المقالات

01 ديسمبر 2022

شخصيات الكتاب المقدس شتربوزناي

شتربوزناي (عزرا 5: 3) اسم فارسي قديم ومعناه "مخلص الدولة" أو "بهاء النجم". وهو ضابط فارسي أراد منع اليهود العائدين من السبي من بناء الهيكل (عز 5: 3 و6 و6: 13) فقد كان أحد موظفي الدولة الفارسية مع تتناي والي عبر النهر (أي البلدان الواقعة غربي الفرات)، فلما رأي هو ورفقاؤه، زربابل ويشوع الكاهن ومن معهما، يبنون بيت الله الذي في أورشليم، لم يوقفوهم عن العمل، بل كتبوا رسالة متزنة لداريوس الملك يشرحون له فيها الموضوع، ويطلبون البحث عما إذا كان قد صدر فعلا أمر من كورش الملك ببناء هذا البيت. فأمر الملك بالتفتيش في الخزائن، "فوجد في أحمثا في القصر الذي في بلاد مادي، درج مكتوب فيه" ، أنه في السنة الأولي لكورش الملك أمر ببناء بيت الله في أورشليم، وإعادة كل ما نهبه نبوخذ نصر ملك بابل. فأرسل إليهم داريوس بما وجده، وأمرهم أن يتركوا عمل بيت الله، وأن يمدوهم بكل ما يلزم، مع تهديد كل من يعترضهم بالصلب. فأسرع تتناي وشتربوزناي ورفقاؤهما بتنفيذ ذلك، وهكذا تم بناء الهيكل بعد العودة من السبي البابلي (عز 5: 1-6: 15). تعالوا نتعرف أكتر على شتربوزناي ونشوف هنتعلم إيه؟ 1- شتربوزناي المتزن كان شتربوزناي مشهور جدا بأنه متزن في فعله وقوله حتى انه برغم انه ضابط عسكري ولكنه أصبح السكرتير العام لتتناي والي عبر النهر ومستشاره الخاص حتى ان تتناي استشار شتربوزناي في نص الرسالة اللي عايز يرسلها لداريوس الملك 2- شتربوزناي المدقق موضوع الرسالة يعبر عن حكمة شتربوزناي بأنه أرسل المهم في الرسالة وأرشد الملك بطريقة مباشرة عن إيه المطلوب بالضبط كان ممكن يعمل زي رسالة رحوم وشمشاي سكرتيره اللي بسبب رسالتهم توقف العمل لكن شتربوزناي أرسل للملك برجاء محدد وهو البحث عن أمر صدر أم لا والموضوع كله لا يستغرق الا قليل من الوقت في البحث في السجلات 3- شتربوزناي المتعقل لما شاف تتناي وشتربوزناي بداية العمل كان ممكن يوقفوا العمل لحين الاستفسار من الملك لكن لم يوقفوا العمل تعالوا نطبق اللي اتعلمناه 1- في كل أمورك اوزن تصرفاتك ما بين الحزم واللين...نشّف قلبك بقطعة من عقلك... ولين عقلك بقطعة من قلبك... واجعل روحك تحكم ما بين الاثنين 2- كن مدقق في كل أمورك ولا تسترسل في الكلام الكثير لأنه لا يوجد للناس طاقة للتفسير والتأويل كن واضحا فيما تقول حتى لا يفهم الآخرين خطأ 3- لا تحكم على أحد قبل أن تثبت ادانته ولا تدين أحد من مجرد سماع بعض الكلمات فالذي تراه صدق نصفه والذي تسمعه صدق نصفه فلا تصدق الا ما تراه بعينيك وتسمعه باذنك وتعايشه.
المزيد
29 أكتوبر 2022

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر بابه

تتضمن الحث على سماع التعاليم الإلهية مرتبة علـى فصل ركوبه السفينة وانتهاره الريح . ( مر 4 : 35-41 ) يجب علينا ايها الأحباء أن نتمسك بالايمان الوثيق والأعمال الفاضلة وننتبـه من سنتنا . ونسارع إلى طاعة إلهنا . لنقدر على تسكين رياح المحن وتلاطم أمـواج المعاندين . لاننا اذا تركنا الاهتمام بالأشياء الحاضرة واللذات الزمنية . ووقفنا امـام ربنا كل حين فإنه حينئذ يجود علينا بالممالك السمائية والكنوز الأبدية . ويسمح بالخلود في النعيم . وكما أن الأباء الجسدانيين إذا أحدق بهم الأولاد من كـل جـانب وتركوا لعبهم وانعطفوا إلى طاعتهم بكل قلوبهم . يقبل عليـهم الأبـاء أتـم قبـول ويمنحونهم الأموال والهدايا والعطايا الجزيلة . هكذا يكون الأباء الروحيون . وكذلـك أكون أيضاً اليوم إذا رأيتكم مجتمعين اجتماعاً روحياً . مسرعين إلى سماع التعــــاليم الألهية بمحبة ونشاط . محافظين على العمل به مسرورين . معرضين عن الاهتمـام بالأمور الجسمانية . متهافتين للجلوس على المائدة الروحانية . فأنى اسر أن امنحكـم التعاليم المنقذة للنفوس وكما أن الفلاح إذا نظر إلـى جـودة الأرض ونقاهـا مـن الأشواك والأوساخ والحشائش الردية يروم إن يزرع الحبوب بكثرة . هكـذا يـكـون حالي أنا الأن فأني إذا رايت أراضي نفوسكم قد تنقت من الاهتمام بالسكر والبـذخ وطيشان الأذهان وهيمان الأفكار الشريرة وتكون عقولكم ناظرة إلى السماء وممتـدة نحو الباقيات ومستولية على قهر الطبيعة الجسمية . فأني اسارع إلى وضع البـذاربكثرة . حيث لا اشواك تخنقه . ولا طيور تلقطه . ولا عابر طريق يقلعه . أين هذا ايها الأحباء إذ كنا لا نسمع كلام الله ولا نعمل به ؟ الا نعلم كما أن الإيمان بدون عمـلى لا يجدي نفعا . كذلك سماع كلمة الله بدون فهمها والعمل بها لا يفيدنا شيئا فالذي يسـمع ولا يعمل يشبه ذلك الجاهل الذي بنى بيته على الرمل . لهذا أتضرع اليكم ايها الأحباء . ان يكون سماعكم للأقوال الألهيـة كسـمع الفاهمين لها والباحثين عن معانيها المسارعين إلى العمل بأوامرها . الحذريـن مـن مخالفتها . الخائفين من العقاب عن اهمالها . لنشابهوا الذي حفـر الأسـاس وأجـاد . ووضع الحجر على الصخرة مقدما النظر نحو ملاقاة الرياح ومصادمـة الأمواج وإلا يكون سماعكم كسمع المهملين الذين يضيعون أتعابهم باطلا . حيث يتعبون فـى جمع الحجارة وأبتياع الآلات وصرف نفقات الفعلة والبنائين ثم يضعـون الأسـاس على الرمل أسمعوا ربنا له المجد حيث يقول : " من يسمع أقوالي ويعمل بها أشـــبه برجل عاقل بنى بيته على الصخر فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبـت الريـاح ووضعت على ذلك البيت فلم يسقط . لأنه كان مؤسسا على الصخرة " مت٢٤:٧-٢٥ وقال ايضـا " وكل من يسمع أقوالي هذا ولا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته علـى الرمـل . فنزل المطر وجاءت النهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سـقوطه عظیما مت٢٦:٧-٢٧ فسبيلنا إذن أن نقلع عن التلاهي بـــــــالزائلات وأعمالـها النجسـة كالـهزء والضحك وسماع الاصوات الخبيثة وما شبه ذلك . ولنتمسك بأعمال المحبة والرحمـة والرأفة والاتضاع والصدقة على المحتاجين والأفراج عـن المتضـايقين وأفتقـاد المسجونين.والأنشغال بالأمور العقلية المثمرة لهذا . كالصلوات والقـراءات وغـير ذلك . ونقف قدام ربنا بوجوه مشرقة وأعمال مضيئة . فنأخذ أكليـل الظفـر ونفـوز بنعمة ربنا والهنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى الأبد أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
27 نوفمبر 2022

كانت جموع كثيرة تسير معه

إِنجيل هذا الصباح المُبارك يُكلّمنا عن ربنا يسوع المسيح وهو فىِ فترة مُنتصف خدمتهُ ، إِبتدأ يُعلّم ويعمل مُعجزات ويُعرّف أُناس كثيرة جداً عِندها رغبة أن ينظروا مَن هذا ؟ وكُلّما ذهب إِلى مكان زحمه جداً وأُناس كثيرة بعدما سمِعوا كلامهُ أيّنما ذهب ذهبوا وراءهُ ، ربنا يسوع يُعلّم الناس وتسمع ويخرُج يخرُجوا ورائهُ 0مِثل لو 14 : 25 " وكان جِموع كثيرة سائرين معهُ " ، كانت الجِموع تذهب معهُ أيّنما ذهب إِلى أى مكان ، وربنا يسوع حبّ أن يُصفّىِ هؤلاء الجِموع ( الجمع الكبير ) ويُعرّفهُم الهدف ، " فالتفت وقال لهُم : إِن كان أحد يأتىِ إِلىّ ولا يُبغض أباهُ وأُمّهُ وامرأتهُ وأولادهُ وإِخوتهُ وأخواتهُ ، حتى نفسَهُ أيضاً ، فلا يَقدرُ أَنْ يكُون لىِ تلميذاً" ( لو 14 : 25 – 27 ) ومِن الّذين سمِعوا هذا الكلام صُدموا ، نحنُ نمشىِ معك وفىِ نفس الوقت نكون فىِ بيوتنا ومع أولادنا ، وأنّ الذى يمشىِ ورائهُ لابُد أن يكون حامل صليب وليس فارغ وإِبتدأ يقول لهُم " ومَنْ مِنْكُم وهو يُريدُ أن يبنىِ بُرجاً لا يجلسُ أوّلاً ويحسبُ النّفقة ، هل عِندهُ ما يلزمُ لِكمالهِ ؟ لئلاّ يضع الأساس ولا يقدِر أنْ يُكمّل " ( لو 14 : 28 – 29 ) إِبتدأ يقول لهُم ليس الأمر هو أن تمشىِ ورائىِ ولكن هذا المشى لهُ حِساب النفقة ، إِحسب التكلفة فىِ مشيّك ورائىِ حتى لا تمشىِ ورائىِ وبعد ذلك تترُكنىِ جميل جداً أنّ ربنا يسوع المسيح يُريدنا لمّا نسير معهُ يكون ذلك بِشكل صحيح ، وجميل فىِ ربنا يسوع المسيح يُحب أن يرى كيفيّة العمل أكثر مِن شكل العمل ، يُحب أن يرى فىِ داخلنا صوم ، صلاة ، فضيلة ، وهل أنا أسير فِضول أم مِثل الناس أسير أم مبهور بهِ ؟ لِماذا أنا سائر ؟ وما هى الدوافع ؟ ولِماذا أتيت للكنيسة ؟ لِماذا أنا مسيحىِ ؟ وماذا فعلت مِن أجل الكنيسة ؟ " المِلحُ جيّد ولكِن إِذا فسَد المِلحُ ، فبِماذا يُصلَحُ ؟ لا يصلُحُ لأرضٍ ولا لِمزبلةٍ ، فيطرحونهُ خارِجاً 0مَنْ لهُ أُذُنان للسمّع ، فليسمعْ " ، أنتُم سائرين ورائىِ حلو جداً ( مِلح جيّد ) يُصلح ويُعطىِ مذاق ولكن إِذا كان هذا الملح نفسهُ فاسد ( لا يصلُح لأرضٍ ولا مزبلة ) ، لا يُمكن وضعهُ على الأرض ولا على المزبلة ، لأنّ المزبلة يُستفاد منها والملحُ يفسد الأرض والمزبلة ، لا يُمكن لِمكان أن يُرحّب بِهذا المِلح أنت مِلح لك رِسالة فىِ العالم أن يكون لنا طعم مُميّز لنا تأثير ، تحفظ العالم مِن كُلّ شر ومِن كُلّ دنس ، وربنا يسوع ينظُر للكنيسة وشعبه فيرفع غضبهُ عن مِئات مِن الخطايا ، جميل أن يعرف الإِنسان أنّهُ سائر وراء السيّد المسيح لِماذا ؟ لِيشهد لهُ ، لِيكون لِملكوته إِمتداد على الأرض ، ربنا علّمنا أن يكون لنا هدف ويكون لنا طعم ويختلف عن طعم العالم ، أرسلنا الله حِفظ للعالم ، جميل أن يعرف الإِنسان لِماذا أرسلنا الله إِلى هذا المكان ؟ فىِ عمل ، مدرسة ،لو الملح لم يصنع دورهُ يكون ملح فاسد ، ملح لا يُملّح هو خادع أرسلنا للعالم حِفظ للعالم مِن الفساد ، القديسين يقولوا " غضب الله يأتىِ لا لِزيادة الشر بل لِقلّة الأشرار" فىِ سدوم وعمورة ليس كم واحد هالك ولكن كم واحد بار ؟ قيل أنّ الله كان يرفع غضبهُ عن العالم ويُرسل الأمطار ويأتىِ بِفيضان النيل بِصلوات الأنبا بولا أنا ليس مِثل أهل العالم ، أنا لىِ طعم مُختلف قليل ولكن لهُ تأثير ، لابُد أن أعرف لِماذا أرسلنىِ الله إِلى العالم ؟ ، أرسلنا مِلح وشفاعة وقيمة للعالم ، لِنفرض أنّ فىِ العالم غلاء ، مشاكل ، حرب ، لى دور فىِ الشفاعة والصلاة الكنيسة تُصلّىِ وتقول " إِرفع يارب الغلاء والوباء وسيف الأعداء " ، تشعُر أنّ لها دور فىِ الشفاعة والحِفظ تشهد للمسيح فىِ وسط العالم ، مِن يشعُر أنّ لهُ دور حول الناس التى لا تعرِف الله ، مِن يأنّ بِداخلهُ مِن أجل إِنسان بعيد عن المسيح ، ولكن المُشكلة أننّا إِنحصرنا فىِ ذواتنا الله قال لأبونا إِبراهيم " أُباركك وتكون برَكة " أن تكون برَكة " فىِ نسلك تتبارك قبائل الأرض " ، هدف الله أن يعرِف الشروط مِن السير ورائهُ ليس السير كجُزء مِن الحياة والوقت ، لا بل كُلّ أهل بيتك وبل ونِفَسك تكون قبل منّىِ ، أتُريد أن تكون لى تلميذ وتسير ورائىِ ؟ إِجعلنىِ أتقدّم عِن كُلّ عاطفة داخلك وأنا أكون مركز حياتك أجمل ما فىِ الحياة المسيحيّة حِمل الصليب هو إِنتصار الروح ، سحق الشيطان ، غلبة العالم ، والقديسين يُقسّموا حِمل الصليب إِلى مُستويين : المُستوى الأول خاص بِك المُستوى الثانىِ خاص بالسيّد المسيح لأنّ إِسم المسيح دُعىّ علىّ المُستوى الثانىِ وهذا يُعتبر فىِ حد ذاته صليب " تكونوا مُبغضين مِن الجميع مِن أجل إِسمىِ " ، العالم يكره ويُدبرّ لنا مؤمرات ولا يُعطىِ لنا حقّنا طالما نحنُ نسير بِوصايا المسيح ، ولكن فىِ العالم أنا أبكّتهُ لأنّىِ نور والظُلمة تكره النور ، نُبغض لأنّ لنا رائحة المسيح الذكيّة التى تُظهر الرائحة الكريهة ، الناس التى تعيش فىِ العالم ولا تحمل إِسم السيّد المسيح ، العالم يُمجّدها ويُمجّدها هُم خُطاه مِثل ( الفنانين ، المُغنّيين ، زُناه ، ) كُلّ هؤلاء العالم يُمجّدهُم ولكن قديس تقىِ العالم يحتقره ويُقللّ مِن شأنهُ ويُهينهُ لأنّ إِكرامنا ليس مِن العالم ولكن نحمل الصليب وإِسأل القديسين والآباء الرُسل كم إِستهتر بِهُم العالم وعذّبهُم 0 المُستوى الأول ويختلف الصليب مِن شخص إِلى آخر ولكن لنا صليب مُشترك صليب صِراع الأهواء والشهوات والموت والحياة والإِنسان العتيق كصليب خاص بِجسدىِ مُعلّمنا بولس الرسول يقول " الّذين هُم للمسيح يسوع قد صلبوا ذواتهُم مع الأهواء والشهوات " ، الإِنسان العتيق يُصلب ويموت وأنا أُروضّ جسدىِ لأنّ الّذى يتبع الشهوات لا يستطيع أن يعرِف المسيح " الإِنسان الطبيعىِ لا يفهم ما هو لِروح الله " ، الإِنسان الجديد الّذى أخذتهُ فىِ المعموديّة مِن أجل الحياة " مِن أجلك نُمات كُل النهار " الإِنسان الّذى يرفُض الصليب الّذى داخل جسدهُ لا يقدر أن يتبعهُ ، الّذى يرفُض الصوم والصلاة رفِض حِمل الصليب ، هُناك صليب لابُد أن أسير بِحُبّهِ وبِحُب وصاياه مثلما قدّم السيد المسيح ذاتهُ على الصليب وقدّم نفسهُ ذبيحة هكذا نفسىِ وصلواتىِ وأصلُب شهواتىِ ونفسىِ ولِماذا أصلُب نفسى ؟ العالم يصلُبنىِ وأنا أصلُب العالم ، أنا مُسيّطر على العالم ومسرّاته لا تغلبنىِ وأنا غير مشدود لهُ ، لابُد أن يتطّور العالم والذى لا يعيش الصليب ينخدع وينجذب ، عِيش الصليب فالصليب هو جسدك0 المُستوى الثالث صليب آخر يُرسلهُ الله مِن الظروف المُحيطة ، واحد مُتضايق بِسبب مرض ، ضيقة ماليّة ، صُلبان يُرسل صليب مُتعب فىِ الأسرة زوجة أو زوج مُتعب بِهذا الصليب تخلُص ، الصليب يُميت الذات يُقوّيك ويسندك ويجعلك دائماً مُحتاج أن تصرُخ للّه ، إِمسك فيهِ ، الله يُحاول أن يُشعرنا بِضعفنا ، الله يعرف أنّ إِماتة الجسد صعبة فيُرسل ضيقة أو صليب تفعل ذلك ، فأصرُخ للّه فيحدُث نفع فىِ حياتىِ ولكن حدث العكس وتذمرّ الإِنسان ورفض الصليب ، كُلّ هذا عدم حمل الصليب ، الإِنسان الرافض الصليب( مُتمرّد ، صوتهُ عالىِ ، رافض مَن حولهُ وشاعر أنّ حياته سلسلة مِن الآلام ، يُحاول الإِنتقام لِنفسهُ ) قيل عن ربنا يسوع المسيح " قاتلاً العداوة بِدم صليبهُ " ، الّذى يعيش الصليب يعرِف يقتُل العداوة ، سيّدك حمل الصليب إِفعل مثلهُ ، إِن لم تفعل ذلك لا تستحق السير ورائىِ ، لأنّ السير ورائىِ يكون بِحسب قصدىِ وهواى " لأنّ ليس التلميذ أفضل مِن مُعلّمهِ " ، أُنظر ما حدث لى وقبلت ، الإِنسان الذى يفتح فاه لأعدائه وهو لم يفتح فاه ، سيّدك أُهين وصُلب إِفعل مثلهُ أحسب النفقة إِبتدأ إِنفق وإِجعل عِندك إِستعداد أن تعرِف كثير عن البُرج حتى يعلو ، كُلّ واحد يبنىِ بُرج واصل إِلى السماء لهُ نفقات مُحتاج إِلى ( صلاة ، صوم ، جِهاد ، محبّة لِربنا وللأعداء ) ، هذهِ هى نفقة بُناء بُرج الحياة ، فلا تكون بخيل لأنّك لو بنيت وليس لك الشياطين يسخروا بك والملائكة تضحك عليّك السائر وراء المسيح أخذ الشكل أنّهُ سائر مع المسيح ، ما هى النفقة هُنا ؟ نفقة مِن المال والصحة والرحمة ، أهاننىِ أسامحه هذهِ نُقطة فىِ شكلها خِسارة ولكن فىِ الداخل بُناء للبرُج مِن أجمل الأمور فىِ بُناء البُرج أنسى ماذا فعلت ولكن أتذكّر ما بقى لى ، دائماً أمامهُ ما هو ناقص عِندهُ " أنسى ما هو وراء وأمتد إِلى ما هو قُدّام " ، أنسى كم أنا صومت أو صليت أو سامحت وأفكّر كم سأفعل مرّة أُخرى مِن صوم وصلاة وتسامُح وأرسل شفاعة للسماء مِن القديسين أنا فقير وغلبان لكن نفسىِ أغلب مُشتاق أكملّ وطالما طلبت تأخُذ ، الحياة مع ربنا لها نفقة والأرض لن تُمطر عطايا ، إِحسب نفقتك مِن كُلّ مجالات حياتك ، تعلّم حياة الترك الكامل ، إِصرف على البُرج السماوىِ ، مهما كان معك مِن ثروة إِصرف على هذا البُرج ، حياة صلاة وتقوى القديسين الّذى جعلوا بُرجهُم حصين مُزيّن بالفضائل بُرج ملىء عطايا " تُبغض نفِسك " ، هذا البُرج يأخُذ كُلّ طاقتك ، إِسأل نِفسك إِلى أى مرحلة وصل البُرج وأحياناً طويلة يقف لا يزيد ، وأحياناً أشوّههُ وأهدمهُ ولكن زوّد بُرجك وإِحسب النفقة ، المفروض أنّ الإِنسان يُحاول يكون مُدقّق فىِ حياتهُ وتابع المسيح بأى شكل الله يفرح بالسير ورائهُ ولكن تكون حياة وحدة واحدة ليس منظر فىِ الكنيسة وآخر فىِ المنزل وآخر فىِ الشارع ، لكن الكنيسة فىِ داخلىِ أنا دائماً مشغول بِربنا فىِ الداخل والخارج ، لأنّ الكنيسة لا تعنىِ التركيز فىِ الكنيسة ولكن هى إِمتحان ماذا فعلت طول اليوم خارج الكنيسة الطالب فىِ الإِمتحان لا يخترع ولكن يكتُب مُحصّلة السنة الدراسيّة ، الإِنسان الذى لهُ حياة مع ربنا فىِ النهار يقف فىِ الكنيسة يشعُر بأنّ فىِ جدوى أو فائدة ، يشعُر بِفرحة روحيّة وإِنسجام فىِ الصلوات والحضور الإِلهىِ ربنا يسوع ينظُر للجموع السائرة ورائهُ ويقول لهُم الشروط لابُد أن تكون معىِ أنا تحمل الصليب تحسب النفقة وبُرج حياتك الواصل إِلى السماء تُنفق عليهِ مهما كلّفك الأمر لأنّهُ ليس هُناك أهم منهُ كُن حكيماً فىِ حِساب حياتك لتكُن تلميذ للمسيح ، يا ترى هل الّذين سمِعوا هذا الكلام تركوهُ أم هُناك مِن مشى ورائهُ لأنّ " كلِمة ربنا سيف ذو حدين " تجعلنىِ أميّز القلب والهدف لِماذا أنا معهُ وسائر ورائهُ ربنا يُعطينا أن نكون تلاميذ حقيقيين لهُ ومِلح لِحفظ العالم ولا نبخل فىِ الإِنفاق على البُرج ونكون أُمناء فىِ حمَل الصليب ربنا يسند كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين . القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
01 أكتوبر 2022

إنجيل عشيةالأحد الثالث من شهر توت

تتضمن تبكيت الذين يتنازعون في الرئاسات والقـراءات مرتبة على قول البشير " فشفي كثيرين من المرضى ... واخراج شياطين كثيرة ( مر 1 : ٢٩-٣٤ ) رأينا الأرواح النجسة والشياطين الخبيثة تسمع أقوال ربها وتجزع مـن الخالق لطبائعها هكذا . وتمتثل الأوامر بسرعة وتبــادر إلـى المراسـم بـالخوف والوقار . فما بالك أنت تسمعه دائماً يأمرك بمحبة الأخوة والاحسان للمسيئين اليـك . والمسامحة للمبغضين وأنت لا تصنع كذلك . لكنك تغضب أخاك وتخاصم صـاحبك وتود قتل مبغضيك وتنازع المؤمنين أيضاً . فاسمع ما يقوله بولس الرسول : " لانـ أولا حين تجتمعون في الكنيسة اسمع أن بينكم انشقاقات وأصدق بعض التصديـق . لانه لابد أن يكون بينكم بدع أيضاً ليكون المزكوم ظاهرين " " .ومعناه أنه إذا وقعـت بينكم شرور وخصومات يتميز الطائعون للمسيح بالصبر والاحتمال والصفـح عـن المسيئين لهم . ويظهر شر الأشرار بكثرة المحك ( والفجور والتنازع وحب الغلبـة وقال الرسول أيضاً : " أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد " . وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل . ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة . فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمـة ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد . ولآخر إيمان بالروح الواحد ولآخر مواهـب شفاء بالروح الواحد . ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر تمييز الارواح . ولأخـر أنواع السنة . ولآخر ترجمة السنة . ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسـماً لكل واحد بمفرده كما يشاء " " " . ( معناه ) فما بالكم انتم الآن تتنافسون وتتغايرون إذا كان الله هو المقسم الرتب والمعطى بحسب الاستحقاق لكـل واحـد كـمـا يـحـب ويا للعجب من أن الذين يكثرون الخصام في الاسواق والشوارع يكسبون المذمة من الناس واللائمة من الناظرين . وكذلك الذين يشوشون على المجتمعيـن فـي أمـاكن اللعب والسباق والحانات وحلقات المشعبذين يوسقهم من حضر سبأ وشتماً ويـهانون . والذين يتنازعون في أبواب الملوك والعظماء . فأنهم يضربون بالسياط ويسـجنون ولا يرحمون . فإذا كان الذين يشوشون على هذه الاماكن العالمية يفعل بهم مثل هـذه الفعال . فالذين يشوشون على بيعة الله تعالى ومصاف الملائكة ومجــامع الشهداء والأبرار بماذا يعاقبون ؟ وبأي عذاب يعذبون . اسمع يا هذا قول الكتاب عن قـورح وداثان وأبيرام الذين حسدوا موسى وهرون وأرادوا أن يكونوا كهنة مثلهم وينقلـون عن رتبة اللاويين . قال الكتاب : " قام قورح وداثان وابيرام ومئتان وخمسون رجـلاً من رؤساء الجماعة على موسى وهرون وقالوا لـهما كفاكمـا . إن كـل الجماعـة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب . فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب . فلما سـمع موسى سقط على وجهه . ثم كلم قورح وجميع قومه قائلاً غداً يعلن الرب من هو له ومن المقدس حتى يقؤبه إليه .. كفاكم يا بنى لاوى . أقليل عليكم أن إلـه اسـرائيل أفرزكم من جماعة اسرائيل ليقربكم اليه لكي تعملوا خدمة المســن وتقفـوا قـدام الجماعة لخدمتها . فقر بك وجميع أخوتك بنى لاوى معك وتطلبون أيضـاً كـهنوتاً . إذن انت وكل جماعتك متفقون على الرب . وأما هرون فما هو حتى تتذمروا عليـه . فارسل موسى ليدعو داثان وابیرام ابنى اليآب فقالا لا نصعد . أقليل أنك أصعدتنا من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتميتنا في البرية حتى تترأس علينـا أيضـاً ترؤسـاً . ولا أعطيتنا نصيب حقول وكروم . لا نصعد . فأغتاظ جداً وقال للـرب لا تلفـت إلى تقدمتهما . حماراً واحداً لم أخذ منهم ولا أسات إلى أحد منـهم . وقـال موسـى لقورح كن أنت وكل جماعتك أمام الرب أنت وهم وهرون غدا . وخذوا كـل واحـد مجمرته فيها بخوراً وقدموا أمام الرب كل واحد مجمرته ، مئتين وخمسين مجمـرة . وأنت وهرون وكل واحد بمجمرته . فأخذوا كل واحد مجمرته وجعلـوا فيـهـا نـاراً ووضعوا عليها بخوراً ووقفوا لدى باب خيمة الاجتماع مع موسى وهرون . وجمـع عليهما قورح كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتمـاع فـتراءى مجـد الـرب لكـل الجماعة . وكلم الرب موسى وهرون قائلاً ، افترزا من بين هذه الجماعة فإني أفنيهم في لحظة . فخرا على وجهيهما وقالا اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطئ رجـل واحد فتسخط على كل الجماعة . فكلم الرب موسى : كلم الجماعة قائلاً اطلعوا مـن حوالي مسكن قورح وداثان وابیرام ، فقام موسى وذهب إلى داثان وابـــرام وذهـب وراءه شيوخ اسرائيل . فكلم الجماعة قائلاً اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البغـاة ولا تمسوا شيئاً مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم . فطلعوا من حوالي مســكـن قـورح وداثان وأبيرام . وخرج داثان وأبيرام ووقفا في باب خيمتهما ، نســـائهما وبنيـهما وأطفالهما . فقال موسى بهذا تعلمون أن الرب قد أرسلني لأعمل كـل هـذه وأنـها ليست من نفسي . إن مان هؤلاء كموت كل انسان وأصابتهم مصيبة كل انسان فليـس الرب قد ارسلني . ولكن إن ابتدع الرب بدعة وفتحت الارض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا أحياء إلى الهاوية تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب . فلما فرغ من المتكلم بهذا الكلام انشـقت الارض التـى تحتـهم . وفتحـت الارض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الاموال . فنزلوا هـم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقـت عليـهم الارض فبـادوا مـن بيـن الجماعة . وكل اسرائيل الذين حولهم هربوا من صوتهم لانهم قــــالوا لعـل الارض تبتلعنا . وخرجت نار من عند الرب وأكلت المئتين والخمسين رجلا الذيـن قـربـوا البخور . ثم كلم الرب موسى قائلاً : " قل لألعازار بن هرون الكاهن أن يرفع المجـامر من الحريق وأذن النار هناك . فانهن قد تقدسن . مجـامر هـؤلاء المخطئيـن ضـد نفوسهم فليعملوها صفائح مطروقة غشاء للمذبح لانهم قد قدموها أمام الرب فتقدسـت فتكون علامة لبنى اسرائيل . فاخذ العازار الكاهن مجـامر النحـاس التـى قدمـها المحترقون وطرقوها غشاء للمذبح . تذكاراً لبني اسرائيل لكيلا يقترب رجل أجنبـي ليس من نسل هرون ليبخر بخوراً أمام الرب فيكون مثل قورح وجماعته كما كلمـه الرب على يد موسى " . ( ۱ ) فسبيلنا أن نهرب من طلب الرئاسات والامور العاليـة ونطلـب مـا فيـه خلاصنا ونسارع إلى العمل بأقوال ربنا . لنفوز بنعيم الملكوت الدائـم بنعمـة ربنـا يسوع المسيح الذي له المجد والوقار . الآن وكل أوان وغلى دهر الداهرين آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
05 أكتوبر 2022

رحلة الخبر إلى أذنيك

ليس كل ما يصل إلى أُذنيك هو صدق خالص. فلا تتحمَّس بسرعة لكل ما تسمع ولا لكل ما تقرأ. ولا تتخذ إجراءًا سريعًا لمُجرَّد كلام سمعته من إنسان ما. بل تحقق أوَّلًا. واعرف أن كثيرًا من الكلام يقطع رحلة طويلة قبل أن يصل إلى أُذنيك.صدق الحكيم الذي قال "لا تُصدِّق كل ما يُقال". لهذا اجعل عقلك رقيبًا على أُذنيك، وافحص كل ما تسمعه. ولا تُصدِّق كل خبر، لئلا تُعطي مجالًا للوشاة والكاذبين، ولِمَن يخترعون القصص، ولِمَن يؤلِّفون الأخبار، ولِمَن يدسُّون ويشهدون شهادة زور. كل هؤلاء يبحثون عن إنسان سهل يُصدِّقهم. وقد قال عنهم أمير الشعراء أحمد شوقي: قد صادفوا أذنًا صفواء ليِّنة فأسمعوها الذي لم يُسمعوا أحدًا وما أجمل قوله أيضًا عن مثل هذا الذي يُصدِّق كل ما يسمعه، ويقبل الأكاذيب كأنها صدق: أثَّر البهتان فيهِ يا له من ببغاءٍ وانطوى الزورُ عليهِ عقله في أُذنيهِ نعم لو كُنَّا نعيش في عالم مثالي، أو في وسط الملائكة، لأمكنك حينئذ أن تُصدِّق كل ما تسمعه، ولا تتعب ذاتك في فحص الأحاديث ولكن ما دام الكذب موجودًا في العالم، وما دمنا نعيش في مُجتمع توجد فيه ألوان من الناس يختلفون في نوع أخلاقياتهم، وفي مدى تمسكهم بالفضيلة، فإنَّ الحكمة تقتضي إذن أن نُدقِّق ونُحقِّق قبل أن نُصدِّق، وأن نفحص كل شيء ونتمسَّك بما هو حق، ولكن قد يقول أحدهم: " إنني أُصدِّق هذا الخبر على الرغم من غرابته، لأنني سمعته من إنسان صادق لا يمكن أن يكذب" نعم، قد يكون هذا الإنسان صادقًا، ولكنه سمع الخبر من مصدر غير صادق، أو من مصدر غير دقيق... أو قد يكون الشخص الذي حدَّثك أو نقل الخبر إلى مَن حدَّثك، جاهلًا بحقيقة الأمر، أو على غير معرفة وثيقة أكيدة بما يقول ... أو قد يكون مبالغًا أو مازحًا أو مداعبًا. أو رُبَّما يكون قد أخطأ في السماع أو الفهم. أو أن المصادر التي استقى منها معلوماته غير سليمة أو رُبَّما يكون المصدر الأصلي الذي أخذ عنه هذا وذاك غير خالص النية فيما يقول، وهناك أسباب شخصية تدفعه إلى طمس الحقائق، أو إلى الدَّس والإيقاع بين الناس. أو قد يكون من النوع الذي يتباهى بمعرفة الأخبار والسبق إلى نشرها بين الناس. فيقول ما يصل إليه بسرعة بدون تحقيق... وقد يكون مُحبَّا للإستطلاع، يلقي الخبر ليعرف ما مدى وقعه على الناس ولكن رُبَّما يقول القائل: " إني لم أسمع هذا الخبر من فرد واحد فقط، إنَّما من كثيرين، مما يجزم بصحته" فنقول: إنه لا يصح أن نحكم عن طريق السماع دون تحقيق، حتى لو سمعنا من كثيرين فما أكثر ما يكون كلام الكثيرين على وفرة عددهم، له مصدر واحد مخطئ ... وما أكثر ما تتفق جماعة كبيرة من الناس على كذب مشترك، وفي التاريخ أمثلة كثيرة عن هذا الأمر. وما أكثر ما تتفق مجموعة من شهود الزور على أمر ما، وهكذا تفعل أيضًا مجموعات من ناشري الشائعات إنَّ وصية "لا تشهد بالزور" كما أنها موجهة إلى المُتكلِّم، هى أيضًا موجهة إلى السامع. فالذي يسمع الكذب ويقبله، إنَّما يُشجِّع الكاذب على الاستمرار في كذبه. وبقبوله، يحيط نفسه بأُناس مخطئين غير مخلصين وكذلك فإنَّ ناقل الكذب يُعتبر كاذبًا، وشريكًا في نشر الكذب. وقد يقع تحت هذا العنوان أيضًا مروجو الشائعات الكاذبة. بل قد يقع في هذا الفخ، البسطاء الذي يُصدِّقون كل ما يسمعونه! ويتكلَّمون عنه. كأنه حقيقة، دون فحص أو تدقيق. وفي الحقيقة لا نستطيع أن نُسمِّي مثل هذه بساطة. لأنَّ البساطة في جوهرها هى عدم التعقيد، وليس قلة الفهم أو البعد عن الحكمة والتدقيق. ونحن نؤمن بالبساطة الحكيمة، وبالحكمة البسيطة اثنان يشتركان في خطية الكذب: قابل الكذب، وناقل الكذب. وكلاهما يشتركان مع الكاذب الأصلي في نشر كذبه وإن كانت بعض المشاكل تتسبَّب أحيانًا من نقل الكلام، فإن أقل الناس ضررًا مَن ينقلون الكلام هم، كما يفعل جهاز تسجيل الصوت ( الريكوردر ) الأمين المُخلص، الذي لا يزيد شيئًا على ما قيل، ولا ينقص، بل يُعطي صورة دقيقة صادقة عمَّا قيل إنَّما بعض الأشخاص قد يسمع كلامًا، فيتناوله ويضيف عليه رأيه الخاص ومفهومه الخاص، واستنتاجه وأغراضه وظنونه، ويُقدِّم كل ذلك معًا لإنسان آخر، كأنه الكلام المُباشر الذي سمعه مِمَّن نطق به!! انظروا يا إخوتي ماء النيل وقت الفيضان، وهو بني اللون من كثرة ما حمل من طمي ... هذا الماء كان في أصله ماءً نقيَّا صافيًا رائقًا عندما نزل مطرًا من السماء على جبال الحبشة. ولكنه طوال رحلته في الطريق، كان ينحت الطمي من الصخور، ويختلط بالطين حتى وصل إلينا في الفيضان بصورته وهو بُني اللون طيني هكذا كثير من الأخبار التي تصل إليك مُشبَّعة بالطين، رُبَّما كانت رائقة صافية في بادئ الأمر. والفرق بينها وبين ماء النيل، أن طينه مُفيد للأرض. أمَّا الطين الذي خلطه الناس في نقلهم للأحاديث، فإنه ضار وخطر ومُفسد للعلاقات. كثير من الأخبار عندما تصل إليك، تكون أخبار مختلفة جدًا عن الواقع. وسأضرب لذلك مثلًا: مُجرَّد خبر هو: حدث حوار ساخن بين صديقين في أحد الموضوعات. وصل هذا الخبر إلى زميل لهما فقال: "وقد سمعت أن أحدهما جرح شعور صديقه أثناء الحوار جرحًا غائرًا، وأهانه إهانة شديدة". ووصل هذا الكلام إلى شخص آخر، فأضاف: " وطبيعي أن هذا الذي أهين قد غضب غضبًا شديدًا وتألَّم". ووصل الخبر إلى شخص ثالث، فقال: " وسمعت أيضًا أنه قال بعد ذلك: " صديقي هذا هو خطيب أختي. فإن تزوَّجها سوف يهينها كما أهانني، ويجعل حياتها مُرًّا وعلقمًا". ووصل هذا الكلام إلى شخص رابع، فأضاف: " وقد سمعت أنه ذهب إلى أسرته محملًا بهذه المشاعر، وحكى لهم كل شيء وهو متضايق ومتألِّم". وسمع هذا الكلام شخص خامس، فقال: " وطبيعي أن أب هذه الأُسرة قال في اجتماع عائلي: نشكر اللَّه الذي كشف لنا هذا الشخص العنيف قبل أن يتزوج ابنتنا. لا شكَّ أنه إذا تمَّ زواجه بها، سيجعل حياتها جحيمًا لا يُطاق". ووصل هذا الكلام إلى شخص سادس، فقال: " ولابد أنه في اجتماع الأُسرة نوقش موضوع فك تلك الخطوبة". ووصل هذا الكلام إلى شخص سابع، فأسرع ونشر خبرًا في إحدى المجلات بعنوان: (مأساة فتاة مخطوبة)، قال فيه: "حدثت مشادة حامية بين صديقين، أدَّت إلى خلاف بينهما، ثم بين أُسرتيهما. وانتهى بفك الخطوبة التي بين أحدهما وأخت الآخر. وانتظروا التفاصيل بالأسماء في العدد المُقبل".« حدث كل هذا بينما الصديقان اعتبرا حوارهما موضوعيًا وليس شخصيًا. وخرجا منه وهما في صفاء تام، دون أن يترك أي أثر سيئ في نفسية أحدهما ضد الآخر. ولكن هكذا كانت رحلة الخبر عن حوارهما الساخن.لذلك أقول مرَّة أخرى: لا تُصدِّق كل ما يُقال. بل حقِّق ودقِّق، قبل أن تُصدِّق. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية
المزيد
09 ديسمبر 2022

الصمت المقدس والحديث السري مع الرب

إذ يبدأ شهر كيهك ، ما يشغل المؤمنين هو السهر في تسابيح " سبعة وأربعة " ؛ حيث يشتم الكل روائح اللقاء مع مخلص البشرية خلال تسبيح القلب والفكر . يتسم هذا الشهر بالسهر في الأديرة كما في كثير من الكنائس ، خاصة عشية السبت واستمرار التسبيح حتى قداس الأحد . تحسب قراءات الآحاد في هذا الشهر رحلة المؤمن في صحبة أناس الله نحو اللقاء مع طفل المزود . صمت طفلة الهيكل خلال الأسبوع الأول من شهر كيهك تحتفل الكنيسة بتذكار تقديم القديسة العذراء مريم إلى الهيكل بأورشليم وهي ابنة ثلاث سنوات ، لأنها كانت نذيرة الرب . وذلك أنه لما كانت أمها حنة عاقرا كانت حزينة جدا هي وزوجها القديس يواقيم ، فنذرت ، وقالت : " یا إلهي إذا أعطيتني ثمرة ، فإني أقدمها نذرا لهيكلك المقدس " . فاستجاب الرب ورزقها هذه القديسة ، فأسمتها مريم . وبعد أن ربتها ثلاث سنوات مضت بها إلى هيكل الرب وقدمتها لتقيم مع العذاري ، وهي تنمو في الفضيلة والنسك والعبادة . فأقامت نحو عشرة سنوات حتى جاء ملء الزمان الذي فيه يأتي الرب إلى العالم متجسدا من هذه العذراء الطاهرة التي اختارها لعل من أهم الفضائل التي اقتنتها منذ طفولتها الصمت المقدس ، حيث كانت تصمت بلسانها عن أحاديث العالم وما يجري فيه ، لينشغل قلبها بمعاملات الله معها . هذه الفضيلة التي لازمتها حتى يوم رحيلها من هذا العالم . إذ يكرر الإنجيلي قوله عنها : " كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها " ( لو ۲ : ١٩ ، ٥١ ) . ما كان يمكن للقديسة مريم أن تحتمل ما نالته من نعم إلهية فائقة حتى بالنسبة للسمائيين لو لم تهبها نعمة الله أن تتأمل في أعماقها أسرار الله وعطاياه لها ولكل البشرية . تبقى هذه القديسة الفريدة قائدة لموكب الصامتين في الرب منذ طفولتها ، حيث لا تقدر مباهج الحياة الزمنية ولا تجاربها أن تسحب فكر المؤمن عن التصاقه بالرب وتمجيده على تدبيره العجيب لأجل تمتعنا بشركة أمجاده . بالصمت المقدس تهيأت البتول أن تصير والدة الإله ، وبالصمت المقدس يتهيأ المؤمن ليكون هيكل الله وروح الله يسكن فيه ( ١كو ٣: ١٦) . إن كان العالم يستقبل عيد ميلاد السيد المسيح ( الكريسماس ) بالزينات والأنوار والهدايا المتبادلة والحفلات . فما قدمته القديسة مريم بصمتها المقدس منذ طفولتها يفوق كل زينة وكل هدية وكل احتفال . يليق بنا في هذا الشهر المبارك أن نقيم حياتنا : هل نستقبل مخلص العالم في قلوبنا خلال الحديث السري الصريح معه ، دون أن يعوقه أو تقاطعه الأحاديث الباطلة ، لم تتوقف القديسة منذ طفولتها عن الجدية في إتمام رسالتها ، وقد تجلى ذلك بوضوح عندما سمعت عن اليصابات نسيبتها أنها حبلى بابن في شيخوختها . " فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ، ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات " ( لو ١ : ٣٩ ) . بصمتها المقدس ارتكض الجنين بابتهاج في بطن أمه ( لو 1 : ٤١-٤٤ ) ، وتحول بيت الكاهن كما إلى بيت تسبيح يشترك فيه حتى الجنين ! لنصمت مع القديسة مريم ، ونحمل مسيحنا في قلوبنا ، فيعمل روح الرب بنا ، حيث تصير لنا الأرض سماء متهللة . هذه هي هدية الكريسماس التي يسر بها طفل المزود العجيب ! صمت الكاهن الشيخ في الأحد الأول من شهر كيهك يلتهب قلبنا شوقا لممارسة ما تمتعت به نذيرة الرب القديسة مريم منذ طفولتها ، كما نتمتع بالصمت الذي اختبره الكاهن الشيخ زكريا وهو يتقبل البشارة بالحبل بيوحنا السابق ، الذي يعد الطريق للرب . حقا كان صمت زكريا بسبب عدم تصديقه للبشارة التي قدمها له الرب خلال جبرائيل الواقف قدام الله ( لو ١ : ٢٠ ) . غير أن الله الصانع الخيرات حول هذا التأديب لبنيان زكريا الكاهن ولنشر خبر هذه العطية التي وهبت له .... حتى كل من سمع عن ميلاد يوحنا تساءل : " أترى ماذا يكون هذا الصبي ؟! " ( لو ١ : ٦٦ ) ، وشعروا أن يد الرب كانت معه ! كان زكريا الكاهن في حاجة إلى هذا الصمت ، فلم يجد فرصة للحديث حتى مع زوجته اليصابات ومع أقربائه . ترى كيف قضى زكريا هذه الشهور التسع ؟! لم يكن أمامه سوى التسبيح الصامت ، وقراءة الأسفار المقدسة والطلب الدائم كي ينير الرب فكره ، ويكشف له خطته وأسراره ونبواته مع ممارسة مطانياته وعبادته الظاهرة والخفية ! هكذا يليق بنا مع بداية شهر كيهك أن نطلب بلغة القلب قبل اللسان قائلين : " بنورك يا رب نعاين النور " ( مز ٣٦ : ٩ ) . نمارس أصوامنا ومطانياتنا وصلواتنا وتسابيحنا كي يشرق علينا طفل المزود ، شمس البر ، فندرك كلمات النبي : " ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر ، والشفاء في أجنحتها " ( ملا ٤ : ٢ ) . موكب الصامتين تجسد كلمة الله والحبل به وميلاده في مزود ليس في بيت أحد الكهنة أو القيادات الكنسية أو الزمنية ، يدفعنا للانضمام إلى موكب الصامتين العجيب لم يحتفل الهيكل بميلاده ، ولم يذهب الكهنة والقيادات الكنسية ليسجدوا له ويسبحوه ، وساد السكون العالم . حتما وقفت الطغمات السماوية التي تعجز عن أن تتفرس في لاهوته وأمجاده في صمت لاستقبال المخلص ترى من هم أعضاء موكب الصامتين ؟ لقد ظهر ملاك الرب ووقف بالرعاة البسطاء ومجد الرب أضاء حولهم ، وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله ، وقائلين : " المجد الله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " ( لو ۲ : ٩، ١٣-١٤ ) .لم يظهروا لجمهور الكهنة أو الشعب ، إنما للبسطاء الساهرين في عملهم بأمانة ، وغالبا ما كانوا مشتاقين للقاء مع المسيا المخلص . لذا ما أن رأوا وسمعوا السمائيين حتى انطلقوا إلى بيت لحم وهم يقولون : " لنذهب الآن ... وننظر الأمر الواقع الذي أعلمنا به الرب " ( لو ٢ : ١٥ ) ، وجاءوا مسرورين . وكأن هؤلاء الرعاة قد انضموا إلى موكب الملائكة في هدوء دون دعاية ! وانضم أيضا إلى الموكب جماعة من المجوس يقودهم كوكب عظيم ، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم ، إنه ملاك جاء على شكل كوكب ، فتحدث مع المجوس بلغتهم ، لغة الفلك والكواكب ! لم يذكر لنا الإنجيليون شيئا عن أحاديثهم في الطريق سواء مع بعضهم البعض أو مع الشعوب التي خرجت تنظرهم في دهشة ؟! وكأن الإنجيليين يدعوننا للانضمام إلى هذا الموكب الصامت . لسنا نتحدث بألسنتنا بل بقلوبنا وأفكارنا وعواطفنا المقدسة وسلوكنا من جهة الملك مخلص العالم ! إذ بلغوا أورشليم لم يرافقهم أحد من القصر الملكي ولا من رجال الهيكل ، إنما ما كان يشغل هيرودس هو قتله ، وما يشغل قيادات الهيكل هو ارتباكهم خوفا على فقدانهم سلطانهم وإيراداتهم ! هلم تنضم إلى موكب الصامتين ! هب لي يا رب أن أنضم بنعمتك إلى موكب الصامتين ، لأنضم إلى نذيرتك القديسة مریم الطفلة فأجد راحتي في هيكل قدسك مع العذارى ! لأسلك ببساطة الطفولة ، فلا تشغلني ملذات العالم ، ولا تقلقني تجاربه ! إذ أصمت في هيكلك ، يتكلم قلبي معك ، وتتكلم أنت أيها القدوس مع ضعفي . لأحفظ . مع أمك كل الأمور متفكرا بها في قلبي . بالصمت أنشغل بالثبوت فيك . أراك ساكنا في عميقا أعمق من عمقي ، وعاليا في داخلي أعلى من علوي ! لأنضم إلى زكريا الكاهن الصامت . فما يشغلني هو كلمتك وإعلاناتك الإلهية . لن تأسرني الحرفية القاتلة ، بل أجد في كتابك فردوس الحرية ، أقطف منه ثمر روحك القدوس : الحب والسلام والوداعة والعفة أرتوي من ينابيع حبك الدائمة الفيض ! لأرافق الرعاة البسطاء الساهرين بأمانة . فأرى السماء ليست ببعيدة - عني وأسمع الطغمات السماوية تتهلل لخلاصي . أنضم إلى خورس الملائكة وأتمتع بالترنيمة الجديدة . اسمح لي أن أرافق المجوس الأمميين ، التهبت قلوبهم شوقا إليك ، وساروا في الطريق يشهدون لك وقدموا لك ما لم يقدمه الكهنة واللاويون . تقودني نعمتك فلا أتعثر من مقاومة الشرير حتى إن كان ملكا . ولا أنتقد أحدا حتى إن كان كاهنًا غير مبال بخلاصك ! ليصمت لساني ، فيتكلم قلبي ، وليصمت قلبي ، فتتكلم يا أيها القدوس في ! القمص تادرس يعقوب ملطي كاهن كنيسة مارجرجس اسبورتنج
المزيد
20 يونيو 2023

أبعاد حياة الشركة (٥) أنتـم نــور العـالـم

المؤمن المتحد بالمسيح ، وبالقديسين ، و بالأخوة ، هو بلاشك يحيا البعد الرابع والأخير من أبعاد الشركة، أعنى : الاهتمام والإحساس بدور ورسالة !! أنتم نور العالم : إن الرب يسوع لم يسأل أن يأخذنا من العالم ، بل أن يحفظنا من الشرير (يو١٧: ١٥)... بمعنى أنه يريد منا أن نقوم بدور ورسالة في نشر محبته ، وكلمته ، وإنجيله ، ورسالة الخلاص الذي لنا فيه في كل مكان وزمان ومع كل إنسان ! لهذا قال لنا : « أنتم نور العالم » ( مت ٥ : ١٤ ) . « أنتم ملح الأرض » ( مت ٥ : ١٣ ) . « تلمذوا جميع الأمم » ( مت ۲۸ : ۱۹ ) . « اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل ، للخليقة كلها » (مر١٦ : ١٥). " أنتم رسالتنا ، مكتوبة في قلوبنا ، معروفة ومقروءة من جميع الناس" (۲كو۳ : ۲) واضح إذن ، منذ بداية التجسد أن الرب قد فتح الباب لجميع الأمم ، فهو الذي قيل عنه « هكذا أحب الله العالم » (يو٣ : ١٦) ، وهو الذي قال : «لى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ، ينبغي أن آتي بتلك أيضاً ، فتسمع صوتي ، وتكون رعية واحدة وراع واحد » (يو١٠ : ١٦). لذلك أوصى تلاميذه : « تكونون لي شهوداً في أورشليم وفى كل اليهودية ، والسامرة، وإلى أقصى الأرض» (أع ١: ٨). من هو المسيحي : المسيحي إذن هو الإنسان الذي يرى الناس في أعماقه شخص المسيح ، حباً ووداعة وقداسة ونقاء، وبذلاً وخدمة وعطاء إنه الإنسان الذي يحس الناس فيه بروح الرب يسوع ، وسماته ، وفكره ، فيمجدون شخص الرب إذ « يروا أعماله الحسنة» ( متی ٥ : ١٦).إنه إنجيل متحرك بين الناس ، حين يسلم أحد عليه يقرأ كورنثوس الأولى ١٣ ، وحين يفحصون أعماقه يتلامسون مع روح الله الساكن فيه، وحين يحاربه عدو الخير يسمع الجميع هتافه « يعظم انتصارنا بالذي أحبنا » ( رو٨ : ۳۷ ) .إنه الإنسان الذي يقتحم قلوب الناس بالحب ، وينشر الخير والفضيلة في كل مكان ، ويعطى الحكمة الإلهية في كل موقف ، ويصنع السلام بين المتخاصمين، وينير طريق السائرين في الظلمة .قائلاً للناس : إنه السفير المخلص الذي يطلب عن المسيح « تصالحوا مع الله » (۲کوه : ٢٠)، وهو النور الذي يشرق على ظلمات الدنيا ، فينشر رائحة زكية وتعاليم مقدسة وكلمات مملوءة حياة وحباً ، وهو الملح الذي يذوب و ينسى ذاته ، ولكنه لا يضيع هباء ، بل يقوم بدوره الأساسي في إعطاء الطعام (هذا العالم) الطعم المستساغ ، وفى حفظ الطعام ( هذا العالم أيضا ) من الفساد... ختاماً : أترك لدى القارىء الحبيب هذه التساؤلات : هل أحيا حياة الشركة المقدسة بأبعادها الأربعة ؟ هل أنا أتحد بالرب كل يوم من خلال الصلاة والإنجيل والتناول والخدمة ؟ وهل أنا أحس بالقديسين ، واتشفع بهم ، وأدرس حياتهم وتعاليمهم ، لأسير على آثار الغنم ؟ وهل أنا أحس بإخوتي في الكنيسة ، فأحبهم وأخدمهم وأتكامل معهم دون تعال أو كبرياء أو استغناء ؟ وهل أنا سفير للرب في العالم ، أقدم صورته الحلوة ومحبته المملوءة عذوبة وصفاء؟ الرب يعطينا جميعاً ... أن تكون كذلك !! نيافة الحبر الجليل الانبا موسى اسقف الشباب
المزيد
13 أغسطس 2022

عذراء العهدين

" السلام للسماء الجديدة التي صنعها الآب وجعلهـا موضع راحة لابنه الحبيب " ( ذكصولوجية باكر ) رموز وحقائق : لـقـد كـان سر التجسّد الإلهى مخفياً في طقوس وعبادات وشرائع العهـد القـديـم ، كـان حكمة مكتومة منذ الدهور وأعلنها لنا الله في ملء الزمان ( أف ٣: ٩ ، ١٠) وهكـذا مـا كان مخفياً ومرموزاً إليه في العـهـد القـديـم صـار مستعلناً وجلياً في العهد الجديد . ولأن العذراء القديسة قد ارتبطت بمقدار هكذا عظيم بسر التجسّد ، فنجدها قد أحاطتها الرموز في العهـد القـديـم وهذا ما تسبح به في ثيؤتوكية يوم الأحـد مـن كـل أسبوع ، فبسبب قلبها المتضع وحياتها النقية صارت هي الموضع الذي ارتاح فيه ضابط الكل ووجد موضعاً لسكناه بين الناس . كانت هي " القبة الثانية " موضع قدس الأقداس موضع حلول الله وسكناه وسط شعبه إنها المدينة المقدسة ، مدينة الله التي سكن فيها ومن أجلها تنبأ كثيرون " أعمال مجيدة قد قيلت لأجلك يا مدينة الله " ( مز ۸۷ : ۳ ) . لقد أتى الله إلى مدينته وصار إنساناً مثلنا ، هو الله القدوس الذي خلقهـا وهـيا مـن جسدها مسكناً له وصار انساناً منها " الأم صهيون تقول إن إنساناً وإنساناً حـل فيها وهو العلى الذي أسسها إلى الأبد " ( مز ٣:٨٧ ) ، إنها العـذراء التي امتلأت بالمجد الإلهي والتحفت به بحلول ابن الله القدوس فيها ، كانت نقاوة حياتها مقدمة لأن تحل عليها نعمة الله ، ليسكن فيها القدوس وتصير عرشاً له ، حقاً قال فيها المزمور " كلهـا مجـد ابـنة الملـك مـن داخـل " ( مز ٤٥ : ١٣ ) ، صارت عرشـا الهـياً تخدمه الشاروبيم " السلام للعرش الملوكى المحمول على الشاروبيم " ( ذكصولوجية باكر ) . هي " تابوت العهـد " المصنوع من خشب السنط ، ولكـنـه قـد اكتسى بالذهب النقـى مـن داخـل ومـن خـارج ، کما التحفت هي بمجـد لاهوت ابن الله الكلمة ، لقد كان التابوت علامة عهد بين الله وشعبه ، عهـد محبة وخلاص ، علامة أنه حاضر فيهم ويسير بينهم ، وهكـذا صـارت هـي تابوتاً عقلياً حملت لنا عهداً جديداً بحلول الله في طبيعتنا إلى الأبد ، وفى أحشائها قد تزينت طبيعتنا واكتست بمجد الألوهة ! كـان الكاروبـان يظلـلان عـلى غطـاء التابوت حراسـة ومجـداً وتكـريمـاً وصـار الـسيرافيم والشيروبيم يسبحون خالقهم وهـو في بطنها ويرفرفون عليها كل حين . هي " القسط الذهبي " الموضوع فيه المن السماوي الذي يقتات به شعب الله في برية الغربة ، فمن أحشائها صار لنا قوت الحياة الأبدية ينبوع الخلود وترياق عدم الموت ، الذي نزل من السماء وأعطى الحياة للعـالم " خبـز الحـيـاة الـنـازل مـن الـسـماء الـواهـب حـيـاة للعـالم . أنـت أيـضـاً يـا مـريـم حملت في بطنك المن العقلي الذي أتى من الآب " ( لحن بي أويك - للتوزيع ) . لم يكـن ينير خيمة الإجتماع سوى " المنارة الذهبية " تحمل المصباح المتقد كـل حين ، وصارت العذراء منارة جديدة وسط ظلمة فساد الطبيعة البشرية ، تحمل مصباحاً لا ينطفىء نوره أبداً ، لقد أنار بنوره طبيعتنا البشرية ، بـل الخليقة كلها ، لقـد حملت لبـن الله الذي صار إنساناً " كان هو النور الذي ينير كل إنسان آتياً إلى العالم " ( يو ٩ : ۱ ) . كانت العذراء هي " المجمرة الذهب " التي يحملها هارون يفوح منها بخـور عـطـر ، يدخل به إلى قـدس الأقداس موضع حلول الله ، هي المجمرة الذهب الجديدة التي يفوح منها بخـور عطر ، أعطى العالم كله رائحة جديدة وجعل البشرية تفوح منها رائحة عطرة رائعة أمام الله الآب ، بعد أن كانت قد فاحت منها رائحة نتانة الخطية والشر ، فتنسم الله رائحة جديدة منا في شخص ابنه الحبيب ، الذي أخذ طبيعتنا من أحشاء العذراء رائحة رضى وسرور ! " هـذا الـذي أصـعـد ذاتـه ذبيحة مقبولة عـلى الـصليب عـن خـلاص جنـسنا فتنـسمها أبـوه الصالح وقـت المـسـاء عـلى الجلجثة " ( لحن الصليب ) . هكذا إلتقى العهـدان في مـريـم العذراء ! العهد القديم برموزه واشاراته ، والعهـد الجديد الذي تحققت فيه كل الرموز والإشارات الخاصة بسر تجسّد ابن الله واتحاده بنا ، وأمام السيدة العذراء ليس لنا سـوى التأمل الهادئ الوقور ، والتسبيح القلبي المفعم بالفرح إذ أننا أمام السر الإلهي كله ، وسر محبة الله للبشر . " لأنه إذا ما تأملك أحد أيتها العذراء القديسة والدة الإله والسر العجيب الذي صار فيك لأجل خلاصنا فإنه يسكت من أجل ما لا ينطق به ويقيمنا إلى التسبيح " ( ثيؤتوكية الثلاثاء ) أمام العذراء ليس لنا إلا أن نسبح ونشكر ونمجد ، نسبح تدبير الله لخلاصنا ونشكر عميق محبته لنا ، ونمجد عظم الأعجوبة التي صارت لنا بتجسّده من البتول القديسة . تأمـل اتـضاع وتسليم العذراء مـريـم وقـد قبلت البشارة بالحبل الإلهى : باتضاع كامل وتسليم طفولى وعذراوية مطلقة ! من منا لا يعجب لإتضاعك يا أم النور ؟! من منا لا ينذهل لتسليمك المطلق لمشيئة الله ؟ ! من منا لا يندهش لحسن جمال بتوليتك ؟ ! لقد قدمت العذراء لنا الطريق لظهور ابن الله في حياتنا . يسوع ما زال يبحث عن عذراء ! نفوس عذراء ! نفوس انقطعت عن الارتباط بالعالم والأرضيات . عذراء تقدست وتطهرت من الخطية والشهوة والجسدانيات . نفـس عـذراء تُسلم حياتها بجهاد أمين ورؤية ثابتة نحو السماء ، نفس لا تجادل أو تناقش أو تضع منطق العقل وقواعد الحساب بينها وبين الله . يسوع يبحث عن عذراء تثق في وعوده رغم تعارضها مع منطق الناس . نفس تتضع مع كل بركة تحصل عليها وكل تدبير الله في حياتها قائلة " هـوذا أنـا أمـة الـرب " الـرب مـا زال يبحث عن هذه النفس العذراء كي " يولد " فيها ويظهر ذاته للعالم كله . نفسي لا يمكن أن تكـون ( حاملة ) للمسيح ما لم تتكرس لـه وحده في عذراوية مطلقة واقتران كامل . المتجسّد يريد أن تظل كنيسته عذراء ، دائمة البتولية ، على المسيح مثال مريم ، حتى ما يمكنه أن يظهر منها للعالم كله كل حين ، العذراء وهي حاملة للسر الإلهي داخل أحشائها ، انطلقت تخدم بلا عائق وذهبت إلى بيت زكـريـا تخـدم اليصابات ، لتبرهن مـن جـديـد عـلى استحقاقها لهذا السر واحتفاظها بعذراويتها واقترانها بيسوع ، وهكذا رسمت لنا وللكنيسة كلها طريق الكرامة والمجد الحقيقي ، أنه طريق الإتضاع والخدمة ! " إنـه طـريق الكاملين المخصصين ليسوع ، الذين تحـرروا مـن سـلطان الـذات ومشيئات الـنـاس ورغـبـات العـالم ، للإقـتران بيسوع وحـده في عذراويـة كاملـة منطلقـين بـلا عـائـق في طـريق المحبة والخدمة ! يا نفسى المسكينة .. تلهثين خلف الكرامة والإنتماء والاتساع ولـكـن يـسـوع يريد عذراء جديدة يظهر منها للعالم ، يحل بمجده فيها لتصير سماء جديدة تفوح منها رائحة القداسة تعطر العالم وتنير ظلمته بالحياة الجديدة . أعطني يا رب أن أتعلم منك كيف أتضع مثلما فعلت أمك . أن أسلم لك وأخضع لمشيئتك . أن أحتفظ بعذراوية نفس بلا ربط تقيدني بعيداً عنك . القمص بنيامين مرجان باسيلى كاهن كنيسة مارمرقس الجيزة عن كتاب والدة الإله مريم العذراء فى فكر الأباء
المزيد
18 ديسمبر 2022

يذكر عهده المقدس

أنَاجِيل آحَاد شَهْر كِيَهْك المُبَارَك : هذِهِ الأنَاجِيل تَتَكَلَّمْ عَنْ قِصِّة التَّجَسُد الإِلهِي فَهيَ مِنْ الإِصْحَاح الأوَّل مِنْ إِنْجِيل بِشَارِة مُعَلِّمْنَا لُوقَا البَشِيروَهيَ مُقَسَّمَة عَلَى الأرْبَع آحَاد تَتَكَلَّمْ بِدَايَةً مِنْ قِصِّة زَكَرِيّا الكَاهِن وَهُوَ يُكَهِّن فِي خِدْمِة الْمَسِيح وَبِشَارِة المَلاَك بِمِيلاَد يُوحَنَّا وَتَحْكِي مِيلاَد يُوحَنَّا ثُمَّ تَحْكِي بِشَارِة المَلاَك لِلسَيِّدَة العَذْرَاء وَتَحْكِي مِيلاَد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح ثُمَّ تَحْكِي تَسْبِحِة زَكَرِيَّا الكَاهِن بِمِيلاَد رَب المَجْد يَسُوع الْمَسِيح وَيُوحَنَّا ثُمَّ تَحْكِي أيْضاً زِيَارِة السَيِّدَة العَذْرَاء إِلَى ألِيصَابَات وَتَسْبِحِة السَيِّدَة العَذْرَاء يَبْدُو أنَّ القِدِيس لُوقَا كَانَ قَرِيب جِدّاً إِلَى السَيِّدَة العَذْرَاء وَهيَ بِنَفْسَهَا الَّتِي شَرَحَتْ لَهُ كُل هذِهِ التَّفَاصِيل لِذلِك كَتَبْ فِي بِدَايِة إِنْجِيلُه أنَّ هذِهِ الأُمور هِيَ أُمور ﴿ سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ البَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلكَلِمَة ﴾( لو 1 : 2 ) أي أنَّ الَّذِينَ قَالُوا لَهُ هذَا هُمْ كَانُوا مُعَايِنِين إِلَى هذِهِ الأُمور . فِي الأحَد الثَّانِي مِنْ شَهْر كِيَهْك يُقْرأ عَلَيْنَا الجُزْء الخَاص بِبِشَارِة السَيِّدَة العَذْرَاء لِمِيلاَد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يُوْجَد تَسَلْسُل فِي قِصِّة الكِرَازَة بِمَجِئ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يُمْكِنْ تَلْخِيصْهَا فِي" 3 " أسْمَاء هُمْ :- 1/ زَكَرِيّا .. كَلِمَة مَعْنَاهَا يَهْوَى يَتَذَكَّر 2/ يُوحَنَّا .. كَلِمَة مَعْنَاهَا يَهْوَى يَتَحَنَّنْ 3/ يَسُوع .. كَلِمَة مَعْنَاهَا يَهْوَى يُخَلِّص . فَإِنَّ أي حَرْف "ي" فِي إِسْم أحَد مِنْ العَهْد القَدِيم سَوَاء كَانَ " يَا " أوْ " ي مَمْدُود مَعَهَا الإِسْم " هُمَا إِخْتِصَار لِلَفْظ " الله يَهْوَى " مِثْل يُونَان نَحَمْيَا يَشُوع يَهُوشَافَاط يَهُوذَا حَرْف اليَاء بِهُمْ هِيَ رَمْز إِلَى * يَهْوَى الله * زَكَرِيّا يُوحَنَّا يَسُوع هُمْ " 3 " كَلِمَات يَتَلَخَص فِيهُمْ فِكْرِة التَّجَسُد الإِلهِي :- زَكَرِيّا هِيَ الله يَتَذَكَّر أوْ تَذَكَّر لِمَاذَا كَيْفَ ؟ هَلْ أنْتَ يَارَب كُنْت نَاسَيْتَنَا لِمُدِّة 5500 سَنَة ؟ هَلْ أنْتَ يَارَب عِنْدَمَا أخْطَأ الإِنْسَان تَرَكْتَهُ وَأهْمَلْتَهُ إِلَى هذِهِ الدَّرَجَة دَرَجِة أنْ نَسِيتُه 5500 سَنَة لِتِفْتِكْرُه ؟ فَإِنَّ الكِنِيسَة وَضَعَتْ لَنَا أوِّل مَزْمُور لِنَقْرَأُه فِي أوِّل عَشِيَّة مِنْ عَشِيَات شَهْر كِيَهْك هُوَ مَزْمُور مُعَلِّمْنَا دَاوُد النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ ﴿ إِلَى مَتَى يَارَبُّ تَنْسَانِي ﴾ ( مز 13 : 1) وَأيْضاً الكَنِيسَة تَقُول ﴿ فَلَمْ تَتْرُكْنَا عَنْكَ أيْضاً إِلَى الإِنْقِضَاء ﴾ لكِنْ مَا هِيَ قِصَّة النِسْيَان ؟ فِي الحَقِيقَة أنَّ الله لَنْ يَنْسَانَا لكِنْ هُوَ يُرِيدْ أنْ يُعْطِينَا إِحْسَاس وَالكِنِيسَة تَنْقِل إِلَيْنَا هذَا الإِحْسَاس وَهُوَ أنَّهُ قَدْ أتَى مِلْءُ الزَّمَان قَدْ أتَى زَمَنْ الإِفْتِقَاد لكِنْ لِمَاذَا كَانَتْ كُل هذِهِ الفِتْرَة الَّتِي مَضَتْ ؟ إِنَّ هذَا التَّأخِير كَانَ لَيْسَ مِنْ عِنْد رَبِّنَا وَلكِنْ الأمر كَانَ فِي حَاجَة إِلَى تَمْهِيد وَتَدْبِير كِبِير جِدّاً مِنْ رَبِّنَا لِكَيْ يُهَيِّئ النَّفْس البَشَرِيَّة وَالعَقْل البَشَرِي وَالمُجْتَمَع وَالنَّاس لاسْتِيعَاب فِكْرَة يَصْعُب فِهْمَهَا جِدّاً وَهيَ كَيْفَ أنَّ الله سَيَفْدِي وَكَيْفَ أنَّ الله سَيَحِل فِي وَسَطْ البَشَر ؟ فَإِذَا كَانَ مَعَ كُل هذَا التَّمْهِيد وَلاَزَالَ كَثِيرُونَ لاَ يُؤمِنُون بِالتَّجَسُد لِمَاذَا ؟ لأِنَّهَا فِكْرَة صَعْبَة جِدّاً لِكَيْ يَسْتَوْعِب الإِنْسَان أنَّ الله ظَهَرَ فِي الجَسَد وَأنَّ الله أسْلَم نَفْسُه لِلمُوْت وَأنَّهُ ذُبِح وَمَات لأِجْلِنَا لِهذَا أمْضَى رَبِّنَا قِصَّة طَوِيلَة مَعَ الإِنْسَان وَبَدَأَ يُعْلِن حُلُولُه فِي وَسَطْ الشَّعْب إِبْتَدأ يَقُول لَهُمْ إِعْمِلُوا لِي خِيمَة لأِسْكُنْ فِيهَا بِشَرْط أنْ تَكُون هذِهِ الخيمَة فِي وَسَطْ مَسَاكِنْكُمْ فَمَهَدْنَا بِآيَة﴿ وَالكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا﴾( يو 1 : 14) نُلاَحِظْ أنَّ تَرْجَمِة كَلِمَة " حَلَّ " هِيَ نَفْسَهَا كَلِمَة " المَحَلَّة "الَّتِي نَزَل فِيهَا رَبِّنَا وَكَأنَّ رَبِّنَا يُرِيدْ أنْ يُمَهِّد الأذْهَان أنَّهُ سَيَتَذَكَرْنَا وَلكِنَّهُ يُعِدَّنَا إِلَى إِسْتِقْبَالِه فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يُعِد نِفُوسْنَا لِتَسْتَقْبِل هذِهِ الحَقِيقَة فَلِكَي نَسْتَوْعِب الفِدَاء وَالخَلاَص مَهَّد لَنَا بِطُرُق وَأنْوَاع شَتَّى مِنْ يُوم مَا أخْطَأ أبُونَا آدَم وَمِنْ زَمَنْ الآبَاء الأوَلِين عِنْدَمَا أمَرَهُمْ بِبُنَاء مَذَابِح لِتَقْدِيم ذَبَائِح – ذَبَائِح دَمَوِيَّة – لِكَيْ يُهَيِّئ النَّفْس البَشَرِيَّة لاسْتِيعَاب فِكْرِة أنَّهُ بِدُون سَفْك دَم لاَ تَحْدُث المَغْفِرَة وَأنَّ نَفْس يُمْكِنْ أنْ تُؤخَذ عِوَضاً عَنْ نَفْس وَيُهَيِّئ أذْهَانَنَا لِفِكْرَة صَعْبَة جِدّاً وَهيَ فِكْرِة إِنْتِقَال الخَطِيَّة مِنْ مُذْنِب إِلَى بَرِئ رَبِّنَا يِمَهِد وَيُرْسِل لَنَا أنْبِيَاء يِقُولُوا تَفَاصِيل فِي مُنْتَهِى الدِّقَة فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَح صِفَات التَّجَسُد كَأشْعِيَاء النَّبِي وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّد زَمَنْ التَّجَسُد كَدَانِيَال النَّبِي وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّد مَكَان التَّجَسُد كَيْفَ ؟!! فَإِنَّ الأمر مِحْتَاج إِلَى تَمْهِيد إِلَى النَّفْس البَشَرِيَّة وَالعَقْل البَشَرِي لِيَسْتَوْعِب مَتَى رَبِّنَا سَيَتَذَكَرْهَا وَمَتَى سَيَفْتَقِدْهَا وَمَتَى سَيَحِل مِلْء الزَّمَان وَعِنْدَمَا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَان أرْسَل الله إِبْنَهُ مَوْلُوداً مِنْ إِمْرَأة ( غل 4 : 4 ) إِذاً الأمر لَيْسَ نِسْيَاناً مِنْ رَبِّنَا فَهُوَ يَقُول ﴿ هَلْ تَنْسَى المَرْأةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسِينَ وَأنَا لاَ أنْسَاكِ ﴾ ( أش 49 : 15) فَإِلَى مَاذَا يَارَب تُمَهِد ؟إِنَّ رَبِّنَا يُرِيدْ أنْ يُقِظْ مَشَاعِر شَعْبُه لِكَيْ يَسْتَوْعِبُوا مَجِيئُه وَمِنْ هُنَا كَانَتْ كَلِمَة " الله يَتَذَكَر زَكَرِيّا " لِدَرَجِة أنَّ زَكَرِيّا الكَاهِن نَفْسُه عِنْدَمَا مَسَك إِبْنُه يُوحَنَّا نَطَق بِتَسْبِحَة قَالَ ﴿ القَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أبِينَا أنْ يُعْطِينَا ﴾ ( لو 1 : 73 ) بَدَأَ يَتَحَقَّق وَبَدَأَ يَقُول يَذْكُر عَهْدُه المُقَدَّس ( لو 1 : 72 ) فَعِنْدَمَا نَقْرأ سِفْر التَّكْوِين نَجِد أنَّ رَبِّنَا صَنَع عَهْد بَيْنُه وَبَيْنَ أبُونَا إِبْرَاهِين وَأقْسَم بِذَاتُه وَقَالَ لَهُ﴿ أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ ﴾ ( تك 22 : 17) وَصَنَعَ عَهْد الخِتَان بَيْنَهُ وَبَيْنَ أبُونَا إِبْرَاهِيم كَعَلاَمَة أنَّهُ قَدْ أخَذَ لَهُ شَعْباً مُخْتَاراً مِنْ بَيْنَ وَسَطْ شُعُوب العَالَمْ هَلْ الخَطِيَّة نَقَضَتْ هذَا العَهْد ؟ هَلْ هذَا العَهْد مَازَالَ قَائِم ؟ أحْيَاناً تُعَاقِب الإِنْسَان يَارَب وَأحْيَاناً نَعْتَقِد أنَّكَ تَخَلَيْت عَنْهُ وَأحْيَاناً نَجِد أنَّكَ تُسَلِّمْ شُعُوبَك إِلَى الحُرُوب لِمَاذَا يَارَب نَاسِي عَهْدَك وَمَتَى سَتَتَذَكَرُه ؟ وَمِنْ هُنَا جَاءَت " الله يَتَذَكَّر " فَإِنَّ الله لاَ يَنْقُض العَهْد كَمَا يَفْعَل الإِنْسَان فَإِنَّ قَبْل العَهْد الَّذِي صَنَعَهُ الله مَعَ أبُونَا إِبْرَاهِيم كَانَ يُوْجَد عَهْد قَبْلَهُ مَعَ نُوح البَّار عِنْدَمَا أعْطَاه الله عَلاَمِة قُوس قَزَح وَقَالَ لَهُ أنَّهُ عَهْد بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّفْس البَشَرِيَّة أنَّهُ لاَ يَغْضَب عَلَيْهِ ثَانِياً ( تك 9 : 13) وَجَدَّد العَهْد أيَّام مُوسَى النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ لَهُ أنْ يَبْنِي الخِيمَة وَيَأتِي بِدَم الذَّبَائِح وَيَرُش نِصْف الدَّم عَلَى أدَوَات الخِيمَة وَالنِّصْف الثَّانِي عَلَى الشَّعْب وَهذَا كَانَ دَم العَهْد بَيْنَ رَبِّنَا وَبَيْنَنَا كَثِيراً مَا يَدْخُل رَبِّنَا مَعَ الإِنْسَان فِي عُهُود وَمَعَ ذلِك الإِنْسَان هُوَ الَّذِي يَنْقُضْهَا وَلَيْسَ رَبِّنَا لكِنْ رَبِّنَا فِي التَّجَسُد يَذْكُر عَهْدُه نَحْنُ فِي تَسَابِيح الكِنِيسَة نَقُول ﴿ لاَ تَنْسَ العَهْد الَّذِي قَطَعْتَهُ مَعَ أبَائِنَا ﴾ وَلِذلِك نُسَمِّي الكِنِيسَة بِكِنِيسِة العَهْد الجَدِيد الكِنِيسَة الَّتِي إِفْتَقَدِتْهَا النِّعْمَة حَيْثُ تَمَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَهْد أبَدِي لاَ يَنْقَطِع أبَداً لِذلِك يَقُول أنَّ الله تَذَكَّر فَقَالَ ﴿ قَدْ ذَكَرْتُ لَكِ غَيْرَةُ صِبَاكِ مَحَبَّة خَطَبْتِك ذِهَابِك وَرَائِي فِي البَرِّيَّةِ فِي أرْضٍ غَيْرِ مَزْرُوعَةٍ ﴾ ( أر 2 : 2 ) رَبِّنَا يَتَذَكَّر أنَّ بَنِي إِسْرَائِيل خَرَجُوا وَرَائَهُ فِي البَرِّيَّة فَيَقُول لَنَا أنَّهُ فَاكِر وَلكِنْ إِنْ كَانَ يُوْجَد تَأخِير فَهُوَ بِسَبَبْ عَدَم إِسْتِيعَابْنَا لإِنَّنَا فِكْرِنَا بَشَرِي وَهُوَ فِكْرُه إِلَهِي هُوَ يُعِدِّنَا لاسْتِيعَاب الأُمور الإِلَهِيَّة لِنُصَدِّق وَنُؤمِنْ أنَّ الله مُمْكِنْ أنْ يَحِل فِي وَسَطْ شَعْبُه وَأنْ يَأتِي وَيَحِل بَيْنَنَا وَأنْ يَأخُذ جَسَدْنَا فَهُوَ يُمَهِد الأذْهَان وَيُعْطِينَا عَلاَمَات وَنُبُوَات وَنَمَاذِج لِنَاس صَالِحِين فِي وَسَطْ مُجْتَمَعَات غِير بَارَّة رَبِّنَا يُمَهِد إِلَى صُورَة تُمَجِدُه وَلِعَمَل رَبِّنَا الفَائِق وَلِذَبِيحِة نَفْسُه يُمَهِد لِكِنِيسِة العَهْد الجَدِيد وَلِعَطَايَا الرُّوح القُدُس وَإِلَى كَيْفَ يَتَحَوَل الإِنْسَان إِلَى إِنْسَان بَار وَهُوَ فِي وَسَطْ جِيل فَاسِق وَشِرِّير كُل هذَا هُوَ لِكَلِمَة " تَذَكَّر أوْ زَكَرِيّا " الله تَذَكَّر وَحِينَمَا تَذَكَّر أعْلَن عَنْ تَذَكُّرُه بِحَنَانُه فَتَحَنَّنْ فَجَعَلَ زَكَرِيّا يُنْجِب يُوحَنَّا مِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي تُعْلِن عَنْ حَنَان الله عَلَى الإِنْسَان هُوَ التَّجَسُد مِنْ أكْثَر الأُمور الَّتِي تَجْعَلْنَا نَتَلاَمَس مَعَ حَنَان الله أنَّهُ قَبَلْ أنْ يَأخُذ جَسَدْنَا وَيَفْتَقِدْنَا فِي خَطَايَانَا إِنُّه يَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا لِذلِك نَقُول لَهُ ﴿ تَحَنَّنْ عَلَى جُبْلِتَك الَّتِي صَنَعَتْهَا يَدَاك ﴾ وَنَقُول لَهُ فِي صَلَوَات القِسْمَة فِي القُدَّاس ﴿ تَحَنُّنَك غَلَبَك وَتَجَسَدْت﴾ الله غَلَبُه تَحَنُّنُه وَهُوَ مِثْل الأب الَّذِي يَحْرِم إِبْنُه مِنْ شِئ وَلكِنْ يَتَحَنَّنْ عَلِيه عِنْدَمَا يَرَى إِبْنُه يِبْكِي فَيَأتِي لَهُ بِهَا فَنَحْنُ صُنْعِه أيْدِي رَبِّنَا فَكَيْفَ يَتْرُكْنَا نَهْلَك ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ أنْ يَتْرُكْنَا رَبِّنَا فِي عِصْيَانَنَا ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ إِنْ رَبِّنَا يَتْرُك الإِنْسَان فِي شَرُّه الَّذِي يَزْدَاد يُوْم بَعْد يُوْم ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ إِنْ رَبِّنَا يُتْرُك عَدُو الخِير لِيَنْتَصِر إِلَى النِّهَايَة ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ إِنْ رَبِّنَا يُتْرُك الخَطِيَّة تَكْثُر فِي العَالَمْ بِدُون مَغْفِرَة وَبِدُون حَلْ ؟ الخَطِيَّة قَدْ تَأصَّلَتْ فِي الطَبْع البَشَرِي لِدَرَجِة إِنْ الأنْبِيَاء نَفْسُهُمْ وَالأبْرَار يُخْطِئُوا هَلْ كَانَ عَلَى الرَّبَّ أنْ يَفْنِي الكُل ؟ لكِنْ رَبِّنَا رَفَض أنْ يُهْلِكْنَا لكِنُّه قَالَ أنَّهُ سَيُجَدِّد الكُل وَيَجْعَل لِلخَطِيَّة حَل حَتَّى وَإِنْ الإِنْسَان أخْطَأ لِكَيْ لاَ يَقَعْ أحَد أبَداً فِي هُوِّة يَأس أوْ فِي قَبْضِة العَدُّو حَتَّى وَإِنْ أخْطَأ رَبِّنَا جَدِّد طَبِيعِة الإِنْسَان حَنَانُه جَعَلُه يَصْنَع تَدْبِير الفِدَاء حَيْثُ أنَّ جَسَد الخَطِيَّة ( جَسَدْنَا ) هُوَ حَمَلُه فَهُوَ حَمَل خَطَايَانَا وَيَدْفَع الثَّمَنْ عَنْهَا وَبَدَلاً مِنْ أنَّ خَطِيَّة وَاحِدَة تَسْتَوْجِب حُكْم المُوْت صَارَ الإِنْسَان وَهُوَ كَثِير التَّعَدِّي يُمْكِنْ أنْ يَتَبَرَّر عِنْدَمَا يُقَدِّم التُوبَة وَعِنْدَمَا يَتَمَسَّك بِذَبِيحَتُه فَالله أعْطَانَا خَلاَص كُلُّه حَنَان فَالله يَعْرِف جَيِّداً ضَعْف طَبِيعِة الإِنْسَان الَّتِي هِيَ قَابِلَة لِلسُقُوط الدَّائِم فَهُوَ رَفَض أنْ يُعْطِينَا حَلْ مُؤقَتْ أي أنْ نَلْتَمِس الخَلاَص خَارِج عَنَّا لكِنُّه سَيَجْعَلْنَا نَلْتَمِس الخَلاَص مِنْ دَاخِلْنَا فَهُوَ حَلَّ فِينَا وَقَدَّس طَبِيعِتْنَا فَعِنْدَمَا أخَذَ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح جَسَدْنَا تَقَدَّس جَسَدْنَا وَلَمْ يَعُد جَسَد الخَطَايَا وَأصْبَحِتْ الخَطِيَّة خَارِجَة عَنْ طَبْعِنَا بِالرَّغْم مِنْ إِنْ نَحْنُ الَّذِينَ نَفْعَل الخَطِيَّة فَرَبِّنَا أعْطَانَا الإِمْكَانِيَة لِنَتَغَلَّبْ عَلَيْهَا لأِنَّهُ بَارَك طَبِيعِتْنَا فِيهِ بِالتَّجَسُد وَذلِك لِكَيْ يَضَعْ حَلْ نِهَائِي لِخَطَايَانَا لِذلِك نَقُول ﴿ نَحْنُ الَّذِينَ أخْطَأنَا وَهُوَ الَّذِي تَألَّمْ نَحْنُ الَّذِينَ صِرْنَا مَدْيُونِينَ لِلعَدْل الإِلهِي بِذُنُوبَنَا وَهُوَ الَّذِي دَفَعَ الدُيُون عَنَّا ﴾( قِسْمِة " أيُّهَا الإِبْن الوَحِيد " ) فَرَغْم تَأخُرْنَا فِي الإِسْتِيعَاب إِلاَّ أنَّهُ تَحَنَّنْ وَلِذلِك قَالَ فِي إِنْجِيلُه ﴿ لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأجْمَعُكِ ﴾ ( أش 54 : 7 ) فَعِنْدَمَا فَسَّر الآبَاء كَلِمَة " لُحَيْظَة " قَالُوا أنَّ " لُحَيْظَة " هِيَ تَصْغِير كَلِمَة " لَحْظَة " فِي اللُغَة العَرَبِيَّة كَمَا أنَّ كَلِمَة " جِنِينَة " هِيَ تَصْغِير لِكَلِمَة " جَنَّة " لِذلِك قَالُوا أنَّ أي شِئ يُقَاس بِمَا لاَ نِهَايَة يَكُون صِفْر فَمُدِّة الزَّمَنْ الَّتِي رَبِّنَا مَهَّد لَنَا فِيهَا لِخَلاَص البَشَرِيَّة هِيَ مُدَّة عِنْدَمَا تُقَاس بِمَا لاَ نِهَايَة تُقَدَّر بِلاَ شِئ لِذلِك قَالَ " لُحَيْظَة " وَلَيْسَ " لَحْظَة " فَإِنَّ الله لَنْ يَنْسَانَا لكِنُّه كَانَ يُعِدِّنَا هُوَ كَانَ مُشْتَاق إِلَى أنْ يَكُون فِي وَسَطْنَا وَلكِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ تَأخَّرْنَا فِي إِسْتِيعَاب الأمر بِالرَّغْم مِنْ أنَّ بَعْد كُل المَوَاعِيد وَالعُهُود وَالنُّبُوَات الَّتِي أعْطَاهَا لَنَا الله وَبَعْد كُل هذَا التَّأخِير إِلاَّ أنَّهُ عِنْدَمَا تَمَّ الخَلاَص وَجَدْنَا مُؤامَرَات قَتْل وَتَعَجُّب وَأقْرَب المُقَرَّبِين لَمْ يُصَدِّقُوا وَعِنْدَ إِتْمَام الفِدَاء وَجَدْنَا التَّلاَمِيذ هَرَبُوا فَمَا بَالَك إِذَا لَمْ يُمَهِّد لَنَا الله بِكُل هذِهِ النُّبُوَات ؟ فَهُوَ يَعْرِف ضَعْف البَشَر وَجَهْل طَبِيعَة الإِنْسَان إِذاً مَاذَا سَتَفْعَل يَارَب مَعَ هذَا الإِنْسَان الجَاهِل الَّذِي عِنْدَمَا كُنْت مَوْجُود فِي وَسَطُه لَمْ يَسْتَوْعِبَك ؟ فَمَاذَا يَفْعَل عِنْدَمَا تَتْرُكُه ؟ فَإِنَّ الله أرْسَل لَنَا الرُّوح القُدُس الَّذِي يُعَلِّمْنَا وَيُذَكِّرْنَا مِنْ جَدِيد بِكُل مَا لَمْ نَقْدِر أنْ نَسْتَوْعِبُه فَالَّذِي لَمْ نَقْدِر أنْ نَسْتَوْعِبُه وَهُوَ مَوْجُود سَنَسْتَوْعِبُه وَهُوَ غِير مَوْجُود فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يُثْبِت الخَلاَص إِلَى النِّهَايَة وَمِنْ هُنَا تَحَنُّنَه أتَى بِالخَلاَص وَهذِهِ هِي ألـ 3 مَرَاحِل الله يَتَذَكَّر الله يَتَحَنَّنْ الله يُخَلِّص فَإِنَّ الله جَاءَ وَصَنَعَ الخَلاَص عَلاَنِيَةً هُوَ حَمَلَ عَنْ الإِنْسَان عُقُوبِة المُوْت وَخَلَّصُه وَأصْبَح المُجْرِم بَرِئ وَالبَرِئ أصْبَح مُجْرِم وَيُوْجَد قِصَّة رَمْزِيَّة وَهيَ يُوْجَد أخَوَان وَاحِد تَقِي وَبَار وَالثَّانِي شِرِّير وَفَاسِق الشِّرِّير كَانَ يُعَايِر أخُوه بِاسْتِمْرَار وَالأخ التَّقِي كَانَ يُحَاوِل أنْ يُهْدِي أخُوه الشِّرِّير إِلَى مَعْرِفَة وَمَحَبِّة الله وَفِي يُوم مِنْ الأيَّام جَاء الأخ الشِّرِّير يَجْرِي إِلَى البِيت وَهُوَ فِي حَالِة ذُعْر وَثِيَابُه مُلَوَثَة بِالدِّمَاء يَسْتَنْجِد بِأخُوه مِنْ الشُرْطَة فَعَرَض الأخ البَّار التَّقِي عَلَى أخُوه الشِّرِّير أنْ يَخْلَع مَلاَبِسُه المُلَوَثَة بِالدَّم وَيُعْطِيع مَلاَبِسُه النَّظَيِفَة وَقَالَ لَهُ "إِنْتَ مُش مُسْتَعِد لِلمُوْت أنَا مُسْتَعِد لِلمُوْت " ثُمَّ أخَذَ الثِّيَاب المُلَوَثَة وَالجَرِيمَة وَالحُكْم لكِنُّه نَصَحُه وَقَالَ لَهُ " أنَا سَأمُوت بَدَلاً مِنْكَ وَبِذَنْبَك وَلكِنْ أنْتَ أيْضاً لاَبُدْ أنْ تَأخُذ حَيَاتِي كَمَا هِيَ وَأنْ تَعِيش كَمَا كُنْت أعِيش " تَقْرِيباً هذِهِ القِصَّة تُعَبِّر عَنْ الخَلاَص الَّذِي قَدَّمَهُ لَنَا رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَتُلَخِص الكَنِيسَة أصْعَب الأُمور اللاَهُوتِيَّة فِي أسْهَل الألْفَاظ وَأجْمَلْهَا ﴿ هُوَ أخَذَ الَّذِي لَنَا وَأعْطَانَا الَّذِي لَهُ﴾ ( ثاوطُوكِيِة الجُمْعَة ) فَهُوَ أخَذَ الحُكْم وَالضَّعْف وَالخَطِيَّة وَأعْطَانَا البَرَاءَة وَالبِّر وَالقَدَاسَة وَالحَيَاة الأبَدِيَّة – فَهُوَ يُخَلِّصْنَا – لِذلِك تَقُول الكَنِيسَة " أنَّ الله نَظَرَ مِنْ السَّمَاء وَتَطَّلَعْ إِلَى الأرْض لِيَسْمَع تَنَهُد المَغْلُوبِين " وَيَقُول فِي مَزْمُور عَشِيَّة ﴿ يَنْزِلُ مِثْلَ المَطَرِ عَلَى الجِزَازِ وَمِثْلَ الغُيُوثِ الذَّارِفَةِ عَلَى الأرْضِ يُشْرِقُ فِي أيَّامِهِ الصِّدِّيقُ وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أنْ يَضْمَحِلَّ القَمَرُ ﴾ ( مز 72 : 6 – 7 ) وَيَقُول أيْضاً فِي مَزْمُور عَشِيَّة ﴿ يَارَبُّ طَأطِئ سَموَاتِكَ وَانْزِل الْمِس الجِبَالَ فَتُدَخِّنَ أبْرِق بُرُوقاً وَبَدِّدَهُمْ أرْسِل سِهَامَكَ وَأزْعِجْهُمْ أرْسِل يَدَكَ مِنَ العَلاَءِ أنْقِذْنِي وَنَجِّنِي ﴾ ( مز 144 : 5 – 7 ) البَشَرِيَّة تَتَنَهَد وَتُنَاجِي رَبِّنَا وَتَطْلُب مِنْهُ أنْ يُطَأطِئ السَّموَات وَيَأتِي وَيُخَلِّصْنَا أشْعِيَاء النَّبِي يَقُول ﴿ لَيْتَكَ تَشُّقُّ السَّموَاتِ وَتَنْزِلُ ﴾ ( أش 64 : 1) وَيَقُول أيُّوب البَّار ﴿ لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِح يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا ﴾( أي 9 : 33 ) لِيُنْهِي مَشَاكِل العَدَاوَة وَالخُصُومَة وَالخَطِيَّة الله تَذَكَّر وَعِنْدَمَا تَذَكَّر تَحَنَّنْ وَعِنْدَمَا تَحَنَّنْ خَلَّص كَمْ نَحْنُ مَدْيُونِين لِعَمَل رَبِّنَا نَحْنُ اليُوْم إِنْ كُنَّا خُطَاة إِلاَّ أنَّنَا جَمِيعاً أبْرَار فَإِنْ كُنَّا خُطَاة فَهُوَ تَرَك لَنَا جَسَدُه وَدَمُه لِكَيْ يَكُون فِعْل خَلاَصُه هُوَ خَلاَص مُتَجَدِّد أبَدِي فَهُوَ أعْطَانَا العِلاَج فَإِذَا وُجِدَت الخَطِيَّة يُوْجَد حَل لِلخَطِيَّة الله أعْطَانَا العِلاَج عَلَى المَذْبَح فِي كُل يُوم نَتَنَاوَل فِيهِ وَكُل يُوم نَسْمَع فِيهِ القُدَّاس كُل يُوم نُقِيم فِيهِ القُدَّاس هُوَ جُلْجُثَة جَدِيدَة وَصَلْب جَدِيد وَأخُذ نَفْس فِعْل الصَّلِيب وَيُعْطِي نَفْس المَغْفِرَة فَيَقُول ﴿ خُذُوا كُلُوا مِنْهُ كُلُّكُمْ ﴾﴿ يُعْطَى عَنَّا خَلاَصاً وَغُفْرَاناً لِلخَطَايَا وَحَيَاة أبَدِيَّة لِمَنْ يَتَنَاوَل مِنْهُ ﴾ الله يَعْلَمْ أنَّ طَبْعِنَا مُحَاط بِالضَّعْف فَأحَاطَنَا بِالنِّعْمَة لِكَيْ يَضْمَن لَنَا المَيرَاث الأبَدِي لِذلِك قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ كَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أهْمَلْنَا خَلاَصاً هذَا مِقْدَارُهُ ﴾ ( عب 2 : 3 ) فَمِنْ المَفْرُوض أنْ لاَ نَقِفْ أمَام رَبِّنَا وَنَقُول لَهُ أنَا خَاطِئ لأِنَّكَ أعْطَيْتَنِي جَسَد ضَعِيف وَوَضَعْتَنِي فِي مُجْتَمَع لَيْسَ جَيِّد وَمَادِّي فَهُوَ سَيَسْألْنَا عَنْ مَاذَا فَعَلْنَا بِالخَلاَص الَّذِي أعْطَاهُ لَنَا ؟!! عَجِيب أشْعِيَاء النَّبِي لَمَّا يَنْظُر بِالرُّوح وَيَحْكِي لَنَا عَنْ إِنْسَان صَنَعَ كَرْم وَاشْتَرَى حَقْل وَفِي أجْمَل مَكَان وَصَنَعَ لَهُ الكَرْمَة وَحَوَّط الكَرْمَة بِثِيَاب وَعَمَل فِي وَسَطْهَا مَعْصَرَة وَرَعَى هذِهِ الكَرْمَة وَعِنْدَمَا جَاءَ لِيَطْلُب مِنْ الكَرْمَة ثَمَر فَوَجَد لاَ شِئ فَيَحْكِي لِلنَّاس وَيَقُول لُهُمْ ﴿ مَاذَا يُصْنَعُ أيْضاً لِكَرْمِي وَأنَا لَمْ أصْنَعْهُ لَهُ ﴾ ( أش 5 : 4 ) فَرَبِّنَا اليُوم يَقُول لِلكِنِيسَة مَاذَا كَانَ مُمْكِنْ أنْ أعْمِلُه وَلَمْ أعْمِلُه ؟!!فَإِذَا كَانَ الإِنْسَان يِشْكِي مِنْ الخَطِيَّة فَأعْطَيْتُه الحَل وَإِذَا كَانَ يِشْكِي مِنْ الضَّعْف فَأعْطَيْتُه الحَل وَإِذَا كَانَ يِشْكِي مِنْ النِسْيَان فَأعْطَيْتُه الحَل فَقَالَ لَنَا ﴿ أجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ ﴾ ( حز 36 : 27 )فَهُوَ أعْطَانَا قَلْب جَدِيد وَأعْطَانَا أنْ نَكُون هَيَاكِل لَهُ وَأنْ يَكُون لَنَا إِمْكَانِيَّة إِلَهِيَّة كَمَا قَالَ بُطْرُس الرَّسُول جَعَلَنَا ﴿ شُرَكَاء الطَّبِيعَة الإِلهِيَّة ﴾( 2بط 1 : 4 ) لِذلِك نَحْنُ لَنَا وَعْد وَالله تَذَكَّر وَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا وَخَلَّصَنَا وَلكِنْ مُعَلِّمْنَا بُولِس قَالَ ﴿ فَلْنَخَف أنَّهُ مَعَ بَقَاءِ وَعْدٍ بِالدُّخُولِ إِلَى رَاحَتِهِ يُرَى أحَد مِنْكُمْ أنَّهُ قَدْ خَابَ مِنْهُ ﴾ ( عب 4 : 1) أصْعَب شِئ أنْ يَكُون مَعَ كُل مَوَاعِيد رَبِّنَا لَنَا وَخَلاَصُه الثَّمِين نَحْنُ نَخِيب مِنْ الوَعْد نَحْنُ كَنِيسَة البَرَكَات وَعَهْد النِّعْمَة نَحْنُ نَتَحِد بِالجَسَد وَالدَّم فِي سِفْر صَمُوئِيل أنَّهُ عِنْدَمَا كَانُوا يَحْمِلُوا التَّابُوت المُقَدَّس فَلَتْ مِنْ نَاحِيَة فَأرَادَ رَجُل مِنْهُمْ أنْ يَسْنِدُه لِكَيْ لاَ يَقَعْ عَلَى الأرْض فَمَاتَ الرَّجُل فِي الحَال لِمُجَرَّد أنْ لَمَسَهُ ( 1أخ 13 : 7 – 10) اليُوْم نَحْنُ نَأخُذ الجَسَد وَالدَّم التَّابُوت كَانَ يَرْمُز لِلتَّجَسُد أمَّا الآنْ نَحْنُ نَأخُذ الجَسَد الحَقِيقِي بِنَفْسُه المُتَحِد بِاللاَهُوت الَّذِي نَصْرُخ وَنَقُول ﴿ جَعَلَهُ وَاحِداً مَعَ لاَهُوتُه بِغَيْر إِخْتِلاَطٍ وَلا امْتِزَاجٍ وَلاَ تَغْيِير بِالحَقِيقَةِ أُؤمِنْ أنَّ لاَهُوتُه لَمْ يُفَارِق نَاسُوتُه لَحْظَة وَاحِدَة وَلاَ طَرْفَة عَيْن ﴾ نَأخُذ جَسَدُه دَاخِلْنَا وَيَتَحِد بِنَا وَلاَ يِمَوِتْنَا وَلكِنْ يُمِيت الخَطَايَا الَّتِي بِدَاخِلْنَا رَبِّنَا يُعْطِينَا وَيُثَبِّت عَطَايَاه فِينَا فَكُل يُوم بَدَلاً مِنْ أنْ نَقُول لَهُ أنْ يَتَذَكَّر هُوَ الَّذِي أوْصَى كِنِيسْتُه أنْ تَقُول﴿ وَتَذْكُرُونِي إِلَى أنْ أجِئ ﴾ رَبِّنَا يُعْطِينَا لاسْتِيعَاب بَرَكْتُه فِي دَاخِلْنَا وَأنْ نَكُون عَامِلِين بِكُل عَطَايَاه رَبِّنَا يِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل