المقالات

18 ديسمبر 2019

الوقت

يا أخوتي ، في بداية عام جديد ،أود أن نتذكر حقيقة هامة وهي الحياة هي وقت والذي يضيع وقته ، يضيع حياته كما أن الذي يستفيد من الوقت،إنما يستفيد من حياته حياتك هي أيام وساعات ودقائق . وكما قال الشاعر : دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني وأنا اليوم أود أن أقول لكم : كل عام وأنتم بخير وها قد مضي عام ، ونحن نستقبل عاماً جديداً ولست أدري ، هل أبارك لكم في العام الجديد ، أم أعزيكم بمناسبة العام الذي مضي ؟! فالعام المنقضي ، هو عام من حياة كل إنسان قد أنقضي ، هو جزء من حياته قد مضي هو خطوة قد خطاها نحو الأبدية ، وأقترب بها نحو العالم الآخر هو سجل من صفحات حياته سوف يعطي حساباً عنه أمام الله وملائكته وكل عام يمضي من حياتنا ، لا نستطيع أن نسترجعه مرة أخري أصبح أمراً واقعاً ، مستحيلاً علينا ، لا نستطيع تغييره ربما كانت لنا في العام الماضي أخطاء قد نندم عليها ، أو نتبرم بها ، أو نتركها ، أو نتوب عنها وتغفر لنا ولكن مع ذلك لا نستطيع أن نلغي حدوثها لقد حدثت وانتهي الأمر ، ولا نستطيع أن نغير هذا أو ننكره لقد أصبح تاريخاً ، ولم يعد في إمكاننا أن نتصرف فيه لقد أنكر بطرس سيده وتاب ، وغفرت له هذه الخطية . ولكنها أصبحت تاريخاً غفرانها لم يمنع أنها حدثت ، بل يثبت حدوثها وقد عاش أوغسطنيوس حياة فاسدة ثم تاب وتغيرت حياته إلي العكس وأصبح كنزاً من روحيات ولكن هذه التوبة وهذه القداسة لم تمنع ما قد تسجل في صفحات تاريخه لذلك علينا أن ندقق في كل دقيقة وكل تصرف فكل دقيقة هي جزء من حياتنا وكل تصرف هو جزء من تاريخنا وكل دقيقة تمضي ، لا نستطيع ان نسترجعها وكل تاريخ لنا ، لا نستطيع أن نلغيه أو ننكر وقوعه ولقد أعطانا الله العمر ، لكي نستغله للخير ، ونحب الله فيه وأعطانا هذا العام الجديد ، ليكون عاماً للحب والخير وإذا ضاع هذا العام بغير ثمر ، يكون هدف الله من إعطائه لنا لم يتحقق تري كيف سنسلك في هذا العام ؟هو صفحة بيضاء ، لم نكتب فيها شيئاً بعد تري ما الذي سنكتبه في هذه الصفحة من صفحات تاريخنا ؟ ماذا سنسجله علي أنفسنا ؟ ماذا سنحاسب عليه ، عندما يقول الله لكل منا " أنا عارف أعمالك " ( رؤ 2: 2) ؟ هل سنرضيه في السنة المقبلة ، ونفعل مشيئته ، نكون أفضل حالاً مما سبق ؟ هل سنعتبر العام الجديد ، وزنه نتاجر بها ونربح ؟ هل ستكون كل دقيقة من دقائقه دسمة ومثمرة ، ومملوءة بالخير والبركة ، لنا وللآخرين ؟ أترانا حريصين علي كل دقيقة تمر من عمرنا ؟ وهل كل ساعة من حياتنا ثمينة في نظرنا ، عزيزة علينا ؟ هل نعتبر أنفسنا مجرد وكلاء علي هذه الحياة ؟ هذه الحياة ، حياتنا ، ليست ملكاً لنا ، إنما هي ملك لله ، وهبها لنا ونحن مجرد وكلاء عليها إنها مجرد وديعة منه في أيدينا ، ينبغي أن نكون أمناء عليها وسنقدم حساباً عنها - جملة وتفصيلاً - حينما يقول لكل منا " أعطني حساب وكالتك " ( لو 16: 2) فلنراجع أنفسنا إذن ، ولننظر إلي حياتنا كيف هي ؟ كل وقت مملوء بالخير ، هو الذي سيحسب من عمرنا هو الوقت الحي في حياتنا أما الأوقات التي لا تستغل في الخير ، فهي ميتة لا تحسب من الحياة ، بل قد تميت غيرها معها فعلي ذلك أسألكم كم هي الأوقات التي ضاعت من عمركم ولم تحسب لكم وكم هي الأوقات المحسوبة من عمركم ، الحية المثمرة ؟كم هي سنو حياتكم الحقيقة علي الأرض ؟أنظروا إلي حياتكم ، وليسأل كل منكم نفسه كم ساعة من العمر كانت لي مع الله ؟ وكم ساعة كانت للشيطان وللمادة وللجسد ؟ كم ساعة كانت مثمرة ، خيرة نيرة ؟ ليتنا نواجه أنفسنا في صراحة وصدق ونسألها : كم هو الوقت الذي كان لنا في عمرنا ، وكم هو الوقت الذي كان علينا وضدنا ؟ أني أعجب ممن يبحث عن طريقه لقتل الوقت ! الذي يقتل الوقت ، إنما يقتل حياته ، لأن حياته هي بهذا الوقت مثل هذا الإنسان الذي يبحث عن أية طريقة يقضي بها وقته ، لكي يمر الوقت عليه بلا ملل مثل هذا الإنسان ، لا يشعر بأن هناك قيمة لحياته ! إنه يعيش بلا هدف ، وبلا رسالة حياته رخيصة في عينيه ، لذلك يبحث عن وسيلة يقتل بها وقته ! وعكس ذلك الذين يقدرون حياتهم ، فيكون وقتهم مثمراً هناك قديسون عاشوا فترة قصيرة جداً علي الأرض ولكنها فترة عجيبة الثمر ، إقتدرت كثيراً في فعلها كل دقيقة من حياتهم ، كانت لها قيمة وكان الله يعمل فيها خذوا مثالاً لذلك القديس يوحنا المعمدان لقد بدأ رسالته وهو في سن الثلاثين ، قبل بدء خدمة السيد المسيح بسته أشهر ، وانتهت خدمته باستشهاده بعد ذلك بقليل كم كانت فترة خدمته إذن ؟ حوالي سنة علي الأكثر وفي هذه الفترة القصيرة ، استطاع أن يعد الطريق للرب ، ويهيئ له شعباً مستعداً ، ويكرز بمعمودية التوبة ، ويعمد آلافاً من الناس ، ويشهد للحق ويموت شهيداً ويستحق أن يدعي " أعظم من ولدته النساء "( مت 11: 11) ، كما دعي ملاكاً إن الشهور التي قضاها يوحنا في الخدمة ، كانت أثمن وأعكق بكثير من عشرات السنوات في حياة خدام آخرين كان وقته غالباً جداً ومثمراً ، ونافعاً لجيله كله متوشالح الذي عاش 969 سنة ، أطول عمر لإنسان علي الأرض ، لم نسمع عنه أنه عمل أعمالاً عظيمة خلال مئات السنوات ، كبعض أعمال يوحنا المعمدان في شهور ! وكما تحدثت عن الحياة المثمرة القصيرة التي للمعمدان ، يمكن أن أتحدث عن قديسين آخرين كبوليس الرسول الذي لو أتيح له أن يزور عالمنا ، ولو ليوم واحد ، لاستطاع في هذا اليوم الواحد أن يعمل عملاً لا نستطيع نحن مثله في مئات السنين هذا القديس الذي تعب أكثر من جميع الرسل ( 1كو 15: 10) ، وأسس كنائس عديدة في أقطار كثيرة ، ونشر الإيمان وكان يكتب الرسائل حتي وهو في السجن كم كان وقت هذا القديس ثميناً ، له وللكنيسة كلها ، عبر الأجيال الطويلة خذوا مثالاً أخر لساعة واحدة من حياة بطرس الرسول ، ألقي فيها عظة فآمن علي يدية ثلاث آلاف من اليهود ، واعتمدوا ( أع 2) كم كانت تلك الساعة ثمنية ، ليست مثل باقي ساعات الناس ، وفاعليتها أكثر من فاعليه سنوات في حياة الآخرين وهناك قديسون قضوا أوقاتهم بجدية فنموا نمواً مبكراً :- كالقديس تادرس تلميذ الأنبا باخوميوس ، الذي صار مرشداً لكثيرين وهو لا يزال شاباً وفي سنه الصغير أسس عدداً كبيراً من الديرة وأشرف عليها ، وصار الساعد الأيمن للقديس باخوميوس ، وأعتبره الكل كطاقة روحية جبارة ، وهو بعد شاب ويشبهه في نمو المبكر القديس يوحنا القصير ، الذي قيل عنه إن الإسقيط كله كان متعلقاً بأصابعه ، وكان شاباً ، ومرشداً لكثيرين نعم كثيرون كهؤلاء عاشوا حياة قصيرة ولكنها غالية عاشوا حياة مثالية ، قدموا فيها صورة حية لأولاد الله ، وأدوا فيها رسالات عظيمة ، وقدموا للعالم قدوة ومثالاً ونفعاً . وقيست حياتهم بمفعولها وليس بطولها .وكان مفعولها عجيباً ومثل تادرس ويوحنا القصير ، نذكر الأنبا ميصائيل السائح هذا الذي كانت كل دقيقة من حياته الرهبانية لها عمقها الروحي وفاعليتها ، حتي انه صار سائحاً وهو في حوالي الثامنة عشرة من عمره وهكذا نما بسرعة كبيرة ، لأن وقته كان ثميناً ، لم يضيعه ، بل استغله في حياة النمو ، بجدية لا تعرف التهاون مطلقاً ولعلكم وسط هذه الأمثلة تسألون ما هو أعجب وقت عرفه التاريخ في تأثيره وفاعليته ، فأجيبكم إنها الثلاث ساعات التي قضاها المسيح علي الصليب ، من السادسة إلي التاسعة : ثلاث ساعات علي الصليب ، كانت كافية لخلاص العالم ! لا يوجد بالنسبة إلينا ، وقت أثمن من هذه الساعات الثلاث ، التي فيها سفك السيد المسيح دمه وقدم حياته كفارة عن خلاص العالم كله إن آلاف السنين لا يمكن أن تتوازن مع هذه الساعات الثلاث ، التي كانت بكرة لكل الأجيال من آدم إلي آخر الدهور ، والتي محيت فيها خطايا العالم كله ، التي حملها المسيح عمن آمنوا به حقاً هذه الساعات الثلاث لا توازيها أجيال البشرية كلها وجزء من هذ ه الساعات ، كان لخلاص اللص اليمين إن كل العمر الذي عاشه ديماس اللص ، لا يمكن أ، يقارن بهذه الساعات التي قضاها مع المسيح علي الصليب وكل أنواع اللذة والسعادة التي تمتع بها في حياته ، لا يمكن أن تقاس باللحظة التي سمع فيها من فم الرب عبارة " اليوم تكون معي في الفردوس "إنها أسعد لحظة في حياته عمره كله لا يساويها حقاً أن مقاييس الوقت ، تختلف في طولها وعمقها إن ساعات قليلة من حياة إنسان ، قد تكون أطول وأعمق في مفعولها ، من عمر كامل لإنسان آخر ، سواء من جهة الخير أو الشر ، النفع أو الضرر ساعة من حياة بطرس الرسول ، كانت سبباً لخلاص ثلاثة آلاف وساعة عكسية في حياة داود النبي ، أخطأ فيها ، وظل يبكي بسببها حياته كلها ، ويبلل فراشه بدموعه ، وصارت دموعه شراباً له نهاراً وليلاً وأنت هل وقتك صديق لك أم عدو ؟ هل هو لك أم عليك ؟ هل تكسب فيه الحياة أم تخسرها ؟ هل تنمو فيه روحياً ، أم ترجع فيه إلي الوراء ؟ أسأل نفسك هل مر عليك يوم قلت عنه ندم ليت هذا اليوم لم يكن من حياتي فمشاكلي طول العمر هي من نتاج هذا اليوم ، الذي فيه ضيعت عمري!ومن الناحية الأخري هل مر عليك وقت آخر كان له تأثيره الجميل في حياتك وحياة الناس ! هناك أناس كانت حياتهم بركة لأجيالهم لدرجة تجعل بعض الناس يقولون " لقد عشنا في زمن فلان ، عشنا في جيله وعاصرناه "فهل أنت هكذا ، يفرح الناس لأنهم عاشوا في أيامك وعاصروك وتأثروا بك ؟ هل لك تأثير وفاعلية وبركة ؟ هل وقتك ترك خاتمة علي غيرك ؟ كثيراً ما يرتبط الجيل بالشخص ، وتسمي بإسمه ، كما قلنا ليس في النطاق الروحي فقط ، بل والمدني أيضاً فكثيرون يذكرون مثلاً عصر شكسبير ، الشاعر المعروف ، دون أن يعرفوا القادة الذين عاشوا في عصره ، إلا الذين أرتبط بهم تاريخه ، فأعطاهم تاريخه شهرة أو قد يتحدث البعض عن عصر مايكل أنجلو الرسام الإيطالي المعروف ، دون أن يعرفوا البابوات الذين عاشوا في زمنه ، أو الأباطرة الذين عاصروه لقد كان هو أشهر من في الجيل كله ، فعرف الجيل كله به ، لأن وقت ميشيل أنجلو ترك آثاراً عميقة إستمرت حتي جيلنا هذا نقول هذا هؤلاء المشهورين ، ونقول من الناحية الأخري هناك أشخاص آخرون ، عاشوا وكأنهم لم يولودا ! قضوا فترة علي الأرض ، وكأنهم غير موجودين ، كأنهم لم يخلقوا لم يستفد العالم شيئاً من وجودهم ، ولم يحدثوا تأثيراً حتي في الدائرة الضيقة التي عاشوا فيها كان وقتهم بلا ثمر ، لم يستغلوه لمنفعتهم ولا لمنفعة أحد لذلك صارت حياتهم فراغاً .فحاذروا أن تكونوا من هذا النوع ، بل استفيدوا من وقتكم ، لبنيانكم وبنيان الآخرين ولا أقصد أن يكون تأثيركم في المجتمع الذي تعيشون فيه ، هو من أجل لفت الأنظار ، إنما من أجل أيمانكم بأن تكون لكم رسالة ، في بناء ملكوت الله علي الأرض إن كانت أيامكم السابقة بهذا الثمر ، فطوبكم وإن لم تكن فاهتموا من بداية هذا العام الجديد ان تكون حياتكم مثمرة ، وأن يكون وقتكم غالباً ، وله فاعليته احرصوا أن يكون هذا العام مثالي. عام مثالى:- لو كانت أعوام حياتكم تتنافس فيما بينهما ، فأي عام من هذه الأعوام يكون أفضلها ؟لا تتبعوا أنفسكم في فحص الماضي ، إنما ليت هذا العام الجديد يكون هو الأفضل وهو العام المثالي ليت هذه السنة الجديدة تكون أحسن سنوات العمر وليتنا نقول هذه العبارة في كل عام جديد يطل علينا وكما يدرب البعض أنفسهم علي يوم مثالي يقضونه في أجمل وضع روحي ، هكذا فليكن لنا تدريب العام المثالي ، كل يوم من أيام هذا العام المثالي ، لنجعل كل يوم من أيام هذه العام يوماً مثالياً ، وكل ساعة فلتكن ساعة مثالية فليعطينا الرب هذه النعمة ، له المجد الدائم إلي الأبد آمين قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كيف نبدأعاماً جديدا
المزيد
31 يناير 2020

العقل والروح والنفس

أريد أن أتحدث عن العقل والروح والنفس وكيف تكون غير نافعه وتصير نافعه فيما بعد.معني انسيمس هو اسم نافع او مفيد، واستخدم بولس الرسول معنى هذا الاسم ليحول هذا العبد الهارب الغير نافع الى نافع، الَّذِي كَانَ قَبْلًا غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي، كلمتك عن الجسد واعضاء الجسد وقد تكون غير نافعه ونتعلم كيف نحولها لنافعه.واكلمك اليوم عن العقل وشخصية يونان النبى العقل هبه من ربنا مثل التعبير الشعبى العقل زينه، وهذا العقل هو العطية العظمى للانسان التى جعلت للانسان عقل يفكر ويبدع ويطور، وهل ياترى انت تستخدم كل عقلك ولا جزء منه ولا عقلك به موضوعات لا تليق او لا تفرح او شر ماذا يوجد بعقلك، وعقلك لا يعرفه احد سوى انت فقط.إن كان الإنسان من كلامه نستطيع أن نحكم على عقله، لكن ربما يكون عقلك لا يخدمك، أو يدمر أفكارك الذاتية المتعبة، ومثال على ذلك يونان النبى، إنسان ظهر فى العهد القديم، وعاش عمرا طويلا، لكن يوجد موقف معين ومشهد فى التاريخ ظهر عقله يفكر ازاى، يونان لما تدرس شخصيته ستجد بها أخطاء كثيرة، لكن الآن ستجد بها 3 خطايا معينه وقع فيها يونان بسب العقل. الخطية الأولى: الاستهتار، والاستهانة بكلام الله وليس لديه مخافة لكلمة الله، وجود المخافة تحكم تصرفاته مثل جملة (اتقِ ربنا) ربنا قاله روح نينوي راح ترشيش ويستهتر بكلمة الله وربنا أراد أن يوقظه، فهاج البحر ليصحى من نوم العقل. أما الخطية الثانية: العناد، عناد الانسان يكون بعقله زى ما بنقول: فلان مخه ناشف، عناد الإنسان، وعندما يعاند يكون بلا طاعة ويبرر موقفه وحياته ولا يهتم لإرشاد أحد، كم من مشكلة بطلها العناد، نام يونان نومًا ثقيلًا خطية عناده سببت هيجان بحر بأكمله، وكادت أن تغرق سفينة بأكملها، وفقد الطاعة حتى نجد الله وأراد أن يفيقه من غفلته فاحضر كائن أكثر طاعة وهو الحوت، والعناد أفقد يونان السلام الداخلى لأنه عاند الله”. وأوضح قداسة البابا بأن الخطية الثالثة هي الأنانية، كان بيحب نفسه أكثر من أي أحد آخر كان بلا توبة وهى تظهر الأنا للإنسان وأنانيته، ويجب أن نعرف رؤيتنا لنفسنا، ويونان كان ساقطًا فى هذه الخطية، وعقله جعله يقع فى الاستهتار والعناد والأنانية. وتساءل قداسة البابا خلال العظة: كيف نجعل عقلنا عقلا نافعا؟ أولًا: نجعل عقلنا دائمًا فى حالة تفكير غير مشتت ونكون أفكارا ناجحة، ما تزرعه بعقلك ستحصده، وحتى تنجح اشحن عقلك بالقراءة بكل صورها بالمعرفة ، ولا تجعل عقلك “هايف وفاضي”، مثل بعض البرامج التى لا تبنى الإنسان واجلس فى مجالس تحترم العقل، واجعل عقلك نافعا وبناء ويستطلع خبرات الآخرين، وابعد عن القراءات المتعبة وعلى قمة قراءتك الناجحة يتربع الكتاب المقدس، والكتاب ليس كتابًا بل إنه مكتبة متنوعة أسفار ومزامير، اجعل عقلك ينفعك ويفيدك. أما من ناحية النفس، والنفس تشمل العواطف والعادات والمواهب والقدرات، عاطفة الإنسان التى تجعله إنسانًا يحب ويحنو ويشعر بالآخر وعواطف الإنسان قد تكون انساقت فى غرائز غير نافعة محبات أرضية بصور وأشكال مثل بعض الكتب تجد محور حياة شخص المال أو النساء أو الشهرة.والطفل وهو صغير بيترشم فى أماكن كثيرة فى جسده ليقدس الله وتصير أعضاؤه نافعة.عندما تقترب من الله يصير قلبك جميلًا يحب الجميع، وعندما تبتعد عن الله يصغر قلبك ولا تجد غير نفسك، العاطفة المقدسة والمباركة التى من خلالها نشأت كل الخدمات الإنسانية التى نسمع عنها مثل خدمة التمريض والصليب الأحمر وهم لديهم عاطفة متدفقة لخدمة البشر كلهم، مثل عندما نقرأ سيرة الآم تريزا لما خدمت بالعاطفة ملايين من الفقراء والمرضى، اجعل عاطفتك قى هذا العام الجديد عاطفة منضبطة، واجعل عاطفتك يقودها الله ومحبتك لله فقط من أجل الله تتعب فقط وليس من أجل أي مجد من خلال عاطفتك تكون خدمتك.ومن ناحية العادات بعضها سلبى وسيئة وبعضها إيجابى ومفيد، والإنسان بعادات قد يدمر آخرين مثل الإدمان قد يدمر الأسرة بأكملها، ومثل شراهة المأكل، وتوجد عادات نافعة مثل قراءة الإنجيل، ويجب فحص عاداتك، والتخلص من عاداتك السيئة الضارة غير المفيدة، واحتفظ بالعادات الإيجابية والمفيدة فقط والمنضبطة، واعد الله وكن صادقًا فى وعدك و لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
28 يناير 2020

الضيقات واختبار الله

من المزامير التي تعزينا ونحن نمر بضيقات متكررة هي كلمات مزمور «الرب نوري وخلاصي»، فالمزمور يتكلم عن الآلام والضيق، وفي ذات الوقت يتكلم عن اختبارات التعزية في الألم، ففي وقت الضيق نستطيع أن ندرك كيف أن الله يخبّئنا في مظلته. فالله يسمح لنا أن نقابل تجارب وضيقات، ولكن بركة هذه الضيقات تمنح الإنسان خبرات جديدة في حياته الروحية. فكثيرًا ما تقابلنا تجربة خطية.. أو تجربة الضيقة.. أو خبرة تنفيذ الوصية، وفي جميعها علينا أن نضع في قلوبنا أننا ينبغي أن نخرج من كل منها بخبرة روحية جديدة في حياتنا، لأنه بدون الضيقات لا يمكننا أن ننال اختبارات أو تعزيات جديدة.. أولًا: تجربة الخطية عندما تمر حياتنا بتجارب واختبارات وحروب العدو بالخطايا المختلفة، هذه التجربة القاسية تمنحنا أن نختبر تعامل الله معنا بحب وحنو، وكيف يقودنا في طريق النصرة، وكيف نصنع توبة، وكيف نتجنب طرق الشر، وكيف نتجنب العثرة، وكيف نكمّل توبتنا بحرص.. وهذه نماذج من الكتاب المقدس 1) داود النبي: قبل أن يسقط داود ربما شعر أنه هو المرتل الحلو وقائد الجيوش وصاحب القيثارة الذي قلبه بحسب قلب الله.. أمّا سقوطه فجعله يراجع نفسه، ويبلّل فراشه بدموع مُرة، وارتعشت ركبتاه من النُسك، وبدأ يتعلم الانسحاق وينال بركة الاتضاع.. ولم يكرّر داود خطيته لأنه تعلم منها.. نعم أخطأ مرة أخرى عندما عدّ الشعب، ولكنه تعلّم من هذه الخطية أيضًا ولم يكررها مرة أخرى. 2) يعقوب أبو الآباء: كان يعقوب ابنًا محبوبًا، إلّا أنه خدع أباه وخدع أخاه عيسو ليحقق مكاسب، لكنه أيضًا في خطيته جُرِّب إذ خُدِع من خاله لابان وتغرّب لسنوات طويلة في أرض غريبة وتعرّض لغضب أخيه.. ولكن من هذه التجارب تعلم يعقوب أن يتضع، فسجد أمام أخيه الذي خدعه من قبل واعتذر له. 3) بطرس الرسول: عندما أنكر اختبر محبة الرب وغفرانه عندما نظر إليه وقت محاكمته، وتعلّم قبول الله له كخادم عندما دعاه للخدمة مرة أخرى على بحيرة طبرية.. وهذه الخبرة الروحية سندته طوال حياته وحتى استشهاده في نهاية حياته. ونحن في كل مرة نمرّ بتجربة ضعف وخطية ننال خبرة النصرة والاتضاع والتدقيق ومراجعة الذات والحرص من أخطاء السان. نتعلم متى نصمت ومتى نتكلم.. نتعلم الأسلوب الليّن، ونتعلم أن نضع حارسًا لفمنا، وندقق في كلماتنا لئلا تؤذي الآخرين مدى الحياة، ونتعلم أن نبتعد عن مجال العثرة سواء قراءات أو أصدقاء، ونتعلم جدية السلوك والحرص على النقاوة. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
01 أغسطس 2020

العذراء مريم.... السماء الثانية

لما بشّر الملاك العذراء مريم بنزول ابن الله إلى بطنها، قبلت البشارة قائلة: «هوذا أنا أمَةُ الرَّبِّ. ليَكُنْ لي كقَوْلِكَ» (لو1: 38). للوقت نزل ابن الله من سماء السماوات إلى بطن العذراء، ليأخذ منها جسدًا يتمّم به الخلاص للبشرية، وأصبحت هي السماء الثانية حيث يسكن الله. والكنيسة تلقبها بالسماء الثانية، نقول في إحدى تسابيح العشية في شهر كيهك. + سماء ثانية جسدانية... دُعيتِ يا قبة الأنوار... شمس البر العقلية...ضياؤك أشرق في الأقطار....على الأرض وفي السماوات... طوباكِ يا زينة الأبكار... حملت الإله رب القوات.... مجدك يعلو على الأفكار. + ونقول في ذكصولوجية باكر: السلام للسماء الجديدة التي صنعها الآب، وجعلها موضع راحة لابنه الحبيب. السلام للكرسي الملوكي، الذي للمحمول على الشاروبيم. + إنه سر عظيم حقًا أن الله الذي يملأ السماء، والأرض كلها لا تسعه، يستطيع أن يحل ويسكن في بطن العذراء الصغير الضيّق، ويأخذ منها جسدًا يتمشّى به بيننا على الأرض، ويصير اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا، حتى قال معلمنا بولس الرسول «وبالإجماعِ عظيمٌ هو سِرُّ التَّقوَى: اللهُ ظَهَرَ في الجَسَدِ» (1تي3: 16). + كلمة سماء من سمو أو علو، والعذراء مريم سامية وعالية في سيرتها وفضائلها، العذراء مريم قدوة ومثال في كل الفضائل، وهي أمنا التي نتعلم منها كل الفضائل، والشاعر يقول: "الأم مدرسة إذا أعددتها...أعددت شعبًا طيب الأعراق". بركة شفاعتها وصواتها فلتكن معنا آمين. نيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر
المزيد
31 مارس 2020

محبة الله

مع بداية الصوم المقدس أحب أن أحدثكم عن محبة الله لنا، التي هي من جهة الله محبة غير محدودة وغير مشروطة، وأمّا من جهتنا فنحن فكثيرًا ما نجاوب بأننا نحب الله، وقد نظن أن تواجدنا المستمر في الكنيسة هو علامة هذه المحبة، وربما تريح هذه الفكرة ضمائرنا أمّا محبة الله الحقيقية فلها علامات تظهرها وتؤكدها لنختبر أنفسنا بها وهذه بعض العلامات:- 1- حفظ الوصية فيسوع نفسه علم تلاميذه «من يحبني يحفظ وصاياي» (يو14: 15)، فنحن عندما نقرأ الكتاب المقدس لا نقرأه من أجل المعرفة أو البركة فقط، ولكننا نقرأه لكي نعرف الوصية ونسلك فيها، فكل وصايا الكتاب هي منهج للحياة المسيحية، وحفظها عمليًا في حياتنا هو علامة محبتنا الحقيقية لله. ومن أجمل المزامير التي تتحدث عن حفظ الوصية هو مزمور 119 الذي نرتله يوميًا في صلاة نصف الليل. 2- العشرة مع الله: فمن يحب الله يحب أن يجلس دائمًا معه ويتحدث إليه، فالصلاة الدائمة ومحبة التسبيح ومحبة محال القديسين، والفكر المرتبط دائمًا بالله حتى وسط الانشغالات اليومية، ومحبة الأنشطة التي لها طابع روحي كلها أمور تعكس محبتنا لله أمّا الإنسان المتثقّل من عشرته مع الله، فغالبًا ما يهرب من التواجد معه. 3- حضور الرب الدائم في الحياة: محبة الله تجعلنا نستشعر دائمًا حضور الرب في كل مكان نذهب إليه، ومع كل شخص نقابله تجعلنا نحرص ألّا نصنع شيئًا يحزنه أو يغضبه. فمحبتنا لله تجعلنا نرفض الذهاب إلى الأماكن المعثرة، ونحرص ألّا ننطق بكلمة شريرة، لأننا نشعر أن الله حاضر معنا في كل وقت «جعلت الرب أمامي في كل حين، إنه عن يميني فلا أتزعزع» (مز16: 18). 4- شركة الروح القدس: والتمتع بشركة الروح القدس هو أحد علامات محبتنا لله، فالإنسان المحب لله يطلب معونة الروح القدس وإرشاده في كل خطوات حياته، في بيته وفي أعماله وفي معاملاته مع الآخرين وفي قراراته وخدماته وضيقاته وأفراحه الخ. وعلامة شركة الروح القدس هو شعور الإنسان بالسلام الدائم، أمّا الاضطراب فهو علامة غياب الروح القدس فينا، لذلك تصرفنا الكنيسة من كل خدماتها بالبركة المفرحة "محبة الله الآب، ونعمة الابن الوحيد، وشركة وموهبة وعطية الروح القدس، تكون مع جميعكم امضوا بسلام" لذلك لنسأل دائمًا معونة الروح القدس فيعطينا سلامًا وإرشادًا، ولنطلب دائمًا ألّا نسلك بحسب فكرنا الشخصي بل بحسب مشورة الله. 5- الخدمة: هي إحدى علامات محبة الله، فالرب يسوع تكلم مع معلمنا بطرس علي بحيرة طبرية قائلًا له: «يا سمعان بن يونا، أتحبني؟ ارعَ غنمي». فخدمة الآخرين هي علامة محبتنا لله. والخدمة بهذا المعني ليست نشاطًا لفئة معينة من المسيحيين لكنها صفة ترتبط بحياة كل المؤمنين. والخدمة ليست نوعًا واحدًا كما يرتبط بذهن البعض أن الخادم هو من يشارك في التعليم في الكنيسة، لكن الرب يسوع قد لخّص معنى الخدمة الواسع عندما تكلم عن نهاية العالم «كل ما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم» (مت25: 40)، فكسرة الخبز خدمة، وكوب الماء خدمة، والثوب البسيط للعريان خدمة، ورد إخوتنا عن طرق العالم ودعوتهم للكنيسة خدمة، وتشجيعك لإنسان بائس أو مؤازرتك لشخص متضايق خدمة لذلك فليست الخدمة التي نقصدها هي الخدمات ذات البريق التي يسعي لها الكثيرون، بل لنقدم أبسط الخدمات دون أن نطلب مجدًا أو شهوة ظهور، ونحن نحتفظ في داخل قلوبنا بفكرة أننا تقدم خدمتنا لله شخصيًا.لتكن فترة الصوم المقدس فترة لنفحص فيها ذواتنا من الداخل، هل نحب الله بالحقيقة كما أحبنا؟ ولنراجع طرقنا. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
30 أغسطس 2020

الخادم وزمن الكورونا 1

بلا شك أنه في هذه الفترة تواجة الخدمة صعوبات كثيرة نظرًا لظروف مواجهة العالم لفيروس كورونا، مما أنشأ احتياجات مختلفة وغير تقليدية نحتاجها حاليًا للخدمة. ونحن نؤمن أنه طالما توافرت الغيرة والأمانة والمحبة، أنشأت معها الوسائل التي تخدم الهدف، حيث تتنوع الوسائل ويبقي الهدف واحدًا وهو خلاص كل أحد ومعرفة المسيح والامتلاء بالروح القدس، ولنتبع منهج معلمنا بولس الرسول حين قال: «صرتُ للكل كل شيء لأربح على كل حال قومًا».وحين نخضع لعمل الله، سيؤهّلنا ويعلّمنا الوسائل التي تمجد اسمه القدوس، فهو الذى يرسل ويهب المواهب ويعلم اللغات ويمنح الإمكانيات ويفتح الأبواب ويسد الاحتياجات.لذلك وجب علينا كخدام أن نصلي كثيرًا ليرشدنا الله إلى وسائل تناسب الظروف الحالية، فصار علينا مسئولية مضاعفة: كيف ننقل لأولادنا المخدومين الكنيسة والإنجيل وكل ما كنا نقدمه في خدمات التربية الكنسية، بشكل تفاعلي جذّاب؟ وإلا ما سبق وزرعناه في سنين كثيرة بتعب وشقاء يسرقه العدو ونحن نيام وبالتأكيد مجرد الوجود داخل الكنيسة له تأثير خاص لمسناه وتذوقناه ولا بديل عنه، ولكننا نواجه واقعًا وتحديًا لم يقتصر على بلادنا فقط، بل بلغ حوالى ثلاثمائة دولة في العالم.وهنا نعرض بعض الأفكار البسيطة لضمان وتسهيل الخدمة في زمن الكورونا:- 1- يجب ألّا نهمل الفئة التي لا يُتاح لها استخدام الإنترنت، بضرورة التواصل الشخصي والمتابعة الدائمة وتمكين المحبة العملية لها، خصوصًا وقد تشمل هذه الفئة أعضاء ضعيفة قد تحتاج إلى مجهودات أكبر لخدمتها وجذبها. 2- نشكر الله إذ سمح في فترة صغيرة رغم عدم سبق تأهيل الخدام لهذه المرحلة، إلّا أننا وجدنا غيرة وأمانة للتواصل مع المخدومين، وبدأوا يتعلّمون بل ويتقنون برامج الكثير منها ليس لهم بها سابق معرفة، إذ كانت محبتهم تدفعهم لتخطّي المعطّلات، وبدأوا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي إقامة الاجتماعات والخدمات في مواعيدها عن طريق برامج خاصة ( zoom - google meet - skype - skype meeting - streamyard- وغيرها من برامج)، تضمن الحضور والتفاعل بالصوت والصورة، وربما واستخدام كافة الوسائل التي نستعين بها في الخدمات مثل الفيديوهات والترانيم والألحان والعروض والنصوص، وصارت تُعقَد النهضات والمؤتمرات، بل وصار من الأسهل دعوة الآباء من مختلف الأماكن فذابت المسافات واقتربت القارات. 3- الاجتهاد في إيجاد البرامج الأسهل استعمالًا والأقل استهلاكًا لباقات النت المستخدمة، حيث يمثل هذا التحدّي عائقًا كبيرًا لمشاركة كثيرين. 4- يُفضَّل عمل صفحة للكنيسة على الفيسبوك وقناة على اليوتيوب لبثّ اجتماعات الكنيسة والاحتفال بأعياد القديسين وجميع المناسبات، ويتم الإعلان من خلالها عن كل اجتماعات وأنشطة الكنيسة. 5- التشجيع على متابعة ما يقدمه المركز الإعلامي من كلمات يومية مناسبة لهذه الفترة، وأيضًا متابعة ما يقدمة قداسة البابا تواضروس من تداريب ورسائل يومية هامة ونافعة، وأيضًا التشجيع على متابعة ما تقدمة قنوات الكنيسة من بثّ مباشر لصلوات ومناسبات هامة، وخصوصًا وقد بُذِلت مجهودات مضاعفة لمساعدة الشعب على التفاعل مع الصلوات والمناسبات الكنسية المتنوعة، وذلك بتكليف مجموعة خدام تضع الروابط وتنبّه عن المواعيد وتتابع التفاعل.وللحديث بقية... القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
06 مايو 2020

مفهوم القيامة وروحياتها

إن القيامة دخل على البشرية فعندما خلق الله الإنسان خلقه للحياة نفخ فيه نسمة حياة ، فصار نفساً حية و أراد الله له الحياة و الخلود و لكن حرية الإنسان انحرفت إلي الخطيئة ، فجلب لنفسه الموت كنتيجة لخطيئته ، لأن " أجرة الخطية هي موت " ( رو 6 : 23 ) و هكذا دخل الموت إلي العالم . و ساد علي الجميع لذلك نحن نفرح بالقيامة لأنها أنتصار علي الموت و عودة بطبيعة الإنسان إلي الحياة فالله خلق الإنسان ليحيا ن لا ليموت قيامة المسيح هي عربون لقيامتنا جميعاً ، لذلك وصفه القديس بولس الرسول بأنه " باكورة الراقدين " ( 1 كو 15 : 20 ) هو الباكورة ، و نحن من بعده و لعل سائلاً يسأل كيف يكون المسيح هو الباكورة ، بينما قام من قبله كثيرون ؟! إبن ارملة صرفة صيدا اقامة إيليا النبي من الموت ( 1 مل 17 : 22 ) و ابن المرأة الشمونمية اقامة أليشع النبي من بعد أن مات ( 2 مل 4 : 32 - 36 ) كما أن هناك ثلاثة أقامهم السيد المسيح نفسه و هم إبن ارملة نايين ، و ابنة يايرس ، و لعازر حقاً إن هناك اشخاصاً قاموا من الموت قبل المسيح ، و لكنهم بعد قيامتهم عادوا فماتوا ثانية و مازالوا ينتظرون القيامة العامة أما قيامة المسيح فهي القيامة التي لا موت بعدها ، و هي الباكورة ، و الشهوة التي يشتهيها كل مؤمن بحب الخلود القيامة التي نعينها هي الطريق إلي الأبدية التي لا نهاية لها و نحن نعلم أن قصة حياة الإنسان علي الأرض هي قصة قصيرة جداً و إذا ما قيست بالأبدية تعتبر كأنها لا شئ و الخلود هو الحلم الجميل الذي تحلم به البشرية إن القيامة ترفع من قيمة الإنسان ، و تؤكد أن حياته لا تنتهي بموته القيامة تؤكد أن هناك حياة أخري غير هذه الحياة الأرضية ، سوف نحياها بمشيئة الرب بعد القيامة و هكذا نقول في " قانون الإيمان " الذي نتلوه كل يوم في صلواتنا " و ننتظر قيامة الأموات ، و حياة الدهر الآتي اَمين " إذن لعلنا نقول إن أهم ما في القيامة هو ما بعد القيامة فالقيامة تدل علي أن لحياة الإنسان امتداداً في العالم الآخر ، و أن الموت هو مجرد مرحلة في حياة الإنسان ، أو هو مجرد جسر بين حياتين إحداهما أرضية و الأخري سمائية و لا شك أن الحياة الأخري أفضل بكثير ، لأنها حياة في السماء ، مرتفعة عن مستوي المادة كما أنها حياة نقية ، لا توجد فيها أية خطية و فوق كل ذلك فهذه الحياة الأخري هي عشرة مع الله و ملائكته و قديسيه عبر عنها الكتاب بقوله " ما تره عين ، و لم تسمع به أذن ، و لم يخطر علي قلب بشر ، ما أعده الله للذين يحبونه " ( 1 كو 2 : 9 ) و لهذا قال مار اسحق " إن مخافة المكوت تزعج قلب الرجل الجاهل أما الإنسان البار فيشتهي الموت مثلما تشتهي الحياة " و لهذا قال القديس بولس الرسول " لي اشتهاء أن أنطلق ، و أكون مع المسيح ، فذلك أفضل جداً " ( في 1 : 23 ) حقاً أن الموت يصبح شهوة للذين يحبون الله و يحبون الحياة الأخري ، و يرون أنها أفضل جداً من عالمنا هذا الذي فقد نقاوته هؤلاء لإيمانهم بالقيامة - لا يرون الموت نهاية حياة ، إنما هو انتقال لحياة أخري إن القيامة غيرت نظرة الناس لي الموت ، فأصبح مجرد أنتقال ، جسر يعبر إلي حياة أخري ، أو قل هو عملية ارتقاء ، لذلك صار شهوة للأبرار لما حدث أن المسيح داس الموت بقيامته ، سقطت هيبة الموت إلي الأبد ، و لم يعد القديسون يخافون الموت اطلاقاً ، كما أصبحوا لا يخافون مسبباته ، كالمرض مثلاً ، أو مؤامرات الناس الأشرار و اعتدائاتهم إنما يخاف الموت الإنسان الخاطئ ، الذي لم يتب ، فيخشي مصيره بعد الموت ، و الوقوف أمامدينونة الله العادلة أو يخاف الموت الإنسان الخاطئ ، الذي له شهوات يمارسها في هذا العالم و يخشي أن يحرمه الموت منها أما البار فلا يخاف الموت اطلاقاً ، لأنه يؤمن بالقيامة و القيامة ترتبط بالإيمان ، فالملحدون مثلاً لا يؤمنون بالقيامة الإنسان المؤمن يؤمن بقدرة الله علي اقامة الجحسد من الموت ، فالذي خلق البشر من التراب ، و خلق التراب من العدم ، هو قادر علي اعادة الجسد إلي الحياة ليعود فيرتبط بروحه أما الملحدون فلا يؤمنون بوجود الروح أو استمرارها بعد الموت ،و لا يؤمنون بالحياة الأخري ، و لا بالثواب و العقاب لهذا قلت إن القيامة ترتبط بالأيمان و الإيمان بالقيامة يقود إلي حياة البر و الفضيلة فهو يؤمن بأنه بعد القيامة ، سيقف أمام الله في يوم الدينونة الرهيب ، لكي يعطي حساباً عن كل أعماله ، إن خيراً و إن شراً لذلك يقوده هذا الإيمان إلي حياة الحرص و التدقيق خوفاً من دينونة الله العادلة و بالتالي يحاسب نفسه علي كل عمل ، و كل فكر و كل شعور ، و كل كلمة ، و يقوم نفسه ، كما قال القديس مقاريوس " احكم يا أخي علي نفسك ، قبل أن يحكموا عليك " بل إن الإيمان الحقيقي بالقيامة يقود إلي حياة الزهد و النسك القيامة حولت أنظار الناس إلي أمجاد العالم الآخر ، فتصاغرت في أعينهم المتعالزائلة في هذا العالم الفاني و من فرط تفكيرهم في غير المنظور ، ازدادوا بالمحسوسات و المرئيات و أصبحوا كما قال الكتاب " غير ناظرين إلي الأشياء التي تري ، بل إلي التي لا تري لأن التي تري وقتية ، و أما التي لا تري فابدية " ( 2 كو 4 : 18 ) و لو لم تكن القيامة ، لتهالك الناس علي هذه الحياة الرضية ، و غرقوا في شهواتها كالأبيقوريين الذين كان يقولون " لنأكل و نشرب ، لأننا غداً نموت " ( 1 كو 15 : 32 ) أما الذين يؤمنون بالقيامة و يستعدون لها ، فإنهم يضبطون أنفسهم حسناً و يدخلون في تداريب روحية لتقويم ذواتهم و لا ينقادون وراء الجسد و لا المادة بل يحيون بالروح بأسلوب روحي ، و يقمعون أجسادهم و حواسهم و أعصابهم حب الأبدية جعل الأبرار يشتاقون إلي شئ أكبر من العالم و أسمي كل ما في العالم لا يشبعهم ، لأن في داخلهم اشتياقاً إلي السماء و إلي النعيم الروحي الذي يسمو علي الحس و يرتفع فوق كل رغبة أرضية لذلك نظر القديسون إلي الأرض كمكان غربة ، و اعتبروا أنفسهم غرباء ههنا ، يشتاقون إلي وطن سماوي ، إلي حياة أخري ، من نوع اَخر روحاني نوراني سمائي ما لم تره عين اشتاقوا إلي العالم الآخر الذي كله قداسة و طهارة وروحانية ، و سلام و حب و نقاء حيث الله يملأ القلوب فلا تبقي فيها شهوة لشئ اَخر غيره القيامة فيها لون من العزاء و التعويض للناس فالذي لا يجد عدلاً علي الأرض ، عزاؤه أن حقه محفوظ في السماء ، عند الرب الذي يحكم للمظلومين الذي لا يجد خيراً علي الرض مثل لعازر المسكين ، عزاؤه أنه سيجد كل الخير هناك و كما كان علي الأرض يتعذب ، فهو في السماء يتعزي فالقيامة تقيم توازناً في حياة كل إنسان إذ أن محصلة ما يناله علي الرض ، و ما يناله في السماء تشكل توازناً قوامه العدل و القيامة تقدم عزاء حقيقياً لجميع الأصدقاء و المحبين ، إذ تجمعهم ثانية ، بعد أن يفرقهم الموت لو كان الأمر ينتهي عند القبر و لا قيامة ، إذن لكان احباؤنا الذين فارقونا بالموت قد أنتهوا ، و انتهت صلتنا بهم ، و ما عدنا نراهم و هذا لا شك يتعب القلب ، و يسبب فجيعه للمحبين الذين بغير القيامة يفقدون احباءهم إلي غير رجعة إن القيامة تعطينا أيضاً فكرة عن قوة الله و محبته الله القوي الذي يستطيع أن يقيم الأجساد بعد أن تكون قد تحللت و تحولت إلي التراب ، و يعيدها بنفس شكلها الأول ، و لكن بلون من التجلي روحانية و نورانية إنه الله المحب الذي لم يشأ أن يتمتع وحده بالوجود ، فخلق كائنات أخري كما لو يشأ أنه يعيش وحده في الخلود ، فأنعم بالخلود علي الناس و الملائكة ، و وهب البشر حياة أبدية بعد قيامهم من الموت و من متع القيامة زوال الشر و زوال كل ما سببته الخطية ففي النعيم الذي يحياه الأبرار لا يكون هناك شر و لا خطيئة بل مجرد معرفة الخطية ستنتهي و نعود إلي حياة البساطة الكاملة و النقاوة الكاملة كالملائكة ،و كالأطفال في براءتهم و تتخلص النفس من الأمراض التي رسبتها عليها الخطية كالخوف ، و الشك ، و الشهوة ، و القلق ، و ما شابه ذلك ، و عندئذ تلبس النفس اكليل البر ، و تزول منها جميع النقائص نفسية كانت أم جسدية يعوزنا الوقت إن تحدثنا عن كل أمجاد القيامة فذلك يحتاج إلي كتب . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب تأملات في القيامة
المزيد
20 يناير 2020

تأملات فى عيد الظهور الإلهي

تقابل السيد المسيح أثناء كرازته مع إنسان ولد أعمى، ولم يستطع هذا الإنسان أن يتمتع بنعمة البصر إلا بعد أن قابله السيد وطلى بالطين عينيه، وأمره بالإغتسال فى بركة سلوام، مثالاً لكل البشر، الذين فقدوا بصيرتهم الروحية وإستنارتهم السماوية، وكيف أنهم سينالون الإستنارة من خلال المعمودية. إن الله لم يترك نفسه بلا شاهد (أع 17:14) بل أعلن لنا نفسه فى القديم بواسطة رموز وصور متعددة مثل: 1- ملكى صادق (تك 14) : ملك شاليم، الذى أضاء فى وسط العهد القديم، بلمحة من ضياء كهنوت المسيح. وظهر بعد ذلك الكهنوت اللاوى، حتى جاء المسيح كاهناً على رتبة ملكى صادق (مز 4:11)، ذلك الذى كان مجرد رمز للسيد المسيح، ملك السلام، والبر، وقابل العشور، وذبيحة الخبز والخمر.. الخ. 2- سلم يعقوب (تك 28) : الذى رآه فى هروبه من وجه أخيه وكان رمزاً للسيدة العذراء حاملة المسيح (يو 51:1). 3- ظهور النور (الشاكيناه) : ظهر على غطاء تابوت العهد بين الكاروبين ليعلن عن حضور الله وعن مشيئته، فالله هو النور، وساكن فى النور، وتسبحه ملائكة نور.. 4- أخيراً جاء يوحنا المعمدان : جاء كملاك يعد الطريق (مت 1:3).. ودعى السابق الصابغ والشهيد. وفى ملء الزمان كشف الله عن ذاته بطريقة باهرة، إذ انشقت السماء، وأعلن الآب عن ذاته، منادياً الابن، وظهر الروح القدس فى شكل حمامة. 1- الإعلان الكامل : أخيراً أعلن الله ظهوره النورانى الكامل الذى مهدت له ومضات العهد القديم. وازداد لمعان ذلك الظهور أثناء كرازة الرب العامة (يو 3:17)، وفى حادثة التجلى (مر 19:12-26). 2- السماء المنشقة : أ- انشقت السماء يوم عيد الظهور الإلهى، إيذانا بانتهاء عهد الظلال والرموز والظلام، وحلول وبدء عهد النور المكشوف الواضح. ب- لم تنغلق السماء منذ أن انشقت، بل ظلت مفتوحة للمؤمنين (أع 26:7)، (أع 11:10)، (2كو 12) فى رؤى للقديسين بطرس وبولس. ج- وإذ انشقت السماء نزل منها الروح القدس، ليحل على بنى البشر مصدراً للحياة، وأساساً للتعزية، يصاحب المؤمن طوال غربته. 3- الشهادة السماوية : أ- هذا هو إبنى الحبيب: هى شهادة البنوة التى أعلن بها الآب أبوته لإبنه الوحيد، ذاك الذى صار لنا به التبنى المواعيد (أف 5:1). ب- الذى به سررت: بهذا أعلن الآب كمال مسرته بإبنه، أنه قد أصبح لله مسرة فى حياة أولاده المؤمنين به، "لذتى فى بنى آدم" (أم 31:8). وهنا نتساءل: هل استنرت أنت يا أخى الشاب شخصياً فى حياتك؟ بل هل أضأت مصابيح قلبك بزيت البهجة؟ كيف؟‍‍؟! هناك وسائل هامة للإستنارة مثل: 1- إستنارة المعمودية : بدون المعمودية لا يمكن أن يستضئ قلب المؤمن، وبولس الرسول يقول عنها أنها الإستنارة (عب 4:6) التى لا تعاد. وهى حق لكل مؤمن. 2- إمتداد الإستنارة : وما أن ينال المؤمن قوة المعمودية، حتى ينطلق لممارسة كافة الأسرار الكنسية المقدسة، كالميرون والإعتراف والتناول، بل أنه يواظب على وسائط النعمة لزيادة إمتداد الإستنارة، بالإضافة إلى دراسته لكلمة الله وقراءاته الروحية، وحضوره الإجتماعات الكنيسة.. هذه كلها وسائل إستنارة. ملاحظات: ويمكن للخادم أن يناقش بعض الموضوعات الأخرى مثل: 1- عمل الثالوث القدوس فى خلاصنا. 2- اتضاع المسيح وخضوعه للناموس سواء فى الختان أو المعمودية ليكمل كل بر. 3- أهمية المعمودية والقيم الروحية التى ننالها من ممارسة هذا السر، كما أنه يمكن أن يقرأ مع المخدومين بعض مقتطفات من كتاب الخدمات الكنسية عن المعمودية. 4- يحسن أن ينبه الخادم إلى أن الميلاد الثانى بالمعمودية ليس هو التوبة وتغيير الفكر، كما تدعى بعض الطوائف، وإنما التوبة هى إمتداد عمل المعمودية فينا، ولكن الولادة الثانية هى بالماء والروح. فلنتأمل معاً فى بركات المعمودية التى نالها كل منا، ويمكنا أن نجمع مواقف وآيات من الكتاب المقدس عن مواضع إعلان الله لذاته فى العهدين، وأن طقوس المعمودية وعلاقتها بالنور مثل الملابس البيضاء، وإضاءة الشموع حول المعمد فى الزفة التى تعمل بعد العماد. بعض أقوال الآباء القديسين : كيرلس الكبير: "تستنير نفوس المعتمدين بتسليم معرفة الله". يوستينوس الشهيد: "وهذا الإغتسال يسمى تنويراً لأن الذين يتعلمون هذه الأمور يستنيرون فى أفهامهم". نيافة الحبرالجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
14 يونيو 2020

عندما تتحول الخدمة إلى كرامة شخصية

" لأن ابن الإنسان أيضا لم يأت لُيخدم بل ليَخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين (مرقس 10 : 45) من المؤلم حقاً أن يشعر الخادم أنه مسئول وأنه صاحب امتياز ورتبة، يطلب احترام المخدومين ويعاتب من لا يقدم له الاحترام الواجب، ليس على أساس كرامة الكنيسة ولكن كرامته الشخصية، لقد تقدم للخدمة ليبذل ويتعب لأجل المخدومين حتى الموت، فهل سمعتم عن خادمة في منزل انتهرت سيدتها ووبختها مطالبة بحقوقها، بل أنها تخدم سيدها الكبير (رب البيت) وسيدها الصغير (الطفل) وتجتهد أن تجد نعمة فى أعين جميع أهل البيت. ولكن الخدام أحياناً يشعرون أن المسئوليات والوظائف الكنسية هى (كعكة) يحق له أن يقتطع قطعة منها، ولكن الوضع المثالى هو أن يعمل الخادم فى صمت وفرح بعيداً عن الكرامة الشخصية، بل ويفرح أن يزيد الآخرين وأن ينقص هو ويقول ابن سيراخ " ياأبنى إذا تقدمت لخدمة ربك فهىء نفسك للتجارب " هذا يعنى أن يهيّيء الخادم ذاته للألم وليس للكرامة. ويقول القديس بولس أنه يسر فى الضيقات وأنه يفتخر بألامه ما دامت لأجل الرب.. "لذلك اسر بالضعفات و الشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كو 12 : 10) والخادم يخدم لكى تهييء له الخدمة مجالاً أنسب يخلص فيه.. ويقول السيد المسيح لتلاميذه عندما غسل أرجلهم كأساس للخدمة "فان كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض (يوحنا 13 : 14) إذ أن (الخدمة قائمة على الاتضاع) كما نبههم إلى أنهم سيسلمون إلى ولاة ويحاكمون أمام مجامع وأنهم سُيجلدون ويقتلون من أجل اسمه. بل أنه على الخادم أن يشكر الله لأنه شرفه بالعمل معه لأجل الملكوت. نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل