العظات
صفات الخادم
هُناك أربعة صِفات للخادِم أو لِرجُل الله أو لإِنسان الله ، سوف نأخُذهُم مِنَ خِلال أربع شخصيات تُسمّيهُم الكنيسة رؤساء الآباء :-
فِى الألقاب التّى تُقال عنهُم الآباء البطارِكة لأنّ بطرك يعنِى بطرِيرشيس ، بطرِى = أب ، شيس = رئيس ، بطرِيرشيس = رئيس آباء سنأخُذ أربع صِفات رؤساء الآباء بحيث نبحث وراءهُم لِنجِد فيهُم صِفة مُتكامِلة لِرجُل الله :-
1/ أبونا إِبراهيم – الأُبوّة وَالحُب :-
مِنَ الواضِح فِى صِفات أبونا إِبراهيم أنّهُ أب مُحِب ، أول إِنسان أقام الله معهُ عهد بعدما أعلن الله غضبة على الإِنسان وَالبشريّة قال لهُ سأجعلك أُمّة عظيمة وَتكون مُباركاً ، وَأجعل نسلك مُباركاً ، لِدرجِة أنّنا نعتبِر أبونا إِبراهيم هُو الشمعة التّى أضاءت فِى جنس البشريّة ، وَظلّت هذِهِ الشمعة تتوالى ، تتوالى ، لِغاية لمّا جاء ربِنا يسوع المسيح لأنّ أبونا إِبراهيم كان فِى صُلبِهِ إِسحق ، الّذى فِى صُلبِهِ يعقوب وَيعقوب فِى صُلبِهِ الإِثنى عشر أسباط إِسرائيل ، الّذى بينهُم سِبط يهوذا الّذى جاء مِنهُ ربّ المجد يسوع المسيح ، فنستطيع أنْ نقول أنّ أبونا إِبراهيم صاحِب الشمعة التّى إِخترق بِها ظُلمة البشريّة لِغاية لمّا وصّلِتنا لِربِنا يسوع المسيح وَقال لهُ تتبارك فيك جميع قبائِل الأرض ، وَمِنَ أكثر صِفات أبونا إِبراهيم أنّهُ مُحِب ، أب ، راعِى ، مُتسِّع القلب ، نشعُر فِى أبونا إِبراهيم بأنّهُ شفيع ، بأنّهُ إِنسان لاَ يهتِم بِما لِنَفْسَه وَلكِن بِما للآخر ، نشعُر فِى أبونا إِبراهيم أنّهُ لاَ يحيا لِنَفْسَه فقط وَلكِن للآخرين أيضاً مثلاً فِى قِصّة أبونا لوط إِبن أخو إِبراهيم ، يعنِى أصغر مِنّه فِى السِن ، وَلمّا حدث خِصام بين رُعاة إِبراهيم وَرُعاة لوط وجدنا أبونا إِبراهيم هُو الّذى يأخُذ خطوة السلام وَيقول[ لاَ تكُن مُخاصمة بينِى وَبينك وَبين رُعاتِى وَرُعاتك ] ، لاَ داعِى للخِلاف أو الإِنقسام ، إِختار المكان الّذى تُريِده وَأنا أسير عكسه ، وجدنا هُنا الإِحتمال رغم أنّهُ فِى الأُبوّة معروف أنّ الصغير يُطيع الكبير ، وَلكِن أبونا إِبراهيم كأب أخضع نَفْسَه للوط كإِبن لهُ الخِدمة تحتاج مِنّا إِلَى إِتساع قلب ، تحتاج حُب ، تحتاج رِعاية ، تحتاج تضحية ، نرى تنازُل أبونا إِبراهيم للوط رغم أنّهُ يستطيع أنْ يقول لهُ أنت تذهب هُنا أوْ هُناك ، لكِن نجِده يُخضع نَفْسَه للوط ، لِماذا ؟ حُب وَلمّا سمع أنّ أبونا لوط فِى سدوم وَعمورة وَأنّهُ سُبِى وَوقع تحت أسر الملوك إِنزعج وَأخذ معهُ 318 رجُل ، وَأحياناً الآباء يقولوا أنّ هؤلاء ألـ 318 المُجتمعين فِى نِقية رِجال الإِيمان الّذين ذهبوا لإِنقاذ الكنيسة ، وَهُنا أبونا إِبراهيم جمع رِجاله ، وَذهب لإِنقاذ لوط رغم أنّ لوط لاَ يستحِق هذِهِ المحبّة ، لكِن وجدنا أبونا إِبراهيم لهُ حُب وَإِتساع وَيُدافِع عَنِ لوط حتّى وَإِنْ كان أخطأ فِى حقِّهِ الخادِم المفروض لاَ ينظُر إِلَى ما هو لِنَفْسَه وَلكِن إِلَى ما هو للآخرين ، الخِدمة قلب مُلتهِب بِمحبّة الآخرين مِنَ خِلال محبّة الله ، قلب يِأن لضعف الآخرين ، أبونا إِبراهيم لمّا سمع أنّ لوط مسبِى لَمْ يحتمِل ، وَنحنُ هكذا محبِتنا وَأُبوِّتنا لأولادنا تُعطينا أنْ نِأن عليهُم ، مُعلّمِنا بولس الرسول يقول [ مَنَ يضعُف وَأنا لاَ أضعُف ، مَنَ يعثُر وَ أنا لاَ ألتهِب ، مَنَ يمرض وَ أنا لاَ أمرض] ، سامحونِى أحبائِى نحنُ نخدِم بالشكل كم مُشكِلة نسمعها وَ لاَ نِأن ، كم ولد وَبِنت نسمع عنهُم ظروف صعبة وَ لاَ نِأن ، ناس محتاجة تغيّر الشقة لاَ تستطيع أوْ لاَ تُحِب أنْ تصنع معهُم شىء ، فنرُد عليها قائلين ، قدِّمِى مِنَ أجلهُم صلاة ، حُب ، إِحتضان ، مشورة ، فِى ناس أُقدِّم لها محبّة وَناس تحتاج أُقدِّم لها مشورة ، وَناس تحتاج أُقدِّم ما فِى طاقة يدِى مُعلّمِنا بولس الرسول كان رجُل فقير وَهُو نَفْسَه قال [ أنا تدرّبت أنْ أجوع وَأنْ أعطش ، حاجاتِى وَحاجة الّذين معِى خدمتهُم هاتان اليدان ] ، أىّ أنّهُ كان يعمل بيديِهِ ، لَمْ يكُن معهُ مال كثير لِيحِل مشاكِل النّاس ، وَلكِن معهُ طاقة حُب وَمعهُ أُبوّة ، نقرأ عنهُ فِى رِسالة تسالونيِكِى [ هكذا كُنّا حانّيين إِليكُم ، كُنا مُترفّقين بِكُم كما تترفّق المُرضِعة بأولادِها ] ، وَ فِى غلاطية يقول [ يا أولادِى الّذين أتمخّض بِهُم إِلَى أنْ يتصّور المسيح فيهُم ] ، مُخاض الوِلادة (آلام الوِلادة ) = أنا أتألّم فيكُمْ لابُد أنْ يكون لنا إِهتمام يصِل إِلَى إِهتمام الأب ، الأُم ، المُحِب ، مُعلّمِنا بولس الرسول دائِماً لمّا يُرسِل رسائِل يقول [ يا أولادِى الّذين أشتاق إِليكُمْ ] ، مُشتاق فِعلاً ، نقرأ فِى رِسالتة لرومية يبعت لـ 25 إِسم لِيُسلّم عليهُم ، وَيقول لهذا أنت قريبِى ، أنت نسيبِى ، كيف يكون نسيبك وَأنت لَمْ تتزوّج ، ما هذا ؟ كُلّهُمْ أقربائِى وَأنسبائِى لأنّ كُلّهُم إِستضافونِى يا بولس أنت كرزت إِلَى شِبه للعالم كُلّه ، كيف تتذكّر كُلَّ واحِد بإِسمه ؟ أب ، فاكِر طبعاً فِى رِسالتة الثانية لِتلميذه تيموثاوس [ أنا مُشتاق جِداً أنْ آراك ذاكِراً لك دموعك ] ، يقولوا أنّ تيموثاوس هُو الإِبن البِكر لبولس الرسول ، وَيقولوا أنّهُ فِى لحظِة القبض علي بولس الرسول ، وَكان تيموثاوس واقِف ينظُر ، فلّما وُضِع الحديد فِى يد بولس وَأقتيد إِلَى السِجن لَمْ يحتمِل تيموثاوس هذا المنظر لأنّهُ يرى فِى بولس أُبوّة ؟ فكيف يحدُث فيِهِ هكذا ، فبكى وَرآه بولس لِذلِك يقول لهُ لاَ تعتقِد إِنِّى قَدْ نسيت دموعك ، أنا مُشتاق إِليك جِداً ، - أب - ، الخِدمة أحبائِى لابُد أنْ يكون فيها روح ، نحنُ لَمْ نكُنْ مُدرّسين فِى مدرسة ، لاَ نُعطِى تعاليم لاَ يوجد فيها أىّ حُب أوْ أىّ عِلاقة ، الخِدمة ليست تلقين ، إِحفظوا فقط وَبِهذا تنتهِى الخِدمة ، لاَ هذِهِ خِدمِة روح ، خِدمِة رفع قلب فِى مرّة خادِم ذهب مَعَ أولاده فِى رِحلة وَكان معهُ أولاد أشقياء وَإِتأخّروا قليلاً عَنِ ميعاد التجمُّع مِنَ الدير ، فالخادِم لَمْ يُطيل باله عليهُم وَأخذ أُتوبيس الرِحلة وَمشى ، فجاء أب لأحد هؤلاء الأولاد وَذهب لهذا الخادِم وَسألهُ لو إِبنك كُنت تركته وَمشيت ؟ لمّا لَمْ يعرِف يرُد قال أنا إِبنِى لاَ يفعل هكذا ، صحيح لو هذا الولد إِبنه كان تركهُ ؟! أم يلتمِس لهُ العُذر وَيقول بيلعب ، أو مُمكِن يكون فِى الحمّام ، أو تائِه ، ليس فقط أن يلتمِس لهُ العُذر ، لاَ00دا يقوم وَيبحث عنهُ بِشغف ، لابُد تكون مشاعِر الأُبوّة هكذا ، لأنّ الأُبوّة الروحيّة أغلى وَأسمى مِنَ الأُبوّة الجسديّة لأنّ مُمكِن واحِد مِنَ المخدومين يشتِكِى لنا مِنَ أبوة أوْ أُمة ، إِذن هُو يثِق فينا وَيُحِبِنا أكثر مِنَ أهل بيته ، لأنّ الأُبوّة الروحيّة أغلى مِنَ الأُبوّة الجسديّة هل نُعطِى نحنُ هذِهِ الأُبوّة ؟ أبونا إِبراهيم أب بالفِعل ، نرى موقِفه فِى سفر التكوين إِصحاح 18 لمّا إِستضاف الثلاثة الّذين أتوا لِيُعطوا لهُ البُشرى بِميلاد إِسحق ، مُمكِن نصنع لكُم طعام ليسنِدكُم وَيقول [ كسرة خُبزٍ ] ، وَيُنادِى سَارَة ، وَنجِد أنّ كسرة الخُبز هذِهِ عِبارة عَنِ عجل ، كيلات دقيق ، كُلَّ هذا على ثلاثة أشخاص ، أب كريم مُحِب ، عِنده روح عطاء لاَ يُمسِك هكذا الأب ، لكِن لمّا يكون بخيل على أولاده ، إِذن فِى حاجة خطأ ، لأنّ الأب مَعَ أولاده لازِم يكون سخِى ، وَنحنُ أيضاً مَعَ أولادنا الروحيين يجِب أنْ نكون أسخياء فِى العطاء ، فِى عطاء الجسد ، عطاء الطاقة ، عطاء الحُب ، عطاء البذل ، لِذلِك الإِنجيل فِى رِسالة العبرانيين يقول [ لاَ تنسوا إِضافِة الغُرباء التّى بِها أضاف أُناس ملائِكة وَهُمْ لاَ يدرون ] ، يقصِد بِذلِك أبونا إِبراهيم وَعِندما أراد الله أنْ يحرِق وَيُهلِك سدوم وَعمورة قال[ هَلْ أُخفِى عَنْ إِبراهيم ما أنا فاعِلهُ ] ، وَبدأ يتكلّم معهُ ، وَيرُدّ عليهِ إِبراهيم وَيقول[ أديَّان كُلّ الأرضِ لاَ يصنعُ عدلاً ] ، بدأ إِبراهيم يحزن ، لِماذا ؟ أنت غير ساكِن فِى سدوم وَعمورة ، فكان مُمكِن الله يقول هاهلِكها ، فإِبراهيم يوافِق ، لكِن هو أقام نَفْسَه مُحامِى عنها ، وَرُبّما هُو لاَ يعرِفها وَيعرِف أنّها تستحِق ، لأنّ خطاياها عظيمة ، الأُبوّة تُعطِى الإِنسان حنو ، ترفُقّ مُمكِن أجِد ظروف عِند شخص كان ولد أو بِنت مُتعِب جِداً فِى الخِدمة ، الواجِب أنْ لاَ أقسوا عليهُم لأنِّى عارِف ظروفها وَبيتها ، وَأنا أدرى بِهُم ، فإِنْ كان البيت على هذا الوضع وَبِمقدار هذِهِ الشقاوة فقط فهذا جيِّد جِداً هكذا صنع أبونا إِبراهيم وَهُو يعلِم نقائِصهُم ، لأنّ أبونا إِبراهيم رجُل تقِى وَبار وَ يعتقِد أنّ النّاس كُلّها أبرار ، لِدرجِة أنّهُ قال لربِنا رقم لاَ يُمكِن حد يفلِت أبداً ، قاله لو فيها 50ألاَ تصرِف غضبك !! وَربِنا عاوِز يقول لهُ إِنت طيّب جِداً يا إِبراهيم الإِنسان البار يشعُر أنّ مَنَ حوله أبرار ، وَالشّرير يشعُر أنّ حتّى الأبرار أشرار ، فِى الكنيسة لو شعرت أنّ كُلّ النّاس قديسين إِذن أنا ذُقت المسيح ، لكِن لو إِنتقيت عيوب النّاس إِذن أمامِى وقت طويل حتّى أصِل ، أنا مرآه لِمَنَ حولِى ، بحسب ما أنا أفكّر أرى الآخرين ، وَأبونا إِبراهيم لأنّه رجُل بار ظلّ ينزِل مَعَ ربِنا مِنَ 50 لغاية 10 ، ما هذا الّذى يحدُث ؟ أُبوّة ، شفاعة لِذلِك كنيستنا القبطيّةالأُرثوذوكسيّة تُحِب جِداً لقب الكاهِن ، إِنّهُ أب ، Father ، لاَ يقول أحد لأبونا يا حضرِة القس ، لأ بل أبونا يوحنا ، أبونا داوُد ، الأُبوّة كجُملة أوْ عِبارة هى أقرب للقلب ، نحنُ لاَ نتعامل مَعَ ألقاب أوْ مناصِب ، نحنُ نتعامل مَعَ أُبوّة حانية ، هذِهِ هى كنيستنا ، كنيسة قلب مُفعّم بِحُب الله الّذى يفيض على الآخرين بِحُب ، وَخِدمتنا هل فيها اُبوّة وَحُب ؟! أم خِدمة شكليّة وَجافّة ؟ هل الّذى يتعامل معنا يلمس الأُبوّة وَالحُب وَيراها بوضوح أم لاَ ؟ نُقطة مُهِمّة جِداً أنْ نشعُر بأنين الّذين حولنا ، وَنكون إِيجابيين فِى محبِتنا لهُم ، مُعلّمِنا بولس الرسول يقول[ إِنْ كُنّا لاَ نرضى أنْ نُعطيكُم إِنجيل المسيح فقط ، لاَ بل أنْ نُعطيكُم أنفُسَنَا ] ، أُريد أنْ أُعطِى لكُم نَفْسَى ، [ ما مِنَ شىء مِنَ الفوائِد وَ إِلاّ أخبرتكُم بِهِ ] ، هل يُعقل أنْ أُخفِى عنكُم فايدة وَأنتُم أولادِى ؟ صدّقونِى لو خدمنا خِدمة فيها روح لن نشتكِى مِنَ عدم إِنتظام الأولاد ، لن نشتكِى أنّ هُناك جيل موجود لاَ يُحِب الكنيسة ، مَنَ هى الكنيسة ؟ الكنيسة ليست صور وَحِجارة ، الكنيسة نحنُ وَأنتُم الحِجارة الحيّة ، لو عِشتُم أنتُم الكنيسة لصارت الكنيسة تجرِى فِى دم أولادِها ، وَلو نظروُكُم وَأنتُم مُسبِّحين وَمُرنِّمين وَعاشقين لكنيستكُم ، يُظهِر أولادكُم لهُم عِشق للكنيسة ، وَالعكس لو نظروا جفاء وَقسّوة وَجُمود وَنِفوس جامِدة ليس بِها صلاح ، يظهر أولاد صورة لنا بالضبط ، لِذلِك أحبائِى فِى خِدمِة الأُبوّة الإِنسان يكون لهُ قلب مُتسِّع ، يِإن لأولاده مرّة واحِد مِنَ الأباء الأساقِفة المُتنيحيين مِنَ 10 – 15 سنة كان إِسمه الأنبا مكسيموس مُطران القليوبيّة ، وَذهب لهُ شاب يقول لهُ أنا مُتزوِّج حديثاً وَزوجتِى غاضِبة وَبيتِى سيُخرب وَذلِك لأنِّى بِدون عمل ، فسألهُ سيِّدنا : وَأنت فِى أىّ مجال تعمل ؟ فقال لهُ فِى أشياء عديدة ، وَلكِن المُتمكِّن فيها هى السِواقة ، فأحضر سيِّدنا أحد أولاده فِى المُطرانيّة وَطلب مِنهُ أنْ يُغيِّر فِى اليوم التالِى أوراق سيّارِة سيِّدنا المرسيدس إِلَى سيّارة تاكسِى أُجرة ، فرّد الخادِم صعب ياسيِّدنا ، قال لهُ ياأبنِى أنا لاَأحتاج إِليها ، وَعِندما أُريد أنْ أذهب إِلَى مكان عشرين شخص يوصّلنِى ، لكِن هذا الرجُل بيته سيُغلق ، إِسمع الكلام ، وَفِعلاً ذهب وَغيّر السيّارة مِنَ مرسيدس إِلَى أُجرة ، قلب أب لاَ يحتمِل أنْ يرى إِبنه فيِهِ ضعف ، فِى حُب لدينا ؟ نعم ، لكِن حُب بحدود ، فِى حين الحُب الّذى بحسب قلب الله حُب ليس لهُ حدود الله ينيِّح نَفْسَه أبونا بيشوى كامِل نقرأ لهُ كِتاب إِسمه ( الأُبوّة المُستمِرّة ) ، ما هى هذِهِ الأُبوّة ؟ أُبوّة بمعنى الكلِمة ، نشعُر فيها أنّهُ أب ، راعِى ، سند لأولاده وَشفيع يُقدِّم عنهُم صلوات وَأنين ، يربُطه بِهُم عاطِفة روحيّة أقوى مِنَ العاطِفة الجسديّة هل لنا صلوات عَنِ أولادنا أم لاَ ؟ إِذا أردت أنْ تعرِف مقياس الحُب الّذى تُحِبّه لأولادك وَهل هى محبّة بحسب قلب الله ؟ إِسأل نَفْسَكَ سؤال واحِد هل تُصلّى مِنَ أجلُهُم ؟ أُترُك المظاهِر ، فعِندما تُقابِل الولد أوْ البِنت نتحايِل وَنراضِى وَنقبِلّ ، كُلَّ ذلِك مقبول ،وَلكِن المُهِم هل تُصلّى مِنَ أجلُهُم وَمِنَ أجل ضعفاتهُم ؟ هذا هُو الحُب الّذى بحسب قلب الله ، وَهذِهِ هى الأُبوّة الروحيّة لكِن القُبلات مِنَ الخادِمات وَالخُدّام إِلَى المخدومين وَالرعاية وَالحنو هذِهِ هى مشاعِر طبيعيّة وَليست مشاعِر روحيّة ، وَمُمكِن هذِهِ الأفعال تُغذِّى الذات البشريّة على إِعتبار أنّ الأولاد أحبّوا شخص الخادِم وَأرتبطوا بِه ، لكِنّها ليست أفعال لحساب الله وَ لاَ لحساب ملكوته السماوِى وَ لاَ لحساب مملكته ، هذا لحساب مملكتِى أنا الشخصيّة ، لكِن لو أنا أئِن مِنَ أجلُهُم أمام الله ، إِذنْ هذا هُو الحُب الّذى بحسب قلب الله ، مُعلّمِنا بولس الرسول يقول[ نُحضِر كُلَّ إِنسان كامِلاً للمسيح يسوع ] أنين ، حُب ، الله ينيِّح نَفْسَه أبونا بيشوى كامِل مُمكِن إِذا وجد إِبنة تعمل الخطيّة وَأخلاقها لاَ تليق ، لِكى يحتضِنها كان مُمكِن يجعلها تمكُث عِنده فِى منزِلُه أيّام وَأسابيع وَشهور ، لِدرجِة أنّهُ كان هُناك بِنت موجودة عِنده فِى منزِلُه وَلها عِلاقة بشاب غير مؤمِن ، وَأثناء وجودها فِى منزِلُه كانت تتصِل بِهِ مِنَ تليفون أبونا وَهُو لاَ يعرِف ، فأنا أُريد أنْ أقول حتّى وَلو كانِت النوعيّة التّى أمامنا مُتعِبة أوْ قاسية ، لازِم أكون أب ، فالأُبوّة لاَ تتجزّأ مثلما فعل ربِنا يسوع المسيح فِى مثل الإِبن الضال ، نرى ماذا فعل الإِبن ؟ وَ ما الّذى فعلهُ الأب ؟
الإِبن : لو تكرّمت إِجعلنِى كأحد أُجرائِك 0
الأب : وقع على عُنُقه وَقبّلهُ ، وَقال إِلبِسوه الحُلّة الأُولى وَخاتِم فِى يدِهِ ، وَأذبحو العِجل المُسَمَّنَ ، إِبنِى هذا كان ميّتاً فعاش ، إِنّهُ فرح فِى السماء 0
الإِبن : لو تكرّمت إِجعلنِى عبدك عِندك 0
الأب : لاَ أنت أعظم مِنَ العبد ، أنت
الأب لَمْ يُعاتبه أوْ يلومه بِكلِمه رغم أنّهُ يستحِق العِتاب وَيستحِق الطرد وَليس فقط العِتاب ، لكِن أُبوّته تشمل لو أردنا أنْ نتعلّم الأُبوّة التّى تشمل ننظُر إِلَى محبّة الله لنا وَكيف تشملنا وَصابِر علينا ، وَرغم كُلَّ خطايانا نقول لهُ ( يا أبانا الّذى فِى السموات 000) ، قَدْ عرفنا محبّة أبونا إِبراهيم ، اُبوّته ، شفاعة صاحِب الميثاق مَعَ البشريّة ، وَمُعاملته للوط وَإِستضافتهُ للغُرباء 0
2/ أبونا إِسحق – الطاعة :-
أبونا إِسحق مِنَ أكثر الحاجات التّى نعرِفها عنهُ أنّهُ مُطيع ، لِدرجِة أنّهُ صار رمز لِربِنا يسوع المسيح الّذى أطاع حتّى الموت موت الصليب ظهرت هذِهِ الطاعة فِى أشياء عديدة ، فهو أطاع ليس فقط فِى أمر تقديم نَفْسَه ذبيحة ، بل وَ أيضاً فِى أمر خاص جِداً مِنَ أُمور حياته الخاصّة ، فعِندما أراد أبونا إِبراهيم تزويجه ، وَقال أنا موجود فِى أرض غريبة وَ لاَ أُريد بِنت مِنَ بنات هذِهِ البلد ، وَأراد بِنت تقيّة وَتعرِف الله ، فأرسل لِيعازر الدمشقِى لِكى يذهب وَيخطُب لهُ واحدة مِنَ بنات الله ، فبدأ لِيعازر الدمشقِى يُصلّى إِلَى الله وَيقول أنت يسِرّ لعبدك الأمر ، وَقال لِربِنا علامة أأخُذها منك التّى أطلُب مِنها أنْ تسقينِى فتسقينِى أنا وَ جِمالِى تكون هى البِنت التّى أأخُذها لسيِّدى إِسحق وَتقابل مَعَ رِفقة وَطلب مِنها ، وَسقتهُ هُو وَجِماله ، وَعرضت عليه أنْ يذهب إِلَى منزلهُم لأنّ لديهُم تِبن وَعلف وَمكان للجِمال ، وَكان تجرِى أمامه أُمور فعرِف أنّها مِنَ الله ، وَهُنا لِيعازر الدمشقِى كان موكلّ بأمر خاص جِداً أمر زواج وَإِرتباط لإِسحق ، وَما رأيكُم فِى هذِهِ التّى أحضرها لإِسحق ؟ وَالمفروض أنّهُ يرضى بِها دون أنْ يراها وَلاَ يليق أنْ ترجع ، فهُم الّذين إِختاروا وَهذِهِ هى التّى مِنَ الله ، هذِهِ الطاعة ، طاعة عجيبة طاعة تُعطيه أنْ يكون إِنسان خاضِع لمشيئة الّذين حوله ، - طاعة - ، طاعة تجعلة إِنسان يشعُر أنّهُ يتعامل مَعَ كُلَّ الأُمور على أنّها مِنَ يد الله ، هذا هُو القلب الّذى يشعُر بِمحبّة ربِنا ، وَأنّ الله يقوده فِى كُلَّ حياته ، طاعة بحسب قلب الله ، طاعة حقيقيّة ، عِندما يكون لدى الإِنسان إِيمان وَتسليم نأخُذ مِنهُ هذِهِ الطاعة السِنكسار يقول أنّ أبونا إِسحق لحظِة لمّا قُدِّم على المذبح مَعَ أبونا إِبراهيم كان عُمره حوالِى 36 أوْ 37 سنة أحد الآباء يقول أنّ[ الطاعة هى عدم تمييز وَلكِن وفرة مِنَ التمييز ] ، أىّ أنّ أبونا إِسحق أطاع أنْ يموت ، وَهذا ليس عدم تمييز وَلكِن وفرة مِنَ التمييز ، لأنّهُ واثِق فِى عمل الله ، إِنْ أردت أنْ أموت يارب فأموت ، وَأبونا إِبراهيم لمّا كان ذاهِب بإِسحق قال للغُلامان نذهب وَنرجِع إِليكُما ، عِنده إِحساس أنّهُ سيرجع معهُ ، لاَ يعرِف كيف وَلكِن سنرجع !وَلمّا ذهبوا قال لهُ إِسحق ياأبِى هوذا الحطب وَالسكّين وَالنّار ، أين الخروف ؟ فقال لهُ الله الّذى أمرنا أنْ نذهب وَنسجُد هُو يرى حملاً للمُحرقة أبونا إِسحق عدم تمييز مِنهُ أنْ يأخُذ رِفقة ، لكِن أمر يحمِل وفرة مِنَ التمييز ، مُمكِن القديس يحنِس القصير لمّا يأخُذ خشبة علشان يسقيها لتصير شجرة أمر فيِهِ عدم تمييز ، وَلكِن وفرة مِنَ التمييز نواجِه فِى جيلنا أُناس عِندها تمرُّد ، عِناد ، عصيان ، الطاعة بالنسبة لهُم أمر خيالِى ، كيف أطيع هكذا ؟ ناقشنِى ، إِقنعنِى وَيُقال أنّ الشىء الّذى زعزع مُلك شاول هُو عصيانه لصوت الله على فم صموئيل النبِى ، ربِنا قال تدخُل حرب وَالغنائِم التّى تأخُذها فِى أشياء لك وَالأُخرى تُقدِّم لربِنا ، لكِن شاول خالف الأمر وَأخذ لِنَفْسَه أشياء مِنَ التّى لله ، وَلِكى يُسكِّت ضميره كان يأخُذ مِنها وَيُقدِّم ذبائِح لربِنا ، فجاء صموئيل وَقال لهُ ما الّذى فعلت ؟ فقال لهُ لَمْ أُخطىء ، أنت قُلت لِى خُذ الغنيمة وَأنا قدّمت مِنها ذبائِح [ هوذا الرّبّ قَدْ رفضك ، هوذا الإِستماع أفضل مِنَ تقديم الذبائِح وَالإِصغاء أفضل مِنَ لحم الكِباش لأنّ التمرُّد كالعرافة ] الإِنسان المُتمرِّد الّذى ليس لديهِ طاعة كأنّهُ يعمل مِثل العرّافين ، كُلَّ كلِمة يقول إِقنعنِى ، أحد الأباء فِى أمريكا قالِى الأولاد عِندنا كُلَّ شىء تقول إِقنعنِى ، لاَ توجد عِندهُم طاعة وَ لاَ يسمعوا عنها أبداً ، لِدرجِة أنّ واحِد منهُم يقول لهُ إِقنعنِى أنّ هذا المذبح وَهذا هُو الجسد وَالدم ، كيف أقنعهُم ؟ وَالرّوح القُدس هُو الّذى يُحوّلهُم إِذا كان الرّوح القُدس يُطيع الكاهِن ، يقول الكاهِن للرّوح يحِل إِنسان مِنَ الخطيّة ، فيفعل ، وَ أيضاً يقول للرّوح القُدس لِيُقدِّس القرابين [ نسألك أيُّها الرّبّ إِلهنا نحنُ عبيدك الخُطاة غير المُستحقين ، إِظهر وجهك على هذا الخُبز ، ليحِل روحك القُدّوس علينا وَعلى هذِهِ القرابين وَيُنقِلها وَيُقدِّسها وَيُظهِرها وَيُظهِرها قُدساً لقديسيك ] لِكى يكون الخُبز هُو جسدك المُقدّس وَالدم هُو دمك الكريم ، ما الّذى يحدُث هُنا ؟ الرّوح القُدس يُطيع الكاهِن ، فإِذا كان الرّوح يُطيع الكاهِن ألا نُطيع نحنُ !! أمر صعب ، تخيّلوا أنّ الروح القُدس يُطيع الإِنسان ، فكم يليق بالإِنسان أنْ يفعل ؟ لِذلِك الخادِم طاعة ، نرى إِحتياج الخِدمة وَنصنعه ، كلِمة ( حاضِر ) تُريح وَتبنِى ، لأنّ إِقنعنِى وَأقنعك مُمكِن تخسّرنا بركات عديدة 0
3/ أبونا يعقوب – الجِهاد :-
الجِهاد هُو إِستجابة لدعوة الله ، حياة أبونا يعقوب جِهاد مُنذُ يوم ميلاده مِنَ وَهُو فِى بطن أُمّه وَهُو يُجاهِد ، وَرأينا قمّة جِهاده عِندما صارع مَعَ الله فِى صورة ملاك ، حينما قال لهُ[ لن أُطلِقك إِنْ لَمْ تُباركنِى ] ، لِدرجِة أنّ الإِنجيل يقول أنّ الملاك لَمْ يقوى عليه فضربهُ فِى حُقِهِ ، وَكأنّ الله جعل نَفْسَه مغلوباً لنا ، مثلما يقول القديس أُوغسطينوس[ تحنّنُك غلبك وَتجسّدت ] ، إِذا أنت صارعت معِى سوف أتغلِب لك مِثل الأب الّذى يلعب مَعَ إِبنه ليُظهِر مَنَ فيهُما يديهِ أقوى ، وَيظِل الأب وَيُحاوِل مَعَ إِبنِهِ وَكأنّهُ مغلوب ، وَيُعطيه كلِمات تشجيعيّة ، إِنت قوِى ، شاطِر ، وَالله أيضاً يسمح أنْ يتغلِب لنا أمام جِهادنا ، مثلما قال الله ليعقوب [ لاَ يُدعى إِسمُك فِى ما بعدُ يعقوب بل إِسرائيل 0 لأنّك جاهدت مَعَ الله وَالنّاس وَقَدَرْتَ ] الخادِم مُجاهِد لهُ صِراع مَعَ الله ، واحد مِنَ القديسين يقول[ ليتنا نُكلِّم الله عَنِ أولادنا أكثر ممّا نُكلِّم أولادنا عَنِ الله ] ، الخادِم يوصلّ الله للنّاس وَالنّاس لله ، يُقدِّمهُم لهُ وَ يُقدِّمهُ لهُم ، مُجاهِد ، فِى جهاد فِى حياة الخادِم نرى أبونا يعقوب ، قبلما يُقابِل أخيهِ عيسو ظلّ يُصلّى وَيُجاهِد وَيُصارِع ، وَأرسل لهُ هدايا كثيرة كعربون محبّة ، وَعِندما رأهُ مِنَ بعيد ظلّ يسجُد وَ يقوم ، سبع مرّات ، إِنسان مُجاهِد فِى حياته لاَ يأخُذ الأُمور ببساطة نحنُ ياأحبائِى نحتاج نأخُذ بركات كثيرة بِدون جِهاد ، حتّى أصوامنا فِى تراخِى ، نطلُب راحة وَكأنّنا نُريد مسيح بِدون صليب ، بِدون جُلجُثة ، بِدون بُستان جثسيمانِى ، مِنَ غير ألم ، إِعطوا لنا مسيح يُعطِى لنا راحة بإِستمرار ، خِدمة بِلاَ تعب ، فضائِل بِدون جِهاد لاَ توجد فضائِل بِدون جِهاد ، يعقوب صارع وغلب حتّى طلوع الفجر ، أىّ أنّهُ صارع حتّى أخر نسمة مِنَ الليل ، هذا هُو الجِهاد ، لنا جِهاد مَعَ الله ، لِماذا حياتنا فقيرة بالفضائِل ؟ نبحث فِى أنفُسنا وَنضع أيدينا على الخطر ، لِماذا تخلوا حياتنا مِنَ الفضائِل ؟ لأنّهُ لاَ توجد محبّة ، بذل ، عطاء ، عِفّة ، قداسة ، بِر ، جِهاد ، تسمع عَنِ ناس تقول صلاة( أبانا الّذى فِى السموات 00) وَهى على السرير ، وَبعد ذلِك نشتكِى مِنَ السقطات وَحروب العالم وَمِنَ الضغوط ، أحد الأباء يقول [ إِعلم ياإِبنِى أنّ الرخاوة لاَ تمسِك صيداً ] ،و [ العامِل بيد رخوة يفتقِر ] ، [ إِخبرنِى عَنِ بطّال جمع مالاً ] ( البطّال = ماله ينتهِى ) ، وَيجِب أنْ يجمع مِنَ جديد ، الحياة المسيحيّة بحسب تعبير القديسين هى أنْ نجمع زيتاً فِى أنيتنا ، وَالزيت يحتاج إِلَى جِهاد يعقوب جاهِد حتّى مَعَ لابان خاله لِكى يأخُذ راحيل وَعمل بِها 14 سنة ، لِدرجِة أنّ خاله يقول لهُ يوم أتيت لِى كُنت صغير وَاليوم خارِج معك ثروة كبيرة ، فردّ عليهِ يعقوب وَقال [ كُنتُ فِى النَّهار يأكُلنِى الحرُّ وَ فِى الَّليل الجليدُ ] ، أنا غنمُة 00 غنمُة كُنت أرعاها لأولادك ، كُنت اسهر وَأتعب ، وَفِى نَفْسَ الوقت أعلن الفضل لله حينما قال[ صغير أنا يارب على جميع ألطافك وَجميع الأمانة التّى صنعت مَعَ عبدك ] 0حقاً أنا أتيت بِمُفردِى وَاليوم خارِج معِى 12 إِبن وَآلاف غنم وَبقر وَزوجات وَ عبيد ، وَكان فِى البِداية معهُ عصا فقط حياتنا الداخِليّة محتاجة جِهاد ، محتاجين سواعِدنا تشتّد بعض الشىء ، نُقوّم الرُكب المُسترخية ، نُشدِّد اليد حينما نقوم للصلاة ، الصلاة تكون صلاة حقاً ، وَالقُدّاس نذهب إِليه مُبكِراً ، وَنرفع قلوبنا لله بِكُلَّ جديّة وَنشاط ، وَوقت السِجود نسجُد ، وَوقت التضرُّع نتضرّع ، أمر مُهِم جِداً الجِهاد فِى حياتنا ، أبونا يعقوب كان مُجاهِد 0
4/ أبونا يوسِف – الألم وَ المجد :-
بالطبع كُلُنا نعرِف أنّ حياة يوسِف لَمْ تكُن سهلة ، وَلَمْ يأخُذ فِى حياته شىء بِدون جِهاد ، لكِن كُلَّ هذا كان بسماح مِنَ الله وَبيع كعبد ، وَنُلاحِظ أنّ يوسِف يُمثِل ربِنا يسوع المسيح0
يوسِف السيِّد المسيح
1/ يوسِف إِبتاع كعبد 1/ يسوع جاء وَأخذ شكل العبد ( إِنسان )
2/ الإِبن المحبوب لدى أبيه 2 / هُو الإِبن الوحيد لأبيهِ
3/ صاحِب القميص المُلّون 3/ الكنيسة تُمثِلّ ذلِك القميص بِمواهِب الرّوح وَالكنيسة مُزّينة بِها
4/ أبغضهُ إِخوتهُ 4/ ربنا يسوع قال أبغضونِى
5/ أُلقى فِى السِجن
6/ جُرِّد مِنَ ثيابه 6/ إِقتسموا ثيابِى وَعلى لُباسِى إِقترعوا
7/ فِى السِجن أحاط بِهِ مسجونان 7/ أحاط بِهِ لصّان
8/ تزوّج أُممية إِسمها ( أسينات ) 8/ السيِّد المسيح بسط يديهِ على الصليب لِكى يأخُذ اليهودِى
وَالأُممِى
لاَ يوجد مجد بِدون ألم ، فِى كُلَّ قصّة حياته لَمْ يتذّمر وَلَمْ يشتكِى ، وَهُو فِى عُمق أعماق السِجن لَمْ يشتكِى ، وَهُو يُباع لَمْ يتذّمر ، وَهُو فِى منصِبه العالِى لَمْ يطلُب مِنَ إِخوته إِنتقام منهُم ، إِذن أين الألم فِى حياتنا ؟ ما الّذى نحتمِله ؟ ليس فقط الإِحتمال ، لقد أصبحت حياتنا كُلّها تذمُّر على كُلَّ شىء ، وَإِذا أرسل الله لنا تجرُبة يجِب أنْ نحتمِل وَنشكُر وَنصبِر ، وَنعلم أنّ كُلَّ شىء بِسماح مِنَ الله واحِد مِنَ القديسين مرّة سأل أولاده مَنَ الّذى باع يوسِف ؟ أجابوه إِخوته ، ردّ لاَ ، أجابوه الغيرة ، ردّ لاَ ، قال لهُم الله هُو الّذى باع يوسِف ، سماح الله ، إِرادة الله ، يجِب أنْ نشعُر أنّ حياتنا إِذا كان فيها ألم هُو مِنَ يد الله ، مَنَ منّا كان عِنده ألم وَشعر أنّ الله هُو الّذى صنع معهُ هكذا ، [ أنتُم أردتُم بِى شراً وَلكِن الرّبّ أراد لِى خيراً ] مُعلّمِنا داوُد النبِى يقول [ خير لِى أنّك أذللتنِى ] ، الّذى أذلّ داوُد النبِى الله وَليس شاول ، وَإِنْ كان الله قَدْ قاد شاول لإِزلال داوُد وَذلِك بِسماح مِنَ الله ، لابُد أنْ نشعُر أنّ حياتنا مِنَ الله وَنقبل الألم فِى خدمِتنا وَنُصِر أنْ يكون فيها ألم لِكى يكون فيها مجد أين الألم الّذى نتألّمهُ فِى الخِدمة ؟ مُعلّمِنا بولس الرسول يقول[ وُهِب لكُم لاَ أنْ تؤمِنوا بِهِ فقط ، لاَ بل أنْ تتألّموا أيضاً مِنَ أجلهِ ] ، عِندما يأتِى الأولاد إِلَى الأُسرة وَنُعطيهُم الدرس وَالترنيمة ، أين الألم هُنا ؟ لكِن نرى بولس الرسول يقول [ فِى أسهار ، فِى ضربات ، فِى سجون ،00] ، فِى كورنثوس الثانية سجل آلامات بولس ، لِكى نعرِف أنّنا إِلَى الأن لَمْ نخدِم ، نحنُ نكرِز للمسيحيين الأتقياء فقط وَ نعتقِد أنّنا نتعب ، مِنَ فينا عِنده إِستعداد للتعب ؟ نشتكِى مِنَ عدم إِنتظام الخُدّام ، وَهُمْ يشتكون لأنّ ظروف منعتهُم ، وَإِنْ حضروا وَتكلّمنا معهُم فِى أمرٍ ما يتذّمروا وَيشتكوا ، وَإِنْ إِعتذرت خادِمة لها 100 عُذر تقوله ، وَآخرون لاَ يعملون لأنّ مَنَ حولهُم لاَ يعملوا هُم أيضاً ، فنكون مثلهُم ، مَنَ مِنّا عِنده إِستعداد يقول [ مِنَ أجلك نُمات النّهار كُلّه ] لابُد أنْ أتعب وَأعمل وَأفتقِد وَأُحضِر أولاد ، خِدمِة تعب ، فِى كنيسة العذراء محرم بك كان الله ينيّح نَفْسَه أبونا بيشوى كامِل عِنده عجلة ، وَأثناء الكلِمة الإِفتِتاحيّة كان ينظُر إِلَى أُسرته وَيرى مَنَ الّذى لَمْ يحضر وَيذهب على العجلة يُحضِره وَيأتِى ، - قلب نار - ، وَنحنُ نقول مَنَ يحضر يحضر وَالعكس ، هذِهِ ليست خِدمِة ألم ، ما أجمل الخادِم الّذى يسعى للأعمال التّى بِها تعب وَ التّى بِها مشقّة وَإِتضاع وَبذل ، [ إِنْ كُنّ نتألّم معهُ لِكى نتمجّد أيضاً معهُ ] ، [ عالِمين أنّ آلام الزمان الحاضِر تُنشِىء لنا ثِقل مجد أبدِى ] ، فِى مجد ينتظِرنا ، وَكُلَّ أتعاب خِدمِتنا ربِنا يحسِبها لِنا فِى قصّة الراهِب الّذى كان عين المياه بعيدة عَنِ القلاية ، وَأراد أنْ يُقرِّب القلاية مِنَ عين الماء ، وَأثناء ذلِك وجد الملاك يسير ورائهُ ، فقال لهُ ماذا تفعل ؟ ردّ عليهِ قائِلاً كُنت أحسِب لك الخطوات التّى كُنتُ تمشيها كُلَّ ليلة وَأحسِب لك التعب ، فقال إِذنْ لن أُقرِّب القلاية مِنَ عين الماء إِذا كان الوضع هكذا ، سوف أبعِدها أكثر كُلَّ جِهاد لنا يُحسب لنا ، الإِنجيل يؤكِد أنّ [ كأس ماء بارِد لاَ يضيع أجره ] ، ما الّذى نُريده أكثر مِنَ هذا ؟ وعد مِنَ الإِنجيل ، كُلَّ عمل نعمِلهُ محسوب لِنا ، إِذن هيا بِنا نتعب وَنُزوِّد تعبنا وَنترُك الخِدمة التّى براحة ، فهى مرفوضة أمام الله ربِنا يُعطينا وَيُثبِّت كلِماته وَيجعلها أنْ تكون حياة لنا وَيُكمِلّ نقائِصنا وَيسنِد كُلَّ ضعف فينا بنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين
التلمذة
يقول سليمان الحكيم في سفر الأمثال ﴿ طريق الجاهل مستقيم في عينيه أما سامع المشورة فهو حكيم ﴾ ( أم 12 : 15) سنتحدث عن موضوع هام وهو حياة التلمذة فكل إنسان يحتاج إلى حياة التلمذة وذلك لأن الإنسان ضعيف في ذاته وضعيف في مشورته الشخصية وضعيف في رأيه وفكره ولهذا يقول سفر نشيد الأنشاد لكل إنسان ﴿ إن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء فاخرجي على آثار الغنم ﴾ ( نش 1 : 8 ) فالغنم هم الذين وصلوا قبلنا وهم السالكين في طريق الإجتهاد فهؤلاء الغنم لابد أن نسير وراءه ونكون تلاميذ لهم وسنتحدث في ثلاث نقاط :-
(1) ضرورة التلمذة :-
كل إنسان يحتاج إلى نموذج حي ليتبعه فربما يسمع أو يقرأ كثيراً ولكنه يحتاج إلى تلمذة حية إلى تلمذة فيها معاشرة وحياة أي إلى تلمذة واقعية لأن كثيراً ما يقرأ الإنسان ويسمع أشياء ولكنها لا تناسبه ولهذا يقول سفر الأمثال ﴿ أما الخلاص فبكثرة المشيرين ﴾ ( أم 11 : 14) فلا أحد يشعر بضرورة التلمذة إلا الذي يرغب فيها فهناك إنسان يريد أن يعيش حياة أفضل ويريد أن يعيش حياة مع الله بلا مخاطر فهو يريد حياة آمنة كل ذلك يحدث عن طريق التلمذة والإنسان الذي يريد أن يتتلمذلا يكون له شروط بل يوافق على كل شروط معلمه .. فمثلاً الذي يتلمذ على يد محامي تجده يوافق على كل شروط معلمه * المحامي * وذلك لأنه عنده إحساس بضعفه وجهله وهو يعلم أن الخضوع هو الذي سيقوده إلى التلمذة وهكذا أيضاً بالنسبة للحياة الروحية فإحساس الإنسان بضعفه وجهله وتقصيره في الحياة مع الله واشتياقاته في حياة أفضل كل هذا يدفعه إلى التلمذة فالذي يريد أن يتلمذ لا يضع شروط بل يضع خضوع واتضاع وطاعة وعندما يأتي الإنسان إلى الكنيسة ويسمع عظة فهذا يعتبر نوع من أنواع التلمذة ولكن الذي يستفاد هو الذي عنده روح تلمذة حقيقية أي طاعة وخضوع وتسليم فممكن أن يأتي الإنسان إلى الكنيسة وهو متغصب أو لكي يقابل أصدقاء له أو ليضيع وقته أو يحضر إجتماع لأن أبونا الكاهن يأخذ غياب وحضور ولكن الإنسان الذي يريد أن يسلك في التلمذة تجد عنده قلب مفتوح وذهن مفتوح يريد أن يخبئ كل كلمة في ذهنه وقلبه ولهذا فنحن نريد أن نذهب إلى الكنيسة لنتتلمذ لأن ربنا يسوع المسيح يقول﴿ الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة ﴾ ( يو 6 : 63 ) فكلام ربنا يسوع يعطينا روح وحياة لذلك ذكر في بستان الرهبان أن درجة التلمذة أي التلميذ الذي يخضع لكلام معلمه من أكثر الدرجات الروحية تقدماً في الحياة فيذكر البستان أن هناك ثلاث درجات :-
الدرجة الثالثة هي درجة المريض الصابر الشاكر .
والدرجة الثانية هي درجة المجاهد التائب .
والدرجة الأولى هي درجة التلميذ الخاضع المطيع .
فنجد أن هذه الدرجة * الدرجة الأولى * أعلى من درجة المجاهد التائب لأن المجاهد التائب يجاهد بإرادته أما التلميذ الذي يطيع فهو يطيع بدون إرادته ومشيئته فكل إنسان مدعو إلى حياة التلمذة وليس فقط الخادم .
(2) التلمذة مبدأ إنجيلي :-
فنجد أن يشوع تتلمذ على يد موسى وقد أوصى موسى يشوع أن لا يبرح سفر الشريعة من فمه( يش 1 : 8 ) وأن يسير في نفس الطريق الذي سار فيه موسى وأن الله سيكون معه وقد تتلمذ يشوع على يد موسى بنوعين من أنواع التلمذة :-
التلمذة بالتعليم .
التلمذة بالحياة .
فقد كان يشوع ملازماً لموسى فأخذ منه خبرة التعليم وخبرة الحياة وأيضاً كل إنسان يحتاج إلى التلمذة بالتعليم وأيضاً التلمذة بالحياة وهناك مثال آخر وهو صموئيل النبي وعالي الكاهن فقد كان صموئيل يخضع كل الخضوع لعالي الكاهن وأيضاً إيليا وإليشع فقد كان إليشع في خضوع تام لإيليا لدرجة أنه كان يتبعه في كل مكان ويطلب بركاته وعندما صعد إيليا إلى السماء كان إليشع بجانبه وقال له ﴿ يا أبي يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها ﴾ ( 2مل 2 : 12) وهذا يبين مدى مكانة الأب في نظر تلميذه فقد كان إليشع يرى في أبيه الروحي قوة إسرائيل كلها وأيضاً بالنسبة لكل إنسان لابد أن تكون نظرته إلى أبيه الروحي نظرة قوة وعندما طلب إليشع من إيليا أن يعطيه الله روحين من روحه لم يكن هدف إليشع أن يكون أفضل من إيليا بل إحساسه بضعفه وأنه يحتاج إلى قوة كبيرة وفعلاً نجد أن الله قد حقق لإليشع طلبه فالله عمل مع إيليا * 7 * معجزات ولكنه عمل مع إليشع * 14 * معجزة وأيضاً يوحنا المعمدان كان لديه تلاميذ وهم الذين ذهبوا إلى السيد المسيح وسألوه ﴿ أنت هو الآتي أم ننتظر آخر ﴾ ( مت 11 : 3 ) وربنا يسوع المسيح دعا له تلاميذ وهؤلاء التلاميذ تتلمذوا بنوعين من التلمذة وهما التلمذة بالتعليم والتلمذة بالحياة والممارسة فكان التلاميذ يتبعوا السيد المسيح في كل مكان وأيضاً بولس الرسول تتلمذ على يد غمالائيل وتعمد على يد حنانياوعندما خدم إتخذ له تلميذ وهو تيموثاوس ويقول الكتاب عن الذين يسيرون بلا مرشد ﴿ الذين بلا مرشد يتساقطون كأوراق الخريف ﴾ فالذي يكون كبير نفسه وبلا مرشد يسقط كأوراق الخريف وأيضاً لابد أن نذكر التلاميذ الذين كانوا في الكنيسة فمثلاً الأنبا ويصا تتلمذ على يد الأنبا شنودة والأنبا بيشوي والأنبا يحنس القصير تتلمذا على يد الأنبا بموا ومكسيموس ودوماديوس تتلمذا على يد أبو مقار والأنبا موسى الأسود تتلمذ على يد القديس ايسوزورس والأنبا تادرس تتلمذ على يد الأنبا باخوميوس والأنبا بولا البسيط تتلمذ على يد الأنبا أنطونيوس فكل هؤلاء القديسين قد وصلوا إلى قامات عالية وبالرغم من ذلك أدركوا مدى أهمية التلمذة على يد معلم إجتاز تجارب العدو بنجاح معلم قد دخل في صراعات كثيرة ونجح فيها حتى يستطيعوا هم أيضاً أن يسيروا في نفس الطريق .
(3) أمثلة عن حياة التلمذة :-
كان الأنبا موسى الأسود يكشف كل فكر إلى أبيه الروحي حتى يستفاد من معلمه ويعرف أخطائه وضعفاته وإذا ذكرنا عن التلمذة في حياة الأنبا بولس البسيط فنجد أنها كثيرة وسنذكر منها الآتي عندما ذهب القديس بولس البسيط إلى الأنبا أنطونيوس في بداية الأمر رفضه الأنبا أنطونيوس ونصحه بأن ينزل إلى العالم لأنه لا يستطيع أن يعيش حياة البرية فهي حياة قاسية ولكن قال الأنبا بولس البسيط إلى الأنبا أنطونيوس * إقبلني يا أبي بإسم يسوع المسيح إلهك * ولكن أغلق الأنبا أنطونيوس باب قلايته ولكن الأنبا بولا صمم وقال * لا أبرح مكاني من هنا إلا أن تقبلني * وقد لاحط الأنبا أنطونيوس أن الأنبا بولس البسيط لم يكن يغير مكانه حتى عندما تسطع الشمس فلا يتحرك إلى مكان آخر فيه ظل فعرف الأنبا أنطونيوس أن هذا مؤشر لخضوع الأنبا بولس البسيط ثم قبله وأصبح الأنبا بولا البسيط تلميذ للأنبا أنطونيوس الذي علمه ضفر الخوص وكان الأنبا بولا البسيط يضفر الخوص لدرجة أنه أجاد تضفير الخوص أكثر من الأنبا أنطونيوس وكان يعمل عدد أكثر من الأنبا أنطونيوس وعندما كان يعرض الأنبا بولا الخوص على معلمه كان ينتهره ويقول له أن يعيد ضفر الخوص مرة أخرى وبالرغم من صعوبة إعادة ضفر الخوص مرة أخرى إلا أن الأنبا بولا كان في طاعة وخضوع تام لمعلمه ولقد أعطى الله للأنبا بولا البسيط موهبة إخراج الشياطين وعندما كان يُخرج الشيطان يقول له * بإسم إله أبي أنطونيوس أقول لك أخرج * وهذه هي التلمذة أن يضع الإنسان في نفسه أن معلمه يعرف أكثر منه وأنه سيرشده إلى الطريق الذي فيه خلاصه فيكون خاضع لكل ما يأمره به معلمه فالتلمذة تحتاج إلى بساطة وطاعة فنعمة الله لا تعمل في إنسان متكبر ولا تستقرأو تستريح في إنسان يحب أن يسلك بمشورة نفسه ولهذا يقول القديسين ﴿ بقدر ما تكون أمين مع أب إعترافك بقدر ما تلقي هم خلاصك عليه ﴾ فإذا سألت كيف تخلص ؟فالإجابة هي أن تكون أمين مع أب إعترافك والأنبا يحنس القصير عندما أخذ قطعة خشب يابسة من معلمه الأنبا بموا الذي قال له أن يزرعها ويسقيها فنجد أنه نفذ كلام معلمه وكان يذهب ليسقي الخشبة مرتين في اليوم ولمدة ثلاث سنوات بالرغم من بُعد المكان ولكن الله عمل فيه من أجل بساطته ونقاوته وقد أثمرت الشجرة حتى قال الأنبا بموا ﴿ خذوا كلوا من ثمر شجرة الطاعة ﴾ والذي يريد أن يحيا في حياة التلمذة لابد أن يكون عنده أمانة وأن يكون مخلص ويعطي قلبه وتفكيره وكيانه ويشعر أنه يحتاج للتلمذة والذي يقول أنه يعرف كل شئ تجد أن الكتاب المقدس يقول له في سفر الرؤيا ﴿ لأنك تقول إني أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيءٍ ولست تعلم أنك أنت الشقي والبئس وفقير وأعمى وعريان ﴾ ( رؤ 3 : 17) فالإنسان يظل يتعلم ويطلب من الله أن يكشف له مثل داود النبي الذي قال ﴿ إكشف عن عينيَّ فأرى عجائب من شريعتك ﴾ ( مز 119 : 18) فهذا داود النبي الذي كان قلبه مثل قلب الله وعلى التلميذ أن يجلس تحت قدمي معلمه وأن يطيع أوامره ويكون عنده إستعداد أن يأخذ الفُتات ويتعلم منه كل شئ ونجد أن الآباء في حياتهم مع الله كانوا يبحثون عن أي كلمة منفعة ويُحكى عن البطريرك الأنبا ثاؤفيلس أنه كان يتفقد الرهبان كل سنة وكان يجلس مع كل راهب ويطلب منه أن يعطيه كلمة منفعة فقال له أحد الرهبان ﴿ ليس أفضل من أن تلقي بالملامة على نفسك في كل أمر ﴾ فكان يشعر أن هذه الكلمة من الله وأنها تُحيِه وتجدد سلوكه فالإنسان الذي يحب التلمذة ويحب أن يعيش مع الله لا يضع عقله حائل بينه وبين الله ويُحكى عن أحد الرهبان أنه نزل من البرية ليبيع عمل يديه وكانت هناك إمرأة تريد أن تشتري منه وعندما صعد لها أغوى الشيطان هذه المرأة أن تُسقط هذا الراهب وعندما وجد الراهب نفسه في ضيقة وتجربة فصرخ وقال * يا إله أبي إنقذني * فوجد نفسه في الإسقيط فهو يعرف الله من خلال أبيه وهذا يدل على مدى ثقة هذا الراهب بأبوه الروحي فهو يصرخ إلى الله من خلال أبيه الروحي فما أجمل أن يحيا الإنسان بقلب تلميذ يتعلم من كل موقف ويتعلم ممن حوله .
في ذات مرة رأى الأنبا أنطونيوس إمرأة تغتسل أمامه فقال لها * أما تستحي يا إمرأة فأنا راهب * فقالت له أن الرهبان يعيشوا في البرية الجوانية فللوقت سمع هذه الكلمة كأنها من فم الله وأطاع ويقال عن القديس مارأفرآم السرياني أنه من شدة شغفه بالتعليم جاء من سوريا إلى الأنبا بيشوي حتى يسمع تعليمه ويتعلم منه وكان الإثنان يتكلمان لغة مختلفة فلم يفهما ما يتحدثان به ولكن الله أعلمهما بما يتكلما فلقد كان لهما إشتياق للتلمذة فهما يريدا أن يفرحا بالله والله لا يضع عائق اللغة عند أي إنسان قلبه يشتاق للتلمذة وأيضاً يُحكى عن سيدة كانت تنظر وتتفرس بشدة إلى القديس مارأفرآم فقال لها * يا إمرأة إستحي * فقالت له * أنت رجل أُخذت من التراب فلك أن تنظر إلى الأرض أما أنا فإمرأة أُخذت من الرجل فلي أن أنظر إلى الرجل * فأخذ هذا الكلام من الله وقال * حسناً يا أفرآم أنت أُخذت من الأرض فلك أن تنظر إلى الأرض * .. فنجد أنه لم يدين هذه المرأة لأن قلبه يريد أن يتتلمذ ويأخذ كل كلمة تأتي إليه كأنها من فم الله والإنسان الذي يتتلمذ يعيش بأمانة في حياته الروحية ولهذا يقول الآباء القديسين ﴿ الطاعة تحميك من هم التفتيش على الطريق ﴾ .. كل هذا نتيجة لطاعة الأب الروحي فالإنسان الذي يكون عنده قلب تلميذ يتعلم من فضائل غيره ولا يرى عيوب الآخرين كان هناك تلميذ أخذ من أبيه الروحي أن يسهر سهرة روحانية والمتبع في هذه السهرات أن يقضي جزء منها في الصلاة وجزء في التسبيح وجزء في قراءة الكتاب المقدس فبدأ هذا التلميذ في السهر وفي نهاية السهرة ذهب لأبيه فقال له أبوه الروحي هل قرأت الإنجيل ؟ فقال له لا فقال له فهل قضيت الوقت كله في التسبحة ؟فقال أيضاً لا فقال له إذاً هل قضيت الوقت كله في الصلاة ؟ فقال لا ثم قال له إذاً ماذا فعلت ؟ فقال له أخذت أعدد من فضائل أخي فوجدت عنده 36 فضيلة ليست عندي فأخذت أبكت نفسي على هذه الفضائل التي تنقصني فقال له أبوه الروحي * هذه طياشة ولكنها صارت لك أحلى من أي تلاوة * .
فالإنسان يحتاج أن يضع أمامه نماذج للتلمذة والكنيسة غنية بأمور التلمذة لأن الروح القدس غني وملئ بالمواهب المتعددة فكل فضيلة تجد فيها أناس أيقنوها لدرجة الوصول إلى قامة الملكوت والتلمذة ليست إلغاء للشخصية وليست كبتاً لأنها إذا كانت هكذا قد يصل الإنسان إلى وقت ينفجر فيه أو يتذمر بل هي تقديس وتوجيه وخضوع وطاعة إرادية ويُحكى على القديس يحنس القصير أن معلمه الأنبا بموا كان دائم الإنتهار له ولم يكن ينيحه بكلمة كل هذا ليصنع منه تلميذ ويصنع منه إنسان خاضع ومطيع وفي نهاية حياة الأنبا بموا جمع كل التلاميذ وقال عن الأنبا يحنس ﴿ بالحق هذا ملاك وليس إنسان ﴾ والإنسان البسيط ممكن يسمع صوت الله من خلال طفل يُذكر أن أحد البطاركة أتاه فكر كبرياء فذهب إلى أبيه الروحي وكشف له عن هذا الفكر فقال له أبيه الروحي أن يجلس في الدير وينظفه وينظف دورات المياة فسمع البطريرك هذا الكلام ومكث لمدة ثلاثة أشهر حتى خرج منه فكر الكبرياء لدرجة أنه شعر أنه والأرض واحد فهناك معلمين صنعوا قديسين وصنعوا عظماء لأنهم هم حقاً عظماء فهم دخلوا إلى أحضان الله وفهموا كل مقاصد الله وعرفوا كيف يرشدوا الناس وكثيراً ما يسمع الإنسان كلمة ولكنه لا يأخذها بفرح أو بخضوع وذلك لأن العقل يقف حائل في نوال بركة تنفيذ هذه الكلمة ولكن التلمذة تعطي للإنسان راحة فلا تأخذ كل شئ على حساب ذاتك ولا تعتبر الذي يوجه لك أي كلمة أنه يعمل نفسه رئيساً عليك ونختم هذا الموضوع بقصة جميلة وهي في القرن الخامس والسادس فقد كانت الكنيسة تسير على بركة عظماء القرن الثالث والرابع أمثال الأنبا أنطونيوس والأنبا بيشوي والأنبا مقاريوس وفي القرن الخامس والسادس كان التلاميذ في الرهبنة يبحثوا عن أب لهم أمثال آباء القرن الثالث والرابع ولكنهم لم يجدوا فذهبوا إلى شيخ وقور وقالوا له * العظماء قد إنتهوا فبماذا تنصحنا ؟ *فقال لهم هذا الشيخ﴿ إستشر مُعرفك أياً كان فإن لم يعطيك الله بسبب بره فسيعطيك الله بسبب إتضاعك ﴾ فالإنسان الغيور على خلاصه سيرسل الله له ما ينفع لخلاصه ربنا يعطينا تلمذة ترضيه بحسب قلبه لكي ما نكون تلاميذ أمناءويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد إلى الأبد آمين
راعى صالح كسيده
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .
تقرأ علينا يا أحبائي الكنيسة في تذكار نياحة الآباء البطاركة فصل من بشارة معلمنا يوحنا الإصحاح العاشر، وهو فصل الراعي الصالح ، يحدثنا عن ربنا يسوع عندما قال عن نفسه "أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف". كل شخص منا في حياته لابد أن يكون كسيده راعي صالح، الزوج في منزله راعي صالح، والأم والزوجة راعي صالح، والشاب والفتاه الذين مازالوا في الدراسة أو في الجامعة أو في العمل أو في مدرسة راعي صالح، كل شخص يا أحبائي عليه أن يفكر في نفسه كيف يكون كسيده راعي صالح، راعي صالح بمعنى أنه يهتم بمن حوله، بمعنى أنه يحاول يقدم لمن حوله ما يحتاجون، قد يسألني أحدكم: وأنا من يقدم لي إذا كنت أنا أفكر في من حولي، أقول لك في الحقيقة لكي يشبع الإنسان فهذا صعب وأكثر طريقة تقوم بإشباعه أنه يعطي وليس يأخذ، أكثر طريقة تشبعه أن يعطي وليس يأخذ، فمهما أخذ الإنسان تجده دائما جائع، الشيء الذي يشبعه أنه يعطي - ماذا يعطي؟ - يعطي حب، اهتمام، ابتسامة، صلاة، رعاية، يشبع الاحتياجات، الأب والأم في المنزل لابد أن يعرفوا أن لديهم دور كبير جداً في شيء اسمه الرعاية، في شيء اسمه تسديد الاحتياجات، لابد أن نعرف أن الأب في البيت ليس مجرد مصدر للمال، بالطبع لا، من الممكن أن تكون ظروف الحياة وضغوطاتها حولت دور الأب في البيت أن تكون فكرته عن دور الأب في البيت أن يكون مصدر للمال، ومن الممكن أيضا أن تكون حولت الفكرة عن الأم أنها مصدر للطعام، لا لا فالدور أكبر من ذلك بكثير، الأم ليست فقط لتقدم الطعام، والأب ليس مجرد لتقديم المال، لا فالدور أكبر بكثير من ذلك، نحن علينا إن نهتم بالروح ونهتم بالنفس ونهتم بالجسد، لكن اهتمامنا بالجسد فقط فهذا معناه عبودية للأمور الزائلة، الإنسان عندما أخطأ في أيام أبونا آدم، آدم قبل أن يخطئ أعطى له الله سلطان على الطبيعة، سلطان على الحيوانات، سلطان على البحر، سلطان على الكون كله، الله أعطى له سلطان على الطبيعة، وكانت الطبيعة خاضعة له، ولكن بعد أن سقط انفصل عن الله، وبعدما انفصل عن الله تمردت عليه الطبيعة وخضع هو للطبيعة بعد أن كانت الطبيعة هي التي تخضع له، بعد أن كانت حيوانات البرية هي التي تخضع له، بدلاً مما كانت الأرض هي التي تخضع له أصبح هو الذي يخضع لها، وقال له بعرق جبينك تأكل خبزك، فكلما أنفصل الإنسان عن الله كلما عاش تحت وطأة هذه العقوبة، التي هي أن الطبيعة تسود عليه، أو بصراحة أن الأمور المادية والأمور الزائلة تتسلط عليه، تصبح هذه الأمور هي التي تعطي له الحياة، كلما انفصل عن الله، وكلما اتحد بالله عاد إلى الصورة الأولى أن الطبيعة تخضع له، إذن الإنسان بإرتباطه بالله تصبح الأمور المادية بالنسبة له سهلة.
إذن يا أحبائي لابد أن نعرف أن دورنا أكبر بكثير من مجرد أن ناكل ونشرب، لا فهناك احتياجات للجسد، احتياجات للنفس، احتياجات للروح، ولابد أن كل أسرة تعرف أن لها دور مع بعض، أن يذهبوا إلى السماء مع بعض، أن يرتبطوا بالله معا، أن ينموا معا، أن يصلوا معا، ولكن إذا كان هناك عنصر غير مستجيب، فلنظل مع المستجيب ، أما إذا لم نجد أي شخص مستجيب لتكن أنت، نعم لتكن أنت، أبونا إبراهيم أثناء ترحال حياته ذهب إلى أماكن كثيره جدا، لكن كل مكان يذهب إليه كان يقول: "وبني هناك مذبح للرب"، كل مكان يذهب إليه وبني هناك مذبح للرب، إني أشعر بالسعادة جداً عندما أدخل منزل أو عندما أفعل صلاة تبريك لشباب سيتزوجون ويقولون لي هنا ركن الصلاة، هذا المكان الذي نقف نصلي فيه، أنا عندما أقوم بالتبخير أشعر أن هناك مكان يوجد به أيقونة وبجانبه قنديل أو شمعة أو مصباح مضيء، هذا ركن الصلاة، لا بد أن يكون لديك في البيت مذبح، هنا مذبح للرب، هذا المكان الذي نصلي فيه، نحن لا نعيش لكي نأكل ونشرب فقط، الحياة ليست أرض، الحياة ليست زمن، الحياة ليست جسد، الحياة ليست استهلاك، لا فالحياة أرقى من ذلك بكثير، وأجمل من ذلك بكثير، لذلك تجد نفسك وأنت بعيد عن الله أن كل شيء لا يوجد له مذاق، ستجد نفسك دائما مشدود وغاضب، وبعدما نشبع الجسد تماما تجدنا كلنا نعيش دائرة حزن واكتئاب، فكان من المفترض أن الإنسان يهتم بالجسد ليصبح سعيداً أبدا، لماذا؟ لأنه ليس من يقوم بإشباعي، فهذا ليس محور الحياة.
حينئذ يا أحبائي أنا الراعي الصالح لابد أن كل شخص في المنزل يكون له دور في الأبعاد العميقة التي لدى الإنسان، الحب فجميعنا نحتاج الحب، كل من في المنزل يحتاج إلي الحب، كل شخص فينا لابد أن يقدم حب للآخر، الابن يقدم لوالده ولوالدته ولإخوته، الأخت تقدم لإخوتها وللأب والأم، والزوج يقدم لزوجته، والزوجة تقدم لزوجها، كل شخص يحتاج للحب، راعي صالح، يقول عن ربنا يسوع المسيح أن الشاب الغني نظر إليه وأحبه، هذه النظرة ممكن أن تكون نظرة حب، نظرة حنو، يوجد بها شعور بالقبول.
في بعض الأحيان يا أحبائي تجد أقرب الناس لبعضهم هم أكثر ناس يقومون بأذية بعضهم البعض، فهم من أكثر الناس الذين يشعرون إن كل شخص فينا لا يوجد له قيمة، وأنه غير محبوب، وأنه مرفوض، وإنه مرذول، وأنه سيء جدا، وأنه حتى الله لا يحبه، لماذا؟ لأننا لا نستطيع أن نقوم بتوصيل بعض الأمور التي تكون أهم من أمور الجسد، من الممكن أن نقدم أمور جسدية فهي تعبير عن الروح والنفس، عندما يقوموا بدراسة احتياجات الإنسان يجدوا أن أقل احتياجات لديه هي الاحتياجات الجسدية، نجد الاحتياجات الروحية والنفسية أكثر عمقا، وعندما تشبع هذه الاجتياحات نجد الجسد خاضع ومتشبع، وعندما لا تشبع الجسد يتمرد ويظل يطلب، يطلب، يطلب، يطلب ولا يشعر بالشبع، شعور القبول.
ما أجمل ربنا يسوع المسيح وهو يتحدث مع السامرية ويعطيها قبول في الحديث، فهو لم يشعرها بالرفض، أو مدي قبحها، بل قال لها حسنا قلتي، أنتي بالصواب أجبتي، يريد أن يقول لها أنتي بداخلك شيء جميل جداً، فأصبحت هذه السيدة في حالة من الاندهاش، كيف يكلمها كذلك؟، كيف يقوم بمقابلتها؟. فجميع الناس رافضة لها وتحتقرها، إذا قدم كل شخص فينا للآخر يا أحبائي الحب والقبول الذي يحتاجه فهذه هي الرعاية الصالحة.
ستجد ربنا يسوع المسيح مع المرأة الخاطئة التي قامت بسكب الطيب على أقدامه، وكل المنزل رافضها، وكل من في المنزل مندهش لماذا هو يتركها تفعل ذلك؟، وكل من في المنزل يقولون هذه السيدة من قام بإدخالها من الأساس، لكن بينما هم يقولون في أنفسهم "لو كان هذا نبيا لعلم من هذه المرأة وما حالها أنها خاطئة"، وعندما يود الكتاب المقدس أن يصفها يقول "إذا امرأة خاطئة في المدينة" بمعني أنها مشهورة، ليست في نطاق ضيق لكن في المدينة بمعنى أن صيتها في الشر واسع، فهذه السيدة أبسط شيء لها أن ترفض، تطرد، لا ولكن المسيح يقوم بقبولها، ويقبل تقدمة توبتها ومحبتها، ويمدح توبتها، ما هذا يا أحبائي؟، نحن نحتاج أن نقدم لأولادنا أشياء يحتاجوها، أنا الراعي الصالح كل شخص فيكم راعي صالح في منزله، قدموا لأبنائكم أشياء يريدوها ليس فقط أمور الجسد، فمثلاً إذا قال الأب لابنه أنا أحبك، إذا الأم قالت لإبنها أنا أحبك، إذا قالوا له أنت جميل، أنت متفوق، أنت تعرف في ... ، ... ، إذا قمنا بالشكر فيه أمام الناس كثيراً، فالتوبيخ الكثير يجرح، علاقتنا مع أقرب ما يكون لنا دائماً تكون علاقة متوترة لأننا نري أخطاءهم، ونظل نركز عليها، كالذي لا يقوم بالمذاكرة، والذي لا يقوم بسماع الكلام، والذي يعود متأخرا، والتي فعلت ...،....،..... إلخ
فإننا دائما ننقل لأولادنا صورة مشوهه عن أنفسهم، وبالتالي صورة مشوهة عن الله، أن الله لا يحبني، وأن الله لا يقبلني، وإن قبلني يكون بشروط، وما أصعب شروطه، ما هو الشرط الذي أقدمه لابني لكي يشعر أنه مقبول؟ شرط الكمال، بمعنى أنه لابد أن يكون 10/١٠ في كل المواد، وكل تصرفاته ملتزمة تماما، ويجلس هادئ، ويسمع الكلام وعندما يقوم بفعل كل هذا نقوم بنقل شعور أنه مقبول وأننا راضين عنه ونحن أيضاً متغصبون على ذلك، فهذا ينقل لأولادنا أن الله يصعب إرضائه، ينقل لهم أنه دائما شخص قليل في حين أن دورنا هو أن نسند أولادنا ونعرفهم أنهم مقبولين ومحبوبين ونحن نقبلهم حتى بأخطائهم، فهل هذا معناه أني لا أوبخهم؟ لا قم بتوبيخهم، لابد أن تعلمهم، لابد أن تقول لهم على أخطائهم، لكن عندما تقوم بالتوبيخ لابد أن تعرفه إني أرفض التصرف ليس الشخص، في الكثير من الأحيان عندما نقوم بإنتهار شيء يصل للشخص الذي أمامنا أننا نكرهه، لا فأنا أرفض التصرف ولا أرفضك أنت، أنا غير موافق على هذا، غير موافق على ذلك، لكن أنت حبيبي، أنت جميل، أنت تفعل أشياء كثيرة حلوة، لذلك أتمني أن تفعل ... ، ...، ... إلخ، وعموما على قدر استطاعتك.
لابد يا أحبائي أن نقدم الرعاية "أنا الراعي الصالح"، فهناك ما يسمى بتسديد الاحتياجات، الإنسان مثلما يجوع للأكل يجوع للحب أيضاً، الإنسان مثلما لديه رغبة في الحياة لديه رغبة في الأبدية، الإنسان مثلما لديه ميول للخطية لديه رغبة للكمال، لذلك نحن لابد أن نشبع الاحتياجات العميقة والإيجابية يشعر أنه مقبول، يشعر أنه محبوب، يشعر أنه يحترم، يشعر أننا نفهمه، يشعر أننا شاعرين به وشاعرين باحتياجاته، فهذا كله ينتج عنه رعاية، أنا أريدك أن تتخيل معي الراعي الصالح إذا كانت كل اهتماماته فقط هي الأكل فأصبح لا يهتم بالذئاب، لا يهتم متى يأتي الليل؟، لا يهتم إذا فقد خروف، لا يهتم إذا كان خروف يشكو من ألم برجليه، لا يهتم بأولاده أي غنمه، لا يهتم بكل هذا ويقول أنا دوري الأكل فقط لا ليس دورك الأكل فقط، لكن رعاية شاملة، نحن يا أحبائي دورنا مع بعضنا البعض رعاية شاملة، كل واحد ينظر لاحتياجات الآخر، وطبعا احتياجات الطفل، تختلف عن احتياجات الكبير، تختلف عن احتياجات المراهق ، وتختلف عن احتياجات الزوج، وعن احتياجات الزوجة، وعلى كل واحد فينا أن يفهم احتياجات الآخر ما أجمل أحبائي الزوجة التي تعرف احتياجات زوجها، وما أجمل الزوج الذي يعرف احتياجات زوجته، وما أجمل أن أعرف احتياجات الطفل، واحتياجات المراهق، واحتياجات المراهقة، لابد أن أعرف.
ذات مرة كنت أشرح موضوع لشباب مقبلين على الزواج، فقمت بسؤالهم من منكم قام بقراءة شيء عن هذا الموضوع؟ فوجدت شخص من بين تقريبًا ١٢٠ شخص، شخص!. قلت لهم يا أولادي الذي يقوم بعمل مشروع دجاج أو أرانب يقوم بالقراءة كثيراً جداً لكي يعرف طريقة تربية الدجاج، ويظل يدرس الأمراض التي تصيبها، وما هي مواسمها؟، ويسأل ويرى ويبحث ويشاهد فيديوهات .... إلخ، فكيف يا أحبائي أن حياتنا نفسها، جوهر حياتنا نفسه لم يأخذ منا الاعتناء الكافي ، على أساس يسير أوتوماتيك!، لا فهو لا يسير أوتوماتيك، من الممكن أن أكون أنا سبب تعب كل من حولي، في حين أني أري أني أفعل كل ما في استطاعتي، فما هو كل ما في استطاعتي؟ هو أني أعمل وأجلب النقود، لا ليس هذا فقط ما نحتاجه، فنحن نحتاج أشياء أخرى، نحتاجك أنت، نحتاج التحدث معك، وأنت تحتاج أن تسمعهم، تحتاج أن تفهمهم.
ذات مرة كان هناك طفل في أمريكا يحب والده وكان يعلم أنه مشغول دائما، فكان يعلم أن أجر ساعة العمل لوالده بمبلغ كبير، كان وقتها أجر الساعة حوالي 30 دولار، فالولد ظل يأخذ من والده نقود مرة ٢دولار، ٢دولار .... إلي أن قال له: أبي أريد 7 دولار فقال له كثير جداً، فأجابه الطفل أنا قمت بإدخار 23 دولار ومتبقي لي سبعة لكي أدخر 30 دولار مقابل ساعة العمل لديك، لأني أريدك تجلس معي ساعة، يريد أن يقول لك أنا أحتاج لك، كل شخص منا في البيت تفكيرنا أنه يريد أن يأكل ويشرب فقط لا فهو لديه احتياجات أخري أهم.
إذا كانت الكنيسة اليوم تقرأ لنا فصل الراعي الصالح فهي تريد أن تقول لنا لابد أن نهتم ببعضنا البعض، ونقوم برعاية بعض، ونقوم برعاية الضعفاء، ونرعى الذي يشعر أنه ضعيف وأنه قليل، فالطفل الذي يكون شقي قليلاً فنحن قمنا بإنقال صورة له أنه منحرف، فبذلك يقول لنا لا تسألوني عن شيء لأنني منحرف، فطالما أنتم تصروا علي تصنيفي هكذا، فلماذا تطلبون مني شيء جيدا؟، لماذا تريدون مني أن أذهب للكنيسة بما أنني شخص منحرف؟، فأنتم تقولون علي ذلك وقمتم بإشاعتها وأعلمتوا الجميع بذلك. إذن فنحن لابد أن نعرف أننا دورنا مع من حولنا أهم وأعمق بكثير من أننا نحضر النقود والطعام، لا ليس فقط، بل أنا هو الراعي الصالح، الراعي الصالح يعرف خاصته، يعرفها باسمها، يعرفها بظروفها، يعرفها بأحوالها.
لذلك يا أحبائي هيا نهتم داخل منازلنا، هيا نهتم بأحبائنا، هيا نهتم بأقربائنا، هيا نهتم بزملائنا، لكي نكون كمثال سيدنا وأن يكون كل شخص فينا راعي صالح. ربنا يوجه حياتنا ويصحح أخطائنا ويقوم بتقويم كل خطأ فينا.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
الراعي يطعم قطيعة
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته ورحمته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
في تذكارات الآباء البطاركة مثل اليوم وهو تذكار قدوم القديس ساويرس الأنطاكي إلى مصر تقرأ الكنيسة علينا انجيل الراعي الصالح، لأن الكنيسة ترى أن ربنا يسوع هو راعي الكنيسة، ويقيم عليها رعاه وهما الآباء البطاركة، والآباء المطارنة، الأساقفة،القسوس اسمهم رعاه، ومن أهم عمل الراعي أنه يهتم بالخراف، يقود، يقوت، يفرح،يحمي، أعمال كثيرة للراعي، يحمي ويقوت ويقود، أنا سوف أتكلم معكم قليلاً عن أن وظيفة الراعي الرئيسية أنه لابد أن يطعم الخراف، الخراف إذا لم تأكل سوف تموت،الخراف فهمها ضيق، معرفتها قليلة، على الراعي أن يقول لهم ما المكان الذي يأكلون فيه، يقودهم إلى المكان ويقول لهم اجلسوا هنا كلوا فهذا المرعى مرعى جيد،لذلك يقول لك في المزمور إلى مراع خضر يربضني، إلي مياه الراحة يوردني، فالراعي يأخذ إلى المكان الذي الخراف تأكل منه، تتغذى، تشبع بأمان، هذا هو عمل الراعي ربنا يسوع الراعي الصالح لنا لابد أن يغذينا،لابد أن يطعمنا لكي نعيش،لكن يارب لماذا تطعمنا؟، ماذا تطعمنا؟ أقول لك أمرين وهؤلاء هم أكثر الأمور التي يعتمد الله عليها ليطعمنا بهم، يشبعنا بهم، يغذينا بهم، يحيينا بهم، فما هما هذين الأمرين؟ هما كلمة الله والإفخارستيا أي التناول،خذوا كلوالكي تعيشوا، عمل ربنا يسوع معنا أن يأكلنا لكي تستمر حياتنا، الذي لم يأكل منهما فسوف يجوع، وإذا استمر هكذا لا يأكل منهما فسوف يموت ليس فقط يجوع،ما هما الشيئين اللذين قال لنا الله عليهما أن تأكلون منهم؟ هذا هوغذائكم،هما اللتي نيشبعكم، وهما اللتين تحييكم؟،وهما :
١- كلمة الله.
٢- الإفخارستيا .
الذي يبعد عن كلمة الله ويبعد عن التناول ستجد حياته بدأت تضمر، تتلف، تضعف،معرضة للأمراض، معرضة للأخطار،حتي الموت، تريد أن تعيش هاتان النعمتين اهتم بهم جداً، اهتم بكلمة الله وبالإفخارستيا.
١- كلمة الله: كلمة الله هذه تؤكل،أي أنك تجلس هنا كأنك جالس أمام وليمة تشبع منها، مثلما عندما تذهب إلى فندق كبير ويضع لك أصناف وأشكال وألوان،تأكل إلى أن تصبح غيرقادر،فهو كذلك،الإنجيل الوليمة ، قال لك "وجدت كلامك كالشهد فأكلته" ، "أبتهج أنا بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة"، هيا افتح انجيلك وأجلس وأقرأ،ومن الأفضل وأنت تقرأ ألا تضع مواعيد، فتظل تقرأ،ماذا تفعل؟ تقرأ،ما أجمل البيت الذي فيه الإنجيل مفتوح، ما أجمل منظر الأب للأبناء الذي يمر أمام والده ويجد انجيله مفتوح، الفتاه التي تمر على والدتها تجد والدتها تمسك الإنجيل، المنظر نفسه عظة، المنظر نفسه تعليم، وعندما يتشبع الأب بكلمة الله سوف يعيش مع أولاده بكلمة الله،تحكمه للخلاص،أشبع بكلمة الله،فالله يقول لك هذا هو الغذاء الذي يحييك، هو لايقول أنا أطعمك ولن أعطيك الطعام،لا هو يقول أنا أطعمك وأعطيك الطعام، هو صنع لك المائدة، هو صنع لك الشيء الذي يشبعك إلى النهاية،فأنت لا توجد مائدة تأكل منها بشكل مطلق مثل كلمة الله، فكم تأخذ؟ على مقدار سعيك،على مقدار اجتهادك، افتح فمك وأنا أملأه،اجلس وارفع قلبك وقل له يارب، يارب تكلم لأن عبدك سامع، تكلم يا رب أنا عبدك وأنا أسمعك، أريد سماع صوتك، وجهني، أرشدني،أشبعني، اجعل ذهنك مشبع بكلمة الله، حينما يأتي إليك موقف تجد الإنجيل يحكمك لأن كلمة الله التي تحكمك للخلاص،لا يجب أن الله يعطينا كلمته لكي نشبع بها ونحن لا نأتي نحوها و نشكو من الجوع ونشكو من الموت لذلك تجد أنفسنا كثيراً منزعجة،مضطربة، تجدنا غير قادرين علي مقاومة الشر، غير قادرين علي مقاومة الخطية، ونظل نشكو من صعوبة الخطية،لكن عندما شخص لا يأكل ماذا نقول له؟،إذالم يأكل يشكو من الأمراض بالطبع فجسمه لا يوجد به دم، جسمه لا يوجد به حياة، جسم لا يوجد به مقاومة لذلك يا أحبائي كلمة الله هي التي تركها لنا للتغذية، يقول لك أنا راعيك،ليس من المعقول أكون أنا راعيك ولا أعطيك شيء لتأكله،لافأنا لابد أن أهتم بك، لابد أن انتبه جيداً أنت ماذا تأكل؟هيا افتح العهد القديم،افتح العهد الجديد، افتح المزامير وأقرأ وأشبع، شاهد كلمة الله، سوف تكتشف كل يوم كلمة تفرحك وتعزيك وتسندك وتحميك، هذه كلمة الله، المائدة التي أعطاها لناالله، الإنسان الذي يهمل في كلمة الله يهمل في غذائه، فأنه يعرض نفسه لمخاطر كثيرة، تخيل أننا كلنا نشكو من هموم الدنيا،نشكو كلنا من الحزن،الاكتئاب، الضيقات،ولدينا الكلمة المفرحة، البشارة المفرحة،"إيفانجيلون"يعني الإنجيل، يعني البشارة المفرحة، الخبر السار،لديك البشارة المفرحة، لديك دواء الحزن، لماذا لم تأخذه؟!،تشكو من الحزن لا قم بقراءة كلمة الله تجد الأحزان ليس فقط انتهت ولكنك ارتفعت فوق منها،وهموم الدنيا لااستطيع أن أعبر لك كيف انتهت لكن تجد لديك الذي يجعلك تغلبها وتعرف وترتفع بها، بماذا؟ بكلمة الله لأن الكلمة حية وفعالة،لأن كلمة الله تحكم العينين، لأن كلمة الله هي التي تعطيك روح مشورة، وروح فهم،تخيل عندما أسأل أحدكم فيقول أنا لي فترة طويلة لم افتح الإنجيل،في الواقع لا يوجد وقت،حقا أنا لم أفهم، يقول لك مهما كان الوقت، مهما كنت لا تفهم،لايمكن أن الله يصرفك فارغ، لا يمكن فكلمة الله لا ترد فارغة،أنت فقط اجلس وأرشم علي نفسك علامة الصليب وافتح انجيلك والله سوف يحدثك لأن كلمته حية إذا كان الله يغذيك بكلمته!، فنشكر الله لا يوجد بيت الآن لا يوجد به إنجيل، نشكر الله أن كلمة الله وصلت كل أقطار الأرض سواء بإنجيل يقرأ، أو بإنجيل يسمع، أو بإنجيل من على الإنترنت، المهم إن كلمة الله الآن أصبحت متاحة لكي يقول الله لكل شخص فينا أنت بلا عذر،الذي يريد أن يقرأ بالتشكيل،وبالشواهد، ومسموعة، كل الطرق موجودة .
٢- الإفخارستيا : تشبع بالجسد والدم، هو قال ذلك خذوا كلوا منه كلكم، هو قال ذلك أن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة، هو الذي قال، هو الذي قال إذا لم تأكلوا لا تكون هناك حياة،فهو الراعي الصالح يطعم أولاده، الراعي الصالح تارك لنا جسده ودمه على المذبح غذاء لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا، غفران للخطايا، حياة أبدية لكل من يتناول منه،هذا الذي يأكله نفسه لا تجوع، طعام الحياة،طعام الحياة،لا تبعد عنه، لا تشكو من الجوع وأنت لك الخبز السماوي، والقوت السماوي، أشكر الله عليه جداً،عندما يكون الله أعطانا هذه الوليمة السماوية،عندما يكون الله مشفق علي أولاده أنهم جائعين،يشفق عليهم لئلا يخوروا في الطريق، ويقول أعطوهم ليأكلوا،يريدكم أن تأكلوا، ما هو يارب الأكل الذي تعطيه لي؟ قال لك أنا لن أعطيك أي أكل، لا بل أغلى أكل سوف أعطيه لك، ما هو الذي تعطيه لي يارب؟ قال لك أعطيك جسدي، خذوا كلوا منه كلكم، خذوا اشربوا منه كلكم عندما تأخذ جسد ودم إبن الله ماذا يحدث لك؟ يحدث لك أنت نفسك تحول، طبيعتك تتغير، تتقدس، جسد هذا يتحد بالجسد المقدس تجده اتنقل للموت الذي فيك حياة تجد نفسك انتصرت على الخطية بماذا؟ بالمسيح الذي فيك، "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه"، ثبات في المسيح، تخيل إذا لم يكن الله أعطانا هذين النعمتين كيف نعيش؟! سيظل الله بعيد عنا،يظل الله خاضع لتصوراتنا،نظل نقول لربنا كيف نشبع؟، وكيف تظل تحدثنا عن أننا نشبع وأنت لم تعطينا الأطعمةالتي نأكلها قال لك لا أنا أعطيك الأطعمة التي تأكلها،واجعلك كيف تفهمها،وكيف تتفاعل معها، في العهد القديم عندما كان الله يريد أن يصلح من شعبه،عندما كان الله يريد أن يثبت شعبه،عندما كان الله يريد أن يجدد عهوده مع شعبه كان يقيم له ملوك يفعلوا أمرين، هذين الأمرين هما سر قوة الشعب، أمرين مهمين جداً كان هذا الملك يهتم :
١- بالشريعة .
٢- بالفصح .
حينما تجد ملك تقرأ عنه في الكتاب المقدس أنه اهتم بالشريعة واهتم بالفصح فاعرف أن هذا الملك يعرف كيف يغذي الله شعبه؟الله يغذي شعبه بكلمته بالشريعة والفصح،إنهم يأكلوا الفصح الذي هو إشارة إلى أكل جسد ودم ابن الله،ملوك كثيرين اهتموا بالفصح والشريعة،وملوك كثيرين أهملوا الفصح والشريعة، هناك ملوك للأسف أنسوا الشعب أنه هناك عادة اسمها الشريعة،لم يتذكروها، في فترات طويلة تصل إلى مئات السنين انقطعت عن الشعب عادة الشريعة وعادة الفصح،لم يتذكروا كيف يفعلون ممارسات الفصح من كثرة إهمالها، وهناك ملوك أخرى أعادوا الشريعة وقرأوها على الشعب، والشعب أصبح يتأثر وأصبح يتغير وأصبح يبكي، وأعادوا عمل الفصح، أقرا عن يوشيا الملك،اقرأ عن يوآش الملك،اقرأ عن يهوشافاط ستجد سر قوة شعبهم في هاتين العادتين الشريعة والفصح، لذلك هؤلاء هما العادتين الذي نيريد الله أن يشبعنا بهم، لا يصح أن يكون الله أعطانا الأشياء التي نشبع بها، نعيش بها ونحن نهملها،لا تهمل الإنجيل، لاتهمل أنك تتناول،لا تتناول على فترات طويلة، طالما الله أعطاك وقت وفرصة متاحة تعالى، تعالى خذ كل وأشرب مثلما قال أشعياء بلا ثمن، بلا فضة، بلا ذهب الله أعطانا بركات كثيرة لأنه يعرف أننا نحارب حروب كثيرة،الله أعطانا بركات كثيرة لأنه يعرف أن التحديات التي نواجهها قوية وعنيفة، أي شخص فينا يشكو لله بالخطية ويقول له يارب الخطية ثقيلة، العالم مظلم، الناس أشرار، الفساد كثير، التلفزيون، الإنترنت، الناس،المعاشرات، الخطية تحيط بنا بسهولة، يقول لك أنا أعرف ذلك، أنا أعرف لكني أعطيتك الأقوى منه،أعطيتك الأقوى منه، أعطيتك كلمتي، وأعطيتك جسدي ودمي، هيا نتمسك بهم، لا يمرعليك يوم دون أن تقرأ،لا تمرعليك فترة بدون تناول،لكي تذهب خلف الراعي الصالح، وتأكل من يده، تشبع، تتلذذ نفسك كما من شحم ودسم ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .
طوباكم ايها المساكين لان لكم ملكوت الله
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان والي دهر الدهور كلها آمين.
إنجيل معلمنا لوقا نجد ربنا يسوع يتحدث مع تلاميذه ويعطيهم تعاليم سماوية روحية، من أهمها كلمة نعرفها جميعاً حيث يقول لهم "طوباكم أيها المساكين بالروح لأن لكم ملكوت السموات"، في كثير من الأحيان لا نلتفت إلي موضوع المساكين بالروح، لكن أود أن أتكلم عنها في دقائق.
في حقيقة الأمر إذا قمت بالبحث عن سبب خطايا كثيرة ستجد سببها كبرياء الإنسان، عظمته، غروره، ذاته، قم بتحليل خطايا كثيرة ستجد سببها الذات، الأنا، تنظر إلى محبة العالم، ومحبة المقتنيات، أنا ، أنا أريد، أنا أريد أن أمتلك هذا الشيء، أريد هذا الشيء يكون لي وملكي أنا، فهناك مرحلة في الحياة وهي مرحلة الطفولة فيها تجد الطفل يود كثيراً أن كل شئ يراه يمتلكه، لكن إذا استمرت هذه المرحلة مع الإنسان يصبح هناك خطر شديد عليه، الأنا، فمحبة المال أصلها الأنا، محبة الشهوات أصلها الأنا، أنا أريد أن أستمتع بهذا الشيء، أريد هذا الشيء يصبح ملكي، حتى إذا كانت إنسانة أريدها تصبح ملكي وملكي أنا، الشهوة أساسها الأنا، محبة المال أساسها الأنا، البغضة والكراهية أساسها الأنا، التعظم، الإدانة، فأنا عندما أتحدث في سير الآخرين فهذا يعني كأنني أقمت نفسي قاضي عليهم، وكأنني قمت بتصنيف نفسي أني أحسن من كل الناس، "الأنا"، الطمع يأتي من الأنا، محبة العظمة، عندما تحدث معلمنا بطرس عن شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، إذا قمت بتحليل هؤلاء الثلاثة ستجدهم الأنا، الأشخاص تختلف مع بعضها بسبب الأنا، الإنسان لماذا يريد الملكية بسبب الأنا، لماذا يغار الناس من بعضهم البعض بسبب الأنا، فهذه الأنا مشكلة كبيرة جدًا - نعم - ولكن الأخطر من مشكلة الأنا هو ألا يكون الشخص شاعر بها، يكون الشخص داخله مرض خطير (ربنا يرحمنا من هذه الكلمة) خطير وخبيث، ولا يشعر به، فماذا يحدث إذن؟ يظل يكبر، يكبر، يكبر، وهل تتخيل أن المحب للانا يشعر أنه مخطئ؟ أبدا، فدائماً ينصف نفسه لأنه دائماً يحب أن يحن على نفسه، تجده يشفق على نفسه جداً ويكون قاسي جداً على الآخرين، تجده يفكر في نفسه جداً، وقليلا ما يفكر في الآخرين، تجد هذا الأمر أصبح يزيد داخله، ستجد كل من حوله يهرب منه لأنه متكبر، فهل تعتقد أنه يقول أن الناس تهرب مني لأني متكبر؟ أم يقول لك لأنهم سيئين، لأنهم هم سيئين، ولأنهم هم .... ، .... ، .... ، .... ، ويظل يبحث عن نقاط ضعف في كل من حوله، لا فكن حذر من الأنا، لذلك تجد أول التطويبات "طوباكم أيها المساكين بالروح".
لذلك إذا قمت بقراءة سير القديسين ستجد بينهم فضائل كثيرة جداً لكنهم اشتركوا في الاتضاع، يقول أن الاتضاع خلص كثيرون بلا تعب، بلا تعب بأقل مجهود الإنسان يخلص، لكن من الذي يخلص؟ المتواضع، المزمور يقول "إلى هذا أنظر إلى المسكين المرتعب من كلامي" يقول لك "لأن الرب لا يسر بساقي الرجل بل يسر الرب بخائفيه والراجين رحمته".
من الذين لديهم مخافة الله؟، من يصلي صلاة حارة؟ المتواضع، من يشفق على الناس؟ المتواضع، من يسعى لمصلحة الآخرين؟ المتواضع، من يعطي غيره ويساعد غيره؟ المتواضع، فنحن لابد أن ننتبه لأنه في الحقيقة ستجد خطايا كثيرة تظل تكبر، وكلما في العصر بدأت تزيد عجلة السرعة، وكلما طلبات البشر بدأت تزيد، وكلما تزيد ضغوط الحياة كلما تزيد الأنانية، لذلك تلاحظ أن المجتمعات الأكثر تقدماً تجد فيها الذاتية عالية جداً، عالية جداً، ستجد أن حتى الإخوة لا توجد حنية فيما بينهم، على عكس المجتمعات الهادئة تجدها قليلة مترابطة والناس تشعر ببعضها لماذا؟ لأن المجتمع له ضريبة، يعطيك سرعة حياة، يعطيك تكنولوجيا، ويعطيك تقدم، ويعطيك دخل عالي لكن يأخذ منك ما هو أغلى، يأخذ منك مشاعرك تجاه الآخرين وتزداد مشاعرك تجاه نفسك فذاتك ترتفع، ترتفع، ترتفع، وتبدأ تشعر أنك محور الكون كله، أنا الذي أجلب النقود، أنا الذي أقوم بتشغيل الجهاز، أنا الذي أقوم باختيار أغلى الأشياء، وأنا الذي أتنزه وأنا .... ، ..... ، تجد الأنا تزيد، هل تعتقد أن الأنا تشعر بالشبع؟ لا تشعر بالشبع مطلقا، تعتقد أن الإنسان يشعر بالأنا؟!، أبداً بل قليلاً جداً ما تجد إنسان يشعر بالأنا أنها عالية بل بالعكس كلما زادت الأنا لديه كلما يشعر أن الآخرين هم الأقبح، فهذه تجربة مرة، يقول لك نعم، لذلك يا أحبائي عندما نري ضعفات كثيرة جداً في عصرنا لابد أن نفكر في أنفسنا، فالكاهن في القداس يقول "هذا الذي يأتي في مجده ليدين المسكونة بالعدل ويعطي كل واحد فواحد كنحو أعماله " كل شخص على حدا، يقوم بمحاسبتي بمفردي، ويقوم بمحاسبتك بمفردك ..... إلخ، كل شخص بمفرده ستجد أشياء كثيرة تمنعنا الذات منها.
تصور أنه من الممكن أن تكون الذات هي التي تجعلك لا تصلي لأنك تشعر بالاكتفاء ولا تشعر بالضعف، من الممكن أن تكون ذاتي هي التي تجعلني أقف أمام الله بغير انسحاق تجعلني أقول: أنا شاطر، أنا قوي، أنا جيد، أنا أعرف أن أحل الأمر بيدي، فلذلك الله مكانه في حياتي قليل ، تخيل الإنسان عندما يستمر في هذه الحالة!، ترى إلى متى يستمر فيها؟، فماذا تحتاج؟ تحتاج نقطة انتقال، أنه لا أنا بل المسيح، تحتاج نقطة انتقال لا يكون مركز حياتك هو أنت، لا تعيش فقط لكي تتلذذ، تتنعم، تأخذ، تنفق، تجمع، تطمع، تتعالى، تكن مغرورا، تتعصب - لا إطلاقاً - لذلك مسكنة الروح هذه تحتاج أن الإنسان يطلبها جدا، "القلب المنكسر المتواضع لا يرذله الله"، من الذي من الممكن أن يلفت نظر الله الآن ونحن ههنا؟! المتواضع، من الذي من الممكن أن الله يركز معه؟! المتواضع، القلب المنكسر المتواضع لا يرذله الله، دائما يقال مثلاً أنه إذا أحضرنا قليل من المياه أو خرطوم من المياه وسكبناه في مكان ستجد المياه تستقر في الأماكن المنخفضة، المياه تستريح، هكذا النعمة، النعمة تستقر لدى المتواضع، والمتكبر ماذا يحدث له؟! المياه تجري من فوقه سريعاً، فكل شخص منا يحتاج التواضع جدا.
لذلك فإننا نجد الكثير من المشاكل في حياتنا تحدث بسبب غرورنا وبسبب كبريائنا وبسبب عدم الشفقة علي الآخرين وبسبب الأنا، لقد قرأت قصة عن مشكلة زوجية بين رجل وسيدة وهما الإثنين متشاجرين مع بعضهما البعض وأخذوا قرار أن يتركوا البيت وهو كان يقول لها أنا لم أرى معك يوم جيد، وهي تقول له بل أنت ... ، ...، وهو يقول لها ... ، ...، وقد كان لديهم طفلة صغيرة في المرحلة الابتدائية ترى الأب يجمع أشياءه والأم أيضا تجمع متعلقاتها؛ فقالت لهما أنا لا أستطيع أن استغنى عنكم أنتما الإثنين، أنا لابد أن أعيش معكم أنتما الإثنين، قالوا لها لا، ففي النهاية حكموا على أنفسهم أن تعيش الطفلة أسبوع لدى أحد منهم ، جلست البنت في الأسبوع الأول تبكي وتصلي، تصلي، تصلي، فقامت بفعل شيء من دون علمهم، فماذا فعلت؟ أحضرت هدية بسيطة وقامت بإرسالها للرجل وقالت له سامحني وهذه كانت ساعة غضب وأنا لا أستطيع العيش بدونك وقامت بالإمضاء باسم الأم، وبعدها أخذت الهاتف المحمول من والدها وأرسلت رسالة إلى والدتها وقالت أنا لا أستطيع العيش بدونك وهذه كانت ساعة غضب وسامحيني، فرجع الإثنين إلى بعضهم البعض، وكل واحد منهم قدم اعتذار للآخر، فحدثته عن الهدية وحدثها عن الرسالة فإذ بهما لا يعلمون شيء، فبذلك كانت البنت أحكم من الإثنين، فقاموا بسؤال البنت من أين أتيتي بهذه الفكرة؟ فأجابت بالصلاة، قمت بالصلاة كثيراً لأني كنت حزينة عليكم. إذن ما الذي حدث لهم؟ كسرت ذاتهم، ففي هذا الموقف كان يحتاج أن أحدهم يكسر ذاته، من الذي يكسر ذاته؟ الشيطان دائما ينمي فكرة أن الذي يكسر ذاته هو الضعيف، لكن بالعكس فهو القوي، من يبادر، من يعطي، من يصلي لأجل الآخر، من يقوم بكسر ذاته، لا يوجد شخص ضعيف يستطيع أن يكسر ذاته، لا بل الذي يكسر ذاته هو الأقوى، الذي يكون مستند علي نعمة.
ولكي يكون حديثنا عملي ومنطقي فمن أين يأتي موضوع الاتضاع هذا؟
الاتضاع يأتي من أمرين صغيرين جداً:
١- تعلم كثيراً من المسيح، الاتضاع هو المسيح، القديس مار إسحاق يقول لك "حينما نتكلم عن الاتضاع فإننا نتكلم على الله لأن الاتضاع هو الحلة التي لبسها اللاهوت لكي ما يخلصنا بها". "عظيم هو سر التقوي الله ظهر في الجسد". نزل من السماء، فعندما تري صورة يسوع وهو مولود في مزود تقول هل الإله يرضى بذلك، عندما تقوم بقراءة الكتاب المقدس وتجد يسوع يهان تقول هل الإله يرضي بذلك، عندما تري يسوع عاريا على الصليب تقول هل الإله يرضي بذلك، هذا هو العجب في اتضاعك، تريد أن تتعلم التواضع أنظر إلى صليب ربنا يسوع، أنظر ليسوع، وأنظر لحياته، وأنظر لأعماله، "هذا الذي من أجلنا نحن البشر من أجل خلاصنا نزل من السماء". جاء من السماء، تخلى عن مجده وجاء، الذي لم يحسب خلسة أن يكون مساويا لله لكنه أخلى ذاته أخذا شكل العبد صائرا في الهيئة كإنسان، شكل العبد نعم شكل العبد، لذلك أريد أن أقول لك لكي تتواضع تعلم من المسيح، وكلما ارتفعت نفسك قليلاً تقول أنا بذلك خرجت عن منهج المسيح، منهج المسيح هو منهج التواضع، أنظر كثيراً للمسيح.
٢- أنظر لضعفك، أنظر لخطيتك، أبحث عن شيء يجعلك تتعالي فلا تجد شئ حلو تتكبر به، إذا كان لدينا أشياء حلوة تكون من المسيح، لكن نحن كلنا ضعف، كلنا ضعف، أنت إذا تذكرت فقط ضعفات يوم واحد فعلتها ستجد نفسك تخجل من نفسك، فبماذا نتكبر إذن؟! ونحن كل يوم مغلوبين بالآثام والخطايا، بماذا نتكبر ونحن نصلي كل يوم ونقول الخطاة الذين أولهم أنا، أولهم أنا، أنا أول الخطاة، لذلك الإنسان عندما يتكبر فهذا شيء لا يوافقه إطلاقاً، لماذا؟ لأنه في الأصل من تراب، في الأصل خاطئ، فكيف يكون كائن ترابي و خاطئ يتفاخر، لا تصلح، عندما يقول أحد الآباء نحن أصلنا من تراب، وإذا ارتفع التراب يحدث عفارة، إذا قمت برفع قليل من التراب تحدث عفارة، يصبح لا يليق، ليس جيد، فأنت لا تهدأ إلا أذا التراب سقط مرة أخري للأرض، نحن أيضاً كذلك.
لذلك ذات مرة رأى القديس العظيم الأنبا أنطونيوس طريق ضيق ممتلئ بالفخاخ، وممتلئ بالثعابين والحيوانات الشرسة ومخيف جدا، فصرخ لله وقال له ما هذا ياربي هل الطريق هكذا؟ هل الطريق شاق جدا، وصعب جدا، ومستحيل جدا، فمن ينجو من كل هذا يا رب؟، من ينجو من كل هذا؟، فأنا إذا نجوت من فخ سأسقط في عقرب، إذا نجوت من عقرب سأسقط في أسد، ما هذا الطريق؟ قال له من ينجو من هذا يارب؟. فجاء إليه صوت قائلا له المتواضعون ينجو يا أنطونيوس.
لذلك الكبرياء لا يليق بنا يا أحبائي، لأن الإنسان يعرف بضعفه، الإنسان يعرف بخطاياه، فلا يوجد أجمل من أن تقف أمام الله وتقول له ارحمني أنا الخاطئ، أكثر كلمة الكنيسة تستخدمها "كيرياليسون"، أكثر كلمة الكنيسة تستخدمها "أنعم لنا بمغفرة خطايانا"، "يارب أرحم"، فهل يوجد إنسان متكبر يستطيع أن يقول كلمة يارب ارحم؟
فهيا يا أحبائي نطلب مسكنة الروح، نطلب الاتضاع، هيا نتخلى عن العتيق الذي بداخلنا، نتخلى عن الأنا، فهل من الممكن أن هذا يأتي مرة واحدة؟، لا بل يأتي تدريجياً، كيف يأتي تدريجياً؟ أنظر إلى المظاهر التي أنت مقتنع بها إنها يوجد بها كبرياء، أتخذ خطوة، خطوة ولو بسيطة، تعلم أنت إذا قمت بالتخلي عن جنيه فهذا جزء من ثمن رحلة تواضعك، جنيه واحد فقط هذا جزء من رحلة التواضع لديك، إذا قمت بالسجود مرة واحدة هذا جزء من رحلة التواضع، إذا غفرت لإنسان فهذا جزء من الرحلة، إذا قمت بمصالحة إنسان كان غاضب منك أو أنت على قطيعة معه من زمن فهذا جزء من الرحلة، إذا أبصرت خطاياك هذا جزء من الرحلة، إذا قمت بالاعتراف للكاهن وقمت بفضح خطاياك وتقول أنا سيء هذا جزء من الرحلة، إذا تناولت بقلب منكسر هذا جزء من الرحلة، إلى أن تجد نفسك بدأت تقتني قلب بحسب قلب الله، طوبي للمساكين بالروح.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
البيت المسيحى الذى يهب قديسين
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد أمين . تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين
احتفلت الكنيسة يا أحبائي يوم الثلاثاء الماضي بتذكار القديس أوغسطينوس واليوم قديس اسمه القديس بيساريون وغداً إثنين إخوة ترهبوا واستشهدوا القديس اسمه القديس مويسيس وأخته سارة وإثنين آخرين أيضاً قديسين إخوة استشهدوا هما أغابيوس وأخته تكلا.
إذا قمنا بجمع هؤلاء الثلاثة مجموعات أمام بعضهم البعض، القديس أوغسطينوس وأمه القديسة مونيكا كانت دائمة الصلاة من أجله، اليوم القديس بيساريون يقول لك عنه أن والديه كانوا تقيين محبين لله، غداً ستجد مويسيس قدوة لأخته سارة التي هي أصغر سنا منه ذهبوا هما الإثنين للرهبنة، وبعد ذلك أتت له رغبة في الاستشهاد، وعندما علمت سارة أن أخيها ذهب لكي يستشهد ذهبت هي أيضا استشهدت مع أخيها، وإثنين آخرين أيضا كان لديهم رغبة في الاستشهاد، واستشهدوا بالفعل هما القديس أغابيوس وأخته تكلا.
إذن كيف ينتج بيت قديسين؟!، كيف يربي بيت قديسين للمسيح؟، أنظر دموع القديسة مونيكا من أجل ابنها أوغسطينوس، أنظر كم هي شغوفة لخلاص نفس ابنها، أنظر إلى ذهابها للكنيسة وإلى صلاتها من أجل ابنها، وتتضرع إلى الله من أجل توبته، وهو قلبه قاسي، إلا أن دموع أمه مثلما قال لها الأب الأسقف "ثقي يا ابنتي أن ابن هذه الدموع سوف لا يهلك".
والقديس بيساريون قديس اليوم يصبح راهب، ناسك، عابد، متوحد، مصلي لكن يقول لك أن أبويه كانوا بارين، أتقياء، محبين لله، محبين للفقراء. وغداً تذكار القديس مويسيس وأخته سارة يذهبوا للرهبنة وبعد ذلك يذهبوا للاستشهاد، وبعد ذلك تجد أيضا القديس أغابيوس وأخته تكلا، ما هي أقصى اهتماماتنا في منازلنا؟، أن نقوم بالأكل والشرب والتنزه هذا جيد لكن أين الله من مركز البيت؟!، أقصى اهتماماتنا بالنسبة لأولادنا أن يصبحوا متعلمين تعليم كبير جداً، لكن هل أقصى اهتماماتي والتي أضعها في ذهني أن يصبحوا قديسين؟، هل أقوم بتربية ابني لأن في ذهني تصور نهائي له أن يصبح إنسان اسمه صورة المسيح في المجتمع، فتصوري هذا هو الذي يقوم برسم الخطة كلها، فلابد أن أعلم النهاية لكي أسير في اتجاهها، لكن إذا لم يوجد لدي تصور لآخر الشيء الذي أفعله سأصبح متشتت.
عندما نترك أنفسنا يا أحبائي نجد أن المجتمع يشكلنا ونجد أن وسائل الإعلام تشكلنا ونجد أن آراء الناس تشكلنا، لكن ليس المجتمع أو تصوراتنا أو آراء الناس من الممكن أن تفعل لدينا شيء جيد. نحن لنا إنجيل ولنا كنيسة ولنا قديسين ولنا قدوه ولنا هدف، هدفنا أن نربح السماء، هدفنا أن نحيا في رضاه، هدفنا أن نمجد اسمه القدوس، هذه الأشياء عندما تكون واضحة تجعل الطريق أوضح، وعندما تبعد عن أعيننا تجعل الطريق غير واضح، لذلك يا أحبائي هذه الأسر المسيحية التي أعطاها لنا الرب في الكنيسة كنماذج فهي ينبغي ألا تمر علينا بدون تأثير، فلابد أن تجعلنا نراجع أنفسنا، هل يوجد صلاة في منزلنا أم لا؟، يوجد إنجيل في منزلنا أم لا؟، يوجد مخافة الله في منزلنا أم لا؟، يوجد أعمال رحمة وصدقات للفقراء في منزلنا أم لا؟، أم أن كل شخص ينشغل بنفسه، وكل شخص يغذي أنانيته، وكل شخص يريد طلبات وكأنه يريد أن يأخذ حق الأسرة كلها لنفسه، وكل شخص أهم شيء لديه أفكاره واهتماماته الشخصية، ونصبح نعيش في المنزل وكأن كل شخص يعيش في جزيرة مستقلة تماما عن الآخر.
بيت يصنع قديسين، يكون بيت للمسيح اسمه بيت يسوع، ذات مرة قمت بزيارة رجل تقي ذهب للسماء الآن، وعندما ذهبت لافتقاد هذا الرجل وجدت لافتة على البيت مكتوب عليها بيت يسوع، هل أنا أفهم جيداً معنى أن بيتي هذا بيت يسوع؟، هل بالحقيقة الكلمة التي قيلت "الكنيسة التي في بيتك" هل أنا حقا أعتبر أن بيتي كنيسة؟، في سر الزيجة يا أحبائي عندما نقوم بصلاة طقس سر الزيجة فإننا نلبس العريس برنس، هذا البرنس لا تراه إلا على الكاهن، فهو ثياب كهنوتية، على اعتبار أن الكنيسة تؤمن إن هذا البيت سيصير كنيسة للمسيح، والزوج هو كاهن هذا البيت، فهو المسئول عن العبادة وتقدمات المحبة وتقدمات السجود لله وتقترب أسرته لله عن طريقه، هذا فكر الكنيسة. عندما نعيش يا أحبائي دون أن ننتبه لماذا نحن نعيش؟، وما الذي نريده؟، وإلى أين نريد ان نصل؟، فإننا نضل الطريق. ما أسهل الإنسان الذي لا يعرف أخر نقطة في نهاية رحلته، ما أسهل أن يضل، لذلك يقال أن القائد الحقيقي - وكل زوج وزوجة في البيت هو قائد - يقول لك هو الذي يرى نهاية الرحلة قبل أن تبدأ هذا هو القائد الحقيقي، لابد أن يرى أولا آخر نقطة هو يريد أن يصل إليها وأين توجد؟، لكي يحدد الطريق الذي يسير فيه وبناء عليها سيحدد أين يذهب؟، عندما تذهب مشوار، أو عندما تسافر، عندما تذهب إلى مكان ما فهناك شيء اسمه الطريق، فهذا الطريق كيف تقوم بتحديده، ليس على حسب الطريق الذي آراه أنا أنه جيداً - لا - لكن علي حسب إلي أين أنت ذاهب؟، على سبيل المثال إذا كان هناك شخص يريد الذهاب إلي دمنهور لا ينبغي أن يصر على أن يسير بالطريق الصحراوي، فلابد أن يسير بالطريق الزراعي، لأنه هو الأقرب إليه، نحن أيضاً لابد أن أعرف أنا أين أريد أن أذهب واختار أفضل طريق، أنا أريد أن أذهب إلى السماء، أنا أريد أن أربح الملكوت، أنا أريد أن أقول "أما أنا وبيتي فنعبد الرب"، أريد أن أجعل بيتي كنيسة، أريد أن أقف للصلاة أنا وأولادي وزوجتي، نريد أن نرفع أيدينا لله، إذا قال لي أحد الأولاد أنه لا يريد الوقوف للصلاة أقول له نعم، ونقف نحن نصلي ويرانا ونحن نصلي، فمن الممكن أن تكون هذه المرحلة من حياته التأثير لديه ليس وقوفه للصلاة، لكن يمكن أن تكون مرحلة أنه يراكم وأنتم تصلوا ، فهذه أيضاً لها تأثير، وهناك تأثير آخر وهو أن تصلوا من أجله، قد يقول لي أحدكم يا أبي أنا أتحدث ولا يوجد من يسمع لكلامي، أقول لك لا بل يكفي أنهم يروك وأنت تصلي، وأن تصلي من أجلهم، يكفي أن يوجد في بيتك صلاة، يكفي أن يذكر اسم ربنا في بيتك، فهذا يزرع في بيتك سلام وحب وروح ربنا يسكن في المنزل، كن أنت التغيير الذي تريده، مثلما علمونا ولا تنتظر التغيير من غيرك، بيتك هو بيت المسيح وأسرتك هذه هي أسرة للمسيح وحياتك كلها مسؤولية أمام الله.
لذلك يا أحبائي الإنجيل الذي قرئ علينا اليوم يقول "من هو يا ترى الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه على جميع أمواله" نحن لابد أن نعرف أننا وكلاء على بيوتنا، نحن أمناء على بيوتنا، ربنا قام بتوكيلي أمين علي أسرة، فنحن علينا أن نقودها في طريق الخلاص، كل شخص يا أحبائي لابد أن يغير من طريقة تفكيره واهتماماته، هناك ظاهرة تقول أن الناس تأتي إلي الكنيسة هذا شيء جيد هذه خطوة جميلة، لكن في الحقيقة قاموا بفصل حياتهم مع الله ما بين الكنيسة وما بين الحياة العملية وما بين بيتهم، تجدهم داخل الكنيسة لكنهم لا يقومون بالصلاة في البيت، تجدهم يحبون ويحرصون على حضور أولادهم إلى الكنيسة لكنهم لا يقومون بتربية أبنائهم في منزلهم على المبادئ المسيحية، فماذا يحدث من ذلك؟
يحدث لون من ألوان الازدواجية عند الأبناء ، فالذي يتعلمه في الكنيسة شيء والذي يراه في البيت شيء أخر، أيهما يكون أكثر تأثير عليه؟ الأشياء المعيشية هذه هي الأكثر تأثيراً، الطباع، طريقة الحياة نفسها، السلوكيات اليومية التي يراها هي تنطبع في بيته أكثر، ولذلك عندما أغلقت الكنائس في روسيا لأكثر من مائة عام لإنتشار الشيوعية وكان الذي يعلن عن ديانته يعتقل ويعذب ويموت، فكان لا يوجد شيء اسمه ديانات نهائيا لمدة مائة عام، إلى أن جاء وقت وقالوا قد إنتهى هذا العصر وسنقوم بفتح الكنائس مرة أخري ومن أراد أن يذهب ليصلي فليذهب للصلاة، من المتوقع بعد مائة عام من غلق الكنيسة أنه عندما تفتح الكنيسة مرة أخرى، بالطبع الأطفال حديث الولادة لم يروا أبونا، خدام، شمامسة، ولا يعلموا الصلاة، القداس، ولا يعلموا طريق كنيسة من الأساس لا يعلموا، تتوقع عندما تفتح الكنائس هل هناك أحد يذهب إلى الكنيسة بعد مائة عام وهي مغلقة، التصور العجيب أن الكنائس كانت ممتلئة إلي آخرها، وعندما يأتي الكاهن لصلاة القداس يجد الشعب جميعه يقول كل الألحان معه، فأين حفظوا؟! ومن أين أتوا لهم بشمامسة لكي يحفظوا؟!، فمتي تعلموا هذه الألحان؟! من المنازل، المنازل كانت تعلم، فإذا كان البيت يعلم فعندما يقال بالحقيقة نؤمن تجد كل الكنيسة تقول، أين تعلموه، لا يوجد مدارس أحد، لا يوجد درس ألحان، لا يوجد شمامسة، لا بل الأب والأم والجد والجدة هم الذين قاموا بتعليمهم هذه الأشياء، فعندما فتحت الكنيسة وجدوا الكنيسة مستمرة، البيت هو الكنيسة وهو النواة، القديس أوغسطينوس الفضل للبيت، القديس بيساريون قديس اليوم الفضل للبيت، وغداً القديس مويسيس وأخته سارة الفضل للبيت، القديس أغابيوس وأخته تكلا الفضل للبيت.
دور البيت يا أحبائي عندما نغفله فنحن نغفل ركن رئيسي في حياتنا مع المسيح، الاعتماد على أن الأولاد يأتوا الي الكنيسة فهذا شيء جيد، لكن لا يكفي أبدا، يقول لك الأولاد مشتركين في المسابقات وفي المهرجان وفي النادي هذا شيء جيد وجيد جدا، لكن أيضا لا يكفي، ما الفائدة من كل هذا التعليم ويذهب إلي البيت يجد أشخاص يقوموا بإهانة بعضهم البعض، وأشخاص يتحدثوا على بعضهم البعض، وأشخاص لا يحبوا بعضهم البعض، وأشخاص يدخلون في منافسات مع بعضهم البعض، وأشخاص يتحدون بعضهم البعض، فيقول لك أن الحياة مع الله هي لون من ألوان الخيال، هي حياة غير واقعية.
حينئذ يا أحبائي علينا أن نعرف أننا أمناء لله، وإن بيتنا هذا بيت اسمه بيت يسوع بيت المسيح، كان هناك عبارة متداولة يتداولها الآباء في بيوتهم، ويكتبوها تقول "يسوع هو رب هذا البيت، والضيف الغير المنظور على المائدة، والمستمع الصامت لكل حديث". يسوع يجلس في بيتك ويسمع، لا تعتقد أن يسوع لا يسمع الكلام الذي يقال في البيت، فمن الأفضل أن يكون الكلام الذي يقال في البيت والذي يسمعه يسوع يكون كلام مرضي لله، يسوع هو رب هذا البيت والضيف الغير المنظور على المائدة فهو يجلس ويأكل معنا، الضيف الغير المنظور على المائدة والمستمع الصامت لكل حديث.
أحبائي القناعة بذرتها من البيت والصلاة بذرتها من البيت والمحبة بذرتها من البيت والقناعة بذرتها من البيت والعطاء بذرته من البيت ، لذلك يا احبائي لا نستهين أبدا بالرسالة التي أعطاها لنا الله.
أختم كلامي بالعذر الشديد الذي يقوله الناس الآن وهو المشغولية، "مشغولين" أقول لك فلابد أن تكون هذه المشغولية مشغولية هادفة، ولابد أن أعلم لماذا أنا مشغول؟، تصور أنت عندما تكون مشغول من أجل أبنائك، لكن تكون مشغول عن أبنائك، فهل أنت مشغول من أجلهم أم مشغول عنهم؟!، إذا كنت مشغول عنهم تصبح هذه المشغولية مشغولية ضاره، لا أنت لابد أن تكون مشغول من أجلهم، مشغول من أجلهم بمعني أن كل هذه المشغولية لكي تقوم بتربيتهم تربية صحيحة، أنت مشغول لكي تعلمهم أشياء أنت تود بهذه المشغولية أن تغرسها فيهم، أنت تود أن تعلمهم، وتقوم بتربيتهم أبناء لله، وتريد أن تجعلهم لديهم ثقة في أنفسهم، وتريد أن يكونوا محبوبين ومحبين، وتريد..... إلخ، لديك مبادئ كثيرة جداً، لكن من الممكن أن نكون غير منتبهين إلى هذا الأمر، ونظل نغرس في أبنائنا أشياء غير صحيحة، ونظل نجتهد لكي فقط نلبي لهم احتياجاتهم، لكن لا الموضوع ليس موضوع مجرد تلبية احتياجات، وليس كل طلباتنا منهم فقط إنهم مثلاً يقوموا بالمذاكرة، هذا لا يكفي، ليست فقط المذاكرة لكن أنا أريد بتربية ابني للمسيح، أنا ليس هدفي أن ابني يصبح فقط طبيب لا، ليس من المهم أن يكون طبيب، فماذا يعني أو يفيد طبيب ولا يخاف الله، غير أمين، غير عفيف، فماذا يعني طبيب أو أي منصب آخر كبير لكن إنسان مبادئه كلها مشوهة وملوثة؟! - بالطبع لا - هذا الإنسان لا نرغب فيه ليس هذا ما نريده، أتذكر أن أبونا بيشوي كامل قبل خدمته بالكهنوت كان اسمه الأستاذ سامي كامل وكان يخدم في كنيسة العذراء بمحرم بك بجوارنا وكان يخدم أسرة لأولاد في مرحلة ثانوي وقام بالافتقاد لولد في ثالثة ثانوي فوالد هذا الولد قال له يا أستاذ الولد هذه السنة في ثانوية عامة ونحن مشغولين وهو لن يذهب إلى الكنيسة لأني أريده أن يصبح طبيب، فنحن شاكرين لك وحاول ألا تقوم بتعطيله، أبونا بيشوي كان رجل لطيف فقال له لكن إذا أستطاع أو إذا وقته سمح، بلطف قال له قم بنسيانه هذه السنة، فقال له من فضلك اسمح لي من وقت لآخر أن آتي وأجلس معه، ولكي يحضر قداس كل فترة ويتناول، فأجابه إننا هذه السنة أجازه يا أستاذ، ولا يوجد داعي لحضورك لأنه لن يكون هناك وقت لمقابلتك، مرت الأيام والولد أصبح بالفعل طبيب وبعد عدة سنوات ذهب هذا الرجل يسأل على الأستاذ سامي كامل في كنيسة العذراء محرم بك، قال لهم أريد الأستاذ سامي كامل لأنه كان خادم لابني وأنا أريده في موضوع مهم جدا جدا، قالوا له سامي كامل! لكن لا يوجد خادم هنا اسمه سامي، هل أنت تقصد من حوالي سبعة أو ثمانية أعوام؟! إنه أصبح كاهن الآن في كنيسة مار جرجس سبورتنج، فذهب له وعندما رآه أبونا تذكره، قال له هل تتذكرني؟ أجابه طبعا أتذكرك، فقام بالسؤال عليه وعلى ابنه، وقال له إني أعلم انه دخل كلية الطب لعله يكون بخير، قال له أرجوك أن تنقذني فهو قد تعرف على ممرضة غير مسيحية وتعلق بها ويتقابلوا مع بعض، فهو قد قام بجعله طبيب حقا لكنه لم يتذكر أن يعلمه ما هو أهم من أن يصبح طبيب.
أحبائي البيت مصنع قديسين، البيت للمسيح، أولادنا للمسيح، حياتنا للمسيح، "إن أكلنا أو شربنا لمجد الله" إذا ذهبنا للتنزه تكون الأجبية معنا، فنحن لا نعيش شيزوفرنيا، المصيف ليس بعيد عن المسيح لأنه ترفيه، لا بل الترفيه لدينا داخل المسيح، كل شيء نفعله نرى فيه المسيح، الطبيعة فيها المسيح، أنت إذا ذهبت إلى شاطئ هذا شيء جميل لكن أنت ذاهب لكي تصفي نفسك لكي تسمو، ليت نظرتنا للأمر تكون أن المسيح هو مركز الحياة، لذلك معلمنا بولس الرسول لخص الحياة كلها في كلمة واحدة حين قال "لي الحياة هي المسيح".
ربنا يبارك بيوتنا ويبارك حياتنا ويجعله مركز لكل اهتماماتنا.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل آوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.
هذه الآية نعرفها جميعاً من بشارة معلمنا يوحنا ختم بها إنجيل اليوم وهي "في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم". الحقيقة يا أحبائي ما أكثر ضيقات العالم، ما أكثر ضغوط العالم، ما أكثر هموم العالم، ربما يكون كما نشعر أن كلما تطورت الحياة أكثر، كلما تزيد التكنولوجيا أكثر، وكلما تدخل المدنية أكثر كلما يزيد الضيق أكثر، لماذا الضيق؟
لأنه في الحقيقة الله لم يخلق الحياة لكي تصبح كذلك، الله خلقها لتكون هادئة أكثر من ذلك، الإنسان هو الذي جعلها سريعة، الإنسان هو الذي جعلها ممتلئة بالاضطراب، الإنسان هو الذي لا يرغب أن يسير بحسب مقاصد الله وهي أنه عندما يأتي الظلام تجد الناس تذهب للنوم، وعندما يشرق النور الناس تستيقظ، والناس تعمل مع ربنا في الطبيعة، تصور أن هناك شخص يعمل في حقل فتكون الدنيا واسعة والهواء جيد ويرى يد الله جداً والزرع وهو ينمو، يجلس هادئ، فيوجد أوقات بها عمل، وأوقات بها هدوء، وبعد وقت الظهيرة يكون قد إنتهى من عمله ويشكر الله ويذهب للبيت هادئ قليلاً وهكذا، لقد كان هذا قصد الله في الحياة، لكن الإنسان أطماعه في الحياة أكثر من ذلك بكثير، فأصبح يريد ... ، ... ، ... ، حينئذ قم بدفع الثمن، ما هو الثمن الذي يدفعه الإنسان مقابل طلباته الكثيرة الذي لا يستطيع أن يغلبها؟ للأسف العالم يغلبه، فبدلاً من أن يأخذ من العالم هدوء واطمئنان يأخذ من العالم اضطراب وانزعاج، وهذه هي القاعدة التي فعلها الله للإنسان، كلما خالف الإنسان مقاصد الله يقوم بدفع الضريبة، "في العالم سيكون لكم ضيق".
وهناك ضيق آخر بسبب اسم ربنا يسوع المسيح الذي دعي علينا ضيق الاضطهاد، ضيق الآلام، هناك ضيق آخر بسبب مدنية الحياة وسرعتها، يوجد ضيق آت من داخلنا وضيق من خارجنا، ضيق آت بسببنا وضيق بسبب من حولنا، في العالم سيكون لكم ضيق، فما هو حل هذا الضيق؟ الحل أن الإنسان لا يقع تحت الضيق، الحل أن الإنسان لا يترك نفسه لهذا الضيق ويغلبه، صعب جدا يا أحبائي إننا نقوم بزيادة ضيق العالم بضيقات داخلية لدينا، فماذا يفعل الإنسان قال "ثقوا أنا قد غلبت العالم" ما هو حل ضيقات العالم؟ المسيح ، المسيح ، المسيح، شخص يقول لك لكنها كلمة نظرية، لا فالثقة فيه، الاتكال عليه، الرجاء به.
صدقني إذا عشت حياة خارج المسيح سوف تتعذب، تتألم، ستجد نفسك بدون فرح، بدون شبع، بدون رضا، مختلف مع معظم من حولك، ستجد نفسك دائماً ناقم على الوضع الذي أنت فيه، هذا لا يعجبك، ولا هذا يرضيك. لماذا؟ لأنك خرجت خارج المسيح، المسيح يعطيك قبول لنفسك، المسيح يعطيك قبول لكل من حولك، هل هناك أحد يقبلك ويقبلني مثل المسيح بكل عيوبي وكل أخطائي، هو يقبلني، لماذا يقبلني؟ لأنه هو الذي خلقني، "يداك صنعتني وجبلتني". العالم كله والناس كلها يمكن أن ترفضنا لكن الله مات لحبه لنا، العالم كله يمكن أن يرى أخطائنا لكن الله يستر على هذه الأخطاء، ويرى أشياء جيدة فينا نحن لا نراها في أنفسنا، تخيل أن الله يري داخل كل واحد فينا حاجات جيدة هو لا يراها في نفسه، تخيل أن الله يتأنى علينا، تخيل أن كل الأخطاء التي نفعلها هو ساتر عليها، فإذا كان هو ساتر على أخطائنا، وإذا كان يرانا أفضل مما نحن نري أنفسنا، فلماذا نعيش في أضطراب وانزعاج؟ كثرة طلبات الإنسان، كثرة رغبات الإنسان، كثرة أطماع الإنسان هي التي تجعله يعيش في ضيق، تجد دائما الرغبات لا تشبع، لأن الإنسان عميق جداً لكي يصل لدرجة أنه يقول أنا مكتفي، أشكرك يارب، هذ يكفي جداً، من هذا الذي يصل لهذه الدرجة من الاكتفاء؟! هل يوجد شخص يترقى في منصب معين ويقول هذا يكفي؟ هل يوجد شخص يحصل على قدر معين من المال ويقول هذا يكفي؟، هل يوجد شخص يحصل على سلطة معينة في النهاية يقول هذا يكفي؟، كفايتنا من الله، إن لم تشبع نفوسنا بالله يا أحبائي فلن تشبع.
لذلك قال القديس أوغسطينوس كلمة جميلة قال "من امتلكك شبعت كل رغباته"، حقا يارب الذي يمتلكك تشبع كل رغباته، فما المطلوب الآن؟ مطلوب إني لا أدخل داخل هذه الدوائر العنيفة، في العالم سيكون لكم ضيق. ما الضيق، أنظر إذا ترك الإنسان نفسه في هموم الغلاء، دخول المدارس، التكاليف، الذي يريد أن يأكل، الذي يريد أن يلبس، الذي يريد التنزه، يقول لك صدقني إذا لم نتعلم القناعة من داخلنا وإذا لم يكن لنا الاكتفاء من داخلنا، لا نشبع، لا نهدأ، لا نستريح، لذلك أستطيع أن أقول لك أكبر شيء تعطيه لابنك هو القناعة، أكثر شيء تعلمه لابنك أنه غني، أنه جميل، أكثر شيء تعلميه لابنتك انها لا ينقصها شيء، أنه لا يوجد شيء أبدا سيزينها أو يجملها، لا "الملابس، شعرها، بشرتها" ولا أي شيء، فالذي يزينها من داخلها، في العالم سيكون لكم ضيق ثقوا أنا قد غلبت العالم.
كثيراً يا أحبائي الإنسان يضع نفسه تحت ضيقات العالم، ويمتلئ بالحزن والاكتئاب والضيق، عالم ممتلئ ضيق، الله يقصد أن يكون هناك ضيق في العالم لكي نعيش معه في الأرض ولكي نشتاق إلي الراحة الحقيقية في السماء، تخيل عندما أعيش عمري كله رافض الضيق، وناقم على الضيق، ومتمرد على الحياة، ولم أفهم الدرس. فما هو الدرس الذي يأتي من ضيق العالم أمرين مهمين جدا:
١- أن تكون عيني في العالم علي المسيح لأنه هو الذي يجعلني أغلب الضيق.
٢- لكي اشتاق للحياة الأبدية. فمتي نستريح من أتعاب هذا العالم؟.
يقول لك قم بتجهيز نفسك للسماء، السماء لا يوجد فيها هذا الضيق يا حبيبي، تقول له أنا مشتاق للحياة الأبدية، يقول لك هيا مبروك عليك السماء، يسألك هل أنت مستعد؟ تجيبه : ليس بالدرجة الكافية ، يقول لك حاول يا حبيبي حاول ، فالله من خلال ضيق العالم يجهزني لأبدية سعيدة ، ومن خلال ضيق العالم يجعلني أرتبط به هو أكثر لأن هو سلامنا، لان منه تكتمل كل احتياجاتنا، كلما تقع في ضيق في العالم أنظر إليه، من سفر أشعياء يقول لك "في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته يخلص"، يا رب أنقذني، يا رب أنا في تجربة، يارب أنا في ضيقة، يا رب أحميني من نفسي، احميني من العالم، احميني من التحارب ، احميني من الشهوات ، احميني من مكائد عدو الخير الخفية والظاهرة ، في العالم سيكون لكم ضيق أمسك في ربنا لأنه هو الذي غلب العالم وكلما تزيد الضيفات كلما أفهم أنه يوجد قصد إلهي ، ما هو القصد الإلهي لله، أنه يضيق عليك الحلقة، يا ربي لماذا تضيق علي الحلقة، يا رب قم بتوسيعها، فيجيبك لا لأنني لم أخلقكم لهذه الحياة أنا خلقتكم لكي تكون هذه الحياة فترة، أنا خلقتهم لحياة أبدية، لذلك لا أريدكم أن تعتبروا أن العالم هو نهاية الحياة - لا - فهو بداية الحياة الأبدية، لذلك أريدكم تعلموا أنكم لن تستقروا هنا وأخذتم كل شيء هنا وتسعدوا هنا وتفرحوا هنا، يقول لك لا بل خفة ضيقاتنا الوقتية تنشأ لنا ثقل ومجد أبدي، أنا أريدكم للسماء، طوبي للإنسان يا أحبائي الذي طوال حياته يفهم أن هذه الضيقات بقصد وبإرادة إلهية لكي يزداد شوقنا للسماء، فنحن نري في العالم ضيقات كثيرة نري كراهية، غدر، مؤامرات، حقد، لكن حينئذ لا تدين الآخرين بل قل يا رب متي أذهب إلى عالم كله محبة، متي يا ربي استريح من أتعاب هذا العالم، متى أنتقل من هذا العالم وأذهب للعالم الذي لا يوجد به بكاء ولا حزن ولا تنهد، يقول لك أنتظر بعض الوقت، فتسأله لماذا أنتظر؟ يجيبك من أجل أمرين لأني أريدك أن تكمل رسالتك وتكمل توبتك.
فلماذا يبقينا الله في هذه الحياة إلى الآن لسببين لابد أن نفهمهم جيداً، لماذا أظل إلي الآن موجود بالحياة؟ فهناك أشخاص أصغر مني انتقلوا وسافروا إلى السماء، والآن هم متنعمين بالحياة السعيدة فلماذا أنا؟ لأجل هذين الأمرين لأكمل توبتي وأكمل رسالتي، أي شخص منا لا بد أن يسأل نفسه لماذا أنا مازالت علي قيد الحياة إلى الآن؟ لأكمل توبتي أكمل رسالتي، هيا لنفعل في هذين الأمرين.
١- ماذا عن توبتك؟! فأنا بطئ في التوبة، أنا لست رافض للخطية، أنا أسعي للخطية، أنا متمسك بالخطية، أنا متلذذ بالخطية، أنا غير أمين، أنا غير مدقق، فهيا قم قدم توبة وأشكر الله أنه معطيك فرصة كل صباح جديد برحمة جديدة ،هيا نكمل توبتنا، هيا نقوم بتوبيخ أنفسنا على خطايانا، هيا نقول له ارحمني، ارحمني، ارحمني، قم بتفكيكي، تعال أنت يارب، كمل توبتك، ادخل ربنا في توبتك واطلب منه.
٢- كمل رسالتك : ماهي رسالتي يارب في هذه الحياة؟ أن تمجدني، تعبدني، تكرمني في العبادة، نعم هذه رسالة، أن تكرمني في الضعفاء، أن تهتم بالضعفاء، أن تنشر الحب، أن تنشر اسمي، أن تنادي وتخبر بأعمالي، هذه رسالتك في الحياة، الله أرسلنا لهذه الحياة نور يا أحبائي، ارسلنا لهذه الحياة لكي نبشر بموته وقيامته، الله أرسلنا لهذه الحياة لكي نكون شهداء أمناء له، فدائما تذكر هذه الحقيقة، ففي بيتك أنت شاهد، في عملك أنت شاهد، مع أحبائك أنت شاهد، أنت صورة حية للمسيح، لذلك فهي رسالة، فأنا موجود إلى الآن لكي أكمل توبتي وأكمل رسالتي، لكن أنا مشتاق أن أتخلص من هذا العالم الممتلئ بالضيق، وأظل أقول متي أتراءى أمامك يارب، يجيبك باقي قليلاً كمل توبتك، لأنني يا حبيبي أريد لك مكان جميل، لأني مهيئ لك مكان جميل جداً، وأنا أري أنك لست مهيأ لهذا المكان، أنا أعددت لك مكان حلو جدا، فوق خيالك أنت، فماذا تفعل أذن ؟
هيا استعد، تزين بالفضائل، كف عن الشر، حد عن الشر أفعل الخير وأطلب الأمانة، اسعى ورائها، باستمرار اسعي لرضى الله، راجع نفسك، راجع الثعالب الصغيرة، راجع الكراهية ، راجع الشهوة، راجع حب العالم، راجع حب المال، راجع حب السلطة ، راجع حب الكرامة ، .... ، .... ، إلخ أنا أحتاج أراجع كثير، فهيا قم واركع أرفع يدك وقلبك بصلوات نقية وقل له مع معلمنا داود "أقترب إلي نفسي وفكها ولا تتسلم للوحش نفس يمامتك" تعالى يارب وأنقذني وخلصني، فكلما تفعل ذلك ماذا يحدث "في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" هذا وعد الله لنا يا أحبائي أنه يغلب العالم، ليس معناه أننا نعيش في عالم بلا ضيق - لا - هو لم يعدنا بعالم بلا ضيق، لا فهو لم يخدعنا، هو لم يقول لنا أننا نعيش في العالم بلا ضيق، فالعالم ممتلئ بالضيق، لكنني سوف أجعلك تغلب الضيق، فأنا لا أتركك تعيش في العالم بلا ضيق لا، فسمة الضيق هي سمة رئيسية في العالم لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم، يجعلك الله تعيش في نفس واقعك ونفس الآلام لكنك غالب لهذه الآلام، لكنك لا تسقط تحتها، بالعكس أنت قائم فوق منها، أحبائي الله لم يرسلنا إلى هذا العالم لكن نهلك في العالم، لا ، أرسلنا إلى هذا العالم لنشهد له في العالم ونخلص بالعالم وتكون ضيقات العالم مجال لصراخنا نحو الله وتكون ضيفاتنا في العالم وسيلة خبرة حياة مع الله فننمو بالله، لذلك يا أحبائي في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم، كن حذر ألا تسقط تحت أمور هذا العالم، تذكر دائما لماذا نعيش؟، لا تدع عينك تنزل من علي المسيح لكي لا تزيد آلامك، الضيقات لأجل أمرين تذكرهم دائما، الضيقات لكي أتعلق في المسيح جدا، لكي أفهم أن من خلال هذه الضيقات أشتاق للأبدية، فلماذا الله أبقاني إلى الآن، لأجل أمرين لكي أكمل توبتي، وأكمل رسالتي.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
ان الحصاد كثير و لكن الفعلة قليلون
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
عندما يكون هناك تذكار لأحد الآباء الرسل أو من السبعين رسول تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي فصل من بشارة معلمنا لوقا، والذي يقول "ثم عين الرب سبعين آخرين" أختارهم لكي يكرزوا، لكي يذهبوا إلى أورشليم وإلى السامرة وإلى أقصى الأرض لكي يدعو الناس للتوبة، وقال لهم كلمه لاتزال تعتبر شعار لكل إنسان مسيحي، وهي "أن الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون"، ربنا يسوع يريد أن يضع في قلوبنا غيرة، يقول لنا اخدموا لأن الحصاد كثير والفعلة قليلون، تصور عندما يوجد حقل الله أنعم عليه ببركات، وممتلئ خير، ممتلئ محصول، لكن تصور أننا لم نجد الشخص الذي يحصده، فهذا شيء صعب جداً، فالشجرة تعطي ثمر والأرض تعطي محصول وأعيننا تري ثمار كثيرة جداً، ولا يتبقى إلا آخر خطوة وأسهل خطوة وهي جمع المحصول، تخيل ربنا يسوع المسيح يقول لنا الحصاد كثير بمعنى أن الزرعة نجحت، لكن الفعلة قليلون، ما هو الحصاد يارب؟ قال الذي فعلته أنا للعالم، الخلاص الذي أعطيته للعالم، الحب الذي أعطيته للعالم، البذرة التي قمت بزراعتها في العالم أثمرت لكن تريد من يحصدها.
تصور أن هناك أشخاص تحتاج فقط أن نكلمهم عن المسيح لدقائق، تصور أن هناك أشخاص بعيدة عن المسيح غير مسيحيين يحتاجوا فقط إلى شخص يقول لهم أن هناك ما يسمى بالمخلص ، فهو إله من حبه للإنسان خلقه، وعندما فسد الإنسان فكان لا يوجد شخص يمكن أن يخلصه إلا الذي خلقه، الذي أستطاع أن يخلقه يستطيع أن يخلصه، قل له هذان الكلمتين واتركه ليراجع أفكاره، فمن الممكن أن هذان الكلمتين تأتي بأشخاص للإيمان، فلنفترض أن هناك شخص مسيحي بعيد عن المسيح تماما، شخص يحتاج أن تقول له : لماذا لا تأتي إلى الكنيسة، يجيبك لأني مشغول قل له العمر يمضي والإنسان إذا ترك نفسه للمشغولية فأنه لن يجد وقت أبدا، فأتمني أن نتقابل في الكنيسة وأتركه، من الممكن أن تقول هذا الكلام لعشرة أفراد ويأتي فرد واحد فقط، فنحن نراها كثيراً جداً أنك من الممكن بمجرد أن تقابل شخص ما في الطريق وتقول له لماذا لا أراك في الكنيسة؟ تجده اليوم التالي في الكنيسة، "الحصاد كثير والفعلة قليلون"، الله يريد فعلة.
لذلك يقول "ثم عين الرب سبعين آخرين" ما معني عين؟ بمعنى اختار، تقول لكن أنا لست من بين الذين قام بتعينهم الرب، فهو له مجموعة أشخاص يحب أن يختارهم، فالخدام أشخاص مميزين بالتأكيد ليس أي شخص يخدم، يقول لك لا أبداً، القديس يوحنا ذهبي الفم يقول لا يوجد شيء اسمه شخص مسيحي ليس خادم، أنت ممسوح بالروح القدس، أنت قمت بأخذ مفعول الروح القدس، أنت عضو في الجسد، لا يصلح أن عضو في الجسد ينفصل عن الجسد، عضو في الجسد يخدم الجسد كله، عندما يكون هناك شخص يتناول الطعام فأن عينه تعمل، يداه تعمل، وفمه يعمل، ومعدته تعمل، كل الأعضاء تعمل عمل واحد، عندما يأتي شخص ليرتدي ملابسه فعينه تعمل، عضلاته تعمل، أعصابه تعمل، لكي يستطيع أن يرتدي ملابسه، أي عمل بسيط الإنسان يفعله تشترك فيه كل أعضائه، هكذا الكنيسة لا يوجد فيها عضو يكون خامل.
"عين الرب"، كل شخص فينا معين من قبل الرب، فأنا معين، شخص يقول لي: أنا! أقول لك نعم أنت معين، معين من الله، قال "الذين عرفهم سبق فعينهم، الذين سبق فعينهم سبق فبررهم". سبق فعرفهم، سبق فعينهم، الله قام بتعيننا، نعم قام باختيارنا، قم بقراءة رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أفسس الأصحاح الأول يقول لك "مبارك الله أبو ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية من السماويات الذي اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة". أنا وأنت الله قام باختيارنا قبل أن نولد، الذي اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة، نحن مختارين، نحن معينين، نحن سفراء، نحن له، نحمل صورته، "عين الرب سبعين آخرين"، فكل الذين أمامي في الكنيسة معينين؛ منذ سنوات كثيرة كان الشباب أو الشابات الذين يقومون بالدراسة الجامعية، بعد الانتهاء من الجامعة، يأتي لهم شيء اسمه خطاب التعيين، يقول له أنك عينت في شركة الكهرباء، في شركة المياه، في شركة الري، ... ، ... ، وهكذا، خطاب تعيين، فكانوا يمزحون مع الشباب ويقولوا لهم لا تجلس في المنزل تنتظر خطاب التعيين، قم بأي وظيفة حتي يأتي خطاب التعيين، تصور أنك معين من ربنا يسوع يقول لك أنت ابن (فلان) المعمد، المولود، الذي تخدم في كنيسة .. أنا قمت بتعيينك لخدمة أعضاء جسمي، اخدمني أنا، من خلال مريض، شخص محتاج، شخص حزين، شخص مهمل، شخص بعيد عن المسيح، مستشفى، دار أيتام، دار مسنين، شخص مدمن، شخص عليه دين، شخص مسجون، أسرة شخص مسجون، أشخاص ضعيفة في أسرتك، اخدم، أكثر شيء يا أحبائي يقوم بأذية الإنسان أن يعيش في سجن نفسه، لذلك الإنسان دائما متضايق، محصور داخل نفسه، دائرة تخنق لماذا؟ أنا ونفسي وهمومي ومشاكلي، فهل تنتهي المشاكل؟ لا تنتهي، فكيف يخرج الإنسان منها؟ يعيش لغيره، اخرج نفسك واخرج بيتك من دائرة نفسك، قم بالسؤال عن شخص محتاج، قم بخدمه شخص محتاج. الله اختارنا ووضع ثقته فينا، يقول لك أنت بدلاً مني، أرسلتكم للعالم، "عين الرب"، عينك بوظيفة، معين لكي تصبح شاهد لله، وقال انتم تكونوا شهودي، أنت الشاهد لي، أنت وسط العالم أنت رسالتي، إذا قمت بقراءة الكتاب المقدس بتدقيق ستجد أدوار معينة على الإنسان المسيحي أن يقوم بها، سوف أختصر منهم ستة :
١- أنتم ملح الأرض : أنت الملح الذي يعطي مذاق، بدونك العالم مائع، بدونك العالم لا يؤكل، لا يفرح، أنتم ملح الأرض.
٢- أنتم نور العالم : بدونك العالم مظلم، صدقوني ربنا يسوع المسيح لا يقوم بمجاملتنا، لا يقول كلام معنوي لكي يرفع معنوياتنا - لا - أنتم نور العالم فعلا، العالم بدونكم مظلم، أنتم القداسة في العالم، أنتم الطهارة في العالم، أنتم الأمانة في العالم، أنتم الحب في العالم، أنتم العطاء في العالم، أنتم الرحمة في العالم، ... ، ... ، أنتم ملح الأرض ، أنتم نور العالم.
٣- أنتم الخمير الذي يخمر العجين كله : خميرة، قطعة الخميرة الصغيرة لكن هي التي تنتشر، وتعطي طعمها ومفعولها للعجين كله، أنت الخمير المقدس في العالم كله، قليل لكن مؤثر.
٤- أنتم رسل
٥- أنتم سفراء
٦- أنتم رسالة
رسول، رسالة، سفير.
٧- رائحة المسيح : معلمنا بولس قال أنكم رائحة المسيح.
عين الرب سبعين آخرين، دورك في العالم مهم جداً، ربنا يسوع صعد للسماء، لكنه ترك تلاميذه، وقال عن تلاميذه أنهم من يقوموا بإكمال رسالتي، لذلك الكاهن يقول: "تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي وتذكروني إلى آجيء" وجميعكم تقومون بالرد آمين، آمين، آمين بموتك يارب نبشر، أنت خادم، ولابد أن تكون خادم، على سبيل المثال الأسبوع الماضي قمت بمقابلة شاب قادم من أمريكا، وكان من المهم لدي أن أطمئن على حياته الروحية، أطمئن على علاقته مع الله، فسألته هل تذهب للكنيسة؟ قال نعم نشكر ربنا، قال لي لابد أن أذهب، فأنا أذهب أكثر مما كنت أذهب هنا ، قلت له هذه بركة كبيرة، قال لي أذهب ٤أو ٥ مرات في الأسبوع، جيد جدًا، فسألته هل هناك خدمه تخدمها؟، قال نعم أخدم خدمه صغيرة علي قدر استطاعتي، فسألته ما هي الخدمة؟ قال لي خدمه اسمها خدمة صيانة، صيانة ماذا؟! قال لي نحن ثلاثين شاب مجتمعين مع بعضنا البعض ولدينا مشرف للمجموعة يمر علي الكنيسة ويبحث عن أي شيء يحتاج لصيانة وليكن مثلاً المصباح لا يضيء، ستر المنجلية به تمزق، كسر في الحديد الخاص بسلم الهيكل، يحضرون الأشخاص الذين يقوموا بالتصليح، فهي خدمه.
الله يريد كل شخص منا يخرج طاقته للمسيح بحسب إمكانياته، حسب طاقتك، حسب معرفتك، لكن لا تترك نفسك لنفسك، ولا تعيش في دائرة نفسك، إذا كنت تعرف كيف تقوم بالخبز، الطبخ، الخياطة، الأسلوب اللبق مع الآخرين، أي إمكانية، أي ملكة.
لابد أن نعرف أن أي إمكانيات اعطاها الله لنا فهو اعطاها لنا له، أي إنسان يا أحبائي يستطيع فعل شيء فليبحث كيف يخدم به، في بعض الأحيان أجلس مع طبيب وأقول له الله جعلك طبيب لكي تعالج من يحتاج أولا ثم بعد ذلك لربح المال، لكي تخدم بهذه المهنة، فأنت يأتي إليك مرضى من كل الديانات اشهد عن المسيح مع المرضى، لابد أن تعرف نفسك أنك في داخل عملك أنت خادم، عين الرب سبعين آخرين، الله يريد أن يعين، الله يريد أن ملكوته ينتشر، يريد أن خدمته تمتد، لا يريد عمل صليبه يعطل، ولا طلبته تختبئ، يقول "لا يمكن أن تخفي مدينة موجودة على جبل ولا يوقدون سراجا ويضعوه تحت مكيال"، فالمصباح لابد أن يوضع على مكان مرتفع، أنت كإنسان مسيحي لابد أن تضيء.
لذلك يا أحبائي ونحن نعيش تذكار استشهاد القديسين بطرس وبولس أمس، ونعيش اليوم تذكار القديس الشهيد أولمباس تلميذ القديس بطرس الرسول، لابد أن نعرف أن الخدمة والحياة في المسيح لا تستمر بفرد، بطرس أستشهد لابد أن يكون خلفه مئات، وأيضا بولس، هذا ما يحدث إلي اليوم، فكم شخص يريد أن يكون مثل بولس، كم شخص يريد أن يكون مثل بطرس، كم شخص يضع نفس حياة بولس داخل قلبه، من الكلمات الرائعة التي قالها بولس عندما قال أنا لست مهم، قال "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في"، قال كلمة أخري مهمه جدا "ولا نفسي ثمينة عندي حتي أكمل بفرح الخدمة والسعي التي أخذتها من الرب يسوع ". يقولوا له إذا ذهبت لأورشليم سيقتلونك، يقول لا يوجد مشكلة، وأيضا إذا ذهبت لروما قال لهم أنا أتمني الموت ولكن أتمني فعل شيء قبلها أن أشهد لربنا، فقالوا له تذهب إلى روما فقال أنا لدي شهوة ان اذهب لروما لكن لا أستطيع لأني مسجون، فكيف أذهب إلى روما، روما عاصمة العالم، روما بها الثقافة، بها المعرفة، روما بها القوة، روما بها السلطة، يريد أن يغزوها بولس، فعل حيلة وهو يحاكم قال لهم أنا مواطن روماني كيف تحكموا علي وأنا غير مقضي علي، أنا رافع دعواي إلى قيصر، تريد أن تحاكم عند قيصر، خافوا منه وقالوا حقا هذا مواطن روماني، قالوا إلى قيصر يذهب، فقال أشكرك يارب، ستذهب تحاكم عند قيصر، الناس جميعها تخاف من قيصر، فهو رجل لديه "بطش" أنت ذاهب لنيرون بنفسك، فأنا أريد الذهاب إلي روما لكي أشهد للمسيح، عندي شهوة أن أكمل حياتي في روما لأني أريد أن استشهد في روما، لكن قبل أن أستشهد أريد أن أشهد للمسيح هناك.
نحن يا أحبائي حياتنا إذا تركناها لأنفسنا فقط فنكون نسجنها، نقللها، نحدها، غير متمتعين بها، لا يصح أن قارورة طيب تكون مغلقة فقارورة الطيب لابد أن تفتح لكي تعطر رائحتها المكان، أنت أيضا كمسيحي لابد أن يكون لك مفعول، الملح لابد أن يوضع في الطعام، النور يضيء للناس، الرائحة لابد أن تكون لراحه الكل، الرسالة موجودة لكي تقرأ ليس لتكون مغلقة.
هكذا يا أحبائي كل واحد منا، "عين الرب سبعين آخرين"، كل واحد منا يقول له يارب ماذا تريد أن أفعله؟ يقول لك أخدم بالإمكانيات التي لديك، قم بمساعدة أحد، قم بالسؤال علي أحد، أنت كن قدوة لمن حولك، قم بالصلاة في بيتك، أرفع يدك، حاول تقلل من طلباتك الشخصية لكي تشفق على من حولك، حاول يكون لديك خدمة بالكلمة الطيبة، حاول يكون لديك خدمة بابتسامة، حاول تمارس العطاء لمن حولك، فكر وأنت تأكل هل الرجل الغفير يستطيع أن يجد هذا الطعام؟!.
تجد نفسك وتجد بيتك يوجد فيه بركة، أصبح في حياتك سعادة تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي.
ربنا يعطينا يا أحبائي أن تدرك رسالتك، أننا معينين من الله، لخدمته، لمجده.
يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
ارسالية السبعين رسولا
بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد آمين ، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .
تقرأ علينا يا أحبائي الكنيسة في تذكارات نياحة أو استشهاد أحد من الآباء الرسل فصل من انجيل معلمنا لوقا البشير إصحاح ١٠ وهو إرسالية السبعين رسولا، الكنيسة في تذكارات الذين تعبوا في الخدمة تحملنا أمانة امتداد رسالتهم، وتقول لنا مثلما أرسل السيد المسيح سبعين في وجود حياته على الأرض فهو يحتاج أن يرسل كثيرين وكثيرين من أجل اعلان ملكوته، من أجل نشر رسالة خلاصه ، من اجل امتداد ملكوته على الأرض ، يقول "بعد ذلك عين الرب سبعين آخرين وأرسلهم أمام وجهه اثنين اثنين ، وقال لهم اطلبوا من رب الحصد أن يرسل فعلة الي حصاده"، وقال لهم "أن الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون" ، ربنا يسوع في قلبه وفي عقله الملكوت، ونشر الملكوت، وامتداد الملكوت، ويريد أن كل إنسان يبعد عن طريق الضلال ويدخل في طريق محبة الله، هذه هي رسالته، أن يتمتعوا بخلاصه، يتمتعوا بمعرفته، ويدخلون معه في عهد أبدي، هذه هي رسالته لكن ليكمل رسالته فهو يحتاج الي ناس ، يحتاج يرسل ناس ، ناس مختارة الذين هم السبعين فقط؟! قال لا مازال الحصاد كثير ولازال الفعلة قليلون.
ما هو موضوع الحصاد والفعلة؟، يريد أن يقول لك إذا كان قلبك ممتلئ بمحبة الله، إذا كنت متمتع بالفعل ببركات خلاصه ، ستجد نفسك لا تحتمل أن تصمت ، ولا تحتمل أن تري إنسان خارج طريق خلاصه ، فماذا تفعل؟ تنادي باسمه ، تجذب الآخرين إليه ، تدعوهم للتوبة ، تدعوهم للتمتع بالحياة معه ، هذا عمل الإنسان المسيحي يا أحبائي ، عمل الإنسان المسيحي أن يكون له رسالة المسيح علي الأرض ، هذا عمل الإنسان المسيحي أن نحمل أسمه ، نحمل كرازته ، نحمل منهجه.
هنا في انجيل معلمنا لوقا اصحاح ١٠ عمل رسالة السبعين رسول، قبل ذلك عمل رسالة اختيار الاثني عشر تلميذ وقال لهم أنتم لا تخرجون خارج أورشليم، قال لهم أذهبوا إلي خراف بيت إسرائيل الضالة، الذين هم أهلكم لكن لا يعرفون الله، فعندما وجد باقي خراف إسرائيل الضالة ليسوا جميعهم قابلين الإيمان، ويوجد منهم نسبة كبيرة تقاوم ، نسبة كبيرة رافضة، نسبة كبيرة لا تريد ، نسبة كبيرة متعالية ، قال إذن أتركوهم ، وقال لهم أذهبوا للعالم أجمع ، هيا أذهبوا أكرزوا لهم ، أذهبوا إلي أورشليم واليهودية وإلي السامرة وإلي أقصي الأرض.
كان سبق وقلت لكم أنه ينبغي أن يكون لدينا خيال عن منطقة أورشليم أيام المسيح لابد أن تتخيلها جيداً جدا لأن كل تعاليم الإنجيل مبني علي معرفة الأماكن ، ساحل البحر المتوسط، وفي المنتصف خط مستقيم بنهر الأردن، فقط هذه هي خريطة أورشليم ، خط هكذا ومائل وخط هكذا في المنتصف ، في المساحة التي بين الخط المائل وخط المنتصف ثلاثة مدن مهمين جدا، أسفل جدا أورشليم ، في المنتصف السامرة ، فوق الجليل، وفي الجزء الشرقي لنهر الأردن يوجد مدينتين كبار جدا، جزء أسمه العشرة مدن ، وجزء أسمه عبر الأردن ، هؤلاء هم الخمس مدن الرئيسية الذين كرز السيد المسيح فيهم وعاش بهم.
لقد قال لهم اليهودية ولكنهم لم يستجيبوا معكم، إذن نذهب الي فوق قليلاً ، أين نذهب؟ السامرة، إذا رفضوكم في السامرة أذهبوا إلي أقصى الأرض.
هذه هي رسالة الإنسان المسيحي في كل جيل يا أحبائي ، يخدم في اليهودية التي هي بيت كل شخص فينا ، لابد أن نبدأ ببيتنا، لابد أن تبدأ بأبنائك ، بزوجتك ، بزوجك ، لابد أن أبدأ بأخواتي ، بأقربائي، بجيراني ، بيتي أورشليم ، الذي يسمع ويستجيب فقد نال الخلاص والذي لا يسمع فهنا كان يقول لهم أذهبوا الي المدينة إذا قبلوكم فهذا جيد وإذا لم يقبلوكم أخرجوا منها وقولوا لهم حتي الغبار الذي التصق بأرجلنا سننفضه لكم ، بمعنى أننا لا نريد شيء منكم أبدا ، بمعني حتى إننا لا نريد أن نتذكركم ولو لثانية ، حتى الغبار الذي لصق بأرجلنا ننفضه ، يصبح أنتم دمكم على رأسكم ، أما إذا قبلوكم يكون حسنا فهذا هو الهدف ، أبدأ اكرز في بيتك ؟
هل تعلم ما الذي يمنعك أن تكرز في بيتك؟ أن تكون أنت لا تعيش للمسيح ، ستجد نفسك تحدثهم عن المسيح وأنت لا تعيش للمسيح فالكلام متناقض ، غير مرتبط ببعض ، أذن قبل أن تكرز في بيتك لا بد أن تغير من نفسك أولا ، لكي يروك تصلي فعلا ، يروك وأنت رافع يدك ، لكي يروك في البيت وأنت تسجد ، لكي يروك وأنت أمين في كلامك ، لكي يروك وأنت تحب من حولك بالحقيقة ، لكي تكون إبن حقيقي للمسيح ، لذلك يا أحبائي موضوع الكرازة هذا موضوعنا كلنا ، علي كل مسيحي أن يكون خادما ، علي كل مسيحي أن يكون كارزا ، وعلي كل مسيحي أن يكون صورة المسيح في المكان الذي يعيش فيه ، هذه هي رسالتنا ، هل أنت تعيش للمسيح ؟ قال لك مجرد أنك تعيش للمسيح "لا يمكن أن تخفي مدينه كائنة علي جبل ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال". بمجرد أن تعيش مسيحي ستجد نفسك أنرت ، نعم حياتك اختلفت ، الناس من حولنا تحتاج ليس كلام بل أفعال ، نريد أن نري إنسان أمين فعلا ، صادق فعلا ، إنسان عفيف فعلا ، إنسان مدقق فعلا ، إنسان يحافظ على لسانه وقلبه وفكره ومشاعره فعلا أعظم كرازة ، إذا بدأت أنت تعيش المسيح من داخلك فبدأت أن تكون كارزا للمسيح، حدث ابنك، أجلس مع أبنك بمفردك ، أجلس مع أبنتك بمفردك ، وقل أني أريدك أن تدخل في عشرة حقيقية مع المسيح ، خسارة أن تستهلك نفسك ، وقتك ، فكرك في أمور تافهة ، أساله أنت تصلي أم لا ؟، أنت لماذا تكسل عن الصلاة؟ أنا أقول لك لماذا أنت تكسل لأني انا مثلك كذلك أنت تكسل لأن روح العالم تأخذك وأنت تكسل أنك تبدأ تتكلم مع من أمامك ، غير معقول أن لا نعرف أن نحدث أقرب الناس لنا ، فعندما يكون الانجيل داخلي مكتوم ، والحق يكون باطل ، الخير الذي بداخلي يصبح شر ، فأصبح أنا لا أستطيع الكلام ، كيف أتكلم؟ ، أذن الأمر يبدأ من داخلي.
إذن أنا كنت سيء ، ما المشكلة إذا كنت سيء ؟ ليس عيب أنني كنت سيء لكن العيب أن استمر سيء ، ليس عيب أن يكون لدي أخطاء نحن بشر لكن المشكلة الأكبر أنني أستمر، لذلك الله يريد أن نتغير، وإن أنا تغيرت أقوم بتغيير من حولي ، أورشليم أبدأ اكرز في أورشليم ، إذا لم يستجيبوا قم ببذل مجهود ، صلي لهم، كن فدية لهم ، قم بتشجعيهم ، حاول أن يروا فيك نموذج عملي ، وإن رفضوا أخرج لمن بعدهم لا تقف ، وهم "السامرة"
السامرة مقاومة للمسيح معروفة دائما كانوا السامريين في عداوة شديدة جدا مع اليهودية ، يقول لم يستطع يسوع أن يصنع هناك آية بسبب عدم إيمانهم ، قلوبهم قاسية، يوحنا ويعقوب كانوا يشعرون أن السامرة بلد مرفوضة وسيئة وغير مستجيبة ، قالوا لربنا يسوع المسيح أطلب نار لتحرقهم قال لهما لستما تعلمان من أي روح أنتما ، لا فأنا متأني علي كل إنسان حتى إذا كان رافض ، لأن كل إنسان وله زمن ، ولكننا رأينا في السامرة المرأة السامرية إنسانة ضعيفة لكن حين تحدث معها المسيح أتت ، وعندما أتت جاءت بالمدينة ، الحصاد كثير لكن الفعلة قليلون.
هيا نعمل في جيش خلاص ربنا يسوع المسيح ، هيا نبدأ لنذهب للسامرة ، الناس الرافضة ، الناس التي أغلقت قلبها ، يروك أنت تتغير فيتغيروا هم أيضا ، يروك أنت تتوب فهم يتوبون ، يروك أنت تتقدس فهم يتقدسون، أما إذا رفضوا ، فهنا ربنا يسوع يقول لهم أذهبوا إلي البلد وأكرزوا وقولوا لهم قد أقترب ملكوت السماوات الذي يسمع فقد خلص والذي لا يسمع لا يخلص.
لذلك يا أحبائي يقول لك أنت غير مطالب بإيمان الآخرين لكن مطلوب منك أنك تكرز ، لست مطالب بالنتيجة لكن مطلوب منك الأمانة والجهاد والتعب ، هذا ما يريده الله ، لذلك يا أحبائي أفعل ما عليك فعله.
نحن في هذه الفترة المقدسة الكنيسة تجعلنا نعيش فيها فترة صوم الأباء الرسل فترة خدمة، ناس تمتعت بميلاد المسيح وعماد المسيح وعمل المسيح ومعجزات المسيح وصليب المسيح وقيامة المسيح وحلول الروح القدس عشنا كل هذه الأحداث.
ونحن في يناير ونحتفل بالميلاد ومنتصف يناير نحتفل بالعماد ، بعدها الكنيسة تقول لك هيا لكي نصوم الصوم الكبير ونعيش مع المسيح أقواله ، تعليمه ، حياته ، صليبه ، قيامته ، صعوده ، حلول الروح القدس ، ماذا تنتظر بعد كل هذا؟ ، وكأنه يقول لك أنا فعلت دوري ، اتفضل أنت أكمل الدور جاء عليك أنت. هذه هي الفترة التي نحن فيها، ما هي الفترة التي نحن فيها ؟!
بموتك يارب نبشر هذا دورنا ، يريد أن يقول لك ما هو المطلوب مني ثانية لأفعله؟ لا يوجد ، خاطئ خلصتك ، مذنب رفعت الدين عنك ، جسدك سيء أخذته بدلاً منك ، أعطيتك بري ، أعطيتك ملكوتي ، أعطيتك حياتي ، فهيا قم بنشر ملكوتي علي الأرض ، أنت صورة ملكوتي ، أنت "تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي وتذكرونني إلي أن آجيء" ، هذا عملك ، لذلك يا أحبائي الحصاد كثير ، تخيل أنت أن ربنا يسوع متعشم ان البشرية كلها تعرفه ، كل الناس فهم خليقته ، ما الذي في قلبك ياربي يسوع المسيح ؟ يقول لك كل خليقته تدخل الملكوت ، فلماذا خلقتهم ؟ ليهلكوا !. لا قال لك الحصاد كثير، ناس كثيرة جداً مطلوب أن كل هؤلاء الناس تدخل الي الإيمان ، مطلوب أن كل هؤلاء يعرفوه ، مطلوب أن كل هؤلاء يعبدوه ، فماذا يحتاج هؤلاء ؟ يحتاجوا إلي ناس تكرز ، ناس تنادي ، ناس تكون حياة المسيح داخلها حية ، ناس تكون حياة المسيح داخلها أغلي من حياتها الشخصية ، بولس قال في سفر الأعمال الأصحاح العشرون "ولا نفسي ثمينة عندي" ذات يوم جلس مع الآباء الرسل فجاء إليه نبي وأخذ حزام بولس وربط به نفسه ويده وقال لهم صاحب هذه المنطقة سيقتاد إلي المحاكم ، ويهان ويذل ويقتل، فبكوا جميع الموجودين ، قالوا صاحب هذه المنطقة بولس لا تتحرك من هنا ، نحن لا نتركك، بولس قال لهم أنتم تبكوا و توجعوا قلبي ، قال لهم أنا مستعد لا أن أربط فقط ولكن مستعد إن أموت من أجله ، وبعدما كان المشهد مشهد عاطفي وبكاء وعلاقات بشرية رفعوا أعينهم إلي السماء ، أنا لا أستطيع أن أربط فقط أنا أستطيع أموت من أجله ، وبالفعل قال لهم هأنذا ذاهب بالروح إلي أورشليم ، لا أعلم ماذا يصادفني هناك، أنا لم أعرف ماذا أجد ، لكنني أعلم أن وثقا وشدائد تنتظرني ، أنا أعرف، لذلك عندما جاء إلي أورشليم ناس رأوه في الهيكل قالوا هذا هو ، هذا الذي ضد اليهودية ، هذا الذي ضد الهيكل ، هذا من يقوم بإدخال الناس الي الإيمان ، هذا هو من يقوم بإدخال الناس إلي الهيكل ، والهيكل هذا اسمه الموضع المقدس، والموضع المقدس لا يدخله الأمم ولا الغرباء وفعلوا له تهمة وجمعوا الناس عليه وقبضوا عليه ، وناس نذرت نفسها قالوا لا نأكل أو نشرب إلا إذا مات هذا الشخص ، تصور أربعين رجل فعلوا نذر علي موته ، إلي هذا الحد كانت حياته في خطر، نعم حياته في خطر، لكنه قال ولا نفسي ثمينة عندي
الإنسان يا أحبائي الذي يمتلئ بمحبة المسيح حياته أو فكرته عن نفسه هو -كحياة شخصية - تصبح غير مهمة، يصبح المهم هو المسيح ، لذلك قال "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيا" لذلك يقول لهم الحصاد كثير والفعلة قليلون أطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده ، لذلك نحن جميعنا لابد أن نكون خدام.
هيا نكرز في منازلنا ، هناك ناس تعيش للمسيح لكن بعيد عن المسيح ، هناك ناس تعيش للمسيح بالاسم فقط ، في ناس داخل بيوتنا وعائلاتنا بعيدين تماما عن المسيح ، وصدقني الذي أنت تراه رافض المسيح تماما، الذي تراه متكبر جدا، ومتعظم جدا، ولا يوجد منه فائدة، صدقني ربنا مات من أجله ويحبه ويريده لذلك نري التلاميذ أصبحوا مندهشين ، رجعوا الي الفرح ، رجعوا فرحين ، وقالوا له أننا لم نكن نتوقع ذلك، فقال لهم لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم بل أفرحوا أن أسمائكم مكتوبة في السموات، رجعوا بفرح عظيم طبعا ، لأن كثيرين استجابوا لهم ، نحن ضعفاء ، نحن لا نعرف شيء ، ربنا يحب يستخدم الضعفاء والذين لا يعرفون شيء، هو يحب هذا.
تعلم أن الذي يقول أنا أعرف ، يقول له أنا غير محتاج لك ، أنا أريد الذين لا يعرفون، أنا أريد الضعيف، اختار الصياد، الجاهل ، البعيد ، الخاطئ ، العشار ، اللاوي ، لكي يحول كل هؤلاء لأواني مجد له ، أحبائي الحصاد كثير والفعلة قليلون ، أبدأ غير داخل نفسك أنت ، نور مصباحك أنت ، نور عقلك وقلبك بنور كلمة ربنا ، أبدأ أرفع يدك في بيتك وصلي وأركع ، أبدأ بقراءة الأنجيل وأشبع به لكي تمتلئ أنت بكلمة ربنا ، أبدأ أن تكون أنت نفسك آية ، تكون أنت نفسك أنجيل ، فبمجرد أن تبدأ هذه الخطوة ستجد نفسك غير محتمل أن تري إنسان بعيد عن خلاص ربنا يسوع المسيح ، فتنادي للكل، تعالى، لأورشليم ، لليهودية ، للسامرة ، إلي أقصي الأرض.
ربنا يعطينا يا أحبائي أن نكون شهود أمناء له، ننادي باسمه، نأتي له بنفوس، نقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .