المقالات

15 أغسطس 2023

صوم القديسة مريم العذراء

القديسة مريم فى الكتاب المقدس والتقليد الكنسى. + اهنئكم ببدء صوم القديسة مريم العذراء، وهى التى ذكرها الكتاب المقدس باكرام واجلال وجاء عنها الكثير من الرموز والنبوات فى العهد القديم ولها كرامتها الفريدة فى العهد الجديد فهى والدة الاله الكلمة المتجسد، المملؤة نعمة، القديسة الشفيعة التى قام السيد المسيح بعمل اولى معجزاته فى عرس قانا الجليل بطلبتها وهى توصينا دائما ان نطيع وصايا الله {قالت امه للخدام مهما قال لكم فافعلوه} (يو 2 : 5). انها المراة التى تنبأ عنها سفر التكوين بان نسلها يسحق راس الحية القديمة ابليس {واضع عداوة بينك و بين المراة و بين نسلك ونسلها هو يسحق راسك} (تك 3 : 15). وهى العذراء الدائمة البتولية { ولكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل} (اش 7 : 14). وقد حل الروح القدس عليها وقدسها وملائها نعمة وبصوت سلامها على اليصابات امتلات اليصابات من الروح القدس { فقامت مريم في تلك الايام وذهبت بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا. ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات. فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلات اليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة انت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي.فهوذا حين صار صوت سلامك في اذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب. } (لو 1 : 39-45). ومن سفر التكوين الى سفر الرؤيا نرى رموز واشارات عن القديسة مريم { وظهرت اية عظيمة في السماء امراة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى راسها اكليل من اثني عشر كوكبا }(رؤ 12 : 1). + والعذراء مريم لها كرامتها فى تقليد الكنيسة منذ العصر الرسولى ، فهى الإنسانة الوحيدة التى أنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم بان يتجسد منها الله الكلمة هذا الشرف الذى شرحه الملاك جبرائيل بقوله { الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله}(لو35:1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً " (أم29:31). + على الصليب عهد بها السيد المسيح الى يوحنا الحبيب { ثم قال للتلميذ هوذا امك ومن تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته} (يو 19 : 27) فلو كان لها ابناء أخرين كما يدعى البعض لكانوا اجدر واحق برعايتها ! واذ صارت العذراء اما للرسل فهى أمنا لنا نحن الذين امنا على ايديهم . وما أكثر الالقاب التى اطلقها الاباء على القديسة مريم بما تحمله من مدلولات روحية مستمدة من الكتاب المقدس ، فهى السماء الثانية، الحمامة الحسنة، دائمة البتوليه، شورية هارون، سلم يعقوب، الملكة القائمة عن يمين الملك كما جاء فى المزمور {قامت الملكة عن يمينك ايها الملك} (مز9:45). هى "والدة الاله" وهذا اللقب ثبتته الكنيسة باجمعها فى مجمع افسس 431م كما جاء فى الإنجيل {فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي }(لو 1 : 43). ونقول عنها فى التسبحة الكنسية: (ان الاب تطلع من السماء فلم يجد من يشبهك ارسل وحيده اتى وتجسد منك ). ولقد بنيت اول كنيسة على اسم القديسة مريم فى مدينة فيلبي فى عصر الرسل لاكرام العذراء التى بصلواتها انحلت ابواب السجن الحديدية واخرجت القديس متياس الرسول من السجن . + من اجل كرامة العذراء والاقتداء بها وتطويبها نهتم باكرامها ومدحها فى التسبحة اليومية والقداسات ففى القداس الالهي يجرى ذكرى تطويب العذراء فى أكثر من مرة ففى لحن البركة: وقبل رفع الحمل يقال النشيد الكنسى للعذراء ومطلعه ( السلام لمريم العذراء الملكة ونبع الكرمة ) عند رفع بخور البولس: يقال فى الأعياد وأيام الفطر لحن: (هذه المجمرة الذهب هى العذراء وعنبرها هو مخلصنا ، قد ولدته وخلاصنا وغفر لنا خطايانا).وفى مقدمة قانون الإيمان: أبرزت الكنيسة أهمية شخصية العذراء مريم كوالدة الآلة فى التقليد الكنسى، بعد انعقاد مجمع أفسس مباشرة سنة 431م، وذلك لضبط مفهوم التجسد الإلهى ومقاومة البدع. وهكذا أضافت مضمون العقيدة التى أقرها هذا المجمع فى مقدمة قانون الإيمان والتى مطلعها: (نعظمك يا أم النور الحقيقى...).وبعد صلاة الصلح وقبل قداس المؤمنين نطلب شفاعة امنا العذراء "بشفاعة والدة الاله القديسة مريم يارب أنعم لنا بمغفرة خطايانا). فى مجمع القديسين نطلب شفاعة العذراء مريم على رأس قائمة أعضاء الكنيسة المنتصرة فى صلاة المجمع، فنحن نؤمن اننا كنيسة واحدة سواء من انتقلوا او يجاهدوا ليكملوا وينتصروا نصلى بعضنا من أجل بعض . فضائل فى حياة العذراء مريم . + التواضع فى حياة القديسة مريم .ان التواضع صفة محبوبة من الله والناس { لان قدرة الرب عظيمة وبالمتواضعين يتمجد} (سير 3 : 21). { يقاوم الله المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة} (يع 4 : 6). والعذراء القديسة مريم رغم ما نالته من كرامة لدى الله { دخل اليها الملاك وقال سلام لك ايتها المنعم عليها الرب معك مباركة انت في النساء... وها انت ستحبلين و تلدين ابنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الاله كرسي داود ابيه. ويملك على بيت يعقوب الى الابد ولا يكون لملكه نهاية. فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وانا لست اعرف رجلا. فاجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} (لو28:1،31-35). بعد هذه الكرامة نراها تجاوب الملاك { فقالت مريم هوذا انا امة الرب ليكن لي كقولك فمضى من عندها الملاك} (لو 38:1 ). وبعدما قال لها الملاك عن حبل اليصابات قامت مسرعة لتخدمها وعندما التقيا وامتلات اليصابات من الروح القدس وقالت لها من اين لى هذا انت تأتى ام ربى اليٌ نرى العذراء تعطى المجد لله { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي.لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني. لان القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس}( لو 46:1-49).(أنظر ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبابيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). احتملت العذراء فى تواضع حتى سوء الظن من البعض فى تواضع عجيب وتسليم كامل لمشيئة الله . منذ طفولتها وحتى نهاية حياتها على الارض فى صمت الاتقياء { واما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها} (لو 2 : 19). + الإيمان والصلاة . ظهر ايمان العذراء مريم فى العديد من المواقف فى حياتها ، فلم يحدث لعذراء غير متزوجة قبلها انجاب طفل ولكن كان للعذراء الايمان القوى الذى به اجابت به الملاك ليكن لى كقولك حتى ان اليصابات طوبتها على هذا الإيمان قائلة لها { فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب} (لو1 : 45). لقد كان ايمانها وعمق صلواتها مبنية على علاقتها القوية بالله والكتاب المقدس حتى ان تسبحتها الحلوة عقب زيارتها لاليصابات كانت ايات من العهد القديم { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي. لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني.لان القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس. ورحمته الى جيل الاجيال للذين يتقونه. صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. اشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين. عضد اسرائيل فتاه ليذكر رحمة.كما كلم اباءنا لابراهيم و نسله الى الابد}( لو46:1-55) وعند الصليب وقفت العذراء الام تتأمل بايمان تتميم عمل الخلاص وسيف الآلم يجتاز قلبها كما سبق وانبائها سمعان الشيخ عندما ذهبت للهيكل للتطهير وكانت تقول ( اما العالم فيفرح بقبوله الخلاص واما احشائى فتلتهب عند نظرى الى صلبوتك الذى انت صابر عليه يا ابنى والهى). وظهر ايمانها فى طاعتها وتسليمها عندما خدمت فى الهيكل وهى طفلة وفى خضوعها عند سن البلوغ وذهابها الى بيت يوسف النجار بامر الشيوخ حيث كانت يتيمة الابوين ، وفى ذهابها الى مصر مع يوسف النجار وفى طاعتها لامر السيد المسيح بان تحيا فى رعاية القديس يوحنا الحبيب . 3 – العذراء وحياة الطهارة .. لقد عاشت العذراء حياة الطهارة والعفة منذ طفولتها فى الهيكل وكما تلقبها الكنيسة بحق العذراء كل حين ، ولتنظروا حتى الى ثيابها المتشحة بها فى كل الظهورات حتى بعد صعودها الى السماء ، مكتسية بحلل البهاء ومتسربلة بثياب من نور رمزا لطهارتها وعفتها . وعندما راي القديس يوسف النجار حبلها واذ كان رجلا بارا واراد ان يخليها سراً فمن أجل اظهار برائتها ظهر له ملاك الرب مدافعا عنها { و لكن فيما هو متفكر في هذه الامور اذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخذ مريم امراتك لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس} (مت 1 : 20). وحسب التقليد الكنسي فان الذى رفع يديه ليعترض جسدها فى الطريق الى القبر فى عدم أحترام لها قطع يديه ملاك الرب مدافعا عن قداستها ولما صرخ نادما أعادها له الرسل بمعجزة . فحرى ببناتنا ان يتخذن من العذراء شفيعة وقدوة فى الطهارة النابعة من محبة الله والتأمل فى كلامه وحفظ وصاياه والعمل بها . صوم القديسة مريم العذراء. ++ اننا اذ نكرم العذراء القديسة مريم ونطلب شفاعتها عند الله ونصوم باسمها فهذا من قبيل الأكرام وليس العبادة اطلاقاُ فالسجود والعبادة لله وحده {للرب الهك تسجد و اياه وحده تعبد }(مت 4 : 10). فصومنا وصلواتنا مقدمة لله القدوس ونحن نكرم الله فى جميع قديسه الذي قال للرسل الذى يرزلكم يرزلنى والذى يكرمكم يكرمنى والذى يكرمنى يُكرم ابى الذى ارسلنى. ونحن نتعلم من فضائل القديسة مريم كام روحيه لنا { اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7). العذراء بمحبتها وحنانها تطلب عنا وقد اختبارنا دالتها وصلواتها المستجابة عنا ،(أنظر ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبابيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). ونحن فى الكنيسة القبطية عبر تاريخها الطويل نتمتع بامومة ورعاية وشفاعة امنا القديسة مريم وظهوراتها المتكررة فى مصر على المستوى العام او معجزاتها وظهوراتها على المستوى الفردى تشهد لصحة إيماننا وقوة شفاعتها الدائمة عنا . + ان اصوامنا كلها نقدمها لله زهدا ونسكا وتفرغا من الأهتمام بملاذ الجسد لنتقوى فى الروح ونهتم بغذاء ارواحنا ، ويقال ان هذا الصوم صامه آبائنا الرسل أنفسهم لما رجع توما الرسول من التبشير فى الهند، فقد سألهم عن السيدة العذراء، قالوا له إنها قد ماتت. فقال لهم: (أريد أن أرى أين دفنتموها!) وعندما ذهبوا إلى القبر لم يجدوا الجسد المبارك. فإبتدأ يحكى لهم أنه رأى الجسد صاعدا... فصاموا 15 يوماً من أول مسرى حتى 15 مسري حتى أعلن لهم الرب صعود جسدها الى السماء واصبح عيد للعذراء يوم 16 مسرى من التقويم القبطي. + ولقد مارس صوم القديسة مريم اولا بعد ذلك العذراى والرهبان وبعد هذا صامه الشعب كله وقننته الكنيسة كصوم عام بعد ذلك ، وكم نحن نحتاج الى الصوم والصلاة فى كل حين لاسيما فى هذه الايام الصعبة { صالحة الصلاة مع الصوم والصدقة خير من ادخار كنوز الذهب} (طوبيا 12 : 8). فاذ لنا اعداء مقاومين لابد ان يكون لنا الركب المنحنية والايدى المرفوعة بالصلاة لنشبع بمحبة الله وننتصر على اعدائنا الذين قال عنهم السيد المسيح { هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة و الصوم} (مر 9 : 29). فالصوم فترة للنهضة الروحية والشبع بكلمة الله { فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله }(مت 4 : 4). طوباكى ايتها الشفيعة المؤتمنة التى خدمت البشرية كلها وعوضا عن مخالفة أمنا حواء للوصية، أطعتى انت ايتها القديسة مريم وقدمتى كحواء الجديدة والثانية لله شعبا مستعدا من قبل طهارتك، وكنتِ وستبقي على مدى الاجيال أمنا مكرمة تطوبك جميع الأجيال فانت قدوة للعذارى ومعلمة للفضيلة للجميع وانت أمنا الحنون التي نتلجأ اليها فى ضيقاتنا لترفعى معنا الصلاة وتطلبى عنا من الرب ليغفر لنا خطايانا ويقوى أيماننا ويحفظ كنيستنا رعاة ورعية ويقود بلادنا واهبا لنا سلاما وبركة وحكمة . القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
06 نوفمبر 2022

أيها الشاب لك أقول قم

آحاد شهر بابه المُبارك ياأحبائىِ تدور حول خط واحد وهو سُلّطان ربنا يسوع على النِفَس البشريّة ، وأقوى نوع فىِ سُلّطانه على النِفَس البشريّة هو " إِقامة الموت " ، والإِنجيل هُنا يتكلّم عن شاب ميّت وربنا يسوع تقدّم ولمِس النعش وقال" أيّهُا الشاب لك أقول قُم " وأُم هذا الشاب هى سيّدة أرملة أى فقدت زوجها واليوم فقدت إِبنها الوحيد ، وعِندما تفقد إِبنها الوحيد يكون فىِ داخلها حُزن شديد ، مات إِبنها وكفّنوه وكانت مِن العادات فىِ ذلك الحين أنّ المدافن تكون خارج المدينة ، عِند باب المدينة بالضبط وعِندما كان الناس خارِجون بالشاب الميّت لكى يدفنوهُ وهذا كان موكب صعب جداً ، كان كُلّهُ حُزن وعويل ، وجدنا موكب آخر فيهِ ربنا يسوع وهذا الموكب داخل البلد ،" ذهب معهُ كثيرون مِنْ تلاميذهِ وجَمع كثير " ، كان يسوع فىِ المُقدّمة وتلاميذهُ ورائهُ والسيّدة أيضاً كان معها جمع كثير " وهى أرملة ومعها جمع كثير مِن المدينة " موكب خارج فيهِ ميّت وموكب داخل فيهِ ربنا يسوع موكب فيهِ موت وموكب فيهِ رئيس الحياة والموكبين تقابلوا فىِ نُقطة واحدة ، فربنا يسوع وجد السيّدة حزينة حُزن شديد جداً " فتحنّن عليّها وقال لها لا تبكىِ " وأحب أن أتكلّم معكُم فىِ نُقطتين :- 1- تراءف عليّها ربنا يسوع عِندما يجد الإِنسان بيبكىِ على ميّتهُ يتراءف ويُقيم موتى الخطايا لأنّ إِقامة خاطىء مِن خطيتهُ هى القيامة الحقيقيّة ، فالموت الحقيقىِ هو موت الخطيّة فهو الّذى يجعل الإِنسان يخسر مصيرهُ الأبدى فِعلاً فالخطيّة هى التى جلبت الموت وهى سبب الموت ، إِذاً الخطيّة هى أقوى مِن الموت ، وسُلّطان ربنا يسوع على الموت هو أن يُقيم الخُطاه مِن موت الخطيّة وأبونا فىِ الصلاة يقول " لا تدع موت الخطيّة يقوى علينا ولا على كُلّ شعبك " فالسيّدة أُم الشاب بِتبكىِ ودموعها بِتجعلها لا ترى مَن أمامها ولكن يسوع لمّا رأها تحنّن وتراءف ، وهُنا لم يكُن أحد قد دعى ربنا يسوع لكى يُقيم هذا الميّت ، ولكن هُنا هو الّذى ذهب ، ذهب بِتدبير لكى يُعطىِ حياة دون أن يطلُب منهُ أحد ربنا يسوع عِندما يجد نِفَس قد إِجتازها الموت وتسلّط عليّها يتراءف وأحشائهُ فىِ الداخل تتحرّك ، فزكريّا عِندما ولد يوحنا المعمدان قال" بأحشاء رحمة إِلهنا التى بِها إِفتقدنا المُشرق مِن العلاء " ( لو 1 : 78 ) فلم يكُن أحد يقدر أن يطلُب مِن ربنا أن يأتىِ على الأرض ويموت ويُصلب ، ولكن ربنا مِن تحنّنهُ غُلب ، ولِذلك مَن الذى أقامنا معهُ ؟! تحنّنهُ فمِن الأمور التى حرّكت تحنّنهِ دِموع أُمّه ألا وهى الكنيسة ( أُمنا ) ، فهى عِندما تجدنا ميتيين بالخطايا تكون حزينة جداً ، لأنّ عِلاقتنا بالكنيسة ليست خارِجيّة ولكنّها داخليّة لأننا أبناء00أبناء00أبناء وبِشفاعة الكنيسة عن أولادها تغلِب تحنُّن ربنا " كما يتراءف الآب على البنين يتراءف الرّبّ على خائفيهِ " فأنا أقف وأقول لهُ يارب أنا ميّت ، ميّت بِمعنى كلمة ميّت 00ميّت فاقد الحِس 00فاقد النُطق ، أنا غير قادر على أن أنحاز للصلاح ، أنا غير قادر أن أنحاز للروحيّات ، عايش فىِ قيود الجسد ، ميّت ، وهُنا الكنيسة تبكىِ عليك وتجلب لك حنان ربنا لكى يقترب إِليك ويُقيمك ، النِفَس الميّتة بالذنوب والخطايا المحمولة على نعش لها رجاء عِند ربنا يسوع ، فما الذى جعل ربنا يسوع يقترب مِن الخُطاه ؟! حنانه 00ما الذى جعلهُ يتجسّد ؟! حنانه00فهو مغلوب مِن تحنّنهُ ولِذلك الكِتاب عِندما يذكُر قصة السامرىِ الصالح يقول " ولمّا رآه تحنّن " ، فهذا هو رجاءُنا فىِ ربنا يسوع ، ولِذلك أقول لهُ : يارب تحنّن ، والكنيسة تصرُخ وتقول " أعنّا يا الله مُخلّصنا لأننا قد تمسكنّا جداً " ، فلِكى حنان ربنا يتحرّك أقف أمامهُ مُنكسر ، القلب المُنكسر والمتواضع لا يُرذلهُ الله فكلِمة " إِرحمنا " تجلب علينا حنان ربنا ، كلِمة " أعنّىِ " ، كلِمة " خلّصنىِ " تجلب عاطفة ربنا المُذخّرة لنا لأننا أولاده ، ولأنّهُ هو ينبوع الحياة ومُعطىِ كُلّ حياة ، فأقف أمامهُ مِثل العشّار الذى وقف مِن بعيد ولم يشأ أن يرفع رأسهُ ، فهذا الوضع يجلب حنان ربنا ، لِدرجة أنّ القديسين يقولوا " أكثروا مِن السجود فىِ الصلاة " ، فالإِنسان الذى يطأ رأسهُ للأرض هو إِنسان يجلِب حنان ربنا ، والكنيسة تقول " إِحنوا رؤوسكُم أمام الرّبّ " ، فإِحناء الرأس هو إِنكسار وخضوع ومذلّة ، فهو يدُل عن إِنسان خجلان مِن ربنا ، ونحنُ بِنخجل مِن خطيتنا أمام ربنا يسوع ينبوع كُلّ حنان فنقف ونحنُ نشعُر بِخزينا وهُنا نأخُذ حنان ربنا ورأفاته وفىِ موقف إِقامة هذا الشاب لم يوجد أحد قد طلب مِن ربنا يسوع ولكنّهُ هو تحرّك ، وحتى أُمّه لم يذكُر الكِتاب أنّها طلبت مِن ربنا يسوع فحتى ولو الإِنسان فقد أى شفاعة أو حنان مِن المُحيطين بهِ ، فإِنّ شفاعة ربنا يسوع كفيلة بأن تُقيمه ، وحنان ربنا يسوع كفيل أن يُعطىِ حياة للموتى ونحنُ الأحياء الّذين فىِ موكِب الداخلين ، الإِنسان يسأل نفسه : أنا فىِ أى موكِب ؟! موكِب الحياة أم موكِب الموت ، كُلّ إِنسان فينا بيعمل خطايا هو بيفقد جُزء مِن طريقهُ لأورشليم السمائيّة ، ويسير فىِ الطريق المُضاد وكُلّ إِنسان بيفعل الصلاح هو يسير فىِ طريقه لأورشليم السمائيّة إِلى أن نتقابل كُلّنا ، فأنا مَن الذى أتبعهُ وفىِ أى موكِب أسير ؟!! نحنُ لنا رجاء فىِ رئيس الحياة وفىِ حنانه لنا ، لنا رجاء حتى ولو كان الموت قد غلبنا ولِذلك ربنا يسوع قصد أن يذكُر لنا مُعجزة إِقامة ميّت ، لكى يؤكّد لنا أننا حتى ولو كُنّا موتّى فهو قادر أن يُقيمنا ، وبِذلك نقول لهُ فإِن كان للميّت رجاء فهكذا رجائىِ فيك يارب ، أنا رجائىِ فيك مِثل رجاء الميّت ، حنانك هو الذى يجعلك تقترب إِلىّ 0 2- تقدّم ولمِس النعش فالموت لهُ سُلّطان ولهُ مهابة ، ولكن يقول الكِتاب " ثُمّ تقدّم ولمِس النعش " فالناس الّذين يحملوهُ وقفوا فقال كلِمة عجيبة " أيّهُا الشاب لك أقول قُم " ، ما هذا ؟!!رئيس الحياة مُتقدّم إِلى الموت يتحداه الموت مع الحياة إِلتقوا فىِ نُقطة ، وهذا نِفَس ما حدث فىِ الصليب ، لقد تلامس ربّ المجد مع الموت وصار هو والموت فىِ مواجهة فغلِب الموت ، وهُنا عِندما تقدّم ولمِس النعش وقال للشاب لك أقول قُم ، قال " أين شوكتك ياموت ، أين غلبتِك يا هاوية " ، ربنا يسوع لهُ سُلّطان على الموت لأنّهُ هو رئيس الحياة وكان لِشعب إِسرائيل أن يعبُر نهر الأردُن لكى يدخُل أرض كنعان فقال لهُم أن يجعلوا التابوت يتقدّمهُم ويبعدوا عنهُ ألف ذِراع ، وعِندما فعل الشعب هكذا رجعت المياه إِلى الخلف ، فنهر الأردُن بيرمُز إِلى الموت ، مُستحيل أن ندخُل أورشليم السمائيّة دون أن نعبُر الموت ، فلِكى ندخُل كنعان لابُد أن نعبُر نهر الأردُن ، ولكى لا يبتلعنا الموت ربنا يسوع يتقدّمنا ويجتاز بِنا الموت ، فنحنُ نموت ولكن لا يبتلعنا الموت وفىِ العهد القديم ربنا غضب على شعب إِسرائيل فعمل وبأ بينّهُم فقتل 70 ألف نِفَس ، فموسى تشفّع عن الشعب ، وهارون أخذ يُبخّر بين الموتى والأحياء فوقف الوبأ ووقف الموت ، وهذا ما فعلهُ ربنا يسوع ، فهو عمل فاصل بين الموت والحياة فسُلطان ربنا يسوع هو مُمكن أن يكون فىِ كلِمة فقط خارجة مِن فمهِ ، ولِذلك لا تستهن بِكلمة الإِنجيل لأنّها لها قُدرة على إِقامة الموتى ، فأى إِنسان تُقاس قدرتهُ بِكلمتهِ ، وربنا يسوع عِندما يقول لِشخص لك أقول قُم فهذهِ الكلِمة مُقتدرة والقديس بولس فىِ رسالتهُ إِلى العبرانيين الإِصحاح الأول يقول " حامل كُلّ الأشياء بِكلمة قُدرتهِ" ( عب 1: 2 ) ، هذهِ الكلِمة هى التى مصدر القُدرة والقوّة ، ولِذلك فىِ الكنيسة أى أمر يتم بالكلِمة لأنّ الكلِمة مُقتدرة لأنّها كلِمة بالروح ولها سُلطان ، فأبونا عِندما يقول " وهذا الخُبز يجعلهُ جسداً مُقدّساً لهُ " ، فنجد أنّ الخُبز يتحّول إِلى جسد ، وأيضاً الأب الأسقُف عِندما يضع على واحد يدهُ فإِنّهُ بيجعلهُ شمّاس ، ومِن هذا أخذت الكنيسة سُلطانها بالكلِمة ، فكلِمة الإِنجيل بِتدخُل إِلى داخلىِ وتُعطينىِ حياة ولها إِقتدار فىِ قوّتها وربنا يسوع فىِ كُلّ سُلطانة فىِ إِقامة الموتى بيُعطىِ علامة حياة ، فأبنة يايرُس عِندما قامت جعلها تأكُل وعِند إِقامة لِعازر ربّ المجد يسوع قال للّموجودين حلّوه ودعوهُ يمضىِ وعِندما أصبح لِعازر يمشىِ صار ذلك علامة حياة والشاب الّذى نتكلّم عنهُ هُنا يقول عنهُ الكِتاب " وإِبتدأ يتكلّمُ " ربنا يسوع عِندما أحبّ أن يصنع معنا مُعجزة أعطانا الحياة ويتكلّم ولا يستطيع أن يسكُت ، يتكلّم مِن عظمة رحمتهُ معنا ، ولِذلك إِقترن بِكلمتهُ ولو خضعنا لِكلمتهُ فإِنّ كلِمتهُ قادرة أن تُحيينا وتُخلّصنا مِن كُلّ دنس أنا ضعيف وعِندما أعيش الوصيّة أجد أنّ الكلِمة لها سُلطان ، وأطلُب مِن الكنيسة أن تشفع لىّ وأُقدّم دِموع مِن أجل أخوتىِ وبِذلك نصير كُلّنا بِنشفع فىِ بعض ، ويقول الكِتاب هُنا عن الشاب " فدفعهُ إِلى أُمّهِ " ( لو 7: 15 ) ، أرجعهُ لأُمّهِ ربنا يسوع بيرّجعنا للكنيسة ، والكنيسة هى المسيح والمسيح هو الكنيسة ، المسيح ترك لنا أحضان الكنيسة لكى نشبع منّها ربنا يُكملّ نقائصنا ويسند كُلّ ضعف فينا بنعمتهِ ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين 0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
05 نوفمبر 2022

إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر بابه

تتضمن الحث على تقوية الايمان بالله مرتبة على فصل مشى السيد على الماء وتوبيخه لبطرس بقوله . " يا قليل الايمان لماذا شككت ( مت 14 : ٢٢-٣٦ ) أن سيدنا له المجد صعد إلى الجبل منفردا مرتين ليصلي : الأولى قبل آيـة تكثير الخبز يو٢:١ والثانية بعدها يو١٥:٦ . وذلك أولا ليعلمنا كيف نختلي في صلواتنا . وثانيـا ليختفى من وجه الذين أرادوا تنصيبه ملكا بعد نظرهم آية تكثير الخبز . وبقى وحـده إلى المساء حيث كانت سفينة التلاميذ في وسط البحر معذبة مـن الأمـواج بسـبب الريح الشديدة التي حركتها ليعودهم على احتمال الشدائد والمصائب . فبقوا الليل كلـه في اضطراب ولم يأتهم إلا في الهزيع الرابع من الليل ليعلمهم كيف يطلبونه بحرارة واجتهاد . ولما أبصروه ماشيا على البحر خافوا وظنوه خيالا فصرخوا . فقال لـهم " أنا هو لا تخافوا " . فقال له بطرس يا سيد : " إن كنت أنت فمرنی أن أتى إليك على الماء فقال له تعال . فنزل بطرس ومشى على الماء ولكنه خـاف مـن الريح وأبتدأ يغرق . فأمسك به يسوع وقال له : " يا قليل الإيمان لماذا شككت " مت٣١:١٤" : هذا كـل ما في فصل اليوم ومنه نتعلم مسألتين : أحداهما أن سيدنا له المجد صنع هنا خمـس عجائب . الأولى مشيه على البحر . الثانية مشى بطرس أيضا . الثالثة نجـاة بطـرس من الغرق . الرابعة تسكين الرياح والاضطراب . الخامسة بلوغ السفينة إلـى مينـاء السلام يو٢١:٦ . أما المسألة الثانية فهي أن أغلب التجارب والأحزان تأتينا من قلة الأيمان وعدم ثقتنا بإلهنا واعتمادنا على انفسنا . أو على مساعدة غيرنا . فألزم شئ أذن للإنسان إنما هو الايمان بالله والثقة بأقوالـه تعـالى . لأن الايمان هو أساس الخلاص وعليه تبنى احسـانات الله للبشـر . وبدونـه لا يمكـن ارضاؤه عب٦:١١ وهو أمر واضح من قول سيدنا له المجد لقائد المئة : " اذهب وكما أمنـت ليكن لك " مت١٣:٨. ومن قوله للأمرأة نازفة الدم : " ثقى يا ابنة إيمانك قد شـفاك "مت ٢٢:٩ ومن قوله لرئيس المجمع الذي ماتت ابنته : " لا تخف . آمن فقط" مر٣٦:٥ ومن جواب الرسـول للسجان : " آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك " أع ٣١:١٦ فهل يليق بنا أن يكون ايماننا فاتراً ونحن أبناه أولئك الذين جاهدوا الجـهاد الحسن . أولئك الذين قابلوا اضطهاد الحكام العتاة والملـوك القسـاة الطـغـاة مثـل ديوقلاديانوس ونيرون وغيرهما بكل شجاعة وإقدام . حتى انه قتل منهم 840 ألـف نفس في مدة حكم ملك واحد لم يفتر ايمانهم بل حفظوه لنا سالماً كما تسـلمـوه مـن الملائكة الأطهار . أو لم يكن لنا درس بسيط من توبيخ سيدنا له المجـد لبطـرس بقوله : " يا قليل الإيمان لماذا شككت " مت ٣١:١٤ اننا نتعلم منه ألا نزدرى بالنواميس الالهيـة حتى لا نكون قدرة ردية لغيرنا . لان قلة الايمان تسهل الازدراء بالناموس الالـهى وتهون على الانسان اهمال كل ما يقال له فضيلة . من منكم ايها الاحباء ينكر هذه الحقائق التي يؤيدهـا العقـل وتشـهد بـها الوقائع ؟ يا للعجب ! أنحتقر عمل الفضيلة هكذا حتى أن كلا منا يرتكب نوعـاً مـن الخطايا بدون خوف ولا خجل . ؟ وها قد انطبق علينا قول النبي : " كلهم قد ارتـــدوا معاً فسدوا . ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد " مز٣:٥٣ فأن قلتم ما هي علة ذلك ؟ قلت انما هو فتور الايمان .أمر مدهش جداً ! بل عجيب وغريب !!! إننا نصرخ كل يوم مـن عمـق قلوبنا قائلين " بالحقيقة نؤمن بإله واحد . الله ضابط الكل خالق السموات والأرض .. " ونحن نعمل كل لحظة ما يدل على فتور في ايماننا ؟ ألعل الاقوال برهان علـى حسن الإيمان ؟ كلا . وإنما الاعمال الحسنة هي البرهان على حسـن الايمـان قـال الرسول : ارنى ايمانك بدون أعمالك . وأنا أريك بأعمالي ايماني " يع ١٨:٢ فأي ايمان يبيـن لنا أعمالنا ؟ أليس الايمان الكامل العامل بالمحبة !! إن الله يأمرنا بمحبة أعدائنا مت٤٤:٥ ووعدنا نظير ذلك بأن نكون بني العلى لو٣٥:٦ فماذا نعمل نحن لإخواتنا وليس لاعدائنا ؟ أننا لم نخالف هذا الأمر الإلهي فقط مـن جهة أعدائنا لا . بل من جهة أخوتنا أيضا . فاننا نبغض ونعادي بعضنا بعضا حتـى الموت . نسب ونشتم . ننصب أشراك ومكائد ودسائس وشايات وشـكاوي . سـعايات وأضطهادات . وغير ذلك من الشرور والجرائم التي لا تليق بشعب المسيح . من أيـن هذه كلها ؟ وما هو السبب ؟ إنها من قلة الإيمان . والسبب هو قلة الإيمان . إن الكتاب المقدس يقول إن ساداتنا الرسـل كـانوا يشـتمون فيبـاركون . يضطهدون فيحتملون . يفترى عليهم فيصلون ويعظون المفترين لكـى يتوبـوا ١كو١٢:٤-١٣ . انظر استفانوس بكر الشهداء حينما كانوا يرجمونه فأنه سجد وصلى عـن راجميـه قائلا : " يارب لا تقم لهم هذه الخطية " "أع٦٠:٧ " فلماذا لا نقتفي آثارهم ونعمل كأعمالهم ؟ وما السبب غير ضعف إيماننا وقوة إيمانهم . إن الله تعالى يأمرنا كل يوم في كتابه أن نعطى صدقة : أي نطعـم الجـائع ونسقى العطشان ونأوى الغريب ونكسي العريان ونعول المريض ونعتني بـالمحبوس وغير ذلك . وقال صريحا : إن الفقراء أخوته فمن فعل بهم خيرا فقد فعله بی مت ٤٠:٥فهل قمنا بالواجب علينا حسب هذه الوصيه ؟ . كلا . بل أننا نحول وجهنا عـن الجـائع والعطشان . ونهمل المريض ونوبح القريب والبعيد وكل من يسألنا حاجة . يـا ليتنـا نتركه بل نمتهنه ونوبخه غير ملتفتين لقوله تعالى : " من يرحم فقيرا يقـرض الـرب ومن معروفه يجازيه " ام١٧:١٩ ألعل الله كاذب ؟ حاشا الله . فهو يعطى بدل الواحد مائـه مت ٢٩:١٩ وإنمـا نـحـن ضعفاء الإيمان ، ألعلك ياهذا تقول في نفسك إنى أمنت وأعتمدت وخلصت كقول سيد البرايا : " من أمن واعتمد خلص " مر١٦:١٦ فاقول لك أن بطرس أمن مثلك ولكـن السـيد وبخه قائلا : " يا قليل الأيمان . لماذا شككت " ألعل أيمانك أنت أعظم مـن ايـمـان بطرس ؟ ثم أن يهوذا الاسخريوطي كان مؤمنا ايضا . وتلميذا مصاحبـا للسـيـد لـه المجد لكنه كان قليل الإيمان . حتى أن قليلا من الفضة أضاع منه ذلك القليل البـاقي من إيمانه . وامنا حواء كانت إيضا مؤمنة . ولكن إيمانها كان فاترا فأيمـان كـهذا لا يركن إليه في خلاص النفس . لأنه كالماء الفاتر ليس حارا فيصلح للتطهير . ولا هـو بارد فيترك . لأجل هذا أسمحوا لي أيها الأحباء أن أقـول مـع الرسـول يعقـوب : " الإيمان بدون أعمال ميت " يع ٢٠:٢وإن كان أحد على غير ما رويـت . فلـيـرني عظـم ايمانه بأعماله لأرى إن كانت له ثقة بالله كثفة قائد المئة القائل : " يا رب قـل كلمـة فقط فيبرأ غلامی " مت ٨:٨ أو كإيمان وثقة الكنعانية التي قال لها السيد : " عظيـم أيمـانك . ليكن لك كما تريدين " مت ٢٨:١٥ أو إن كان يدخل الكنيسة بورع وليس كمتفرج . أو أن كـان ويسمع يقف بأحترام الأنجيل ولا يهرب وقت الوعظ ، أو أن كان لا يتحـادث عـن أشغاله أو متاجره في أوقات العبادة . أو أن كان يرحم الفقير ويطعم الجائع ويكسـى العريان ويؤاوى الغريب . إن كان يفعل هكذا فيكون مؤمنا بالحق . ويقول البعض لماذا لأنه شاهد أيات ؟ كقول السيد له المجد : " وهذه الأيـات تتبع المؤمنين . يخرجون الشياطين بأسمى ويتكلمون بألسنة جديدة . يحملون حيات وإن شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون "مر١٧:١٦-١٨ " فنقـول لهؤلاء إنه بسبب ضعف إيماننا لا نرى الأن شيئا من ذلك لأنه يقول أن الأيات تتبـع المؤمنين لا قليلي الإيمان . فالأيات قد بطلت . لأن حرارة الأيمان قد بردت . ودليـل ذلك هو جواب السيد له المجد لتلاميذه عندما سألوه عن الروح النجس قائلين : لمـاذا لم نقدر نحن أن نخرجه . فقال لهم يسوع : " لعدم أيمانكم " أي لقلة ايمانكم مت١٩:١٧-٢٠ فها قد بينا لكم أيها الأحباء أن قلة الإيمان هي أصل جميع الشرور والإيمـان هو مصدر كل عمل صالح فسبيلنا أذن أن نتخـذ الحلـم طبعـا لنـا . وأن نكـون متواضعين عادلين رحومين عفوفين . متصفين بطول الآناة . ملتحفين برداءة العفـة . متعقلين . بسطاء . راسخين في الايمان . بنعمة وتعطف ربنا وإلهنا يسـوع المسـيح . الذي له المجد إلى أبد الآبدين . أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
24 يناير 2023

كــيـف أبـدأ حـــياتي الروحـية ؟

الحياة الروحية معناها ببساطة الحياة حسب الروح القدس ، وبقوة وفعل الروح القدس في الطبيعة البشرية . ونحن نشكر الله أننا أخذنا تجديد الروح في المعمودية ، وسكنى الروح في الميرون ، وما علينا إلا احترام هذه القوة في حياتنا من خلال وسائط النعمة في ممارسة حياة يومية مستمرة . وأهم هذه الوسائط :- ١- التوبة اليومية المتجددة. ٢- الشركة اليومية في الصلوات المتنوعة. ٣- الاتحاد بالرب في الافخارستيا . ٤- الشبع اليومي بالإنجيل . ٥- القراءات الروحية البناءة. ٦-حضور الاجتماعات المشبعة. ٧- الخدمة في الحقل الكنسى. ٨- الشهادة للمسيح في الحياة اليومية العامة فالبداية إذن هي : « التوبة اليومية المتجددة » وهي موضوع حديثنا في هذه المرة . تعريف التوبة :- كثيراً ما يختلط على الشباب تعريف التوبة . فمنهم من يتصور أن التوبة هي حالة من عدم الخطية . أن هذا مع مستحيل طالما أننا في هذا الجسد الضعيف ، الذي سماه الرسول « جسد الخطية » .... وكان يشن صارخاً ، بلساننا جميعاً : « ويحى أن الإنسان الشقي ، من ينقذني من جسد هذا الموت ؟ » ( رو ٦ : ٢٤ ) كما قال : « نحن الذين لنا باكورة الروح ، نحن أنفسنا أيضاً ، نثن في أنفسنا ، متوقعين التبنى : فداء أجسادنا » ( رو ۸ : ٢٣ ) . إذن ، فالحياة بعصمة كاملة من الخطية ، مستحيلة مادمنا على الأرض وفى هذا الجسد ولكن ، هل معنى هذا أن نعيش في الخطية ؟ !! حاشا ! بل المعنى البسيط للتوبة هو « الرجوع إلى الله » ... في عشرة صادقة يومية ، تمنحنى قوة الانتصار على الخطية ... أما إذا تكاسلت أو تراخيت فسوف أسقط واتعثر ... ولكننى سريعاً سأقوم صارخاً : « لا تشمتی بی یا عدوتی ، لأني إن سقطت أقوم » ( می ۷ : ۸ ) . التوبة إذن ليست هي عدم الخطية ولكنها هي الحياة فوق الخطية كقول الرسول : « الخطية لن تسودكم ، لأنكم لستم تحت الناموس ، بل تحت النعمة » ( رو ٦ : ١٤ ) . والجهد الأساسي الذي يبذله الشاب هو جهد في اتجاه الشركة والنصرة والعشرة المشبعة ، التي تجعله يدوس تلقائياً على عسل الخطية المسموم ، للخطية بأن تسوده أو تسيطر. جوهر التوبة السليمة هو الشبع بالمسيح ، وليس هو الصراع الذاتي ضد خطية ما أو أكثر ... فالرب يريدنا ككل : الفكر ، والمشاعر ، والاتجاهات ، والكيان كله ، لا ليستحوذ عليه كمحتاج إليه ، لكن ليطهره و يقدسه و يهبه لنا جديداً ظافراً في المسيح يسوع . إن التوبة الصادقة تشبه إقامة المقعد الذي كان يجلس على باب الهيكل ، ويستعطى ( أع ٣ : ١- ١٠ ) . لقد قام بقوة الرب يسوع المسيح ، ووقف ، ووثب ، وصار يمشى ويتمجد الله . هل معنى هذا أنه لن يجلس أو يتعثر في الطريق ؟ لكن المهم أنه صارت لديه قدرة على القيامة بعد أي تعثر أو سقوط . لهذا يقول آباؤنا القديسون : [ أليق بنا أن نموت في الجهاد ، من أن نحيا في السقوط ] . ومعلمنا يوحنا يحدد مفهوم التوبة بكلمات واضحة للشباب فيقول : « یا أولادى ، أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا ( هذه هي نية وجهاد كل شاب وشابة ، أن لا يخطىء أبداً ) . وإن أخطأ أحد ( هذا هو الاستثناء من القاعدة ، التعثر الذي يحدث نتيجة حرب من العدو أو اهمال من الإنسان أو جوع روحي ) فلنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار ( إذ ترجع إليه كشفيعنا الكفاري الوحيد ، ونستسمحه على ضعفنا وفتورنا وسقوطنا ، وتغتسل في دمه الطاهر ، وتطلب معونته حتى لا تسقط ثانية ) » ( ١ يو ۲ : ۱ ) . هذا عن مفهوم التوبة ... فماذا عن قانونيتها ؟ هذا مقالنا القادم بمشيئة الله. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
27 يونيو 2023

من معالم الطريق الروحي الصلوات المتنـوعـة

الصلوات سمة أساسية في الحياة الأرثوذكسية، واستجابة مستمرة لنداء الرب : « أسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة » (مت ٢٦ :٤١). وتتسم حياة العبادة في كنيستنا بالسمات التالية : ١ ـ السمة التكريسية : بمعنى أن هدفها الأساسي تكريس قلوبنا للسيد المسيح ، وتقديم كل طاقات حبنا للرب ، مصدرها الأصلي. وفي هذا يكمن خلاص الإنسان وسعادته ونموه ، وإمكانية أن يكون خادماً للملكوت . لهذا تطول العبادة في كنيستنا وتتنوع فنجد مثلاً : أ ـ الافخارستيا : قمة الصلوات الكنسية ، التي فيها يتحد الإنسان بالرب يسوع رأس الكنيسة ، و بالسمائيين أعضائها التي خرجت من الجسد، وبالمؤمنين إذ تأكل من جسد واحد ، خبزة واحدة ، ونشرب من دم واحد ، وكأس واحدة. الإفخارستيا هي فرصة الشبع بالرب ، والاتحاد بالمخلص المحبوب . إنها أقدس فرصة على الأرض ، فيها يعطينا الرب من حبه ونعمته وروحه ، و يأخذ عنا ثقل خطايانا بالتوبة والاستعداد، ونحيا معنى الكنيسة ، عروس المسيح، وجماعة المؤمنين . ب ـ المزامير : حيث توحدنا الكنيسة بالرب في أحداث حياته المتعددة ، ففي باكر تأخذ قوة قيامته ، وفي الثالثة تأخذ فعل روحه ، وفى السادسة نتحد بصليبه المقدس ، وفي التاسعة نميت معه حواسنا الجسمانية، وفي الحادية عشرة تنسحق أمام جسده النازل من على الصليب فداء عنا ، وفي الثانية عشرة ندفن خطايانا معه في القبر، وفى نصف الليل نستعد ونشتاق لمجيئه الثاني !! أناجيل هادفة ،وقطع وضعها آباؤنا القديسون ، ومزامير هي عصارة داود النبي وغيره من رجال الصلاة ، وفرصة رائعة للمثول المتكرر أمام الله ، بل حتى لوعظ النفس من خلال هذه الكلمات الإلهية المقدسة . ج ـ الصلوات السهمية : وفيها تنادي الرب بصلوات قصيرة مثل : « ياربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطيء » أو « اللهم ألتفت إلى معونتي . يارب اسرع وأعنى » ... وهي صلوات قبطية عريقة ، نصح بها القديس أنطونيوس تلاميذه . وكانت ولا تزال خير عون للمجاهدين في طريق الملكوت ، يتلونها سراً وبكثرة في كل مكان ، وزمان ، وموقف . إنها صلوات كالسهم، يخترق حجب السماء ، و يستقر أمام الله في مقادسه العليا ، فيستجيب قلب الله الحاني، للإنسان المحتاج . د ـ الصلوات التلقائية : والكنيسة تطلب منا أن نتحدث مع الله بقلب مفتوح وبساطة تامة، لكي يتحنن علينا برحمته، ويسكب علينا نعمته ، و يتدخل في كل شئون حياتنا المتنوعة ، لتختبر يمينه القدوس وقدرته اللانهائية في تسيير أمورنا بكل زواياها ، وفى سد احتياجاتنا بكل نوعياتها . ٢ - السمة الجماعية : فكلمة ليتورجيا معناها عبادة شعب « لى - لاوس = شعب ، ارج = عمل ) ... من هنا تكون عبادتنا ذات صبغة جماعية لأننا كنيسة ( اككليسيا = جماعة ) ، ومن هنا كانت مردات القداس الجماعية : « بشفاعة والدة الإله ... أنعم لنا بغفران خطايانا » ... «آمين آمين آمين بموتك يارب نبشر» ... « نسبحك نباركك نشكرك ... »إلخ . والمسيحى الأرثوذكسى لا يحس أنه فرد مستقل ، بل عضو في الجماعة المؤمنة والجسد المقدس، فنحن » أعضاء بعضنا لبعض »(رو۱۲: ه). ۳۔ السمة الطقسية : فالعبادة في كنيستنا لها طقس ( = نظام ) ، « وحسب ترتيب » ( اکو١٤ : ٤٠). فالقداس كما هو في مصر وفى المهجر، والقراءات ، والألحان ، والمناسبات ، والأعياد ، كنيسة واحدة ، نظام واحد ، وهذا جوهره أن نحيا إحساس الجماعة المتحدة بالروح .فلندخل معاً إلى العبادة الأرثوذكسية ، طريقنا إلى الشبع الحقيقي بالرب ، والاتحاد الكامل بالجسد المقدس. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
05 أغسطس 2023

إشباع الخمسة آلآف

يتحدث المقطع الإنجيلي اليوم عن معجزة إشباع الخمسة آلآف، القراءة الإنجيلية من متى( 14: 14- 22). إن رقم خمسة في الكتاب المقدّس هو عدد رمزي، الرقم 5 يرمز إلى نعمة الله، إلى الخير والبركة تُجاه البشر إن كتب موسى في العهد القديم كانت خمسة أيضاً بسبب أهمية هذه المعجزة فهي مذكورة في الأناجيل الأربعة عند مرقس (6: 30- 44) و لوقا ( 9: 10- 17) والإنجيلي يوحنا (6: 1- 14) من بعد استشهاد القديس يوحنا المعمدان أُخبر يسوع بذلك فانصرف بالسفينة إلى موضع خلاء منفرداً على شاطىء بحيرة طبرية من الجهة الشمالية. لقد اعتاد الربّ يسوع الذهاب إلى موضع خلاء ” للصلاة “. يظهر في إنجيل متّى أن يسوع انفرد ليُصلِّي قبل وبعد معجزة إشباع الخمسة آلآف (متىّ 14: 13 و 14: 23). لقد أعطى الربّ درساً لتلاميذه في أهمية الصلاة قبل وبعد إتمام أي عمل وعندما علمت الجموع بذلك ” تبعوه مشاة من المدن “لقد أحبّت الجموع تعاليم يسوع فقصدته عندما علمت بمكانه. لقد اجتمعوا حوله كما يجتمع القطيع حول ” الراعي الصالح ” ليقودهم في أرض خصبة لقد قضى الشعب معظم يومه يستمع لكلام يسوع وتعاليمه الخلاصية مضى النهار ” وكان المساء “ لم يشعر الشعب والتلاميذ بمرور الوقت بسبب عذوبة كلام الربّ وحلاوة حضوره والمكوث بجانبه، ” وكان الجميع يتعجبّون من كلمات النعمة الخارجة من فمه “(لوقا 4: 22) يبدأ المقطع الإنجيلي حينما يسوع : ” أبصر جمعاً كثيراً فتحنّن عليهم وأبرأ مرضاهم”. هو الآب الرحوم الشفوق ” أبو الرأفة وإله كل تعزية “(2كو 1: 3) إن هذه الصورة هي صورة مسيانية للربّ يسوع إذ أنه حسب أشعيا فإن المسيّا المُنتظر هو الذي يشفي ويُعزّي شعب الله ” أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمّلها ” ( أشعيا 53: 4) لقد طلب التلاميذ من الربّ يسوع قائلين:”المكان قفر والساعة قد فاتت فاصرف الجموع ليذهبوا إلى القرى ويبتاعوا طعاماً” ربما لم يخطر على بالهم أن الربّ يسوع سوف يهتم بحاجاتهم الجسدية كما أنه تحنّن عليهم وأبرأ مرضاهم ها هو يُظهر حنانه مًجدّداً ويهتم بحاجاتهم الجسدية ليُشبع جوعهم فيقول للتلاميذ: ” أعطوهم أنتم ليأكلوا”. فكان جواب التلاميذ: ” ما عندنا ههنا إلا خمسة أرغفة وسمكتان”. لقد أراد الربّ بهذا الطلب أن يسترعي انتباه تلاميذه إلى أن الطعام المتوافر لا يكفي لهذا العدد الكبير فهو كان يُحضّرهم للمعجزة التي كان مُزمِعاً أن يُحققها. لقد تحنّن أولاً على الجمع وأبرأ مرضاهم ثم أشبعهم من الطعام، هو المُهتم بالخليقة وبحاجات الإنسان الروحية والمادية لقد أراد بهذا الطلب أن يُريهم صعوبة تحقيق هذا الأمر بالطريقة البشرية وليُريهم أنه هو ابن الله. لقد أراد الربّ يسوع أن يُظهر لتلاميذه أمران: أولاً، أهمية المُشاركة ومُساعدة من هم في عَوَز وحاجة والتي هي ههنا في هذه الحالة إطعام الجموع. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: ” في هذه المعجزة يسوع كان يعلمهم التواضع، القناعة والإحسان وأن يُفكروا ببعضهم البعض وأن يتشاركوا كل شيء فيما بينهم”. ثانياً، أراد أن يُريهم أن سبب تحقيق هذه المعجزة هو الحاجة والضرورة وليس المجد الباطل عندما أدرك التلاميذ صعوبة واستحالة إشباع هذه الجموع من الخمسة أرغفة والسمكتان تدخَّل يسوع قالاً لهم :” هلم بها إليَّ إلى هنا”. ثم ” أخذ الخمسة الأرغفة والسمكتين ونظر الى السماء، وبارك وكسر وأعطى الأرغفة لتلاميذه والتلاميذ للجموع”. لقد رأت الكنيسة المقدسة في هذه الأفعال التي صنعها الربّ يسوع: “أخذ، نظر، بارك وكسر وأعطى” صورة مُسبقة لسرّ الشكر الإلهي أو “الأفخارستيا” لقد نظر يسوع إلى السماء كما يقول الذهبي الفم ” لكي يُظهر لنا أنه مُرسَل من الله الآب وأنه أيضاً مساوٍ له “. لقد كان هذا الفعل من أجل تعليمنا أن لا نتناول الطعام حتى نعطي الشكر لله الذي أعطانا هذا الطعام”. أما القديس كيرلس الأسكندري فيقول: “حتى يُعرَف السيّد بأنه هو الله بالطبيعة، هو كثَّر ما كان قليلاً، لقد نظر نحو السماء كما لو كان يطلب البركة من العلو. لقد صنع هذا بفعل التدبير الإلهي. من أجلنا لأنه هو نفسه الذي يملء كل الأشياء ويُباركها هو البركة الحقيقية النازلة من فوق من عند الآب. ولكنه فعل هذا حتى نتعلم منه عندما نُحظّر مائدة الطعام ونُحضّر الخبزات ونستعد لكسر الخبز أن نُحضرها نحو الله بأيدي مرفوعة وننظر إلى السماء مستحضرين عليها البركة التي هي من فوق. لقد كان الربّ يسوع البداية، النموذج والطريق” لقد كان واضحاً أن الجموع قد رأت في هذه المعجزة صورة مسيانية للمسيح، إذ قالوا في إنجيل يوحنا ” هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم ” (يوحنا 6: 14). لقد تذكر الشعب العبراني آباؤهم الذين أكلوا المنّ في البرية (خروج 16: 4- 16) ورأوا في المسيح صورة المسيّا الذي يُطعم شعبه. هذه الحركات الأفخارستية “أخذ – بارك – كسر وأعطى ” كررّها الربّ يسوع ذاتها في العشاء الأخير قبل صلبه وآلآمه. يقول الإنجيلي متّى: “وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي، وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم ” ( متى 26: 26) لقد أعطى الربّ يسوع “الأرغفة لتلاميذه والتلاميذ للجموع”. لقد أعطى الأرغفة لتلاميذه علّهم يتذكرون دائماً هذه المعجزة وتبقى في ذاكرتهم ولا تتلاشى من أذهانهم رغم أنهم قد نسوها حالاً. يرى الآباء القديسون في هذا الفعل منح النعمة والسلطة للتلاميذ لخدمة شعب الله. ” أن يصيروا خدّام المسيح ووكلاء أسرار الله”.( 1 كورنثوس 4: 1). الرسل القديسون هم الأساقفة الأوائل وقد منحهم الربّ يسوع هذا السلطان الذي انتقل منهم إلى تلاميذهم من بعدهم من خلال الشرطونية و” التسلسل الرسولي”. “Apostolic Succession” لقد أمر الربّ يسوع تلاميذه أن يجمعوا ما فَضِل من الكِسَر ” اثنتي عشرة قفة مملؤة ” و يضيف الإنجيلي يوحنا “لكي لا يضيع شيء “(يوحنا 6: 12). بحسب القديس يوحنا الذهبي الفم لقد أراد الربّ يسوع من تلاميذه ضبط النفس والقناعة وأن يكونوا وكلاء صالحين ( (Good Stewards وأمينين على الخيرات التي منحنا إياها الرب نحن نعيش في مجتمع الإستهلاك حيث هناك تبذير كبير للموارد والخيرات البشرية. لقد أقامنا الله أُمناء على الخليقة (لوقا 12: 41- 48) لنصونها ونُحسِن إدارتها. هذا ما أراد الربّ تعليمه لتلاميذه ولنا. نحن مسؤولون أمام الله عن هذه الخيرات وعن توزيعها العادل بين البشر، الهدر وإضاعة الخيرات هوخطيئة أما القناعة والتدبير الحسن وشكر الله على خيراته ونعمه هو فضيلة مسيحية لقد وضعت الكنيسة المقدسة صلوات تبريك الطعام وصلاة شكر بعد الأكل لتعليمنا أهمية شكر الله على نِعَمه وبركاته كما نصلي صلاة الشكر بعد تناول القرابين المقدسة. كما تُقيم الكنيسة الأرثوذكسية خدمة ” تبريك الخمس خبزات ” في صلاة غروب الأعياد السيدية وأعياد القديسين والتي هي تذكار لمعجزة “الخمسة الأرغفة والسمكتان”. ونرتل في نهاية الصلاة : ” الأغنياء افتقروا وجاعوا، أما الذين يبتغون الرب فلا يعوزهم أي خير” آميــــــن المتروبوليت باسيليوس
المزيد
23 سبتمبر 2022

رائحة المسيح الذكية

أتدري يا صديقي أنه متى كانـت لـك حيـاة روحيـة حقيقية وقلـب ممتلئ بالنعمـة لا بد أن ينعكس ذلك على حياتك العملية ، فتظهر رائحـة المسيح في كل تصرفاتك ؟ وهذا هو ما نود الحديث عنه في موضوعنا هنا إنها الخطوة السابعة في طريقك الروحي والتي تعكس نجاحك في الخطوات الست السابقة . " ولكـن شـكراً للـه الـذي يقودنا في موكب تصـرته في المسيح كـل حـين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان . لأننا رائحة المسيح الذكية لله ، في الذين يخلصون وفي الذين يهلكـون لهـؤلاء رائحـة مـوت يـمـوت ، ولأوليك رائحـة حيـاة لحياة ومن هو كفوء لهذه الأمور ؟ لأننا لسنا كـالكثيرين غاشين كلمة الله ، لكن كما من إخلاص ، بل كما من الله نتكلم أمام الله في المسيح " ( ۲ کو ٢ : ١٤ - ١٧ ) تظهر فينا رائحة المسيح ، من خلال خمس فضائل :- أولا المحبة : - الإنسان المسيحي لا يعرف إلا المحبة . والعالم اليوم في أشد الحاجة إلى المحبة النقية الحقيقية ، تلك المحبة التي يقدمها الإنسان المسيحي الحقيقي في معاملاته مع الجميع . لذا على الإنسان المسيحي أن يراجع نفسه دائماً ، ويسأل نفسه : هل يوجد في قلبه فكر كراهية من جهة أي أحد ؟! وما هو مقياس المحبة تجاه كل من هـم حوله ؟! والقديس أغسطينوس له هذا القول الجميل : " حب الكل ، فيكـون لـك الكل " . ثانياً السلام :- وتسمى صناعة السلام بالصناعة الصعبة بل أنها أصعب صناعة يحتاجها العالم اليوم ، فالعالم أضحى ممتلئاً بالتوثر في كل مكان ، وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط " وثمر البر يزرع في السّلام من الذين يفعلون السّلام " ( یع ۳ : ۱۸ ) . فهناك شخص مجرد وجوده يكون سبب في تهيج المشكلات ، بسبب كلامـه غير الحكيم ، ولكن نجد شخصاً آخر ، كلامه يريح الجميع بحكمته وتصرفاته التي تزرع السلام من تعلم يا صديقي فن حل المشكلات بهـدوء ، بل اجعـل نفسـك دائماً صناع السلام ، كما يقول الكتاب " طوبى لصانعي السّلام ، لأنهم أبناء الله يدعون " ( مت 5 : 9 ) . ثالثاً اليقظة :- بمعنـى التوبـة في كـل يـوم ، فالإنسان المسيحي إنسـان يقـظ ومنتبـه ومستعد واليقظة أيضاً تعني السهر والاستعداد ، فمتى تسلل الكسـل إلى حياتك الروحية عليك أن تتدارك نفسك سريعاً ، واعلم أن هذا الكسل هو حـرب من الشيطان ، يجب الانتباه له حتى لا تفسد الخطية حياتك بسبب هذا الكسل . رابعاً الحكمة :- " إن كان أحـد كـم ثـعـوزه حكمـة ، فليطلب مـن اللـه الـذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير ، فسيعطى له " ( يع 1 : 5 ) . فالفضيلة لا تكـون فضـيلة إلا بالحكمـة ، والحكمـة تتجشـد في حيـاة الإنسان بشكل عملي في حسن التصرف ، أو في عرض موضوع ما ، أو في حل مشكلة .الخ . ويحكى في التاريخ ، أن ملكاً في أحد العصور أقام حفلـة كبيرة ، ودعا إليها جميع کبار رجال الدولة ، وكان من ضمن المدعوين البابا البطريرك ، وفي نهاية الحفل ، كان كل فرد من رجال الدولة يقـوم بتقبيـل يـد الملك اليمنى ، فيضع الملك فيها كيساً من الذهب ،على سبيل الهدية . فجاء دور البابا البطريرك ، فقبل صدر الملك ! فتعجب الملك وقال له : لماذا صنعت ذلك ، فقال البابا لأنه يوجد لدينا آية في الإنجيـل تقـول : " قلـب المـلك في يد الرب " ( أم ٢١ : ١ ) . وأنا قبلت يد الرب التي تحرس قلبك يا جلالة الملك ، فارتاح الملك لهذا الكلام ، وأعطى البابا كيسين من الذهب ! وهذه هي الحكمة . فقد كرز بالإنجيل وقدم محبة وتصرف بدبلوماسية . الإنسان المسيحي الحقيقـي عـادة مـا يـكـون إنساناً حكيماً ، لأنـه يـتعلم الحكمة من حياة ربنا يسوع المسيح ، فعندما سألوا السيد المسيح عـن الجزية ، وهل يجب دفعها أم لا ؟! طلب أن يرى عملة ، ونظر إلى وجهيها ، ثـم قـال في حكمة : " لمن هذه الصورة والكتابة ؟ قالوا له : لقيصر ، فقال لهم : أعطوا إذا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " ( مت ۲۲ : ۲۰ - ۲۱ ). وأيضاً في قصة المرأة السامرية ( يو 4 ) ، تعامل السيد المسيح معها بمنتهى الحكمة ، وبدأ هو في الحديث معها ، وكان يشجعها في حديثها ببعض الكلمات المشجعة ، مثل " حسناً قلت " ، وبذلك قادها إلى التوبة والإيمان . حتى أن زكا وفي مقابلة زكا ، تقابل السيد المسيح معه بمنتهى الأطف تغيّر قلبه وتاب ، وقال : " ها أنا يارب أعطي نصف أموالي للمساكين ، وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف " ( لو 19 : 8 ) . وفي قصة الابن الضال ( لو 15 ) ، كان من الممكن أن أبـاه لا يقبـل عودتـه ويطرده ، ولكنه تعامل مع ابنه بحكمة وأخذه في حضنه وقبله . وهكذا يا عزيزي القارئ ، الإنسان المسيحي يظهر رائحة المسيح في حكمته في مواجهة المواقف المختلفة . خامساً ينبوع التعزيات :- الإنسان المسيحي هو ينبوع التعزيات ، فحضـور المسيحي حضـور مـفـرح فعندما يأتي الإنسان المسيحي يأتي معه الفرح والبشاشة . وهكذا حضور الإنسان المسيحي يعكس حضـور اللـه ، بالفرح الذي يملأ قلبه . وأخيراً هذه الفضائل الخمس : المحبة ، السلام ، اليقظة ، الحكمة ، وينبـوع التعزيات . هي مظاهر حضور الله في حياتنا ، وإذا أخذنا الحرف الأول في هـذه الكلمات الخمس ، ستظهر كلمة " مسيحي " .اجلس مع نفسك قليلاً في هدوء ، وراجع حياتك ، ما هي المجالات التي يمكن أن تظهر رائحة المسيح فيها ؟ والآن سأقدم لك يا عزيزي تطبيقاً عملياً عن كيف تكون رائحة المسيح الذكية في تعاملاتك مع الآخرين .في البداية هناك ثلاثة أسئلة هامة يجب أن تضعها أمامك عنـدما تتعامل مع أي شخص : هل تعرف احتياجات الإنسان الأساسية ؟ ... هـل تعـرف أشكال التواصـل مع الآخرين ؟ ... هل تعرف مبادئ التفاعل مع الآخر ؟ السؤال الأول :هل تعرف احتياجات الإنسان الأساسية ؟ إن أي شخص منـا ، مـهـمـا كـان وضعه وسنه وعملـه ومنصبه ودراسته وتكوينه ، له احتياجات ، فما هي هذه الاحتياجات ؟! إن أي إنسـان منـا ، يحتـاج إلى أربعة احتياجات أساسية وهي : الاحتياجـات الجسدية ، والاحتياجـات النفسية والاحتياجـات العقلية ، والاحتياجات الروحية . فلا يوجد شخص لا يحتاج إلى هذه الاحتياجات .. الاحتياجات الجسدية تتلخص في : الأكل والشرب والملبس والنـوم ، وأحياناً تسمى الاحتياجات الجسدية بالاحتياجات البيولوجيـة فكلمـة " بيـو " باللغة اليونانية تعني " حياة " .أما الاحتياجات النفسية ، فهي الاحتياج إلى التقدير والحنـان ، والأمـان والحرية ، وأيضاً يحتاج الإنسان إلى الحب ، وهذه الاحتياجات تبـدأ منذ بدايـة ولادة الطفل ، وتنمو وتتغيـر بنمو الإنسان . وبالنسبة للاحتياجات العقلية ، فهي الاحتياج إلى تغذية العقـل بـالقراءة والاطلاع والمعرفة . أما الاحتياجات الروحية ، فهي الاحتياج المطلق إلى الله ، والاحتياج إلى الغفران ، أي احتياج الإنسان لعمل الله في حياته ، ومعية الله في كل أعماله . ويعد الاحتياج النفسي أحد أهـم هـذه الاحتياجات ، وهـو يـتلخص في الاحتياج للحب ، فيصير الحب هو مفتاح القلوب ، فمتى شعر الإنسان بمحبة الآخرين سيتقبل منهم أي شيء بحب واهتمام . لذلك عندما تعامل الله معنا نحن البشر ، تعامل معنا من منطلق الحب كـمـا يقـول الكتـاب : " لأنّـه هـكـذا أحـب اللـه العـالم حتّى بذل ابنه الوحيـد لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية " ( يو 3 : 16 ) . السؤال الثاني : هل تعرف أشكال التواصل مع الآخرين ؟ التواصل لـه ثلاثـة أشكال ، وهي : الشكل الفردي ، والشكل الجماعي والشكل المتعدد . الشكل الفردي : يكون في الافتقاد ، وليس شـرط أن يتم الافتقاد في المنزل ، فيمكن أن يتم في الكنيسة ، ويسمى : " جلسة حب " ، أو يتم عن طريق التليفون . الشكل الاجتماعي : يكون عن طريق الاجتماعات بكل تنوعاتها ، وتسـمي هذه الاجتماعات " لقاء حب " . أما الشكل الثالث ، فهو الشكل المتعدد : فهو شكل الأنشطة الكنسية على اختلاف أنواعها ، وهذه تسمى " أعمال حب " . تلاحظ هنا تكرار كلمة " حب " ، لأن مفتاح الإنسـان هـو الحـب ، وكلمـة " حب " هي كلمة من حرفين ، وهما : " الحاء " ومعناها " حياة " ، و " الباء " ومعناهـا " بقاء " ، فبقاء الحياة لا يكون إلا بالحب . السؤال الثالث : هل تعرف مبادئ التفاعل مع الآخر ؟! مع بمعنى كيف يتفاعل الإنسان مع أخيه الإنسان ؟! وكيف يكون كلامك الآخر مقبولاً ، وكلمة تفاعل تعني Reaction ، فقد تتقابـل مـع شخص ، ومـن أول لقاء يحدث نوع من القبول بينكما ويبدأ الحوار . مبادئ التفاعل ثلاثة مبادئ :- أولها مبدأ القبول : الإنسان المسيحي يقبل الجميع ، ولا يكـون لـه جماعـة خاصـة به ، فقلبـه مفتوح للجميع . المبدأ الثاني هو مبدأ التفاهم أو الاتصال :- بمعنى أنك تستطيع أن تصل إلى الآخر،إلى قلبه وعقله . المبدأ الثالث هو المبادرة:- فالذي يبادر بالحديث هو الذي يبادر بكسر الحواجز بينه وبين الآخرين ، وبذلك يفتح قنوات عديدة للحديث والتفاعل . المبدأ الرابع هو التشجيع : والتشجيع هـو إحـدى الاحتياجات الأساسية في التفاعـل الإنساني مثـل وهـو أيضـاً أحـد الأسباب الرئيسية لنجاح التفاعـل مع الحب تـمامـاً الآخرين . والآن أود أن أحدثك . عن ثلاث مهارات أساسية للتفاعل مع الآخرين المهارة الأولى : الحوار والمناقشة ، والسؤال والجواب . المهارة الثانية : الاستماع الإيجابي . المهارة الثالثة : القراءة والثقافة والاطلاع . 1ـ المهارة الأولى :- هي مهارة الحوار والمناقشة ، والسؤال والجواب ، بمعنى مهـارة الكلام وترتيبه . وتوجـد لغتـان للكـلام : لغـة لفظية ، ولغة جسدية ، أي بـدون ألفاظ ! الإنسان يتأثر باللغة اللفظية بنسبة 40 % ، أما اللغة الجسدية ، فيتأثر بها بنسبة 60 % ، وهذه اللغة تشمل : نظرات العين ، وطريقة الجلوس وغيرها مـن الحركات والأوضاع التي نعتمد عليها في حديثنا . مهارة الحوار أيضاً يدخل بها فترات الصمت ، بمعنى أنه أثناء حديثك مع شخص آخر ، قد يكون هناك فترة صمت لمدة ثوان ، وإذا قام الشخص الآخـر بالبكاء ، حاول أن تقدر سبب بكائه وحساسية مشاعره . أيضـاً نـبرات الصـوت لـهـا عـامـل هـام ، فـإذا أردت أن تعطي اهتمام في الحديث ، وتشعر مـن أمامـك بأهميتـه عنـدك ، يجـب أن تخفـض نـبرة صـوتك وكأنك تهمس في أذنه ، وهذا يعطي نوع من الخصوصية للآخر ، وكأنك تعطيـه رسالة خاصة ، وأنه قريب إليك جداً وأن هذه الرسالة لا تريد أن يسمعها أحـد غيره ، وحاول أن تجعل جلستك منطقية ومسلسلة ، وأنصحك أن تصلي في قلبك أثناء حديثك مع الآخر ، فصلي قائلاً : " يارب أرشدني وعلمني ماذا أقـول ، اكشـف لي يارب ما يجب أن أتحدث به " . ٢- المهارة الثانية :- هي مهارة الاستماع الإيجابي ، والإنصات الكياني . ... فاسمع بابتسامة واظهـر الاهتمام والتعبير ببعض الكلمات البسيطة ، مثل : شاطر ، أو ماذا فعلت بعد ذلك ؟ ... وهكذا من كلمات ، تبرز مدى الاهتمام .كذلك الاهتمام بلغة الجسد فهي تنقل العديد من الرسائل أبلغ وأقـوى من الكلمات . وعلى قدر استطاعتك ، عليك أن تضع الإنجيـل بينك وبين من تحدثه بالأخص في جلسات الافتقاد ، ويمكنك أن تستعين به في حديثك ، فـروح اللـه تستطيع أن ترشد الإنسان ، وتعطيه حكمة في الموضوع الذي يتحدث فيه . 3 ـ المهارة الثالثة :- وهي مهارة القراءة والثقافة والاطلاع ، فالقراءة توسّع مدارك الإنسان وتنميها ، مثل علم النفس أو علم الشخصيات ، أو كيفية مواجهة المواقف والأزمات . أخيراً يا عزيزي أود أن أهمس في أذنك ، أن اللمسات الشخصية التـي تقدمها للآخرين تصنع فارقاً كبيراً في كيفيـة مـواجهتهم للمواقف . وتذكر أن " رابح النفوس حكيم " ( أم 11 : 30 ) . قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨ عن كتاب خطوات
المزيد
15 أبريل 2023

ما معنى سبت النور

لماذا اسمه سبت النور ، السبت الذي يسبق احد القيامة ؟؟ أهم ملاحظة يخطئ بها معظم المسيحيين هي أن سبت النور ليس أحد القيامة ، فالسيد المسيح النور الازلي، ما زال في قبره ولم يقم من الموت حتى صباح الاحد .السيد المسيح له المجد منذ أن مات على الصليب يوم الجمعة عصراً نزل إلى الهاوية أي الجحيم لِيَطرَح الشيطان خارجاً ويُقيِّده ، ويُحرِّر أرواح الأبرار الذين رقدوا على رجائه ويُدخِلهم الى الفردوس، فيسمّى سبت النور لأن السيد المسيح أنار على الذين كانوا في الظلمة أي الهاوية بدليل أن الكتاب المقدّس يعلن ( ١٦الشعب الجالس في ظلمة أبصر نورا عظيما ، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور". ) متى 4: 16 وكذلك يقول الرسول بولس ( وأما أنه صعِدَ فما هو إلاّ أنه نزَلَ أيضاً إلى أقسام الأرض السُّفلى) أفسس 4: 9. والرسول بطرس يؤيد ذلك قائلاً (الذي فيه أيضاً ذهبَ فكَرزَ للأرواح التي في السجن)1بطرس 3: 19. لنتذكر أن يوم الخميس حدث العشاء الأخير و هو آخر عشاء للسيد المسيح مع تلاميذه و بعد ألقي القبض عليه و تمت محاكمته من قبل محكمة السنهدريم اليهودية و حكموا عليه بالموت و يوم الجمعة العظئمة أو الحزينة حصلت حادثة الصلب و يوم الاحد باكراً قام السيد المسيح من بين الأموات فلماذا يسمى يوم السبت سبت النور ؟؟؟ لا يمكن بحث أي مفهوم بالعهد الجدد العهد الذي ابتدأ مع ولادة السيد المسيح أو شرح أي شيء من الانجيل ما لم يكن بالاستناد الى أساس موجود و كتابي بالعهد القديم .. لنبدأ مع أنوار السبت اليهودية يوم السبت هو يوم العبادة في اليهودية ، فعند غروب الشمس من يوم الجمعة تبدأ ربّة البيت في إشعال شموع السبت، وتسمى نور السبت أو أضواء السبت. The Sabbath light و هي مصابيح خاصة أو أضواء زائدة عما هو معتاد. وأثناء هذه الإضاءة تدعو في صلاتها أن يبارك الله عملها وأسرتها. والصيغة المألوفة لديهم هي : « يا الله يا ربنا ، يا ملك الكون، يا من قدستنا بوصاياك ، وأوصيتنا أن نضيء يوم السبت» وكلمة سبت معناها الراحة و لكنه ليس يوم كآبة، بل هو وقت سرور وبهجة، ويستمر هذا اليوم حتى غروب شمسه، وإذا كانوا في المعبد فإنهم يعودون ليجدوا مائدتهم معدة. ويبدأ الزوج يرتل دعاءه لزوجته، ثم يقرأ بعض فقرات من سفر التكوين مما يتعلق ببدء الخليقة والراحة يوم السبت ثم يتناول رغيفاً فيقرأ عليه أيضاً ويباركها. ثم يقدمها لزوجته ولأولاده، ثم يتناول رغيفاً فيقرأ عليه أيضاً ويباركه ثم يقسمه بين أفراد الأسرة، ثم يتلو ذلك طعام العشاء سبت النور في المسيحية و هو السبت الذي يسبق احد القيامة الاحد الذي شهد قيامة السيد المسيح من بين الأموات بشهادة جميع الديانات .. "إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" «تَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ يَكُونُ الْفِصْحُ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ لِيُصْلَبَ» فالسيد المسيح سبق و أنبأ عن صلبه و قيامته لرسله و لهذا حرص اليهود على ان يحرس الجنود الرومان القبر ، فهم خافوا أن يسرق تلاميذه الجثمان الطاهر و يدعوا أن نبوءته تحققت و لكن رغم هذا الاحتياط فإن كلام الرب تم و حدثت القيامة المزلزلة التي كانت ميلاد للصلحة الكبيرة بين الله و البشر بعد طردهم من جنة عدن فصلب السيد المسيح و قيامته هو الذي سمح للانسان بالعودة الى حضن الله الآب نعود لموضوع سبت النور أو سبت الفرح و هو كلمة اصطلاحية أخذت أبعادها من شعلة مقدسة تنطلق من كنيسة القيامة و المكان الذي وضع فيه الجسد لثلاثة أيام قبل القيامة ، حيث يظهر النور في قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة، وينطلق هذا النور ويشعل الشموع التي توزع على كل الموجودين ولا يكون النور المقدّس مُحرِقًا لبضع دقائق و يقوم الشعب الحاضر بتمرير أيديهم في النور ومسح وجوههم به كما ليغتسلوا . وكثيرون يتحدّثون عن مشاعر فائقة الوصف تنتابهم من جرّاء هذا الفعل، سلامًا عميقًا مفرحًا يفوق الإدراك. ثمّ بعد فترة من الوقت تتحول شعلة النور إلى شعلة من النار عادية.
المزيد
02 سبتمبر 2022

قدسوا صوماً

" الصوم هو الوسيلة لضبط الأهواء والشهوات ، حتى تنسجم حياة المسيحي مع روح | الله الذي يقوده في طاعـة وخضوع " . ( القمص بیشوی کامل ) " ناد بصوت عال . لا تمسك . ارفع صوتك كبـوق وأخبر شعبي بتعديهم ، وبيت يعقوب بخطاياهم . وإياي يطلبون يوماً فيوماً ، ويسرون بمعرفة طرقي كأمة عملت برا ، ولم تترك قضاء إلهها . يسألونني عن أحكام البر . يسرون بالتقرب رب إلى ا الله . يقولون : لماذا صمنا ولم تنظر ، ذللنا أنفسنا ولم تُلاحظ ؟ ها إنكم في يـوم صومكم توجدون مسرة ، وبكل أشغالكم تسخرون . ها إنكم للخصومة والنزاع تصومون ، ويتضربوا بلكمة الشر . لستُم تصومون كمـا اليـوم لتسميع صوتكم في العلاء . أمثل هذا يكـون صـوم أختاره ؟ يوماً يذلل الإنسان فيه نفسه ، يحني كالأسلة رأسه ، ويفرش تحته مسحاً ورمادا . هل تُسمي هذا صوماً ويوماً مقبولاً للرب ؟ أليس هذا صوما أختاره : حل قيود الشر . فك عقد النير ، وإطلاق المسحوقين أحراراً ، وقطع كل نير . أليس أن تكسر للجائع خبرك ، وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك ؟ إذا رأيت عريانا أن تكسوه ، وأن لا تتغاضى عن لحمك . حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك ، وتنبت صحتك سريعاً ، ويسير برك أمامك ، ومجد الرب يجمع ساقتك . حينئذ تدعو فيجيب الرب . تستغيث فيقول : هأنذا . إن نزعت من وسطك النير والإيماء بالأصبع وكلام الإثم . وأنفقت نفسك للجائع ، وأشبعت النفس الذليلة ، يشرق في الظلمـة نـورك ، ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر . ويقودك الرب على الدوام ، ويشبع في الجدوب نفسك ، وينشط عظامك فتصير كجنّة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه " ( إش ٥٨: ١ - ١١ ) . من خلال قراءتنا السابقة يوضح لنا إشعياء النبي مبادئ روحية هامة :- كيف يمثل الصوم ركن أساسي من أركان الحياة الروحية . إن أخطر ما يهدد فضيلة الصوم هو خطية الرياء . فالصوم أو الخطوة الروحية الرابعة هو ممارسة تعبدية ، ولكن يجـب أن تخلو من الرياء . وفي هذا الأصحاح يشـرح لنـا كيـف يمكن أن تتسلل هـذه الخطية إلى حياة الإنسان دون أن يدري . تأمل معي في العـدد الثـاني مـن هـذا الأصحاح إذ يقـول : " وإياي يطلبون يوماً فيوماً ، ... " ، يصلون ... ولكنهـا صـلاة ظاهرة من الشفتين أو من اللسان ، ولا تتعدى ذلك ، ويبقى قلـب الإنسـان كـما هو لا يتغير ، لذلك عندما ينتهـي مـن الصـلاة تجـده يتصـرف تصـرفات غير مقبولة وغير لائقة ولا تتماشى صلاته مطلقاً . ربما تسألني الآن ، كيف للخطية أن تتسلل لحياة الإنسان دون أن يدري ؟ أجيبك : إن لخطية الرياء مظاهر عدة دعنا نسردها سوياً . 1- مظهر من مظاهر الرياء هو إدعاء المعرفة العقلانية : تشعر وأنت جالس مع الشخص أنه موسـوعة ، ولكن ليست موسـوعة اتضاع ، ولكن موسوعة كبرياء ، يفتخر بذاته وبما حصـله مـن معـارف ، ونقـرأ في ( مت ۲۳ : ۱۳ ) : " ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون " ، وكانت طائفة الكتبـة والفريسيين هم من قمة طوائف اليهود ، فكلمة : " فريسي " معناهـا : " مفـرز " ، بينما كان الكتبة أشخاصاً متميزين جداً ( الكتبة هم الناسخون ) ... وبالرغم مـن كل ذلك كانوا بعيدين عن الطريق الروحي كثيراً ، وقـد وبخهم السيد المسيح مرات عديدة . مظهر آخر وهو إظهار الغيرة ونسميه أحياناً " ناموسي " : ناموسي بمعنى " حرفي " أي يحيا بالحرف ، والحياة المسيحية عندما تتعمق فيها تجدها تعتمد على القلـب والـروح ، ولا تعتمـد عـلى الحرف ، ومـن يحيا بالحرف لا يمكنه أن يدرك المسيح . لذلك قال ربنـا يسوع المسيح : " ما جئت لأنقض بل لأكمل " ( مت ه : ١٧) ، فالمقصود هو أن يكمل الفهـم ، فتقـرأ العهـد القديم بروح العهد الجديد ، وتتحول الوصية في حياتك إلى شهادة عمليـة عـن علاقتك بالله 3- صورة أخرى من صور الرياء ، أن الإنسان يتظاهر أنه قريب من الله : يسر بالتقرب إلى الله " من خلال طقوس وممارسات معينة ... يتظاهر إنه قريب من الله وحقيقته من الداخل غير ذلك ، تصور معي إنسان يقضـي صائـماً ويمارس ممارسات روحية ، ثـم بعـد فترة الصـوم يغضـب بشـدة ويسقط في خطايا عديدة . فماذا استفاد إذن من صومه ؟ فترة الصوم هي فترة تساعد الإنسان في نموه الروحي ، وليست مجرد الامتناع عن الطعام . الآن دعني أسألك : لماذا الصوم الذي تحدث عنه إشعياء النبي في هـذا الأصحاح كان مرفوضاً ؟ هناك ثلاثة أسباب واضحة في الأعداد ( ٣ ، ٤ ، ٥ ) :- 1- أن هذا الصوم كان غير منضبط : هـو صـوم يـسـر صـاحبه لا يسـر اللـه ، فهـو صـوم لا يسير بنظـام بـل يستعرض فيه الإنسان إمكانياته وقدراته . 2- أن هذا الصوم كان بلا صمت : الصوم ليس عن الطعام فقط ، بل أيضاً عن الكلام ، فهـذا الصـوم المرفوض ليس فيه صمت بل فيه خصومة مع الغير ، وفيه إدانة للآخرين . 3- أيضاً هذا الصوم مرفوض لأنه بلا تذلُل : هو شكل بلا جوهر فهو مجرد منظر داخلي ، لذا تحرص الكنيسة أن ترتّب لنا في الأصوام قداسات لأوقات متأخرة لتساعد الإنسان في ممارساته الروحية . والآن يا عزيزي ، حان لنا أن نفكر سوياً كيف نصوم ، وكيـف ننال بركـات هذا الصوم ؟ في فترة الصوم المقدس ، احرص أن تقدم لنفسك ثلاثة أنواع من الأغذية الروحية : غذاء روحي غذاء ذهني ... وغذاء نسكي ۱۔ الغذاء الروحي : وهو ما تقدمه لنا الكنيسة في كل أشكال العبادة ، وممارسة الأسرار ، جيـد أن تتقابل مع أب اعترافـك قبـل الصـوم ، وتضع خطـة للصـوم ، ولا تتكاسل في تنفيذها . ۲۔ الغذاء الذهني : الذي يعتمد أساساً على القراءات الإنجيلية ، والكنيسة تعلمنا في فترة الصوم المقدس أن نقرأ النبوات . ويمكنك أن تأخـذ سـفراً واحـداً مثـل : إشعياء ، إرميا ، أو تأخذ مجموعة أسفار مثل : أسفار الأنبياء الصغار ، لكن يجب أن تقـرأ يومياً ، وليست قراءة فقط ، بل ادرس .. وافهم .. وعش . وقراءة النبوات مفيدة جداً إذ تكشف مقاصد الله في حياتك . 3- الغذاء النُسكى : تسكياتك هامة جداً في الصوم ، الانقطاع شيء مهم لتقوية الإرادة . أيضـاً الطعام النباتي هو طعام هادئ الطاقة وهو طعام صحي ومفيد للإنسان أيضاً الميطانيات ( سجدات التوبة ) مـن القلـب ولـيس بالجسد ، وهي مرتبطة بالصلوات ؛ فيها الصلاة القصيرة : " يا ربي يسوع المسيح ارحمنـي أنـا الخاطئ " . احرص أثناء سجودك في الميطانيات أن ترشم ذاتك بعلامة الصليب . يمكنك أن تبـدأ بـ ١٢ ميطانية في أول يـوم ، وتزداد تدريجيـاً كـل يـوم مـع الصـوم ، وتقدمها ؛ بروح الصلاة . هذه الميطانيات هي وسيلة مساعدة لتـركـيـز الـذهن ، فيهـا تعـب وبذل ، وهذا التعب يذكرك بأتعاب المسيح من أجلك . أيضاً فترات الاعتكاف هي جزء هام من تسكياتك خلال الصوم ، ويستفاد منها كفترات تأمل وقراءة وصلاة أو ترنيم وتسبيح . فترة الصوم يا إخوتي تحكمها الآية التي تقول : " كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء " ( 1 كو ٩ : ٢٥ ) ، وأيضاً ينطبق عليها الآية : " الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج " ( مز ١٢٦ : 5 ) ، الذين يزرعون بدموع التوبة في فترة الصـوم ، يحصدون بالابتهاج في القيامة . وللصوم بركات كثيرة : 1- استجابة الصلوات :- لأنك عندما تحيا حياة الصـوم ، تشعر بالانسحاق والخشوع وتخـرج صـلواتك مـن داخلـك عميقـة وتدخل فيهـا روح الإيمان ، صلوات مرفوعة من قلب نقي . ٢- بركة أخرى من بركات الصـوم : أن يصير الـرب لـذة للإنسان ، فأنت تصوم عن الطعام لكي تتحول لذة الطعام في داخلـك إلى لذة للرب ، ويكون المسيح هو لذتك ، وكـمـا يقـول معلمنا داود النبي في أحـد مزاميره : " تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك " ( مز ٣٧ : ٤ ) . ٣- بركـة أخـرى مـن بـركـات الصـوم : أن الإنسـان يشـعر بارتفاعـه وكـمـا يقـول داود النبـي : " ليت لي جناحاً كالحمامة فأطير وأستريح " ( مز ٥٥ : ٦ ) . يرتفـع فـوق الماديـات ، وحتـى فـوق احتياجات الجسـد ، ويشعر أن رباطـات الأرض تصير ضعيفة ، ويشعر أنـه يقترب مـن السماء ويحيا بهذه الروح . ٤- أيضاً من بركات الصوم : أن الإنسان ينال الصحة الجسدية ؛ الطعـام النباتي يمنح الإنسان شكل من الطاقة الهادئة ، فلا يكون الطعام مثير في جسده أو في حياته فيعطيه صحة جسدية ، ويقول إشعياء النبي في هذا الأصحاح : " تنبت صحتك سريعاً " ( إش ٥٨: ٨ ) . 5- أيضاً في الصوم ينال الإنسان استنارة ، ولا أقصد للعين الجسدية ، ولكن العين القلبية ، عنـدمـا يقـرأ الإنجيـل يفهـم أكـثر ، وعنـدما يشارك في التسبيح يعيش أكثر ، وعندما يمارس ميطانيات يتمتّع أكثر . قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨ عن كتاب خطوات
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل