الكتب
من تفسير وتأملات الآباء الأولين-رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس
مقدمة
لهذه الرسالة أهمية خاصة، فقد سجلها رسول الأمم معلمنا بولس الرسول لأحب تلميذ له، وشريك معه في الخدمة الرسولية، القديس تيموثاوس، الذي سامه أسقفًا على أفسس. إنها آخر ما سجله الرسول بولس في سجنه الثاني وهو ينتظر يوم استشهاده. فقد كان في حنين أن يلتقي معه، ليقدم له وصاياه الوداعية، لكنه خشي ألاَّ يسعفه الوقت فقدم كل ما في قلبه كخادمٍ، مسجلاً وصاياه الوداعية لابنه الخاص.
المكان الذي أُرسِلَت إليه
كتب الرسول بولس هذه الرسالة إلى القديس تيموثاوس، الذي كان يخدم في أفسس ويرعى شعبها، والدليل على ذلك هو:
1. طلب منه أن يسلم على أنيسيفورس (٤: ١٩)، الذي كان في أفسس (١: ١٨).
2. أوصاه أن يمر على ترواس عند قدومه إليه في روما (٤: ١٣)، وكانت ترواس تقع في الطريق الممهد بين أفسس وروما كما يُفهم من (أع ٢٠: ٥؛ ٢ كو ٢: ١٢).
3. حذره من اسكندر النحاس (٤: ١٤) الذي كان في أفسس (أع ١٩: ٣٣؛ ١ تي ١: ٢٠).
4. أمره أن يبادر إليه (٤: ٩)، وزاد على ذلك قوله: "أما تيخيكس فقد أرسلته إلى أفسس" (4: 12)، وكأنه قد بعث به إلى أفسس لينوب عن القديس تيموثاوس أثناء رحيله.
5. الأضاليل والأخطاء التي طالب القديس تيموثاوس بمقاومتها هي بعينها المذكورة في الرسالة الأولى، وكأن القديس تسلم الرسالة في ذات البلد التي تسلم فيها الرسالة الأولى، أي أفسس.
من تفسير وتأملات الآباء الأولين-رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس
الرسائل الرعوية
كتب القديس بولس مجموعة من الرسائل موجهة إلى بعض تلاميذه من رعاة الكنائس: القديسين تيموثاوس وتيطس وفليمون. وللرسالة إلى فليمون طابعها المستقل فهي وإن وُجهت إلى راعٍ لكنها كانت إلى حدٍ ما شخصية، كشفت عن دور السيد المؤمن نحو عبده، كما أوضحت مشاعر الأبوة العميقة للرسول بولس نحو عبدٍ سارقٍ هاربٍ، آمن بربنا يسوع المسيح ومارس حياة التوبة. أما الرسائل الأخرى الثلاثة، فتدعى الرسائل الرعوية[1]، إذ يجد فيها الرعاة مصدرًا روحيًا خصبًا للعمل الرعوي.
أصالتها
1. الشهادة الخارجية: في القرن الثاني، حوالي عام ١٧٠ م، ورد في القانون الموراتوري Muratorian Canon، والذي يعتبر أقدم قائمة رسمية لأسفار العهد الجديد الثلاثة عشر رسالة القديس بولس مستبعدًا الرسالة إلى العبرانيين. وفي نفس التاريخ تقريبًا أحصى ألـ Paschito Canon الأربعة عشر رسالة للقديس بولس من بينها الرسائل الرعوية كأسفار قانونية. وجاء في يوسابيوس أيضًا هذه الرسائل مع بقية رسائل القديس بولس كأسفار قانونية معروفة وأكيدة[2]. لم يطرأ أي شك من جهة قانونية هذه الرسائل ونسبتها لمعلمنا بولس الرسول لدى أي أب من آباء الكنيسة في الشرق والغرب. وقد استخدم كثير من الآباء عباراتها في كتاباتهم، منهم القديسين إكليمنضس الروماني[3] وثاوفيلس الأنطاكي[4] وإيريناؤس[5] والعلامة ترتليان[6] والقديس إكليمنضس السكندري. وقد اقتبس الأخير الكثير من الرسالتين الأولى والثانية إلى تيموثاوس، مشيرًا إلى الهراطقة الذين رفضوهما بسبب تفنيد خطأهم فيهما[7]، كما اقتبس من الرسالة إلى تيطس.
من تفسير وتأملات الآباء الأولين-رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكى
في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي يرفع الرسول بولس بالروح القدس نفس المؤمن فوق الآلام، أيّا كان مصدرها أو نوعها، لينطلق به إلى السماويات منتظرًا مجيء السيد المسيح لينعم بالمجد الأبدي، ويفتح قلبه بالحب نحو كل البشرية وهو في أتون الضيق. وفي هذه الرسالة يقدم لنا صورة مرّة لحرب الشيطان المتزايدة والتي تبلغ قمتها بظهور إنسان الخطية أو ضد المسيح قبل مجيء الرب مباشرة كلما اقترب المجد الأبدي وكلما تهيأت الكنيسة كعروسٍ مقدسة ليوم عرسها هاج عليها الشيطان نفسه ليرد أبناءها عن مسيحهم. إنها ليست حربًا مادية بشرية، لكنها حرب بين الشيطان نفسه واللَّه.حينما يتطلع المؤمن إلى انتظار مجيء المسيح الدجّال أو إنسان الخطية يستتفه كل ضيقة حالية تحل به، سواء كانت مرضً،ا أو متاعب من عائلته أو من زملائه، من الداخل أو الخارج.في هذه الرسالة يكتب لنا الرسول بالروح القدس ليلهب قلبنا نحو مجيء الرب الأخير دون تجاهل لعملنا اليومي أو سلوكنا على الأرض بلا ترتيب.
من تفسير وتأملات الآباء الأولين-رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكى
مقدمة في تسالونيكي
تدعى حاليًا تسالونيك، كانت عاصمة إحدى مقاطعات مكدونية باليونان، كان اسمها أولاً ثرما Therma، معناها "ينبوع ساخن". أعاد إنشاءها كاسندر الأول بن انتيباتير عام ٣١٥ ق.م.، وجعلها مقرًا لكرسيه، دعاها على اسم زوجته ابنة فيليب المقدوني وأخت إسكندر الأكبر (ليست شقيقته)، أي تسالونيكي وفي العصر الروماني كانت عاصمة للولاية الجديدة في ذلك الحين، وكان تعدادها حوالي ٢٠٠٠٠٠ نسمة.كان لتسالونيكي أهمية عظمى بسبب موقعها الجغرافي على الطريق الإغريقي، وهو طريق عسكري ضخم يربط روما بالشرق، وبكونها ميناء قد أُعد كمحطة بحرية مجهزة بأحواض للسفن الرومانية، وكان يحكمها خمسة أو ستة من البوليسترخس، أي "حكام المدينة" (أع 17: 6).بكونها مركزًا تجاريًا هامًا اجتذبت تسالونيكي الكثير من أثرياء الرومان وعددًا ليس بقليل من تجار اليهود (أع 17: 4)، فكان فيها مجمع هذا ومن جانب آخر اشتهرت بالشر والخلاعة. لهذا التزم الرسول بولس بالحديث عن الحياة الطاهرة (١ تس ٤: 1-8).
من تفسير وتأملات الآباء الأولين-رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسى
مقدمة في رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي
كولوسي Colusse, Colosse
مدينة صغيرة، تقع في مقاطعة فريجية Phrygia، في جنوب آسيا الصغرى، شرق مدينة أفسس وغرب أنطاكية بسيدية، كان يغذيها نهر اللوكس. تعرض وادى اللوكس Lycus valley لعدة زلازل، كما كان مهبطًا لترسيب تلالاً من الطباشير أطاحت بالكثير من معالم المنطقة، وفي نفس الوقت أصبغت عليها مناظر خلابة من أقواس وسراديب طباشيرية. وهي ملاصقة لمدينتين هامتين هما لاودكية Laodicea وهيرابوليس Hierapolis (13:4) وقد اشتهر ثلاثتهم بتجارة الأخشاب والصباغة[1].
من أثار البراكين الكثيرة صارت المنطقة حافلة بالمراعي، مما أدى إلى ازدهار صناعة الصوف وصباغته، وصار يوجد لون خاص بكولوسي يوصف بالصوف الكولوسياني.لا نعرف الكثير عن تاريخ كولوسي، ذكرها هيروديت بكونها مدينة عظمى في فريجية في أيام سريكس، لكنها تضاءلت حتى صارت قرية صغيرة في أيام القديس بولس، لم يبقَ منها حاليًا سوى القرية التي تدعي كونوس Chonas أو كوناس Konas في تركيا، تقع تحت ظلال جبل كادموس، تكتنفها أشجار عالية، ويبرز في ضواحيها آثار مدينة كولوسي القديمة من قباب وأقواس وحجارة مرصوفة.هذا وقد وُجد ترابط بين كولوسي ولاودكية وهيرابوليس بسبب قرب المسافة. لهذا أوصى الرسول أن تُقرأ الرسالة إلى أهل كولوسي في لاودكية، وأن تُقرأ الرسالة إلى أهل لاودكية في كولوسي (كو 16:4).يذكر يوسيفوس أن اليهود أقاموا في فريجية لمدة قرنين[2]. وقد تطبعوا بعادات أهل البلاد، حتى أن الذين قبلوا الإيمان المسيحي حملوا معهم بصمات العادات الخاصة بالأمم[3].ذكر يوسابيوس أن فيلبس الشماس وبناته العذارى الأربع قد أقاموا في هذه المنطقة، وقد اُكتشفت مقابرهم في هيرابوليس في الجزء الأخير من القرن الثاني.
من تفسير وتأملات الآباء الأولين-رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبى
مسيحنا هو حياتنا الدائمة التهليل
تعتبر هذه الرسالة من أعذب الرسائل التي كتبها الرسول بولس. وهي أشبه بمقالٍ يوجهه الرسول بولس إلى الكنيسة في كل العصور، بل وإلى كل مؤمنٍ في كل الأزمنة ليحيا دائم التهليل، بغض النظر عن الظروف التي تحيط به، وذلك خلال ممارسته الحياة الجديدة التي لا تعرف السكون، بل دائمة الحركة في المسيح يسوع.كتب الرسول هذه الرسالة إلى شعبٍ اتسم بعلاقة حب خاصة مع الرسول بولس، فهو الشعب الذي من أجل محبتهم له كانوا دائمًا يمدونه بالعطايا لكي ينفق على رسالة الإنجيل، سواء في احتياجاته الضرورية أو احتياجات الخدام المرافقين له، حتى بعد أن تركهم، سواء وهو في كورنثوس أو تسالونيكي.في سجنه الأول في روما حيث وضع تحت التحفظ في بيت استأجره مقيدًا بجند رومان، وذلك لمدة عامين. كان الرسول بولس ممنوعًا من السفر إلى دول أو بلاد أو حتى الانتقال إلى بيوت في ذات المدينة ليكرز بالإنجيل. لكنه، كما يشهد، أن قيوده قد آلت بالأكثر إلى تقدم الإنجيل. لم يكن ممكنًا للقيود أن تحرمه من الشهادة للإنجيل، ولم يكن ممكنًا للحبس أن يفقده الحياة المتهللة في المسيح يسوع.
من تفسير وتأملات الآباء الأولين-رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس
من سجن روما، في أواخر حياة الرسول بولس، قدم لنا هذه الرسالة، التي مع صغر حجمها نقلت إلينا الفكر الرسولي بل والسماوي نحو مفهوم الكنيسة. جاءت هذه الرسالة فريدة في أهميتها، من هذه الزاوية، فهي رسالة ليتورچية، تحمل إلينا تعاليم لها وزنها الخاص، وتضم تسابيح وقطع ليتورچية من العصر الرسولي، وفي نفس الوقت تُحسب أشبه بدعوة حارة لتمجيد الله.هي رسالة كنسية لاهوتية تصبغ، على المؤمنين روح البهجة والفرح، وتدخل بهم إلي سرّ الكنيسة على صعيد لاهوتي عميق روحي وواقعي. الأمر الذي دعى بعض النقاد المحدثين إلي أن يدّعوا بأن هذه الرسالة وُضعت بعد العصر الرسول بولس، وإن كان كثير من الدارسين رفضوا هذا الفكر كما سنرى.الرب إلهنا الصالح يهبنا بروحه القدوس أن ننعم بهذا الفكر الرسولي الحيّ لنعيشه بحق وننعم به.
من تفسير وتأملات الآباء الأولين-رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية
تكشف الرسالة إلى أهل غلاطية عن قلب الرسول بولس الناري، حيث يُعلن أن اللَّه قد أفرزه من بطن أُمه لهذا العمل الفائق. لا هدف له إلا الدخول بكل نفس إلى إنجيل المسيح والتمتّع بقوة الصليب واهب الحرية الداخلية، من كل ضعف ومن كل خطية، بل ومن كل حرفية للناموس.ينطلق الرسول بولس كما بأولاد اللَّه إلى الجلجثة، ليدركوا مفهوم الحرية الحقة القائمة على حب وبذل للأنا، فيعيش المؤمن بروح مُخلصه، يسوع المسيح، الذي بكمال حريته قدم حياته مبذولة لأجل الغير.
الحرية المسيحية ليست مجالاً للتهاون ولا للإباحية، إنما هي حرية الشخص الناضج المقدس الذي يدرك مسئوليته، فيعيش ملتزمًا تجاه إلهه، وتجاه نفسه وتجاه البشرية، حاملاً طاقات حب وتقديس لا يقدر العالم أن يحطمها.
من تفسير وتأملات الآباء الأولين-رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس
مقدمة في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس
موضوعها
هذه الرسالة هي أروع مقال عن مفهوم الخدمة والحب الرعوي الفائق. كل عبارة تعتبر قانونًا عمليًا للخادم الحقيقي. كأن اللَّه سمح بالهجوم على رسولية القديس بولس لكي يكشف الرسول عما في أعماقه من حبٍ نحو شعبه، وما في ذهنه من مفاهيم إيمانية صادقة نحو الرعاية.
بالرغم من كثرة المصاعب والمشاكل التي واجهها الرسول في كورنثوس، جاء موضوع الرسالة: الخدمة القانونية المنتصرة. "ولكن شكرا للَّه الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين" (2 : 14).
مفتاح السفر
إذ اشتدت الضيقات بالرسول جدًا لم تتحطم نفسه، بل أدرك أن اللَّه سمح بها لكي يكتشف ذراع اللَّه العامل وسط الأتعاب. "الذي جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد، لا الحرف بل الروح، لأن الحرف يقتل، ولكن الروح يحيي" (3 :6).
تاريخ كتابتها
كُتبت سنة 57 ميلادية من مكدونية بعد الرسالة الأولى بأشهرٍ قليلةٍ.