المقالات

06 أغسطس 2020

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟ ج4

القوى الإنسانية المشتركة في اتخاذ القرار هناك قوى عديدة، لكل منها وطأتها وضغطها ودفاعاتها وتأثيرها الخاص، ومن حصيلة هذا كله يصدر القرار. إنها "مراكز صنع القرار" إذا استعرنا التعبير الذي تستعمله الدول وهي تتخذ قراراتها المصيرية والهامة. فما هي مراكز صنع القرار في حياة الإنسان؟ 1- الروح: وهي ذلك العنصر الإلهي الذي يقود الإنسان إلى التأمل في الله، والغوص في بحار ما وراء الطبيعة والمادة والموت، عنصر الخلود، والإيمانيات، والتعرف على أمور الحياة الأخرى والعالم السماوي. 2- الضمير: وهو ذلك الصوت القادم من السماء، حيث الله، الخير والحب والجمال المطلق. انه صوت يهز أعماقنا من الداخل، مرة يباركنا حينما نصيب، ومرة يوبخنا حينما نخطئ. وهو بالقطع ليس نتاج المجتمع أو التربية أو القيم السائدة، بدليل انه يحرمنا من النوم، لا من اجل خطأ علني، بل من اجل خطيئة سرية، بين الإنسان والله فقط. 3- العقل: وهو الطاقة المفكرة في الإنسان، والتي تجعله يناقش، ويدرس ويحلل، ويستنبط، ويربط، ويستدل، ويستنتج... انه التفكير البشرى، المحدود طبعا، والذي يميز الإنسان (مع القوتين السابقتين) عن الحيوان والنبات. 4- النفس: وهي ذلك الجهاز الإنساني الذي يحوى الكثير من مكونات الشخصية الإنسانية مثل: أ‌) الغرائز: أي الدوافع الأساسية في الإنسان، والتي ولد بها، من اجل حفظ الحياة، والنوع البشرى. كغريزة الجوع والعطش والجنس وحب الحياة والتملك والخوف... إلخ. ب‌) العادات: التي اكتسبها الإنسان أثناء مسيرته في الحياة، سواء أكانت نافعة كالصلاة، ودراسة كلمة الله، والتردد المنتظم على الكنيسة، والتناول، والتعامل الراقي في الكلام والتصرف، أو كانت هدامة مثل إدمان المخدرات أو الخمور أو التدخين ، أو الألفاظ النابية، أو الغضب... ت‌) الاتجاهات: وهي الخطوط الرئيسة التي يسير فيها قلب الإنسان وشهواته، فهذا يتجه نحو جمع المال، وذلك نحو خطايا الجسد، بينما الثالث يتجه نحو الدراسة والتفوق العلمي، أو نحو تكريس القلب والحياة لله وللخدمة... ث‌) العواطف: وهي المشاعر التي تتكون وتتثبت نتيجة انفعال متكرر تجاه شخص ما أو شيء ما. فهذا تحبه، وذاك لا نحبه، من الأشخاص والفضائل والرذائل المختلفة... 5- الجسم: ولا شك أن له وطأة خاصة في اتخاذ القرار سواء من جهة الضعف والقوة، أو الجمال والقبح، أو الطول والقصر... فالشاب يختار العمل المناسب لطاقته الجسمانية، ويختار شريكة الحياة واضعا في الاعتبار الملامح الجسمية وهكذا.. 6- المجتمع: لان الإنسان اجتماعي بطبعه، ولا يستطيع أن يحيا في جزيرة منعزلة عن الواقع المجتمعي المحيط به، بما يسوده من قيم وتقاليد وعرف. لهذا فقد يفشل زواج ما لأنه لم يراع الفوارق الاجتماعية بين العروسين، أو قد يفشل مشروع ما بسبب عدم مراعاته لظروف المجتمع وتقاليده... وهكذا... ومن هذا الخضم الهائل من القوى، يصنع القرار. حقيقة أن قوة قد تبرز لتأخذ مكان الصدارة، وتنقاد لها باقي القوى، ولكن -على العموم- هناك دورا ما لكل من تلك القوى. مثال في اتخاذ قرار اختيار شريكة الحياة إنسان يريد أن يختار شريكة حياته، نجد انه: 1- يصلى طالبا من الرب أن يقوده ويوفقه. 2- يسأل ضميره باستمرار: هل أخطأ أم أصاب، سواء في الاختيار، أو في السلوك. 3- يفكر بإمعان في إمكانية إتمام هذا المشروع، من جهة موافقة الأسرتين، والإمكانيات المادية، ومكان المعيشة ، ونوع العمل، والمشاركة في الأعباء المنزلية... وهكذا. 4- يتحسس راحته العاطفية من نحو هذه الشخصية، وهل هو مستريح نفسيا لها، ويحس أنها ستساعده في تحقيق اتجاهاته، وتتوافق مع ميوله وعاداته، وستكون سبب سعادة له... 5- ينظر... هل هناك فيمن اختارها قدر مناسب من الجمال، دون مغالاة أو تطرف... 6- يدرس... هل يتفق قراره مع التقاليد والقيم السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه، أم أن هناك مآخذ ستقض مضجعه إذا أتم هذا المشروع؟ نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
09 مايو 2019

القيامة فى فكر الاباء الاولين

إنها لحكمةٌ ساميةٌ، تلك القاضية بأن تُنسي السيئات في أيام الفرح. فقد جلَبَ لنا هذا اليوم نسيان الحُكْم الأول الصادر بحقنا. وما قولي كذا؟ ليس النسيان، بل الإلغاء. لقد أُلغي تماما كل ذكرٍ للقضاء علينا. كنَّا قبلاً نُولَدُ بالألم إنها لحكمةٌ ساميةٌ، تلك القاضية بأن تُنسي السيئات في أيام الفرح. فقد جلَبَ لنا هذا اليوم نسيان الحُكْم الأول الصادر بحقنا. وما قولي كذا؟ ليس النسيان، بل الإلغاء. لقد أُلغي تماما كل ذكرٍ للقضاء علينا. كنَّا قبلاً نُولَدُ بالألم، أمَّا الآن فنولدُ بدون ألم؛ لأننا كنّا جسديين ونولدُ بالجسد، أمَّا مَن يولدُ الآن، فهو روحٌ مولودٌ من الروح. هكذا تكلم القديس غريغوريوس النيصى (احد اباء الكنيسة الاولين) عن بهجة قيامة السيد المسيح التى تحتل مكانة خاصة فى عقولنا وقلوبنا …ويكمل : بالأمس طردَنا العصيان من الفردوس، واليوم يُعيدنا إليه الإيمان. وقُدمَ لنا ثمر من الحياة جديداً لكي نتلذذ به كما نشاء، وجرى من جديد ينبوع الفردوس الموزَّعة مياهه بأربعة أنهار الأناجيل، لكي يُنعَش وجهُ الكنيسة. هكذا تستطيع أن ترتوي الآلام التي شقَّها زارع الكلمة في نفوسنا، فتتأثر بذور الفضيلة… الآن تتمُّ راحة السبت الحقيقية، تلك التي باركَها الله وفيها استراح من محَنِه، بعد أن احتفل بانتصاره على الموت، لأجل خلاص العالم. لقد ظهرت نعمةُ هذا النهار لعيوننا وآذاننا وقلبنا. احتفلْنا بالعيد بكل ما رأينا وسمعنا وملأَنا فرحاً. ماذا رأينا؟ ضياء المشاعل التي كانت تُنقل في الليل كغمامة من نار. وسمعنا طوال الليل رنين المزامير والأناشيد والترانيم الروحية. فكان هذا سلسالا من الفرح يجري بآذاننا إلى نفسنا فيُفعمنا آمالا سعيدة. وكان أخيرا قلبنا المأخوذ بما نسمع ونرى مفعماً فرحاً وغبطةً، يقوده المنظور إلى اللامنظور: “هذه الخيرات التي لم تَرها عين، ولم تسمع بها أُذن، ولم تَخطر على قلب بشرٍ” (1كورنثوس 2: 9). إن أفراح يوم الراحة هذا تُقدِّم لنا عنها مثالا؛ لقد كانت عربون رجائنا الفائق الوصف في المصير المرتقَب. بما أن هذه الليلة المتلألئة بالنور، التي جمعت بين بريق المشاعل وأشعة الشمس الأولى، ألّفت معها يوماً واحداً، دون أن تفسح مجالا للظلام، فلنتأمل، يا إخوتي، النبوءة القائلة: “هوذا اليوم الذي صَنَعَه الرب” (مزمور 117: 24). إنها لا تَعرُض أي أمر شاقّ أو صعب، بل الفرح والسعادة والبهجة، لأنها تضيف: “فلنفرح ونبتهج به!”. يا له من شاغل شيّق! ما ألطفه أمرا! من يتردد في الطاعة لمثل هذه الأوامر؟ من لا يشعر بضيم إذا تباطأ في تنفيذها؟ المقصود أن نفرح، فنحن مأمورون بأن نبتهج، وبهذا مُحي العقاب القاضي على الخطيئة، وتحوَّل حزننا إلى فرح. القيامة وحياة المؤمنين جاء في إحدى عظات القديس بوليكاربوس أسقف أزمير (القرن الثاني) عن الإيمـان بقيامـة المسيح ونتيجتـه على حياة المؤمـن وسلوكـه: “.. شدّوا أحقاءكم واتقّـوا الله بالمخافة والحق طارحين جانباً كلام الثرثـرة الفارغ وضلال الأمم، موطِّدين الإيمان على من أقام ربنا من المـوت، وآتاه المجد، وأعطاه عرشاً عن يمينـه. “له يخضع كل ما في السماء وعلى الأرض” ويعطيه كل من فيه نسمة حياة. وعندما يأتي “ليدين الأحياء والأموات” سيُقاضي عن دمـه كل من رفض الإيمان به. “والذي أقامه من الموت” سيُقيمنا معه أيضاً إن امتثلنا لمشيئته، وسرنا على طريق وصاياه، وأحببنا ما يحب، وتركنا كل إساءة وطمع ونميمة وشهادة زور، وعن حب المال المفرط متجنبين مجابهة شر بشر، وشتيمة بشتيمة، وضربة بضربة، ولعنة بلعنة، ذاكرين تعليم من قال: “لا تدينوا لئلا تُدانوا، اغفروا يُغفر لكم، أرحموا تُرحموا، بالكيل الذي تكيلون به يُكال لكم، طوبى للمساكين وللمضطَهدين من اجل البرّ فإن لهم ملكوت الله”. لنقدِّم أنفسنا لمن قدَّمَ نفسه عنا جدير بالذكر إن عددا من الصلوات التي نرتلها في عيد القيامة مأخوذة من عظات القديس غريغوريوس النزينزى ففى العظة الأولى التي ألقاها القديس غريغوريوس بعد انتخابـه أسقفاً على نازيانز (آسيا الصغرى) سنة 362. نجده يقول لنا: “الذين خدمونا وتألموا من اجلنا. لنصفح عن كل شيء في القيامة، أنا اغفر لكم فرض المسؤولية عليَّ وأنتم اغفروا لي تأخري … مُسحت سريا وتخلفت عن خدمة السر فترة تفحصت فيها نفسي، والآن أعود في هذا اليوم البهي الذي يساعدني لأتغلب على ترددي وضعفاتي. وأرجو أن يجددني القائم من بين الأموات بالروح ويلبسني الإنسان الجديد ويدفعني إلى خليقتـه الجديدة عاملاً جيداً وسيداً جيداً مستعداً للموت مع المسيح والقيام معـه. أمس كنت مصلوباً مع المسيح، اليوم أُمجَّّد معـه. أمس مت مع المسيح، اليوم أحيا معـه. أمس دُفنت مع المسيح، اليوم اخرج معـه من القبر. لنقـدّم بواكيرنا إلى الذي تألم وقام من اجلنا. أتظنون إني أتكلم عن الذهب والفضة والأقمشة والحجارة الكريمـة؟ كلها مقتنيات أرضية، لا تخرج من الأرض إلاَّ لتقع في أكثر الأحيان بين أيدي الغاشين عبيد المادة وأمير هذا العالم. لنقدم للمسيح ذواتنا: هذه هي أثمن تقدمة في عيني الله والأقرب إليه. لنردّ إلى صورته ما هو على شبهه. لنتعرف على عظمتنا ونمجّد مثالنا، لنفهم قوة هذا السر وسبب موت المسيح. لنصر مثل المسيح بما أن المسيح صار مثلنا. لنصر آلهة من أجلـه بما أنه صار إنساناً من أجلنا. أخذ الأسوأ ليعطينا الأفضل. أفقر ذاتـه ليغنينا بفقره. أخذ صورة عبد لنحصل على الحريـة. وضع نفسه ليرفعنا. تجرّب ليشهد انتصارنا. قَبِلَ الإهانـة ليظلـلنا بالمجد. مات ليخلصنا. صعد إلى السماء ليجذبنا إليه نحن الذين تمرَّغنا في الخطيئـة. لنقدّم كل شيء إلى من أعطى ذاته فديةً عنَّا. لن نعطي أبداً تقدمةً أعظم من أنفسنا إن فهمنا هذا السر وصرنا من اجله ما صاره من اجلنا” الأخدار السماوية أما القديس غريغوريوس اللاهوتى فيقول عن القيامة : المسيحُ قام من بين الأموات، فقوموا أنتم معه. المسيح عاد واستوى في مكانه، فعودوا أنتم معه. المسيح تحرر من رُبُطِ القبر، فتحرروا أنتم من رُبُطِ الخطيئة. أبواب الجحيم قد فُتحت، والموت ينحل. آدم القديم يبتعد والجديد يعود إلينا. فإذا كانت خليقةٌ جديدةٌ بالمسيح، فتجددوا أنتم. الفصحُ فصحُ الرب. هذا عيد الأعياد وموسم المواسم، فهو فوق الأعياد والمحافل جميعا، وفضله على سائر الأعياد كفضل الشمس على سائر الكواكب. اليوم نعيِّد القيامة نفسها التي لم تعد أملاً ورجاءً، بل واقعاً حياً، وموضوع فرح دائم في غلبتنا الموت. فقد اشتملت العالم بأسره. ومتى صعد المسيح إلى السموات، فاصعدْ معه، وكُنْ مع الملائكة. ساعد في أن ترفع الأبواب لاستقبال الآتي من الآلام بحفاوة. وأَجِبْ السائلين: “من هو هذا ملك المجد؟” أجب إنه السيد الرب ملك المجد، و”إنه الرب القوي والقدير”. يا أيها الناهضُ، إذا وصلنا باستحقاق إلى الغاية المبتغاة، وصرنا مقبولين في الأخدار السماوية، سنقرب لك بصحة العزم ذبائح مقبولة على مذبحك المقدس. المسيح عيدنا ونختتم هذه الجواهر الخالدة من اقوال الاباء الاولين بحديث البابا القديس اثناسيوس الرسولى عن مفهوم عيد القيامة الأعياد في نظرالكنيسة يختلف مفهومًها عن المفهوم الموسوى ففي القديم كانت الأعياد رموزًا تهدف نحو تعلق الأنفس بمجيء الرب يسوع الذي هو “العيد الحقيقي”.. أما الآن وقد جاء الرب وتمتعنا به فالعيد لا يحمل رمزًا بل يحمل حياة مع الرب يسوع فادينا هو عيدنا إذ هو فرحنا وبهجة قلوبنا لذلك نحن نعيد به في كل وقت وفي كل مكان لكن إن كانت الكنيسة المقدسة قد رتبت أوقاتًا للعيد فهذا لا يحمل فيه رمزًا أو ظلالا أو حرفًا كما في القديم إنما بالعيد: تذكرنا بأن يسوع هو عيدنا. تذكرنا بعمل الله معنا فنشكره ونسبحه.نحيا ببركات الرب “عيدنا” تذكرنا الكنيسة أيضا كفرصة للتوبة والرجوع ، وتشوقنا الى العيد الابدى “الحياة الابدية”…
المزيد
11 نوفمبر 2019

مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة ج6

خَامِساً الْعَمَامَة وَصَفِيحَة الذَّهَبْ ﴿ وَتَصْنَعُ صَفِيحَةً مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ . وَتُنْقِّشُ عَلَيْهَا نَقْشَ خَاتِمٍ قُدْسُ لِلرَّبِّ وَتَضَعُهَا عَلَى خَيْطٍ أَسْمَانْجُونِيٍّ لِتَكُونَ عَلَى الْعَمَامَةِ . إِلَى قُدَّام الْعَمَامَةِ تَكُونُ فَتَكُونُ عَلَى جَبْهَةِ هَارُون . فَيَحْمِلُ هَارُون إِثْمَ الأَقْدَاسِ الَّتِي يُقَدِّسُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعِ عَطَايَا أَقْدَاسِهِمْ . وَتَكُونُ عَلَى جَبْهَتِهِ دَائِماً لِلرِّضَا عَنْهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ ﴾ ( خر 28 : 36 – 38 ) . الْعَمَامَة :- وَصْف العَمَامَة : كَانَ غِطَاء رَأس رَئِيسُ الْكَهَنَة يُسَمَّى الْعَمَامَة وَكَانَتْ تُصْنَعْ مِنْ بُوص ( خر 28 : 39 ) وَدَائِماً يَرْمُز البُوص وَالكِتَّان النَّقِي إِلَى البِّر وَالنَّقَاوَة فَالبِّر يُتَوِج رَأس رَئِيسُ الْكَهَنَة وَغَايِة الْعَمَامَة أنْ تُوضَعْ الصَّفِيحَة الذَّهَبِيَّة عَلَيْهَا حَيْثُ تُرْبَطْ عَلَيْهَا مِنْ الأمَام بِخِيطْ وَالكَلِمَة العِبْرِيَّة لِلْعَمَامَة " ميتزنفت Mitznepheth " تَعْنِي شَيْئاً مَبْرُوماً أوْ مَلْفُوفاً وَيَبْدُو أنَّ الْعَمَامَة كَانَتْ مِنْ عِدِّة أدْوَار وَيُعَرِّفْنَا التَّلْمُودٌ أنَّهُ كَانَ يَلْزَم لَهَا ثَمَانِيَة يَارْدَات مِنْ القُمَاش وَيَغْلِبْ أنَّهَا كَانَتْ تَتَكَوَنْ مِنْ جُزْء دَاخِلِي رُبَّمَا كَالطَاقِيَة مِنْ الكِتَّان الأبْيَض المُطَرَّز بِالأزْرَق يَلِفْ حَوْلَهُ عِصَابَة كَبِيرَة مِنْ الكِتَّان تَخْفِي الخُيُوط الزَّرْقَاء تَحْتَهَا وَهذِهِ كُلَّهَا إِشَارَات إِلَى نَقَاوِة الأفْكَار وَالإِنْطِلاَق السَّمَاوِي مِنْ جَمِيعْ النَوَاحِي وَمِمَّا هُوَ جَدِير بِالذِّكْر أنَّنَا نَجِدٌ أنَّ العَمَامَة إِسْتُبْدِلَتْ بِالنِّسْبَة لِكَاهِن العَهْد الجَدِيد فَهُوَ يَرْتَدِي الطَيْلَسَانَة الَّتِي تُوضَع عَلَى الرَّأس وَهيَ تُشْبِه قُبَّة دَائِرِيَّة الَّتِي تُشِير إِلَى النَّقَاوَة وَالإِسْتِعْدَادٌ لِلُوقُوف أمَام الله وَأنَّ فِكْر الْكَاهِن مَحْصُور فِي الأُمور السَّمَاوِيَّة المُرْتَفَعَة . العَرِيس يَتَزَيَّنْ بِعَمَامَة :- كَانَتْ الْعَمَامَة تُمَيِّزْ رَئِيسُ الْكَهَنَة مِنْ بَاقِي الْكَهَنَة الَّذِينَ يَلْبِسُون القَلاَنِس وَيَتَبَيَّنْ مِنْ سِفْر أشْعِيَاء النَّبِي أنَّ الْعَمَامَة بِالإِضَافَة إِلَى أنَّهَا جُزْء مِنْ مَلاَبِس رَئِيسُ الْكَهَنَة فَهِيَ أيْضاً يَتَزَيَّنْ بِهَا العَرِيس فِي يَوْم عُرْسِهِ إِذْ يَقُول ﴿ فَرَحاً أَفْرَحُ بِالرَّبِّ . تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلهِي لأِنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ مِثْلَ عَرِيسٍ يَتَزَيَّنُ بِعِمَامَةٍ وَمِثْلَ عَرُوسٍ تَتَزَيَّنُ بِحُلِيِّهَا ﴾ ( أش 61 : 10 ) وَمَا أشَدٌ تَطَابُقٌ هذَا الوَصْف عَلَى رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي هُوَ رَئِيسُ كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ وَعَرِيس نِفُوسْنَا الَّذِي ألْبَسْنَا ثِيَاب الخَلاَص وَكَسَانَا رِدَاء البِرِّ وَأنْبَتْ لَنَا بِرِّاً وَتَسْبِيحاً لِكُلَّ العَالَمْ بِتَجَسُّدِهِ وَمَوْتِهِ وَقِيَامَتِهِ . عَمَامَة طَاهِرَة :- وَيَذْكُر لَنَا سِفْر زَكَرِيَّا النَّبِي فِي إِحْدَى رُؤْيَاه أنَّهُ رَأى يَهُوشَع الكَاهِن العَظِيمْ لاَبِساً ثِيَاباً قَذِرَة وَوَاقِفاً قُدَّام مَلاَك الرَّبَّ إِشَارَة إِلَى حَالِة الفَسَادٌ الأدَبِي الَّتِي كَانَ الشَّعْب عَلَيْهَا ثُمَّ تَتَدَخَل نِعْمَة الله لِتُنْقِذْ وَتَنْزَع الثِيَاب القَذِرَة ﴿ قَدْ أَذْهَبْتُ عَنْكَ إِثْمَكَ وَأُلْبِسُكَ ثِيَاباً مُزَخْرَفَةً ﴾( زك 3 : 4 ) وَتَأكِيداً لِلوَعْد بِرَدٌ الشَّعْب إِلَى مَرْكَزِهِ الكَهَنُوتِي الطَّاهِر يَقُول الرَّبَّ﴿ لِيَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ عَمَامَةً طَاهِرَةً ﴾ ( زك 3 : 5 ) وَهكَذَا يُرَى الشَّعْب فِي شَخْص رَئِيسُ الْكَهَنَة قَائِماً أمَام الرَّبَّ مُسَرْبَلاً بَلْ وَمُتَوَجاً بِالبِرِّ . صَفِيحَة الذَّهَبْ :- قُدْسٌ لِلرَّبَّ :- مَنْقُوش عَلَيْهَا عَمِيقاً كَنَقْش الخَاتِم " قُدْسٌ لِلرَّبِّ " فَتَكُون عَلَى جَبْهَة هَارُون وَيُذْكَر فِي أحَدٌ التَّقَالِيد اليَهُودِيَّة أنَّ هذِهِ الصَّفِيحَة تَمْتَدٌ مِنْ الأُذُن لِلأُذُن الأُخْرَى وَعَرْضَهَا إِصْبَعَان الله يُرِيدْ قَدَاسَتْنَا فَهُوَ الَّذِي أمَرَنَا ﴿ كُونُوا قِدِّيسِينَ لأِنِّي أَنَا قُدُّوسٌ ﴾ ( 1بط 1 : 16) إِذْ كَانَ الله يُرِيدْ أنْ يَنْظُرإِلَى هذِهِ العِبَارَة قَبْل أي شَيْء " قُدْسٌ لِلرَّبَّ " . يَلْبِسْهَا دَائِماً :- وَكَانَ عَلَى رَئِيس الْكَهَنَة أنْ يَلْبِسْهَا دَائِماً كَمَا كَانَ الخَرُوف يُقَدَّم عَلَى المَذْبَح مُحْرِقَة دَائِمَة وَخُبْزُ الوُجُوه يُوْجَدٌ عَلَى المَائِدَة فِي حَضْرِة الله دَائِماً وَالمَنَارَة بِسُرُجِهَا السَّبْعَة تُرْسِلٌ ضَوْءَهَا فِي القُدْس دَائِماً وَالبَخُور العَطِر يَصْعَدٌ بِرَائِحَتِهِ الذَّكِيَّة مِنْ عَلَى مَذْبَح الذَّهَبْ دَائِماً هكَذَا كَانَ رَئِيسُ الْكَهَنَة يُقَدِّم نَفْسُه قُدْساً لِلرَّبَّ دَائِماً كَمُمَثِّل عَنْ الشَّعْب كُلَّ حِين وَمَا أجْمَل أنْ يَتَذَكَّر المُؤمِنُون أنَّهُمْ جَمِيعاً قُدْسٌ لِلرِّبَّ أي مُكَرَّسِينْ وَمَفْرُوزِين لِمَجْدِهِ وَخِدْمَتِهِ وَالَّذِي يَقْدِرُ وَحْدَهُ أنْ يَكُون بِالحَقَّ قُدْسٌ الرَّبَّ وَدَائِماً هُوَ وَحْدَهُ الَّذِي لَهُ الحَقَّ فِي لِبْس هذِهِ الْعَمَامَة هُوَ رَئِيسُ كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ يَسُوع الْمَسِيح . عِنْوَان المَجْدٌ وَالبَهَاء : وَكَلِمَة " صَفِيحَة " بِالعِبْرِيَّة تَعْنِي " تزيتز Tsits " وَهيَ مُرَادِفَة لِكَلِمَة عِبْرِيَّة أُخْرَى" أتَارَاه Atarah " وَمَعْنَاهَا " إِكْلِيل أوْ تَاج " وَهُوَ مَا يُوضَعْ عَلَى الرَّأس كَشِعَار لِلمُلُوكِيَّة أوْ الكَرَامَة فَكَانَتْ هذِهِ الصَّفِيحَة الذَّهَبِيَّة هِيَ عُنْوَان المَجْد وَالبَهَاء الَّذِي قَصَدَهُ الله مِنْ كُلَّ الثِّيَاب الَّتِي يَلْبِسْهَا رَئِيسُ الْكَهَنَة أمَّا مَصْدَر هذَا المَجْد وَالبَهَاء فَهُوَ أنَّ حَامِل هذَا التَّاج هُوَ بِكُلِيَتِهِ قُدْسٌ لِلرَّبَّ وَمُخَصَّص تَمَاماً لإِعْلاَن مَجْد الله القُدُّوس القَادِر عَلَى مَغْفِرِة الخَطَايَا وَحْدَهُ وَهكَذَا فَإِنَّ تَاج المَلِك وَصَفِيحَة القَدَاسَة تُذَكِّرْنَا بِالإِعْلاَن الَّذِي وُضِعَ فَوْقَ صَلِيب الْمَسِيح هذَا هُوَ مَلِكُ اليَهُود ( لو 23 : 38 ) وَإِكْلِيل الشَوْك الَّذِي عَبَّر عَنْ آلاَم جَمِيع البَشَر هكَذَا يَحْمِل رَئِيسُ الْكَهَنَة آثَام شَعْبِهِ وَيُقَدِّم ذّبَائِح لِلرِّضَا وَالسُّرُور . الصَّفِيحَة الذَّهَبِيَّة وَالْمَسِيح :- فَمَا هذِهِ الصَّفِيحَة الذَّهَبِيَّة إِلاَّ الإِعْلاَن عَنْ السَيِّدْ الْمَسِيح الَّذِي هُوَ البِكْر الَّذِي تَقَبَّلَهُ الآب نِيَابَةً عَنَّا لَقَدْ قَدَّس السَيِّدْ حَيَاتُه لِلآب بِإِسْمِنَا لِكَيْ نَصِير نَحْنُ أيْضاً مُقَدَّسِينْ فِيهِ إِذْ يَقُول ﴿ لأِجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي لِيَكُونُوا هُمْ أيْضاً مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ ﴾ ( يو 17 : 19) نَحْنُ مُمَثَّلُون فِيهِ وَمَقْبُولُون فِيهِ وَقَدَاسَتَهُ لَنَا وَكُلَّمَا إِزْدَادَ إِدْرَاكْنَا لِضَعْفِنَا وَآثَامْنَا إِزْدَدْنَا إِدْرَاكاً لِهذَا الحَقَّ أي أنَّهُ لاَ يَسْكُنْ فِينَا أي فِي جَسَدْنَا شَيْء صَالِحٌ وَإِزْدَادَ شُكْرِنَا وَسُجُودْنَا لِمَسِيحْنَا القُدُّوس الَّذِي أخَذَ الَّذِي لَنَا وَأعْطَانَا الَّذِي لَهُ فَلَمْ نَعُدْ نَنْظُر إِلَى ضَعْفِنَا وَلاَ نَنْشَغِل بِآثَامْنَا بَلْ نَاظِرِينْ بِثَبَات إِلَى رَئِيسُ إِيمَانَنَا وَمُكَمِّلَهُ الَّذِي يُمَثَّل نِيَابَةً عَنَّا أمَام عَرْش الله وَنَتَأمَّل صَفِيحَة الذَّهَبْ المَنْقُوش عَلَيْهَا مِقْيَاس قَبُولُه الأبَدِي . جَمَال الصَّفِيحَة الذَّهَبْ :- لَيْتَنَا نُدْرِك عُذُوبِة وَجَمَال هذِهِ المَعَانِي الإِلَهِيَّة كَانَتْ صَفِيحَة الذَّهَبْ تَجْذِب إِلَيْهَا العُيُون أكْثَر مِنْ أي جُزْء آخَر فِي مَلاَبِس رَئِيسُ الْكَهَنَة وَكَانَ الإِلْتِفَات إِلَى المَكْتُوب عَلَيْهَا هُوَ الحَقَّ الأعْظَمْ الدِّينِي" قُدْسٌ لِلرَّبَّ " الَّذِي لاَ قِيمَة لِلإِحْتِفَالاَت أوْ الأعْيَاد أوْ المُمَارَسَات الطَّقْسِيَّة بِغَيْرِهِ إِذْ يَجِبْ أنْ يَكُون الجَمِيعْ " قُدْس لِلرَّبَّ " فِي حَالِة تَكْرِيس لِلقَلْب وَالنَّفْس لله القُدُّوس . كَاهِن العَهْد الجَدِيد :- وَفِي نِعْمِة العَهْد الجَدِيد يَدْخُل الكَاهِن إِلَى الهَيْكَل حَيْثُ العَرْش الإِلَهِي لَيْسَ عَنْ بِر فِيهِ وَلاَ مِنْ أجْل جِهَادُه الذَّاتِي وَإِنَّمَا مُخْتَفِياً فِي ذَاكَ الَّذِي هُوَ مَوْضِعْ سُرُور الآب لِذلِك نَجِدٌ الْكَاهِن يَتَضَرَّع أمَام الله قَبْل بِدْء صَلاَة القُدَّاس الإِلهِي وَيُعْلِنْ عَدَم إِسْتِحْقَاقُه إِذْ يَقُول ﴿ أنْتَ يَا سَيِّدِي تَعْلَمْ إِنِّي غِير مُسْتَحِقٌ وَلاَ مُسْتَعِدٌ وَلاَ مُسْتَوْجِب لِهذِهِ الخِدْمَة المُقَدَّسَة الَّتِي لَكَ إِمْنَحْنِي أنْ أجِدٌ نِعْمَة وَرَحْمَة فِي هذِهِ السَّاعَة أنْتَ يَا سَيِّدْنَا إِجْعَلْنَا مُسْتَوْجِبِينْ بِقُوِّة رُوحَك القُدُّوس أنْ نُكَمِّل هذِهِ الخِدْمَة ﴾ وَكَذلِك تُوْجَدٌ طِلْبَة خَاصَّة مِنْ أجْل الْكَاهِن فِي قُدَّاس القِدِيس كِيرِلُس يَتَضَرَّع فِيهَا الكَاهِنْ قَائِلا﴿ إِمْنَحْنِي أنْ أفْهَمْ مَا هُوَ عِظَمْ قِيَامِي أمَام مَذْبَحَك المُقَدَّس وَلاَ تَغْضَب عَلَيَّ إِلَى الأبَد فَتَحْفَظْ لِي شِرُورِي بَلْ أرِنِي أنَا أيْضاً صَلاَحَك فِيَّ ﴾ وَهُنَا نَتَذَكَّر قَوْل القِدِيس يُوحَنَّا الذَّهَبِيّ الفَمْ ﴿ حِينَ تَنْظُر الكَاهِن مُقَدِّم الذَّبِيحَة تَأمَّل يَدْ السَيِّدْ الْمَسِيح مُمْتَدَّة بِطَرِيقَة غَيْر مَنْظُورَة ﴾ . عَلَى جَبْهَةِ هَارُون :- إِذْ يُسَجِّل إِسْم الرَّبَّ عَلَى رَأسِهِ إِنَّهُ رَأس كُلَّ الجَبْهَة بِنَوْعٍ خَاص تُمَثِّل الفِكْر وَالغَرَض وَالإِتِجَاه لِدَرَجِة أنَّ الكِتَاب المُقَدَّس كَثِيراً مَا إِسْتَخْدِم الجَبْهَة لِتَشْخِيص حَال الإِنْسَان فَنَجِدُه يَقُول﴿ جَبْهَةُ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ كَانَتْ لَكِ ﴾ ( أر 3 : 3 ) وَأيْضاً ﴿ لأِنَّ كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ صِلاَبُ الْجِبَاهِ وَقُسَاةُ الْقُلُوبِ هَأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ وَجْهَكَ صُلْباً مِثْلَ وُجُوهِهِمْ وَجَبْهَتَكَ صُلْبَةً مِثْلَ جِبَاهِهِمْ قَدْ جَعَلْتُ جَبْهَتَكَ كَالْمَاسِ أَصْلَبَ مِنَ الصَّوَّانِ ﴾ ( حز 3 : 7 – 9 ) وَأيْضاً ﴿ جَبْهَتُكَ نُحَاسٌ ﴾ ( أش 48 : 4 ) لِذلِك جَعَلَ عَلاَمِة القَدَاسَة عَلَى جَبْهَة هَارُون لِيَرْفَعْنَا إِلَى دَرَجِة القَدَاسَة الكَامِلَة وَيَنْزَع عَنَّا عَار الجَبْهَة الدَّالَّة عَلَى الشَّر وَفِي سِفْر الرُؤْيَا نَجِدٌ كَثِيراًمَا إِسْم الله يَخْتِمْ عَلَى جِبَاه الأُمَنَاء فَفِي ( رؤ 7 : 3 ) ﴿ نَخْتِمَ عَبِيدَ إِلهِنَا عَلَى جِبَاهِهِمْ ﴾ وَأيْضاً ﴿ لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوباً عَلَى جِبَاهِهِمْ ﴾ ( رؤ 14 : 1 ) وَعَلَى النَقِيض تَمَاماً نَجِدٌ المُرْتَدِّينْ عَنْ مَحَبَّتِهِ الَّذِينَ لَهُمْ سِمَة الوَحْش عَلَى جِبَاهِهِمْ إِنَّهَا دَعْوَة لِكُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا أنْ يُرَاجِعْ المَكْتُوب عَلَى جَبْهَتِهِ أي يُرَاجِعْ أفْكَارُه وَمُيُولُه وَإِتِجَاهَاتُه وَإِهْتِمَامَاتُه وَلِيَكُنْ إِسْم الرَّبَّ هُوَ أجْمَلٌ مَا يُكْتَبُ عَلَى جِبَاهِنَا وَلاَ يُوْجَدٌ فِيهَا أي فِكْر غَرِيب إِذْ نُرَدِّدٌ كُلَّ فِكْر لاَ يُرْضِي صَلاَحَك فَلْيَبْعُد عَنَّا وَلِنَتْبَعْ نَصِيحَة مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ كُلُّ مَا هُوَ مُسَرٌّ كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا ﴾ ( في 4 : 8 ) . هذِهِ يَحْمِلُهَا هَارُون :- كَانَ هَارُون وَهُوَ لاَبِس ثِيَاب المَجْد وَالبَهَاء يَحْمِلٌ أُمور كَثِيرَة يَحْمِلٌ أسْمَاءَهُمْ أمَام الرَّبَّ عَلَى كَتِفَيْهِ لِلتِّذْكَار وَيَحْمِلْهَا عَلَى قَلْبِهِ فِي الصَدْرَة لِلتِّذْكَار أمَام الرَّبَّ دَائِماً وَيَحْمِلٌ قَضَاء بَنِي إِسْرَائِيل عَلَى قَلْبِهِ أمَام الرَّبَّ دَائِماً وَيَحْمِلٌ إِثْم جَمِيعْ عَطَايَا أقْدَاسِهِمْ فَمَا أكْثَر مَا يَحْمِلٌ رَئِيسُ الْكَهَنَة إِنَّ كِتْفَيّ قُدْرَتِهِ وَصَدْرٌ مَحَبَّتِهِ وَجَبْهَة حِكْمَتِهِ وَمَشُورَتِهِ كُلَّهَا يَسْتَخْدِمْهَا لِصَالِحٌ شَعْبِهِ الَّذِي يُمَثِّلَهُ أمَام الله وَكَمْ نَشْكُر إِلَهْنَا الصَّالِحٌ الَّذِي كَانَ يَقْبَل شَفَاعِة هَارُون رَئِيسُ الْكَهَنَة فِي ضَعَفَات شَعْبِهِ فَكَمْ وَكَمْ بِالأوْلَى نَحْنُ الَّذِي يَشْفَعُ فِينَا رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَمْ يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي دَخَلَ بِنَا إِلَى الأقْدَاس فَوَجَدَ لَنَا فِدَاءً أبَدِيّاً ( عب 9 : 12) . إِثْم أقْدَاسِهِمْ :- إِنَّهُ إِقْتِرَان عَجِيبْ بَيْنَ كَلِمَتَيّ " إِثْم " وَ" أقْدَاسٌ " إِنَّهَا تُعَبِّر عَنْ تَقْصِيرَات وَجَهَالاَت الشَّعْب فِي عَطَايَاهُمْ وَتَقْدِمَاتِهِمْ حَقّاً إِنَّ أفْضَلٌ عَطَايَانَا وَعِبَادَاتِنَا يَتَسَرَّبْ إِلَيْهَا الإِثْم وَأنْقَى سُجُودِنَا وَأصْوَامِنَا تَخْتَلِطٌ بِالضَّعْف وَالنَقْص الَّذِي فِينَا فَرُبَّمَا نَفْعَل بِذَاتِيَّة أوْ إِرْضَاء النَّاس أوْ مُجَرَّدٌ رُوتِينْ وَلكِنْ لَنَا وَعْدٌ فِي مَرَاحِمْ الله الصَّادِقَة الكَامِلَة أنَّ كَاهِنَنَا الأعْظَمْ يَظْهَر أمَام الله لأِجْلِنَا فَيَشْفَعْ فِي إِثْم أقْدَاسِنَا وَفِي دَالِّة مَحَبَّتِهِ نَسْتَطِيعْ أنْ نَتَقَدَّم بِثِقَة وَنُقَدِّم لِلآب عَطَايَا مَقْبُولَة وَذَبَائِحٌ مَرْضِيَّة إِذْ هِيَ قُدِّمَتْ فِي دَالِّة وَشَفَاعِة رَئِيس كَهَنَة أعْظَمْ وَهُنَا نَتَذَكَّر تَضَرُّع الكَاهِن فِي صَلاَة القِسْمَة لِلقُدَّاس الكِيرِلُسِي﴿ وَلِكَيْ لاَ يَكُون لَنَا كَثْرِة إِكْرَامَك يَا سَيِّدْنَا عِلِّة ثِقَل بِالأكْثَر لِلوُقُوع فِي الدَّيْنُونَة عِنْدَمَا نَصِير غَيْر شَاكِرِينْ لَك – أنْتَ المُحْسِنْ – بَلْ أنْعِمْ عَلَيْنَا بِرُوحَك القُدُّوس بِوَجْه غَيْر مَخْزِي نَجْسُر بِدَالَّة ﴾ . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة
المزيد
29 يونيو 2021

روح الله يرف على وجه المياه

في قصة الخلق سجّل لنا الوحي الإلهي: «وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرفّ على وجه المياه» (تك1: 2). وكلمة "يرفّ" في أصل الترجمة العبرية هي "راخاف" وهي تعني احتضان الطائر للبيض حتى يفقس. ونفس هذه الكلمة تكررت في سفر التثنية في قول الرب: «كما يحرك النسر عشه وعلى فراخه يرف ويبسط جناحيه ويأخذها ويحملها على مناكبه» (تث32: 11). يعني ذلك أن الوحي الإلهي قصد أن يوضح لنا أن الروح القدس منذ البدء كان يرقد على الأرض كما ترقد الدجاجة على بيضها محتضنة إياه حتى يفقس. ومن المعروف أن الدجاجة عندما تحتضن البيض تنزع الريش من صدرها حتى يحافظ جلدها الدافئ على دفء البيض، وحتى يبقى هذا الريش المنزوع كعازل للعش. والدجاجة لا تقوم من على البيض سوى مرة واحدة في اليوم لتأكل وتشرب ثم تعود سريعًا لترقد على البيض من جديد حتى يفقس.وإن كان السيد المسيح قد علمنا أن نصلي قائلين: «أبانا الذي في السماوات»، إلّا أن الكتاب المقدس يتكلم في مواضع كثيرة عن "أمومة" الله". وفي أغلب الأحيان ترتبط أمومة الله في هذه المواضع الكتابية بالروح القدس. ومن أمثلة ذلك: «كالوالدة أصيح. أنفخ وأنخر معًا» (إش42: 14)؛ «هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساكِ» (إش49: 15)؛ «فترضعون وعلى الأيدي تُحملون وعلى الركبتين تُدلَّلون. كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا، وفي أورشليم تُعزَّون» (إش66: 12-13)؛ «بل هدّأتُ وسكّتُّ نفسي كفطيم نحو أمه» (مز131: 2). أمّا في قصة الخلق، فقال: «فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرًا وأنثى خلقهم» (تك1: 27). أي أن الإنسان الذي هو المرآة العاكسة لصورة الله، أظهر بخلقته أن الله الذي لاجنس له،هو أب وأم بآن واحد!وفي قصة نيقوديموس يرد قول صريح للسيد المسيح عن الروح القدس الذي يلد مثل الأم حيث قال: «إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله» (يو3: 5). والأم الجسدية تشعر بمسئولية شديدة من نحو طفلها الذي تلده، فلا تكتفي فقط بولادته بل تعتبر تلك الولادة نقطة البدء في تعهدها له بالرعاية والتربية والتعليم، حتى ينمو ويصير ناضجًا. هكذا أيضًا الروح القدس الذي نولد منه لا يتركنا يتامى، بحسب تعبير السيد المسيح، بل تبقى مسحته داخلنا ثابتة فينا تعلّمنا عن كل شيء كما تعلّم الأم ابنها عن كل شيء، بدءًا من كيف يأكل ويشرب ويمشي ويتكلم. والسيد المسيح وصف أيضًا الروح القدس بأنه "المعزي"، ومن المعروف أن الأم هي أكثر من يعزي أبناءها في حضنها الذي يرتمي فيه الطفل الباكي المضطرب فيجد أمانه وسلامه. وبالتالي، يكون من الأرجح أن عبارة: «شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني» (نش2: 6) تخص العمل الأمومي للروح القدس المعزي بالدرجة الأولى.لقد أعجبني قول أحدهم: "الله هو أب يحبنا بقلب أم"!! كل عيد عنصرة ونحن جميعًا متمتعون بأمومة روحه القدوس الوديعة الحانية!! نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية
المزيد
22 أكتوبر 2018

عصر سبي بابل - الجزء الرابع

+ علامات الاهتمام بخدمة التسبيح بعد السبي (1) في الإحصاء الذي أجراه كل من زربابل وعزرا ونحميا للعائدين من السبي، كان هناك اهتمام خاص بأعداد المُسبِّحين، وقد أسماهم السفران عزرا ونحميا بـ "المغنين" "المُغَنّونَ بَنو آسافَ مِئَةٌ وثَمانيَةٌ وعِشرونَ" (عز41:2)، "ولهُمْ مِنَ المُغَنينَ والمُغَنياتِ مِئَتانِ" (عز65:2)وكان هؤلاء المغنين من ضمن الفرق التي صعدت مع عزرا "وصَعِدَ معهُ مِنْ بَني إسرائيلَ والكهنةِ واللاويينَ والمُغَنينَ والبَوّابينَ والنَّثينيمِ إلَى أورُشَليمَ في السَّنَةِ السّابِعَةِ لأرتَحشَشتا المَلِك" (عز7:7) وكانوا كذلك ضمن العائدين في عهد نحميا "المُغَنّونَ: بَنو آسافَ مِئَةٌ وثَمانيَةٌ وأربَعونَ" (نح44:7)، "ولهُمْ مِنَ المُغَنينَ والمُغَنياتِ مِئَتانِ وخَمسَةٌ وأربَعونَ" (نح67:7)وكانوا أيضًا ضمن الفئات التي تم تسكينها في المدن: "وأقامَ الكهنةُ واللاويّونَ والبَوّابونَ والمُغَنّونَ وبَعضُ الشَّعبِ والنَّثينيمُ وكُلُّ إسرائيلَ في مُدُنِهِمْ" (نح73:7)"فأقامَ الكهنةُ واللاويّونَ وبَعضُ الشَّعبِ والمُغَنّونَ والبَوّابونَ والنَّثينيمُ في مُدُنِهِمْ، وكُلُّ إسرائيلَ في مُدُنِهِمْ" (عز70:2)مجرد ذكر هذه الفئة ضمن تعداد الشعب وضمن فئات الناس، يُوحي بأن لهم كيانًا مستقلاً، واهتمامًا خاصًا، وأن القادة كانوا مُلتفتين إليهم باهتمام باعتبارهم ضروريين لعودة الروح إلى الشعب. (2) كان وجود فرق التسبيح جزءًا أساسيًا في احتفالات تدشين الهيكل والسور:- "ولَمّا أسَّسَ البانونَ هيكلَ الرَّب، أقاموا الكهنةَ بمَلابِسِهِمْ بأبواقٍ، واللاويينَ بَني آسافَ بالصُّنوجِ، لتسبيحِ الرَّب علَى ترتيبِ داوُدَ مَلِكِ إسرائيلَ وغَنَّوْا بالتَّسبيحِ والحَمدِ للرَّب، لأنَّهُ صالِحٌ لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ علَى إسرائيلَ وكُلُّ الشَّعبِ هَتَفوا هُتافًا عظيمًا بالتَّسبيحِ للرَّب" (عز10:3-11) "وأقاموا في مَكانِهِمْ وقَرأوا في سِفرِ شَريعَةِ الرَّب إلهِهِمْ رُبعَ النَّهارِ، وفي الرُّبعِ الآخَرِ كانوا يَحمَدونَ ويَسجُدونَ للرَّب إلهِهِمْ" (نح3:9) "وعِندَ تدشينِ سورِ أورُشَليمَ طَلَبوا اللاويينَ مِنْ جميعِ أماكِنِهِمْ ليأتوا بهِمْ إلَى أورُشَليمَ، لكَيْ يُدَشنوا بفَرَحٍ وبحَمدٍ وغِناءٍ بالصُّنوجِ والرَّبابِ والعيدانِ" (نح27:12) "وذَبَحوا في ذلكَ اليومِ ذَبائحَ عظيمَةً وفَرِحوا، لأنَّ اللهَ أفرَحَهُمْ فرَحًا عظيمًا. وفَرِحَ الأولادُ والنساءُ أيضًا، وسُمِعَ فرَحُ أورُشَليمَ عن بُعدٍ" (نح43:12) لقد كانت فرحتهم ببناء الهيكل وبناء السور فرحة روحية مقدسة، لذلك كان يصاحبها التسبيح والترتيل لرب الجنود، ويلاحظ أنه ذُكر هنا أن التسبيح كان على ترتيب (نظام) داود ملك إسرائيل. (3) إعفاء فرق التسبيح من الضرائب ومنحهم مرتبات مجزية كمثل أيام داود وسليمان:- "ونُعلِمُكُمْ أنَّ جميعَ الكهنةِ واللاويينَ والمُغَنينَ والبَوّابينَ والنَّثينيمِ وخُدّامِ بَيتِ اللهِ هذا، لا يؤذَنُ أنْ يُلقَى علَيهِمْ جِزيَةٌ أو خَراجٌ أو خِفارَةٌ" (عز24:7)"لأنَّ وصيَّةَ المَلِكِ مِنْ جِهَتِهِمْ كانَتْ أنَّ للمُرَنمينَ فريضَةً أمرَ كُل يومٍ فيومٍ" (نح23:11)"وقد صَدَرَ مِني أمرٌ بما تعمَلونَ مع شُيوخِ اليَهودِ هؤُلاءِ في بناءِ بَيتِ اللهِ هذا فمِنْ مالِ المَلِكِ، مِنْ جِزيَةِ عَبرِ النَّهرِ، تُعطَ النَّفَقَةُ عاجِلاً لهؤُلاءِ الرجالِ حتَّى لا يَبطُلوا وما يَحتاجونَ إليهِ مِنَ الثيرانِ والكِباشِ والخِرافِ مُحرَقَةً لإلهِ السماءِ، وحِنطَةٍ ومِلحٍ وخمرٍ وزَيتٍ حَسَبَ قَوْلِ الكهنةِ الذينَ في أورُشَليمَ، لتُعطَ لهُمْ يومًا فيومًا حتَّى لا يَهدأوا عن تقريبِ رَوائحِ سُرورٍ لإلهِ السماءِ، والصَّلاةِ لأجلِ حياةِ المَلِكِ وبَنيهِ" (عز8:6-10)"وكانَ كُلُّ إسرائيلَ في أيّامِ زَرُبّابَلَ وأيّامِ نَحَميا يؤَدّونَ أنصِبَةَ المُغَنينَ والبَوّابينَ أمرَ كُل يومٍ في يومِهِ" (نح47:12)هذا الأمر لم يكن موجودًا قبل نحميا، مما جعله يخاصم الولاة، لأنهم لم يقوموا بإعطاء أنصبة اللاويين والمغنين "وعَلِمتُ أنَّ أنصِبَةَ اللاويينَ لم تُعطَ، بل هَرَبَ اللاويّونَ والمُغَنّونَ عامِلو العَمَلِ، كُلُّ واحِدٍ إلَى حَقلِهِ. فخاصَمتُ الوُلاةَ وقُلتُ: لماذا تُرِكَ بَيتُ اللهِ؟" (نح10:13-11)وقد تعهد الشعب ألا يترك خدمة بيت الله مرة أخرى "لأنَّ بَني إسرائيلَ وبَني لاوي يأتونَ برَفيعَةِ القمحِ والخمرِ والزَّيتِ إلَى المَخادِعِ، وهناكَ آنيَةُ القُدسِ والكهنةُ الخادِمونَ والبَوّابونَ والمُغَنّونَ، ولا نَترُكُ بَيتَ إلهِنا" (نح39:10). (4) اشتراك كل الشعب في التسبيح:- "فقالَ كُلُّ الجَماعَةِ: آمينَ وسبَّحوا الرَّبَّ وعَمِلَ الشَّعبُ حَسَبَ هذا الكلامِ" (نح13:5)"وبارَكَ عَزرا الرَّبَّ الإلهَ العظيمَ وأجابَ جميعُ الشَّعبِ: آمينَ، آمينَ! رافِعينَ أيديَهُمْ، وخَرّوا وسجَدوا للرَّب علَى وُجوهِهِمْ إلَى الأرضِ" (نح6:8) لم يكن الأمر مقصورًا على اللاويين والمُسبِّحين فقط، بل قد اشترك كل الشعب في تسبيح الرب الإله وعادت بذلك روح الحمد والتسبيح والفرح إلى كل الشعب، الذي كان سابقًا في أيام السبي يقول: "كيفَ نُرَنمُ ترنيمَةَ الرَّب في أرضٍ غَريبَةٍ؟" (مز4:137). (5) إنشاء تسابيح عظيمة جديدة على غرار مزامير داود، تمتلئ بشرح التاريخ المقدس، وحمد الله على صنيعه مع شعبه:- "وقالَ اللاويّونَ: يَشوعُ و قوموا بارِكوا الرَّبَّ إلهَكُمْ مِنَ الأزَلِ إلَى الأبدِ، وليَتَبارَكِ اسمُ جَلالِكَ المُتَعالي علَى كُل بَرَكَةٍ وتسبيحٍ" (نح5:9)(يمكنكم قراءة باقي هذه التسبحة الجميلة في نح5:9-38) وهكذا تجَدد عطاء الروح القدس على فم الأنبياء والآباء، بسبب عودة التوبة إلى القلوب، وعودة الفرح والإحساس بحضور الله في حياتهم. (6) لم يهملوا وظيفة التسبيح عند توزيع الوظائف على اللاويين كانت كل فرقة من اللاويين لها وظيفة، وكان المسبِّحون لهم أيضًا دور في تنظيم العبادة المقدسة، كمثل أيام داود وسليمان: "ومَتَّنيا بنُ ميخا بنِ زَبدي بنِ آسافَ، رَئيسُ التَّسبيحِ يُحَمدُ في الصَّلاةِ" (نح17:11). "ولَمّا بُنيَ السّورُ، وأقَمتُ المَصاريعَ، وترَتَّبَ البَوّابونَ والمُغَنّونَ واللاويّونَ" (نح1:7). "واللاويّونَ: يَشوعُ و الذي علَى التَّحميدِ هو وإخوَتُهُ" (نح8:12). "ومِنْ بَني الكهنةِ بالأبواقِ: زَكَريّا بنُ يوناثانَ بنِ شَمَعيا بنِ مَتَّنيا بنِ ميخايا بنِ زَكّورَ بنِ آسافَ" (نح35:12)"والكهنةُ: ألياقيمُ و بالأبواقِ وغَنَّى المُغَنّونَ ويِزرَحيا الوَكيلُ" (نح41:12-42)إنها صورة لِمَا حدث أيام داود النبي عندما رتب العبادة في الهيكل، وصارت كل فرقة من اللاويين مسئولة عن جزء من الخدمة، وكان للتسبيح دور بارز، وفِرق كثيرة تتناوب على القيام بهذه الخدمة المقدسة. (7) أدخل نحميا تطويرًا جديدًا على خدمة التسبيح، مازالت كنيستنا القبطية تعمل به، وهو نظام الخورسين اللذين يتبادلان التسبيح (ربع بحري وربع قبلي).. "وأقَمتُ فِرقَتَينِ عظيمَتَينِ مِنَ الحَمّادينَ" (نح31:12). "والفِرقَةُ الثّانيَةُ مِنَ الحَمّادينَ وكبَتْ مُقابِلهُمْ، وأنا وراءَها" (نح38:12). "فوَقَفَ الفِرقَتانِ مِنَ الحَمّادينَ في بَيتِ اللهِ، وأنا ونِصفُ الوُلاةِ معي" (نح40:12). هذا النظام في التسبيح يُسمى (Antiphon) أي نظام المرابعة، مما يعطي جمالاً للّحن، ويعطي فرصة لكل فريق أن يستريح قليلاً ريثما يُسبح الفريق المقابل. (8) التزموا بنظام داود وسليمان في العبادة بالتسبيح:- "علَى ترتيبِ داوُدَ مَلِكِ إسرائيلَ" (عز10:3). "بآلاتِ غِناءِ داوُدَ رَجُلِ اللهِ" (نح36:12). "حَسَبَ وصيَّةِ داوُدَ وسُلَيمانَ ابنِهِ" (نح45:12). "لأنَّهُ في أيّامِ داوُدَ وآسافَ منذُ القَديمِ كانَ رؤوسُ مُغَنينَ وغِناءُ تسبيحٍ وتحميدٍ للهِ" (نح46:12). وقد رأينا سابقًا أن التسبيح بلغ أوّج مجده في عهديْ هذيْن الملكيْن المباركيْن لذلك صار ترتيبهما مرجعًا لكل العصور وقد التزم نحميا بذلك ليُعيد المجد لإسرائيل وتحققت نبوات الأنبياء وعاد التسبيح إلى هيكل الرب: "صوتُ الطَّرَبِ وصوتُ الفَرَحِ، صوتُ العَريسِ وصوتُ العَروسِ، صوتُ القائلينَ: احمَدوا رَبَّ الجُنودِ لأنَّ الرَّبَّ صالِحٌ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ صوتُ الذينَ يأتونَ بذَبيحَةِ الشُّكرِ إلَى بَيتِ الرَّب، لأني أرُدُّ سبيَ الأرضِ كالأوَّلِ، يقولُ الرَّبُّ" (إر11:33)"وتقولُ في ذلكَ اليومِ: أحمَدُكَ يارَبُّ، لأنَّهُ إذ غَضِبتَ علَيَّ ارتَدَّ غَضَبُكَ فتُعَزيني هوذا اللهُ خَلاصي فأطمَئنُّ ولا أرتَعِبُ، لأنَّ ياهَ يَهوهَ قوَّتي وترنيمَتي وقد صارَ لي خَلاصًا فتَستَقونَ مياهًا بفَرَحٍ مِنْ يَنابيعِ الخَلاصِ وتقولونَ في ذلكَ اليومِ: احمَدوا الرَّبَّ ادعوا باسمِهِ عَرِّفوا بَينَ الشُّعوبِ بأفعالِهِ ذَكِّروا بأنَّ اسمَهُ قد تعالَى رَنِّموا للرَّب لأنَّهُ قد صَنَعَ مُفتَخَرًا ليَكُنْ هذا مَعروفًا في كُل الأرضِ صَوتي واهتِفي يا ساكِنَةَ صِهيَوْنَ، لأنَّ قُدّوسَ إسرائيلَ عظيمٌ في وسطِكِ" (إش1:12-6)"لأجعَلَ لنائحي صِهيَوْنَ، لأُعطيَهُمْ جَمالاً عِوَضًا عن الرَّمادِ، ودُهنَ فرَحٍ عِوَضًا عن النَّوْحِ، ورِداءَ تسبيحٍ عِوَضًا عن الرّوحِ اليائسَةِ، فيُدعَوْنَ أشجارَ البِر، غَرسَ الرَّب للتَّمجيدِ" (إش3:61). والسؤال الآن: هل دام التسبيح في الهيكل؟ أم ماذا حدث له بعد تلك الأيام؟ نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
27 سبتمبر 2020

تذكار الإحتفال بالصليب المجيد بكنيسة القيامة سنة 43 ش في عهد الملك قسطنطين البار

نعيد في هذا اليوم بتذكار ظهور الصليب المجيد الذي لمخلصنا يسوع المسيح . هذا الذي أظهرته الملكة المحبة للمسيح القديسة هيلانة أم قسطنطين من تحت كوم الجلجثة الذي أمرت بإزالته ، أما سبب وجود هذا الكوم فهو أنه لما رأى رؤساء اليهود كثرة العجائب التي تظهر من قبر المخلص من إقامة الموتى وإبراء المقعدين ، غضبوا ونادوا في جميع اليهودية وأورشليم " كل من كنس داره أو كان عنده تراب ، فلا يلقيه إلا على مقبرة يسوع الناصري" ، واستمر الحال على ذلك أكثر من مائتي سنة حتى صار كوما عظيما . ولما حضرت القديسة هيلانة وسألت اليهود عن موضع الصليب لم يفيدوها . وأخيرا أرشدها بعضهم عن رجل يهودي مسن يسمى يهوذا يعرف مكانه ، فاستدعته فأنكر أولا ، ولما شددت عليه اعلمها مكان الكوم . فأزالته وأخرجت منه الصليب المقدس وبنت كنيسة وكرست عيد له في السابع عشر من شهر توت . وصارت الشعوب المسيحية تحج إليها مثل عيد القيامة . واتفق ان كان إنسان مسافرا هو وجماعته مع الشعب إلى أورشليم يدعى إسحق السامري ، هذا كان يبكت الناس على تكبدهم المتاعب في الذهاب إلى أورشليم .ليسجدوا لخشبه . وكان مع الشعب قسا يسمى أوخيدس ، وفيما هم سائرون في الطريق عطشوا ، ولم يجدوا ماء فأتوا إلى بئر فوجدوا ماءها نتنا مرا ، فضاق صدر الشعب جدا . وابتدأ إسحق السامري يهزأ بهم ويقول ان أنا شاهدت قوة باسم الصليب! آمنت بالمسيح . فغار القس أوخيدس غيرة إلهية وصلى على الماء النتن ورشمه بعلامة الصليب فصار حلوا . وشرب منه كل الشعب ودوابهم . أما إسحق فانه لما تناول وعاءه ليشرب وجده نتنا مدودا . فندم وبكى وأتى إلى القديس القس أوخيدس وخر عند قدميه أمن بالسيد المسيح . وشرب من الماء فوجده حلوا . وصار في ماء هذه البئر قوة ان يكون حلوا للمؤمنين ، ومرا لغيرهم . كما ظهر فيه صليب من نور . وبنوا هناك كنيسة . ولما وصل إسحق السامري إلى مدينة القدس ذهب إلى أسقفها واعتمد منه هو وأهل بيته . أما ظهور الصليب المجيد على يد الملكة هيلانة فكان في اليوم ا العاشر من برمهات . ولأنه دائمًا يكون في الصوم الكبير فقد استبدله الآباء بيوم 17 توت الذي هو تكريس كنيسته . والمجد والسجود لربنا يسوع المسيح إلى أبد الآبدين . آمين .
المزيد
30 يونيو 2020

الدخول إلى شعب الله

إن توبتك يا أخى الشاب، سوف تدخل بك إلى زمرة شعب الله، لتصير من «أَهْلِ بَيْتِ اللهِ» (أفسس2: 19)، أيّ امتياز أعظم من هذا ؟! أن يصير المسيح أبًا لك! وأن تصير الكنيسة أمًا لك! وأن يصير القديسون والمؤمنون إخوة لك! أن تصير نفسك «عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ» (كورنثوس الثانية11: 12). أن ينتزعك الرب من الزيتونة البرّية، لتصير غصنًا حيًا في الكرمة الحقيقية!! بالمعمودية... اُنتُزِعت !! وبالميرون... ثُبِّت!! وبالتناول... اتّحدت!! وفي سفر حزقيال النبي، نجد أنشودة جميلة، توضّح كيف نصير نحن البعيدين قريبين، ونحن الموتى أحياء، وورثة للملكوت! يحكي حزقيال النبي عن "طفلة مولودة حديثًا، أَبُوها أَمُورِيٌّ وَأُمُّها حِثِّيَّةٌ. لَمْ تُقْطَعْ سُرَّتُها يوم الولادة، وَلَمْ يغْسَلِها أحد بِالْمَاءِ، ولم يغسلها أحد بالماء، ولا قام أحد بتنظيفها، ولم يقمطها أحد ولو بخرق بالية، لم تشفق عليها عين، ولم يهتم بها أحد، بل طُرِحت هكذا في الحقل مكروهة، تنتظر الموت" (راجع حزقيال16: 3-5)إنها أنا وأنت!! فنحن كُنّا متغرِّبين عن شعب الله!! ووُلِدنا محكوم علينا بالموت!! وطُرِحنا في العالم المتدنّس ننتظر نهايتنا المحتومة !! دمنا ينزف... مع كل خطيئة!! وحياتنا تتسرّب مِنّا مع طلعة كل يوم جديد!! ولم يكن لنا من يهتم بنا أو ينقذنا!! ولكن.. «مررتُ بكِ وإذا زمنكِ زمن الحب» ... مرًّ بنا يسوع، ورآنا مدوسين بدمائنا فقال لكل منا: "بدمكِ عيشي، بدمك عيشي" ... «جَعَلْتُكِ رَبْوَةً كَنَبَاتِ الْحَقْلِ, فَرَبَوْتِ وَكَبِرْتِ وَبَلَغْتِ زِينَةَ الأَزْيَانِ... كُنْتِ عُرْيَانَةً وَعَارِيَةً. فَبَسَطْتُ ذَيْلِي عَلَيْكِ... وَحَلَفْتُ لَكِ وَدَخَلْتُ مَعَكِ فِي عَهْدٍ... فَصِرْتِ لِي» (حزقيال16: 6-8). إنه عهد التوبة والحياة يا أخى الشاب!! فهل دخلت مع الرب في هذا العهد؟! هل دخلت أخي الشاب في هذا العهد؟ عهد التوبة! عهد الحب! وهل تحس الآن أنه يمر بك، وأن زمنك زمن الحب؟! إن يسوع مستعد أن يستر كل عيوبك، وخطاياك، فهذا معنى "الكفارة" (Copher بالعبرية = Cover= يغطّي). يسوع مستعد أن يسامحك عن كل ما فعلت! وأن يغطي نفسك بدمه الطاهر، فلا تقع تحت طائلة القانون الإلهي: «أجرة الخطية هي موت، والنفس التي تخطئ تموت». حسنًا يارب!! كنا أمواتًا فمررتَ بنا وافتقدتنا بحبك!! ودخلتَ معنا في عهد!! فماذا بعد؟ نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
12 يوليو 2022

نواحى الإختلاف بين بطرس وبولس

تحتفل الكنيسة بتذكار استشهاد هذين القديسين في يوم 5 أبيب الموافق ۱۲ يوليو ، ويسمى هذا العيد في كنيستنا باسم عيـد الرسل ، وتاريخه ثابت هكذا في كل عام . والكنيسة توقر هذيـن الرسولين توقيراً عميقاً . وتمدحهما في إكرام جزيل وبخاصة في القسمة الخاصـة بصـوم الرسل وبعيـد الرسل ، التي نصليها في القداس الإلهي . ومع أنه لا توجد كنائس كثيرة على إسميهما معاً ، إلا أنه توجد كنيسة بإسميهما في منطقة الأنبا رويـس بالقاهرة ، وكنيسـة أخـرى بإسميهما في لوس أنجلوس بكاليفورنيا بأمريكا هذان القديسان يمثلان نوعيـن متمايزين من جهة الشخصية والرسالة والأسلوب وكل منهما له طابع خاص . . . نواحی اختلاف * بطـرس كـان في مقدمـة مـن إختارهم الـرب للعمـل معـه ( مت ۱۰ ) . وبولس لم يكن من الإثنى عشر ، ولا حتى من السبعين رسولا ، بل اختاره الـرب أخيراً ، بعد القيامة وبعد اختيار متيـاس بسنوات إنه لم يتبع المسيح في فترة كرازته على الأرض . بـل قـال عـن ذلك " وآخر الكل ، كأنه للسقط ظهر لي أنا ، لأني أصغر الرسل ، أنا الـذي لست أهلا أن أدعى رسولاً لأني اضطهدت كنيسـة اللـه " ( ۱ کوه ۱ : ۷- ۹ ) . ومع أنه كان آخر الكل في دعوته ، إلا أنه " تعب أكثر من جميعهم " ( 1 كو 15 : 10 ) . وهذا يظهر لنا أنه ليس بالأسبقية ، إنمـا بمقدار التعب من أجل الله فقد لا يكون إنسان أقدم العاملين في الخدمة . ومع ذلك يكـون أقوى العاملين يوحنا المعمدان لم يكن أول الأنبياء في العهد القديم ، إنمـا كـان آخرهم في الترتيب الزمني . ومع ذلك قيل إنه لم تلد النساء من هو أعظم من يوحنا المعمدان " ( مت ۱۱ : ۱۱ ) . أوغسطينوس قال للرب " لقد تأخرت كثيرا في حبك . ومع تأخره كان أعمق من ملايين ممن سبقوه " * ولد بطرس في بيت صيدا ، وعاشت أسرته في كفر ناحوم . أما بولس ، فولد في طرسوس ، من أعمال كيليكية . وإن كان قد أتي في شبابه المبكر إلى أورشليم ، لكي يكمل تعليمه الديني ليتعلم الناموس على أحد أساتذته الكبار ( أع ٢٢ : ۳ ) . * كان بطرس الرسول متزوجاً . وقد ورد في الإنجيل إن السيد المسيح قد شفى حماتـه مـن الحمى ( مت 8 : 14 ، 15 ) . وكـان في رحلاته التبشيرية يجول مصطحباً زوجته معه كأخت ( 1 كو 19 : 5 ) أما بولس الرسول فكان بتولا ( اکول : ۷ ) . وكان يدعـو إلى أفضيلة البتوليـة . ولكـن كـل واحـد حسـب موهبته الخاصة من الله ، والدعوة التي دعى فيها ( ۱ کو ۷ : ۷ ، ۱۷ ،٢٠) وهذا يدل على أن الـرب يدعو الجميع إلى خدمته ، سـواء كانوا متزوجين مثل بطرس أو بتوليين مثل بولس * بطرس بدأ حياته مع السيد المسيح بالحب والثقة والإيمـان .أما بولس فكان على عكـس هـذا : بـدأ بـالعداوة ، كمضطهـد للكنيسة ولكل من يتبع المسيح ، حتى أن الرب لما قابله في طريق دمشق ، بدأ الحديث معه بالعتاب ، قائلاً له " شاول شاول ، لمـاذا تضطهدنـی ؟ " ( أع 9 : 4 ) . * القديس بطرس كان رجلاً بسيطاً ، صياد سمك ( مت 4 : ١٨ ) . كان جاهلاً لم يتلق شيئاً من الثقافة والعلم . إنـه أحـد " جهـال العـالم الذين أخزى الرب بهم الحكماء " ( اکو ۱ : ۲۷ ) . وقيل عنه – هو والقديس يوحنا – إنهما " إنسانان عديما الفهم وعاميان " ( أع ٤ : ١٣ ) . أما القديس بولس فكان من علماء عصره ، تثقف في جامعة طرسوس ، وتهذب عنـد قدمـی غمـالائيل ( أع ٢٢ : ۳ ) . واشـتـهر بالثقافة وكثرة قراءة الكتب ( أع ٢٦ : ٢٤ ) . وهذا يرينـا أن الـرب يستخدم الكـل فـي ملكوتـه ، العلمـاء والبسطاء على حد سواء . المهم أن يكونوا أوانـي صـالحـة لعمـل نعمته ... * وفى إرسالية كل من القديسين بطرس وبولس ، كان هناك تمايز أيضاً . بطرس الرسول بدأ خدمته ، وهو كبير السن . ربما كان أكـبر . سنا من جميع الرسل . لذلك كانوا يوقرون سنه . ولعلـه مـن جهـة السن ، قال عن القديس مرقس " مرقس ابنی " ( ۱ بطه : ۱۳ ) . * أما بولس الرسول ، فكان أصغر سناً من القديس بطرس . من جهة الإختلاف أيضاً أن القديس بولس الرسول كـون لـه مجموعة كبيرة من التلاميذ ، أكثر من بطرس فكان من تلاميذه تيموثاوس وتيطس اللذين كتب لهما رسائل وكذلك من تلاميذه لوقا ، وأرسترخس ، وتيخيكـس وكـاربس وفيبي الشماسة ، وإكيلا وبريسكلا .. وآخرون . مرقس تبع الإثنين : بطرس أولاً . ثم استقر مع بولس إلـى آخـر أيام حياته ( ۲ تی 4 : ۱۱ ) . قيل عن القديس بطرس إنه كان " رسول الختان " أؤتمن على " إنجيل الختان " أي الكرازة لليهود . بينما أؤتمن بولس على " إنجيل الغرلة " أي الكرازة للأمم . وهكذا قال القديس بولس الرسول " إني أؤتمنـت علـى إنجيـل الغرلة ، كما بطرس على إنجيل الختان . فإن الذي عمل في بطـرس لرسالة الختان ، عمل في أيضاً للأمم " ( غل ۲ : ۷ ، ۸ ) . وهكذا قال الرب لبولس " اذهب فإني سأرسلك بعيداً إلى الأمـم " .( أع ۲۲ : ۲۱ ) . وقـال لـه كذلك " لأنك كمـا شـهدت بما لي في أورشليم ، هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضاً " ( أع ٢٣ : ۱۱ ) . وكتب بولس رسالة لأهل رومية ورسائل لكنائس الأمم . وكتـب بطرس إلى اليهود المغتربين في الشتات ( ۱ بط ۱ : ۱ ) . كتب القديس بولس ١٤ رسالة تشمل 100 إصحاحـاً أمـا القديس بطرس فكتب رسالتين فقط تشملان 8 إصحاحات كان القديس بطرس بسيطاً في كتابته . أما القديس بولس فقال القديس بطرس عن رسائله " فيهـا أشياء عسرة الفهـم يحرفهـا غير العلماء وغير الثابتين . لهلاك أنفسهم " ( ۲ بط ۳ : 16 ) . وقد تحدث القديس بولس في مسائل لاهوتيـة مثـل التـبرير والتجديد ، والناموس والنعمة ، والمعمودية والكهنوت ، والاختيـار والرذل ، والتهود مما لم يتعرض له القديس بطرس . كان القديس بطرس مندفعاً . ربما بسبب حماسه الشديد أو غيرته . وقد مدحه الرب لمـا شـهد له بأنه ابن الله الحي ( مت 16 : 15- 19 ) . ولكن كثيراً ما وبخه الرب على اندفاعه مثلما وبخه بعد ذلك ، لما تحدث الرب عن آلامه المقبلة وقتـل . اليهود له . فاندفع بطرس وقال منتهراً " حاشاك يارب ، لا يكون لك هذا " . فوبخه الرب قائلاً " اذهب عنى يا شيطان . أنت معثرة لي . لأنك لا تهتم بما لله ، بل بما للناس " ( مت 16 : ۲۱- ۲۳ ) واندفع بطرس أيضاً عند غسل الرب لأرجـل تلاميذه . فامتنع قائلاً : لن تغسل رجلي أبداً ! فلما أجابه الرب : إن لم أغسلك ، فليـس نصيب . حينئذ اندفع مرة أخرى وقال " يا سيد ، ليس رجلی فقط ، بل أيضاً يدى ورأسى " ... ( یو ۱۳ : ۸- ۱۰ ) . واندفع بطرس مرة أخرى عند القبض على السيد المسيح " كـان معه سيف . فاسا وضرب عبد رئيس الكهنـة ، فقطع أذنه اليمنى ( وكان إسم العبد ملخس ) . فقال له الرب : رد سيفك إلى غمـده . الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها ؟! " ( يو ۱٨ : ۱۰ ، ۱۱ ) . وقال له كذلك " لأن كل الذين يأخذون بالسيف ، بالسيف يهلكون " ( مت ٥١:٢٦ ،٥٢) لك معی وهكذا نرى أن الرب اختاره على الرغم مـن اندفاعـه ثـم حـول هذا الإندفاع إلى الخير منذ يوم الخمسين " فنرى أن بطرس هو الذي بدأ الكلام في ذلك اليوم ، وفستر للناس ما كان يحدث ( أع ٢ ) ، ودعاهم إلى الإيمان . وهو أيضاً الـذي بـدأ الكلام يوم شفاء الأعرج ، ووبـخ اليهود على تفضيلهم رجـل قـاتل .على السيد المسيح أمام بيلاطس ( أع ٣ : ١٢- ٢٦ ) . وهو الذي كان يتقدم في مناسبات كثيرة . مثلمـا قـال " ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس " ( أع 5 : ۲۹ ) . وهكذا استخدم الرب اندفاع بطرس للخير أما القديس بولس فكان أيضاً متحمساً ، ولكن في غير اندفاع .. ولعل مـن الإختلاف بينهما في اسلوب العمل ، أن القديس بولس وبخ القديس بطرس نفسه في إحدى المرات : وقد شرح ذلك في الإصحاح الثاني مـن رسالته إلى غلاطية ، فقال : " كان لما أتى بطرس إلى أنطاكية ، قاومته مواجهة لأنـه كـان ملوماً لأنه قبلما أتى قوم من عند يعقوب كان يأكل مع الأمم ، ولكـن لما أتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفاً من الذين هـم مـن الختـان . وراءى معه باقى اليهود أيضاً حتى إن برنابا أيضاً إنقاد إلى ريائهم . لكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حـق الإنجيل ، قلت لبطرس قدام الجميع إن كنت وأنـت يـهـودى تعيـش أممياً لا يهودياً فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا " ( غل ۲ : ۱۱- ١٤ ) . ومع ذلك فالقديسـان اشتركا وتشـابهـا فـي مسـائل جوهريـة كالغيرة والاستشهاد ، قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن سلسلة نــبذات القديسان بطرس وبولس في عيد الرسل الذي هو عيدهما
المزيد
10 مايو 2021

أمجاد القيامة

نستطيع أن نحصي - على الأقل - أربعة أمجاد أخذناها بالإيمان بقيامة السيد المسيح، وسنأخذها بالعيان في الأبدية السعيدة، وهذه الأمجاد هي:- 1- مجد القداسة: فالكل قديسون، في حضرة القدوس، وفي عالم القداسة الكاملة، لهذا رأى يوحنا الحبيب المفديين في رؤياه «بِثِيَابٍ بِيضٍ» (رؤ7: 9). علامة الطهر والنقاوة، فهيهات أن تطال الخطيئة الأجساد النورانية، والأرواح المُكمَّلة، وسكان السماء‍! 2- مجد السعادة: إذ سيسمع كل مؤمن يصل إلى مشارف العالم الآخر، كلمات الرب: «نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (مت25: 23).وهكذا نشترك جميعًا في «عَشَاءِ عُرْسِ الْخَرُوفَ» (رؤ19: 7-9)، مرنِّمين ومسبِّحين فادينا المحب، حينما يتحد الرب العريس، بكنيسته العروس. 3- مجد الشركة: فنحن الآن في محفل أبرار مُكمَّلين، إذ هناك نلتقي بالملائكة والقديسين، وعلى رأس الكل، أم النور، سيدة الطهر والنقاء، وكل من ساروا على دربها من القديسين.. فهناك نلتقي: بالآباء: إبراهيم وإسحق ويعقوب. والأنبياء: الكبار والصغار. والرسل: تلاميذ الحمل. والشهداء: الذين سفكوا دمائهم على اسم المسيح. والقديسين: الذين ازدروا بالأرض ليمتلكوا السماء. 4- مجد الخلود: فالحياة هناك ليس لها نهاية.. إنها الخروج من الزمن، والدخول إلى الأبدية واللا محدود. هناك نتحد بالله في خلود مقيم، تحقيقًا لوعده الصادق والأمين: «إِنِّي أَنَا حَىٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ» (يو14: 19)، «مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا» (يو11: 25)، «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِير» (يو6: 54).فليعطنا الرب أن نقوم مع المسيح القائم، منفّذين وصية معلمنا بولس الرسول: «فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. مَتَى أظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أنْتُمْ أيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ» (كو3: 1-4).وهكذا تمتد فرحتنا بعيد القيامة المجيد، من فرحة يوم بذاته.. إلى فرحة عمر شامل.. إلى فرحة أبدية سعيدة.. فلنحتفل بقيامة الرب المجيدة.. ذاكرين تجسده العجيب..وفدائه الباذل.. وقيامته المباركة.. ومجيئه الثاني.. ليأخذنا إليه..ألم يقل لنا: "أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَىَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا" (يو 2:14-3)؟ نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل