المقالات

20 مارس 2019

اليوم الثالث من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

عدو الخير الشيطان عندما تقابل مع ادم الاول وحواء ادخلهم فى تجربة وسقطوا وطردوا وتعاقبوا، ادم الثانى ربنا يسوع المسيح دخل فى التجربة (والكتاب يذكر لنا ثلاث تجارب او ثلاث نوعيات من التجارب) ولكنه انتصر، المسيح انتصر ليس لنفسه بل لنا فانتصار المسيح فى التجربة على الجبل صار بمثابة كنز نصرة نأخذه نحن فى التجارب التى نتعرض اليها الكتاب المقدس يصف الشيطان انه كذاب وابو الكذاب والمضل والذى يهوى هلاك الناس، لهذا يعبر عنه الكتاب تعبير قوى يقول “كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ” عدو الخير طول الوقت يحاربنا، لانه يهوى اسقاط البشر، ويعمل فى النفوس الضعيفة، ويصنع تجارب عديدة، ولانه خبيث وكذاب دائما ينوع التجربة التى يدخل فيها الانسان، اول شىء اريدك ان تعرفها ان الشيطان لا يمل من محاربتنا، وينتهز كل فرصة ان يقع بك، ومن هنا جاءت اهمية فضيلة اليقظة الروحية وجاءت فضيلة السهر وليس المقصود السهر المادى لكن المقصود السهر على حياتك، الامر الثانى احب انك تنتبه له: ان تجارب عدو الخير متنوعه، مرة تخص الجسد، مرة تخص العقل، مرة تخص النفس، مرة تخص العاطفة، حسب السن. الامر الثالث احب انك تعرفها وتضعها امامك ان المسيح انتصر لحسابنا، التجربة على الجبل ليست مجرد قصة نسمعها ونقرأها، لكن الثلاث تجارب عبارة عن مخزن او رصيد للنصرة. من هنا جاءت الصلاة السهمية التى نقول فيها (ياربي يسوع المسيح ارحمنى انا الخاطى او ياربي يسوع المسيح اسندنى فى هذه التجربة) كأنى بفتح الحساب واخذ من رصيد النصرة التى اعطاها لي المسيح، بصورة قريبة العبارة التى نصلي بها فى مزمور الراعى “أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي” وهذا هو المعنى الجميل لانتصار المسيح ودحره للشيطان، الامر الرابع ان السلاح الاوحد والاول والاكثر فاعلية هو الكتاب المقدس نحن نقرأ الكتاب ليس من اجل المعرفة او للمتعة الروحية او العقلية او يقرأ فى الكنيسة لمجرد انه نظام كنسي، ابدا، نحن نقرأ الكتاب المقدس فى كل اسفاره لان هذا هو سلاحنا، هو الذى به نهزم عدو الخير ” كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ.” وهذا هو السبب ان عدو الخير يوقعنا فى احد الخطايا وهى اهمال كلمة ربنا التجربة الاولى: شهوة الجسد: عدو الخير يحارب باول شئ سهل وهو شهوة الجسد، شهوة الجسد لا تعنى كلمة واحده ولكنها تعنى (شهوات) الجسد ولكن اكثر شهوة فى الجسد هى شهوة الطعام، وهنا ياتى التحذر (احذر عبودية البطن!) او عادات، يمكن ذكرت فى مرة سابقة لكم عن خطية (البطن) وهى محبة امتلاء البطن، وهناك خطية الحنجرة وهى محبة الاصناف فى الاطعمة، واحيانا فى خطية (لها شكل مرض) وهى السمنة لانك تاكل اكثر من احتياجك ويمكن اخر يكون محتاجه، وهناك بعض المجتمعات فى الخارج اشهر مرض فيها هو السمنة، الله لا يخلق انسان دون ان يوجد له طعام، فالله ضابط الكل، ولكن انانية الانسان وطمعه وبطنه تجعله ياخذ نصيبه ونصيب غيره ومن هنا ياتى العجز الغذائى والمجاعات. احذر عبودية البطن، نحن فى الصوم (خصوصا الصوم الكبير) نصوم فترة انقطاعية عن الطعام لاثبت لذاتى ان شهوة البطن لا تتحكم في، “لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ” التجربة الثانية بحسب نص الانجيل : شهوة العين: “اعطيك هذه جميعها ان خررت وسجدت لي” تجربة بيقع فيها الكثرين حتى ناس يفترض فيهم الفهم والعلم، عدو الخير اللى زمان قال للمسيح اعطيك هذه كلها يقول لنا اليوم نفس الكلام ولكن بصورة مختلفة، شهوة الطمع هذه شهوة نفسية النوع الثالث : شهوة البر الذاتى والعظمة: ياخذك على جناح الهيكل (موضع وموقع مهم) الناس كلها تنظر اليك، “إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ” ، شهوة العظمة والبر الذاتى تدخل تحت العاطفة والذات، فى العصر القديم كان يوجد ايوب الصديق وكان يتفاخر بنفسه ويقدم ذبائح عن نفسه وعن اولاده ويقدم عبادات، فالله يجرده من هذه ويقف امام الله يشتكى واصدقائه يعزوه وياتى له شاب يكشف له ان خطيته انه واقع فى خطية البر الذاتى وترى انك افضل من من هم حولك ووقعت فى خطية من خطايا الكبرياء وعندما بدأ ايوب يتوب ويرجع الى نفسه ويفوق قال الاختبار الجميل “بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي.” اى نعمة فى حياتى مادية او معنوية هى بك يارب وانا دونك لست شئ الخلاصة يا اخوتى احب ان تهتموا بها وتعرفوها ان التجارب كلها تمت فى البرية، البرية مدرسة لنضوج الانسان اولا البرية مدرسة نضوج لشخص الانسان، انت عندما تقرأ اختبارات اباء البرية وانت تحيا فى العالم شخصيتك تنضج روحيا، القديس الانبا بولا عاش حياته سائحا لا نعرف منه سوى عبارة واحده قالها (من يهرب من الضيقة يهرب من الله) هل هناك اختبار اجمل من هذا، قس على هذا عبارات كثيرة، عندما يتكلم القديس ارسانيوس معلم اولاد الملوك يقول (كثيرا تكلمت وندمت واما عن صمتى فلم اندم قط) البرية نحتاجها جميعا، هى مدرسة نضوج فى البرية نتعلم ايضا فن الاتكال على الله، ليس لنا سواه، حياة التسليم،يتعلم الانسان ايضا فى البرية حياة الانضباط وفن الاتكال على الله واعرف ان حياتى فى يدك يارب وانت تدبرها، مثل انبا انطونيوس اب جميع الرهبان يوم ماخرج البرية لم يكن يفكر ماذا يحدث بعد سنة او بعد عشرة ولكنه كان متكل على ربنا، لهذا نصلي فى القداس نقول الاديرة والساكنين فيها والساكنين بايمان الله، اعتمادهم على ايمانهم بربنا ايضا فى البرية يكسر فى الانسان فكرة الذات، يتعلم الانسان شكل من اشكال الاكتفاء ذاته لا تتكبر ولا تتضخم مثل ايوب الصديق فى البرية الانسان يستطيع ان يعرف ما هى رسالة الله له، من اختبارات القديسين تستطيع ان تكتشف فى البرية عاشوا الكلمة المقدسة واختبروا الانجيل واختبروا مقاطع كتيرة فى حياتهم وعلموا اولادهم وعلموا اجيال واجيال ونحن حتى اليوم مازلنا نتعلم منهم. وهذا هو السبب الذى يجعلنا بعد ما نرسم اب كاهن جديد نجعله فى البرية اربعين يوم فهذه الاربعين معظم الاباء ان لم يكن كلهم يقولوا عنها انها لا تعوض الخلاصة ان هل تعرف تجاربك، هل منتبه لما يجربك به عدو الخير اذا كانت التجارب التى ذكرت فى البرية هى مجرد اشارات انتبه ان عدو الخير يتفنن كل يوم يعطينا مسيحنا هذه النصرة فى حياتنا لالهنا كل مجد وكرامة الى الابد امين قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
30 أكتوبر 2020

فاض قلبي بكلام صالح

الملء يسبق الفيض.. «... القَلْب... مِنْهُ مَخَارِجَ الْحَيَاةِ» (أم4: 23). هناك حفظ القلب مِمّا هو سائد في العالم من الشرور والخطايا بأن يسهر الإنسان على مداخل النفس: العين والأذن واللسان حتى لا يتسرّب إلى داخله شيء من النجاسات أو الشرور. ولكن الحركة الإيجابية هي أن يمتلئ القلب من النعمة ويمتلئ من روح الله، من كلّ ما هو جليل وطاهر، من كل ما هو نور وحق.فإن امتلأ القلب بهذه الحاسيات الإلهية يصير كنز القلب صالحًا كقول الرب.«خَبَأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي... » (مز119: 11).. فصارت كلمة الرب تسكن هناك وهي «حَيَّةٌ (قوية) وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ» (عب4: 12).«أَبْتَهِجُ أَنَا بِكَلاَمِكَ كَمَنْ وَجَدَ غَنِيمَةً وَافِرَةً (غنائم كثيرة)» (مز119: 162).. يتحصّل القلب بفرح على كلمة الحياة الأبدية بابتهاج لا يُعبَّر عنه.. يجد فيها لذّة لا تدانيها لذّة.. يمتلئ بها الداخل ويغتني، ويَستغني بها عن كلّ غِنى أرضي.«وُجِدَ كَلاَمُكَ (حلو) فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ» (إر15: 16) قال الرب لحزقيال لما أراه في الرؤيا الكلمة الإلهية المكتوبة في دَرَج الكتاب.. قال له الرب: «كُلْ مَا تَجِدُهُ..» فخضع حزقيال للأمر وقال: «فَفَتَحْتُ فَمِي فَأَطْعَمَنِي... فَصَارَ فِي فَمِي كَالْعَسَلِ حَلاَوَةً» (حز3: 1–3). فأطعم جوفه للشبع.عندما تسكن كلمة الرب بغنى في القلب، وعندما تجد في القلب أرضًا صالحة، تُثمِر الكلمة «ثَلاَثِينَ وَسِتِّينَ وَمِئَةً» (مت13).سُكنى الكلمة في القلب تُغيِّر القلب الحجري إلى قلب لحم. أي أنّ الكلمة الإلهية تُرَقِّق المشاعر، وتجعل الإنسان رحيمًا رقيقًا، ذا ضمير حساس مرهَف لعمل الصلاح والإحسان والشعور بالضعيف والمظلوم والذين في ضيقة.ومتى مَلَكَت الكلمة على القلب، صارت توجُّهات القلب كلّها نحو الصلاح والحقّ، وصار مضبوطًا بالحب، وصار البذل والعطاء منهجًا للحياة.عمل الكلمة في القلب لا يمكن شرحه، فهي ضابطةٌ للسلوك، وضابطة للكلام والتصرفات، ضابطة للطبع والمزاج، ضابطة للصحو والنوم والفرح والحزن.. بحيث أنّ الكلمة تقود وتوجِّه وتُحَكِّم.قال أب فاضل لآخر كان يشتمه: "كنت قادرًا أن أردّ عليك، ولكن ناموس إلهي أغلقَ فمى".ملء القلب من نعمة الكلمة يأتي من اللهج فيها النهار والليل.«لَوْ لَمْ تَكُنْ شَرِيعَتُكَ لَذَّتِي (هي تلاوتي)، لَهَلَكْتُ حِينَئِذٍ فِي مَذَلَّتِي» (مز119: 92).. القلب الطالب ناموس الرب يجد فيها مسرته عندما يمتلئ القلب يفيض، فتجري الكلمة على اللسان بدون مانع ولا عائق، تتدفّق كالنهر الجارف طبيعيًّا بدون تَكَلُّف. يفيض القلب فيضانًا دائمًا كقول الرب: «تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ» (يو7: 38). قال الرسول: «لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ» (2كو2: 27).الكلمة الفائضة من قلب مملوء نعمة، لا تحتاج إلى فلسفة الكلام الكلمة الفائضة من قلب مملوء نعمة، لا تحتاج إلى زُخرف الألفاظ وجمال اللغات الكلمة الفائضة من قلب مملوء نعمة، لا تحتاج إلى جدل لإثبات، بل هي تحمل قوّة الله للعمل في القلب.لا تحتاج للتمثيل، وحركات الوُعَّاظ، وعلو الصوت وخفضه، وكلّ المؤثّرات البشريةهي بعيدة عن الكلام االمَلِقُ (اللين) لكي تُرضي السامعين، أو تشتري وِدّهم. فالرسل الكذبة وصفهم القديس بولس أنّهم بالكلام المَلِق يخدعون قلوب السُلماء ويُغرِّرون بهم، وهم يخدمون بطونهم ومصالحهم ويعملون لحساب ذواتهم لا لحساب المسيح. «لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ» (رو16: 18).لذلك فالفيض من ينبوع الروح يكون لحساب المسيح وحده، والروح هو الذي يعمل في الكلمة.. ألا تذكُر كيف رجع الخدام الذين أرسلهم الكتبة والفريسيون ليأتوا بالمسيح؟ كيف أنّهم رجعوا يقولون: «لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إِنْسَانٌ هكَذَا مِثْلَ هذَا الإِنْسَانِ!» (يو7: 46) لأنهم استمعوا إلى كلمات النعمة الخارجة من فمه المبارك كلّ من يمتلئ يفيض.. هكذا عرفنا الآباء القديسين، وهكذا قنَّنت الكنيسة أقوال الآباء القديسين الذين فسروا لنا الكتب وحفظوا لنا الإيمان. وهذا أيضًا ما كتبه القديس بطرس: «بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (1بط1: 21). أيها الأخ الحبيب ليجعل الله كلمته الحيّة تدخُل بالحقّ إلى أعماق قلبك ونفسك وتعمل عملها العجيب كما قال الرب: «لاَ تَرْجعُ إِلَيَّ فَارِغَةً بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ» (إش55: 11). وليجعل قوله كاملاً فيك: «اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ» (لو6: 45). المتنيح القمّص لوقا سيداروس
المزيد
11 أغسطس 2020

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟ ج5

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟ يجب أن تكون قوى اتخاذ القرار متناسقة ومترابطة وهكذا تكون هذه القوى سيمفونية متناسقة ومترابطة، ليس فيها نشاز. والنشاز هنا هو أن تنفرد قوة أو تبرز بحيث تتوارى خلفها باقي القوى... مثال: 1- يهتم الإنسان بالجانب الروحي في شريكة الحياة، ويتناسى بقية الجوانب، فقد تكبره سنا، أو يكون هناك عدم ارتياح في المشاعر، أو عدم إمكانية تنفيذ عملي للمشروع. 2- أو أن يهتم الإنسان بالمشاعر فقط، فيولع بمن يختارها بطريقة متطرفة تعمى عينيه عن أمور اجتماعية أو روحية أو عملية، فيدخل في صراع مع الأسرة، أو مخالفة روحية، أو يكتشف بعد ذلك صعوبة الاستمرار العملي في الحياة، خصوصا بعد أن تخبو نار العاطفة المتأججة، لتحل محلها المسئولية العاقلة. 3- او ان يركز الشاب على زاوية الجمال الجسدي متجاهلًا جمال الروح، فيسقط في غيبوبة عقلية وروحية، إذ يتوقف العقل عن التفكير، والروح عن العمل. وربما ينسى الشاب أن الجمال الصارخ كثيرا ما يخفي وراءه غرورا خطيرا، أو بلاهة عقلية، نتيجة التركيز على الحسيات دون المعنويات . بل كثيرا ما يكون الجمال الصارخ سبب غيرة وتشكك لدى الزوج، يحول الحياة إلى جحيم مقيم. 4- أو قد يهتم الشاب بنسب الأسرة ومالها، وما يمكن أن يحصل عليه من مقابل مادي في هذا الزواج، فيتحول الزواج إلى صفقة تجارية سرعان ما تنفض عنها غبار العواطف التمثيلية، ليبقى منها الصراع على التراب والنقود. وإن كنا قد ركزنا الأمثلة في إطار اختيار شريك الحياة -من الطرفين طبعًا- إلا أن هذا ينطبق قطعا على كل قرارات الحياة... مثال: اختيار نوع الدراسة: يحتاج إلى صلاة، وتفكير، وسؤال آخرين قادرين على إعطاء المشورة، ودراسة للإمكانيات العقلية والنفسية وظروف المجتمع... + اختيار نوع العمل واختيار خط الحياة: بتولية أم زواج؟... نفس القوى تشترك في هذا الأمر أيضًا... وهكذا تتناغم تلك القوى، لنحصل في النهاية على ترنيمة عذبة وقرار مريح. مظلة الصلاة إن كل ما مضى من قوى، هي قوى بشرية محضة، محدودة، عاجزة عن إسعاد الإنسان، أو إنارة الطريق، ما لم تكن جميعها تحت مظلة الصلاة: أي أن يكون الإنسان في روح صلاة مستمرة قبل وأثناء وبعد المشروع، وأن يكون أيضًا في روح تسليم مستمرة طوال المشوار، تاركًا للرب أن يقول كلمته في أي مرحلة، ومهما كانت، بالموافقة، أو بالرفض، أو بالتأجيل، في ثقة كاملة أنه أكثر حنانا، وأكثر قدرة، وأكثر علمًا... لذلك فهو يلح على الله باستمرار أن يكون سائرًا في طريقه، وان تكون مشيئته متسقة ومتحدة مع إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة" (رو12: 2). ومن خلال الصلاة والتسليم، يتدخل الله، ويتمم مشيئته المقدسة، ويعلن رأيه في الأمر، ورأيه هو الرأي البناء والكامل والمريح. إن خير شعار ينبغي أن يرفعه الإنسان هو قول الكتاب: "توكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد" (ام3: 5). نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
08 يناير 2021

مقتطفات من ميمر يوحنا ذهبي الفم علي ميلاد ربنا يسوع المسيح

.. الجميع يعيدون إذ يرون الإله في الأرض -المرتفع- تنازل رأفة منه، والهابط ارتفع إذ أحب الله البشر، اليوم تشبهت بيت لحم بالسماء.. وإن كان اليهود يجحدون الميلاد العجيب.. ولقد تقوًل الكتبة مضادو الناموس وكان هيرودس الملك يطلب المولود لا ليكرمه بل ليقتله. الملوك قد تعجبوا كيف ينزل ملك السماء إلي الأرض وليس في معيته ملائكة ولا رؤساء أو قوات فقد سلك طريقًا غريبًا لم يسلطه غيره. تناول اللبن كالطفل من ثدي أمه العذراء، جاءه الأطفال، نعم جاءوا إلي الذي صار طفلًا ليجري منطق التسبيح علي أفواه الأطفال والرضع.. جاء الآدميون إلي ذلك الذي صار إنسانًا وأبرأ آدم من مصائبه. جاء الرعاة إلي الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن غنمه، جاء الكهنة إلي رئيس الكهنة علي طقس ملكي صادق.. جاء الصيادون إلي رئيس الحياة ليجعل صيادي السمك صيادين للناس. جاء العشارون إلي الذي صًير العشار كارزًا بالإنجيل. جاء الخاطئات إلي الذي كانت قدماه تبللهما الزانية وبدموعها غسلتهما، جاء كل الخطاة إلي حمل الله الذي يرفع خطايا العالم. فإذًا الكل في عيد وأنا أيضًا أريد أن أحتفل بالعيد وأفرح فرحًا وأتهلل مبتهجًا بلا ضرب طنبور ولا نفخ مزمار. هو فرحى وزينتي ورجائي وهو أملي وهو خلاصي. فمن أجل ذلك أبتهج لكي بقوته أقوي وأقول مع الملائكة المجد لله في الأعالي، ومع الرعاة أٌول وعلي الأرض السلام وفي الناس المسرة. .. مثل إنسان ولد من العذراء وبقيت عذراء بعد ولادتها.. بم أنطق وبماذا أعبر.. يا للأعجوبة العظيمة أن المولود وحيد قبل الدهور الذي بلا جسد لا يُحس ولا يفتش جاء في الجسد لأن الناس إنما يصدقون ما يرون ويسمعون عنه، وما لا يرونه لا يصدقونه، فمن أجل ذلك أحتمل المسيح سيدنا أن يُنظَر إليه بالجسد ليؤمن جحود الذين لا يؤمنون به ويولد من عذراء غير عارفة بالأمر لأنها كانت إناء طاهرًا وبسيطًا لا تعرف إلا ما سمعته من جبرائيل الملاك إذ سألته أنىَ يكون لي هذا وأنا لا أعرف رجلًا، فأجابها الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك والذي يولد منك قدوس إبن العلي يدعى.أما كيف كان معها وبعد قليل ولدته.. فكما أن الصانع الحاذق إذا صب فضة نقية جيدة عمل منها إناءً جيدًا كذلك المسيح وجد العذراء طاهرة الجسد والنفس واتخذها هيكلًا.هكذا شاء ولم يأنف من الطبيعة لأنها خلقة يديه، وإن هذا لمجد عظيم إذ عرف الناس الخالق..بِمَ أنطق أو بِمَ أُعبر، عتيق الأيام صار اليوم طفلًا -الذي علي العرش في العلو يوضع اليوم في مذود، العالي الذي لا يُجس ولا يفتش يقلب اليوم بيد البشر، الذي يفك أغلال الخطايا اليوم يشد بالأقماط. حقًا أنه يريد أن يبدل الهوان بالكرامة ويلبس المجد من لا مجد له..من أجل ذلك جاء في الجسد.. يأخذ جسدي ويعطيني من روحه، فهو يعطى ويأخذ ليكسبني كنوز الحياة (أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له فلنسبحه ونمجده ونزيده علوًا إلي الأبد [الإبصلمودية]).أقدم جسدي هذا ليطهره ويعطيني روحه لكيما يخلصني. لقد تحقق ما قيل عنه، أن العذراء ستحبل. ما كتب كان لجماعة اليهود، أما الاقتناء فللكنيسة. تلك الجماعة أخذت اللوحين أما الكنيسة فقد اقتنت الجوهر، تلك الجماعة صنعت الصوف أما هي فقد لبست السندس، يهودية ولدته وأمم كثيرة قبلته، نشأ في تلك الجماعة وقبلته الكنيسة وقطفت الثمرة. فتلك الجماعة غصن الكرمة ولنا عنقود الحق. هي عصرت العنقود فشربت الأم كأس الشراب، زرعت حبة القمح وحصدت الأمم من أجل الإيمان السنبل وقطفت الثمر مخشية الله وقد بقيت أشواك الكفر عند اليهود. يا لهذا الميلاد العجيب، ليس كمثل البشر كان مولده لكن الإله صار بشرًا. الأزلي أتى من العذراء.إن الذي خلق آدم أولًا من أرض عذراء خلقه من غير امرأة، ثم خلق المرأة كما شاء كذلك العذراء ولدته ولا تعرف رجلًا كما قال الكتاب هو إنسان ومن يعرفه، وللنساء دورهن بعد آدم، فآدم من غير امرأة خلق الله له امرأة، وجاءت العذراء وولدته لتفي عن حواء الدين الذي لزمها من آدم. جاءت حواء من غير امرأة، فلا يفتخر آدم بمدح عظيم أن حواء كانت له بدونها. العذراء ولدته لكي تكون الطبيعة شريكة فقد أخذ الله من آدم ضلعًا ولم ينقص من جنبه شيئًا ومن العذراء ولد ولم تفك بتوليتها.وكما أن آدم كان تامًا وكاملًا بعد أخذ الضلع منه، كذلك العذراء بقيت صحيحة لم يُبن له من غيرها هيكل، كما أنه ليس من غير جسدها تجسد..إن الإنسان إذا خدع صار إناء للشيطان، من أجل ذلك اتخذه المسيح هيكلًا وظهر إنسانًا كاملًا بلا خطية لينقذ الإنسان من ولاية إبليس، ويفك أغلال الخطية وإذ صار إنسانًا لم يولد مثل ميلاد الإنسان ولكن الإله صار إنسانًا، ولأنه لو ولد كالبشر لظن كثير من الناس أنه باطل أما وقد ولد من عذراء ومن بعد ولادته حفظ العذراء فإن ميلاده عجيب غريب وهذه هي الأمانة العظيمة لكيما يخلصني من ذنوبي.. وله المجد دائمًا أبديًا آمين.
المزيد
26 أغسطس 2020

أهمية الوحدة للكفارة والفداء

إن الإيمان بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد ، هو أمر لازم وجوهري وأساسي للفداء . فالفداء يتطلب كفارة غير محدودة ، تكفى لمغفرة خطايا غير محدودة ، لجميع الناس في جميع العصورولم يكن هناك سوى تجسد الله الكلمة ليجعل بلاهوته الكفارة غير محدودة فلو أننا تكلمنا عن طبيعتين منفصلتين . وقامت الطبيعة البشرية بعملية الفداء وحدها لما كان ممكناً على الاطلاق أن تقدم كفارة غير محدودة لخلاص البشرومن هنا كانت خطورة المناداة بطبيعتين منفصلتين ، تقوم كل منهما بما يخصها ففي هذه الحالة ، موت الطبيعة البشرية وحدها لا يكفى للفداء ولذلك نرى القديس بولس الرسول يقول " لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد (1كو8:2) ولم يقل لما صلبوا الإنسان يسوع المسيح . إن تعبير رب المجد هنا يدل دلالة أكيدة على وحدة الطبيعة ولزومها للفداء والكفارة والخلاص . لأن الذي صلب هو رب المجد طبعاً صلب بالجسد ولكن الجسد كان متحداً باللاهوت في طبيعة واحدة . وهنا الأمر الأساسي اللازم للخلاص ويقول القديس بطرس الرسول لليهود " أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل . ورئيس الحياة قتلتموه " (أع3 :14،15) وهنا أشار إلى أن المصلوب كان رئيس الحياة ، وهذا تعبير ألهي ، فلم يفصل الطبيعتين مطلقاً في موضوع الصلب لأهمية وحدتهما من أجل عمل الفداء ويقول القديس بولس الرسول أيضاً في رسالته إلى العبرانيين " لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل ، وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد ، أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام " (عب10:2) وهنا في مجال آلامه ، لم ينس مطلقاً لاهوته ، إذ أنه من أجله الكل ، وبه الكل . هذا الذي قال عنه في موضع آخر " الكل به وله قد خلق " (كو16:1) والسيد المسيح نفسة حينما ظهر ليوحنا الرائي قال له " أنا هو الأول وآلا خر والحى وكنت ميتاً" " وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين . ولى مفاتيح الهاوية والموت" (رؤ1 : 17،18) . فهذا الذي كان ميتاً هو الأول والآخر ، وبيده مفاتيح الهاوية والموت . وهكذا لم يفصل لاهوته عن ناسوته هنا وهو يتحدث عن موته إذن فالذي مات هو رب المجد ، ورئيس الحياة ، ورئيس الخلاص ، هو أيضاً الأول والآخرإنها خطورة كبيرة على خلاصنا أن نفصل ما بين الطبيعتين أثناء الحديث عن موضوع الخلاص . ولعل البعض يقول : ومن هذا الذي فصل ؟! أليس مجمع خلقيدونية يقول بطبيعتين متحدتين ؟! نعم يقول هذا . ويقول معه طومس لاون أيضاً : إن المسيح اثنان إله وإنسان ، الواحد يبهر العجائب ، والثاني ملقى للإهانات والآلام فإن كان هذا الإنسان وحده هو الملقى للآلام، فأي خلاص إذن نكون قد أخذناه ؟! هنا ونفحص موضوع : الطبيعة الواحدة والالأم:- حقا إن اللاهوت غير قابل للآلام . ولكن الناسوت حينما وقع عليه الألم ، كان متحداً باللاهوت فنسب الألم إلى هذه الطبيعة الواحدة غير المحدودة . ولذلك نرى أن قانون الإيمان الذي حدده مجمع نيقية المقدس يقول إن ابن الله الوحيد ، نزل من السماء ، وتجسد وتأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس وتألم وقبر وقام … فرق كبير بين أن نقول إن الناسوت وحده منفصلاً عن اللاهوت قد تألم ، وبين أن نقول إن نقول إن الابن الوحيد تجسد وصلب وتألم وقبر وقام . هنا فائدة الإيمان بالطبيعة الواحدة التي تعطى الفداء فاعلية غير المحدودة فهل تألم اللاهوت إذن ؟نقول إنه بجوهره غير قابل للألم … ولكن المسيح تألم بالجسد ، وصلب بالجسد . ونقول فى قطع الساعة التاسعة " يا من ذاق الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة …" مات بالجسد ، الجسد المتحد باللاهوت . فصار موته يعطى عدم محدودية للكفارة وقد قدم لنا الآباء مثالاً جميلاً لهذا الموضوع وهو الحديد المحمى بالنار مثال اللاهوت المتحد بالنا سوت : فقالوا إن المطرقة وهى تطرق الحديد إنما تضرب الحديد المحمى بالنار فتقع على الاثنين . ولكن الحديد يتثنى ( يتألم ) بينما النار لا يضرها الطرق بشيء ومع ذلك فهي متحدة بالحديد أثناء طرقه .وفى صلب المسيح يقدم لنا الكتاب آية جميلة جداً في حديث القديس بولس الرسول مع أساقفة أفسس حيث قال " لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه " (أع28:20) .ونسب الدم هنا إلى الله ، بينما الله روح ، والدم هو دم ناسوته . ولكن هذا التعبير يدل دلالة عجيبة جداً على الطبيعة الواحدة للكلمة المتجسد ، حتى أن ما يتعلق بالنا سوت يمكن أن ينسب في نفس الوقت للاهوت ، بلا تفريق إذ لا يوجد انفصال بين الطبيعتين إن انفصال الطبيعتين الذي ناد به نسطور لم يستطع أن يقدم حلاً لموضوع الكفارة والفداء . وقد حرصت الكنيسة على تعبير الطبيعة الواحدة من أجل أهمية هذا الموضوع ، كما لباقي النتائج أيضاً المترتبة على وحدة الطبيعة ونحن في التعبيرات العادية نقول فلان مات ، ولا نقول أن جسده فقط قد مات ، إن كانت روحه على صورة الله وهبها الله نعمة الخلود … والروح لا تموت وإن كان الهدف الأول من التجسد هو الفداء . والفداء لا يمكن أن يتم عن طريق الطبيعة البشرية وحدها ، إذن الإيمان بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد أمر جوهري لا يستطيع أحد أن ينكره . ولا يمكن أن يتم الفداء إن قلنا أن الناسوت وحده هو الذي له الآلام والصليب والدم والموت . انظر إلى الكتاب كيف يقول عن الله الآب " الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين " ( رو 32:8 ) وقوله أيضاً " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به "( يو16:3 ) . ويقول أيضاً " هو أحبنا أرسل ابنه كفارة لخطايانا " (1يو 10:4) إذن فالذي بذله الآب هو الابن ، والابن الوحيد ، أي الاقنوم الثاني ، الكلمة … ولم يقل بذل ناسوته أو أي شيء من هذا القبيل ، مع أنه مات على الصليب بالجسد ولكن هذا دليل كبير على وحدة طبيعة الله الكلمة ، وأيضاً أهمية هذه الوحدة من أجل عمل الفداء ويقول أيضاً في هذا المجال عن الله الآب ، الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ، ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته ، الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا ، الذي هو صورة الله غير المنظور(كوا:13-15) حينما يتحدث عن مغفرة الخطايا بدم المسيح ، ينسب هذا إلى الابن الذي هو صورة الله غير المنظور الذي له الملكوت . وهذا دليل آخر على وحدة الطبيعة واهتمام الكتاب بها في موضع الفداء ومثال آخر مشابه ، ظهر في حديث المسيح عن الكرامين الأردياء . يقول إن صاحب الكرم أرسل أخيراً ابنه لهؤلاء الكرامين فلما رأوا الابن … أخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه " (متى 21 : 37-39) وهنا ينسب الموت إلى الابن ، ولم يقل إلى ناسوته . فما أعمق هذا الكلام عن الطبيعة الواحدة . ويعوزنا الوقت إن تحدثنا عن باقي الأمثلة . نكتفى بهذا الآن في كل هذه الأمثلة نرى أن الكتاب – وعلى لسان السيد المسيح نفسه – لا يفصل مطلقاً بين طبيعة المسيح ناسوتياً أو لاهوتياً ، إنما يتكلم عنها كطبيعة واحدة ما يقوله عن ابن الله ، هو ما يقوله عن ابن الإنسان . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب طبيعه المسيح
المزيد
16 أكتوبر 2020

قدِّموا أجسادكم ذبيحة لله

«أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟» (1كو3: 16). جسدى هو هيكل للروح القدس الساكن فيَّ. أنا لا أبغض جسدي بل أقوته وأربيه، كما فعل المسيح بجسده، الذي هو الكنيسة. بما أنّ جسدي هو هيكل للروح، فيجب أن يكون جسدي مقدسًا. الخطيّة –بالذات خطايا النجاسة- تسيء إلى الجسد.. الخطيّة تُهين الجسد، الذي يزني يخطئ إلى جسده. أنا أمجّد الله في روحي وفي جسدي، لأنّ المسيح اشتراني فصرتُ مِلكًا له «مَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ» (1كو6: 20). أعضاء جسدي صارت أعضاء جسد المسيح.. «أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ جسد الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا للخطية؟» (1كو6: 15) «حَاشَا! نَحْنُ الَّذِينَ مُتْنَا عَنِ الْخَطِيَّةِ، كَيْفَ نَعِيشُ بَعْدُ فِيهَا؟» (رو6: 2). عندما يُشاغب الجسد ويقع تحت تجارب العدو أقول مع الرسول: «أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ» (1كو9: 27). أنا أدرّب جسدي ليخدم خلاصي.. بدون تدريب الجسد يتمرّد ويجرّني إلى التراب. أجساد الوحوش والحيوانات تقودُها الغرائز التى أوجدها الله فيها، فلا تنحرف عن الغرض الذي خُلقت من أجله. فإذا جاع الحيوان تقوده الغريزة للأكل، وإذا عطش تقوده إلى الشرب، فإذا امتلأ يكفّ عن الأكل والشرب. الغريزة وُضِعَتْ لإبقاء الحياة.. الغرائز في الحيوان لها أوقات لا تتعدّاها. انحراف الغرائز موجود فقط في الإنسان لأنّ الإنسان يتمتّع بنفسٍ عاقلة والعقل يوجِّه حياة الإنسان. العقل واقع بين الجسد والروح، كما يقول القديس أنبا مقار. فإن انحاز العقل نحو الجسد وغرائزه وشهواته، يصير الإنسان جِسدانيًا شهوانيًا، والعقل يُزيِّن له ويخترع له طُرُقًا لا تنتهى، ويَستهلك الإنسان. فينحدر الإنسان في هوّة عميقة بلا شبع. وإذا انحاز العقل للروح.. فبالروح يقدر أن يُخضع الجسد ويُميت أعماله. أنا أقدِّم جسدي ذبيحة كوصية الرسول بولس، أخدم المسيح بجسدي بالصوم والصلاة والتأمُّل وكلّ أنواع الخِدَم.. أبذل جسدي في مساعدة أخوتي.. وأتعب لراحتهم. زينة الجسد هي اهتمام العالم كلّه.. أمّا زينة الروح فيعرفها الإنسان المسيحي. زينة الجسد مؤقَّتة، محكوم عليها بالزمن، فالجسد اليوم صحيح ولكن غدًا مريض. ملوك الجمال الجسدي اليوم يأتي عليهم الزمن فيصيروا بلا اعتبار وبلا جمال. ولكنّ الذين اهتموا بزينة أرواحهم بالفضائل، صاروا من مجد إلى مجد. زينة الروح في الداخل تبقى وتدوم. الذين يزرعون للجسد فمن الجسد يحصدون فسادًا.. لأنّ الجسد بالنهاية فاسد. أمّا الذين يزرعون للروح فمِن الروح يحصدون حياةً وسلامًا. إن كان طبع الوحوش قد أُخضع لتدريب الإنسان، فقد أَثبَت الإنسان أنّه يقدر أن يُخضِع الغرائز التي للحيوانات.. فبالأولى يقدر أن يدرّب غرائزه الخاصة. التدريب ليس بالأمر السهل.. ولكنه ليس مستحيلاً. ملايين البشر استهوتهم طرق التدريب.. التدريب الرياضى للياقة الجسد خلقَ أبطالاً فى جميع الألعاب الرياضيّة، والمسابقات في الأولمبياد.. أشياءٌ يتعجّب لها كلّ من يشاهدها، ويندهش كيف وصل هؤلاء؟ الموهبة، مع الأمانة في التدريب، مع الاستمرار، هي التي خَلَقَت البطولات الخارقة. أنا أملك الموهبة والنعمة.. نعمة البنوة لله، وموهبة الروح القدس. ينقصني التدريب الروحي، والأمانة، والاستمرار فيه، عندئذ تَظهر في الإنسان بطولات الإيمان، وبطولات القداسة والمحبة والاتضاع، وكلّ الفضائل التي ظهرت في القديسين، وفَتَنوا بها المسكونة. العيب فينا أنّنا أهملنا الموهبة التي فينا.. ونسينا التدريب في الحياة الروحية. القديس بولس الرسول قال: «أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي ضَمِيرٌ صالح» (أع24: 16) وقال: «أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا» (1كو9: 27). أُدرِّب فكري أن يلهج في ناموس المسيح ليلاً ونهارًا.. بالصلاة الدائمة. أُدرِّب عينيّ لكي لا تنحرِف نحو النظر البطَّال.. لأنّ سراج جسدي هو عيني. أُدرّب لساني أن يكون ينبوع للبركة، وألاّ تخرج كلمة رديّة من فمي. أُدرّب قلبي أن يكون دائم النقاوة. أُدرِّب نفسي على عمل الخير. أُدرِّب نفسي على ضبط النفس والوداعة، وأُخضِع قوّة الغضَب والسُّخط، لكي لا تملكني. إنّ تدريب النفس في الحياة المسيحية أمرٌ يغطِّي الحياة كلّها.. أُدرِّب نفسي كلّ يوم وكلّ ساعة. قد أفشل أحيانًا.. ولكنّ الفشل لا يمنعني من المسيح. قد أسقُطُ أحيانًا ولكنّي أقوم وأكمل جهادي. وأخيرًا بنعمة المسيح أَصِل إلى ميناء الخلاص. «جاهدوا الجهاد الحسن». المتنيح القمص لوقا سيداروس
المزيد
07 يوليو 2021

التواضع في الخدمة

المفروض في الخادم أنْ يتَّصف بصفات روحية ولعلَّ في مُقدمتها التواضع ومن أهمية هذه الصفة أنَّ السيد المسيح قال لتلاميذه"تعلَّموا منِّى لأَنِّي وديع ومتواضع القلب" (مت29:11).كان يمكن أنْ يُركِّز على فضائل كثيرة تتمثَّل في شخصه القدوس ولكنه ركَّز على التواضع والوداعة ذلك لأنَّ الذي يخدم كثيرًا ما يحارب بالكبرياء أو العظمة إذ يجد أنَّه قد انتقل من صفوف المخدومين إلى مصاف الخُدَّام.وأنَّه أصبح من الأشخاص المهمين في الكنيسة ومن الأشخاص الذين يؤخذ رأيهم في سيامة كاهن جديد للكنيسة بل ربما يكون هو أحد المُرشَّحين للكهنوت لذلك نريد أنْ نُقدم بعض ملاحظات في هذا الموضوع: إنه خادم حسنٌ هذا اللقب أنَّه خادم وليس سيدًا! ولم نُعطه لقب كارز، أو مُعلِّم، أو مُدرِّس وظيفته أنْ يَخدم لا أنْ يُسيطر أو يتكبر فالكبرياء ليست من صفات الخادم والعجيب أنْ السيد المسيح نفسه لقَّب نفسه بلقب خادم. وعلى الرغم من أنَّه ملك الملوك ورب الأرباب (رؤ16:19) إِلاَّ أنَّه انحنى وغسل أرجل التلاميذ لكي يُعطيهم مثالًا (يو15، 5:13) بل قال أيضًا "أَنَّ ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت28:20).ولقب خادم قد تُلقَّب به الملائكة أيضًا فقيل عنهم في رسالة العبرانيين "أليس جميعهم أرواحًا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أنْ يرثوا الخلاص" (عب14:1) وقيل في المزمور "الذي خلق ملائكته أرواحًا وخُدَّامه نارًا تلتهب" (مز4:104).وكما لَقَّبَ الملائكة بأنَّهم خُدَّام، كذلك الرسل أيضًا يقول القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زميله أبلوس "من هو بولس ومن هو أبلوس؟ بل خادمان آمنتم بواسطتهما" (1كو5:3) ويقول عن مساعده تِيخِيكُس "يُعرِّفكُم بكل شيء تِيخِيكُس الأخ الحبيب والخادم الأمين في الرب" (أف21:6) ويقول عن أَبَفْرَاسَ "الذي هو خادم أمين للمسيح لأجلكم" (كو7:1) وقال عن القديس مرقس الرسول "إنَّه نافع لي للخدمة" (2تى11:4).وقال بصفة عامة "كفايتنا من الله، الذي جعلنا كُفَاةً لأَنْ نكون خدَّام عهد جديد" (2كو6، 5:3). وقال أنَّ الله أعطانا خدمة المصالحة.. نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" (2كو20، 18:5) والآباء الرسل عند اختيار الشمامسة السبعة، قالوا "أَمَّا نحن فنعكف على الصلاة وخدمة الكلمة" (أع4:6).آباؤنا الرسل كانت لهم خدمة الكلمة، وخدمة المصالحة.والآباء الكهنة عمومًا هم خدام المذبح وكلمة شماس معناها خادم.والكاهن الذي يستلم الذبيحة يُسمَّى في الطقس (الكاهن الخديم) حتى الأرملة التي كانت تخدم في الكنيسة اشترط فيها الرسول أن تكون "مشهودًا لها في أعمال صالحة.. أضافت الغرباء غسلت أرجل القديسين" (1تى10:5) والعناية بالفقراء نسميها الخدمة الاجتماعية.وحتى اجتماع مُدرِّسي التربية الكنسية نُسمِّيه اجتماع الخدام.فمادمت يا أخي خادمًا اسلك في اتضاع كخادم ولا يرتفع قلبك من الداخل. افهم الكلمة في جوهر معناها، ولا تجعلها تفقد حقيقتها ومدلولها وكان القديس أوغسطينوس يُصلِّى من أجل رعيته قائلًا "أَطلب إليك يا رب من أجل سادتي عبيدك..".إنْ كُنت خادمًا فيجب أنْ تتصف بالطاعة.طاعة لله وطاعة لرؤسائك في الخدمة ومديريك.بعض خدام التربية الكنسية يَتحَدُّون الأب الكاهن فلا يحترمونه ولا يُطيعونه ومع ذلك يقولون أنَّهم خُدَّام! ونفس الوضع نقوله عن الكاهن الذي لا يطيع أُسْقُفُه!! ونقوله عن أعضاء الكنيسة الذين ينفردون بالعمل دون مشورة رئاستهم الكنسية!! لا تظن أنَّك أحد قادة العمل الرعوي أو التعليمي في الكنيسة.بل تذَكَّر باستمرار أنَّك خادم واسلك كما يليق بخادم واحذر أنْ تفقد تواضعك لأنَّه كما يقول الكتاب "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم18:16). 2- من الأمور الأخرى التي تجلب التواضع في الخدمة: التلمذة. التلمذة يظن بعض الخُدَّام أنَّهم لمَّا أصبحوا خُدامًا انتهى بالنسبة إليهم عصر التلمذة وهذا فهم خاطئ.إنما لكي تحتفظ بتواضعك احتفظ باستمرار بتلمذتك.كل المسيحيين في العصر الرسولى كانوا يُدْعَون تلاميذًا والسيد الرب لمَّا أرسل الأحد عشر للكرازة قال لهم "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (مت19:28) وفي انتشار الكرازة قيل "وكانت كلمة الله تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا" (أع7:6).إذن اسْتَمِرْ تلميذًا للرب وتلميذًا للكنيسة ولا يكبر قلبك.وإن شعرت أنَّك صرت مُعَلِّمًا وأصبحت فوق مستوى التلمذة اعرف جيدًا أنَّك بدأت تسقط في الكبرياء.أَتَذَكَرْ أنَّنا حينما كنا خُدَّامًا في مدارس الأحد في كنيسة الأنبا أنطونيوس منذ حوالي 45 سنة كان كل خادم يجلس كمستمع أو كتلميذ في أربعة اجتماعات كل أسبوع، في اجتماع الأسرة وفى اجتماع الخُدَّام واجتماع الشبان وفي الفصل الكبير الذي كان يبدأ في السابعة والربع مساء، بعد انتهاء التدريس في باقي الفصول.وباستمرار كان الخُدَّام يتعلمون من غيرهم فيستمرون في تواضعهم.قل لنفسك أنا باستمرار مازلت أتعلم ومحتاج أنْ أعرف. وإنْ عشت في حياة التلمذة ستتخلص من مشاكل كثيرة ستتخلص أولًا من روح الجدل وكثرة المناقشات (المقاوحة) وتكون مستعدًا أنْ تتقبل الرأي الآخر بروح طيبة.لأنَّ الذين يدخل فيهم روح الجدل يُسْلِمَهم إلى روح العناد وتصلب الرأي ويظنون أنَّهم يفهمون أكثر من الكبار. بل وقد يظنون أنَّهم هم الكبار.احتفظ إذن بطفولتك الروحية حسب قول الرب:"إنْ لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت3:18).وما أكثر الأمثلة لقديسين عاشوا تلاميذ يشوع ظلَّ تلميذًا لموسى طول حياته إلى أنْ رقد موسى في الرب وأليشع ظلَّ تلميذًا لإيليا إلى أنْ صعد إلى السماء، فوَدَّعَهُ بعبارة يا أبى يا أبى يا مركبة إسرائيل وفرسانها (2مل12:2) والقديس أثناسيوس الرسولي مع أنَّه كان بابا الإسكندرية احتفظ بتلمذته للقديس أنطونيوس الكبير ولما كتب سيرته قال "وأنا نفسي صببت ماء على يديه" أي كان يخدمه.كان التلاميذ قديمًا يجلسون عند أقدام مُعَلِّميهم.فلا يجلسون إلى جوارهم وأمامهم بل كان المُعَلِّم يجلس على كرسي وتلاميذه جلوس على الأرض عند قدميه وعن هذا قال القديس بولس الرسول "وُلِدْتُ في طَرْسُوسَ كيليكيَّة ولكن رَبَيْتُ في هذه المدينة مُؤَدَّبًا عند رِجْلَيّ غَمَالائيل" (أع3:22) هذا هو اتضاع التلميذ أمام مُعَلِّمُه ويَعتبر أيضًا أنَّه ليس فقط يُعلِّمُه بل يُربيه أيضًا ويؤدبه.ما أصعب أنَّ خادمًا يقرأ كتابًا أو كتابيْن فيتكبر على مُعلِّميه.ويتكبر أيضًا على آبائه الكهنة ويفرض مشيئته على أب اعترافه فإما أنْ يوافق الأب على رأيه أو يعصاه!! وهكذا يصير حكيمًا في عينيّ نفسه الأمر الذي نهانا عنه الكتاب فقال "لا تكن حكيمًا في عينيّ نفسك وعلى فهمك لا تعتمد" (أم7، 5:3) عش إذن تلميذًا متواضعًا.والْتَمِسْ المعرفة من كل مصادرها تتلمذ على أب اعترافك وعلى آباء الكنيسة وعلى الاجتماعات الروحية وتتلمذ على الطبيعة على زنابق الحقل وطيور السماء وتتلمذ على الكتب الموثوق بها ولا تظن مهما كبرت أنَّك قد ارتفعت عن مستوى التعليم. إنَّ تاريخ الكنيسة يُسجل لنا قصصًا عجيبة عن اتضاع القديسين في التلمذة.تصوروا واحدًا من الآباء الكبار مثل القديس موسى الأسود يطلب كلمة منفعة من الصبي زكريا فلما يستحى الفتى منه قائلًا: "أنت عمود البرية وتطلب منِّى كلمة؟!" يجيبه القديس "صدقني يا ابني لقد عرفت من الروح الذي عليك أنَّ عندك كلمة أنا محتاج أنْ أعرفها"..! والقديس مكاريوس الكبير أخذ كلمة منفعة من راعى بقر.. وكان الآباء يلتمسون كلمة منفعة بينما كانت لهم سيرة ملائكية يشتهى الكثيرون أنْ يتعلموا منها. التواضع في التعليم صدقوني أكثر ما يتعب كنيستنا حاليًا هو عدم التواضع في التعليم.كل خادم يأتي له فكر جديد في تأملاته أو من قراءاته يحاول يجعله عقيدة ويُدَرِسَه للناس، وهناك نوع من الكُتّاب، ويروق لهم إلغاء المفهوم السائد ليُقَدِّموا بدلًا منه مفهومًا جديدًا وكأنَّ الواحد منهم قد اكتشف ما لا تعرفه الكنيسة كلها والناس جميعًا وكأنَّه يعلم ما لا يعلمون.المشكلة هي تقديم المفاهيم الشخصية وليس تعليم الكنيسة وعقيدتها.ومحاولة للجدل وللإثبات ولإقناع الناس بخطأ المفهوم السائد والبعض قد ينتقد الكنيسة. والبعض يُغَيّر ألفاظ القداس والبعض يُصَرِّحْ بزيجات بعكس قوانين الكنيسة والبعض يُصَلِّى بقداسات غير مألوفة في كنيستنا.وكل واحد من هؤلاء يعتبر نفسه مصدرًا للتعليم.وكأنَّه جبهة مستقلة في تعليمه أو جزيرة قائمة بمفردها في المحيط وإنْ تدخلت الكنيسة لإصلاح الوضع، يقيم الدنيا ويقعدها، ويُحيط نفسه بمجموعة خاصة من تلاميذه لتسانده، ويقف ضد الكنيسة وينادى بأنَّ تعليمه هو السَّليم والكل مخطئ! وقد تجد لكل فرع من التربية الكنسية منهجًا خاصًا.أمين الفرع لا يعجبه المنهج العام، فيُعَدِّل فيه ويُبَدِّل، أو يضع منهجًا خاصًا يرى أنه الأفضل والأصوب.وإن شاء الله سنضع منهجًا موحدًا ونأخذ فيه رأى الآباء وقادة الخدمة فنرجو بعد وضعه أنْ يتواضع الخدام ويعملوا به.. ولا يقف لنا أحد ليقول من حقي أنْ أعترض.. ومن حقي أنْ أرفض، ومن حقي أنْ أسير حسب فكرى وإلاَّ فأين هي الديمقراطية في الكنيسة ولا يقول له أحد أين هو التواضع؟! الكنيسة الأولى تميزت بالفكر الواحد.لأنَّها كانت كنيسة متضعة تخضع لفكر قادتها.أمَّا البروتستانتية التي نادت بالحرية في التفسير والتعليم، فقد تكونت فيه مواهب متعددة زادت فيها مذاهب على المائة، أمَّا الكنيسة المحافظة التقليدية فإنها تحفظ الإيمان سليمًا، ولا تسمح بالمفاهيم الفردية التي تتحول إلى عقائد بل تنصح أصحابها بالاتضاع.الخادم المتواضع أيضًا لا يستعرض معلوماته!! إنَّما يقدم التعليم في أسلوب روحي هادئ. لا يحاول أن يفلسف المعلومات ولا يمسك ببعض الكلمات ويضع أمامها النص العبري أو اليوناني، أو بعض الترجمات الإنجليزية. وقد لا يكون الشعب على علم بشيء من كل هذا. وقد لا يكون كل هذا لازمًا لإثبات الفكرة التي يُقَدِّمْها. وقد لا تكون المراجع التي يستخدمها سليمة وقد يتبع في ذلك بعض المذاهب التي تسير بالمنهج العقلاني لا بالمنهج الروحي.الخادم المتواضع ينزل إلى مستوى الخدومين ولا يبهرهم بمعلومات فوق مستواهم لا تفيدهم بشيء.إنَّه لا يُفكر في ذاته والمستوى الذي يريد أنْ يأخذه الناس عنه. إنَّما ينشغل بفائدة الناس الروحية، بينما تختفي ذاته تمامًا.لذلك هو يُحَضِّر درسه أو عظته أو محاضرته ولا مانع عنده أنْ تكون ورقة تحضيره ظاهرة فهو لا يُضَيِّع فائدة السامعين من أجل أنْ يأخذوا عنه فكرة أنَّه يتكلم من الذاكرة الخادم المتواضع يهتم بتحضير درسه.ولا يعتمد على معلوماته السابقة ولا على ذاكرته، كما يفعل بعض الخدام الكبار، ولا يُحَضِّرون ما يقولون فتبدو كلماتهم أحيانًا ضعيفة لأنَّهم لم يتواضعوا بل وثقوا بأنفسهم وبقدراتهم أزيد مما يجب.الخادم المتواضع يحترم عقليات السامعين مهما صغروا.ويبذل كل جهده لكي يقدم لهم كلامًا دسمًا يشبعهم. التواضع والذات الخادم المتواضع ينكر ذاته. يختفي لكي يظهر الرب، كما قال القديس المعمدان "ينبغي أنَّ ذلك يزيد وأنِّى أنا أنقص" (يو30:3).أمَّا غير المتواضع فيتخذ الخدمة ليبنى بها ذاته بطريقة خاطئة فهو يفكر كيف يرتقى في الخدمة، وليس كيف يرتقى بالخدمة، ويفكر في مستوى المجالات التي يتكلم فيها، وربما يسعى إلى المناصب وقد يصطدم بقيادات الكنيسة. ويتعوَّد كيف يأمر وينهى وينتقد وربما يفتخر بخدمته ومدتها ومستواها.يقول أنا لي 20 سنة في الخدمة. أنا خرَّجت أجيالًا.. ويكبر في عينيّ نفسه ويريد أنْ يُطاع، لا أنْ يطيع ويصطدم بالأنظمة الموضوعة. ويحكى قصصًا عن ماضيه ويدخله روح العظمة. الخادم المتواضع يكون كالنسيم الهادئ.في دخوله وخروجه لا يشعر به أحد، يكون رقيقًا دمثًا وديعًا، لطيفًا في معاملاته، لا يخدش شعور أحد، لا يجرح إنسانًا، لا يهتم بتولي مناصب في الخدمة، يطيع في كل ما يوكل إليه، "لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته" (مت19:12) "ولا يرتئي فوق ما ينبغي" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 3). احذر أنْ تُفقدك الخدمة تواضعك.لأنَّ كثيرين كانوا متواضعين قبل الخدمة ثم تغيروا. أمَّا أنت فلا تكن كذلك لأنَّه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟! (مت26:16). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي
المزيد
29 أبريل 2021

يوم الخميس من البصخة المقدسة

عشاء الوداع: وتذكرونني إلى أن أجيء «شهوةً اشتهيتُ أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم». هي شهوة تكميل الرسالة وتسليم سر البقاء الدائم! كانت آلام المسيح وكان موته الفاصل بين الوجود بالجسد والوجود بالروح، ليس فاصلاً زمنياً ولا فاصلاً كيانياً؛ ولكنه كان فاصلاً بين العيان المنظور والرؤيا بالروح لشخصه الإلهي في المجد. وكان العشاء الأخير صورة وداع للغياب العيني بالمنظور، وفي نفس الوقت، استيداع سر بقائه مع التلاميذ إلى الأبد: «وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر»؛ وذلك في سرٍّ استودعه الخبز ليكون عِوَض الجسد الروحاني مأكولاً بالفم ومستقراً في كيانهم بالروح، وفي خمرٍ ممزوج عِوَض الدم مشروباً بالفم ومستقراً في كيانهم بالروح.كان هذا هو اشتياقه الذي برَّح به أن يأكل معهم فصح الوداع، ويكون فيه سر البقاء وسر الشركة الحقيقية بالروح.وإمعاناً في تأكيد وجوده كلما أكلوا من الخبز وشربوا الكأس، قدَّس كليهما تقديساً ليحمل الخبز سر الجسد ويحمل الكأس سر الدم. وبعد أن قدَّسهما أعطاهم الخبز متحوِّلاً إلى جسده وكاشفاً سر التحوُّل بقوله: «خذوا كُلوا هذا هو جسدي... وخذوا اشربوا هذا هو دمي».ولكي يجعل التأكيد على حضوره يقيناً، كشف لهم سر الجسد المكسور وسر الدم المسفوك بقوله: «كلما أكلتم من هذا الخبز (المتحوِّل) وشربتم هذه الكأس (المتحوِّلة)، تبشِّرون بموتي»؛ باعتبار أن الجسد حال تأكلونه، تأكلونه مذبوحاً بالسر؛ والدم حال تشربونه، تشربونه مسفوكاً بالسر؛ أي يكون قد استودع في العشاء سر الصليب والقبر. ولكونه أصلاً قد مات ليقوم، صارت البشارة بالموت هي بعينها اعترافاً بالقيامة.وبهذا العمل السري، يستحضرون الرب حيّاً وعليه جروح الصليب، ويكون هذا بمثابة وجوده بينهم حيّاً كما كان، إنما في حال قيامة دائمة وجروحه عليه. وهذا يكون بمثابة صُنع تذكار حيّ لوجوده غير المنظور، لا بالفكر كمَنْ يتذكَّرون المسيح الذي مات ومضى؛ بل ذِكْر وجودٍ حيٍّ للمسيح القائم الدائم. وهكذا صارت الإفخارستيا استدعاءً لوجود الرب مذبوحاً وقائماً معاً بحالٍ غير منظور للعيان، فائقاً على فكر الإنسان؛ كخبز مأكول ودم مشروب، وهو هو بعينه المأكل الحق والمشرب الحق، وليس حقٌّ في الوجود إلاَّ المسيح. ولذلك اعتُبِرَت الإفخارستيا أكلاً حقيقياً للرب حسب قوله: «مَنْ يأكلني فهو يحيا بي»! وهكذا يؤول التذكار إلى شركة حيَّة في المسيح لتتميم سر الاتحاد العجيب: «أنتم فيَّ، وأنا فيكم» ! و “مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه» ، «ويكون له حياة أبدية، وأنا أُقيمه في اليوم الأخير» ! فتذكار المسيح بإقامة الإفخارستيا، هو ذِِكْر حضوره ليس ذِِكْراً عابراً، وهو بعينه سر شركة في حياة وقيامة الرب التي ستُستعلن أخيراً بالقيامة حينما نراه كما هو، ونرى أنفسنا فيه: «إذا أُظهِرَ نكون مثله، لأننا سنراه كما هو” . والقول: «نكون مثله» ، قولٌ سري عميق المعنى، غاية في الخطورة، لأنه يعني: شركة المثيل للمثيل.وقوله: «وتذكرونني إلى أن أجيء» ؛ أي: إلى أن أُحقِّق لكم وجودي بالعيان المنظور، الذي يبلغ من الصفاء الحد الذي فيه يتطابق العيان مع الرؤيا، حين يبلغ الإنسان الجديد تحقيقه اللازمني، فيرى ما لا يُرَى. فنحن الآن نعيش الذكرى بسبب تعوُّق الإنسان الجديد عن أن يُعاين بالعيان المجد الحادث الآن للرب ، ولو أنه أحياناً يأتي، فينفتح وعي الإنسان الجديد ويرى الرب قائماً ومتكلَّماً.مِن هذا يتأكَّد لنا أنه حاضرٌ محتجَبٌ. وقوله: «إلى أن أجيء» ، هو بسبب غيابنا نحن عن اكتشاف وجوده. لذلك فصراخ الشعب مع الكاهن في الكنيسة الأولى بعد تكميل الإفخارستيا وتناولهم جميعاً، عندما يقولون: “ماران أثا” بمعنى: “تعالَ أيها الرب يسوع، وليزول العالم”؛ هو محاولة شبه يائسة لرؤية الرب القائم في الوسط حسب وعده الأمين: «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم»! أما قوله على الجسد فهو: «لأني أقول لكم: إني لا آكل منه بعد حتى يُكْمَلَ في ملكوت الله»، ومرة أخرى على الدم: «الحق أقول لكم: إني لا أشرب من نتاج الكرمة إلى ذلك اليوم حينما أشربه جديداً في ملكوت الله». وذِكْر كلمة: ”اليوم“، تفيد: ”الآن وفي الزمن الحاضر“. فالمعروف، وبحسب الرب، أن في الملكوت السماوي لا أكل ولا شُرب؛ ولكن المعنى أقوى وأبسط، فهو سيأكله معنا هنا عندما يكون قد دخل ملكوته، ويشربه معنا هنا سرّا ًعلى الأرض وهو قائمٌ في ملكوته. فالمعروف، وبحسب صراخ الشماس، أن المسيح يكون قائماً على المذبح وقت رفع الذبيحة، ويشترك معنا كعشاء الخميس مع الرسل.أما كيف يأكل ويشرب هنا معنا، وهو في حال قيامته ومجده، فالردُّ على ذلك أوضحه هو: «وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه. وبينما هم غير مُصدِّقين من الفرح، ومتعجِّبون، قال لهم: أعندكم ههنا طعامٌ؟ فناولوه جُزءًا من سمك مشوي، وشيئاً من شهد عسل. فأخذ وأكل قدَّامهم».لذلك من اليسير أن نفهم أن المسيح بحضوره في الإفخارستيا يشترك حقًّا. ومن أجل هذا تأخذ الإفخارستيا قداستها ورهبتها وحقيقتها الأولى في عشاء الخميس.وفي قدَّاس القديس باسيليوس، تقول إحدى الأسبسمسات أثناء القبلة المقدسة: [ تعالَ إلينا اليوم يا سيدنا المسيح، وأضيء علينا بلاهوتك العالي].وأيضاً في نفس موضع القبلة في القداس الكيرلسي، يقول الشعب الأسبسمس الآتي: [ عمانوئيل في وسطنا الآن، بمجد أبيه والروح القدس، ليُباركنا كلنا ويُطهِّر قلوبنا ويشفي أمراض نفوسنا وأجسادنا. نسجد لك أيها المسيح].وفي أثناء التوزيع يُقال لحن:بي أويك Pioyk :[ونحن ننظرك كل يوم على المذبح، ونتناول من جسدك ودمك الكريم ... إلخ].فالإفخارستيا هي حضورٌ إلهي حقيقي، يقدِّسها المسيح بشخصه، ويُقيم سره فيها، وهو الذي يُناوِل بيده غير المنظورة، إنْ الجسد أو الدم.فالمسيح عند وعده، لم يشترك مع تلاميذه في أيِّ إفخارستيا إلاَّ بعد قيامته. وقد كشف لنا التلاميذ هذا الحضور وهذه الشركة في الأكل والشرب بقولهم: «هذا أقامه الله في اليوم الثالث، وأعطى أن يصير ظاهراً، ليس لجميع الشعب، بل لشهود سبق الله فانتخبهم، لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات» .وهكذا يتحقَّق لدينا حضور الرب في الإفخارستيا وتقديس أسرارها، واشتراكه فيها وتوزيعه لأسرارها بيديه. فهذه الإفخارستيا التي نصنعها لذكره، هو قائمٌ ومشتركٌ فيها. فأيُّ تذكار هذا إلاَّ ذِكْر حضوره! أما مجيئه فسيكون لاستعلان القيم والحقائق العظمى للأسرار التي أكملناها باسمه وذِكْره، ولِبْس الأكاليل للذين أقاموا الذِّكْر حسناً. نعم، تعالَ أيها الرب يسوع. آمـين. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
26 مارس 2019

هل تتبعني حقاً؟

إنجيل هذا المساء يُقدِّم لنا سؤال، يسأله السيد المسيح لنا: “هل تتبعني حقاً؟”، ونرى ثلاث مشاهد لثلاث أشخاص تقابلوا مع السيد المسيح في أوقات متفاوتة لا يوجد بينهم رابط زمني أو مكاني، ولكن القديس لوقا حدَّثنا عن هذه الثلاث مشاهد لكي يُقدِّم لنا إجابة على إخلاص الإنسان في تلمذته وتبعيته لربنا يسوع المسيح، قدَّم لنا ثلاث مشاهد بثلاث أسئلة. ونُقدِّم لك الثلاث أشخاص: الأول إنسان له مشاعر ولكنه لم يُفكِّر جيداً. الثاني إنسان فكَّر ولكن بلا مشاعر. الثالث عنده فكر وعنده مشاعر ولكنه سقط في مشكلة التَّردُّد أو التأجيل. الشخص الأول: تقابل مع السيد المسيح وتعلَّق به نُسميه الصديق الأول، و قال له: أتبعك أينما تمضي، كانت له عاطفة مُتدفقة ولكنه لم يُفكِّر، لأن العاطفة ﻻ تكمل الطريق هى دائماً مُتغيِّرة، وأجابه المسيح: “للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار أمَّا ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه”، هذا الشخص لم يُفكِّر جيداً، وقرارات الإنسان المصيرية تحتاج أن يُفكِّر فيها. ودائماً نقول عندما تأخذ قرار إعتمد أولاً على ربنا، ثانياً على عقلك، ثالثاً على عاطفتك ( التي ممكن أن تكون مُتغيِّرة )، فتأخذ قرارك بطريقة صحيحة. الصديق الأول: كان صاحب مشاعر، ولم يكن صاحب فكر، لذلك يبدو أنه إنصرف ولم يتبع المسيح. الصديق الثاني: المسيح قال له اتبعني، وكان شرط هذا الشخص أن يأذن له المسيح أن يذهب أولاً ويدفن أبيه. عندما تأتي دعوة المسيح لك فهى لحظة فارقة وفرصة ذهبية فى حياة الإنسان، هذا الشخص أضاع هذه اللحظة الفارقة ليعمل عمل إنساني نبيل، ولكن المسيح أجابه: دع الموتى يدفنون موتاهم، وكان قصده: دع الموتى بالروح يدفنون الموتى بالجسد، الموتى بالروح هو إنسان كل فكره في التراب. أحيانا الإنسان ينشغل بأمور تضيع منه فرصة مُهمة ويظل القرار أمامه معوقات والمعوقات تبدو للعقل إنها مقبولة. الشخص الثالث: تقدَّم للمسيح وقال له أتبعك أينما تمضي، ولكن إذن لي أولاً أن أودِّع الذين في بيتي، هذا الشخص رُبَّما تنكسر عاطفته أو ينكسر فكره بخطية اسمها خطية التَّردُّد، وقد تمتد خطية التَّردُّد إلى التأجيل. وكما تعرفون التأجيل لص الزمان حتى في التوبة، ويظل التأجيل ليضيع الحرارة الروحية فى داخلك، وهذا ما نسميه في تحليل نصف الليل: تسويف العمر باطلاً، وكانت إجابة المسيح عليه: ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت اللَّه والكتاب المقدس يُقدِّم لنا نماذج حية لتبعية المسيح، وكانت هذه نماذج سلبية، ونرى أيضاً نماذج إيجابية جميلة نقرأ في ( متى 9 : 9 ) عبارة: “اتبعني” وهذه العبارة قالها ربنا يسوع المسيح للاوي عشار وكان يجلس مكان الجباية، فقام وتبعه وصار متى رسول، فلو كان متى أجَّل القرار هل سيصبح متَّى كاتب البشارة الأولى، وتلميذ المسيح؟ هل كان سيُشاهد معجزات السيد المسيح؟ دعوة أخرى: هى دعوة بولس الرسول، وهو كان إنسان بعيد عن المسيح ويوم أن ظهر له المسيح نجد أن مُجرَّد رؤية المسيح وحديثة معه ( كانت بمثابة دعوة )، وقال له بولس يارب ماذا تريد أن أفعل؟ بسبب هذه العبارة صار بولس الرسول سفيراً لاسم المسيح وصار شهيداً وصار كاتباً لـ 14 رسالة وصار مُعلِّما ولاهوتياً وفليسوفاً. نموذج آخر: بطرس الرسول، وهو كان صياداً يُقابله المسيح ويسأله وتكون إجابة بطرس الرسول: يارب قد تعبنا الليل كله ولكن على كلمتك ألقي الشبكة، لحظة قرار، وعندما رمى الشبكة وإمتلأت عَرِفَ أن المسيح هو الذي يُكلِّمه، قال: ها قد تركنا كل شيء وتبعناك، وصارت تبعية المسيح حتى لما أخطأ خطية الإنكار نجد المسيح يُعاتبه برقة فرجع يكمل طريقه إن تبعية المسيح في حياتنا اليومية تكون في قرارتنا واختيارتنا تحتاج أن يكون الإنسان في كل الوعي، وأن يكون مُستيقظ لأنه في وقت مُعيَّن عندما يرسل اللَّه دعوته يجب أن يكون الإنسان مُستعد للإستجابة وليست له حُجَّة أو تردُّد أو تأجيل وتسويف. مِثال آخر: القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة، كان جندياً وثنياً، ولكن عندما شاهد أهل إسنا وهم يُقدِّمون فضيلة إضافة الغرباء، وعرف أنهم مسيحيون، قال: “إن رجعت من الحرب سالماً سأكون مسيحياً”، ورجع وبدأ طريقه الروحي، وبدأ يتبع المسيح ويتكرَّس ويصير راهباً وناسكاً ويؤسِّس حياة الشركة في الحياة الرهبانية، ويصير قديس في الكنيسة توجد أوقات نجد فيها اللَّه يفتقد الإنسان بنعمته ويدعوه في قلبه، وعندما يستجيب الإنسان بفكره بعقله وبمشاعره بقلبه وبإيمانه ويتخذ القرار ولا ينظر إلى الوراء ويضع يده في يد المسيح وينادي بملكوت السموات تكون حياته كلها مُتَّجِهة نحو السماء لأن الإنسان أساساً مخلوق سماوي فهو خلق من السماء. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل