المقالات
16 أبريل 2025
الساعة الثالثة من يوم الأربعاء لو ١:٢٢ - ٦
وَقَرُبَ عِيدُ القطير، الَّذِي يُقالُ لَهُ الفِصْحُ وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَة يَطْلُبُونَ كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوا الشَّعْبَ. فَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الَّذِي يُدْعَى الإِسْخَرْيُوطِيَّ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الاثني عَشَرَ فَمَضَى وَتَكَلَّمَ مَعَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقَوَّادِ الْجُنْدِ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ إِلَيْهِمْ فَفَرِحُوا وَعَاهَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّة. فَوَاعَدَهُمْ. وَكَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةٌ لِيُسَلَّمَهُ إِلَيْهِمْ خِلُوا مِنْ جَمْعِ.
الصليب شهوة المسيح العظمى
لقد بلغت شهوة الفداء في قلب يسوعنا الحبيب ذروتها في هذا الأسبوع، فرأى الصليب وكأنه يوم عرسه. لقد كان حب أبيه يُحرِّك قلبه ولسانه ويقود قدميه إلى الجلجثة. لقد ذهب خلسة من وراء تلاميذه وعاين رابية الجلجثة دون أن يراه أحد، فسر بها جداً واستحسن المكان وكأنه الفردوس الجديد وكتب اسمه هناك على الجمجمة للتذكار:
"أنا يسوع حضرت وعاينت المكان، إنه أشهى بقعة وجدتها على الأرض العتيقة الأزرع فيها حبي! لقد صعدت إلى المرتفع فرأيتُ مشورة قلب أبي من وراء الأرض والزمان فوجدتها تماماً حسب قلبي".
إن ذبيحة نفسي صارت موضوع سروري أمامي من هنا سأعلن للعالم كله عن أعظم هدية حملتها من عند أبي لبني الإنسان: آلامي التي هي سر الصعود إلى المجد. نعم سأجعل صليبي في متناول كل إنسان، حتى إذا انفتحت عيناه على سر آلامي ورأى وعاين وصدق وشاركني في ذبيحة حبي ولو بألم يسير يدخل إلى مجدي عيد صليبي؛ عيد جسدي المكسور، ليعاين سرى وسرَّ أبي؛ سر الحب الذي يجمع المتفرقين إلى واحد لقد غرست أمجادي في آلامي وأخفيتها فيها جداً بكل حكمة وفطنة، حتى لا يستطيع أحد أن يفرق أبداً بينهما، فلا يأخذ الواحدة ويترك الأخرى! لقد صممت أن أهب آلامي لكل إنسان حتى لا يُحرم أحد قط من مجدي؛ كل مَنْ ذاق ألماً باسمي !
المجد الذي أعطيه هو صليبي عاري مع خزيى، مري مع خلى، جسدي مع دمى. وآلامي الظاهرة مخفى فيها مجدي الذي لا ينطق بها كل من يتشجع ويذوقه يتحول تحت لسانه إلى بذرة حية، بذرة تسبيح وتمجيد لا يهدأ ، لا يسكنها خوف ولا ألم ولا وجع ولا موت، تظل تعطي المجد الله أي مع السبح والكرامة والسجود لأبد الآبدين أنا يسوع، أعطيت آلامي لتكون لحن الخليقة الجديدة، سأضع هذه البذرة في كل لسان يتحدث باسمي ويشهد لآلامي يا يسوع، لقد أحببت صليبك جداً، وكلنا تحبّك، تحبك كثيراً يا يسوع من أجل صليبك. لقد أسرتنا جلجثتك جداً، وسنذهب جميعاً وسنمضى كلنا كل واحد باسمه تحت إمضائك. لقد عشقنا صليبك بشهوة وأحببنا موتك، فكلاهما قد صار لنا ينبوعاً من الدموع أحلى وأشهى لنا من كل أمجاد الدنيا. سوف نحيا في الجلجثة، سنصنع فيها خيمتنا، سننتظرك هناك حتى تأتي حسب الوعد لقد بكيت بلا وعى، بكيتُ حتَّى لم تعد في داخلي قوة على البكاء.أسكت لا تبك كثيراً، هكذا سمعت صوتاً من داخل أعماقي. هوذا المسيح قادم من وراء القبر الفارغ، هو سيمسح دموعك. ولكنني ظللت أبكى وجريت نحوه. هل رأيتي يا ربي وأنت على الصليب؟ لقد كنتُ أنظر آلامك فتسيح الدموع من عيني بلا كيل، كنت أستمد دموعي من محبتك وليس من يأسى؛ ليس من يأسي أبداً يا رب أنا أحب صليبك يا رب، لأني أرى كل آلامي منقوشة عليه ومعها اسمي - الذي تعرفه أنت يا رب، الذي قد غيرته لي حين وجدتني تائهاً في دروب العالم -محفوراً على الخشبة ومطبوعاً على يدك الدم رسمه رسماً على كفك كختم. فكيف إذا لا يُمكنني أن أحب صليبك يا رب؟ إنه صليبي ويحمل اسمي.
آه يا ويحي من وجهك الشاحب الذي لمحته حين أنزلوك من على الخشبة! عندما سكنت خفاقات آلامك لما توقف قلبك. لقد خَفَقَ الحزن داخلي وسَرَتْ فِي خصة ربطتني بموتك إلى الأبد. فأقسمت بحبك ألا أحب أي وجه غير وجهك. وأحسست أن خفقات آلامي داخلي تشدني إليك وقد تحولت إلى خفقات الحياة آه! لقد تحول موتك إلى حياتي يا ربي أنا أحب موتك جداً، أحسه في داخلي حياة، وعبيقه أشهى من رائحة لبنان.
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
20 أبريل 2025
الرسالة البابوية لعيد القيامة المجيد
باسم الآب والابن والروح القدس الإﻟﻪ الواحد آمين ﺗﺤل علينا نعمته ورﺣﻤته من الآن وإﻟﻰ الأبد آمين.
إخرستوس آنيستى، أﻟﻴثوس آنيستى اﻟﻤسيح قام، حقًا قام.
أھنئُكم أیھا الأحباءُ بعیدِ القیامةِ المجید أھنئُ كلَ الكنائسِ والأدیرة القبطیة الأرثوذكسیة في قارات العالم: في أفریقیا وآسیا وأوروبا وأمریكا الشمالیة وأمریكا الجنوبیة وأیضًا في قارة أسترالیا وفي مدینة إلھِنا العظیم أورشلیم. أھنئُكم بھذا العید الذي نحتفلُ به بعد أن صمنا ھذا الصوم الكبیر، الصوم المقدس. وھو الصومُ الذي فیه نسكیاتٌ وفیه حیاةٌ روحیة، نمتلئ ونشبع بھا وعندما نأتي إلى القیامةِ وإلى فجرِ القیامةِ تأتي أمامَنا مشاھدٌ كثیرة من ھذه المشاھدِ مشھدُ المریمات وھن یحاولن أن یقدمن الأطیاب ولكن كان یشغلھن ھذا السؤال، من یدحرجُ لنا الحجرَ (مرقس ۱٦: 3)؟
وھذا السؤالُ لیس من عند المریمات فقط ولكنه یواجھنا في حیاتنا الیومیة نواجه موضوعاتٍ كثیرة ومواقفَ كثیرة في حیاة كلِ واحدٍ فینا،وأحیانًا یبقى ظاھرًا في حیاتنا حجرٌ ھذا الحجرُ یمكن أن یكون الخطیة ممكن أن یكون الكسل،ممكن أن یكون الانشغال الزائد بالعمل، ممكن أن یكون ذات الإنسان، ممكن أن یكون الأولویات
وترتیبھا من یدحرجُ لنا الحجر؟ الحجرُ ھنا یمثل صعوبةً أمامَ الإنسان من سیحركھا؟ طبعًا واضحٌ لنا أن
المریمات كن نساءً وقفن أمامَ حجرٍ كبیرٍ كان یسدُ بابَ القبرِ، ولم یكن بسھولة أن یحركنه فكان یسببُ مشكلة ونحن في حیاتِنا الیومیة نواجه مشكلاتٍ كثیرة ویأتي السؤالُ: من یدحرجُ الحجر؟ من یحِلُ المشكلة؟
من یزیلُ ھذه الصعوبة؟ من یفتحُ الطریقَ المسدود؟
أذكَّركم بالشاب الغني (مرقس ۱۰: 17-22) الشاب الغني الذي عاش وذھب لیسألَ المسیحَ سؤالاً جمیلاً
جدًا وقال "مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَیَاةَ الأَبَدِیَّةَ؟" سؤالٌ رائع شابٌ یبحث عن أبدیته وبعدما شرحَ له المسیحُ
أن یحفظَ الوصایا، قال له "ھَذِهِ كُلُّھَا حَفِظْتُھَا مُنْذُ حَدَاثَتِي" فقال له "یُعْوِزُكَ أَیْضاً شَيْءٌ وَاحِدٌ"باقٍ خطوة واحدة ما ھي الخطوة الباقیة؟ "اذْھَبْ بِعْ كُلَّ مَا لكَ وَأعَطِ الْفقُرَاءَ فَیَكُونَ لكَ كَنْزٌ فيِ السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِیبَ". یقول لنا الكتاب: "فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِینًا" (متى ۱۹: 22) كان ھناك حجرٌ أمامَه، وھذا الحجر لم یستطع أن یتخطاه كان غناه ھو الحجر. ویمكن أن أذكِّرُكم بمثل الفریسي والعشار (لوقا ۱۸: 9-14) عندما دخلا للصلاة، الفریسي وقفت أمامه الذات. الذاتُ وإحساسٌ بأنه ھو الأفضل. أما الرجلُ العشار فخرج مُبَررًا،لأنه قال عبارةً واحدةً: "اللھُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ"(لوقا ۱۸: 13) من یدحرجُ لنا الحجر؟
النقطة الثانیة: المریمات بالرغم من أن السؤال شغلْھن وكانت ھناك صعوبةٌ قدامھن، لكن –في الحقیقة- كان عندھن اجتھادٌ، وكان عندھن جھاد ماذا فعلن؟ أعددن الحنوطَ وابتدأن یحضِّرن أنفسَھن وابتدأن یَخْرُجْن ویمشین في الفجر مبكرًا(مرقس ۱٦: 1) لكي یذھبن ویضعن ھذه الحنوط على جسدِ المسیحِ الذي ماتَ على عودِ الصلیب لكن كان عندھن شاغلٌ: من یرفعُ الحجر؟ ھذا السؤال لم یجعلھن یتعطلن. بل حفَّزَھن لیكون عندھن جھادٌ، وعندھن نشاطٌ، وعندھن أملٌ،وعندھن إیمانٌ قويٌ أن ھناك أشیاء ستحدث القدیس بولس الرسول یقول لنا أیةً جمیلةً إذ یقول "غَیْرَ مُتَكَاسِلِینَ فِي الِاجْتِھَادِ حَارِّینَ فِي الرُّوحِ عَابِدِینَ الرَّبَّ" (رومیة ۱۲: 11) وفي سفر الأمثال في العھد القدیم یقول "الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَیْدًا" (أمثال ۱۲: 27) فھذا یعني لو أنك أحضرتَ صنارةً ووضعتھا ھكذا من غیر أن تستعدَ لھا جیدًا، سوف لا تمسك ولا سمكة[واحدة]. في العھد القدیم یأتي أمامَنا موقفُ نحمیا وھو في الأسْرِ أو السبي. فقد أتت لنحمیا أخبار أن بلادَه أسوارُھا مھدومةٌ وأبوابُھا محروقة بالنار وبعد أن أخذ إذنَ الملكِ، ابتدأ یرجع لمدینتِه التي ھي أورشلیم ویحاول أن یبني ولیس لدیه أيُ إمكانیات، فبدأ یقولُ للساكنینَ على محیطِ السور أن یبني كلُ واحدٍ جزءً من السورِ الذي یقعُ أمامَ بیتِه(نحمیا ۳: 28) وابتدأوا یعملون كذلك. وقال لھم شعارًا قویًا إذ قال: "إِنَّ إِلَه السَّمَاءِ یُعْطِینَا النَّجَاحَ وَنَحْنُ عَبِیدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي" (نحمیا ۲: 20) یعني أن ھذا النجاح نأخذه من ربنا، ونحن سنقوم ونعمل رغم أن السورَ كان أمامه مھدومًا والأبواب محروقةَ بالنار. ربما كان نفس ھذا الموقف أیضًا مع العذارى الحكیمات (متى ۲٥: 1-13) فقداجتھدن وحضَّرن الزیتَ وحضَّرن المصابیحَ وانتظرن المسیحَ. سھرن، رغم أنھن لم یكنَّ یعرفن متى سیأتي المسیحُ العریس.
الخطوة الأولى: مَن یدحرجُ لنا الحجر؟ ھذه ھي
الصعوبة.
الخطوة الثانیة: الاجتھاد والجھاد.
الخطوة الثالثة: كانت خطوةً طیبة، وھي خطوةُ الحجر المرفوع. وھي یدُ ربنا عندما تعمل. وصلن إلى القبر وشاھدن الحجرَ مرفوعًا (مرقس ۱٦: 4)وأرجوكم أن تتخیلوا مشاعرھن، وفرحتھن الداخلیة بأن الحجر -الذي كان یمثل المشكلة والصعوبة-رفعه السیدُ المسیحُ وقامَ من بین الأموات. وجدن الحجرَ مرفوعًا والقبرَ فارغًا ویدَ الله قد عملت لأجل ذلك وأنتَ أمام أي صعوبة، اعرف أن یدَ ربنِا تعمل. في یوم من الأیام، وقبل القیامة بیومین، كان الصلیبُ یوم الجمعة، وعلى الصلیب صُلب السید المسیح وعن یمینه لصٌ وعن شماله لصٌ، لكي یُحسَب الجمیع كأنھم لصوص. واللصُ الیمین قال عبارةً جمیلة، وأعتقد أنه لم یكن یتوقع نتیجتَھا:
"اذْكُرْنِي یَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ" فكانت النتیجة: "الْیَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ" (لوقا42:23-43) لقد قامَ المسیحُ لیُقیمَنا معه. لأجل ذلك أنت عندما تواجه صعوبة أو مشكلة، اجتھدْ وكنْ أمینًا واعرفْ أن یدَ الله تعملُ وستكون النتیجة مبھرةً بإیمانِك وبرجائِك.
أھنئُكم بھذا العید المجید. أھنئُ كلَ الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والآباء الكھنة القمامصة والقسوس، أھنئُ الشمامسة والأراخنة والخدام والخادمات، وأھنئُ أیضًا كلَ أسرة قبطیة في كلِ كنیسة وفي أي مكانٍ، وأھنئُ الشبابَ والشاباتِ، وأھنئُ أیضا الفتیانَ والفتیات، وأھنئُ الأطفالَ والصغار. أھنئكم جمیعًا من أرض مصر ومن الكنیسة القبطیة الأرثوذكسیة، ھنا من الكاتدرائیة -كاتدرائیة مارمرقس- في العباسیة بالقاھرة، أرسلُ ھذه التھنئةَ إلى جمیعِكُم، وأرجولكم عیدًا مملوءً بالفرح والبھجة والشعور القوي الذي نشعرُ به في القیامة المجیدة التي نصلي بھا كل یوم في التسبحة ونقول: "قوموا یا بني النورِ لنُسبحَ ربَ القوات" إخرستوس آنيستى، أﻟﻴثوس آنيستى اﻟﻤسيح قام، حقًا قام.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
14 أبريل 2025
الساعة الثالثة من يوم الاثنين مر ۱۱ : ۱۱ - ١٩
فَدَخَلَ يَسُوعُ أَورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذ كَانَ الوَقتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثني عَشَرَ وَفِي الْعَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْهَا جَاءَ، فنظر شَجَرَة تين مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فلمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلَّا وَرَقا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقتَ التّين ، فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «لا يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إلى الأبد!». وَكَانَ تَلَامِيدُهُ يَسْمَعُون. وَجَاءُوا إِلى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الهَيْكَل ابتدأ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفةِ وَكَرَاسِي بَاعَةِ الْحَمَامِ. " وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَارُ الهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ. وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا: بَيْتِي بَيْتَ صَلَاةٍ يُدْعَى لِجَمِيع الأمم؟ وَأنتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغارة لصوص». وَسَمِعَ الْكَتَبَة وَرُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ فطلبوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوهُ، إِذْ بُهِتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ من تعليمه. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ، خَرَجَ إلى خارج المَدِينَةِ.
لعن شجرة التين
قصة في ظاهرها يبدو المسيح بشراً عادياً يجوع في ميعاد الأكل. ولكن في باطنها كالعادة مستور سر حياته وخدمته ورسالته كلها. فبعد هذه المدة كلها في الكرازة والخدمة اشتهى أن يأكل من ثمر التينة التي هي دائماً رمز لإسرائيل، فما وجد ثمراً يؤكل بل ورقا أخضر كناية عن مظاهر وأعمال بلا فائدة فقال لها لا يأكل من ثمرك أحد إلى الأبد، فكان. ثم عاد حينما جلس معهم فكشف عن سر التينة أن في آخر الأيام تزهر وتثمر من جديد كأنه جاء أوان إثمارها بعد اللعن: «فمن شجرة التين تعلموا المثل، متى صار غصنها رخصاً وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف (وقت الحصاد) قريب. هكذا أنتم أيضاً متى رأيتم هذا كله فاعلموا أنه قريب على الأبواب».
في الحقيقة إن موضوع شجرة التين يحتل جزءاً هاماً في هذه الأيام الأخيرة، وخاصة بعد أن بكى المسيح أورشليم ورثاها وتنبأ بخرابها .
كل معجزات المسيح السابقة كانت بدافع المحبة وذات ثمر للمحبة واضح. فلماذا - إذن - هذه المعجزة وكأنها تأديبية لخليقة لا تحس ولا تشعر ؟ وبلا ذنب اقترف. فهي بهذا تختلف كثيراً جداً عن باقي أعمال المسيح الأخرى، لأنه لم يأت ليهدم بل ليكمل ويشفي ويحيي!
ولكن واضح أن في هذا العمل كله نوعاً من الرمزية عنيفاً ومستتراً. ولهذا العمل علاقة جدّ شديدة وخطيرة بالموقف القائم بعد خدمة المسيح الطويلة وقد بلغت النهاية فعلاً، ببكائه على أورشليم وتنبئه بخرابها . أليس في هذا العمل تعبير عن مظهر الأمة اليهودية التي تبدو كشجرة التين الخضراء الجميلة من الخارج، وهي من الداخل عفنة شبه ميتة غير مثمرة البتة ! عَمِلَ فيها صاحب الكرم المستحيل لثلاث تعطيل لأرض السلام وتزييف لأشجار الله وإحباط لعمل المسيح الذي عمل ؟ لقد عُرفت شجرة التين بين الأشجار الطيبة أنها تكني عن الأمة اليهودية، وهذه الأمة اليهودية رفعت يدها على بعلها وجابلها تتوهم أن بقتله تستقل عن خالقها، فحكمت على نفسها بالهلاك لتخرج من دائرة ملكه قبل أن يُنصب هو ملكاً على الصليب.وهكذا كان لابد، وقبل أن تمد يدها بخلع «غصن يسى من أرض ميراثه، أن تتقبل اللعنة إلى الأبد. وما صنع المسيح بأكثر مما صنعت الأمة اليهودية في نفسها، فهي بواقعها الداخلي الذي تعفن وذبل واستقال من مجرى حياة مصيرها الموضوع تركت إلهها مصدر الوجود والحياة، فحكمت على نفسها - قبل أن تحكم على المسيح - بالفناء الوشيك. فالمسيح بلعن شجرة التين لم يزد عن مجرد إعلان وفاة قبل الحدث. ولم يشرح المسيح لتلاميذه معنى موت التينة، لأنه شرحه لما بكى على أورشليم. لقد رثاها بدموعه قبل أن يأمر بجفافها. وهناك هناك في بداية خدمته رأى هذه التينة عينها وتكلم عن قطعها: «كان لواحد شجرة تين مغروسة في كرمه - ولم يكن هذا الواحد إلا الواحد الوحيد -- فأتى يطلب فيها ثمراً ولم يجد. فقال للكرام: هوذا ثلاث سنين آتي أطلب ثمراً في هذه التينة ولم أجد اقطعها. لماذا تبطل الأرض أيضاً؟». فبناءً على توسل الكرام أبقاها سنة أخرى، فلما جاء ميعاد التين ولم يجسد فيها ثمراً قطعها! «يا سيد اتركها هذه السنة أيضاً، حتى ألقب حولها وأضع زبلاً. فإن صنعت ثمراً، وإلا ففيما بعد تقطعها»! وهكذا لم يصنع المسيح إلا ما صنعه الكرام، ففك لغز المثل.
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
22 أبريل 2025
" الإنسان الأول من الأرض ترابى الإنسان الثانى الرب من السماء" ( 1كو47:15)
یتحدث القدیس بولس الرسول عن إنسانین: الترابي والسماوي الترابي ھو آدم وكل نسله والسماوي ھو ربنا یسوع المسیح لقد خلق الله آدم من تراب الأرض (تك ۲: 7) ، وقال له بعد السقوط "لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ
تَعُودُ" (تك ۳: 19) ، ولذلك قال الجامعة "فَیَرْجعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ، وَتَرْجعُ الرُّوحُ إِلَى اللهِ الَّذِي أَعْطَاھَا" (جا ۱۲: 7) وھكذا دعي كل نسله ترابیون فیقول إبراھیم أبو الآباء "إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى وَأَنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ" (تك ۱۸: 27) ویقول داود النبي في مزمور ۱۰۳ "لأَنَّه یَعْرِفُ جِبْلَتَنَا یَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ" (مز ۱۰۳: 14) ویتساءل أیوب "اُذْكرْ أَنَّكَ جَبَلْتَنِي كَالطِّینِ، أَفَتُعِیدُني إِلَى التُّرَابِ؟" (أي ۱۰: 9)
ویجیب معلمنا بولس الرسول على ھذا السؤال "وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَیْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ" ( ۱كو ۱٥: 49) لذا جاء الإنسان الثاني الرب من السماء كما قال الرب "أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ (ترابیون)، أَمَّا
أَنَا فَمِنْ فَوْقُ أَنْتُمْ مِنْ ھذَا الْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ ھذَا الْعَالَمِ" (یو ۸: 23) ونلاحظ أن ضد المسیح طالع من الأرض (رؤ ۱۳: 11) لقد ولدنا ترابیون "اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ ھُوَ" (یو ۳: 6) ، ولكي نلبس صورة
السماوي لا بد أن نولد من الروح "َالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ ھُوَ رُوحٌ" (یو ۳: 6) وتتم ھذه الولادة في المعمودیة فنصیر خلیقة جدیدة ( ۲كو ٥: 17) في المعمودیة نأخذ حیاة المسیح القائم من الأموات ھذه الحیاة مستترة فینا الآن مثل الحیاة المستترة في البذار "لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ (بالمعمودیة) وَحَیَاتُكُمْ (المقامة) مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِیحِ
(القائم) فِي اللهِ" (كو ۳:3) فنحن الآن كبذار حیة وفي مجیئه الثاني ستظھر ھذه الحیاة المستترة ونقوم بالأجساد الممجدة لابسین صورة السماوي "مَتَى أُظْھِرَ الْمَسِیحُ حَیَاتُنَا، فَحِینَئِذٍ تُظْھَرُونَ أَنْتُمْ أَیْضًا مَعَه فِي الْمَجْدِ" (كو ۳: 4) ولأننا اشتركنا في قیامته صارت لنا الجنسیة السمائیة "فَإِنَّ سِیرَتَنَا (جنسیتنا) نَحْنُ ھِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْھَا أَیْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا ھُوَ الرَّبُّ یَسُوعُ الْمَسِیحُ، الَّذِي سَیُغَیِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِیَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ" (في ۳: 20, 21) وھذا ھو معنى فداء الأجساد (رو ۸ :23) ھذه البذار لابد أن تموت وتدفن لكي تظھر ھذه الحیاة المستترة، ولكن إن فسدت ھذه البذار بالخطیة فلن تعطي أي ثمر عند دفنھا "قیامة الدینونة" (یو ٥: 29) السید المسیح ھو "قیامتنا كلنا" فنحن كنا أمواتًا بالخطایا ولكن "الَلهُ الَّذِي ھُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِه الْكَثِیرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِھَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَایَا أَحْیَانَا مَعَ الْمَسِیحِ -بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ- وَأَقَامَنَا مَعَه، وَأَجْلَسَنَا مَعَه فِي السَّمَاوِیَّاتِ فِي الْمَسِیحِ یَسُوعَ" (أف ۲:٤-6) لذا إن كنا قد قمنا مع المسیح یجب أن نسلك كسمائیین في ھذا العالم كما سلك ھو: "أَنَّه كَمَا ھُوَ فِي ھذَا الْعَالَمِ، ھكَذَا نَحْنُ أَیْضًا" ( ۱یو ٤: 17) وتكون اھتماماتنا سمائیة ولیست أرضیة "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِیحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَیْثُ الْمَسِیحُ جَالِسٌ عَنْ یَمِینِ اللهِ اھْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ" (كو ۳: 1, 2) القیامة لیست حدث تاریخي نتذكره ونحتفل به كل عام ولكنھا ھي حیاة معاشة وقوة أخذناھا بقیامة المسیح "وَھُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِیعِ كَيْ یَعِیشَ الأَحْیَاءُ فِیمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِھِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِھِمْ وَقَامَ" ( ۲ كو5 :15)
نيافة الحبر الجليل الأنبا يوسف مطران جنوب الولايات المتحدةالأمريكية
المزيد
17 أبريل 2025
الساعة الثالثة من يوم الخميس مت ١٧:٢٦ - ١٩
وفي أول أيام الفطير تقدَّمَ التَّلَامِيدُ إلى يَسُوعَ قَائِلِينَ لَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أنْ نَعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الفِصْحَ؟» فقالَ: «اذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إلى فلان وَقُولُوا لَهُ : الْمُعَلِّمُ يَقُولُ: إِنَّ وَقتِي قريب. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تلاميذي». " فَفَعَلَ التَّلَامِيدُ كَمَا أَمَرَهُمْ يَسُوعُ وَأَعَدُّوا الْفِصْحَ.
جسد ودم وروح وحياة
المسيح هنا يرفع الأكل من الجسد المقدس والشرب من الدم المقدس من حالة الاختيار الحر والإرادة الحرة، إلى التزام، يُحسَب التخلي عنه موتاً أبدياً وحرماناً أبدياً من المسيح، وبالتالي حرماناً أبدياً من الحياة الأبدية لأن أكل الجسد وشرب الدم، مع الإيمان الصادق بالمسيح، هو بمثابة كل ما عمله المسيح لخلاصنا بالفداء الذي أكمله على الصليب، والقيامة المجيدة. فالذي يأكل جسد المسيح ويشرب دمه الأقدسين، يكون صدق وشهد وآمن بكل ما عمله المسيح للخلاص المجاني. فأكل الجسد وشرب الدم مصادقة إيمانية خالصة وكاملة ولها كل ما عمله المسيح في نفسه لأجلنا إنها بمثابة إعلان ونطق إيماني باتخاذ المسيح رباً وإلهاً. لذلك تدخل الشركة المقدسة في جسد المسيح ودمه، جزءًا لا يتجزأ من إعلان الإيمان بالمسيح والشهادة له فهي عملية إيمانية ذات أثر روحي يلازم المتناول من الجسد والدم يهبه شركة واقعية في المسيح ليس في جميع الأسرار التي تصادفنا في حياة المسيح وأقواله ومعجزاته ما يعادل هذا السر الرهيب، سر الخلود الذي أبقى المسيح إعلانه حتى آخر ساعة من حياته ففي الليلة التي كان مزمعاً أن يسلّم فيها نفسه للموت من أجل حياة العالم، جلس مع تلاميذه ومهد للسر بإعلان حبه لخاصته الذين في العالم، حبا وصفه الإنجيل أنه حتى المنتهى والمسيح لم يكن مغالياً حينما قال: " أنا هو خبز الحياة . إذ في العشاء الفصحي الأخير، لما أخذ الخبز على يديه ونظر إلى فوق، بثه روح الحياة الأبدية التي فيه. فحمل الخبز ذات الحياة الأبدية التي في جسده فصار الخبز الطبيعي معادلاً لجسده الإلهي الحي، أي خبزاً للحياة. وتمادى المسيح في إجراء السر على السر، إذ كسر الخبز من واقع ما سيتم على الصليب. وهكذا بث الخبز الحي موته المحيي أي حمله قوة الفداء والغفران بآن واحد. وهكذا أصبح كل مَنْ يأكل من هذا الخبز يعبر -كما عَبَرَ المسيح - بالجسد من الموت إلى الحياة، أي صارت في هذا الخبز الحي قوة القيامة من الأموات وهكذا حمل المسيح الخبز كسر الجسد، كما حمل الكأس سفك الدم وغفران الخطايا: «وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً: اشربوا منها كلكم، لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا». وهنا بقوله " شكر" وهو رافع عينيه إلى فوق يكون قد استودع الدم روح الحياة الأبدية التي فيه وهكذا حمل المسيح الخبز والكأس، سر كسر الجسد وسفك الدم على الصليب، ومغفرة الخطايا. ومن مضمون مغفرة الخطايا تستعلن الحياة الأبدية. وإذ عبرهم الموت بأكلهم الجسد المكسور وشربهم الدم المسفوك للفدية، فنالوا مغفرة الخطايا وقاموا معه الحياة أبدية، يكون قد سلمهم سر الخلود" الذي سماه القديس إغناطيوس ترياق عدم الموت". وبقول أوضح، ولكن أكثر سرية، يكون قد سلمهم ذاته ووجوده: جسد ودم، وروح وحياة !!
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
25 أبريل 2025
مائة درس وعظة (٤٤)
قيامة المسيح "فرحتى بك"
"استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح"
(اف ١٤:٥)
"عيد القيامة" هو عيد أعيادنا، وفرح أفراحنا، وبهجة حياتنا العامود الرئيسي في مسيحيتنا وكنيستنا وكرازتنا.
مشاهد القيامة
المشهد الأول: الخروج من القبر
١- النصرة على الموت
المسيح قام بقوة لاهوته وخرج من القبر ولم يكن للموت سلطان عليه، وفي هذه القيامة نسميه البكر "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح،"(أف ٥ : ١٤)
كلمة "الموتى" لها معان كثيرة منها:
أ- أموات في الفكر
مثال لذلك "شاول الطرسوسي" فقد كان إنساناً يعتقد أن ما يصنعه خدمة لله لكن في لحظة معينة عندما ظهر له السيد المسيح في طريق دمشق اكتشف أن هذا لم يكن الطريق الصحيح، تغير وانطلق للخدمة وللعمل وللنشاط كعملاق للكرازة.
ب- أموات في الروح
مثل "زكا" الذي كان يظن أن سعادته في المال وعندما تقابل مع السيد المسيح ابتدأ يرى رؤية جديدة أول فعل صنعه أعطى نصف أمواله للمساكين ثاني أفعاله "إن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف "(لو ۸:۱۹) وقام زكا وتحول من خاطئ وجشع إلى مبشر باسم السيد المسيح.
ج- أموات في القلب
قلبه ميت لا يوجد فيه إحساس بخطاياه أقرب مثال هو "مريم المجدلية" فقد كانت إنسانة خاطئة، وهذه الإنسانة احتلها عدو الخير، وعندما تقابلت مع السيد المسيح أخرج منها سبعة شياطين فتحولت إلى إنسانة خادمة ومبشرة، فقد نقلت أخبار القيامة كأول مبشرة بقيامة ربنا يسوع المسيح.
عيد القيامة فرصة لكي يقوم الإنسان من ای شيء يقيده فرصة للفرح.
٢- النصرة على الشيطان
أراد الشيطان أن يقتنص الإنسان من الله ولكن بالقيامة استرد الله الإنسان ووهب لكل إنسان يؤمن بالصليب أن ينال نصيبه في خلاص وفداء دم ربنا يسوع المسيح.
٣- النصرة على الخطية
كلمة الخروج من القبر بالمعنى الرمزي هى الخروج من قبر الخطايا . فالخطية مثل القبر "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضي لك المسيح" (أف ٥ :١٤) قم من الأموات تعنى قم من قبر الشهرة من قبر الخطية "أين شوكنك يا موت أين غلبك يا هاوية؟" (اكو ٥٥:١٥))
المشهد الثاني: ارتفاع نحو السماء
١- فوق الجاذبية: بعد الخروج من القبر ظهر السيد المسيح ظهورات عديدة عبر الأربعين يوماً إلى احتفالنا بعيد الصعود المجيد "ارتفاع نحو السماء" بمعنى ارتفاع الإنسان نحو السماء، قيامة السيد المسيح كانت ضد الجاذبية الأرضية، والأرض لم يكن لها تأثير عليه والإنسان أيضاً يسمو للسماء.
٢- فوق المعوقات: السيد المسيح في قيامته لم يعطله شئ لا أكفان ولا ظلام ولا خوف ولا حجر كبير ولا أي شيء.
٣-حنين إلى الأبدية: هذا معناه أن الإنسان ليس فقط أن يترك الخطية، بل ينبغي أن يشتاق إلى فوق "لى اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا" (فى١ :٢٣) هذا الاشتياق يكون على الأرض إنسان عنده باستمرار فضيلة الحنين للأبدية
المشهد الثالث الكرازة وفرحة القيامة
١- الفرح الخادم: تذوق القيامة سبب فرح للإنسان "ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب" (يو ٢٠:٢٠)، لذلك يبدا الإنسان ينقل هذا الفرح ويعبر عنه لكل أحد فهناك من يعبر عنه بأن يقدم وقتاً أو جهداً أو فكراً أو مالاً أو رؤية للعمل والخدمة وللكرازة . فكل هذه مظاهر لفرحة الإنسان بقيامة ربنا يسوع المسيح.
٢- الفرح الملتهب: عندما ظهر لتلميذي عمواس "لوقا وكليوباس" لم يدركا المسيح القائم، ولكن بعد أن تركهما وبعد كسر الخبز، قالا" ألم يكن قلبنا ملتهبا فينا" (لو ٣٢:٢٤) أي أننا كنا نشعر بمشاعر معينة في حضور السيد المسيح، ولكننا لم نعرف كيف نعير عنها.
٣- الفرح الدائم: كلنا نعلم اننا نحتفل بعيد القيامة لمدة خمسين يوماً وهذه الخمسون يوما نعتبرها خمسين يوم أحد ونعيش في فكر القيامة في كل يوم في الصباح عندما نصلى صلاة باكر، وفكر القيامة نعيشه في كل أسبوع في يوم الأحد "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب"( مز ۱۱۸ :٢٤)، وفي كل شهر قبطي في يوم ٢٩ تذكاراً للقيامة، وفي كل سنة في فترة الخمسين المقدسة.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
18 أبريل 2025
الساعة الثالثة من يوم الجمعة الكبيرة + مت ٢٧: ١٥ - ٢٦ + مر ٦:١٥- ٢٥ + لو ٢٣ : ١٣ - ٢٥ + يو ١٩: ١- ١٢
وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي العِيدِ أنْ يُطلِقَ لِلجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسِ. " فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بيلاطس: «مَنْ تُرِيدُونَ أنْ أَطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ ؟» لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. " وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الولايَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قائلة: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَار لأني تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلم مِنْ أَجْلِهِ». وَلَكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشَّيُوحَ حَرَّضُوا الجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلَبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ.فأَجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ مِنْ الاثنين تُريدُونَ أَنْ أُطلِقَ لَكُمْ؟» فقالوا: «بَاراباس!». " قالَ لَهُمْ بيلاطس: «فَمَادًا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلب!» فقالَ الْوَالِي: «وَأَيُّ شَرِّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخا قَائِلِينَ: «لِيُصْلِبْ!» فلما رأى بيلاطس أنَّهُ لَا يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَعْبٌ، أَخذ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قَدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَم هذا الْبَارِ أَبْصِرُوا أَنْتُمْ!». فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَقَالُوا: دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلادِنَا». حِينَئِذٍ أَطلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلِبَ.
أما يسوع فجلدوه وأسلموه ليصلب
طوبى للحزائي لأنهم يتعزّون، طوبى للمصلوبين لأنهم يتجلون، طوبى للمنسحقين لأنهم يملكون، طوبى للجياع لأنهم يشبعون، حيث تُنسى هناك كل أوجاعهم وتمسح دموعهم وينمو موضعها نور يشير إلى الأهوال التي اجتازوها وإلى سر المجد المتحصل منها، ويشرح عظم صبر الإنسان وقوة مراحم الله، حيث تبدو النسبة بين مقدار الألم ومقدار المجد المتحصل منه نسبة هائلة وغير معقولة، فيكتشف الإنسان أن الآلام كانت فخاً مقدساً نصبه الله ليصطاده إلى مجده. فاحتمال الألم أقوى من العبادة ويقول أحد القديسين أنه رأى في رؤيا جماعة الشهداء في مجد يفوق مجد الملائكة الذين كانوا معهم، ورأى حول أعناق الذين ماتوا منهم ذبحاً بالسيف زهوراً حمراء كعقد موضع الذبح تضئ وتتلألأ أشدّ لمعاناً من كل نور آخر ظهر في الرؤيا!
إن سرّ الصليب بالنسبة للمسيح هو سر مجده فالألم الساحق الذي عاناه الرب تحت وطأة التمزيق النفسي بسبب الظلم أثناء المحاكمة، وخيانة التلاميذ وتسليم يهوذا، وإحساسه أن حياته ثمنوها بثلاثين من الفضة ... هذه كلها كانت معبراً من عالم التفاهة المتناهية إلى مجد الآب. وعلى هذا المعبر عينه يلزم أن تمر أقدام الإنسان في كل زمان ومكان الصليب بآلامه الرهيبة لا يُمكن أن يساوى المجد الذي تحصل منه. الصليب لم يصادف الرب في طريق حياته، ولكنه ولد له "لهذه الساعة أنا أتيت" الإنسان يُولد للألم، والألم مولود للإنسان. ولكن في نفس الوقت، الصليب لم يكن إلزاماً حتمياً على الرب، كما نشعر من كلامه، وكما نتأكد من جهة قداسته ولاهوته، ولكن هو نفسه جعله إلزاماً حتمياً على نفسه الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها؟ لكي يشاركنا في حتمية الألم، فبدا الله في شخص المسيح ابنه أنه يتألم اضطراراً، حتى يجعل اضطرار الألم مساوياً لاختياره، حتى لا يُحرم أي إنسان في الوجود من رحمة الله، ويمتد الصليب ليشمل كل من تألم ظلماً إن الألم عشرة كبرى لعقل الإنسان، فالعقل لا يُجيز الألم كواسطة لأي خير، وما جهاد الإنسان في ميادين العلوم المختلفة ليس إلا محاولة لتجنب الألم والتعب لذلك فحتمية الألم لدى العقل أمر عسير وشاق جداً، بل ومحال قبولها، لأن الرضى بالألم هو بعينه إلغاء العقل وكل نشاطه فلو أدركنا أن الصليب هو أعظم مظاهر تحرك الله على الصعيد العياني المنظور الذي فيه تجلى الله للإنسان أكثر من تجليه على جبل تابور، حيث الصليب هو الألم في صورته التعسفية الظالمة؛ حينئذ علينا أن نحس أن الصليب هو الدابة التي ركبها الله القدير وانحدر عليها من مكان سكناه هناك من موطن احتجابه الأزلي، وجاء إلينا وصافحنا يداً بيد الصليب هو قوة ديناميكية الله الفائقة التي أحدرت الله إلينا واستعلنته واضحاً. الألم هو بصورته المادية جمود والحصار وتوقف، ولكن بجوهره الروحي تحرك وأي تحرك !
الإنسان يظل متوقفاً روحياً، وعاطلاً عن المسير، راجعاً مع المسيح إلى الله إلى أن يحمل صليبه الإنسان يستحيل أن يتحرك نحو الله عقلياً، فالعقل مهما بلغ بالتأمل، إنما يكتشف الله وحسب، ويكتشف نوره وحبه ويسعد ويرتد؛ ولكن التحرك الحقيقي کائن بالمسيح، فهو ابن الله الآتي إلينا على الصليب، وعلى الصليب نتبعه إلى الآب.
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
03 مايو 2025
القيامة في حياة مارجرجس
معلمنا ماربولس الرسول في رسالته الثانية لأهل كورنثوس يقول ﴿ لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ ( 2كو 4 : 11) منذ أيام قليلة إحتفلنا بعيد إستشهاد مارجرجس مارجرجس طبق في حياته هذه الآية ﴿ لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت ﴾ لو وضعنا في ذهننا القديس مارجرجس نفهم الآية ﴿ من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ أي شهيد هو إنسان أحب المسيح حتى الموت الشهيد هو إنسان جاهد ضد ذاته جاهد ضد شهواته ورغباته جاهد حتى النهاية فصار شهيد في حياته قبل أن يستشهد ولم يكن شهيد وليد اللحظة بل هو شهيد أمام جسده وأمام الله وأمام العالم من قبل أن يستشهد ﴿ لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ لذلك الإستشهاد هو طبيعة الحياة المسيحية طبيعة الحياة في المسيح في النهاية يؤدي إلى الموت من أجل المسيح كتنفيذ للوصية حتى النهاية لذلك في كل تذكار شهيد لابد أن تكون لنا صحوه لابد أن تكون لنا مراجعة مع أنفسنا وسيرة حياتنا لذلك إيمان ودماء الشهداء هو بذار الكنيسة كما قال القديس أغناطيوس هناك الكثير في المخطوطات لم نعرفه عن القديس العظيم مارجرجس هناك أسرار في حياته .
أول شئ غير معروف عن مارجرجس أن أبويه كانا تقيان كان أبوه في منصب كبير في الدولة وكان له دالة كبيرة لدى الملك حتى عُرِف أنه مسيحي فإستشهد إذاً كان أبوه شهيد وهو في عمر العشر سنوات تخيل طفل في عمر العشر سنوات يرى أبيه يستشهد أمامه صارت رغبة الإستشهاد داخله قوية وقوى إيمانه أكثر وأكثر فحدثت تحولات عظيمة في حياته أيضاً كانت أم القديس مارجرجس إمرأة تقية إنتقلت ومارجرجس في عمر 16 – 17 سنة وكان والداه أغنياء جداً وكان في هذا الوقت أمر عادي أن يكون لدى الأغنياء عبيد بعد أن إستشهد والد مارجرجس وإنتقلت والدته وزع جميع أمواله وأطلق كل عبيده أحرار إذاً مارجرجس منذ البداية والقيامة تعمل فيه كان يشهد للمسيح بتصرفاته نرى في حياته من بدايتها خطوات تدل على إنسان ناضج شاب في عمر السابعة عشر سنة أي معروف أنه سن طيش سن غير مدرك لأمور الحياة لكننا نرى مارجرجس في نضج يفوق نضج الشيوخ نعمة الله هذا عملها نعمة الله تحول لذلك أرجوك لا تستصغر نفسك ﴿ لا تقل إني ولد ﴾ ( أر 1 : 7 ) أنت في المسيح يسوع وبنعمته قادر أن تتخطى سنك وفكرك المسيح قادر أن يصنع بك عظائم هذه هي الوصية والقديسين شاب في هذا العمر تقي لهذه الدرجة ؟!! قد تقول أن الأنبا أنطونيوس باع كل ماله وذهب للبرية لكن مارجرجس باع كل ماله ووزع أمواله ولم يذهب للبرية كالأنبا أنطونيوس إذاً كان لابد أن يكون معه بعض المال لأنه يعيش في العالم ويقال أنه كانت توجد في أسرته فتاة إرتبط بها أي كان في حياته مشروع إرتباط زواج ومع كل هذا يبيع كل أمواله ؟!!! نعمة نعمة الله غزيرة جداً .
دخل مارجرجس الجيش الروماني وكان وقتها دقلديانوس ملك وكتب المنشور وعلقه في الميادين والأماكن العامة وكان منشور مستفذ جداً غير أمر التبخير للأوثان كان في المنشور عشرة بنود منها :-
غلق جميع الكنائس وحرقها .
إحراق جميع كتب العبادة المسيحية .
طرد جميع العاملين المسيحيين بالدولة .
تأميم جميع أموال المسيحيين .
جميع المسيحيين غير العاملين بالدولة يصيروا عبيد .
الإجبار على التبخير للأوثان .
دقلديانوس كان في صغره يعمل سايس في إسطبل خيول ثم صار ملك لذلك هذا كلام لا يصدر من شخص يفكر بإسلوب سوي صحيح حتى وإن كان يكره المسيحيين بالطبع مارجرجس لم يحتمل فمزق المنشور أي صار في تحدي مع الملك الإنسان الذي به نور الوصية يكون قوي ما الذي يجعل الإنسان يعيش في تردد ؟ أنه مغلوب من نفسه وبذلك يكون مغلوب مما حوله مارجرجس كان غالب نفسه كان قائم ضد نفسه وضد جسده مثل سيده يسوع المسيح لذلك كان غير مهزوم ألقي القبض على مارجرجس وسار في سلسلة عذابات عنيفة لفترة سبع سنوات أول ليلة في الحبس نزعوا عنه ملابسه ووضعوا حجر كبير جداً على صدره طول الليل – ألم رهيب – ما هذا ؟ لو كان ضعيف كان سيتراجع عن إيمانه لكنه قال لهم عبارة جميلة﴿ ستملون من تعذيبي أما أنا سوف لا أمل بنعمة الله ﴾ إنتصار وقيامة داخلية الإنسان يضعف من نفسه عندما يفكر في نفسه كثيراً ويصير حساس لنفسه فهذا ضعف لكن عندما يكون ربنا يسوع أمامه يعطيه قوة أكبر من ذاته البشرية وهذا هو مارجرجس القائم كسيده وضعوه في دولاب به مسامير وسكاكين ويتمزق جسده ثم يظهر له ربنا يسوع ويشفيه ويعزيه فقال المستشارين للملك أن أكثر شئ يؤذي الشخص المسيحي هو أن تفسد عفته فإن أفسدت عفة مارجرجس ستميته قبل موت الجسد لأنه معروف أن المسيحي بالعفة يرضي إلهه إبعده عن إلهه ثم إقتله ووافق الملك فأحضروا فتاة خليعة قضت ليلة مع مارجرجس في السجن ومعروف أن الإنسان المحبط الذي في ضيق سقوطه سهل ومارجرجس مسجون وفي شدة وحالة مرة لكن لم تستطع الفتاة أن تقترب منه لأنه كان في السجن قائم ساجد يصلي جعل السجن هيكلاً وبدلاً من أن تُشتم منه روائح كريهة صارت به روائح ذكية عطرة أي أنا الذي أؤثر في المكان وليس المكان هو الذي يؤثر فيَّ يقال عن يوسف العفيف ﴿ أن يوسف زين العبودية بجمال بهاء فضائله ﴾ إذاً السجن لا يؤثر لا تتحجج بالمجتمع الصعب سأقول لك هل هذا المجتمع مثل سجن مارجرجس ؟ فهذه الفتاة أتت خصيصاً لتسقط مارجرجس لكنها رأته يصلي ورأت نور ورأت رائحة البخور فوقفت خلفه تصلي مثله ولما إنتبهت لعريها لملمت ملابسها لتستر عريها لأنها شعرت أنها بالفعل أمام ربنا يسوع المسيح في الصباح يفتحون باب السجن ليروا مارجرجس وهو ساقط إذ بهم يرون الفتاة تصلي مع مارجرجس وتقول لهم ﴿ أتيت لأجذبه بسحر خلاعتي فسحرني بسحر طهارته ﴾ أنا تأثرت به لقد ذاب قلبي داخلي لم أصدق أن أرى شاب مثله بهذه العفة والقداسة هل هو من الأرض أم من أين ؟ نعم هو بالفعل يعيش على الأرض لكنه ليس من الأرض هذا هو المسيحي والشهيد لذلك قالت أتبع إيمان مارجرجس ولنسأل هذه الفتاة سؤال هل تعرفين الثالوث القدوس ؟ هل تعرفين أساسيات الإيمان ؟ تجيب لا لكني رأيت مارجرجس فتبعت إيمانه هذه الفتاة تظهر في بعض الأيقونات خلف مارجرجس على حصانه ويفسر ذلك الآباء بأنه قد أحضر هذه الفتاة معه للمسيح وتظهر أيضاً واقفه تنظر له ويقول الآباء أنها تمثل الكنيسة التي تتابع جهاد أولادها مارجرجس جعل الزانية شهيدة نعمة بلا حدود وبلا نهاية قادرة أن تغير كيان الإنسان لذلك مَلَك إيمان يسوع على قلبها وحواسها فصارت شهيدة من أصحاب الساعة الحادية عشر كما يقول الآباء وأخذت نفس الأجرة لذلك في الغروب اليومي الذي يمثل قرب نهاية العمر نقول له ﴿ إحسبني مع أصحاب الساعة الحادية عشرة ﴾ أعطني أن أرضيك في اللحظات الباقية في اليوم القديس يوحنا ذهبي الفم يقول ﴿ الموت دخل للعالم بطريقة مضاعفة موت الخطية وموت الجسد أتى المسيح كيما يعطي غلبة مضاعفة على موت الخطية وموت الجسد ﴾ والذي يغلب موت الخطية يغلب موت الجسد وهذا مبدأ كل الشهداء فلن ترى شهيد ساقط في خطية ﴿ من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني ﴾ ( رؤ 2 : 11) لأن الموت الأول هو موت الخطية والذي يغلبه يستطيع أن يغلب الموت الثاني أي موت الجسد مثل مارجرجس إستمر الملك في تعذيب مارجرجس يربطون يديه ورجليه يلبسوه حذاء به مسامير تغرس في قدميه خاصةً عندما يقف فيزداد ثقل الجسد على قدميه ويطلبوا منه أن يمشي بالحذاء بل ويجري وإن وقف يضربوه حتى يكمل مسيره عذابات رهيبة من ضمن الطرائف التي كتبها الآباء أن الذي يدخل مجال الإستشهاد إن كانت له واسطة تقطع رأسه بسرعة لأن العذابات مرة لذلك قطع الرأس أسهل ما هذا ؟ قيامة داخلهم جعلت الموت أمر هين لأنهم يشتاقون للمسيح ويعيشون حياتهم للمسيح ﴿ من يقتني في نفسه شهادة صالحة يشتهي الموت كالحياة ﴾ ما سر رعب الناس من الموت ؟ السر هو عدم الإستعداد السر هو الخطية كان رب المجد يظهر لمارجرجس ويقول له * لا تخف يا جاورجيوس إني معك * فيمتلئ تعزية ويصير معافى يتركوه ليلاً ميتاً في الصباح يجدوه معافى فقالوا هو ساحر لنحضر له ساحر يؤثر عليه للأسف قلوب عمياء عمل بها الشيطان أحضروا له ساحر ومعه سم كي يسقيه لمارجرجس فرشم علامة الصليب على السم وشرب وانتظر دقلديانوس أن يموت مارجرجس ولم يمت فضاعف الساحر جرعة السم ثلاثة مرات ولم يمت مارجرجس حتى أن الساحر سجد له وأعلن إيمانه بإله جاورجيوس أمام الجميع لماذا سمح الله لمارجرجس بهذه العذابات المرة ؟ هل لتخليص حساب مع مارجرجس ؟ لا بل سمح بذلك ليكرز به فصارت آلام مارجرجس آلام كارزة كثيرون ممن رأوا هذا المشهد آمنوا واستشهدوا على إسم ربنا يسوع آلاف إستشهدوا بسبب مارجرجس زوجة دقلديانوس كانت تسمع عن مارجرجس وأعجبت به ولم تستطع أن تصل إليه وفي يوم بعد أن إحتار دقلديانوس في أمر مارجرجس فكر في أن يحضره إلى قصره لعله يستطيع أن يؤثر عليه فأحضر مارجرجس إلى القصر وألبسه ملابس جيدة وأطعمه وطلب منه أن يبخر للأوثان فقال له مارجرجس غداً سأتكلم مع آلهتك وأشيع الخبر في المدينة كلها أن غداً مارجرجس سيبخر للأوثان وفي هذه الليلة ذهبت زوجة دقلديانوس إلى مارجرجس وسألته ما هي قصته ؟ فكرز لها بالمسيح وآمنت لكنها لم تستطع أن تعلن إيمانها في الصباح أحضروا الأصنام أمام مارجرجس فصلى صلاة عميقة أمام الجميع ثم قال للوثن * آمرك أمام الجميع بإسم المسيح أن تعلن عن نفسك * فخرج صوت من الوثن يقول * إن الإله الحقيقي هو يسوع المسيح الذي تعبده أنت * وتكرر الأمر ثلاثة مرات وسمعت المدينة كلها هذا الصوت وفي ثالث مرة هوت الأوثان وتحطمت فآمنت المدينة كلها وآمنت زوجة دقلديانوس وأعلنت إيمانها فجذبها زوجها دقلديانوس إلى داخل القصر وهددها بالموت لكنها لم تتراجع واستشهدت وصار جميع من آمنوا شهداء ما هذا ؟ قوة قيامة في مارجرجس غلبت الموت وحطمت الأوثان وأخيراً قطعوا رأسه بحد السيف قوة مارجرجس في شهادته للمسيح في عمل الله الخفي في حياته عمل الله الخفي الذي يجعل الأنية الضعيفة تتمجد ويخرج منها رائحة ذكية الإنسان الذي يجذبه العالم بإغراءاته عمل الله الخفي فيه يجعله يغلب العالم نحن مدعوين لنعيش في العالم شهود للمسيح ونعلن إيماننا لابد أن نعيش شهداء أمام أنفسنا وأمام العالم وأمام المسيح ونعلن المسيح داخلنا ونفرح برسالتنا أن كل من يرانا يشتم رائحة المسيح فينا ونحضر له كثيرين والبعيدين هذه هي حياة مارجرجس وشهادته والقيامة في حياته القيامة أسلوب وسلوك وفعل وليس نظرية القائم شاهد للمسيح ولتسأله ألا تخاف الموت ؟ الموت مرعب يقول لا المسيح غلب الموت والشهداء كانوا يهددون بالموت ولم يخافوا حتى أن معذبيهم كانوا يخافون منهم وقيل عن القديس البابا بطرس خاتم الشهداء أنه أعلنت عن مكافأة لمن يستطيع أن يقطع رأسه لأن رقابهم كانت أصلب من السيوف النعمة تغلب طبع الإنسان الخواف الشهواني وتجعله يعيش غالب الجسد وإن كان في الجسد هكذا كان مارجرجس غالب ظهرت فيه حياة ربنا يسوع المسيح الله يعطينا أن تظهر حياته في حياتنا وأن نغلب ذواتنا وجسدنا لنعيش القيامة بحق ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
27 أبريل 2025
أحد توما
المسيح قام حقاً قام
ثمانية أيام مضت على خبر القيامة بتوكيدات وشهادات من ملائكة و شهود عيان كثيرين المجدلية والنسوة وتلميذا عمواس والأحد عشر وبالرغم من ذلك بقى توما وحده مصمماً على عدم قبول القيامة إلا بشروطه الخاصة وعلى العموم نحن نجد أن هناك تدرجاً في الإيمان بالقيامة:
الدرجة الأولى: يوحنا يؤمن بدون أن يرى يكفيه رؤية الأكفان الموضوعة في القبر الفارغ.
الدرجة الثانية: مريم المجدلية تؤمن بالقيامة دون أن تتحقق من شخصية الرب، ولكن بمجرد تذكر صوته.
الدرجة الثالثة: التلاميذ الأحد عشر آمنوا عندما رأوا وجسوا لحمه وعظامه وجروحه.
الدرجة الرابعة: توما، بعد أن استوفى لنفسه شرط الإيمان بوضع أصبعه في الجروح.
ثم أخيراً الدرجة فوق الأولى : وهي التي أعطى لها الرب الطوبى، وهي إيمان الذين صدقوا القيامة بالخبر وحسب.
الإنجيل لم يذكر لنا حادثة توما هذه المخجلة لكي يحط من قدر توما؛ بل لكي يوضح صعوبة الإيمان بالقيامة. فأصبح الإيمان بها يحفه القبول من اليمين بالمديح، كما يحفه الشك من الشمال بالتوبيخ. أما الطوبى، أي السعادة، فهي نصيب الذين يؤمنون ولا يطلبون شهادة العيان، لأن الحق يضيء قلوبهم.إذاً، فرواية توما لا تخص توما، بل هي حدثت لتكون ركناً ركيناً في استعلان شخص المخلص، كجزء حي في درجات سلم استعلان قيامة المسيح، كطوق نجاة للذين ستعصف بهم شكوك مثل شكوك توما!
وق. يوحنا يقدم لنا رواية توما على التوازي مع رواية تلميذي عمواس التي قدمها القديس لوقا. وكل من الروايتين حظت بظهور الرب وكل منهما حظي بالتوبيخ المناسب.
"قد رأينا الرب"
نفس ما قالته المجدلية: «قد رأيت الرب».لم تقع هذه البشارة المفرحة عند توما موقع التصديق، وذلك عن قصد من النعمة، ليكون أباً ومرشداً لكل الذين صاروا بعقولهم قوامين على قلوبهم، ومدوا أيديهم وأصابعهم عوض البصيرة ليتحسسوا بها طريق الحق. لقد صار توما في تاريخ الإيمان إمام الشكاكين. ويا ليت كل من يشك، ينطق بالنهاية بما نطق به توما لقد وقف توما على قمة الشكاكين مصمماً على حتمية أن تكون القيامة بنفس الجسد الذي تمزق على الصليب، وأن يكون على مستوى المس اليد ووضع الأصبع في نفس الجرح النافذ وفي نفس الجنب المطعون. ولكن لأن القيامة التي قامها الرب هي قيامة حقيقية بالجسد الميت فعلاً؛ لذلك لم يمانع الرب أبداً من تحقيق شرط تو ما وظهر له خصيصاً ليكمل له إيمانه هذا. فصار إيمان توما واعترافه المفاجئ: «ربي وإلهي» البرهان الأخير إزاء كل شكوك بأن المسيح قام حقاً، وبأنه قام بجسده الذي تمزق على الصليب هو هو فقال لهم "إن لم أبصر في يديه أثر المسامير، وأضع إصبعي في أثر المسامير، وأضع يدي في جنبه لا أومن".جروح الصليب مميتة، فكيف تصبح علامة حياة؟ إنه تعجيز! ولكنها هي حقاً معجزة توما يطلب المستحيل بالعيان واللمس، يطلب اقتران الموت بالحياة والحياة بالموت، فكان له ما شاء! إنها حقاً القيامة!
توما أراد أن يمسك بنار اللاهوت، فمسك ولم يحترق. توما أراد أن يُمثل بيده طعنة الحربة إن أهوال الصليب ضيعت من عقل توما كل معقولية الحياة من بعد الموت، لقد أصابت المسامير فكر توما بأكثر مما أصابت به يد الفادي الفادي قام ويداه في ملء الحركة والحياة، وفكر توما تسمر بالموت وبقى بلا حراك الجنب المفتوح بالحربة صار كهوة في إيمان توما، تفصل الميت عن الحياة، مع أن الدم والماء النازفين منه، كفيلان بأن يُحييا كل الأموات.
«لا أومن».
لقد جازف توما بكل إيمانه، لقد وضع إيمانه بالمسيح قائماً من الموت في كفة، ورؤية عينيه ولمس يده لآثار المسامير وطعنة الحربة في الكفة المقابلة! لقد ظن توما أن الإيمان بالقيامة رهن نظر العين ولمس اليد ولكن المسيح نفسه عندما ظهر للتلاميذ المجتمعين «أراهم يديه وجنبه»، فتوما وإن كان يُطالب بحقه الرسولي، كتلميذ له، في الرب المقام؛ إلا أن ما كان ينقص توما حقاً والذي وبخه المسيح على فقدانه، فهو الإيمان "ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام" "فجاء يسوع والأبواب مغلقة، ووقف في الوسط"
كان هناك نوع من الترقب لمجيء يسوع. فمن أسبوع كان التلاميذ قد حازوا على عطية الروح القدس الكفيل أن يشعرهم "بالأمور الآتية" وخاصة فيما للرب ومجيئه. جاء يسوع ووقف في "الوسط"، صحيح أنـــه جاء خصيصاً لتوما، ولكن حينما ظهر كان ظهوره للجميع والجميع له. ليس كبير أو صغير بينهم، فالكل فيه كبير، والكل فيه كريم ومكرم.
"وقال سلام لكم".
ليست هي مجرد تحية، ولكنها وديعة يستودعها الرب لكنيسته «سلامي أعطيكم»، فالرب لا يُقرى السلام، بل يعطيه، بل يسكبه ويبته فينا بثاً، ليسري في القلوب والأفكار والأرواح، ليبقى ويدوم ويترسخ داخل النفس، تلتجئ إليه يوم العاصف فتجده، وتستغيث به في الضيقة فتتسربل به.
"ثم قال لتوما: هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً".
عجيب أن الرب يعيد نفس الكلمات التي نطق بها توما وهو يتحدث مع زملائه، فكأن الرب كان واقفاً يستمع إلى شروط توما المغلظة، لم يعاتبه ولا حتى أخذه، بل بلطف يفوق كل لطف، أخضع جسده الذي ترتعب منه الأجناد السماوية لرؤية عين توما واللمس أصابعه عرى جروحه، وجعل جنبه المفتوح في متناول يده. وهكذا احتفظ الرب بعلامات الموت ليجعلها برهان الحياة، وجعل آثار الذلة والانسحاق لتكون هي هي أسباب المجد.ولكن ترى ماذا كان وقع كلمات الرب على توما، حينما ردد الرب المقام على مسامعه كل الكلام والشروط التي قالها للتلاميذ؟! أعتقد أنها فوق أنها أخجلته، فقد جعلته في غير حاجة لأن يمد يده أو إصبعه. ولكن حين مدها وحينما لمس إطاعة للأمر الذي صدر له، كان قد بلغ الإيمان في قلبه حد الصراخ والشهادة خبرة العين الروحية ابتلعت خبرة عين الجسد، ولمسة الروح في القلب طغت على لمسة اليد.
«لا تكن غير مؤمن، بل مؤمناً»
لم يكن توما غير مؤمن، وإلا لو كان هو فعلاً هكذا؛ أي غير مؤمن، لما ظهر له الرب على الإطلاق. ولكن لما استبد به الشك، كونه استثني من رؤية الرب، كان يطلب حقه في الرؤية العينية، إمعاناً في الوثوق الذي يطلبه. بمعنى أن توما كان في طريقه إلى الإيمان في حالة حصوله على ما احتاجه إيمانه: «أومن يا سيدي، فأعن عدم إيماني» الرب تنازل إلى مستوى شروط توما، ليقطع على كل توما، وعلى كل من يذهب مذهبه الطريق إلى عدم الإيمان.
"أجاب توما، وقال: ربي وإلهي"
هذه هي قمة الاستعلانات، بل هي قمة إنجيل يوحنا. والذي يزيد من قيمة هذا الاستعلان الذي استلهمه توما من رؤية الرب المقام، أنه جاء بعد أسبوع كامل من عذاب الشك وليل الظنون فهو، إن كان قد تأخر عن التلاميذ ثمانية أيام في التعرف على القيامة وتصديقها؛ إلا أنه سجل للكنيسة أول اعتراف علني بألوهية المسيح، خرج منه بتلقائية تعبر عن الحق الذي رآه كاعتراف إيمان بلغ الذروة، ليس في كل الأناجيل ما يُضاهيه إن ظهور الرب بحال قيامته كان كفيلاً بأن يُغيّر لا فكر توما بل روحه وحياته. إن ظهور الرب قوة، فالقيامة هي المجال الإلهي الفائق، الذي إذا دخله الإنسان يفقد رؤيته لنفسه والعالم، وكأنها أقنعة، يخلعها ليرى الحقيقة الدائمة، ولا يعود يرى نفسه إلا في الله : "ربي والهي" إنه يرى نفسه فيه ويراه هو في نفسه، وكأنه يُردد بلسان عروس النشيد: «أنا لحبيبي وحبيبي لي» لقد صار له المسيح وصار هو للمسيح فاستعلن له المسيح في ذاته رباً وإلهاً لقد تعرف على الله في المسيح، وتعرف على المسيح في الله. وأخيراً، أدرك توما أن المسيح ليس للمس اليد أو نظر العين !! فهو الملء الذي يملأ الروح والبصيرة والقلب، الذي لا تسعفه عين ولا يحيطه فكر قال له يسوع" لأنك رأيتني يا توما آمنت طوبى للذين آمنوا ولم يروا" لقد أمن المسيح على اعتراف وإيمان توما "ربي وإلهي"، ووافقه على إعلانه بلاهوته. فلو لم يكن المسيح إلهاً بالحقيقة ما كان قد ارتضى بهذا الإعلان. لقد رأى توما المسيح كما يريد المسيح أن يُرى.وهنا ظهرت رنة التوبيخ والعتاب في صوت المسيح لتوما، لأنه ما كان لائقاً بتلميذ عاشر الرب وسمع منه أنباء القيامة العتيدة، بل ورأى قوتها عياناً عند قبر لعازر، ثم بعد ذلك لا يؤمن، ولا يصدق من رأى وآمن ولكن شكراً لك أيها القديس توما، لأن بشكك ورثتنا الطوبى، بل أحسن الطوبى: «.. الذي وإن لم تروه تحبونه ذلك، وإن كنتم لا ترونه الآن، لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد» .
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد