المقالات
18 مارس 2023
إنجيل عشية الأحد الثانى من شهر برمهات
تعليم يسوع في الخزانة
تمهيد
حضر المخلص إلى الهيكل وجاء إليه جميع الشعب فجلس في الخزانة ،وهى أحد أروقة الهيكل . وقدم إليه الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت في زنا وحاولوا اصطياده بكلمة يستندون عليها في تقديم شكواهم ضده ولكنهم لم يفلحوا . وأخذ يسوع يلقى تعاليمه الواردة بفصل الإنجيل وفيها أثبت أنه المسيح ، وأنه الذي يحرر المؤمنين به ، وأن عمله هذا هو من قبل أبيه السماوي : يسوع هو المسيح فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست أفعل شيئا من نفسى بل أتكلم بهذا كما علمني أبي . والذي أرسلنى هو معي ولم يتركنى الآب وحدى لأنى في كل حين أفعل ما يرضيه . شهد السيد المسيح عن نفسه أمام اليهود في الخزانة بأنه نور العالم وأنه من فوق ، وكانت شهادته من الوضوح بحيث لو شاءوا أن يفهموها لما عسر عليهم ذلك ، ولكن جهالتهم وكبرياءهم حالتا دون ذلك ، فلم ير بدا من إعلانهم بأنهم سوف يدركون حقيقة أمره حينما يصلبونه فقال : « متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو » .. وسمى صلبه ارتفاعا لأن صليبه ارتفع في الجو فارتفع به شأن البشرية ، ونال به المؤمنون شرفا يجل عن الوصف وقد تحقق إدراك اليهود لحقيقته حينها أبصروا الظلمة التي حدثت وقت صلبه ، والزلزلة ، وانشقاق حجاب الهيكل ، وقيامته وصعوده ، وحلول الروح القدس على تلاميذه ، وتكلمهم بألسنة وعملهم المعجزات ثم قرر أمامهم أنه متحد بالآب في كل فعله ، وأن ما بشر به كان يعلمه منذ الأزل . وواصل كلامه قائلا « والذي أرسلنى هو معى » ، فأثبت بهذا التصريح الاتحاد الدائم بينه وبين الآب في الذات والتدبير . وكثيرا ما ردد المخلص هذا التعليم في محادثاته ، فقد قال لفيلبس ولتلاميذه « ألست تؤمن أنى أنا في الآب والآب في .. والكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال . صدقوني أني في الآب والآب في وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها » ( يو ١٤ : ١٠-١١ ) . وعزا المخلص هذا الاتحاد إلى فعله كل ما يرضى الآب ، ومن أدلة ذلك قوله لتلاميذه أثناء حديثه مع المرأة السامرية « طعامى أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله » ( يو ٤ : ٣٤ ) ، وهو بهذا يرمي إلى تحريضنا على عمل مرضاته حتى يكون معنا دائما . كما أن الآب معه كل حين .. تحريره المؤمنين :-
وبينما هو يتكلم بهذا آمن به كثيرون .فقال يسوع لليهود الذين آمنوا به إنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذی وتعرفون الحق والحق يحرركم . أجابوه إننا ذرية إبراهيم ولم نستعبد لأحد قط . كيف تقول أنت أنكم تصيرون أحرارا .أجابهم يسوع الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية . والعبد لا يبقى في البيت إلى الأبد . أما الأبن فيبقى إلى الأبد . فأن حرركم الأبن فبالحقيقة تكونون أحرارا .وعلى أثر ذلك آمن به كثيرون من اليهود . فأوضح لهم أن الإيمان به لا يجديهم نفعا إن لم يثبتوا على حفظ وصاياه والعمل بها . ومتى فعلوا ذلك وصبروا على الاضطهاد والشدائد ، كما هو مفروض في التلاميذ ، شاركوه في السعادة والمجد .وأضاف إلى هذا قوله إن ثباتهم في الأيمان يهديهم إلى الحق الذي هو يسوع وتعاليمه الألهية ، ويحررهم من نير الشيطان وعبودية الخطية ، وفي ذلك يقول الرسول « فأن الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة » ( رو ١٤:٦ ) ، وكذلك يقول يعقوب الرسول « من اطلع على الناموس الكامل ناموس الحرية وثبت وصار ليس سامعا ناسيا بل عاملا بالكلمة فهذا يكون مغبوطا في عمله » ( يع ١ : ٢٥) . علي أن اليهود ظنوا أن السيد يتكلم عن الحرية المدنية والحرية الجسدية فاعترضوا قائلين إنهم لم يستعبدوا لأحد قط ، ونسوا أو تناسوا أنهم استعبدوا للمصريين والبابليين والأشوريين واليونانيين ، بل أنهم كانوا وقتئذ مستعبدين للرومان ، يدفعون الجزية لقيصر . ولعلهم كانوا يقصدون أن لهم بعض الحرية الدينية ، وأنه لا يجوز بيعهم بيع الأرقاء وفقا لما قاله الله عنهم « وإذا افتقر أخوك عندك وبيع لك فلا تستعبده استعباد عبد ، كأجير كنزيل يكون عندك . إلى سنة اليوبيل يخدم عندك . ثم يخرج من عندك هو وبنوه معه ويعود إلى عشيرته ، وإلى ملك آبائه يرجع، لأنهم عبيدي الذين أخرجتهم من أرض لا يباعون بيع العبيد » ( لا ٢٥ : ٣٩-٤٢ ) .وقد أوضح لهم السيد نوع العبودية التي يقصدها وهي عبوديتهم الشنيعة للخطية ، وهي شر من عبودية الرق لأنها تؤدي إلى الموت كما قال بولس الرسول « ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيدا للطاعة أنتم عبيد للذي تطيعونه إما للخطية للموت أو للطاعة للبر » ( رو ٦ : ١٦ ) . ثم أشار إلى مصير العبد وهو الطرد من البيت طالت مدة عبوديته أم قصرت لأنه لاحقوق شرعية له ، ودليل ذلك ما حدث لإسماعيل فقد قيل لأبراهيم عنه « أطرد الجارية وابنها لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة » ( غل ٤ : ٣٠ ) . ورب المجد بقوله هذا يقصد أن عبد الخطية يمكن طرده من البيعة المقدسة . وأما العتق من يد الشيطان والشهوات الذي قصده حين قال « فأن حرركم الأبن تكونون أحرارا » فليس في استطاعة إبراهيم أو موسى أو جميع الأنبياء أن يمنحوه ، إذ يسوع وحده هو الذي يحرر المؤمنين ويصيرهم إخوة له وورثة . فالذي يأتى إليه معترفا تائبا ينال المغفرة والعتق ، قد أعطى سلطان الحل والمغفرة هذا لتلاميذه وخلفائهم حين قال لهم « إقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له » ( يو ٢٠ : ۲٢-۲۳ ) .
البنوة العملية لله:-
أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم . لكنكم تطلبون أن تقتلونى لأن كلامي لا موضع له فيكم أنا أتكلم بما رأيت عند أبي .. وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم .أجابوا وقالوا له أبونا هو إبراهيم . قال لهم يسوع لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم : ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلونى وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله . هذا لم يعمله إبراهيم .أنتم تعملون أعمال أبيكم . فقالوا له إننا لم نولد من زنا . لنا أب واحد وهو الله. فقال لهم يسوع لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني لأني خرجت من قبل الله وأتيت . لأني لم آت من نفسي بل ذاك أرسلنى. ولما كان اليهود قد اعترضوا قائلين « إننا ذرية إبراهيم » فقد أخذ السيد يفند اعتراضهم بقوله أنهم حقيقة أولاده بالجسد ، ولكنهم ليسوا أولاده في الأعمال الصالحة ، وقلوبهم المشحونة بالأفكار الدنيوية الشريرة لا موضع لكلامه فيها ، وهذا ما حملهم على طلب قتله . ثم أيد أقواله بالأشارة إلى أن مصدرها هو أبوه القدوس في حين كان مصدر أعمالهم إبليس أباهم . فاعترض اليهود على السيد ثانية لتعريضه بهم ونسبتهم من حيث الأعمال إلى أب غير إبراهيم أى إلى إبليس ثم أعلنوا انتسابهم إلى إبراهيم دون سواه ، والسيد أجابهم معترفا بهذا النسب من ناحية الجسد لامن ناحية السلوك ودلل على أنه لا نصيب لهم من طاعة إبراهيم وتصديقه بطلبهم وهو لم يسئ إليهم بل كلمهم بالحق الذي سمعه من الله ، ثم قرر أن هذا التصرف من جانبهم لا يتفق وأعمال إبراهيم . وقد حقق بهذا أنه لا يحسب ابنا لإبراهيم إلا من عمل أعماله « لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانا بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي » ( رو ۲ : ۲۸-۲۹ ) ، وفي ذلك يقول الرسول أيضا « إعلموا إذا أن الذين من الأيمان أولئك هم بنو إبراهيم ... . . فأن كنتم للمسيح فأنتم إذا نسل إبراهيم وحسب الموعد ورثة » ( غل ٣ : ٧ ، ۲۹ ) . كذلك من يعمل أعمال الله بحسب ابنا له هي الرحمة والغفران للمسئ ، فمن يرحم ويغفر فهو ابن الله ، ولذا علمنا السيد أن نقول في الصلاة الربانية واغفر لنا كما نغفر لمن أخطأ إلينا حتى نكون لله أبناء . أما اليهود فبالتماسهم قتل السيد دلوا على أنهم أبناء للشيطان في فعله الشر . ولم يطق اليهود أن ينسبهم المخلص إلى إبليس فاعترضوا . قائلين « إننا لم نولد من زنا » أي لم نولد من آباء وثنيين كفرة ، وتسمية الكفر والشر زنا تتضح من قول الرب لموسى « ها أنت ترقد مع آبائك فيقوم هذا الشعب ويفجر وراء آلهة الأجنبيين في الأرض التي هو داخل إليها في ما بينهم ويتركني وينكث عهدي الذي قطعت معه » ( تث١٦:٣١ ) . وقول أشعياء "كيف صارت القرية الأمينة زانية . ملآنة حقا كان العدل يبيت فيها وأما الآن فالقاتلون "( أش ١ : ٢١ ) . ثم قالوا بأن لهم أبا واحدا يعبدونه وهو الذي عبده إبراهيم . ورد السيد على هذا الاعتراض مبينا أنهم لو كانوا أبناء الله حقيقة لشابهوه في محبته لابنه ، لأن « كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله . وكل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضا » ( ١يو٥ : ۱ ) وأشار المخلص إلى مولده الأزلى بقوله « لأنى خرجت من قبل الله » ، وإلى مولده الزمنى بقوله « وأتيت » ، وإلى وحدة الجوهر والأرادة بين الله الآب الله الأبن بقوله « لأني لم آت من نفسي بل ذاك أرسلنى » . وبهذا علمنا .. الاتضاع والطاعة والعمل برأى آبائنا ، كما أن الله الآب أرسله وبظهوره متجسدا لم ينفصل عنه بلاهوته.
الأرشيذياكون المتنيح بانوب عبده
عن كتاب كنوز النعمة لمعونة خدام الكلمة
المزيد
17 مارس 2023
مائة درس وعظة ( ٧ )
توبنى فأتوب
في التوبة نضع أمامنا أربعة مبادئ .
۱- حاضر في كل مكان .
۲- قادم في كل مكان .
۳- حاضن لكل إنسان .
٤- قادر على كل شئ .
يا سيد ، اتركها هذه السنة أيضا ، حتى أنقب حـولـهـا وأضع زبلاً . فإن صنعت ثمـراً ، وإلا ففيما بعد تقطعها » ( لو ١٣ : ٨ ، ۹ ) .في القرن الرابع الميلادي سميت عظات للقديس يوحنا الذهبي الفم « عظات التماثيل » ولها قصة .. ففي ذلك الوقت فرض الإمبراطور ضرائب على الشعب ، فهاج الشعب وكسروا تماثيل الإمبراطور والإمبراطورة ، ووسط هذا الهياج اكـتـشـفـوا مـقـدار الجـرم ولجأوا إلى الكنيسة لأن في ذلك الزمـان كـان يوجـد مـا يسمى بـ حق اللجـوء الكنسي » وهذا الحق يمنع القبض على إنسـان داخل الكنيسـة فاستغل القديس يوحنا الذهبي الفم بطريرك القسطنطينية هذا الأمر وهذه الفترة لكي ما يصنع شيئين :۔ الأول : يرفع الصلوات طلبـا للـرحـمـة والغفران الثاني : تقديم عظات تحث كل إنسان على الـتـوبة وهي التي سـمـيت باسم « عظات التماثيل » . إن توبة الإنسـان هـو عـمله الأول كل يوم وفي كل وقت . في التوبة الشـخـصـيـة والـجـمـاعـيـة نضع أمامنا أربعة مبادئ
أولا : الله حاضر في كل مكان
ها أنا مـعكم كل الأيام إلى انقـضـاء الدهر » ( مت ٢٨ : ٢٠ ) وفي نفس الوقت في العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقـوا أنا قد غلبت الـعـالـم » ( يو ١٦ : ٣٣ ) وهذا هو صـدق مسيحيتنا . نتذكر قصة يوسف الصديق وما تعرض له من ضيقات .
ثانيا : الله قادم في كل زمان
« عند المساء يبيت البكاء ، وفي الصباح ترنم » ( مز ٣٠: ٥) فالشمس أقوى من كل ظلام ، ولكن لله مواقيت ومواعيد . نتذكر قصة لعازر وأخته .. ومع ذلك تأخر عنهم أربعة أيام ولكنه أتى أخيرا ( يوحنا ١١) .
ثالثا :. الله حاضن لكل إنسان
موت المسيح له المجد على الصليب فاتحا ذراعـيـه لـحـضـن كل إنسـان ، فالله هو الذي يعطى التعزية ويعطينا صبرا ويسند الإنسان ، لن تجد راحة إلا في حضن المسيح ، ولن تجد تعزية إلا عندما ترتمي تحت رجلي المسيح في صلواتك ، وإنجيلك يدعوك كل يوم « تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحـمـال ، وأنا أريحكم . احـمـلوا نيـري عليكم وتعلموا منى ، لأني وديع ومـتـواضـع القلب ، فـتـجـدوا راحـة لنفوسكم » ( مت ١١ : ٢٨ ، ۲۹ ) نتذكر قصة داود وشاول وكيف أنقذه الله ( صموئيل الأول والثاني ) .
رابعا : الله قادر على كل شيء
إن هذا الـعـالـم كله في يد الله وهـو قـادر على كل شيء ، والحلول التي يوجـدها الله لم تكن تخطر على قلب بشر . نتذكر قصة الفتية الثلاثة وأتون النار وكيف أنقذهم الله ، ثق أن كل الأحداث الله قادر أن يحولها إلى أتون بارد . لا تقف عند الأحداث بل تطلع لـتـرى يد الله تمتد في كل شيء وتحرك كل شيء . مثل قصة أيوب البار وما تعرض له من ضـيـقـات ، وكان الله يريد أن يعلمه شيئاً ويحرره من خطية البر الذاتي ، وفي النهاية يقول : « بسمع الأذن قد سمعت عنك ، والآن رأتك عيني » ( أيوب ٥ : ٤٢ ) . + توبتك هي الأساس وسط أي أحداث « إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون » ( لو ١٣ : ٣) .
تدريب من ( رومـيـة ٨ ) نضـع أمـامك هذه الآيات لتجعلها منظومة لحياتك : ( رو ۳۸ : ۸-۳۹ ) : « فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة ، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قـوات ، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ، ولا علو ولا عمق ، ولا خليقة أخرى ، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا » . ( رو ۲۸ : ۸ ) : « نحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحـبـون الله ، الذين هم مدعوون حسب قصده .. ( رو ۱۸ : ۸ ) : « فإني أحسب أن آلام الزمـان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا .. ( رو ۸ : ۸ ) : « فـالذين هم في الجـسـد لا يستطيعون أن يرضوا الله » .الله بكل قـدرتـه يصنـع خـيـرا للإنسـان بشرط واحد « القلب التائب » . ونحن لا نستطيع أن نرى السـمـاء وأمجادها لأن خطيتنا تحجب عنا رؤيتها ، ولكن الإنسان الذي يقـدم تـوبة حقيقية يستطيع أن يراها . عند الضيقات نرفع عيون قلوبنا إلى أمجاد السماء ، فآلام الأرض تجعل الإنسان يشتاق بالأكثر إلى السماء ، فهذه الآلام من أجل توبة الإنسان وشهادته للمسيح .
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
16 مارس 2023
شخصيات الكتاب المقدس متى الإنجيلي الرسول
اسمه لاوي ايفا. تبع يسوع الذي دعاه (متى 9: 9؛ لو 5: 27-28). بشّر الإنجيل في بلاد فارس وأثيوبيا حيث يُعتقد أنه رُسم أسقفاً. مات شهيداً. الأب مكاريوس يقول أنه بشّر في منبج السورية ومات طاعناً في السن. ولم يذكر سفره إلى أثيوبيا.من الجليل ويدعى لاوي. كان عشارًا، يجمع الجزية لحساب الرومان المستعمِرين، لذلك كان ممقوتًا لدى الشعب ومعتبرًا خاطئا في نظر عامة الناس. دعاه الرب أن يتبعه وكان جالسًا عند مكان الجباية، فترك كل شيء وقام وتبعه (مت 9: 9-24). إذ عملت نعمة الرب في قلبه.لازم الرب يسوع وسمع تعاليمه وشاهد عجائبه وعاين قيامته المجيدة وامتلأ من الروح القدس يوم الخمسين. قيل أنه كرز بالإنجيل في بلاد اليهودية وأثيوبيا، وقيل أنه بشر في بلاد الفرس والبارثيين، وكتب الإنجيل الذي يحمل اسمه.
الكنيسة في عصر الرسل، صفحة 324.
نشأته
اسم متي يعني (عطيه الله) والعبرانية نثنائيل وباليونانية ثيودروس وبدعوته اشبع قلبه فأنتزعت منه محبه المال.كان عشارا اسمه لاوي واسم ابيه حلفي رأه السيد المسيح جالسا عند مكان الجبايه.
كرازته
يؤكد لنا انجيل متي قصة دعوته لتبعية السيد المسيح في كلمات مختصره وفيما يسوع مجتاز من هناك رأي انسانا جالسا عند مكان الجباية اسمه متي فقال له اتبعني فقام وتبعه " (مت 9: 9).صنع متي وليمه لكن كانت خصيصا للسيد المسيح في بيته ودعا إليها الاصدقاء السابقين من العشارين والخطاه حتي يختبروا عذوبه التبعية للسيد المسيح بأنفسهم (لو 5) " الأمر الذي أثر معلمي اليهود قائلين للتلاميذ لماذا يأكل مع العشارين والخطاه " فأجاب وقال لا يحتاج الاصحاء الي طبيب بل المرضي كرز القديس متي بأرض فلسطين وصور وصيدا ومدينة بصري ودخل مدينة المغبوطين وجدهم مؤمنين بالسيد المسيح قبل البشاره وسمي (بالطوبانيون) وعمدهم وعاد الي اورشليم ثم ذهب الي بلاد الحبشه ودخل مدينة الكهنه الي هيكل ابللون فظهر له شاب علي باب المدينة وقال له لا تقدر ان تدخل هذه المدينة الا بعد ان تحلق رأسك وتأخذ في يدك سعف نخله فجأة اختفي هذا الشاب وعرف انه كان هو رب المجد يسوع المسيح نفسه فخاطب رئيس الكهنه عن الهتهم انهم لا يسمعون ولا تعي وانما هناك آله حقيقي قوي هو رب السماء والأرض وقد أجري الرب علي يديه معجزات منها ابن الوالي قد مات فصلي عليه القديس متي وتضرع الي الله فاستجاب له الرب وقام الولد من الموت فآمن أهل المدينة.
استشهاده:
كان استشهاد القديس متي رجما بالحجارة علي يد فسطس الوالي ودفن جسده في قرطاجنه قيسارية بواسطة قوم مؤمنين وتعيد له الكنيسة في اليوم الثاني من شهر بابه.
استشهاد القديس متى الانجيلي البشير (12 بابة)
في مثل هذا اليوم استشهد متى الإنجيلي، أحد الاثنى عشر رسولا وكان اسمه لآوى. وهو الذي كان جالسا عند مكان الجباية خارج مدينة كفر ناحوم. وقال له السيد المسيح اتبعني. فترك كل شئ وقام وتبعه. وقد صنع السيد للمسيح وليمة في بيته، جعلت الفريسيين يتذمرون عليه قائلين لتلاميذه "لماذا يأكل معلمكم مع العشارين والخطاة". فقال لهم يسوع "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة" (لو 15 27 - 32).وقد كرز في أرض فلسطين وفى صور وصيدا. ثم ذهب إلي الحبشة ودخل بلاد الكهنة وردهم إلى معرفة الله. فقد جاء في أول تاريخ القديس تكلا هيمانوت الحبشي أن أحد كهنة الإسرائيليين ويدعى صادوق قد أرسل ولده ويدعى "إبن الحكيم" يتسلط علي بلاد التجريا وأصحبه بأخيه عزاريا الكاهن، وأخذ عزاريا معه ما يلزم لتأدية الشعائر اليهودية في ذلك المكان. وتزوج عزريا بداقنادس إبنة أحد عظماء عاصمة التجريا ورزق منها ولدا أسماه صادوقا، وولد صادوق لاوي، وصار هؤلاء الكهنة يعلمون أهل الحبشة ما جاء بالتوراة، وكانوا يجتمعون في ديوان الملك كعادة الكهنة في القبة. لذلك أطلق علي إسم المدينة "مدينة الكهنة"، ومع توالي السنين تحول أهل تلك المدينة إلي الوثنية، حتى ذهب إليها القديس متى الرسول وهداهم إلي الإيمان المسيحي. وذلك أنه أراد دخول المدينة التقى به شاب وقال له: إنك لا تستطيع الدخول إلا إذا حلقت رأسك ولحيتك وأمسكت بيدك سعفه. ففعل كما أخبره الشاب. وفيما هو يفكر في هذا ظهر له الرب يسوع في شكل ذلك الشاب الذي قابله سابقا وبعد أن عزاه وقواه غاب عنه. فأدرك أن ذلك الشاب كان هو رب المجد نفسه. ثم دخل المدينة كأحد كهنتها ومضى إلى هيكل أبللون فوجد رئيس الكهنة، فخاطبه عن آلهته التي كانوا يعبدونها وأخذ يوضح له كيف أنها لا تسمع ولا تعي، وأن الإله الحقيقي القوي إنما هو الذي خلق السماء والأرض. وقد أجرى الله على يديه آية وذلك بأن هبطت عليهم مائدة من السماء، وأشرق حولهم نور عظيم. فلما رأى أرميوس الكاهن هذه الأعجوبة قال له "ما هو اسم إلهك؟" فأجاب الرسول "إلهي هو السيد المسيح". فأمن أرميوس الكاهن به وتبعته جماعة كثيرة. ولما علم حاكم المدينة بذلك أمر بإحراقهم. وحدث عند ذلك أن مات ابن الوالي، فصلى متى الرسول وتضرع إلي الله أن يقيم هذا الابن فاستجاب له الرب وقام الولد من الموت. فلما رأى الوالي ذلك آمن هو وبقية أهل المدينة، فعمدهم متى الرسول ورسم لهم أسقفا وكهنة، وبنى لهم كنيسة.وبعد أن كرز في بلاد أخرى عاد إلى أورشليم فاجتمع إليه جماعة من اليهود الذين بشرهم وآمنوا بكرازته واصطبغوا منه وطلبوا إليه أن يدون لهم ما بشرهم به، فكتب بداية البشارة المنسوبة إليه باللغة العبرانية إلا أنه لم يتمها، وقيل أنه كملها أثناء كرازته في الهند وكان ذلك في السنة الأولى من ملك إقلاديوس وهى السنة التاسعة للصعود.وكان استشهاده رجما بالحجارة على يد فسطس الوالي ودفن جسده في قرطاجنة قيسارية بواسطة قوم مؤمنين، في مكان مقدس.صلاته تكون معنا. آمين.
المزيد
15 مارس 2023
مشكلة الأعذار
كثيرون يقدمون أعذارًا يغطون بها خطاياهم حتى لا يلاموا، ويغطون بها تقصيراتهم في عمل الخير إنه خطأ قديم يرجع إلى أبوينا آدم وحواء! حواء اعتذرت بان الحية أغرتها وكان يمكن ألا تطيع الحية، فالعذر غير مقبول تماما مثل عذر آدم بأن المرآة أعطته وكان في إمكانه ألا يسمع لها حقًا ما أصدق عبارة إن طريق جهنم مغروس بالأعذار!
حتى الذي دفن وزنته في التراب قدم لفعلته هذه عذرا هو أقبح من الذنب نفسه، فقال إن سيده ظالم يحصد من حيث لا يزرع!!
وما أكثر الذين يعتذرون عن عدم الصلاة بأن ليس لديهم وقت! بينما يجدون وقتا للتسليات العديدة وللمقابلات، والحقيقة انه ليست لديهم رغبة..!
وغالبية الذين لا يقدمون عشورهم للرب يقدمون بدلًا منها أعذارًا بأن ليس لهم، بينما الأرملة التي دفعت الفلسين من أعوازها لم تقدم عذر وكذلك أرملة صرفة صيدا التي قدمت زيتها ودقيقها لإيليا النبي في أيام المجاعة وهى في مسيس الحاجة إن داود الطفل الصغير كانت أمامه أعذارًا كثيرة يمكنه أن يقدمها لو أنه لم يشأ مقاتلة جليات..!
انه لم يكن جنديا ولم يطالبه أحد بهذا الأمر، وكان صغير السن وقد سكت الكبار، وكان جليات جبارًا ليس من السهل مصارعته.. إلخ.، ولكن غيرة داود المتقدة لم تسمح بتقديم عذر واللص اليمين كانت أمامه أعذار ضد الإيمان لم يستخدمها!
كيف يؤمن باله يراه مصلوبا؟ ويبدو عاجزًا عن تخليص نفسه، وترن في أذنيه تحقيرات الناس له وتحدياتهم.. ومع ذلك لم يسمح اللص لنفسه أن يعتذر عن الإيمان إن الخوف لم يكن عُذْرًا يقدمه دانيال أمام جب الأسود، ولا عذرًا يقدمه الثلاثة فتية أمام أتون النار ولا محبة الابن الوحيد أمكنها أن تقف عذرا أمام إبراهيم حينما أمره الله أن يقدم هذا الابن محرقة وقد كان ابن الموعد الذي ولد له بعد عشرات السنوات!!
وأصحاب المفلوج كانت أمامهم أعذار لو أنهم أرادوا ولكنهم لم يعترفوا بالعقبات وصعدوا إلى السقف ونقبوه وانزلوا المفلوج بالحبال إن الذي ينتصر على العقبات فلا يعتذر بها، إنما يدل على صدق نيته في الداخل أما ضعيف الهزيمة أو ضعيف النية، فيذكرنا بقول الكتاب: "قال الكسلان: الأسد في الطريق"!
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
14 مارس 2023
من معالم الطريق الروحي ( ٥ ) التوبة حياة مستمرة
يقظة وتغيير للذهن :
الـتـوبة هي مدخل طريق الملكوت ، وهي صـحـوة . فربما كان أصل كلمة « تاب » هو « ثـاب » أي أسـتـيـقـظ وعاد إلى رشده . وفى الـيـونـانـيـة الـتـوبة = ميطانيا ( ميطا = تغيير ، نـوس = ذهـن ) وفهى إذن تجـديـد الـذهـن بحسب تعبير الـرسـول بـولس في رومية ١٢ « تـغـيـروا عـن شـكـلـكـم بتجديد أذهانكم » ( رو ۱۲ : ۲ ) ۔ والـتـغـيـر يـبـدأ بالذهن ، وكما أن الخطيئة بدأت بـفـكـرة ، فـالـتـوبة أيضاً تبدأ بفكرة ، مقارنة ذهنية واعية بين حياة البعد عن الله ، والحيادة داخل حظيرة الرب وبيته المقدس . حينما أسقطت الحية حواء ، أستخدمت باب الذهن والشك في وعود الله ووصاياه ، إذ بـيـنـما كانت حواء تعلم وصية الرب : « موتاً تموت » ... قالت لها الحية : « لن تموتا » !! ( تك ٣ : ١-٤ ) ، ثـم تحـايـلـت عليها قائلة : « بل الله عـالـم أنـه يـوم تـأكلان منه ، تنفتح أعـيـنـكـمـا ، وتـكـونـان كـالله ، عارفين الخير والشر » ( تك 3 : ٥) . إذن فـالـتـوبـة صـحـوة ، يقظة ، مقارنة ، أقـتـنـاع ، تحرك ذهـنى من أتجاه إلى أتجاه آخر جـديد ... ولعل خير مثال لذلك الابن الضال ، الذي فـكـر ، وقارن ، ثم قرر ، ونفذ !! التوبة ببساطة هي عودة النفس إلى الله ، شاعرة بمرارة البعد ، والحاجة إلى القرب ، وحينما تقرر النفس ذلك ، ينيرها روح الله ، و يقودها بنور الكلمة إلى بيت الله ، ودسم النعمة وشركة القديسين .
التـوبـة قيامة :
يـنـاديـنـا الـرسـول قـائـلاً « أستيقظ أيها الـنائـم ، وقـم من الأموات ، فيضىء لك المسيح » ( أف ٥ : ١٤ ) . فـكـمـا أن أجرة الخطية موت ، وحالة الخاطيء أنفصال عن الله الحي ، كذلك فـالـتـوبة هي حياة جديدة في المسيح ، حياة مستمرة حتى إلى الخلود . وكما أن خـطـيـئـة الشعب القديم قادته إلى الموت في « قـبـور الـشـهـوة » ( قبروتا هتأوه ) ، كذلك قـادتـهـم الـتـوبـة إلى الحياة ( عدد ١١ : ۳۱ - ٣٥ ) . لذلك وعدهم الرب قائلاً : هأنذا أفتح قـبوركـم ، وأصعدكم من قبوركم يا شعبی ، وأجـعـل روحـي فـیـکم فـتـحـيـون » ( حزقيال ۳۷ : ١٢- ١٤ ) . وقد دعا الكتاب المقدس التوبة « القيامة الأولى » ( رؤيا ٢٠ : ٦ ) ، في انتظار القيامة العامة في اليوم الأخير .
التوبة تجديد مستمر :
لأنه مادامت التوبة قيامة وحياة ، فهي إذن مـسـتـمـرة لا تـتـوقـف إلا بعد خلع الجسد الـتـرابـي ولـبـس الجسد السمائي . ولذلك فالإنسان لا يتوقف عن عملية تجديد الذهن طوال حياته على الأرض . مـن هـنـا تـكـون التوبة نوعاً من التجديد الـيـومـي ، بالاغتسال في دم المسيح ، ودموع الـنـدم ، وأمـانـة الجهاد . هكذا تجددت حياة الإبـن الـضـال ، إذ أغـتـسـل ، ولبس حذاء السـلام والـقـداسـة ، وخـاتـم العهد الجديد ، وشـبـع بـالـسـمـنـات الروحية والجسد والدم الأقدسين ، ودخـل إلى شـركـة الـقـديسين في الكنيسة ... « نأكل ونفرح » !!
ميطانيا الجسد :
وفى تـقـلـيـد كـنـيـسـتـنا الرائع ، نعبر عن مـيـطـانـيـا الذهن بميطانيا الجسد ، إذ ننسكب كـل يـوم أمام الله في توبة مستمرة متجددة ، في سـجـود حتى تلمس جبهتنا التراب ، أنسحاقاً أمام الله ، ثـم نـقـوم مـع الـرب في نصرة الحياة الجديدة ، وذلك مرات عديدة يصحبها قرع للصدر وطلب الرحمة ، في الأيام العادية ما عدا السبت والأحد والخمسين والأعـيـاد . إنه تدريب روحی طیب ، يعطى الإنسان فرصة يومية لتجديد العهود مع الله ، وطلب المراحم ، وقوة القيامة .
استمرارية التوبة :
ممـا تـقـدم يـتـضـح أن من سمات التوبة الأرثوذكـسـيـة الاسـتـمـرار مـدى الحيـاة . فـالـكـتـاب المـقـدس يـؤكـد لنا أننا نخطىء بـاسـتـمـرار ، ونـحـتـاج إلى « غسل أرجلنا » باستمرار ( يو ۱۳ : ٨ ) ، وإن إنساننا الداخل « يـتـجـدد للـمـعـرفـة حسب صورة خالقه » ( کو ٣ : ١٠ ) . فليعطنا الرب أن نتوب كل يوم ، بل كل لحظة ، بـل قبل أن نخطىء ، حتى تدخل إلى حياة « الـقـداسـة الـتـي بـدونها لا يرى أحد الرب » ( عب ١٢ : ١٤ ) .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
13 مارس 2023
أضواء من الإنجيل : ٧- كيف نحب الله ؟
تكلمنا عن أهمية احسانات الله لكى تنمو محبتنا له ... ونتابع كلمات المزمور « بارکی یا نفسي الرب ولا تنسى كل حديثنا حسناته » ( مز ۱۰۳ ) .
4 ـ الذي يكللك بالرحمة والرأفة : الإكليل هو ما يحيط بالرأس ومعنى أن الرب يكللنا بالرحمة أى أنه يضع حول رؤوسنا إكليلا من رحمته ... وكل من يرانا يبصر عمل رحمة إلهنا واضحاً في حياتنا ... لهذا قال القديس زكريا الكاهن حينما ولد يوحنا المعمدان « ليصنع رحمة مع آبائنا و يذكر عهده المقدس ... أن يعطينا أننا بلا خوف و منقذين من أيدى أعدائنا ، نعبده بقداسة وبر قدامه جميع أيام حياتنا ... باحشاء رحمة إلهنا التي بها أفتقدنا المشرق من العلاء » ( لوا : ۷۲ ، ٧٤، ٧٥ ، ۷۸ ) . نطق زكريا الكاهن بالروح القدس بهذه الكلمات ، معبراً عن الرحمة الإلهية التي بسببها سوف يمكن للبشر الذين يقبلون خلاص الله أن يتخلصوا من سلطان الشيطان ، وأن يعبدوا الرب بقداسة وبر كل أيام حياتهم ... إنه يعبر عن إكليل الرحمة الذي وضع على رأس البشرية بأحشاء رحمة إلهنا التي بها أفتقدنا المشرق من العلاء » ( لوا : ۷۸ ) . الإنسان الذي يتكلل برحمة إلهنا يذكر دائماً أن كل ما في حياته من أمور مقدسة ، إنما هو ثمرة الرحمة الغنية التي أحاطته و يبقى مديوناً لها إلى الأبد . إن قيام حياتنا وإكليلها هو الرب يسوع المسيح ، لهذا قال الكتاب « البسوا الرب يسوع » وحينما نتكلل بالرب يسوع ، فإننا نتكلل بعنوان الرحمة . لأننا في المسيح قد نلنا الرحمة الموعود بها « ليصنع رحمة مع آبائنا و يذكر عهده المقدس » ( لوا : ۷۲ ) . إن أفضال الرب تطوق أعناقنا ، وتحيط برؤوسنا وتغطيها ، حتى أننا نليس إكليلا من رحمة . لهذا يقول المزمور « مثل إرتفاع السموات فوق الأرض ، قويت رحمته على خالقیه » ( مز ١٠٣ : ۱۲ ) أما عن الرأفة فإن الرب كثيراً ما يتراءف علينا ، ويعاملنا برفق ، و يرثى لضعفنا . لأن « الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة ، لا يحاكم إلى الأبد ولا يحقد إلى الدهر . لم يصنع معنا حسب خطايانا ، ولم يجازنا حسب آثامنا » ( مز ۱۰۳ : ۸ . ۱۰).وأجمل لقب يحب الرب أن ندعوه به هو لقب الأبوة كما يحلو له أن يشبه نفسه في علاقته معنا ، بعلاقة الأب بابنائه مثلما يقول : « كما يتراءف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه . لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن » ( مز ١٠٣ : ١٣، ١٤ ) . وما أروع هذا الإحساس في داخلنا ، حينما نشعر بترفق الرب بنا ، وبأنه يعاملنا برأفة كثيرة . فتتهلل أنفسنا وتقول « الذي يكللك بالرحمة والرأفة » ( مز ١٠٣ : ٥ ) . لقد اقتبس القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات هذه الآية في قداسه الغريغوري فقال « مكللنا بالمراحم والرأفات » . وفي ختام صلوات الكنيسة تردد قول المزمور « ليتراف الله علينا ويباركنا ، ويظهر وجهه علينا ويرحمنا » ( مز ٦٧ ( 66 ) .ه ـ الذي يشبع بالخير فيتجدد مثل النسر شبابك : الجميل في ذلك أن الله لا يكتفي بكل ما سبق من إحسانات ، بل إنه يشبعنا من خيراته ونعمه ... « يفتح يديه و يشبع كل حى غنى من رضاه » ... يملأ حياتنا فرحاً ونعيماً وشبعاً وحلاوة ... بل يدعونا أن نفتح أفواهنا لكي تمتلىء من حلاوة محبته .
أولاً : في سر الإفخارستيا :
أعطانا الرب خبز الحياة الأبدية ، ودعانا إلى الثبات فيه بالتناول من جسده ودمها « أنا الخبر الحي الذي نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد . والخبر الذي أنا أعطى هو جسدي الذي أبذله من أجل حيوة العالم » ( يو ٦ : ٥١) « من يأكل جسدى و يشرب دمى قله حيوه أبدية ، وأنا أقيمه في اليوم الأخير . لأن جسدى ودمى مشرب حق . من يأكل جسدى و يشرب دمى يثبت في وأنا فيه » ( يو ٦: ٥٤ - ٥٦ ) . لا توجد كلمات بشرية تستطيع أن تعبر عن عظمة هذا السر ، ومقدار فاعليته في حياتنا ، وتأثيره في تجديد شبابنا الروحي .... إنه يعطى لمغفرة الخطايا ، وحياة أبدية لمن يتناول منه بإيمان .
ثانياً : فعل الروح القدس الذي نلناه في سر المسحة المقدسة
الروح القدس يشبع بالخير عمرنا ... يعلن أسرار الله لنا ... يدخلنا إلى شركة الحياة الروحية مع الله ... يرفع عقولنا نحو السماء ... يضرم محبة الله في داخلنا ... يشفع فينا في الصلاة بآنات لا ينطق بها ، و يشبعنا من الخيرات الروحية « بإسمك أرفع يدى ، فتشبع نفسى كأنها من شحم ودسم » ( مز ٦٣ : ٤ ، ٥ ) ... يرافق كلمات الكتاب المقدس حتى يستعلن المسيح لنا ، ويحول الكلام إلى حياة في داخلنا ... يمنحنا ثماراً روحية مثل الفرح والسلام ، ويجتذبنا إلى كل ما هو سمائي ، وكل ما هو صالح وكل ما هو جليل ... ألم يقل السيد المسيح « من آمن بي كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حي » (يو ٣٨:٧ ) . ( وللحديث بقية )
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد الثانى عام ١٩٨٩
المزيد
12 مارس 2023
خطوات التوبه - أحد الإبن الضال
فِى الأحد الثالث مِن الصوم المُقدّس تقرأ علينا يا أحبائىِ الكنيسة فصل مِن إِنجيل لوقا البشير وهو كما يقول عنهُ الآباء " الإِبن الشاطر " ، أو الإِبن الّذى أخطأ ولكن رِجِع ، الإِبن الّذى ضل ولكِن سُرعان ما راجِع خطأه وسُرعان ما رِجِع إِلى بيت أبيهِ فرِحاً والجميل أنّ هذا الفصل لا يُقرأ أبداً فِى أى فصل مِن السنة ، فالكنيسة تُريد أن تدّخرهُ لِهذا الزمان زمان الصوم ، لِكى تُحثّ أولادها على التوبة فِى الصوم ، وكأنّ الكنيسة بِتدّخر غِنى مُعيّن لأولادها فِى فترة الصوم ، بينما هُم مُمتنعين عن الأطعمة ، تُقدّم لهُم أطعمة روحيّة تُفرّحهُم وتسندهُم فِى الصوم الكنيسة تُريد أن تقول لك إِقرن صومك بِتوبة لأنّهُ لا يليق أبداً أن نكون مُمتنعين عن الطعام بِدون فِكر توبة ما أجمل أنّ الصوم يُقترن بإِقتناء فضائل ومُقاومة رذائل ، لِذلك اليوم الكنيسة بِتضع لنا هذا الفصل الجميل وهذهِ القصة الرائعة ، وستظل قصة خالدة نتعلّم منها ياليتنا نلتفت لِروعة إِسلوب ربنا يسوع وهو الإسلوب القصصىِ ، إِسلوبه كتشبيهات وكروايات ، فكُلّ كلِمة لها معنى ، فهى قصة ولكِن تُفيد معانىِ ومعانىِ ، وسنظل نتأملّ فيها طوال عُمرنا إِلى الأبديّة ، وفِى الأبديّة سنفهمها أكثر مِن الأرض القصة بِتضع لنا منهج التوبة وهو يقوم على أربع ركائز :-
1- الرجوع إِلى النِفَس
" فَمَضَى وَالْتَصَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْكُورَةِ ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ وَكَاَنَ يَشْتَهِى أَنْ يَمْلأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الّذى كَاَنَتِ الْخَنَازِيِرُ تَأْكُلُهُ ، فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ " ( لو 15 : 15 – 16 ) قال ما الّذى أنا فيهِ ؟ ما ضيقة النِفَس التّى أعيش فيها ! ما هذا الفقر ! ما التيّهان والزيغ الّذى أعيشُ فيهِ ! فعندما أُحب أن أتوب يجب أن أجلِس جلسة هادئة مع نِفَسى أُنظُر إِلى نفِسَك كيف أحدثت الخطيّة فيك مِن فقد للصورة الإِلهيّة ، فما أجمل أنّ الإِنسان يجلِس جلسة هادئة وتكون هذهِ الجلسة مع روح ربنا فيُرشدهُ ويُبكّتهُ على خطيّة ، أسكّن الأصوات التّى حولىِ لِكى أسمع صوت ربنا فِى داخلىِ وحتى يوقظنىِ مِن الغفلة التّى أعيشُ فيها صدّقونىِ نحنُ نعيش فِى دوّامة بإِستمرار ولا نعرِف نُقيم أنفُسنا ، ولا يوجد رِجوع للنِفَس ، والّذى يحدُث هو أنّ الخطيّة بِتملُك على الإِنسان وبِذلك فإِنّ كُلّ يوم سيكون أصعب مِن الّذى قبلهُ يجب أن أرى ما الّذى فعلتهُ الخطيّة فىّ ، فأكثر شىء تفعلهُ الخطيّة هو أنّها بِتسلبنا حُرّيتنا وحقّنا وسلامنا ، فما الّذى يجعل الإِنسان لا يتمتّع بالهدوء ، ولِماذا الإِنسان بِيشعُر أنّ الله يعجز عن أن يُخلّصهُ ؟ ولِماذا بيشعُر أنّهُ توجد فجوة بينهُ وبين الله ؟ كُلّ هذا بِسبب الخطيّة ، ربنا يقول أنا أُريد أن أعمل ولكِن أنتُم الّذين تمنعونىِ عن العمل قايين كان يشعُر أنّ كُلّ إِنسان يجدهُ يقتُلهُ ، فالخطيّة ملكت عليهِ وأفقدتهُ سلامه ، الكِتاب يقول " الشرير يهرب ولا طارد " ، الخطيّة بِتُفقِد الإِنسان مجدة وحُريّتهُ وتُفسِد عليهِ الصورة التّى ربنا خلقهُ عليّها وتُفسِد عليهِ وحدتهُ مع ربنا أحد الآباء قال لأولادهُ " ما رأيكُم لو أحضرنا كوب فيهِ ماء وكان بهِ مجموعة شوائب وقُمنا بِرج هذا الكوب فإِنّ الكوب ستظهر بهِ الشوائب ويتعكرّ ، ولكِن عِندما نترُكهُ يهدأ فإِنّ كُلّ واحد سيرى وجهه فِى الكوب ، فالإِنسان لو يعيش فِى ضوضاء وفِى تيه ولا يرى نفسهُ فإِنّهُ لن يعرِف ربنا فلو كُنت أُريد أن أعرِف ربنا يجب أن أعرِف نفسىِ ، فأرى ما هى أهدافىِ ؟ وهل أنا برضِى ربنا ؟ ولو نفسىِ أُخِذت الآن فماذا يكون مصيرى ؟ فلو ربنا أخذنىِ الآن إِلى أين أذهب ، فمِن أهم شروط التوبة يا أحبائىِ إِن الإِنسان يِرجع لِنفسه فليس العيب إِنّىِ أكون خاطىء ولكِن العيب كُلّ العيب إِنّىِ أستمر فِى الخطأ وأستمر فِى طريقىِ الخطأ رغم إِنّىِ عارِف إِن هذا خطأ ومع ذلك بستمِر فِى عِنادىِ فعندما أنظُر للطفل الخارج مِن المعموديّة أقول معقول ياربىِ أنا كُنت فِى يوم هكذا مولود ولادة جديدة ، ولِذلك نقوله " جدّد فىّ صورة ملامحك وأسترِد لىّ كُلّ ما بددّتهُ ، قلباً نقياً إِخلِق فىّ يا الله " فالتوبة هى إِنسان شاعر كم أنّ الخطيّة أفسدت حياتهُ ودمّرتها ونزعت الفرح ونزعت السرور مِن حياتهُ ، فالإِنسان بيشعُر أنّ الخطيّة ستُعطيه لذّة أو فرح ولكِن العبوديّة لِسيّد قاسىِ أهوِن مِن العبوديّة للخطيّة كان رعى الخنازير لا يقوم بهِ أدنى العبيد أبداً ، وكان الّذى يقوم بِذلك يحتقرهُ الّذين حولهُ ولا يُعطوهُ لِيأكُل ، ولِذلك كان هذا الإِبن يشتهىِ أن يملأ بطنهُ مِن الخرنوب الّذى كانت الخنازير تأكُلهُ فلِم يُعطهِ فهذهِ هى الخطيّة فإِنّها خاطئة جداً ، " طرحت كثيرين جرحى وكُلّ قتلاها أقوياء " ، فهى التّى طردت الإِنسان مِن حضرة الله ، وهى التّى جلبت الطوفان ، وهى التّى أحرقت سادوم وعمورة ، وهى التّى ستدين كُلّ سُكّان العالم ، وهى التّى ستوصلّ الإِنسان للجحيم ، فبالرغم مِن كُلّ هذا كيف أكون حابِب الإِستمرار فيها ؟!
2- أقوم الآن ولا أؤجِلّ:-
فبعد أن جلس مع نفسه قال " أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِى " ( لو 15 : 18 ) ،لا أُؤجِلّ ولا أُؤخّر ، أقوم الآن ، مُباركة هذهِ اللحظة التّى فيها أُريد أن أتوب ، مُباركة هذهِ اللحظة التّى فيها أسمع صوت ربنا ولا أُؤجِلّ ، فلا أقول هو لا يقبلنىِ ، أجمل ما فِى الحياة الروحيّة أن تكون كُلّ لحظة نحياها هى لحظة رجوع إِلى الله فالقديس أوغسطينوس مديون بِتوبته لأعداد قليلة مِن رِسالة القديس بولس الرسول لأهل رومية التّى تقول " إِنّها الآن ساعة لِنستيقظ قد تناهى الليل وتقارب النهار " ، قرأ هذهِ الكلِمات فتحّولت حياتهُ وفاق عِندما قرأ كلِمة " إِنّها الآن " ، ما أجمل أن نتجاوب مع نِداءات الله المُستمِرة ، ما أجمل إِنّىِ عِندما أجلس مع نفسىِ أوبخّها وقلبىِ يتحرك أحد الآباء القديسين يقول " إِنّ كُلّ سُكّان الجحيم كانوا يُريدون أن يتوبوا ولكنّهُم أجّلوا ولم يتوبوا ، وهُم الآن يتمنّون لحظة ولكِن لمْ توجد " ، ربنا عاطىِ لنا حياة وعاطىِ لنا فُرصة فلِماذا أأجِلّ ؟!!
فأنا لا أضمن أنّ ربنا يُكرِر لىِ هذا الصوت فلا أأجِلّ حتى لا يتقسّى القلب لِغرور الخطيّة ، ففِى سِفر النشيد نجِد النِفَس تقول " حبيبىِ تحّول وعِبر طلبتهُ فما وجدتهُ " ، وكأنّ ربنا يقول أنا تعبت مِن كثرة النِداء فلا أقدِر أن أأتىِ بِك غصب عنّك ، لابُد أنت تقول أنا أُريد أن أأتىِ مُبارك هو الإِنسان الّذى يسمع صوت ربنا ويقول ها أنا آتى إِليّك سأأتىِ إِليّك وأنا حافىِ وأنا لِبسىِ مقطّع ومذلول ، ما أجمل أن يكون للإِنسان عزم على التوبة ، فأبونا عِندما يُصلّىِ للإِنسان الّذى سيتعمِدّ يقول " وطِدّ إِيمانهُ فِيك لئلاّ يعود إِلى ما تركهُ مرّة أُخرى "فلو أنا ماشىِ فِى الشارع ورأيت منظر أعثرنىِ أُقدّم توبة ، ما أجمل التوبة اللحظيّة ،ولو جاءنىِ فِكر إِدانة أقول يارب يسوع سامحنىِ ، ما أجمل أن تكون الخطيّة شىء عارض مرفوض ، فأنا مِن البِداية " أقوم الآن " ، فلو أحزنت أحد أعتذر لهُ فِى الحال ، ما أجمل الآباء القديسين التائبين الّذين لبّوا نِداء ربنا كثيراً جداً ما يكون الإِنسان غير شاعِر بِخطيتهُ ولا يُقيّم الخطيّة ويعرِف هل هو خطأ أم لا ؟! ، فمُمكِن نحنُ نُقدّم توبة ولكِن ليست توبة روح بل توبة الضمير والعقل ، فمُمكِن أنّ الإِنسان يتذّكر شىء خطأ قد فعلهُ ، ولكِن هذا لا يكفىِ ولا يُوصّل للأحضان يهوذا قد أعاد المال الّذى أخذهُ ( الثلاثين مِن الفِضة ) ولكِن هذا ليس بِتوبة ، فالتوبة ليست مُجرّد كشف عقل أو ضمير ، فالضمير مُمكِن أن يجلِب يأس ولكِن التوبة بالروح بِتكشِف الخطيّة مع الرجاء ، فأكشِف الخطيّة بالوصيّة يوجِد إِنسان آخر وهو عايش فِى خطيتهُ بِيشعُر أنّهُ غير ردىء ، وذلك لأنّهُ بِيقارِن نفسهُ بالّذين حولهُ ، فيقول أنا صائم وتوجد ناس كثيرة غير صائمة ، فأنا يجب أن أقيس نفسىِ على الإِنجيل وأقول الإِنجيل ماذا يقول يقول " المحبة لا تطلُب ما لِنفسِها "" حبّوا بعضكُم بعضاً كما أحببتكُم أنا " ، وعِندما أجِد ذلك أقول أنا فِى الموازين إِلى فوق قس نِفَسك على الوصيّة و لا تقُل أنا لا أفعل شىء خطأ ، فإِن كُنت تُريد أن تقيس نِفَسك فِى الصلاة قُلّ أنّ الوصيّة تقول " صلّوا بِلا إِنقطاع " قس نِفَسك على المسيح فهو " تارِكاً لنا مِثالاً لكى نتبِّع خطواته " ، فلو مثلاً بِتتعرّضىِ لِظُلم أو إِضطهاد أُنظُرىِ ماذا كان سيعمل المسيح فِى هذا الموقف قس نِفَسك على القديسين ، أقيس نِفَسىِ على الناس التّى تعبت ، وعلى الآباء الشُهداء ، ولِوقتها أعرف أنّ الطريق أمامىِ طويل وأنا لم أصِل بعد فالقديس أبو مقّار عِندما إِفتقد البرّيّة ورجع قال أنا وجدت نفسىِ إِنّىِ لستُ راهباً ولكِن وجدتُ رُهبان ، كُلّ واحد فينا لابُد أن تكون لهُ نماذج يراجع نفسه عليّها 0
3- الإِقرار بالخطيّة:-
فضح النِفَس وصلب النِفَس ، فلا يكفىِ أن يُقرّ مع نفسهُ بِخطأه ، ولكِن أمام أبوه ، ولابُد أمام أُمّىِ الكنيسة التّى هى جسد المسيح الّذى أهنتهُ ، والّذى هو مُمثّل فِى الكهنوت الّذى أُؤتمِن على الأسرار ، فهو لا يملُك الغُفران ولكِن مؤتمِن عليه مِن الله ، فالأب الكاهِن معهُ توكيل مِن الله فالإِعتراف لابُد أن يكون فيهِ ندامة وإِنسحاق ، ما أجمل الإِنسان المُنسحق فِى توبتهُ ، ما أجمل الإِنسان الّذى يعترِف وخطيّتهُ تؤرقهُ وتتعِبهُ ، فهو يأتىِ ويقول أنا خاطىء ، يأتىِ بإِنسحاق وبِمذلّة ، ولِوقتها يكون مكسور فالإِنسان الّذى يأتىِ لِيعترِف لابُد أن يعرِف أنّهُ مخزىِ ولِوقتها يجِد الأحضان الإِلهيّة ، فهذا إِنسان مقبول مِن رحمة ربنا ، فالكِتاب يقول " مِن يكتِم خطاياهُ لا ينجح ومِن يُقرّ ويعترِف بِها يُرحم " 0
(4) الثبات فِى التوبة
لا تظُن أنّك مُمكِن أن تتوب الآن وغداً لن تتعرّض للخطيّة ، ولكِن فإِنّك ستتعرّض لها ، فعليك أن تثبُت فِى التوبة فالقديس الأنبا موسى الأسود عِندما تاب ظلّت الخطيّة تُطارِدهُ وظلّ يصرُخ مِن جسدهُ وذهب لأب إِعترافهُ 13 مرّة ، فالخطيّة قاسية جِداً ولن تترُك أحد بِسهولة ، ورُبّما تواجهك حروب أشدّ بعد أن تتوب القديسة مريم المصريّة كانت تعيش فِى دنس الخطيّة والخلاعة وتابت وظلّت تُحارب بالشهوة 17 سنة بالرغم مِن أنّها تركت كُلّ المؤثِرات التّى حولها فما الّذى يجعلنىِ لا أرجع للخطيّة ؟ إِحساسىِ بالمذلّة السابقة معرِفتىِ كم إِنّىِ أُهنت مِن الخطيّة " كونوا كارهين الشر " ، فالإِنسان يثبُت فِى التوبة ولا يرجع أبداً ، وإِن حورب يُزيد مِن الصُراخ ، فلم يكُن الأمر كُلّهُ علىّ ، ولكِن أنظُر ماذا فعل الأب أُنظُر للفرحة التّى تملأ قلبك أُنظُر للسرور الّذى سيغمُرك يكفىِ إِنّهُ " وَإِذْ كَاَنَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ ، فَتَحَنّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبّلَهُ " ( لو 15 : 20 ) لابُد أن يكون عِندىِ ثقة فِى رِجوعىِ أنّهُ سيقبلنىِ ، فنحنُ نقول " يا قابِل الخُطاه أنت بدل عن الخُطاه قدّمت ذاتك عِوضاً عنّا نحنُ الخُطاه "" وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ " فالعُنُق هو المكان الّذى يوضع عليهِ النير ، وكان مكان مجروح ، فالأب وقع على هذا المكان المجروح وقبّلهُ فالتوبة هى ترياق أى دواء للخطيّة ، فكُلّ ما أحدثتهُ الخطيّة مِن ضرر التوبة تُعالِجهُ التوبة تدخُل إِلى مخادع الخُطاه والزُناه مَن ذا الّذى لا يُبغضُكِ أيّتُها التوبة إِلاّ العدو لأنّكِ أخذتىِ غِناه وكُلّ مُقتنياه العدو لا يُريد أن يسمع كلِمة ربنا أبداً ، أنت لك فرحة فِى التوبة لك كنز ولك حِذاء ولك عِجل مُسمّن ولك الحُلّة الأولى ولك أغانىِ وهى التسابيح والحِذاء هو وصايا ربنا ، فهذا هو عمل ربنا فِى حياتنا لِمن يسمع ويعمل ربنا يقبل توبتنا ويقع على عُنُقنا ويقّبلها ويُضّمِد جِراحاتنا ربنا يسنِد كُلّ ضعف فينا ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين .
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
11 مارس 2023
انجيل عشية يوم الاحد الثالث من الصوم الكبير
تتضمن الحث على العناية بتطهير النفوس . مرتب على قول الكتبة والفريسيين للسيد المسـيـح بفصـل الانجيل : " لماذا يتعدى تلاميذك تقليـد الشـيوخ . فانهم لا يغسلون أيديهم حينمـا يـأكلون الخبز " ( مت ١٥ : ۱-۲۰ ) يجب علينا أن نترك الاهتمام أجسادنا ونبتعد عـن الامـور التـي تنجـس نفوسنا . نرى الآن جماعة من المؤمنين يتنـاظرون عنـد الذهـاب إلـى الكنيسـة ويتفاخرون بلبس الثياب الفاخرة . والتضمخ بالطيوب والاعطار . ويغفلون عن زينـة النفوس الناطقة . فإن قلت الا يجوز الإهتمام بتنظيف الاجساد ؟ أجبتك نعـم . ولكـن ليس بالماء وحده . بل إن أردت أن تغسل فمك نقياً . فيجب أن تصونه عـن الـهزل والسفاهة والنميمة والكذب والشتيمة والتجديف والحلف . وتزينه بتــــلاوة المزامـير والتسابيح وقراءة الكتب الروحية والصدق والإرشاد : وإلا فما بالك تحتمل الاتعـاب باطلا إذا تجتهد في تنقية الفم واللسان بالمياه وهما متدنسان بأقذار الخبائث ، وهكـذا أقول في تطهير اليدين والرجلين وظاهر البدن كله ، فينبغي أن تبعدها عن نجاسـات السرقة والخيانة والنجاسة والظلم والخطف وان تغسلها بمسـاه الصدقـات وإعانـة الضعفاء والتفريج عن المتضايقين . وأمثال هذه من الاعمال الصالحة التي يرضــى بها الرب . إن اللسان للنفس بمنزلة الفرس للراكب . فكما أن الفرس إذا اهتم به الراكـب وضبطه باللجام ونبهه بالمهماز وعلمه أن ينقل خطواته بنظام . ويمشى مشية مرتبة .أمن به من القلق والعثار وخطر السقوط . كذلك اللسان أيضا إذا ضبطـه الإنسـان وقيده عن الكلام الذي لا يليق . وعلمه أن يلهج بالتسابيح والاقوال الصالحـة . فإنـه يكون أهلا لحلول الروح القدس في القلب . اسمع كلام سيدنا له المجد : " بكلامك تتبرر وبكلامك تـدان . ويعقـوب الرسول يقول : " هكذا اللسان أيضاً هو صغير ويفتخر متعظماً . هوذا نار قليلـة أي وقود تحرق . فاللسان نار . عالم الإثم . هكذا جعل في أعضائنا اللسان الـذي يدنـس الجسم كله ويضرم دائرة الكون ويضرم من جهنم . لان كل طبع للوحوش والطيـور والزحافات والبحريات يذلل وقد تذلل للطبع البشرى . وأما اللسان فلا يستطيع من الناس أن يذلله . هو شر لا يضبط مملؤ سماً مميتا . به نبارك الله الآب وبه نلعـن الناس الذين قد تكونوا على شبه الله وإذا كان الذين يستعدون لملاقاة الملك يزينون أجسادهم وأعمالهم جميعـاً . فكيف لا نستعد نحن لملاقاة ملك الملوك ؟ . وكيف يجوز أن نهمل العنايـة بـالنفس الناطقة ونهتم بالاباطيل . فإن قلت وما هي زينة النفس ؟ أجبتك من قول سـيدنا لـه المجد : إنها الرحمة والمحبة واللين والاناة والتواضع والبساطة والاعـراض عـن أضداد هذه الامور . فسبيلنا أن نجتهد في تطهير نفوسنا الباقية . لا أجسـادنا الباليـة . لنسـتحق المديح من سيدنا القادر على خلاص نفوسنا . له المجد إلى الابد . آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
10 مارس 2023
مائة درس وعظة ( ٦ )
العبادة الشكلية
« یا معلم ، نعلم أنك صادق وتعلم طريق الله بالحق ، ولا تبـالـي بأحـد ، لأنك لا تنظر إلى وجـوه الناس " ( مت ١٦:٢٢ ) .
مظاهر العبادة الشكلية
١- الصلاة غير الفاعلة : هي الصلاة الظاهرة من الشفتين أو من اللسان ولا تتعدى ذلك الأعماق كما هي لا تتغير .
۲- المعرفة العقلانية : فنجد شخصا ما موسوعة ، ولكن ليست موسوعة اتضاع بل موسوعة كبرياء يفتخر بذاته وبما يحصله من مـعـارف ، وأحيانا تكون معرفة في الكتاب المقدس وأقوال الآباء وأحيانا يعطيه الله ملكة الحفظ ولكن كل هذا حـديث الـعـقـل وليس في القلب وليس في الكيـان وليس بالروح . ونقرأ في (متی ۱۳:۲۳ ) « ويل لكم أيهـا الكـتـبـة والفريسيون المراؤون ! » وكانت طائفة الكتبة والفريسيين من أعلى طوائف اليهود ، فكلمة « فریسی » معناها « مفرز » وهم أشخاص متميزون جدا ( الكتبة هم الناسخون ) .
٣- الحرفية : الحياة المسيحية تعتمد على الحياة القلبية ، وتعتمد على الروح ولا تعتمد على الحرف ، ومن يحيا بالحرف يتـأخـر ، ومن يعش بالناموس وفكر الناموس الجـاف دون روحه يكن متأخرا كثيرا ، لذلك قال ربنا يسوع المسيح : « ما جئت لأنقض بل لأكمل » ( مت 17 : 5 ) ، فما جاء السيد المسيح لينقض العهد القديم ، فتقرأ العهد القديم بروح الـعـهـد الجـديد ، مـثـل مـا تقـرأ رسالة العبرانيين ، فهي رسالة في العهد الجديد ، ولكنها تحكي كيف نفهم العهد القديم بروح العهد الجديد ، أما الإنسان المراثي ( بحرفيته أو بنامـوسيته ) فليس له روح العهد الجديد ، لأن الله في العهد الجديد أعطانا الحرية من خلال عمل الروح القدس .. والذي يضبطنا هو روح الحق .
4- التقرب الشكلي إلى الله : يتظاهر بقربه من الله « يسرون بالـتـقـرب إلى الله ( إش ٢ : ٥٨ ) من خلال تأدية طقوس وممارسات معينة دون أن يدخل جوهرها . تصـور إنسانا يقضى يومه صائما ويمارس ممارسات الصيام المعتادة ، ويبدأ بعد فترة الصـوم ( في نفس يوم الصـوم ) غضبـه يظهر أو سلوكه ينحـرف !! فهذا تقـرب شكلي .. فـالصـوم هو ممارسة ووسيلة لتساعد الإنسان في نموه الروحي وليس هدفا في حد ذاته .
حياة الصوم
أولا : الصوم غير المقبول :-
۱- صوم بلا ضبط : هو صـوم يسـر صـاحـبـه ولا يسر الله .
۲- صـوم بلا صمت : الصـوم لا يكون عن الطعام فقط بل أيضا عن الكلام ، فأنت في فترة الصـوم عليك أن تضبط كل صغيرة وكبيرة وكل كلمة وتختار الصمت وتنشغل بداخلك .
۳- صـوم بلا تذلل : كأى شكل بلا جـوهـر مـجـرد منظر خارجی.
ثانياً :. بركات الصوم :
۱- صلوات مستجابة : لأنك عندمـا تـحـيـا جـو الـصـوم تشـعـر بالانسحاق والخشوع وتخرج من داخلك صلوات عميقة وتدخل فيها روح الإيمان ، صلوات مرفوعة من قلب نقى.
٢- التلذذ بالرب : فأنت تصوم عن الطعام لكي تتـحـول لذة الطعام في داخلك إلى لذة للرب ويكون المسيح هو لذتك .
٣- الشعور بالسمو : كما يقول داود النبی : « لیت لی جناحا كـالحـمـامـة فأطير وأستريح ! » ( مزه 6 : 5 ) ، يرتفع فوق الماديات وحتى فوق احتياجات الجسد ، ويشعر أن رباطات الأرض تصير ضعيفة ، ويشعر أنه يقترب من السماء ويحيا بهذه الروح .
٤- الصحة الجسدية : تقريباً ثلث سكان العام نباتيون ، والطعام النباتي يمنح الإنسان شكلاً من الطاقة الهادئة .
ه- الاستنارة : ليست للعين الجسدية بل للعين القلبية . لذلك أدعوك فـي فـتـرة الـصـوم القـادم أن تقـرأ ( أصحاح 58 من سفر إشعياء النبي ) وقس نفسك علیه کتدریب روحی .
ثالثاً :. كيف نصوم ؟
الكنيسـة تقـدم لنا في فترة الصـوم المقـدس ثلاثة أنواع من الغذاء
1- الغذاء الروحي : الذي تقدمه الكنيسة هو كل شكل للعبادة وممارسة الأسرار . جـمـيـل أن تتقابل مع أب اعـتـرافك قـبـل الصـوم وتضع خطة للصوم .الغذاء الروحي يتجلى في القداسات المتأخرة ، ويمكن خلال فترة الصـوم أن يكون حضورك للقداس يوميا ، إن كانت ظروفك تسمح .فترة غذاء روحي جيد تصحبها توبة وصلوات وألحان وميطانيات . يجب ألا تنشغل بشيء ولا تنشغل بإنسان ، وأن تكون لك فترات خاصة بك .
۲- الغذاء الذهني : يعتمد أساسا على القراءات الإنجيلية ، والكنيسة تعلمنا في فترة الصوم المقدس أن نقرأ النبوات .يجب أن نقرأ يومياً وليست قراءة فقط بل ادرس وافهم وعش . قراءة النبوات مفيدة جدا وتكشف مقاصد الله في حياتك . أيضا قراءة الكتب الروحية تساعدك في الحياة النسكية ، القراءة تساعدك ألا تنشغل بشيء آخر .
٣- الغذاء النسكي : الصوم الانقطاعي شيء مهم لتقوية الإرادة . الطعام النباتي هو طعـام هادئ الطاقـة وصـحى ومفيد للإنسان . الميطانيات ( سجدات التوبة ) من القلب وليس بالجسد ، وهي مرتبطة بالصلوات .. فيها الصلاة القصيرة « ياربي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ » ، وأنت تسجد وترشم نفسك بعلامة الصليب .. ممكن تبدأ باثنتي عشرة ميطانية في أول يوم ، وتزداد واحدة كل يوم مع الصـوم ، وتقدمها بروح الصلاة وتقدمها في بدء النهار أو في آخر الليل ، وتقدم الميطانيات كوسيلة مساعدة لتركيز الذهن وفيها تعب ، وهذا التعب يذكرك بأتعاب المسيح من أجلك ومن أجل كل البشر قضاء فترات اعتكاف تستفيد منها كفترات تأمل وقراءة وصلاة أو ترنيم وتسبيح الزهد أيضا في الملبس وفي الكلام والطعام . حاول أن تعيش بفكر روحي خلال فترة الصوم .
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد