المقالات
28 يونيو 2025
البناء الروحي للخدام والخادمات
يجب أن نعرف أن في مجال الخدمة يكون الخدام هم أول المخدومين وإن هؤلاء الخدام يحتاجون إلى الخدمة أكثر من إحتياج الخدمة لهم حتى لو قالوا إن حالتهم الروحية مهزوزة لا نفع لي في الخدمة فيجب أن نقول ( الخدام ) نحتاج نحن إلى الخدمة أكثر ما هيَّ تحتاج إليَّ لذلك لضمان الوجود الصحيح في الخدمة يشترط لها أن أكون خادم :-
1- خادم تائب :-
أجمل تعبير للخادم إنه تائب يقود تائبين فالخادم يتوب كل يوم ويقود المخدومين التائبين فيقودهم لأنه هو تائب فيُغيِّر الخدام لأنه هو نفسه يتغيَّر فوجوده في الخدمة هو أكبر حافز من أجل توبته يقول القديس يوحنا ذهبي الفم { كلامي أكثر فائدة لي من الذين يسمعونني } مِثْل تحضير درس عن الأنبا بولا السائح فتكون فيه استفادة من سيرته وفرح خادم تائب هيَّ الخطوة الأولى في بناء الخادم الروحي الصحيح فيتوب التوبة تعني إنسان يغيَّر نفسه باستمرار إنسان يوبخ نفسه باستمرار يقف أمام خطاياه ويُلقيها على مراحم الله بطريقة مستمرة يقابل الخطية بكل حزم فيتجدد ويتقدس ويتغير فهو يعلم إنه ضعيف والخطية تُهين ربنا ولكن في نفس الوقت يقدم توبة أمام ربنا فلا يترك نفسه فمن الجائز أن يكون ضعيف ويقول أنا ضعيف وهو يعيش في وسط مُتعب ولكنه رافض ان يعيش تحت سلطانه فأقل شئ أن يقول كلمة " إرحمني " فيجعل روح حياة بداخله لأنه باستمرار يتوب فالتوبة تعطي للإنسان في داخله فِعل تجديد مواجهة مع نفسه مواجهة مع الله فيعرف معرفة حقيقية لرحمة ربنا فيعرف أن يقول " أنا خاطئ وربنا يرحم " باستمرار الخادم يسأل نفسه هل أنا أتوب أم لا ؟ هل أقدم توبة باستمرار أم لا ؟ فالخطية من طبعي ولكن هل أنا دائم التجديد بفعل التوبة ؟ القديس أغسطينوس كتب المزمور الخمسين على الحائط فهو كان تائب قديس كاتب أقوال مُفسر ولكن لذته في التوبة فكان يقول كل اللي حصدته هو ثمرة توبتي فأول شئ يجب أن نوصله ونعلمه للأولاد هيَّ التوبة إذا كان عدو الخير ينجح في أن نفعل الخطية فإن عمله الرئيسي هو ألا نتوب فهدفه الحقيقي ليس عمل الخطية إنما عدم التوبة أتعود على الخطية فتكون لها سلطان عليَّ أكبر وأكبر فلا أستطيع أن أنفلت منها فلذلك عليَّ أن أكون دائم التوبة باستمرار في الصلاة يجب أن نطلب باستمرار التوبة والرحمة قلباً نقياً إخلق فيَّ يا الله روحك القدوس لا تنزعه مني فأحياناً الإنسان يعيش في غفلة متصالحاً مع خطاياه مثل داود النبي عمل خطايا صعبة جداً زنا قتل فأرسل في طلب أوريا الحثي وطلب أن ينزل إلى بيته ليستريح من الحرب فرد أوريا كيف أستريح في بيتي وإخوتي بيحاربوا فأبى أن يدخل إلى بيته فعندما علم بذلك داود كتب رسالة أن يقف أوريا في الصفوف الأمامية لكي يُقتل في الحرب وهذا ما تم فعلاً مع كل ذلك كان داود مُتصالح مع خطيته ولا يشعر بشئ وكان الرب يعلم كل شئ فهو لم يشعر ولم يشعر أحد بشئ أو شك فيه أحد ولكن الذي يعرف الأعماق هو ربنا فأرسل له ناثان النبي قائلاً له قصة ليحكم فيها بالعدل قائلاً كان لرجل فقير غنمة واحدة كانت تعيش معه وكان يربيها ولآخر غني الكثير من الغنمات فعندما جاء أحد الضيوف للرجل الغني كان المفروض يأخذ من الغنمات التي له ولكنه أخذ غنمة هذا الرجل الفقير وذبحها وقدمها فما هو الحكم على هذا الرجل الغني ؟ ( 2صم 12 : 1 – 4 ) فكان داود هو مصدر العدل في المملكة فقال " هل هذا يحدث في مملكتي " ؟ والحكم أن هذا الرجل يُقتل أجاب ناثان الملك قائلاً " أنت هو هذا الرجل " فكانت له لحظة توبة هي لحظة المواجهة مع النفس أنت هو الرجل لك وحدك أخطأت فلا أكون خاطئ وأبرر وأنافق وأبعد فقد كان القلب قاسياً وأحكم على الناس وأقول إنه يموت لذلك حكم ناثان " أنت هو هذا الرجل " فهناك عين في السماء تُلاحظ { فوق العالي عالياً يُلاحظ والأعلى فوقهما } ( جا 5 : 8 ) عيناه تخترقان الظلام فقال له ناثان أنت هو هذا الرجل فالتوبة هي تلك التي تأتي بأقدس مشاعر فالتوبة فيها حزن على الخطايا ولكن في نفس الوقت فرح حزين لأني أخطأت ولكن فَرِح لأني إكتشفت خطيتي .
2- خادم شبعان :-
الخادم يشبع من ربنا يشبِع فكره وعقله ومشاعره وعواطفه وأحاسيسه وتحركاته إحدى الخادمات في الإعتراف قالت " أنا جيدة جداً جداً في الإثنين فيمكن أن أجلس مع أفراد أضحك وأهذر وأغني وألعب وحينما أكون مع الخدام أو في الخدمة أعمل تماجيد وأصلي وأقول تسابيح الحقيقة أن هذه الخادمة ليست سيئة بل فيها أشياء جميلة جداً ولكن هناك بعض القضايا التي لم تُحسم بداخلها بعد فهناك بعض الأمور العالمية التي تشغلها كخدام يجب أن نركز على الشبع والإمتلاء من المسيح فإن الإنسان الذي يعيش مع الله يستقطبه الكمال فهو باستمرار مشدود لكلمة ربنا ليس عن طريق الإفتعال أو التمثيل فالخادم الفائض هو الخادم الشبعان كلنا ضعفاء ولكن نجد في حياتنا الداخلية مع ربنا ليست شبعانة حتى يمكن في حضور القداس فقد يكون الدافع من الحضور هو بيوتنا ضمائرنا ولكن الجوع إلى ربنا هذا قليل فمثلاً عند دخول الأماكن المقدسة يمكن أن تكون تلك المواضع لم تشغلنا فهي قد تكون لون من ألوان الترفيه وليست حكاية القديس وسيرته وجهاده فقد نشعر أنه وقت نقضيه ونضيعه فهذا ليس شبع ولكن هناك نقائص بداخلنا تحتاج إلى الشبع أو يكون الوجود في الكنيسة هو لون من ألوان الوجود الإجتماعي فهناك إحتياج حقيقي إلى الشبع وهذا يعني أجلس وآكل وأمتلئ فالخادم يجد في الإنجيل صوت الله في الصلاة العزاء في التسبيح غذاء ومسرة في الخدمة المسيح في ضعفاته رحمة فهو من هنا مُستقطب للمسيح شبعان تعني إنه لا ينجذب وراء التيارات فالإسم الحلو المملوء مجد هو يعطيه شبع سرور محبة غِنى فيقول داود النبي{ أبتهج أنا بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة } ( مز 119 : 162) { وليمة سمائن } ( إش 25 : 6 ) فالخادم يجلس مع الإنجيل كثيراً فيأكل ويشبع ويفيض عنه فالخادم الشبعان يقصد به يجلس مع نفسه كثيراً يجلس مع تسابيحه كثيراً يجلس مع صلواته كثيراً .
3- خادم تلميذ :-
فهو شغوف أن يتعلم ويدرك أنه مازال لا يعرف في مجال الخدمة فربنا واضعنا في مجال تلمذة جميل جداً فالخادم يتعلم من الطفل ومن اللحن ومن الترنيمة ومن الدرس ومن التحضير فهو يستفاد جداً من الخدمة ذلك الخادم التلميذ فهو مُستقبل جيد ويريد أن يتحسن ويكون أفضل فما أجمل من الوجود في الخدمة ونحن تلاميذ فكنيستنا كنيسة تلمذة وهي الجلوس تحت أقدام المُعلم فهناك رغبة بشغف في المعرفة وفي الإزدياد فالإنسان إذا أتقن شئ فهو تلميذ فمعظم المتقنين للمهن يكونوا تلاميذ عند آخرين مثل الجراح الجيد يشتغل تحت يد جراح جيد المحامي الجيد يشتغل تحت يد محامي جيد فنحن نعيش في جيل أسهل ما فيه التلمذة على كُتب سيدنا البابا وعظاته أو كُتب لأبونا بيشوي كامل وعظاته فليس هناك شئ قاله أبونا بيشوي وليس في أيدينا فأصبح اليوم كل رصيد الشخص المنتقل بين أيدينا فهناك العديد من مجالات التلمذة للكتاب المقدس فنجد الشرائط والكتب وC D الخادم تلميذ مجتهد شغوف للمعرفة فهو نحلة تبحث وتدَّور وتجمع وذلك لضمان الخدمة وأن نعتبرها – الخدمة – سبب من أجل خلاص نفوسنا يجب أن نكون تلاميذ شغوفين نسعى باستمرار للتعلم { أدرب نفسي ليكون لي دائماً ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس } ( أع 24 : 16) فقد كان الآباء قديماً في حالة بحث دائم في مجال التلمذة عند قراءة سِيَر الآباء إبحث لك عن أب تِتَلمذ على يديه وعلى تعاليمه وأقواله وتكون مطيع فمن أجمل درجات السماء هو التلميذ الخاضع المطيع فالقديسين مكسيموس ودوماديوس عندما ذهبوا إلى القديس أبو مقار وجدهم قليلي الكلام جداً فقالوا له كل ما قلته لنا نحن ننفذه ولم نأتي إليك إلا بعد تنفيذنا إياه ويقول أبو مقار ولكني وجدت أنهم سبقوني فتظاهرت بإني نائم وهم أيضاً تظاهروا بذلك وبعد فترة إستيقظوا فقد أيقظ القديس مكسيموس أخوه دوماديوس ووقفوا الليل كله يُصلون فرأى النور يسطع من يد ووجه القديس مكسيموس والذباب يحاول أن يأتي على وجه الأخ الأصغر إلا أن هذا الذباب لا يستطيع أن يقترب على وجه القديس مكسيموس فنحن خدام تلاميذ نسمع ونعمل فالخادم يسمع كثيراً بل يكون أكثر الذين يسمعون ولكن هناك الكثير من يفقد روح التلمذة فيسمع فقط لدرجة أن يصل إلى الإحتراف في السمع ولكن ماذا استفدنا لأنفسنا فليس هناك أهم من خلاص أنفسنا ليس أهم من كلمة الحياة في سِيَر القديسين كان يمكن أن شخص يسافر من بلد إلى أخرى من أجل أن يسمع كلمة ويُسر بها وكان يطلب ويقول " قل لي كلمة لأحيا " فيسمع كلمة ليعيش بها فأحد الآباء قال { أنتم بتسمعوا كثيراً ولكن لا تعملوا بها فلأنك رافض تنفيذها فالكلمة لم تأتي لك في حين إنها قيلت فهي لم توصل لك } مثل ولد قسم علمي علوم وآخر قسم علمي رياضة فحضر أحد طلبة القسم العلمي مع الطلبة الآخرين أي حضر حصة لمادة ليست عليه والآخر المادة عليه فنجد أن الثاني مُصغي جداً للكلام ومهتم جداً والآخر العكس فالتلميذ شغوف على الكلمة ويريد أن ينفذها ويعملها فهذا التلميذ ما هو حال قلبه ؟ كيف شكله ؟ ما تفكير قلبه ؟ قُل لي كلمة لأحيا فالخادم تعني تلميذ ونقيس أنفسنا بطريقة صحيحة فنسمع النصيحة ونطبقها على أنفسنا ونعمل اختبار وأرى أين أنا من الكلمة سواء كنت شخص جاد مطيع أمين مُتضع غير مكتفي لا أشعر إني مُعلم أو كبير فكل ما الرب يفتح له مجال يكون أمين في هذا المجال فيفتح له الله الكثير فيقيس نفسه باستمرار وقد نجد تلميذ آخر تتلمذ على يد قديس فهو صامت تماماً لا ينطق بكلمة فهو أخذ منهج وفرَّحه وعاش بهذا المنهج فالكنز بالداخل يزيد وتكون أنت فرحان فالربح الداخلي يزيد والإهتمام بداخلي يزيد هذه هي حياة التلمذة إلى يومنا هذا هناك أديرة بالكامل عند الكاثولكيين صامتة – دير الصامتين في أيرلندا – فأحد التلاميذ ذهب إلى الدير طالب للرهبنة في هذا الدير فمن أجل أن يقول له لا نريد فأتى بكوب من الماء وملأه على آخره فأتى التلميذ بورقة من الشجر ووضعها على سطح الماء فذهب أبونا وعمل رسمة فالولد أخذ القلم ووضع الصفر على الشمال ليقول إقبلني الحياة الروحية بها الكثير من الأفراح التي تنتظرنا .
4- خادم ينمو :-
فالخادم التائب الشبعان التلميذ يحدث له نمو فالنمو علامة أكيدة للخادم فهناك خطر إن كان الخادم يخدم منذ سنين ولا ينمو وكذلك شئ مزعج لأم إن ربنا يعطيها طفل عنده 2 ، 3 ، 4 سنين ولا ينمو فهو نفس الحجم الوزن البطء في الكلام فهذا شئ مزعج له فإنه لا يحدث له نمو فعلى الخادم أن يكتشف نموه ولكن فلنحذر أن النمو الروحي لا يُقاس ولكن يمكن أن نشعر به إحساس الصلاة تقدم أم لا ؟ إحساس الإنجيل إحساس العبادة كل هذا من علامات الخادم الذي ينمو إنه أحياناً يتأخر فهناك من يكبر على مستوى الجسد ويصغر روحياً فهو قد يكون تعوَّد على الممارسات ففقد تأثيرها فيتبلد ولكن النمو هو { أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام } ( في 3 : 13) فأقرأ في الإنجيل فربنا يفتح لي لسان ثم ذهن ثم مشاعر ثم قلب ثم أحاسيس ثم طريق فليس هناك نهاية أو اكتفاء فهناك من يترك نفسه لعطايا ربنا فيكبر ويكبر ويفتح الإنجيل ولا يعرف كيف يُغلقه أو آخر مشكلته في الصلاة لا يعرف كيف يُنهيها فهناك نمو هناك تحفيز باستمرار فلو هناك شاب جميل ويقول عبارات أطفال فهذا ليس لطيف أو حتى عاداته عادات أطفال فهذا شئ غير لطيف فالنمو تعني روحياً ينمو إلى ملء قامة المسيح ( أف 4 : 13) فألذ ما في الحياة الروحية إنها متجددة فالأنبا بولا قعد سبعين سنة في البرية لم يرى وجه إنسان ينمو فهو لا ينتهي غمر يُنادي غمر ( مز 42 : 7 ) فرح ينادي فرح متعة تأتي بمتعة بهاء ينادي بهاء مجد يرعى مجد فليس لديك أي وسائل من الترفيه أو اللهو فكيف أنت تعيش ومتمتع ؟!! ولكن أقول عندي أكبر وأهم شئ فالتجارة ربحها يزداد فسلامي من الله حبي ومشاعري من عند الرب فاقترب من الملائكة وأصبح صديق لهم كل هذه بركات تنتظرنا في حياتنا مع ربنا هناك قاعدة يقولها الآباء " أي قانون روحي نثبُت فيه لمدة أربعين يوم متواصل تنقلنا للدرجة التي تليها " فرقم " 40 " يُشير إلى أن المسيح عاش على الأرض 400 شهر المسيح صام 40 يوم فرقم 40 هو 4 10 ( 4 رقم الأرض وجوانبها الأربعة ، 10 رقم سماوي ) فهو يعني كمال عمل النعمة عن طريق العمل البشري موسى أخذ الوصية بعد 40 يوم فالعمل البشري يتحد مع العمل السماوي فتنقلنا النعمة إلى الدرجة التي تليها مثل الصلاة عندما أثبت 40 يوم تكون تعودت عندي عادة الصلاة وبعدها كيف أصلي 40 يوم متواصل ؟ صلاة الشفتين أنطق بالكلام وأحاول أركز فيه 40 يوم آخر صلاة العقل الذي أقوله أركز فيه جداً صلاة القلب بفهمه بعقلي وأنطقه بقلبي 40 يوم آخر صلاة الروح وبعد ذلك مثل داود النبي { أما أنا فصلاة } ( مز 109 : 4 ) الصلاة تتحدث فيك أينما كنت فكل ما فيك يصلي ولكن للأسف نحن نستعجل فنرجع بسرعة كذلك أيضاً في قراءة الإنجيل لمدة 40 يوم وكذلك الإدانة فإن الأمور يحدث لها زيادة ولكن كلما تحدث زيادة في الحياة الروحية هناك أيضاً زيادة في الخطية فهي لا تقف بل تزيد فالخطية تزيد وتكون أكثر من مزاح حب العالم الطمع الإدانة فإن لم تنمو على مستوى الروح فتنمو على مستوى الجسد فالخادم يكون في نمو في حالة من الشبع والإمتلاء ويكون النموذج المفرح لأولاده في الخدمة ويكون شموع مضيئة هذا الجيل به العديد من التيارات الكثيرة التي تحاربه وهذا يعني أن علينا أن نمسك في ربنا وألا نترك الأمر فكلما قل الشئ كلما زاد قيمته الماس غالي والتراب رخيص لأن ذلك قليل ونادر والآخر فكثير فتمسكوا بالصلاح حتى لو كنتم قليلين فكون خادم نادر لتزيد قيمتك من الأشياء التي تفرح قلب ربنا هو وجود له شبيه صورة سفير خادم مِلكه هذا هو الذي أحبه يظهر أمام الناس فلا نظهر بمظهر يؤسف ربنا ويكون فينا ربنا صورة مُشوهة { لئلا يُفترى على اسم الله وتعليمه } ( 1تي 6 : 1) هذا هو الخادم فلا يُقال عليه صالح ولا جعل القريبين منه صالحين لذلك يجب أن نقيس أنفسنا كخدام لله بأن أتوب باستمرار أمام الله أشبع أتتلمذ أنمو ربنا يفرح بيكم ويفرح بسيرتكم وحياتكم وخدمتكم ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
27 يونيو 2025
الثقة في وعود الكتاب المقدس
في احداث ميلاد السيد المسيح اجتمعت عدة شخصيات، سواء قبل أو أثناء أو بعد الميلاد وعاشت هذه الشخصيات إيمانها القلبي في قداسة ونقاوة، وعبرت عن الإيمان بفضائل فكان الاتضاع في الحوار عند مريم العذراء والالتصاق بالرب عند حنة النبية، والوفاء عند القديسة اليصابات والثقة في وعود الله عند سمعان الشيخ، والرجاء عند زكريا الكاهن وهؤلاء كلهم وغيرهم. قدموا في إيمانهم فضيلة، بحسب الوصية في رسالة بطرس الثانية الأصحاح الأول: ٥-٧عن هذه الفضائل تتحدث معك هذه الصفحات...
الثقة في وعود الكتاب المقدس(لو ٢ ٢٥-٣٢)
وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان، وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه، وكان قد أوحى إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب فأتى بالروح إلى الهيكل وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه ليصنعا له حسب عادة الناموس أخذه على ذراعيه وبارك الله وقال الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عينى قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب نور إعلان للامم ومجدا لشعبك إسرائيل. (والمجد لله دائما )
سمعان الشيخ رجل من الذين شاركوا في الترجمة السبعينية وهي ترجمة من العبرية إلى اليونانية، والتي كانت لغة ذلك العصر، شارك فيها سبعين شخصا، ولذلك سميت بالسبعينية، وقد استغرقت هذه المسئولية سنوات عديدة، ومن دواعي فخرنا أن ترجمة أكبر جزء منها تم في مدينة الإسكندرية وهي تعتبر من أدق وأجمل ترجمات الكتاب المقدس وكان سمعان الشيخ أحد الذين تخصصوا في ترجمة نبوة إشعياء النبي فقرا العبارة التي تقول "ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل" (اش ١٤:٧) فتوقف أمامها متحيرا كيف تكون عذراء وتحبل وتلد في نفس الوقت فوجد أن الأمر غير مناسب للترجمة فحاول أن يختار كلمة مخففة تصلح للمعنيين، فاختار كلمة فتاة والتي يمكن أن تطلق بصفة عامة على المرأة سواء كانت عذراء او متزوجة، وعندما أراد أن يفعل ذلك أرسل له أو ظهر له ملاك الرب وأمره أن يكتبها كما هي وسوف يعاين ذلك بنفسه مرت سنين كثيرة، وتقدم سمعان الشيخ في الأيام ومع تقدمه في العمر ضعف بصره وكان هناك غشاوة على عينيه، وفي وسط عمره المتقدم جدا وهو على باب الهيكل، ويرى أمهات وأطفالاً كثيرين، تقدم يوسف النجار وأمنا العذراء مريم وهي تحمل الطفل يسوع ويقدماه لسمعان الشيخ تنفيذا للشريعة، يقول الكتاب اخذه على ذراعيه وبارك الله وقال "الآن تطلق عبدك یا سید حسب قولك بسلام"(لو۲۸:۲- 29)، وحسب قولك أي حسب وعدك، فالكتاب المقدس مملوء بالوعود الكثيرة، لكن كيف تقبل هذه الوعود وتصدقها؟
سمعان الشيخ أخذ وعدا اثناء ترجمته ثم عاينه بعينيه، ثم تجده يقول "لأن عينى قد أبصرتا خلاصك" وارجو ان تلتفت إلى هذه الكلمات "لأن عيني" بروح النبوة ترى أن هذا الطفل الرضيع الصغير هو المخلص الذي يعلق على عود الصليب ويقدم الخلاص لكل العالم فقد قيل "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو ١٦:٣)، ثم أكمل سمعان قوله "الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب نور إعلان للامم ومجدا لشعبك إسرائيل"( لو ٣١:2- ٣٢)، فخلاص النفوس على الصليب هو لكل الأمم،وليس لشعب بعينه عندما تقرأ يوميا في الكتاب المقدس تسمع وعودا عديدة، وكلمة وعد كلمة جميلة ووعود الله صادقة وهو صادق في تنفيذ وعوده.
بعض وعود الكتاب المقدس
"ليس الله إنسانا فيكذب ولا ابن إنسان فيندم هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفى؟" (عد ١٩:٢٣) "لا أنقص عهدي، ولا أغير ما خرج من شفتي"(مز ٣٤:٨٩)
"لان كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته"(عب٤ : ۱۲)
الله يعطى الإنسان وعدا ويحققه، حتى لو كان الإنسان يشك في تحقيق الوعد في يوم أعطى الله وعدا لإبراهيم وقال له "سوف اعطيك نسلا مثل نجوم السماء ورمل البحر" إبراهيم قال له "يا رب أنا متقدم في الأيام وأمراتي متقدمة في الأيام أيضا" ولكن ما قاله الله وفي الزمن المحدد أعطى الله ابن الوعد إسحق كذلك داود مسح ملكا،ولكنه قد تعرض للقتل مرات عديدة،وقد ظل هاربا إلى أن جاء الوقت المناسب وصار ملك إسرائيل الوعود الإلهية يجب أن تتحقق،ويحققها الله في وقته،ويقول لنا في سفر الجامعة "صنع الكل حسنا في وقته "(جا ١١:٣)،وأرجو منك أن تجعل هذه الآية دائما امامك لأن الله له توقيتات ومواقيت ونحن لا نعرف حسابها بانفسنا من الممكن أن نقول إن الله تآخر لكن الله لم يتأخر لأن له توقيتا فهو يصنع كل شيء في ملء الزمان في وقته عندما جاءت نبوات العهد القديم كانت جميعها تنادي وتتنبأ عن مجيء المخلص،ولكن اليهود أساءوا فهم هذه الوعود فقد وضعوا في ذهنهم أن هذا المخلص سيكون مخلصا عسكريا،ولذلك كانوا ينادون "يا رب الجنود او يا رب الصباؤوت" حيث مخلص يخلصهم من العبودية أو يخلصهم من استعمار أو أي شكل لقد ظنوا أن المسيا سياتي مثل داود او سليمان ويملك عليهم ويخلصهم من أي استعمار آيا ان كان شكله ويصيرون سادة العالم لكن السيد المسيح المخلص جاء ليخلص البشرية من مرض الخطية،ولذك جاء المسيح ليمسح خطية الإنسان وما دام يوجد المسيح فيوجد من يمسح الخطية،وإن لم يوجد المسيح في حياة إنسان فلا تمسح خطيته فمرض الروح ومرضى النفس ومرض الجسد لا يمسحه إلا المسيح الوعود كثيرة لكن الله أعطى وعداً لنوح "لا أعود ألعن الأرض أيضا من أجل الإنسان" ( تك۲۱:۸) واعطى وعدا لإبراهيم " فاجعلك امة عظيمة وأباركك واعظم اسمك، وتكون بركة" (تك ۲:۱۲)،وأعطى وعدا لداود أن يقيم نسلاً من بعده "يجدد كرسي مملكته أقيم بعدد نسلك الذي يخرج من أحشائك واثبت ممکلته هو يبنى بيتا لاسمى وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد" ( ٢صم١٢:٧- ١٣ ) في العهد الجديد أعطى وعدا بإرسال الروح القدس، وبعد الصعود بعشرة أيام أرسل الباراقليط الروح القدس.
وعود الله كثيرة جدًا، لكن أريد أن أقف معك لدقيقة واحدة أمام وعد يخصنا جميعًا إنه وعد يعطيك نوعا من الطمأنينة، في (مت ۲۰:۲۸) يقول الوعد الإلهى" ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر " كلمات السيد المسيح هذه تحمل قوتها، لأنها من فم قائلها القادر على كل شيء، فكلمته التي يقولها يعنيها تمامًا فهو يعنيها حرفًا بمعناها ويعنيها روحا بمعناها فعندما قال هذا الوعد وهو ما نسميه الوعد بالحماية والرعاية فهو وعد مملوء طمأنينة لأننا به نثق أننا جميعًا في يد الله، وكل ما يصنعه هو جيد، وقد يشبه ذلك الوعد القائل: «الرب نوری و خلاصى ممن أخاف الرب حصن حياتي ممن أرتعب؟» (مز ۱:۲۷)هناك من يشعر بأن الله واقف بجانبه ويعطيه هذه الوعود التي تحميه أحيانًا الله يعطى الوعد لشخص ويقارن به شخص آخر، فعلى سبيل المثال، ربنا يقول ليشوع " كما كنت مع موسى أكون معك لا أهملك ولا أتركك" (يش ٥:١) وهذا التعبير لطيف جدا لأن ربنا بيقول له صدق الوعد،وهذا ينطبق على كل القديسين وكل شخصيات وأبطال الكتاب المقدس.
الثقة في الوعود الإلهية
هناك ثلاث علامات أو وسائل تساعدك في الثقة بالوعود وهي:
1- الإيمان:-
إيمانك الداخلي في شخص السيد المسيح من خلال:
أ- الله حاضر وموجود معنا دائما .
ب- الله قادر ومثلما عمل في القديم يعمل اليوم وغدا وهذا التعبير الجميل "القادر على كل شيء" نجده في (رؤ۲۲:۲۱).
ج- الله عامل فهو يعمل معك باستمرار ( أمس واليوم وغدا).
قد تكون مثل أى شخصية قابلناها في الكتاب المقدس وواجهت مصاعب الحياة،وتأتى يمين الله القوية تقف وتسند،وهذا الذي جعل شخصية مثل بولس الرسول تقول «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في ١٣:٤) هنا كلمة يقويني فيها صورة الاستمرارية فقد قال السيد المسيح «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا » (يو ٥:١٥) إذا عدت لوعد إبراهيم وسارة نجد أن المفاهيم البشرية تقول إن هذا الوعد لا يمكن أن يتحقق لكن بالمفاهيم الإلهية لا يوجد شيء بعيد عن إرادة الله فكل شيء ممكن لدى الله فالإنسان هو الذي يجعل الممكن غير ممكن يقول بولس الرسول عن إبراهيم أبو الآباء «ولا بعدم إيمان ارتاب في وعد الله بل تقوى بالإيمان معطيا مجدا لله» (رو٢٠:٤) أما عن سارة يقول «بالإيمان سارة نفسها أيضا أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت، إذ حسبت الذي وعد صادقا »(عب ۱۱:۱۱) كذلك عندما بشر الملاك السيدة العذراء مريم فكل ما قالته "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك" (لو ۱ : ۳۸) لا يوجد عندها سوى الإيمان.
2- الطاعة:-
التعبير الرهباني أو النسكى يقول "على ابن الطاعة تحل البركة "طاعة الوعد تنشئ بركة يحكى تاريخ كنيستنا عن القديس الأنبا أنطونيوس الراهب الأول أو مؤسس الحياة الرهبانية،وتقول القصة إنه دخل الكنيسة بعد نياحة والده وسمع الآية التي تقول " إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء،وتعال اتبعني "( مت ۲۱:۱۹) لقد اعتبرها وعدًا، وأطاع الوعد وعندما خرج الأنبا أنطونيوس إلى البرية لم يكن يعلم أنه سيكون ذائع الصيت بهذه الصورة،وأنه سوف يكون في العالم كله كنائس وأديرة على اسمه ولم يكن يعلم أنه سيكون آلاف وآلاف من الرهبان يسلكون كسيرته ويعيشون كحياته ويتمثلون به لكن ابن الطاعة تحل عليه البركة عندما أعطى الله إبراهيم الوعد قال له «ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض» (تك ١٤:٢٨) ويتساءل إبراهيم أين هذا النسل كي يتبارك؟! ولكن من أجل طاعة إبراهيم وحفظه أوامر الله واستجابته للدعوة نجد تحقيق الله للوعد ويتبارك فيك وفى نسلك جميع قبائل الأرض أحيانًا الوعد لا يكون صريحًا فمثلاً في مشهد عرس قانا الجليل من المفترض أن الضيافة التي
يقدمها أهل العرس عصير العنب لكنه فرغ فنجد أمنا العذراء في هدوء شديد تذهب لربنا يسوع المسيح وتقول له "ليس لهم خمر" (يو ٣:٢) وهذا معناه أن أهل العرس في حرج شديد فنجد السيد المسيح يرد عليها قائلاً «ما لي ولك يا امرأة؟ لم تأت ساعتى بعد »(يو ٤:٢)،وإذا دققت قليلاً سوف تجد أن سؤال أمنا العذراء يختلف تماما عن إجابة المسيح لكن يبدو أن إماءات رأسه وقسمات وجهه أعطت معنى لأمنا العذراء وكأنها أعطيت وعدًا فخرجت من أمامه وقالت للخدام "مهما قال لكم فافعلوه " (يو ٢ :٥) هو وعد بالرغم من أنه لم يكن واضحا بكلماته لكن أمنا العذراء في كلماتها القليلة والحكيمة يطلقون عليها "أقصر عظة في الكتاب المقدس" فمهما قال لك من وعد لابد أن تعيشه.
٣- الصلاة:-
أجعل قلبك مرفوعا دائما لربنا فهناك اشتياق للوعد أن يتحقق،وتطلع للوعد أنه يكون عندما استقر داود النبي في مملكته أراد أن يبنى مسكنا للرب فأبلغ ناثان النبي رغبته في البناء فجاء كلام الرب لناثان أن سيكون له بيتا،ولكن الذي يبنيه هو ابن داود "سليمان الملك" فيقول الكتاب عن داود" فدخل الملك داود وجلس أمام الرب وقال والآن أيها الرب الإله أقم إلى الأبد الكلام الذي تكلمت به عن عبدك وعن بيته،وافعل كما نطقت » (٢ صم ٧: ١٨-٢٥)عندما نصلى أبانا الذي في السموات نقول "لتكن مشيئتك" هل تصليها من قلبك؟ إن كل ما يفعله الله معنا جميلاً،ولابد أن نقبل منه كل شيء،ولكن في وسط الوعود التي نجدها في الكتاب هناك بشر يوعدون بشرا فالآية تقول "ما خرج من شفتيك احفظ واعمل كما نذرت للرب إلهك تبرعا كما تكلم فمك" (تث ۲۳:۲۳) يعقوب أبو الآباء عندما نام وحلم أن هناك سلما كبيرًا يصل بين السماء والأرض،وسمع صوت الله من أعلى السلم بأن يحفظه ويهبه الأرض التي نام عليها فوقف يعقوب وبدأ يوعد ربنا هذه القصة مناسبة لنا ونحن في آخر السنة، مثلما قال داود في المزمور "ارتض بمندوبات فمى يارب" (مز ۱۱۹ : ۱۰۸)، أي تعهدات فمى باركها يارب فوقف يعقوب وأمسك بالحجر الذي كان نائما عليه كوسادة وأقام مكانه عمودًا ووضع زيتا وسماه بيت «إيل»،وقف يعقوب يوعد ربنا بثلاثة أمور:
١- قال له يارب سوف أعبدك طوال حياتي.
۲- سأبنى لك مذبحا في هذا المكان.
٣- سأقدم لك عشر المقتنيات التي تهبها لي.
القصة الروسية المشهورة التي تحكى عن أمير أتى بشخص ووعده بأن يعطيه كل هذه الأرض بشرط أن يأخذ حصان الأمير ويتحرك به في كل مكان يريده ولكن عليه أن يعود قبل غروب الشمس،وبالفعل ركب الرجل الحصان وبدأ يتحرك به في كل الأرض ولم يبال أن وقت الغروب قد قرب،وعندما بدأ يشعر بضرورة العودة سقط ميتا من على الحصان لأنه بذل مجهودًا غير عادي عندما تجلس مع أب اعترافك وتأخذ الأب الكاهن كشاهد على توبتك هل تلتزم بذلك؟ هل تنفذ الوعد أو حتى جزء منه؟ مهم جدا أن تثق في وعود الله.
وعود شريرة
قد نسميها خداعات شريرة هيرودس عندما رقصت أمامه ابنة هيروديا وأعجب بها قال لها سأعطى لك ما تطلبين ولو كان نصف المملكة،ولكنها طلبت رأس يوحنا المعمدان على طبق يقول عنه الكتاب "فاغتم الملك، ولكن من أجل الأقسام والمتكئين معه أمر أن يعطى فأرسل وقطع رأس يوحنا في السجن"(مت 14: 9-١٠). لابد أن تنتبه أن هناك خداعات ولا أسميها وعودًا لأن الشيطان ينطق بها فهو الذي خدع أمنا حواء وأبانا آدم فقال للمرأة " لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر" (تك ٤:٣-٥ ) كذلك من الخداعات خداعات المنجمين والسحرة الذين يتبعون معرف الغيب حتى أن الشيطان قد يرسل نفسه في أحلام كاذبة الوعود في الكتاب المقدس هي للخير وللنمو،ويقول لنا " احفظ واسمع جميع هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها لكي يكون لك ولأولادك من بعدك خير إلى الأبد إذ عملت الصالح والحق في عيني الرب إلهك " ( تث 28:12) " ويجعلك الرب رأسا لا ذنبا،وتكون في الارتفاع فقط ولا تكون في الانحطاط إذا سمعت لوصايا الرب إلهك التي أنا أوصيك بها اليوم، لتحفظ وتعمل" (تث ۱۳:۲۸) "إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي" (يو ۸: ۳۱) الوعود يا إخوتي أمر مبهج في الكتاب المقدس، ومن الممكن أثناء قراءاتك ترى وعودا يرسلها الله لك فتمسك بها من خلال إيمانك وطاعتك وصلاتك وثق أن الله يحقق هذه الوعود طالما فيها الخير فكل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله فالله يستخدم كل الأشياء ويجعلها خيرًا للإنسان مثلما أخذ سمعان الشيخ الوعد ورآه بعينيه وقال "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عينى قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل".
قداسة البابا تواضروس الثاني
عن كتاب قدموا فضيلة في إيمانكم
المزيد
26 يونيو 2025
بدعة ميناندر الهرطوقى العراف
كان سامرى وتلميذ لسيمون الساحر، وأنه أتى إلى انطاكيه وخدع كثيرين بسحره فقد علم ميناندر أن من يتبعه لن يموت .. ويذكر أن ميناندر أدعى أنه المخلص المرسل من فوق العالم الايونات المرئيه، حتى ما يخلص البشر . فبواسطة المعموديه التى يمنحها هو، يصير الإنسان أعلى من الملائكه المخلوقين. وقد أتسع نفوذ ميناندر فى انطاكيه بين سنتى 100،70م.
ميناندر العراف
ذكر يوسابيوس القيصرى: ميناندر العراف:
1 - لقد برهن ميناندر خلف سيمون الساحر، بتصرفاته على أنه آله أخرى فى يد القوة الشيطانية لا يق عن سلفه، وكان هو أيضاً سامرياً، وأذاع أضاليله إلى مدى لا يقل عن معلمه، وفى نفس الوقت عربد فى طياشات أعجب منه، لأنه قال بأنه هو نفسه المخلص الذى أرسل من الدهور غير المنظور لخلاص البشر
2 - وعلم بانه لا يستطيع أحد أن ينال السيادة على الملائكة نفسها خالقة العالم (أتفق مع سيمون بان الملائكة خلقت العالم)، إلا إذا جاز فى النظام السحرى الذى يمنحه هو وقبل المعمودية منه، أما من يحسبون أهلاً لهذا فإنهم ينالون الخلود الدائم حتى فى الحياة الحاضرة، ولن يموتوا، بل يبقون إلى الأبد، ويصبحون عديمى الفناء دون أن يشيخوا، وهذه الحقائق يمكن أن نجدها بسهولة فى مؤلفات إيريناوس.
3 - أما يوستينوس فإنه فى الفقرة التى تحدث فيها عن سيمون قدم وصفاً عن هذا الرجل أيضاً فى الكلمات التالية: " ونحن نعلم أن شخصاً معيناً أسمه ميناندر، وكان أيضاً سامرياً من قرية كابرانى (مكان هذه القرية غير معروف الآن) وكان تلميذ لسيمون، وهو أيضاً إذ طوحت به الشياطين أتى إلى أنطاكية وأضل الكثيرين بسحره، وأقنع أتباعه بأنهم لم يموتوا، ولا يزال البعض منهم موجود ويؤكد هذا"
4 - وقد كانت مهارة من أبليس حقاً أن يحاول، بإستخدام أمثال هؤلاء العرافين الذين أنتحلوا لأنفسهم أسم مسيحيين، تشويه سر التقوى العظيم بالسحر، وتعريض تعليم الكنيسة عن خلود النفس وقيامة الأموات للسخرية، على أن الذين أختاروا هؤلاء الناس كمخلصين لهم سقطوا من الرجاء الحقيقى.
المزيد
25 يونيو 2025
الخادم الروحي قدوة وبركة وحياته كلها خدمة
إن الخدمة ليست كلاما، إنما هي "روح وحياة" (يو 6: 63) والخادم الروحي له الروح التي يحولها في تلاميذه إلى حياة هذه الحياة يلتقطونها منه، يتعلمون من حياته، ويقلدون شخصيته، فتتخلل نفوسهم وقلوبهم وأفكارهم إن الصغار قد لا يفهمون كل الكلام الذي يقوله الخادم وما يفهمونه، كثيرا ما ينسونه لكنهم يأخذون منه الحياة. ويتعلمون من طريقة معاملته، وطريقة كلامه، بل يتعلمون من أسلوبه، من نظراته، من إشاراته، من تصرفاته يلتقطون كل ذلك المعلومات قد ينسونها ولكن أسلوب الحياة يظل راسخا فيهم فإن كان كل ما تملكه هو المعلومات، سوف لا يأخذون منك سوى معلومات، بلا روح بلا حياة ! فابحث إذن ما هو نوع الحياة التي فيك، التي يمكن أن يمتصها منك أولادك؟ والتي تترك فيهم انطباعًا من نوع خاص أخشى أن بعض الخدام تكون في حياتهم عثرات وهذه العثرات تؤثر في تلاميذه تأثيرًا سلبيًّا وويل لمن تأتي من قبله العثرات، كما قال الرب (مت 18: 7) هذه العثرات إما أن يقلدها المخدومون، فتضيع روحياتهم، وتهبط مثالياتهم، ويطالب الخدام بدمهم أمام الله (حز 33: 6-8) وأما أن تكون أخطاء الخادم سببا في انتقادهم له، بل أيضا وقوعهم في خطية الإدانة أو قد تكون تلك الأخطاء سببا في تركهم محيط هذه الخدمة كلها، وما يتبع ذلك من نتائج.
الخادم هو ملح للأرض فماذا يحدث إن فسد الملح؟!
ما أصعب قول الرب في ذلك!!! يقول "إن فسد الملح، لا يصلح بعد لشيء، إلا أن يُطْرَح خارجًا ويُداس من الناس" (مت 5: 13) إذن يجب أن تلوم نفسك وتقول"إنني حينما كنت بعيدا" عن الخدمة، كانت خطاياي ونقائصي من نصيبي أنا وحدي وتأثيرها واقعا على وحدي، وكذلك عقوبتها أما الآن فإن خطاياي تعثر الآخرين، وتوقعهم في خطايا وتضيعهم فإن لم يكن من أجل نفسي فعلى الأقل من أجلهم أقدس أنا ذاتي لكي يكونوا هم أيضا مقدسين في الحق (يو 17: 19) من هنا ينبغي على كل خادم أن يفحص نفسه، ويصلح ذاته، ويكون بلا عثرة بل ينبغي أن يكون قدوة ومثالا يعكس الخادم الروحي الذي تترك حياته في نفس كل من يقابله أثرا طيبًا وانطباعًا روحيًا يدوم لمدة طويلة دون أن يلقى عظة أو يتحدث في موضوع روحي بل مجرد مقابلته البشوشة الحلوة الطيبة، وملامحه الهادئة المملوءة سلاما، ووداعته وطيبته وحسن لقائه للآخرين وحسن معاملته، هذا يجعل من يقابله يتأثر روحيا، ويقول في نفسه مباركة تلك اللحظات التي تقابلت فيها مع فلان عجيب هذا الشخص الروحي ليتني أكون مثله في شخصيته الروحية، وفي بشاشاته ومعاملته الطيبة التي تبكتني على خطاياي، وتذكرني بأني في أحيان كثيرة كنت أقابل البعض بعدم اكتراث، أو بغير حماس، بدون ود وبدون بشاشة ليتني أغير حياتي وأصير مثله ودودا بشوشا وديعا وهكذا مجرد اللقاء به يقود الآخرين إلى التوبة لذلك فالخادم الروحي ليس مجرد مدرس، بل حياته كلها خدمة:
إن عبارة (مدرس في مدارس الأحد) تعني قصورًا في أمرين:
أ- فكلمة مدرس تعني مجرد التعليم، وليس الحياة وتأثيرها.
ب- وعبارة (في مدارس الأحد) تعني محدودية الخدمة في هذا النطاق، بينما ينبغي أن يكون الخادم خادما في كل مجال يقابله فلا يحدها مكان هو الكنيسة، ولا زمان هو ساعة في الأسبوع!!
إن كانت الخدمة هي عمل من أعمال المحبة، فلا يجوز أن تكون محبتنا قاصرة على فصل من فصول مدارس الأحد !! فالإنسان المحب أينما يوجد، تفيض محبته على غيره كل إنسان يقابله، ينال نصيبا من حبه إنه كسيده "يريد أن الجميع يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون" (1 تي 2: 4) حقا إن مدارس الأحد قد تكون مجال تخصصه. ولكن هذا لا يمنع عمومية خدمته فكل شخص يدفعه الله إلى طريقه، وكل من يقابله في غربة هذا العمل، لابد أن يدخل في مجال تأثيره الروحي ليس كمدرس، وإنما كحياة روحية تتحرك في عمق، وتؤثر روحيا في غيرها، تلقائيا وإن أتيح له الكلام، يجعل الله هو محور حديثه، بطريقة مشوقة غير مصطنعة ويكون اسم الرب حلوا في فم الخادم يجب أن يتحدث عنه، بطريقة تجذب الناس إليه إن اسم الله على فمه، ليس في الكنيسة فقط، بل في كل مكان، يُحَدِّث الناس عنه في شغف وينتهز كل فرصة مناسبة، ليحكى قصصًا عن معاملات الله المملوءة حبًا وحكمة وحتى إن لم يتكلم، فإنه يقدم للناس نموذجًا طيبًا عن الحياة المرتبطة بالله بعض الناس يظنون المبادئ المسيحية مثاليات من يستطيع تنفيذها؟! أما الخادم الروحي، فيقدم هذه المثاليات منفذة عمليًا في حياته وبتأمل حياته، يتيقن الناس أن الحياة مع الله ممكنة وسهلة ويرون أن الذي يسير مع الله، تكون حياته موفقة وناجحة، ويكون محبوبًا من الكل، فيشتاقون إلى حياة مثل حياته، التي تجول تصنع خيرا تعطي هذا كلمة منفعة، وتعطي ذاك حبًا وبشاشة وتعطي ثالثًا أمثولة طيبة المهم أنها تعطي باستمرار خيرًا ونفعًا إنه كالشمس، أينما ظهرت تنير هي منيرة بطبيعتها وبحكم طبيعتها تعطي نورًا وحرارة وحياة، للكل والخدام الروحيون هكذا بالنسبة إلى الآخرين، هم نور للعالم (مت 5: 14) كل إنسان يراهم، يستنير ولا يسلك في الظلمة فهل أنت نور في حياتك، وبالتالي في خدمتك، هل كل من يراك، يمجد الله بسببك؟ وكل من يتحدث معك، يخرج بكلمة منفعة؟ وكل من يجتمع بك، يشكر الله على إنه جلس معك في ذلك اليوم، وعلى النعمة التي حلت عليه عن طريقك؟
الخادم الروحي بركة للوسط الذي يعيش فيه انظر ماذا قال الرب في دعوته لإبرآم إلى الآباء قال له "أجعلك أمة عظيمة، وأباركك وأعظم أسمك وتكون بركة" (تك 12: 2) فالمطلوب من الخادم الروحي، ليس فقط أن يكون مباركًا من الرب، بل بالأكثر يكون بركة كان إيليا بركة في بيت أرملة صرفة صيدا وكان يوسف الصديق بركة في كل أرض مصر وكان أبونا نوح بركة للعالم كله به حفظت الحياة في العالم ولم يفن الرب الأرض كلها ومن عليها، من أجل نوح البار به بقيت الحياة البشرية، وتنسم الله رائحة الرضا (تك 8: 21) وأصبحنا كلنا أولاد نوح، كما نحن أولاد آدم فهل أنت هكذا أينما حللت تحل البركة؟
وتكون خدمتك بركة للناس في كل مكان تخدم فيه. ويبارك الله خدمتك، ويجعلها مثمرة وذات تأثير ويبارك أيضا كل من تخدمهم، ويشعرون أنك كنت بركة في حياتهم، وأنه من نعم الله عليهم، أنك كنت الخادم الذي قام برعايتهم؟
الخادم الروحي يشعر من يخدمهم أنه رجل الله فهكذا كان إيليا، وبهذا اللقب كانوا يدعونه (1مل 17: 24) فهل يراك الناس بهذه الصورة، أنك صوت الله في آذانهم، وأنك مرسل منه إليهم، وإنك صورة الله أمامهم؟
يذكرهم وجودك معهم بالله ووصاياه وبقدسية الحياة وهل -كرجل الله- يرون فيك ثمار الروح (غل 5: 22 – 23)؟ ويرون تأثير الروح في كلماتك، ويختبرون أنك بركة لحياتهم لا تظن أنك بمجرد إلقائك بعض الدروس في الكنيسة، قد صرت خادِمًا بل تفهم ما معنى كلمة (خادم) وما صفاته.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي
المزيد
24 يونيو 2025
القديس بطرس والمحبة الخادمة
أتحبنى أكثر من هؤلاء
نحن نعلم أن بطرس أحب المسيح من كل قلبه، وأجاب بعمق على السؤال {أتحبني أكثر من هؤلاء} {وكان الجواب: أنت تعلم يارب كل شيء، أنت تعرف أني أحبك}(يو 21: 15 و17) ومع أن بطرس ارتكب الأخطاء وكان فيه بعض الضعفات والعيوب كواحد منا، لكن حبه لم يخنه وهو يخرج إلى خارج ليبكي كأعظم ما يكون المحبون في الأرض كانت أزمته يوم الصلب، نوعًا من الضعف أو فقدان الوعي الذي قلبه رأسًا على عقب، فأنكر سيده وربه، ولكنه ما إن استعاد وعيه حتى غسل بدموعه الغزيرة فعلته الشنعاء. على أن حب السيد كان أوفى وأعلى إذ في قلب الأزمة نظر إليه، ومن المؤكد أن النظرة وإن كانت تعبر عن قلب المسيح المجروح، إلا أنها كانت ممتلئة بالحنان والعطف والرقة والرحمة. وفي الحقيقة إن بطرس الرسول في حياته وموته بادل سيده حبًا بحب من أعظم وأشرف وأجل ما يمكن أن يتبادلها المحبون ، كان هذا الرجل على أي حال، محبا لسيده فهو إذ رآه فوق جبل التجلي، وقد تغيرت هيئته، و بدا منظره على الصورة التي تتجاوز الخيال البشري، ومعه موسى وإيليا، وإذا ببطرس ينسى الأرض وما عليها ومن عليها ويصيح صارخًا {يارب جيد أن نكون ههنا} انه لا يرضى عن المسيح بديلا {إلى من نذهب كلام الحياة الأبدية عندك} إنه الرجل الذي تبع سيده، سواء في أعلى الجبل أو في البحر أو في الطريق، وأصبح المسيح كنزه الوحيد {ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك} (مت 19: 27) إنه مثل القديس بولس الرسول الذي عندما أراد أن يعبر عن الحياة والموت قال {لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح}(في 1: 21) إن المسيحية منذ تاريخها الأول تذخر بالشجعان الأبطال الذين لا يخيفهم سجن أو اضطهاد أو تعذيب بل يقولوا {لأننا نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا} (أع 4: 20){فأجاب بطرس والرسل وقالوا ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس، إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة هذا رفعه الله بيمينه رئيسًا ومخلصًا ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضًا الذي أعطاه الله للذين يطيعونه} (أع 5: 29-32) ومع أننا لا نعلم بالضبط الأماكن التي تنقل فيها بطرس كارزًا وشاهدًا ليسوع المسيح، ولكن من الواضح أنه وعظ في أورشليم وأنطاكية، ومن المعتقد أيضًا أنه ذهب إلى روما، والكنيسة الكاثوليكية تعتقد أنه أول أسقف لروما، ولكن بولس الرسول هو الذى ذهب الى روما وبشر فيها أولا بل كان تواقًا إلى الذهاب إلى روما وكتب رسالته إليها ، وكان من عادة بولس الأكيدة أنه لا يعمل على أساس آخر، ومن غير المتصور أن يذهب بولس إلى كنيسة يؤسسها بطرس و بولس هو رسول الأمم لكن من المؤكد إن بطرس صلب في روما ،وكان ذلك إبان اضطهاد نيرون القاسي الشديد، قيل أيضا إن المسيحيين شجعوه على الابتعاد عن روما،وإنه أخذ سبيله ذات مساء إلى طريق ابيان الشهير، وظل سائرًا الليل كله، ولكنه في الصباح الباكر،عند شروق الشمس، أبصر شخصًا مهيبًا أمام عينيه،وإذ عرف أنه المسيح صاح "إلى أين يا سيد" وجاءه الجواب "إن لي تلميذًا كان هناك ثم هرب، وأنا ذاهب لأخذ مكانه، وأصلب مرة ثانية نيابة عنه" وصرخ بطرس "لا ياسيد أنا عائد" وعاد ليموت مصلوبًا، وعندما أرادوا أن يصلبوه قال إنه شرف لا أستحقه أن أموت مصلوبًا مثل سيدي، ولكني أرجو أن أصلب و قدمي إلى أعلى ورأسي إلى أسفل، لأني أضأل من أن أكون كسيدي. ويقال أنه نظر إلى روما وهو يقول "عما قريب تتحولين أيتها الهياكل الوثنية المتعالية إلى معابد للمسيح" وقال للجماهير المحتشدين "إن أولادكم سيكونون خدام للمسيح ها نحن نموت يا روما من أجل أن تخلصي، ويسيطر عليك روح المسيح. لسوف يجيء قياصرة ويذهبون ولكن مملكة المسيح ستظل ثابتة صامدة على مدى الأجيال" .
المحبة الشاهدة بلاهوت السيد المسيح المحبة العميقة التي أحب بها القديس بطرس سيده ومخلصه هي التي فتحت له باب المعرفة بفكر الله الأبوي الذي أرسل ابنه الوحيد لخلاص العالم والتي اعترف فيه بطرس بلاهوت المسيح، عندما ألقى المسيح سؤاله {من يقول الناس إني أنا؟} قد أوقف السؤال التلاميذ أمام أعمق تأمل يمكن أن يواجهوه، وعليه تبني المسيحية بأكملها، إلى كل الأجيال، وهنا يأتي اعتراف بطرس عجيبًا ومثيرًا واعلاناً اعُطى له من الاب السماوى وقد صعد بطرس بهذا الاعتراف بهوية السيد المسيح الإلهية { فاجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا إن لحما ودما لم يعلن لك لكن أبي الذي في السماوات} (مت 16 : 17) ليس بحكمة بشرية، أو فلسفتها العميقة أجاب بطرس الرسول، فالمسيح في نظر البعض إما هو يوحنا المعمدان كما قال هيرودس الملك الذي قتل يوحنا، أو هو واحد من أعظم الأنبياء القدامى إيليا الذي ينتظر البعض إلى اليوم عودته من السماء، أو إرميا وكان الشبه عظيما بين نبي الأحزان والمسيح المتألم، أو النبي كما أخبر موسى الكليم لكن بطرس شهد وشهادته حق، إذ لمع أمام عينيه الإعلان الإلهي البعيد العميق الغائر في بطن الأزل، وصاح {أنت هو المسيح ابن الله الحي}(مت 16: 16) ومن الواجب أن نشير إلى أن هذا ليس أول حديث عن المسيا، فقد قال نثنائيل من قبل عن السيد: «أنت ابن الله أنت ملك إسرائيل» لكن إعلان بطرس كان أول وأعظم ومضة من النور عن شخص ابن الله العجيب، وكان أشبه بالشعاع الأول من نور الشمس، وهي تأخذ سبيلها إلى الشروق لتخرج الإنسان من الظلام إلى نور النهار الباهر لقد رأى بطرس النور واستقبله بالفرح العميق، وتوالت بعد ذلك الأشعة الساطعة حتى جاء بولس يقول{ عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد} (1تي 3 : 16) وما من شك في أن بطرس بلغ القمة هناك، وكانت كلماته هتاف المسيحي في كل العصور والأجيال. وتأكيد على قول الرب يسوع { انا والاب واحد ان كنت لست اعمل اعمال ابي فلا تؤمنوا بي ولكن إن كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا ان الآب في وأنا فيه}( يو 30:10،38،37) ومع اعترافنا بدور القديس بطرس الرائع فى نشر الإيمان وتطويب السيد المسيح له { وانا اقول لك ايضا انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي و ابواب الجحيم لن تقوى عليها} (مت 16 : 18) فنذكر أن المسيح استعمل لفظ بطرس «بتروس» بمعنى حجر أو قطعة من الصخر ولكن لفظ صخرة هنا "بترا" فعلى صخرة الإيمان بلاهوت المسيح يُبنى إيماننا المسيحي وليس على شخص بطرس الرسول كما يذكر ذلك القديس بولس { وجميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا لانهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح }(1كو 10 : 4) وكما قال القديس أوغسطينوس إن الصخرة تشير إلى المسيح . فالله هو الصخر الوحيد{هو الصخر الكامل صنيعه}(تث 32: 4){وليس صخرة مثل إلهنا} (1صم 2: 2) إن بطرس يمكن أن يكون حجرًا في الكنيسة، ولكنه لا يمكن ولا يقبل مطلقاً ، حتى القديس بطرس نفسه ، ان يأخذ مركز الله في الكنيسة وفي حياة مؤمنيها { فإنه لا يستطيع أحد أن يضع أساسًا آخر غير الذي هو يسوع المسيح}(1 كو 3: 11) عندما قال المسيح لبطرس: { وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطًا في السموات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السموات} (مت 16: 19) قال نفس الشيء للرسل جميعا { الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء} (مت 18: 18) لقد أعطي الرب سلطان الكهنوت لسائر التلاميذ {ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن امسكتم خطاياه امسكت} (يو 22:20-23) لم يكن سلطان الحل والربط جديدًا على أذهان التلاميذ إذ كان تعبيرًا شائعًا في حكم الكاهن على النجس والطاهر عندما يتقدم إليه الأبرص مثلا ليحكم بطهارته أو نجاسته، وهو ما تحكم به الكنيسة المسيحية، كما حكمت في مجمع أورشليم فرفعت نير الناموس الطقسي عن أعناق المؤمنين، والامتناع فقط {عما ذبح للأوثان وعن الدم والمخنوق والزنا}(أع 15: 29) وهو ما يحكم به الكاهن في قبول التائبين "حكم تقرير" وليس "حكم إنشاء" الكاهن قديمًا لم يكن حرًا ليحكم في ضربة البرص كما يشاء، بل هو مأمور بأن يفحص الضربة ليراها تنتشر أو تأخذ في الشفاء وخادم الله لهذا ليس حرًا في أن يفتح السماء أو يقفلها في وجه الإنسان، بل هو مأمور أن يطبق قاعدة الإنجيل على كل ما يرى، ويحكم إذا كان متمشيًا مع الحق الإلهي أو مناقضًا له على أي حال نحن كشرقيين نفهم دور القديس بطرس حتى عندما يتقدم فى الكلام على اعتبار انه الأكبر والمعبر عن لسان حال الرسل ولا رئاسة له أو لبابا روما كخليفة له على كنائس العالم الأمر الذي يتماشى مع جوهر المسيحية وتعاليم السيد المسيح عن الخدمة والرئاسة { فدعاهم يسوع وقال لهم انتم تعلمون ان الذين يحسبون رؤساء الأمم يسودونهم وأن عظماءهم يتسلطون عليهم فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما ومن أراد ان يصير فيكم اولا يكون للجميع عبدا لان ابن الانسان ايضا لم يات ليخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين}(مر 42:10-45) رئيس إيماننا جاء ليخدم خلاصنا ويقدم ذاته فدية عن كثيرين.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
23 يونيو 2025
الروح القدس المعلم والمعزى
أولاً الروح القدس المعلم....
الروح القدس يهب المؤمنين الحكمة والفهم والأستنارة وهو الذى وهب يوسف الصديق ودانيال النبي موهبة الحكمة وتفسير الأحلام والشفافية الروحية بل حتى فى أعمالنا نحتاج لروح الحكمة من الله للنجاح والتفوق كما منح الله بصلئيل قديما حكمة لصنع أدوات وأواني خيمة الشهادة { وكلم الرب موسى قائلا انظر قد دعوت بصلئيل بن اوري بن حور من سبط يهوذا باسمه وملاته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة} (خر 3 : 1-3) ولهذا علينا ان نصلى ونطلب حكمة من الله { وانما ان كان احدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطى له} (يع 1 : 5) فروح الله هو روح الحكمة والفهم { ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب }(اش 11 : 2) وقد وعدنا الرب بان الروح القدس هو الذى يتكلم على السنتنا للشهادة للإيمان { فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا بل مهما اعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لان لستم انتم المتكلمين بل الروح القدس }(مر 13 : 11) الروح القدس يعلمنا طريق الرب ووصاياه وكلامه ويقودنا الى الحق ويهبنا الحكمة لكي نسير في طريق الرب الروح القدس هو الذى قاد الأنبياء والرسل فى كتابتهم للكتاب المقدس وعصمهم من الخطأ { لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس} (2بط 1 : 21). وهو الذى يعلمنا ويذكرنا بكل تعاليم السيد المسيح {وأما المعزى الروح القدس الذى سيرسله الآب باسمى، فهو يعلمكم كل شئ، ويذكركم بكل ما قلته لكم} (يو14: 26). والروح القدس يقودنا الى الحق والإيمان {متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق} (يو16: 13). وهو الذى يوحي للبشر بالرؤى والاحلام والأمور المستقبلية كما تنبأ عنه يوئيل النبي{ ويكون بعد ذلك اني اسكب روحي على كل بشر فيتنبا بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم احلاما ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد ايضا وعلى الاماء اسكب روحي في تلك الايام.} ( يوئيل 28:2-29) { ويخبركم بأمور آتية}(يو16: 13). والذين ينقادوا لروح الله يرشدهم وقال القديس يوحنا عن مسحة الروح القدس {وأما أنتم فالمسحة التى أخذتموها منه ثابته فيكم. ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد، بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شئ، وهي حق} (1يو2: 27). إن الروح القدس هو المعلم والمرشد. يعلمنا كل شئ، ويكشف لنا الحق ويذكرنا بكل وصايا السيد المسيح.
ثانياً: الروح القدس المعزي
الروح القدس هو الملازم للنفس والموصل للتعزية والصبر والرجاء وقد دعى أسمه المعزى. فالمؤمنين يجدوا منه التعزية { واما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر } (اع 9 : 31). روح هو الله هو مصدر العزاء لكل المحزونين والمتضايقين ولهذا يقول الرسول بولس { مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح ابو الرافة واله كل تعزية. الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله. لانه كما تكثر الآم المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا ايضا.}( 2كو 3:1-5). الروح القدس يهب الفرح للمحزونين والصبر للمتضايقين والرجاء للبائسين والسلام للمجربين والإيمان والقوة للضعفاء والساقطين. وهو الذى يبكت الخاطئين ليتوبوا ويرجعوا لله وهو معلم ومعطي الحكمة للجهال وفيه لنا الرجاء كل حين { وليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس}(رو 15 : 13)فليتنا نطلب منه عزاءنا كل حين، أمين
الروح القدس والتجديد
ثالثاً : الروح القدس واهب التجديد
أن التجديد والنمو دليل حياة الكائن الحي وتطوره للأفضل. والإنسان عليه أن يؤمن بمحبة الله المعلنة فى المسيح يسوع ربنا بالروح القدس والتى تهب لنا بالمعمودية نعمة البنوة لله وغفران الخطايا والإستنارة الروحية. وبالتوبة المستمرة تجدد الذهن ليرفض المؤمن الفكر الشرير والماضي الخاطئ وينطلق في حياة البر والتقوى الى أفاق المستقبل والحياة الأفضل. وهذا من عمل الله بروحه القدوس واهب الحياة الذى يؤازر جهادنا الروحي { ترسل روحك فتخلَق، وتُجدّد وجه الأرض} (مز 104: 30). المؤمن يصلي الى الله ويعترف بضعفاته ويتوب عنها ويكتسب عادات إيجابية جديده ويسعي فى عمل الخير ويستجيب وينقاد لعمل الروح القدس وإرشاده لهذا يدعونا الكتاب المقدس على البعد عن السلوك كأهل العالم ويحثنا علي معرفة إرادة الله الصالحة وتنفيذها فى حياتنا { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2) الروح القدس هو الذى يغير القلب والفكر والروح ليكون لنا فكر المسيح، فنسلك فى محبة الله وطاعة وصاياه بنشاط وفرح وتدقيق { وأعطيهم قلبا واحدا وأجعل في داخلهم روحا جديدًا، وأنزع قلب الحجر من لحمهم، وأعطيهم قلب لحمٍ} (حز 11: 19). لقد أدرك داود النبي حاجته الى التغيير فصلى قائلا { قلبا نقيًّا اخلق فيَّ يا الله وروحا مستقيما جدّده في أحشائي}(مز 51: 10). ونحن نحتاج لعمل الله بروحه القدوس ليجدد شبابنا الروحي.{ واما منتظروا الرب فيجددون قوة يرفعون اجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون} (اش 40 : 31). الروح القدس يهبنا القوة والحكمة لنواصل مسيرة الحياة فى جد ونشاط ، فنحافظ على إيماننا الأقدس المسلم لنا بالروح القدس من خلال الكتاب المقدس بالاباء الرسل القديسين ونبني عليه حلول للمشاكل المعاصرة، حتى يكمل جهادنا لنصل تجديد الخليقة بمجئ السيد المسيح الثاني فننعم بالسماء الجديدة والأرض الجديدة (رؤ 21: 1)الله يدعونا الى النمو في الحياة الجديدة التي توهَب لنا خلال عمله الخلاصي ويريد لنا الخلاص ومعرفة الحق والسلوك فى طريق الخير والحياة { لا تذكروا الأوليات، والقديمات لا تتأَمَّلوا بها، هأنذا صانع أمرا جديدا. الآن ينبت. أَلا تعرفونهُ؟ اجعل في البرية طريقا، في القفر أنهارا} ( أش43: 18-19). الله يريدنا أن نخلع الإنسان العتيق بأعماله وننشغل بالحياة الجديدة التي تنبت فينا. إنه يجعل في البرية طريقًا، وفي القفر أنهارا. ما هو هذا الطريق الا السيد المسيح الذى قال {أنا هو الطريق والحق والحياة } (يو 14: 6). ليحل المسيح بالإيمان في قلوبنا لكي يدخل بنا إلى ملكوته. والأنهار التي يريد الله تتفجر فى حياتنا القفرة هي ينابيع الروح القدس التي تحول قلوبنا الى فردوس للسلام والمحبة والفرح فتصبح مسكن لله القدوس.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
22 يونيو 2025
انجيل قداس الأحد الثالث من شهر بؤونة
سمعتم اليوم إيها الأحباء فصل أبراء المجنون الأعمى والأخرس وقد عرفتم حكم العامة العادل وقولهم عن سيدنا له المجد: " ألعل هذا هو ابن داود . ثم ميلان الفريسيين عن العدل بقولهم عنه انه: " لا يخرج الشياطين إلا بيعلزبول رئيس الشياطين ولابد انكم تتساءلون فيما بينكم عن السبب الذي دفع الفريسيين لحكمهم هذا الحكم الفاسد فأجيبكم أنه الحسد وهو الحزن لخير يحرزه قريب الحسود ان سيدنا له المجد انار بصيرة الأعمى. والحسد أعمى بصيرة الفريسيين. فلا تتعجبوا من هذا لأن الأهواء النفسانية تظلم بصيرة الأنسان بقدر ما ينير الله ذهنه. فإن قلت لماذا لم يتفق العامة مع الفريسيين؟ أجبتك لأن العامة كانوا سليمين من داء الحسد أما الفريسيون فكانوا حسودين بكل معنى الكلمة إن الحسد أيها الأحباء هو ثانى الخطايا التي دخلت إلى العامل عن يد قايين القاتل الأول كما قال الكتاب المقدس: وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب. وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه. ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جداً وسقط على وجهه. فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك. إن احسنت إفلا رفع؟ وان لم تحسن فعند الباب خطية رابضة واليك اشتياقها وانت تسود عليها وكلم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كان في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله" هذه هي نتيجة الحسد. فأن قلت ما هو الحسد ؟ أجبتك أنه أختلاف قلب الحسود على الناس لكثرة أموالهم واغتمامه بسرورهم. أو هو حزن الحسود لخير يحصل لقريبه. وتمنيه بأن يكون له ذلك الخير دون سواه. ولكن البعض من الناس يخلطون الحسد بالغيرة وقد أخطأوا فى ذلك. لأن الغيرة إنما هي شئ داخلي يدفع الانسان إلى الاقتداء بالغير من ذو الفضل. نعم أن الغيور يحزن كما يحزن الحسود ولكن الفرق بين الاثنين عظيم لأن هذا إنما يحزن لحصول الخير لقريبة متمنيا أن يكون له كما سبق القول. أما الغيور فإنه يحزن على توانيه وعدم أحرازه لما احرزه غيره من الخير. فالحسد إذن رذيلة. والغيرة فضيلة لأن الله جل وعز قد غار على أورشليم وعلى صهيون غيره عظيمة والرسول بولس يقول: "حســـــنا هي الغيرة في الحسني" وهذا بخلاف الحسد الذى يقول عنه الحكيم: "من يقف قدام الحاسد" نعم أن الحسد هو جرثومة وأصل الشرور إذ منه ينبعث القتل والبغضة والنميمة والثلب . وإشتهاء الضرر للغير واشباه هذه. فمن منكم لا يعرف أن الأنسان بالحسد يصبح شبيه بابليس الذى بحسده دخل الموت إلى العالم أن الحسود من دأبه أن يفرح بنزول المصائب على قريبه ويحزن حينما يراه مسرورا هادئ البال. وبهذا صار كالحيوان البحرى الذي يسر ويلعب عند هيجان البحر ويحزن وينقطع صوته عند سكوته وهدوئه. فالحسد يجر إلى صاحبه غالبا شقا وحزنا وغما. كما أنه يزيد مركز المحسود ويرفعه إلى حيث لا يريد الحسود وها أنا مورد لكم ما يؤيد ذلك من الكتاب المقدس: كان يعقوب يحب ابنه يوسف أكثر من سائر أخوته ولذلك حسدوه وابغضوه وحدث أنه راى حلما وقصه عليهم فازدادت كراهيتهم له واشتد حنقهم عليه فارادوا قتله لولا رأوبين الذى أقنع اخوته بطرحه في بئر ثم نجا بواسطة قافلة الاسماعيليين الذين باعوه إلى فوطيفار خصى فرعون. وبالاجمال قد لاحظته العناية الالهية فصار سيدا على كل أرض مصر. وفي زمن اشتداد الجوع جاء أخوته وسجدوا له وهم لا يعرفون لمن يسجدون وقال الكتاب أيضا عن حسد شاول لداود: إنه حينما عاد داود من قتل الجبار جليات الفلسطيني خرجت النساء من جميع مدن اسرائيل بالغناء والرقص للقاء شاول الملك بدفوف وبفرح وبمثلثات. فأجابت النساء اللاعبات وقلن: ضرب شاول ألوفه وداود ربواته. فاحتمى شاول جدا. وساء هذا الكلام فى عينيه. وقال: أعطين داود ربوات وأما أنا فاعطينني الألوف. وبعد فقط تبقى له المملكة. فكان شاول يعاين داود من ذلك اليوم وقد حاول قتله بيده أكثر من مرة ثم بواسطة عبيده فلم يتمكن لا هو ولا عبيده من ذلك. لأن عين الله كانت عليه . أخيرا قضى شاول وصار داود ملكا مكانه وقال الكتاب أيضا إنه بسبب الحسد أمر الله الأرض ففتحت فاها وبلعت قورح وداثان وأبيرام وكل من كان لقورح مع كل الأموال قد ثبت إذن أن ما يتمناه الحسود لغيره من شر يعود عليه هو نفسه.فسبيلنا أيها الأحباء أن نظهر ذواتنا من هذه الرذيلة وأمثالها استجلابا لرضاء إلهنا وفادينا يسوع المسيح الذى له المجد إلى دهر الدهور كلها أمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
21 يونيو 2025
معرفة الله
بسم الآب وَالإِبن وَالرُّوح القُدس الإِله الواحِد أمين فلتحِل علينا نعمِته وَبركته الآن وَكُلّ أوان وَإِلَى دهر الدهُور كُلّها أمين
أتكلّم معكُمْ اليوم فِى موضُوع أشعُر أنّنا نحتاج إِليهِ جِدّاً وَلابُد بِنعمِة ربِنا أنْ يكُون فِى حياتنا معرِفة لِهذا الأمر وَهُوَ " معرِفة الله " أُرِيد أنْ أُكلّمكُمْ عَنْ معرِفة الله ، وَلابُد كُلّ واحِد يسأل نَفْسَه وَيقُول " يارب ياترى أعرفك أم لاَ ؟! وَلِكى أعرفك فبِماذا أشعُر ؟ وَما هى الخطوات لِمعرِفتك ؟ " فيوجد ناس يقُولُون أنّ ربِنا هُوَ قوة خفيَّة تحكُم الكُون ، وَآخر يقُول ربِنا غير موجُود ، وَواحِد يقُول إِنْ كان ربِنا موجُود إِقنعنِى ، وَلِكى أنا ألمِس وجُود ربِنا فِى حياتِى كيف يكُونُ ذلِك ؟ فَمَنَ هُوَ الله بِالنسبة لِى ؟
فالكنيسة مثلاً عِندما تُحِب أنْ تتكلّم عَنْ ربِنا يسُوعَ تقُول[ ربِنا وَإِلهنا وَمُخلِّصُنا يسُوع المسيِح ] ، فالمفرُوض أنْ نعرِفهُ كفادِى وَكمُخلِّص وَكرفيِق عُمرنا ، لابُد أنْ أعرِف أنّ قصتِى مَعْ ربِنا لَمْ تبدأ فقط عِندما وُلِدت وَلكِنْ قبل أنْ أُولد ،وَهى لَمْ تنتهِى وَستستمِر إِلَى الأبديَّة مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ كما إِختارنا فِيهِ قبل تأسيِس العالم ] ( أف 1 : 4 ) ، فقبل أنْ أُولد هُوَ عارفنِى ، وَقَدْ إِختارنِى ، وَعِندما إِختارنِى وجدت أنّ حياتِى تمتد معهُ إِلَى الملكُوت الأبدِى ، وَلِكى نختصِر الكلام وَنرّكِز توجد أربعة مراحِل لِمعرِفة الله :-
1- المعرِفة العقليَّة :-
ياترى هل أنا عِندِى معرِفة عنك بِعقلِى ؟ هل عقلِى بِيرشدنِى إِليك ؟ أنا مُمكِن لاَ يكُون عِندِى إِيمان بِالله وَلكِنْ عقلِى بِيرشدنِى لِمعرِفة الله ، فمُجرّد الإِنسان ينظُر لِلعالم وَالمخلُوقات وَالموجُودات يُؤمِن أنّهُ يوجد إِله ، فلو نظر نظرة مُحايدة كيف يسيِر هذا الكُون فإِنّهُ يقُول بِالحقيقة يوجد إِله فاليونانيين مجموعة فلاسِفة ، مُعلّمِنا بولس الرسُول إِبتدأ يقُول لهُمْ كيف تكُونُون حُكماء وَ لاَ تعرِفُوا ربِنا !! ففِى رِسالتهُ لِرومية يقُول [ إِذْ معرِفةُ اللهِ ظاهِرةٌ فِيهُمْ لأِنَّ اللهَ أظهرها لهُمْ0لأِنَّ أُمُورهُ غير المنظُورةِ تُرَى مُنذُ خلقِ العالمِ مُدركةً بِالمصنُوعاتِ قُدرتهُ السَّرمَدِيَّةَ وَلاَهُوتهُ حتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ ] ( رو 1 : 19 – 20 ) فأنا الآن لاَ أعرِف ربِنا وَلكِنْ أنا مُمكِن أموره غير المنظُورة أُدرِكُها بِالمصنُوعات التَّى صنعها ، فبِمُجرَّد أنْ أنظُر لِلشمسِ وَلِلكواكِب وَالنِجُوم ، مِنْ خِلالِها أُدرِك الله وَ " السَّرمَدِيَّةَ " أىَّ أزلِى أبدِى ، فقُدرة الله مُدركة بِالمصنُوعات قُدرتهُ السَّرمَدِيَّةَ حتَّى أنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ يُرِيد أنْ يقُول أنت لاَ تعرِف ربِنا فأنظُر لِلعالم ، أُنظُر لهُ كيف يسيِر ، أُنظُر لِلتكوينات00 المجموعات الشَّمسيَّة ، أُنظُر لِلكواكِب كيف تسيِر ، أُنظُر لِلبحرِ وَسُلطان ربِنا عليه ، المفرُوض أنْ أؤمِن بِوجوده مِنْ خِلال المصنُوعات ، وَأنْ أعرِفهُ بِعقلِى ، فعقلِى إِبتدأ يُشيِر أنّهُ يوجد إِله ضابِط الكُل ، الّذى صنع الزِرُوع وَالشَّمس ، أُنظُروا لأنواع النباتات ، أُنظُروا لأنواع الزِهُور فعقلِى هُوَ الّذى سيوصلنِى لِربِنا ، صدِّقُونِى ياأحِبَّائِى قصد الله أنْ يخلِق للإِنسان عقل هُوَ أنْ يوصّله لِربِنا ، وَأنْ يعبُد ربِنا بِهِ ، فقصد الله مِنْ عقل الإِنسان هُوَ أنْ يعرِفه بِالعقل الإِنسان عِندما يرى الله بِالمعرِفة العقليَّة هذِهِ يظِل يُمّجِد ربِنا ، وَعِندما نرى مُكّوِنات الجو وَكَمْ أنَّها ضروريَّة لِحياة الإِنسان ، فَخَلاَيا الإِنسان لاَ تشتغل إِلاّ بِالأوكسُجين ،مُخ الإِنسان العامِل الأساسِى لِتنشيطه هُوَ الأوكسُجين ، وَبِذلِك فإِنّ الله أعطى لنا الأوكسُجين فِى الجو لِكى يشّغل أجهزتنا ، فكُل مُكّوِنات الجو ضروريَّة أُنظروا لِلماء فإِنّهُ ضرورِى للإِنسان ، وَمِنْ العجائِب الشديدة جِدّاً لو عرفتِى مُكّوِنات الماء فقط ، فمِنها ما هُوَ سام ، وَمِنها ما يُساعِد على الإِشتعال ، فهى مُكّوِنات عجيبة ،فأنا لو لَمْ أستطع أنْ أصِل لِربِنا فمُمكِن أنْ أصِل إِليه بِالمعرِفة العقليَّة فكُون أنّ ربِنا يسُوعَ فدانِى وَخلّصنِى فكُل هذا يحتاج إِلَى معرِفة عقليَّة ، ففِى مرَّة قُلت لِلشباب تعالوا نفّكر فِى بدائِل لِلتجسُّد ، فإِنّ الله قال لآدم [ يوم تأكُلُ مِنها موتاً تموت ] ( تك 2 : 17 ) ، وَفِعلاً آدم أكل ، فإِنْ موِّت آدم وَخلق إِنسان جدِيد وَهذا الإِنسان خالف ربِنا فإِنّهُ سيُميتهُ وَيخلِق إِنسان آخر ، وَبِذلِك سيستمِر الأمر هكذا فكان رأى آخر أنّ ربِنا يسامِح آدم وَ لاَ ينّفِذ العقُوبة ، فإِنّهُ بِذلِك لاَ يوجد عدل عِند الله ، وَكلام ربِنا يكُون غير صادِق وَكان يوجد رأى آخر هُوَ أنّ الله كان يخلِق آدم مِنْ النوع الّذى لاَ يُخطِىء ،وَيكُون مُصّير لِلبِر ، وَعِندما يقُول لهُ الله لاَ تأكُل فإِنّهُ لاَ يأكُل ، وَلكِنْ عِندما يُحِب أنْ يُكافِىء آدم بِمُكافئة على شيء ، فإِنّهُ لاَ يستحِق المُكافأة صدِّقُونِى سوف لاَ تجِدوا أجمل وَأروع مِمَّا فعلهُ ربِنا معنا ، وَهُوَ أنْ يُعطينِى مِنْ السقطة قِيام ، وَفِى نَفْسَ الوقت حُكم العقُوبة يُنّفذ ، وَكُلّ يوم ربّ المجد يسُوعَ بِيُذبح على المذبح ، وَكُلّ خطيَّة أعترِف بِها أمام المذبح أُنظُروا لِروعِة تدبيِر الله ، فَلاَبُد أنْ أعرِف أنّ ربِنا يسُوعَ هُوَ إِبن الله وَتجسّد ، كُلّ هذِهِ أُمور عقليَّة ، وَلِذلِك فإِنّ بِدايِة معرِفة الله هى معرِفة عقليَّة ، لابُد أنْ أعرِف أنّهُ توجد معرِفة لله بِعقلِى وَفِكرِى ، فياترى أنا عقلِى فِعلاً بِيقدِّمنِى فِى معرِفة ربِنا ، مُهِم جِدّاً أنْ يكُون عقلِى خادِم فِى معرِفة ربِنا 0
2- المعرِفة الوجدانيَّة :-
وَهى معرِفة القلب وَالمشاعِر ،معرِفة العواطِف ، أنا أُعطِى لهُ فِكرِى وَمشاعرِى وَأُعطِى لهُ إِتجاهات محّبتِى ،لأنِّى عرفت أنّهُ صنع العالم هذا كُلّهُ مِنْ أجلِى وَهُوَ عمل لِى البحر وَعمل لِى الماء ، فالمفرُوض إِنِّى أُبادِلهُ حُب بِحُب ، ألَمْ أعترِف بِفضلِةِ علىَّ وَأقُول لهُ [ يا لِعظم حُبَّك أقمت السَّماء لِى سقفاً ، وَثّبت لِى الأرض لأِمشِى عليها ، مِنْ أجلِى ألجمت البحر ] ( مِنْ القُدّاس الغرِيغورِى ) تخيّلوا أنّ البحر لو لَمْ يكُنْ ربِنا قَدْ ألجمه فإِنّهُ كان بِإِستمرار سيدخُل على بلد ، وَيدخُل على النَّاس ، أليست كُلّ صنائِع الله تحتاج أنْ تأخُذ مِنِى إِهتمام ، وَأنْ أقُول لهُ[ أشكُرك ياإِلهِى ، وَتشكُرك عنِّى ملائِكتك وَخليقتك جميعاً لأِنِّى عاجِز عَنْ القيام بِحمدِك كما يستحِق حُبُك ] ( قسمة للإِبن سنوِى ) فالمعرِفة الوجدانيَّة هى التَّى تجعل الإِنسان فِكره يتقدّس ، وَيذكُر حضُور الله ، تعتقِدِى هذا الإِنسان تكُون أفكاره غير مُقدِّسة ؟! بِالتأكيِد لاَ ، فإِنْ كان الإِنسان بِمُجرّد أنّهُ ينظُر لِشجرة فإِنّهُ يُمّجِد ربِنا ، عِندما أرى حشرة أقُول لهُ ما أعظم أعمالك الإِنسان ياأحِبَّائِى الّذى عقله يُمّجِد ربِنا مِنْ المصنُوعات ، يشكُر ربِنا وَيُمّجِد وَيُسّبِح ، وَأقُول لهُ أنت عظيِم ، أنت جبَّار ، مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول[ الله الّذى أعبُدُهُ بِرُوحِى ] ( رو 1 : 9 ) فصليِب ربِنا يسُوعَ وَفِداؤه يجعل وجدان الإِنسان يذوب فِى محّبتِهِ ، فيوجد مُلحِديِن لَمْ يحتمِلُوا أنْ ينظُروا لِربِنا يسُوعَ المصلُوب ، فيقُولُوا مُستحيِل أنّ هذا إِنسان ، هذا إِله ، مُجرّد رؤية صليبه جعلت ناس تؤمِن بِهِ فأنا عرفتهُ بِالمعرِفة العقليَّة ، فالمفرُوض أنْ أعرِفهُ بِالمعرِفة الوجدانيَّة وَأتحِد بِهِ وَأمتزِج بِهِ ، فالبِنت التَّى مشاعِرها مُقدّسة نحو ربِنا لاَ تقُول أنا قابِلت فُلان وَإِستلطفتهُ ، فهى غير مُشبَعَةَ ، فهى لو كانت مُشبعة وَكيانها تقدّس تكُون راسِخة رسُوخ الجِبال ، وَتكُون مُشبعة ، وَمحبِّة ربِنا تكُون فِى داخِل قلبِها وَقَدْ ملكت عليها ، صدِّقُونِى كلِمة " ملكت " هى كلِمة ضعيِفة ، فالإِنسان عِندما تملُك محبِّة ربِنا على قلبه يحِس أنّ حياته عِبارة عَنْ مُناجاة بينه وَبين ربِنا بِإِستمرار وَالكنيسة واعية جعلت لنا تسابيِح وَتماجيِد بحيث تجعل مشاعرِى بِإِستمرار مُتحرِّكة وَمرفُوعة نحو ربِنا بِإِستمرار ، وَتجعلنِى فِى شرِكة مَعْ السَّمائيين ، إِحضرى تسبِحة فإِنَّكِ ستشعُرِى أنَّكِ خرجتِى مُقدّسة ، وَالمشاعِر العميقة لِلإِنسان تقدّست أبونا بيشُوى كامِل تعرّض لِعمليات جِراحيَّة ، وَعِندما يعمِلُوا لهُ العمليَّة كانُوا يُعطوا لهُ بِنج وَيُخرِج الّذى فِى داخِلهُ ، وَأثناء ذلِك كان يقُول القُدّاس ، ففِى مرَّة عمل تمجيِد كامِل لِلسِت العدرا بِكُلّ الألحان الخاصَّة بِالعدرا ، وَخين إِفران وَالمدِيحة ، فهُوَ الباطِن عِندهُ مُقدّس ، وَفِى مرَّة أُخرى صلّى القُدّاس بِالنغمة فأنا وُجدانِى ماذا يكُون ؟ فلو كشفنا الغطاء فماذا سيكُون فِى داخِلهُ ، فهل مشاعرِى مُتحرِّكة بِإِستمرار نحو الله ؟ على كُلّ واحِد يُرِيد أنْ يتحرّك نحو ربِنا لابُد أنْ تكُون مشاعره دافِئة نحو ربِنا ، المفرُوض أنْ تكُون مشاعره بِإِستمرار مُوّجه نحو ربِنا القديس أُوغسطينُوس جلس يُعاتِب نَفْسَه وَيلُوم نَفْسَه على غباؤه لِعدم معرِفته بِربِنا وَقال [ لقد تأخّرت كثيراً فِى حُبِكَ ] ، أنا آسِف ، أنا ضيّعت عُمرِى كثيراً أُدخُلِ مَعْ الله فِى عِلاقة وجدانيَّة ، إِعرفِ كيف تدخُلِ معهُ فِى عِلاقة وجدانيَّة لأِنّ كُلّ يوم لاَ تعرِفِ فِيهِ ربِنا هُوَ خِسارة مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ الّذى وَإِنْ لَمْ تروهُ تُحِبُّونهُ ] ( 1 بط 1 : 8 ) ، الإِنسان الّذى كيانه تقدّس بِربِنا بكُون فرحان بِربِنا بِبساطة وَبِتلقائيَّة وَوُجدانه تقدّس فأكثر واحِد عرف ربِنا بعد القيامة وَقال هُوَ الرّبّ وَآمن بِقيامتِهِ وَتلامس معهُ بِقُرب هُوَ يُوحنا الحبيِب ، الّذى إِتكأ على صدرهِ وَعرفةُ بِالمعرِفة الوجدانيَّة ، فَمَنَ هُوَ الّذى مُجرّد أنْ رأى آمن ؟ هُوَ يُوحنا الحبيِب المعرِفة الوجدانيَّة تُسّهِل علينا طُرُق كثيرة ، مُجرّد إِنِّى أتكِأ على صدرِهِ أعرِفةُ ،فعِندما أعرِف ربِنا بِعقلِى وَبِوجدانِى أعرِف أميِّزه ففِى عصر الرُسُل كان يوجد ناس تظاهروا أنّهُمْ رُسُل ، فحاولوا أنْ يُخرِجُوا شيَّاطيِن مِثل الرُسُل ، فالشيَّاطيِن سألوهُمْ مَنَ أنتُمْ ؟ فقالُوا لهُمْ نحنُ نتبع بولس ، فقال لهُمْ الشيَّاطيِن أنتُمْ لستُمْ تبعهُ ، وَقالُوا [ أمَّا يسُوعُ فأنا أعرِفهُ وَبُولُس أنا أعلمهُ وَأمَّا أنتُمْ فَمَنْ أنتُمْ ]( أع 19 : 15 ) ، إِنْ كانت الشيَّاطيِن تعرِفهُ ، ألاَ يليِق أنّنا نحنُ نعرِفهُ !! فأنا إِبنك 0
3- المعرِفة الإِختباريَّة :-
وَهى جميلة جِدّاً ، فَلاَ يكفِى أنْ أعرِف ربِنا بِعقلِى وَ لاّ بِقلبِى وَلكِنْ هى معرِفة إِختباريَّة ، لابُد أنْ أختبِر وجوده فِى حياتِى ، لابُد أنْ أشعُر بِوجوده فِى حياتِى ، وَأنّهُ حىّ فِى حياتِى ، وَأشعُر بِإِحتضانه لىّ ، وَبِأنّهُ كيان حىّ فِى حياتِى ، صعب جِدّاً أنْ تكُون معرِفتنا لله ظاهِريَّة فقط فأحد القديسين يقُول [ إِنّ الكلام عَنْ العسل شيء وَمذاقِة العسل شيء آخر ] ، فهل إِختبرتِى ربِنا أم لاَ ؟ وَهل شعرتِى بِنُوره فِى حياتِك أم لاَ ؟ لابُد أنْ تعرِفِى نُور ربِنا ، فهل دخل فِى داخِل قلبِك عِندما قرأتِ الإِنجيِل أم لاَ ؟ فهل أحياناً وبّخِك على خطيَّة أم لاَ ؟ هل كثيراً سندِك وَشجّعِكَ أم لاَ ؟ نحنُ مُحتاجيِن لِهذا الأمر كثيراً فهل أنا فِى حياتِى إِختبرتهُ ؟ وَهل عِندما تُبتِى وَإِعترفتِى شعرتِى بِكُلّ أمانة وِبِكُلّ صِدق أنّ خطيتك هذِهِ غُفِرت أم لاَ ؟ فأنا لابُد أنْ ألمِس ربِنا فِى حياتِى ، فهل سيظِل مُجرّد معلُومات ، فهل سأظل أنّهُ موجُود فِى غيرِى فقط وَأنا لاَ ؟ فَلاَبُد أنّ الّذى شعرُوا بِهِ نحنُ نشعُر بِهِ أيضاً ، معرِفة إِختباريَّة ، فهل صوت ربِنا الّذى تسمعيه بِتتجاوبِى معهُ ؟ كُلّ هذِهِ هى أُمور ضروريَّة أجمل ما فِى حياة الإِنسان هُوَ أنْ يتغيّر ، المقياس الحقيقِى لِحياتك الرُّوحيَّة هُوَ أنَّكِ تتغيّرِى ، فهل أنتِ مازِلتِ إِنسانة مُتكّبِرة وَالشهوة مسيطرة عليكِ أم لاَ ؟ وَهل بِتتذّوقِى النِعمة فِى حياتِك ؟ فهذِهِ مُهِمَّة جِدّاً إِنْ أنا أشعُر إِنِّى تغيّرت القديس أُوغسطينُوس عِندما أتت إِليهِ السِت التَّى كانت تفعل معهُ الخطيَّة قال لها [ أنتِ هُوَ أنتِ ، وَلكِنْ أنا لستُ أنا ، أُوغسطينُوس الّذى تعرِفينهُ قَدْ مات ] ، أجمل إِختبار هُوَ الّذى تعيشِنهُ فِى حياتِك وَليس الّذى تسمعيه عَنْ غيرِك ، لقد سمعتِى كِفاية مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ الّذى أحّبنِى وَأسلم نَفْسَهُ لأِجلِى ] ( غل 2 : 20 ) ، فيوجد تغيُّر لابُد أنْ يحدُث فِى حياتِى الشخصيَّة ، فيوم أنّ ربِنا مَلَكَ على قلبِى بدِّل كُلّ شيء ، ربِنا عِندما يدخُل يُقّدِس المشاعِر وَيُقّدِس القلب وَيُغيِّر ، أُسجُدِى لِربِنا بِالرُّوح وَالحق ، وَأحنِى رأسِك وَأحنِى رغباتِك ، لابُد أنْ تكُون معرِفتِى بِربِنا معرِفة إِختباريَّة ، كِفاية معرِفة نظريَّة فما هُوَ دليِل حُبَّك لِربِنا ؟ ماذا فعلتِ مِنْ أجله ؟ فلو قُلت لكِ صلِّى فهل تفضّلِى الراحة؟ وَلو قُلت لكِ إِعطِى ، فهل ستُعطِى القليِل ؟ أين هى محبِّة ربِنا ؟ محبِّة جسده وَدمه جعلتِك لاَ تستطيعِى أنْ تبعِدِى عنهُ أُنظُروا لِواحِد مِثل الأنبا أنطونيُوس ، لقد إِختبر محبِّة ربِنا ، وَكَمْ أنّهُ إِختبار وَقوّة وَسُلطان ، فأنا محتاج أنْ أذُوق ربِنا فِى حياتِى كغافِر كرافِع كصديِق كُنقِذ مُعلّمِنا داوُد النبِى يقُول [ كُنتُ فتىً وَقَدْ شِختُ وَلَمْ أرَ صَدِّيقاً تُخُلِّى عنهُ ]( مز 37 : 25 ) ، خِبره ، الإِنسان مُحتاج أنْ يكُون لهُ مذاقة مَعْ ربِنا ،مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ إِنْ كُنتُمْ قَدْ ذُقتُمْ أنّ الرّبَّ صالِحٌ ] ( 1 بط 2 : 3 ) فهل تعلموا أكثر شيء يعرّفنا أنّ الرّبّ صالِح أنّهُ ساكِت علىَّ ، وَأنّهُ ساتِر علىَّ ، فأنت يارب لو مِش صالِح لكُنت قَدْ أفنيتنِى ، كونِى إِنِّى دنِس وَأنت ساكِت علىَّ فهذا يدُل على أنَّك صالِح ، فأكبر دليِل أنّهُ صالِح أنّهُ غافِر لِخطاياى ، فهل إِختبرتِى صلاح الله أم لاَ ؟ ألَمْ يليِق أنّ الإِنسان يجلِس وَيُمّجِد الله على صلاحه ، وَيقُول لهُ أنت صالِح ، الكنيسة تقُول[ سبِحوه لأنّ إِلَى الأبد رحمتهُ ] 0
4- المعرِفة الإِتحاديَّة :-
وَأخِر نوع مِنْ المعرِفة هُوَ المعرِفة الإِتحاديَّة ، ما هُوَ غرض الله وَقصد الله مِنْ خِلقة الإِنسان؟ الإِتحاد بِهِ ، فَلَمْ يوجد عِندهُ هدف آخر غير ذلِك ، فأنا لمّا عرفته وَأحببته وَإِختبرته فَلاَ يكُون عِندِى رغبة إِلاّ محبّتِهُ ، فأقُول لهُ أنا يارب أُريِدك أنْ نكُون أنا وَ أنت شيء واحِد ،لاَ أُريِدك أنْ تفرّقنِى عنك ، وَ لاَ أشعُر أنّهُ يوجد شيء يجعلنِى أنفصِل عنك أبداً ،فإِنْ لَمْ تشعُرِى أنَّكِ أنتِ وَالله فقط فِى هذا الكُون فأنتِ بعيدة عَنْ الراحة إِتحادِى بِربِنا سيجعلنِى أشعُر إِنْ أنا وَإِلهِى فقط الموجوديِن فِى الكُون ، فَلاَ يربكنِى وجُود النَّاس ، وَلِذلِك ربّ المجد يسُوعَ فِى صلانه الوداعيَّة فِى يُوحنا 17 قال [ وَأكُونَ أنا فِيهُمْ ] ( يو 17 : 26 ) ، أولادِى هؤلاء أكُون فِى داخِلهُمْ ، [ لِيكُونُوا مُكمَّليِنَ إِلَى واحِدٍ ] ( يو 17 : 23 ) ، فهل تعلموا إِتحاد الآب وَالإِبن وَالرُّوح القُدس هُوَ إِتحاد لاَ ينفصِل ، تخيّلُوا إِنِّى أكُون مُتحِد بِهِ مِثل إِتحاد الثالُوث القُدُّوس ، وَهُوَ أنْ أكُون فِى داخِل ربِنا وَهُوَ فِى داخِلِى كان فِى مرَّة أحد الآباء الأساقِفة كان يُكلّمنا وَأحضر كوب ماء وَغطاء وَأدخل الغطاء فِى كوب الماء فحدث أنّ الغطاء أصبح شكله كبيِر ، وَعِندما أخرجه صار شكله صغيِر ، فماذا حدث لِلغطاء ؟ فقال لنا أنا فِى داخِل المسيِح أكبر وَبتحّول إِلَى شخص جدِيد ،فعِندما إِتحدت بِالمسيِح أخذت إِمكانيات إِلهيَّة ، فصِرت أسامِح ، المُشكِلة إِنِّى بحاوِل أنْ أنّفِذ الوصيَّة خارِج المسيِح ، وَلكِنْ أنا داخِل المسيِح قوِى وَقادِر فأنتِ لو إِتحدتِ بِالمسيِح ستكُونِى واحدة جديدة ، أضيِفِى إِليكِ المسيِح ، إِمكانيات إِلهيَّة ستأخُذِينها ، ستأخُذِى طهارتهُ ، ستأخُذِى محّبتهُ ، تخيّلِى إِنِّى أنا أكُون فِى داخِل ربِنا ،أكُون جبّار ، وَعِندما أخرُج أقُول لهُ يارب سأغرق ، فألجأ لهُ وَأحتضِنه ، هذِهِ هى المحبَّة الإِتحاديَّة مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول فِى رِسالتهُ إِلَى العبرانيين [ طرِيقاً كَرَّسَهُ لنا حَدِيثاً حَيّاً بِالحِجابِ أىْ جَسَدِهِ ] ( عب 10 : 20 ) ، كرَّسهُ لنا ،طرِيق جدِيد لِلقداسة هُوَ جسدهُ ، فعِندما إِتحدت بِهِ عرفت القداسة ، وَلِذلِك إِتحادِى بِالمسيِح هُوَ تركهُ لنا على المذبح وَلِذلِك نجِد القديس أبو مقَّار إِسمه " اللابِس الرُّوح " ،وَالقديس غرِيغوريُوس " الناطِق بِالإِلهيَّات " ،وَصار الإِنسان عِنده الإِمكانيَّة لِلإِتحاد بِالله ، لِدرجِة أنّ مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُوا [ وَأمَّا نحنُ فلنا فِكرُ المسيِحِ ] ( 1 كو 2 : 16 ) ،وَمُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ إِنْ كان يتكلَّمُ أحدٌ فكأقوالِ اللهِ ] ( 1 بط 4 : 11 ) فيكُون فِكرِى هُوَ فِكره ، وَفمِى هُوَ فمه ، وَأعمالِى مُستتِرة فِيهِ ، كُلّ هذا بِالإِتِحاد بِهِ ، وَإِنْ أنا وَحبيبِى فقط ، وَلِذلِك يُمّثِل هذا الإِتحاد بِإِتحاد الزوج بِزوجتهُ ، وَإِتحاد العرِيس بِعروستهُ ، إِتحاد لاَ ينفصِل ، صدِّقُونِى ياأحِبَّائِى النَفْسَ التَّى إِتحدت بِربِنا الكلام الّذى يقولهُ العُشَّاق تقُول أكثر مِنهُ القديس أُوغسطينُوس يقُول فِى معرِفته الإِتحاديَّة بِربِنا شعر أنّهُ هُوَ وَربِنا كُتلة واحدة ، فكان يقُول لِربِنا [ أنت تحتضِن وجُودِى بِرعايتك ، تسهر علىَّ وَكأنِّى أنا وحدِى موضُوع حُبَّك وَكأنّ لاَ يوجد غيرِى أنا الّذى تُعطينِى الحُب ] ، ثُمّ يختِم الكلام وَيقُول[ ليتنِى أُحِبُّك ياإِلهِى كما أحببتنِى أنت ] ياليت محّبتنا لِربِنا تكُون ظاهِرة فِى حياتنا فنصِل إِلَى قامِة مِلء المسيِح ، ربِنا يُعطِينا أنْ نُحِبّهُ مِنْ القلب ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
20 يونيو 2025
فضيلة الوفاء
في أحداث ميلاد السيد المسيح اجتمعت عدة شخصيات سواء قبل أو أثناء أو بعد الميلاد وعاشت هذه الشخصيات إيمانها القلبي في قداسة ونقاوة، وعبرت عن الإيمان بفضائل، فكان الاتضاع في الحوار عند مريم العذراء، والالتصاق بالرب عند حنة النبية والوفاء عند القديسة اليصابات والثقة في وعود الله عند سمعان الشيخ والرجاء عند زكريا الكاهن وهؤلاء كلهم وغيرهم قدموا في إيمانهم فضيلة، بحسب الوصية في رسالة بطرس الثانية الأصحاح الأول: ٥-٧ عن هذه الفضائل تتحدث معك هذه الصفحات.
فضيلة الوفاء (لو ٣٩:١-٥٦)
" فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا، ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلات اليصابات من الروح القدس وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة أنت في النساء ومباركة هى ثمرة بطنك فمن أين لي هذا أن تأتى أم ربي إلى فهوذا حين صار صوت سلامك في أذنى ارتكض الجنين بابتهاج في بطني فطوبي للتي امنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب"
"فقالت مريم تعظم نفسى الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى اتضاع امته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لان القدير صنع في عظائم واسمه القدوس، ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم انزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين اشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة كما كلم اباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد فمكثت مريم عندها نحو ثلاثة أشهر ثم رجعت إلى بيتها"( والمجد الله دائما)
هذا الجزء يقرأ في الأحد الثالث من شهر كيهك اود أن أتأمل في فضيلة من الفضائل الإنسانية الراقية وهي "فضيلة الوفاء"
"الوفاء" كصفة إنسانية يجب أن يتحلى بها هذا الكائن الذي خلقه الله على صورته ومثاله فضيلة راقية نراها في بعض الكائنات الحية الأخرى سواء الحيوانات أو حتى النباتات بصورة ما، ولكن في الإنسان فضيلة الوفاء تثبت أن أصلك حلو يقول في الأمثال الشعبية "على الأصل دور" ويقصد به اصل الإنسان
فضيلة الوفاء في الجزء الذي قرأته نجد امنا العذراء مريم جاءت لها بشارة راقية لم يسمع عنها من قبل "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك " تخيل امنا العذراء تسمع البشارة من الملاك وبصوت إلهي يقول لها ستصيري اما لابن الله (المولود منك يدعى ابن الله) اتضاعها كان واضحا في الحوار، لكن الأهم من هذا أنها تركت كل ما قيل في الحوار وتعلقت باخر معلومة قالها الملاك لها "وهوذا اليصابات نسيبتك هى ايضا حبلی بابن في شيخوختها، وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا (لوا :٣٦) امنا العذراء في اتضاعها ومحبتها، وفي أصلها نسيت كل هذا وتذكرت شينا واحدا فقط يقول الكتاب "فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا (لوا :۳۹) لقد نسيت أنها نالت هذه البشري الكبيرة وصارت الممتلئة نعمة لكنها وضعت أمامها نقطة واحدة وهي أن اليصابات تلك التي صارت حبلي بابن في شيخوختها، وفى الشهر السادس یعنی 3 شهور وتلد ماذا صنعت أمنا العذراء؟
قامت بسرعة بدون أي تبريرات ولا اعذار وذهبت بسرعة إلى اليصابات، لم تفكر في مشقة الطريق ولا في نفسها، ولا حتى في اعتبار من تكون هى ولكنها فكرت في شيء واحد فقط هو "الوفاء"
الوفاء كلمة غالية في قاموس الإنسانية، ولكنها فضيلة على المستوى العام نجدها تنقرض ظهر الوفاء عند تلاميذ السيد المسيح في الصورة العظمى وبالصورة التي ليس فيها وفاء بالمرة لقد ظهرت في القديس يوحنا الحبيب الذي كان يتكئ على صدر السيد المسيح، وكان قريبا جدا منه ويكاد أن يسمع ضربات قلبه ويوحنا الحبيب صار مقربا وقريبا بسبب وفائه فقد أعطاه الله نعما كثيرة، منها أنه كتب انجيل يوحنا وثلاث رسائل وسفر الرؤيا لقد كتب خمسة أسفار في العهد الجديد لقد أعطاه الله هذه الكرمة الكبيرة لقد کرمه بسبب وفائه، وسمي بيوحنا الحبيب لانه امتلا حبا وظهر ذلك في كتاباته، وفي حياته التي بلغت مائة عام.الصورة المناقضة والعكسية تماما في صورة تلميذ اخر وهو يهوذا الإسخريوطى الذي نقول دائما عليه "التلميذ الخائن" وهذا النموذج الخائن هو الذي انتهت حياته وسيرته ولا يفكر فيها أحد حتى اليوم.
الوفاء كلمة كبيرة جدا تحوي في داخلها معاني كثيرة فهي تحمل معنى الإخلاص والولاء والانتماء كما أنها تحمل صورة الأمانة وكلمة الوفاء لا يمكن ان نحصرها بمصطلحات اللغة لكنها فضيلة تظهر في الوصايا العشر، فالوصية التي تقول "اذكر يوم السبت لتقدسه" (خر ٨:٣٠) كلمة سبت معناها راحة في اللغة العبرية بتعمل وتتعب وتزرع الأرض وتصلحها، هذا حسن جدا، لكن الله له مكان وزمان "اذكر يوم السبت لتقدسه أي اذكر الوقت الخاص الذي لله كن وفيا لله الذي اوجدك وخلقك وأعطاك المهارة والذكاء والقدرة ربنا يعمل معنا خيرا كل يوم، ويقدم لنا عطايا كثيرة في حياتنا وعملنا وبيتنا، ولكن للأسف قد ننسى ربنا . ايضا الوصية التي تقول اكرم أباك وامك (خر ١٢:٢٠)، هي أول وصية بوعد، هذه الوصية هى وصية وفاء من الدرجة الأولى أي إنسان ولد صغيرا، ولولا أنه يوجد أب وأم وأسرة ربوه وكبروه و علموه، وساروا معه مشوار الحياة الطويل هل أنت وفي لأسرتك؟
ان الوفاء ليس من الأمور المظهرية فاعتقد انه لو عاش الإنسان هذه الفضيلة، فقد تختفى نصف القضايا الموجودة في المحاكم، لكن للأسف ينسى الإنسان هذه القيمة الرفيعة في حياته "قيمة الوفاء".
صفات الإنسان الوفي
1- يتسم بالأصالة
الإنسان الوفي هو الذي نسميه الاصيل إنسان بمعنى الإنسانية، كما أراده الله، وتوجه بالعقل وبالقلب وبالنعم، وهو إنسان تربى تربية روحية أخلاقية، وتربى على الضمير الحي وتربى من صغره كيف يحفظ الجميل الوفي إنسان أصيل أصالته في إنسانيته.
2- إنسان ملتزم
هو شخص ملتزم في حياته ملتزم بوعوده وبالكلمة التي يقولها، وهناك تعبير لطيف يقول: (فلان ده راجل ) هذا التعبير حلو، وكلمة رجل، ليست معناها من حيث جنسه، ولكنها صفة مثلما نقول في المزمور "طوبي للرجل" ای طوبی للانسان هو إنسان ملتزم بكل وعوده و عهوده، سواء يأخذها مع ربنا أو مع البشر إنه شخص بكلمته
3- إنسان إيجابي
هو إنسان متفاعل في حياته والمجتمع والكنيسة والخدمة والعبادة هذا الإنسان الإيجابي يتسم بالعطاء. وهذا العطاء صفة أصيلة في الإنسان الوفي، فليس العطاء فقط في الأمور المادية، وإنما هناك العطاء النفسي والمعنوي لتشجيع شخص هو شكل من أشكال الوفاء هذه الإيجابية تفضل المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة فكثير من مشكلات الوطن في مجتمعنا تحل عندما يكون الشخص المسئول يفضل الصالح العام على المصالح الشخصية أو الفردية، وهذا هو الإنسان الوفي.
4- إنسان واع
هو يعي جيدا ماذا يفعل وماذا يقدم هو لا يقدم عملاً مظهريا أو برياء.. لكنه يقدم هذا العمل من قلبه، فهو يدرس قيمة الإنسان الآخر الوفاء له اشكال والوان هناك الإنسان الوفي للأقارب والوفي للأصدقاء والإنسان الوفي للوعود والعهود هناك الوفي للعقيدة والايمان وللوطن والوفي للعلم الذي تتقدم به البشرية والوفي للمبادئ عند رسامة أب كاهن يلزم بأن يقرأ تعهدا، هذا التعهد هو مجموعة من المبادي هل انت وفي لها ؟ كذلك الراهب أو الراهبة يقرأ تعهدا عند الرسامة، وهذا التعهد به مجموعة من المبادئ تحكم سيرته كراهب او راهبة هل أنت وفي من الممكن أن يكون وفيا سنتين ثلاثة وبعد ذلك ماذا يحدث؟ يحدث ما هو عكس كلمة" الوفاء" الكلمة التي تجرح اذاننا، هى كلمة متعبة وغير لائقة بصفة عامة إنها "الخيانة"
صور الوفاء في الكتاب المقدس
1- الوفاء للاقارب
يقصد بها الأسرة بصفة عامة، وإن كانت الوصية تقول "اكرم أباك وأمك لكي تطول ايامك على الأرض" (خر١٢:٢٠)، فنجدها تمتد إلى كل الأقرباء في كل الأسرة، لأن الوصية هي تعبير عن الوفاء.
راعوث ونعمى
كلمة راعوث معناها الجميلة، وليست الجميلة شكلاً، فالكتاب المقدس لا يهتم بأوصاف الجسد، وإنما يهتم بالأوصاف الداخلية للإنسان حقا فراعوث كانت إنسانة جميلة لقد تغربت عن بلدها وتزوجت في بلاد غريبة، ثم مات زوجها وحماها واخو زوجها. فصارت مترملة ولم يكن لديها أبناء لم تعتبر ماساة واحدة، لكنها عدة ماآسى راعوث مع حماتها نعمى، وظهر وفاؤها بالرغم من أنها غريبة عنها، لكنها اعتبرتها بمثابة أم بعد زواجها من ابنها. وفضلت أن تعيش في بلاد غريبة مع حماتها التي بلا زوج، وبلا أبناء، وقد كانت نعمي إنسانة أمينة فطلبت منها أن تعود إلى بلدها. ولكن راعوت الرائعة الوفية قالت: لا تلحي على أن أتركك وأرجع عنك، لأنه حيثما ذهبت أذهب وحيثما بت ابيت شعبك شعبي والهك إلهی (را ١٦:١) ما هذا الجمال؟! كلمة جمال قليلة عليها. فهي بهذه المشاعر أكثر من جميلة ولكن ما الذي جعلها جميلة؟
الذي جعلها جميلة هو وفاؤها، ولذلك استحقت هذه الإنسانة الوفية أن يأتي من نسلها شخص ربنا يسوع المسيح مخلص العالم الله يقدر هذه القيمة إلى أبعد حد. فالوفاء كلمة تحوى في داخلها معاني كثيرة تحوى المحبة والإخلاص والولاء والأمانة والشعور بالآخر.
١- يوسف الصديق
عاش يوسف الوصية قبل أن توجد، وعاش بوفائه لابيه يعقوب واخوته بالرغم أن اخوته كانوا قساة عليه جدا، لكن يوسف لآخر لحظة كان يحتفظ بوفائه لابيه. فكان يخدمه ويحترمه وأيضا إخوته، وتكون صورة يوسف الصديق صورة لامعة، وتقول فعلاً "وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحا، وكان في بيت سيده المصري (تك٢:٣٩) كان يوسف نموذجا الطهارة، برغم كل ما حدث معه، فكان وفيا لم يتخل عن مبادئه ابدا.
2- الوفاء للأصدقاء
داود یوناثان
من أكثر مشاهد الصداقة الحقيقية هو مشهد صداقة داود ويوناثان رغم أن شاول جعل نفسه عدوا لداود وأراد قتله أكثر من مرة وبعد أن تملك داود وصار ملكا نجده يبحث عن أي فرد من عائلة شاول او يوناثان لكي يخدمه وقال داود هل يوجد بعد أحد قد بقى من بيت شاول، فاصنع معه معروفا من أجل یوناثان (٢صم ١:٩) لقد كان داود وفيا لصديقه حتى بعد موته فوفاؤه مستمر حتى أنه وجد واحدا من أبنائه فاخذه وقدم له الطعام على مائدته واعتني به جيدا، لقد كان داود. انسانا أصيلاً، لذلك استحق أن يكون جدا للسيد المسيح "المسيح ابن داود".
3- الوفاء للوعد
بتوعد هل بتاخذ تعهداً كيف تكون وفيا في نهاية العام يبدا الإنسان يحاسب ذاته ويبحث عن إيجابياته وسلبيات ونقصانه، ويتعهد امام الله بتوبة وبداية جديدة ويقول مع المرنم "بارك هذه السنة بصلاحك" ثم يجلس مع أب اعتراف ويحاول زيادة الإيجابيات ادم وحواء سقطا في الخطية، ونالا العقوية، وصارت الخطية حاجزا فاصلاً بينهما وبين الله ولكن الله أعطى وعدا، قائلاً للحية " واضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه"( تك ١٥:٣)، ولكن هذا الوعد ظل قرونا كثيرة تحت العهد القديم كله دون تحقيق هل هذا معناه أن الله نسى هذا الوعد؟ اابدل في ملء الزمان أرسل الله ابنة مولودا من امرأة والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده اعطاء الله لينفذه في شخص المسيح ولذلك كان وفاء الله لهذا الوعد هو الصورة الجميلة التي جعلتنا نقول "بداية العهد الجديد " وصار الزمان هناك ما قبل ميلاد المسيح وما بعد الميلاد، كأن ما قبل ميلاد المسيح كان وعدا، وبعد ميلاد المسيح صار وفاءا لهذا الوعد . لذلك يؤكد الكتاب المقدس علينا أنه عندما نعد أو ننذر نذرا يجب أن نوفی به " ان لا تنذر خير من أن تنذر ولا تفى" (جا ٥:٥) فإن أردت أن تنذر فانذر بما في استطاعتك وهذا شكل من اشكال الوعد والالتزام بالوفاء به.
4- الوفاء للإيمان والعقيدة
العقيدة والإيمان الذي نعيش به في كنيستنا الإيمان الأرثونكسي المستقيم هذا الإيمان الذي يسير في خط مستقيم منذ إيماننا مع بداية دخول المسيحية مصر على يد مارمرقس الرسول ويصير هذا الإيمان إيمانا مستقيما تحفظه الكنيسة ويعيش الإيمان نقبا في الكنيسة القبطية مسلمة إياه من جيل إلى جيل كوديعة غالية، وقد ظهر في تاريخ الكنيسة من نسميهم بالهراطقة، وهم أناس غير أوفياء للإيمان ولا للكنيسة ولا للعقيدة ولا للتاريخ نسمع عن أريوس وهرطقته ونسمع عن أوطاخي ونسطور، وأناس ظهروا في أوقات أخرى وبدع ظهرت وصارت غير مناسبة فقامت الكنيسة بعقد المجامع المسكونية كي تقف أمام من كانوا غير اوفياء.فعلى سبيل المثال تم عقد مجمع نيقية كي تقف امام اريوس، وكان المجمع بحضور أساقفة العالم في حضرة الملك قسطنطين، فيكون المجمع على مستوى عالی دولی بدأوا يناقشون أريوس إلا أن اريوس كان مصرا على فكره و هرطقته، وعلى تحريفه للإيمان وكانت النتيجة أن فصلته الكنيسة واستبعدته واعلنت فساد هرطقته تظهر صور من الوفاء الإيمان والعقيدة في سير القديسين القديس الانبا انطونيوس ( أب الرهبان) هر راهب عاش في البرية لكن نزل من البرية مرتين المرة الأولى كي يشارك البابا اثناسيوس في حربه ضد الأريوسية، لأنه عندما ظهرت الأربوسية اخذت نطاقا واسعا جدا لدرجة العبارة المشهورة التي قالها البابا اثناسيوس عندما قالوا له "العالم كله ضدك يا اثناسيوس" فأجاب قائلا "وأنا ضد العالم" قال البابا هذه العبارة لأن الأريوسية قد انتشرت في العالم كله، ولذا عندما قال "وانا ضد العالم" كان يقصد انه ضد العالم الأريوسي.لقد نزل القديس الأنبا انطونيوس وكسر وحدته لان المصلحة العامة للكنيسة أهم من حالته الخاصة. الانبا انطونيوس هذا الرجل الناسك الوفي، كانت نتيجة نزوله لمساندة البابا اثناسيوس أن أناسا كانوا قد بعدوا، رجعوا مرة أخرى للإيمان المستقيم وإلى حضن الكنيسة مرة أخرى.
لقد عاش الأنبا انطونيوس ١٠٥ سنوات وعاش زمانا وعشرات السنين في البرية، لكنه نزل للمرة الثانية إلى العالم عندما بدا عصر الاستشهاد وبدات الكنيسة تتعرض للاضطهاد فبدا يكسر وحدته، لانه يحب أن يكون وفيا للكنيسة، ويسند الشهداء ونزل للعالم لكي يشجع المؤمنين ويقويهم وفي كل مرة يمثل صورة للوفاء والدفاع عن الإيمان والعقيدة في الكنيسة . القديس الأنبا بولا أول السواح عاش في البرية ولا نعلم غير كلمات قليلة من عباراته لكن من العصيب انه عندما تقابل مع القديس الأنبا انطونيوس قبل نياحته تكلما في نقطتين يظهر فيهما صورة من الوفاء الأولى يسأله عن كفاح القديس اثناسيوس الرسولي ضد الأريوسية، وبالتالي هو مشغول بالكنيسة ووفي لها الثانية هو اهتمامه بالوطن فسالة عن النيل، وكان في هذه المقابلة القصيرة ظهر وفاؤه للكنيسة والوطن في عبارتين صغيرتين.
5- الوفاء للمكان
نسمع عن شخص مصرى تعلم في مصر ثم سافر واستكمل دراسته في الخارج ونجح وصار من ألمع أطباء العالم، وهو الطبيب المشهور "الدكتور مجدى يعقوب" الذي لم ينس وطنه فعندما رجع إلى مصر نجده ينشئ مركزا عالميا للقلب في أسوان وصار هو اهتمامه الأكبر كان لديه وفاء للوطن ولأبنائه وللأجيال القادمة هذا الوفاء صورة من صور الوفاء للمكان فضلاً عن أنه أيضا وفاء للعلم. فشخصيته تجمع عدة صور للوفاء وفاء للبلد وفاء للمكان وفاء للأطفال وهكذا وهذا مجرد نموذج صغير حيث توجد صور كثيرة جداً من أبناء مصر في أماكن كثيرة.
6- الوفاء للوطن
الوفاء للوطن أحد السمات التي تظهر أصالة الأوطان فى مصر عام ۱۹۹۲ حدث زلزال في شهر اکتوبر - في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر، وكان هناك طفل صغير يبلغ من العمر حوالي 7 سنوات اول انطباع جاء في ذهن الطفل انه قال" يا ترى مدرستي عاملة إيه" وهذا يدل على أن الطفل تربي على حب المكان الذي يوجد ويتعلم فيه الانتماء للوطن أحد مشاهده الرائعة في الكتاب المقدس مشهد نحميا لقد كان نحميا شخصا عادياً من الذين اخذوا في السبي من أورشليم إلى بلاد بعيدة في مناطق إيران والعراق حاليا وعاش اسيرا ليس له حقوق ولكنه أخذ يبحث عن عمل حتى وفق في أن يعمل ساقيا عند الملك ولكن جاءت إلى اخبار مؤلمة ومحزنة عن وطنه، وفي نفس هذا التوقيت كان من المفترض أن يدخل إلى الملك ليقدم له المشروبات فصلى ودخل وعندما دخل سالة الملك وعلى غير العادة "لماذا وجهك مكمد وانت غير مريض ما هذا إلا كئابة قلبك" (نح ٢ :٢) فيقوم نحميا فى أصالته ويصلي كي يعطيه الرب كلمة على لسانه ويبدا يقول كلمات مبسطة جدا انه سمع اخباراً محزنة عن مدينته وشعبه وان اسوار مدينته مهدومة وأبوابها محروقة بالنار (نح٢ :٣) وأنه عندما سمع مثل هذه الأخبار وقف يصلى أمام إله السماء وعندما جاءت الفرصة ليقف أمام الملك وبدأ يكلمه عن بلده نجد الملك يعطيه رسائل کی يأتى بمواد للبناء وايضا رسائل للولاة المسئولين ويسمح له أن يرجع لوطنه ويأخذ معه بعض الأفراد لمساعدته في بناء السور (نج ٧:٢-٩)، لكن في ذات الوقت نجد من يعطله إلا أنه يبتكر وسيلة جيدة جدا، فسور اورشليم عليه بيوت كثيرة فقال لأصحاب هذه البيوت إن كل صاحب بيت يبنی جزءا من السور الذي امامه، ويقول الكتاب إنه انجز بناء السور في ٥٢ يوما نحميا يتحمل كل هذا الشقاء من أجل وفائه وانتمائه للوطن على أنهار بابل هناك جلسنا بكينا أيضاً عندما تذكرنا صهيون" (مز (۱:۱۳۷) وبذلك يعتبر بناء نحميا لسور مدينتة هو علامة من علامات الوفاء للوطن.
والسؤال الآن هل انت وفى اسأل نفسك.. هل انت وفي لأسرتك (مجتمع الصغير ) عليك انت تعلم أن إهمال أسرتك خطية كذلك الأب والأم اللذان يربيان أولادهما هل تزرعان في أولادكما هذه الصفة الإنسانية هل علمتماهم كيف يكونوا أوفياء واعلما انكما أول من سيستفيد مما غرستماه في أولادكما هل انت وفي للعمل وللمجتمع الذي تعيش فيه؟ هل وفي لكنيستك وخدمتك؟
7- الوفاء للمبادئ
الإنسان يتمسك بمبادئه والمبادئ هي الأفكار التي تبدا منها هناك شخص وفي لزوجته ولأسرته وبالتالي يستمر الزواج ويدوم ويصبح هناك كيان للأسرة أتذكر قصة بسيطة عن مغن مشهور هذا
المغنى كان يغني في عيد ميلاد الملك كل عام. وكانت تذاع اغنيته من إذاعة البلد لكن أراد مجموعة من الناس عمل انقلاب ضد الملك فاتفقوا على أن أفضل يوم لهذا الانقلاب هو اليوم الذى يأتى فيه المغنى ليغنى الاغنية فى الإذاعة واتفقوا على أنهم يهددوه ليقول بيان الانقلاب وبالفعل حدث ما اتفقوا عليه إلا ان المغنى احتفظ بمبادئه ورفض تماما أن يقول كلمة واحدة برغم التهديدات ولحسن الحظ استطاع الملك أن يهزمهم وصار هذا المغنى مشهوراً جداً لما فعله حيث قدرة الملك تخيل معى ماذا كان سيحدث لو تم عكس ذلك؟!
في العهد القديم الفتية الثلاثة عندما طلب منهم أن يعبدوا التمثال الذهب رفضوا ،ويسألهم نبوخذ نصر "من هو الإله الذي ينجيكم من يدي" فكان ردهم إنه لا يلزمهم أن يجيبوه لان المعجزة قد حدثت وصار الأتون باردا ايها الحبيب أبحث عن هذه الفضيلة في حياتك واجعلها حاضرة دائما أمامك في كل مكان وزمان.وفاؤك يعنى أن حياتك دائما أصيلة ،و الله يقدر هذا الوفاء ، هذه الفضيلة ،وإن كنت مقصرا فيها اطلب دائماً من ربنا أن يجعلك وفيا في كل عمل صالح تمتد إليه يدك.
قداسة البابا تواضروس الثاني
عن كتاب قدموا فضيلة في إيمانكم
المزيد