المقالات
13 يناير 2023
ختان القلب
قال القديس استفانوس شهيد المسيحية الأول لرؤساء كهنة اليهود : « یا قساة الرقاب ، وغير المختونين بالقلوب والأذان ! أنتم دائما تقاومون الروح القدس » ( أعمال 7 : 51 ) ، فبرغم كونهم مختونين بالجسد وهم حفظة الناموس والطقوس والعبادات إلا أنهم غير مختونين بالقلوب والأذان ، فقلوبهم غطتها غلفة الكبرياء ومحبة المال ونجاسات العالم ، وأذائهم الغلفاء ثفل سماعها فلم تميز الحق ولم تعرف صوت الراعي الصالح ، كانت ظواهرهم تبدو مثل الصديقين وبواطنهم مملوءة رياء وخبثا ، وقد قال لهم الرب إنهم يشبهون القبور المبيضة ، لم ينفعهم ختان الجسد في شيء بل لما تعدوا الناموس الحقيقي وقاوموا الروح القدس ، حسب أهل الغرلة " الوثنيون " أفضل منهم ، عندما فتحوا قلوبهم وأذائهم لصوت الروح وقبلوا الكرازة بالإنجيل بفرح . عهد الختان الأول كان علامة في الجسد لأن الإنسان كان جسديا مبيعا تحت الخطية ، وحتى الوصايا كتبها الله على لوحي حجر لأن قلب الحجر كان داخل الإنسان . فلما جاء ملء الزمان وولد مخلصنا من القديسة مريم متحدا بطبيعتنا صائرا في شبه الناس - أكمل الختان في اليوم الثامن ، وسالت القطرات الأولى من الدم الزكي وحقق في جسده الطاهر كمال العهد بين الله والناس . فإن كان الختان هو عهد الله مع إبراهيم حيث قول الله : « سز أمامي وكن كاملا » ( تكوين ۱۷ : ۱ ) ، فقد ارتفع ربنا يسوع بهذا العهد إلى الكمال المطلق في الفعل والقول ، وما عجز عنه جميع الآباء والأنبياء أكمله المسيح بجسد بشريتنا فسمع صوت الاب من السماء : « هذا هو ابني الحبيب الذي به سررتُ ".
الختان الجديد ... ختان المسيح :
عن الختان الحقيقي يقول معلمنا بولس : « وبه أيضا ختنتم ختانا غير مصنوع بيد ، بخلع جسم خطايا البشرية ، بختان المسيح » ( كولوسي ٢ : ١١ ) ، فإن كان الختان القديم يتم بقطع غلفة الجسد فإن الختان الجديد صار لنا بخلع جسم خطايا البشرية ... أي دفن القديم بأكلمه هذا ما أخذناه في المعمودية المقدسة .. التي هي شركتنا في موت المسيح وقيامته ، في المعمودية خلعنا الإنسان القديم مع شهواته ، وجحدنا سيرتنا الأولى ولبسنا الجديد الذي يتجدد بحسب صورة خالقه « لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح » ( غلاطية 3 : ٢٧ ) ، وإن كان الختان القديم علامة في الخارج فالمعمودية هي ختان القلب في الداخل ، وإن كان الختان يجعل الإنسان محسوبا من شعب إسرائيل وله الحق في أكل الفصح ، فالمعمودية جعلتنا أعضاء جسد المسيح ولنا الحق التناول من الذبيحة المقدسة ، وإن كان بالختان يأخذ الإنسان اسما في جماعة الرب فإنه بالمعمودية صارت أسماؤنا مكتوبة في السماوات ، وإن كان الكتبة والفريسيون ورؤساء الكهنة لما خانوا العهد وأسلموا نفوسهم للخطايا لم ينفعهم الختان وصارت قلوبهم واذانهم غير مختونه ... فماذا نحن عاملون ؟ لقد أخذنا العهد الجديد بدم المسيح ... واستنرنا بالمعمودية المقدسة وذقنا كلمة الله الصالحة والمواهب السماوية . فإن كنا بعد ذلك نجاري العالم ونسلك بحسب الطبيعة القديمة وشهوات الجسد وأساليب الناس في المكر والخبث ومحبة المال والكبرياء والنجاسات والبغضة ... إلى آخر هذه الامور التي متنا عنها وجحدناها ... فإننا نكون قد شابهنا أولئك الذين قيل عنهم " غير المختونين في القلوب والآذان " . لنحفظ يا إخوة عهد ختاننا .. عهد المعمودية ، لنحفظ القلب مختونا حساسا لمحبة الله ومحبة القريب لأن البغضة تحرم الإنسان من الله ، لنحفظ ثياب المعمودية بيضاء مغسولة بدم الذي فدانا ، لنحفظ الحواس مكرسة لله مختومة بختم الله الحي حتى متى ظهر في مجيئة الثاني نلاقية بوجه مكشوف ويكون لنا ثقة ولا نخجل منه .
المتنيح القمص لوقا سيداروس
المزيد
12 يناير 2023
جاء السيد المسيح يطلب ويخلص ما قد هلك [ ٢ ]
هذا العالم الذي يحب الظلمة جاء الرب لكي يخلصه من ظلمته إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله » ( يو ١ : ١١ ) ، وعدم قبولهم له معناه أنهم هلكوا والرب جاء يطلب ويخلص ما قد هلك رفضهم له ، أكان يعني أنه هو يرفضهم بل على العكس يسعى إليهم لكي يخلصهم من ذلك الرفض لأنه يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون » ( اتی ٢ : ٤ ) كذلك جاء يطلب الوثنيين الذين يعبدون آلهة أخرى غيره هم لا يعرفونه ، ولكنه يعرفهم ويعرف ضياعهم وقد جاء لكي يطلبهم « النور أضاء في الظلمة ، والظلمة لم تدركه ، ( يو ٥:١ ) ، ولكنه لم يتركهم بسبب عدم إدراكهم له ، إنما جاء ليعطيهم علم معرفته ، وقد قال عن كل هؤلاء ، ولی خراف آخر ، ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن أتي بتلك ايضا فتسمع صوتي ، وتكون رعية واحدة لراع واحد ( يو ١٦:١٠ ) . ما أكثر ما احتمل الرب لكي يخلص ما قد هلك لست أقصد فقط مـا احـتـمله على الصليب ، ولكني أقصد أيضا ما احتمله اثناء كرازته من الذين رفضوه حتى من خاصته التي لم تقبله حقا ما أعجب هذا أن يأتي شخص ليخلصك فترفضه وترفض خلاصها ومع ذلك يصر على تخليصه لك وحتى الذين اغلقوا أبوابهم في وجهه صبر عليهم حتى خلصهم . كان في محبته وفي طول اناته لا يياس من أحد ويفتح باب الخلاص أمام الكل فهو "يمنح الرجاء حتى للأيدي المسترخية وللركب المخلعة " ( عب ۱۳:۱۲ ) قصبة مرضوضة لا يقصف ، وفتيلة مدخنة لا يطفى ( مت ۲۰:۱۲ ) جاء ليخلص الكل والكل كانوا مرضى وضعفاء وخطاة ومحتاجين إليه وهو قد قال ولا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى ما جئت لأدعو ابرارا بل خطاة إلى التوبة ، ( مر ٢ : ١٧ ) . من أجل هذا لم يجد المسيح غضاضة أن يحضر ولائم الخطاة والعشارين ويجالسهم ويأكل معهم ويجتذبهم إليه بالحب ويقول للمرأة التي ضبطت في ذات الفعل ، وأنا أيضا لا أدينك ، ( يو ٨: ١١ ) فما جاء ليدينها بل ليخلصها وهكذا قيل عنه أنه محب للعشارين والخطاة ، ( متی ۱۹:۱۱ ) بل أنه جعل أحد هؤلاء العشارين رسولاً من الاثني عشر ( مت ۱۰ ) واجتذب زكا رئيس العشارين إلى التوبة ودخل بيته لكي يخلصه هو وأهل بيته وقال اليوم حدث خلاص لأهل هذا البيت إذ هو ايضا ابن لإبراهيم » ( لو ١٩ : ٩ ) فتذمروا عليه قائلين : إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ ، ولكنه كان يطلب ويخلص ما قد هلك إنه لم يحتقر الخطاة مطلقا ، فالاحتقار لا يخلصهما إنما يخلصهم الحب والاهتمام والرعاية والافتقاد والعلاج المناسب العالم كله ، كان في أيام المسيح قصبة مرضوضة وفتيلة مدخنة فهل لو فسد العالم وهلك يتخلى عنه الرب ؟! كلا بل يخلصه حتى لو فقد صوابه ، فالرب لا يحتقره بل يعيده إلى صوابه حتى الذين قالوا أصلبه أصلبه ، لم يمنع الخلاص عنهم بل قال للاب ، وهو على الصليب - يا أبتاه اغـفـر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون » ( لو ٣٤:٢٣ ) قال هذا لانه كان يطلب ويخلص ما قد هلك ولهذا فتح باب الفردوس للص المصلوب معه . لم يكن ينظر إلى خطايا الناس بل إلى محبته لهم لم ينظر إلى تعدياتنا وإنما إلى مغفرته التي لاتحد ، اما تعدياتنا فقد جاء ليمحوها بدمه وحينما كان ينظر إليها كان يرى فيها ضعفنا ، ولذلك قال له المرتل ، إن كنت للاثام راصدا يارب من يثبت ؟! لأن من عندك المغفرة ، ( مز ١٣ ) . لاحظ أن الرب في تخليصه لنا إنما يغفر من أساء إليه ، فالذي هلك هو إنسان خاطئ قد أساء إلى الله والرب جاء لكي يطلب خلاصه .. !! ما أكثر الملايين وآلاف الملايين الذين عاملهم الرب هكذا بكل صبر وطول أناة حتى تابوا وخلصوا إذ اقتادهم بلطفه إلى التوبة » ( رو ٢ : ٤ ) كثيرون سعى الرب إليهم دون أن يفكروا هم في خلاصهم وضرب مثالين لذلك الخروف الضـال والدرهم المفقود ( لو ١٥ ) . ومثال ذلك أيضا الذين يقف بابوابهم ويقرع لكي يفتحوا له ( رؤ ٣ : ٢٠ ) وكذلك الأمم الذين ما كانوا يسعون إلى الخلاص ، ولكن السيد المسيح جاء ليخلصهم ويفتح لهم باب الإيمان ويقول لعبده بولس ، اذهب فإني سأرسلك بعيدا إلى الأمم . ( اع٢١:٢٢ ) وكانت وسائل السيد المسيح لأجل خلاص الناس كثيرة منها التعليم فكان يعظ ويكرز ويشرح للناس الطريق السليم . كذلك استخدم أسلوب القدوة الصالحة وترك الناس مثالا ( ايو ٢ : ٦ ) واسـتـخـدم اسلوب الحب وطول الأناة ، والصبر على النفوس حتى تتضح كما استخدم الاتضاع والهدوء والوداعة . وأخيرا بذل ذاته ومات عن غيره حاملاً خطايا الكل.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
11 يناير 2023
استشهاد أطفال بيت لحم
طرح بلحن واطس.
التفسير: بالحقيقة يا أحبائي أن هؤلاء الأطفال الأطهار، الذين قتلهم هيرودس الملك الشرير، قد نالوا مجدًا وإكرامًا ودالة عظيمة، أمام الحمل الحقيقي ربنا يسوع المسيح. فهؤلاء هم الأطفال الأطهار الذين تكلم بمجدهم وكرامتهم. المرتل داود النبي هكذا قائلا. من أفواه الأطفال والرضعان هيأت سبحًا. أيها المخلص الصالح ملك الملوك. هؤلاء هم الاطفال القديسون الذين تكلم بمجدهم وكرامتهم. مخلصنا الصالح علي فم أشعياء النبي قائلًا. لهوا أنا والأطفال الذين أعطانيهم أبي لكي يرثوا ملكوتي. هؤلاء هم الاطفال الاطهار الذين نطق بمجدهم وكرامتهم يوحنا البتول في جليانه صارخًا قائلا: قدد أبصرت جمعًا كثيرًا يمشون مع الحمل علي جبل صهيون فلم يكن أحد من الملائكة ولا رؤساء الملائكة. عرف تفسير التسبحة غير هؤلاء المائة والاربعة والاربعين ألفًا(1) طوباهم بالحقيقة هؤلاء الاطفال الاطهار. والاجناد الشهداء الذين بغير مكر ولا شر. اليمام الذي بلا عيب. فراخ النسور المرتفعة إلي العلاء. وليس من يشبههم أمامه في مصاف القديسين. لأنه في القيامة الأخيرة عندما يجيء ابن الله في كل مجد أبيه. لكي يدين المسكونة. فيسير أمامه هؤلاء الأطفال الأطهار. وعلامة الصليب تضيء في أيديهم قائلين: أوصنا في العلاء مبارك الآتي باسم الرب. أطلبوا من الرب عنا ليغفر لنا خطايانا.
من كتاب الدفنار اليوم الثالث من شهر طوبه المبارك
المزيد
10 يناير 2023
جاء السيد المسيح يطلب ويخلص ما قد هلك
هذا ما أعلنه السيد الرب نفسه ، حينما قال في قبوله توبة زكا العشار الأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك » ( لو ١٩ : ١٠ ) يقصد أن يخلص الخطاء ولماذا جـاء ليخلصهم السبب أنه أحبهم على الرغم من خطاياهم ! وفي هذا يقول ايضا هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحـيـاة الأبدية ، ( يو 16 ) إذن هو حب أدى إلى البذل بالفداء. قصة تجسد المسيح إذن هي في جوهرها قصة حب لقـد أحب الله العالم ، العالم الخاطي المقهور من الشيطان ، والمغلوب من الخطية العـالم الضعيف العاجز عن إنقاذ نفسه ، أحب هذا العالم الذي لا يسعى إلى خلاص نفسه ، بل الذي انقلبت أمامه جميع المفاهيم والموازين ، وأصبح عالما ضائعا .. والعجيب أن الله لم يات ليـدين هذا العالم الخاطئ ، بل ليخلصه وهكذا قال ماجئت لادين العالم بل لأخلص العالم » ( يو ٤٧:١٢ ) لم يات ليوقع علينا الدينونة ، بل ليحمل عنا الدينونة من حـبـه لنا لما وجدنا واقعين تحت حكم الموت ، جاء ليموت عنا ومادامت أجرة الخطية موت ، ( رو٣:٦ ) لذلك حمل بنفسه خطايانا ، ودفع الثمن عنا بموته ولكي يمكن أن يموت أخلى ذاته ، وأخـذ شكل العبد ، وصار إنسانا مثلنا فكانت محبة الرب مملوءة اتضاعا في مولده وفي صلبه في هذا الاتضاع قبل أن يولد في مذود بقر ، وأن يهرب من هيرودس كما أنه في اتضاعه ، اطاع حتى الموت ، موت الصليب ( في ٢ : ٨ ) وقبل كل الآلام والإهانات لكي يخلص هذا الإنسان الذي هلك. رأى الرب كم حطمت الخطية الإنسان فتحنن عليه. كان الإنسان الذي خلق على صورة الله ومثاله ، قد انحدر في سقوطه إلى اسفل وعرف من الخطايا ما لا يحصى عدده ، حتى وصل إلى عبادة الأصنام وقال في قلبه ليس "إله" الجميع زاغوا وفسدوا معا ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد( مز ١٤ : ۱-۳ ) ، ووصلت الخطية إلى المواضع المقدسة. الإنسان وقف من الله موقف عداء ، ورد الله على العداوة بالحب فجاء في محبته يطلب ويخلص ما قد هلك ، وطبعا الذي هلك هو الإنسان ، الذي عصي الله وتحداه وكسر وصاياه ، وبعد عن محبته وحفر لنفسه ابارا مشققة لا تضبط ماء ( إر ٢ : ١٣ ) ولكن الله ـ كما اختبره داود النبي لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجـازنا حسب أثامنا وإنما كبعد المشرق عن المغرب وأبعد عنا معاصينا ( من ۱۰۳ : ١٠-١٢ ) ولماذا فعل هكذا يقول المرتل ولأنه يعرب جبلتنا يذكر أننا تراب نحن " ( مز ١٤:١٠٣) حقا إن الله نفذ ( محبة الأعداء ) على أعلى مستوى جاء الرب في ملء الزمان حينما أظلمت الدنيا كلها ، وصار الشيطان رئيسا لهذا العالم » ( يو ١٤ : ٣٠ ) ، وانتشرت الوثنية وكثرت الأديان وتعددت الآلهة .. ولم يعيد الرب سوى بقية قليلة قال عنها إشعياء النبي "لولا أن رب الجنود أبقى لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سادوم وشابهنا عمورة ( إش ١: ٩ ) جاء الرب ليخلص هذا العالم من الموت ومن الخطية وقف العالم عاجزا يقول الشر الذي لست اريده ، إياه أفعل ، ليس ساكنا في شئ صالح ، ان افعل الحسنى لست اجـد » ( رو ١٧:٧-١٩ ) انا محكوم على بالموت والهـلاك وليس غيرك مخلص ( إش ١١:٤٢ ) ، هذا ما كانت تقوله أفضل العناصر في العالم ، فكم وكم الأشرار الذين يشربون الخطية كالماء ، ولا يفكرون في خلاصهم إن كان الذي يريده الخير لا يستطيعه ، فكم بالأولي الذي لا يريده !! إنه حقا قد هلك لم يقل الرب إنه جـاء يطلب من هو معرض للهلاك ، وإنما من قد هلك .. الخطية في أعنف صورها كانت قد دخلت إلى العالم ، وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جـمـيع الناس ، إن أخطأ الجـمـيع » .. وهكذا « ملك الموت من أدم » ( رو ٥ : ١٢ - ١٤ ) . والرب في سمائه ، استمع إلى أنات القلوب وهي تقول : قلبي قد تغير لم اعد اطلب الله وما عدت أريد الخير والتوبة لا ابحث عنها ، ولا أفكر فيها ، ولا أريدها ! لماذا ؟ لأن النور جاء إلى العـالم ولكن العالم أحب الظلمة أكثر من النور ، لأن أعـمـالـهم كـانت شريرة » ( يو ٣ : ١٩ ) ومادام قد أحب الظلمة أكثر من النور إذن فسوف لا يطلب النور ولا يسعى إليه . [ البقية العدد المقبل ]
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
09 يناير 2023
فاعلية العيد في حياتك [ ٢ ]
بميلاد المسيح عرفنا الحب الذي أحبنا الله به وحطم فينا مشاعر الخوف وهكذا قال لنا الكتاب لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج ، ( ۱ یو٤ : ۱۸ ) . وإذا فعلاقنا بالله اخذت تتغير واصبحت حبا لا أوامر ونواه ، فقال لا اعود اسمیكم عبيدا.
٤- لقد قدم لنا ميلاد المسيح مفاهيم جديده .... قبل ميلاده ، كان السائد هو الفهم الفريسي من حرفية الناموس كان البـر السـائد هو الفـروض والـواجـبـات ، وليس الروح ، وليس الحب وجاء المسيح ليصحح مفاهيم كثيرة ويقول عبارته المشهورة سمعتم أنه قيل .. أما أنا فأقول لكم . نعم قل لنا ، أيها المعلم الصالح ، الذي بهت الجموع من تعاليمه ، وكان يعلمهم سلطان وليس كالكتبة كان قمة حلاوة ، وكله مشتهيات وقد شرح لنا وصاياه في عبارة « الكلام الذي أقوله لكم ، هو روح وحياة .... وهكذا أعطانا الروح والحياة ... أعطانا الفهم ، وسعه النعمة النعمة التي تقود الإرادة ، كما أن الفهم السليم يقود العقل وكما كانت كلمته هي روح وحياة ، كانت كلمته هي روح وحياة ، كانت كلمته قوية وفعالة ، بالنعمة وهكذا شرح القديس يوحنا البشير فقال لأن الناموس بموسى أعطى ، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا ( يو ١ : ١٧) إن ميلاد المسيح كان مولدا لهذه النعمة ، التي فاضت على محبيه ... وأصبحت كلمة النعمة ، تستخدم كثيرا بل أصبحت عماد الحياة الروحية وصار للنعمة في المسيح يسوع مفاعيل كثيرة عجيبة ، فهناك النعمة المخلصة والنعمة الحافظة ، والنعمة المرشدة .. كل ذلك مع الاحتفاظ بإرادة الإنسان حرة في قبول النعمة أو عدم قبولها وفي المسيح صارت قداسة الحياة ، هي حياة الشركة مع الروح القدس الروح الذي يعمل معنا ، وفينا وبنا الروح الذي أرسله المسيح لنا ليسكن فينا الى الأبد ، ولكي يأخذ من استحقاقات المسيح ويعطينا ... إن ميلاد المسيح صار فاصلا بين جيلين وعصرين وتاريخين وهكذا يتحدث العالم كله عن تاريخ ما قبل الميلاد لأن الميلاد فصل بين زمن وزمن ، وبين حال وحال البشرية التي أمنت بتعاليم المسيح صارت شيئا آخر غير البشرية فيما قبل الميلاد. البشرية التي منحها المسيح الإيمان ومعرفة الله ومحبة الله وعشرته غير البشرية التي كانت قبل الميلاد غارقة في الوثنية والجهل ، وحتى اليهود قبل الميلاد كانوا عارفين في الطقوس والفروض قال الله عنهم هذا الشعب يعبدنی بشفتيه ، أما قلبه فمبتعد عنى حقا ما أصدق الملاك الذي قال للرعاة في ميلاد المسيح ها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب . لولا ميلاد المسيح ، ما حصلنا على كل البركات ، وكل المواهب ، وكل الخـلاص الفداء ، وكل عمل الروح الذي ترتب على هذا الميلاد. إنه الباب الذهبي الذي فتح علينا كل هذه النعم الإلهية ... ونحن جميعا نركع أمام المذود ونحيي هذا الميلاد البتولي . ونطلب من الرب أن يعطينا بركة هذا الميلاد وفاعليته في حياتنا محاولين أن نتعمق في كل معني روحي تعلمناه من الميلاد ، لكي نمتصه في داخلنا ، ونطبقه في حياتنا العملية . ونقف إلى جوار المذود ، متذهلين من هذا الاتضاع العجيب من هذا الحب الإلهي الذي دفع إلى هذا الاتضاع وشـاعـرين بقيمة النفس البشرية عند الله ، وقيمة خلاصها ... نمتص هذا كله ونحياه ... نتعلم الحب ، ونتعلم التواضع ، ونتعلم البذل والفداء ، ونحيا هذا كله ، ونخلى ذواتنا ، كما أخلى الرب ذاته .. ونجول نصنع خيرا ، كما كان يجول يصنع خيرا . وننمو في القامة والنعمة ، كما قيل عنه واضعين أمامنا هذا المثال ، لكي نتغير الى هذه الصورة عينها . مبارك هذا الميلاد العجيب ، الذي لم يحدث مثله في التاريخ ، ولن يحدث ومباركة هي العذراء القديسة التي استحقت أن تكون الإناء المخـتـار لهذا الميلاد ، ولهذا الخلاص الذي منحه الله للبشرية ليت صورة العذراء تكون أيضا ذات فاعلية في حياتنا ، ننتفع بها ، مع ابنها الحبيب ، أمين .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
08 يناير 2023
التَّجَسُّد الإِلهِي
بِنِعْمِة رَبِّنَا سَوْفَ نَتَكَلَّمْ عَنْ مَوْضُوع هَام وَهُوَ التَّجَسُّد الإِلهِي .. وَسَنَتَحَدَّث فِي ثَلاَث نِقَاط وَهُمْ :-
1- الفَرْق بَيْنَ التَّجَسُّد وَالمِيلاَد :-
إِنَّ الكِنِيسَة تُحِبْ كَلِمَة " تَجَسَد " أكْثَر مِنْ كَلِمَة " إِتْوَلَد " فَلِهذَا تُسَمِّي الكِنِيسَة هذَا العِيد بِعِيد التَّجَسُد الإِلهِي أكْثَر مَا تُسَمِّيه بِعِيد المِيلاَدٌ وَهُنَاك فَرْق جَوْهَرِي بَيْنَ التَّجَسُّد وَالمِيلاَد فَالتَّجَسُّد مَعْنَاه أنَّ الله أخَذَ جَسَد وَأنَّهُ كَانَ مَوْجُوداً أي أنَّهُ أخَذَ شَكْل جَسَد فَظَهَر بِالتَّجَسُّد أمَّا المِيلاَد يُعَبِّر عَنْ بِدَايَة يُعَبِّر أنَّ هذَا الإِنْسَان قَدْ بَدَأَ الآنْ وَعِنْدَمَا يُولَدٌ أحَدٌ مِنْ أوْلاَدْنَا لاَ نَقُول عِيد تَجَسُّدُه بَلْ عِيد مِيلاَدُه فَالتَّجَسُد يَعْنِي أنَّهُ كَانَ مَوْجُودٌ وَلكِنُّه أخَذَ جَسَد فَلأِنَّهُ كَانَ مَوْجُودٌ فَلَهُ بِدَايَة أزَلِيَّة وَلكِنْ هذِهِ بِدَايَتُه الزَّمَنِيَّة وَلَيْسَ مِنْ طَبِيعَتُه أنْ يَأخُذ جَسَد فَهُوَ إِله وَلكِنْ مِنْ أجْل فِدَاء الإِنْسَان أخَذَ جَسَد فَأرَادَ الله أنْ يَكُون مِثْل الإِنْسَان أرَادَ أنْ يَكُون لَهُ لَحْم وَدَم وَمَوْلُود مِنْ إِمْرَأة مِثْل الإِنْسَان وَمِنْ المَعْرُوف عِلْمِياً أنَّ الجَنِين يَتَكَوَن بِذْرَة مِنْ الرَّجُل وَبِذْرَة مِنْ الأُم وَيَتَحِدُوا مَعَ بَعْض وَلكِنْ جِسْم الجَنِين نَفْسُه يَتَكَوَن مِنْ جِسْم الأُم وَالله قَصَدْ أنْ يَأتِي مِنْ جَسَد السَيِّدَة العَذْرَاء فَالرُّوح القُدُس طَهَّرْهَا وَهَيَّأ جَسَدَهَا حَتَّى عِنْدَمَا يَأخُذ الله جَسَداً يَأخُذ جَسَد بِلاَ خَطِيَّة فَالعَالَمْ كُلُّه يَشْهَدٌ أنَّ طَرِيقَة تَجَسُّد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح طَرِيقَة مُعْجِزِيَّة وَلَيْسَ مِيلاَد إِتِحَاد رَجُل بِإِمْرَأة بَلْ إِمْرَأة فَقَطْ وَلكِنْ لِمَاذَا قَصَدَ الله أنْ لاَ يَكُون لَهُ أب ؟ وَذلِك لأِنَّ الله يَحْتَاج إِلَى جَسَد وَلاَ يَحْتَاج لِوُجُود فَالوُجُودٌ يَعْنِي أنَّهُ مُحْتَاج لِرَجُل أي لِبِذْرَة يُوْجَد بِهَا وَلِهذَا لَمْ يَأتِي الله مِنْ أب بِالرَّغْم مِنْ وُجُود رِجَال أتْقِيَاء فَهُوَ أصْلاً مَوْجُود وَلاَ يَحْتَاج لأب لأِنَّهُ أصْل الأُبُّوَة وَأصْل ذُرِّيِة دَاوُد كَائِنْ مُنْذُ الأزَل وَلِهذَا فَالله تَجَسَد بِهذِهِ الطَّرِيقَة المُعْجِزِيَّة وَعِنْدَمَا نُصَلِّي القُدَّاس يَقُول الكَاهِن ﴿ تَجَسَدَ وَتَأنَّس﴾ .
وَلِكَيْ يَأخُذ جَسَد دَخَل إِلَى بَطْن السَيِّدَة العَذْرَاء فَالبِذْرَة بِذْرَة إِلهِيَّة مِنْ الرُّوح القُدُس .. ثُمَّ أخَذَ الصِفَات الَّتِي يَحْتَاجْهَا مِنْ السَيِّدَة العَذْرَاء وَبَدَأَ يُكَوِن نَفْسُه بِالوَضْع المِيرَاثِي فَهُوَ الخَالِق وَلِهذَا كُلَّ مَنْ رَأى السَيِّد الْمَسِيح شَهَدٌ أنَّهُ أبْرَع جَمَالاً مِنْ بَنِي البَشَر وَأشْعِيَاء النَّبِي قَبْل مِيلاَد السَيِّد الْمَسِيح بِـ 750 سَنَة قَالَ أنَّهُ يَكُون عَجِيباً ( أش 9 : 6 ) فَمِيلاَدُه عَجِيب مِيلاَد لاَ يُصَدَق مِيلاَد لاَ يَفْحَصُه عَقْل وَنَحْنُ نَقُول فِي القُدَّاس ﴿ غِير المَفْحُوص ﴾ فَلاَبُدْ أنْ نُصَدِّق بِالإِيمَان ﴿ لأِنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالعِيَانِ ﴾ ( 2كو 5 : 7 ) وَلِهذَا فَنَحْنُ نُؤمِنْ أنَّ هذَا المَوْلُود مَوْلُود إِله فَإِذَا آمَنْ الإِنْسَان أنَّ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح جَاءَ مِنْ غَيْر زَرْع بَشَر فَيَلِيق بِهِ أنْ يُؤمِنْ أنَّهُ إِله وَإِذَا آمَنْ الإِنْسَان أنَّهُ مَوْجُود قَبْل أنْ يُولَد فَعَلَيْهِ أنْ يُؤمِنْ أنَّهُ إِله فَهُوَ أصْل الوُجُود وَلاَ يَحْتَاج لِمَنْ يُوجِدُه وَلِهذَا فَهُوَ تَجَسَد وَلكِنْ جَاءَ وَقْت إِحْتَاج فِيهِ الْمَسِيح لِجَسَد لِيَقْضِي بِهِ مُهِمَّة وَهيَ الفِدَاء فَالله غِير قَابِل لِلمُوت أخَذَ جَسَد قَابِل لِلمُوت لِكَيْ يَمُوت نِيَابَةً عَنَّا وَإِذَا كَانَ أخَذَ جَسَد فَقَطْ وَلَمْ يَكُنْ مُتَحِد بِهِ كَإِله فَكَانَ هذَا الجَسَد مَات وَدُفِنْ فِي القَبْر وَلكِنُّه أخَذَ جَسَد إِلهِي قَابِل لِلمُوت وَغَلَبْ المُوت جَسَد لاَ تَنْطَبِق عَلِيه الصِفَات الجَسَدِيَّة الطَّبِيعِيَّة العَادِيَة فَفِي مِيلاَدُه وَقِيَامَتُه يُعْلِنْ أنَّهُ إِله فَفِي مِيلاَدُه بِطَرِيقِة تَجَسُّدُه العَجِيبَة وَفِي قِيَامَتِهِ بِسُلْطَانُه عَلَى المُوت وَكَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنْ يَأتِي وَيَفْدِينَا بِجَسَد وَلكِنْ هذَا الجَسَد يَمُوت وَيَبْقَى فِي المُوت أي أنَّ الَّذِي جَاءَ لِيُخَلِّصْنَا هُوَ نَفْسُه وَقَعْ تَحْت سُلْطَان العُقُوبَة وَلكِنْ الْمَسِيح جَاءَ يُنْقِذْنَا مِنْ المُوت وَوُضِعْ فِي قَبْضَة المُوت وَلكِنُّه غَلَبْ المُوت أخَذَ جَسَد مِثْل الإِنْسَان ﴿ صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ ﴾ ( في 2 : 7 )﴿ فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأوْلاَدُ فِي الَّلَحْمِ وَالدَّمِ إِشْتَرَكَ هُوَ أيْضاً كَذلِكَ فِيهِمَا لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ المَوْتِ أي إِبْلِيسَ ﴾ ( عب 2 : 14) .
2- عَظَمِة التَجَسُّد :-
فَبِتَجَسُّد رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح تَبَارَك الجَسَد﴿ بَارَكْتَ طَبِيعَتِي فِيك ﴾ فَالله قَبَل أنْ يَتَحِد بِالبَشَر وَهذَا مِنْ عِظَمْ مَحَبَّتِهِ فَهذَا السِّر يُدْرَك بِالإِيمَان وَالرُّوح ﴿ لَيْسَ أحَدٌ يَقْدِرُ أنْ يَقُولَ يَسُوعُ رَبٌّ إِلاَّ بِالرُّوحِ القُدُسِ ﴾ ( 1كو 12 : 3 ) ﴿ نَحْنُ لَمْ نَأخُذْ رُوحَ العَالَمِ بَل الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ لِنَعْرِفَ الأشْيَاءَ المَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ ﴾ ( 1كو 2 : 12) فَسِر التَّجَسُد سِر فَرَح وَقُوَّة وَبَهْجَة فَالله صَارَ إِنْسَان فَأي إِنْسَان طَبِيعِي لاَ يَقْبَل مَا لِرُوح الله وَلاَ يُصَدِّق هذِهِ الأُمور أي إِنْسَان يَسْتَوْعِب أنَّ الإِنْسَان يَتَألَّه مِثْل إِنْسَان غَنِي مُمْكِنْ يِعْمِل لِنَفْسُه تِمِثَال ذَهَبْ وَيَأمُر كُلَّ النَّاس أنْ تَسْجُد لَهُ فَأي تَعَالِي يَقْبَلَهُ البَشَر لأِنَّ طَبِيعَة الإِنْسَان فِيهَا التَّعَالِي وَالكِبْرِيَاء وَتُحِبْ الظُهُور .. فَالإِنْسَان يَقْبَل أنْ يَتَألَّه مِثْل مَا حَدَث لِمُعَلِّمْنَا بُولِس وَبِرْنَابَا عِنْدَمَا أقَامَا المُقْعَد فِي لِسْتِرَة فَأرَادَ النَّاس أنْ يَعْبُدُوه لأِنَّهُ عَمَل أمر فَائِق( أع 14 : 8 – 18) فَالإِنْسَان مُمْكِنْ يِسْتَوْعِب التَّألُّه وَلكِنُّه لاَ يَسْتَوْعِب التَّأنُس فَهذَا يُعْتَبَر صَعْب وَيُصْدَم بِعَقْلُه وَفِكْرُه وَيَقُول هذَا غِير مُمْكِنْ وَهذِهِ عَظَمِة إِيمَانَنَا وَمَحَبِّتْنَا لله فَالله قَدْ إِقْتَرَبَ مِنَّا وَصَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا وَافْتَقَدْنَا وَعِنْدَمَا يُقَابِل الإِنْسَان فِكْرِة التَّجَسُّد بِعَقْلُه يُصْدَم وَلكِنْ بِإِيمَانُه يَقْبَل بِفَرَح وَنَجِد أنَّ التَّجَسُّد أُعْلِنَ لأِشْخَاص مُعَيَّنَة مِثْل الرُّعَاة الَّذِينَ قَبَلُوا بِفَرَح فِي حِين أنَّ هِيرُودِس قَبَلَهُ بِانْزِعَاج وَهكَذَا كُلَّ إِنْسَان مُتَكَبِر وَيُحِبْ السُلْطَة وَالعَالَمْ وَالغِنَى لاَ يَقْبَل الْمَسِيح بِسُهُولَة وَيُصْبِح الْمَسِيح مَصْدَر إِزْعَاج بِالنِّسْبَة لَهُ وَكُلَّ إِنْسَان مُتَضِعْ سَاهِر تَقِي وَعَابِد يَشْتَرِك بِفَرَح مَعَ المَلاَئِكَة فَمِنْ المُؤكَد أنَّ الرُّعَاة وَالمَجُوس الَّذِينَ ذَهَبُوا لِرُؤيِة رَبِّنَا يَسُوع فُوجِئُوا بِالمَنْظَر الَّذِي رَأوه فَقَدْ كَانَ فِي خَيَالِهِمْ شَكْل آخَر غِير الَّذِي رَأوه وَلكِنْ مَعَ بَسَاطِة المَنْظَر قَبَلُوه قَبُول الإِيمَان وَلِهذَا فَكَلِمَة " سِر " تُعْنِي شِئ لاَ يُدْرَك إِلاَّ بِالإِيمَان فَرَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح عَاشَ عَلَى الأرْض كَإِنْسَان عَادِي جِدّاً يَأكُل وَيَشْرَب وَيَنَام وَيَجُوع وَيُهَان فَمِنْ المُمْكِنْ أنْ يَقُول أحَدٌ أنَّهُ لَيْسَ الله وَلكِنْ عِنْدَمَا تَرَى أعْمَالُه وَتَقْتَرِب مِنْهُ وَتَرَى كَيْفِيِة مِيلاَدُه وَالنُبُّوَات الَّتِي تَنَبَّأت عَنْهُ مِنْ مِئَات السِنِين وَتَحَقَّقَتْ وَلِهذَا قَالَ السَيِّد الْمَسِيح ﴿ أنْبِيَاء وَأبْرَار كَثِيرِينَ إِشْتَهَوْا أنْ يَرَوْا مَا أنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا وَأنْ يَسْمَعُوا مَا أنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا ﴾ ( مت 13 : 17) وَأيْضاً ﴿ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأِنَّهَا تُبْصِرُ ﴾ ( مت 13 : 16) فَالنُبُّوَات فِي العَهْد القَدِيم تُشِير بِدِقَّة مُتَنَاهِيَة لِكُلَّ مَا فِي شَخْص رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَأنَّهُ سَوْفَ يَأتِي مِنْ سِبْط يَهُوذَا مِنْ نَسْل دَاوُد كُلَّ هذِهِ النُبُّوَات عِنْدَ اليَهُود الَّذِينَ لاَ يَعْتَقِدُوا أبَداً بِالْمَسِيحِيَّة فَاليَهُودِي ضِد الْمَسِيحِي دَائِماً الشَّعْب اليَهُودِي الَّذِي رَفَض الله فَاسْتَبْدَلْهُمْ الله بِأُمُّة أُخْرَى فَفِي سِفْر أشْعِيَاء يَذْكُر ﴿ هَا العَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدٌ ابْناً ﴾ ( أش 7 : 14) وَدَانِيَال يَتَكَلَّمْ عَنْ مِيعَاد مَجِئ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح بَعْد 490 سَنَة مِنْ وَقْت أنْ كُتِبَت النُبُّوَة وَمِيخَا النَّبِي يَقُول ﴿ أمَّا أنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أفْرَاتَةَ وَأنْتِ صَغِيرَةٌ أنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ ﴾( مي 5 : 2 ؛ مت 2 : 6 ) مِيخَا النَّبِي الَّذِي جَاءَ قَبْل الْمَسِيح بِـ 400 سَنَة وَأيْضاً حَزْقِيَال النَّبِي تَنَبَّأ عَنْ طَبِيعَة المِيلاَد وَأنَّهُ مِيلاَد بَتُولِي وَقَالَ أنَّهُ بَاب مُغْلَق دَخَلَ وَخَرَجَ مِنْهُ وَظَلَّ البَاب كَمَا كَانَ بِحَالُه ( حز 44 : 2 ) وَأيْضاً دَاوُد النَّبِي الَّذِي تَحَدَّث عَنْ مُلُوك تَرْشِيش وَالهَدَايَا الَّتِي سَيُقَدِّمُوهَا لِلْمَسِيح ( مز 72 : 10 – 11) وَكَانَ هذَا قَبْل مَجِئ الْمَسِيح بِـ 1000 سَنَة .
3- كَيْفَ نَسْتَقْبِل هذَا العِيد ؟
فَلاَبُدْ أنْ نَسْتَقْبِل الْمَسِيح فِي هذَا العِيد بِكُلَّ سُجُود وَعِبَادَة وَمَخَافَة فَالله قَدْ تَمَّمْ كُلَّ النُبُّوَات وَكُلَّ قَصْدُه فَالإِله صَارَ إِنْسَان فَقَدْ جَاءَ الله حَتَّى يَفْتَقِد جِنْس البَشَر وَقَدِيماً كَانَ الإِله مُحْتَجَبْ لاَ يَرَاه أحَد قَطْ فَكَانَ تَابُوت العَهْد يُوضَعْ دَاخِل قُدْس الأقْدَاس وَكَانَ التَابُوت نَفْسُه مُغَطَّى وَلاَ يَدْخُل يَرَاه إِلاَّ رَئِيسُ الكَهَنَة مَرَّة فِي السَنَة وَعِنْدَمَا يَدْخُل لِكَيْ يُبَخِر لاَ يَرَى التَابُوت فَكَانَ يُقَدِّم بُخُور كَثِير حَتَّى يُصْبِح المَكَان مَلِئ بِالبُخُور وَتُصْبِح الرُؤيَا غِير وَاضِحَة وَعِنْدَ الإِرْتِحَال كَانَ لاَبُدْ أنْ يَكُون التَابُوت مُغَطَّى وَلاَ أحَد يَرَاه وَعِنْدَمَا حَاوَل بَعْض النَّاس الوَثَنِيِينْ أنْ يَرْفَعُوا الغِطَاء مِنْ عَلَى التَابُوت حَتَّى يَرُوه فِي كَانَ يُسَمَّى " بَيْتَشَمْسَ " قُتِلُوا كُلُّهُمْ فِي الحَال ( 1صم 6 : 19) وَلكِنْ كُلَّ هذِهِ الأسْرَار أُعْلِنَت لَنَا فَالإِله وَهُوَ عَلَى الصَّلِيب إِنْشَقَّ حِجَاب الهِيكَل( لو 23 : 45 ) حَتَّى نَرَى التَابُوت فَهُوَ إِقْتَرَبْ مِنَّا حَتَّى نَرَاه وَنَتَلاَمَس مَعَهُ وَهذَا الَّذِي حَدَث فِي التَّجَسُّد صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا لَمْ يُصْبِح غَرِيب عَنَّا أخَذَ كُلَّ مَا فِي الإِنْسَان وَشَارِك الإِنْسَان فِي الحَيَاة وَالإِهْتِمَامَات وَفِي الطَّبِيعَة كَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنْ يَكُون الله مُتَعَالِي وَلكِنُّه جَاءَ وَنَزَل لِيَفْتَقِد الإِنْسَان ﴿ مِنْ أجْلِي أنَا المَرِيض ﴾ وَفِي هذَا العِيد لاَبُدْ أنْ يَكُون لِكُلَّ إِنْسَان وَقْفَة مَعَ الْمَسِيح وَاحْذَر أنْ يَكُون هذَا الأمر غِير مَوْضِع تَفْكِير فَكَّر فِي الإِله الَّذِي أحَبَّك فَكَّر فِي الإِله الَّذِي قَبَلْ أنْ يَلْبِس ضَعْفَك فَكُلَّ مَا يُنْسَبْ لِلْمَسِيح مِنْ أُمور قَدْ تُقَلِّل مِنْ شَأنُه نَحْنُ الَّذِينَ نَتَسَبَّبْ فِيهَا كُلَّ مَا يُنْسَبْ لِلْمَسِيح مِنْ ضَعْف وَجُوع نَحْنُ السَبَبْ فِيه وَتَذَكَّر دَائِماً هذِهِ العِبَارَة * هذَا مِنْ أجْلِي * " وَهذَا نِيَابَةً عَنِّي " فَعِنْدَمَا الْمَسِيح يِحْزَن وَيِبْكِي وَيَجُوع وَيِعْطَش فَتَذَكَر أنَّ هذَا مِنْ أجْلِي فَمِنْ أجْلَك أخَذَ مَشَاعِرَك وَجِسْمَك وَاتْحَد بِك لَيْسَ مُجَرَّدٌ إِتِحَاد نَفْسِي أوْ مَعْنَوِي بَلْ إِتِحَاد حَقِيقِي وَهذَا عَظَمِة التَّجَسُّد فَكَرَامَة لِتَجَسُّدَك يَارَبِّي سَأُحَافِظْ عَلَى جَسَدِي وَكَرَامَة لِجَسَدَك يَارَبِّي الَّذِي لَبَسْتَهُ وَأصْبَح هُوَ جَسَدِي سَأُقَدِّس جَسَدِي وَكَرَامَة لِجَسَدَك الَّذِي جَعَلْتَهُ هَيْكَل لِسُكْنَى الرُّوح سَأُقَدِّس جَسَدِي وَأُقَدِّس جَسَد إِخْوَتِي وَلاَ أشْتَهِي جَسَد وَكَرَامَة لِتَجَسُّدَك يَارَبِّي سَأتَخَلَّى عَنْ كِبْرِيَائِي وَغُرُورِي وَغَطْرَسْتِي وَعَنْ عَجَبِي بِنَفْسِي وَعَنْ كُلَّ مَا يُزَيِنِّي وَأقْبَل أنْ أتَضِعْ كَرَامَةً لإِتِضَاعَك فَالإِله صَارَ إِنْسَان وَنَحْنُ عِنْدَمَا نُصَلِّي القِسْمَة نَقُول ﴿ المِزْوَدٌ حَمَلَكَ كَمِسْكِينٍ وَالخِرَقُ لَفَّتُكَ وَالأذْرُعُ حَمَلَتُكَ وَرُكَبُ البَتُولِ عَظَّمَتُكَ وَالفَمُ قَبَّلُكَ وَاللَبَنُ غَذَّاكَ ﴾( قِسْمِة " أيُّهَا الكَائِن الَّذِي كَانَ " ) فَنَجِد أنَّ إِخْوَتْنَا اليَهُود كَانَ فِي فِكْرُهُمْ أنَّ المَسِيَّا سَوْفَ يَأتِي كَمَلِك وَيُحَرِّرَهُمْ مِنْ الرُومَان وَاليُونَان وَالعُبُودِيَات وَيَفْتَح لَهُمْ مَمَالِك وَيُعْطِيهُمْ كُنُوز وَثَرَوَات وَلكِنَّهُمْ إِتْصَدَمُوا بِالْمَسِيح فَوَجَدُوه مُتَضِع وَبَسِيط وَلَيْسَ مَعَهُ مَال وَلَيْسَ لَهُ سُلْطَان بِالجُيُوش وَلكِنُّه أسَّس مَمْلَكَة رُوحِيَّة وَقَالَ لَهُمْ ﴿ مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا العَالَم ﴾ ( يو 18 : 36 ) فَلاَ تَطْمَع أنْ يَكُون لَك مَمْلَكَة فِي هذَا العَالَمْ وَلاَ تَطْمَع أنْ يَكُون لَك سِيَادَة وَلاَ مَرْكَز لأِنَّ سَيِّدَك لَمْ يَقْبَل أنْ يَأخُذْ أي مَكَانَة بِالعَكْس أخَذْ مَكَان أحْقَر مِنْ أنْ يَقْبَلُه أضْعَف البَشَر لِكَيْ يُشَارِكْنَا ضَعْفِنَا فَإِذَا قَبَلْنَا هذَا العِيد بِإِيمَان سَيَتَغَيَّر قَلْبِنَا وَفِكْرِنَا وَاهْتِمَامَاتْنَا وَلكِنْ نَحْنُ مَغْمُوسِين فِي شَهَوَات وَفِي الإِهْتِمَامَات الأرْضِيَّة مَغْرُوسِين فِي أُمور لاَ يَقْبَلْهَا الله لأِنَّهُ يُرِيدْ أنْ نَعِيش بِحَسَبُه فَالله تَجَسَد حَتَّى نَرَاه﴿ تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ ﴾ ( 1بط 2 : 21 ) وَتَرَى كَيْفَ عَاش الْمَسِيح وَكَيْفَ إِتْهَان وَقَبَلْ الإِهَانَة فَكَيْفَ لاَ تَقْبَل أنْتَ الإِهَانَة ؟ وَكَيْفَ ظُلِم الْمَسِيح وَأنْتَ لاَ تَقْبَل الظُلْم ؟!! فَالْمَسِيح عَاش بَسِيط وَأنْتَ تُرِيدْ أنْ تَعِيش فِي مَمْلَكِة وَالْمَسِيح عَاش مُحِبْ لِلكُلَّ حَتَّى أعْدَائُه وَأنْتَ تُغْلِق قَلْبَك وَتَخْتَار النَّاس فَافْتَح قَلْبَك لِلْمَسِيح لأِنَّهُ جَاءَ لِيُغَيِّر طَبْعَك وَأي مَرَّة تُوضَعْ فِي إِخْتِبَار صَعْب أُنْظُر إِلَى رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَهُوَ الَّذِي سَيَحِل لَك المُشْكِلَة وَعِنْدَمَا تُظْلَم أُنْظُر إِلِيه ﴿ لَيْسَ عَبْدٌ أعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ ﴾ ( يو 13 : 16) فَرَبِّنَا يَسُوع جَاءَ لِيُؤسِّس حَيَاة وَيُؤسِّس مَلَكُوت وَطَرِيق لِلتُوبَة لَنَا وَمِنْ أفْرَاح التَّجَسُّد أنَّ هذَا الجَسَد الضَعِيف هُوَ الجَسَد الَّذِي سَوْفَ نَدْخُل بِهِ إِلَى السَّمَاء بِنَفْس شَكْل أجْسَادْنَا فَالْمَسِيح دَخَلْ إِلَى السَّمَاء وَجَلَس عَلَى العَرْش كَسَابِق مِنْ أجْلِنَا بِنَفْس مَلاَمِح تَجَسُّدِهِ وَكَرَامَة لأِجْسَادْنَا سَنَدْخُلْ بِنَفْس هَيْئِة الجَسَد وَلَيْسَ بِنَفْس طَبِيعْتُه وَكَانَ قَدِيماً يَقُول النَّاس لله ﴿ يَا جَالِساً عَلَى الكَرُوبِيم أشْرِقْ قُدَّامَ أفْرَايِم وَبِنْيَامِينَ وَمَنَسَّى ﴾ ( مز 80 : 1 – 2 )﴿ لَيْتَكَ تَشُّقُّ السَّموَاتِ وَتَنْزِلُ ﴾ ( أش 64 : 1) فَفِي عِيد التَّجَسُد تَحَقَّق هذَا وَالجَالِس عَلَى الشَارُوبِيم ظَهَر قُدَّام أفْرَايِم وَمَنَسَّى النَسْل المَحْبُوب لله وَشَقَّ السَّمَاء وَظَهَر وَنَزَل حَتَّى يَجُول فِي وَسَطْنَا فَهُوَ حَلَّ بَيْنَنَا وَسَكَنْ مَعَنَا وَكَلِمَة " حَلَّ " فِي التَرْجَمَة اليُونَانِيَّة تَعْنِي " أنَّهُ نَصَبَ خَيْمَتُه وَسَيَظَلْ مَعَنَا كَمَا وَعَدْنَا "﴿ هَا أنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ ﴾ ( مت 28 : 20 ) رَبِّنَا يُعْطِينَا بَرَكِة هذَا التَجَسُد المَجِيد فِي حَيَاتْنَا وَنَخْتَبِر وُجُودُه فِي حَيَاتْنَا وَنَخْتَبِر وُجُودُه فِي أجْسَادْنَا وَنُكْرِم أجْسَادْنَا وَأنْ نَحْيَا فِي إِتِضَاع وَأنْ نُشَارِكُه فِي كُلَّ أيَّام حَيَاتُه عَلَى الأرْض رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
07 يناير 2023
ملامح الميلاد السبعة
هذا أعجب ميلاد عرفه العالم لأن السيد المسيح ولد من عذراء بتول بطريقة لم يولد بها أحد من قبل ولا من بعد . إنها فخر جنسنا سيدتنا وملكتنا كلنا القديسة العذراء مريم دائمة البتولية كانت السقطة الأولى هي الكبرياء فكان العلاج هو بالاتضاع عجيب هذا الميلاد .. عجيب هو صاحبه .. وعجيبة هي وقائعه .. الله العظيم الأبدي .. يتجسد لأجلى ولأجلك .. قمة الاتضاع التي تتضح من خلال سبعة ملامح تشكل يوم 7 يناير حيث احتفلنا ...
1 - فتاة من الفقراء قدمت نقاوتها ، هي العذراء مريم المخطوبة لشيخ قديس يوسف النجار ( متی ۱ : ۱۸ ) .
٢ – رعاة من البسطاء قدموا أمانتهم ، هم الذين كانوا يحرسون قطعانهم ليلا ( لوقا ۲ : ۸ )
۳ - مجوس من الغرباء قدموا هداياهم ، جاءوا من نواحي الشرق يبحثون عن الملك المولود ( متی ۲ : ۲ )
4 - قرية صغيرة قدمت مكاناً هي قرية بيت لم الصغيرة في أرض يهوذا ( متى٦:٢)
٥- حظيرة حقيرة قدمت دفئاً ، مذود حيوانات وقد جعلته دافنا بأنفاسها ( لوقا ٢ : ١٦ ).
٦ - ليلة مظلمة قدمت عهداً جديداً ، كان الوقت شتاء حيث الليل الطويل والبرد القاسي ( لوقا ۲ : ۹ )
٧- ملائكة سمائية قدموا أنشودتهم الخالدة : المجد الله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبـالـنـاس المسرة ( لوقا١٤:٢)
والسؤال الآن : ماذا ستقدم أنت ؟! هل ذهباً .. أقصد قلبك .. وروحك .. أم لباناً .. أقصد صلاتك .. دموعك . .. أم مرا .. أقصد تعبك .. وجهادك .. قدم صلحاً حباً .. عطفاً .. تسامحاً .. ابدأ بدءاً حسناً . وكل عام وجميعكم بخير وبلادنا مصر في سلام ووئام وكنيستنا في محبة وأمان .
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
06 يناير 2023
فاعلية العيد في حياتك
لقـد بارك طبـيـعـتنا وقـدم لنا الصـورة الإلهـيـة .. وبميلاده عـلـمـنـا الـزهـد والاتـضــــاع والحـب. مـيـلاد المسـيـح فـــــــاصـل بين تاريخ وتاريخ. هل ميلاد المسيح قصة حدثت من حوالي عشرين قرنا ، ورواها التاريخ ، وكتبها الآباء الرسل في الإنجيل ، وانتهى الأمر ؟ ! أم أن ميلاد المسيح حدث حي ، لايزال يعمل في البشرية بفاعليته ، ويعمل فيك أنت أيضا ؟
١- أول فاعلية أنه بارك طبيعتنا لقد قدس الطبيعة البشرية ، وأعطانا الدليل العملى على امكانية القداسة بهذه الطبيعة عينها ، فيما كان مجربا مثلنا في كل شيء ، بلا خطيئة ، ( عب ٤ : ١٥ ) . قدس هذا الجسد ، ولم يعد الجسد خطينة أو يقود إلى خطيئة ، كما يظن البعض ! بل أصـبـح جـسـدنا هو هيكل لله ، والروح القدس يحل فيه وفي ذلك يقول لنا الرسول « فمـجـدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله ( 1 کو ٦ : ١٩ ، ۲۰ ) هذه الفاعلية في مباركة طبيعتنا ، ننالها أولاً بالمعمودية ثم بالميرون . ويقول القديس بولس عن هذا : "لأنكم كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح ، قد لبستم المسيح » ( غل ٣ : ٢٧ ) ويقول القديس يوحنا "المسـحـة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم "( ١ يو ۲ : ۲۷ ) وبمباركة المسيح لطبيعتنا ، أعطانا أن نصير أولاد الله بالميلاد الثاني "وأمـا الذين قبلوه ، فـأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله" ( يو١ : ۱۲ ) . وكيف يصيرون ؟ بأن يولدوا من الماء والروح كما قال لنيقوديموس ( يو ٣ : ٥ ) لقد قدم لنا السيد المسيح في ميلاده الصورة الإلهية التي خلقنا على شبهها ومثالها ، لأنه « صورة الله غير المنظور ، ( کو ١ : ١٥ ) . ونحـن كلمـا اقـتـربنا الى المسيح ، يصـيـر لنا الرجـاء أن نتـغـيـر الى تلك الصورة عينها ، من مجد الى مجد » ( ۲ کو ۱۸ ) أتراك في صـورته ، وقد اتبعت المثـال العملي الذي تركه لنا ؟ هل أنت ابن لله باللقب ، أم ابنه بالنعـمـة وبالحياة التي تعمل فيك " كما قال القديس يوحنا الحـبـيب « بهذا أولاد الله ظاهرون » ( ١يو ۳ : ۱۰ ) . « إن علمتم أنه بار هو ، فأعلموا أن كل من يفعل البر مولود منه » ( ١یو ۲ : ۲۹ ) فأنت ابن لله ، مولود من الماء والروح ، ولك صورة الله وبحياة البر التي تحياها تظهر أنك ابن لله .. لأن أبناءه لهـم صـورته في البـر والقداسة.
٢- ومن فاعلية الميلاد فينا أنه يعلمنا الاتضاع . إن صورة الميلاد العجيبة ، في مذود البقر ، في قرية بيت لحم الصغيرة ، من أم فقيرة هي العذراء مريم ، في رعاية نجار فقير هو يوسف ، إنما تعطينا فكرة عن الزهد في الغني وبتعمقنا في هذه المعاني نتغير الى هذه الصورة عينها .. هذا المسـيح الزاهد ، الذي لم ينزل الى العالم على أجنحة الشاروبيم ، ولا في مركبة نورانية ، بل أخلى ذاته وأخذ شكل العبد انما يعلمنا الاتضاع . وفاعلية صورة ميلاده تنخس ضمائرنا كلما انتفخت نفوسنا وتكبرت ... ما أعظم هذا الحب الذي أحبنا به حـتى ارتضى أن يولد في مذود . إن قصة الميلاد في جوهرها هي قصة حب قصة تبدأ بعبارة « هكذا أحب الله العالم ... الحب ( يو ٣ : ١٦ ) .
٣- وأهم فاعلية في ميلاده هي الحب كم أحبنا صار بيننا ، وحتى دعى يسوع ، ای مخلص لنا وحتى دعى « عـمـانوئيل ، أي الله معنا وبهـذا الحـب وحـدنا به ، فـصـار هـو الرأس ونحـن الـجـسـد وصـار هو الكرمـة ونحن الأغصان ، ومعه في السماء ومعه في كل مكان نجتمع فيه كما قال « حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسـمي . فهناك أكـون في وسطهم » ، وكما قال أيضا « حينما أكون أناء تكونون أنتم أيضا( يو ١٤ : ٢ ). قصة الميلاد تعطينا فكرة عن محبة الآب للبشرية ، وعن محبة الابن لها . إن الابن قد قدم لنا محبة الآب . عرفنا كم هو يحبنا ، ورأينا في شخصه « من رآني فقد رأى الآب » ( يو ١٤ : ٩ ) . « الآب لم يره أحـد قط . الابن الـوحـيـد الكائن في حضن الآب هو خبر » ( یو١ : ۱۸ ) وعلمنا أيضا في هذا الحب أن ندعو الله أبانا . وقال لنا عن كل طلباتنا « أبوكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها" لقد جاء المسيح الى العالم ، فعلمنا المحبة ، وقال لنا إن المحبة هي الوصية العظمى ، وأن لها شطرين : الأول هو محبة الله ، والثاني محبة الناس . وقال" بهذا يعلم الجميع أنكم تلاميذي ، إن كان لكم حب بعضكم نحـو بعض" وعرفنا رسوله يوحنا أن الله مـحـبـة من يثبت في المحبة ، يثبت في الله ، والله فيه .... [ البقية العدد المقبل].
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
05 يناير 2023
كيف نستقبل العيد
نستقبله بالفرح :
ينبغي أن نفرح بميلاد المخلص ، فلا ندع شيئاً من الحزن يعطل فرحنا بمجيء الرب ليفتقدنا بمحبته العجيبة « المشرق من العلا ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي يهدی في طريق السلام » ( لو ۱ : ۷۹ ) . الفرح الروحي بالعيد هو علامة تقدير وإعجاب بعمل الرب في مجيئه وميلاده لأجلنا . لهذا فعندما بشر الملاك الرعاة الساهرين بميلاد السيد المسيح قال لهم « ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب » ( لو ۲ : ۱۰ ) . إن البشرية لم تعرف فرحاً يفوق هذا الفرح ... إنه الفرح بخلاصها من الهلاك الأبدي ... والفرح بمصالحتها مع الله المحبوب ... والفرح بامكانية الحياة إلى الأبد في أحضان الله المحب ... والفرح بحياة القداسة التي تفوق كل عقل وكل وصف ، ويعجز عن التعبير عن مجد بهائها كل لسان . إن ملايين التسابيح لا تكفى لوصف امجاد هذا الخلاص الإلهى العجيب . وملايين الكتب والأناشيد لا تكفى للتعبير عن محبة الله التي ظهرت في تجسد الكلمة إبن الله الأزلى . لم تكتم جماهير الجند السمائي فرحتها فخرجت تهتف في ليلة مولده بهتاف التمجيد والفرح والسلام والمسرة ... ألوف ألوف وربوات ربوات السمائيين إحتفلت في تلك الليلة التي هي ملء الزمان ، وصارت السماء تموج بالفرح والتسبيح وشاهد الرعاة الساهرين لمحة من هذا الموكب العظيم في لحظات من التجلي والإنبهار والإعلان السمائي ... جميع القديسين في كل الأجيال طوبوا العذراء القديسة والدة الإله « كلمة الله المتجسد » . ومدحوا تلك المطوبة وحركوا قيثاراتهم الروحية عازفين أعذب الأنغام عليها ، يتغنون بأسرار مجيدة عظيمة عجيبة إحتارت فيها ألباب العلماء وذاقت من حلاوتها قلوب البسطاء والفهماء .
نستقبله بالتأمل :
في النبوات والرموز التي تحققت بمجيء المخلص . هذا العمل الإلهى العجيب الفائق للعقول ، سبقته الآلاف من الرموز والنبوات التي تحققت جميعها بمجيء المخلص ... كان الرب يعلم مقدار عظمة هذا الخلاص لهذا سبق فأعد له لكي تقبله بكل بساطة عقول البسطاء المحبين للحق « كل من هو من أحق يسمع صوتی » ( یو ۱۸ : ۳۷ ) .
ميلاد الرب في بيت لحم : « أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل » ( میخاه : ۲ ) . فلكي تتحقق هذه النبوة رتب الرب أن يصدر أمر من أوغسطس قيصر لكي يكتتب كل المسكونة « فذهب الجميع ليكتتبوا كل واحد إلى مدينته . فصعد يوسف أيضاً من الجليل من مدينة الناصرة إلى اليهودية إلى مدينة داود التي تدعى بيت لحم لكونه من بيت داود . وعشيرته . ليكتتب إمرأته المخطوبة وهي حبلى . وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد » ( لو ۲ : ۱- 6) . ولد المسيح الملك إبن داود في مدينة داود ، وتسجلت هذه الواقعة في الاكتتاب الأول الذي جرى إذ كان كيرنيوس والى سورية ( لو ٢ : ١ ) . وحفظ تاريخ الإمبراطورية الرومانية واقعة مولد السيد المسيح في بيت لحم حتى لا تمحوها حادثة مذبحة الأطفال بعد ذلك هناك ، ما أعجب الله في تدابيره التي تتم بكل حكمة وإتقان في ملء الزمان .
ميلاده من عذراء : « ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو إسمه عمانوئيل » ( أش 7 : 14 ) . لم يكن مفهوماً كيف تحبل عذراء !! واستمر هذا السر مغلقاً حتى بشر الملاك العذراء الطاهرة القديسة مريم بميلاد الكلمة الأزلى متجسداً من الروح القدس ومنها ... وظهر ملاك الرب أيضاً ليوسف خطيب مريم في حلم مؤكداً له إتمام ذلك بالفعل حسب نبوة اشعياء النبي « وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل : « هوذا العذراء تحبل وتلد إبناً ويدعون إسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا » ( مت ۱ : ۲۲ ، ۲۳ ) . لقد سبق الرب فاعلن بفم أنبيائه القديسين هذا العجب العجاب الذي تم في ملء الزمان لكي لا يتعجب ذوى الألباب .
ميلاده في المزود : « فولدت إبنها البكر وقمطته وأضجعته في المزود . إن لم يكن لهما موضع في المنزل » ( لو ۲ : ۷ ) لقد أمر الرب في القديم بتقديم ألوف الملايين من الذبائح الحيوانية تكفيراً عن خطايا شعبه حتى جاء الذبيح الحقيقي « حمل الله الذي يحمل خطية العالم » ( يو 1 : ۲۹ ) . لهذا ولد الرب بين الذبائح من الحيوانات في المزود ليعلن أنه هو ذبيحة الخلاص الوحيدة عن جنس البشر .
لستقيله ببساطة القلب
فإن جميع أحداث الميلاد أحاطتها البساطة بعيداً عن مظاهر العالم . وحتى تقدمة المجوس لم تأخذ مظهر العظمة العالمية بقدر ما كانت تحمل رموزاً قوية إلى معان روحية سامية . مثل ملك السيد المسيح وكهنوته وآلامه ( ذهبا ولباناً ومراً ) ... سجدوا وإنصرفوا في طريق أخرى إلى كورتهم .
مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد الثانى عام 1990
المزيد