفر الحياة حينما تفتح السفار في يوم الدينونة ، و حينما تكشف كل الأعمال ، ستجد كل ما عملته مسجلاً لك حتي كأس الماء البارد الذي تقدمه لأجل الله ، هذا أيضاً لا يضيع أجره ( مت 10 : 42 ) كل خطوة تخطوها إلي الكنيسة ، أو في إفتقاد إنسان ، هذه أيضاً محسوبة لك ، تنال أجرها في الملكوت كل حبة عرق تسكبها ، كل كلمة تعزية تقولها .. كل ذلك مسجل لك في سفر الحياة لا تقل أنا تعبان في الخدمة ، و لا يشعر بي أحد !كلا ، فإن الله يقول لك تلك العبارة التي كررها لكل ملاك من ملائكة الكنائس السبع : " أنا عارف أعمالك " ( رؤ 2 ، 3 ) . حتي إن لم تجد تقديراً علي الأرض ، ستجد كل التقدير في السماء . و الأعمال المخفاة سوف تظهر ، و تنال عليها أجراً أكبر بل صدقني ، حتي أتعابك التي قد نسيتها أنت ، هي نسيتها أنت ، هي محفوظة عند الله . إنه يذكرها لك ،لن ينساها . و سوف يقول لك في ذلك اليوم ، ، مع كل أخوتك الذين تعبوا مثلك و خدموا : " تعالوا يا مباركي الرب . رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم " ( مت 25 : 34 ) إن الله لا يمكن أن ينسي تعبك و خدمتك . بل أقول إنه حتي الرسل لم ينسوا أبداً الذين تعبوا معه في الخدمة . هوذا بولس الرسول يقول في رسالته لأهل رومه " سلموا علي مريم التي تعبت لأجلنا كثيراً سلموا علي تريفينا و تريفوسا التاعبتين في الرب . سلموا علي برسيس المحبوبة التي تعبت كثيراً في الرب " ( رو 16 : 6 ، 12 ) . و عندما أرسل إلي تلميذه تيموثاوس ، أوصاه أن يقيم اعتباراً حسناً ، فليحسبوا أهلاً لكرامة مضاعفة ، و لاسيما الذين يتعبون في الكلمة و التعليم " ( 1 تي 5 : 17 ) فإن كان الرسول يذكر الذين تعبوا ، فكم بالأكثر يذكرهم الله لذلك لا تفكر أبداً أن تعطي نفسك راحة في خدمتك . بل اتعب في تحضير الدروس و في الإطلاع ،و اتعب في الإفتقاد و في حل مشاكل الناس . و اصبر في إحتمال المقاومات التي تصادفك في الخدمة ن و لا تترك خدمتك بسببها . اتعب في إعادة الشاردين من الله الرافضين التوبة ، و كما قال الرسول " خلصوا البعض بالخوف ، مختطفين من النار " ( يه 23 ) . و اذكر قول الكتاب :" من رد خاطئاً عن ضلال طريقه ، يخلص نفساً من الموت ، و يستر كثرة من الخطايا " ( يع 5 : 20 ) حقاً إن النفس الثمينة التي مات المسيح لأجلها ، تستحق منك أن تبذل كل تعب في سبيل خلاصها . لذلك جاهد و لا تيأس ، حتي إن تأخر ثمر تعبك في الظهور . استمر . لا تترك غيرك يتعب ، و أن تدخل علي تعبه ( يوم 4 : 38 ) . بل اشترك في التعب ، اياً كان الجهد الذي تبذله و لا تقف لتتفرج علي الذين يتعبون . فملكوت الله ليس للمتفرجين إنما الملكوت للذين يتعبون في بنائه . تأمل كيف تعب القديس اثناسيوس الرسولي في حفظ الإيمان و في مقاومة الأربوسيين ، حتي أنه نفي عن كرسيه أربع مرات . و تأمل كيف تعب بولس الرسول ، و استطاع أن يقول أخيراً : "جاهدت الجهاد الحسن ، أكملت السعي ، حفظت الإيمان . و أخيراً قد وضع لي إكليل البر" ( 2 تي 4 : 7 ) تأمل أيضاً كيف تعب نحميا كثيراً يبني سور أورشليم . و كيف لاقي مقاومات ، و صبر عليها حتي أكمله عمله و اعلم أنك في خدمتك ، سيشترك الله معك . و لن يتركك تتعب وحدك و نحن نصلي في الكنيسة و نقول للرب " اشترك في العمل مع عبيدك " . و القديس بولس الرسول يقول عن نفسه و عن أبولس " نحن عاملان مع الله " ( 1 كو 3 : 9 ) إن الله باستمرار يعين خدامه في خدمتهم : يعمل معهم ، و يعمل فيهم ، و يعمل بهم . لذلك في خدمتك ، حاول أن تكون مجرد اَلة في يد الله يعمل بها . وصل في قلبك هذا المزمور :"إن لم يبن الرب البيت ،فباطلاً تعب البناءون "(مز127 : 1) لذلك فالخدمة تحتاج أيضاً إلي تعب في الصلاة لأجلها ،لكي يتولاها الله بعنايته ، و لكي تشعر بيد الله فيها . لأنك ربما تفكر أن التعب في الخدمة ، هو مجرد تعب ذراعك البشري . كلا . فقد قال الرب " بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئاً " ( يو 15 : 5 ) . لذلك جاهد في أن تشرك الله معك في الخدمة ن بصلوات ، باصوام ، بمطانيات ، بصراع مع الله و حذار من أن تبحث عن الخدمات السهلة ، أو تدخل إلي الخدمة من الباب الواسع ! ذلك لأن كثيرين من الذين لا يحبون التعب في الخدمة ، يهربون من الخدمات التي تحتاج غلي جهد كبير ن أو التي تصادفها بعض المشاكل ! و لا يقبلون إلا الخدمة السهلة . و قد يبررون المر ببعض كلمات تواضع ! كأن ييقول الشخص " أنا أصغر من هذا الأمر . أنا لم أصل إلي مستوي هذه الخدمة . أنا ليست لي مواهب " و الرب يرفض كل هذه الإعتذرارت . و قال لأرميا " لا تقل إني ولد . لأنك إلي كل من أرسلك إليه تذهب ، و تتكلم بكل ما اَمرك به " ( أر 1 ك 7 ) الخدمة الصعبة تظهر فيها يد الله ، كما يظهر فيها بذل الإنسان و تعبه كما تظهر فيها محبته للملكوت ، و محبته لخلاص الناس ، و عدم إهتمامه بنفسه و براحته ، و استعداده لحمل الصليب في الخدمة ، و عدم تذمره علي الضيقات في الخدمة و مثل هذه الخدمة لها أجر كبير . و هي التي دعا إليها الرب تلاميذه ، حينما قال لهم " ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب " ( مت 10 : 16 ) و لم يهرب تلاميذ الرب من خدمه كهذه :نعم ، خير لنا أن نتعب لكي يستريح الناس لا أن نستريح نحن ، و نتركهم يتعبون . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
23 سبتمبر 2019

قوة الصليب

مكرمة جدًا علامة صليب يسوع المسيح الملك، إلهنا الحقيقي، فأضحت عنوان الشرف والفخار، بل صارت قوة لسحق الشيطان، وعمل المعجزات والخلاص من التجارب، وحصنًا للمؤمنين، وتعنى بذلك القديسون، وآباء الكنيسة في مختلف العصورأنه لمدهش بالحق، وغير مدرك، كيف أن قوة المسيحتحل في رسم الصليب لإطفاء الحريق وطرد الشياطين، وتسكين الآلام وشفاء المرضى وفى هذا الفصل سوف نرى عينات من اختبارات آباء الكنيسة، التي تؤكد فاعلية الصليب وقوته على الشياطين وشفاء المرضى، وعلى الطبيعة، والمادة وإطفاء النار والموت والحياة وقد انتصر به القديسون على الأعداء وكان مرشدًا وحارسًا لهم فأعطى قوة للمجاهدين، وأضاء قلب غير المؤمنين فآمنوا بالسيد المسيح المصلوب على الصليب، وصار مصدر إيمان لهم. قوة الصليب على طرد الشياطين وإخماد قوة الشهوة أ) القديس باسيليوس يخلص شابًا اتحد به الشيطان: ارتبط الشيطان بشاب قلبًا ونفسًا، وأحب فتاة مسيحية، ولم يستطع أبواها إقناعها بتركه، فاعتمدا على الصلاة وسكبا دموعًا أمام الله ليتراءف عليها فاستجاب السيد المسيح لصلاتهما وأيقظ عقل الشابة، وأظهر لها أن الشاب الذي هوته غير مسيحي إذ لم تره قد دخل البيعة مدة إقامتها معه، ولا تناول من الأسرار المقدسة، ولا رشم نفسه بعلامة الصليب. فبكت وندمت ولما علم الشاب ذلك منها أنكر. فقالت له إن كنت أنت مسيحيًا، وما تقوله حق، فادخل معي الكنيسة، وتناول من الأسرار أمامي. ولما ألحت عليه، أخبرها بأنه عندما أراد أن يجذب قلبها إليه، ذهب إلى أحد السحرة الكفرة، وكتب له ورقة، وأمره أن يذهب بها إلى القبوروهناك ظهر له الشيطان، ووعده أن يعطيه أمنيته على أن يكفر بالمسيح كتابة. فأجاب طلبه فأتحد به الشيطان قلبًا وعقلًا. فلما علمت الشابة بإقراره، بكت على نفسها، وأسرعت إلى القديس باسيليوس وأعلمته بما جرى أن الشاب مشتاقًا أن يعود للإيمان فرشمه القديس بالصليب، وأبقاه عنده، ورسم له صلاة ليصليها مدة أربعين يومًا وفى نهاية المدة دعا القديس رهبانالدير، وكان يرشم الغلام بالصليب والجميع يصلون يا رب أرحم. واستمروا يصرخون يا رب أرحم حتى سقطت الورقة، وقرأها على الشعب وبارك الشاب، وناوله من الأسرار المقدسة وسلمه لزوجته. ب) القديسة أوفيمية تطرد شيطانًا أتاها بزى ملاك. ثابرت القديسة أوفيمية بعد وفاة زوجها، على الاهتمام بعمل الصدقات الكثيرة، في أعياد تذكار الملاك ميخائيل، ووالدة الإله، والميلاد المجيد في كل شهر. حسدها الشيطان، وأتاها في شكل راهب، وجعل يحدثها ويؤكد لها أنه مشفق عليها ثم أشار عليها أن تتزوج لترزق أولادًا وأن لا تعمل صدقات لئلا ينفذ مالها.فأجابته إنني قد قطعت عهدًا مع نفسي بأن لا ألتصق برجل بعد زوجي.. فتركها الشيطان غاضبًا. ولما أتى عيد الملاك ميخائيل، وقد اهتمت بما يلزم كعادتها ظهر لها الشيطان في زى ملاك، وأعطاها السلام قائلًا: أنه الملاك ميخائيل أرسله الله إليها يأمرها أن تترك الصدقات وتتزوج برجل مؤمن فأجابته قائلة: إن كنت ملاك الله فأين الصليب علامة جنديتك؟ فلما سمع منها هذا الكلام، عاد إلى شكله الأول وتبخر مثل الدخان. ج) القديس بلامون يطرد شيطان الشهوة. ظهر الشيطان للقديس بلامون في شكل امرأة، وأخذ يغريه على الزواج ذاكرًا بعض رجال العهد القديم الذين كانوا متزوجين ومع ذلك كانوا أبرارًا. ولكن القديس عرفه أنه الشيطان فرسم على نفسه علامة الصليب، وصلى إلى الرب فتحول الشيطان إلى دخان وغاب. د) الأنبا أغاثو العمودي يطرد شياطين ظهروا بزى قديسين. ظهرت الشياطين للأنبا أغاثو العمودي في زى ملائكة، يرتلون ترتيلًا حسنًا ويعطونه الطوبى. فعرف مكرهم بقوة السيد المسيح، وصلب عليهم فانصرفوا مهزومين. ه) القديسة مارينا تربط الشيطان بعلامة الصليب المجيد بعد ما عذب الوالي مارينا بعذابات قاسية، ظهر لها الشيطان وقال لها: "يا مارينا لو أطعت الوالي كان أصلح لك، فإنه رجل قاسى ويريد أن يمحوا اسمك من على الأرض". فعرفت أنه شيطان. وفى الحال أمسكته من شعر رأسه، وأخذت مرزبة من حديد وبدأت تضربه وتقول له "كف عنى يا شيطان" ثم ربطته بعلامة الصليب المجيد أن لا يبرح من أمامها حتى يعرفها جميع ما يعمله بالبشريين وبعدما عرَّفها طردته القديسة. ولما رآها الوالي تعجب كثيرًاإن الشياطين ترتعب من منظر الصليب، وحتى من مجرد رشمه باليد، لأن السيد المسيح له المجد انتصر على الشيطان وكل قواته على الصليب، وجردهم فصارت علامة الصليب تذكيرًا لهم بالفضيحة. مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق عن كتاب رؤية كنسيّة آبائية الصليب في المسيحية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل