العظات
بين يعقوب والمسيح ج4
يقودنا في موكب نُصرتهِ :
من سفر التكوين ( 31 : 17 – 18 ) ” فقام يعقوب وحمل أولاده ونساءه على الجمال وساق كل مواشيه وجميع مقتناه الذي كان قد اقتنى .. مواشي اقتنائهِ التي اقتنى في فدان أرام ليجئ إلى إسحق أبيه إلى أرض كنعان “ .
هذا مشهد الصعود للسماء .. أبونا يعقوب الذي ذهب إلى خاله لابان هذا أمر يُشير للتجسد وافتقاد ربنا يسوع لنا في أرض غربتنا وعاش بيننا كواحد منا وفي النهاية لم يرد أن يستمر في هذا الوضع فأخذ ما له وذهب إلى أبيه إسحق .. هذا رمز للمسيح الصاعد ومعه الكنيسة للآب .
فنرى كلمات الإنجيل الذي يقول ” قام يعقوب “ وهذا رمز لقيام المسيح .. حمل يعقوب كل أولاده معه ويسوع حمل الكنيسة معه .. أخذ يعقوب كل مواشيه أي كل مقتنياته التي اشتراها بتعبه كما حملنا ربنا يسوع معه فنحن كما يقول الكتاب إسمنا شعب اقتناء ( 1بط 2 : 9 ) .. إقتنانا بدمه ولسنا منحة له أو هبة بل اقتنانا بدمه وصعد بنا للسماء .. هذا هو موكب نصرته لذلك يقول الكتاب ” شكراً لله الذي يقودنا في موكب نُصرتهِ “ ( 2كو 2 : 14) .
موكب يعقوب بزوجاته وأولاده ومواشيه موكب جميل مثل موكب ربنا يسوع الذي انتزعنا من يد إبليس .. فما فائدة عودة يعقوب لإسحق أبيه وحده دونَ زوجاته وأولاده ومُقتنياته ؟ لذلك ربنا يسوع صعد ومعه كل مقتنياته التي هي نحن وقدمنا للآب .
حجر الزاوية :
أبونا يعقوب تزوج بليئة وراحيل .. ليئة كانت ضعيفة العينين وهذا إشارة لكنيسة العهد القديم .. وراحيل هي المحبوبة التي اقتناها مؤخراً إشارة لكنيسة العهد الجديد .. عاد أبونا يعقوب بزوجتيهِ وأولاده وربنا يسوع صعد للسماء بالكنيستين كنيسة العهد القديم وكنيسة العهد الجديد .. والأولاد يُشيرون لثمار الروح .. أما الغنم والمواشي فتشير لثمار الجسد أي الصوم والسجود و..... ذبائح عقلية .
يعقوب يعبر بزوجتيهِ وأولاده ومواشيه لأرض كنعان وإسحق أبيه ينتظره .. وربنا يسوع صعد بنا للآب الذي ينتظره فصرنا كلنا مقبولين فيه .. لذلك المسيح هو حجر الزاوية الذي ربط كنيستي العهدين ببعضهما كما ربط يعقوب ليئة وراحيل بأنه زوجهما هما الإثنين .. نعم هما أختان لكن كان يمكن أن كلٍ منهما تتزوج بشخص غريب وتفترقان لكن يعقوب ربطهما معاً لأنهما زوجتيهِ فعاشتا معاً لأنهما اقترنتا بواحد .. هكذا كنيستي العهدين اقترنتا بواحد هو المسيح ” مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية “ ( أف 2 : 20 ) .
اليوم الثالث :
جمع يعقوب أولاده ومقتنياته والمسيح يجمع الكنيسة .. وعدو الخير الذي يرمُز له لابان لم يشعر بما فعله يعقوب لأنه كان يجز الغنم .. وراحيل لأنها ابنة لابان أخذت من أبيها بعض الأمور .. فماذا فعلت ؟ ” وأما لابان فكان قد مضى ليجز غنمه .. فسرقت راحيل أصنام أبيها .. وخدع يعقوب قلب لابان الأرامي إذ لم يُخبره بأنه هارب .. فهرب هو وكل ما كان له وقام وعبر النهر وجعل وجهه نحو جبل جلعاد “ ( تك 31 : 19 – 21 ) .
عبور النهر يُشير للمعمودية وجبل جلعاد يُشير للأبدية أي أن المعمودية تؤدي إلى الأبدية .. سرقت راحيل أصنام أبيها دونَ أن يعرف يعقوب .
” فأُخبِر لابان في اليوم الثالث بأن يعقوب قد هرب فأخذ إخوته معه وسعى وراءهُ مسيرة سبعة أيامٍ فأدركهُ في جبل جلعاد “ ( تك 31 : 22 – 23 ) .. اليوم الثالث هو يوم القيامة .. يُشير لتحويل الموت إلى حياة .. دائماً في الكتاب المقدس يُشير اليوم الثالث للحياة .. ” يُحيينا بعد يومين .. في اليوم الثالث يُقيمنا فنحيا أمامه “ ( هو 6 : 2 ) .. وأبونا إبراهيم عاد بإسحق حي في اليوم الثالث وأستير نال شعبها النجاة في اليوم الثالث .
هكذا اليوم الثالث يُشير للإنتقال من الموت للحياة .. عدو الخير كان متحير في المسيح حتى الصليب .. والمسيح على الصليب عدو الخير لم يُدرك ما يحدث وصار المسيح في نظره مجرد شخص تسبب له في إزعاج بينما أدرك أنه المسيح أنه الله في اليوم الثالث أي يوم القيامة .. على الصليب عندما اظلمت الشمس قال لعل السماء حزينة عليه و....... تحير لكن في اليوم الثالث أدرك أنه الله .. هكذا لابان أدرك يعقوب وهروبه في اليوم الثالث .
إياك وذاك البار :
بالطبع لابان لم يصمت على هروب يعقوب .. ” فأخذ إخوته معه وسعى وراءهُ مسيرة سبعة أيامٍ فأدركهُ في جبل جلعاد .. وأتى الله إلى لابان الأرامي في حُلم الليل وقال له احترز من أن تُكلم يعقوب بخيرٍ أو شرٍ “ ( تك 31 : 23 – 24 ) .. الله حذر لابان من أن يُكلم يعقوب لأنه يخص الله .. كلام الله للابان في حُلم يُشير لتحذير الله لبيلاطس في حُلم زوجته فقالت له ” إياك وذلك البار لأني تألمت اليوم كثيراً في حُلمٍ من أجلهِ “ ( مت 27 : 19) .
” فلحق لابان يعقوب ويعقوب قد ضرب خيمته في الجبل فضرب لابان مع إخوته في جبل جلعاد “ ( تك 31 : 25 ) .. ضَرَب خيامه أي نصبها .. ” وقال لابان ليعقوب ماذا فعلت وقد خدعت قلبي وسُقت بناتي كسبايا السيف .. لماذا هربت خفيةً وخدعتني ولم تُخبرني حتى أُشيِّعك بالفرح والأغاني “ ( تك 31 : 26 – 27 ) .. خاف لابان من تحذير الله له .
” ولم تُخبرني حتى أُشيِّعك بالفرح والأغاني بالدف والعود ولم تدعني أُقبِّل بني وبناتي “ .. عدو الخير مكار أحياناً يدَّعي أننا له ويقول أنا أريدك فرحان ونحن نقول له لا .. نشكرك .. ” والآن أنت ذهبت لأنك قد اشتقت إلى بيت أبيك ولكن لماذا سرقت آلهتي “ ( تك 31 : 30 ) .. هذه نقطة ضعف .. لابان ليس له أي حق فينا لكنه وجد له حق .
” لماذا سرقت آلهتي .. فأجاب يعقوب وقال للابان إني خفت لأني قلت لعلك تغتصب ابنتيك مني .. الذي تجد آلهتك معه لا يعيش “ ( تك 31 : 30 – 32 ) .. نحن لم نأخذ منك شئ .. عدو الخير يريد أن يعطل طريقنا ومسيرتنا للسماء .. أنت ذاهب للأبدية ومعك يعقوب ما لك والأصنام ؟ هذا يجعل عدو الخير يشتكي عليك .. ما هي الأصنام ؟ هي الخطايا .. نحن نحيا في ملكية كاملة لله ومُحبين للقداسة ونسير في طريق السماء ولكن مجرد أن نميل للخطايا عندئذٍ يقول عدو الخير من حقي أن أعطلك أنت سرقت آلهتي .. لذلك قال ربنا يسوع ” رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء “ ( يو 14 : 30 ) .. لأنه بلا خطية .. لم يكن يعقوب يعرف أن راحيل سرقت آلهة لابان .. ” لم يكن يعقوب يعلم أن راحيل سرقتها “ ( تك 31 : 32 ) .. راحيل خبأت الأصنام .
الراعي الصالح :
في النهاية قال يعقوب للابان لماذا تعطلني ؟ كل ما لي أنا أخذته بتعبي وليس هبة منك .. ” الآن عشرين سنة أنا معك .. نعاجك وعنازك لم تسقط وكباش غنمك لم آكل .. فريسة لم أُحضر إليك .. أنا كنت أخسرها .. من يدي كنت تطلبها .. مسروقة النهار أو مسروقة الليل .. كنت في النهار يأكلني الحر وفي الليل الجليد .. وطار نومي من عينيَّ .. الآن لي عشرون سنة في بيتك .. خدمتك أربع عشرة سنة بابنتيك وست سنين بغنمك .. وقد غيَّرت أُجرتي عشر مراتٍ “ ( تك 31 : 38 – 41 ) .. أي كل شئ اقتنيته وصنعته معك كان مدفوع الأجر .
قديماً كان الأجر على عمل شئ بشئ يقابله فمن الممكن أن يكون الأجر زواج مثلما فعل شاول الملك عندما قال أن من يحارب ويقتل جليات يتزوج ابنته .. أي مكافأة .. وممكن يكون مهر الفتاة عمل أو شئ .. يعقوب قدم مهر سبع سنوات عمل لكل زوجة ..
الكنيسة كلها بكل مؤمنيها المسيح دفع ثمنها تعبه ودمه وكما يقول الكتاب ” من تعب نفسه يرى ويشبع “ ( أش 53 : 11) .. لذلك نحن شعب اقتناء .. ” إقتننا لك يا الله مخلصنا لأننا لا نعرف آخر سواك “ ( أوشية السلامة ) .. هذا موكب المسيح بصعوده بالكنيسة .. لما انطلق يعقوب بعد مقابلته مع لابان عاد لابان .
” فأخذ يعقوب حجراً وأوقفه عموداً .. وقال يعقوب لإخوته التقطوا حجارة فأخذوا حجارة وعملوا رجمة وأكلوا هناك على الرجمة ودعاها لابان يجر سهدوثا .. وأما يعقوب فدعاها جلعيد .. وقال لابان هذه الرجمة هي شاهدة بيني وبينك اليوم لذلك دُعي اسمها جلعيد .. والمصفاة .. لأنه قال ليراقب الرب بيني وبينك حينما نتوارى بعضنا عن بعضٍ .. إنك لا تُذل بناتي ولا تأخذ نساء على بناتي .. ليس إنسان معنا .. اُنظر الله شاهد بيني وبينك .. وقال لابان ليعقوب هوذا هذه الرجمة وهوذا العمود الذي وضعت بيني وبينك شاهدة هذه الرجمة وشاهد العمود أني لا أتجاوز هذه الرجمة إليك وإنك لا تتجاوز هذه الرجمة وهذا العمود إليَّ للشر .. إله إبراهيم وآلهة ناحور آلهة أبيهما يقضون بيننا .. وحلف يعقوب بهيبة أبيه إسحق وذبح يعقوب ذبيحةً في الجبل ودعا إخوته ليأكلوا طعاماً فأكلوا طعاماً وباتوا في الجبل .. ثم بكَّر لابان صباحاً وقبَّل بنيه وبناته وباركهم ومضى .. ورجع لابان إلى مكانهِ “ ( تك 31 : 45 – 55 ) .
نزل ومعه العصا فقط :
اليوم لما اقترب أبونا يعقوب من بيت أبيه عاد لمشكلة هرب منها منذ عشرون عاماً وهي مقابلته مع عيسو .. والله سمح بالعشرين سنة لتدبير معين .. قال يعقوب أُرسِل أمامي هدايا لعيسو وكأنه يقول لعيسو يعقوب يريدك أن تسامحه .
مر يعقوب على المكان الذي نام فيه عندما كان هارب من وجه عيسو وكان معه وقتها عصاه فقط .. والآن نظر خلفه فوجد موكب كبير زوجات وأبناء وعبيد ومواشي وغنم فقال لله ” صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك فإني بعصاي عبرت هذا الأردن والآن قد صرت جيشين “ ( تك 32 : 10) .. ما هي العصا ؟ هي الصليب الذي تجسد من أجلهِ ليعود للآب بموكب الكنيسة بعهديها كنيسة العهد القديم ( ليئة ) وكنيسة العهد الجديد ( راحيل ) .
الصراع في الصلاة وبركة الألم :
جهز يعقوب هدية ضخمة لعيسو نقرأها في الكتاب ” مئتي عنزٍ وعشرين تيساً مئتي نعجةٍ وعشرين كبشاً .. ثلاثين ناقةً مُرضعةً وأولادها أربعين بقرةً وعشرة ثيرانٍ عشرين أتاناً وعشرة حميرٍ “ ( تك 32 : 14 – 15) .. إن كانت هذه كلها هدية فكم تكون ثروة يعقوب كلها ؟!! .. ” ودفعها إلى يد عبيده قطيعاً قطيعاً على حدةٍ وقال لعبيده اجتازوا قدامي واجعلوا فُسحة بين قطيع وقطيع .. وأمر الأول قائلاً إذا صادفك عيسو أخي وسألك قائلاً لمن أنت وإلى أين تذهب ولمن هذا الذي قدامك تقول لعبدك يعقوب هو هدية مُرسلة لسيدي عيسو وها هو أيضاً وراءنا “ ( تك 32 : 16 – 18) .
واقترب يعقوب .. لكنه أوقف الموكب كله .. ” فبقى يعقوب وحده وصارعهُ إنسان حتى طلوع الفجر ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حُق فخذهِ فانخلع حُق فخذ يعقوب في مصارعته معه “ ( تك 32 : 24 – 25 ) .. هذا الصراع يمثل صراع رب المجد يسوع في بستان جثسيماني قبل الصليب .. الصليب فداني لكن كان به ألم حيث قدم لنا يسوع الخلاص كبركة بعد اجتيازه ألم الصليب .. كما نال يعقوب البركة بالألم وضُرب حُق فخذهِ .
عظم من عظامهِ لم يُكسر :
ضُرِب يعقوب على حُق فخذهِ والإنسان الذي صارعه هو صورة من صور ظهور الابن في العهد القديم .. إنخلع حُق فخذ يعقوب لكن عظامه لم تُكسر لأن ” عظم لا يُكسر منه “ ( يو 19 : 36 ) .. هذا الخلع إشارة للبنوة .. ” هو يسحق رأسكِ وأنتِ تسحقين عقبه “ ( تك 3 : 15) .. ” قال أطلقني لأنه قد طلع الفجر .. فقال لا أُطلقك إن لم تُباركني .. فقال له ما اسمك .. قال يعقوب .. فقال لا يُدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت .. وسأل يعقوب وقال أخبرني باسمك .. فقال لماذا تسأل عن اسمي .. وباركه هناك “ ( تك 32 : 26 – 29 ) .. صراع حتى طلوع الفجر .. ويسوع صار عرقه كقطرات الدم لأنه كان مُقبل على معركة قوية .
وَضَع نفسه :
في النهاية أوقفهم يعقوب صفوف .. في البداية جعل جارية ليئة وأولادها ثم جارية راحيل وأولادها ثم ليئة وأولادها وفي النهاية راحيل وأولادها .. ثم وقف يعقوب أول الصفوف في المواجهة .. لم يقف في نهاية الموكب كأنه يحتمي في الموكب .. بل وقف أمامهم .. ما هذا ؟ هذا الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف .. ” ورفع يعقوب عينيهِ ونظر وإذا عيسو مُقبِل ومعه أربع مئة رجل .. فقسم الأولاد على ليئة وعلى راحيل وعلى الجاريتين .. ووضع الجاريتين وأولادهما أولاً وليئة وأولادها وراءهم وراحيل ويوسف أخيراً .. وأما هو فاجتاز قدامهم وسجد إلى الأرض سبع مرات حتى اقترب إلى أخيه “ ( تك 33 : 1 – 3 ) .. هل تريد أن تحتمي في المسيح يسوع كن مثل راحيل ويوسف واقترب من قلبه وكن محبوبه لتحتمي فيه .. لكن إن ابتعدت عن قلبه ستسير وحدك دون حماية وتواجه صعاب .
عيسو أتى متحفز ومعه أربع مائة رجل .. مقابل ذلك سجد له يعقوب سبع مرات وقبَّله وعانقه .. محبة وهدية .. سجد له سبع مرات .. أحياناً الناس تهاجم السجود للأساقفة .. لا .. هذا ليس سجود عبادة بل سجود احترام وحب .. ” فركض عيسو للقائهِ وعانقه ووقع على عُنقهِ وقبَّله .. وبكيا .. ثم رفع عينيه وأبصر النساء والأولاد وقال ما هؤلاء مِنكَ .. فقال الأولاد الذين أنعم الله بهم على عبدك “ ( تك 33 : 4 – 5 ) .
شخص يعقوب جوانب كثيرة من حياته تُشبه المسيح في كماله وبذله وطاعته وهدؤه واقتنائه لثروة وأولاد .. في حبه لراحيل .. وجمعه بين راحيل وليئة في شخصه .. في إنه جعل نفسه فدية عن جميعهم ولقائه بإسحق .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
بين يعقوب والمسيح ج3
النزول إلى العالم واللقاء عند البئر :
من سفر التكوين 29 بركاته على جميعنا آمين .. ” ثم رفع يعقوب رجليهِ وذهب إلى أرض بني المشرق ونظر وإذا في الحقل بئر وهناك ثلاثة قُطعان غنم رابضة عندها لأنهم كانوا من تلك البئر يسقون القُطعان .. والحجر على فم البئر كان كبيراً فكان يجتمع إلى هناك جميع القُطعان فيُدحرجون الحجر عن فم البئر ويسقون الغنم .. ثم يردون الحجر على فم البئر إلى مكانهِ .. فقال لهم يعقوب يا إخوتي من أين أنتم .. فقالوا نحن من حاران .. فقال لهم هل تعرفون لابان ابن ناحور .. فقالوا نعرفه .. فقال لهم هل له سلامة .. فقالوا له سلامة .. وهوذا راحيل ابنتهُ آتية مع الغنم .. فقال هوذا النهار بعد طويل ليس وقت اجتماع المواشي .. اِسقوا الغنم واذهبوا ارعوا .. فقالوا لا نقدر حتى تجتمع جميع القُطعان ويُدحرجوا الحجر عن فم البئر ثم نسقي الغنم .. وإذ هو بعد يتكلم معهم أتت راحيل مع غنم أبيها لأنها كانت ترعى .. فكان لما أبصر يعقوب راحيل بنت لابان خاله وغنم لابان خاله أن يعقوب تقدم ودحرج الحجر عن فم البئر وسقى غنم لابان خاله .. وقبَّل يعقوب راحيل ورفع صوتهُ وبكى وأخبر يعقوب راحيل أنه أخو أبيها وأنه ابن رفقة فركضت وأخبرت أباها “ ( تك 29 : 1 – 12) .
قصة تبدو عادية جداً .. شخص خرج من بيت أبيه ليتغرب .. وقبل حاران وجد بئر وحوله ثلاثة قطعان غنم تنتظر رفع الحجر عن فم البئر وتجتمع القطعان كلها أولاً ثم تستقي من البئر .. حتى أن يعقوب قال لهم إسقوا أنتم أولاً غنمكم ثم تأتي راحيل وتسقي غنمها .. فقالوا لا .. سننتظرها .. العجيب أن يعقوب رجل غريب وهو الذي رفع الحجر عن فم البئر .. والأمر العجيب أيضاً أنه لما رأى راحيل قبَّلها ورفع صوته وبكى وسط الجميع .
” ثم رفع يعقوب رجليهِ وذهب إلى أرض بني المشرق “ .. هذا نزول المسيح للأرض أتى ليقتني زوجة .. راحيل .. راحيل ترمُز لكنيسة العهد الجديد .. ربنا يسوع أتى للعالم غريب ليس له أين يسند رأسه وهدفه أن يقترن بكنيسة العهد الجديد زوجة هكذا أتى يعقوب ليقتني براحيل زوجة له .. هناك دراسة شيقة عن الآبار في العهد القديم سنجد أن كل العهود تمت عند الآبار .. فنرى أن خطبة إسحق تمت عند بئر وخطبة يعقوب تمت عند يئر .. وربنا يسوع تقابل مع السامرية عند بئر .. بئر المعمودية ينبوع الحياة التي يرتبط عندها المسيح مع النفس البشرية .
ثلاثة قطعان غنم مبكراً وظلوا منتظرين أن يُرفع الحجر عن فم البئر .. هذه القطعان الثلاثة هي قطعان العهد القديم التي أشارت رموزها لربنا يسوع منتظرة قدومه .. أي هي تشير إلى مراحل العهد القديم الثلاثة .. مرحلة الآباء ومرحلة الناموس ومرحلة الأنبياء .. عندما تقابل ربنا يسوع مع تلميذي عمواس قال لهما أن الآباء والناموس والأنبياء تكلموا عني .
ثلاثة قطعان منتظرة رفع الحجر عن فم البئر .. ” لأنهم كانوا من تلك البئر يسقون القُطعان .. والحجر على فم البئر كان كبيراً “ .. هذا الحجر الكبير هو عدم فهم العهد القديم لبركات العهد الجديد .. البئر أمامهم ولا يرتون منه لأن الحجر كبير لا يفهموه .. ربنا يسوع إنتظرته البشرية عن طريق البئر الذي هو رمز للمعمودية .. أول لقاء لنا معه كان عند البئر أي المعمودية وولدنا عند البئر ودخلنا معه في عهد وأخذنا الميثاق السماوي والوعود الأبدية عند البئر .. من يرفع لنا الحجر ؟ شخص غريب .. هو يعقوب الذي يرفع الحجر ويُدخلكم عهد جديد .
سألهم يعقوب من أين أنتم ؟ قالوا له من حاران .. سألهم هل تعرفون لابان ؟ قالوا له نعم وهوذا ابنته راحيل ستأتي الآن .. هذه هي كنيسة العهد الجديد التي أتت في النهاية التي جاءت ثمرة لمجئ ربنا يسوع .. قال لهم يعقوب إرفعوا الحجر عن البئر واستقوا أنتم أولاً .. قالوا له لا سننتظر راحيل ونستقي كلنا معاً .. كنيسة العهد الجديد وُلدت في يوم الخمسين .. ” هل تمخض بلاد في يومٍ واحدٍ أو تُولد أُمة دفعةً واحدةً “ ( أش 66 : 8 ) .. نعم وكانت ثمرة تجسد وصلب وقيامة ربنا يسوع المسيح .. قطعان كثيرة منتظرة ومترقبة أن يُرفع الحجر عن البئر .. المُخلص مُشتهى كل الأجيال متوقعين قدومه .. إشتياق .. منتظرينه .. ماذا ننتظر ؟ إنتظر قدومه .. قالوا ليعقوب نجتمع أولاً كلنا معاً ثم نرفع الحجر .. لابد أن تجتمع أعضاء الكنيسة .
وأتت راحيل بالغنم .. كنيسة العهد الجديد أتت بأولادها .. ” وكان الرب كل يومٍ يضم إلى الكنيسة الذين يخلُصون “ ( أع 2 : 47 ) .
سقى يعقوب أولاً غنم لابان خاله ثم القطعان الثلاثة التي كانت تنتظر .. سقى من أتى في النهاية أولاً ثم القطعان الثلاثة التي كانت رابضة أولاً في النهاية .. هذه هي كنيسة العهد الجديد التي أخذت نعمة العهد الجديد أولاً ومن أراد من اليهود أن يدخل بعدها فليدخل .
علامة الحب :
عندما رأى يعقوب راحيل قبَّلها أمام الجميع ورفع صوته وبكى .. شئ عجيب أن يُقبِّلها أمام الجميع رغم إنه لم يراها من قبل بل كانت أول مرة يتقابل معها .. هذه علامة سرية علامة القبول والحب والبنوة .. علامة الإرتباط الزيجي والحب بين المسيح والكنيسة .. المسيح إقتنى الكنيسة بالحب .. يعقوب قبَّل راحيل وبكى وربنا يسوع نعم أحبَّ الكنيسة لكنها كلفته كثيراً وكأن يعقوب بروح النبوة يقول لراحيل أنتِ أعجبتني كثيراً وأنا أشتاق أن أتخذِك زوجة لي لكن أشعر أن ثمنِك غالي جداً .. ما ثمن اقتناء المسيح للكنيسة ؟ الصليب .. رفع صوته وبكى إشارة لآلام الصليب التي سلكها بحب وأسلم نفسه لأجلها بحب .. النفس التي تلامست مع المسيح بحب تقبل أن تبذُل نفسها بحب لأجله ليس حب القُبلات فقط .. هل تريد أن تقتني المسيح وتحتضنه ؟ إحتضنه لكن لابد أن يكون هناك دموع وجهاد .. ” أعطِ دماً “ .
إخلاء الذات :
أبونا يعقوب غني لكنه ذهب إلى حاران بعصاه .. رمز لربنا يسوع المسيح الذي أخلى ذاته وهو الغني لكنه افتقر بإرادتهِ ليُغنينا .
إشترانا بدمهِ :
لما سمع لابان بخبر قدوم يعقوب ” ركض للقائهِ وعانقهُ وقبَّلهُ وأتى بهِ إلى بيتهِ “ ( تك 29 : 13 ) .. إشارة لقبول كنيسة العهد الجديد للمسيح .. ظل يعقوب عند لابان مدة الضيافة وكانت فترة الضيافة لا تزيد عن شهر .. لكن عندما طالت إقامة يعقوب عند لابان عن الشهر قال لابان ليعقوب لا تخدمني مجاناً هكذا بل ليكن لك أجرة نظير خدمتك لي .. ” ثم قال لابان ليعقوب ألأنك أخي تخدمني مجاناً .. أخبرني ما أُجرتك .. وكان للابان ابنتان اسم الكبرى ليئة واسم الصغرى راحيل .. وكانت عينا ليئة ضعيفتين وأما راحيل فكانت حسنة الصورة وحسنة المنظر “ ( تك 29 : 15 – 17) .
ليئة ترمُز لكنيسة العهد القديم كانت ضعيفة العينين أمامها خروف الفصح ولا تفهم أنه الصليب .. أمامها الحية النُحاسية ولا تفهم أنها الصليب .. أمامها يشق البحر ولا تعي أنها المعمودية .. أمامها المن مثله مثل أي طعام .. أما راحيل وهي تشير لكنيسة العهد الجديد فهي بهية المنظر .
” وأحبَّ يعقوب راحيل فقال أخدُمك سبع سنين براحيل ابنتك الصغرى “ ( تك 29 : 18) .. قال يعقوب أخدمُك سبع سنين مجاناً بدون أجرة لأتزوج براحيل ابنتك الصغرى .. ” فقال لابان أن أعطيك إياها أحسن من أعطيها لرجلٍ آخر .. أقِم عندي .. فخدم يعقوب براحيل سبع سنينٍ وكانت في عينيهِ كأيامٍ قليلةٍ بسبب محبته لها “ ( تك 29 : 19 – 20 ) .
ما الذي هوَّن فترة السبع سنين على يعقوب ؟ راحيل .. كلما شعر بتعب ورآها أمامه ينسى تعبه .. بعد فترة يقول يعقوب أنه كان لا ينام ويتحمل البرد وحر النهار .. كل هذا احتمله وكانت كأيام قليلة ؟ نعم لأن راحيل أمامه .. ما الذي يجعل أيامنا ثقيلة ؟ نصوم بصعوبة ونصلي برخاوة لأنه ليس لنا هدف لكن لو راحيل أمامك تحسبها كأيام قليلة .
” ثم قال يعقوب للابان أعطني امرأتي لأن أيامي قد كمُلت “ ( تك 29 : 21 ) .. يعقوب كان يعِد الأيام لأنه يريد راحيل .. نحن نحيا أيامنا ونحسبها لاشتياقنا للأبدية .
” فجمع لابان جميع أهل المكان وصنع وليمة .. وكان في المساء أنه أخذ ليئة ابنته وأتى بها إليهِ فدخل عليها .. وأعطى لابان زلفة جاريته لليئة ابنته جاريةً .. وفي الصباح إذا هي ليئة .. فقال للابان ما هذا الذي صنعت بي .. أليس براحيل خدمت عندك فلماذا خدعتني .. فقال لابان لا يُفعل هكذا في مكاننا أن نعطي الصغيرة قبل البكر “ ( تك 29 : 22 – 26 ) .. لم يرد يعقوب ليئة بل أراد راحيل .. لكن .. حدث ليعقوب لون من ألوان الخداع كما فعل من قبل في عيسو وكأن الله يقول له أنت لم تنتظر أن أعطيك البكورية لكنك أخذتها بتحايُل وخداع .. الآن اختبِر الخداع الذي فعلته من قبل بأُسلوب بشري .
قال لابان ليعقوب إحتفل بليئة أسبوع ثم تأخذ راحيل وتعمل بها سبع سنين أخرى .. يعقوب أخذ ليئة زوجة له بعد سبع سنين عمل واتخذ راحيل زوجة وعمل بعدها سبع سنين .. هكذا في العهد الجديد تأخذ النعمة ثم تعمل بها .. تأخذ المعمودية ثم تجاهد بينما في العهد القديم تعمل أولاً ثم تنال البركة .. الآن تأخذ البركة مُقدماً المهم أن تحافظ عليها .
” ففعل يعقوب هكذا .. فأكمل أسبوع هذه فأعطاه راحيل ابنتهُ زوجةً له “ ( تك 29 : 28 ) .. ثم نرى تدابير الله التي عملت من خلال ليئة وراحيل وأن ليئة أنجبت أولاً لأنها تُشير لكنيسة العهد القديم ثم أنجبت راحيل في النهاية لأنها تُشير لكنيسة العهد الجديد .. صار ليعقوب أربعة زوجات ليئة وزلفة جاريتها وراحيل وبلهة جاريتها .
أنجبت أولاً ليئة أربعة بنين ثم أنجبت بلهة جارية راحيل له ابنان ثم أعطته ليئة زلفة جاريتها فأنجبت له ابنان .. ثم أنجبت ليئة ابنان آخران .. فصار أولاد ليئة ستة بنين ثم افتقد الله راحيل فولدت له ابنان .. توقفت ليئة عن الإنجاب مرة بعد الابن الرابع أي بعد يهوذا أي المسيح .. صارت الكنيسة في عقم لأنها لم تقبل المسيح وفي النهاية ستلد .. هذه هي كنيسة العهد القديم التي ستدخل في النهاية .
لو عملت دراسة لكرامة الأسباط وأسماءهم ثم ترى سفر الرؤيا ستجد أنه يذكر أبناء راحيل أولاً .. كنوز تجدها في الإنجيل .. سترى ترتيبات مختلفة للأسباط في أجزاء مختلفة في الكتاب في كل جزء ترتيب للأسباط مختلف عن الجزء الآخر وكل ترتيب له معنى وإشارة روحية جميلة المهم أن تفهم قصد الله وتعرف أن المسيح موجود وصوته واضح في العهد القديم .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
بين يعقوب والمسيح ج2
الهروب من الشر :
=====================
لما بارك إسحق إبنه يعقوب خرج يعقوب ودخل بعده عيسو أخيه وقال لإسحق قد أحضرت ما طلبته فباركني الأن يا أبي .. فقال إسحق قد باركتك .. أجابهُ عيسو لا يا أبي .
من سفر التكوين بركاته على جميعنا أمين .. [ وحدث عندما فرغ إسحق من بركة يعقوب ويعقوب قد خرج من لدن إسحق أبيه أن عيسو أخاه أتى من صيده .. فصنع هو أيضاً أطعمةً ودخل بها إلى أبيه وقال لأبيه ليقُم أبي ويأكل من صيد ابنهِ حتى تُباركني نفسك .. فقال له إسحق أبوه من أنت .. فقال أنا ابنك بكرك عيسو .. فارتعد إسحق ارتعاداً عظيماً جداً .. وقال فمن هو الذي اصطاد صيداً وأتى به إليَّ فأكلت من الكل قبل أن تجئ وباركتهُ .. نعم ويكون مباركاً ] ( تك 27 : 30 – 33 ) .
كان يمكن لإسحق أن يقول قد خدعني شخص سأتراجع عن كلامي .. لكننا وجدناه يقول " نعم يكون مُباركاً " .. هذا يعني أن الروح هو الذي يقود الأحداث .. [ فعندما سمع عيسو كلام أبيه صرخ صرخةً عظيمةً ومُرةً جداً وقال لأبيه باركني أنا أيضاً يا أبي .. فقال قد جاء أخوك بمكرٍ وأخذ بركتك .. فقال ألا إن اسمهُ دُعيَ يعقوب .. فقد تعقبني الآن مرتين .. أخذ بكوريتي وهوذا الآن قد أخذ بركتي ] ( تك 27 : 34 – 36 ) .. عيسو استهان بالبكورية ولكنه لم يُدرك أن البركة والبكورية مرتبطين معاً .
[ ثم قال أما أبقيت لي بركةً .. فأجاب إسحق وقال لعيسو إني قد جعلتهُ سيداً لك ودفعت إليه جميع إخوته عبيداً وعضدتهُ بحنطةٍ وخمرٍ .. فماذا أصنع إليك يا ابني .. فقال عيسو لأبيه ألكَ بركة واحدة فقط يا أبي .. باركني أنا أيضاً يا أبي .. ورفع عيسو صوتهُ وبكى .. فأجاب إسحق أبوه وقال له هوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك وبلا ندى السماء من فوق .. وبسيفك تعيش ولأخيك تُستعبد ولكن يكون حينما تجمح أنكَ تُكسر نيرهُ عن عُنقك ] ( تك 27 : 36 – 40 ) .
موقف صعب لماذا بركة واحدة ؟ لأن ربنا يسوع من كم نسل جاء ؟ أتى من نسل واحد وهو من نسل إسحق .. الأمر يسير في اتجاه واحد .. ماذا حدث بعد ذلك ؟ .. [ فحقد عيسو على يعقوب من أجل البركة التي باركهُ بها أبوه .. وقال عيسو في قلبه قرُبت أيام مناحة أبي .. فأقتُل يعقوب أخي ] ( تك 27 : 41 ) .. قال عيسو أن أبوه قد كبر في العمر فليقتُل يعقوب حتى ينال هو البركة قبل موت أبيه .. حِيَل بشرية للأسف تُزيد الفجوة ولا تحل المشكلة .
[ فأخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الأكبر .. فأرسلت ودعت يعقوب ابنها الأصغر وقالت له هوذا عيسو أخوك مُتسلٍ من جهتك بأنه يقتُلك .. فالآن يا ابني اسمع لقولي وقم اهرب إلى أخي لابان إلى حاران وأقم عنده أياماً قليلةً حتى يرتد سخط أخيك .. حتى يرتد غضب أخيك عنك وينسى ما صنعت به ] ( تك 27 : 42 – 45 ) .. رفقة تقول " أيام قليلة " لأن رفقة تحب يعقوب ولا تستطيع الإبتعاد عنه لكن حيلتها جعلته يبتعد .. هي تخيلت أنها أيام قليلة لكن يعقوب ظلَّ عشرون سنة عند لابان وماتت رفقة قبل عودة يعقوب .
دخلت رفقة لاسحق وقالت له قصة بينما قالت ليعقوب اهرب .. [ ثم أُرسِل فآخذك من هناك .. لماذا أُعدم اثنيكما في يومٍ واحدٍ ] ( تك 27 : 45 ) .. رفقة عقل مدبر .. ثم قالت لاسحق [ مللت حياتي من أجل بنات حث .. إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الأرض فلماذا لي حياة ] ( تك 27 : 46 ) .. دخلت على إسحق بقصة .
[ فدعا إسحق يعقوب وباركهُ وأوصاه وقال له لا تأخذ زوجةً من بنات كنعان .. قم اذهب إلى فدان أرام إلى بيت بتوئيل أبي أمك وخذ لنفسك زوجةً من هناك من بنات لابان أخي أمك .. والله القدير يُباركك ويجعلك مُثمراً ويُكثِّرك فتكون جمهوراً من الشعوب .. ويُعطيك بركة إبراهيم لك ولنسلك معك لترث أرض غربتك التي أعطاها الله لإبراهيم .. فصرف إسحق يعقوب فذهب إلى فدان أرام إلى لابان بن بتوئيل الأرامي أخي رفقة أم يعقوب وعيسو ] ( تك 28 : 1 – 5 ) .
يعقوب يهرب من الشر والهروب من الشر يُذكرنا بهروب ربنا يسوع من وجه هيرودس .. [ قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر ] ( مت 2 : 13) .. هيرودس يتعقب يسوع ليقتله ورسالته لم تُكتمل فهرب .
طاعة يعقوب لوالديه :
=========================
دعا إسحق يعقوب وقال له إذهب إلى فدان أرام إلى لابان بن بتوئيل وخذ لنفسك زوجة من هناك .. يعقوب شخصية هادئة مُطيعة .. أطاع رفقة أمه والأن يُطيع إسحق أبيه .. [ وأنَّ يعقوب سمع لأبيه وأمه وذهب إلى فدان أرام ] ( تك 28 : 7 ) .. نحن نأخذ أجزاء مُضيئة من حياة الشخص .. أبونا يعقوب كان مُطيع كالمسيح له المجد كان مُطيع للعذراء مريم ويوسف البار كما قال عنه الكتاب [ وكان خاضعاً لهما ] ( لو 2 : 51 ) .
لم يُعاتب إسحق يعقوب إبنه بكلمة بل أكد لعيسو بركة يعقوب وقال له ستكون بلا دسم الأرض مسكنك وبلا ندى السماء من فوق و ....... ونادى يعقوب وقال له [ الله القدير يُباركك ويجعلك مُثمراً ويُكثِّرك فتكون جمهوراً من الشعوب .. ويُعطيك بركة إبراهيم لك ولنسلك معك لترث أرض غربتك التي أعطاها الله لإبراهيم .. فصرف إسحق يعقوب ] .. الله تمم إرادته عن طريق أشخاص وكأن الله يقود الأمور ويُحركها فسمح أن يعقوب يُبارَك بهذه الطريقة لأنه وعده بالبركة من بطن أمه .. [ الكبير يُستعبد للصغير ] ( رو 9 : 12) .
الموت والقيامة :
===================
يعقوب مُدلل وليس ذو مسئولية وطبعه رقيق ويعلم أنه خرج بمشكلة وأن عيسو شرس ويتعقبه وأيضاً يعقوب يشعر بالذنب مما فعله بعيسو .. [ فخرج يعقوب من بئر سبعٍ وذهب نحو حاران .. وصادف مكاناً وبات هناك لأن الشمس كانت قد غابت ] ( تك 28 : 10 – 11) .. الطريق صار ظلمة ولم يستطع يعقوب إكمال المسير فنام .. [ وأخذ من حجارة المكان ووضعهُ تحت رأسهِ فاضطجع في ذلك المكان ] .. نجد هنا بعض العبارات السرية وهي " الشمس كانت قد غابت " .. و " أخذ حجارة " .. و " اضطجع ".
[ ورأى حُلماً وإذا سُلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء .. وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها .. وهوذا الرب واقف عليها فقال أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحق .. الأرض التي أنت مُضطجع عليها أُعطيها لك ولنسلك ويكون نسلك كتراب الأرض وتمتد غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً .. ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض .. وها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به .. فاستيقظ يعقوب من نومه وقال حقاً إن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم .. وخاف وقال ما أرهب هذا المكان .. ما هذا إلا بيت الله وهذا باب السماء .. وبكَّر يعقوب في الصباح ] ( تك 28 : 12 – 18 ) .
هذا مشهد الصليب .. الشمس غائبة وهو اضطجع ورأى سُلم منصوب للسماء واستيقظ وبكَّر وأخذ وعد بالرجوع .. موت وقيامة .. يعقوب رسم صورة حية لعمل المسيح على الصليب .. [ ولما كان المساء ........ وضعهُ في قبرٍ كان منحوتاً ] ( مر 15 : 42 – 46 ) .. لذلك قال " أخذ حجارة " .. أمور تُمهد لعمل المسيح على الصليب .. [ أنا اضطجعت ونمت ثم استيقظت ] ( مز 3 : 5 ) .. هذا ما فعلهُ أبونا يعقوب .. والسُلم المنصوب للسماء هو الصليب الذي صالح الأرض بالسماء وجعل رؤية الأمور السماوية مُتاحة للأرضيين وصنع تواصُل .. والإنسان المطرود من حضرة الله وجد وسيلة تصِله بالسماء وهي الصليب .. هل تريد أن تتمتع برؤية الله والملائكة ؟ بالصليب .. يقول بعض الآباء أن السُلم هو العذراء مريم التي صارت طريق للصلح بين السماء والأرض .
مشاهد الكتاب مملوءة عزاء وبهجة وفرح .. تأمل المشهد وادخل عمقه وتمتع بالبركة .. [ وأخذ الحجر الذي وضعهُ تحت رأسهِ وأقامهُ عموداً وصب زيتاً على رأسهِ ] ( تك 28 : 18) .. ما هو الزيت ؟ هو الروح القدس الذي حل بعد القيامة ..
1/ الشمس غابت 2/ أخذ حجر 3/ اضطجع
4/ بكَّر في الصباح 5/ صب زيت
مشاهد الموت والقيامة وحلول الروح القدس رأيناها في أبينا يعقوب .
دعا يعقوب ذلك المكان بيت إيل أي العُلية أي الكنيسة .. ما هي الكنيسة ؟ هي صليب وقيامة وعمل الروح القدس .. الكنيسة هي حجر صُبَّ عليهِ زيت .. ومن هنا أتت فكرة تدشين المذبح .. عندما يُصب زيت على حجر يُدشن ويسكن الروح القدس ذلك المكان ولم يعد بعد حجارة بل صار موضع سكنى الله .. بيت إيل .
[ ونذر يعقوب نذراً قائلاً إن كان الله معي وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه وأعطاني خبزاً لآكل وثياباً لألبس ] ( تك 28 : 20 ) .. أبونا يعقوب رجل بسيط يريد أن يأكل ويلبس فقط أي يريد أن يحيا حياة بسيطة وعندما عاد قال تذكرت هذا المكان .. أنا خرجت بعصاي وكان طلبي حياة بسيطة ملبس وطعام فقط .. صغير أنا عن جميع ألطافك يا الله .. [ ورجعت بسلام إلى بيت أبي يكون الرب لي إلهاً .. وهذا الحجر الذي أقمتهُ عموداً يكون بيت الله وكل ما تعطيني فإني أُعشِّرهُ لك ] ( تك 28 : 21 – 22 ) .. بيت لله .. أي أقام كنيسة .
ذلك العصر كان مشهور بالعبادات الوثنية فكان معروف أن الوثن له مقر .. وحتى أولاد الله تأثروا بذلك الفكر وتخيلوا أن الله في مكان العبادة فقط ولذلك عندما ذهب أبونا إبراهيم إلى مصر لم يُصعد ذبيحة وعندما عاد إلى حاران أصعد الذبيحة .. وكذب لأنه يعلم أن مصر ليس بها الله بل موجود في حاران .. هذا فكر أخذوه من الفكر الوثني أن الله محدود في مكان .
حجر وَضَع يعقوب عليه رأسه ونام ورأى به رؤية سماوية .. وصب عليه زيت .. مادام يعقوب مُدلل في بيت أبيه كانت بركات كثيرة تنتظره لكنه كان محروم منها وعندما خرج من بيت أبيه نالها .. عندما كان يضع ثقته في والديه كان السُلم موضوع ولم يراه لكن عندما خرج من اطمئنان والديه ووضع رأسه على حجر في العراء رأى رؤية سماوية .
ليتك لا تضع اطمئنان لنفسك بمن حولك .. أحياناً يريد ربنا يسوع أن يدخل وأنت لا تعطيه الفرصة بارتباطك بمن حولك .. إخلي المكان ليسوع وسترى بركات كثيرة تنتظرك المهم أن تشعر أنك أنت والله فقط في العالم .. أحياناً يسمح الله لك بتجارب لتعرف أن سلامك في الله وعزاءك في الله وليس في رفقة وإسحق .. لن تسمع صوت الله وترى السُلم كما فعل مع يعقوب وتنال بركة مادمت مع رفقة وإسحق .
[وها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به ] .. هذه كلها وعود الله له .. ونلاحظ أن الله لم يُعاتب يعقوب بكلمة واحدة عما فعله مع أخيه .. نعم قد يكون عاقبهُ فيما بعد لكن الأن ليس وقت عتاب لأن يعقوب كانت حالته النفسية مُرَّة .. بينما فيما بعد قال له الله أنت خدعت ستُخدع وتختبر ما فعلتهُ مع أخيك وأبيك .. معاملات الله معنا جميلة وقوية .. [ الإتكال على الرب خير من الإتكال على البشر .. الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء ] ( مز 118 : 8 – 9 ) .. ضع ثقتك في الله .
ترك أبونا يعقوب الحجر وسار في طريقه .. الحجر كان بالنسبة ليعقوب سُلم للسماء وصوت الله وبيت الله ورؤيا .. بعد مدة لو مر شخص آخر على هذا الحجر ماذا يُمثل له ؟ لا شئ .. الأمور الروحية تختلف من شخص لآخر .. من يعرف قيمتها ؟ من يعرف قيمة الكنيسة ؟ هو من تذوقها وتذوق مواعيد الله والبركة .. ماذا تُمثل لي الكنيسة والمذبح ؟ كثيرون المذبح بالنسبة لهم مكان مثل أي مكان وآخرون المذبح بالنسبة لهم سماء .. [ إذا ما وقفنا في هيكلك المقدس نُحسب كالقيام في السماء ] .. بركات وملائكة وقديسين والله و ...... والذي لم يستمتع بمذاق هذه البركات يكون المذبح بالنسبة له مكان عادي .
يُحكى عن المتنيح البابا كيرلس السادس أنه عندما تصدُر أي حركة من شخص في المذبح أو كان شماس يخلع ملابس الخدمة ويضعها على المذبح كان ينتهره لأنه كان يشعر أنه في السماء وليس في مكان أرضي .. بينما آخر يتخيل أن المذبح ما هو إلا حجر .. لا .. هذا موضِع سُكنى الله .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
ابينا يعقوب كرمز للمسيح
من سفر التكوين إصحاح 25 : 19 – 34 .. { وهذه مواليد إسحق بن إبراهيم .. ولد إبراهيم إسحق وكان إسحق إبن أربعين سنةً لما اتخذ لنفسه زوجةً .. رفقة بنت بتوئيل الأرامي .. أخت لابان الأرامي من فدان أرام .. وصلى إسحق إلى الرب لأجل امرأته لأنها كانت عاقراً .. فاستجاب له الرب فحبلت رفقة امرأته .. وتزاحم الولدان في بطنها فقالت إن كان هكذا فلماذا أنا ؟ فمضت لتسأل الرب .. فقال لها الرب في بطنك أمتان ومن أحشائك يفترق شعبان شعب يقوى على شعبٍ وكبير يُستعبد لصغيرٍ .. فلما كملت أيامها لتلد إذا في بطنها توأمان .. فخرج الأول أحمر كله كفروة شعرٍ فدعوا اسمه عيسو .. وبعد ذلك خرج أخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعى اسمه يعقوب .. وكان إسحق ابن ستين سنة لما ولدتهما .. فكبر الغلامان وكان عيسو إنساناً يعرف الصيد .. إنسان البرية .. ويعقوب إنساناً كاملاً يسكن الخيام .. فأحب إسحق عيسو لأن في فمه صيداً .. وأما رفقة فكانت تحب يعقوب .. وطبخ يعقوب طبيخاً فأتى عيسو من الحقل وهو قد أعيا .. فقال عيسو ليعقوب أطعمني من هذا الأحمر لأني قد أعييت لذلك دُعي اسمه أدوم .. فقال يعقوب بعني اليوم بكوريتك .. فقال عيسو ها أنا ماضٍ إلى الموت فلماذا لي بكورية ؟ فقال يعقوب إحلف لي اليوم .. فحلف له فباع بكوريته ليعقوب .. فأعطى يعقوب عيسو خبزاً وطبيخ عدسٍ فأكل وشرب وقام ومضى فاحتقر عيسو البكورية } .
قصة تبدو عادية لكن أبونا يعقوب مملوء برموز للسيد المسيح .. يعقوب شخصية مملوءة بضعفات .. مكر وخداع وكذب وحيل بشر ومع ذلك نقول إنه رمز للمسيح .. قد تقول ليتك تختار شخص آخر يرمز للمسيح يكون به صفات أفضل من يعقوب .. لكن نجيب ونقول أن الله إستخدم كل إنسان .. إستخدم البشرية بكمال ضعفها .. رغم كل ضعفات يعقوب قال عنه الكتاب { يعقوب إنساناً كاملاً يسكن الخيام } .. عبارة أعلى من يعقوب لذلك عندما تقرأها لا تفكر في يعقوب عندئذٍ وفكر في المسيح الذي في يعقوب .
مثلما قال الكتاب عن إبراهيم { فقال الرب هل أُخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله } ( تك 18 : 17) .. هل الله يقول لإبراهيم كل شئ ؟ .. لا .. لكنه يريدك أن تفكر في الإبن المذخر فيه كل كنوز معرفة الآب .. هنا يعقوب يرمز للمسيح في كماله .. نعم ربنا يسوع كماله مطلق لكن رغم أن أبينا يعقوب مملوء ضعفات لكنه أيضاً مملوء بركات كما قال الكتاب { بركات أبيك فاقت على بركات أبويَّ } ( تك 49 : 26) .. الله سمح إنه يكون أب لأسباط إسرائيل وسُميت الأمة اليهودية بإسمه وليس بإسم إسحق .. إذاً هو شخصية مهمة لليهود بل هو جذر الأمة اليهودية .
مراحل حياة أبينا يعقوب :
=============================
ثلاثة مراحل مرت في حياة أبينا يعقوب :0
1. مرحلة في بيت أبيه إسحق وترمز لمرحلة الناموس والأنبياء .. أي مرحلة ما قبل المسيح .. هذه هي مرحلة وجود يعقوب في بيت أبيه .
2. مرحلة أخذ البكورية وهروبه من بيت أبيه وترمز لمرحلة المسيح البكر لذلك كانت مرحلة تشتيت ومطاردة ورفض وهذا ما حدث مع السيد المسيح كانت تشتيت للأمة اليهودية .. فبرغم أن يعقوب صار غني جداً إلا أنه كان مُشتت .. هكذا الأمة اليهودية الآن مشتتة رغم أنهم أغنياء جداً ومتحكمين في الإقتصاد بخبث ومكر .
3. مرحلة الرجوع إلى بيت أبيه ترمز لمرحلة تجميع الأمة اليهودية .
جيد أن تدرس كل شخص وبجانبه المسيح لأن كل غوامضه وروائعه لن تفهمها إلا في المسيح يسوع .
الكمال :
========
قيل عن أبينا يعقوب أنه { إنساناً كاملاً يسكن الخيام } .. عندما تقرأ عبارة مثل * إنسان كامل .. جبار بأس .. مُخلص * كما قيل عن يوسف العفيف .. هي كلمات فوق قدرة الشخص لذلك أنظر إلى المسيح الذي في الشخص .. أبونا يعقوب كماله نسبي لكنه رمز لكمال المسيح المُطلق رغم إنه أخذ شكلنا البشري .. أبونا يعقوب كماله نسبي بينما كمال المسيح كمال مطلق .. { ولم يكن في فمه غش } ( أش 53 : 9 ) .
إنسان الجسد وإنسان الروح :
==================================
لماذا يعقوب بالأخص جاء بجانبه شخص ؟ دائماً في كل مرحلة من مراحل حياة أبينا يعقوب عيسو لم يتركه رغم أن يعقوب تركه إلا أن عيسو كان دائماً يتعقبه حتى في فترة هروبه إلى لابان كان عيسو في ظله لأنه كان هارب منه .. هذا إشارة إلى إنسان الجسد وإنسان الروح .. عيسو لا ينفصل عن يعقوب .. البركة في إنسان الروح والحرب في إنسان الجسد .. الشراسة في إنسان الجسد والهدوء في إنسان الروح .. { الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر } ( غل 5 : 17) .
خرج أولاً عيسو ويتعقبه يعقوب .. كان مُمسك بعقبه .. هذا إشارة إلى إنسان الروح والجسد .. لذلك يقول أن عيسو إشارة لآدم ويعقوب إشارة للمسيح .. عيسو يشير لإنسان الجسد إلى آدم الأول ويعقوب يشير لإنسان الروح إلى آدم الثاني .. من الذي أتى أولاً ؟ آدم الأول ومنه جاء الموت لذلك كان محتاج إلى علاج .. يقول لا تخف العلاج يتعقبه .. أي حرب من حركات الجسد لا تخف منها لأنه يتعقبها يعقوب إنسان الروح .. لذلك يقول معلمنا بولس الرسول { الإنسان الأول من الأرض ترابي .. الإنسان الثاني الرب من السماء } ( 1كو 15 : 47 ) .. { صار آدم الإنسان الأول نفساً حية وآدم الأخير روحاً محيياً } ( 1كو 15 : 45 ) .. { كأنما بإنسانٍ واحدٍ دخلت الخطية إلى العالم .... } ( رو 5 : 12) .. الإثنان في بطن رفقة يتزاحمان .. { في بطنك أمتان } .. في الحياة تيارين شر وخير .. نعم الشر يزداد لكن هناك صوت إلهي يتعقب الإنسان .. بينما في السماء يوجد تيار واحد .
صار بكراً :
============
الإنسان الأول عيسو قال ليعقوب { أطعمني من هذا الأحمر } .. نحن نعلم أن يعقوب كان متعجل .. نعم الله قال قبل أن يولد { كبير يُستعبد لصغيرٍ } .. لكن يعقوب أراد أن ينفذ هذا الأمر بفكره .. فقال لعيسو أعطني البكورية .. لكن للأسف عيسو إنسان لا ينظر إلى الله .. كانت البكورية في العهد القديم تمثل قوة النسل وفيه يأتي المسيح .. لذلك عيسو باع المسيح عندما باع البكورية وأيضاً رفضه .. أيضاً البكر هو الكاهن الذي يقود العائلة ويقدم عنها ذبائح لذلك كان مقدس .
عيسو رفض كل هذه البركات وقال { أنا ماضٍ إلى الموت } .. هل تبيع البكورية بقليل عدس ؟ بركات جميلة وعظيمة تضيع من الإنسان بسبب أمور تافهة .. ولننظر إلى شمشون بماذا باع البركة ؟ عيسو باع البكورية هذا آدم الأول .. آدم كانت سقطته بالطعام وعيسو أيضاً سقطته بالطعام .. آدم إشتهى وأكل وعيسو إشتهى وأكل .. بينما يعقوب إنسان الروح إنسان جهاد يعقب إنسان الجسد ويأخذ منه البكورية .. آدم الثاني صار بكر الخليقة كلها .. يعقوب كان ترتيبه الثاني ورغم ذلك صار الأول هكذا المسيح ترتيبه الثاني آدم الثاني لكنه صار بكر الخليقة كلها .. وكما صار بآدم الأول الموت هكذا صار بآدم الثاني المسيح الحياة وصار مسئول عن الخليقة كلها .. صار كاهن الخليقة كلها وقدم نفسه عن الخليقة كلها وذلك لأن آدم الأول إستهتر بالبكورية .. إستهتر بصورة الله فيه .. لذلك جاء المسيح ليسحق الشيطان على الصليب .. تعقبه وسحق عقبه .. يعقوب تعقب عيسو .
صار يعقوب هو البكر وحلف عيسو ليعقوب وباع بكوريته واستهان بها .. معقول شهوة ضئيلة تُفقد الإنسان مجده وأبديته ؟ هكذا نحن كثيراً ما نبيع الأبدية بأمور تافهة .. ربنا يسوع يقول لك أريدك أن تكون كاهن الأسرة لكنك تقول له ليس لديَّ وقت .. الإنسان يجب أن يعيش اللحظة .. يعقوب صار كاهن الأسرة البكر لأن البكر يأخذ نصيب إثنين ويأتي منه المسيح ويأخذ قوة النسل .. لكن عيسو لم ينظر إلى كل هذه البركات .
لبس طبيعتنا البشرية :
==========================
في سفر التكوين إصحاح 27 : 1 – 29 .. { وحدث لما شاخ إسحق وكلَّت عيناه عن النظر أنه دعا عيسو إبنه الأكبر وقال له يا ابني .. فقال له هأنذا ( لم يكن إسحق قد عرف ما قد حدث بين ولديه ) .. فقال إنني قد شخت ولست أعرف يوم وفاتي فالآن خذ عدتك .. جعبتك وقوسك واخرج إلى البرية وتصيد لي صيداً واصنع لي أطعمة كما أحب وأتني بها لآكل حتى تباركك نفسي قبل أن أموت .. وكانت رفقة سامعة إذ تكلم إسحق مع عيسو إبنه .. فذهب عيسو إلى البرية كي يصطاد صيداً ليأتي به .. وأما رفقة فكلمت يعقوب إبنها قائلةً إني قد سمعت أباك يكلم عيسو أخاك قائلاً ائتني بصيدٍ واصنع لي أطعمةً لآكل وأباركك أمام الرب قبل وفاتي .. فالآن يا ابني اسمع لقولي في ما أنا آمرك به .. اذهب إلى الغنم وخذ لي من هناك جديين جيدين من المعزى فأصنعهما أطعمةً لأبيك كما يحب .. فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى يباركك قبل وفاته .. فقال يعقوب لرفقة أمه هوذا عيسو أخي رجل أشعر وأنا رجل أملس .. ربما يجسني أبي فأكون في عينيه كمتهاونٍ وأجلب على نفسي لعنة لا بركة .. فقالت له أمه لعنتك عليَّ يا ابني .. اسمع لقولي فقط واذهب خذ لي .. فذهب وأخذ وأحضر لأمه فصنعت أمه أطعمةً كما كان أبوه يحب .. وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت وألبست يعقوب ابنها الأصغر .. وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديى المعزى وأعطت الأطعمة والخبز التي صنعت في يد يعقوب ابنها .. فدخل إلى أبيه وقال يا أبي .. فقال هأنذا .. من أنت يا ابني ؟ فقال يعقوب لأبيه أنا عيسو ( الأمر كله خداع في خداع ) بكرك قد فعلت كما كلمتني .. قم اجلس وكُل من صيدي لكي تباركني نفسك .. فقال إسحق لابنه ما هذا الذي أسرعت لتجِد يا ابني ؟ فقال إن الرب إلهك قد يسر لي .. فقال إسحق ليعقوب تقدم لأجسك يا ابني أأنت هو ابني عيسو أم لا ؟ فتقدم يعقوب إلى إسحق أبيه فجسه وقال الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو ولم يعرفه لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه فباركه .. وقال هل أنت هو ابني عيسو ؟ فقال أنا هو ( ثالث مرة يخادع ) .. فقال قدم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي .. فقدم له فأكل وأحضر له خمراً فشرب .. فقال له إسحق أبوه تقدم وقبِّلني يا ابني .. فتقدم وقبَّله فشم رائحة ثيابه وباركه .. وقال انظر ! رائحة ابني كرائحة حقلٍ قد باركه الرب فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض وكثرة حنطةٍ وخمرٍ .. ليستعبد لك شعوب وتسجد لك قبائل .. كن سيداً لإخوتك وليسجد لك بنو أمك .. ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين } .. كل هذه بركات في المسيح يسوع .
الثياب يعقوب رمز للمسيح ونحن تباركنا فيه ولما تباركنا فيه لبس هو ثيابنا أي جسدنا وأخذ طبيعتنا .
الشعرويرمز للخطايا .. أي ربنا يسوع أخذ طبيعتنا وحمل خطايانا .
ربنا يسوع أخذ جسد من السيدة العذراء وصارت طبيعته كطبيعتنا وأخذ صورة إنسان لكي يُخبئ داخلها طبيعته كما فعل أبونا يعقوب لبس ثياب عيسو ليختبئ داخلها .. ربنا يسوع كان في صورة إنسان وجلسوا معه وسمعوا صوته و ..... إذاً هذا ثوبه وعلامات إنسانيته وكما يقول الكتاب { والكلمة صار جسداً وحل بيننا } ( يو 1 : 14 ) .. وكلمة * حل بيننا * في اللغة اليونانية تعني * نصب خيمته * .. أخذ ثياب عيسو الإنسان الجسداني .. ربنا يسوع أخذ جسدنا الإنسان الفاسد وحوَّله إلى غير فساد .
أما الشعر فهو يرمز للخطية .. لماذا ؟ لأنه مادة تنبت من الجسد .. نعم هو شئ ظاهري لكن منبته من الجسد لذلك الشخص النذير لا يحلق شعره كأنه قد ترك خطاياه خلفه .. الشعر رمز للفساد فساد الإنسان الداخلي لذلك اليد والعنق ليس بهما شعر وعندما لمس إسحق يعقوب وجده كعيسو .. هكذا عدو الخير الشيطان يرى ربنا يسوع ويتخيل أنه إنسان { حمل الله الذي يرفع خطية العالم } ( يو 1 : 29) .. يعقوب أملس لكنه لبس شعر لكي يصير مثل عيسو .. ربنا يسوع أملس بلا خطية لكنه إتحد بالناسوت رمز للمسيح المتجسد الذي بلا خطية لكنه صار خطية لأجلنا .. حامل خطايانا لذلك كما قال أشعياء النبي { حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين } ( أش 53 : 12) .. حمل في نفسه خطايانا لكي يُلبسنا البر .. الذي لا يوجد في فمه غش حمل خطايانا .
لذلك أبونا إسحق قال كلمة محيرة { الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو } .. ربنا يسوع إحتاروا فيه ويتساءلون من أنت ؟ حتى أنه سأل تلاميذه { من يقول الناس إني أنا ؟ } ( مر 8 : 27 ) .. أجابوه حتى الآن الناس لم يعرفوك البعض قال أنك يوحنا والبعض قال أنك نبي و ..... فخاف أن يكون حتى التلاميذ أنفسهم لم يعرفوه فسألهم { وأنتم من تقولون إني أنا ؟ } ( مر 8 : 29 ) .. وفرح جداً عندما قال له بطرس { أنت هو المسيح إبن الله الحي } ( مت 16 : 16) .. أحسنت يا معلمنا بطرس أنك عرفتني رغم إني لبست الشعر .. رغم أنه قيل عني كلمات بها إفتراء لكنك عرفتني .. صوتي صوت يعقوب لكن شكلي شكل عيسو .
ربنا يسوع به الطبيعتان ينام في السفينة وينتهر الريح فتسمع له .. يبكي على لعازر ويأمره فيقوم .. من أنت ؟ أنا الصوت صوت يعقوب والشكل شكل عيسو .. به الطبيعتان رغم أن شكله مثلنا أخذ جسدنا لكنه بلا خطية .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
اسحق كرمز للمسيح ج3
سفر التكوين 24 نجد فيه أمر بديع ومعاني سرية تفوق الزيجة والخطوبة وكل كلمة لها قصة ...
قصة زواج إسحق :
=======================
{ وشاخ إبراهيم وتقدم في الأيام .. وبارك الرب إبراهيم في كل شيءٍ .. وقال إبراهيم لعبده كبير بيته المستولي على كل ما كان له } .. « عبده كبير بيته المستولي على كل ما كان له » قول مبالغ فيه مثل قوله « هل أخفي عن عبدي إبراهيم ما أنا فاعله » .. فليس من المعقول أن الله يعرَّف أبينا إبراهيم كل شئ .. لكن هذه عبارة مسيانية هكذا هذه العبارة التي تتكلم عن عبد إبراهيم كبير بيته المستولي على كل ما كان له يقصد بها الروح القدس الأمين الخاضع والمستولي على كل ما له .. { ضع يدك تحت فخذي فأستحلفك بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا تأخذ زوجةً لابني من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكن بينهم .. بل إلى أرضي وإلى عشيرتي تذهب وتأخذ زوجةً لابني إسحق } .. قديماً عندما كان شخص يريد أن يحلف على أمر غالي كان يضع يده تحت فخذه لأن الفخذ كان يرمز للنسل أي كأنه يحلف بنسله .. أبونا يعقوب جعل يوسف يضع يده تحت فخذه لكي لا يدفنه في مصر لذلك قال الكتاب أنه { أوصى من جهة عظامه } ( عب 11 : 22 ) .
هنا أبونا إبراهيم إستحلف أليعازر الدمشقي أن لا يأخذ زوجة لإبنه إسحق من هذه الأرض .. { فقال له العبد ربما لا تشاء المرأة أن تتبعني إلى هذه الأرض .. هل أرجع بابنك إلى الأرض التي خرجت منها .. فقال له إبراهيم إحترز من أن ترجع بابني إلى هناك } ( 5 – 6 ) .. لا تخف سيرسل الله ملاك يمهد لك الطريق .. { الرب إله السماء الذي أخذني من بيت أبي ومن أرض ميلادي والذي كلمني والذي أقسم لي قائلاً لنسلك أعطي هذه الأرض هو يرسل ملاكه أمامك فتأخذ زوجةً لابني من هناك } .. من هذا الملاك ؟ هذا هو يوحنا المعمدان .
الكتاب المقدس ليس قصص يحكي قصة كيف تزوج إسحق أو كيف تزوج كل شخص لكن كل أمر له معنى .. هذه القصة بها أربعة عناصر مهمة هم أبونا إبراهيم .. أليعازر الدمشقي .. إسحق .. ورفقة .. أبونا إبراهيم يمثل الآب .. وأليعازر الدمشقي يمثل الروح القدس .. وإسحق الإبن .. ورفقة تمثل الكنيسة أو النفس البشرية .. الله أرسل الروح القدس ليخطب الكنيسة للمسيح .. ليخطب كل نفس للمسيح .. عمل الروح القدس هو أن يأخذ منه ويعطيك .. ناقل الخيرات .. هذا هو أليعازر الدمشقي .. إسحق هو العريس الإبن .. ورفقة العروس هي النفس .. ملاك الله يهيئ الأمر هو يوحنا المعمدان .
{ وإن لم تشأ المرأة أن تتبعك تبرأت من حلفي هذا .. أما ابني فلا ترجع به إلى هناك .. فوضع العبد يده تحت فخذ إبراهيم مولاه وحلف له على هذا الأمر .. ثم أخذ العبد عشرة جمالٍ من جمال مولاه ومضى وجميع خيرات مولاه في يده } .. جميع خيرات مولاه في يده .. هل جميع خيرات إبراهيم تُوضع على العشرة جمال ؟ بالطبع لا لكنها عبارة مسيانية خلاصية .. فمن الذي أخذ خيرات الآب لينقلها لنا ؟ الروح القدس .. والعشرة جمال هم العشر وصايا .. الوصية تحمل لنا خيرات الله .. هل أخذت يا أليعازر خير أبونا إبراهيم كله ؟ نعم .. الوصية بها خير الله .. الإنجيل به خير الله كله .
لقاء عند البئر :
==================
{ فقام وذهب إلى أرام النهرين إلى مدينة ناحور .. وأناخ الجمال خارج المدينة عند بئر الماء وقت المساء وقت خروج المستقيات } .. أوقف الجمال العشر أي الوصايا عند بئر الماء وقت المساء وكل كلمة من هذه الكلمات لها معنى روحي .. تخرج البنات المستقيات وقت غروب الشمس .. { وقال أيها الرب إله سيدي إبراهيم يسر لي اليوم واصنع لطفاً إلى سيدي إبراهيم } .. أليعازر شخص وفي جميل .. عندما يكون في وضع إختيار يصلي .. { ها أنا واقف على عين الماء وبنات أهل المدينة خارجات ليستقين ماءً .. فليكن أن الفتاة التي أقول لها أميلي جرتك لأشرب فتقول إشرب وأنا أسقي جمالك أيضاً هي التي عينتها لعبدك إسحق وبها أعلم أنك صنعت لطفاً إلى سيدي } .. وضع علامة .. الفتاة التي أقول لها أميلي لأشرب تقول لي إشرب وأنا أسقي جمالك أيضاً .. كون إن البنت تضع جرتها في البئر وترفعها والجرة ثقيلة تحتاج لمن يساعدها فكون أن تملأها وترفعها ثم تعاود الأمر مرة أخرى لأجل شخص فهذا أمر صعب جداً .
{ وإذ كان لم يفرغ بعد من الكلام إذا رفقة التي وُلدت لبتوئيل إبن ملكة إمرأة ناحور أخي إبراهيم خارجة وجرتها على كتفها } .. لم يكن يعرف أن رفقة إبنة أخي إبراهيم .. { وكانت الفتاة حسنة المنظر جداً وعذراء لم يعرفها رجل .. فنزلت إلى العين وملأت جرتها وطلعت } .. في البداية أُعجب أليعازر الدمشقي بشكل رفقة لكن الشكل لا يكفي المهم أن تكون متعاونة .. { فركض العبد للقائها وقال إسقيني قليل ماء من جرتك .. فقالت إشرب يا سيدي وأسرعت وأنزلت جرتها على يدها وسقته } .. أنزلت جرتها عن كتفها ووضعتها على يدها هي وسقته .. { ولما فرغت من سقيه قالت أستقي لجمالك أيضاً حتى تفرغ من الشرب } .. الكتاب كرر كلمة « أسرعت » مرات أي هي لا تعمل لحسابها كأنها تعمل لحسابه هو .
{ فأسرعت وأفرغت جرتها في المسقاة وركضت أيضاً إلى البئر لتستقي .. فاستقت لكل جماله } .. من الواضح أنها ملأت جرتها أكثر من مرة لأن الجمال معروفة أنها تحتمل العطش وأيضاً عندما تشرب تشرب كثيراً .. أليعازر وقف ينظر ويتأمل .. { وحدث عندما فرغت الجمال من الشرب أن الرجل أخذ خزامة ذهبٍ وزنها نصف شاقل وسوارين على يديها وزنهما عشرة شواقل ذهبٍ وقال بنت من أنتِ } .. تقريباً خطبها دون أن يعرف من هي .. من هي رفقة ؟ هي النفس الخادمة الباذلة .. هي الكنيسة جرتها على كتفها لا لتسقي نفسها بل لتسقي أولادها فتُسرع لتروي عطشهم بسرعة وبذل .. أليعازر يتفرس .. الروح القدس يراقب النفس .. كيف تصلي ؟ هل بكسل ؟ كيف تأتي للكنيسة ؟ هل تأتي متأخرة ؟ جالس ليراقب قلب كل شخص .. يتفرس فينا صامتاً .. الروح القدس يقول هذه النفس تستحق مكافأة وأنا معي خير الآب كله .. ماذا أعطاها ؟ أعطاها خزامة ذهب وسوارين ذهب .. خطب النفس للمسيح .
لماذا قال الكتاب عن رفقة « فتاة حسنة المنظر جداً عذراء لم يعرفها رجل » ؟ لأن الكنيسة عروس بلا عيب .. لم يعرفها رجل أي عذراء عريسها المسيح لا تحب غيره ولا ترتبط بغيره لذلك كل نفس لكي يخطبها الروح القدس للمسيح لابد أن يجد بها جمال وعذراوية أي لا ترتبط بمحبة العالم لذلك جاء لها بخزامة وأساور .. { قالت له عندنا تبن وعلف كثير ومكان لتبيتوا أيضاً } .. قال أليعازر في نفسه أن طلبي هو أن أشرب وجمالي تشرب فقط لم أطلب طعام لي ولجمالي ومكان لنبيت لكنها أعلنت له كل هذا .. لذلك النفس الأمينة لله يستريح عندها الله .. { إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً } ( يو 14 : 23 ) .. النفس التي ترحب بسكنى الله داخلها هي نفس عروس للمسيح .. رفقة كانت شخصية قوية وشديدة وفي المستقبل قال عنها الكتاب أنها كانت تميل ليعقوب وليس لعيسو .. دائماً الشخص يميل للذي يُكمل طبعه .. هي كانت شديدة ويعقوب كان وديع فكانت تميل له .
لم يحتمل أليعازر عمل الله معه .. { فخر الرجل وسجد للرب وقال مبارك الرب إله سيدي إبراهيم الذي لم يمنع لطفه وحقه عن سيدي } .. دلَّه الله على أخوه إبراهيم أحب الناس إلى قلبه وعندهم كل الأمور .. رفقة نشيطة .. النفس النشيطة روحياً يحبها الله .. قصت رفقة الأمر كله لأهلها وأرتهم السوارين والخزامة وأليعازر واقف عند الجمال .. أليعازر تقابل مع رفقة عند البئر وقت المساء والمسيح تقابل مع الكنيسة عند المعمودية والصليب ( وقت المساء ) .. وعبارة رفقة أنها جميلة جداً عذراء لم يعرفها رجل فهذه كلها عبارة مسيانية .
{ فقال أدخل يا مبارك الرب .. لماذا تقف خارجاً وأنا قد هيأت البيت ومكاناً للجمال } .. هذه كلمات لابان أخو رفقة لأليعازر .. دعوة إلى الله .. لأن حقيقة لابان لا يستطيع أن نقول عنه أنه على هذه الدرجة من التقوى لكنها خطة دبرها الله لإتمام قصده .. صوت الله لكل نفس يقول تعال يا مبارك الرب لماذا تقف خارجاً وأنا قد هيأت كل شئ لك .. الوليمة مُعدة وبركات وعطايا و ..... كل الأشياء مُعدة لك في بيته فلماذا تقف خارجاً .. الكنيسة تُسمى مستشفى لأنه يدخلها الإنسان مريض فيصح ويُشفى .
أليعازر قال لن أستريح حتى أقول ما عندي .. { لا آكل حتى أتكلم كلامي } .. قال مولاي إبراهيم رجل عظيم وقد تزوج من سارة والآن يريد أن يزوج إبنه واستحلفني أن أتخذ زوجة لإبنه من أرضه و .... فوجدت إبنتكم وقد قدمت لي أعمال كذا وكذا .. وظل أليعازر يحكي ما حدث عند البئر مع رفقة ولابان يستمع له ثم قال لتسمحوا لي أن { آخذ إبنتك لإبن سيدي } .. فقال لابان { من عند الرب خرج الأمر لا نقدر أن نكلمك بشرٍ أو خيرٍ هوذا رفقة قدامك } .. الأمر كله من الله لن أستطيع أن أقول كلمة ولتأخذ رفقة زوجة لإبن سيدك .
{ وكان عندما سمع عبد إبراهيم كلامهم أنه سجد للرب إلى الأرض وأخرج العبد آنية فضة وآنية ذهب وثياباً وأعطاها لرفقة } .. الروح القدس يعزيك ويرى أمانتك وكلما إزدادت أمانتك كلما أعطاك عطايا ومسرات بلا حدود حتى نقول كفانا كفانا .. نفس الجمال التي سقتهم رفقة هم نفس الجمال التي حملتها لإسحق .. أطعمتهم وروتهم فساروا بها وحملوها .. الجمال هي الوصايا التي تريد أن تستريح داخلك إن أرحتها أراحتك وإن أتعبتها أتعبتك .. الله قال لقايين كل من وجدك تظن أنه يريد أن يقتلك فظل هارب .. لكن إن أطعمت الجمال وأشبعتها تسير بك جيداً .
إرتباط دون أن تراه :
=========================
{ فأكل وشرب هو والرجال الذين معه وباتوا .. ثم قاموا صباحاً فقال إصرفوني إلى سيدي } .. قالوا له لتظل معنا عشرة أيام أخرى لتمكث معنا الفتاة .. لكن رفض .. فقالوا له لنسأل الفتاة .. { فدعوا رفقة وقالوا لها هل تذهبين مع هذا الرجل .. فقالت أذهب } .. النفس لا تسر مع الله قهراً بل برضاها .. هل رفقة تعرف إسحق ؟ لا .. لكن أليعازر كلمها عنه .. نحن لم نرى المسيح لكن الروح القدس أخبرنا عنه بكل شئ فأحببناه .. « ذاك الذي لم تروه تحبوه » .. هل تتركي بلدِك وتذهبي إلى رجل لا تعرفيه ؟ نقول لا .. هذا الرجل أجمل وأنقى وسأذهب له .
في الطريق إلى العريس :
=============================
قال لهم أليعازر { لا تعوقوني والرب قد أنجح طريقي } .. أنا في حياتي مازلت أهيئ نفسي بالتوبة ومتى تهيأت لا تعوقوني والمسيح ينتظرني بالمجد .. ذهبت رفقة معه .. { فصرفوا رفقة أختهم ومرضعتها وعبد إبراهيم ورجاله وباركوا رفقة وقالوا لها أنتِ أختنا .. صيري ألوف ربواتٍ وليرث نسلك باب مبغضيه } .. خمسة وعشرون يوماً رحلة من بيتها إلى بيت عريسها ورفقة تسمع من أليعازر عن إسحق يقول لها عريسِك جميل وديع عفيف كل خير أبيه له .. يصف إسحق وهي تزداد شوقاً له .. ولنعتبر هذه الخمسة وعشرون يوماً هي رحلة حياتنا والروح القدس يزيد إشتياقنا ويتوبنا ويعزينا ويرشدنا .. وإن خطر على بال رفقة فكرة الرجوع أثناء الرحلة لن يتركها أليعازر بل يُرجعها عن هذه الفكرة .. أحياناً الإنسان العتيق يريد أن يُرجعنا عن طريقنا لكن الروح القدس يُعيدنا عن هذه الفكرة .
اللقاء مع العريس :
======================
{ وخرج إسحق ليتأمل في الحقل عند إقبال المساء .. فرفع عينيه ونظر وإذا جمال مقبلة ورفعت رفقة عينيها فرأت إسحق } .. أي مجد هو لقاءها بعريسها .. أجمل ما يوصف .. هذه هي لحظة المقابلة السعيدة بين النفس والمسيح .. { فأخذت البرقع وتغطت } .. كان يجب عليها أن تفعل العكس لكن مجد وبهاء ووقار عريسها جعلها تتغطى هكذا نحن أمام المسيح .. أليعازر حكى لإسحق وإبراهيم ما حدث .. الروح القدس كما يعرفنا بالمسيح هكذا يعرفنا للمسيح .. { خطبتكم لرجلٍ واحدٍ لأُقدم عذراء عفيفة للمسيح } ( 2كو 11 : 2 ) .
زواج إسحق من رفقة :
============================
{ فأدخلها إسحق إلى خباء سارة أمه وأخذ رفقة فصارت له زوجة ً وأحبها .. فتعزى إسحق بعد موت أمه } .. سارة هي كنيسة العهد القديم ورفقة هي كنيسة العهد الجديد .. رفقة حلت محل سارة .. إسحق لم يجد فتاة يرتبط بها من مكان سكنه فأخذ فتاة بعيدة .. هذه هي كنيسة الأمم .. نحن الأمم أدخلنا في إيمانه وعزيناه بعد موت أمه لأن كنيسة العهد الجديد صارت تعزية لله بعد كنيسة العهد القديم .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين