المقالات

18 يوليو 2025

مختارات حلو الكلام

1- المستقبل هو لهؤلاء الذين يعتقدون في جمال أحلامهم. 2- أنا أعتقد أن لكل إنسان فرادته وغالبًا لا أحد يكون مثله (مايكل سيشنكر). 3- في الدنيا قلوب عديدة منها قلب مشروح/ مجروح/ مذبوح/ غريق/ منقوع/ مفجوع/ سقيم/ عليل/ فياض/ جياش/ مضرور/ مسرور/ حريق/ سحيق/ رقيق/… 4- القديسون ليسوا أناسًا بلا خطية، بل أناسًا جاهدوا ضد الخطية (أبونا بيشوي كامل). 5- كما أن الخبز قوام الجسد، كذلك أقوال الله قوام النفس وحياتها (القديس أمبروسيوس). 6- يموت البخيل من الجوع ويموت أبناؤه من بعده بالتخمة (برنارد شو). 7- الفقير يشتري الجريدة والغني يشتري رئيس التحرير. 8- التجاهل هو أبسط شيء تفعله عندما تتزاحم التفاهات حولك. 9- الخلاف الطويل يعني كلا الطرفين على خطأ (مارتن لوثر كنج). 10- يفكر الوطني في الأجيال القادمة، والسياسي يفكر في الانتخابات القادمة. 11- أب واحد خير من عشرة معلمين. 12- شيئان يدمران الإنسان: الانشغال بالماضي والانشغال بالآخرين. 13- إن نقطة التحول في حياتي كانت يوم أغلقت أمي التلفاز وأجبرتني على القراءة (كارسون: أشهر جراح مخ في العالم). 14- من عمل بيده فهو عامل. ومن عمل بيده وعقله فهو صانع. ومن عمل بيده وعقله وقلبه فهو فنان (بيتهوفن). 15- يمكن لأي أحمق أن يعرف، فالصعوبة تكمن في الفهم لا المعرفة (أينشتاين). 16- الثقة بالنفس أول مستلزمات الأعمال العظيمة. 17- من أسباب الهيبة قلة الكلام، ومن أسباب الجمال كثرة الابتسامة، فكن جميلاً ذا هيبة. 18- إما أن تكتب شيئًا يستحق القراءة أو أن تفعل شيئًا يستحق الكتابة. 19- العيون تنسى من رأت ولكن القلوب لا تنسى من أحبت. 20- العقل مصباح محمول على الرأس؛ البعض يحمله مضيئًا والبعض الآخر يتركه مطفأً. 21- لطف الكلمات يخلق الثقة، ولطف التفكير يحل كل صعوبة، ولطف العطاء يخلق الحب. 22- الاعتدال والعمل هما أفضل أطباء الإنسان. 23- بدون المحبة الحقيقية يفقد الإنسان عظمته (ق. يوحنا كاسيان). 24- الله لم يدعُنا لكي نثبت ذواتنا، وإنما أن نبذل ذواتنا لأجل الآخرين (الأم تريزا). 25- البعض تعيش معه عمرًا لا تذكر منه لحظة، والبعض تعيش معه لحظة تذكرها طوال العمر. 26- بعض الناس مثل الكتاب تجد فيهم الحكمة والخير الكثير، وبعضهم لا تجد فيه إلا جمال صورة الغلاف. 27- الحياة مرة؛ هل قرأتها بالضمة أو بالفتحة؟ قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
17 يوليو 2025

بدعة نسطور

عظات نسطور التى أظهر فيها هرطقته وجد نسطور أنه من اللازم إلقاء عظة ثانية للتو حتى يحذّر، كما قال، من كانوا حاضرين ضد تقديم الإكرام الزائد لمريم، وضد الرأى الذى يقول أن كلمة الله (اللوغوس) يمكن أن يولد مرتين (مرة أزلياً من الآب والمرة الثانية من مريم). فقال (نسطور) إن ذاك الذى يقول ببساطة أن الله مولود من مريم يجعل من العقيدة المسيحية سخرة للوثنيين، لأن الوثنيون سوف يجاوبون "لا أستطيع أن أعبد إلهاً يولد ويموت ويدفن"... هل أقيم الكلمة من الأموات؟ وإذا كان معطى الحياة (اللوغوس) قد مات، من يمكنه أن يعطى الحياة إذاً؟ إن سر الألوهة يجب أن يعبّر عنه بالأسلوب التالى: "أن الكلمة الذى سكن فى هيكل شكَّله (كوَّنه) الروح القدس هو شئ والهيكل نفسه المختلف عن الله الساكن فيه هو آخر" فى خطاب آخر ألقى بعد ذلك ضد بروكلوس؛ شرح أنه يستطيع أن يسمح بتعبير ثيئوتوكوس qeotokoV إذا فهم بالصواب، ولكنه أجبر على معارضته لأن كلاً من الأريوسيين والأبوليناريين حموا أنفسهم وراءه. إن لم يتم التمييز بين الطبيعتين بما يكفى، فإن أريوسياً قد يأخذ كل نصوص الأسفار هذه التى تشير إلى الضعة والمذلة tapeinwsiV (تابينوسيس) التى كانت للمسيح كإنسان، مثل عدم معرفته وغيره، ويحوله إلى طبيعته الإلهية ليثبت بها نظريته فى أن الابن أقل من الآب. علاوة على ذلك فإن نسطور ينسب لأولئك الذين يستخدمون لقب ثيؤتوكوس qeotokoV الرأى بأن اللاهوت، من وجهة نظرهم، بدأ أولاً خلال مريم، وهذا بالطبع لم يؤكده أحد، وأنه تجنباً لهذا الرأى يقترح بدلاً من عبارة "الله ولد من مريم" أن يسمح بعبارة "الله مر من خلال مريم" هناك مقتطفات لعظة أخرى موجهة كليةً ضد تبادل الخواص communicatio idiomatum (أى تبادل الألقاب الإلهية والإنسانية للسيد المسيح فى مقابل خواصه الإنسانية والإلهية) وبالتحديد ضد عبارة "تألّم الكلمة"، ولكن يبقى خطابه الرابع ضد بروكلوس هو الأكثر أهمية ويحوى الكلمات التالية: "إنهم يدعون اللاهوت معطى الحياة قابلاً للموت، ويتجاسرون على إنزال اللوغوس إلى مستوى خرافات المسرح، كما لو كان (كطفل) ملفوفاً بخرق ثم بعد ذلك يموت.. لم يقتل بيلاطس اللاهوت - إنما حُلة اللاهوت. ولم يكن اللوغوس هو الذى لف بثوب كتّانى بواسطة يوسف الرامى... لم يمت واهب الحياة لأنه من الذى سوف يقيمه إذاً إذا مات.. ولكى يصنع مرضاة البشر اتخذ المسيح شخص الطبيعة الخاطئة (البشرية).. أنا أعبد هذا الإنسان (الرجل) مع اللاهوت ومثل آلات صلاح الرب.. والثوب الأرجوانى الحى الذى للملك... ذاك الذى تشكَّل فى رحم مريم ليس الله نفسه.. لكن لأن الله سكن فى ذاك الذى اتخذه، إذاً فإن هذا الذى اتُّخِذَ أيضاً يدعى الله بسبب ذاك الذى إتخذه. ليس الله هو الذى تألم لكن الله اتصل بالجسد المصلوب... لذلك سوف ندعو العذراء القديسة ثيئوذوخوس qeodocoV (وعاء الله) وليس ثيئوتوكوسqeotokoV (والدة الإله)، لأن الله الآب وحده هو الثيئوتوكوس، ولكننا سوف نوقّر هذه الطبيعة التى هى حُلة الله مع ذاك الذى إستخدم هذه الحُلة، سوف نفّرق الطبائع ونوحّد الكرامة، سوف نعترف بشخص مزدوج ونعبده كواحد." من كل ما تقدم نرى أن نسطور... بدلاً من أن يوحّد الطبيعة البشرية بالشخص الإلهى، هو دائماً يفترض وحدة الشخص الإنسانى مع اللاهوت... لم يستطع أن يسمو إلى الفكرة المجردة، أو يفكر فى الطبيعة البشرية بدون شخصية، ولا اكتسب فكرة الوحدة التى للطبيعة البشرية مع الشخص الإلهى. لذلك فإنه يقول حتماً أن المسيح إتخذ شخص البشرية الخاطئة، ويستطيع أن يوحِّد اللاهوت بالناسوت فى المسيح خارجياً فقط، لأنه يعتبر الناسوت شخصاً كما هو مبيَّن فى كل الصور والتشبيهات التى يستخدمها. إن اللاهوت يسكن فقط فى الناسوت كما يقول، فالناسوت هو مجرد هيكل وحلة للاهوت، أما اللاهوت فلم يولد من مريم فى نفس الوقت مع الناسوت، ولكنه مرّ فقط خلال مريم. واللاهوت لم يتألم مع الناسوت، ولكنه بقى غير متألم فى الإنسان الذى يقاسى الألم، وهذا لا يكون مستطاعاً إلا إذا كان للطبيعة البشرية مركزاً وشخصية خاصة تملكها. أما إذا كان الشخصى فى المسيح هو اللاهوت، واللاهوت فقط (بمعنى أن شخص المسيح هو نفس شخص كلمة الله)، إذاً، إذا تألم المسيح يجب أن اللاهوت أيضاً يكون قد دخل فى آلامه، والطبيعة البشرية لا يمكن أن تتألم وحدها، لأنه لا يكون لها كيان شخصى خاص. هكذا أيضاً (إذا كان الشخصى فى المسيح هو اللاهوت، واللاهوت فقط) فإن شخص واحد فقط هو الذى يمكن أن يولد من مريم، ولأن الشخصى فى المسيح هو اللاهوت فقط (فى هذه الحالة)، يجب أن يكون هذا قد اشترك فى الميلاد رغم أنه فى ذاته هو غير قابل للميلاد والألم. كتابات نسطور المتأخرة: نسب البعض كتاب "بازار هيراقليدس" Bazar of Heracleides إلى نسطور باعتبار أنه كتبه فى منفاه باسم مستعار. وقد حاول فى هذا الكتاب -كما يبدو- تبرئة نفسه. ولكنه -على العكس-أكّد هرطقته المعروفة فى اعتقاده بأن شخص يسوع المسيح ليس هو نفسه شخص ابن الله الكلمة. أى الاعتقاد باتحاد شخصين اتحاداً خارجياً فقط فى الصورة. وهذا يهدم كل عقيدة الفداء لأن الله الكلمة لا يكون هو هو نفسه الفادى المصلوب مخلّص العالم ولا يصير لكلمات يوحنا الإنجيلى الخالدة "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16) أى معنى. بل كيف يتحقق قول الرب بفم نبيه أشعياء " أنا أنا الرب وليس غيرى مخلّص" (أش43: 11). وفيما يلى النصوص التى نسبت إلى نسطور فى الكتاب المذكور "بازار هراقليدز" Bazar of Heracleides: 1- هما شخصان Two prosopa: شخص ذاك الذى ألبَس وشخص (الآخر) الذى لَبِس. 2- لذلك فإن صورة الله هى التعبير التام عن الله الإنسان. فصورة الله المفهومة من هذا المنطلق يمكن أن نظن أنها الشخص الإلهى. الله سكن فى المسيح وكشف ذاته للبشر من خلاله. مع أن الشخصان Two prosopa هما فى الحقيقة صورة واحدة لله. 3- يجب ألا ننسى أن الطبيعتين يستلزمان أقنومين وشخصين Two persons (prosopons) متحدين فيه بقرض بسيط (simple loan) وتبادل. النسطورية أو تعاليم نسطوريوس بطريرك القسطنطينية ولكن يقول الأنبا إيسوذورس فى الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج 1 ص 483: " ولما أستحوذ على المنصب ورقى إلى هذا المنصب الرفيع، وعظم شأنه سلك الكبرياء والعظمة كل مسلك وأعجب بذاته وكان يوماً ما يعظ فى الكنيسة فوجه خطاباً نحو الإمبراطور ثيودوريوس الثاني وقال له: "، فلم يلبث مدة حتى سقط فى الهرطقة مجدفاً على الكلمة المتجسد فميز الإله عل حدة والإنسان على الأخرى وفصل المسيح إلى طبيعيتين وأقنومين وأستنتج من هذه المقدمات أمرين أحدهما أن العذراء لم تلد سوى الإنسان ولذلك لا يجب أن تلقب بأم الإله والثانى أن الإله لم يولد ولم يتألم ولذلك لا ينبغى أن يقال أن الإله مات ". إنكاره كون السيدة العذراء والدة الإله وابتدأ فيها بإنكار كون السيدة العذراء والدة الإله إذ قال: "إني أعترف موقناً أن كلمة الله هو قبل كل الدهور إلا أني أنكر على القائل بأن مريم والدة الإله فذلك عين البطلان لأنها كانت امرأة والحال أنه من المستحيل أن يولد الله من امرأة ولا أنكر أنها أم السيد المسيح إلا أن الأمومة من حيث الناسوت"، وهو بذلك قسَّم السيد المسيح إلى شخصين (طبيعتين) معتقداً أن الطبيعة الإلهية لم تتحد بالإنسان الكامل وإنما ساعدته في حياته فقط وهذا التفكير قد جرأه على أن يلغى من ترنيمة الثلاث تقديسات الكنسية العبارة الأخيرة (1) ومن المعروف فى التقليد الكنسى أن الثلاث تقديسات هى التى تمجّد الملائكة الرب الإله في ملكوت السموات بترتيل ترنيمة الثلاث تقديسات: "قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ" (إشعياء 6: 3) وقيل أنها تسبحة قديمة ترجع إلى عصر الرسل. قيل أنه نظمها يوسف الرامي ونيقوديموس عند تطييب جسد السيد المسيح إذ ظهر لهما ملاك يسبح المصلوب عند دفنه قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت، الذي ولد من العذراء (2)،ويؤكد الأنبا إيسوزوروس (3) إلغاء نسطور عبارة من الثلاثة تقديسات " الذي ولد من العذراء " فيقول: " قرأت ذلك فى كتاب قديم موجود الآن فى البطريركية مكتوب عليه كعبة أمانة آبائنا السريان كان موجود عند السعيد الذكر عريان بك تادرس " بداية الإنشقاق فى القسطنطينة كان الشقاق لا يزال مستحكماً في العاصمة بين أتباع آريوس وأتباع أبوليناريوس. وكان من الطبيعي أن يشترك في الجدل بين هذين المعسكرين بعض الكهنة والشمامسة الأرثوذكسيين. ويستدل مما جاء في بعض المراجع الأولية، أن كاهنا أنطاكياً من ناحية نسطوريوس يدعى انستاسيوس تدخل في الجدل القائم وقال أن مريم بشر وكبشر لا يمكنها أن تلد إلهاً ولذا فإنه لا يجوز القول عنها أنها والدة الإله Theotokos. وتضيف هذه المراجع نفسها أن نسطوريوس أبى أن يلوم انستاسيوس وأنه تحاشى هو بدوره استعمال التعبير "والدة الإله". وجاء في مخلفات المجمع المسكوني الثالث أن دوروثيوس أسقف مركيانوبوليس حرم استعمال الاصطلاح "والدة الإله" وأن نسطوريوس سكت عن هذا التحريم ولم يقطع دوروثيوس من الشركة. المرجع التاريخى لتعبير أم الإله والاصطلاح -الإيمان ب- "والدة الله" قديم العهد فيما يظهر. فالكسندروس الإسكندري استعمله بدون تلكف وغريغوريوس النزينزي لعن من لا يعتبر مريم أم الله ورأى نسطوريوس أن هذا الاصطلاح لم يرد في الأسفار المقدسة وأن الآباء لم يستعملوه في نيقية. وذكر القول النيقاوي "ابن الله تجسد من الروح القدس ومريم العذراء" فرأى في هذا اعترافاً بطبيعتين، طبيعة ابن الله المساوي للآب في الجوهر وطبيعة الإنسان المولود من العذراء. فرأى في الاصطلاح "والدة الإله" خلطاً بين اللاهوت والناسوت. واقترح القول "والدة المسيح". اللاهوت والناسوت: علَّمت الكنيسة منذ البدء أن مخلصنا الوحيد إله كامل وإنسان كامل رب واحد لمجد الله الآب. فقام آريوس وأنكر على الكنيسة الاعتقاد بطبيعة لاهوت الكلمة المتأنس فعقد المجمع المسكوني الأول وحكمت عليه وعلى تعليمه وقررت حقيقة كمال لاهوت المخلص. ثم قام أبوليناريوس وقال بنقص في طبيعة المسيح البشرية فعلَّم أن اللاهوت في المسيح قام مقام العقل في الإنسان. فعقدت الكنيسة المجمع المسكوني الثاني وحكمت على ابوليناريوس وقررت حقيقة كمال ناسوت المخلص ولما لم تقم الكنيسة بتحديد هذا الفرق بعبارات مضبوطة تشير فيها وجه العلاقة بين الطبيعتين الإلهية والبشرية ووجه الإتحاد بين اللاهوت والناسوت فى المسيح. فأدى هذا إلى تفاوت في فهم التعبير ونشأ عنه اختلاف في العليم وخصام ونزاع أفضى فيما بعد إلى الانشقاق النسطوري والأوطاخي. 1- رفض عقيدة الإتحاد حسب الطبيعة كاتا فيزن أي رفض الإتحاد بين اللاهوت والناسوت. 2- إعتبار أن العلاقة بين اللاهوت والناسوت هي إتصال Conjoining وليس اتحاد Union. 3- إعتبار أن الكلمة ابن الله، وأن يسوع هو ابن العذراء مريم. والتعليم بابنين وأقنومين (إبن الله – إبن الإنسان). 4- اعتبار أن الانسان يسوع مختار من الكلمة وقد أنعم عليه الله الكلمة بكرامته وألقابه ولذلك نعبده معه بعبادة واحدة. 5- يرفض تسمية السيدة العذراء والدة الإله ويسميها " أم المسيح ".... يرفض " ثيئوتوكوس " وينادي ب " خرستوطوكوس " (والدة المسيح الإنسان) ويقصد بالمسيح الثاني وليس المسيح الأول لأنه يعلم بمسيحين. 6- إن الله ليس هو الفادي: وبالتاي يفقد الفداء قيمته وفاعليته ولا محدوديته!! وعن هذا نقول أنه إذا لم يكن يسوع المسيح هو هو نفسه الله الكلمة فما قيمة صلب يسوع المسيح؟ لقد قال القديس بولس الرسول أن: " يسوع المسيح هو هو امساً واليوم إلى الأبد " (عب 13: 8) وقال الرب في سفر إشعياء " أنا أنا الرب وليس غيري مخلص " (أش 43: 11). 7- رفض الاتحاد الأقنومي (Hypostatic Union) ذلك لأن نسطور قد جعل في المسيح أقنومين منفصلين ومتمايزين فكما أنه رفض الوحدة بحسب الطبيعة هكذا رفض الوحدة بحسب الأقنوم، وإعتبر أن الكلمة قد إتخذ شخصاً من البشر وإتصل به في وحدة خارجية بحسب الشخص الخارجي أو الهيئة، التي هي في نظره صورة الله التي إتحدت بصورة الإنسان يسوع المسيح الذي سكن فيه الكلمة ووحده بكرامته وأسبغ عليه بألقابه وتعليم كيرلس يقول أنه لا يوجد شخص بشري إتحد به أقنوم الكلمة، وأن كلمة الله بحسب ألوهيته هو غير متألم ولكن إبن الله تألم بالجسد أو حسب الجسد جاء بشخصه أي أن آلام الجسد هي آلامه هو. وهكذا نسب إلى شخصه الآلام والموت دخوله إلى المجد معناه أن يتمجد جسده بمجد اللاهوت السيد المسيح اخفى مجده إلى القايمة ومن بعدها الصعود وهكذا يدخل المسيح من مجد إلى مجد قال القديس اثناسيوس في رسالته إلى إبكتيتوس: " يا للعجب أن كلمة الله المتجسد هو في آن واحد متألم وغير قابل للألم ". وقال أيضا في نفس الرسالة " لقد جاء الكلمة في شخصه الخاص " وقال في الفصل التاسع من كتاب تجسد الكلمة: " إن كلمة الله إذ لم يكن قادرا أن يموت أخذ جسداً قابلاً للموت، لكي باتحاده بالكلمة الذي هو فوق الكل يصير جديراً أن يموت نيابة عن الكل " بالاتحاد بكلمة الله غير المحدود صار الجسد المحدود يموت نيابة عن الكل.... نقل كلمة الله إليه (أي إلى الجسد) الجدارة أو الإستحقاق. وما يخص الجسد ننسبه إلى كلمة الله مثل الميلاد والآلام. إننا ننسب غير المحدودية إلى الذبيحة على الصليب، لأن الإستحقاقات الأدبية للكلمة تخص هذه الذبيحة. الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة تجمع خصائص الطبيعتين بغير امتزاج ولم تنهدم خصائص الطبيعتين بسبب الاتحاد ولكن كل هذه الخصائص تنسب إلى كلمة الله المتجسد الواحد لسبب إتحاد الطبيعتين إنه اتحاد يفوق الوصف والإدراك ولكنه اتحاد حقيقي لا يمكن أن ينفصل وفي القسمة السريانية نقول: { لاهوته لم ينفصل قط لا عن جسده ولا عن نفسه هكذا نؤمن وهكذا نعترف وهكذا نصدق.. واحد هو عمانوئيل إلهنا وغير منقسم من بعد الاتحاد، وغير منفصل إلى طبيعتين }. وللحديث بقية
المزيد
16 يوليو 2025

الخادم الروحي دائمًا يعمل والخدمة ضرورة موضوعة عليه

الله دائما يعمل، وعلينا أيضا أن نعمل، وفي ذلك قال السيد المسيح له المجد في (يو 5: 17) "أبي يعمل حتى الآن وأنا أيضا أعمل" وهو بهذا يعطينا القدوة الصالحة في العمل الدائم المستمر، العمل بلا انقطاع من أجل ملكوت الله. هذا الذي قال عنه القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: "اكرز بالكلمة، اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب" (2تي 4:2) أي كل حين وهكذا كان السيد المسيح يعمل باستمرار كان يعمل طول اليوم، حتى يميل النهار كما في وعظه قبل معجزة الخمس خبزات والسمكتين، إلى أن"ابتدأ النهار يميل" (لو 9: 12)، ثم أخذ يهتم بعد ذلك بطعامهم الجسداني وكان يعمل بالليل، كما تقابل مع نيقوديموس ليلًا (يو 3: 2)، وكما جاء إلى التلاميذ في الهزيع الرابع من الليل (مت 14: 25)، أو قد يأتي إليهم في الهزيع الثاني أو الثالث (مت 12: 38) أو في نصف الليل وأيضا هو يعمل مادام نهار (يو 9: 4). والسيد المسيح كان يعمل أيضا في كل مكان: كان يعمل وهو ماش في الطريق (لو 19: 1 – 5) كما في هداية زكا وكان يعمل وهو جالس عند البئر كما فعل في هداية المرأة السامرية (يو 4: 6 – 7) ويعمل وهو في بستان جثسيماني مع الثلاثة تلاميذ (مت 26)،ويعمل وهو ماش على الماء كما فعل في تدريب بطرس وفي إنقاذه من الغرق (مت 14: 28 – 31) كان يعمل في البرية ووسط الحقول، وعلى شاطئ النهر وشاطئ البحيرة، وفي البيوت كما في بيت مرثا ومريم (لو 10: 38)،وعلى الجبل كما في عظته المشهورة (مت 5: 1-2) كان يعمل في كل وقت ومكان ومع كل أحد. وكان يلقى بِذاره في كل موضع يلقيها على الأرض الجيدة التي تنتج ثلاثين وستين ومائة، ويلقيها حتى بين الأشواك، وعلى الأرض الحجرية، والتي ليس لها عمق، وعلى الطريق معطيا فرصة لكل أحد.. ويلقى خبزه على وجه المياه ليجد بعد حين (جا 11: 1) وكما قال الرسول عنه كان يجول يصنع خيرا (أع 10: 38). حتى وهو على الصليب كان يعمل: ليس فقط عمل الفداء وهو عمله الأساسي، وإنما عمل أيضًا أعمالًا كثيرة، طلب المغفرة للذين صلبوه (لو 23: 34) وعهد بأمه العذراء إلى يوحنا ليهتم بها ومنح يوحنا بركة أمومة العذراء له (يو 12: 26-27) ومنح اللص التائب بركة الذهاب إلى الفردوس (لو 23: 43) بل كان يعمل خيرا في وقت القبض عليه لأنه أثناء ذلك شفى العبد (ملخس) الذي ضربه بطرس فقطع أذنه (لو 22: 50-51) وأيضا دافع عن تلاميذه فقال للذين قبضوا عليه "دعوا هؤلاء يذهبون" (يو 18: 8) ليتم القول الذي قاله "أن الذين أعطيتني لم أهلك منهم أحدا" (يو 18: 9) وفى أثناء ذلك كله وخلال محاكمته، كان يطلب من أجل بطرس لكي لا يفنى إيمانه (لو 22: 31) والله كثيرا ما يعمل في صمت، ودون أن تطلب الله الذي يحكم للمظلومين، والذي يحفظ الأطفال.. الذي نجى الفتية من أتون النار (دا3) وخلص دانيال من جب الأسود (دا6) وأرسل ملاكه لينقذ بطرس من السجن (أع 12) وأظهر ليوحنا عجائب في الرؤيا ما كان يفكر فيها ولا يطلبها (رؤ 4-5) واختطف بولس إلى السماء الثالثة (2 كو 12) وما كان يفكر في هذا ولا طلبه. وكما يعمل الله باستمرار، ملائكته أيضا تعمل: هؤلاء الذين قال عنهم داود النبي في المزمور "يا ملائكته المقتدرين قوة الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه" (مز 103: 20) وقال عنهم القديس بولس الرسول "أليسوا جميعهم أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1: 14). إنهم يعملون في البشارة ونقل أوامر الله إلى الناس وتنفيذ أمره سواء بالإنقاذ أو العقوبة ويقول الكتاب "ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم" (مز 34: 7). ونحن البشر يريدنا الله أن نعمل، وعملنا على أنواع منه: العمل الجواني. العمل الجواني هو عمل داخل النفس، مع النفس، تحاسبها، تؤدبها، وتصلح ما فيها، وعمل آخر داخل النفس مع الله، عمل حب، مناجاة، مشاعر في ناموسه تلهج النهار والليل كل هذا عمل جواني ولذلك فإن الراهب المنشغل بهذا العمل الجواني يسمونه (الراهب العمال) هناك عمل آخر يمكننا القيام به، وهو عمل المصالحة: وهو عمل روحي، هدفه مصالحة الناس مع الله.. وفي ذلك قال القديس بولس الرسول "وأعطانا خدمة المصالحة.. نسعى كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله" (2 كو 5: 18، 20). عمل في الخدمة نعمله، ونشترك فيه مع الله الله يعمل معنا، ويعمل بنا. وفي ذلك يقول القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زميله أبولوس "نحن عاملان مع الله" (1 كو 3: 9) يشترك روح الله القدوس معنا في العمل، ونصير نحن شركاء الروح القدس ونقول لله في الأوشية "اشترك في العمل مع عبيدك، في كل عمل صالح" لقد قال الرب لتلميذيه: "هلما ورائي فأجعلكما صيادي الناس" (مت 4: 9) معنى هذا أننا نسير وراءه فيجعلنا صيادين وكيف؟ نحن نرمى الشبكة، وهو يدعو السمك للدخول فيها وهكذا يعمل معنا ولا نقوم بالصيد وحدنا فإن بطرس لما عمل في الصيد وحده، بدون المسيح، قال له أخيرا "تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئًا" (لو 5: 5) نعمل مع الله – والله سيرى عملنا وسوف يكافئنا عن كل عملنا أليس هو القائل لكل راع من رعاة الكنائس "أنا عارف أعمالك" (رؤ 2-3) والذي كان له تعب في الخدمة، قال له الرب "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك وقد احتملت ولك صبر، وتعبت من أجل اسمي ولم تكل" (رؤ 2: 2-3) من أجل هذا يقول الرسول "كونوا راسخين غير متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلا في الرب" (1كو 15: 58) "إن الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو اسمه، إذ قد خدمتم القديسين وتخدمونهم" (عب 6: 10) حتى كأس ماء بارد تسقون به أحد هؤلاء الصغار، لا يضيع أجره" (مت 10: 42) حتى الذي يأتي إلى الرب في الساعة الحادية عشرة من النهار ليخدم في كرمه، سيأخذ أجرته كالآخرين هناك كلمة خطيرة أذكرها في وجوب العمل وأهميته، وهي قول الرسول [مَنْ يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل، فتلك خطية له] (يع 4: 17) إذن الخطية ليست فقط في السلبيات، أي في عمل الشر. وإنما أيضا إهمال الإيجابيات، أو عدم عمل الخير هو أيضًا خطية. دفن الوزنة في التراب خطية (مت 25: 24). قد يعتذر إنسان ويقول: أنا لا أعرف أن أخدم!! مثل هذا الإنسان يذكرني بإرميا النبي الذي قال في طفولته للرب "لا أعرف أن أتكلم، لأني ولد" فانتهره الرب وقال له "لا تقل إني ولد لأنك إلى كل من أرسلك إليه تذهب ويذكرني أيضًا بموسى النبي الذي قال "لست أنا صاحب كلام بل أنا ثقيل الفم واللسان" (خر 4: 10). ها أنا أغلف الشفتين" (خر 6: 30) ولم يقبل الله منه كل هذا الاعتذار عن الخدمة إن الله يعرف تماما مقدار ما أعطاك من قدرات يعرف العقل الذي أعطاه لك، ويعرف الوقت الذي منحك إياه، ومقدار المعرفة التي لك، ونوع المواهب، ويعرف الظروف المتاحة لك للخدمة فكيف يمكنك أن تهرب أو تعتذر؟! كيف تهرب من قول (الكتاب) من يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل، فتلك خطية له" والمعروف أن "أجرة الخطية هي موت" (رو 6: 23) إن الله سيحاسبك على كل معرفة وهبك إياها ولم تستخدمها أنه هو القائل "كل من أعطى كثيرا، يطلب منه كثير" (لو 12: 48) فإن قلت "ليست لي مواهب" يقول لك أعمل على قدر ما لك من مواهب على قدر ما أعطيت من وزنات واحدة أو اثنتين أو خمس (مت 25) لكن لا تقف مطلقا في ملكوت الله خاملا بلا عمل!! إذن لماذا خلقك الله وأوجدك؟! ولماذا جعلك عضوًا في جسده؟! هل يوجد عضو بلا عمل؟! إذن لابد أن تعمل، مهما كانت مواهبك محدودة فإن كنت أمينا في هذه المواهب المحدودة، يقول لك "كنت أمينا في القليل، سأقيمك على الكثير" (مت 25: 21) وسيقول لك أيضًا "أدخل إلى فرح سيدك الله لا يهمه القليل أو الكثير، إنما يهمه أن تكون أمينا فيما عندك تعمل في خدمته على قدر طاقتك لكن لا بُد أن تعمل وهو يكمل تقول له "ليس عندي سوى دقائق معدودة في اليوم يقول لك اعمل عملي فيها بأمانة وسأباركها وأجعلها تثمر تقول له ليس معي سوى خمس حصوات في حربي مع جليات!! يقول لك تكفيني منها حصاه واحدة ضعها في مقلاعك، وأنا سأجعلها تصل إلى رأس الجبار والباقي أحتفظ به لأي جليات آخر يقابلك في المستقبل هنا ونتكلم عن صفات العمل الذي يعمله الخادم الروحي: أولا: يجب أن يتصف بالأمانة لأن الرب يقول "ترى من هو الوكيل الأمين الحكيم، الذي يقيمه سيده على عبيده ليعطيهم طعامهم في حينه" (لو 12: 42) وإن سألت عن حدود هذه الأمانة، يقول "كن أمينا إلى الموت، فأعطيك إكليل الحياة" (رؤ 2: 10) إلى الموت، إلى حد بذل الذات، إلى حد الاستشهاد. تكون أمينا في نوعية العمل، وفي كميته، أمينا من جهة الموضوع، ومن جهة الأشخاص مهما كلفتك تلك الأمانة من جهد، ومن ثمن أيضا. 2. ولذلك تعمل عمل الرب بلا رخاوة، بلا كسل لأن الكتاب يقول "ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة" (أر 48: 10) أعمل بكل حماس، وأستخدم الإمكانيات التي عندك مهما كانت قليلة وتذكر أن الله اشتغل بإمكانيات بشرية كانت قليلة أيضا "اختار جُهَّال العالم، وضعفاء العالم، والمزدرى وغير الموجود" (1كو 1: 27-28) واستطاع بها أن يخزي الحكماء والأقوياء اعمل إذن، والله سيعمل فيك ومعك أن حصاة داود التي هزمت سيف ورمح جليات، تذكرنا بأولئك الصيادين الذين وقفوا ضد فلاسفة العالم، وقادة الرومان، وشيوخ اليهود، وكل الكتبة دارسي الناموس المهم أن تعمل، وتستخدم كل إمكانياتك مهما بدت أمامك ضعيفة وثق أن الله يعمل بها. 3. أخدم بروحك وقلبك. ليس كمجرد رسميات. ليس كمجرد واجب عهدت به إليك الكنيسة بل ضع كل قلبك في الخدمة متذكرا قول الرب" يا ابني أعطني قلبك" (أم 23: 26) وهكذا بكل مشاعرك تحب الخدمة وتحب المخدومين، تحب الملكوت وقبل الكل تحب الله الذي تخدمه. 4- ولتكن خدمتك بأسلوب روحي. لأن كثيرين أخذوا مسئوليات ضخمة في الكنيسة وفشلوا لأنهم لم يسلكوا في خدمتهم بأسلوب روحي وإنما سلكوا بأسلوب إداري أو اجتماعي أو عقلاني وتحولت الخدمة عندهم إلى مجرد أنشطة وتحولت الدروس إلى مجرد معلومات أما أنت فلتكن خدمتك بعيدة عن الذات. تقول فيها مع المرتل في المزمور"ليس لنا يا رب ليس لنا. لكن لاسمك القدوس أعط مجدًا" (مز 115: 1). 5 – ولتكن خدمتك مملوءة بالرجاء مهما تأخر الثمر، ومهما قامت عقبات.. لا تفشل إطلاقا. ولا تيأس. بل الق خبزك على وجه المياه. فإنك تجده بعد أيام كثيرة" (جا 11: 1). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي
المزيد
15 يوليو 2025

بالحقيقة نؤمن بإله واحد

وضع معلمنا القدیس بولس الرسول حدًا فلسفیًا ووضحه بقوله"وَأَمَّا الإِیمَانُ فَھُوَ الثِّقَةُ بِمَا یُرْجَى وَالإِیقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى" (عب ۱۱: 1) كأنھا(المواعید والأمور الإیمانیة) قد تمت بالفعل. الإیمان ھبة وعطیة مجانیة من الله: الإیمان الحقیقي ھو إعلان الله للإنسان، ولیس اكتشاف الإنسان لقد أعلن الله للناس عن نفسه وعن خلاص الإنسان، وھناك ارتباط بین إعلان الله عن نفسه وخلاص الإنسان یذكر القدیس كیرلس السكندري شروط المعرفة الحقیقیة والإیمان بقوله [في الواقع أن لا شيء یؤھلنا للنظر في ما یفوق عقلنا وتصوّرنا ما لم یُنِر الله سید الكون بصیرتنا، ویبثنا الحكمة،ویھب لساننا الوسائل الكافیة،ویؤھلنا لأن نُدرك ونفسِّر،على حسب ما في وسعنا، شیئًا من السر الذي یحیط به]. الإنسان ینال الإیمان بالتجاوب مع النعمة یقول القدیس كیرلس: [نعمة كھذه (الإیمان) لیست من نصیب أي إنسان، إنھا من نصیب أولئك الذین یكونون بمعزلٍ عن الأھواء الجسدیة،وبمنحاة من الفساد الأرضي، أولئك الذین صحت أرواحھم فعرفوا أي الفضائل تقود الإنسان إلى التقوى ومثل ھذه الصفات یحثنا علیھا إله الكون قائلاً بصوت داود "كُفُّوا وَاعْلَمُوا أَنِّي أَنَا اللهُ" (مز ٤٦: 10) ویضیف سیدنا یسوع المسیح قائلاً: "طُوبَى لِلأَنْقِیَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّھُمْ یُعَایِنُونَ اللهَّ" (مت ٥: 8) والحال أن الطبیعة العلیا لا یمكن إدراكھا بعیون الجسد، بل بعیون الفكر الداخلیة والسریة التي تثیر في الإنسان شتى مقتضیات الفضُول الدقیقة، ومن خلال رؤى تفوق الحسّ، تلتقط نور الوحي الإلھي] (الرد على یولیانوس). الإیمان لیس ضد العقل بل فوق العقل: یجب أن لا نھمل دور أي من الإیمان أو العقل في الحیاة الروحیة، فالإیمان ھبة من الله، والعقل عطیة منه، لذا فھما صنوان لا یفترقان یقول معلمنا القدیس بطرس الرسول "وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِیحُ ابْنُ اللهِّ الْحَيِّ" (یو ٦: 69) ، ویقول معلمنا داود النبيّ "إِنْسَانٌ فِي كَرَامَةٍ وَلاَ یَفْھَمُ یُشْبِه الْبَھَائِمَ الَّتِي تُبَادُ" (مز ٤۹: 20). الإیمان والعقل ھما بمثابة جناحین یمكن أن یرتقیا بالإنسان إلى تأمل الحقیقة: فاﻟﻠﮫ ھو الذي وضع في قلب الإنسان الرغبة لمعرفة الحقیقة ومعرفته ھو ذاته، حتى إذا ما عرفه وأحبه تمكّن من الوصول إلى حقیقة ذاته یقول ابن كبر: [لا یخفى على أحد أن الشریعة المسیحیة والأمانة الأرثوذكسیة قَبِلَھا المؤمنون، بظھور الآیات وفعل المعجزات الباھرة الفائقة للطبیعة، التي تسمو فوق فكر الملوك والعظماء والفلاسفة والحكماء، التي أجراھا الرب یسوع المسیح له المجد على یدي رسله الأطھار وتلامیذه الأبرار الذین أیدھم بروح قدسه فاقتادوا الأمم بالمعجزات والتقوى وانتشلوھم من الھوى، ولم یكن ذلك بفلسفة عالمیة ولا بمقاییس الحكمة البشریة والإیمان كافٍ لمَن تمسك بأسبابه غیر أنه لما دخل الإیمان العلماء من الأطیاف المختلفة، واتجھوا إلى البحوث النظریة قصدًا للتأكید والتأیید وكشف ما یستتر من براھین الإیمان وكذلك حل الشكوك التي یوردھا الجھال والمعاندون ویثبتون حقیقة الدیانة المسیحیة] (مصباح الظلمة في إیضاح الخدمة، ج ۱). "نؤمن" ولیس "نعرف": لأن الإیمان یسبق المعرفة، إذن فدور الإیمان سابق لدور العقل، ویؤكد ذلك معلمنا القدیس بولس الرسول بقوله "باِلإیِمَانِ نَفْھَم أنَّ الْعَالمَینَ أتُقنِتْ بكِلمِةِ الله،ِ حَتَّى لمَ یَتَكَوَّنْ مَا یرُى مِمَّا ھُوَ ظَاھِرٌ" (عب ۱۱: 3) الإیمان یعطي لحیاتنا معنى وسعادة وصبرًا واستمراریة، وفي نفس الوقت یكشف عن التزاماتنا وتجاوبنا عملیًا مع من نؤمن به كما أن الإیمان یلزم أن یمس حیاتنا، بینما قد تقف المعرفة عند أمور لا تمس حیاتنا العقل یقبل ما یسلمه الإیمان لنا، والإیمان یوصلنا إلى مرحلة أعلى من العقل. القمص بنيامين المحرقى
المزيد
14 يوليو 2025

قيادة الراعي الصالح

السيد المسيح هو الراعي الصالح الذي يهتم بكل القطيع والرعية، ولكل واحد في رعيته موضع اهتمام خاص عنده . وهو يريد ان يضمنا إلى حظيرته، الكنيسة التي تضمّ الحملان الناطقة لتقودهم في قداسة ، وهو كراعٍ صالح يهتم بنا بالأكثر في ضياعنا أو بعدنا عنه ( اى إنسان منكم له مائة خروف وأضاع واحدًا منها . إلا يترك التسعة والتسعين في البريّة ويذهب لأجل الضالّ حتى يجده، وإذا وجده يضعه على منكبيه فرحا ويأتي إلى بيته ويدعو الأصدقاء والجيران قائلا " افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضالّ . أقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بار لا يحتاجون إلى التوبة )لو 15 : 4 – 6 . ان هذا المثل الذي ضربه السيد المسيح يبين لنا أهمية خلاص النفس الواحدة التي تضل، وكيف يسعى لخلاصها . ويفرح الله بعودتها إلى حضنه . سواء ضلّت بسبب جهلها أو عدم حرصها أو بإرادتها الحرة فان المسيح أتى ليحررنا من الخطية والجهل والخوف والموت ( لأنه هكذا قال السيد الربّ هاأنذا اسأل عن غنمي وافتقدها كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه المشتتة . هكذا افتقد غنمي وأخلصها من جميع الأماكن التي تشتت إليها يوم الغيم والضباب . أنا أرعى غنمي واربضها يقول الرب ، واطلب الضالّ واسترد المطرود ،واجبر الكثير واعصب الجريح ) حز 34 : 11- 15 .ان افتقاد الرب العجيب لكل نفس هو مصدر عزاء وتشجيع لكي ما نستجيب إلى نداءاته المتكررة لنا لتبعيته والتلمذة على يديه . وهو قادر ان يداوي أمراض نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا فهو الطبيب الحقيقي الذي يدبر خلاص رعيته . صفات الراعي الصالح ... ان أهم صفات الراعي الصالح ومسئولياته هي السهر على حماية الرعية وتعهدها بالطعام والشراب وحمايتها من الأخطار التي تتهددها . ونحن نرى مخلصنا الصالح يتعهدّنا برعايته وكأننا حدقة عينه . عندما كان شاول يسئ إلى الكنيسة ظهر له المخلّص قائلا ( أنا هو يسوع الذي أنت تضطهده ) اع 9 : 5 " فالذي يضطهد احد رعيته كأنه يؤذيه هو شخصياّ . هو يتحنّن علينا فهو الذي لما رأى الجموع قديما ( تحنّن عليهم إذ كانوا منزعجين ومطروحين كغنم لا راعٍ لها ) مت 9 : 36 هو أمس واليوم والى الأبد يتحنن علينا ويقيم لنا الرعاة الصالحين ويعاتب الرعاة الذين لا يرعون الرعية بإخلاص .( هكذا قال الرب عن الرعاة الذين يرعون شعبي انتم بددتم الغنم وطردتموها ولم تتعهدوها . هاأنذا أعاقبكم على شر إعمالكم يقول الربّ . وأنا اجمع بقية غنمي من جميع الأراضي التي طردتها إليها واردها إلي مرابضها فتثمر وتكثر . وأقيم عليها رعاة يرعونها فلا تخاف بعد ولا ترتعد ، ولا تفقد يقول الرب . ) ار 23 : 2 – 4 لقد افتخر الشعب قديما باعتباره شعب الله وقطيعه المقدس ، الذي يقوده ( ساق مثل الغنم شعبه وقادهم مثل القطيع في البرية وهداهم امنين فلم يجزعوا ) لقد كان فساد الرعاة والرعية وفى ملء الزمان سببا لمجئ الرب متجسدا ليفتقد رعيته ، ويبذل ذاته فداء عنه . إننا بحاجة دائمة لرعاية الراعي الصالح الذي يقودنا في موكب نصرته . قدم لنا المسيح المخلص كلمته غذاء لأرواحنا وإعطانا سر الافخارستيا لكي نأكل ونشرب جسد ودم عمانوئيل إلهنا ونحيا . وأعطانا روحه القدوس مرشداً ومعزيًا . وإعطانا الكنيسة أماً ترعانا كلما اقتربنا من الراعي الصالح ووثقنا فيه وأحببناه واطعناه وعشنا في حمايته ، أحسسنا برعايته حينئذٍ نرتوي بمحبته ونشبع من نعمته فلا نبحث في العالم وشهواته عن آبار مشققه لا تضبط ماء ،غير عالمين ان كل من يشرب من ماء هذا العالم يعطش أيضا . يعرف خاصته ويبذل ذاته .ان الراعي الصالح يعرفنا معرفه لصيقة ويتحد بنا ونصير نحن منتسبين إليه ويدعى اسمه علينا ( وأما أنا فاني الراعي الصالح واعرف خاصتي وخاصتي تعرفني كما ان ألآب يعرفني وأنا اعرف الآب وأنا أضع نفسي عن الخراف ولى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي ان آتي بتلك أيضا فتسمع صوتي وتكون رعيه واحده لراعٍ واحد ) يو 10 : 14 – 16 . نحن ننتسب للمسيح الراعي الصالح، فأصبحنا مسيحيين وهو من محبته ينسب نفسه إلينا ( اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب ) .( وأكون له إلهاً وهو يكون لي ابناً ) رؤ 21 : 7 . انه يعرف مواهبنا وضعفاتنا ويقدر ان يقوّي إيماننا . ( قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك ) ار 1 : 4 . لكن لماذا لا ننمو إذن ونتقدّس كما يجب ؟ أنها حرية الإرادة الممنوحة لنا من الله ان نسلك طريق الخير والحياة أو طريق الشر والموت . فالجهاد القانوني في الطريق الروحي يجب ان يكون بإرادتنا الحرّة . لنعلن حبنا لله لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحقّ .نعبده بالروح والحقّ ، ونحبّه من كل القلب والفكر والنفس . ولماذا ينمو البعض ويتأخر البعض ؟ أنها فرصتنا للمتاجرة في الوزنات الممنوحة لنا من الله فكلما استثمرنا إمكانياتنا وطاقاتنا ومحبتنا لمعرفة الله كلما أعلن عن ذاته اكثر . ان الله يراقب جهادنا كراعٍ صالح لنثبت له اننا نرغب ونعمل بإرادتنا الحرة في طريق الملكوت . الحمل الذي يرفع خطيه العالم .... ان الراعي الصالح هو الحَمَل المذبوح والمصلوب لفداء البشرية ، وهذا ما أعلنه أشعياء النبي ( أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها وهو مجروح لأجل معاصينا ، مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا . كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا . ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاه تساق إلى الذبح وكنعجةٍ صامته أمام جازيها . فلم يفتح فاه وهو حمل خطيه كثيرين وشفع في المذنبين ) اش 53 : 4 – 7 ، 12 هو الراعي والحمل الذي رآه يوحنا المعمدان قادما إليه فصرخ قائلا هوذا حمل الله الذي يرفع خطيه العالم " اننا نعلم انه ( حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة ) 1 بط 2 : 24 .وهذا الخلاص والفداء يعطى الإنسان قيمه ( عالمين إنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضه أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس . دم المسيح ) ا بط 1 : 18 – 19 لهذا يجب ان يكون لنا تقدير لإنسانيتنا واهتمام بخلاصها ومحبه لذلك الذي مات من اجل ان يعطينا حياه أبديه . في السماء تسبحه كل الأمم قائلة ( مستحق هو الخروف المذبوح ان يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة وكل خليقة مما في السماء وعلى الأرض سمعتها قائله للجالس على العرش والخروف البركة والمجد والسلطان إلى ابد الآبدين . ) رؤ 5 : 12 : 13 .ان الراعي الصالح يتسع في حبه لكل احد من كل امَّة ولسان، ومن كل الأعمار والأجناس هو يريد ان يجذبنا له بالمحبة لكي نكون رعيه واحدة لراعٍ واحد . التعلم من الراعي ان الذي يسير مع الراعي الصالح ويختبر رعايته يشيد دائما برعايته ، ويريد ان يتعلم منها . لقد تغنّى داود النبي برعاية الله قديما ( الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء في مراعى الخضر يربضنى . إلى مياه الراحة يوردني . يردُّ نفسي . يهديني إلى سبل البرِّ من اجل اسمه . أيضا ان سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي ) مز 23 : 1 -4 داود النبي الذي رآه الرب أمينا في رعاية الغنم في البرية ، اختاره راعياً لشعبه ونبياً وملكاً وقاضياً ، هكذا نحن أيضا يجب علينا ان نتلّقى الرعاية من الراعي الصالح، ونمنحها بأمانه للذين هم في نطاق رعايتنا . ان المسيح له المجد هو النموذج والمعلم الصالح سواء في شخصه الإلهي أو في صفاته أو في تعاليمه المملوءة محبه وحكمه أو في أسلوب رعايته وهذا ما يترك الأثر الطيّب على نفوس تابعيه والذين يتعلمون منه علينا ان نميِّز صوت الراعي ونعرفه بين أصوات العالم من حولنا وضجيج المدنيّة وتأثيراتها السلبية على النفس البشرية . يجب علينا ان نسير في هدى سير القديسين الذين سبقونا .( ان لم تعرفيني أيتها الجميلة بين النساء فاخرجي على أثار الغنم وارعي جداءك عند مساكن الرعاة ) نش 1 : 8 ان رعيه المسيح تحب كنيسته التي تغذيها بالإسرار والتعاليم فهي أمّنا التي ننمو فيها وكأعضاء في جسد الراعي ، نحب بعضنا بعض ونكون رحومين نحو الأعضاء الضعيفة والصغيرة التي تحتاج إلى الرعاية والاهتمام وكرعية واحده نسير معا في تعاون وانسجام ونبث الدفء الروحيّ في الأعضاء الفاترة والباردة حتى ما تقوى فى الروح .( والآن أيها الأحباء ابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس مصلّيين في الروح القدس واحفظوا أنفسكم في محبه الله ، منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية ، والقادر ان يحفظكم غير عاثرين في الاجتهاد ويوقفكم إمام مجده بلا عيب في الابتهاج . راعيَّ الأمين . . أنت تقودني وترعاني ، في المراعٍي الخضر تربضني ،إلى مياه الراحة توردني ، بأسوار وربط الحب تحميني ،في وادي ظلّ الموت تحملني ،رحمتك تدركني كل الأيام . فاسكن فيك إلى الأبد يا راعي النفوس الآمين اطلب الضّالين ، ردّ المطرودين ، واجبر المنكسرين ،واعصب المجروحين ، واحفظ القائمين ،واحكم بالعدل للمظلومين ، واسمعنا صوتك الآمين يا راعي الرعاة العظيم في قلبك الحنون أنا أقيم . تحملني على كتفيْكَ للنعيم ،وتنتشل رعيتك الضّالة من فم الشيطان الشّرير اجمعنا في حظيرتك بالحب واهدنا بقيادتك في الدرب ،فنحن نريد ان نتبعك من القلب ،ونسير وراءك في حبّ ،فأنت لنا نعم الراعي والأب ،وفيك ومعك وبك يعظم انتصارنا يا رب . القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
13 يوليو 2025

انجيل قداس يوم الأحد الأول من شهر أبيب

تتضمن الحث على سماع كلمة الله مرتبة على قوله تعالى " الذى يسمع منكم يسمع منى( لو ۱۰ : ۱-۲۰ ) إن سيدنا له المجد يعلمنا بانفراده في الجبل في أوقات الصلاة أن نكون ساكنين هادئين في حال صلواتنا وأن تكون تلاوتنا لألفاظ الصلوات بغير قلق ولا طياشة كمن يكون فى الجبال وأن يكون اعتمادنا في الشكر والتسبيح والسؤال والطلب على النفس العاقلة ، لا على تلاوة الالفاظ فقط وأن يكون وقوفنا أمام ربنا بالخوف والاتضاع والوقار وأن يكون طلبنا نعيم الملكوت لا التنعم بالفانيات يا للعجب إن الذين يقفون أمام سلاطين العالم والوزراء والكبراء يوجدون ثابتين كالحجر. صامتين هادئين متأدبين خائفين وجلين ناظرين إلى جهة سلاطينهم ممتثلين لما يصدر عنهم من الأوامر والنواهى مسرعين إلى العمل بها منصتين ومعرضين عن الكلام فيما لا ينبغى سيما إذا حضر الذين يمدحون الملك ويبتدئون بقراءة قصائدهم فإذا سمع أن انساناً يضحك في المجلس أو يهزأ أو يشتغل بالحديث أو لا ينصت للمادحين كما ينبغي. فكم يكون عقابه ؟ وبأى عذاب شديد يعذب ويهان؟ وإذا كان الخوف يوجد فى مجالس الملوك الذين سيموتون فالذين يدخلون إلى بيعة الله ويقفون قدام خالق السلاطين ويسمعون الله يخاطب والملائكة يمجدون والأنبياء يسبحون والرسل يبشرون وهم مع ذلك مهملون معرضون متغافلون وليسوا هم غير ناطقين فقط بل ويتشاغلون بأحديث العالم فيوردون أخبار المتاجر والزراعات والمعاملات وسائر الأقوال الخاسرة فكم من العذاب والعقاب يستأهلون؟ وإذا وجدنا هكذا متغافلين في بيعة الله وسفينة الخلاص وميناء السلامة فكيف إذا خرجنا إلى الاسواق والشوارع وخاضت سفينتنا في البحار العالمية وتلاطمت أمواج المحن والبلايا وهبت علينا رياح التجارب وتراكمت أهوال الشياطين ورمانا عدونا بسهام الشهوات وقاتلنا بعساكر اللذات البدنية كالزنا والتنعم والسكر ومحبة الرئاسات فماذا عساه يكون حالنا وإذا وجدنا هكذا مغلوبين في المدينة المحصنة بالحصون الشامخة والقلاع المنيعة مع وجود الجيوش والآلات والنجدات والذخائر فكيف لا نغلب في بلاد العدو ؟ وإذا كان هذا عملنا في الكنيسة. وهذه فعالنا بعد الخروج منها. فكيف نتضجر من تأديب ربنا ؟ وما بالنا نسخط بحلول الامراض والأمور المحزنة وقيام الظالمين وتشدد المسلطين وحدوث الغلاء وقلة نزول الامطار. وغير ذلك وما بالنا نسارع إلى حصر النكبات والمصائب ونستعظم وقوعها ونتألم لمصادمتها ولا نذكر الأسباب الموجبة لحلولها بنا وإذا علمنا أن النازل بنا من التجارب إنما هو من تأديبب ربنا ، وعقوبة لنا لأجل خطايانا. فكيف لا نبتعد عن ارتكابها ؟ يا للعجب من كوننا نسمع ربنا دائماً يخاطبنا صارخاً نحونا قائلاً " كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم ايضاً بهم " ولا نبادر إليه بالطاعة مسرعين فمن هنا نعلم اننا نحن المخطئون إلى ذواتنا لأننا لو لم نوجد سارقين غاصبين ظالمين لعبيد ربنا لما تسلط علينا الظالمون والغاشمون والخاطفون وأمثال هؤلاء أسمع ايها الحبيب قول الرسول يعقوب " لا يقل أحد إذا جرب إني اجرب من قبل الله لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحداً ولكن كل واحد يجرب إذا أنجذب وأنخدع من شهوته " سفر القضاة يخبرنا عن أدوني بازق أنــه لما هرب من الطالبين له وأدركوه قطعوا أباهم يديه ورجليه فأعترف عند ذلك بعدل الله قائلاً " سبعون ملكا مقطوعة أباهم يديهم وأرجلهم كانوا يلتقطون تحت ابا هم مائدتي. كما فعلت ذلك كذلك جازاني الله" فسبيلنا أن نسارع مقلعين عن خطايانا تائبين عن ذنوبنا لينظر الينا ربنا ويرحمنا له المجد إلى ابد الابدين أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
12 يوليو 2025

المسيحى مكرس عيد الرسل

بسم الاب والابن والروح القدس اله واحد امين فلتحل علينا ورحمته الان وكل اوان والى دهر الدهور كلها امين تعيد الكنيسه احبائي في هذا الصباح المبارك بعيد استشهاد ابائنا الرسل بطرس وبولس و لانهم رموز للاباء الرسل اصبح اليوم عيد للاباء الرسل جميعهم تكريم لهم تذكار لنا بهم لكي يكونوا بالنسبه لنا ليس مجرد اشخاص بل مناهج بالنسبه لنا كنيستنا القبطيه الارثوذكسيه اسمها كنيسه رسوليه معنى كلمه رسوليه تحيا بفكر ومنهج الاباء الرسل معنى انها كنيسه رسوليه انها امتداد لكنيسه الاباء الرسل تعيش بنفس فكرهم ونفس روحهم ونفس منهجهم كنيسه رسوليه ممتده من السيد المسيح الى الأباء الرسل الى عصرنا الحالى في ضمير الكنيسه وفي طقسها ان الاب البطرك يرمز للاباء الرسل لانه هو امتداد للرسل. فتجد ان رقم الاب البطرك 118 معناه انة ال 118 لمار مرقس التسلسل موجود ما زال في ذهننا اننا امتداد لمارمرقس ومار مرقس عينه ربنا يسوع المسيح وكان معاين له وكان عايش فترات طويله ومواقف كتيرة معه احنا اسمنا كنيسه رسوليه لابد ان نعيش في بفكر وروح الاباء الرسل فكر الاباء الرسل لديهم فكر زرعوا فيهم السيد المسيح وعاشوا به واستمروا به لاخر لحظه في حياتهم غالبية الاباء الرسل استشهدوا فكانت ثمره جهاد خدمتهم ختمت بدمائهم لكى تكون علاقة جهادهم وفخرهم لابد ان نكون نحن ايضا لنا نفس المنهج لابد ان تكون لنا الحياة الرسولية لابد ان يكون لنا الفكر الرسولي الشهاده الرسوليه التقوى الرسوليه التخلي الرسولي والترك الرسولي الرسل احبائي مجرد ما تبعوا ربنا يسوع المسيح قالوا له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك وهو ايضا قال لهم انه انا ارسلتكم مثل حملان في وسط ذئاب لا تحملوا مزودا ولا احذيه ولا تسلموا على احد في الطريق واي بيت دخلتموا قولوا اولا سلام لهذا البيت بدأ أن يعطيهم كيف ان يكرزوا و كيف ان يكون ليس لهم بيت او ماوى وكيف ان لا يهتموا بما يأكلون اويشربوا او يلبسوا كلوا من الذي يقدم لكم ما هذه الحياه هل الحياه الرسوليه نحن نعيشها اقول لك ممكن ان نعيشها حتى ولو بدرجات بدلا ما يقول لنا ما يكونش لكم بيت اقول لك عيش في بيت لكن اجعلة بسيط عيش في بيت ولكن ولكن لا يكون قلبك فى البيت وعندما يقول لهم لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض لابد ان تطيع عيش بالالتزامات التي عليك لكن كن مكتفيا وشاكرا وراضيا حياه ابائنا الرسل لو اختصرناها في كلمه نجدها حياه مخصصة للمسيح حياه مكرسة للمسيح على لابد احبائي على كل مسيحى ان يحيا مكرسا من يوم معموديتنا احبائي ونحن علينا الختم الختم علامه الملكيه التخصيص من يوم ما عمدنا احبائي والكنيسه تتعامل معنا على اننا اواني طاهره للمسيح مالكنا من يوم ما عندنا والكنيسة بتتعامل مع كل واحد فينا على انه اناء من الاواني المقدسه الخاصة بالمذبح انتم هياكل الله نفس الميرون الذي يدشن به اواني المذبح هو نفس الميرون الذي يرشم به المؤمنين في ختم المعموديه كل انسان فينا مختوم بختم الميرون علامه تخصيص وتقديسه للة المشكلة عندما نفقد تقديسنا مش لسه هنفكر نحن مكرسين للة ام لا نحن مكرسين بالحقيقه في المعموديه يقول لك احفظهم ان يكونوا اواني طاهره ابناء للنور وارثين للملكوت اجعلهم ان يحفظوا الخاتم بغير سارق والثياب بلا اضمحلال ابونا الكاهن في المعموديه ينفخ في وجهه يقول اقبل الروح القدس وكون اناء مختار طاهرا ليسوع المسيح ملكا كل واحد فيكم اناء طاهر يسوع المسيح ملكنا كل واحد فينا مدهون بالميرون بمعنى انه مخصص ليسوع المسيح ملكنا اذا نحن مكرسين للمسيح هو دعانا لانه مش كل العالم كده لكن نحن المدعوين المدعو له رساله المدعو رساله يعيش بمقتداها وفكراها وحقيقتها مثل الرسل تعيش للمسيح بولس الرسول كان متبتل وبطرس متزوج زوجة معلمنا بطرس الرسول كانت امرأة تقية جدا وكانت سباقة فى اعمال الكرازة والخير وكانت تخدم المسيحين المتهودين وكانت تعرض نفسها لمخاطر كثيره لانها من اشراف واغنياء اليهود وتعرضت لتعذيب وسجن وتعرضت للاستشهاد قبل معلمنا بطرس الرسول زوجه بطرس استشهدت قبل بطرس القديس بطرس حضر استشهاد زوجته القديسه بلوتيلا وكانت انسانه قويه العزم جدا بينما كان ينظر اليها القديس بطرس الرسول ليشددها في الايمان ليثبتها على الاستشهاد كانت هي تثبتة على الايمان وتحسة على الاستشهاد كان بطرس يسند زوجته في طريق الاستشهاد وهي كانت تعده لطريق الاستشهاد كيف ان هذه الفكره تتاصل فينا كيف ان القديس وزوجه القديس بطرس الرسول تصرخ في وسط الموكب اثناء الاستشهاد وتقول للقديس بطرس اشهد لربنا والهنا اكرز به في كل مكان وتقولة ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح وهو يرد عليها ويقول لها ربنا ومخلصنا يسوع المسيح التكريس احبائي لا يتوقف على الزواج او عدم الزواج أو على الشغل او عدم الشغل لا الاباء الرسل كانوا يشتغلوا ومعلمنا بولس الرسول كان عندما وجد ان الناس ممكن يفكروا فى أنفسهم أنهم اصحاب فضل عليه رفض أن ياخذ منهم اى شىء وقال لهم الله لا يريد مالك بل اياك ربنا مش عايز فلوسك عاوزك انت قال لهم نحن لم نطمع في احد لم ناخذ شيئا من احد انتم تعلمون ان حاجتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتين اليدين العرف اليهودي كان لابد ان يعلم ابنه حرفه والذي كان لا يعلم ابنه حرفه كان لابد ان يعلمه كيف ان يكون سارق بعيد عن انه كان دارس فلسفه او علوم لابد من حرفه معلمنا بولس كان لديه حرفه صناعه الخيام رغم انة كان فيلسوف مفكر بولس الرسول لو كان سلك فى مسلكة الحقيقى فى الحياة كان اصبح من مجمع اليهود أو من الولاة أو الحكام ولكنة قال ما كان لى ربحا هذا حسبتة نفايا من اجل فضل معرفة المسيح الذى يعرف المسيح احبائي العالم يصغر في عينه جدا وتهون عليه كل شيء ولا المال ولا العائله ولا الزوجه ولا الاولاد ويصبح المسيح هو الاعلى ويكون عايش من اجله هذه هي احبائي الفكره التي لابد ان نعيش من اجلها لابد ان تسأل نفسك هل انت عايش من أجل المسيح ام من اجل ماذا احبائى لابد ان تعيش للمسيح وبالمسيح يكون لك علاقه بزوجتك واولادك وكل شيء تعمله من خلال المسيح احيانا لا انا بل المسيح يحيا فى فكر التكريس احبائى الذى عاشوا الاباء الرسل والتى تحياة الكنيسة هو ليس فكر خاص بجماعة لا هو فكر خاص بينا جميعنا فكر خاص بينا جميعا لاننا جميعا مدعوين لنعيش هذه الحياه كتير ناس داعيت لهذه الحياه وتراجعوا وياما ناس استمروا كل انسان فينا مدعو ان يعيش هذه الحياه يكملها للكمال لانه قال الذين سبقوا فعرفهم سبق فعينهم برهم ومجدهم ممكن جدا يكون جميعنا مدعون ومعينين لكن لا نكمل الطريق ربنا احبائي مش هو الذي يرجع معنا من الطريق نحن الذين نرجع معه كل انسان فينا احبائي ربنا دخل معه في عهد ودخل معه في وعد وقال له احمل عهدي واحمل وعدي واحمل رسالتي وانا اجعلك نور ومثل ما قال لابونا ابراهيم هتكون مباركا تتبارك فيك جميع قبائل الارض وهم نسل المسيح كل واحد فينا في عيد الاباء الرسل يعيش هذا الحياة الرسولية كيف تشهد للمسيح كيف تنادى علية تعبده في خفاءك قد ايه انت عايش لمين أعيش لنفسى او للمسيح لايصح الخلط بين الاثنين انا والمسيح لا تستمر بل الذي يستمر لا انا بل المسيح مين الاول نحن احبائي نحن الاول في كل شيء كل واحد فينا بيفكر في نفسه قوي ياكل ويشرب ايه ومعك ايه بكره في المسيح كانه عايز يقول له انا هرضيك على الهامش المسيح احبائي عندما يملك على قلب الانسان يستقطبة بالكمال وتكون الحياه مركزها المسيح ومحورها المسيح وكل ما فيها للمسيح عندما اكل يشعر انه اكل مع المسيح وعندما مشى يشعر انه مشى مع المسيح وعندما يشتغل اشتغل مع المسيح المسيح يكون هو الوجود والكيان هو التفكير هو الحاضر الماضي هو كل شيء احبائي الاباء الرسل عاشوا هذه الحياه الذي كان متزوج والذي كان غير متزوج هو عايش للمسيح لا يهمه كيف ان يعيش او كيف ان يكرز لا يخاف شيئا وهو يعلم انه يستشهد معلمنا بولس الرسول كان كل شويه يدخل لمدينه يعرض للخطر كان متوقع ان معلمنا بطرس الرسول ان يموت في اي لحظه عشان كده قال من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح هو يعلم نفسه انه غنم للذبح لكن متى الذبح لا يعلم حتى كان يستغل فرصه وجوده في السجن للكرازه ياتي به الحراس مخصوص كان يتعاملون مع معلمنا بولس الرسول على انهم من المسبيين الخطر المساجين الخطر على امن البلد المساجين الخطر على الحاكم والوالي نفسه وكان الذي يدرس شويه في هذه العصور كان يجد ان الاباء الرسل كان يشكلوا خطر على اقتصاد البلد النقطه الاقتصاديه نقطه تزعج الولاة جدا جاءوا ينادوا بإله اخر غير الاله الذي يعبده وكل الحياه الاقتصاديه قائمه على العباده مواسم واعياد لليهود فهو يلغي في اعياد اليهود والمواسم والاعياد تماثيل كانت المدينه كلها تنقلب عليه كان لا يتبعه الا القليل جدا الذين يريدوا المسيح بعمق بولس كان يهدد امن بلد بأكملها فكان عندما يسجن كان يسكن سجن سياسي سجن خطير جدا كان يعمل له نبطشيه للحراسه يجعله عسكري او مجموعه من العساكر تحرسه كل ست ساعات معلمنا بولس الرسول كان يستغل هذه الفرصه بان الحراس الذين يجلسون معه لحراسته كان يكتب رسائل وعندما يكتب رسائل ويريح شويه يكلمهم عن المسيح في اخر الست ساعات يكون بيوصف البيت الذي به معموديه لكي يعمدوا يجعل الحراس حتى يعتمد والمسيح بداخله حتى وهو داخل السجن وهو مسجون يكرز في صلاه وتسابيح نحن كتير احبائى الظروف ونفوسنا تعطلنا لا تستقيم الحياة فى المسيح ويكون المسيح على الهامش المسيح لابد ان يشغل القلب كله كل الفكر كل المشاعر لابد ان يستقطبك لابد ان انت تشعر لا انت بل المسيح المسيح عايش بداخلك من يوم ما دخلنا المعمودية ونحن بنلبس المسيح انتم الذين قد اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح انت المسيح بداخلك يسير لك فكر المسيح مشاعر المسيح يسير لك كلام المسيح لابد ان تعمل اعمال المسيح مع كل انسان استغل الفرصه انك المسيح انت المسيح فى عملك انت المسيح في بيتك احبائي كلنا مدعوين ان نكون رسل قصد المسيح من حياتنا اننا نملا العالم كرازة نملا العالم نور هل المسيح جاء لان يكون الملكوت مكسور على جماعه معينه لا هو احب العالم وفدى العالم ينقص الذين يؤمنون به كيف يؤمنوا بلا كارز من هو الكارز لابد من ناس ترسل ومن الذي ارسل نحن الذين ارسلنا عشان كده احبائي اقدر اقول في عيد ابائنا الرسل ونحن ننظر لمحبتهم ونرى سيرتهم تملا قلوبنا بالغيره لابد ان تعيش للمسيح فى الخفاء فى بيتك في فكرك فى مذبحك الداخلى فى عقلك وشخصك وكيانك الداخلى تعيش للمسيح فعندما تفعل ذلك سيظهر عليك جدا من الخارج جاهد الجهاد الحسن حفظت الايمان لابد ان يكون هذا منهج لنا وتكون هذه سيرتنا جميعنا ربنا يعطينا بركه ابائنا الرسل وسيرتهم ونكون ماشيين على طريقهم يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولا الهنا المجد الى الابد امين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
10 يوليو 2025

بدعة نسطور

من هو نسطور؟ ميلاده ونشأته في خريف سنة 425 توفي اتيكوس أسقف القسطنطينية وبهذا شغر الكرسى القسطنطينى. فرشح بعض الأكليروس كلٌ من بروكلوس سكرتير اتيكوس وفيليبوس أحد كهنة العاصمة الذى عُرِفَ بشغفه بالآثار وباهتمامه بتاريخ المسيحية. ولكن الشعب آثر سيسينيوس أحد كهنة الضواحي الذي اشتهر بمحبة المسيح وبتواضعه وزهده وعطفه على الفقراء. فتم انتخابه في الثامن والعشرين من شباط سنة 426. ثم اختار الله له ما عنده فاصطفاه لجواره في ليلة عيد الميلاد سنة 427. وعاد كلٌّ من بروكلوس وفيليبوس إلى سابق نشاطهما. ولكن الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني آثر الخروج من هذا الخلاف المحلى بإختيار أحد الذين لا يعرفهم كلا الفريقين وإختيار عن خلف للأسقف المتنيح لسينسينيوس من خارج العاصمة فاتجهت أنظاره نحو أنطاكية، نحو الراهب نسطورويوس رئيس أحد أديارها الذي كان قد اشتهر بفضله وفصاحته.وقد عُرِفَ بشغفه بالآثار وباهتمامه بتاريخ المسيحية، ولم يستطع المؤرخون الاتفاق على أصله أو مكان وزمان ميلاده, ولكن يؤرخ ذلك بالربع الأخير من القرن الرابع, وهناك من يظن انه سوري أو فارسي، وأما بعض النساطرة فيظنون انه من اصل يوناني ويقول الأنبا إيسوذورس فى الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج 1 ص 483: " ولد نسطوريوس في الربع الأخير من القرن الرابع الذى من مرعش (وهى مدينة جرمانيقية، وهى الآن مرعش بشمال سوريا) من أبوين سوريين وفارسيين، وهو ابن عم ثيودوريطس المؤرخ أسقف قورش، ترهبن فى دير مارابروبيوس بجوار أنطاكية Euprepius (أنطاكية تقع في شمال غرب سوريا على ضفاف نهر العاصي قرب مصبه) ".. درس اليونانية ومبادئ العلوم في مرعش ثم انتقل إلى أنطاكية وهناك تشبع بمبادئ مدرسة إنطاكية اللاهوتية, وتتلمذ على يد الفيلسوف العظيم ثيودوروس الموبسيوستي وكذلك أخذ العلوم الدينية وفى أنطاكية. قدم نذر الرهبنة فى دير Euprepius يوبريبيوس في ضواحي أنطاكية. ثم سيم كاهناً على مذابح كنيسة أنطاكية وكلّف بتفسير الأسفار المقدسة لتفوقه في اللغة والأسلوب،من هناك عيّن شماساً ثم قسيساً فى كاتدرائية أنطاكيا. ككاهن، وعظ كثيراً وبقبول ملحوظ، مع تمتعه أيضاً بسمعة كونه ناسكاً صارماً وكثيراً ما أظهر حماساً عظيماً.. ورغبة فى مدح الجموع له خاصة فى عظاته. (11) وسرعان ما حصل على شهرة واسعة كواعظ قدير, كما كان يتسم بأنه رجل مخلص وأمين ويتسم بالتقوى الرهبانية, وروح الحماس المشتعلة ضد كل الهرطقات, وجمال صوته وسمع به من فى القسطنطينية فوقع اختيار السلطات على نسطوريوس، فقام إلى القسطنطينية في أوائل سنة 428.وهذا ما دفع به في عام 428م لينتقل القسطنطينية ليشغل منصب رئيس أساقفتها لأن الإمبراطور ثيودوريوس الثاني قرر أن يختار أجنبيا للجلوس على كرسي القسطنطينية التي كانت تعد بحق وقتها روما الجديدة. وكان الجميع ينتظرون في القسطنطينية منه أن يكون استمرارا ليوحنا فم الذهب، واسترجاع لموقفه العظيم في مواجهة الأريوسية والنوفاتية، وجاء في "أسطورة" سريانية أن نسطوريوس عرّج في طريقه إلى القسطنطينية على معلمه القديم الأسقف ثيودوروس فأقام عنده في موبسوستي يومين كاملين. وأن ثيودوروس شيعه حتى مشهد القديسة تقلا وقال له عند الوداع: "إني أعرفك يا بُني. لم تلد امرأة أشد حماساً منك. فعليك بالاعتدال إن رمت النجاح في معالجة الاختلافات في الرأي". فأجاب نسطورويس: "ولو عشت أنت يا سيد في زمن المسيح لقيل لك وأنت أيضاً ذاهب". نسطور رئيس أساقفة القسطنطينية فور تولي نسطور منصب أسقف القسطنطينية في 10 أبريل/ نيسان 428م أظهر غيرة شديدة في مواجهة أي هرطقة, أظهر إعجاباً عظيماً بعمل الوعظ، حتى انه قال فى عظته الأولى موجهاً كلماته للإمبراطور على مسمع من الجمهور: "هبني بلادا بدون هرطقة, أمنحك السماء بديلا. إستأصل أيها الإمبراطور الهراطقة، وأنا أستأصل معك جنود الفرس وأملكك فوق ذلك جنة الخلد (يقصد الملكوت) ".(12) وبعد ذلك بأيام قليلة اندفع نسطوريوس في سبيل الإيمان القوي فقام بحملة مسعورة ضد الأحزاب والمذاهب والشيع والهرطقات الدينية. وكان أول هجومه جماعة الأريوسيين. فاستصدر أمراً بإغلاق كنيسة الآريوسيين في القسطنطينية في الأسبوع الأول من رئاسته وفي الثلاثين من أيار صدرت أوامر أمبراطورية تستأصل الهرطقة في جميع مظاهرها وأنواعها، فشلمت في حكمها: الآريوسيين والمقدونيين والأبوليناريين والنوفاتيين والأفنوميين والفالنتينيين والمونتانيين والمركيونيين والبوربوريين والمصلّين والأفخيتيين والدوناتيين والبولسيين والمركلوسيين والمانويين والمكدونيين والأربعت عشرية وغيرهم صمم على حرم الأريوسيين من الكنيسة الصغيرة التى كانوا لا يزالون يمتلكونها فى القسطنطينية والتى كانت قد أقفلت، فأمر بإقتياد شعبها الأريوسيين ليشعلوا النار فيها بأنفسهم، والتى بسببها نال نسطور من الهراطقة ومن كثير من الأرثوذكس لقب "حارق متعمد"ونُفِّذت هذه الأوامر بحزم، فأغلقت كنائس هؤلاء المبتدعين وأدى إغلاقها إلى استعمال العنف في بعض الأحيان وإلى خسائر في الأرواح وقام بالعديد من حملات الهدم والحرق فى سبيل تحقيق هدفه كما قام بحرب شعواء ضد بعض العادات والتقاليد المعروفة والمقبولة في المدينة. مثل المسارح والغناء والرقص والملاهي كما هاجم أيضا تطرف الرهبان والأكليروس. بداية البدعة النسطورية فى رسالة ليوحنا أسقف أنطاكية، يؤكد نسطور أنه فى وقت وصوله إلى القسطنطينية وجد خصوماً (متضادين) موجودين فعلاً. لقّب أحد أطرافهم القديسة العذراء بلقب "والدة الإله" وآخر بأنها مجرد "والدة إنسان". وحتى يتم التوسط بينهما قال إنه اقترح عبارة "والدة المسيح" معتقداً أن كلا الطرفين سوف يرضى بها (13)... من ناحية أخرى فإن سقراط يقص أن "الكاهن أنسطاسيوس صديق نسطور، الذى أحضره معه إلى القسطنطينية قد حذَّر سامعيه يوماً ما، فى عظة أنه لا يجب أن يطلق أحد على مريم لقب والدة الإله qeotokoV (ثيئوتوكوس) لأن مريم كانت إنسانة والله لا يمكن أن يولد من إنسان". (14) لقد تدخل نسطور فى النزاع القائم وأراد التوفيق فسقط فى هرطقة ولما كان تعبير والدة الإله تعبيراً مقبولاً شعبياً لتكريم السيدة العذراء فهى أم لامخلص هذا الهجوم على المعتقد القديم والمصطلح الكنسى المقبول حتى ذلك الوقت، قد سبب هياجاً عظيماً وإضطراباً وسط العامة من الشعب الذين يحبون العذراء ويتشفعون بها والإكليروس. وتقدّم نسطور نفسه ودافع عن خطاب صديقه فى عدة عظات. وإتفق أحد الأطراف (المتضادة) معه، وعارضه الأكثرية العظمى من الشعب والإكليروس بما فيهم الأساقفة حيث أنه لم يذهب معه من أساقفته إلا 16 أسقفا إلى مجمع أفسس ولكن يؤكد المؤرخون أن نسطور مع صديقه أنسطاسيوس كانا أول من أثار هذه البدعة. فبعض من عظاته التى لا زالت محفوظة جزئياً هى كافية لتأكيد الخط الهرطوقى الذى تمادى فيه، فقد بدأ بالقول أن مريم لم تلد إلاهاً ومن ثم بنى على هذا الهراء نظرياته الأخرى عن المسيح ذاته وعلاقة الكلمة بالجسد فى السيد المسيح. ففى خطبته الأولى هتف بعاطفة "إنهم يسألون إن كان من الممكن أن تدعى مريم والدة الإله. لكن هل لله أم إذاً؟ فى هذه الحالة يجب أن نعذر الوثنية التى تكلمت عن أمهّات للآلهة، لكن بولس لم يكن كاذباً حينما قال عن لاهوت المسيح (عب7: 3) أنه بلا أب، بلا أم، بلا نسب. (+) لا يا أصدقائى لم تحمل مريم الله.. المخلوق لم يحمل الخالق إنما حملت الإنسان الذى هو أداة اللاهوت. لم يضع الروح القدس الكلمة، لكنه أمد له من العذراء المطوبة، بهيكل حتى يمكنه سكناه.. أنا أكرِّم هذه الحُلة التى استفاد منها من أجل ذاك الذى احتجب فى داخلها ولم ينفصل عنها.. أنا أفرِّق الطبائع وأوحِّد التوقير. تبصَّر فى معنى هذا الكلام. فإن ذاك الذى تشكّل فى رحم مريم لم يكن الله نفسه لكن الله إتخذه.. وبسبب ذاك الذى إتَّخَذَ فإن المُتَّخَذْ أيضاً يدعى الله." (15) أما خطبته الثانية فتبدأ بتعبير لاذع ضد أسلافه، كما لو أنه لم يكن لديهم الوقت لقيادة الناس نحو معرفة أعمق بالله. ومن هنا يتحول ثانية إلى موضوعه الرئيسى أن المسيح له طبيعة مزدوجة وكرامة موحَّدة. فيقول: "حينما تتكلم الأسفار المقدسة عن ميلاد المسيح أو موته فهى لا تدعوه الله أبداً بل المسيح أو يسوع أو الرب... مريم إذاً يمكن أن تدعى خريستوتوكوس CristotokoV (والدة المسيح) وحملت ابن الله بقدر ما حملت الإنسان، الذى بسبب اتحاده (يقصد اتحاد فى الكرامة وليس فى الطبيعة كما سبق أن ذكر فى خطابه الأول.) بابن الله (بالمعنى الخاص) يمكن أن يدعى إبن الله (بالمعنى الأوسع). وبنفس الطريقة يمكن أن يقال أن إبن الله مات وليس أن الله مات.. إذن فلنحفظ اتصال الطبيعتين fusewn thrwmen sunafeian الغير مختلط ولنعترف بالله فى الإنسان وبسبب هذا الإتصال الإلهى نوقر ونكرّم الإنسان المعبود مع الله الكلى القدرة." (16) فى خطابه الثالث يقول: "إن الأريوسيين يضعون اللوغوس فقط تحت الآب لكن هؤلاء الناس (الذين يعلِّمون بالثيئوتوكوس qeotokoV ويتكلمون عن ميلاد الله) يضعونه تحت مريم أيضاً، مؤكّدين أنه أحدث منها، ومعطين اللاهوت خالق الكل، أماً زمنية كأصل له. إذاً لم يكن ذاك الذى حملته إنساناً إنما الله الكلمة، إذاً لم تكن هى أم ذاك الذى ولد، لأنه كيف تكون هى أم ذاك الذى له طبيعة مختلفة عنها؟ لكن إن كانت تدعى أمه، إذاً فإن ذاك الذى ولد ليس ذو طبيعة إلهية، لكنه إنسان حيث أن كل أم تحمل من له نفس جوهرها (مادتها). لم يولد الله الكلمة إذاً من مريم، لكنه سكن فى ذاك الذى ولد من مريم." من السهل أن نرى أن نسطور قد تبنّى وجهة نظر معلمه ثيئودور الموبسويستى.. وقد أنذره كثير من كهنته بالإنسحاب من شركته ووعظوا ضده. وصرخ الشعب "لدينا إمبراطوراً، لكن ليس لدينا أسقفاً". والبعض ومنهم علمانيون تكلّموا ضده علناً حينما كان يعظ، وبالأخص شخصاً بإسم يوسابيوس وهو بلا شك نفس الذى صار فيما بعد أسقف دورليم، والذى على الرغم من كونه علمانياً فى ذلك الوقت، إلا أنه كان أول من كانت له نظرة ثاقبة وعارض الهرطقة الجديدة. لهذا السبب استعمل نسطور له ولآخرين لقب "الرجال البؤساء" (17) وإستدعى الشرطة ضدهم، وتم جلدهم وسجنهم، وهؤلاء الآخرين هم بالتحديد بعض الرهبان، الذين وصل إلينا فى أيامنا هذه (المتكلم هنا هو المؤرخ هيفيلى عن المرجع الذى ذكره.) إتهامهم الموجه للإمبراطور ضد نسطور. (18) وفقاً لهذا التقييم للأمر، فإن نسطور لم يجد النزاع قائماً بالفعل فى القسطنطينية، ولكنه. ولقد كان -لكن بطريقة أكثر حذراً- أن دخل بروكلوس أسقف سيزيكوس ضمن القائمة. كان فيما سبق، كاهناً على القسطنطينية، وعين بواسطة البطريرك سيسنيوس أسقفاً لسيزيكوس. لكن سكان تلك المدينة لم يقبلوه، ولذلك استمر يعيش فى القسطنطينية. فبدعوة من نسطور للوعظ فى إحدى أعياد العذراء عام 429 استغل الفرصة ليصف، فى حضوره، الكرامة والوقار الذى لمريم كوالدة الإله فى كثير من العبارات البليغة والمأخوذة من الكتاب المقدس، وليدافع عن العبارة الموضوعة للمساءلة فى أسلوب ماهر (19)... وللحديث بقية
المزيد
09 يوليو 2025

الخادم الروحي الذي يعمل الله به

إن الله يعمل باستمرار من أجل خلاص البشر وهدايتهم.. وهو يعمل من خلال خدامه الروحيين وبواسطتهم. فمن هو الخادم الروحي الذي يعمل الله فيه وبه، ويعمل الله معه؟ إنه الخادم الذي يهتم جدا بأبديته، ولا ينسى نفسه في محيط الخدمة ولا تصبح الخدمة بالنسبة إليه هي كل شيء، وفي سبيلها يضحى حتى بروحياته! والكتاب يعلمنا أهمية وضع خلاص النفس أولا، في قول القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف "لاحظ نفسك والتعليم، وداوم على ذلك فإنك إن فعلت ذلك تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تي 4: 16) وهكذا وضع ملاحظة النفس قبل التعليم، وخلاص نفسك قبل الذين يسمعونك وهذا واضح لأن الخادم المهتم بخلاصه هو الذي يستطيع أن يخلص الآخرين أيضًا والعكس صحيح لأن الخادم الذي لا يهتم بروحياته. لا يمكن أن يقدم الروحيات لغيره، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. كما أن الخدمة هي تعبير عن الحب الذي فيك نحو الله والآخرين والذي يفقد هذا الحب، لا يكون خادمًا. وهناك عبارة أخرى مخيفة نضعها أمامنا في خدمتنا وهي قول القديس بولس الرسول أيضًا: "أخضع جسدي واستعبده، حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" (1كو 9: 27) عجبا هذا القديس العظيم الذي صعد إلى السماء الثالثة (2 كو 12: 2، 4) والذي تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15: 10) وصنع آيات وقوات وعجائب يقول لئلا بعد ما كرزت لآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا!! إن الاهتمام بخلاص النفس شيء هام، وقد دعا إليه الرب في رسائله إلى رعاة الكنائس التي في آسيا ما أعجب قوله لملاك ساردس "إن لك اسمًا أنك حي وأنت ميت"!! ويقول أيضا "كن ساهرا.. وتب. فإني إن لم تسهر، أقدم عليك كلص، ولا تعرف في أي ساعة أقدم عليك" (رؤ 3: 1 – 3) وكذلك يقول لملاك كنيسة لاوديكية "لأنك فاتر ولست باردًا ولا حارًا، أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" (رؤ 3: 16) ويقول لملاك كنيسة أفسس "عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى فأذكر من أين سقطت وتب.. وإلا فإني آتيك عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب" رؤ 1: 4-5) فإن كان الرب قد قال هذا عن الذين دعاهم ملائكة وكواكب، وكانوا في يده اليمنى (رؤ 2: 1) فماذا نقول نحن عن أنفسنا. ألا نهتم بخلاصنا؟! أقول هذا لئلا تتملكنا الكبرياء فنظن أننا حقا خدام. وربما يحاربنا المجد الباطل، لأن لنا أولادا في الخدمة، لنا تلاميذ ولنا فصول، ولنا اسم الكنيسة إننا من جماعة الخدام أو جماعة الكارزين!! والرسول يقول "حتى بعد ما كرزت لآخرين، لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" فإن كان بولس العظيم يحتاج إلى تدقيق وإحتراس وإلى أن يضبط نفسه ويقمع جسده ويستعبده فكم بالأولى نحترس نحن ونهتم بخلاصنا لهذا يحتاج الخادم إلى اتضاع كبير في قلبه لئلا تأخذه الكبرياء، ويظن أنه شيء ويسقط.. صدقوني يا إخوتي، إنني أتعجب كثيرا كلما أتأمل قديسًا عظيمًا مثل بطرس الرسول الذي كان واحدًا من الثلاثة الكبار الذين كان ينفرد بهم السيد المسيح في جلساته الخاصة، والذين قال عنهم القديس بولس الرسول أنهم أعمده الكنيسة (غل 2: 9) بطرس هذا يقول له السيد المسيح "ولكنني طلبت من أجلك لكيلا يفنى إيمانك؟!" (لو 22: 22) يفنى إيمانك؟! ما أخطر هذه العبارة ليتك تقول يا رب "لكيلا يضعف إيمانك"! أما أن عبارة يفنى إيمانك تقال لبطرس الرسول، ويحتاج إلى صلاة من السيد المسيح نفسه، فهذا أمر خطير أو هو درس لنا لنسهر ونحترس نعم نحترس لأن الخطية قيل عنها أنها "طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء" (أم 7: 26) والخادم الروحي يحترس ليس فقط من الخطايا الدقيقة كالهفوات والسهوات، وإنما حتى من النجاسات التي تحارب المبتدئين!! وهو مهما نما في الروحيات يعامل نفسه كمبتدئ، ولا يتحدث عن نفسه كخادم يدرس البعض على يديه إن القديس أرسانيوس الكبير، معلم أولاد الملوك، رجل الوحدة والصمت والصلاة والدموع، يقول عن نفسه "إنني لم أبدأ بعد، هبني يا رب أن أبدأ "ليتنا نتمثل بهذا القديس في خدمتنا. الخادم الروحي ينظر لنفسه كمبتدئ، ليس فقط في الخدمة، بل كمبتدئ أيضا في الحياة الروحية الكلام الذي يقوله في الدرس يرى إنه موجه إلى نفسه هو، قبل أن يوجه إلى تلاميذه وإن وعظ يرى أنه يعظ نفسه والناس. بل يعظ نفسه قبل أن يعظ الناس. إنه لا يظن في نفسه أنه قد بلغ شيئًا، ولا يظن أن الكلام الذي يقوله قد صار حياة عند سامعيه بل يصلي أن يعطيهم الرب نعمة أن يستفيدوا من كلامه، أو يستفيدوا من النعمة التي يعطيهم الرب إياها يصلي أن يعطيهم الرب شيئًا عن طريقه ولا أقول يأخذوا منه، بل يأخذوا عن طريقه، إنه يخلط درسه بالصلاة لكي لا يكون هو وحده الذي يتكلم، بل ليتكلم الرب، ويكون هو أيضًا سامعًا مع تلاميذه. الخادم الروحي لا يحسب نفسه أنه قد صار قديما في الخدمة أو قائدًا أو أمينًا بل يضع أمامه باستمرار قول السيد المسيح: "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا" (يو 15:5) إذن لابد أن يأخذ من الله، لكي يعطي إنه يقول للرب أنا يا رب لا أعرف. لقد أخذوني وجعلوني خادمًا من غير استحقاق ومن غير إعداد بل جعلوني خادمًا وهم لا يعرفون دواخلي ولا ضعفاتي. أنت الذي تعرف. أنا يا رب لم أصل بعد إلى القدوة التي أفيد بها آخرين، ولم أنفذ بعد هذه الوصايا التي أقولها للناس أو التي ينبغي أن أقولها وأخشى أن تنطبق على عبارة: "أيها الطبيب اشف نفسك" (لو 4: 23). الخادم الروحي يلتقي بالله قبل أن يلتقي بالمخدومين. ويقول له: "ليس يا رب من أجل ضعفاتي تمنع نعمتك عن هؤلاء. ليس بسبب أخطائي الشخصية وبعدى عن روحك القدوس. تمنع روحك عن هؤلاء وما ذنبهم؟! ليس من أجلي تعطيهم. بل من أجل محبتك لهم أعطهم من أجل أنك أبوهم من أجل أنه تهمك أبديتهم. من أجل حاجة هؤلاء الصغار إليك أعطهم عن طريقي، أو عن طريق غيري، ليس الخادم هو المهم. إنما المهم أن تعطيهم أعمل في قلوبهم حينما أكلمهم وأعمل في قلوبهم حتى دون أن أكلمهم لتكن خدمتي لهم صلاة إن لم تكن حياة فليست لي حياة، أعطيهم منها قدوة،وليست لي صلاة أعطيهم منها قدرة ولكنني في ضعفي أطلب إليك من أجلهم أطلب أن تعمل أنت فيهم من أجل محبتك لهم أنا لست أحسب أن لي معرفة أقدمها لهم. وحتى إن كان لي، فالمعرفة وحدها لا تكفي ولا تخلص. أمنا حواء كانت لها معرفة بالوصية وسقطت (تك 3: 2-6) المهم هو الروح الموجود في الكلام كما قال السيد الرب "الكلام الذي أقوله لكم هو روح وحياة" (يو 6: 63) إن كانت الخدمة كلاما فما أكثر الكلام.. المهم هو الروح الذي يؤثر ويعطي على قوة العمل والكلام لا يخلص، إن كان منا، أما إن كان من الرب، فكلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح" (عب 4: 12) ووظيفتنا كخدام أن نأخذ من الله كلامًا لكي نعطيه للناس وليس أن نعطيهم من فراغنا. إنما نأخذ ملئا من الله، نفيض به عليهم. وما أجمل قول الإنجيل عن السيد المسيح "ومن ملئه، نحن جميعا أخذنا" (يو 1: 16) الخادم الروحي ليس مجرد بوق يحدث صوتا إنما هو حياة روحية تنتقل إلى الغير. والتلاميذ يأخذون من حياة المدرس من أسلوبه ومعاملاته وسلوكه، ويمتصون منه شيئا كان الكتبة والفريسيون يعلمون وقد جلسوا على كرسي موسى (مت 23: 2) وكان السيد المسيح يعلم، فيبهت الناس من تعليمه لأنه يعلمهم بسلطان (مر 1: 27) كلماته كانت لها قوة وتأثير وسلطان كانت كلمات من نوع آخر، لذلك قالوا ما سمعنا من قبل كلامًا مثل هذا ولما تكلم السيد المسيح عن التناول من جسده ودمه، وتحير البعض وتركوه فقال لتلاميذه: "ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا؟!". أجابه بطرس "يا رب إلى من نذهب. كلام الحياة الأبدية هو عندك" (يو 6: 68) جميلة هذه العبارة "كلام الحياة الأبدية" هذا هو المطلوب من الخادم. يذكرنا بعبارة الملاك الذي قالها لكرنيليوس عن طريق بولس الرسول "وهو يكلمك كلاما به تخلص.." (أع 11: 14) نعم، هذا هو الفرق بين خادم وخادم: أحدهم يقول كلاما، بلا تأثير بلا قوة بلا فاعلية. أما الخادم الروحي فيكلمك كلامًا به تَخْلُص كلاما يغير الحياة كلها، ويشعر سامعه أنه قد نخس في قلبه، كما حدث لليهود في يوم الخمسين حينما سمعوا عظة من بطرس (أع 2: 37). وحينما ينخس في قلبه لا يستطيع أن يرفس مناخس (أع 9: 5) حتى لو قاوم الكلمة حينا، يعود إليها مرة أخرى أو تعود هي إليه. ويجد مناخسًا في قلبه يذكره بها. وهكذا قال الرب عن كلمته: "هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إلى فارغة. بل تعمل ما سررت به، وتنجح فيما أرسلتها له" (أش 55: 11) حقا إن كلمة الرب لا ترجع فارغة إن لم تأت بنتيجة الآن، تأتي بها فيما بعد صدقوني، حتى الكلام الذي قاله الرب ليهوذا الإسخريوطي، لم يرجع فارغا بل ندم يهوذا بعد تسليمه للرب، وأرجع المال الذي أخذه ثمنا له. وقال "أخطأت إذ أسلمت دما بريئا" (مت 27: 4) لكن مشكلته إنه يأس من شدة تأنيب ضميره له، فمضى وخنق نفسه الخادم الروحي ينبغي أن تكون كلمته هي كلمة الرب ولكي يأخذ هذه الكلمة من الله يلزمه أن تكون حياته ثابتة في الله تكون له علاقة بالله، يستطيع بها أن يأخذ منه وتكون له دالة مع الله، يمكنه بها أن يقول له "لا أتركك إن لم تباركني" (تك 32: 26) أو يقول له "لا أتركك حتى آخذ منك ما أعطيه لهؤلاء" هذه هي الخدمة الروحية التي يعمل فيها الله. وليست هي مجرد كلمات يقرأها الخادم في كتاب ثم يرددها بدون تأثير في آذان غيره وينتهي الأمر لقد أمر السيد تلاميذه أن لا يبرحوا أورشليم حتى يلبسوا قوة من الأعالي (لو 24: 49) الخدمة الروحية يلزمها هذه القوة، قوة الله العامل فينا بروحه القدوس. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل