المقالات
23 ديسمبر 2018
المسيح شبع النفس
يقول الكتاب في قصة المرأة السامرية ” وكان نحو الساعة السادسة فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء . فقال لها يسوع أعطيني لأشرب لأنَّ تلاميذه كانوا قد مضوا إلى المدينة ليبتاعوا طعاماً فقالت له المرأة السامرية كيف تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية لأنَّ اليهود لا يُعاملون السامريين أجاب يسوع وقال لها لو كنتِ تعلمين عطية الله ومَنْ هو الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حياً “ ( يو 4 : 6 – 10 ) النفس عميقة جداً وجوهر الإنسان في نفسه الجسد سهل والروح لا نعرف كيف نصل لها أعمق جزء في الإنسان هو نفسه واحتياجات النفس كثيرة جداً لأنَّ الجسد يحتاج طعام لكن النفس تطلب أكثر النفس تشتهي الكثير ودائماً تطلب واحتياجاتها كثيرة لا تنتهي ولا نستطيع أن نُقيِّم احتياجاتها حتى أنَّ الكنيسة تذكرها قبل الجسد فتقول في القداس ” أمراض نِفوسنا اشفيها والتي لأجسادنا عافيها “ لأنَّ النفس أصعب من الجسد لو إنسان مُصاب بمرض جسدي فمرضه واضح المهم المرض الغير واضح وهو يأتي من النفس لذلك المهم أن تشبع النفس وتفهمها وتُطورها معظم أمراض الجسد قد يكون سببها انحراف النفس ومعظم التقدُّم الروحي يسبِقه استقرار نفسي لذلك لابد أن تشبع النفس وكما يقول الكتاب ” النفس الشبعانة تدوس العسل “ ( أم 27 : 7 ) المرأة السامرية كانت تعرف ستة رجال ولم تشبع لأنَّ رقم " 6 " يُشير للنقص رقم ناقص أي احتياج لنا بدون المسيح لا يُشبِع دخل ربنا يسوع رقم " 7 " في حياة السامرية فشبعت .
ما هي احتياجات النفس ؟
لها خمسة احتياجات :-
1. الأمن :-
الإنسان يريد أن يشعر أنه آمِنْ وليس لديه اضطرابات الإنسان له احتياج أن يكون له بيت فِرَاش مكان آمِنْ مُستقر الإنسان يعيش خائف تسمع نشرة الأخبار تخاف تسمع كلام الناس تخاف أمور الحياة صعبة اضطراب أمراض أوبئة قلق على المستقبل وعلى الامتحانات وعلى دائماً يعيش الإنسان في قلق ودائماً القلق يرتبط بالقُدرة الإنسان الغني لا يخاف من الغلاء مثل الفقير والإنسان ذو المركز المرموق قد يشعر بأمان أكثر لذلك كثيراً ما يعيش الإنسان في قلق أحياناً الغِنَى والمركز يُسبِّب قلق أيضاً هيرودس الملك خاف على مُلكه عندما عرف أنه وُلِدَ طفل وسيكون ملك على إسرائيل وفقد صوابه وأخذ قرار وحشي بقتل كل الأطفال لأنه جعل أمانه بمركزه هكذا شاول اضطرب من داود الأمان في المسيح المسيح هو المُعطي الأمان لنرى الغلاء وإن جلسنا نحسب بالعقل عندما يكبر الشاب ويريد الارتباط كم يكون ثمن الشقة وكم يتكلف في ارتباطه نضطرب ونخاف فكَّر في المجموع الذي تحصل عليه في الثانوية وما هي الجامعة التي تلتحق بها وتخاف وتضطرب فكَّر لو فقدت شخص عزيز عليك ستضطرب مَنْ يعطي الأمان وسط كل هذه المُتغيرات العنيفة ؟ ربنا يسوع هو يدبر أمرك في الغلاء وإن شعرت بالجوع هو يُشبِعك حتى لو فقدت شخص مهم غالي هو يعوضك إن كان الناس يعتمدون على قُدراتهم فأنا أعتمد على الله كُليّ القدرة خالق الكل مُعطي الغِنَى والسند إذاً احتياجي النفسي مُشبِع لأنَّ الله إلهي وأنا أثق في رعايته المرأة المُمسكة في ذات الفِعْل ربنا يسوع وضعها خلفه ووقف هو أمامها يحامي عنها ضد راجميها نعم أنا خاطي لكنه يُحامي عني لذلك أشعر فيه بالأمان لذلك أشتاق للرجوع لحضنه مهما كانت خطاياي هو يقبلني لذلك يقول داود النبي ” أُعظِّمك يارب لأنك احتضنتني “( مز 29 ) مادُمت خارج المسيح لن تشبع ولن تستقر كثيرون مُصابون بأمراض نفسية لأنهم فاقدين الأمان لذلك المسيح هو طريق الأمان ولا توجد حياة روحية سليمة بدون ما تُبنَى على نفسية سليمة .
2. التقدير :-
الإنسان يحب التقدير تخيل إنسان يُلام ويُوبَخ دائماً صعب الإنسان محتاج للتقدير ويحاول دائماً أن يُعبِّر عن نفسه لكي يُقدَّر الذي لا يُقدَّر تصغُر نفسه جداً ويحاول أن يكون كبير بأي وسيلة وقد يُعبِّر عن ذلك بانحراف شهواني أو عاطفي أوأي انحراف عندما هاجمت الجموع ساكبة الطِيب قال عنها السيد المسيح ” حيثما يُكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يُخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها “ ( مت 26 : 13) ربنا يسوع يريد أن يرفعنا ويُعطينا مجد ويُزيننا ونحن نتضع من أفضل الأمور التي تُعطي الإنسان تقدير أن يسمع اسمه يُنادى وجدنا ربنا يسوع يُعامل زكا بتقدير والمولود أعمى بتقدير و الإنسان محتاج أن يشعر أنه مهم وغالي ويشعر أنَّ أعماله صحيحة تُقدَّر ولنرى التقدير من وجهة نظر الناس الناس تعرف اللوم فقط وإن فَعَلْ شخص شيء مهم لا يُقدِّره مَنْ حوله بحجة أن لا يتكبر إن فَعَلْ شيء خاطئ الجميع يلومه ويوبخه نحن لا نُجيد التعبير وأحياناً لا نريد التعبير ودائماً الذي يُجيد التقدير لا يُريده ليتكم تُقدِّرون بعضكم بعض وتُقدِّمون لبعضكم البعض كلمات الشكر والتشجيع على أي شيء ولو بسيط مجرد مجيئكم لبعضكم قدِّموا عنه كلمات شكر شجعوا أي سلوك ولو بسيط ودائماً التقدير تزداد قيمته بِمَنْ يُقدِّمه لذلك نحن تقديرنا عند المسيح له المجد هو يُقدِّرني وأنا غالي جداً عنده وكرامتي هي عنده وكما يقول الكتاب ” لمدح مجد نِعمتِهِ “ ( أف 1 : 6 ) لمَّا أتى وتجسَّد بجسدي هذا أعظم تقدير لي لمَّا دُعِيَ اسمه عليَّ وصار اسمي مسيحي هذا أعظم تقدير لي لمَّا بذل نفسه لأجلي قدَّرني جداً ليتنا نتمتع بهذه التقديرات العظيمة ونتمتع بتقديره جداً في التوبة لأنه فيها يقبلني ويحبني رغم أنَّ كل الناس تنظر لي على إني خاطي .
3- الحرية :-
الإنسان لا يُحب الأسر لو وضعت نسر في قفص ووضعت أمامه طعام كثير لن يأكل مهما طالت فترة حبسه في القفص لأنه غير حُر هكذا الإنسان يحب أن يشعر أنه حُر قد يبنون في الخارج سجون عالية التجهيز وبها كل احتياجات الإنسان حتى الترفيهية لكن الإنسان يشعر فيها بالضيق لأنه محبوس من الاحتياجات النفسية المهمة للإنسان أن يشعر أنه حُر في سلوكه لأنَّ الذي يفعله بدون حرية يُولِّد فيه الكبت حتى حضور الكنيسة إن كان بأمر وبدون رغبة داخلية يُولِد كبت ودائماً التغصُّب يزول بزوال المؤثِر لذلك لابد أن يتعلم الإنسان كيف يختار الكنيسة تُربيك لكي تعرف كيف تعيش حُر كل شاب مُعرَّض لأن يلتحق بجامعة خارج مدينته ويتغرَّب فيها إن لم يكن قد تربَّى على المسئولية لن يشعر بالمسئولية إن تربَّى على الكبت والأوامر في المواعيد والاستذكار وسينحرف في غربته ويجدها فرصة للخروج من قيود الأوامر والكبت لذلك لابد أن تشعر بحرية وأنك تفعل الأمور باقتناع أنت محتاج أن تحترم الضوابط والثوابت وهذا يأتي من الحرية حتى الروحيات تحتاج حرية حتى لو تغصبت فأنا أتغصب بحريتي لأنتقل إلى درجة روحية أجمل الكنيسة تُربيك على الحرية وتُعطيك المشورة فقط لذلك الحرية تصنع اتزان واحترام وإن لم أنال حريتي في بيتي والمجتمع ؟ أقول لك أنَّ الله يُعطيك الحرية الحرية ليس معناها أن أسلُك كما أشاء لا بل الحرية من الداخل ” إن حرَّركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً “( يو 8 : 36 ) أصعب شيء العبودية للخطية هي أشرس من العبودية لسيد قاسي ربنا يسوع أعطانا الحرية ” يارب أنا عبدك ، أنا عبدك وابن أمتك “” قطعت قيودي “ ( مز 115 – من مزامير التاسعة )أنا عبد لك يارب لأنك أنت الذي حللت قيودي كانت شريعة العبد في العهد القديم تسمح بأن يُفك العبد بعد فترة من العبودية لكن إن أحبَّ العبد سيِّده وفضَّل أن يكون في خدمته كل أيام حياته كانوا يأتون به عند مدخل المدينة وهو بنفسه يثقُب أُذُنه ليُعلن أمام الجميع أنه بإرادته يريد أن يكون في خدمة سيِّده أعظم حرية نأخذها على الصليب وفي الاعتراف نأخذ الحِلْ ويقول الحِلْ ” قطَّع يارب كل رباطات خطايانا “ معلمنا بولس الرسول كان يُسمي نفسه سفير في سلاسل وهو حُر داخلياً لأنه حُر من الخطية أصعب عبودية هي العبودية لخطية أو عادة أوبينما أفضل حرية هي أن تتخذ قراراتك في ضوء الوصية .
4- الانتماء :-
دائماً تشتاق أن يكون لك انتماء لشيء مهم وقوي لبيت لبلد لدين لجنس لعمل لفكرة وأصعب انتماء هو الانتماء الديني والذي بواسطته قد تخرب بلاد لذلك إن أرادوا تقسيم بلد يزرعون فيها بُغضة دينية وهذا سهل جداً في البلاد قليلة الثقافة إحساس الانتماء إحساس قوي عند الإنسان لذلك جيد أن تشعر أنك مُنتمي ولكن بتعقُّل وليس بتشدُّد أنا محتاج لهذا الإحساس وليس هناك انتماء أجمل من الانتماء لجسد المسيح للكنيسة هو قال أنتم لحم من لحمه وعظم من عِظامه ( تك 2 : 23 ) أي انتماء أعظم من هذا ؟اشعُر بانتمائك للمسيح وللكنيسة ولإخوتك والذي يعيش بدون انتماء يكون بلا هوية والذي بلا هوية نفسيته فقيرة والإنسان يحب الانتماء لشيء قوي مُميز لأنه محتاج أن يشعر أنه قوي ومُميز وينال بذلك نشوة ونُصرة وكفاه احباط اشعر أنك مُنتمي للمسيح مصدر سعادتك وقُوَّتك ” رعية مع القديسين وأهل بيت الله “ ( أف 2 : 19) أنت مُنتمي له وعائلتك هي القديسين لأنَّ الانتماء للعائلة يُشبِع النفس جداً والنفس محتاجة للشبع وكلما كانت النفس جوعانة كلما كانت الخطية أسهل والانحراف أسهل .
5- الحب :-
الإنسان يحب أن يشعر أنه محبوب وغالي ومُشبَّع بأمور كثيرة ومن أكثر الأمور التي ترفع الإنسان للسماء أنه يشعر أنه محبوب لذاته ذَوِي المعاش يشعرون بالاحباط إن لم يسأل عنهم أحد لأنهم يشعرون أنهم كانوا محبوبون ليس لذواتهم بل لمراكزهم الحب عطاء وكما تُعطي تأخذ كثيراً ما نشكو أننا غير محبوبين لا في البيت ولا في الكنيسة الإنسان يحب أن يكون مُميز لنفرض أنَّ الكنيسة أرسلت رسائل مُعايدة لأولادها بالطبع يفرحون بها لكن الذي يفرَّح أكثر أن تكون كلمات الرسالة خاصة بك أنت وتحمل اسمك هذا يُسعِدك لأنك تشعر أنك مُميز ومحبوب الإنسان يحتاج الحب الشخصي ودائماً احتياج الحب يسبِق أي احتياج فسيولوچي سواء طعام أو نوم أوالتقدير والحب أهم ولا نأخذ إحساس الحب من الناس لأنهم مُتقلبين ذَوِي مزاج مُتغير وصعب تجد إنسان يسير بخط واحد حياته كلها لذلك خذ الحب من الله تسمع مَنْ يقول أنا منذ " 30 " سنة كنت أحب والدتي ومن " 15 " سنة كنت أحب زوجتي والآن أحب أولادي .. هذا لأنه كان محتاج لأُمه منذ " 30 " سنة واحتاج لزوجته منذ " 15 " سنة أكثر من أُمه والآن محتاج لأولاده هذا حب مبني على الأنانية والأخذ أمَّا ربنا يسوع فقد أحبنا بلا سبب أحبنا أولاً ” هكذا أحبَّ الله العالم “( يو 3 : 16) أي بلا سبب أمَّا نحن فنحبه لأنه أعطانا عطايا وله صفات جميلة وكلما تأملت في عطاياه وصِفاته كلما أحببته أكثر صليبه يُشبِعك لأنه يُشعِرك أنك غالي عليه يقول الشيخ الروحاني ” أقسمت بحبك أن لا أحب وجه آخر غير وجهك “ ” مَنْ رآك واحتمل قلبه ألاَّ يراك “ التقدير منه الحرية فيه الانتماء له الحب هو القادر أن يُشبِعك به لن تستطيع أن تكون مُشبِع وغني ومُستقر إلاَّ به فخذ احتياجاتك كلها منه والذي يحب يسوع يجد الكنز يقول القديس أوغسطينوس ” مَنْ امتلكك شبعت كل رغباته “ هو دعاني للحرية والحب والانتماء والتقدير وتقابل مع المرأة السامرية فأعطاها الشبع وأنساها ماضيها وبدأت حياة جديدة فليكن هدفك هو الشبع من يد المسيح هو كنزك وغايتك هو الكل لأنَّ له ومنه وبه كل شيء ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.
القس أنطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
06 نوفمبر 2018
لماذا خلق الله الجنس؟
كان من الممكن -لو أراد الله للبشرية إن تستمر- أن خلقنا بتكوين آخر يسمح بامتداد النوع وحفظه دون الحاجة إلى هذه الشركة دون جنسين مختلفين ونحن نعرف -علميا- ذلك الذي نسميه: التلقيح الذاتي مثلًا أو إن يخلق الله الإنسان بغريزة تتحرك في وقت معين بهدف حفظ النوع وترقد هادئة بقية العام، لكن الله -في الواقع- أراد بالجنس ما هو ابعد من مجرد حفظ النوع وذلك ما انفرد به الإنسان دون سائر المخلوقات لقد أراد بالجنس نوعا من الحب والشركة والاتحاد بين الإنسان والله، وبين الإنسان والآخر.
وهذا يتحقق -بصورة خاصة- في سر الزواج المقدس، حينما يعطى الإنسان المؤمن نفسه للآخر بلا تحفظ، ويتحد الاثنان بالروح القدس ليصيرا واحدا، ويصير كل واحد منهما زوجا.
لذلك فكل انحراف بالجنس عن ذلك المسلك الطبيعي المقدس هو تعبير عن انحراف في "تيار الحياة".
1) الذاتية
ليس من شك إن الله خلق الإنسان ليحيا في شركة معه، ولذة الطرفين تكمن في هذه الشركة، "لذتي مع بنى آدم" لكن مشكلة الإنسان تحدث حين ينعكف على ذاته، وينحصر داخل نفسه، لا يعطى شيئا للغير ولا حتى لله. هذه الاكتفائية بالذات هذه الأنانية والعزلة هي القوة الأولى التي تنحرف بالجنس ليصير ضارًا.
هنا يبدأ الشباب يحصل على لذته من نفسه، ويتعبد لذاته وكبريائه، ويحطم الآخرين ليرتفع هو هذا الانغلاق الأناني هو المحرك الأول لشهوات الجسد سواء ما كان منها ذاتيًا (كالعادات الشبابية) أو مع الآخرين (كالعلاقات المنحرفة) الذات هي المحرك فهو يحب نفسه ويريد إن يمتعها ولو على حساب آخر.
لذلك فالإحساس بالمسيح، والاقتراب منه، والانفتاح لعمل السماء والنعمة، يصحح تيار الحياة وهذا أمر ضروري لحفظ الجنس في إطاره الصحيح والتخلص من هذه الانحرافات المسيح يخرج النفس من عزلتها لتتحد به وبالبشرية كلها " افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي" (نش5: 2).
المسيح ينادى نفسك يا أخي الشاب. فهل تفتح له قلبك؟ وهل تدخل في حوار واقعي معه؟ وهل تسلم له حياتك ليخلصها من كل أنانية بغيضة فتعيش بالمحبة وللمحبة؟
إن الإيمان بشخص المسيح، والحديث الهادئ معه في الإنجيل أو المخدع أو القداس، هو دواء لكل الشهوات الرديئة: "عند إصعاد الذبيحة على مذبحك، تضمحل الخطيئة من أعضائنا بنعمتك " (قسمة القداس الإلهي).
لذلك فالسؤال الأول المطروح أمامي كشاب هو:
هل عرفت المسيح حقا؟ وهل دخلت في حديث معه؟ وهل أحبه لصفاته العذبة وعمله الفدائي لأجلى، إن لم تكن قد دخلت في هذه الشركة فهيا الآن اجلس في هدوء وتصور رب المجد أمامك وأبدأ حديثا معه، وإن بدأ الحديث فلن ينته.
2) المادية
يحس الإنسان بنشوة خاصة في ممارسة الجنس سرعان ما تتحول إلى ضيق وفراغ، إن هو مارس الجنس خلوا من المحبة النقية الكائنة في سر الزيجة، لذلك فهذه النشوة الشعورية الحسية، التي كثيرا ما تشد الشباب للانحراف، تحتاج إلى اختبار لنشوة روحية هادئة تنقل الإنسان من مستوى الجسدانيين إلى مستوى الروحانيين.
مشكلة الشباب أنهم لا يريدون إن يحيوا الحياة في ملئها ونقاوة قصدها وهم إن تذوقوا هذه الحياة سيتأكدون أنها أفضل وأعمق وأبقى من لذة الخطية، التي تنفي عن الحياة جديتها وعمق مصيرها.
وهذا السقوط إلى المستوى الحسي والمادي ينسحب إلى (أو هو في الحقيقة ينبع من) الاستعباد للمادة بوجه عام، وعدم قدرة الإنسان على رؤية غير المنظور من خلال المنظور، إن الوهم الذي يقع فيه معظم الناس هو إن المادة في ذاتها تقدر إن تهب الحياة والسعادة وهذا الوهم كان نتيجة سقوط آدم لكن ابن الله الكلمة الذي خلق كل شيء حسنا، صحح هذه الرؤية بتجسده إذ لبس المادة ولمسها واكل منها وهكذا تقدست المادة أو بالحري استعلنت نعمة الله من خلالها، ومن ثم وهبنا بصيرة جديدة هي عطية الإيمان: إن نرى ونطلب بالإيمان مجد الكلمة من وراء الجسد والمادة.. هذا الإيمان نختبره ونمارسه من خلال الأسرار الكنسية، وفى ممارستها تتجدد فينا قوة هذه البصيرة وتشحذ وهكذا نستطيع إن نعيش في الخليقة الجديدة، بالحياة الروحية أي بروح الله المنسكب علينا من العلاء، فلن نقف بحسنا ومشاعرنا عند حد المادة، ولن نظن إن سعادتنا وكفايتنا كامنة في المنظور، بل في ابن الله الكلمة واهب الحياة وغاية الحياة.
هل ذقت يا أخي الشاب حلاوة صفاء الحياة الروحية هذه؟ وهل ترن في أذنيك أنغام أورشليم؟ التي سبقنا إليها انطونيوس وبولا وأغسطينوس؟ تلمس في هدوء بصيرة الإيمان التي فيك، حتى ترى الله في كل خليقة وكل إنسان، فيتنقى العالم أمامك ويتطهر.
3) الفراغ
يستحيل إن يعيش الإنسان في فراغ، والفراغ هنا ليس فراغ الوقت بل خلو الحياة، حين تكون الحياة خلوا من رسالة. هنا الضياع والسقوط في العبث الذي طبع الأدب الفرنسي لزمان غير قليل، وأنتشر في بقاع كثيرة بعد ذلك. إن مَنْ يقرأ لصموئيل بيكيت Samuel Beckett أو اونسكو سيشعر بمرارة ما يعانيان من ضياع معنى الحياة والوجود في نظرهما وحين يفقد الإنسان رسالته في الحياة إلى مأساة ويتحول الآخرون إلى جحيم، لأنهم سيعطلون طوح الذات.
لكن الرب يفتح لنا هنا أفقا رائعة: "أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا" الإنسان هنا، وجد لكي يخدم ويتحد بالمحبة مع البشرية كلها، وحين يشعر الإنسان انه "رسول محبة" للإنسانية ينسى ذاته ويتذكر أخاه فلا يعد أنانيا بل محبا للجميع من قلب طاهر بشدة.
لا تجلس متباكي على بعض المتاعب الجنسية عندك، لكن أخرج إلى الطرقات لتبحث عن الخراف الضالة والمجهدة، وتدعوها إلى وليمة المحبة في بيت الرب، والى شركة الوجود في حضرة الله، هل تشعر يا أخي الشاب أنك "رسول محبة"؟ تقدم الخدمة لكل فقير أو بعيد، وتقدم من حبك لكل محروم ومتضايق، هل تخدم الرب بأمانة وأتساع قلب؟ أم أنك تحيا لتكون نفسك ماديا، وتمتع نفسك بما في هذا الدهر وتترك أخوة لك -فقراء في الروح أو المادة- يتضورون جوعًا.
فلتكن لك رسالة وخدمة، واخرج من بيتك لتزرع الحب والسلام في كل الأرض .
4) التوتر
حين يعانى الشباب توترا وقلقا نفسيا من اجل المستقبل مثلا، أو من اجل متاعب مادية أو اجتماعية في محيط الأسرة، ينعكفون على الخطية لاستجلاب لذة تعويضية عن المرار الذي يعيشونه.
لذلك يلزم للشباب الذي ينشد الطهارة ألا يترك نفسه لأي سبب أو لأي مشكلة، بل يسلمها في هدوء بين يدي الله، واثقا أنه أبن لأب يرعى احتياجاته ويعطيه الطعام في حينه الحسن، ويعمل كل شيء حسنا في وقته.
إن لحظات المخدع التي تتحاور مع الله بخصوص مشاكلك المادية والعلمية والعائلية.. تهدى نفسك وتسكب السلام في داخلك، فلا تشعر بجوع عاطفي، ولا بتوتر نفسي يدفعك للسقوط، خصوصا في الأفكار الشريرة أو العادات الضارة كالعادة الشبابية أو عادة التدخين أو غيرها.
والآن يا أخي الحبيب..
مزيدا من الحب للمسيح والتطلع للسماء، والمحبة للآخرين، والسلام الداخلى.. وهكذا تحصل على الطهارة والقداسة التي بدونها لن يرى احد الله.
"من لي في السماء ومعك لا أريد شيئًا على الأرض" (مز73: 25)
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
17 سبتمبر 2019
الصليب معنى ومفهوم - بمناسبة عيد الصليب
صليب
ترد كلمة صليب 28 مرة في العهد الجديد بينما ترد الفعل منها 46 مرة. ولم يكن الصليب وسيلة للإعدام في العهد القديم (وكلمة "يصلب" ومشتقاتها في سفر أستير 5: 14، 7: 9و 10 معناها "يشنق" أو "يعلق") إذكانت وسيلة الإعدام هي الرجم. ولكن كان يمكن أن تعلق الجثث (بعد الإعدام رجماً) على خشبة لتكون عبرة (تث 21: 22و 23، يش 10: 26). وكانت من تُعلق جثته يعتبر ملعوناً من الله، ومن هنا يقول الرسول بولس أن المسيح" صار لعنة لأجلنا" لأنه علق على خشبة الصليب (غل 3: 13) كما كان يجب إلي تبيت جثة المعلق على الخشبة بل كان يجب أن تُدفن في نفس إليوم (تث 21: 23، انظر يو 19: 31). ومن هنا جاء التعبير عن صليب المسيح بأنه "خشبة" (أع 5: 30، 10: 39، 13: 29، 1 بط 2: 24) رمزا للإذلال والعار.وكان الصليب في البداية عبارة عن "خازوق" يعدم عليه المجرم، أو مجرد عمود يعلق عليه المجرم حتى يموت من الجوع والإجهاد ثم تطور على مراحل حتى أصبح في عهد الرومان عموداً تثبت في طرفه الاعلى خشبة مستعرضة فيصبح على شكل حرف “T” أو قبل النهاية العليا بقليل، وهو الشكل المألوف للصليب والذي يعرف باسم الصليب اللاتينى. وقد تكون الخشبتان المتقاطعتأن متساويتين، وهو الصليب إليونأني، أو أن يكون الصليب على شكل حرف “X” ويعرف باسم صليب القديس أندراوس، وقد استخدم هذا الشكل للصليب في العصور الرومانية المتأخرة.وقد بدأ استخدام الصليب وسيلة للإعدام في الشرق، فقد استخدمه الإسكندر الأكبر نقلا عن الفرس، الذين يغلب أنهم أخذوه عن الخازوق الذي كان يستخدمه الإشوريون. واستعار الرومان الفكرة من قرطاجنة التي أخذته عن الفينيقيين وقد قصر الرومان الإعدام بالصلب على العبيد عقاباً لإشنع الجرائم، وعلى الثوار من أهل الولايات. وقلما كان يستخدم الصليب لإعدام مواطن روماني (كما يذكر شيشرون). وفي هذا تفسير لما يرويه التاريخ من أن بولس الرسول (كمواطن روماني) أُعدم بقطع رأسه. أما بطرس (غير روماني) فأُعدم مصلوباً.وبعد صدور الحكم على المجرم بالصلب، كأنت العادة أن يُجلد عارياً بسوط من الجلد من جملة فروع يُثبت فيها قطع من المعدن أو العظام لتزيد من فعاليتها في التغذيب، ثم يُجبر المحكوم عليه على حمل صليبه إلى الموقع الذي سينفذ فيه الإعدام. وكان يجري ذلك عادة خارج المدينة. وكان يسير أمامه شخص يحمل لوحة عليها التهمة التي حُكم عليه من أجلها أو قد تُعلَّق هذه اللوحة في رقبة المجرم بينما هو يحمل صليبه على كتفيه وكان المحكوم عليه يطرح أرضاً فوق الصليب، وتربط يداه أو ذراعاه، أو تسمران إلى الصليب. كما كانت تربط قدماه أو تُسمران. ثم كان الصليب يرفع بمن عليه لكي يثبت رأسياً في حفرة في الأرض بحيث لا تلامس القدمان الأرض، ولكن ليس بالارتفاع الكبير الذي يبدو عادة في الصور . وكان ثقل الجسم يرتكز -بالقدمين أو بالعجز- على قطعة بارزة مثبَّة بالقائم الرأسى للصليب حتى لا يتعلق الجسم بثقله كله على الذراعين المسمرين، مما يجعل عضلات الصدر مشدودة، فيمتنع التنفس ويموت المحكوم عليه مختنقاً بعد لحظات قليلة من تعليقه وعندما كان الحراس يرون أن المجرم قد تحمل من العذاب ما يكفي كانوا يكسرون ساقيه حتى لا يرتكز بقدميه على الخشبة البارزة ويصبح الجسم كله معلقاً على الذراعين فيتعذر التنفس فيختنق المحكوم عليه ويموت كما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع الرب يسوع. أما عندما جاء العسكر إلى يسوع لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات ولكن واحداً من العسكر طعن جنبيه بحربة وللوقت خرج دم وماء (يو 19: 33 و34) للتأكد من موته حتى يمكن أنزال الجسد، كما طلب اليهود من بيلاطس (يو 19: 31( ويبدو أن طريقة الصلب كانت تختلف من منطقة إلى أخرى في الامبراطورية الرومانية الواسعة. ويبدو أن العملية كانت من القسوة والفظاعة حتى استنكف كُتَّاب ذلك العصر من إعطاء وصف تفصيلى لها، فكانت تعتبر من أقصى وأبشع وسائل العقاب. ولكن الرب وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب ( في 2: 8).وقد كشف فريق من الأثريين – في صيف 1968 عن أربعة قبور يهودية في "رأس المصارف" بالقرب من أورشليم، وكان أحدها يحتوي على صندوق به هيكل عظمى لشاب مات مصلوبا ويرجع تاريخه إلى ما بين 7 ، 66م. كما تدل عليه الأوانى الفخارية – من عصر الهيرودسيين- التي وجدت في القبر ومنقوش على الصندوق اسم "يوحانان". وقد أُجريت أبحاث دقيقة عن اسباب وطبيعة موته، مما قد يلقي بعض الضوء على كيفية صلب ربنا يسوع المسيح.
كان ذراع الرجل (وليس يداه) مسمرتين الى خشبة الصليب ولعل كلمة "يديه" في لو 24: 39 ، يو 20: 20 و25 و27، ويقصد بها ذراعاه. والأرجح أن ثقل الجسم كان يرتكز عند العجز على قطعة من الخشب بارزة مثبتة إلى قائم الصليب. وكان الساقان منحنيين عند الركبتين الى الخلف، والكاحلان مثبتين بمسمار واحد الى قائم الصليب. وقد ثبت من شظية وجدت من بقايا الصليب، أنه كأن مصنوعاً من خشب الزيتون. وكان الساقان مكسورين كما يبدو أن بضربة عنيفة مثلما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع يسوع (يو 19: 32.(ويذكر المؤرخون المعاصرون أن الصلب كان أقسى اشكال الإعدام. ولا يصف البشيرون آلام المسيح الجسدية بالتفصيل، بل يكتفون بالقول "صلبوه". وقد رفض المسيح أن يأخذ أي مسكن لآلامه (مت 27: 34) ولم يكن اهتمام كتبة العهد الجديد، بصليب المسيح ينصب – أساساً- على الناحية التاريخية، بل على الناحية المعنوية الكفارية الأبدية لموت الرب يسوع المسيح ابن الله. وتستخدم كلمة "الصليب" تعبيراً موجزاً عن أنجيل الخلاص عن أن يسوع المسيح قد "مات لأجل خطايانا"، فكانت الكرازة بالأنجيل تتركز في كلمة "الصليب" أو "بالمسيح يسوع وإياه مصلوباً" (1 كو 1: 17 و18، 2 : 2)، ولذلك يفتخر الرسول بولس "بصليب ربنا يسوع المسيح" (غل 6: 14)، فكلمة الصليب هنا تعني كل عمل الفداء الذي أكمله الرب يسوع المسيح بموته الكفارى كما أن كلمة "الصليب" هي كلمة "المصالحة" (2 كو 5: 19)، فقد صالح الله إليهود والامم في جسد واحد بالصليب قاتلاً العداوة به " (أف 2: 14 –16)، بل صالح "الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه" (كو 1: 20 ) ، "إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب إذ جرد الرياسات والسلاطين إشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه" (كو 2: 14 و15).والصليب في العهد الجديد – يرمز إلى العار والاتضاع، ولكن فيه تتجلى "قوة الله وحكمة الله " (1 كو 1: 24). لقد استخدمته روما ليس كآلة للتعذيب والإعدام فحسب، ولكن كرمز للخزى والعار إذكان يُعدم عليه أحط المجرمين، فكان الصليب لليهود عثرة لأنه رمز اللعنة (تث 21: 23، غل 3: 13) وهذا هو الموت الذي ماته المسيح، فقد "احتمل الصليب مستهيناً بالخزى" (عب 12 : 2) وكانت آخر درجة في سلم اتضاع المسيح أنه "أطاع حتى الموت ، موت الصليب" ( في 2: 8) لهذا كان الصليب "حجر عثرة " لليهود (1 كو 1 : 23 انظر أيضاً غل 5 :11.(
وكان مشهد حمل المحكوم عليه للصليب أمراً مالوفاً عند من خاطبهم المسيح ثلاث مرات بأن طريق التلمذة له هي "حمل الصليب" (مت 10: 38، مرقس 8 : 34، لو 14 : 27) أي حمل الخزي والإهانة من أجل اسمه ثم أن الصليب هو رمز اتحادنا مع المسيح، ليس فقط في اقتدائنا به، بل فيما لأجلنا وما يفعله فينا. ففي موته النيابي عنا على الصليب متنا نحن "فيه" (2 كو 5: 14) و"أنساننا العتيق قد صُلب معه" (رو 6: 4 و5)، لكى نستطيع بروحه الساكن فينا أن "نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة" (رو 6: 4 و 5 ، غل 2 : 20، 5: 24، 6: 14) ونحن ثابتون "فيه" (يو 15: 4، 11، روحية 14: 4، 2 كو 1: 21 في 4: 1، 1 تس 3: 3 و8الخ).
دائرة المعارف الكتابية
المزيد
21 يوليو 2018
نماذج من تسابيح القديسين في الكتاب المقدس
(1) القديسة العذراء مريم والتسبيح
إن حياة العذراء مريم هي تسبيح في حد ذاتها صمتها واتضاعها، طهارتها ونقاوتها، احتمالها وخضوعها إن العذراء نفسها تسبحة كانت تمشي على الأرض، والآن في السماء وعندما فتحت هذه العروس الطهور فاها المبارك المقدَّس المملوء نعمة، كانت الكلمات الخارجة من فمها هي تسابيح غنية وعميقة تدل على روحها النسكية الأصيلة، وتدل أيضًا على شبعها بكلام الله فتسبحتها الواردة في إنجيل مُعلمنا لوقا البشير تتشابه كثيرًا مع تسبحة القديسة حَنَّة أم صموئيل، والتي وردت في (1صم1:2-10) عندما أدركت العذراء أنها صارت أم الله "أُمُّ رَبي" (لو43:1)، لم تتكبر ولم تنتفخ بل بالعكس حوّلت المجد والتعظيم لله "تُعَظمُ نَفسي الرَّبَّ" (لو46:1)، فالرب وحده هو الجدير بالتعظيم والرفعة ونحن في كل مرة نرفع تمجيدًا أو مديحًا لأمنا العذراء الطاهرة نراها أيضًا تحوِّل هذا المجد إلى الله ابنها ومخلصها وإلهها قائلة: "تُعَظمُ نَفسي الرَّبَّ، وتبتَهِجُ روحي باللهِ مُخَلصي" (لو46:1-47) لم تفتخر روحها بذاتها، ووضعها الجديد كملكة وأم للملك وأم لله، ولكنها ابتهجت بالله مخلصها لقد كانت العذراء مشغولة بالله وليس بنفسها، مثلما قالت حنة: "فرِحَ قَلبي بالرَّب ارتَفَعَ قَرني بالرَّب" (1صم1:2) هذه هي النفوس القديسة البارة المنشغلة بالله، وليس بذواتها البشرية ليتنا نتعلم هذا الدرس.
كذلك لم تنسَ العذراء مريم أنها أمَة الرب "هوذا أنا أَمَةُ الرَّب ليَكُنْ لي كقَوْلِكَ" (لو38:1)، "لأنَّهُ نَظَرَ إلَى اتضاعِ (مذلة) أَمَتِهِ" (لو48:1)ونحن يجب أن نتعلّم أيضًا من هذه الأم القديسة الطاهرة ألا ترتفع قلوبنا، بل ندرك دائمًا أننا "عَبيدٌ بَطّالونَ" (لو10:17) مهما عملنا من البر، ومهما وصلنا إلى مراتب روحية، أو كنسية، أو في العالم فالمسيح دائمًا مُمجد في عبيده المتضعين فقط بروح النبوة تنبأت القديسة العذراء مريم عما سيحدث في الكنائس في كل العالم، وفي كل الأجيال من جهة تطويبها وتمجيدها ومديحها: "فهوذا منذُ الآنَ جميعُ الأجيالِ تُطَوبُني" (لو48:1) نحن بالحق نُطوبك يا أم النور الحقيقي، لأنكِ صرتِ أهلاً لأن تحملي بين يديكِ الجالس على مركبة الشاروبيم، ومَنْ تسجد له الملائكة وكل الخليقة فأنتِ بالحقيقة تستحقي كل إكرام وتمجيد وتعظيم يا أم الله بالحقيقة وفي ملء الاتضاع العطر تفهم العذراء القديسة أن ما نالته من نعمة هو من إحسانات القدير ورحمته نحن نقول عنها إنها تستحق كل كرامة، وهي تقول عن نفسها إن ما نالته من كرامة كان إحسانًا ورحمة من القدير "لأنَّ القديرَ صَنَعَ بي عَظائمَ، واسمُهُ قُدّوسٌ، ورَحمَتُهُ إلَى جيلِ الأجيالِ للذينَ يتَّقونَهُ" (لو49:1-50)هذه هي الروح المُتضعة الحقيقية التي يقبلها الله، ويفرح بها "ليَمدَحكَ الغَريبُ لا فمُكَ" (أم2:27) وانطلقت العذراء القديسة مريم تسبِّح الله على صنيعه المجيد مع شعبه: "صَنَعَ قوَّةً بذِراعِهِ شَتَّتَ المُستَكبِرينَ بفِكرِ قُلوبِهِمْ أنزَلَ الأعِزّاءَ عن الكَراسي ورَفَعَ المُتَّضِعينَ أشبَعَ الجياعَ خَيراتٍ وصَرَفَ الأغنياءَ فارِغينَ عَضَدَ إسرائيلَ فتاهُ ليَذكُرَ رَحمَةً، كما كلَّمَ آباءَنا لإبراهيمَ ونَسلِهِ إلَى الأبدِ" (لو51:1-55) إنه هو الذي صنع القوة بتجسده، وغلبته للشيطان والخطية والموت، وهو الذي "يُميتُ ويُحيي يُهبِطُ إلَى الهاويَةِ ويُصعِدُ الرَّبُّ يُفقِرُ ويُغني يَضَعُ ويَرفَعُ يُقيمُ المِسكينَ مِنَ التُّرابِ يَرفَعُ الفَقيرَ مِنَ المَزبَلَةِ للجُلوسِ مع الشُّرَفاءِ ويُمَلكُهُمْ كُرسيَّ المَجدِ" (1صم6:2-8) حقًا بالرب قد "اتَّسَعَ فمي علَى أعدائي، لأني قد ابتَهَجتُ بخَلاصِكَ ليس قُدّوسٌ مِثلَ الرَّب، لأنَّهُ ليس غَيرَكَ، وليس صَخرَةٌ مِثلَ إلهِنا" (1صم1:2-2) "قِسيُّ الجَبابِرَةِ انحَطَمَتْ، والضُّعَفاءُ تمَنطَقوا بالبأسِ الشَّباعَى آجَروا أنفُسَهُمْ بالخُبزِ، والجياعُ كفّوا حتَّى أنَّ العاقِرَ ولَدَتْ سبعَةً، وكثيرَةَ البَنينَ ذَبُلَتْ" (1صم4:2-5) إن إلهنا هو إله المستحيلات "لأنَّهُ ليس بالقوَّةِ يَغلِبُ إنسانٌ" (1صم9:2) وإله تحقيق الوعد "كما كلَّمَ آباءَنا. لإبراهيمَ ونَسلِهِ إلَى الأبدِ" (لو55:1)، فهو لا يخلف وعده لأنه "أمينٌ وعادِلٌ" (1يو9:1) ليتنا نتعلم روح التسبيح من أمنا العذراء، ونتكلم في حضرة الرب مثلها بكلام مُتضع روحاني مليء بالفكر والعقيدة والإيمان الراسخ.
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
07 فبراير 2021
طقس رفع بخور باكر
يصلي الكاهن أوشيتيّ المرضي والمسافرين في جميع أيام الأسبوع ما عدا الأحد (يوم الرب ليس فيه سفر) لا يصلي أوشية المسافرين أما في الآحاد والأعياد السيدية (ملك لله) يصلي الكاهن أوشيتيّ المرضي والقرابين لأن الكنيسة تفترض أن ليس أحد يسافر في هذه الأيام للتفرغ للصلاة.
ملحوظة هامة:
الحمل لا يدخل إلا بعد رفع بخور باكر مع لحن (تين أو أوشت) وهو شبيه باللحن العسكري فمن الخطأ جدًا تقديم الحمل في رفع بخور باكر إذا تقديم الحمل بعد أوشية المسافرين بعد انتهاء رفع بخور باكر أما في الأعياد يقدم الحمل مع لحن (إبؤورو) `pouro ولا يدخل طبق الحمل إلى الهيكل فالذي يدخل إلى الهيكل (القربانة الحمل) فقط (عب 9: 12) وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءاَ أبديًا.
في رفع بخور باكر نصلي أوشية المرضي لأننا نعتبر الكنيسة مستشفى تفتح أبوابها كل صباح لتتلقي المرضي والمصابين للعلاج والشفاء. إذًا الكنيسة دار استشفاء والسيد المسيح قال لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضي (يع 5: 14، 15) أمريض أحد بينكم فليدع شيوخ الكنيسة.. إلخ.
سر مسحة المرضي يجب عمله في الصباح والكل في حالة صوم. ثم أوشية المسافرين: في الصباح طبقًا ما عدا يوم الأحد.. يوم الرب لحفظ المسافر واشتراك الله معه في العمل والسفر.
الشرح:
يبدأ الكاهن دورة البخور في الكنيسة كلها كالآتي:
1- بعد انتهاء الـ3 أواشي الصغار دورة واحدة حول المذبح.
2- ثم ينزل أمام باب الهيكل ويعطي البخور كالمعتاد شرقًا ثم شمالًا ثم غربًا ثم جنوبًا ثم شرقًا.
3- بخور للإنجيل (المنجلية) ثم يعطي الكاهن البخور للإنجيل القبطي ثم العربي وهو يقول (نسجد لإنجيل ربنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى الأبد أمين) ثم يقبل الإنجيل.
4- نحو الأجساد: (القديسين والشهداء) أينما وجدت وهو يقول السلام للقديسين.. السلام لجسدك الطاهر الذي ينبع لنا منه الشفاء.. اطلب من الرب عنا ليغفر لنا خطايانا.
5- بخور الكهنوت: تقديم البخور للكهنة يعني اشتراكهم جميعًا في تقديم البخور لله ويسمى (يمين الشركة) ويدل علي احتياج الكاهن المصلي لمساعدة إخوته بالصلاة ليقبل الله ذبيحته وبخوره.
- الأب الأسقف له 3 أياد بخور (مع مطانية metanoia وتقبيل اليد والصليب)
الأولى: الرب يحفظ لنا وعلينا حياة وقيام أبينا المكرم الأنبا..
الثانية: حفظًا احفظه لنا سنين كثيرة وأزمنة سالمة.
الثالثة: اخضع أعداءه تحت قدميه سريعًا.
ثم يقبل الصليب ويد الأب الأسقف قائلًا: اطلب من المسيح عنا ليغفر لنا خطايانا.
يرد الأسقف عليه قائلًا: الرب يحفظ كهنوتك مثل ملكيصادق وهارون وزكريا وسمعان كهنة الله العلي أمين.
هنا نلاحظ أننا نعطي بخور للأب الأسقف باعتبار أكبر الموجودين كهنوتًا وتقدم له البخور ليرفعه بدورة إلى الله مع صلواته.
- القمص له يدان فقط (وضع راحة اليد مرتين)
- القس له يد واحدة (وضع راحة اليد مرة واحدة)
ويقول للأب القمص:
• أسألك يا أبي القمص أن تذكرني في صلاتك لكي المسيح إلهنا يغفر لي خطاياي الكثيرة. يرد الكاهن الذي يعطي له البخور قائلًا: الرب يحفظ كهنوتك مثل ملكيصادق وهارون وزكريا وسمعان كهنة لله العلي أمين.
ويقول للأب القس:
• أسألك يا أبي القس..
ويرد نفس الرد..
أما الكاهن الخديم: يرد عليه قائلًا: الرب يقبل ذبيحتك.
فهي تبادل محبة.. صلاة لأجل بعض
6- إلى بحري (الحجاب البحري) بخور حامل الايقونات:
يبخر الكاهن لايقونات الشهداء والقديسين الموضوعة.
شرط هام جدًا لابد أن تكون الايقونة مدشنة بالميرون ولا يبخر الكاهن لأي أيقونة غير مدشنة بزيت الميرون.
ويقول السلام للشهيد..
وأمام الهيكل البحري يقول "السلام لهيكل الله الآب" هنا نجد الهيكل يقام فيه القداس لله الآب والذبيحة هي الله الابن (السيد المسيح) والذي يقدس القرابين هو الله الروح القدس إذا الثالوث القدوس اشترك في تهيئة الأسرار المقدسة.
والبخور للأيقونات تعبير عن شركة الصلاة بين الشعب والقديسين (امتزاج صلواتنا مع صلواتهم) تكريم للروح القدس علي جميع القديسين (مجد القداسة).
7- في الطرقة (الممر) البحري للكنيسة: ويقول بركة بخور عشية بركته المقدسة فلتكن معنا أو في باكر بالمثل.
ويظل هكذا حتى أقصي الغرب ويعطي الكاهن أثناء المرور – البركة باليد.. اليد ماسكة الصليب ومعرفة الحاضرين وحالتهم الروحية.
- يسمع الإعترافات السريعة (الخطايا التي بعد الاعتراف الأخير)
- يعطي الكاهن البخور وسط الشعب.. لماذا؟
نجد أن في سفر العدد (16: 44 – 48) لما ابتدأ الوباء في الشعب قال الرب لموسى.. وقال موسى لهارون خذ المجمرة وأجعل فيها نارًا من علي المذبح وضع بخورًا واذهب بها مسرعًا إلى الجماعة وكفر عنهم لأن السخط قد خرج من قبل الرب. قد ابتدأ الوباء فأخذ هرون كما قال موسى وركض إلى وسط الشعب وإذا الوباء قد ابتدأ في الشعب فوضع البخور وكفر عن الشعب ووقف بين الموتى والأحياء فامتنع الوباء. إذا البخور له قوة ذبيحة غير دموية.
ويجب علي الشعب أثناء مرور الكاهن بالبخور أن يرد الشعب قائلين: أسألك يا ربي يسوع المسيح أن تغفر لي خطاياي التي أعرفها والتي لا أعرفها أي طلبًا للرحمة وغفران الخطية.
8- في الجناح الغربي للكنيسة: يظل ماشيًا بالبخور حتى الممر الأوسط بالكنيسة حتى يصل:
9- إلى اتجاه الشرق بالطرقة الوسطى: مكان البصخة (ذبيحة المسيح)
10- الأرباع الخشوعية: يتقدم في الثلث الأخير (اللقان) ويصلي الأرباع الخشوعية نحو الشرق قائلًا: يسوع المسيح هو أمسا واليوم وإلى الأبد هو بأقنوم واحد نسجد له ونمجده (عب 13: 8).
شرقًا وهو واقف يقول: هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة علي الصليب عن خلاص جنسنا ثم بحري فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء علي الجلجثة، ثم غربًا فتح باب الفردوس ورد آدم إلى رئاسته مرة أخري وقبلي يقول: من قبل صليبه وقيامته المقدسة رد الإنسان إلى الفردوس مرة أخري ثم:
11- في اتجاه الشرق بالطرقة الوسطى.
12- بجوار حامل الأيقونات إلى قبلي.
13- في الطرقة القبلي للكنيسة في اتجاه الغرب.
14- يسير حتى يصل "الجناح الغربي للكنيسة".
15- الطرقة الوسطى مباشرة إلى داخل المذبح.
يعود إلى الهيكل من الممر (الطرقة) الوسطي وهو يقف أمام المذبح إلى الشرق ويضع يد بخور ويقول مجدًا وإكرامًا ثم يبخر الكاهن علي المذبح نحو الشرق وهو يقول: سر الرجعة (سر اعتراف الشعب).
يا الله الذي قبل إليه اعتراف اللص اليمين علي الصليب المكرم أقبل إليك اعترافات شعبك واغفر لهم كافة خطاياهم من أجل اسمك القدوس الذي دعى علينا كرحمتك وليس كخطايانا. ثم يقم الكاهن بعمل دورة واحدة حول المذبح ثم أمام الهيكل ثم للإنجيل المقدس ثم لرئيس الكهنة والكهنة. ويعلق الشورية في مكانها وسط واجهة الهيكل الأوسط ويقف الكاهن عند باب الهيكل حتى ينتهي الشعب من ترديد الذكصولوجيات وقانون الإيمان وأثناء لحن وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر (يمسك الكاهن 3 شمعات وصليب) ويرسم الصليب دون نطق ناحية الشرق والجنوب وغربي وبحري مع عقارب الساعة لإعطاء البركة للشعب ثم الشرق.
ثم يقول الكاهن:
يا الله ارحمنا.. تراءف علينا مع عكس عقارب الساعة شرق وشمال وغرب وجنوب لأن الرحمة علي الصليب هو حدث ممتد فوق الزمن والصليب به 3 شمعات إشارة للثالوث دليل اشتراك الثالوث في الفداء ويدور الكاهن مع عقارب الساعة ليعطي البركة للشعب ثم يردد تسبحة الرحمة مع عكس عقارب الساعة لأننا نحن نتبع عمل المسيح الفادي علي الصليب فوق الزمن بعد انتهاء اللحن.
ويصلي الكاهن أوشية الإنجيل، يمسك البشارة والصليب ويلف حول المذبح عكس عقارب الساعة وطوال الدورة الكاهن والشماس معًا، إذًا الكنيسة ككل رتبها مسئولة عن البشارة بالفداء ثم بعد ذلك يقول الشماس ماسكًا الصليب "انصتوا لسماع الإنجيل.." ثم الكاهن يقول "مبارك الآتي باسم الرب.." ثم يقرأ الإنجيل يبخر وحوله شمعتان والكل وفوق التنفيذ أوامر الله. ثم في النهاية التحاليل الثلاثة. التحاليل مثل إطلاق عصفور في قفص.
نيافة الحبر الجليل الانبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
عن القداس الإلهي في اللاهوت الطقسي القبطي
المزيد
27 أغسطس 2020
كلمات رثاء عن قدس أبونا المتنيح القمص لوقا سيدراوس
ابي ومعلمي
حين كنت أسمع عظاتك أجد تركيزي ذهب إلي أبعد من الكلمات فأسبح في نبرات صوتك وملامح وجهك لم يرحل من ترك لنا رائحة المسيح الذكية اذكر الكنيسة وأنت تعلم كل شئ أذكر كنيسة الإسكندرية وأنت تحمل في قلبك لها كل إخلاص مهما فارقتها اذكر ضعفي وليس لي إلا أن اردد ما طلبته في رحيل ابونا بيشوي كامل أن يهبك الله روحين من روحه
مع المسيح ياابي ومعلمي المسيح قام
القس أنطونيوس فهمى
يعجز لساني عن التعبير عن مشاعري، في انتقال أبي المحبوب القمص لوقا سيداروس إلى مواضع الراحة والفرح والمجد الأبدي.. وإلى أن أتمالك نفسي وأكتب، سأنشر مقتطفات من كلمات عميقة لبعض محبيه وأصدقائه القدامى الذين عايشوه لسنوات طويلة، وتذوقوا معه محبة المسيح الفائقة.
القمص يوحنا نصيف
أبونا لوقا يامركبة اسرائيل وفرسانها
لن نعود نراك في الجسد بعد اليوم، فقد طارت روحك العزيزة جدا الي مواضع النياح، وطلعت من البرية معطرة بالمر واللبان، ومحملة بكل أذرة التاجر. وها هي في لقاء العريس السمائي الذي كرست له حياتك، وخدمت مقادسه بالوقار كما يليق. وايضا تتعانق مع أبينا بيشوي كامل، بعد ان تحررتما من ثقل الجسد. وبعد أن قدمتما أبهي أيقونة للكهنوت السكندري، وأقدس وأنقي سيرة ومسيرة لخدام المسيح في الكهنوت القبطي. الذي تفتخر بكما ثيابه. أننا سنجتمع بالروح لنشارك مع أسرتك ومع كل شعوب المشارق والمغارب في وداعك في كنيسة ابوسيفين والانبا ابرام - Torrance, California يوم الخميس ٣ سبتمبر. وستبقي سيرتكما العطرة تتكلم بعد، لانها مصدر للتعليم والتسليم والاقتداء بالقول والعمل. حتي يوم مجيء الرب العظيم.
القمص اثناسيوس فهمي جورج - الإسكندريّة
أي وقت تدخل عنده تجد أنجيله مفتوح
واول كلمه بعد السلام عليه
هي آيه او تعليم من الكتاب المقدس
ويسترسل في الكلام
فتخرج من عنده بوجبة دسمه من كلمات الحياه
مع شحنه غير عاديه من النعمة
لتذهب لبيتك بفرح عاقدا العزم علي التمتع بتأملات كلمات الحياه الأبدية
القمص جرجس سامي - نيويورك
ربنا ينيح نفس أبينا الحبيب أبونا لوقا. بنا يعزينا جميعا. نعتبر أنفسنا من الذين أخذوا بركات عظيمة برؤية مثل هذه الأمثلة التي كنا نظن إنها المعتاد، ولكن مع الزمن اكتشفنا إن هؤلاء كانوا سفراء أخصاء للمسيح الذين أرونا صورته في حياتهم وجعلوا القداسة قريبة منا. ربنا ينيح نفس أبينا لوقا وأبينا وبيشوي ويطيل حياة أبينا تادرس من هذا الجيل الفريد.
القس مرقس داود – شيكاجو
ابونا لوقا القديس
+ الفكر الروحي العميق المشبع بروح الانجيل و التقليد الكنسي
+ الشخصيه الصريحه القويه في الحق مثل يوحنا المعمدان حيث لا مجاملات ضد الحق
+ المحبه الفياضه و الابوه العميقه
+ الشخصيه الجباره في مواجهة المرض و الموت بايمان راسخ و قوه مثل سيده في الامه
+ الاب الذي ترك لاولاده الكنز الروحي في تعاليمه و عظاته و سيرته
+ اذكرنا امام عرش النعمه و اطلب من الرب ان يعطينا من روحك بروحه القدوس.
القس يوسف شحاتة - نيويورك
قام عمود روحى جبار فى فردوس الابرار فى هذا اليوم ، ابونا الذى تعلقت ارواحنا به منذ الصغر ، من الصعب بل من المستحيل ان تصف روحاً ، هل استطيع ان اتكلم ؟ عن ماذا ؟ عن حياة بحالها ؟ عن فضائل مثلا ؟ كيف ابدا؟ عن عفتك؟ عن طهارة روحك الشفافة ، عن إحساسك بأولادك ؟عن البشاشة ام عن المخافة والرهبة الالهية الحالة فى وجهك وعينك العميقة الثاقبة تماما هى ملامح الرب يسوع الظاهرة ، عن انفعالك بالالحان وشرحك لروحها ؟ عن شخصيتك وذكائك وضحكك وتشبيهاتك و تعليمك الروحي الذى عشناه فيك وانت تتكلم عنه ، تربينا على عظاتك التى لم اسمع حتى هذه اللحظة مثلها عمقاً وتعليماً.
منذ الصغر كنت اجرى على أمى فى المنزل راجعا من الكنيسة بعد القداس فرحا اقول لها ابونا النهاردة كلمنا فى العظة عن " لايتسلط على شىء" كلام كله رجاء وفرح ..كنت احكى العظة كل مرة لوالدىَّ من سن اعدادى لبساطتها وتأثيرها. وكنا ننتظر كل قداس " ابونا هيقول ايه "
كم كنا محظوظين بك يا ابانا بوجود قدسك وقدس ابونا تادرس فى كنيسة السيدة العذراء بكليوباترا بعد الافراج عنكم بعد التحفظ والسجن . نارا مشتعلة غيرة ومحبة لربنا وخدمة وبذل لكل شخص للبعيد والقريب. عشت معنا اياما مرة وحلوة مثالا وقدوة وجرأة فى الحق ووضوح للهدف ... المسيح حب حب حب ... قوة خدمة لم نرى مثلها
كنا ننتظر مجيئك من امريكا شهر فى السنة ، الكنيسة كلها تسمع كلمات ذهبية فى دقائق بمنتهى الشغف ..
كان واضحا جدا انك كنت تصلى كثيرا قبل ان تفتح فاك ، لان كل كلمة كانت تؤثر وناخذها ونعيش بها، مع انك كنت قليل الكلام فى العموم.
كم كنت راسخا فى ايام مرضك الاخير وكانت الكلمة الوحيدة التى تخرج من فمك نشكر الله نشكر الله ، استطعت بنعمة المسيح ان يخرج الله فيك من الآكل اكلا ومن الجافى حلاوة وابتدأت خدمة ابونا بيشوى كامل لمرضى السرطان وانت فى عز مرضك وتابعت تكوينها وكنت لازلت ترشد وتنصح كيف نبدأ وماهى روح هذه الخدمة وهدفها.
صورتك وكلامك وتعليمك محفور فى ضمائرنا ايها الاب التقى المرهوب
نياحا لروحك وفرحا للقديسين فى فردوس النعيم فى مساكن النور وبركة شفاعات وطلبات لا تنقطع لروحك الوثابة بالصلاة والتسبيح. هنيئاً لك ميراث الملكوت ، مبروك السما يا حبيبنا
اكسيوس اكسيوس اكسيوس
المسيح قام يا ابانا ومعلمنا البار
اقبل اياديك ورجليك الطاهرة.
القس بيشوي فخري – الإمارات
ربنا يعزينا
كان اب بمعنى الكلمة
زي ما كان هو نفسه بيقول
"كان مليان خير"
ونشكر ربنا ربنا انه متعنا بانسان مليان خير وابوة.. كان يكفي النظر الى وجهه وعينيه..
القس جوزيف أنور - نيويورك
"ولكن الآن قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين." (1كو 15: 20)
اليوم باكراً جداً والظلام باق، قام مع الرب القائم حبيبنا الأب القمص لوقا سيداروس. لقد فارق الكنيسة المجاهدة لينعم بالخدمة في الكنيسة المنتصرة، فارق أرض الأموات ليسكن كورة الأحياء إلى الأبد. كم كانت محبتنا، صداقتنا، شركتنا تفوح برائحة المسيح الزكية. عشرة ترجع إلى عام 1965 ما قبل الرسامة، واستمرت إلى يوم دخوله إلى فرح سيده، تتلمذنا تحت أقدام حبيب المسيح أبونا بيشوي كامل، تعلمنا الكثير عند أقدام أحد عمالقة علماء الكنيسة الأب الحبيب القمص تادرس يعقوب – حفظ الرب حياته. تزاملنا أيضاً في زنزانة واحدة، كنا نتطلع إلى يوم الإفراج، أما الآن فقد نال إفراج من سجن الجسد، ليحيا في حرية مجد أبناء الله في المدينة التي لها الاساسات.
كم يعز علينا فراقك إذ لن نراك بأعين الجسد، إلى أن نتقابل عند أقدام رب المجد، الآن لا تحتاج إلى مجمرة لترفع البخور، فصلاتك أمام المذبح الناطق السمائي تفوح بعطر ليس له مثيل، ولا يمكن التعبير عنه. لقد تكملت، وتجملت بالألآم في حمل صليب الخدمة، وتتوجت بحمل صليب مرض عجز أمامه العالم بكل تقدماته العلمية، أما حيث أنت الآن فلا مرض، لا آلام، لا أحزان بل فرح لا ينطق به ومجيد.
لم تفرح بتدشين الكنيسة الجميلة التي بنيتها كعروس مزينة بكل أذرة التاجر، لكن ماذا يكون هذا الفرح بجوار أفراح الخدمة مع صفوف السمائيين والقديسين.
نطلب تعزيات الروح القدس لتاسوني نادية، الشماس الغيور أرساني، خادمة القديسين ميرا، ولكل أفراد الأسرة الجسدية، والأسرة الروحية التي تسكن معظم بقاع العالم.
اذكرنا أمام عرش النعمة إلى أن نلتقي في المجد.
القمص صموئيل ثابت
كنيسة مارمرقس شيكاجو
المزيد
24 أبريل 2019
يوم الأربعاء من أحداث أسبوع الآلام
مت3:26-5، 14-16 + مر1:14-2، 10، 11+ لو1:22-6
بنهاية أمثال الرب فى (مت25) تنتهى تعاليم الرب وأعماله. وإنتهت بنهاية يوم الثلاثاء أيام عمل مكثف للرب وكان يوم الأربعاء يوم راحة للرب قضاه مع تلاميذه بالقرب من بيت عنيا فى هدوء يشرح لهم حقيقة صلبه (مت26 : 1). وقطعا كان تلاميذه فى حاجة لهذه الجلسة الهادئة ليتهيأوا للأحداث الجسام والتى ستبدأ فى الغد، يوم الخميس. وكان الرب يسوع قد أخبر تلاميذه بحقيقة الصلب عقب إعتراف بطرس بأن المسيح هو إبن الله. والمرة الثانية كانت بعد التجلى، والمرة الثالثة كانت قبل دخوله الملوكى إلى أورشليم (مت20 : 17 - 19). وبينما كان الرب يخبرهم فى المرات السابقة بخبر الصلب على أنه شئ فى المستقبل، لكنه الآن يخبرهم بميعاد الصلب. ولنا أن نتصور كيف جلس تلاميذه حوله فى حزن وإضطراب إذ أخبرهم بأنه سيسلم ويصلب فى الفصح بعد يومين، فهم أحبوه حقيقة ما عدا واحدا منهم كان قلبه قد إمتلأ بالظلمة. فحين خرجت محبة يسوع من قلب يهوذا دخله الشيطان.
بالنسبة للسيد المسيح فقد اعتزل في هذا اليوم. غالبًا في بيت عنيا. وفي هذا اليوم إجتمعت السلطات الدينية معًا ليدبروا قتل المسيح، وتآمر معهم يهوذا. وتهتم الكنيسة بهذا الأمر وتكرس يوم الأربعاء على مدار السنة فيما عدا أيام الخمسين، لكي يصوم المؤمنون تذكارًا لهذا التشاور الرديء.
وفي يوم أربعاء البصخة تقرأ القراءات عاليه مع قصة المرأة التي سكبت الطيب على قدمي المسيح وهي مريم أخت لعازر، ليظهر الفرق بين ما عملته مريم وما عمله يهوذا.
بنهاية أمثال الرب فى (مت25) تنتهى تعاليم الرب وأعماله. وإنتهت بنهاية يوم الثلاثاء أيام عمل مكثف للرب وكان يوم الأربعاء يوم راحة للرب قضاه مع تلاميذه بالقرب من بيت عنيا فى هدوء يشرح لهم حقيقة صلبه (مت26 : 1). وقطعا كان تلاميذه فى حاجة لهذه الجلسة الهادئة ليتهيأوا للأحداث الجسام والتى ستبدأ فى الغد، يوم الخميس. وكان الرب يسوع قد أخبر تلاميذه بحقيقة الصلب عقب إعتراف بطرس بأن المسيح هو إبن الله. والمرة الثانية كانت بعد التجلى، والمرة الثالثة كانت قبل دخوله الملوكى إلى أورشليم (مت20 : 17 - 19). وبينما كان الرب يخبرهم فى المرات السابقة بخبر الصلب على أنه شئ فى المستقبل، لكنه الآن يخبرهم بميعاد الصلب. ولنا أن نتصور كيف جلس تلاميذه حوله فى حزن وإضطراب إذ أخبرهم بأنه سيسلم ويصلب فى الفصح بعد يومين، فهم أحبوه حقيقة ما عدا واحدا منهم كان قلبه قد إمتلأ بالظلمة. فحين خرجت محبة يسوع من قلب يهوذا دخله الشيطان.
يهوذا
كان يهوذا التلميذ الوحيد الذى من اليهودية، أما الباقون فكانوا من الجليل. وكان لكفاءته المالية والإدارية قد أعطاه السيد أمانة الصندوق (كانت كفاءته هذه هى وزنته) ولكنه تحول إلى لص وخائن. وهناك سؤال لماذا ترك السيد الصندوق معه بعد أن إكتشف أنه يسرق؟ هو لم يكن هكذا أولا لكنه مع الوقت ومع اليأس من إشهار المسيح نفسه كملك فيحصل هو على منصب كبير، بدأ فى إستغلال القليل الذى فى الصندوق. وربما بدأ اليأس يزداد فى قلبه من حصوله على نصيب كبير بعد ملك المسيا بعد سماع طلب أم إبنى زبدى بمراكز كبيرة لإبنيها، وطلب بطرس نصيبه الذى سيحصل عليه إذ ترك كل شئ. لقد إختاره الرب لكفاءته، وتركه بعد أن علم بالسرقة أولا لرحمته وطول أناته، وثانيا حتى لا يدفعه لليأس والعزلة وقد يدفعه هذا للإرتداد عن المسيح فيخسر المسيح هذه النفس. إذاً بداية مشكلة يهوذا كانت فساد داخلى والرب أعطى له فرصة للتوبة ولكن الفساد ظل ينمو داخليا حتى وصل للسقوط المروع. وزنته أو موهبته كان من الممكن أن يمجد بها الله لكنه إنحرف داخليا بسبب المال فكانت موهبته سبب هلاكه. إلتحق يهوذا بالمسيح فى بداية تجمع التلاميذ حول المسيح وكله أمل فى منصب مغرى له ماديا. وأعجب بتعاليم الرب ومعجزاته وسلطانه على الأرواح النجسة، بل صار له هو أيضا سلطان على الأرواح النجسة مع بقية التلاميذ. ورأى خضوع المعمدان للمسيح وسمع شهادة المعمدان عنه. ولكن مع الوقت بدأ اليأس والإحباط يدب فى قلبه، فقد إستشهد يوحنا ولم ينتقم له المسيح، بل أن المسيح إنسحب من المكان. ثم رفض المسيح الملك إذ طلب الشعب أن يملكوه. ثم يطلب الفريسيين منه آية من السماء لإثبات أنه المسيا فيرفض. ويطلب إخوته منه النزول إلى أورشليم ليظهر نفسه فيرفض. ثم إصراره على أنه سيصلب ويموت. وكان كل هذا ضد طموحاته التى جعلته يسير وراء المسيح. وربما بدأ الشك يملأ قلبه وخميرة الفريسيين تنمو داخله ويصدق أن المسيح يعمل معجزاته بواسطة بعلزبول. ومع أنه قد إتضح للكثيرين أن مملكة المسيح هى مملكة روحية تصادم هذا مع أحلام يهوذا فى مملكة مادية وسلطان ومكاسب مادية. وربما دخله الإحباط عندما لم يصعد إلى جبل التجلى وفشله مع بقية التلاميذ فى شفاء الولد المجنون. وهنا نجد أن الإحباط داخله إزداد وتحول لكراهية للمسيح.
وهكذا كل منا معرض لتلك التجربة حينما لا يسمح الله بتحقيق أحلامنا المادية
فيقودنا الإحباط إلى ظلمة القلب.
وربما مع تأكيد المسيح المتكرر بأنه سيصلب قال يهوذا فلأخرج بأى مكسب وتوجه لرؤساء الكهنة، وكانوا مجتمعين يدبرون المؤامرة لقتل المسيح. وتكون الإجتماع من قيافا ورؤساء الكهنة والسنهدريم والرؤساء. وكان هؤلاء هم حلقة الوصل بين الشعب وبين السلطات الرومانية. وهذا المجمع كان يجتمع فى حالة الجرائم السياسية مثل هذه التى يريدون إلصاقها بالمسيح، وليس فى القضايا الصغيرة. وباع يهوذا نفسه وقال لهم "ماذا تريدون أن تعطونى". وباع سيده فى مقابل 30 من الفضة وهى ثمن العبد، فالمسيح صار عبدا لفدائنا. وأخذوا الثلاثين فضة من نقود الهيكل المخصصة لشراء الذبائح العامة فى المواسم والتقدمات اليومية النهارية والليلية. وهكذا صار المسيح ذبيحة لأجلنا. ويا لبؤس يهوذا الذى فى ضيقته لم يجد أحدا بجانبه فهو ترك المسيح ولم يقف بجانبه رؤساء الكهنة ولا أحد، ولم تنفعه الفضة بل رماها وذهب لمصيره المشئوم.
لماذا طلب الرب عن بطرس ولم يطلب عن يهوذا
المسيح قال لبطرس ليلة الخميس أنه سأل عنه لكى لا يهلك. والرب سأل عنه لأنه فتيلة مدخنة لا يطفئ، بينما لم يسأل عن يهوذا فلم يكن هناك داخله فتيلة مدخنة بل وصل للكراهية الكاملة للرب يسوع. الرب يسوع لم يجد فيه فتيلة مدخنة. ولقد إستنفذ معه الرب كل الوسائل بلا فائدة، ولكنه كان قد ترك أبواب قلبه مفتوحة للشيطان فملأ الشيطان قلبه وساده الظلام تماما (يو13 : 27) ولكن نلاحظ أن الرب نادى بطرس بإسمه القديم قائلا "سمعان سمعان" (لو22 : 31 ، 32) إذ كان يخاطب الإنسان العتيق الذى بداخله. فإنكار بطرس للمسيح شئ ينتمى للإنسان العتيق الذى فيه.
حنان وقيافا (من كتاب إدرشيم العالم اليهودى المتنصر)
وهو حنان السيئ السمعة فى العهد الجديد. وظل هو وإبنه فى رياسة الكهنوت حتى تولى بيلاطس البنطى ولاية اليهودية. وتبعه قيافا زوج إبنته فى رياسة الكهنوت.
وفى الهيكل تجد الصيارفة الذين يتواجدون وبكثرة فى المواسم وبالذات الفصح. فكانت أعداد الحجاج بمئات الألوف من كل أنحاء الدنيا. وبحسب الشريعة كان على كل واحد ما عدا الكهنة تسديد ضريبة للهيكل نصف شيكل. ومن يرفض دفع النصف شيكل يتعرض للحجز على بضائعه. لكن حجاج اليهود الآتين من بلاد مختلفة كان الموجود معهم عملات بلادهم. فكان عليهم أن يذهبوا للصيارفة لتغيير نقودهم إلى العملة اليهودية أى الشيكل ليدفعوا الضريبة السنوية للهيكل. وشرع الصيارفة لأنفسهم نسبة أرباح لهم من تغيير العملات، وكان ما يحصلون عليه مبالغ ضخمة. بل كان هؤلاء الصيارفة يدخلون فى صفقات وحوارات مع كل من يأتى إليهم للحصول على أكبر كم من الربح. وكان هناك غش كثير فى الموازين. كل هذا سبب أرباحا ضخمة لهؤلاء الصيارفة. ويقال أن "كراسوس" إستولى من هؤلاء الصيارفة فى الهيكل ذات مرة على مليونين ونصف إسترلينى (هذا الرقم مقدر من أيام تأليف هذا الكتاب فى منتصف القرن التاسع عشر).
يضاف لهذا تجارة المواشى والطيور التى تقدم كذبائح فى الهيكل. وحتى فى هذه التجارة إنتشر الغش بسبب الشرط أن يكون الحيوان الذى يقدم بلا عيب. وكان التلاعب فى هذا الموضوع سببا فى أرباح عالية بالإضافة للمغالاة فى أسعار الذبائح. وتصور الحال فى هيكل العبادة لله، مع كل هذا الكم من الطمع والغش والخداع والتجارة والمشاحنات بين الصيارفة وبائعى الحيوانات والطيور (والفصال فى الأثمان) والمشاحنات بين الناس ومن يقوموا على الكشف على الحيوان ليتأكدوا من خلوه من العيوب. وكان هناك أيضا تجارة السكائب وكل ما يقدم كتقدمات فى الهيكل. وفى أيام المسيح كان من يقومون بهذه التجارة هم أولاد حنان رئيس الكهنة. وكانت المحال التى يتم فيها هذه التجارة تسمى "بازار أولاد حنان".
وحقا كان التجار والصيارفة يكسبون مكاسب ضخمة من هذه التجارة. ولكن كان المكسب الأكبر للكهنة الذين يحصلون على جزء من الأرباح. والمعروف وقتها أن عائلة رئيس الكهنة تربح من كل هذه التجارة أرباح خيالية. بل صارت عائلة رئيس الكهنة مشهورة بالشراهة والجشع والفساد. وبعد كل هذا ... هل يصح أن يكون هذا بيت صلاة؟! بل صار مغارة للصوص كما قال الرب. ولقد صوَّر فساد هذه العائلة يوسيفوس المؤرخ وكثير من الربيين الذين أعطوا صورة مرعبة عما كان يحدث. وقال يوسيفوس عن حنان الإبن وهو إبن حنان رئيس الكهنة أنه كان خزينة للنقود، وإغتنى غناء فاحشا. بل كان يغتصب بالعنف حقوق الكهنة الشرعية. وسجل التلمود اللعنة التى نطق بها (آبا شاول) أحد الربيين المشهورين فى أورشليم على عائلة حنان رئيس الكهنة وعائلات رؤساء الكهنة الموجودين، والذين صار أولادهم وأصهارهم مساعدين لهم فى جباية الأموال، وصار خدامهم يضربون الشعب بالعصى. وهم يعيشون فى رفاهية ونهم وشراهة وفساد وسفه فى صرف أموالهم. وقال التلمود عنهم "لقد كان الهيكل يصرخ فى وجوههم .. أخرجوا من هنا يا أولاد عالى الكاهن لقد دنستم هيكل الله". وهذا كله يساعد على فهم ما عمله يسوع فى تطهير الهيكل، وسبب عداء رؤساء الكهنة له. وهذا أيضا يعطى تفسير لماذا لم يعترض الجمهور الموجود على ما عمله يسوع. وخاف المسئولون عن مواجهته أو القبض عليه من هياج الجماهير والحامية الرومانية على بعد خطوات فى قلعة أنطونيا. [أضف لذلك هيبة المسيح التى أخافت الجميع كما حدث ليلة القبض عليه، فالمسيح حين يريد تظهر هيبته وإذا إستسلم لهم يكون هذا بإرادته]. ولكنهم خزنوا حقدهم ضد المسيح ليوم الصليب.
وعند محاكمة المسيح إقتاده الجند الرومان وخدام الهيكل مقيدا إلى قصر حنان حما قيافا رئيس الكهنة الرسمى. وهم ذهبوا إلى حنان فهم يعلموا أنه الرجل القوى على الرغم من وجود قيافا فى المركز الرسمى. وكان حنان غنيا جدا هو وأولاده وإستخدم نقوده فى عمل علاقات قوية مع السلطات الرومانية. وكان صدوقيا متفتحا بلا تزمت قادر على إرضاء السلطات الرومانية. ولم يسجل التاريخ اليهودى رجلا فى قوة وغنى ونفوذ حنان. وعمل ثروته مستغلا الهيكل. وكان حنان قد تولى رئاسة الكهنوت لمدة 6 أو 7 سنوات وجاء بعده قيافا زوج إبنته ثم ليس أقل من 5 من أبنائه وأحد أحفاده. وكان فى مكانه أفضل من رئاسة الكهنوت الرسمية، فهو يدبر ويخطط بلا مسئوليات ولا قيود رسمية. وطبعا كان إلتفاف الشعب حول المسيح سوف يسبب خسائر جسيمة مادية لكل هؤلاء الرؤساء. وطبعا كان حنان من ضمن الذين قرروا موت يسوع. ولكن المذكور فى الكتاب أن قيافا هو الذى أشار بذلك. وذهب الجند الرومان بالرب يسوع إلى حنان مباشرة كإختيار واقعى عملى فهو صاحب القرار عمليا وهم يعرفون هذا.
وذهب الرب يسوع لرؤساء الكهنة هؤلاء ليقدموه ذبيحة فصح حقيقية
وكآخر ذبيحة مقبولة يقدمونها ككهنة.
(مت3:26-5): "حينئذ اجتمع <="" font="" face="Times New Roman" color="#000000" style="box-sizing: border-box; font-size: 14pt;">
رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب إلى دار رئيس الكهنة الذي يدعى قيافا. وتشاوروا لكي يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه. ولكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغب في الشعب."
<="" font="" face="Times New Roman" color="#000000" style="box-sizing: border-box; font-size: 14pt;">
رؤساء الكهنة أي مَنْ يمثلون الكهنة. حنان وقيافا+ رؤساء الفرق (فرق الكهنة الأربعة والعشرين). وشيوخ الشعب هم رؤساء العائلات ومنهم نجد مجمع السنهدريم أي المجمع الأعظم الذي له السلطة العظمى في كلا الأمور الروحية والمدنية. قيافا= هو رئيس الكهنة الفعلي. وكان حنان الذي عزله بيلاطس هو حما قيافا. ولكن غالبًا كان حنان له تأثير ونفوذ كبير. ولذلك في محاكمة المسيح فحصه حنان أولًا أي سأله عن تلاميذه وخدمته، ثم أرسله إلى قيافا. وقيافا هذا كان صدوقيًا. قالوا ليس في العيد= ولكن الله دبَّر أن يكون صلبه أمام يهود العالم كله لينتقل الخبر للعالم كله. ولماذا لم يكتشف <="" font="" face="Times New Roman" color="#000000" style="box-sizing: border-box; font-size: 14pt;">
رؤساء الكهنة شخص المسيح ويفرحوا به كرئيس الكهنة الأعظم؟!
كان هذا بسبب اهتمامهم بالكرامات الزمنية وخوفهم على مصالحهم الشخصية ومكاسبهم المادية وشكلية عبادتهم. وهذا قد فهمه بيلاطس أنهم "أسلموه حسدًا" (مر10:15). فالحسد أعمى عيونهم.
(مت14:26-16): "حينئذ ذهب واحد من الاثني عشر الذي يدعى يهوذا الاسخريوطي إلى <="" font="" face="Times New Roman" color="#000000" style="box-sizing: border-box; font-size: 14pt;">
رؤساء الكهنة. وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم فجعلوا له ثلاثين من الفضة. ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه."
ثلاثين من الفضة= ثمن شراء العبد حسب الناموس (خر32:21) المسيح بيع كعبد لكي يحررنا من العبودية. وتحققت بهذا نبوة زكريا (13:11). وكان الهدف من خيانة يهوذا أن يسلمه منفردًا بعيدًا عن الجموع (لو6:22)، إذ هو يعرف الأماكن التي ينفرد فيها مع تلاميذه سرًا. لقد أعمىالطمع أعين التلميذ، أمّا مريم فقد فتح الحب قلبها. وغالبًا فقد كان<="" font="" face="Times New Roman" color="#000000" style="box-sizing: border-box; font-size: 14pt;">
رؤساء الكهنة قد دبروا أنهم يلقون القبض على المسيح بعد الفصح ولكن عرض يهوذا سهل عليهم الأمر وعدلوا خطتهم لتصير قبل الفصح. وربما هم اهتموا بأن يتعجلوا القضاء عليه، حتى لا تثور الجماهير ويملكوه فيثير هذا الرومان ويسلبوا الرؤساء اليهود ما تبقى لهم من سلطة.
(مر1:14-2): "وكان الفصح وأيام الفطير بعد يومين وكان <="" font="" face="Times New Roman" color="#000000" style="box-sizing: border-box; font-size: 14pt;">
رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يمسكونه بمكر ويقتلونه. ولكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغب في الشعب."
الفصح وأيام الفطير= ارتبط العيدان في أذهان اليهود وكأنهما صارا عيدًا واحدًا. وكان يستخدم تعبير عيد الفطير ليشمل الفصح أيضًا، كما يطلق اسم الفصح على عيد الفطير.
(مر10:14-11): "ثم أن يهوذا الاسخريوطي واحدًا من الاثني عشر مضى إلى <="" font="" face="Times New Roman" color="#000000" style="box-sizing: border-box; font-size: 14pt;">
رؤساء الكهنة ليسلمه إليهم. ولما سمعوا فرحوا ووعدوه أن يعطوه فضة وكان يطلب كيف يسلمه في فرصة موافقة."
كان يهوذا محبًا للمال وطامعًا في مركز كبير حين يصير المسيح ملكًا. ولكن حديث المسيح عن صليبه خَيَّبَ أماله، وربما فهم أن ملكوت المسيح سيكون روحيًا وهذا لن يفيد أطماعه بشيء، بل هو سمع أن تلاميذه عليهم أن يحتملوا الإهانات وهذا لا يتفق مع أماله في العظمة والغنى. فباع المسيح.
(لو1:22-6): "وقرب عيد الفطير الذي يقال له الفصح. وكان <="" font="" face="Times New Roman" color="#000000" style="box-sizing: border-box; font-size: 14pt;">
رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يقتلونه لأنهم خافوا الشعب. فدخل الشيطان في يهوذا الذي يدعى الاسخريوطي وهو من جملة الاثني عشر. فمضى وتكلم مع <="" font="" face="Times New Roman" color="#000000" style="box-sizing: border-box; font-size: 14pt;">
رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه إليهم. ففرحوا وعاهدوه أن يعطوه فضة. فواعدهم وكان يطلب فرصة ليسلمه إليهم خلوا من جمع."
دخل الشيطان في يهوذا ليس إكراهًا بل لأنه وجد الباب مفتوحًا لديه، وجد فيه الطمع ومحبة المال بابًا للخيانة. ثم بعد اللقمة دخله الشيطان (يو27:13). كان يهوذا قد سلّم نفسه للشيطان، صار إناءً له، ومع كل فرصة ينفتح الباب بالأكثر للتجاوب مع إبليس كسيد له يملك قلبه ويوجه فكره ويدير كل تصرفاته. أي أن يهوذا كان كل يوم ينمو في تجاوبه مع الشيطان فيملك عليه بالأكثر. لذلك علينا أن لا نفتح للشيطان أي باب يدخل منه، حتى لا يسود علينا. لذلك قال السيد المسيح "رئيس هذا العالم آتٍ وليس لهُ فيَّ شيء" إذ لم يقبل منه شيء خاطئ (راجع التجربة على الجبل) والعكس فمن يتجاوب مع الروح القدس يملأه (رؤ10:1+ 2:4). فروح الله يشتاق أن يحل في قلوب أولاده بلا توقف ليملأهم من عمله الإلهي. وأيضًا إبليس يحاول أن يملأ ويسود على من يتجاوب معهُ ويُصَيِّرَهُ أداة خاضعة له. وكل إنسان حر أن يختار ممن يمتلئ. يهوذا بدأ سارقًا وانتهى خائنًا للمسيح.
المزيد
02 يوليو 2019
بناء الخادم الروحي
ان اعداد الخادم الروحي عمل روحى فى غاية الأهمية ويكفى ان مخلصنا الصالح المزخر لنا فيه كل كنوز الحكمة والعلم لم يبدأ خدمته الا فى سن الثلاثين مع انه فى عمر الثانية عشر اذهل المعلمين بحكمته وعلمه { بعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم و يسالهم. وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته} لو46:2-47. ان الخدمة ليست معلومات تلقن او دروس تحضر لكنها حياة وعشرة مع الله ومعرفة بقيمة النفس البشرية أمام الله، السيد المسيح أستمر ما يذيد عن الثلاث سنوات يتلمذ ويعلم وهو يحيا مع تلاميذه وبعد هذا منحهم مواهب الروح القدس ليستطيعوا ان يقوموا بالخدمة . ورغم حاجة الخدمة الى الكثير من الفعلة { قال لهم ان الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده }(لو 10 : 2) . لكن مع حاجة الخدمة للخدام فليس هذا مدعاة للتسرع لاسيما فى رسامة الكهنة اوالرهبان والراهبات او الشمامسة حتى لا يكون الخدام عثرة فى الكنيسة وثقل على الخدمة . ففضلا عن انه لابد ان تتوفر فى من يتقدم للخدمة العلاقة الروحية الشخصية الناجحة مع الله وتميزة بالتواضع والمحبة والصبر ومخافة الله فانه لابد ان تكون علاقاته مع الآخرين علاقات تمتاز بالروحانية والوداعة والحكمة سواء مع اسرته او اقربائه او كنيسته او مجتمعه بما فيه من شرائح مختلفة من المجتمع .
هذا بالاضافة الى معرفتة ودراسته للاهوت والعقيدة والكتاب المقدس وكتابات الاباء وتاريخ الكنيسة وطقوسها وادابها فى عصر نجابه فيه ثورة فى المعرفة واسئلة من المؤمنين وغيرهم مما يحتاج الى دراسة لعلم النفس والمنطق والفلسفة والتاريخ والادب واللغات . ومع هذا يجب ان يتم تدريب الخدام وتلمذتهم لخدام مختبرين وان يحتفظ الخادم بروح الخدمة والتلمذة والتعلم المستمر مدى الحياة فى مدرسة المعلم الأعظم والراعى الصالح .
صفات الخادم الروحى .. الخدام بمختلف درجاتهم سواء الخدام المكرسين لله فى خدمة الكهنوت او المؤمنين من شمامسة وخدام فى حقل الخدمة يجب ان تتوفر فيهم صفات تؤهلهم للخدمة والرعاية . ليستطيعوا ان يقوموا بدورهم فى الكنيسة والمجتمع ، هذه الصفات تتعلق بعلاقتهم الروحية بالله وكتابه المقدس وممارساتهم للاسرار المقدسة فى تقوى ومخافة الله . او سواء فى حياتهم الشخصية المنزة عن العيوب على قدر الطاقة وعمل النعمة والمهتمة بخلاص النفس وثقلها بكل الدراسات والخبرة الشخصية اللازمة للخدمة أو علي مستوى العلاقات الاسرية والكنسية والأجتماعية الناجحة والمتميزة لكى يستطيع ان يربح النفوس ويقودها ويغذيها ويشبعها روحيا .
وهذه بعض الصفات التى ذكرها الكتاب المقدس فى الخدام ..
+ ذوى قدرة للقيام بمهامهم وخائفين الله فى تصرفاتهم وسلوكهم وامناء مبغضين للرشوة باشكالها المختلفة { وانت تنظر من جميع الشعب ذوي قدرة خائفين الله امناء مبغضين الرشوة وتقيمهم عليهم رؤساء الوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات} (خر 18 : 21).
+ يذكر القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس بعض من الصفات التى يجب توفرها فى الاساقفة والكهنة والشمامسة . فيجب ان يكونوا بلا لوم اى بلا عيوب تمسك عليه وتكون عثرة للشعب وتضر بالكنيسة . وان يتميزوا بالعفاف فى وقت كانت الوثنية واليهودية تسمح بتعدد الزوجات لايكون له الا زوجة واحدة وليس معنى هذا ان لا يكون متبتلاً فبولس نفسه كان بتولاً لم يتزوج { و لكن اقول لغير المتزوجين وللارامل انه حسن لهم اذا لبثوا كما انا} (1كو7 : 8).يجب على الخادم ان يكون ذو عقل متزن حكيم لا ينخدع { فيجب ان يكون الاسقف بلا لوم بعل امراة واحدة صاحيا عاقلا محتشما مضيفا للغرباء صالحا للتعليم.غير مدمن الخمر ولا ضراب ولا طامع بالربح القبيح بل حليما غير مخاصم ولا محب للمال. يدبر بيته حسنا له اولاد في الخضوع بكل وقار.وانما ان كان احد لا يعرف ان يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله .غير حديث الايمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة ابليس. ويجب ايضا ان تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج لئلا يسقط في تعيير وفخ ابليس. كذلك يجب ان يكون الشمامسة ذوي وقار لا ذوي لسانين غير مولعين بالخمر الكثير ولا طامعين بالربح القبيح. ولهم سر الايمان بضمير طاهر.وانما هؤلاء ايضا ليختبروا اولا ثم يتشمسوا ان كانوا بلا لوم. كذلك يجب ان تكون النساء ذوات وقار غير ثالبات صاحيات امينات في كل شيء. ليكن الشمامسة كل بعل امراة واحدة مدبرين اولادهم و بيوتهم حسنا.لان الذين تشمسوا حسنا يقتنون لانفسهم درجة حسنة وثقة كثيرة في الايمان الذي بالمسيح يسوع} 1تيم 2:3-13.
+ على الخادم ان يكون محتشما فى مظهره وكلامه وسلوكه يتميز بالوقار والتصرف الحسن فى المواقف المختلفة . وان يكون مضيفاً للغرباء كريما له قلب متسعاً محبا للأخوة وان يكون صالحاً للتعليم { لان شفتي الكاهن تحفظان معرفة ومن فمه يطلبون الشريعة لانه رسول رب الجنود }(ملا 2 : 7). قد لا يكون معلماً موهوباً، لكن يجب أن يكون ذا دراية كافية بكلمة الله حتي يقدر أن يساعد المخدومين فى مشاكلهم اليومية. لديه المرونة والقابلية أن يتعلَّم بتواضع قلب، وأن يكون صالحاً أن يعلِّم آخرين ويبنيهم في الإيمان. الخادم يجب ان يتحلى بالوداعة والتواضع وان يكون لطيفاً فى تعامله غير غضوباً ولا طامعاً أو راغباً بالربح القبيح فلا يستخدم الأمور الروحية ليتربح منها فيتحول إلي مُحب للمال . الخادم صانع سلام وليس رجل خصام لا يتنازع مع الآخرين من أجل أمور العالم او من اجل ذاته ولا يكون له خاصة دون البعض فهو اخاً أواباً للجميع ، يربحهم لملكوت الله .
+ غير حديث الإيمان ومشهود له . أي ناضج روحياً، لائق للخدمة غير مفتقر للخبرة الروحية. والخطر هو أن حديث الإيمان وغير المختبر قد يتصلف أي تأخذه الكبرياء فينتفخ ويقع في دينونة إبليس. فلابد ان يكون له مدَّة كافية وعميقة في حياة الإيمان الصحيح، حتى يفهم أهمية الخدمة في الكنيسة، فيخدم الرب بكل تواضع ويكون مثمراً فيها . ان الخدمة والكنيسة فى حاجة لخدام امناء لديهم العمق الروحى ويبتعدوا عن سطحية العبادة وشكلية الخدمة ومظهريتها من أجل خلاص نفوس الخدام والمخدومين ان التلاميذ سهروا الليل كله ولم يصطادوا شئ حتى أمرهم المخلص بالدخول الى العمق فامتلأت شباكهم بالسمك ليتركوا كل شئ ويتبعوا المعلم الصالح ويصيروا صيادى الناس. الخادم الأمين يكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج من غير المسيحيين أيضاً، فلابد ان يكتسب احترام زملاء العمل والأقرباء والجيران، وذلك من خلال حياته اليومية العادية. فشهادة أولئك برهان على صحة قوة وتاثير إيمانه الصحيح .
+ التواضع والصلاح والنشاط .. ان يكون الخادم غير معجب بنفسه، فلا يكون متكبرا معجباً بنفسه { حينئذ قال يسوع لتلاميذه ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني} (مت 16 : 24) الخادم المتكبر ينفر الآخرين ويعثرهم لهذا علينا كخدام ان نحيا فى تواضع وانكاراً للذات مقدمين بعضنا بعضاً فى الكرامة ونقبل الرأى الأخر ونستمع للآخرين فى صبر وطول بال { وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح }(اف 4 : 32) الخادم يكون محباً للخير والصلاح والخير لجميع الناس وبارا يخاف الله، نقي وتقي في سلوكه وتصرفاته في السر والعلن .
+ على الخادم ان يكون ضابط لنفسه متحكما فى كلامه وانفعالاته وسلوكه مداوماً على التلمذة ويعلم التعليم الصحيح ويدافع عن الايمان ضد المقاومين . يخدم لا عن اضطرار بل بالاختيار{ ارعوا رعية الله التي بينكم نظارا لا عن اضطرار بل بالاختيار ولا لربح قبيح بل بنشاط. ولا كمن يسود على الانصبة بل صائرين امثلة للرعية. ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون اكليل المجد الذي لا يبلى} 1بط 2:5-4.
+ يجب ان يهتم الخدام بخدمة وتشجيع الضعفاء والمحتاجين والارامل والايتام والمضطهدين وكانه يخدم سيده ومعلمه الصالح فيهم {بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم} (مت 25: 40). {في كل شئ أريتكم أنه هكذا ينبغي أنكم تتعبون وتعضدون الضعفاء} اع 20: 35 . {الديانة الطاهرة النقية عند الله الاب هي هذه افتقاد اليتامى والارامل في ضيقتهم وحفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم }(يع 1 : 27). { بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا، فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة؛ وأما مَن كانت له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه، فكيف تثبت محبة الله فيه} (1يو 3: 16-17). {وكل ما فعلتم، فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس. عالمين أنكم من الرب ستأخذون جزاء الميراث، لأنكم تخدمون الرب المسيح}(كو 3: 23-24).
القمص أفرايم الأنبا بيشوي
المزيد
20 أغسطس 2018
تأملات فى عيد التجلي
على جبل التجلى...
على جبل طابور أخذ السيد المسيح ثلاثة من تلاميذه وتجلى أمامهم فقال له القديس بطرس جيد يارب ان نكون ههنا { وبعد ستة ايام اخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا اخاه وصعد بهم الى جبل عال منفردين.وتغيرت هيئته قدامهم واضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. واذا موسى وايليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه} (مت 1:17-3). فما ابهج ان يسمو الانسان ويرتفع ويحيا فى الحضرة الإلهيٌة ويعاين مجد الرب ويحيا مذاقة المجد الأتى، ان هؤلاء التلاميذ يمثلوا الايمان والجهاد والمحبة فنحن لكى نعيش التجلى لابد لنا ان نحيا الإيمان العامل بالمحبه على قدر طاقتنا ، كما ان ظهور موسى وايليا يمثلان الحلم والوداعة مع الغيرة والجهاد فنحن نحتاج الى حلم ووداعة موسى النبى لكن لا فى تراخى او كسل بل فى غيرة نارية وعمل روحى دائم للانطلاق نحو السماء لنحيا أمجاد التجلي. ان الله فى محبته يريد ان يجذبنا اليه لنعاين مجده ونسعد بلقياه ونشهد للاهوته ونحيا مذاقة الملكوت ونحن على الارض لنعبده بالروح والحق ونعد نفوسنا بالتوبه والأيمان والفضيلة للحياة معه والوجود فى حضرته كل حين.
التجلّي اذا هو دخول بالنفس إلى تذوّق الحياة الأخرويّة، لترى مجد ربها والهها قادمًا في ملكوته، معلنًا لها أمجاده بالقدر الذي يمكنها أن تحتمله وهي بعد في الجسد. هذا العمل الإلهي الذي تحقّق بطريقة ملموسة على جبل طابور ويتحقّق بصورة أو أخرى داخل القلب من حين إلى آخر، لكي يجذب الله نفوسنا نحو العُرس الأبدي لكي نشتاق إلى الانطلاق نحو الحياة الإبدية، ويمنحنا دفعة روحيّة قويّة تسندنا في حمل الصليب والشهادة للسيّد المسيح.ان الله يدعونا جميعا لمعاينة مجده داخلنا {ولا يقولون هوذا ههنا او هوذا هناك لان ها ملكوت الله داخلكم }(لو 17 : 21).ولكى يحل المسيح بالايمان فى قلوبنا يجب نسمو ونتطهر من الخطايا والصغائر ونفتح له القلب بالإيمان وندعوه ليكون مصدر سعادتنا وفرحنا فى محبة صادقة وتبعية أمينه وتأمل فى صمت فى إنجيله فسياتى الينا ولا يبطئ.
التجلّي هو إعلان للملكوت السماوى الممتد فوق كل حدود الزمان، تتذوقه النفس البشريّة التي قبلت أن تكون إيجابيّة وعاملة مع المسيح بحمل الصليب وتبعيتها للمسيح، والدخول معه إلى الموت يوميًا للتمتّع بقوة قيامته. إنه يمثّل دفعه قويّة يهبها الملك المسيّا لجنوده الروحيّين للجهاد المستمر ضدّ إبليس وأعماله، ليهب لهم الحنين نحو المكافأة الأبديّة والتمتّع بشركة الأمجاد السماويّة. فالتجلّي الذي تحقّق مرّة في حياة ثلاثة من التلاميذ، صار رصيدًا قدّمه السيّد لحساب الكنيسة كلها، تسحب منه كل يوم فيتزايد. تطلبه فتجده خبرة يوميّة تقويّة، يعيشها المؤمن من خلال المحبة وطاعة الوصية سواء في عبادته الجماعيّة أو العائليّة أو الشخصيّة، كما يتذوّقها أثناء جهاده او تأمله وصلواته أو في تعامله مع الأتقياء كما مع الأشرار. إنه لقاء مستمر مع ربّنا يسوع المسيح على الدوام، فيه يكشف أمجاده جديدة في كل لحظة من لحظات حياتنا، حتى نلتقي به وجهًا لوجه في مجيئه الأخير.
حديث التجلى ...
لقد فرح التلاميذ بالتجلى وارادوا ان يحيوا فى الحضرة الإلهيٌة حيث مجد الابن الوحيد معلن لهم ومصدر سعادتهم، لكن السيد المسيح اراد ان يعلن لهم مجد الوهيته حتى لا يعثروا او يشكوا فيه عندما يرونه يسلم الى ايدى الناس ويهان ويصلب ، لهذا ظهر معه موسي وايليا وكان حديثهم مع المخلص عن الفداء الذى سيتم فى اورشليم {واذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى وايليا.اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذي كان عتيدا ان يكمله في اورشليم}( لو 30:9-31). لقد ظهر فى التجلى موسى النبى الذى يمثل الشريعة وايليا ممثلا للانبياء ليعلن لنا السيد نفسه انه غاية الشريعة ومركز النبؤات وله سلطان على الموت والحياة، وأنه المدبِّر في الأعالي وعلى الإرض، لهذا جلب موسى الذى مات منذ مايذيد عن الف وثلثمائة عام، ومن لم يُعاني من الموت وانتقل حيا وهو ايليا النبى .
ان التجلّي يرتبط بأحداث الصلب والقيامة، فإنه لا يمكن للمؤمن أن يرتفع على جبل التجلّي ليرى بهاء السيّد ما لم يقبل صليبه ويدخل معه آلامه ليختبر قوّة قيامته فيه، فيُعلن الرب أمجاده له. ومن جانب آخر ما كان يمكن للتلاميذ أن يتقبّلوا آلامه ويُدركوا سرّ قيامته ما لم يريهم مجد التجلّي. إذ تحدّث الرب كثيرًا عن المخاطر التي تنتظره وآلامه وموته، وعن موت التلاميذ والتجارب القاسية التي تلحق بهم في الحياة، كما حدثهم عن أمور صالحة كثيرة يترجّونها، من أجلها يخسرون حياتهم لكي يجدوها، وإنه سيأتي في مجد أبيه ويهبنا الجزاء، لهذا أراد أن يُظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، فيروا بأعينهم ويفهموا قدر ما يستطيعون، لهذا أظهر لهم ذلك فى تجليه .
لقد ظللت االسحابة النيٌرة جبل طابور وهي تُشير إلى الحضرة الإلهيّة ، هذه التي كانت تملأ جبل سيناء حين قدّم الرب الناموس لموسى (خر 24: 15)، وكانت تملأ خيمة الاجتماع عندما كان الله يتحدّث مع موسى، وسيأتي السيّد المسيح في مجيئه الأخير فى سحابة نيٌرة، فإن السحابة هنا إعلانًا عن عمل التجلّي في حياة المؤمنين{ فيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم فخافوا عندما دخلوا في السحابة. وصار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا} (لو 34:9-35). فالنفس إذ تلتقي بالسيّد وتتعرَّف على أسراره قدر ما تحتمل، تستنير أكثر فأكثر بإعلانات سماويّة داخليّة. فتسمع صوت الآب: {هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت له اسمعوا}. هذا هو أعظم إعلان يتقبّله الإنسان من الله في أعماق قلبه، وهو إدراك بنوّة المسيح للأب كنور من نور، فتذوب نفسه داخليًا خلال اتّحادها بالابن الوحيد، وتشعر بدفء الحب الإلهي، وتتلمّس رضا الله الآب لها في الابن، فتسمع لصوت الآب، وتخضع لعمل المسيح فيها بكونه رأسها، ولا يطلب المسيحي إعلانات ملموسة يفخر بها، إنّما هذا هو جوهر إعلان الآب للنفس البشرية ان تؤمن بالابن الكلمة المتجسد من اجل خلاصنا .
لقد تمتّعت القدّيسة مريم بالسحابة النيِّرة في أجلَى صورها، بطريقة فريدة حينما حلّ عليها الروح القدس ليظلِّلها بالقوّة الإلهيّة الفائقة. {الروح القدس يحلّ عليك وقوَّة العليّ تظلِّلك}. هذه السحابة النيِّرة، أو الروح القدس الناري يهب المؤمنين استنارة للبصيرة الداخليّة لمعاينة المجد الإلهي للابن الوحيد، ويفتح الأذن لسماع صوت الآب، الذي يكشف لنا "سرّ المسيح" الذي صار فينا بالمعموديّة، فنحرص بالروح أن نبقى في حالة توبة مستمرّة وطاعة، لننعم بسرور الآب ونسمع صوته الأبوي.
لقد خاف التلاميذ وسقطوا على وجوههم ولكن السيد المسيح بدد خوفهم وكان هو سلامهم {ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جدا.فجاء يسوع ولمسهم وقال قوموا ولا تخافوا.فرفعوا اعينهم ولم يروا احدا الا يسوع وحده} (مت 6:17-8). سقوط التلاميذ على وجوههم وخوفهم يذكرنا بما حدث على جبل سيناء عندما حل الرب بمجده على الجبل { وكان جميع الشعب يرون الرعود والبروق وصوت البوق والجبل يدخن ولما راى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد. وقالوا لموسى تكلم انت معنا فنسمع ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت. فقال موسى للشعب لا تخافوا لان الله انما جاء لكي يمتحنكم ولكي تكون مخافته امام وجوهكم حتى لا تخطئوا.فوقف الشعب من بعيد واما موسى فاقترب الى الضباب حيث كان الله} (خر18:20-21).ان سقوط التلاميذ على وجوههم يُعلن عن عجز البشرية الالتقاء مع الله، إذ صارت وجوههم في التراب ساقطة، لا تقدر على معاينة الأمجاد السماويّة. وحلول الخوف الشديد فيهم يُشير إلى فُقدان السلام الحقيقي فى البعد عن الله ، لذلك جاءهم يسوع إشارة إلى نزوله إلينا، ومدّ يده مؤكِّدًا تجسّده. أمّا لمسه إيّاهم، فهو علامة حلوله في وسطنا كواحد منّا، يقدر أن يمدّ لنا يده فنقبلها. أخيرًا بسلطان أقامهم ونزع الخوف عنهم. حقًا لقد ظهرت قصّة سقوط الإنسان وقيامه خلال عمل الله الخلاصي واضحة على جبل التجلّي. وكأن سرّ التجلّي إنّما هو سرّ إعلان الله الدائم فينا، بكونه ابن الله المتجسّد المصلوب والقائم من الأموات، من أجلنا جاء ليقيمنا ونبتهج بعمله فينا. وإذ كان التلاميذ ساقطين منطرحين على الأرض وغير قادرين على القيام تحدّث معهم بوداعة ولمسهم. فبلمسه إيّاهم انصرف الخوف عنهم وقواهم.
من أقوال الاباء عن التجلى
العلاّمة أوريجينوس: أن السيّد أعلن لاهوته للذين صعدوا على الجبل العالي، أمّا للذين هم أسفل فظهر لهم في شكل العبد. إنه يسأل من يشتاق أن يتعرّف على حقيقة السيّد ويتجلّى قدامه أن يرتفع مع يسوع خلال الأناجيل المقدّسة على جبل الحكمة خلال العمل والقول.
القدّيس يوحنا الذهبي الفم : إذ تحدّث الرب كثيرًا عن المخاطر التي تنتظره وآلامه وموته، وعن موت التلاميذ والتجارب القاسية التي تلحق بهم في الحياة... كما حدثهم عن أمور صالحة كثيرة يترجّونها، من أجلها يخسرون حياتهم لكي يجدوها، وإنه سيأتي في مجد أبيه ويهبنا الجزاء، لهذا أراد أن يُظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، فيروا بأعينهم ويفهموا قدر ما يستطيعون، لهذا أظهر لهم ذلك في الحياة الحاضرة بالتجلي.
القديس مارإفرام السرياني : القوم الذين قال عنهم أنهم لا يذوقون الموت حتى يعاينوا صورة مجيئه هم هؤلاء التلاميذ الثلاثة الذين أخذهم معه إلى الجبل، وأعلن لهم طريقة مجيئه في اليوم الأخير في مجد لاهوته وجسد تواضعه.وصعد بهم إلى جبل عال لكي يُظهر لهم أمجاد لاهوته فلا يتعثّروا فيه عندما يرونه في الآلام التي قبلها بإرادته، والتي احتملها بالجسد من أجلنا. صعد بهم إلى جبل لكي يُظهر لهم ملكوته قبلما يشهدوا آلامه وموته، فيرون مجده قبل عاره، حتى متى كان مسجونًا ومُدانًا من اليهود يفهمون أنه لم يصلب بواسطتهم عن عجز، بل لأنه سُرّ بصلاحه أن يتألّم لأجل خلاص العالم، أصعدهم إلى جبل لكي يُظهِر لهم قبل قيامته مجد لاهوته حتى متى قام من الأموات يدركون أنه لم يتقبّل هذا المجد كجزاء لعمله كمن لم يكن له هذا المجد، وإنما له هذا المجد منذ الأزل مع الآب والروح القدس. وكما سبق فقال عندما ذهب إلى الآلام بإرادته: {الآن مجّدني أيها الآب بالمجد الذي لي قبل إنشاء العالم} (يو۱٧: ٩). أضاء وجهه ليس كما أضاء وجه موسى من الخارج، وإنما أشعّ مجد لاهوته من ذاته ومع هذا ظلّت أمجاده فيه. من ذاته يشع نوره ويبقى نوره فيه. إنه لا يأتيه من الخارج ليزيِّنه ولا يقبله لاستخدامه إلى حين، إنه لم يكشف لهم أعماق لاهوته التي لا تُدرك، وإنما كشف لهم قدر ما تقدر أعين التلاميذ أن تتقبّل وتميّز.
القديس أمبروسيوس: هلم نصعد على الجبل ونتضرّع إلى كلمة الله ليكشف لنا عن ذاته في مجده وجماله. إذ نعاين مجد الله بوجوه مكشوفة نتغير نحن أنفسنا إلى تلك الصورة عينها (2 كو 3: 8) ، لما كان الصوت وُجد يسوع وحده، فبعد أن كانوا ثلاثة وُجد يسوع وحده. رأوا في البداية ثلاثة، أما في النهاية فرأوا واحدًا. بالإيمان الكامل يصير الكل واحدًا كما طلب يسوع من الآب: {ليكون الجميع واحدًا}(يو 17: 21). ليس موسى وإيليا وحدهما واحدًا في المسيح، وإنما نحن أيضًا واحد في جسد المسيح الواحد (رو 12: 5)... ولعل هذا أيضًا يشير إلى أن الناموس (موسى) والأنبياء (إيليا) مصدرهما الكلمة... لأن غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن (رو 10: 4).
أعلن لنا مجدك يارب .
ايها الرب القدير، واهب الأستنارة والحكمة ارفع قلوبنا لتعاين مجدك وارواحنا لتتحد بك وحواسنا لتعاين بهاء عظمتك وافكارنا لتستنير بمجد التجلى . حل بالإيمان فى قلوبنا لنعاين مذاقة الملكوت من الان لنشهد لكل أحد عن سبب الرجاء الذى فينا ، لتكون انت مصدر فرحنا ونور حياتنا وشمس برنا الدائم .
يارب هبنا ان نسمو عن الصغائر ونرتفع عن الخطايا ويكون قلبنا عليه مرتفعة سامية ومعدة لحضورك فيها، لنشبع لا بولائم ارضية ولا بمتع العالم الزائلة بل بوجودك فى قلوبنا وباتحادنا بالإيمان بك ومعينة اسرارك الخفية ولاهوتك ومجدك السمائي. ليستنير انساننا الداخلى ويستضئ بمعرفتك لنحيا معك وتتمجد بالايمان فينا سواء فى طريق الآلم والجلجثة بحمل الصليب اوبالوجود على جبل التجلى أو بالعيش فى امجاد القيامة. فنصيبنا هو انت فى السماء ومعك لا نريد شئ الا ارادتك في حياتنا على الإرض.
ايها الرب الهنا، نسألك من أجل كنيستك المتألمة لتعلن مجدك فيها ويراه كل بشر، ونطلب عن كل نفس فيها ليتمجد أسمك القدوس فى حياتنا وباعمالنا واقوالنا، نسألك من اجل بلادنا لتشرق بسلامك وبرك فيها وتباركها بكل بركة روحية لتكون نورا للعالم ومصدراً للاشعاع الروحى والفكرى والحضاري فى كل الارض.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد