المقالات

12 يناير 2024

أطفال بيت لحم الشهداء

في ذلك الزمان، أتى إلى مدينة أورشليم مجوس من المشرق قائلين: أين هو المولود ملك اليهود. فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له" (متى2:2). فاضطرب هيرودوس الملك، المعروف بالكبير، واضطربت أورشليم معه.كان الملك مريض النفس، شديد الخوف على ملكه، ظنّاناً ، شكاكاً بأهل بيته وأعوانه، بكلّ قريب وبعيد، حاسباً الجميع متآمراً عليه. ولم يكن خوفه من دون مبرّر ولو بلغ لديه مبلغ الوسواس. فقد حسبه اليهود مغتصباً لأنه آدومي من غير جنسهم، رغم أن الآدوميين كانوا قد اقتبلوا اليهودية عنوةً كمذهب منذ بعض الوقت (في حدود السنة ١٢٥ ق.م).ولما كان هيرودوس قد ‏تزوّج عشر نساء فقد أنجبن له ذكوراً كثراً كلهم اشتهى الخلافة حتى بات القصر مسرحاً لعشرات المؤامرات والفتن ويذكر التاريخ أنّه قتل الكثير من أبنائه وبالنهاية مات هو والدود يأكله.في هذا الجو الموبوء، المشحون، الحافل بالمؤامرات والمكائد، لجأ هيرودوس إلى التصفية الجسدية، ففتك بأبرز ‏أعضاء مشيخته وبزوجته مريمني وأمِّها الكسندرا وابنيها وورثته وخيرة أصدقائه. وكان مستعداً للتخلّص من أي كان إذا ظنّ أنه طامع بملكه.لهذا السبب كان لخبر المجوس عليه وقع الصاعقة، فاستدعى، للحال، رؤساء الكهنة والكتبة وسألهم أين يولد المسيح، ودينونة رؤساء اليهود أن كتبهم النبوية تخبرعن ولادة الصبي وحالتهم لحب السلطة لا تختلف عن حالة هيرودس. كان الجو عابقاً بالحديث عن المسيح الآتي. ولم يكن هيرودوس غريباً عن أحاديث الناس، لاسيما وقد ‏ارتبطت صورة المسيح في الأذهان باسترداد المُلك المغتصب وعودة اليهود إلى الواجهة.لهذا كان هيرودوس معنياً بالأمر بصورةٍ مباشرة. وإذ فهم أن بيت لحم اليهودية هي المكان اصطنع حيلة للقضاء على الصبي، فاستدعى المجوس، سرّاً، واستعلم منهم منذ كم من الوقت ظهر لهم النجم. هذا كان من المفترض أن يعطيه فكرة عن عمر الصبي. وإذ تظاهر بأنّه مهتم بالسجود لمن يرومون هم السجود له، أطلقهم إلى بيت لحم ليبحثوا عن الصبي، ومتى وجدوه أن يرجعوا إليه ويخبروه.وبعد أن هداهم ملاك الرّب بهيئة نجم إلى موضع الصبي، سجدوا وقدّموا له الهدايا لبانًا ومرًّا وذهبًا. وإذ همّوا بالعودة إلى بلادهم عن طريق أورشليم، أُوحي إليهم في حلمٍ فانصرفوا في طريق أخرى. أمّا الصبي وأمه فأخذهما يوسف، بأمر الملاك، وانحدر بهما إلى مصر.انتظر هيرودوس بفارغ الصبر عودة المجوس فلم يعودوا ولا أرسلوا له خبراً بشأن الصبي. ولما طال انتظاره، على غير طائل، تيقّن أنهم سخروا به وخدعوه، فاستبدّ به غضب شديد وقام فأرسل إلى بيت لحم والتخوم وقتل جميع الصبيان فيها من عمر سنتين فما دون على حسب الزمان الذي تحقّقه من المجوس. ‏هؤلاء هم الشهداء الأوائل الذين سقطوا باسم الرّب يسوع بعد ولادته بالجسد.الليتورجية تقول عنهم إنّهم "مقدِّمة للحمل الجديد الذي سيتألم ويُذبح لأجل خلاصنا" (صلاة السحر قطعة الأبوستيخن الثالثة)، وقد حصلوا ذبيحة أولى لميلاد المسيح الإله الطاهر، وقُدِّموا له كعناقيد، وصار لهم أن يتهلّلوا " لأنّهم ذُبحوا من أجل المسيح" (صلاة الغروب ذكصا الأيوستيخن). ‏متى الإنجيلي الذي أورد خبر أطفال بيت لحم ربطه بإرميا النبي القائل: "صوتُ سُمع في الرامة، نوح وبكاء وعويل كثير. راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزّى لأنّهم ليسوا بموجودين" (١٨:٢). إرميا كان يتحدّث عن القبائل المنتمية إلى راحيل، كأفرام ومنسّى، وهي في طريق السبي إلى آشور وربما بابل. نذكِّر بأن قبر راحيل كان قريباً من بيت لحم وان إرميا بعدما أشار إلى بكاء راحيل أردف قائلاً: "هكذا قال الرّب. امنعي صوتك عن البكاء وعينيك عن الدّموع لأنّه يوجد جزاء لعملك يقول الرّب... ويوجد رجاء لآخرتك..." (إرميا31‏:16-17‏). ثم أضاف، في الإصحاح عينه: "ها أيام تأتي يقول الرّب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً... أجعل شريعتي في داخلهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً... سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم لأني أصفح عن إثمهم..." (إرميا31:31-34). من هنا يبدو مقتل أطفال بيت لحم رسماً لمعاناة شعب الله للمؤمن به ‏في كلّ تاريخه وإيذاناً بتمام وعود الله بأنبيائه في تجسّده."أيّها الرّب الذي قبل الدهور إنّك لم وُلدت من البتول وصرتَ طفلًا لأجل صلاحك، قُدّم لك مصفّ الأطفال بدم الاستشهاد، متلألئّةً نفوسهم الصافية بعدل، فأسكنتهم في المنازل الدائمة الحياة، معلنًا رداءة هيرودس وغباوته القاسية جدًا". (أبوستيخن من الغروب). بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس
المزيد
11 يناير 2024

دروس من الميلاد

كل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الجديد وعيد الميلاد المجيد أعاده الرب عليكم وعلينا ونحن في كامل الصحة والسعادة في كل عام نحتفل بعيد الميلاد المجيد نتعلم دروس جديدة من هذا العيد، ربنا يعيننا حتى نحياها.. الدرس الأول: معرفة ورؤية الرب الرب موجود في كل مكان ومن أراد أن يراه سيراه ولكن من لا يريد أن يراه لن يراه. هكذا في ميلاده ولد في بيت لحم، ولم يره أحد إلا الرعاة رغم انه ولد في وقت كانت القرية مليئة بالناس وكذلك المجوس البعيدون رأوا نجمه وأتوا ليروه والعجيب أن رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين عرفوا مكانه وأخبروا هيرودس عنه، ولكنهم لم يروه ولم يستمتعوا به. الدرس الثاني: تسبيح الرب في ميلاد السيد المسيح له المجد، سبحت الملائكة التسبحة الجميلة «الْمَجْدُ اللهِ في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة (لو ١٤:٢)، وكل من التقى بالمولود سبح الله؛ فهل نحن أيضا سبحنا الله؟ كانت أمامنا فرصة شهر كيهك بكامله تصلى وتسبح فهل استفدنا منها؟! لكن أمامنا أيضا السنة كلها بإمكاننا أن نصلي ونسبح فيها للرب، فما أجمل التسبيح إنه شركة مع السمانيين وعمل القديسين والحياة في السماء ونحن على الأرض. إنه عينة مما سنفعله في السماء قال أحد الآباء: «إن من يقتني الصلاة والتسبيح يدخل في طغمة الروحانيين دون عناء». الدرس الثالث: تقدمة للرب: وفي العهد القديم نري كثيرين قدموا تقدمات للرب، وكانت هذه التقدمات تُسمّى أيضا «قرابين»، لأنهم يتقربون بها إلى الله. ولكن لماذا قبل الرب تقدمات القديسين؟ كانت تعبيرا عن الحب وتقديم القلب الله. وكانت تحمل أحيانا شعور الانسحاق والاعتراف بالخطية، كما في ذبائح الخطية وذبائح الإثم والمحرقات التي قدمها أيوب عن أبنائه (أي ٥:١) وأما بالنسبة لهدايا المجوس فنتعلم منها: الذهب: يرمز إلى الشيء الثمين ويرمز إلى النقاوة. ولذلك نرى كيف كان الذهب مستخدما في الهيكل في العهد القديم كان تابوت العهد مغشي بالذهب النقي من الداخل والخارج وغطاؤه من ذهب نقي، والكاروبان اللذان عليه من الذهب أيضا، وكانت المائدة مغشاة بالذهب النقي، والأواني من الذهب النقي (خر (۳۷). كل هذا كان رمزا إلى عظمة الخدمة ونقاوتها. الذي يشعر أن نفسه غالية، يجب أن لا يفسدها. إن كانت نفسك غالية عند الله والناس، حافظ عليها، ولا تتسبب في هلاكها وضياعها، ولا تسمح أن تفقد نقاوتها وتفقد صورتها الإلهية لتكن باستمرار ذهبا خالصا نقيا مثل منارة الذهب والمجمرة الذهب، وتابوت العهد... إن المجوس لما قدموا للرب ذهبا، قدموا أثمن ما عندهم. اللبان: اللبان يرمز إلى الكهنوت وإلى العبادة. يرمز إلى الكهنوت لأن اللبان هو حبات البخور التي توضع في المجمرة، وتقديم البخور هو من عمل الكهنة فقط (خر ٨:٣٠). وبخور اللبان يرمز إلى العبادة أيضا، كما يقول المرتل فلتستقم صلاتي كالبخور قدامك. وليكن رفع يدي كذبيحة مسائية» (مز٢:١٤١). وقيل عن البخور في سفر الرؤيا إنه صلوات القديسين صلوات القديسين هي بخور زكي الرائحة، صاعد إلى الله... فالأربعة والعشرون كاهنا، كانوا يحملون جامات من ذهب «مملوءة بخورا هي صلوات القديسين» (رؤه:۸) وحبات اللبان حينما توضع في النار، تتحول إلى بخور أو دخان تذكرنا بصلوات القديسين والبخور اللبان المحترق) يعتبر ذبيحة، كانت تقدم إلى الله على مذبح البخور (خر :٣٥:٣٧). فهل أنت تقدم حياتك كلها، وليس مجرد صلاتك كذبيحة الله، كمحرقة بخور ؟ ليتك في هذا تستمع إلى قول الرسول «أطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة، مرضية عند الله عبادتكم العقلية» (رو ۱:۱۲) نفسك الثمينة يمثلها الذهب. وعبادتك النقية يمثلها اللبان المحترق كبخور فماذا عن المر إذن؟ الـمــــــــر: المر هو رمز الألم. وهو أيضا عطر سائل. ولذلك قيل في سفر النشيد ومعطرة بالمر واللبان» (نش ٦:٣) المر في رائحته عطر، وفي مذاقته مر. وهذا يعطينا فكرة جميلة عن الألم الذي يرمز إليه المر... إنه في نفس الوقت عطر، أي أن الآلام لها رائحة زكية أمام الله، فتتعطر الكنيسة بآلامها حينما تقف أمام الله. ويتنسم الله من الأمها رائحة الرضا. وكل عام وأنتم بخير نيافة الحبر الجليل الانبا تكلا مطران دشنا
المزيد
10 يناير 2024

التجسد الإلهى والرجاء

جاء لنا الرجاء متجسداً إن كان يومك ملبدًا بالغيوم . وليلك لا تظهر فية النجوم، إن كنت تعانى الوحدة والإحزان أو تعيش الاضطهاد والحرمان ، إن أحسست أن أبواب السماء مغلقة وقد صارت نحاسًا يطن او صنجاً يرن ، إن عشت الخوف وعدم الأمل ، وحتى أن وصل بك الحال انك تنتظر الموت ولإ تجده ، إن وجدت أن لا احد يسمعك ولا أحد يزيل همك وأحزانك، إن كان هذا حالك وأحسست كأنك هالك ولا أحد يذيل همك وأحزانك ، إن اشتدت ظروف الضيق ورايت ان ماضيك مظلماً وحاضرك معاناة والآم ، ومستقبلك ملبداً بالغيوم والضباب فليست هذه النهاية فإليك جاء رجاء من ليس له رجاء، جاء الرب يسوع ليبحث عن من هلكَ وليعطيه حياة أفضل ، هو حبيب لمن ليس له حبيب وهو نعم الصديق طوال الطريق . جاء اللإله المحب متجسداً ليعلن محبته لك أنت ولمن حولك ، ان أمرك وخلاصك وأبديتك تهمه كثيراً جداً، انه أفتقر ليغنينا وجاع ليشبعنا وبذل دمه الثمين ليهبك حياة أبدية ثق حبيبى أن الشمس غلف الغيمة وبعد ظلام الليل يشرق شمس البر. إن الرب يسوع المسيح تجسد وعاني الوحدة وترك الأحباء، وعاني الظلم والقيل والقال والجميع وقت الصلب تباعد عنه ومال ، جاء ليبشر المساكين ويعتق المأسورين ويبشر منكسري القلوب، جاء يبحث عن الخروف الضال ويعطي الأمل للسامرية الخاطئة. هو يسمع الدعاء جاء ليعطي للبائسين الرجاء ويمنح لنا الأمل في الحياة ، جاء ليقوي الضعفاء، ويهب المرضي الشفاء، ويدافع عن المظلومين، انه الصديق الصدوق، والحبيب الذي لا يفارقنا في اليأس والشقاء، انه العريس الأبرع جمالاً لمن فاتهم قطار الزواج ، انه المحبة والوفاء، انه الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف ويهبهم حياة أفضل، انه المخلص لمن استعصي عليه الخروج من الخطية المهلكة للنفس والروح، انه الألف والياء، البداية والنهاية، وسيبقي أمينًا حتى لو كنا نحن غير أمناء. غد أفضل مع المسيح تعالى إليه أيها المُتعب وأنت تستريح وتفرح إلى الأبد. تعالوا إليه وبثوا إليه شكواكم وأحزانكم والآمكم وأمالكم في الحياة . أعترف له بخطيئتك وبضعفك وخوفك وان لم تستطع أجلس أمامه وتأمل محبته، هاتوا معكم كلاما وقولوا بك يرحم اليتيم وبك تفرح وتتعزى الأرملة، بك نحمل الصليب ونتبعك من كل القلب ، فأتحد به وهو القوي واتخذه صديقا وهو الوفي واشكوا له همك وهو يعولك . قل له العمر ضاع وأنا الآن وسط برية السباع وليست لي قوة للدفاع، أنت صخرتي وقوتي وحمايتي ، وفي قوتى أنت أملي الوحيد أدرك انك قادر واعلم انك محب وقيل عنك الكثير ، ولكن أريد أن تكون لي ومعك ينتفى من حياتى الوحدة والغربة، أحب أن يكون يومى هذا نقطة تغيير في حياتى وللأبد، أنا بك ولك ومعك لا أريد شيء علي الأرض، فأنت الهى وأبى وأحن من الأم ومدافع عن المظلومين وهم صامتين، أمسك يدى وقدنى كما تشاء ، لساعة انطلاقى إلى السماء، أنت مرشدى ومعك غدى سيكون أفضل جدًا أعرف انك تحبنى ولكن أريد أن أمتلئ بالمحبة . اعرف انك الإله ولكن أريد أن اشعر برفقتك لى ، أدرك انك قادر علي كل شىء فهل لك أن تغيرنى، تحررنى من الخوف والضعف والمرض والوحدة، ترشدنى وتفتح أمامى الأبواب المغلقة وتمهد الطرق الوعرة، تعطينى الأمل في مستقبل أفضل في عالم شرير ومظلم . تهبنى السلام وتعطينى الرجاء وتملأ القلب بالمحبة. نعم سيكون أنا هو إلهك الممسك بيمينك القائل"لا تخف لأنى معك"، أنا المحبة المشبعة وسأكون سلامًا وفرحًا لك ، أنا المحرر وها أنا أحررك من الضعف والخوف واليأس، روحي القدوس سيقودك ويحول البرية إلى جنة، وسينبع منك أنهار تجرى لحياة أبدية ، أنا أسير أمامك والهضاب أمهد، أكسر مصاريع النحاس أنا أمس واليوم والي الأبد. ها أنت معنا كل الأيام . فالشكر والحمد والتسبيح لك يا من تجسدت لترفعنا وتجعلنا ابناء للاب السماوى ، نعم يالهي ما أجملك وما أروع عشرتك، قلبي وروحي يسبحان اسمك القدوس، أنت سلامى وأملى ومخلصى وليس لى سواك، تحررنى وتغيرنى وتمنحنى القوة والشبع والعزاء، أريد ان أحيا لا أنا بل أنت تحيا فى. بك لا يقدر علي شيء ومنك سلامي ولك حبى وكلامى، أشكرك يا الهي فليس لك مثيل. القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
09 يناير 2024

ترتيب أحداث الميلاد

حفلت الفترة الأولى لحياة السيّد المسيح على الأرض، بداية من ميلاده في بيت لحم حتّى سُكناه في الناصرة، بمجموعة متتالية من الأحداث.. أحاول في هذا المقال ترتيبها بحسب توقيت حدوثها ومكانها في عشرِ محطّات، بحسب نصوص الإنجيل (لوقا2، ومتّى2)، وهي أهمّ مرجع لنا، وبالاستعانة أيضًا ببعض الأحداث المُثبَتَة في التاريخ: 1- ميلاد السيّد المسيح ليلاً في المذود في قرية بيت لحم. 2- زيارة الرعاة للرب يسوع ليلاً في المذود، بُناءً على ظهور الملائكة لهم في نفس ليلة الميلاد. 3- ختان السيّد المسيح بعد ثمانية أيّام من ميلاده، وهذا حدث غالبًا في أحد البيوت التي انتقلوا إليها بقرية بيت لحم. فبعد أن سمع الناس كلام الرعاة العجيب عن المولود المسيح المُخلّص وظهور الملائكة، قامت إحدى الأُسَر في بيت لحم باستضافة العائلة المقدّسة.. حيث أنّ المذود أيضًا لم يكُن مكانًا مهيّأً بالمرّة لإقامة أي أسرة أكثر من يومٍ أو اثنين..! 4- دخول السيّد المسيح الهيكل بأورشليم بعد أربعين يومًا من ميلاده. ونلاحظ هنا أنّ العائلة المقدّسة لم تعُد سريعًا إلى الناصرة حيث مكان إقامة وعمل القديس يوسف النجّار لأنّ المسافة كبيرة بينها وبين بيت لحم (حوالي120 ميل - 192 كم)، فبدلاً من الذهاب للناصِرة ثمّ العودة في وقت قصير مرّة ثانية للهيكل بأورشليم، فَضَّلوا الانتظار في ضيافة الأُسرة المباركة التي كانوا يقيمون لديها في بيت لحم حتّى يتمّ طَقس التطهير في أورشليم القريبة من بيت لحم (حوالي 6 أميال - 9 كم) وبعد ذلك يعودون نهائيًّا للناصرة. 5- حضور المجوس لزيارة الرب يسوع والسجود له في بيت لحم، بعد أن أرشدهم النجم إلى مكان البيت الذي كان الطفل يسوع يقيم فيه. ويبدو أنّ العائلة المقدّسة بعد انتهائها من إتمام طقوس التطهير في الهيكل بأورشليم، عادت لتجمع متعلّقاتها التي تركتها في بيت لحم، وتنتظر مرور يوم السبت، ثمّ تسافر إلى الناصرة.. وهنا كانت زيارة المجوس لهم في هذا التوقيت، أي مباشرةً بعد أربعين يومًا من ميلاد السيّد المسيح. 6- الذهاب إلى أرض مصر في نفس ليلة زيارة المجوس، بحسب أمر الملاك للقدّيس يوسف. 7- قتل أطفال بيت لحم الذكور من ابن سنتين فما دون بواسطة هيرودس الملك. وعددهم كان أقلّ من مائة طفل، إذ أنّ عدد سكّان قرية بيت لحم في ذلك الزمان لم يكُن يتجاوز عشرة آلاف نسمة على أقصى تقدير. 8- موت هيرودس الملك في فصل الربيع بعد أسابيع قليلة من قتله للأطفال.. وهذا معروف ومُسجَّل في كُتُب التاريخ. 9- العودة من أرض مصر بحسب أمر الملاك للقديس يوسف بعد موت هيرودس. وبهذا تكون العائلة المقدّسة قد قَضَتْ في مصر أيّامًا ليست بالكثيرة، ولكنّها كانت كافية لمباركة ربوع أرض مصر الطيّبة، وتهيئتها لتسكُن فيها خميرة الإيمان والقداسة والبركة للعالم كلّه. 10- الذهاب إلى الناصرة، بحسب أمر الملاك أيضًا للقديس يوسف النجّار، حيث عاد القديس يوسف إلى بيته وعمله هناك. * تعليقات وتوضيحات: جاءني مجموعة استفسارات حول الموضوع يسعدني أن أجيب عليها.. * حول النقطة الأولى: + البعض يتساءل لماذا نفترض أنّ ميلاد المسيح كان ليلاً.. والإجابة أنّنا نفهم هذا من إنجيل معلّمنا لوقا الأصحاح الثاني، عندما جاء الملاك للرعاة وهم يحرسون حراسات الليل (لو2) فليس من المنطقي أن يولَد المسيح بالنهار، ثم ينتظر الملاك عِدّة ساعات ليأتي ويبشِّر الرعاة في منتصف الليل!! + هناك من يتساءل من أين عرفنا أنّ ميلاد السيّد المسيح كان في فصل الشتاء.. والحقيقة أنّ هذا تقليد مُسلّم منذ بدء المسيحيّة وموجود في جميع الكنائس التقليديّة. + تقول بعض الآراء أنّ رعي الأغنام يتمّ في الصيف وليس في الشتاء.. ولكن الحقيقة أنّ رعي الأغنام هو عمل منتشر جدًا في أرض إسرائيل، ولا يتوقّف طول العام صيفًا أو شتاءً، والأغنام التي تتربّى في الشتاء هي التي يتمّ تجهيزها لموسم الفصح الذي يأتي في فصل الربيع. * حول النقطة الرابعة: + يتساءل البعض، لماذا وَضعتُ في ترتيب الأحداث زيارة المجوس للطفل يسوع المولود بعد ذهاب العائلة المقدّسة للهيكل؟ وليس قبل ذلك؟ والإجابة أنّه في نفس يوم زيارتهم للطفل يسوع مساءً، جاء الملاك ليوسف في حلم وأمره بالذهاب لمصر، فقام في نفس الليلة وسافر لمصر.. فإذا كانت زيارة المجوس قبل ذهاب العائلة المقدّسة للهيكل فمتى سيذهبون للهيكل؟! + نلاحظ هنا نقطة هامّة؛ أنّ العائلة المقدّسة لا تستطيع المكوث في بيت لحم لفترة طويلة، إذ ليس لهم فيها بيت خاص بهم، أو عمل يمكن أن يكون موردًا للرزق.. فبيت يوسف وعمله في الناصرة، وهم ضيوف في بيت لحم.. بالتالي لم يكُن من المناسب أن يمكثوا في بيت لحم مُدّة أكثر من الأربعين يومًا سوى أيّام قليلة.. بل الطبيعي أن يغادروا إلى الناصرة في أسرع وقت بعد تقديم المسيح للهيكل وتتميم شريعة التطهير.. ولا يوجَد أي سبب منطقي للمكوث في بيت لحم لمدّة أكثر من ذلك. + هذا يقودنا بسرعة إلى التفكير في أنّ زيارة المجوس، التي تمّت في بيت لحم، لابد أن تكون في خلال هذه المدّة، وليس بعد سنة أو سنتين. + يستشهد البعض بكلمة "الصبيّ"، التي ذُكِرت عن الطفل يسوع عندما زاره المجوس، ويقولون أنّ هذا يوحي بأنّه لم يكُن طفلاً رضيعًا.. وأن زيارة المجوس قد حدثت بعد أكثر من سنة من ميلاد السيّد المسيح.. ولكن الحقيقة أنّ كلمة "الصبي" هي كلمة تصف أي طفل مولود ذَكَر، وقد قيلت عن الرب يسوع عند ختانه بعد ثمانية أيّام (لو2: 21)، وعندما دخل الهيكل بعد أربعين يومًا (لو2: 27)، وقيلت نفس الكلمة عن يوحنا المعمدان في اليوم الثامن لميلاده (لو1: 59، 66، 76).. + مغادرة العائلة المقدّسة لبيت لحم كانت باتجاه أرض مصر، ثمّ عادوا من مصر إلى الجليل، بدون المرور على منطقة اليهوديّة (مت2: 22)، بل عَبر طريق شاطئ البحر المتوسّط. وهناك مغارة على جبل الكرمل بالقرب من حيفا عل البحر المتوسِّط، مكثت فيها العائلة المقدسة بعض الوقت، بحسب التقليد المحلّي للمنطقة، قبل اتجاههم لمدينة الناصرة. * حول النقطة الخامسة: + هذه من أكثر النقاط المثيرة للتساؤلات بسبب معلومات غير دقيقة أو خاطئة كثيرة تمّ تلقينها لأجيال متتابعة، دون قصد، بخصوص زمان حضور المجوس ومكان لقائهم بالمسيح. + نحن في البداية أمام عِدّة حقائق إنجيليّة: المجوس حضروا لبيت لحم وليس الناصرة (مت2: 4-12) - المجوس وجدوا المسيح في بيتٍ وليس في مذودٍ (مت2: 11) - زيارة المجوس جاءت بعد إتمام طقوس التطهير في الهيكل (لو2: 22-38) - أنّ العودة للجليل إلى مدينتهم الناصرة جاءت بعد أن تمّموا كلّ الطقوس (لو2: 39).. ونلاحظ هنا أنّ القديس لوقا لم يذكر حادثة قتل أطفال بيت لحم ولا الهروب لأرض مصر، وقد يعني هذا أنّ المدّة التي مكثتها العائلة المقدّسة في أرض مصر لم تكُن مدّة طويلة، فأغفلها وهو يسرد الأحداث. مع الوضع في الاعتبار أنّ المرجَّح أنّه استقى معلوماته بالتفصيل من السيّدة العذراء شخصيًّا.. + نحن أيضًا أمام حقائق تاريخيّة: أنّ هيرودس الكبير مات في ربيع سنة 4 قبل الميلاد، وهذا ما جاء في كلّ المراجع التاريخيّة، ومرفق رابط لأحدها (https://en.wikipedia.org/wiki/Herod_the_Great) - أنّ السيّد المسيح وُلِدَ في أواخر عام 5 أو أوائل عام 4 قبل الميلاد، وهذا ما جاء في معظم المراجع وأبحاث العلماء والدارسين، ومرفق رابط لأحدها (https://bible.org/article/birth-jesus-christ) وأيضًا (https://st-takla.org/.../01.../050-When-Was-Jesus-Born.html). + الأرجح بعد فهم الحقائق السابقة أنّ زيارة المجوس هي كانت بعد ٤٠ إلى 45 يوما من الميلاد، في أحد المنازل ببيت لحم. + بخصوص موعِد ميلاد السيّد المسيح وحياته.. فقد تمّ تحديد ذلك تبعًا لتاريخ الدولة الرومانية، التى كانت تسيطر على الأمة اليهودية فى ذلك الوقت، ومنها حدّد المسيحيون تاريخهم ابتداءً بمولد السيد المسيح.. وكان التقويم الرومانى يبدأ بتاريخ تأسيس مدينة روما بعد انتهاء الاضطهاد الروماني حاول المسيحيون أن يجعلوا بداية عدّ السنين من سنة ميلاد المسيح، ونجحت دعوة الراهب الروماني «ديونيسيوس اكسيجوس» إلى ذلك، وهو راهب من أوربا الشرقيّة عاش في روما بدأ العمل بالتقويم الميلادي منذ عام ٥٣٢ «رومانية»، واعتَبر ديونيسيوس أنّ المسيح وُلِدَ في عام 753 لتأسيس روما.. ولكنّه للأسف أخطأ في أربع سنوات.. وللاستدلال على صِحّة التاريخ، نذكُر أنّه حسب إنجيل القديس لوقا فإنّ السيد المسيح بدأ خدمته الجهارية التبشيرية في السنة الخامسة عشرة من حكم «طيباريوس قيصر» الذى حكم الدولة الرومانية سنة ٧٦٥ رومانية ، حيث كان عمر السيّد ثلاثين سنة وقتئذ، فيكون ميلاده سنة ٧٥٠ رومانية أي ٤ ق. م. وبعض المؤرّخين القدامى أيضًا يؤكدون أنّ ميلاد السيد المسيح كان قبل مقتل الإمبراطور الرومانى "يوليوس قيصر" باثنتين وأربعين سنة، وهو الحدَث الذي وقع في عام ٧٩٢ رومانية، فيكون ميلاد الرب يسوع أواخر عام 749 رومانيّة، أو أوائل سنة ٧٥٠ رومانية، أي أربع سنوات قبل التاريخ الذي وضعه ديونيسيوس. * حول النقطة السابعة: + السؤال المتكرّر أنّه إذا كان المجوس قد أتوا بعد ميلاد المسيح بأقلّ من شهرين، فلماذا يقتل هيرودس الأطفال الذكور حتّى سِنّ عامين؟ والإجابة في تقديري وفي تقدير الكثير من الباحثين أنّه فعل هذا من فرط انزعاجه عندما سمع من المجوس أخبار ميلاد ملك اليهود الجديد، فحاول أن يتأكّد تماما أنّه قضى على الطفل الرضيع، فأمر بقتل جميع الأطفال الذكور حتى سِنّ سنتين ليضمن بكلّ تأكيد أنّه قتل المسيح وسطهم، مع أنّ المسيح وقتها لم يَكُن قد أكمل شهرين.. كما لا ننسى أنّه كان شخصيّة شرسة وعنيفة، وقتل ثلاثة من أبنائه الأربعة قبل موته. (راجع الرابط في النقطة السابقة). + بخصوص عدد الأطفال، فيرجِّح جميع الدارسين أنّهم كانوا بين عشرين وستّين طفلاً، ولم تُذكَر حادثة قتلهم في أيّ مرجع سوى الإنجيل. * حول النقطة التاسعة: + هذه أيضًا نقطة مثيرة للتساؤلات، بسبب تداول بعض المعلومات غير الموثّقة حول المدّة التي مكثتها العائلة المقدّسة في مصر.. + هناك حقيقة تاريخيّة، وهي موت هيرودس في بداية ربيع عام 4 قبل الميلاد (مارس/إبريل). + السفر من بيت لحم إلى مصر يستغرق حوالي سبعة إلى عشرة أيّام. + التحرك داخل مصر غالبًا ما يكون عن طريق نهر النيل وفروعة التي كانت كثيرة في ذلك الوقت.. ففروع النهر كانت حتّى القرن التاسع عشر هي بمثابة الطرق في أرض مصر، وينتقل عن طريقها الناس والبضائع وكلّ شيء. مع ملاحظة أنّ المناطق المأهولة بالسكان في مصر ليست في مساحات شاسعة، بل فقط حول نهر النيل وفروعه. + بخصوص المخطوطة أو البرديّة المُكتَشَفة حديثًا والتي تذكر أنّ العائلة المقدّسة مكثت في مصر نحو ثلاث سنوات ونصف، فالحقيقة أنّها هي المخطوطة الوحيدة التي تقول هذا، ولكننا لا نعرف كاتبها أو مدى صحّة ما تقوله.. والواقع أنّ ما تذكره البردية من الصعب تصديقه لأنه يصطدم بحقائق تاريخية وإنجيلية أخرى كثيرة.. وتعليقي عليها هو: ١- معلومة الثلاث سنوات ونصف بدأ ترديدها منذ حوالي خمسٍ وعشرين عاما، وقبلها كنا نسمع أنّ العائلة المقدّسة مكثت عِدّة شهور.. وكلّها معلومات غير مؤكّدة. ٢- بحسب المنطق لا داعي للوجود في مصر بعد موت هيرودس، الذي حدث في ربيع عام 4 قبل الميلاد. ٣- القديس لوقا في إنجيله أغفل الذهاب لمصر، وقال أنّهم عادوا لمدينتهم الناصرة بعد أن تمّموا كلّ شيء، وهذا معناه أن الذهاب لمصر كان رحلة سريعة انتهت بموت هيرودس، فلم تأخذ وقتًا كثيرا. وكما ذكرتُ من قبل أنّ القديس لوقا عرف من السيدة العذراء الكثير من التفاصيل الدقيقة ودوّنها، ولكنّه لم يذكر شيئًا عن رحلة مصر. ٤- من الناحية العِلميّة، لا نستطيع أن نعتمد على مخطوطة هنا أو هناك، لأنّ كاتبيها لم يكونوا شهود عيان.. وأحيانا نجد في المخطوطات غرائب ليس لها أيّ أساس من الصحّة. ٥- من الطبيعي أن يوجد في المصريين مَن يحاول تطويل المدّة ليفتخر بهذا كمصري.. ولكنّ أولاد الله يهمهم بالأكثر توضيح الحقيقة، وليس الافتخار من هذا النوع.. فافتخارنا الأعظم هو أنّنا أولاد الله الآب وأعضاء في جسد المسيح وهيكل للروح القدس. ٦- ترديد الكلام بدون فحص هو ثقافة تحتاج إلى تغيير.. فليس من المفيد أبدًا ترديد أيّ شيء نسمعه بدون تدقيق في صحّته. 7- الأماكن التي عبرت عليها العائلة المقدّسة هي أماكن مباركة بحسب تقليدنا القبطي المحلّي.. ولكنها لا تحتاج لسنوات للمكوث فيها أو العبور عليها، بل فقط لأيّام أو أسابيع..! 8- أنا لا أتعرّض في حديثي عن خَطّ سير الرحلة، فهذا موضوع آخَر، بل أقول أنّ مدة الإقامة بمصر لم تكن طويلة، لأن هيرودس مات في أبريل في حين أن الهروب لمصر يُرجّح أنّه حدث في أوائل فبرايركلّ عام والجميع بخير وفرح وسلام،، القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
08 يناير 2024

وبالناس المسرة

المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة (لو ١٤:٢) هذه كانت أنشودة جمهور الملائكة، بعد أن بشروا الرعاة بميلاد المخلص فما معنى بالناس المسرة»، ومتى يسر الله بنا؟ ليس معناها أن المسرة دخلت في قلوب الناس مع أن هذا ما حدث فعلاً، إذ قال الملاك: «فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسـيح الرب (لو٢ ۱۱.۱۰ ) وقد فرح العالم كله بميلاد السيد المسيح اليهود (الرعاة)، والأمم (المجوس) الكل فرح بميلاد المخلص فعلاً، لكن المعنى الحرفي لهذه الآية «أن الله أصبح مسرورا بالناس»، أو أن «مــــســــــرة الله صارت في الناس» وهذا ما قاله الرب في العهد القديم: «ولذاتي مع آدم (أم۳۱:۸) فحين خلق الله الإنسان خلقة لكي يعطيه السعادة والفرح ويجعله شريكا له في أمجاده وملكوته ولكن لما أخطأ الإنسان، صارت هناك خصومة بين الله والإنسان، فصار على الإنسان حكم الموت، وفي داخله طبيعة فسدت بالخطيئة. فماذا فعل الله لأجل الناس؟ أخرج الله الإنسان من جنة عدن حتى لا يأكل من شجرة الحياة، ويحيا في فساد باستمرار، أخرجه بعد أن أعطاه وعدا بالخلاص وأضع عداوة بين وبين المرأة وبين نسلك ونسلها . هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه (أى الشيطان)..» (تك١٥:٣).وبالفعل حينما ولد السيد المسيح الإله المتجسد وظهر الله في شكل إنسـان استطاع أن: يعلمنا طريق الخلاص. يموت نيابة عنا على الصليب. يسكن فينا بالإفخارستيا(التناول). وهكذا تخلص الإنسان من المشكلتين: ١- حكم الموت... إذ مات المسيح عنا. ٢-فساد الطبيعة حين طهرنا المسيح بدمه. ولهذا صار الإنسان موضع مسرة» الله وصار الله مسرورا بالإنسان وانتهت الخصومة، واصطلح الإنسان مع الله؟ ولكن بمن يسر الله؟ الله يفرح بالخاطئ إذا تاب. والتائب إذا شبع روحيًا وأثمر . والمثمر إذا خـدم الآخرين. وتدور الدورة مرة ومرات لأن هذا الخادم سيساعد آخرين على التوبة، وبعد أن يتوبوا يشبعوا روحيًا ويثبتوا في الرب، ويثمروا ثمار الروح، وحينئذ يتحولون هم أيضا إلى خـدام وخادمات، وهلم جرا ! نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
07 يناير 2024

كن ولوداو مثمرا

عندما نحتفل بميلاد السيد المسيح فأننا نحتفل بحدث كونى له جوانبه المتعددة سواء كتابيا أو تاريخيا أو جغرافيا أو نبويا أو روحيا أو إنسانيا ... إلخ ولكن المهم أن نعرف أن السيد المسيح هو الذى اختار ظروف ميلاده بعكس أي إنسان في العالم، لأن كل منا ولد من عائلة لم يخترها وفى بلد لم يختره وفي زمن لم يختره وفي ظروف اجتماعية أو ثقافية أو سياسية لم يخترها، لقد كان بإمكان السيد المسيح أن يولد في بلد الفلسفة مثل أثينا أو بلاد السلطة مثل روما، ولكنه اختار فلسطين حيث قرية بسيطة وأناس بسطاء وبيت فقير، كما أنه اختار فتاة فقيرة ليولد منها.وكان وقت ميلاده متزامنا مع حدث الاكتتاب الإحصاء، الذي أصدره أغسطس قيصر لكل الإمبراطورية الرومانية (لوقا ٢-١) وهو بذلك أخذ رقم مواطن أرضى حيث كثيرا ما قال عن نفسه، إنه ابن الإنسان. وفي ذات السياق نجد أن السيد المسيح يحمل اسمين لكل منهما دالته القوية فى حياة كل من يؤمن به الاسم الأول يسوع ويعني مخلصا (متی ۱: ۲۱) وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم. إنه اسم يشير إلى بداية الخلاص من آثار خطية آدم وحواء، أما الاسم الثانى فهو « عمانوئيل (متی ۲۲:۱) هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا، وهذا هو غنى ميلاد وتجسد السيد المسيح، إذ صار حبا فينا نحن البشر يسكن فينا ومعنا في محبة فائقة المعرفة ولكل ما سبق صار حدث الميلاد حدثا غنيا بكل تفاصيله وأحداثه من اللافت للنظر أنه حدث مثمر بمعنى أن كل شخصياته قدمت شيئًا أو على الأدق ولدت ثمرا مفرحا فالقديسة مريم العذراء ولدت السيد المسيح وقد اختارها بحسب تعبير الملاك لأنها الممتلئة نعمة (لو ۱ : ۲۸) ثم جاءت قرية بيت لحم المغمورة وغير المعروفة والصغرى بين جيرانها فقدمت مذودا بسيطا للحيوانات ليكون مكان السيد المسيح ويصير الأشهر عالميا، وكثيرا ما نجد فى أيقونات الميلاد صورة المذود به حيوانات أهمها الثور والحمار كما تقول النبوة في (إشعيا ٣:١٠) الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم، ثم يأتى الرعاة الذين كانوا في البادية يرعون قطعانهم فيقدموا شغفا وفرحا إذ صاروا أول من علم بميلاد المسيح، ومن بلاد بعيدة يأتى المجوس، هؤلاء الحكماء والعلماء والذين تتبعوا نجما في المشرق حتى وصلوا إلى بيت لحم وقدموا هداياهم ذهبا ولبانا ومرا (مت۱۱:۲) حتى الملائكة فى السماء قدموا تسابيح الفرح والبهجة وأنشودتهم الخالدة المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة كل هؤلاء قدموا شيئًا وأثمروا بحياتهم وبعطاياهم على تنوع ما قدموه. والسؤال الآن عزيز القارئ هل أنت ولود في حياتك؟ هل أنت مثمر في أيام عمرك ماذا قدمت في ماضيك؟ وماذا تقدم في حاضرك؟ وماذا ستقدم في مستقبلك؟ سوف أجيب على هذه التساؤلات واستعرض معك كيف تكون ولودا ومثمرًا وحياتك غنية ما تقدمه من خلال أمثلة ونماذج: ١- البعض يلد أبناء وبنات على مستوى الجسد من خلال الزواج المقدس ومن خلال التربية الحكيمة ينشأ أفراد نافعون جدا، فيصير الإنسان مواطنا صالحًا بكل ما تعنيه هذه الكلمة. ومفيدا في المجتمع والكنيسة والعالم كله.فالأب والأم في الأسرة القوية والمستقرة والسعيدة والتي نسميها كيان الحب، تستطيع أن تربى وتعلم ليس علمًا فقط بل أخلاق ومبادئ وقيم وتستطيع أن تغذى المجتمع والوطن بنماذج منيرة وخادمة تعمل على إثراء الحياة الاجتماعية والحياة الإنسانية في شتى المجالات. ٢- والبعض يلد أبناء وبنات على المستوى الإنساني خلال التلمذة الأمينة والمستمرة في الخدمة الاجتماعية المتنوعة هؤلاء الذين يقومون بتسليم الخبرة والمهارة إلى تلاميذ لهم سواء في مجالات الصناعة أو الزراعة أو الاقتصاد. وهذا التسليم الأمين والممتد عبر سنوات وسنوات هو الذي يثرى حياة البشر ويكون سببا فى تقدمهم وتسديد احتياجاتهم على تنوع أشكالها، وعلى المستوى الروحى والكنسى فى مجال التكريس بأنواعه حيث يتتلمذ الإنسان على أبيه الروحى فى تلمذة روحية مستمرة يتسلم فيها الخبرة الروحية والتقوية والتي يمكن أن يفيد بها آخرين وهكذا يلد الإنسان آخرين في سائر المجالات. ٣- والبعض يقدم على مستوى العلوم الاختراعات أو الابتكارات أو الاكتشافات والتي تجعل حياة البشر أكثر سعادة ورفاهية وسلاما كمن يقدم ويكتشف أدوية عديدة تشفى ملايين من البشر مثل الكسندر فلمنج مكتشف البنسلين هؤلاء يلدون من عقولهم واجتهاداتهم الجديد والجديد في كل جيل يعملون من أجل صالح الإنسان إنما كان ومازال قطار العلم والعلماء يمضى في تقديم كل ما هو عظيم ومفيد لحياة البشر وعلاج أمراضهم وتسهيل حياتهم ورفعة مستويات حياتهم. ٤- والبعض يقدم ويلد مواهب متنوعة في شتى المجالات سواء الأدبية أو الثقافية أو الفنية أو الرياضية، وهذه المواهب تصير نجوما في سماء البشرية ويعتز أى مجتمع أنه قدم مواهب فذة مثلما قدمت مصر طه حسين ونجيب محفوظ في مجال الأدب وغيرهم في مجالات الموسيقى والفن والرياضة وأسماء عديدة لامعة ليس في فقط، وإنما في كل العالم. ٥- والبعض يقدم خدمات جليلة للإنسانية لا يمكن أن تنسى ولأن حاجات الإنسان عديدة وخدمة أي إنسان وكل إنسان هي الغاية العظمى لهؤلاء البشر الذي أعطاهم الله هذه الخصوصية في خدمة الآخرين مثل خدام المعاقين وذوى الهمم وخدمة المدمنين وخدمة اليتامى وخدمة المغتربين وخدمة حالات الجنوح بين الفتيان والفتيات وخدمة الأرامل وخدمة المسجونين وخدمة أطفال الشوارع وخدمة الذين ليس لهم أحد أن يخدمهم أو يهتم بهم. ومن الأمثلة الرائعة في زماننا خدمة البروفيسور مجدى يعقوب في مجال طب القلوب والخدمة المدنية الرائعة التي يقدمها مع فريقه النشيط من خلال سلاسل الأمل أنقذت حياة الآلاف من الصغار والكبار، وغيره كثيرون والتي جدا.أنه درس الميلاد الأعظم أن تكون ولودًا ومثمرا وليس عقيما مجدبا، إنسانيتك تحتاج منك أن تلد وتقدم وتثمر في وسط أسرتك أو كنيستك أو مجتمعك أو وطنك أو عالمك الذي تعيش فيه. إننا في هذه المناسبة السعيدة وبداية العام الميلادي الجديد نتقدم بخالص التهنئة لجموع شعب مصر العظيم وفي المقدمة سيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية وكافة المسئولين ومعاونيه، مصلين أن يحفظ الله بلادنا الحبيبة سالمة أمنة وأن تتخطى كل الصعاب والأزمات التي سببتها حروب ونزاعات لا طائل من ورانها ... ونصلي من أجل سلام العالم خاصة في مناطق الصراع والنزاع وليمنح الله فرحا ونعيما لكل من يعيش أمينًا مخلصا لبلاده ووطنه ومجتمعه ودمتم في رعايته السامية. مصر وكل عام وجميعكم بخير. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
05 يناير 2024

مائة درس وعظة (٤٢)

ميلاد المسيح « احتياجي إليك » المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة ( لو١٤:٢). ميلاد السيد المسيح له المجد قسم الزمن إلى ما قبل الميلاد وما بعده، تسمى ما قبل الميلاد العهد القديم، وما بعده العهد الجديدة أولا احتياجي إلى الله:- ١- استرد إنسانيتي:- بالخطية فقد الإنسان إنسانيته، وتخلى عن الصورة الجميلة التي أرادها الله له يوم خلقته، وجاء ميلاد المسيح ليسترد الإنسان انسانيته وصورته الجميلة. ٢- أتمتع بحضرته:- خلق الله الإنسان ليتمتع بحضرته ولكن ما جاءت الخطية بدأ السقوط ،وانفصل الإنسان عن الله وطرد. ٣- استنير بنوره:- عندما صار الإنسان بعيدا عن المعية الإلهية فكر في عبادات بعيدة. تارة يفكر في الحيوانات، وتارة يفكر في الفلك إلخ ليعيدها وبعد أن أرهقته الحيل فكر في نفسه لكيما يعبد ذاته، وبدأ رحلة الظلمة التي جعلته شريداً وجاء المسيح وانار القلوب. ثانيا: نتائج الخطية:- ١- عبادة الذات عاش الإنسان يعبد ذاته وصارت ذاته امامه بصور متعددة في شهوات ورغبات متنوعة ٢- روح الأنانية:- انفصال الإنسان عن الله جعله يتجه إلى العنف لأنه عاش الأنانية. ٣- سكني الخوف صار الإنسان كائناً خائفاً حتى في ساعات الفرح فصار الخوف يسكن قلبه. ثالثاً: علاج الضعفات:- بدأ الله يفتش عن الانسان الخائف الأناني الذي يعبد ذاته، ويضع أمامه علاجاً لهذه الصعقات الثلاثة وهذا العلاج تمثل في انشودة الملائكة، والتي تقدم العلاج لضعفات الإنسان الذي تغرب عن خالقه ١- المجد لله في الأعالي:- خلق الله الإنسان لكيما يتمتع بالحضرة الإلهية ويعبر عن ذلك بالتمجيد والتسبيح ولكن عندما رأى الإنسان ذاته اتجه إلى عبادة الذات وشهواته ورغباته حتى قال بعض الفلاسفة إن الإنسان بئر من الرغبات التي لا تشبع فصار الإنسان يضحم عقله واختراعاته وكأنه يقول لا حاجة لى إلى الله وصار الإنسان كبيرا في عيني نفسه وسقط في بئر الكبريا وتناسي الله كثيرا وحلت به النظرة الترابية الأرضية فقط ولم يعد يقدم تمجيداً لله فالتمجيد يبين أن في قلب الإنسان مخافة الله كما هو مكتوب رأس الحكمة مخافة الله (سى١ :١٦) عندما تسكن الحكمة في قلب الإنسان يستطيع أن يمجد الله ويشعر بالحضرة الالهية في كل عمل يعمله. الإنسان الخائف الله هو الذي يكون مواطناً صالحاً في أي مجتمع ويكون انساناً أميناً في كل ما اؤتمن عليه ٢- على الأرض السلام:- انانية الإنسان جعلته يتجه إلى القسوة والقمع والظلم فأنانية الإنسان تعميه على أن يرى الآخر فتحولت الأنانية إلى صراع وحروب وإرهاب والعلاج أن يكون الإنسان صانع سلام ولا يستطيع أن يصنع سلاما ما لم يمتلئ قلبه أولاً من مخافة الله كما هر مکتوب "طوبی لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون" (مت ٩:٥ ) فالذي يصنع سلاماً هو ممدوح من الله. ٣- بالناس المسرة : - صار الإنسان خائفا وخوفه يلاحقه في كل مرحلة من مراحل حياته. والحل هو في الناس المسرة. فيجب أن يكون الإنسان مفرحاً إينما حل فإذا عاش الإنسان ايضاً بمخافة قدم تمجيداً لله وصنع سلاما بين البشر فيستطيع أن يقتني عطية الفرح المجيدة التي لا توصف، ويكون فرح ليس لنفسه فقط بل لكل من حوله قدم تمجيدا لله على الدوام... اصنع السلام في كل مكان. لتنال فرحاً على الأرض هنا ويمتد بك إلى الحياة الأبدية. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
04 يناير 2024

أهداف التجسد كما ذكرها أثناسيوس الرسولى

هو الكلمة وحده الذى يليق بطبيعته أن يجدد خلقة كل شيء ، وأن يتحمل الآلام عوضا عن الجميع ، وأن يكون نائباً وشفيعاً عن الجميع لدى الاب . لكي يبطل الناموس الذى كان يقضى بهلاك البشر إذ مات الكل فيه ،ولكي يعيد البشر إلى عدم الفساد ويحييهم من الموت بجسده و بنعمة القيامة . لإمكان تقديم ذبيحة عن الأجساد أخذ الكلمة جسداً مشابهاً ( اشترك هو أيضاً في اللحم والدم لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت أى إبليس ) فبذبيحة جسده وضع جداً لحكم الموت الذي كان قائماً ضدنا" . ليعرفهم شخص الآب السماوى لأن الإنسان بعد سقوطه هوى إلى العبادة الوثنية واتبع السحر والشعوذة . بتجسده جدد الخليفة التي كانت في صوره الله إذا انحط فكر البشر نهائياً إلى الأمور الحسية فقد توارى الكلمة بظهوره في الجسد لكى يستطيع كإنسان أن ينقل البشر الى ذاته ويركز احساساتهم في شخصه أنى ليحمل عنا اللعنة الموضوعة علينا وبموته صار كفارة عن الجميع ونقض حائط السياج المتوسط واذ رفع جسده على خشبة الصليب طهر الهواء من خبث الشيطان .ليحقق النبؤات التى ملأت الكتب الالهية عن ميلاده و آلامه وموته . جاء في شكل بشرى وليس في شكل اسمى لأنه جاء ليخلص ، لا ليبهر الأنظار ويؤثر على الألباب ، ولان الانسان وحده هو الذى أخطأ دون سائر المخلوقات . ( لا يقصد ان نكون الها في الجوهر أو الأقنوم وإنما ان يكون لنا امكانية مشاركته في طبيعة مجده وفرحه وحبه الإلهى المجيد ) . مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب التجسد الإلهى لاهوتيا .روحيا.كنسيا. طقسيا
المزيد
03 يناير 2024

عيد الميلاد المجيد ( عيد العطايا )

أعطانا ذاته تاركاً سماءه متخلياً عن مجده.. مرتضيا أن يولد في مذود حقير للبقر في أضعف وأفقر صورة أعطانا النور حينما سقط الإنسان دخل إلى عالم الظلمة ظلمة الخطية والانفصال عن الله.. فالله نور وساكن في النور وتسبحه ملائكة النور ( ١ يو٥:١ ،١تى ٦ :١٦) لهذا فالخطية هي الظلمة ظلمة الانفصال عن الله النور وظلمة العمى الروحي عمي البصيرة الذي يتبع ذلك والخاطئ بالفعل إنسان أعمى لا يرى النور لايرى نفسه ولایری الله ولايرى الطريق وهكذا يتخبط حتى إلى الموت والهاوية.. كانت البشرية تعيش في الظلمة. ظلمة العقل عاشت البشرية قرونا تتصور الإله وثنا تتعبد له تارة في شكل صنم من حجر أو ذهب وأخرى في شكل مخلوق قوى كالعجل أبيس أو الحية أو في صورة أحد مخلوقات الله كالشمس أو البحر أو النار ظلمة الغريزة غرائز تقود إلى الشر القتل والتملك والزني.. ظلمة الخطية سيطر عدو الخير على الإنسانية وأعطاها قدرة اختراع الشرور فسمعنا عن موبقات كثيرة .... - إشراقات خافتة .... ظهرت تطل على البشرية كلمات الأنبياء التي تدعو الناس إلى طريق الرب والخضوع لـنامــوســــــه ووصاياه وكثرت الشرائع والطقوس والذبائح والاغتسالات والفرائض لعلها تصنع شيئا، ولكنها لم تكن كافية لتغيير الطبيعة التي فسدت وكذلك ظهرت مجموعة من الفلاسفة يبحثون عن الحق وعن الله ولكن هذا كان كله مجرد شموع خافتة وظهر النور فحينما ولد الرب أضاء مجد الرب حول الرعاة وسمعوا البشارة بميلاد المسيح. "نور العالم "(يو ١٢:٨). أعطانا الخلاص ولد لكم اليوم مخلص (لو ١١:٢) بميلاد المسيح ولد المخلص بل ولد الخلاص، فلا خلاص دون فداء ولا فداء بدون تجسد ولا تجسد بدون ميلاد انتظرت البشرية هذا الخلاص منذ زمن بعيد وإن كان آدم الأول به متنا فبالثاني نحيا ونخلص خلصنا من الهلاك والموت الأبدى وإن لم يكن خلاصاً سهلاً فقد كلفه دمه الكريم وجسده المكسور وإن كنا نؤمن أن الخلاص يبدأ بالمعمودية وينتهي بالموت وهذان نأخذهما مجاناً فبقى الشرط الثالث وهو الأعمال الصالحة والتوبة وهذه مسئوليتك فهل تجدد الآن عهود التوبة أعطانا المجد إن كان الله قد خلق الإنسان على صورته ومثاله من ناحية المجد والبهاء فإنه فقده بالسقوط وصار تحت نير الشيطان ويتهاوى تحت ثقل ضربات الجسد المتمرد والغريزة الثائرة والطبيعة الملوثة وكان صعبا على الله أن يترك الإنسان خليقته المحبوبة - ليضيع فيفرح الشيطان، وتهوى صورة الله إلى قاع سحيق من المهانة نعم كان الموت للإنسان هو حكم الله ولكن هذا يعنى عدم قدرة الله على الاستمرار في مشروعه أو عدم حنان الله على بشر ضعيف تعرض لإغراء العدو الشرير وحاش لله أن نشك في قدرته أو حبه إذن فليسامح الإنسان وهذا غير مقبول ففيه ضياع الحقوق العدالة الإلهية التي حكمت بموته وفيه استمرار للفساد الإنساني حتى بعد مسامحته على السقطة الأولى والخطيرة إذن فليفتدى الإنسان فتجسد ابن الله ومات عن الإنسان إعمالا للعدالة الإلهية - وتعبيراً عن الحب الإلهي في آن واحد وهكذا رأينا (الرحمة والحق التقيا البر والسلام تلائما مزه ۸: ۱۰) لذلك كان طبيعياً أن تصرح جوقات الملائكة (المجد لله في الأعالي) فميلاد المخلص كان التمهيد الطبيعي للغداء والقيامة والخلاص. نيافة الحبر الجليل الانيا تكلا مطران دشنا وتوابعها
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل