المقالات

22 مارس 2021

العين البسيطة(1)

إنجيل يوم الاثنين من الأسبوع الثالث من الصوم المقدس (لو 11: 33-36) بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آمين إنجيل القداس: إنجيل هذا الصباح يتكلَّم عن موضوع هام جداً، ويُعتَبَر من أخطر المواضيع التي تُقابِل الإنسان الروحي في جهاده الروحي، وهو موضوع: ”العين البسيطة“. هذا الموضوع هو معيارٌ مسيحيٌّ من الدرجة الأولى، وهو يُعتَبَر امتيازاً عالياً للإنسان الروحي، ولذلك فهو يهمُّنا للغاية. في إنجيل القديس متى يُزيد الموضوع توضيحاً، إذ يقول قبل آية العين البسيطة: «لأنه حيث يكون كن‍زُك هناك يكون قلبُكَ أيضاً» (مت 6: 21)، ثم يُكمِل ويقول: «سراجُ الجسد هو العين، فإنْ كانت عينُك بسيطة فجسدُك كلُّه يكون نَيِّراً. وإن كانت عينُك شريرة فجسدك كلُّه يكون مُظْلِماً» (مت 6: 23،22). وفي الحقيقة، إذا أخذنا هذا التشبيه الذي ذَكَرَه الرب يسوع عن العين، كما أَخَذَه كثيرٌ جداً من الشُّرَّاح على أنه يعني ”العين الجسدية“، يكون الموضوع خارج السياق الذي قصده الرب يسوع. ولكن سوف نرى في شرحنا ما الذي يقصده الرب من كلمة: ”عينك“. عمل العين وليس شكلها أو صفاتها: الاتجاه الأول: أوضحه الرب يسوع، عندما لم يذكر ”عينَيْن“، بل قال: ”عين“ واحدة، بالمفرد. معنى هذا أنَّ الرب يقصد الاتجاه ناحية عمل ”العين“، وليس شكلها أو صفاتها. الاتجاه الثاني: لقد ذَكَر الرب كلمة ”بسيطة“. وفي اللغة اليونـانية كلمة ”بسيطة“ ?????? تعني معاني قوية جداً، ولكن ولا معنى منها ينطبق على الجسد. + فعلى سبيل المثال، أحـد أهم هذه المعاني، أنها ”مُفردة“ ??????، ولكي نُزيدها إيضاحـاً فهي بـاللغة الإنجليزية single ”مُفرد“. ومعنى ذلك أنَّ العين هنا لا تحتمل معنى التركيب أو التعقيد أو الثنائية؛ بمعنى أنها لا يمكن أن تنقسم بين رؤيتَيْن. + المعنى الثاني لكلمة ”بسيطة“ ??????، أنهـا تعني ”مستقيمة“ باتجاهٍ إلى الأمام، وبالتالي فهي لا تحتمل معنى التعريج ما بين اليمين واليسار. وهذا المعنى نقرأه كثيراً في آيات الإنجيل. + المعنى الثالث أنَّ كلمة ”بسيطة“ ??????، تعني ”الصحة“ أي بـاللغة الإنجليزية healthy. وهذه الكلمة تعني أنها ليست ”مريضة“، وليس بها أية معوِّقات للرؤية. + المعنى الرابع لكلمة ”بسيطة“ أنها ”مكشوفة“ plain، أي ليس بهـا شيءٌ مختبئ أو متواري عن الأنظار. والآن، إذا أخذنا كل هذه المعاني لكلمة ”بسيطة“، فهي: single: ”مُفردة“، ”مستقيمة“. clear: ”واضحة“، ”صافية“. healthy: ”صحيحة“، ”سليمة“. Plain: ”مكشوفة“، ”غير متوارية“. إذا تمعنَّا في كل هذه الصفات، نجد أنها لا تنطبق عل العين الجسدية. وإذا انتبهنا للتعبيرات اللاهوتية عن طبيعة الله، نجد أنها ”بسيطة“ غير مُركَّبة. فهي تُعبِّر عن الطبيعة الروحية وليست الطبيعة الجسدية. إذن، كلمة ”بسيطة“ وكلمة ”عين“ (بالمفرد) تُعطينا المفتاح للشرح. فإذا لم نعثر على هذا المفتاح، فسنحاول أن نُطبِّق الكلام على العين الجسدية، وهنا ننحرف عن السياق الذي قصده الرب يسوع ونتوه. فإذا انحصرنا في نطاق الجسد، فما هو القصد من العين الجسدية البسيطة؟ وما هو معنى العين الجسدية الشريرة؟ فإنَّ الشر، ليس هو من الخارج، وإنما يصدر من الداخل! ومن هذا المنطلق يتضح أنَّ المسيح كان يقصد ”العين الروحية“. ومن هنا نبتدئ نفهم بداية شرح الآية. ما هو القصد من العين الروحية البسيطة؟ فالقصد من العين الروحية، وبالمواصفات التي ذكرناها آنفاً، أنَّ الرب يقصد ”البصيرة“ وليس ”الإبصار“. ”البصيرة“ هي الإدراك الروحي للحق. فالإنسان الذي عنده ”بصيرة“، هو ذلك الإنسان الذي يستطيع أن يُدرك الحقَّ ويُميِّز بينه وبين الباطل؛ أما كلمة ”يُبصر“، فإنها تعني أن يرى الإنسان ظواهر الأشياء. فالعين التي يقصدها المسيح هنا هي مركز البصيرة وليس الإبصار. والحق الذي يُدركه مَن لديه البصيرة، بالمفهوم الإلهي، وكذلك بالمفهوم الإنجيلي، هـو ”النور“، والباطل هو ”الظلمة“. فمركز البصيرة هنا يُدرِك الحق على أساس النور الإلهي. عندما يُذكَر ”النور“، فهنا يستقرُّ على شخص الرب يسوع المسيح: «أنا هو نور العالم» (يو 8: 12). فللوقت تبتدئ العين تظهر أنها مركز لإدراك كل هذه الحقائق التي تستقرُّ في الرب يسوع المسيح. فالعين البسيطة، هي العين الروحية التي انفتحت على المسيح وعلى الحياة الأبدية. أما العين الشريرة، فهي عين روحية أيضاً، ولكنها انفتحت على الشرِّ. لأن العين الروحية عموماً هي من مُسلَّمات وهبات الله، وبها تُدرِك الطبيعةُ البشرية الحقَّ؛ وهي إما تنفتح على المسيح أو تنفتح على الخطيـة، وعلى ضوء ذلك تـأتي مُحاسبة الرب للإنسان. فـإذا انفتحت العين الروحيـة على الخطيـة والشر، أَظْلَمَتْ؛ وإذا انفتحت على المسيح، استنارتْ. وهذا الكلام واضحٌ جداً. نعود مرة أخرى لشرح أوضح لكلمة ”بسيطة“ ??????: + single ”مُفردة“: أي لا تقبل غير رؤية واحدة، أي لا تقبل غير شخص المسيح، ولا تقبل أبداً أي بديل له. + straight ”مستقيمة“: أي تتَّجه نحو المسيح، ولا تميل ناحية اليمين أو ناحية اليسار. لا تحتمل التعريج أو الانثناء، بمعنى لا يُعطِّل اتجاهها إلى الأمام أي مُعوِّق أو عاكس. + healthy ”صحيحة“: أي ليست مريضة بأهواء وغوايات جسدية، وهي تستطيع بكل قوَّتها أن ترى المسيح. + clear ”صافية“: أي لا يشوبها شائبة، بمعنى قدرتها على صحة الرؤية بجلاء. وبالتالي فهي قادرة على الرؤية بدون تشويش، فلا تدخلها أو تتداخَل معها شوائب عالمية. + plain ”مكشوفة“، ”صريحة“: أي لا تُخفي شيئاً، ولا يختفي شيءٌ عنها. فهي عينٌ واضحة. فهذه العين الروحية التي منحنا إيَّاها الله، هي العين التي تنفتح على المسيح. معنى أنَّ المسيح ”فَتَحَ ذهن التلاميذ ليفهموا الكُتُب“؟ المسيح يريـد أن يضع العين في وضعها الصحيح. ولذلك فالمعيار الذي وضعه الرب يسوع معيارٌ عالٍ جداً: «ليس أحدٌ يُوقِدُ سراجاً ويضعه في خِفْيةٍ، ولا تحت المكيال، بل على المنارة» (لو 11: 33)، أي يضعه في أعلى مكان بالبيت، معنى ذلك أن الرب يتكلَّم عن العين الروحية. فموقع العين الروحية، عند المسيح، هو في أعلى مرتبة بالنسبة للإنسان، وهي أهم عضو من أعضاء الإنسان. وهنا يأتي تركيز المسيح عليها في فَهم كل الإنجيل: «حينئذٍ فَتَحَ ذهنهم ليفهموا الكُتُب» (لو 24: 45). ما معنى: ”فَتَحَ ذهنهم“؟ أي أنَّ العين الروحية انفتحت على الحق، ودخلها نور المسيح، أي الحق، فانكشف لها كل شيء عن المسيح. ولذلك كَشَفَ المسيح مقدار أهمية العين الروحية، ولذلك وضعها في أعلى مرتبة للإنسان، تماماً مثل السراج الذي يوضَع على المنارة في أعلى مكان في البيت. فإذا كانت هذه العين مستقيمة أو صحيحة، فإن نور المسيح، النور الإلهي، يدخل من خلالها إلى داخل أعماق الإنسان. فالعين الصافية، غير المريضة، المستقيمة؛ لا تقبل شيئاً غير المسيح، وهي ذات اتِّجاهٍ مستقيم نحو المسيح. ولذلك فإنَّ الشعاع الإلهي، شعاع الحق، النور الحقيقي، يدخلها بدون عائقٍ، فتُنير كل ما في البيت، تُنير كل ما في الإنسان. معنى: «يُضيء لجميع الذين في البيت»؟ «ولا يُوقِدون سراجاً ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة، فيُضيء لجميع الذين في البيت» (مت 5: 15). فما معنى: «يُضيء لجميع الذين في البيت»؟ معناه: إنه يُضيء كل ما في الإنسان! عندما تكون العين الروحية بسيطة، حينئذٍ تُنير الفكر، القلب، الضمير، العواطف، المشاعر؛ وهي الأعضاء الداخلية غير المنظورة للإنسان. فيبتدئ نور المسيح بالحق، يُنير ما بداخل الإنسان، وذلك بدخول كلمة الإنجيل إلى القلب، بالقراءة الواعية، بالفهم الروحي. وحينئذٍ يستنير كل البيت، بمفهوم أنَّ «جسدك كلُّه يكون نَيِّراً». وهنا نبتدئ بشرح معنى العين الجسدية. العين الجسدية أي من الجسد؛ ولكن العين الروحية ليست من الجسد. فإذا كانت العين الروحية سليمة؛ فـإنَّ نور الله، أو نور المسيح، أو المسيح، سيدخل؛ فيُضيء كل أعضاء الإنسان المنظورة (الجسدية) وغير المنظورة (الروحية). أولاً فإنَّ نـور المسيح يُنير الفكر والضمير والعواطف والمشاعر والقلب، ثم بعد ذلك بالضرورة يُنير الجسد كله، كما قال بولس الرسول: «ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ أفآخُذُ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاءَ زانيةٍ؟ حاشا!» (1كو 6: 15)، وأيضاً: «ولا تُقدِّموا أعضاءكم آلاتِ إثمٍ للخطية... بل قدِّموا... أعضاءكم آلاتِ برٍّ لله» (رو 6: 13). لـذلك إذا دخـل النور الإلهي إلى داخـل الإنسان، فإنـه ليس فقط يُنير أعماق الإنسان، بـل وتَستنير بـه أعضاء الجسد أيضاً. فهذا النور الروحي، نور المسيح الفائق الفعالية، إذا دخل الإنسان، عـن صحةٍ؛ يستقرُّ في الجسد أيضاً، ويُنيره، ويُميت الخطية الكائنـة في الأعضاء. وكـذلك يُطهِّر الفكر والقلب والضمير مـن الأعمال الميتـة. هـذا هو مفهوم العين الروحية البسيطة. التأمُّل في الله: إذا كانت العين الروحية سليمة ليس بها أي مرض، فسيتطلَّع الإنسان إلى ما هو فوق. فطالما كانت العين الروحية صحيحة ومستقيمة وليس فيها تعتيم، فإن النور الإلهي يدخلها وينفذ فيها ويُنيرها، فيكون نظرها دائماً إلى ما هو فوق: «بنورك، يا رب، نُعاين النور» (مز 36: 9). فالنور الإلهي إذا دخل إلى أعماق الإنسان، سينعكس على كل ما هو ظاهر أو خارج، فيحدث ما يُسمِّيه المتصوِّفون: ”التحديق“، وما يُطلِق عليه الروحيون: ”التأمُّل“، أو ما يُطلَق عليه ”التحديق في النور الإلهي“. أي التحديق في ”الحق“، أي في ”طبيعة المسيح“. فالإنسان الذي دخله شعاع النور، من خلال العين الروحية، يستطيع أن ينفُذ هو أيضاً - من خلال العين الروحية السليمة - لينظر ويتأمَّل في الله. وكلما تأمَّلنا في الله، كلما انسكب فينا النور بصورةٍ أقوى. فهنا التحديق في نور الله، في الحق الإلهي، في شخص يسوع المسيح؛ يُزيد العين جلاءً، ويُزيد أعماق الإنسان استنارةً. الذين يتأمَّلون في الروحانيات، إذا كنتم قد جرَّبتم هذا، فإنه يحدث لهم في بداية الطريق صُراخ، لماذا؟ لأن بمجرَّد أن يتأمَّل الإنسان في الحقِّ أو في النور أو في المسيح؛ ترتد العين الروحية. فالتحديق أو التأمُّل في النور الإلهي، يستغرق ثوانٍ، ثم ترتد العين عن التحديق أو التأمُّل. ولماذا يرتدُّ الإنسان، أو العين الروحية، عن الرؤيا أو التحديق؟ لأن العين ليست مستقيمة كما ينبغي، ولذلك فهي تحتاج إلى تطهير وتنقية. ولذلك مداومة الإنسان على النُّسك والعبادة وقراءة الكتاب المقدس والاطِّلاع على الكتب الروحية وأقوال الآباء؛ يجعل العين الروحية صافية نقية. وعندما يزداد تحديق العين الروحية في الحق الإلهي، وتزداد فترات التأمُّل في آية من الآيات، أو في صفة من صفات الله؛ عندئذ يتركَّز الذهن مع القلب مع المشاعر مع الفكر، في الحق الإلهي، فيما هو فوق. ويستمر هذا التحديق أو التأمُّل لفترةٍ من الفترات، يعود بعدها الإنسان بغنيمةٍ روحية، ولا يعود فارغاً أبداً. فكلَّما تأمَّلنا أكثر، ودام تأمُّلنا في الحق الإلهي أكثر؛ كلما أَخَذَت العين الروحية قـوةً للتحديق في النور الإلهي، واقتنت صفاتٍ روحية جديدة.ولربنا المجد الدائم إلى الأبد، آمين. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
15 مارس 2020

الأحد الثالث للصوم الكبير مثل الابن الضال

من تفسير القديس كيرلس (لوقا 15 : 11- 32)” وقال : إنسان كان له ابنان. فقال أصغرهما لأبيه يا أبى أعطني القسم الذي يصيبني من المال. فقسم لهما معيشته. وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شئ وسافر إلى كورة بعيدة وهناك بذر ماله بعيش مُسرف. فلما أنفق كل شئ حدث جوع شديد في تلك الكورة فابتدأ يحتاج . فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة . فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازير. وكان يشتهى أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله. فلم يعطه أحد. فرجع إلى نفسه وقال: كم من أجير لأبى يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعًا. أقوم وأذهب إلى أبى وأقول له يا أبى أخطأت إلى السماء وقدامك. ولست مستحقًا أن أدعى لك ابنًا. اجعلني كأحد أجراك. فقام وجاء إلى أبيه. وإذ كان لم يزل بعيدًا رآه أبوه فتحنن ورقد ووقع على عنقه وقبله . فقال له الابن يا أبى أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقًا بعد أن أدعى لك ابنًا . فقال الأب لعبيده أخرجوا الحُلة الأولى وألبسوه واجعلوا خاتمًا في يده وحذاء في رجليه. وقدموا العجل المسمن واذبحوه فنأكل ونفرح. لأن ابني هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالاً فوجد. فابتدأوا يفرحون. وكان ابنه الأكبر في الحقل فلما جاء وقرب من البيت سمع آلات طرب ورقصًا. فدعا واحدًا من الغلمان وسأله ما عسى أن يكون هذا. فقال له: أخوك جاء فذبح أبوك له العجل المسمن لأنه قبله سالمًا. فغضب ولم يرد أن يدخل. فخرج أبوه يطلب إليه. فأجاب وقال لأبيه: ها أنا أخدمك سنين هذا عددها وقط لم أتجاوز وصيتك. وجديًا لم تعطني قط لأفرح مع أصدقائي. ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزوانى ذبحت له العجل المسمن. فقال له يا بنى أنت معي في كل حين وكل ما لي فهو لك ولكن كان ينبغي أن تفرح وتسر لأن أخاك هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالاً فوجد “. مقدمة عن مثل الابن الضال:- محبة الأب : يوضح الرب فى المثل محبة الأب للابن الأصغر إذ يذكر أن الابن بعد رجوعه بدأ يقول ” أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقًا أن أدعى لك ابنًا ” وهنا لم يعطه الأب فرصة لكى يكمل بقية قوله الذى كان عازمًا أن يقوله “اجعلنى كأحد أجراءك” !! بل قال لعبيده بسرعة “أخرجوا الحلة الأولى وألبسوه …” هذه صورة لمحبة المسيح العجيبة للخطاة وحنانه الفائق نحوهم. فإن المسيح الذى يقابل الأب فى المثل يغمر الإنسان التائب بمحبته ولايقبل أن يعامله كأحد الأجراء رغم أنه قد أخطأ . فعندما نتوب ونرجع إلى حضن محبته يفرح بنا ويدعونا أبناء رغم شعورنا بعدم استحقاقنا أن نكون أبناء . الحلة الأولى: الحلة الأولى هى حلة البنوة أى هى الحلة الأصلية التى كانت للابن الأصغر وفقدها بالابتعاد عن أبيه. هكذا كل من اعتمد باسم المسيح هو ابن لله بالمعمودية وحتى إن ضيع الإنسان كل ما ناله من الله فإنه عند رجوعه يظل فى نظر الله المحب ابنًا. لذلك يقول الأب ” ألبسوه الحلة الأولى “، ألبسوه اللباس الخاص بالابن. ولأن الابن الوحيد الحقيقى لله هو المسيح نفسه فإن الإنسان يصير ابنًا لله بأن يلبس المسيح كما يقول الرسول ” لأنكم جميعًا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع. لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح ” (غلا 26:3،27). فالإنسان إذًا يلبس المسيح بالمعمودية باسمه وعندما يتوب الابن عائدًا إلى حضن الأب فإنه يستعيد جمال طبيعة المسيح الذى اتحد به فى المعمودية رغم أنه كان قد ضيع هذا الجمال عندما تغرب عن أبيه. التوبة الحقيقية: فى الواقع أن التوبة الحقيقية ليست مجرد شعور الإنسان ببعض الأخطاء الصغيرة أو السطحية، بل هى شعور عميق جدًا يصاحبه إدراك الإنسان أن كيانه الداخلى قد فسد، وأن طبيعته قد تشوهت، وأنه حرم نفسه من محبة الله، وأضاع الغنى الإلهى الذى كان له. وهكذا تكون توبته هى أحساس عميق جدًا وإنكسار للقلب عند قدمى المسيح وفى نفس الوقت يكون هناك رجاء شديد جدًا يملأ قلبه أن المسيح المحب لايمكن أن يرفض قبوله. التوبة الحقيقية حبً جارف يتحرك فى قلب الإنسان . ومصدر هذا الحب هو الله الذى يحب الإنسان قبل أن يتوب الإنسان ويستيقظ من غفلته، ومحبة المسيح التى أظهرها للخطاة بمجيئه وتعامله معهم وموته من أجل الجميع هى التى تحرك قلب الإنسان فيرجع إلى المسيح. وليمة الفرح السماوى: وبعد ذلك يقول الأب فى المثل: ” قدموا العجل المسمن واذبحوه فنأكل ونفرح “. هذه إشارة إلى فرح الله وملائكته القديسين برجوع الخطاة التائبين. فإن الله يشبع ويفرح وهكذا تفرح ملائكته بتوبتهم. وهذا يكشف لنا قوة المحبة الإلهية فى ترحيبها بالإنسان الراجع إليها. وهذه المحبة تجعل الإنسان الراجع يشترك فى هذا الفرح السماوى الذى تعبر عنه الوليمة. ابنى هذا: ثم بعد ذلك يذكر الأب كلمة مُلفته فيقول ” لأن ابنى هذا” وهذا يعنى أنه رغم ضلال الابن الأصغر وابتعاده لكنه يظل ابنًا عند أبيه وإن كان ابنًا ميتًا ثم عاد إلى الحياة ” ابنى هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالاً فوُجد “. فكأنه يقول هذا هو ابنى وهو أحشائى حتى إن كان قد ضل. ومهما قال هو عن نفسه أنه لايستحق أن يكون ابنى لكنى أقول ” هو ابنى “هذه هى النعمة العظيمة التى وهبها لنا المسيح ـ بموته عنا وقيامته وبسكب روحه القدوس علينا ـ أى أن يجعلنا أبناء وهو يريدنا دائمًا أن نكون أبناء نحيا فى حضن محبته الإلهية الابن الأكبر: يخبرنا مثل الابنين أن الابن الأكبر لما رجع من الحقل وقرب من البيت سمع صوت آلات طرب ورقص. ولما سأل واحدًا من الغلمان عما حدث عرف أن أباه عمل وليمة فرحًا بعودة ابنه الأصغر. فغضب الابن الأكبر ولم يرد أن يدخل. فلما خرج أبوه يطلب إليه أن يدخل قال الابن الأكبر لأبيه ” ها أنا أخدمك سنين هذا عددها وقط لم أتجاوز وصيتك وجديًا لم تعطنى قط لأفرح مع أصدقائى ولكن لما جاء ابنك هذا الذى أكل معيشتك مع الزوانى ذبحت له العجل المسمن “موقف الابن الأكبر هذا يُشبه موقف الكتبة والفريسيين فى تذمرهم على المسيح لأنه كان يقبل الخطاة ويأكل معهم. ويظهر من كلامه أنه لم يكن متمتعًا بمحبة أبيه التى كان يحبه بها رغم أنه كان فى البيت ولم يغادره. والأب يؤكد له هذه المحبة بقوله له ” يا ابنى أنت معى فى كل حين وكل مالىّ فهو لك “، ولكن الابن الأكبر لم يكن عنده اليقين بمحبة أبيه ونصيبه عند أبيه. لأنه يقول ” وجديًا لم تعطنى قط لأفرح مع أصدقائى “. ورغم أن أباه يؤكد أن كل ما للأب فهو له إلا أنه بسبب نقص المحبة فى داخله والثقة فى محبة أبيه لم يأخذ شيئًا من أبيه رغم أن الأب يقدم له كل شئ. فلأن الابن الأكبر لم يأخذ طبيعة المحبة من أبيه ، لذلك ليس عنده قلب مُحب مثل أبيه يحب به أخاه ويفرح بعودته مثل فرح الأب. وحالة الابن الأكبر هى أيضًا ابتعاد عن محبة الله وإن كانت صورة أخرى للابتعاد غير صورة الابن الأصغر. ولكن أى ابتعاد عن محبة الله يحتاج إلى توبة ورجوع إلى ينبوع المحبة الذى هو الله . تفسير مثل الابن الضال للقديس كيرلس الأسكندري:- إني أسمع أحد الأنبياء القديسين وهو يحاول أن يربح البعيدين عن الله إلى التوبة. فيقول ” أرجع يا إسرائيل إلى الرب إلهك لأنك قد تعثرت بإثمك خذوا معكم كلامًا وأرجعوا إلى الرب ” (هو2،1:14). لذلك فأي نوع من الكلام يأمرهم بإرشاد الروح، أن يأخذوه معهم ؟ ألا يكون لائقًا بالذين يرغبون أن يتوبوا، أن يرضوا الله، الذي هو شفوق ويحب الرحمة؟ لأنه قد قال بواسطة أحد الأنبياء القديسين، ” ارجعوا أيها البنون العصاة لأشفى عصيانكم” (إر22:3). وأيضًا يقول بصوت حزقيال ” ارجعوا، توبوا وارجعوا عن كل معاصيكم يا بيت إسرائيل، اطرحوا عنكم كل معاصيكم التي عصيتم بها، لكي لا تصير لكم مهلكة .. لأني لا أسر بموت الخاطئ. بل أن يرجع ويحيا ” (حز31،30:18). ونفس هذا الحق يعلمه لنا المسيح هنا في هذا المثل الجميل، الذي سأحاول أن أبحثه بأقصى طاقة ممكنة عندي، وسأجمع نقاطه الهامة باختصار وسأشرح وأدافع عن الأفكار التي يحويها يرى البعض أن الابنين في المثل يشيران إلى الملائكة القديسين، من ناحية وإلينا نحن سكان الأرض من الناحية الأخرى. وأن الابن الأكبر، الذي عاش بتعقل، يمثل مجموع الملائكة القديسين، بينما الابن الأصغر المنحرف يمثل الجنس البشرى. وهناك آخرون بيننا يعطون المثل تفسيرًا مختلفًا، قائلين إن الابن الأكبر السالك حسنًا يشير إلى إسرائيل حسب الجسد، بينما الابن الأصغر الذي اختار أن يعيش في الشهوات والملذات والذي ابتعد بعيدًا عن أبيه، إنما يشير إلى جمهور الأمم الوثنيين. هذه الشروحات أنا لا أوافق عليها وأرجو ممن يحب التعلم، أن يبحث ما هو حقيقي وما ليس عليه اعتراضات لأن ما أقوله هو كما يأتي “ أعط فرصًا للحكيم، وقدم معرفة للأبرار ” (أم9:9) كما يوصى الكتاب، لأنهم من الشروحات التي تعطى لهم سوف يفحصون عن المعنى المناسب، فإن كنا، نشير بالابن المستقيم إلى الملائكة، فإننا لا نجده يتكلم الكلمات التي تليق بالملائكة، ولا نجده يشارك الملائكة فرحهم بالخطاة التائبين الذين يرجعون من حياة دنسة إلى حياة وإلى سلوك جدير بالإعجاب. لأن مخلص الجميع يقول ” إنه يكون فرح في السماء قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب” (لو7:15)، بينما الابن الموصوف لنا في هذا المثل، باعتباره مقبولاً من أبيه، ويسلك حياة بلا لوم، يظهر أنه غاضب، بل ويصل في مشاعره غير الحبية إلى درجة أنه ينسب اللوم إلى أبيه بسبب محبته الطبيعية لابنه الذي خلص. فالمثل يقول ” إنه لم يرد أن يدخل البيت“. لأنه أغتاظ بسبب قبول الابن التائب ومن ذبح العجل المسمن ولأن أباه صنع له وليمة. ولكن هذا كما قلت ، يختلف عن مشاعر الملائكة القديسين. لأنهم يفرحون ويسبحون الله حينما يرون سكان الأرض يخلصون. لأنه حينما أخضع الابن نفسه ليولد بالجسد من امرأة في بيت لحم، حمل الملاك عندئذ الأخبار السارة إلى الرعاة قائلاً: ” لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب ، لأنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب“، والملائكة يتوجون الذي ولد بالتمجيد والتسابيح قائلين ” المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرة” (لو10:2،11،14) ولكن إن كان أي أحد يقول، إن إسرائيل حسب الجسد هو المقصود بالابن الأكبر في المثل الذي كان متمسكًا بوصية أبيه فإننا أيضًا لا نستطيع أن نوافق على هذا الرأي، ذلك لأنه من غير المناسب على الإطلاق أن نقول عن إسرائيل أنه عاش حياة بلا لوم. ففي كل الأسرار الموحى بها نجد شعب إسرائيل متهمين بأنهم متمردون وعصاة؛ لأنهم قد أُخبروا بصوت إرميا ” ماذا وجد فيَّ آباؤكم من جور حتى ابتعدوا وساروا وراء الباطل وصاروا باطلاً؟” (إر5:2). وتكلم الله أيضًا بعبارات مشابهة بصوت إشعياء: “ هذا الشعب قد اقترب بفمه، وأكرمني بشفتيه، وأما قلبه فأبعده عنى، وهم يعلّمون تعاليم هي وصايا الناس” (إش13:29). فكيف يستطيع أحد أن يطبق على أولئك الذين يُوجه إليهم اللوم هكذا، الكلمات المستعملة فى المثل عن الابن الأكبر المتمسك بوصية أبيه؟ لأنه قال ” هاأنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز وصيتك“، لأنهم لم يكونوا ليلاموا على طريقة حياتهم لو لم يتعدوا الوصايا الإلهية، وبذلك أدوا بأنفسهم إلى حياة مستهترة مدنسة وأيضًا يقول البعض إن العجل المسمن الذي ذبحه الأب حينما رجع ابنه إنما يشير إلى مخلصنا. ولكن كيف يمكن للابن الأكبر الذي يوصف أنه حكيم وفطين ومتمسك بواجبه والذي يشير به البعض إلى الملائكة القديسين ـ كيف يمكن لذلك الابن أن يعتبر ذبح العجل سببًا للغضب والغيظ؟ كما أننا لا نستطيع أن نجد برهانًا على أن القوات السماوية قد حزنت حينما احتمل المسيح الموت بالجسد أي حينما ذُبح المسيح لأجلنا. إنهم بالحرى فرحوا، كما قلت عندما رأوا العالم يخلص بدمه المقدس، وأيضًا ما هو السبب الذي جعل الابن الأكبر يقول ” جديًا لم تعطني قط“. فأي بركة كانت تنقص الملائكة القديسين، إذ أن رب الكل قد أنعم عليهم ـ بيد سخية بفيض من المواهب الروحية؟ وهل كانوا يحتاجون إلى أية ذبيحة فيما يخص حالتهم؟ لأنه لم يكن هناك احتياج أن يتألم عمانوئيل أيضًا نيابة عنهم. ولكن إن تخيل أحد كما سبق أن قلت، إن المقصود بالابن الأكبر هو إسرائيل حسب الجسد، فكيف يستطيع أن يقول بالحق “جديًا لم تعطني قط؟“، لأنه، سواء دعوناه عجلاً أم جديًا فالمسيح هو الذي يجب أن يُفهم أنه هو الذبيحة المقدمة لأجل الخطية. ولكنه قُدِمَ ذبيحة ليس لأجل الأمم فقط، بل أيضًا لكي يفدى إسرائيل، الذي بسبب تعدياته الكثيرة للناموس، قد جلب على نفسه لومًا عظيمًا، وبولس الحكيم يشهد لهذا الأمر قائلاً: ” لذلك يسوع أيضًا لكي يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب ” (عب12:13) فما هو موضوع المثل إذن؟ دعونا نفحص المناسبة التي قادت إليه، فإننا بذلك سنتعلم الحقيقة. لذلك فإن لوقا المبارك نفسه قد تكلم قليلاً عن المسيح مخلصنا قبل هذا المثل فقال: “ وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه. فتذمر الفريسيون والكتبة قائلين هذا الإنسان يقبل الخطاة ويأكل معهم ” (لو2،1:15). لذلك فلأن الفريسيين والكتبة اعترضوا على رحمته ومحبته للإنسان، وبشرٍ وبعدم تقوى لاموه على قبول وتعليم الناس الذين كانت حياتهم مدنّسة، فكان من الضروري أن يضع المسيح أمامهم هذا المثل، ليريهم هذا الأمر ذاته بوضوح: إن إله الكل يريد من الإنسان الثابت والراسخ، والذي يعرف أن يعيش حياة مقدسة وقد وصل إلى ما يستحق أعلى مديح لأجل تعقله في السلوك، يريد من هذا الإنسان أن يكون مخلصًا في اتباع مشيئته، لكن حينما يرى أي واحد قد دُعِيَ إلى التوبة حتى إن كان من الذين يعيشون حياة ملومة جدًا، فإنه ينبغي بالحرى أن يفرح ولا يكون عنده غيظ مضاد للمحبة من جهة التائبين لأننا نحن أحيانًا نختبر شيئًا من هذا النوع لأنه يوجد البعض الذين يعيشون حياة كاملة مكرمة ثابتة، ويمارسون كل نوع من أعمال الفضيلة، ويمتنعون عن كل شئ مخالف لشريعة الله، ويتوجون بمديح كامل في نظر الله والناس. بينما البعض الآخر ربما يكونون ضعفاء عاثرين، ومنحطين إلى كل نوع من الشر ومذنبين بأفعال رديئة، محبين للدنس والطمع وملوثين بكل اثم، ومع ذلك يحدث كثيرًا أن يرجع هؤلاء إلى الله في سن متقدم ويطلبون غفران خطاياهم السابقة: إنهم يصلون لأجل الرحمة، ويتركون جانبًا استعدادهم للسقوط في الخطية، وتشتعل فيهم الرغبة للحياة الفاضلة، أو ربما حينما يوشك بعضهم على الاقتراب من نهاية حياته، فإنه يطلب المعمودية الإلهية ويغتسل من خطاياه تاركًا شروره، فإن الله عندئذٍ يكون رحيمًا بهم. وقد يحدث أحيانًا أن يتذمر بعض الأشخاص من هذا، بل ويقولون ” هذا الإنسان الذي كان مذنبًا بكذا وكذا من الأعمال الشريرة، وقد تكلم بكذا وكذا من الكلمات، هذا الإنسان لم يفِ دين سلوكه الرديء أمام قاضى العدل، بل إنه حُسب أهلاً لنعمة سامية وعجيبة وقد حُسب بين أبناء الله، وكُرم بمجد القديسين ” مثل هذه الشكوى ينطق بها الناس أحيانًا نتيجة ضيق العقل الفارغ. وشكواهم لا تتفق مع غرض أب الجميع. لأن الآب يفرح فرحًا عظيمًا حينما يرى الذين كانوا ضالين يحصلون على الخلاص، وهو يرفعهم ثانية إلى ما كانوا عليه في البداية، معطيًا لهم ثياب الحرية مزينًا إياهم بالحُلة الأولى، ويضع خاتمًا في يدهم، ويعطيهم السلوك المرتب الذي يرضى الله ويناسب الأحرار لذلك فإن واجبنا أن نخضع أنفسنا لما يريده الله، لأنه يشفى الذين هم مرضى، وهو يرفع الساقطين، ويمد يده بالمعونة للذين يعثرون، ويرد إليه الذين ابتعدوا عنه، وهو يُشكَّل من جديد في شكل حياة ممدوحة وبلا لوم أولئك الذين كانوا يتمرغون في وحل الخطية، إنه يفتش عن أولئك الذين ضلوا، وهو يقيم من الموت الذين كانوا يعانون من الموت الروحي دعونا نفرح أيضًا، هيا نفرح، مع الملائكة القديسين ونسبح الله لأنه صالح ومحب للبشر، ولأنه رحيم ولا يذكر الشر، لأنه إن كنا نفكر هكذا فالمسيح سوف يقبلنا، الذي به ومعه لله الآب كل تسبيح وسيادة مع الروح القدس إلى دهر الدهور. آمين. القديس كيرلس الكبير
المزيد
07 يوليو 2018

آباؤنا الرسل وخدمة التسبيح

بعد قيامة رب المجد يسوع استمر الآباء الرسل في الذهاب إلى الهيكل للصلاة ويذكر سفر الأعمال مواظبة الآباء الرسل على صلوات السواعي بالهيكل ومع أن الذبائح الدموية (انتهت فاعليتها) لأنها كانت مجرد رمز للفداء وبطلت بالصليب لكنهم كانوا يجتمعون في الهيكل وخاصة في رواق سليمان:"تراكَضَ إليهِمْ جميعُ الشَّعبِ إلَى الرواقِ الذي يُقالُ لهُ "رِواقُ سُلَيمانَ" وهُم مُندَهِشونَ" (أع11:3) "وكانَ الجميعُ بنَفسٍ واحِدَةٍ في رِوَاقِ سُلَيمَانَ" (أع12:5) وهو نفس المكان الذي كان يتواجد فيه الرب يسوع "وَكَانَ يَسُوعُ يَتَمشَّى في الهَيكَل في رِوَاقِ سُلَيمَانَ" (يو23:10) ماذا كانوا يفعلون في رِوَاقِ سُلَيمَانَ؟ بكل تأكيد كانوا يواظبون على الصلاة والتسبيح والمزامير"وكانوا كُلَّ حينٍ في الهيكلِ يُسَبحونَ ويُبارِكونَ اللهَ" (لو53:24)، وكان حضورهم أيضًا مرتبطًا بمواعيد الصلاة في الهيكل فمثلاً قيل: "وصَعِدَ بُطرُسُ ويوحَنا مَعًا إلَى الهيكلِ في ساعَةِ الصَّلاةِ التّاسِعَةِ" (أع1:3)، وقد ورد أيضًا ذكر الساعة الثالثة في (أع15:2)، والساعة السادسة "صَعِدَ بُطرُسُ علَى السَّطحِ ليُصَليَ نَحوَ السّاعَةِ السّادِسَةِ" (أع9:10)، والساعة التاسعة في (أع3:10) وقد قيل عن كل جماعة المؤمنين: "وكانوا كُلَّ يومٍ يواظِبونَ في الهيكلِ بنَفسٍ واحِدَةٍ" (أع46:2)،"وكانوا لا يَزالونَ كُلَّ يومٍ في الهيكلِ وفي البُيوتِ مُعَلمينَ ومُبَشرينَ بيَسوعَ المَسيحِ" (أع42:5)، وكان هذا كله متوافقًا مع المزمور القائل: "مساءً وصباحًا وظُهرًا أشكو وأنوحُ، فيَسمَعُ صوتي" (مز17:55) ما أجمل هذه الروح النُسكية العميقة التي كان يعيش بها آباؤنا الرسل مع الجيل الأول المسيحي "هؤُلاءِ كُلُّهُمْ كانوا يواظِبونَ بنَفسٍ واحِدَةٍ علَى الصَّلاةِ والطلبَةِ، مع النساءِ، ومَريَمَ أُم يَسوعَ، ومع إخوَتِهِ" (أع14:1)، "ولَمّا حَضَرَ يومُ الخَمسينَ كانَ الجميعُ مَعًا بنَفسٍ واحِدَةٍ" (أع1:2)، "وكانوا يواظِبونَ علَى تعليمِ الرُّسُلِ، والشَّرِكَةِ، وكسرِ الخُبزِ، والصَّلَواتِ" (أع42:2)، "مُسَبحينَ اللهَ، ولهُمْ نِعمَةٌ لَدَى جميعِ الشَّعبِ" (أع47:2) كانت حياتهم كلها تسبيح وصلاة وشكر حتى في أقسى الظروف، وكانت تسابيحهم إقتباسات من المزامير "فلَمّا سمِعوا، رَفَعوا بنَفسٍ واحِدَةٍ صوتًا إلَى اللهِ وقالوا: أيُّها السَّيدُ، أنتَ هو الإلهُ الصّانِعُ السماءَ والأرضَ والبحرَ وكُلَّ ما فيها" (أع24:4)، "ولَمّا صَلَّوْا تزَعزَعَ المَكانُ الذي كانوا مُجتَمِعينَ فيهِ، وامتَلأَ الجميعُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ، وكانوا يتكلَّمونَ بكلامِ اللهِ بمُجاهَرَةٍ" (أع31:4)، وعندما كان بطرس في السجن صلّت الكنيسة بلجاجة من أجله (أع5:12)، وكذلك كان بولس وسيلا في السجن "ونَحوَ نِصفِ اللَّيلِ كانَ بولُسُ وسيلا يُصَليانِ ويُسَبحانِ اللهَ، والمَسجونونَ يَسمَعونَهُما" (أع25:16) كانت معظم هذه التسابيح تُقام في هيكل أورشليم، ثم يُقيمون الإفخارستيا في البيوت، بدلاً – طبعًا – من الإشتراك في الذبائح الدموية بالهيكل، حيث حَلْ هنا المرموز إليه بدلاً من الرمز "وفي أوَّلِ الأُسبوعِ إذ كانَ التلاميذُ مُجتَمِعينَ ليَكسِروا خُبزًا، خاطَبَهُمْ بولُسُ وهو مُزمِعٌ أنْ يَمضيَ في الغَدِ، وأطالَ الكلامَ إلَى نِصفِ اللَّيلِ" (أع7:20)ومع انتشار الآباء الرسل في العالم ليكرزوا بإنجيل المسيح، حملوا معهم هذا الكنز العظيم الذي للتسبيح حتى تتعلّم كل الشعوب تسبيح الله وتمجيده. (1) استمرار التسبيح في الكنيسة المسيحية:- التسبيح في الكنيسة هو أعظم كنز ورثته المسيحية عن العبادة بهيكل أورشليم، حتى أنه كانت هناك وصية أساسية يُقدمها الرسل لأبنائهم المؤمنين أن يُسبحوا بالمزامير والتسابيح والأغاني الروحية "مُكلمينَ بَعضُكُمْ بَعضًا بمَزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيَّةٍ، مُتَرَنمينَ ومُرَتلينَ في قُلوبِكُمْ للرَّب شاكِرينَ كُلَّ حينٍ علَى كُل شَيءٍ في اسمِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، للهِ والآبِ" (أف19:5-20) "لتَسكُنْ فيكُم كلِمَةُ المَسيحِ بغِنًى، وأنتُمْ بكُل حِكمَةٍ مُعَلمونَ ومنذِرونَ بَعضُكُمْ بَعضًا، بمَزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيَّةٍ، بنِعمَةٍ، مُتَرَنمينَ في قُلوبِكُمْ للرَّب" (كو16:3) كانت المزامير هي المادة الأساسية للصلاة في كل الاجتماعات الليتورجية في الكنيسة الأولى "فما هو إذًا أيُّها الإخوَةُ؟ مَتَى اجتَمَعتُمْ فكُلُّ واحِدٍ مِنكُمْ لهُ مَزمورٌ" (1كو26:14)، وكانت أيضًا المزامير هي وسيلة العزاء في الضيقات، وأيضًا وسيلة التعبير عن الفرح في أوقات الفرج " أعلَى أحَدٍ بَينَكُمْ مَشَقّاتٌ؟ فليُصَل أمَسرورٌ أحَدٌ؟ فليُرَتلْ" (يع13:5). + تسبحة جديدة.. ومع أن التسبيح في الكنيسة المسيحية هو استمرار للتسبيح بالمزامير في العهد القديم إلا أن هذا التسبيح كان قد اكتسب روحًا جديدة بسبب التجسد والخلاص وهذا ما تنبأت عنه المزامير نفسها:"غَنّوا لهُ أُغنيَةً جديدَةً أحسِنوا العَزفَ بهُتافٍ" (مز3:33) "رَنموا للرَّب ترنيمَةً جديدَةً رَنمي للرَّب يا كُلَّ الأرضِ" (مز1:96) إنها دعوة لكل الأرض، وليس لليهود فقط الأمر الذي تحقق بدخول الأمم إلى الإيمان، فصار لهم نصيب في تسبيح الرب"غَنّوا للرَّب أُغنيَةً جديدَةً، تسبيحَهُ مِنْ أقصَى الأرضِ أيُّها المُنحَدِرونَ في البحرِ ومِلؤُهُ والجَزائرُ وسُكّانُها" (إش10:42) "رَنموا للرَّب ترنيمَةً جديدَةً، لأنَّهُ صَنَعَ عَجائب خَلَّصَتهُ يَمينُهُ وذِراعُ قُدسِهِ" (مز1:98)إن الخلاص هو الباعث الأول للتسبيح تسبحة جديدة في الكنيسة "وجَعَلَ في فمي ترنيمَةً جديدَةً، تسبيحَةً لإلهِنا كثيرونَ يَرَوْنَ ويَخافونَ ويتوَكَّلونَ علَى الرَّب" (مز3:40) "يا اللهُ، أُرَنمُ لكَ ترنيمَةً جديدَةً برَبابٍ ذاتِ عشَرَةِ أوتارٍ أُرَنمُ لكَ" (مز9:144) "هَللويا غَنّوا للرَّب ترنيمَةً جديدَةً، تسبيحَتَهُ في جَماعَةِ الأتقياءِ" (مز1:149) طوبى لنا نحن الشعب المسيحي لأننا تذوقنا خلاص الله، وصار لنا فرح وابتهاج بخلاصه، وأُعطينا الحق أن نُسبِّح الله من أجل خلاصه العجيب، وتحققت فينا نبؤة المزمور: "وأنتَ القُدّوسُ الجالِسُ بَينَ تسبيحاتِ إسرائيلَ" (مز3:22) ولا يقتصر التسبيح على فترة وجودنا هنا على الأرض، ولكن الدارس لسفر الرؤيا سيكتشف لسعادته وجود تسبيح دائم لا ينقطع بالسماء بل يمكننا أن نعتبر أن تسبيحنا هنا على الأرض ما هو إلا تدريب على حياة التسبيح الدائم والحقيقي في السماء. (2) التسبيح في السماء (كما ورد في سفر الرؤيا):- إن ما يُميز حياة السماء هو التسبيح الدائم، والفرح غير المنقطع، وهذا ما يُعلنه سفر الرؤيا حيث يصف ليتورجيا السماء وصفًا دقيقًا يشمل صفوف وأنواع السمائيين، وملابسهم، وطريقة سجودهم، أو جلوسهم، والتسابيح التي يتلونها، والبخور المتصاعد من مجامرهم. (أ) مجد السماء:- تعالَ معي – صديقي القارئ – لنرى مجد السماء، وجمال التسبيح السماوي كما رآه يوحنا اللاهوتي الحبيب:"وللوقتِ صِرتُ في الرّوحِ، وإذا عَرشٌ مَوْضوعٌ في السماءِ، وعلَى العَرشِ جالِسٌ وحَوْلَ العَرشِ أربَعَةٌ وعِشرونَ عَرشًا ورأيتُ علَى العُروشِ أربَعَةً وعِشرينَ شَيخًا جالِسينَ مُتَسَربِلينَ بثيابٍ بيضٍ، وعلَى رؤوسِهِمْ أكاليلُ مِنْ ذَهَبٍ وفي وسطِ العَرشِ وحَوْلَ العَرشِ أربَعَةُ حَيَواناتٍ مَملوَّةٌ عُيونًا مِنْ قُدّامٍ ومِنْ وراءٍ لكُل واحِدٍ مِنها سِتَّةُ أجنِحَةٍ حَوْلها، ومِنْ داخِلٍ مَملوَّةٌ عُيونًا، ولا تزالُ نهارًا وليلاً قائلَةً: "قُدّوسٌ، قُدّوسٌ، قُدّوسٌ، الرَّبُّ الإلهُ القادِرُ علَى كُل شَيءٍ، الذي كانَ والكائنُ والذي يأتي" وحينَما تُعطي الحَيَواناتُ مَجدًا وكرامَةً وشُكرًا للجالِسِ علَى العَرشِ، الحَي إلَى أبدِ الآبِدينَ، يَخِرُّ الأربَعَةُ والعِشرونَ شَيخًا قُدّامَ الجالِسِ علَى العَرشِ، ويَسجُدونَ للحَي إلَى أبدِ الآبِدينَ، ويَطرَحونَ أكاليلهُمْ أمامَ العَرشِ قائلينَ: أنتَ مُستَحِقٌّ أيُّها الرَّبُّ أنْ تأخُذَ المَجدَ والكَرامَةَ والقُدرَةَ، لأنَّكَ أنتَ خَلَقتَ كُلَّ الأشياءِ، وهي بإرادَتِكَ كائنَةٌ وخُلِقَتْ" (رؤ2:4-11) ما أجمل هذا المنظر السمائي البهي الذي يشترك فيه الأربعة والعشرون شيخًا مع الأربعة الحيوانات غير المتجسدة في تسبيح الجالس على العرش بالثلاثة تقديسات. (ب) العريس السمائي:- إن أبهى ما في السماء هو الجالس على العرش في الوسط إنه ربنا يسوع المسيح الذي يجب له التسبيح إن مجرد وجوده وظهوره وحضوره هو تسبيح وفرح لا ينقطع، ومجد وكرامة لا يُعبَّر عنها، وهذا ما جعل هذه الطغمات السمائية تلهج بالتسبيح بهذه الطريقة السمائية البديعة إن النفس التي تنفتح على رؤية المسيح لابد أن ينطق لسانها وقلبها بالتسبيح ولأن المسيح حاضر دائمًا في كنيسته، ومُستعلن بكل بهائه (عمانوئيل إلهنا في وسطنا الآن بمجد أبيه والروح القدس) لذلك تحيا الكنيسة على الأرض في حياة التسبيح الدائم "أُخَبرُ باسمِكَ إخوَتي، وفي وسطِ الكَنيسَةِ أُسَبحُكَ" (عب12:2)، "فلنُقَدمْ بهِ في كُل حينٍ للهِ ذَبيحَةَ التَّسبيحِ، أيْ ثَمَرَ شِفاهٍ مُعتَرِفَةٍ باسمِهِ" (عب15:13). (ج) ترنيمة جديدة:- تعالَ معي ننتقل إلى منظر آخر سمائي يصف جمال التسبيح:" ورأيتُ فإذا في وسطِ العَرشِ والحَيَواناتِ الأربَعَةِ وفي وسطِ الشُّيوخِ خَروفٌ قائمٌ كأنَّهُ مَذبوحٌ ولَمّا أخَذَ السفرَ خَرَّتِ الأربَعَةُ الحَيَواناتُ والأربَعَةُ والعِشرونَ شَيخًا أمامَ الخَروفِ، ولهُمْ كُل واحِدٍ قيثاراتٌ وجاماتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَملوَّةٌ بَخورًا هي صَلَواتُ القِديسينَ وهُمْ يترَنَّمونَ ترنيمَةً جديدَةً قائلينَ: "مُستَحِقٌّ أنتَ أنْ تأخُذَ السفرَ وتفتَحَ خُتومَهُ، لأنَّكَ ذُبِحتَ واشتَرَيتَنا للهِ بدَمِكَ مِنْ كُل قَبيلَةٍ ولسانٍ وشَعبٍ وأُمَّةٍ، وجَعَلتَنا لإلهِنا مُلوكًا وكهنةً، فسَنَملِكُ علَى الأرضِ" ونَظَرتُ وسمِعتُ صوتَ مَلائكَةٍ كثيرينَ حَوْلَ العَرشِ والحَيَواناتِ والشُّيوخِ، وكانَ عَدَدُهُمْ رَبَواتِ رَبَواتٍ وأُلوفَ أُلوفٍ، قائلينَ بصوتٍ عظيمٍ: "مُستَحِقٌّ هو الخَروُفُ المَذبوحُ أنْ يأخُذَ القُدرَةَ والغِنَى والحِكمَةَ والقوَّةَ والكَرامَةَ والمَجدَ والبَرَكَةَ!" وكُلُّ خَليقَةٍ مِمّا في السماءِ وعلَى الأرضِ وتحتَ الأرضِ، وما علَى البحرِ، كُلُّ ما فيها، سمِعتُها قائلَةً: "للجالِسِ علَى العَرشِ وللخَروفِ البَرَكَةُ والكَرامَةُ والمَجدُ والسُّلطانُ إلَى أبدِ الآبِدينَ" وكانَتِ الحَيَواناتُ الأربَعَةُ تقولُ: "آمينَ" والشُّيوخُ الأربَعَةُ والعِشرونَ خَرّوا وسجَدوا للحَي إلَى أبدِ الآبِدينَ" (رؤ6:5-14) ما أجمل هذا المنظر السمائي البديع إنه سجود وقيثارات وبخور وترنيم، ثم خوارس تتبادل التسبيح، ومخلوقات سمائية تردد "آمين"والعجيب هنا أن الطغمات الملائكية يقولون للابن الوحيد: "لأنَّكَ ذُبِحتَ واشتَرَيتَنا للهِ بدَمِكَ" (رؤ9:5) ومعروف طبعًا أن الابن اشترانا – نحن البشر – بدمه ولم يشترِ الملائكة فلماذا إذًا يقولون له هذا التعبير؟إنهم حقًا "يُسبِّحون تسبحة الغلبة والخلاص الذي لنا" بحسب تعبير القديس "غريغوريوس اللاهوتي" في القداس الإلهي. فكما نشاركهم في تسبيحهم قائلين: "قُدّوسٌ قُدّوسٌ قُدّوسٌ" يُشاركونا هم أيضًا في تسبيحنا قائلين: "ذُبِحتَ واشتَرَيتَنا" ما أجمل شركة التسبيح!! إنها تُدخلنا في علاقة حب واتحاد مع السمائيين نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
17 يوليو 2018

الرعاية

انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11)" من أجمل الصور التي استخدمها الله ليصف بها علاقته بشعبه، صورة الراعي والحملان، ليس فقط لأن منطقة اليهودية كانت منطقة رعي أكثر من كونها منطقة زراعة، بل لأن ما ينطبق على الراعي الصالح ينطبق على صفات السيد المسيح بخصوص عنايته بنا. فالراعي الصالح باذل ومحب وساهر على رعيته ويقدم ذاته عنها، والخراف مطيعة .. واثقة .. بسيطة مرتبطة براعيها أكثر من تعلقها بالطعام، فإذا تحرك الراعي تبعته على الفور وهو في الوقت ذاته لا يتحرك من الموضع إلاّ إذا شبعت خرافه. وفي هذا الإطار هناك مستويات أربعة للمسئول: 1- راعي صالح (يبذل نفسه عن الخراف). 2- أجير (لا يبالي بالخراف). 3- سارق (يذبح ويهلك). 4- ذئب (شيطان). الذئب هو الشيطان الذي يوعز إلى السارق ويحركه لكي يذبح ويهلك، أما السارق فهو الذي وقع تحت تأثير الشيطان (الذئب) وأصبح وجوده خطراً على الخراف (الرعية) وأما الأجير فهو لا يهتم إلا بأجره وفي سبيل الحصول على الأجر قد يهمل الرعية و قد يُسئ إليها، أما الراعي الصالح فهو الذي يبذل نفسه عن الخراف، وقد يصل به البذل إلى حد الموت عنها، يتصدى لأعدائها ويتلقى الضربات عنها. وقديماً كان وصف "الراعي الصالح" يُطلق على الراعي الذي لم تُفقد له غنمة ولم يتعدى على أرض راعٍ آخر. هذه الشرائح الأربع نجدها في البيوت وفي الوظائف وفي دور التعليم والخدمة ، فهناك أب مصدر خطر على أولاده أو أجير يهتم بأولاده لكي يُنسب نجاحهم إليه، أو ذاك الذي يُنجب كثيراً ليتحول أولاده إلى قوة عاملة. وفي الوظيفة قد يسرق أو يختلس أو يُضر بمصالح الجمهور فهو "سارق ولص" وقد يكون أجيراً لا يهمه أكثر من التواجد المستمر للحصول على راتبه كاملاً مقابل مجهود لا يُذكر وهو في هذه الحالة لا يعنيه في شئ أن يحصل المواطنون على احتياجاتهم أم لا. والأصعب من ذلك أن يكون ذئباً يُحيك المؤامرات ويدفع الآخرين إلى الشر والفساد. أما إن كان راع صالح فهو ُيؤثر راحة زُملاؤه على راحته ومصالح الجمهور على مصالحه هو، وأن تنجح المؤسسة وله في ذلك الفخر. وفي الخدمة قد يتسبب خادم في عثرة الآخرين وقد يحمل البعض على ترك الكنيسة وهو بذلك ذئب وقد يكون أجيراً يأخذ من الخدمه كرامهً وتتضخم ذاته بسببها، وقد يكون سارقاً يسرق مجد الله ويبحث عن مجده هو وكرامته هو. وقد يكون راعٍ صالح يسكب ذاته سكيباً من أجل المخدومين. نيافة الحبر الجليل الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص
المزيد
22 أكتوبر 2019

المسيح في سفر التكوين - السيد المسيح في حياة أبينا إبراهيم

قال السيد المسيح "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي، فرأى وفرح" (يو8: 56). وهذا الإعلان قد أثار حفيظة اليهود وقالوا له "ليس لك خمسون سنة بعد، أفرأيت إبراهيم؟" (يو8: 57) ورد السيد المسيح: "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو8: 58) نعم – ياربي يسوع بالحق نعلم أنك كائن قبل الأدهار، وقبل آدم وإبراهيم، وقبل الملائكة والخليقة كلها، لأنك أنت الخالق والأزلي، والكائن فوق الأزمان لكن دعني يا سيدي القدوس أفهم كيف ومتى وأين رآك أبونا إبراهيم؟ لقد فتح لنا السيد المسيح – بهذه المعلومة – الباب على مصراعيه، لنكتشف معاني مسيانية في حياة أبينا إبراهيم وبل وأيضًا في كل الكتاب عندما دعا الله أبرام أن يخرج من أرضه وعشيرته وبيت أبيه كان يُعده ليأتي المسيح من نسله فأراد الله أن يُبعده عن الجو الوثني، والارتباط الأسري الرديء. وكان الوعد الملازم لهذه الدعوة "فأجعلك أمة عظيمة وأُباركك وأُعظم اسمك، وتكون بركة وأُبارك مُباركيك، ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (تك12: 2، 3) البركة هنا هي مجيء السيد المسيح من نسله، وعندما خرج إبراهيم مُطيعًا لصوت الله.. كان هناك شيئان يُميزان حياته وسيرته: الخيمة والمذبح. الخيمة: هي رمز لتجسد الله، وسكناه في بيت خيمتنا الأرضي أي الجسد. والمذبح يرمز لذبيحة المسيح، وسفك دمه الطاهر على الصليب عن خلاص جنسنا. وعند دعوة أبينا إبراهيم من كسرة كدرلعومر والملوك الذين معه، استقبله ملكي صادق كاهن الله العلي وباركه (تك14: 17-20). وملكي صادق هذا هو إنسان، وشخصية حقيقية تاريخية، ولكنه أيضًا يرمز للسيد المسيح في أوجه كثيرة.. كما شرح مُعلِّمنا بولس الرسول: "هو مُشبَّه بابن الله" (عب7: 3). اسمه (ملكي صادق) أي ملك البر، والمسيح هو ملك البر الحقيقي. وظيفته (ملك ساليم) أي ملك السلام، والمسيح هو ملك السلام الحقيقي. كاهن الله العلي، والسيد المسيح بتجسده صار كاهنًا، بل ورئيس الكهنة الأعظم، ولذلك قدّم له المجوس ضمن هداياهم اللبان (البخور).. فهو الكاهن الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا.. وهو في نفس الوقت الإله الذي يقبل الذبيحة، فهو الذبيحة والكاهن والإله معًا. بارك ملكي صادق إبراهيم، وأعطاه إبراهيم عُشرًا من كل شيء.. علامة على أن كهنوت ملكي صادق أسمى وأعظم من كهنوت لاوي الذي "كان بعد في صُلب أبيه حين استقبله ملكي صادق" (عب7: 10). وكهنوت ملكي صادق هو نفس نظام كهنوت السيد المسيح "أقسم الرب ولن يندم، أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (عب7: 21، مز110: 4). ما قدمه ملكي صادق كان تقدمة (خبز وخمر) (تك14: 18)، وهي رمز لذبيحة الإفخارستيا.. التي قدم فيها السيد المسيح جسده ودمه الحقيقيين.. في صورة خبز وخمر (لذلك فكهنوت المسيح على طقس ملكي صادق بحسب النبوة وبحسب التحقيق)، وكهنوت العهد الجديد قائم على الخبز والخمر وليس على الذبائح الدموية، لأنه على نظام ملكي صادق وليس كنظام هارون. "بلا أب، بلا أم، بلا نسب" (عب7: 3) من جهة الكهنوت.. أي أنه لم ينل الكهنوت بسبب وراثي كما في نظام كهنوت هارون من سبط لاوي.. كذلك جاء المسيح كاهنًا.. دون أن يكون له أب كاهن، أو أم من سبط الكهنوت، أو أي نسب إلى سبط لاوي. وكذلك أيضًا الكهنوت المسيحي لا يكون بالوراثة بل بالاختيار. "لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة" (عب7: 3) أي لم يُعرف بداية تاريخه أو نهاية حياته في سفر التكوين، بل كان شخصية غامضة، ظهرت فجأة في قصة إبراهيم، واختفى تمامًا، ولم يُذكر عنه شيء بعد ذلك إلا في النبوة بالمزمور (110: 4)، وكذلك السيد المسيح بالحقيقة.. ليس له بداءة أيام، إذ هو أزلي، ولا نهاية حياة إذ هو أبدي فملكي صادق هو شخص حقيقي، ولكنه أيضًا هو رمز للسيد المسيح. "وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار" (تك18: 1). ظهور الرب لإبراهيم كان سبق إشارة واضحة لإمكانية تجسد الله وحلوله بين البشر، ومشيه بين الناس، وحتى أكله معهم، كمثلما فعل مع إبراهيم غسل إبراهيم أرجل ضيوفه، وأجلسهم حتى الشجرة "ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة" (تك18: 4).. وهنا نتذكر غسل المسيح لأرجل تلاميذه، أما الشجرة فهي رمز للصليب المجيد، وجلوسهم تحتها إشارة إلى التمتع بفداء المسيح، وصليبه المقدس. والوليمة التي عملها أبونا إبراهيم لضيوفه (الذين هم ابن الله واثنان ملائكة).. هي إشارة إلى تجسد الله، واشتراكه مع البشر في حياتهم اليومية، ومباركته للأكل والشرب والحياة. قصة ذبح اسحق هي إشارة واضحة جدًا لصليب المسيح، وقد تغنت الكنيسة بها على مر الأجيال، خصوصًا في القسمة المستخدمة بقداس خميس العهد اسحق هو الابن الوحيد الحبيب لإبراهيم، وكذلك السيد المسيح هو الابن الوحيد الحبيب لله الآب طلب الله أن يُقدم اسحق محرقة على أحد الجبال بأرض المُريّا، والسيد المسيح أُصعد ذبيحة محرقة على الصليب على جبل الجلجثة حمل اسحق حطب المحرقة.. كما حمل السيد المسيح خشبة الصليب سؤال اسحق لأبيه إبراهيم "هوذا النار والحطب، ولكن أين الخروف للمحرقة؟" (تك22: 7).. تشابه صلاة السيد المسيح في بستان جثسيماني "قائلاً: "يا أبتاه، إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس. ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك" (لو22: 42). الكبش الذي قُدّم بدلاً عن اسحق يرمز إلى المسيح الذي مات نيابة عن كل البشر خاصة وأن الكبش كان ممسكًا في الغابة (رمز الصليب) بقرنيه. موت الكبش يرمز إلى موت المسيح بالجسد، ونجاة اسحق ترمز إلى قيامة السيد المسيح، خاصة وقد تم ذلك بعد ثلاثة أيام أيضًا "وفي اليوم الثالث" (تك22: 4). الكبش يرمز لناسوت المسيح الذي مات بالصليب، واسحق يرمز للاهوت المسيح الذي لا يموت بل هو حي إلى أبد الآبدين. "فدعا إبراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يرأه. حتى إنه يقال اليوم: في جبل الرب يُرى" (تك22: 14).. لأنه رأى الرب وصليبه هناك. هذا اليوم هو الذي قال عنه السيد المسيح "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح" (يو8: 56) إن أبانا إبراهيم لم يرَ الكبش فقط، ولم يرَ نجاة ابنه الوحيد الحبيب من الموت فقط.. ولكنه رأى ما هو أبعد من هذا، لقد رأى الابن الوحيد الكلمة مصلوبًا عنا وقائمًا بنا"الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا" (رو4: 25). نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
15 يوليو 2018

يَسُوع المُعَلِّمْ جزء 2

(1) إِسْلُوب المُقَارَنَات :- كَانَ رَبِّنَا يَسُوع دَائِماً يُبْرِزالمَعْنَى بِإِسْلُوب المُقَارَنَات مِثْل ﴿ إِنْسَانَان صَعِدَا إِلَى الهَيْكَل لِيُصَلِّيَا ﴾( لو 18 : 10) وَتَتَخَيَّل أنْتَ الإِثْنَان ثُمَّ يَقُول أحَدُهُمَا فِرِّيسِي وَالآخَر عَشَّار ثُمَّ يُبْرِز مَوْقِفْهُمَا وَيَقُول لَك مَنْ مِنْهُمَا تُرِيدْ أنْ تَكُون مِثْلُه ؟ أحَدُهُمَا قَالَ ﴿ أشْكُرُكَ إِنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاس ﴾( لو 18 : 11) بَيْنَمَا الآخَر قَالَ ﴿ إِرْحَمْنِي أنَا الخَاطِئ ﴾ ( لو 18 : 13) يِوَصَّل لَك إِحْسَاس الإِثْنَيْنِ بِوُضُوح .. بِذلِك يَكُون قَدْ قَارَن وَشَبِّه وَمَثِّل وَفِي النِّهَايَة يُحِبْ أنْ يَسْمَع مِنَّك الإِجَابَة ثُمَّ يَقُول لَك ﴿ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّراً دُونَ ذَاكَ ﴾ ( لو 18 : 14) وَمِنْتِظِر مِنَّك إِجَابَة رَبِّنَا يَسُوع أتَى بِالمَعْلُومَة مِنَّك إِنْتَ فَصِرْتَ لَسْتَ مُتَلَقِّي قَصَّ لَكَ المَثَل فَجَذَبَك وَقَارِنْ وَسَألَك وَأنْتَ أجَبْت بِالمَعْلُومَة إِسْلُوب تَشْوِيقٌ لِذلِك نَحْنُ نَعْتَمِد عَلَى المَادَّة الرَّائِعَة الَّتِي نُقَدِّمْهَا الإِنْجِيل الكِنِيسَة لكِنْ كُل هذَا مِحْتَاج إِسْلُوب تَشْوِيقٌ لِلعَرْض مَثَلاً يَتَكَلَّمْ عَنْ الغَنِي وَلِعَازَر ( لو 16 : 19 – 20 ) يَقُص القِصَّة وَيُدْخِلَك دَاخِل إِحْسَاس كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَتْرُك لَك الإِسْتِنْتَاج وَيُرِيدْ مِنَّك الإِجَابَة يَصِف لَك الغَنِي وَلِعَازَريِكَلِّمَك عَنْ العَذَارَى الحَكِيمَات وَالجَاهِلاَت ( مت 25 : 1 – 13) كُل هذِهِ مُقَارَنَات عِنْدَمَا تُرِيدْ أنْ تُثْبِت شِئ إِثْبِتُه بِعَكْسُه بِذلِك تِبْرِزُه إِبْرِز النُّور بِالظَّلاَم وَبَدَلاً مِنْ أنْ تَشْرَح كَلِمَات كَثِيرَة عَنْ النُّور إِجْعَل النَّاس يَتَذَوَقُونَ الظَّلاَم لِلَحْظَة هذَا أسْهَل مِنْ أنْ تُعَلِّمْ عَنْ شِئ إِكْشِفْ عَكْسُه حَتَّى فِي عِلْم الطِبْ الأطِبَاء عِنْدَمَا يُشَخِّصُون مَرَض يُشَخِّصُوه بِإِسْلُوب التَّشْخِيص المُقَارَن Differential diagnosis مُقَارَنَة بَيْنَ أمْرَاض مُخْتَلِفَة بِهَا نَفْس العَرَض حَتَّى يَسْتَطِيعُوا أنْ يِشَخَصُّوا المَرَض هكَذَا الله إِسْتَخْدِم المُقَارَنَات وَيِعَرَّفَك كُل أمر فِي المُقَارَنَة فِي أي حَالَة وَإِنْتَ فِي أي حَالَة ﴿ كَانَ لِدَائِن مَدِينَان عَلَى الوَاحِد خُمْسُمَائَة دِينَار وَعَلَى الآخَر خَمْسُون ﴾ ( لو 7 : 41 ) إِسْتَخْدِم التَّشْبِية وَالقِصَّة وَالمُقَارَنَة وَالسُؤال فِي وَقْتٍ وَاحِدٌ أسَالِيب التَّرْبِيَة الَّتِي يَتَكَلَّمْ عَنْهَا النَّاس يَسُوع إِسْتَخْدِمْهَا كَمُعَلِّمْ فِي ضُوء المُتَاح فِي عَصْرُه وَلَمْ يَكُنْ يَحْتَاج لِوَسَائِل بَلْ كَانَ يَبْتَكِر الوَسَائِل بِمَا هُوَ مُتَاح يَجِدٌ مُزَارِع فَيَرْبُط لَهُ الزَّرْع بِالكَلِمَة وَيَرْبُط ذلِك بِمَشَاكِل الإِنْسَان يِسْأل وَيَقُول هَل أنْتَ تَقِفْ فِي أرْض مُحْجِرَة أم أرْض بِهَا شُوك أم ؟ لِذلَك لَمْ يَسْتَخْدِم الأُسْلُوب الخَبَرِي فِي تَعَالِيمُه أي إِسْلُوب تَقْرِيرِي بِهِ مَعْنَى بَلْ كَانَ يَسْأل وَيُشَبِّه وَيُقَارِن وَدَائِماً يُظْهِر إِخْتِلاَف المُقَارَنَة تُبْرِز المَعْنَى وَتُقَوِّيه لِذلِك جَيِّدٌ أنْ نَسْتَخْدِم فِي تَعَالِيمْنَا إِسْلُوب المُقَارْنَة لِنُوَضِح بِهَا المَعْنَى كَمَا كَانَ رَبِّنَا يَسُوع يُعَلِّمْ قَارِن بَيْنَ حَيَاة حَسَبْ الجَسَد وَحَيَاة حَسَبْ الرُّوح السُلُوك فِي الظُّلْمَة وَالسُلُوك فِي النُّور فِي قِصَّة الإِبْن الضَّال قَارِن بَيْنَ حَالِة الإِبْن وَهُوَ فِي بَيْت أبِيهِ وَحَالْتُه عِنْدَمَا خَرَج وَحَالْتُه بَعْد عَوْدِتُه لأِبِيهِ سَتَجِدٌ أنَّ الحَالَة الثَّالِثَة أي بَعْد رُجُوعُه لِحُضْن أبِيهِ أجْمَل حَالَة وَكَأنَّهُ يَقُول لَك إِنَّ الشَخْص التَّائِب مَرْغُوب عِنْدَ الله هُوَ لَذِّة الله وَمَوْضِع مَحَبَّتِهِ لأِنَّهُ تَرَكَ التِّسْعَة وَتِسْعُون وَبَحَث عَنْ الخَرُوف الضَّال وَالتَائِه لأِنَّ التَائِه قَدْ يَسْقُط فِي اليَأس لِذلِك فَرِحَ بِهِ لَمَّا وَجَدُه رَب المَجْد يَسُوع تَدَرَّج فِي أمْثَالُه وَمُقَارَنَاتُه مِنْ شِئ جَمَاد فِي مَثَل الدِّرْهَم المَفْقُود إِلَى حَيَوَان فِي مَثَل الخَرُوف الضَّال إِلَى الإِنْسَان فِي مَثَل الإِبْن الضَّال الدِّرْهَم شِئ غِير عَاقِل بَيْنَمَا الخَرُوف لَهُ نِسْبِة إِرَادَة وَنَسَبْ ضَيَاعُه لِلرَّاعِي أي الرَّاعِي مَوْجُودٌ لِلخَرُوف المُشَاغِب . (2) إِسْلُوب الأسْئِلَة :- نَجِدٌ أنَّ رَب المَجْد يَسُوع بَدَلاً مِنْ أنْ يَسْتَخْدِم الأُسْلُوب الخَبَرِي التَقْرِيرِي إِسْتَخْدِم إِسْلُوب التَسَاؤل هذَا إِسْلُوب يَجْعَلَك تَعْمَل بِعَقْلَك وَبِبَحْث وَتَشْتَاق لِلإِجَابَة الصَّحِيحَة مِثَال لِذلِك يَسْأل الأبْرَص أتُرِيدْ أنْ تَبْرَأ ؟ ( يو 5 : 6 ) هُوَ يُرِيدْ أنْ يَعْرِف مَا بِدَاخِل ذلِك الشَّخْص فَيُجِيب عَنْ سُؤال بِسُؤال أتَرَى مَنْ هُوَ الوَكِيل الأمِين الحَكِيم ؟ ( لو 12 : 42 ) مَنْ ؟ هَلْ هُوَ الرَّجُل الَّذِي أكَل وَشَرَب أم الَّذِي يَسْهَر ؟ يَجْعَلَك تِسْأل نَفْسَك هَلْ أنَا حَكِيم وَأمِين فِيمَا لَهُ فِيَّ ؟ كَلِمَة * حَالَة * لَيْسَ المَقْصُودٌ بِهَا العُمْلَة بَلْ مَا يَمْلُكَهُ دَاخِلْنَا لِذلِك كَانَتْ التَعَامُلاَت قَدِيماً أشْيَاء بِأشْيَاء مَثَلاً يُعْطِي أرْض مُقَابِل حَيَوَانَات وَهكَذَا الوَكِيل عَلَى جَمِيع أمْوَالُه أي عَلَى جَمِيع مَا يَمْتَلِكُه إِذاً كُل عَطَايَا الله هِيَ لِلوَكِيل الأمِين الحَكِيم سُؤال يُعْطِي المَعْلُومَة ثُمَّ يَسْأل سُؤال يَقُول مَثَل السَّامِرِي الصَّالِح ثُمَّ يَسْأل مَنْ هُوَ قَرِيبُه ؟تَبْحَث أنْتَ لِتَعْرِف عِنْدَمَا قَالَ لَهُمْ المَثَل كَانَ يَجِبْ عَلَيْهِمْ أنْ يُجِيبُوه وَيَقُولُون أنَّ السَّامِرِي هُوَ قَرِيبُه لكِنْ لأِنَّهُمْ كَانُوا فِي عَدَاوَة مَعَ السَّامِرِيِينْ لَمْ يَقُولُوا السَّامِرِي بَلْ قَالُوا الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الصَّالِح أرَادَ رَب المَجْد يَسُوع أنْ يُذِيب الفَوَارِق يُعَلِّمْ وَيَسْأل وَأنْتَ تُجِيب سَألُوه هَلْ أنْتَ مِنْ عِنْدَ الله ؟ فَسَألَهُمْ هُوَ هَلْ مَعْمُودِيِة يُوحَنَّا مِنْ الله أم مِنْ النَّاس ؟ ( مر 11 : 30 )إِنْ قَالُوا مِنْ الله يُجِيبَهُمْ فَلِمَاذَا إِذاً لَمْ تَقْبَلُوه ؟ وَإِنْ قَالُوا مِنْ النَّاس سَيُهَيِّج عَلَيْهِمْ الشَّعْب فَقَالُوا لَهُ لاَ نَعْرِف قَالَ لَهُمْ يَسُوع وَأنَا أيْضاً لَنْ أقُول هُنَاك أسْئِلَة كَانَ يُجِيبَهَا وَأسْئِلَة لاَ يُجِيبَهَا وَذلِك بِحَسَبْ مَنْ يَسْتَحِق الإِجَابَة بِيلاَطُس سَألَهُ مَا هُوَ الحَقَّ ؟ ( يو 18 : 38 ) لَمْ يُجِيب لِمَاذَا ؟ لأِنَّ بِيلاَطُس سَقَطَ فِي الحَقَّ الأصْغَر وَهُوَ أنَّهُ يَعْلَمْ أنَّ يَسُوع لاَ يَسْتَحِق الصَلْب وَأنَّهُ أسْلَمَ دَم بَرِئ وَلَمْ يَنْصِفُه فَكَيْفَ يُعْلِنْ لَهُ الحَقَّ الأكْبَر أي أنَّهُ هُوَ الله ؟!!إِسْلُوب الأسْئِلَة إِسْتَخْدِمُه لإِبْرَاز المَعْنَى الَّذِي يُعَلِّمْ بِهِ فَنَجِدُه فِي مَوَاقِفْ كَثِيرَة لَمْ يَجْعَل التَّعْلِيمْ مُبَاشِربَلْ بِإِسْلُوب الأسْئِلَة وَالنَّاس تَبْحَث عَنْ إِجَابَة يَجْعَل الإِنْسَان يَعْتَرِف . (3) إِسْلُوب وَسَائِل الإِيضَاح :- نَجِدٌ يَسُوع يَسْتَخْدِم الوَسَائِل مَثَلاً يُرِيدْ أنْ يَتَكَلَّمْ عَنْ البَسَاطَة فَيُحْضِر وَلَد صَغِير فِي وَسَطِهِمْ وَيَقُول هَلْ تَرَى هذِهِ البَرَاءَة ؟ ﴿ إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوت السَّموَات ﴾( مت 18 : 3 ) يُرِيدْ أنْ يُقَرِّب لَكَ الحَقِيقَة عَنْ طَرِيقٌ وَاقِعْ مَلْمُوس شِئ مَرْئِي مَحْسُوس فِي أحَدٌ المَرَّات أحْضَر إِنْسَان يَدُه يَابِسَة وَأقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ وَسَألَهُمْ سُؤال هَلْ يَحِلُّ فِعْل الخَيْرفِي السَبْت ؟ ( مر 3 : 4 ) سُؤال وَوَسِيلَة مُجَرَّدٌ أنْ تَرَى الرَّجُل تَتَعَاطَفْ مَعَهُ وَيَسْألَك السُؤال تَخَيَّل أنَّ شَخْص أرَادَ أنْ يَعْتَرِض عَلَى الأمر هَلْ يَسْتَطِيع ؟ ثُمَّ يَسْأل مَرَّة أُخْرَى لَوْ وَقَعْ ثُورَك أوْ حِمَارَك يُوْم السَبْت هَلْ لاَ تُنْقِذُه ؟ إِجَابْتَك تُجِيب عَنْ نَفْسَك لِذلِك تَعَالِيمْ يَسُوع كَانَتْ مَفْهُومَة لَهُمْ كَمَا سَأل فِي مَثَل السَّامِرِي وَالكَاهِن وَاللاوِي الَّذِينَ عَبَرُوا لكِنْ السَّامِرِي نَزَل هذَا تَجَسَّد لأِجْل شِفَاء العَالَمْ هَلْ يَحِل فِعْل الخِير يُوْم السَبْت ؟ بِمَاذَا تُجِيب ؟ إِسْلُوب الوَسِيلَة إِسْتَخْدِمُه المَرْأة المُمْسِكَة فِي ذَات الفِعْل عَمَلْ مِنْهَا مَسْرَحِيَّة لَمْ تَكُنْ كَلِمَات لِتَبْرِير الإِنْسَان الخَاطِئ بَلْ وَقَفَ هُوَ أمَامَهَا وَهيَ خَلْفُه فَحَجَز عَنْهَا الرَّجْم وَصَارَ يِرَسَّخ فِي ذِهْن الإِنْسَان أنَّ يَسُوع هُوَ المُخَلِّص وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُمْ إِرْجِمُونِي أنَا بَدَلاً عَنْهَا ﴿ أوْجَاعُنَا تَحَمَّلَهَا ﴾ ( أش 53 : 4 ) إِذَا حَضَرْت هذَا المَوْقِفْ لَنْ تَنْسَى مَنْظَر يَسُوع وَهُوَ يَحْمِي المَرْأة وَعِنْدَمَا تَجَّمَع النَّاس إِنْحَنَى وَبَدَأَ يَكْتُب عَلَى الأرْض وَقَالَ لَهُمْ مَنْ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّة فَلْيَرْمِهَا أوَّلاً بِحَجَر ؟ ( يو 8 : 7 ) النَّامُوس يَقُول الشَخْص المَحْكُوم عَلَيْهِ بِالرَّجْم يَكُون عَلَيْهِ عَلَى الأقَلْ شَاهِدَيْنِ وَهُمَا أوِّل مَنْ يَبْدأ بِالرَّجْم بِأوِّل حَجَرِين ثُمَّ تَبْدأ الجُمُوع فِي الرَّجْم إِذاً المُشْكِلَة كُلَّهَا فِي أوِّل حَجَرِين لأِنَّهُمَا لِلشَّاهِدَينْ الأسَاسِيَيْن شَاهِدَي الإِثْبَات بَعْدَهَا تُلْقِي الجُمُوع بِالأحْجَار لِلرَّجْم يَسُوع وَقَفْ كَرَئِيس كَهَنَة يَسْمَع لِلشُهُودٌ وَقَالَ الَّذِي يَشْهَدٌ عَلَيْهَا لاَ أُرِيدُه أنْ يَقُص مَا رَأى فِي خَطِيَّتْهَا بَلْ يُلْقِي أوِّل حَجَر وَلَمْ يَسْتَطِع أحَدٌ فِعْل ذلِك ثُمَّ وَقَفَ وَقَالَ لَهَا أنَا أخَذْت وَضْع المُذْنِب بَدَلاً عَنْكِ وَصِرْت أنَا الحَامِل أوْجَاعِك وَأخَذْت عَنْكِ الحُكْم وَأخَذْتِ أنْتِ البَرَاءَة وَهُمْ إِنْصَرَفُوا هذَا مَا فَعَلَهُ مَعَنَا حَمَلَ عَنَّا الحُكْم وَأخَذْنَا نَحْنُ البَرَاءَة وَصَارَ هُوَ المُذْنِب هذَا إِسْلُوب تَجْسِيم الحَدَث عِنْدَمَا سَألُوه لِمَنْ تُعْطِي الجِزْيَة ؟ قَالَ إِعْطُونِي عُمْلَة ( دِينَار ) ثُمَّ سَأل لِمَنْ الصُورَة ؟ قَالُوا لِقَيْصَر فَأجَابَهُمْ ﴿ أعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَر لِقَيْصَر وَمَا للهِ للهِ ﴾ ( مت 22 : 21 ) وَكَأنَّهُ يُرِيدْ أنْ يَقُول إِنْ دَفَعْت الجِزْيَة فَأنْتَ لَسْتَ مُنَافِقٌ بَلْ مُكَمِّل لِبَعْض مَا لِقَيْصَر وَمَا لله تَشْبِيهَات أيْضاً يَقُص لَك قِصَّة أوْ يَضَعْ وَسِيلِة إِيضَاح مَشْهَدٌ الصَّلِيب كَانَ أقْوَى وَسِيلِة إِيضَاح أمَام العَالَمْ كُلُّه يُحْفَر فِي القَلْب وَلَنْ يُنْسَى جَسَّد لَنَا حُبُّه وَأُحْصِيَ مَعَ أثَمَة ( مر 15 : 28 ) وَلِتَرَى المَشْهَدٌ وَالتَّجَمُع وَالصِيَاح وَمَنْظَرُه أكْبَر وَسِيلِة إِيضَاح الإِسْلُوب التَّقْرِيرِي أصْعَب فِي فِهْمُه مِنْ إِسْلُوب المَثَل وَكَانَ هُنَاك مَنْ كَانَ يَقْصِد أنْ يَشْرَح لَهُمْ وَهُنَاك مَنْ قَصَد أنْ لاَ يَشْرَح لَهُمْ لأِنَّ الإِسْتِعْدَاد يُعْطَى لِلرَّاغِب وَالصَّادِق وَالأمِين لكِنْ الَّذِي قَلْبُه غَاش وَجَاءَ لِيَدِين يَسُوع لَنْ يَنَال إِسْتِعْلاَن رَبِّنَا يَسُوع كَانَ يُقَرِّب المَعْنَى بِوَسِيلَة يِنْزِل عَلَى الأرْض وَيَكْتُب كُون إِنُّه يِنْزِل وَيَنْحَنِي وَيَكْتُب فَهُوَ بِذلِك يُرِيدْ أنْ يُقَرِّب المَعْنَى لِيُجَسِّد الحَقِيقَة مَنَاظِر تُحْفَر فِي القُلُوب وَالأذْهَان لاَ تُنْسَى كُل هذِهِ أُمور عَمَلْهَا لِيُقَرِّب تَعَالِيمُه أيْضاً مِنْ وَسَائِل الإِيضَاح الَّتِي كَانَ يَسْتَخْدِمْهَا البِيئَة يَأخُذَهُمْ وَسَطْ حُقُول وَيُعَلِّمَهُمْ وَيَأخُذ مِنْ سَنَابِل الحَقْل شَجَرِة التِّين يَلْعَنْهَا وَتَجِف لأِنَّهُمْ لاَ يَفْهَمُون أنَّ الأُمَّة اليَهُودِيَّة سَتَجِف فَيُظْهِرْهَا لَهُمْ فِي مَنْظَر شَجَرِة التِّين يُرِيدْ أنْ يَتَكَلَّمْ مَعَ المَرْأة السَّامِرِيَّة عَنْ المَاء الحَي فَيَأخُذْهَا عِنْدَ البِئْر لَمْ يُقَابِلْهَا فِي مَكَان آخَر بَلْ سَارَ لَهَا وَكَلَّمْهَا عِنْدَ البِئْر وَسَائِل إِيضَاح عَمَلِيَّة لِذلِك لَمَّا رَفَعْهَا مِنْ مُسْتَوَى البِئْر إِلَى مُسْتَوَى المَاء الحَي وَعَطَايَا الله فَهَمِتْ إِرْتِقَاء جَمِيل هِيَّ تَسْألُه وَهُوَ لاَ يُعْلِن نَفْسُه لَهَا بَلْ تَدَرَّج مَعَهَا لِتَعْرِفُه هِيَ الفَرْق بَيْنَ الإِعْلاَن وَالإِسْتِعْلاَن الإِسْتِعْلاَن بِهِ مِنْحَة شَخْصِيَّة وَهِبَة شَخْصِيَّة الإِسْتِعْلاَن بِهِ قُوِّة الإِعْلاَن عَلَى مُسْتَوَى شَخْصِي قَدْ يَكُون الله مُعْلَن لِلكُل لكِنْ لَمْ يُسْتَعْلَن لِي أنَا كَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول ﴿ ظَهَرَ لِي أنَا ﴾ ( 1كو 15 : 8 )جَيِّد فِي شَخْص رَبِّنَا يَسُوع أنَّ بِهِ كُل هذِهِ المَدَارِس وَنَحْنُ لَمْ نَعْرِفَهُ بَعْد . تَعْلِيمُه عَمَلِي :- مَثَلاً إِنْتَ غَاضِب مِنْ إِنْسَان يِقُول لَك إِذْهَب بِينَك وَبِينُه وَعَاتْبُه إِنْ لَمْ يَسْمَع مِنَّك تِسْأل مَاذَا أفْعَل ؟ يَقُول لَك قُلْ لِلكَاهِن إِنْ لَمْ يَسْمَع مَاذَا أفْعَل ؟ يُجِيب لِيَكُنْ عِنْدَك مِثْل الوَثَنِي ( مت 18 : 15 – 17)عَمَلِي وَوَاقِعِي وَلَهُ دَرَجَات أي لاَ أسْتَطِيع أنْ أطْلُب مِنْكَ مُسْتَوَى الفَضِيلَة المُطْلَق تَكَلَّمْ عَنْ الوَزْنَة وَالوَزْنَتَيْن وَالخَمَس وَزَنَات تَكَلَّمْ عَنْ إِسْلُوب عَمَلِي حَتَّى أنَّكَ لَوْ قَرَأت لِلأبَاء النُّسَاك تَجِد أنَّ تَعَالِيم الإِنْجِيل وَإِسْلُوبُه أسْهَل لأِنَّ تَعَالِيم يَسُوع عَمَلِيَّة تَتَنَاسَبْ مَعَ وَضْعَك بِمَعْرِفَة وَعَمَلِيَّة وَيِرَاعِي الظُرُوف لِذلِك يِكَلِّمَك عَنْ دَرَجَات وَارْتِقَاء وَمِنْ ظُرُوف الحَيَاة نَفْسَهَا أرْمَلَة وَقَاضِي لَمْ يَشَأ أنْ يَنْصِفْهَا لِزَمَان ( لو 18 : 1 – 5 ) تَعْلِيم سَهْل أنْ نَحْيَاه وَنَعِيشُه لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْ وَاقِعْ إِلهِي دُونَ النَّظَر لِوَاقِعْ إِنْسَانِي بَلْ تَكَلَّمْ مِنْ وَاقِعْ إِلهِي مُرَاعِياً الوَاقِعْ الإِنْسَانِي رَبِّنَا يَسُوع صَامَ أرْبَعِينَ يَوْماً رَقَمْ * أرْبَعِين * رَقَمْ مُهِمْ وَمُفْرِح هُوَ حَاصِل ضَرْب 4 × 10رَقَمْ * أرْبَعَة * هُوَ رَقَمْ أرْضِي يُشِير لِلجِهَات الأرْبَعَة وَرَقَمْ * عَشَرَة * رَقَمْ سَمَاوِي أي جَمَعْ مَا هُوَ أرْضِي وَسَمَاوِي لِذلِك صَامَ أرْبَعِينَ يَوْماً لِيُعْلِن لَنَا عَطَايَا السَّمَاء الَّتِي تُؤخَذْ بِجِهَاد جَسَدِي أرْضِي الأرْضِي يَتَحَوَّل إِلَى سَمَاوِي مِنْ الجِهَاد الأرْبَعِينِي السَيِّد الْمَسِيح خَدَم 40 شَهْر وَعَاش عَلَى الأرْض 400 شَهْر قَضَى 40 يُوْم بَعْد القِيَامَة لِيُثَبِّت الكِنِيسَة لِذلِك رَقَم " 40 " رَقَمْ مُصَالَحَة بَيْنَ السَّمَاء وَالأرْض لِذلِك نَحْنُ نَصُوم أرْبَعِينَ يَوْماً لِلمُصَالَحَة أنْتَ تُقَدِّم صُوْم بِالجَسَد لكِنُّه صُوْم مِنْ أجْل الرُّوح إِذاً أنْتَ تَصُوْم بِنِعْمَة إِلَهِيَّة رَبِّنَا يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الاسكندرية
المزيد
16 أغسطس 2018

إدعاءات د. منقذ السقار ضد الكتاب المقدس

ونقول لهؤلاء الكتاب وغيرهم ومن سار ويسير على دربهم ها قد ظهرت هذه الكتب إلى الوجود وتم ترجمتها ودراستها من قبل علماء الكنيسة ورجالها ومن قبل علماء النقد الأعلى والنقد النصي والمتخصصين في المخطوطات والحفريات والآداب القديمة والحديثة وأساتذة الأديان المختلفة وهي متاحة الآن للجميع، فهل يروق لكم محتواها؟ وهل يمكن أن تجدوا فيها ما كنتم تتمنون؟ وهل تأتيكم الجراءة والشجاعة لتعلنوا، كما فعل المحايدون من العلماء، أن آباء الكنيسة الأولى الذين رفضوا هذه الكتابات كانوا على صواب؟ أم تظلون في عنادكم ومكابرتكم، كما كان يحدث وهكذا سيكون؟!! وإجابة هذه الأسئلة سنجدها في الفقرات التالية والتي اخترناها من كتابين، الأول يتميز صاحبة بالتخصص في نقد المسيحية والدين المقارن بالسعودية، والثاني يعتمد بالدرجة الأولى على ما يجمعه مما هو موجود في مواقع النت!! وهما يعبران تعبيرًا صادقًا عن كل ما قلناه أعلاه: (1) يقول الدكتور منقذ السقار في كتابه "العهد الجديد هل هو كلمة الله؟": "ظهر في الجيل الأول من النصرانية أناجيل كثيرة - كما تدل على ذلك مقدمة إنجيل لوقا "إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة رأيت أنا أيضًا، إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به". (لوقا 1/1-4). أولا: نظرة تاريخية في الأناجيل غير القانونية: ورأينا كيف اعترفت الكنيسة بأربعة أناجيل، ورفضت عددًا من الأناجيل والكتب، أوصلها صاحب كتاب اكسيهومو (1810م) إلى أربعة وسبعين كتابًا، وعددها فذكر أن منها ما هو منسوب لعيسى وأمه. وللحواريين، ومنها ما هو منسوب للإنجيليين الأربعة، وأوصلها بعض الباحثين إلى ما يربو على المائة كتاب، ومنها ما هو منسوب لجماعات مسيحية قديمة كإنجيل المصريين والناصريين. وقد سميت بعض هذه الكتب أناجيل كإنجيل بطرس واندرياه ويعقوب وميتاه (متى) وإنجيل المصريين لمرقس وبرنابا، وعددت دائرة المعارف الأمريكية أسماء ستة وعشرين إنجيلًا لا تعترف بها الكنيسة رغم نسبتها إلى المسيح وكبار حوارييه. وقد كانت بعض هذه الكتابات والأناجيل متداولة لدى عدد من الفرق المسيحية القديمة، وظلت متداولة إلى القرن الرابع الميلادي. وفي مجمع نيقية 325م أمرت الكنيسة باعتماد الأناجيل الأربعة ورفض ما سواها من غير أن تقدم مبررًا لرفض تلك الأناجيل سوى مخالفتها لما تم الاتفاق عليه في المجمع، وفي ذلك يقول العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته "لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدسًا منزلًا دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون.. ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل.. إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها..". وأمرت الكنيسة بحرق جميع هذه الأناجيل لما فيها من مخالفات للعقيدة، وصدر قرار من الإمبراطور بقتل كل من عنده نسخة من هذه الكتب([1]). ثانيًا: ما وصل إلينا من الأناجيل المحرمة؛ وهكذا اختفت معظم هذه الأناجيل ولم يصل منها سوى إنجيل برنابا والإنجيل الأغنسطي، وثلاث قصاصات من إنجيل مريم وبعض شرائح لاتينية وإغريقية وقبطية من إنجيل برثولماوس وإنجيل نيقوديموس كما عثر أخيرًا في نجع حمادي بمصر على مقتطفات من إنجيل بطرس وكتاب أعمال يوحنا. ولعل أهم ما وجد في نجع حمادي مائة وأربعة عشر قولًا منسوبًا للمسيح في إنجيل توما الذي يختلف أسلوبه عن الأناجيل الأربعة، إذ لم يسرد قصة المسيح، بل نقل أقواله، ويرجع المحقق كويستر هذا الإنجيل إلى منتصف القرن الأول الميلادي، وأرجعه كيسيبل إلى 140م. وعثر أيضًا على إنجيل "الحقيقة" والذي اعتبره ايرينوس (180م) إنجيلًا مزورًا ([2]). ثالثًا: الأدلة التاريخية على وجود هذه الأناجيل؛ وللتأكيد على وجود هذه الأناجيل في القرن الأول وحتى قبل كتابة الإنجيليين الأربعة لأناجيلهم ننقل ما ذكره لوقا في مقدمته "إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا.. رأيت أنا أيضًا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به" ( لوقا 1/1 - 4 ) وقد استشهد كل من كليمنت الرومي (97 م.) وبوليكارب (112م) بأقوال للمسيح في صيغ مستقلة غير موجودة في الأناجيل الأربعة. وقد جمع فايرسيوس ما تبقى من هذه الأناجيل، وطبعها في ثلاثة مجلدات. ملاحظات: وبادئ ذي بدء فإن المحققين سجلوا حول هذه الأناجيل ملاحظات. * أن ثمة كتب كثيرة ظهرت في القرن الأول، وكلها منسوبة للمسيح وحوارييه. * أن هذه الأناجيل تخالف عقائد مجمع نيقية، وبعضها كان خاصًا بفرق مسيحية موحدة. * أن الكنيسة حين حرمت هذه الأناجيل، ولم تقدم أدلة على صحة القرار الذي اتخذته. * أنه كما لا يحق لرجال الكنيسة إعطاء صفة القانونية للأناجيل الأربعة فإنه لا يحق لهم إبطال صحة هذه الأناجيل واعتبارها أبو كريفا (مزيفة، خفية). وقد جمع فابري سيوس ما تبقى من هذه الأناجيل، وطبعها في ثلاثة مجلدات. ([3]) (2) ويقول الثاني في كتابه "البهريز في الكلام اللي يغيظ"!! والذي يوحي عنوانه بمستوى كاتبه، في أولى فقرات كتابه: " يدعى النصارى أيضًا مثل اليهود أن كتبهم قد كتبت بإلهام الروح القدس لمؤلفيها، الذين لم يكونوا تلاميذ عيسى عليه السلام، وهناك الكثير من الأدلة على ذلك تجدها في متن هذا الكتاب. فلو كان من عند الله لما وجدوا فيه اختلافًا، ولما كانت أربعة أناجيل وعدة رسائل شخصية، رفعوها من تلقاء أنفسهم إلى مصاف كلام الله ووحيه. فلماذا لم يرسل الرب إنجيلًا واحدًا كما أرسل توراة واحدة هي توراة موسى المكتوبة على لوح الحجر، وكما أرسل إنجيل عيسى - ليس إنجيل متى أو مرقس أو.. - وكما أرسل قرآنًا واحدًا؟ فمن المعروف كثرة الأناجيل عندهم، وتُعدِّدها دائرة المعارف الكتابية (كلمة أبوكريفا) بـ280 كتابًا: (فوتيوس: أما أكمل وأهم الإشارات إلى الأعمال الأبوكريفية فهي ما جاء بكتابات فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من القرن التاسع، ففي مؤلفه "ببليوتيكا" تقرير عن 280 كتابًا مختلفًا قرأها في أثناء إرساليته لبغداد.. لابد أن تأليف هذه الأناجيل ونشرها كانا أيسر مما عليه الحال الآن. ويبلغ عدد هذه الأناجيل نحو خمسين). وراح يذكر أسماء لحوالي 120 كتابًا لا يعرف عنها شيئًا سوى أسمائها التي نقلها في أغلبها عن كتاب أظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي، ونقلها كما هي بأخطائها الهجائية وكلماتها التي كانت مستخدمة في القرن التاسع عشر، حتى دون أن يحاول مجرد الرجوع لتصحيحها!! بل والكثير منها لا وجود له في الأصل!! وفيما يلي ما نقله حرفيًا: (1) زبور عيسى الذي كان يعلم منه. (2) رسالة عيسى إلى بطرس وبولس. (3) رسالة عيسى إلى أبكرس ملك أديسه. (4) كتاب عيسى التمثيلات والوعظ / إظهار الحق ج 2 ص 544. (5) كتاب الشعبذات والسحر ليسوع / إظهار الحق ج 2 ص 544. (6) كتاب مسقط رأس يسوع ومريم وظئرها / إظهار الحق ج 2 ص 544. (7) رسالته التي سقطت من السماء في المائة السادسة /نفس المرجع أعلاه. (8) إنجيل يعقوب ويُنسب ليعقوب الحواري. (9) آداب الصلاة وينسب ليعقوب الحواري. (10) كتاب وفاة مريم ليعقوب / إظهار الحق ج 2 ص 546 (11) إنجيل الطفولة ويُنسب لمتى الحواري. (12) آداب الصلاة وينسب لمتى الحواري. (13) إنجيل توما وينسب لتوما الحواري. (14) أعمال توما وينسب لتوما الحواري. (15) إنجيل طفولية يسوع / إظهار الحق ج 2 ص 546. (16) مشاهدات توما / إظهار الحق ج 2 ص 546. (17) كتاب مسافرة توما / إظهار الحق ج 2 ص 546. (18) إنجيل فيليب ويُنسب لفيليب الحواري. (19) أعمال فيليب وينسب لفيليب الحواري. (20) إنجيل برنابا. (21) رسالة برنابا. (22) إنجيل برتولما ويُنسب لبرتولما الحواري. (23) إنجيل طفولة المسيح ويُنسب لمرقس الحواري. (23) إنجيل المصريين ويُنسب لمرقس الحواري. (24) آداب الصلاة وينسب لمرقس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (25) كتاب بي شن برنيّار وينسب لمرقس / إظهار الحق ج 2 ص.546. (25) إنجيل بيكوديم وينسب لنيكوديم الحواري. (26) الإنجيل الثاني ليوحنا الحواري. (27) أعمال يوحنا (ذكره أوغسطينوس). (28) كتاب مسافرة يوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (29) حديث يوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (30) رسالته إلى هيدروبك / إظهار الحق ج 2 ص 545. (31) كتاب وفاة مريم ليوحنا / إظهار الحق ج 2 ص.545. (32) تذكرة المسيح ونزوله من الصليب / إظهار الحق ج 2 ص 545. (33) المشاهدات الثانية ليوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (34) آداب صلاة يوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (35) إنجيل أندريا وينسب لأندريا الحواري. (36) أعمال أندريا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (37) إنجيل بطرس وينسب لبطرس الحواري. (38) أعمال بطرس وينسب لبطرس الحواري. (39) مشاهدات بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 544. (40) مشاهدات بطرس الثانية / إظهار الحق ج 2 ص 544. (41) رسالة بطرس إلى كليمنس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (42) مباحثات بطرس وأى بَيْن / إظهار الحق ج 2 ص 545. (43) تعليم بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (44) وعظ بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (45) آداب صلاة بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (46) كتاب قياس بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (47) كتاب مسافرة بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (48) إنجيل متياس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (49) أعمال متياس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (50) حديث متياس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (51) إنجيل الأثني عشر رسولا. (52) إنجيل السبعين وينسب لتلامس. (53) أعمال بطرس والاثنى عشر رسولا. (54) إنجيل تهيودوشن / إظهار الحق ج 2 ص 547. (55) إنجيل برتولماوس. (56) إنجيل تداوس. (57) إنجيل ماركيون. (58) إنجيل باسيليوس. (59) إنجيل العبرانيين أو الناصريين. (61) إنجيل الكمال. (62) إنجيل الحق. (62) إنجيل الأنكرتيين. (63) إنجيل أتباع إيصان. (64) إنجيل عمالانيل. (65) إنجيل الأبيونيين. (66) إنجيل أتباع فرقة مانى. (67) إنجيل أتباع مرقيون (مرسيون). (68) إنجيل الحياة (إنجيل الله الحى). (69) إنجيل أبللس (تلميذ لماركيون). (70) إنجيل تاسينس. (71) إنجيل هسيشيوس.(72) إنجيل اشتهِرَ باسم التذكرة. (74) إنجيل يهوذا الإسخريوطى. (75) إنجيل بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (76) أعمال بولس. (77) أعمال تهكلة وتنسب لبولس / إظهار الحق ج 2 ص.547. (78) رسالة بولس الثالثة إلى أهل تسالونيكى. (79) رسالة بولس الثالثة إلى أهل كورنثوس. (80) رسالته إلى لاودقيين / إظهار الحق ج 2 ص 547. (81) رسالته كورنثوس إليه وجوابه عليها / إظهار الحق ج 2 ص 547. (82) رسالته إلى سنيكا وجوابه عليها / إظهار الحق ج 2 ص 547. (83) مشاهدات بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (84) المشاهدات الثانية لبولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (85) وِزَن بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (86) أنابى كشن بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (87) وعظ بولس / إظهار الحق ج 2 ص 548. (88) كتاب رقية الحية / إظهار الحق ج 2 ص 548. (89) برى سبت بطرس وبولس / إظهار الحق ج 2 ص 548. (90) أعمال بطرس وأندراوس. (91) أعمال بطرس وبولس. (91) رؤيا بطرس. (92) إنجيل حواء (ذكره أبيفانيوس). (93) مراعي هرماس. (94) إنجيل يهوذا. (95) إنجيل مريم. (96) رسالة مريم إلى أكناشس / إظهار الحق ج 2 ص 544. (97) رسالة مريم إلى سى سيليان / إظهار الحق ج 2 ص 544. (98) كتاب مسقط رأس مريم / إظهار الحق ج 2 ص 544. (99) كتاب مريم وظئرها / إظهار الحق ج 2 ص 544. (100) تاريخ مريم وحديثها / إظهار الحق ج 2 ص 544. (101) كتاب معجزات يسوع / إظهار الحق ج 2 ص.544 (102) كتاب السؤالات الصغار والكبار لمريم / إظهار الحق ج 2 ص 544. (103) كتاب نسل مريم والخاتم السليماني / إظهار الحق ج 2 ص 544. (104) أعمال بولس وتكلة. (105) سفر الأعمال القانوني. (106) أعمال أندراوس. (107) رسالة يسوع. (108) راعى هرماس. (109) إنجيل متياس. (110) إنجيل فليمون. (111) إنجيل كيرنثوس. (112) إنجيل مولد مريم. (113) إنجيل متى المُزيَّف. (114) إنجيل يوسف النجار. (115) إنجيل انتقال مريم. (116) إنجيل يوسيفوس. (117) سفر ياشر. وعلى ذلك لم تكن الأناجيل الأربعة التي يتضمنها حاليًا الكتاب المقدس هي الأناجيل الوحيدة التي كانت قد دُوِّنت في القرون الأولى بعد الميلاد، فقد كان هناك الكثير من الأناجيل. وهذا هو السبب الذي دفع لوقا أن يكتب رسالته إلى صديقه ثاوفيليس التي اعتبرتها الكنيسة فيما بعد من كلام الله: (إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ. رَأَيْتُ أَنَا أيضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ) (لوقا "1: 1-4). القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
26 يوليو 2018

هل هناك أسفار مفقودة من العهد القديم؟

ويقول الكاتب: "تقرأ العجب في هذه الفقرات الآتية التي تحكي لنا كيف أن إرميا النبي كتب أحد الأسفار وأعطاه لسرايا ليقرآه عند دخوله مدينة بابل التي ستخرب ثم يربطه بحجر ويلقيه في وسط نهر الفرات!!! العجيب حقًا أن بعض الناس يعتقدون أن الكتاب المقدس من المستحيل أن يفقد منه أو يحرف فيه، وأنا بدوري أتساءل كيف ألقي ذلك السفر في نهر الفرات وماذا عن الكلام الوارد فيه؟؟ أليس وحيًا من الرب؟ هل كانت هناك نسخة أخرى من السفر عند إرميا؟ بالطبع لا ولكن النصارى أصابهم الهوس من كثرة الأسفار الضائعة من كتابهم ولا يعلمون عنها شيئًا، أين ذهب وكيف اختفت وهل هي وحي من الرب أم أنها أسفار تاريخية؟ كثير من الأسئلة تلح على العقل ولا نجد إجابة مقنعة فأنقل الفقرات من سفر إرميا 51 عدد60-64 كما يلي: إرميا51 عدد60: فكتب ارميا كل الشر الآتي على بابل في سفر واحد كل هذا الكلام المكتوب على بابل وقال ارميا لسرايا إذا دخلت إلى بابل ونظرت وقرأت كل هذا الكلام فقل أنت يا رب قد تكلمت على هذا الموضع لتقرضه حتى لا يكون فيه ساكن من الناس إلى البهائم بل يكون خربا أبدية. ويكون إذا فرغت من قراءة هذا السفر انك تربط فيه حجرا وتطرحه إلى وسط الفرات وتقول هكذا تغرق بابل ولا تقوم من الشر الذي أنا جالبه عليها ويعيون. إلى هنا كلام ارميا". والغريب أن ما يفعله هذا الكاتب وأمثاله لهو العجب ذاته!! لأنه من الواضح أنه لم يقرأ سفر ارميا على الإطلاق بل نقل كلام عن غيره دون أن يفهمه أو يعي فيه شيئًا!! أولًا لأن نص النبوة الذي يتباكى عليه موجود في نفس الإصحاح والإصحاح السابق له (8) أي الإصحاحين 50 و51، كما أن كتابتها في سفر مستقل وقراءته أمام المسبيين ثم إلقائه في النهر وإغراقه في مياهه كان رمزا أن بابل لن تقوم لها قائمة فيما بعد، فقد كانت النبوة خاصة بمصير بابل المحتوم وهو الدمار والخراب وإلقاء النبوة أو السفر الذي كتبت فيه النبوة وإغراقه في مياه النهر وبالتالي دماره كان يشير إلى مصير بابل الذي هو الخراب!! ولو كان هذا الكاتب قد قرأ الإصحاح الذي أقتبس بعض الآيات منه لكان قد عرف أن النبوة مكتوبة في سفر ارميا ولم تغرق أما ما غرق فهو السفر الذي كتبت فيه النبوة بشكل مستقل لتقرأ ثم تغرق ويكون غرقها رمزا لحتمية إتمام النبوة. ولكن ماذا نقول لأناس لا صلة لهم بالبحث عن الحقيقة أو أتباع المنهج العلمي والمنطق وإنما كل همهم هو التشكيك في الكتاب المقدس بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة!! سوى قول الكتب "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول" (مت24:35؛ مر13:31؛ لو21:33)، "أنا ساهر على كلمتي لأجريها" (ار1:12). وراح عدد كبير من الكتاب يستخدمون الآيات التي تتكلم عن كتب مدنية كانت خاصة ببني إسرائيل كشعب مثل "سفر ياشر" و"كتاب حروب الرب" و"أمور سليمان" وغيره الكثير من ملوك بني إسرائيل، ويزعمون بغير معرفة ولا علم أن هناك عشرات الكتب أو الأسفار المقدسة التي يذكرها العهد الجديد ولم يعد لها وجود على الإطلاق!! هكذا دون علم أو بحث أو دراسة أو منطق فقط ادعاءات لا أساس لها ولا اصل ولا هدف لها سوى التشكيك في صحة الكتاب المقدس!! ولوا درسوا قليلًا وحاولوا، ولو من باب المعرفة فقط دون الإيمان، لعرفوا الكثير من الحقائق التي غابت عنهم!! ومن هذه الحقائق أنه كان لكل شعب سجلاته المدنية وخاصة سجلات الملوك، أعمالهم وما لهم وما عليهم، والتي كانوا يسمونها حوليات أو أعمال الملوك، مثل حوليات تاسيتوس المؤرخ الروماني الشهير وغيره، وكانوا يدونون فيها أمور الملوك والممالك في سجلات سنوية تسمى حوليات، كما كانت تسمى أيضًا في العهد القديم "سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل أو يهوذا". ونظرا لصلة شعب إسرائيل قديما بالإمبراطورية الفارسية وملوك فارس فقد ذكر سفر أستير والتي كانت إحدى زوجات الملك الفارسي احشويروش تسجيل أعمال ابن عمها ومربيها مردخاي في سجلات ملوك فارس: "وكل عمل سلطانه وجبروته وإذاعة عظمة مردخاي الذي عظّمه الملك أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك مادي وفارس" (استير10: 2). وهناك حقيقة هامة وهي أن شعب إسرائيل كان هو شعب الله المختار وكان يحكم بالشريعة الإلهية التي أعطاها الله لموسى النبي، وكان حكامه في البداية هم الأنبياء والقضاة الذين ابتدأوا بموسى النبي كليم الله والذي قال عنه الكتاب أنه "الذي عرفه الرب وجها لوجه في جميع الآيات والعجائب التي أرسله الرب ليعملها في ارض مصر بفرعون وبجميع عبيده وكل أرضه وفي كل اليد الشديدة وكل المخاوف العظيمة التي صنعها موسى أمام أعين جميع إسرائيل" (تث34:10-12)، وانتهوا بصموئيل النبي. ثم بعد ذلك عن طريق الملوك الذين كانوا يمسحون بالدهن المقدس كمسحاء للرب، والذي وصفهم الله بـ"مسحائي" (1أخ16:22؛ مز15:15). وكان يعاون هؤلاء الملوك أنبياء وراءُون مثل صموئيل النبي وناثان النبي وجاد النبي ويعدو الرائي (9)، وفيما بعد إشعياء وارميا ثم عزرا الكاهن والكاتب. وهؤلاء هم الذين كانوا يسجلون حوليات الملوك تحت اسم "أعمال" الملك الفلاني. وهؤلاء أيضا هم الذين سجلوا ودونوا بالروح القدس الأسفار التاريخية "أسفار صموئيل وملوك": * "وأمور (أعمال) داود الملك الأولى والأخيرة هي مكتوبة في أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي" (1اخ29:29). * "وبقية أمور (أعمال) سليمان الأولى والأخيرة أما هي مكتوبة في أخبار ناثان النبي وفي نبوّة اخيا الشيلوني وفي رؤى يعدو الرائي على يربعام بن نباط" (2اخ9:29). * "وأمور (أعمال) رحبعام الأولى والأخيرة أما هي مكتوبة في أخبار شمعيا النبي وعدّو الرائي عن الانتساب" (2اخ12:15). * "وبقية أمور (أعمال) آبيا وطرقه وأقواله مكتوبة في مدرس النبي عدّو" (2اخ13:22). * "وبقية أمور (أعمال) يهوشافاط الأولى والأخيرة ها هي مكتوبة في أخبار ياهو بن حناني المذكور في سفر ملوك إسرائيل" (2اخ20:34). * "واما بنوه وكثرة ما حمل عليه ومرمّة بيت الله ها هي مكتوبة في مدرس سفر الملوك" (2اخ24:27). * "وصلاته والاستجابة له وكل خطاياه وخيانته والأماكن التي بنى فيها مرتفعات وأقام سواري وتماثيل قبل تواضعه ها هي مكتوبة في أخبار الرائين" (2اخ33:19). فقد دون هؤلاء الأنبياء، المؤرخين، أو كما يسميهم العلماء في الوقت الحالي "أنبياء البلاط"، تاريخ شعب الله وأخبار قضاته وأعمال ملوكه وقادته ورسائل الملوك والقادة من بعد يشوع وحتى عزرا ونحميا في سجلات مكتوبة خاصة بهم وفي حوليات كانت تحفظ في قصور الملوك، وكانت هذه الحوليات التي كتبها هؤلاء الأنبياء في متناول الجميع ومعروفة للجميع، ولما كتبوا ودونوا الأسفار التاريخية وأسفارهم هم؛ أسفار صموئيل وإشعيا وإرميا ونحميا وعزرا، بالروح القدس، كانت هذه السجلات هي المصدر الأول لكتابة الأسفار التاريخية، التي كتبها هؤلاء الأنبياء أنفسهم بالروح القدس، كشهود عيان ومعاصرين للأحداث ومحركين لها باعتبارهم الناطقين بفم الله والمتحدثين باسمه والممثلين له والوسطاء بينه وبين الملوك والقادة والشعب ومن هنا يسجل لنا العهد القديم نماذج من هذه الأعمال، أعمال ملوك شعب الله ومسحائه لنعرف ما يحب علينا أن نعرفه من هذا التاريخ وليكن لنا فيما جاء فيه عبرة ومثال، كما يقول الكتاب: "لأن كل ما سبق فكتب كتب لأجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء" (رو15:4). ولذا نجد تماثل بل وتطابق تام بين جزء من الإصحاحات التاريخية في سفر اشعياء (36 – 39) مع (2مل18:13- 20:20). ولذا يشير سفر أخبار الأيام لهذه الحقيقة قائلا: "وبقيت أمور (أعمال) حزقيا ومراحمه ها هي مكتوبة في رؤيا إشعياء بن آموص النبي في سفر ملوك يهوذا وإسرائيل" (2اخ32:32). وهنا نلاحظ أن سفر الملوك يذكر قسم من الأحداث الخاصة بالملك حزقيا ويشير إلى بقية تفاصيلها في الحوليات المدنية فيقول: "وبقية أمور (أعمال) حزقيا وكل جبروته وكيف عمل البركة والقناة وادخل الماء إلى المدينة أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا" (2مل20:20). كما يشير سفر الأخبار لمرثاة ارميا النبي التي رثى بها يوشيا الملك بقوله: "ورثى ارميا يوشيا. وكان جميع المغنين والمغنيات يندبون يوشيا في مراثيهم إلى اليوم وجعلوها فريضة على إسرائيل. وها هي مكتوبة في المراثي" (2اخ35:25). وهكذا يذكر العهد القديم نموذجًا من أعمال ملوك إسرائيل ويهوذا ويشير لمعاصري الأنبياء بالرجوع، إذا أرادوا، لسجلات أعمال هؤلاء الملوك فيقول: "وبقية أمور (أعمال) سليمان وكل ما صنع وحكمته أما هي مكتوبة في سفر أمور (أعمال) سليمان" (1مل41:11). وهكذا بقية الملوك(10). أما "سفر ياشر" فهو كما أثبتت الدراسات الحديثة عبارة عن كتاب شعر عبري كان يستخدمه بنو إسرائيل في أيام يشوع بن نون وصموئيل وهو كتاب غير موحى به، وتقول الدراسات الحديثة، بحسب ما أوردته دائرة المعارف اليهودية (Jewish Encyclopedia) وخاصة ما قاله المفسر اليهودي Levi b. Gershon "أنه كان كتابا خاصًا فقد أثناء السبي" وقد أيده في ذلك الكثير من العلماء. " حينئذ كلم يشوع الرب يوم اسلم الرب الآموريين أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل يا شمس دومي على جبعون ويا قمر على وادي ايلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر. فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل. ولم يكن مثل ذلك اليوم قبله ولا بعده سمع فيه الرب صوت إنسان. لأن الرب حارب عن إسرائيل" (يش10:12 – 14). وما يقال عن سفر ياشر يقال أيضًا عن "سفر حروب الرب"، حيث يقول العلماء أنه مرتبط بالموقع الجغرافي لارنون "لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة وأودية ارنون" (عد21: 14)، وهو كتاب شعري غير موحى به يحتوى على قصائد شعرية تحتفل بالانتصارات الإسرائيلية بقيادة الرب يهوه على أعدائهم، وهو مثيل بسفر ياشر: "وارتحل بنو إسرائيل ونزلوا في اوبوت. وارتحلوا من اوبوت ونزلوا في عيّي عباريم في البرية التي قبالة موآب إلى شروق الشمس. من هناك ارتحلوا ونزلوا في وادي زارد. من هناك ارتحلوا ونزلوا في عبر ارنون الذي في البرية خارجا عن تخم الأموريين.لان ارنون هو تخم موآب بين موآب والأموريين. لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة وأودية ارنون ومصب الأودية الذي مال إلى مسكن عار واستند إلى تخم موآب" (عد21:10 – 15). " ورثا داود بهذه المرثاة شاول ويوناثان ابنه وقال أن يتعلم بنو يهوذا نشيد القوس هوذا ذلك مكتوب في سفر ياشر الظبي يا إسرائيل مقتول على شوامخك. كيف سقط الجبابرة. لا تخبروا في جتّ. لا تبشروا في أسواق اشقلون لئلا تفرح بنات الفلسطينيين لئلا تشمت بنات الغلف. يا جبال جلبوع لا يكن طل ولا مطر عليكنّ ولا حقول تقدمات لأنه هناك طرح مجنّ الجبابرة مجنّ شاول بلا مسح بالدهن. من دم القتلى من شحم الجبابرة لم ترجع قوس يوناثان إلى الوراء وسيف شاول لم يرجع خائبا. شاول ويوناثان المحبوبان الحلوان في حياتهما لم يفترقا في موتهما. اخف من النسور واشدّ من الأسود. يا بنات إسرائيل ابكين شاول الذي ألبسكنّ قرمزا بالتنعم وجعل حليّ الذهب على ملابسكنّ. كيف سقط الجبابرة في وسط الحرب. يوناثان على شوامخك مقتول. قد تضايقت عليك يا أخي يوناثان. كنت حلوا لي جدا. محبتك لي أعجب من محبة النساء. كيف سقط الجبابرة وبادت آلات الحرب" (2صم1: 17- 27). أخيرا يقول أحد هؤلاء الكتاب: "إن ما يدعيه النصارى أن هذه كتب تاريخية ليست وحيًا إلهيًا وأنها مُجَرَّد كتب تاريخية كتبها الناس والرب يستشهد بها في كتابه لهو مضحكة للعقلاء بالفعل، ولا أعتقد أن من خرجوا بهذا الرأي قد قالوه عن عقل أو دراية فعلًا، فالرب يحتاج إلى أسفار تاريخية ليست وحيًا إلهيًا ليستشهد بها هل تتخيل ذلك؟؟ الرب يحتاج إلى كلام البشر حتى يصدق الناس كلامه هو ويتأكدون مما يقوله الرب؟". وهنا نقول له ولأمثاله أن كتاب الله هو تاريخ لعلاقة الله مع البشر أو لعلاقة البشر مع الله، وكل كتاب ديني لا يأتي بكل ما فيه من عند الله بعيدا عن البشر، وكتابك المقدس، القرآن، يضم قصة سليمان والنمل وملكة سبأ والعفاريت والجن "قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ" (النمل:39)، "حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ" (النمل:18)، وهذه القصص موجودة في كتب أساطير اليهود!! كما يضم قصة صالح وثمود: "وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (لأعراف:73)، وعاد وهود: "وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ" (هود:50)، وهود "قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ" (هود:53). وغيرهما من القصص التي كانت موجودة أصلًا في التراث العربي!! كما أنه يضم تفاصيل كثيرة عن حياة نبي المسلمين وبعض الصحابة مثل أبي لهب "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ" (المسد:1)، وقصة زوجة زيد "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا" (الأحزاب:37). وهذه كانت أحداث فعلية في التاريخ الإسلامي!! وغير ذلك مما كان يختص بالمجتمع الإسلامي الجديد، وهذا كله مذكور في كتب السير النبوية وهي تاريخ بشري!! وهنا نسأله ونقول له هل كان الله في حاجة لهذه الأحداث التاريخية، سواء التي حدثت مع نبي المسلمين نفسه أو القصص مثل قصص عاد وثمودو "إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ" (الفجر:7)؟؟!! القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
18 ديسمبر 2020

معلومات لاهوتية عن شهر كيهك

مواضيع عامه تسبحة كيهك تسمى (سبعة وأربعة) إذ أن ترتيبها الأساسى عبارة عن أربعة هوسات، وسبعة ثيئوطوكيات وكلمة هوس hwc معناها تسبحة. وكلمة ثيئوطوكية مشتقة من كلمة ثيئوطوكوس qe`otokoc ومعناها والدة الإله أى أنها تختص بعقيدة التجسد من والدة الإله العذراء القديسة مريم وهنا نضع أمامنا أربعـة أسـئلة حول تسبحة شهر كيهك لماذا فى شهر كيهك ؟؟؟ لماذا للعذراء القديسة مريم ؟؟؟ لماذا سبعة وأربعة ؟؟؟ لماذا أثناء الليل؟؟ أولاً : لماذا شهر كيهك ؟؟ الكنيسة تكثر التسبيح فى شهر كيهك وقبل عيد الميلاد (29 كيهك) استعداداً لاستقبال ميلاد ربنا يسوع المسيح، وكأنها تُعد الأرض كلها بالتسبيح لتصير سماء ثانية يحل فيها الكلمة المتجسد وتُعد قلوبنا أيضاً بالتسبيح لتصير سماء ثانية يسكن فيها المسيح. ولعل فى ذلك إشارة إلى اعتكاف السيدة العذراء من سن 3 سنوات وهى تداوم التسبيح والتمجيد لله حتى استحقت أن تسمع البشارة السماوية من فم رئيس الملائكة غبريال بأن المولود منها يدعى ابن الله وهكذا عندما نعتكف نحن أيضاً فى الكنيسة بالتسبيح والتمجيد خلال هذا الشهر المبارك ننتظر ميلاد ربنا يسـوع المسيح " والكلمة صار جسداً وحل بيننا " ولكى نتأهل أن يحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا ولذلك ارتبطت تسابيح شهر كيهك بمعانى كثيرة عن التجسد الإلهى والميلاد العجيب والرموز والنبوات التى أشارت إليها وذلك وبصفة خاصة فى الثيئوطوكيات التى وُضعت أساساً لتأكيد عقيدة التجسد الإلهى من العذراء والدة الإله بعد مجمع أفسس سنة 431م برئاسة القديس العظيم البابا كيرلس الأول عمود الدين، وذلك ضد بدعة نسطور الذى أنكر أن السيدة العذراء والدة الإلـه qe`otokoc وكانت خطورة ذلك أنها لو لم تكن والدة الإله لما كان المسيح هو الله ولذلك جاءت السبع ثيئوطوكيات تتحدث بعبارات لاهوتية منظومة وقوية عن التجسد والميلاد ورموز العذراء مريم فى العهد القديم وارتباطها بالتجسد الإلهى مثل أنها قدس الأقداس، والتابوت المصفح بالذهب، وغطاء التابوت، وقسـط المن، والمنارة الذهب، والمجمرة الذهـب، وعصا هارون، وزهرة البخور، والعليقة، والسلم الذى رآه يعقوب، وجبل سيناء، والجبل الذى رآه دانيال، والباب الذى رآه حزقيال، ومدينة الله، والسحابة، والفردوس العقلى، والسماء الثانية الجديدة، وعجينة البشرية، والمرأة المتسربلة بالشمس، ولوحى العهد وهذه الرموز وردت بصورة مركزة فى الثيئوطوكيات وتحدثت بها وعنها المدائح المنظومة باللغة العربية باستفاضة، وتتكرر أيضاً فى الطروحات التى تُقرأ أثناء تسبحة سبعة وأربعة وتحدثت الثيئوطوكيات عن ارتباط هذه الرموز بالعذراء القديسة مريم بكونها والدة الإله وبالتالى تحدثت عن التجسد الإلهى كعقيدة أساسية فى إيماننا المسيحى عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد وهنا نشير إلى أن الكنيسة بالإشارات الكثيرة عن التجسد والميلاد فى نغم مفرح وجميل تؤهلنا للاستعداد باشتياق لهذا اليوم المفرح يوم عيد الميلاد فندرك عظمة محبة الله وتواضعه إذ أنه " أخلى نفسـه آخذاً صورة عبد صائراً فى (يو1: 14). - (اف 3 : 17). (3)- (1تى3: 16) شبه الناس " فنمجده بقلوب نقية فى هذا العيد المبارك، ولعلنا ندرك أن الاسـتعداد لأى شئ فى حياتنا يجعل لنا فيه فائدة كبيرة فكلما أعددنا نفوسـنا وقلوبنا فى شهر كيهك كلما استفدنا من عيد الميلاد فى حياتنا، وكان له فاعلية روحية عميقة ثانياً : لماذا العذراء القديسة مريم ؟؟ لعله أصبح واضحاً من حديثنا عن الاستعداد لميلاد ابن الله أن تسابيح شهر كيهك ترتبط بوالدة الإله التى استحقت أن تكون السماء الثانية، وهى أيضاً تدعونا أن نتشبه بها خلال هذا الشهر لتكون قلوبنا سماء ثانية لربنا يسوع المسيح مولود بيت لحم ولذلك – وكما سبق أن قلنا – أن كلمات التسابيح وخصوصاً الثيئوطوكيات تتحدث بإفراط عن التجسد، وعن العذراء القديسة مريم ونمجدها لأنها استحقت هذه النعمة العظيمة وهذا التطويب للعذراء القديسة مريم نطق به الوحى الإلهى على فمها الطاهر عندما قالت " فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى أليس تطويبنا للعذراء من يوم أن نطقت بهذه العبارة النبوية إلى هذا الجيل وإلى كل الأجيال ألا يتحقق هذا فى التسابيح الكنسية اليومية (من خلال الثيئوطوكيات اليومية السبعة)، ومن خلال تسابيح شهر كيهك بصورة أعظم وأعمق ثالثاً : لماذا سبعة وأربعة ؟؟ أساس التسبحة فى الكنيسة أربع هوسات، وسبع ثيئوطوكيات (كتاب التسبحة يسمى الأبصلمودية) والهوسات الأربعة هى الهوس الأول : وهو تسبحة موسى النبى بعد عبور البحر الأحمر(3) (فى 2: 7). (2)- (لو1: 48). (3)- (خر15)موسى وعبــور البحر الأحمر الهوس الثانى : وهو المزمور 135 وهو تسبحة شكر لله " أشكروا الرب لأنه صالح وأن إلى الأبد رحمته " الهوس الثالث : وهو تسبحة الثلاث فتية القديسين فى آتون النار| الهوس الرابع : وهو المزامير 148، 149، 150 وهى مزامير تسبيح وشكر لله على فم الخليقة كلها بكل كائناتها الثلاثة فتية القديسين ومعهم رابع شبيه بابن الآلهة أما السبع ثيئوطوكيات فهى مرتبة لكل يوم من أيام الأسبوع السبعة، وهى كما سبق أن أشرنا أنها مليئة بالعبارات اللاهوتية والرموز النبوية التى تتحدث عن التجسد الإلهى وحلول الله بيننا، وعن العذراء بكونها والدة الإله ولعل رقم (7) يمثل كل أيام الأسبوع (أى كل يوم) ورقم (4) يمثل كل الأرض (الجهات الأربعة) أى كل مكان فكأن التسـبيح بسبعة وأربعة يشـير (وردت فى تتمة سفر دانيال الإصحاح الثالث) إلى التسـبيح كل يـوم فى كل مكان، مثلما نصلى فى تحليـل صـلاة الغروب " وننهض للتسابيح والصلوات كل حين وفى كل مكان نمجد اسمك القدوس " ومعنى عبارة كل حين وفى كل مكان أى تصير الأرض كالسماء لأن التسبيح فى السماء كل حين وفى كل مكان وكأننا بهذه التسابيح فى سبعة وأربعة نتشوق أن تتحول الأرض إلى سماء يسكن فيها العلى فالتسبيح فى شهر كيهك هو إعداد الأرض كلها، وإعداد قلوبنا بصفة خاصة أن تكون كالسماء لكى يسكن فيها الله الكلمة المتجسد وهكذا يرتبط التسبيح دائماً بحلول الله وسكناه ولذلك تلقب الكنيسة العذراء بأنها السماء الثانية التى سكن فيها العلى (ثيئوطوكية السبت). ويضاف إلى الأربعة هوسات والسبع ثيئوطوكيات أجزاء أخرى مثل مجمع القديسين والإبصاليات (إبصالية yalia أى ترتيـلة) وذكصولوجـيات ( ذكصولوجية dozolojia أى تمجيد) ومدائح منظومة باللغة العربية، وطروحات (تفسير) تقال بعد كل هـوس، وكل ثيئوطوكية، وعلى نفـس المعانى الواردة بها لزيادة الشرح والتوضيح لكى يشترك الكل فى الفائدة الروحية رابعاً : لماذا أثناء الليل (السهر) ؟؟؟ اعتادت الكنيسة أن تسهر فى التسابيح الكيهكية طوال الليل حيث تبدأ السهرة بتسبحة قوموا يا بنى النور `e `p]wi ten ,qhnou وكأنها تدعونا أن تحول ظلام الليل إلى نور كما يقول معلمنا بولس الرسول " جميعكم أبناء نور وأبناء نهار لسنا من ليل ولا ظلمة فلا ننم كالباقين بل لنسهر ونصح"(1) وفى هذه التسابيح تدريب روحى على السهر فى تسبيح مملوء بالاشتياق والحب وكأنه حوار بين الكنيسة العروس والمسيح عريسها وهو متعة روحية جميلة يستمتع بها السهارى المستعدون كالعذارى الحكيمات وفى نهاية السـهرة طوال الليل نفرح بشـروق شمـس البر فى باكر النهار "ولكم أيها المتقون اسمى تشرق شمس البر" والمتقون الرب هم الذين يسهرون فى الصلاة والتسابيح، فيشرق لهم العريس السماوى شمس البر فى نهاية كل سهرة روحية ونقول فى صلاة باكر " أيها النور الحقيقى الذى يضئ لكل إنسان آت إلى العالم أتيت إلى العالم بمحبتك للبشر " وعبارة " أتيت إلى العالم بمحبتك للبشر" تشير إلى مجئ المسيح شمس البر فى ميلاده الذى نستعد له بهذه التسابيح والسهرات الروحية.إلهنا الصالح محب البشر يعطينا أن نشترك فى هذه الأيام المباركة بالاستعداد والتسابيح ونقاوة القلب حتى ننال بركة عيد ميلاد ربنا يسوع المسيح بفرح روحى ولا يكون هذا الكلام مجرد معلومات طقسية للمعرفة العقلانية فقط ولكن يكون دافعاً للممارسة والتمتع بحياة الكنيسة ونقول مع ربنا يسوع المسيح "إن علمتم هـذا فطوباكم إن عملتموه ".كل عام وأنتم بخير .
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل