المقالات

12 يوليو 2020

كرازة بولس الرسول

كان عند بولس الرسول رغبة حارة في كرازة اليهود؛ لأنه قبل أن يؤمن بالمسيح كان متعمِّقًا جدًا في دراسة الديانة اليهودية، وفي مقدمتها أسفار العهد القديم. فهو فريسي ابن فريسي (أع23: 6)، وتتلمذ على يدي غمالائيل (أع22: 3) من كبار معلمي اليهود. ولكن النعمة الإلهية حوّلت ما لديه من إمكانيات إلى فهم عميق للتدبير الإلهي في حياة الشعب الإسرائيلي منذ دعوة الله لأبينا إبراهيم، والدخول معه في العهود والوعود المختصة بالخلاص. واستطاع أن يتصدى لتيار التهوُّد في المسيحية، أي منع التمسُّك بحرفية الديانة مثل موضوع الختان إلى حرية مجد أولاد الله في سر المعمودية. هو لم يقصد أن يغيّر جوهر الديانة اليهودية، بل أن يبرز أن جوهرها هو خلاص الله في المسيح.ولكي يؤكّد بولس الرسول محبته لليهود وسعيه لأجل خلاصهم بالرغم من كرازته لليهود لكي يؤمنوا بالمسيح أنه قال «إِنَّ لِي حُزْنًا عَظِيمًا وَوَجَعًا فِي قَلْبِي لاَ يَنْقَطِعُ. فَإِنِّي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِي مَحْرُومًا مِنَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ إِخْوَتِي أَنْسِبَائِي حَسَبَ الْجَسَدِ. الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ وَلَهُمُ التَّبَنِّي وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاِشْتِرَاعُ والْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ. وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ» (رو9: 2-5).اليهود كانوا يتمسكون بأعمال الناموس كعهد الختان، وكتقديم الذبائح الحيوانية لمغفرة الخطايا، وخدمة الكهنوت الهاروني بالوراثة. وبولس الرسول كان يوضّح لهم أن الختان لم يعد ختان الجسد بقطع جزء منه؛ بل «خِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ» (رو2: 29) الذي يتم في المعمودية لقطع الإنسان العتيق «عَالِمِينَ هَذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ» (رو6:6). وأن الذبائح الحيوانية كانت رمزًا لذبيحة الصليب التي بها تم خلاص البشرية من حكم الموت الأبدي لكل من يؤمن ويعتمد. وأن خدمة الكهنوت الهاروني قد أبطلها كهنوت المسيح الذي قال الرب عنه «أقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ، أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ» (عب7: 21).ولكن السيد المسيح كان قد أعدّ بولس الرسول لكرازة الأمم حتى أنه صار له لقب «رَسُولٌ لِلأُمَمِ» (رو11: 13). وبالرغم من رغبته الحارة في كرازة اليهود، إلّا أنه قد استقبل توجيهات من الرب قال عنها: «وَحَدَثَ لِي بَعْدَ مَا رَجَعْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَكُنْتُ أُصَلِّي فِي الْهَيْكَلِ أَنِّي حَصَلْتُ فِي غَيْبَةٍ. فَرَأَيْتُهُ قَائِلًا لِي: أَسْرِعْ وَاخْرُجْ عَاجِلًا مِنْ أُورُشَلِيمَ لأَنَّهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ شَهَادَتَكَ عَنِّي. فَقُلْتُ: يَا رَبُّ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنِّي كُنْتُ أَحْبِسُ وَأَضْرِبُ فِي كُلِّ مَجْمَعٍ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِكَ. وَحِينَ سُفِكَ دَمُ اسْتِفَانُوسَ شَهِيدِكَ كُنْتُ أَنَا وَاقِفًا وَرَاضِيًا بِقَتْلِهِ وَحَافِظًا ثِيَابَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ. فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَإِنِّي سَأُرْسِلُكَ إِلَى الأُمَمَ بَعِيدًا» (أع22: 17-21). وقال أيضًا: «وَفِي اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ وَقَفَ بِهِ الرَّبُّ وَقَالَ: ثِقْ يَا بُولُسُ لأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا» (أع23: 11).وقد تأكّد ذلك من قَبل الكنيسة في لقاء بولس الرسول مع الآباء الرسل يعقوب أخي الرب وبطرس ويوحنا في أورشليم، إذ كتب في رسالته إلى أهل غلاطية «فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ، أَعْطَوْنِي وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ» (غل2: 9). نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس
المزيد
11 يوليو 2020

المقالة الخامسة فى النسك والتعزية الكثيرة والخشوع

للمريدين أن يخلصوا يضرنى الوجع أن أتكلم وعدم الاستحقاق ينهرنى كى أصمت والأوجاع تكلفنى أن أتكلم وخطاياى تحضنى على السكوت فإذ قد اكتنفت من الأمرين جميعاً فالأوفق لى أن أتكلم لكي ما أنال الراحة من أوجاع قلبى لأن نفسى توجعنى وعيناى تشتهيان الدموع فمن يعطى لرأسى ماءً ولعينى عين دموع فأبكى نَهاراً وليلاً على كلوم نفسى وعلى رخاوة الموعظة الصائرة فى أيامنا لأن نفسى مملوءة جراحات ولا تعلم لأن تعظمها لا يسمح لها أن تتأمل كلومها لتشفى لأن ذلك كان وحده عظة فى أيام آبائنا لأنَهم أشرقوا كالشمس وكالنجوم فى كافة الأرض سائرين بِها فى وسط القرطب والأشواك أى بين الهراطقة والناس المنافقين مثل جواهر كريمة ولؤلؤ جزيل ثمنه الذين من أجل مسكهم الجزيل وسيرتِهم الصعبة صار الأعداء أنفسهم متشبهين بِهم، لأن من كان يشاهد تواضع رأيهم ولا يتخشع، أو وداعتهم وصمتهم فلا يتحير أى محب للمال كان يعاين عدمهم للقنية ولا يصير مبغضاً للعالم، أى متغطرس ومستكبر كان يرى سيرتِهم الحسنة ولا ينتقل إلى التواضع وأى خبيث ودنس كان يبصرهم فى الصلاة واقفين ولا يظهر فى الحين عفيفاً وطاهراً، وأى سخوط أو غضوب إذا كان يخاطبهم فلا ينتقل إلى الوداعة ههنا جاهدوا وهناك ابتهجوا لأن اللـه يُمَجَد بِهم، والناس ابتنوا وانتفعوا، فأما العظة التى لنا فقد جعلتنا نترك الطريق المستقيم ونعشق الهوى لأن ليس أحد يترك الأموال من أجل اللـه، ولا أحد يزهد من أجل الحياة الأبدية، وليس أحداً وديعاً ومتواضعاً، ولا ساكن الأخلاق ومبتعداً من السب أو صبوراً على القذف بل الجماعة سخوطون ومجاوبون، والكل عاجزون وغضوبون، ومتزينون بالثياب، الكافة معجبون وللشرف محبون، والجماعة محبون ذاتَهم لأن الذى قد جاء ليُوعَظ فقبل أن يُعَظ يَعظ، أو قبل أن يُعَظ يُعَلِّم، وقبل أن يَتَعَلَّم يشترع فرائض، وقبل أن يتهجى في الكتب يصنع كتباً، وقبل أن يُطِيع يُرام أن يُطَاع، وقبل أن يُؤمَر يأمر، وقبل أن يُعاتَب يشترع العتاب إن كان شيخاً يأمر بتأمر وتعظم، وإن كان شاباً يُجَاوِب، وإن كان موسِراً للخير يطلب إكراماً، وإن كان مسكيناً يسأل عن الراحة، وإن كان صانعاً ينظف أصابعه ويصون تنضيدها من لا يبكى يا أحبائى على التعليم الذى لنا لأننا قد زهدنا فى العالم ونعقل المعقولات الأرضية، الفلاحون قد زهدوا فى الأرض والمظنون أنَهم روحانيون قد ارتبطوا بِها، لا نعرف يا إخوتى إلى أين قد دعينا، وإلى أى أمر جئنا دعينا إلى المسك والحمية ونشتهى الأطعمة الطيبة، وجئنا إلى العرى ونخاصم من أجل ثياب ناعمة، دعينا إلى الطاعة والوداعة ونجاوب متنمرين، نقرأ ولا نعرف، ونسمع ولا نعقل القول الذى فى ذاتناإن صادف إنسان فى الطريق بغتة قتيلاً تستحيل نضارة وجهه، ويجزع قلبه، ونحن نقرأ أخبار الرسل المقتولين والأنبياء المرجومين ونظنها قيلت عبثاً ولم أقول عن الأنبياء والرسل فقط بل نسمع عن الإله الكلمة نفسه عُلِقَ على خشبة من أجل خطايانا وقُتِلَ ونحن نضحك ونتنزه، الشمس لم تحتمل شتيمة السيد فنقلت بَهاءها إلى الظلمة، ونحن لا نشاء أن ننتقل من ظلمة رذيلتنا فلنطهر ذاتنا يا أحبائى ليسكن الإله فينا وننال مواعيده، ولا نشتم اسمه القدوس الذى دعى علينا، ولا يجَدف من أجلنا على اسم إلهنا، فلنشفق على ذاتنا متفهمين أن اسمنا قد أتفق مع اسم المسيح، لأنه هو المسيح ونحن ندعى مسيحيين الروح هو الإله ونحن صرنا روحانيين، لأنه حيث روح الرب فهناك الحرية، فلنحرص أن ننال هذه الحرية، ولنخطر بذهننا لأية سيرة قد أُهلنا عالمين أنه إلى عرشه دعانا فلنحب ذاتنا ولو مثل ما أحبنا هو، ولنشتاق إليه ليشرفنا اصغوا إلى ذاتكم لئلا نطالب بطائلة مضاعفة يوم الدينونة. قد انفصلنا من العالم ونعقل معقولات العالم، استحقرنا الأموال ونَهتم من أجلها، هربنا من الأشياء البشرية ونحن نطلبها، ونخشى من أن يدهمنا بغتة ذلك اليوم ونوجد عراه وأشقياء وغير مستعدين فتندم أنفسنا لأن هذا الأمر نفسه أصاب الذين كانوا على عهد نوح، وفى أيامه كانوا يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون، يبيعون ويبتاعون إلى أن جاء الطوفان فأهلك الكل إن الأمر يا إخوتى عجيبٌ جداً أنَهم كانوا يعاينون الحيوانات البرية ملتئمة كانت تتقاطر جمعاً واحداً، الفيلة كانت تتقاطر من بلاد الهند وفارس ؛ والأسد والنمور تجتمع مع الغنم والمعزى ولا تآزى والدواب والطيور تتوافى من غير أحد يسيرها وتحل حول السفينة بحرص وهذه كانت فى أيام طويلة ونوح نفسه كان يعمل السفينة بحرص، ويهتف إليهم توبوا فلم يرتدعواوكانوا يشاهدون متعجبين من اجتماع البهائم والحيوانات البرية، فلم يتخشعوا ليخلصوا فلنرهبن يا أحبائى لئلا يصيبنا نظير هذه لأن المكتومات قد كملت والعلامات المقولة لها انقضت، وما تبقى شيء آخر سوى أمور عدونا معاند المسيح لأنه كما في مملكة الروم يجب أن تكمل الأشياء كلها فمن يشاء أن يخلص فليحرص أن يريد أن يدخل إلى الملك، فلا يتوانى من يشاء أن ينجى من نار جهنم فليجاهد فرط الجهاد، ومن يريد ألا يطرح فى الدود الذى لا يرقد فليتيقظ مستفيقاً، ومن يريد أن يستعلى فليتواضع، ومن يشاء أن يتعزى فلينح. ومن يحب أن يدخل الخدر ويبتهج فليأخذ مصباحاً بَهياً وزيتاً فى وعائه، ومن ينتظر أن يتكئ فى ذلك العرس فليقتنِ حلة منيرة. فإن مدينة الملك هى مملوءة سروراً وابتهاجاً، موعبة نوراً وحلاوة نابعة لذة وحياة أبدية للساكنين فيها.فمن يحب أن يساكن الملك، ويستوطن مدينته فليسرع لأن النهار قد مال ولا يعلم أحد ماذا يلتقى فى الطريق، لأنه مثل مسافر يعرف بُعد مسافة الطريق فأضجع ونام إلى قرب المساء ثم أنتبه وأبصر النهار قد مال.فلما أبتدأ بالمشى تدارجته بغتة الغيوم والبرد والرعود والبرق محتفة بالهواء فاشتمله الغيوم من كل جهة، وتضايقت حياته لأنه لا يستطيع الوصول إلى المنزل ولا يستطيع أن يعود إلى موضعه.هكذا يصيبنا نحن إن توانينا واضطجعنا فى أوان التوبة لأننا نحن سكان وراحلون، فلنحرص أن ندخل إلى مدينتنا وموطننا بعزاء نحن يا إخوتي تجار روحانيون طالبوا الجوهرة الجزيلة قيمتها التى هي المسيح مخلصنا، الفخر والكنز الذي لا يُسلب فلهذا فلنقتنه بحرص كثير فمغبوط ومثلث السعادة من قد حرص أن يقتنيه، شقي من توانى أن يقتنى صانع الكل.أو لا تعلمون يا إخوتي أننا أغصان الكرمة الحقيقية التي هي المسيح. فأحذروا إذاً أن يوجد أحد غير مثمر، فإن أب الحق هو الفلاح الذى يعمل هذه الكرمة، والذين يعطون ثمراً يطهرهم ليأتوا بثمر ؛ والذين لا يأتون بثمر يقطعهم ويرميهم خارج الكرم ليحرقوا بالنار.فتأملوا ذاتكم حذرين أن توجدوا غير مثمرين فتقطعوا، وتلقون فى النار ؛ فكذلك نحن بذار جيد زرعه المسيح سيد المنزل صانع السماء والأرض، وأوان الحصاد قد حان والحصادون بأيديهم المناجل منتظرين إشارة السيد، فاحظروا أن يوجد أحدكم زواناً فيُشد حزمناً ويحرق بالنار الدهرية.ألا تتفهمون يا إخوتى أننا مزمعون أن نعبر لجة مرهبة.فالذين هم تجار حاذقون وحكماء مستعدون، وتجارتِهم بأيديهم منتظرون هبوب الرياح ليسيروا ويبلغوا إلى ميناء الحياة، وأنا ومن يشابِهنى نتنزه بلا كسب ولا فائدة.ليس لنا شيء موضوع فى ذهننا لنعبر به هذا البحر ونخشى أن تَهب الرياح بغتة، ونوجد غير مستعدين فيقيدونا ويرمونا من المركب، وسنبكى هناك على ونيتنا ناظرين إلى آخرين مبتهجين مسرورين ونحن فى وجع وحزن لأنه فى تلك الميناء يفتخر كل أحد بتجارته وثروته.فأخشى يا أحبائى أن تخرجنا آلام الجسد خارج الحذر إذ نحن من خارج لابسين زياً لأن الذى من خارج يعرف أين هو قلبنا وعقلنا.التزين وتنظيف الثياب يوضحان أننا مجردون من ذلك المجد مفتكرون فى الأشياء الأرضية، وأثرة التشرف تدل أننا معجبون، والتلذذ بالأطعمة يدل أننا شرهون البطن، والونية توضح أننا عاجزون.ومحبة الاقتناء توضح أننا لا نشتاق إلى المسيح، والحسد يخبر أننا ليس لنا محبة فى ذاتنا، وغسل أرجلنا ووجوهنا يدل على أننا عبيد الآلام، لأن القلب يشتاق إلى شيء والأشياء التى يودها القلب يتلوها اللسان، وشفاهنا تستوضح مكتومات قلبنا.متى أنفتح الفم ولا باب له ولا حراسة يخرج كلامنا بلا تحفظ، وبأقوالنا نسلب متاع قلبنا لأن فماً لا يحفظ أسرار القلب يسترق أفكاره والرؤيات التى يظن أنَها باطنة تشتهر بالفم، والنتائج التى يظن أنَها لا ترى تبصر، التلذذ بالمثالب يوضح أننا موعوبون بغضاً.فلا ينخدعن أحد بالورع الظاهر فإنه يخدع ذاته وأخاه، من يظن أنه يخدع بالورع الظاهر فتصرفه يظهر كذب ورعه.إن شئت أن تعرف أفكار القلب فتقدم إلى الفم ؛ ومنه تعرف بأى شيء تَهتم ؟ وعلى ماذا تحرص ؟ أعلى الأشياء الأرضية أو على المناقب السماوية. على الأمور الروحية أو على الأشياء البشرية.من أجل اللذة اهتمامك أو من أجل الحمية، بِهجر القنية تَهتم أو باستكثارها، بالتواضع أو باستعلاء الرأى، بالمحبة أو بالبغضة، لأن من كنز القلب يخرج الفم اهتماماته، وهذيذ اللسان يوضح إلى ماذا يشتاق إلى المسيح أو إلى أمور العالم الحاضر.والنفس التى لا ترى تبصر بأفعال الجسد ما هى إن كانت صالحة أو خبيثة لأنَها صالحة بطبيعتها وتنتقل إلى الشر بالنية المتسلطة على ذاتِها لكن لعل أحداً يقول إن الآلام الطبيعية والذين يعملونَها لا جناح عليهم.أصغ إلى ذاتك ولا تنسب حسن اختراع الإله الصالح إلى زلة الجنوح فإنه قد صنع البرايا كلها حسنة جداً وزين الطبيعة بسائر الصالحات، فمن يجع إذاً لا يذنب إن أكل بمقدار لأن الجوع طبيعي، وإذا عطش إنسان كذلك وشرب قدر كفافه فلا يخطئ لأن العطش طبيعي.إذا نام أحد فلا يخطئ إن لم ينم بلا مقدار ويرخي ذاته ويدفعها إلى النوم ؛ حقاً أن النوم الذي لا مقدار له عادته تغلب الطبيعة لأن العادة والطبيعة هما كارزان بحظوظ كل واحد منهما بل فالطبيعة توضح العبودية، والعادة تشهر النية لأن منهما كلهما تتضح كيفية الإنسان. فالنية هي مسلطة على ذاتِها فهي مثل فلاح تطعَّم في ذاتِها عادات رديئة وصالحة كما تشاء.أما العادات الرديئة فتطعمها هكذا تطّعم في الجوع نَهم البطن، وفي العطش كثرة الشرب وفى النوم الرخاوة وفى النظر الرؤية الرديئة وفى الحق الكذب.وكذلك تطعم الفضائل الصالحة هكذا فى الإغتذاء المسك، وفى العطش الصبر، وفي النوم السهر، وفى الكذب الحق، وفي النظر التعفف، وفى التأمل لحظة عين، فهي مثل فلاح تقتلع العادات الرديئة وتطعم الفضائل الصالحة فتغلب الطبيعة.فأرض عملنا هي الطبيعة، والفلاح هي النية ؛ والكتب الإلهية هم المشيرون، والمعلمون يعلِّمون فلاحنا أية عادات تقلع وأية فضائل صالحة تُنصب ؛ فما دام فلاحنا مستفيقاً وحريصاً من قبل تعليم الكتب الإلهية فهو قوي لأنَها تعطيه ” الكتب الإلهية ” من غصونِها فهماً وقوة فضائل صالحة ليطَّعم في شجرة الطبيعة.الأمانة فى عدم الأمانة، ورجاء فى عدم الرجاء،ومحبة في البغض، ومعرفة فى عدم المعرفة، وحرصاً فى التواني ومجداً ومديحاً في عدم الشرف، وعدم موت في الأمانة، ولاهوتاً فى الناسوت.فإن شاء وقتاً ما فلاحنا بتعظمه أن يترك المعلم والمشير عليه أعني الكتب الإلهية، يوجد تائهاً ويصادف نتائج خبيثة جامعاً عادات لا نفع فيها ويطعم فى الطبيعة التطعيمات التى خارج الطبيعة.أعني عدم الأمانة، وجهالة ؛ وبغضاً ؛ وحسداً ؛ وكبرياء، وسبح باطل ؛ وأثرة الشرف ؛ ونَهم البطن ؛ وخصومة ؛ ومجاوبة ؛ وأشياء أخرى أكثر من هذا لأنه لما تَرك المشرع تُرك منه.فإن تندم وعرف ذاته وسجد للمشترع الشريعة قائلاً: قد أخطأت إذ تركتك. يقبله المشترع السنة فى الحين بتعطفه على الناس ويمنحه فقهاً واقتداراً صالحاً ليعمل أيضاً أرض فلاحته وطبيعته، ويقتلع منها العادات الرديئة وينصب عوضها الفضائل الصالحة.بل ويمنحه أكلَّة ويعطيه جوائز ومدائح هكذا كما قلت ؛ أنه يجوع بالغريزة فيحتمي ويصبر ؛ ويعطش لكنه يصبر ؛ يشتهي لكنه يغيف ؛ يثقل بالنوم أو يشتمله عجز فى تمجيد السيد، لكنه إذا سهر يكلف نفسه في تسبيح اللـه. وكذلك يكلل إذا غلب الطبيعة وأقتني الفضائل.فالمجد إذاً لتعطفه والشكر لصلاحه، والسجود لتحننه، أي رب رؤوف هكذا، أي أب رحوم هكذا، أي أب هكذا يحب مثل سيدنا الذي أحبنا نحن عبيده، ويهب لنا كل شيء ويدبر أمورنا، ويشفي جراحات نفوسنا بكثرة صنوف الأدوية ؛ ويتمهل علينا إذا خالفناه.ويشاء أن يخلصنا كلنا، ويشاء أن يصيرنا وارثين ملكه، ويريد أن تُمدح خيريته إذا شفت الأمراض السهلة الشفاء والحقيرة، لأن الأسقام الثقيلة والصعب شفائها هو يشفيها !فيشفى جراحات العاجز بنفخة فمه لدراسته بتمجيده، ويصفح عن خطايا الخاطئ باستنهاضه إياه إلى النشاط، ويسمع من السقيم سريعاً لئلا تصغر نفسه، ويمنح الطويلة أناتَهم والقارعين أبوابه دائماً الموهبتين كلتيهما أي الشفاء والثواب.لأنه يقدر أن يشفي جراحات نفوسنا كلها وينقلها غصباً إلى الحرية لكنه لا يشاء لئلا تعدم نيتنا المدائح التي منه، ونتوانى أن نستغيث به لمعونتنا ونصرتنا، فلمحبته إيانا ورأفته بنا قد اقتادنا وأنار أعين ذهننا منحنا المعرفة وأذاقنا محبته لنطلبه بلا تقصير.الطوبى لمن ذاق محبته وأعد ذاته أن يمتلئ منها دائماً فإنه إذا امتلأ من مثل هذه المحبة لا يقبل فى ذاته محبة أخري، يا أحبائي من لا يحب مثل هذا السيد من لا يسجد ويشكر لصلاحه.أي اعتذار لنا في يوم الدينونة إن توانينا ؟ أم ماذا نقول له ؟ أنقول ما سمعنا وما عرفنا ! أو ما عملنا ! ماذا ينبغي أن يعمله ولم يعمله بنا ؟ ألم ينحدر إلينا من العلو الذى لا يُقَدَر ! وألم ينزل من حضن الآب المبارك ! أما شوهد الغير المرئي منا، وإذ هو غير مائت ألم يتجسد من أجلنا أو ما لطم ليعتقنا.يا للعجب الموعب خوفاً ورعباً أن يداً طبيعية خُلقت من طين الأرض لطمت خالق السماء والأرض، ونحن الأشقياء والأدنياء ترابيون ومائتون ورماد ولم نحتمل كلمة بعضنا من بعض.هو غير مائت ؛ ألم يمت من أجلنا ليحينا، أو لم يُدفن لينهضنا معه، فكَنا من رباطات العدو وربطه، وأعطانا سلطاناً أن ندوسه، متى استغثنا به ولم يجيبنا، أو قرعنا بابه ولم يفتح لنا وإن تباطأ وقتاً ما أليس ذلك ليُكثر ثوابنا.أيها الحبيب لِمَ زهدت فى العالم ؛ ألكي تطلب نياحة جسدانية، وبدل العرى أتبتغى حلة، وعوض العطش أتبتغى شرب الخمر.دعيت إلى المحاربة ؛ وتروم أن تتقابل مع أعدائك بدون أسلحة، عوض السهر تنحدر إلى النوم، وعوض البكاء والنحيب تبذل ذاتك للضحك، وبدل المحبة تحوي بغضاً لصاحبك.جئت إلى الطاعة وأنت تجاوب، جئت لترث مُلكاً وأنت تعقل المعقولات الأرضية، وعوض التواضع والوداعة تشتمل بالتعظم والتكبر.ماذا تقول له فى ذلك اليوم ؟ أتقول أننى تواضعت من أجلك ! وتمسكنت وتعريت، وجعت وعطشت من أجل محبتك من كل نفسي، وأحببت قريبي كنفسي.لا تستهجل أن أقوالك وأفكارك ليست غير مكتومة، وضميرك هو الناظر إياك، إن كذبت لا تجهل أنه لا يوبخك، أو لا تعلم أن البرية كلها تقف أمام مجلسه بخوف ورعب شديد وتحوط به ألوف ألوف وربوات ملائكة رؤساء ملائكة ؟وإن كنت تفتكر أن تكذب وتقول قد احتملت من أجلك مثل جسامة هذه الأشياء، أحذر أن تبدى طائلة كبيرة عن أعمالك الخبيثة وعن كذبك فق من نومك وعد إلى ذاتك، أجمع أفكارك وأنظر أن النهار قد مال.أفهم هذا المعنى أيها الأخ، إن إخوتنا الذين كانوا معنا بالأمس يكلمونا ليسوا معنا اليوم لأنَهم دعوا إلى ربِهم وربنا ليريه كل واحد منهم تجارته.ها أنتم قد عرفتم أمور أمس الماضي وأمور اليوم، كيف مضي أمس كزهرة صباحية واليوم هو كفى مسائي، فتأمل أمتعة تجارتك إن كانت قد نَمت فائدتِها من أجل اللـه، لأن أيامنا تجوز مثل مشي ساعي.الطوبى لمن يتجر وينمي بضاعته يوماً فيوماً، ويجمع فوائد الحياة الدائمة. لِمَ تتوانى أيها الحبيب، لِمَ تضجع وقد سكرت بالضجر كسكرك من النبيذ، ماذا تميز فى ذاتك إنك تجعل لك منزلاً فى هذا الدهر.لأنه مثل أثنين مسافرين أتفق أحدهما مع الآخر فى الطريق، وكل واحد منهما ذاهب إلى منزله فلما أدركهما كلهما المساء نزلا فى الفندق الذى بلغا إليه، ولما صارت الغداة فارق أحدهما الآخر، وكل واحد منهما يعرف ما له في منزله إما غنى وإما فقيراً، إما نياحة إما حزناً.هكذا نحن فى هذا العالم فإن هذا العمر يضاهي مسكناً ومنه نفترق ذاهبين إلى موضعنا عالمين ما لنا أمامنا لأن كل واحد منا لا يجهل ما تقدم فأنفذ إلى السماء.كما أقول إن كان أرسل صلاة بدموع، أو سهراً نقياً، أو ترتيلاً، أو تخشعاً، أو مَسْكَاً بتواضع الرأي، أو زهداً فى الأمور الأرضية أو محبة بلا رياء تتوقان إلى المسيح.إن كنت سبقت فأرسلت هذه فثق إنك ستمضي إلى نياحة وراحة، وإن كنت ما أرسلت ولا واحدة من هذه فَلِمَ تغيظ قريبك في مسكن الاغتراب لأنك غداً تفارقه، لِمَ تتكبر، لِمَ تتعظم، لِمَ تحزن. أتريد أن تحمل المسكن معك، لِمَ تَهتم من أجل ثياب وملابس وطعام فالمعطي البهائم غذائها ألا يغذيك أنت الذي تمجده.يا من ترجوا أن تصير وارثاً أتَهتم بثياب وملابس، يا من قد أمت ذاتك من العالم أتعقل المعقولات الأرضية، لِمَ تغيظ الطبيب بأنك تريد أن تبرأ وفي زمان مداواتك تخفي جراحاتك ؛ وتدعى على الطبيب أنه ما أبرئك.قد أُعطيت وقتاً للتوبة، وأنت تتواني فى التوبة. فماذا تدعى على المشترع السنة أإنه أجتلب الموت لما تَهاونت ؛ أتراك تقول للموت دعني أتوب.فق أيها الحبيب متيقظاً فإن تلك الساعة كالفخ تأتي إليك وحينئذ يشتمل ذهنك ذهول، وتقول: كيف جازت أوقاتي ؟ وكيف عبرت أيامي فى حال تنزهى فى الأفكار الغير واجبة ؟وما المنفعة أن تفتكر بِهذه وقت الموت، ولا يسمح لك أن تعود إلى هذا الدهر منذ الآن ضع عقلك فى المقولات وليدخل فى مسامعك أقوال الرب، إن كنت تصدقه لأنه هو قال إنك تعطي فى ذلك اليوم جواباً عن كل كلمة بطالة.يخزينا هذا الفصل إن كان ذهننا مستفيقاً ؛ فالذي يتفهم المكتومات ولا يسمع المقولات فهو يضاهي كوز مياه يقبل الماء ولا يحس إنه يجوز فيه.ترى من لا يبكى، ومن لا يرى، ومن لا يحزن، ومن لا ينذهل، إن سيد الدنيا كلها يهتف بذاته، وبعبيده الرسل والأنبياء، ويكرز صارخاً وليس من يسمع.وما هي الأشياء التي أشار إليها ؟ العرس معد قال والمسمنات قد ذبحت والختن جالس بعظم جلاله ومجده فى الحجلة يستقبل المقبلين إليه بفرح.الباب قد فتح، الخدام متسارعون، فأعدوا قبل أن يُغلق الباب لئلا تبقوا خارجاً ولن يوجد من يدخلكم، ومع ذلك لا يحترس أحد بل يضجع ويهتم بِهذا الدهر، فالكتب الإلهية نكتبها خطاً مستوياً إلا أننا لا نشاء أن نكمل الأوامر التى فيها.ترى من هو الذى يسافر بلا زاد في طريق بعيده كما نشاء نحن أن نترك زادنا ههنا ولا نأخذ معنا شيئاً للسفر، فمغبوط من يسافر للرب بدالة حاملاً زاده بلا احتياج إلى غيره.فها العشر عواتق نائمات والعبيد يتجرون وينتظرون سيدهم عالمين أنه قد أخذ الملك وهو آتي باقتدار ومجد جزيل فيكلل عبيده الذين تاجروا حسناً بالفضة التي قبضوها منه، ويقتل أعدائه الذين لم يريدوا أن يملك عليهم.أنه في النوم الذي يشتمل طبيعة الناس في نصف الليل يصير من السماء بغتة دوي عظيم ورعود مرهبة، وبروق مفزعه مع زلزلة.يذهل بغتة الراقدون، ويتذكر كل أحد أعماله التي عملها إن كانت صالحة أو طالحة.ويقرعون صدورهم صائحين على مضاجعهم لأنَهم ليس لهم موضع يهربون إليه أو يختفون فيه، أو يندمون على ما عملوا، لأن الأرض تتزلزل، والرعود ترعب والبروق تُذهل، وظلمة عميقة تطوف بِهم.هكذا تكون تلك الساعة تزعج الأرض كلها كبرق حاد مدلهم لأن الصور يبوق بخوف من السماء وينهض الراقدون وينتبه الهاجعون منذ الدهر لأن هذه السماوات مع كافة قوتِها تضطرب والأرض تتموج كلها كالبحر مرتعدة من اتجاه مجده.لأن ناراً مرهبة تتقدم سعيرها أمامه تنظف الأرض من الآثام التي دنستها ويفتح الجحيم أبوابه الدهرية، ويبطل الموت وتراب الطبيعة البشرية المتماسي إذا سمع صوت البوق يعيش ويحيا لأنه بالحقيقة يكون ذلك عجباً.يرى مستعجباً كيف بطرفة عين،كما أن السمك الكثير الذى يذهب ويجىء ويتقلب فى البحر، هكذا كثرة عظام الطبيعة البشرية التي لا تحصى ينزع كل واحد منها طالباً مفصله، وإذا نهضت تحاضر كلها وتقول المجد لمن جمعنا واستنهضنا بتعطفه على الناس. وحينئذ يبتهج الصديقون ويُسر الأبرار، والنساك الكاملون يتعزون من تعب نسكهم، والشهداء والرسل والأنبياء يكللون.الطوبى لمن أستحق أن يرى تلك الساعة كيف بمجد يخطف فى السحب لاستقبال الختن الذى لا يموت ؛ وكافة الذين أحبوه وحرصوا أن يتمموا مشيئته،كما قد عظم كل واحد جناحه ههنا هكذا يطير إلى شواهق الأعالي، بمقدار ما نظف كل واحد ذهنه وصفاه هكذا يبصر مجد اللـه. وبقدر ما أشتاق الإنسان إليه هكذا يتملى شبعاً من محبته، ويتعجب في تلك الساعة آدم الأول إذا أبصر العظائم والمرهوبات.كيف قد حضر منه ومن قرينته ما لا يحصى من كثرة الأجناس، وإذا تكاثر تعجبه لكونه من طبيعة واحدة وخليقة واحدة صاروا فى الفردوس وفي الجحيم متواترين بمجد الإله الخالق، والمجد للحكيم وحدة.يا أحبائي لقد تذكرت تلك الساعة وارتعدت، وتأملت تلك الدينونة المفزعة فانذهلت، وذلك السرور الذي في الفردوس فتنهدت وبكيت حتى لم يبقى فيَّ قوة لأبكي أيضاً، لأن أيامي عبرت في التواني والتنزه. وفي الأفكار النجسة أكملت سنين حياتي.كيف سرقت ولم أعلم ؟ وكيف عَبَرت ولم أحس ؟ فأيامي فنيت وآثامي تكاثرت، ويلي ويلي يا أحبائي ماذا اصنع بخزي تلك الساعة إذا طاف حولي الذين يعرفوني، والذين لما أبصروني فى هذا الزي طوبوني وأنا من داخل مملوء إثماً ونجاسة، متناسي الرب فاحص القلوب والكلى.بالحقيقة أن هناك الخزي والافتضاح، والشقي هو الذي يخزى هناك. أيها الصالح العطوف أستحلفك برأفتك آلا توقفني على اليسار مع الجداء التي أغاظتك، ولا تقل لي لستُ أعرفك، بل أعطيني بحنانك بكاءً دائماً وتخشعاً، وأعطي قلبي تواضعاً وطهره ليصير هيكلاً لنعمتك المقدسة لأننى وإن كنت خاطئاً ومنافقاً لكنني قارعاً بابك بمداومة، وإن كنت عاجزاً ووانياً لكنني في طرقك سالكاً .يا إخوتي الأحباء أتضرع إلى ألفتكم أن تجزموا على أن ترضوا اللـه ما دام موجوداً، أبكوا قدامه نَهاراً وليلاً في صلواتكم وترنيمكم لينقذكم من ذلك البكاء الذي لا ينقضي، ومن تقعقع الأسنان، ومن نار جهنم، ومن الدود الذي لا يرقد، ويفرحكم في مملكته في الحياة الخالدة حيث يهرب الوجع والحزن والتنهد.حيث لا يحتاج أحد دموعاً ولا توبة حيث لا مخافة ولا رعدة، حيث لا فرق ولا تفاضل، حيث لا يوجد المحارب والمعاند، حيث لا خصومة ولا سخط، حيث لا بغض ومعاداة.ولكن ذلك كله مملوء فرحاً وسروراً وابتهاجاً ومائدة مملوءة أطعمة روحانية أعدها اللـه للذين يحبونه، فمغبوط من يؤهل لها، وشقي من يعدمها.فأطلب إليكم يا أحبائي أن تسكبوا علىَّ تحننكم، وتشفعوا عني ساجدين لابن اللـه الوحيد الصالح العطوف ليصنع معي رحمة وينجيني من غزارة مآثمي ويسكنني حول مساكنكم في ساحات الفردوس المبارك الوارثين إياه حتى أصير جاركم.لأنكم أنتم الأولاد المحبوبون وأنا كالكلب المرفوض، انفضوا لي فتات موائدكم فيتم علىَّ الفصل المكتوب: ” والكلاب تشبع من فتات المائدة المتساقط “.نعم يا أحبائي اسكبوا علىَّ صلواتكم، وهلموا أن نحرص من أجل حياتنا فإن الأشياء كلها تعبر كعبور الظل، ولنبغض العالم والأشياء التى فى العالم والاهتمام البشري، ولا نتخذ هماً آخر سوى الاهتمام بخلاصنا كما قال ربنا” ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ؟ أو ماذا يعطي الإنسان فدية عن نفسه “.أيها الإخوة نحن تجار روحانيون فلنتشبه بالتجار العالميين، فالتاجر يحسب كل يوم ربحه وخسارته، فإن خسر يحرص ويهتم كيف تُرد خسارته.كذلك أنت أيها الحبيب في كل صباح ومساء وغدوه تأمل بمبالغة كيف تتجر تجارتك، وفي كل عشية أدخل إلى قلبك، وتفكر وقل في ذاتك أتراني أغضبت اللـه في شيء ؛ أو تكلمت كلمة بطالة أو جدفت.أتراني أغضبت أخي، أو اغتبت أحداً ؛ أتراني تخيل ذهني الأمور التي في العالم، أم ترى جاءت إلىَّ شهوة بشرية فقبلتها بتلذذ وانغلبت للهموم الأرضية أم خسرت في هذه الدنيا.فأحرص أن تترك هذه التأملات تَهذأ بك لئلا تخسر فى هذه، وإذا صار الصباح أدرس في هذا وقل ترى كيف عبرت هذه الليلة أربحت فيها تجارتي أترى سهر عقلي مع جسمي، أدمعت عيناي دموعاً في إحناء ركبتي، أو جاءت إليَّ أفكار خبيثة ودرستها بتلذذ.فإن إنغلبت في هذه فأحرص أن تشفيها، وأقم حافظاً في قلبك لئلا تصاب بِهذه نفسها.إن اهتممت هكذا فستسلم تجارتك وتصير مرضياً للـه، ولنفسك نافعاً. اصغ إلى ذاتك وأحذر أن تدفع ذاتك إلى الونية والرقاد فإن ابتداء الهلاك تمرد النية.تأمل النحلة وابصر سرها العجيب كيف تجمع صناعتها من أزهار الأرض المشتتة أنواعها وتأمل ذميم قدرها فإنه لو اجتمع كافة حكماء الأرض وفلاسفة المسكونة لما قدروا أن يلخصوا ويصفوا حكمتها.إن كيف تبني من الأزهار القبور وتدفن فيها أولادها وإذا أحيتها تأمرها بعد ذلك مثل أمر رئيس القواد وتسمع كلها صوتِها وتتطاير فإذا تطايرت تعمل وتملأ تلك القبور أطعمة حلاوتِها حتى أن كل فقيه يشاهد أتعابَها يمجد الإله الباري منذهلاً قائلاً: يا لحكمة وهبت لطائر ذميم.كذلك أنت يا حبيبي صر مثل تلك وأجمع من الكتب الإلهية غنى وكنزاً لا يسلب إلى السماوات ؛ لأن رؤساء الأرض إذا أراد أحدهم أن يسافر إلى بلدة بعيدة يرسل قدامه غلمانه مع ثروته لكي يوافي إلى راحة معدة فيرتاح.كذلك أنت أيها الحبيب أرسل غناءك إلى السماء لتُقبل في مساكن القديسين، ولا تتوانى في هذا الزمان القصير لئلا تندم إلى الدهور التي لا انقضاء لها. ألم تسمع الرب يقول: سيكون لكم في العالم حزن. وقال أيضاً: بصبركم تملكون أنفسكم. فإن كنت أنت برخاوتك وونيتك تشتاق أن تَهرب من حزن هذا الدهر ومن الصبر وتحب اللذة البشرية فَلِمَ تسلب نير المسيح الصالح النفيس من أجل رخاوتك وتَهجوا بأنه صعبٌ وثقيلٌ، ولا يمكن أن يُحمل، وتعطي ذاتك للهلاك.من ذا يرحمك وأنت تقتل نفسك، ومن يترأف عليك، لأنك قد أخذت أسلحة المسيح التي تحتاج أن تحارب بِها العدو فأنفذت السيف في قلبك، فإن كنت تتباهى بِهذه الحياة فرجاؤك باطل، وانتظارك فارغ.ماذا يصلي فمك إلى اللـه ؟ وما هي الوسيلة التي تطلبها منه ؟ أَنياحة هذا الدهر، أو الحياة التي لا تفنى ولا تشيخ.إن طلبت هذه الأشياء الوقتية والغير ثابتة فإن السارق والزاني أفضل منك ؛ لأنَهما يصليان ليخلصا ويطوباك لأنك سائر بِهذه السيرة بكذب، وأنت قلت أحببت النور وأبغضت الظلمة وتركت ملكوت السماوات وتَهتم بالأمور الأرضية.أحسبت يا شقي أن الإله الصالح المتعطف ينكر تعبك، وهو الذى منحك قوة ونعمة وخشوع قلبك وهو يعطيك ثوابك، والأشياء كلها منه وأنت تتعظم، وهو يطالب بأجرة الأجير من الذين ينكرونَها عليه.أفينكر أجرة دموعك، وخشوعك ! حاشا لأن الذي قال: اطلبوا تجدوا ؛ اقرعوا يفتح لكم. أيصير كاذباً حاشا، أذهب يا شقي مَنْ الذي حسدك، مَنْ الذي مكر عليك. أليس هو المعاند المبغض الخبيث الذي يحرص ألا يجعل أحداً يبلغ إلى السماوات.فمنذ الآن عد إلى ذاتك، ولا تمقت نفسك، أفتح عيني ذهنك وأبصر الذين معك كيف يجاهدون، كيف يحرصون وهم ماسكون مصابيحهم، وفمهم يسبح ويمجد الختن الذي لا يموت، وأعينهم تتأمل جماله، وأنفسهم نضرة بَهجة.تأمل أنه قد قرب ولا يبطئ، لأنه سيجىء ويفرح الذين ينتظرونه، سيصير بغتة صوت ها هو الختن آتٍ فيجئ الذين معك بفرح ومصابيحهم معهم مضيئة، وحللهم منيرة فإذا سمعوا صوته القائل:” تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم من قبل إنشاء العالم “.فبعد أن يصير الصوت تقول لهم: يا إخوتي هبوا لي زيتاً قليلاً لأن مصباحي ها هو ينطفئ.فتسمع منهم لعله لا يكفي لنا ولك، أمضي إلى الباعة وأشتري، فتمضي متندماً ومغموماً ولا تجد ألبته زيتاً لتبتاعه، لأن الأرض كلها ترتعد كما يتموج ماء البحر من تجاه مجده.فتقول حينئذ منتحباً أمضي وأقرع ومن يعلم إن كان يفتح لي، فإذا مضيت لتقرع لا تجد أحداً يجاوبك.فتلبث تقرع أيضاً، فيجاوبك من داخل قائلاً: حقاً أقول لك أنني لست أعرفك من أنت أنصرف عني يا عامل الإثم.وفي حال وقوفك هناك يأتي إلى أذنك صوت السرور والابتهاج، وتعرف صوت كل واحد من رفقائك، فتتنهد وتقول: ويلي ويلي أنا الشقي كيف عدمت هذا المجد الذي لإخوتي واُنتزعت من رفقتي الذين كنت طول زمان حياتي معهم والآن ميزت منهم.أصابني هذا بواجب لأن أولئك كانوا يمسكون ويحتمون، وأنا كنت أجدف ؛ أولئك كانوا يرتلون، وأنا كنت أتفرج صامتاً ؛ أولئك كانوا يحرصون في إحناء الركب، وأنا نائم، أولئك كانوا يصلون، وأنا أتنزه. أولئك كانوا يواضعون ذواتِهم، وأنا أتكبر أولئك كانوا يحتقرون ذواتِهم، وأنا أتزين.لهذا الآن أولئك يسرون، وأنا أنتحب ؛ أولئك يبتهجون، وأنا أبكي. فق إذاً أيها الشقي قليلاً متأملاً محبة اللـه للناس التي لا تتجاوز نَهايتها، ولا تضجع في خلاصك، أطلبه فيصبح لك سريعاً خلاصاً، وأستغث به فينصرك، أعطيه لتأخذ مائة ضعف.وإذا كان الصك الذي لا نفس له يهتف بما مكتوب فيه بتأدية الديون فكم أولى بالإله الصالح أكثر أن يعطي للذين يطلبونه نعمه المعهودة بالكتائب التي يتمنى أن تزداد رباءً على رباءٍ ؛ ونعمة اللـه الكثيرة تكثر أجرة صلواتنا وطلباتنا.فلا تضجع ولا يطرأ عليك الاهتمام بالأمور الأرضية ؛ ولا تدفع ذاتك إلى اليأس ؛ فإن اللـه من أجل تحننه يقبلك وينصرك أنت وكافة الذين يبتغونه بكل قلوبِهم.فتقدم إليه بلا خجل، وأسجد له بتنهد، أبكي وقل: ” يا ربي ومخلصي لِمَ تركتني ترأف عليَّ فانك أنت العطوف وحدك، خلصني أنا الخاطئ فإنك أنت الغير خاطئ وحدك لتنشلني من حماة مآثمى لئلا أنغمس فيها إلى أبد الدهور.أنقذني من فم العدو فإنه مثل سبع يزأر مريداً أن يبتلعني، أنْهض قوتك وهلمَ لتخلصني، أبرق ببرقك وشتت اقتداره لينذهل ويهرب من أمام وجهك لأنه ضعيف عن الوقوف أمامك، وأمام وجه الذين يحبونك، لأنه إذا رأى علامة نعمتك فيجزع منك ويتنحى عنهم خازياً فالآن أيها السيد أعني فإني إليك لجأت “.إن ابتهلت إليه هكذا واستغثت به من كل قلبك للحين يرسل مثل أب صالح ومتحنن نعمته إلى معونتك، ويكمل كافة مشيئتك.يا حبيبي نعم تقدم ولا تضجع، ولا تنظر إليَّ أنا الواني المضجع لأنه يخزيني خزي وجهي إذ أقول ولا أعمل، وأعظ ولا أفهم.لكن صر مشابِهاً للأباء الكاملين الروحانيين وأتبع رسمهم، ولا تبتدئ بالأمور العالية جداً التي تفوق قدرتك ولا يمكنك أن تتممها، ولا تبتدأ بالأفعال الحقيرة جداً ليكثر توانيك.ولا تسمن جسدك لئلا يحاربك، ولا تعوده على اللذات البشرية لئلا يصير ثقلاً لنفسك ويحدرها إلى أسفل أعماق الأرض ؛ لأنك إن بذلت ذاتك لإكمال مشيئته فإنه سيترك الطريق المستوية ويمشي في الهوة، ويقبل بسهولة كل فكر نجس، ولا يتعفف.وإن ضيقت عليه فوق المقدار وآلمته يصير ثقلاً لنفسك ويسودها ويشملها الكآبة والضجر.وتصير سخوطة وعاجزة في دراسة التسبيح والصلاة والطاعة الشريفة، فدبر ذاتك بمقدار جيد معتدل.قل لي أما رأيت قط موقف السباق ؟ أو ما رأيت قط مركباً في البحر ؟ لأن الخيل إذا لهدها أحد بلا مقدار تخور من الجري، وإن رخا لها بلا مقدار تمد الركب وتطرحه.وكذلك المركب في اللجة إن أُوسق فوق حد وسقه يمتلئ من الأمواج، ويغرق وإن سبح مخففاً بلا وسق تقلبه الرياح سريعاً. نظير هذا المقياس النفس والجسد، إن ثُقلاَ بلا مقدار بالأشياء المقدم ذكرها يسقطان، فلهذا جيداً أن تبتدئ، وتتمم وترضي اللـه، وتنفع ذاتك وقريبك.أنتم يا رعية المسيح المباركة، ونجوم المسكونة، وملح الأرض، أيها النساك الكاملون والمحبون على الأرض السيرة الملائكية، إن تعبكم وقتي والمجازاة والمدائح أبدية، وتعبكم يسير والنياحة والكمال بلا هرم.وبمقدار ما تجاهدون بنشاط في تقويم الفضيلة بقدر ذلك يشتغل عدوكم غيظاً ويخبئ لكم فخاخاً متلونة.فأصغوا إذاً لذاتكم حذرين من مكامنه، لأنه خلواً من جهاد لا يكلل أحد، بل ونعمة اللـه لا تتخلى عمن يحارب ويجاهد بنشاط.فإن أرخى أحد ذاته، وعجز أن يفتح فمه ويستدعى النعمة لنصرته ليجعل العلة ذاته لا النعمة كأنه لم يعاين منها، لأنه يكون مثل واحد يديه صحيحتين وأمامه كثرة أطعمة موضوعة فيعجز أن يمدها ويملأ ذاته من الخيرات المنصوبة لديه، فمن ذاته تكون خيبته وخسارته.هكذا العابد الذى له تجربة النعمة والخبرة بِها فإذا توانى في الاستغاثة بِها والتملي من حلاوة أطعمتها فهو يضر ذاته ولا يحس.يشبه العابد جندياً برز إلى الحرب وقد دجج جسده من كل جهة بجملة أسلحة وهو متيقظ إلى الغلبة ومجاهد لئلا يكسبه محاربه بغتة فإن وجد غير متحفظ فيأخذه، كذلك العابد إن أضجع وتوانى يقتنصه عدوه بسهولة.لأنه يخطر له أفكاراً نجسة فيقبلها بتلذذ ؛ أعني أفكار استعلاء الرأي والسبح الباطل والحسد والوقيعة ونَهم البطن، والنوم الذي لا يشبع منه، ومن هذه يقوده إلى اليأس وأثرة المساوي.وإن كان مستفيقاً كل حين متيقظاً يجذب نعمة اللـه لمعونته ويتخذها ويعلم كيف يرضيه، فيصير في ذاته ممدوحاً ومادحاً ويكون مثل إنسان ينظر في مرآة فيرى ويُرى.كذلك النعمة أينما تجد راحة وتسكن في إنسان فتختبره وتختبر منه لأنه خلواً من معونتها لا يقدر القلب أن يكتفي بذاته، ولا أن يمتلئ تخشعاً، ولا أن يعترف للسيد كما ينبغي لكنه يبقى مسكيناً ومحتاجاً وفقيراً من الحسنات ؛ وتسكن فيه الأفكار النجسة والممقوتة كما يسكن البوم في الأماكن الخربة.فإذا استدعاها ” النعمة ” إنسان لتجئ فتضئ ذهنه وتضطره ليقتنيها ساكنة معه، ومعينة لذاته، فبها يقوم كل فضيلة، ويستضئ منها، فيستطيع أن يتأمل تكوُن الدهر المستأنف وجمال صورته، لأنَها تصير له سوراً حصيناً، وتحفظه من هذا الدهر لحياة الدهر الآتي.أصغ إذاً مسامعك فأكن لك أيها الحبيب مشيراً صالحاً إن اشتهيت الحياة الخالدة، وتطويب ربك، قل لي لِمَ تغسل وجهك بماء لترضي قريبك إنك ما نبذت آلام بشرتك بل أنت مستعبد لها، إن أردت أن تغسل وجهك فأغسله بالدموع والبكاء ليشرق بمجد اللـه والملائكة القديسين.لأن الوجه المغسول بالدموع هو جمال لا يضمر لكن لعلك تقول لي: إن وسخ وجهك يخجلك.فأعلم إذاً أن وسخ رجليك ووجهك مع نقاوة قلبك يلمع أكثر من الشمس بين يدي اللـه والقديسين.ولِمَ تضحك بلا تحفظ ويسود عليك الضحك وقد أُمرت أن تنوح، من أين هذا ؟ لأنك لا تشتاق إلى تطويب الرب، ولا تخيفك تعاذيبه، فالمجرب يستطيع أن يعظ غير المجربين، والتاجر الذي سقط بين اللصوص يأمر المسافرين بالتحفظ والتحرز.فإذ قد جربت أنا بجزء من التجربة أقول لفهمك لأنني تحرزت قليلاً، ومن أجل رخاوتي أوقعتني الونية في الأمر نفسه، فلهذا أشير عليكم يا رعية المسيح المأثورة أن لا تعدموا من أجل آلام الجسد ولذة العالم مجد اللـه، وتتغربوا من سرور الخدر الذي لا تبلى بَهجته، عالماً أن تعب النسك هو مثل نوم وارد، ونياحة المكافأة هي لا تنقضي، ولا تنعت.فأصغِ إلى ذاتك لئلا توجد واقعاً من الحظين كلاهما وتؤدي طائلة عنهما جميعاً، لكن أحرص أن تقتني الفضيلة التامة الموشاة بكافة المناقب التي يحبها اللـه ؛ فإنك إن اقتنيتها فلا تغيظ اللـه قط، ولا تعمل بقريبك سوءاً.فهذه تدعى الفضيلة ذات النوع الواحد، وهي حاوية في ذاتِها جمالاً، وتكون كافة الفضائل مثل تاج الملك، وهذه قد تكون غير تامة، وغير مختبرة إن كانت تنقص واحدة من المقومات المحصورة في الفضيلة. وتضاهي نسراً عظيماً طائراً في الأعالي فلما أبصر في الشرك طعاماً انحدر وأنقض عليه بسرعة فإذ رامَ أن يختطف الصيد تعلق بطرف مخلبه.وبذلك العضو الصغير رُبطت كافة قوته، وفيما هو يظن أن كافة جسمه معتوق وخارج من الشرك فيجد بالحقيقة أن قوته كلها قد قيدها الشرك.والفضيلة مثل هذا القياس إن رُبطت بأحد الأمور الأرضية تموت وتنقسم وتَهلك ولا يمكنها أن ترتقي إلى العلو إذ قد سمرت بأمر أرضي وتقيدت به.فمن له دموع فليجئ وليبكِ، ومن لا يمكنه التخشع إذا عبر فليتنهد على هذه الفضيلة أنَها بعد أن ارتقت إلى السماء وبلغت إلى أبواب الملك أنفسها لم تقدر أن تدخل.كما قلت أيها الحبيب أن قوماً قوموا هذه الفضيلة بربوات أتعاب ووشوها مثل تاج الملك ؛ فلما ارتبطوا بأمر أرضي هلكوا ووقفوا خارج المُلك السماوي.فصن ذاتك إذاً وأحذر أن تشتبك في شيء مثل هذا وتدفع ذاتك إلى العدو، وتحل الفضيلة العجيبة التي اقتنيتها هكذا أو تنقضها بأتعاب مثل هذه جزيلة فتمنعها من الارتقاء إلى السماء، وتقيمها أمام الخدر خازية، لكن أعطيها دالة أن تدخل بصوت عالٍ مبتهجةً نائلةً ثوابِها.يا للعجب إن سبع يُربط بشعره ويجول إلى هنا وهناك، هكذا هذه الفضيلة إذا رُبِطت باهتمام أرضي تتهرى إلى الأرض ويذل شرفها لأن هذه الفضيلة تُشَبه بالسبع.فق إذاً أيها الحبيب ؛ وحرك ذاتك ؛ وأقطع الشعرة الحقيرة كي لا يضحك عليك مثل ذلك القوي الذي قتلَ بالفك في لحظة عين ألوفاً وحرر ذاته وقتل أعدائه ورد الظفر إلى اللـه ونقلت طلبته ذلك الفك عيناً نابعاً.فذلك الذي قوم مثل هذه المناقب قدر جسامتها سلم نفسه بانتزاع شعره بسفاهته إلى الأعداء، وقيد قوته المرهوبة والعجيبة جداً.فأنت الآن أصغ إلى ذاتك، ولا تربط مثل هذه الفضيلة بعمل ردىء ما أرضي بل حررها من كافة الأشياء الضارة وجهزها إلى السماء.ومثل غواص يغوص في العمق ليجد الدرة الجزيل ثمنها والشائع ذكرها إذا وجدها يصعدها إلى أعلى المياه، ويثبت على الأرض عارياً ومعه ثروة جزيلة.كذلك جرد ذاتك من كل أدناس العالم، وألبس هذه الفضيلة وتزين بِها وتيقظ نَهاراً وليلاً لئلا تتعرى منها، فإن النفس التي اقتنتها لا يمكن أن يحيلها شيء ولا واحد من الأسواء يغيرها، لا من جوع تتغير أو من عري أو ضجر أو مرض أو مسكنة أو اضطهاد ما أو محبة أخرى كاذبة إذا كانت متيقظة.فبمثل هذه المقدم ذكرها تنمو أكثر وتكلل، وتنجح لدى اللـه دائماً ويتباهى جمالها فالموت نفسه لا يستطيع أن يشينها، وإذا خرجت من الجسم تقبلها مبتهجة الملائكة من السماوات ويدخلونَها إلى أبي الأنوار. المجد والجلالة للإله المتعطف وحده. صلاة أتضرع إلى خيريتك أن تشفي كلوم نفسي وتضئ عيني ذهني لأتأمل تدبيرك فيَّ ؛ وإذ قد تسفه ذهني فليطيبه ملح نعمتك، ماذا أقول لك يا ذا العلم السابق، والفاحص القلوب والكلى ؟أنت وحدك تعلم أن نفسي كالأرض الفاقدة الماء، قد عطشت إليك وتاق إليك قلبي لأن الذي يحبك حباً دائماً تشبعه نعمتك.فكما سمعتني دائماً لا تعرض الآن عن وسيلتي فإن ذهني هو مثل أسير لك، وإياك يطلب.أيها المخلص الحق أرسل إذاً نعمتك لكي إذا جاءت تشبع جوعي، وتروى عطشي إليك أشتاق وأعطش يا نور الحق، وآتي بالخلاص أعطيني طلباتي وأقطر في قلبي نقطة واحدة من محبتك لتتقد كاللـهيب في قلبي وتحرق أشواكه وقرطبه، أي الأفكار الخبيثة التي فيه.بما انك إله أعن الإنسان الحقير بسماحة ودعة وكثرة إحسان، لأنك أنت الصالح ابن الإله الصالح.وإن كنت أنا خالفت وأخالف لأنني ترابي وابن ترابي لكن يا من ملأت الجرار من بركتك أرو عطشي، يا من أشبعت الخمسة آلاف من خمسة خبزات أشبع جوعي.أيها العطوف الصالح، يا من قبلت فلسي الأرملة ومدحتها أقبل طلبة عبدك، وامنحني وسيلتي لأصير هيكلاً لنعمتك، وتسكن فيَّ وتكبح ذهني كبحاً كأنه بلجام لكي لا أضل فأخطئ إليك وأخرج من نورك ؛ بل أهلني أن أدعى وارثاً لملكك وأقدم غماراً موعبة خشوعاً واعترافا بشفاعة كافة قديسيك، اسمع ابتهالي يا من لم تزل مباركاً من الكل. آمين. أطلب إليكم أن تستيقظوا في هذا الزمان القصير وتجاهدوا في هذه الساعة الحادية عشرة ؛ فإن المساء قد حان ومعطي الأجرة سيوافي بمجد ليقضي كل واحد نظير أعماله.فأحذروا أن يتوانى أحدكم في تقويم الفضائل فيضيع منحة أجرة المخلص التي لا تحصى ؛ فإن العابد يضاهي حقلاً مزروع لفلاح وهو ينمو بالأمطار وبتخالف النداء، وحامل ثمر السرور.فإذا بلغ إلى أوان الثمر جعل الفلاح في اهتمام أكثر لئلا يفسده برد أو وحوش برية إلى أن يصل إلى حصاد الغلة فينقل الفلاح إلى المخزن ثمر أراضيه فرحاً مسروراً شاكراً للرب.كذلك العابد ما دام في هذا الجسد ينبغي له أن يهتم من أجل الحياة الأبدية، ويتعب في النسك إلى يومه الأخير لئلا يتوانى فيحاضر بلا فهم إلى أمر لا منفعة له فيه بل لكي إذا أكمل سعيه يحمل إلى السماء مثل الفلاح ثمرات أتعابه جاعلاً بذلك للملائكة فرحاً وسروراً.فلا يضجعنَّ أحدكم أو يدهش من التجارب ؛ بل فليعضد القوي الضعيف وليعز النشيط الصغير النفس، ولينهض المستفيق المضبوط بالنوم، وليعظ الثابت في ترتيبه من لا ترتيب له، ولينتهر الممسك من لا تحفظ له ولا ترتيب.وهكذا بالمسيح المخلص يؤازر كلنا بعضنا بعضاً ؛ ونخزي العدو مصارعنا، ونمجد إلهنا، ونسر الملائكة القديسين، وينتفع منفعة عظيمة الذين يبصروننا ويسمعون الأوصاف عنا.لأن عسكر الملائكة القديسين مثل جماعة العباد الذين ذهنهم شاخص إلى اللـه كل حين على حالة واحدة.ومجاوبة الأخ قريبه بمحبة مثل العسل والشهد في الفم.وكمحل الماء البارد للعطشان في وقت الحر محل كلام التعزية عند الأخ في أوان حزنه.وكما أن إعطاء أحد يده للواقع لينهضه ؛ هكذا ينهض لفظ الوعظ وكلام الحق النفس والوانية والسائمة. الزرع الجيد وحسن النمو في أرض سمينة كالأفكار الصالحة في نفس العابد.سد وثيق في بناءٍ كطول الروح في قلبه أوان الترتيل، غرارة ملح على رجل ضعيف كالنوم وهم العالم على العابد.الأشواك وكثرة القرطب في زرع جيد كالأفكار الدنسة في نفسه، من به داء السرطان ويداوى ولا ينال البرء كالحقد في نفس العابد، الدودة التي تنخر الخشبة وتفنيها كالعداوة التي تبتلي قلبه.السوس يقرض الثوب ويفسده والوقيعة تدنس نفسه، المتكبر والمتعظم كشجرة مرتفعة وبَهية ولا ثمر فيها، الحسود المتنافس كثمر بَهي من ظاهره ومتهرئ باطنه، مجاوبته بغضب تزعج ذهن قريبه كما يكدر عيناً صافية من يطرح حجراً فيها.من يقلع وينقل شجرة مثمرة يفسد ثمرها ويزيل ورقها كذلك من يترك موضعه وينتقل إلى مكان آخر، بناء لا أساس له على صخرة كمن لا صبر له على الأحزان.من يتكلم في أوان الترتيل مثل إنسان واقف أمام الملك وهو يخاطبه فيناديه نظيره في العبودية فيترك مخاطبة الملك العجيبة والشريفة ويفاوض نظيره في العبودية. فلنفهم يا إخوتي أننا بين يدي من نحن ماثلون لأنه كما أن الملائكة واقفون برعب كثير يقضون التسبيح للباري ؛ هكذا يجب علينا نحن أن نقف بجهاد في أوان الترتيل، وأن لا تكون أجسامنا واقفه وذهننا يتخيل ويتصور أمور العالم، فلنجمع أفكارنا ليكون لنا فخر عند إلهنا ونصطبر على تجارب عدونا لنشرف.فخر العابد الصبر في الأحزان، فخر العابد طول الأناة مع المحبة، فخر العابد عدم القنية وتواضع الرأي، والبساطة تشرف قدام اللـه والملائكة.فخر العابد السكوت والسهر بتخشع ودموع، فخر العابد أن يحب اللـه من كل قلبه وقريبه كما يحب نفسه، فخر العابد مسك الأطعمة واللسان، وإذا وافقت أقواله أفعاله يقيم في موضعه ولا ينتقل مثل صخرة تصدمها الرياح، ومثل مسمار في أمواج البحر.ويلي يا أحبائي فإني قد صرت مثل منفاخ كور الحداد الذي يمتلئ ويتفرغ ولا يستفيد من الرياح شيئاً لأنني سردت فضائل رعية المسيح ولا أعرف في ذاتي شيئاً منها المجد لعظمته وصلاحه.يا إخوتي إن أقتنص أحدكم بالأفكار النجسة فلا يتوانى ويبذل ذاته لليأس بل فليكن قلبه أمام اللـه وليتنهد بعبرات وليقل: يارب أنْهض وأصغ إلى حكمي يا إلهي وربي انظر إلى طائلتي يارب دني كعدلك لأنني أنا صنعة يديك ؛ فلِمَ أهملتني وأعرضت عني ؛ لِمَ تصد بوجهك عني وتنسى مذلتي لأن العدو قد أضطهد نفسي وأذل في الأرض حياتي وانغمست في حمأة العمق وليس لي قيام فلتدركني نعمتك لئلا أهلك.إن داومت هكذا تستغيث به ؛ للحين يرسل المحب الناس نعمته إلى قلبك ويعزيك من الحزن المؤلم والمتعب.فلا نتوانى إذاً ولا نضجع إذ لنا سيد مثل هذا متحنن يترأف علينا ما دمنا هنا، ويخلصنا ويغفر آثامنا، من لا يتعجب أنه بدموع ساعة قصيرة يخلص وأنه في هذه الساعة الحادية عشرة نفسها يغفر هفوات عددها ربوات، وكذلك يشفي ربوات جراحاتنا.وإذا شفى يعطي أيضاً أجرة الدموع لأن هذا هو المألوف من نعمته أنَها بعد أن تشفي تضاعف الأجرة، فلنحرص أن نبرأ يا إخوتي هنا بترأف وترحم نعمته وهناك ليس كذلك.هناك عدل وانتصار ومجازاة لكل المفعولات، هناك إبراهيم المتحنن ظهر غير متحنن على الغني ولا رحوم ؛ والذي تضرع من أجل أهل سدوم لم يتضرع من أجل خاطئ واحد ليرحم.فلا نربطن ذهننا بالأمور الأرضية لكن فلنحرص أن نصير نظير الآباء القديسين، ولا نخل منا سيرتَهم لئلا نعدم شرفهم ؛ فلنحرص أن نكلل مع التامين فإن لم نبلغ أن يكون حظنا مع التامين فعلى الأقل أن نمدح مع الآخرين.الطوبى لمن يجاهد أن يكلل مع التامين وشقي من لا يمدح مع الآخرين، مغبوط من يؤهل للإكليل ولميراث القديسين وللصوت القائل:” تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم من قبل إنشاء العالم “.يا إخوتي أي اعتذار لنا إن توانينا الرجل العالمي ربما له عذر بأنه مرتبط بالعالم، فنحن ماذا نقول ؟ فأخشى أن يكون الذين يمدحوننا هنا يستهزئون بنا هناك. لا يحل لنا الرقاد واهتمام العالم لئلا تمرمرنا النار الخالدة والدود الذي لا يرقد فلنفيقن قليلاً ونبكي لننجوا من النار الأبدية، آلا تصدقوا قول المخلص أن وروده يكون كالبرق بغتة ؛ فلنرهب من أن يدركنا بغتة ونحن غير مستعدين فتندم نفوسنا على ونيتنا ولا ينفعنا ذلك شيئاً صدقوني يا إخوتي إن الساعة الأخيرة هي ؛ احذروا أن يتم فينا قول النبي: ويل للذين يشتاقون إلى يوم الرب. وأصغوا إلى ذواتكم حذرين أن نوجد مثل ذلك العبد الذي جاء مولاه فوجده متنعماً فجعل حظه مع الكافرين وشطره نصفين، بل فلنطلب بوقاحة ولجاجة لينقظنا من الظلمة وصرير الأسنان ويؤهلنا لملكه. صلاة:- إليك أتضرع أيها المسيح مخلص العالم أنظر إليَّ وارحمني، ونجيني من كثرة مآثمي فإنني قد أنكرت سائر الصالحات التي صنعتها معي منذ حداثتي لأنني كنت أمياً وللفهم عادماً فجعلتني مملوءاً علماً وحكمة وتكاثرت عليَّ نعمتك فأشبعت جوعي وبردت عطشي وأضأت ذهني المظلم وجمعت من الضلال أفكاري. فالآن أسجد وأتضرع إلى تعطفك الذي لا يوصف معترفاً بضعفي سكن عني أمواج نعمتك وأحفظها لي في ذلك اليوم ولا تسخط عليَّ أيها الكلي الصلاح لأني لا أحتمل فيضانَها، قد اجترأت على التهجم بِهداية صورة الآب وشعاع المجد الذي لا يوصف ارحمني منها فإنِها كالنار تلهب كليتي وقلبي ؛ أعطيني إياها هناك وحصلني في ملكك إذا صنعة عندي منزلاً بظهورك مع أب صلاحك المبارك نعم أيها السيد الآتي بالحياة وحدك أعطيني طلبتي وأحجب مآثمي عن معارفي ذاكراً عبراتي التي ذرفتها قدام شُهدائك القديسين لتترأف عليَّ في تلك الساعة الرهيبة واسترني تحت أجنحة نعمتك نعم أيها السيد أوضح فيَّ أنا الخاطئ تعطفك الذي لا ينطق به واجعلني لذلك اللص مشاركاً ؛ الذي صار بكلمة واحدة وارثاً للفردوس ؛ وأدخلني إلى هناك حتى أبصر أين اختفى آدم وأقرب لتعطفك مجداً لأنك استمعت لعبراتي وغفرت كافة آثامي ضع عبراتي قدامك يارب كوعدك ليخز عدوي إذا رآني في صقع الحياة الذي أعددته لي رأفاتك ويظلم خائباً إذا رآني فى الصقع الذي هيأته لي رافاتك من أجل تحننك نعم يا سيدي غير الخاطئ وحدك والمتعطف أسكب عليَّ صلاحك الذي لا يوصف، أعطيني ولكافة الذين يحبونك أن نسجد لمجدك في ملكك، وإذا تنعمنا بجمالك نقول المجد للآب الذي خلقنا، والمجد للابن الذي خلصناوالمجد للروح الكلي قدسه الذي جددنا إلى كافة أبد الدهورآمين مار إفرآم السريانى
المزيد
10 يوليو 2020

مختارات حلو الكلام

+ الذين يشقّون الكنيسة هم أسوء من الشيطان. (ذهبي الفم) + لا قيمة لآراء الناس ما دامت أفعالك تمنحك ضميرًا مُريحًا. + من تركك أثناء انهيارك، لا يحق له العودة بعد ازدهارك. + الحياء أشد جاذبية من الجمال. + الهزيمة للشجعان، فالجبناء لا يخوضون المعارك. + لا يتواضع إلا من كان واثقًا بنفسه، ولا يتكبر إلا من كان عالمًا بنفسه. + الناس نوعان: أحدهما يراك طيبًا فيحبك، والآخر يراك طيبًا فيأكلك. (جورج برناردشو) + سأل أحدهم جلال الدين الرومي: "نراك تقرأ وتكتب كثيرًا، فماذا عرفت؟". فأجاب قائلاً: "عرفت حدودي". + مع كل فجر جديد لا يكون العالم هو نفسه، ولا تكون أنت الشخص نفسه. (كافكا) + أيها الموجوع صبرًا إن بعد الصبر بشرى يا عزيز القلب مهلاً إن بعد العُسر يُسرًا. + هناك قلوب جميلة، تتحدث معها مرة وتتعلق بها إلى الأبد. + زراعة الحب صعبة، لكن حصاد الحب مفرح. + إذا تألمت لألم إنسان فأنت نبيل، أما إذا شاركت في علاجه فأنت عظيم. + جميل أن يكون لديك عقل جميل وقلب جميل، والأهم من ذلك روح جميلة. + الابتسامة أقل تكلفة من الكهرباء ولكنها أكثر إشراقًا. + لا شيء يعود كالسابق، احفظ هذه العبارة جيدًا قبل أن تكسر شيئًا. + أمران يحددان شخصيتك: صبرك حين لا تملك شيئًا، وتصرفاتك حين تملك كل شيء. + القلب يتمنى والعقل يتأنى. + الوطن بحاجة لمخلص وليس مخ لص. + الكلمات قد تكذب لكن التصرفات دائمًا تقول الحقيقة، شكرًا للمواقف التي تظهر لنا حقائق البشر. + السعادة طريقة، لا طريق. + إذا كان الجسد العاري دليل الحضارة فهنيئًا للحيوانات. (مصطفى الرافعي) + لكل شيء جمال ولكن لا يراه الجميع. + متى اتسع نطاق محبتك، اتسع نطاق الجمال في حياتك، لأنك لا تستطيع أن ترى قباحة فيما تحب، ولا جمالاً فيما تكره. (ميخائيل نعيمة) + من يزرع الغش والخداع، يحصد الخيبة والفضيحة. + لن يرحل الحزن ما دُمت تحسن ضيافته. + قد يؤخر الله الجميل ليجعله أجمل. + كيف تخشى الفقر وأنت عبد الغني؟ + في حياة الآخرين كن كحبات السكر، حتى وإن اختفيت تركت طعمًا حلوًا. + ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ. (المتنبي) + حاولو أن يدفنونا، ولم يعلموا أنّا بذور. + الهدوء فن؛ فإذا كنت فنانًا في هدوئك، صرت مبدعًا في كلامك. + حين تشتاق لإنسان بشدة، يصبح العالم كأنه خالٍ من البشر. + مال الوقف يهد السقف (أي سرقة مال الوقف بالكنيسة). + «قَالَ الْكَسْلاَنُ: الأَسَدُ فِي الطَّرِيقِ، الشِّبْلُ فِي الشَّوَارِعِ!» (الأمثال 26: 13) + ازرع عطاء تحصد محبة، وازرع تواضعًا تحصد احترامًا، ازرع أمانة تحصد ثقة، وازرع اجتهادًا تحصد نجاحًا، ازرع إيمانًا تحصد طمأنينة. + حين يسألونك عن أعظم الأعمال الإنسانية؛ فحدثهم عن: جبر الخواطر. + عصفور الكناري من أرق العصافير شكلاً ولونًا وجسدًا، والغريب أنه لا يغني إذا تزوج بل يقدم أعذب أغانيه ما دام عازبًا. + تجمعنا صدف رائعة، وتفرقنا أعذار تافهة، ولا يقدر على الفراق إلا من لديه البديل. (نزار قباني) + سوء الظن: عاصفة تقتل كل جميل خلفها. + إذا ملأت عقلك بصغائر الأمور فلن يبقى فيه مكان لكبارها، فالعقل كالحقل إن لم تتعهده بالنباتات الجيدة نمت فيه الحشائش الضارة. + النقاشات بين المحبين ينهزم فيها الأكثر حبًا، وليس الأضعف حجة. + الخيال هو ليل الحياة الجميل، هو حصننا وملاذنا من قوة النهار الطويل، إن عالم الواقع لا يكفي وحده لحياة البشر، إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة. (توفيق الحكيم) + زوجتك ترى رجولتك في حنانك، وفي شعورها بالأمان والحماية وهي معك، وفي احتوائك لها بالحب وليس بالتخويف أو التهديد. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
09 يوليو 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين إِنْجِيلِ مَرْقُسَ

1- بين مر 10 : 29 و30، 2 كو 6 : 10 ففى الاول ان المخلص وعد تلاميذه بانهم اذا تركوا شيئا فى هذا الزمان لاجله نالوا عوضه مائه ضعف، وفى الثانى انهم كانوا فقراء. فنجيب : ان المسيح لم يقصد بما قال اولا ان يتم قوله حرفيا بمعنى ان من ترك بيتا يعوض عنه بمئه بيت ومن ترك اخا يعوض عنه بمئه اخ بل قصد ان من يقدم ايه تضحيه من اجله يجازيه عنها بما يزيد سعادته مئه ضعف من الخيرات الروحيه. ولا شك فى ان المسيح لم يقصد حصر الجزاء فى البركات الروحيه بل انه قصد البركات الزمنيه ايضا، لان التقوى لها موعد الحياه الحاضره والعتيده. والمسيحيه هى خير من يؤدى الى النجاح فى الحياه بما تكسبه للمؤمن من الصدق والامانه والاستقامه وثقه الجميع فيه. وهى وان كلفت المؤمن شيئا من التضحيات الماديه عوضته بما يزيد عليها. 2- بين مر 13 : 32، يو 16 : 30 ففى الاول ان المسيح قال عن نفسه انه لا يعلم يوم ولا ساعه مجيئه ثانيه، وفى الثانى انه يعلم كل شىء. فنجيب : قال القديس اثناسيوس الرسولى مجاوبا اريوس الهرطوقى ((ان السيد المسيح قال لتلاميذه عن يوم وساعه مجيئه ((لا يعرفها احد ولا الابن)) لئلا يسالوه عن هذا السر الذى لا يجوز لهم ان يطلعوا عليه كما يقول صاحب السرانى لا اعلم هذه المساله اى لا اعلمها علما يباح به، لان بطرس قال له يا رب انت تعلم كل شىء. 3- وبين مر 15 : 25، يو 19 : 14 ففى الاول ان المسيح صلب فى الساعه الثالثه، وفى الثانى فى الساعه السادسه. فنجيب ان اليهود كانوا يقسمون كلا من النهار والليلالى اربع ساعات: الاولى و الثالثه و السادسه و التاسعه وكل منها يشتمل ثلاث ساعات من ساعاتنا فقول مرقس الساعه الثالثه لا يريد به بدايتها بل نهايتها التى هى بدئ الساعه السادسه اذ يظهر من قول مرقس نفسه ان المخلص صلب فى الساعه السادسه بقوله فى عد 33 ((ولما كانت الساعه السادسه كانت ظلمه على الارض كلها الى الساعه التاسعه)). 4- وبين مر 16 : 2، يو 20 : 1 ففى الاول ان النساء اتين الى القبر اذا طلعت الشمس، والثانى انه كان باكرا والظلام باقيا. فنجيب ان يوحنا يذكر ابتداء سفرهن الذى كان باكرا ومرقس يذكر نهايه سفرهن وبلوغهن القبر اللذين تما اذ اشرقت الشمس. وافتكر بعضهم ان يوحنا يقصد ذهاب النساء للقبر اول مره، وان مرقس يقصد ذهابهن ثانى مره. 5- وبين مر 16 : 7 وبين عد 9 – 14 ويو 20 ففى الاول ان المسيح وعد تلاميذه بان يذهبوا الى الجليل ليروه هناك، وفى الثانى انه ظهر لهم باورشليم قبل ذلك دفعات كثيره. فنجيب ان الغرض من رؤيتهم له بالجليل اى رؤيته مده طويله، اما ظهوره اهم باورشليم فكان فى فترات قصيره. 6- وبين مر 16 : 14، 1 كو 15 : 5 فالاول ان المسيح ظهر يوم قيامته لتلاميذه الاحد عشر والثانى قال انه ظهر للاثنى عشر مع ان يهوذا كان قد انتحر قبل ذلك. فنجيب : ان كلام الاول راعى فيه الحاضر فقط والثانى راعى فيه الماضى والمستقبل والثانى راعى فبه الماضى والمستقبل فقبل انتحار يهوذا كان للاثنى عشر لقب تلاميذ المسيح، وبعد انتحاره اى بعد انتخاب متياس صار ذلك الاسم لقبهم ايضا، ولا ريب ان لرسل الاحد عشر اخبرهم متياس بظهوره لهم فاعتبروا الرسول بولس تصديقه لشهادتهم بالايمان كظهور المسيح له بالعيان لان الغايه واحده اى ان يؤمن بابن الله، فالمهم هو الايمان سواء كان بظهور المسيح له او باخبار الرسل اياه عن ظهوره لهم. ومثل هذا ما جاء فى (مت 19 : 28). المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
08 يوليو 2020

مركز الله في الخدمة

ما أكثر الكلام الذي يمكن أن يقال عن الخدمة. ولكن من أهم ما يقال هو مركز الله في الخدمة: الله الذي هو سبب الخدمة، وهو الداعي لها، وهو العامل فيها، وهو غايتها وهدفها نقول ذلك، لأن كثيرًا من الخدام يتحدثون في موضوعات عديدة، ما عدا الله! لا ترى الله في كلماتهم. ولا يدخلون الله في قلبك، ولا يدخلونه في حبك، ولا فكرك ولا في حياتك كلامهم مجرد معلومات، تزيدك معرفة، ولكن ليس في الإلهيات، وليس في الله.. ربما عن الفضائل، عن التاريخ، عن مشاهير الشخصيات، عن العقيدة، عن الطقس، دون أن يبدو الله واضحًا في كل هذا..! وهنا نود أن نبدي بضعه ملاحظات منها:- 1- إن الخدمة هي تواضع من الله فالله يستطيع بلا شك أن يعمل العمل كله وحده. يستطيع أن يحول كل العالم إلى قديسين. يستطيع أن يدبر كل أمور الخدمة بدونك وبدوني، وبغير احتياج إلى أحد. يمكنه بروحه القدوس أن يغير القلوب، وأن يقود الخاطئ إلى التوبة.. ولكنه من تواضعه، أراد أن يشركنا معه في عمله. أدخلنا في شركة الروح القدس، لكي يعمل بنا، ويعمل معنا، ويعمل فينا، ويعطينا نصيبًا معه في الخدمة، نسير فيها مع روح الرب، هو يعمل كل شيء، وينسبه إلينا..! هل بعد هذا ننسى الله في الخدمة؟ أهذا يليق؟! بل أعجب من هذا أن إنسانًا يتخذ الخدمة ليبني نفسه! ينحرف بالخدمة، فتحل الذات محل الله! يريد أن يبني بها مركزًا له.وشهرة وسمعة وسلطة! ويكون له مذهبًا فكريًا، ومجموعة خاصة.. وربما بهذا تدخل الخدمة في نزاعات وانقسامات. ويوجد بولس وأبلوس. وتقف الذات في محيط الخدمة ليقول (الخادم): ما مركزي في الخدمة؟ وما حقوقي وكرامتي؟.. وهكذا يدور الجهد كله حول الذات، ويختفي اسم الله..! بينما الله هو الأصل.. 2- الله هو الذي يدعو إلى الخدمة لقد قال السيد المسيحلتلاميذه "لستم أنتم اخترتموني. بل أنا اخترتكم، وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر" (يو16:15). وهؤلاء "الذين سبق فعرفهم، سبق فعينهم" (رو29:8). إن الله هو الذي يدعو، وهو الذي يختار. وهو الذي يعين، "ولا يأخذ أحد هذه الكرامة بنفسه، بل المدعو من الله كماهارون" (عب4:5). سواء من جهة الكهنوتأو باقي الخدام، من جهة الاثني عشر، كما من جهة السبعين (لو1:10)، أو غير هؤلاء وأولئك. إنه يقول للآب "كما أرسلتني إلى العالم. أرسلتهم أنا إلى العالم" (يو18:17). إذن الخدمة إرسالية، يرسلها الله، ويختار لها، يشاء. هي عمله، والكرم هو كرمه، وهو يقيم فيه من يشاء من الوكلاء، يعملون في الكرم تحت إشرافه.. كيف إذن نعمل في الخدمة. دون أن يكون الله هو الأساس في كل شيء؟! إنه ليس فقط الذي يدعو ويختار ويرسل. وإنما أيضًا:الله هو المتكلم في الخدمة. 3- الله هو المتكلم في الخدمة لا يجوز في الخدمة أن يتكلم أحد من ذاته. حتى بلعام نسمعه يقول: "الكلام الذي يضعه الله في فمي، به أتكلم" (عد38:22). إذن الخادم هو شخص يتكلم بما يضعه الله في فمه. هو مجرد شخص يأخذ من الله، لكي يوصل للناس. وما عليه إلا أن يكون موصلًا جيدًا لكلمة الله. إنه شخص ناطق بالإلهيات.. إننا نقرأ كثيرًا في سفر اللاويين هذه العبارة: وكلم الرب موسى قائلًا: كلم بني إسرائيل قول لهم: (لا1:1، 2)، (لا1:4، 2)، (لا29:28)، (لا1:11، 2). وهكذا كان موسى يأخذ من فم الله، ويكلم الناس، موسى ما كان يعرف أن يتكلم. وقد سبق أن قال للرب "لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس، ولا من حين كلمت عبدك، بل أنا ثقيل الفم واللسان". فأجابه الله "أنا أكون مع فمك. وأعلمك ما تتكلم به" (خر10:4، 12). هوذا ربنا يسوع المسيح يقول لتلاميذه قولًا معزيًا: "لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت20:10). ما أجمل هذا، إن الإنسان لا يتكلم من ذاته، إنما يوصل كلمة الله للناس، وليس فكره الخاص، ولا مفهومه الخاص، وإنما فكرالمسيح (1كو15:2). بل هوذا بولس الرسولنفسه بكل مواهبه يطلب من أهل أفسس أن يصلوا بكل صلاة وطلبة في كل وقت من أجله.. وتسأله لماذا؟ فيقول: "لكي يعطي لي كلام عند افتتاح فمي" (أف19:6). إنه يطلب أن يعطيه الله الكلام الذي يقوله. أليس هذا درسًا لنا نتعلمه من هذا القديس العظيم، أعظم كارزي المسيحية؟! فهل أنت تصلي من أجل هذا أيضًا، لكي يعطيك الله كلمة عند افتتاح فمك غير معتمد على ذكائك ومعلوماتك وخبرتك..؟! فالله هو "المعطي كلمة للمبشرين بعظم قوة" (مز11:68). فإن كنت لم تأخذ من الله، فمن الخطورة أن تتكلم. نعم من الخطورة أن تملأ أذهان الناس بكلام بشرى، أو كما يقول الرسول "بكلام الحكمة الإنسانية المقنع" (1كو4:2)، وليس بكلام الله. اسكب نفسك إذن أمام الله قبل الخدمة، لكي يعطيك الكلمة المناسبة النافعة للناس. الله إذن هو الذي يدعو ويرسل وهو الذي يعطي الكلمة. وماذا يعطي أيضًا؟ قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي
المزيد
07 يوليو 2020

القوة الروحية فى حياة الخادم

الخادم الروحى لابد أن يكون قويا روحيا، حيث يستمد قوته الروحية من الله مباشرة، هو إنسان قوى، لأنه صورة الله ومثاله (تك 1: 27)، والله قوى. وهو كابن لله، من المفروض أن يكون قويا في الروح.. والإنسان الروحي هو هيكل للروح القدس (1كو 6: 19). والروح القدس ساكن فيه (1كو 3: 16). وهكذا ينال قوة من الروح الذي يعمل فيه بقوة.. ويتحقق فيه وعد السيد المسيح الذي قال: “ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم” (أع 1: 8).وقد قال عنها إنها قوة من الأعالي” (لو 24: 49). وظهرت هذه القوة في كرازة الآباء الرسل. وهكذا ورد في سفر أعمال الرسل “وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت على جميعهم” (أع 4: 33). فما هى مظاهر هذه القوة، وماهى مظاهرها فى حياة الخادم.لاشك أن مصدر القوة الروحية، هو الله نفسه ولذلك يقول المرتل في المزمور “أحبك يا الله يا قوتى” (مز 18: 1) ويقول “قوتى وتسبحتى هو الرب” (مز 118: 14). ويقول أيضًا “الله ملجأ لنا وقوة (مز 46: 1). وكما يقول القديس بطرس الرسول عن القوة في الخدمة “إن كان أحد يخدم، فكأنه من قوة يمنحها الله، لكي يتمجد الله في كل شئ” (1بط 4: 11). ويترنم داود بقوة الله العاملة فيه فيقول “الله الذي يمنطقنى بالقوة.. الذي يعلم يدى القتال” (مز 18: 32، 34).لذلك فإن كل قوة، ليس الله مصدرها، هي قوة باطلة، ومصيرها إلى الزوال.كقوة فرعون مثلا، وكقوة الشيطان.. وقوة آخاب الذي قتل نابوت اليزرعيلى.. وقوة مشورة أخيتوفل..! ومثل قوة جليات.. وكل الأقوياء بدهائهم أو بكبريائهم. أما الإنسان الروحي ففوته من الله العامل فيه. وعن هذا يقول القديس بولس الرسول: الأمر الذي لأجله أتعب أنا أيضًا مجاهدًا، بحسب عمله الذي يعمل في بقوة” (كو 1: 29) “بحسب القوة التي تعمل فينا” (أف 3: 20).. إنها قوة الروح القدس. الصلاة :- مادامت القوة من الله، فنحن نطلبها بالصلاة، وننالها بالإيمان ونعمة الله.الإنسان الروحي يقف أمام الله ضعيفا، يلتمس منه القوة يصلى قائلا “أعطنى يا الله قوتك”، “فأنا بدونك لا أستطيع شيئًا” (يو 15: 5). وبالصلاة يمنحه الله قوة مثل آخر صلاة صلاها شمشون، واستجاب الرب له (قض 16: 28، 30).والإيمان يمنح الخادم قوة، لأن كل شيء مستطاع للمؤمن (مر 9: 23).حتى إن أدركه ضعف في وقت ما، فإن الإيمان يعيد غليه قوته. ألم يقل الرب “لو كان لكم إيمان مثل حبه خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل” (مت 17: 20).. وإن شعر الإنسان الروحي أن إيمانه قد ضعف، يصرخ إلى الرب قائلا أؤمن يا رب: فأعن ضعف إيمانى.. (مر9: 24). وهكذا نجد أن الإيمان والصلاة يعملان معا في جلب القوة للإنسان. وبالصلاة يصارع الله مع الإنسان، ولا يتركه حتى ينال منه القوة. يصلى وهو مؤمن أن القوة ستأتيه.. عمل الروح القدس :- الخادم ينال القوة بعمل الروح القدس فيه وهكذا فإن الذي يشترك مع الروح القدس في العمل، لابد أن يكون قويا.. فإن وجدت نفسك ضعيفا في وقت ما، راجع شركتك مع الروح القدس.. إن سبب فقد شمشون لقوته، هو أن روح الرب فارقه (قض 16: 20). تمسك إذن إلى أبعد حد بعمل الروح فيك. وهيئ نفسك بالنقاوة والقداسة، حتى يكون هيكلك مستحقًا لسكنى روح الله فيك.. فتستمر قويا. كلمة الله الخادم يحتفظ بقوته الروحية بثبات كلمة الله فيه طالما تضع وصية الله أمامك، وتحب كلمة الله وتخبئها في قلبك، وترددها بلسانك، ستجد أن كلمة الله ستمنحك قوة، تمنحك استحياء من الخطية، لأن “كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين” (عب 4: 12)، وما أجمل قول القديس يوحنا الرسول للشباب “كتبت إليكم أيها الأحداث، لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم، وقد غلبتم الشرير” (1يو 2: 14). الإتضاع:- لأن “الرب يقاوم المستكبرين، أما المتواضعون فيمنحهم نعمة” (يع 4: 6). المتكبر يطن أنه بقوته البشرية سينتصر، فيعتمد على قوته فيفشل. أما المتواضع، فإن يشعر بضعفه، يعتمد على قوة الله، فيمنحه الله هذه القوة “ليكون فخر القوة لله، لا منا” (2كو 4: 7) أنظروا كيف قال الشياطين للقديس مقاريوس الكبير “بتواضعك وحده تغلبنا”. وكيف قال القديس الأنبا أنطونيوس: أبصرت فخاخ الشيطان مبسوطة على الأرض كلها. فقلت يا رب من يفلت منها؟ فقال: المتواضعون يفلتون منهاإن المتواضعين الذين يقفون أمام الله كضعفاء، هم الذين قال عنهم الوحى الإلهي “اختار الله ضعفاء العالم، ليخزى بهم الأقوياء” (1كو1: 27) “لكى لا يفتخر كل ذى جسد أمامه”.. المتواضع لا يخاف، لأن الله معه. ولكن متى يخاف الإنسان بحق؟ يخاف عندما يتعجرف قلبه، ويظن أنه قوى، وأنه قد ارتفع إلى السماء، وجلس على عرش الله، وأصبح الشيطان تحت قدميه. انظروا إلى قول القديس العظيم بولس الرسول “لأني حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوى” (2كو 12: 10). نقاوة القلب :- فالقلب النقى هو حصن لا ينال، ومنه مخارج الحياة” (أم 4: 23). والقلب النقي هو الذي ارتفع عن شهوات العالم. وفى هذا المجال، ما أجمل قول القديس أوغسطينوس “جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أنى لا اشتهى شيئا ولا أخاف شيئا”.. حقا إن القلب الزاهد هو قلب قوى، لا توجد شهوة تغلبه، ولا يوجد شيء يخيفه. الزهد وعدم الخوف:- تعرض الشهداء لكل الإغراءات والتهديدات، ولكل ألوان التعذيب، وبقوا صامدين في قوة عجيبة، لأنه لم تكن هناك أية شهوة في قلوبهم تستجيب للإغراءات، ولا أي خوف تزعجه التهديدات، ولم يكن فيهم خوف الموت أيضًا. فاحتفظوا بقوتهم أمام كل الملوك والولاة والقضاة. كانوا أقوى من مضطهديهم. كذلك الرهبان، لأنهم تجردوا من الشهوات، أمكنهم أن ينتصروا على العالم، وكانوا أقوياء في احتمال الوحدة وسكنى الجبال والبرارى، بل وسكنى المقابر أيضًا وكانوا أقوياء في حروب الشياطين. كانوا أقوياء أيضًا في تأثيرهم الروحي على الآخرين. أمراء صاروا رهبانا، لأنهم كانوا أقوى من شهوة الملك. القديس الأنبا أنطونيوس حاول الشياطين أن يخيفوه بكل المناظر المفزعة، ولكنه كان أقوى منهم. وأمكنه أن يغلبهم باتضاعه وبإيمانه. والقديس مقاريوس لم يخف، حينما بات في مقبرة وقد أسند رأسه على جمجمة، وتحدث الشياطين معها. ولكن قلبه كان قويا بالإيمان لا يخاف. عزيزى الخادم المبارك تحدثنا فى النقطة السابقة عن مصادر القوة الروحية فى حياة الخادم ، و ولكن ماذا عن المظاهر الروحية للقوة فى حياة الخدام؟ المظاهر الروحية للقوة فى حياة الخدام؟ 1 – قوة الحب والبذل:- تحدث سفر النشيد عن قوة الحب فقال “المحبة قوية كالموت.. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها” (نش 8: 6، 7). وقال القديس بولس الرسول “المحبة لا تسقط أبدًا” (1كو 13: 8).هذه هي المحبة الحقيقية، التي ليست بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق (1يو 3: 18). ولعل من أعمقها محبة الأم لرضيعها، ومحبة داود ليوناثان (2صم 1: 26). بل محبته لابنه أبشالوم الذي خانة، وكيف بكى عليه بمرارة لما سمع بموته (2صم 18: 33).وتظهر قوة المحبة في البذل. وأقوى بذل هو بذل الذات.ظهر هذا الأمر واضحا في سيرة الشهداء، وكيف بذلوا كل شيء حتى الحياة، من أجل محبتهم لله. وكذلك ظهرت قوة هذه المحبة في حياة الآباء الرهبان والسواح، الذين تركوا العالم وكل ما فيه. “وسكنوا الجبال والبراري من أجل عظم محبتهم للملك المسيح”. كذلك محبة الآباء الرسل الذين من أجل محبتهم للرب وملكوته، احتملوا الجلد والسجن والرجم والتشريد والموت أيضًا.. وقالوا للرب أيضًا “تركنا كل شيء وتبعناك” (مت 19: 27). وفي ذلك يقول بولس الرسول أيضًا “خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح” (فى 3: 8).وقوة المحبة تظهر إن كانت من كل القلب.وفى ذلك قال الكتاب “تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك”. (تث 6: 5) (مت 22: 37). وعبارة “كل “تعنى أنه لا توجد محبة أخرى تنافس محبة الله في قلبك. وفي ذلك قال السيد الرب “من أحب أبًا أو أمًا أكثر منى فلا يستحقنى. ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر منى فلا يستحقنى” (مت 10: 37). بل من أحب حياته أكثر من الرب، لا يستحقه. وفي ذلك قال “من وجد حياته يضيعها. ومن أضاع حياته لأجلى يجدها” (مت 10: 39). المحبة تقود إلى البذل، وقوة البذل لها أسباب. يوجد بذل سببه الحب كما قيل “هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد” (يو 3: 16). وكما بذل الشهداء لأجل محبتهم للرب. وهناك قوة في البذل سببها الطاعة، كما رفع أبونا ابراهيم السكين ليبذل ابنه وحيده ذبيحة للرب. توجد قوة في البذل سببها الزهد، كآبائنا الرهبان. 2- قوة الإيمان:- قوة الإيمان تظهر في أنه يصدق كل شيء. يؤمن أن الرب يمكن أن يشق طريقا في البحر، وأن يفجر من الصخرة ماء، وأن يصنع المعجزات والعجائب.. الإيمان الذي جعل بطرس يمشى على الماء (مت 14: 29). الإيمان بأن الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون (خر 14: 14).. الإيمان الذي يجعلك تقدم الحياة لأجل الرب، وتقدم عشورك وأنت تدفع من أعوازك.. الإيمان الذي يقول “إن سرت في وداى ظل الموت، لا أخاف شرأ لأنك أنت معى” (مز 23).. الإيمان بأن كل لأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الرب” (رو 8: 28).. الإيمان القوى بالأبدية الذي يجعل الإنسان يستعد لها بكل قوته. 3- النصرة على المحاربات الروحية :- كما ظهرت قوة يوسف الصديق في انتصاره العجيب على اغراءات زوجة فوطيفار (تك 39: 9) قوله في حزم عملى “كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟!”الإنسان الروحي لا تظهر قوته في انتصاره على غيره، إنما في انتصاره على الخطية، مهما كانت الحروب شديدة، سواء من الشيطان، أو من الناس الأشرار، أو من أخوة كذبة (2كو 11: 26) أما الذي يضعف ويسقط فينطبق عليه قول الكتاب “وزنت بالموازين، فوجدت ناقصًا” (دا 5: 27). 4 – الخادم القوى إذا أخطأ، له القوة على الاعتراف بخطئه:- القوة فى حياة الخادم تظهر أيضا في انتصاره على المحاربات الروحية وعلى الإغراءات. كثيرون يجدون صعوبة بالغة في الاعتراف بأخطائهم.. أما القديس أو غسطينوس، فقد نشر اعترافاته في كتاب قرأه كل أهل جيله. وما تلته من أجيال.. والإنسان الروحي ايضًا، إذا أحس أنه آساء إلى أحد، تكون له القوة على الاعتذار إليه والاعتراف بإساءته، دون محاولة للتبرير أو المجادلة.. وإذا أحس أن رأيه مخطئ، يكون قادرا بسهولة أن يتنازل عن راية، بغير عناد كما يفعل البعض. 5 – القوة في ضبط النفس:- الإنسان الروحي قوى من الداخل. يستطيع أن يضبط نفسه، كما قال الكتاب “مالك نفسه خير ممن يملك مدينة” (أم 16: 22). فهو يضبط أفكاره فلا تسرح فيما لا يليق، متبعا قول الرسول “مستأثرين كل فكر إلى طاعة المسيح” (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 10: 5). يضبط أيضًا حواسه، فلا يخطئ بالنظر ولا بالسمع ولا باللمس. كذلك يضبط مشاعر قلبه وعواطفه. ويضبط لسانه أيضًا، فلا تخرج من فمه كلمة خاطئة، ولا كلمة زائدة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وفي ذلك قال القديس يعقوب الرسول “إن كان أحد لا يعثر في الكلام، فذاك رجل كامل قادر أن يلجم كل الجسد أيضًا” (يع 3: 2) هنا القوة الداخلية في ضبط النفس، وضبط الفكر والحواس والمشاعر، وضبط اللسان ايضًا. 6- الإنسان الروحي يضبط أيضًا غرائزه وانفعالاته، ويرفع فوق مستوى الإثارة:- الإثارة الخارجية لا تثيره من الداخل، بل يكون أقوى منها. لا ينفعل مثلا إذا تعرض لإساءة ما، ولا يقاوم الشر بالشر (رو 12: 17). ولا يرد على الكلمة الخاطئة بمثلها. لا يغلبه الشر، بل يغلب الشر بالخير (رو 12: 21). ويستطيع أن يسيطر على الغضب. ويكون قويا في أعصابه، لا تفلت منه. 7- قوة الشخصية والتأثير:- الخادم إنسان قوى في عقله، فهمه، في قدرته على الاستيعاب وعلى الاستنتاج، قوى في ذاكرته، في سرعة بديهته، في حكمته وحسن تصرفه. هو أيضًا قوى الإرادة، قوى العزيمة، قوى في حكمة تصرفه، حسن إراداته للأمور. وقوى أيضًا في أنه لا يهتز أمام أي تهديد أو تخويف. ينطبق عليه قول الكتاب “من أنت أيها الجبل العظيم؟! أمام زربابل تصير سهلا” (زك 4: 7).تظهر قوته أيضًا في كل عمل يعمله، وكل مسئولية يحملها.هو إنسان قادر على تحمل المسئوليات، مهما بدت كبيرة أو خطيرة، ويقوم بعمله بكل جدية، وبكل أمانة ودقة والتزام، ويأتى بالنتائج المرجوة في انجاز سليم. وهو أيضًا حازم، ولا يتردد. ومهما حدثت من عوائق، ولا يلق ولا يضطرب ولا يخاف.. بل يقف كالجبل الراسخ، واثقًا بأن كل مشكلة لها حل. وواثقا بالله يعمل معه ويعمل به له تأثير المجتمع الذي يعيش فيه، ربما يمتد إلى أجيال إن الروحيين الأقوياء لا يتأثرون باخطاء البيئة التي يعيشون فيها “ولا يشاكلون أهل هذا الدهر” (رو 12: 2). بل لهم القدرة التأثير في المجتمع، في فكره. واتجاهه وروحياته، كما فعل الآباء الأول، حتى ليقال: عصر أثناسيوس، عصر أنطونيوس.. يؤثرون بقدوتهم، أو بكتاباتهم التي يمتد تأثيرها إلى أجيال وأجيال.. ننتقل إلى نقطة أخرى وهى: 8- القوة في الكلمة والخدمة:- الخادم الروحي الحقيقى، كل كلمة تخرج منى فمه تكون قوية وفعالة، ولا ترجع فارغة، بل تعمل عمل الرب (أش 55: 11). كلماته قوية في تأثيرها على الآخرين، وخدمته ملتهبة ومثمرة. بولس الرسول، وهو أسير في سلاسل أمام فيلكس الوالى، حينما تحدث عن البر والدينونة والتعفف، ارتعب فيلكس (أع 24: 25). ولما تحدث أمام أغريباس “بقليل تقنعنى أن أصير مسيحيا” (أع 26: 28). ويعوزنا الوقت أن تحدثنا عن خدمة القديس بولس فو قوتها وانتشارها. وكذلك قوة الخدمة في ايام الآباء الرسل.. في قوة خدمة الآباء، وقفت المسيحية العزلاء أمام الإمبراطورية الرومانية بكل سلطتها وقسوتها. وأمام اليهود بكل دسائسهم ومؤامرتهم. ووقفت أمام فلسفات العصر. وبعظة واحدة من القديس بطرس إنضم إلى الإيمان ثلاثة آلاف، نالوا نعمة العماد في نفس اليوم (أع 2: 41). وإنها قوة الروح القدس العاملة في الكلمة.وبقوة (كو1: 29). إنه قوى في شهادته للرب، يقول مع داود النبي “تكلمت بشهاداتك قدام الملوك ولم أخز” (مز 119). 9- يختفى ليظهر المسيح :- ذهبا اثنين لاصطياد سمك من احدى الترع وكان احدهما ولد صغير والاخر رجل كبير,اصطاد الولد الصغير سمكا كثيرا واما الرجل فلم يصطاد شيئا !فذهب الرجل الى الولد ليسأله عن سبب ذلك رغما من استعدادات الرجل من حيث طعم السمك والسنارة وغيرها ..واكثر من ذلك ان تيار المياه كان يمر على الرجل قبل وصوله للفتى فقال له الولد : (( انك تصطاد وانت واقف على شاطىء الترعه فتلقى بظلك على المياة فيراك السمك ويهرب منك اما انا فمختبأ وراء الحشائش فلا يرانى السمك فأصطاد سمكا كثيرا)) صديقى الخادم هل علمت السر وراء الصيد الوفير؟لابد من صياد الناس ان يختفى ويظهر المسيح لكى يحصل على الصيد الوفير من اجل هذا قال المسيح له كل المجد لبطرس : من الان تكون تصطاد الناس ((لو5:10))ولقد استطاع بطرس ان يصطاد بشبكه واحدة (عظة) ثلاثه آلاف نفس من الناس لانه اختفى ليظهر المسيح.ليكن فى قلبك وفكرك دائما أن تختفى أنت ليظهر المسيح مهما كانت قوتك ومهاراتك وأمكانياتك فلتكن أنت حضرة شفافة يظهر المسيح دائما من خلالها ويجتذب هو بقوته الإلهية كل نفس اليه له المجد الدائم نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
06 يوليو 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (5)التواضع

الحاجة الى التواضع .. + التواضع هو الأساس الذى نبنى عليه برج الفضيلة العالى لحياتنا الروحية وهو الذى يحفظ البناء ثابتا لا يتزعزع . وكلما تعمق الأساس كلما اذداد البناء صلابة ورسوخ وكلما يضع الإنسان نفسه كلما ارتفع برج فضائله إلى فوق. ان الشجرة المحملة بالثمار تنحنى الى أسفل والانسان المثمر يحيا متواضعا وديعا أمام الله والناس .كما ان الله الوديع المتواضع يسكن قلوب المتواضعين { لانه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الابد القدوس اسمه في الموضع المرتفع المقدس اسكن ومع المنسحق والمتواضع الروح لاحيي روح المتواضعين ولاحيي قلب المنسحقين (اش 57 : 15). وهو يريدنا ان نسلك امامه بتواضع وتقوى ومعرفة منا بضعفنا وجهلنا { قد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك }(مي 6 : 8). لهذا نري السيد المسيح يمتدح تواضع العشار ويعلن قبوله له دون الفريسى المتكبر { وقال لقوم واثقين بانفسهم انهم ابرار ويحتقرون الاخرين هذاالمثل. انسانان صعدا الى الهيكل ليصليا واحد فريسي والاخرعشار.اما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم انا اشكرك اني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. اصوم مرتين في الاسبوع واعشر كل ما اقتنيه. واما العشار فوقف من بعيد لا يشاء ان يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلا اللهم ارحمني انا الخاطئ.اقول لكم ان هذا نزل الى بيته مبررا دون ذاك لان كل من يرفع نفسه يتضع و من يضع نفسه يرتفع} لو9:18-14.فان اردت ان تنال التبرير والمغفرة لا تستكبر بل تواضع امام الرب الهك وامام الناس فتنال نعمة ورحمة وتجد عونا فى حينه فان الله ينظر ويستجيب لصلاة المتواضعين. + ان كبرياء الشيطان هي سبب سقوطه من رتبته الملائكية . حينما أراد الشيطان أن يصير مثل الله كما هو مكتوب عنه { وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السماوات أرفع كرسيّ فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب. أصير مثل العليّ} (أش14: 13-14). حينما ارتفع قلب الشيطان بالكبرياء سقط من رتبته. وهكذا أيضاً آدم وحواء حينما أرادا أن يصيرا مثل الله طُردا من الفردوس..قال الشيطان لحواء {لن تموتا}(تك3: 4) إذا أكلتما من الشجرة إنما {تكونان كالله عارفين الخير والشر} (تك3: 5). فلما ارتفع قلباهما وأرادا أن يصيرا مثل الله سقطا. هكذا {يقاوم الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة}(يع4: 6). لقد نظر الله لتواضع القديسة مريم العذراء واختارها ليولد منها القدوس{ فاجاب الملاك و قال لها الروح القدس يحل عليك و قوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} لو35:1. لذلك نراها تسبح الرب فى تواضع قلب { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. و تبتهج روحي بالله مخلصي. لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني.لان القدير صنع بي عظائم و اسمه قدوس.ورحمته الى جيل الاجيال للذين يتقونه. صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم.انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. اشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين} لو46:1-53.{ الكبرياء ممقوتة عند الرب والناس شانها ارتكاب الاثم امام الفريقين (سيراخ 10 : 7). من اجل هذا قال القوى الانبا موسى ان الكبرياء اصل كل الشرور ومن يعتقد فى نفسه انه بلا عيب فقد حوى فى ذاته سائر العيوب. + التواضع هو الاعتراف بالخطأ والضعف والجهل وطلب الحكمة والقوة والمعرفة من الله لا من اجل ان نفتخر بها ولكن لكى ننتصر فى حروبنا ضد الشيطان والخطية ولكى نسلك بامانه امام الرب الهنا ، التواضع مناقض للكبرياء والعجب وحب الظهور والخيلاء . إن الإنسان المعتدل البعيد عن الادّعاءات الكاذبة، لا يتكل على حكمه الذاتي{ فاني اقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم ان لا يرتئي فوق ما ينبغي ان يرتئي بل يرتئي الى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الايمان} رو 3:12 التواضع هو الاحساس بالخطايا أمام الله القدير القدوس وطلب المغفرة فى احساس بعد الاستحقاق ، والاعتراف بأن ما لدينا من نعم ومواهب ووزنات قد حصلنا عليه من الله ، ومهما فعلنا من بر نشعر بصدق اننا عبيد { كذلك انتم ايضا متى فعلتم كل ما امرتم به فقولوا اننا عبيد بطالون لاننا انما عملنا ما كان يجب علينا} (لو 17 : 10) . ان اشعيا النبى عندما راي الله القدوس وملائكته تسبح قداسته لم يتمالك الا ويعترف بانه انسان خاطئ نجس فاستحق باعترافه ان ينال المغفرة { في سنة وفاة عزيا الملك رايت السيد جالسا على كرسي عال و مرتفع و اذياله تملا الهيكل.السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة اجنحة باثنين يغطي وجهه و باثنين يغطي رجليه و باثنين يطير.و هذا نادى ذاك و قال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الارض.فاهتزت اساسات العتب من صوت الصارخ و امتلا البيت دخانا.فقلت ويل لي اني هلكت لاني انسان نجس الشفتين و انا ساكن بين شعب نجس الشفتين لان عيني قد راتا الملك رب الجنود.فطار الي واحد من السرافيم و بيده جمرة قد اخذها بملقط من على المذبح. ومس بها فمي وقال ان هذه قد مست شفتيك فانتزع اثمك وكفرعن خطيتك} اش 1:6-7.اما شعب سدوم وعمورة ففى خطية وكبرياء قلوبهم فقد نالوا غضب الله المعلن من السماء بالنار والكبريت { هذا كان اثم اختك سدوم الكبرياء والشبع من الخبز وسلام الاطمئنان كان لها ولبناتها ولم تشدد يد الفقير و المسكين} (حز 16 : 49). لقد سئل سقراط مره لماذا ينادونك بالحكيم فقال لربما لانى اعرف انى لا اعرف. ونحن مهما بلغنا من معرفة وعلم وحكمة ، فنحن جهال وفى اشياء كثيرة نعثر جميعنا وحياتنا كبخار ماء يظهر قليلاً ثم يضمحل فلماذا الكبرياء والخيلاء! . السيد المسيح قدوة ومثال ... + ان السيد المسيح وهو الله الظاهر فى الجسد عندما جاء الى ارضنا متجسدا اخلى ذاته من المجد وتواضع وولد فى مذود للبقر وعاش وديعا متواضعا ودعانا ان نتعلم منه لنجد راحة ونعمة { احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم} (مت 11 : 29). وقال مرة { فقال له يسوع للثعالب اوجرة ولطيور السماء اوكار واما ابن الانسان فليس له اين يسند راسه }(لو 9 : 58). نعم تواضع ليرفعنا وجاع ليشبعنا وعطش ليروينا وصعد على الصليب عريانا ليكسونا بثوب بره ولكى يقدم لتلاميذه ولنا مثالا عملياً فى التواضع رايناه يقوم بعمل العبد فى غسل ارجل تلاميذه {فلما كان قد غسل ارجلهم و اخذ ثيابه واتكا ايضا قال لهم اتفهمون ما قد صنعت بكم.انتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لاني انا كذلك.فان كنت وانا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض.لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا.الحق الحق اقول لكم انه ليس عبد اعظم من سيده ولا رسول اعظم من مرسله.ان علمتم هذا فطوباكم ان عملتموه} يو 12:13-17. + لقد تكبر نبوخذ نصر قديما ولم يتضع حتى عندما حذره دانيال النبى { لذلك ايها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك و فارق خطاياك بالبر واثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك} دا27:4 . لذلك جاء عليه العقاب الإلهي{ كل هذا جاء على نبوخذنصر الملك. عند نهاية اثني عشر شهرا كان يتمشى على قصر مملكة بابل.واجاب الملك فقال اليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها لبيت الملك بقوة اقتداري ولجلال مجدي.والكلمة بعد في فم الملك وقع صوت من السماء قائلا لك يقولون يا نبوخذنصر الملك ان الملك قد زال عنك.ويطردونك من بين الناس و تكون سكناك مع حيوان البر ويطعمونك العشب كالثيران فتمضي عليك سبعة ازمنة حتى تعلم ان العلي متسلط في مملكة الناس و انه يعطيها من يشاء} دا28:4-32. وهكذا نرى كيف تقود الكبرياء الى سقوط الرؤساء والقادة من حولنا ونتذكر كلام مسيحنا القدوس المتواضع لنتعلم منه التواضع والوداعة { فدعاهم يسوع وقال انتم تعلمون ان رؤساء الامم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما .ومن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا. كما ان ابن الانسان لم يات ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مت 25:20-28. + راينا كيف بارك يسوع الأطفال، ويقدمهم لنا كقدوة { في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو اعظم في ملكوت السماوات.فدعا يسوع اليه ولدا و اقامه في وسطهم. وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السماوات. (مت1:18-4). فهل نحيا فى تواضع الاطفال وبساطتهم وبرائتهم ام نتكبر وتبتعد عنا نعمة الله ونسقط . + لقد طوب السيد الرب المساكين بالروح واعدا اياهم بملكوت السموات { طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات}مت3:5.ما هي المسكنة بالروح إلا حياة التواضع، خلالها يدرك الإنسان أنه بدون الله يكون كلا شيء، فينفتح قلبه بانسحاق لينعم ببركاته. فإن كانت خطيّة آدم الأولى هي استغناءه عن إرادة الله بتحقيق إرادته الذاتيّة، لذلك جاء كلمة الله الغني بحق مفتقرًا من أجلنا، ليس بالإخلاء عن أمجاده فحسب، وإنما بإخلائه أيضًا عن إرادته التي هي واحدة مع إرادة أبيه. كنائبٍ عنّا افتقر ليتقبّل غنى إرادة أبيه الصالح، قائلاً: {لتكن لا إرادتي بل إرادتك}. لذلك يدعونا القديس بولس الرسول الى التعلم من معلم التواضع والفضيلة { فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضا.الذي اذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله. لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس. واذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله ايضا واعطاه اسما فوق كل اسم. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الارض ومن تحت الارض. ويعترف كل لسان ان يسوع المسيح هو رب لمجد الله الاب} في 5:2-11 + استطاع السيد المسيح بأسلوب بسيط أن يعبِّر عن حقائق في منتهى العمق. فكان يكلم الناس بامثال بسطية يفهمها كل إنسان، وعميقه يتعجب منها الفهماء والحكماء . فيقول فى إنجيل معلمنا لوقا البشير {متى دُعيت من أحد إلى عرس فلا تتكئ فى المتكأ الأول لعل أكرم منك يكون قد دعي منه. فيأتي الذي دعاك وإياه ويقول لك أعط مكاناً لهذا. فحينئذ تبتدئ بخجل تأخذ الموضع الأخير. بل متى دعيت فاذهب واتكئ في الموضع الأخير حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك يا صديق ارتفع إلى فوق. حينئذ يكون لك مجد أمام المتكئين معك. لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع} (لو14: 8-11).المثل بسيط يمكن لاي إنسان أن يفهمه، وهو أسلوب عملي في تعليم الاتضاع. لابد أنك مررت او شاهدت مواقف شبيه به فى حياتك اليومية . لابد أنك رأيت أناساً يحاولون تصدُّر المتكآت الأولى، ويكونون مصدراً للمشاكل والمضايقات للآخرين، وراء هذا المثل البسيط تكمن معان كبيرة جداً. فبعدما ذُكر المثل، أعطى السيد المسيح التعليم الأعمق وجوهر الفكرة فقال {لأن من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع}. التواضع طريقنا الى الانتصار والسماء + ان كان الله يدعونا الى التواضع لان الكبرياء علة السقوط { قبل الكسر يتكبر قلب الانسان وقبل الكرامة التواضع }(ام 18 : 12).فيجب علينا ان نتعلم من الرب يسوع المسيح ومن رسله القديسين الذين دعونا للتواضع{ فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين احشاء رافات و لطفا و تواضعا ووداعة و طول اناة }(كو 3 : 12).{كذلك ايها الاحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعا خاضعين بعضكم لبعض و تسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه. ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم} 1بط 5:5-7. اننا عندما نشعر اننا خلقنا من تراب وسنرجع اليه ونتضع يرفعنا الله الى مرتبة الابناء والورثة لملكوت السماوات فالله ينظر إلى المتواضعين ويحنو عليهم . المتواضع ينال مغفرة خطاياه و حكمة القدير تسرّ بالكشف عن ذاتها للمتواضعين . ان يوحنا المعمدان الذى قال انه غير مستحق ان يحل سيور حذاء السيد المسيح رفعه السيد المسيح لمرتبه نبى وأعظم . التواضع يعطي رفعة للانسان امام الله والناس لهذا قال المخلص { ان كان احد يخدنى يكرمه الاب} يو 26:12.ان طريقنا للأتضاع هو طريق الصليب {مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل2: 20). ان الانسان الذى سعى الى التأله بعيدا عن الله ، بالتواضع وجحد الذات والوالده من فوق من الماء والروح يصير ابنا لله وارثا لملكوته وهو يشعر دائما ان ذلك من نعمة الله عليه ومحبته له فلا يغتر او يتكبر { انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله من اجل هذا لا يعرفنا العالم لانه لا يعرفه }(1يو 3 : 1).وان كنا ابناء فنحن ورثة ايضاً { فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله و وارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو 8 : 17). + الإنسان المتواضع هو الذى يغلب الشيطان بتواضعه. فالاتضاع والانتصار على الخطية هما جناحان لطائر يصل الى السماء ، لأن الإنسان لن يستطيع أن يغلب الشيطان إلا بالتواضع لذلك فإن القديس مكاريوس الكبير حينما ظهر له الشيطان وقال له: ويلاه منك يا مقارة؛ أنت تصوم أما نحن فلا نأكل وأنت تسهر وأما نحن فلا ننام، انت تحى فى الصحراء ونحن كذلك ، لكن بشئ واحد تغلبنا. فلما سأله القديس عن هذا الشئ قال له: باتضاعك تغلبنا. هذا هو السلاح الذي نغلب به الشيطان.وهذا الشيطان لا يأخذ هدنة فهو خدَّاع ومكَّار، فهولم يترك القديس مكاريوس بعد أن قال له أنك غلبتني. وكان القديس يعلم أن الشيطان بذلك يدبِّر له مؤامرة جديدة، لكنه علم أن الانتصار على الشيطان هو دائماً بمزيد من الاتضاع. وحتى حينما تمّم القديس مكاريوس جهاده بسلام وكانت روحه في طريق دخولها إلى الفردوس. ففي طريق إنطلاقها إلى السماء قال له الشيطان (طوباك يا مقاره فقد غلبت) قال له: (إلى أن أصل إلى داخل الفردوس). كان يعلم أنه لن يحتمي إلا في أحضان السيد المسيح، في حضن ذاك الذي غلب الشيطان وسحق سلطانه. +علينا ان ندرب انفسنا على الاتضاع حتى بالأشياء البسيطة التي يستطيع أي إنسان أن يعملها.لنصل لما هو أعمق ، أنت تستطيع مثلاً أن تقدم غيرك على نفسك في أشياء بسيطة في الحياة اليومية: فمثلاً تجعل غيرك يسبقك في الدخول إلى المكان، أو تقف أنت من اجل ان تفس المكان لشيخ احتراماً لسنه ، أو لا تقاطع غيرك أثناء كلامه او تنسب الفضل لفاعليه والمشاركين فيه .السيد المسيح لا يعتبر المسيحية مجرد وصايا كبرى وفلسفات لاهوتية لكنه أعطانا المسيحية كحياة عملية معاشة. ومن خلال التصرفات البسيطة التي يستطيع الإنسان أن يتعلمها سوف يتعلم الفضائل الكبيرة التي تجعله يصل إلى قمة الحياة الروحية.لابد ان نعترف بنعمة الله التى تعيننا فى جهادنا ونخفى فضائلنا كما نوارى سقطاتنا ونريد ان يغفرها الله . ان جهادنا لاقتناء فضيلة التواضع ومسكنة الروح يجب ان يبدأ الان ولا ينتهى الا بالوصول الى الفردوس فالذات دائما تريد ان تكبر وتنتفخ بعيداً عن الله وحتى فى الطريق الروحى ومحاربتنا الروحية ليس مع لحم ودم بل مع اجناد الشر الروحية فى السماويات { الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات} (غل5: 24).ولكن ثق فى معونة الرب لك فى الطريق الطريق الروحى الحلو الذى سبقك اليه السيد المسيح ورسله وقديسيه { صلاة المتواضع تنفذ الغيوم و لا تستقر حتى تصل ولا تنصرف حتى يفتقد العلي ويحكم بعدل ويجري القضاء} (سيراخ 35 : 21). نريد ان نتعلم منك .. + ايها الوديع متواضع القلب يا من دعوتنا لنتعلم منك الوداعة وتواضع القلب لنجد راحة لنفوسنا وشبعا لارواحنا ونعمة فى عينيك وأعين الناس . يا عظيما جاء من أعلى السماء سبحته الملائكة فى العلاء ونادت بالسلام على الارض عندما رايته يتنازل ويحل عليها ويولد كطفل صغير فى مذود فقير ولم يحد ذلك من لاهوته بل ذاده التواضع مجداً وبهاء فحلت بتجسدك المسرة على البشرية جمعاء واصبحت موضوع سرور الآب فيك وبك ومعك لانك رفعتنا معك وقدمتنا شعباً مبرراً لله للآب ، نشكرك يا معلم الوداعة والتواضع وندعوك ان تحل بالإيمان فى قلوبنا فنثمر وننمو ونمجد عظيم تواضعك . + يارافع المتواضعين ورجاء البائسين ومعين لمن ليس له معين ، أعيننا نحوك لانك قائد نصرتنا على قوى الشر وشبعنا وارتوائنا فى برية العالم القاحلة فكما قبلت العشار وخرج من أمامك مبررا ، اقبل طلبه شعبك والتفت الى تنهد عبيدك وخلصهم من كل شدة ، وهبنا حكمة ونعمة من عندك لنسير كما تحب ونصير كما تريد ، علمنا ان نقدم بعضنا بعضا فى الكرامة ونشعر اننا تراب ورماد ونستند على قوتك فننجو من فخاخ ابليس الملتهبة ناراً ومن حروب المجد الباطل والتذكية الكاذبة للنفس ، فنحن يارب دونك لاشئ ابداً . + الهنا الوديع لك نطيع وتحت صليب محبتك نتأمل المحبة الباذلة والرحمة الغافرة والسلام العجيب والحكمة الهادئة والتواضع الذى يحتمل تجديف الاعداء وخيانة الاصدقاء وجفاء الابناء وجحود من جلت تصنع معهم خيراً ، ان صبرك وحلمك ومغفرتك للصالبين يعلن لنا كيف يكون الحب ومعنى ان يضع المحب نفسه من أجل أحبائه . فلك القوة والمجد والبركة والعزة عمانوئيل الهنا وملكنا. القمص أفرايم الأورشليمي
المزيد
05 يوليو 2020

الخادم وخدمة المفقودين (1)

في كل خدمة توجد فئات متنوعة من المخدومين، ولو افترضنا تقسيمهم بحسب الحضور نجد منهم: المواظبين، والمترددين، والبعيدين.. ولكن توجد فئة أخرى وهي المفقودون، وهم الذين اختفوا تمامًا، وللأسف ربما نسيناهم.وذلك يرجع لأسباب كثيرة.. ربما ابتعدوا عن الله وجذبتهم ضعفات متنوعة، أو تركوا البلد أو المنطقة، أو وجدوا صداقات في أماكن أخرى، أو ارتبطوا بعمل في أماكن بعيدة... وربما أُعثِروا في شخص أو وضع.. والأخطر: ربما طُرِدوا لسبب أو لآخر... كل هذا مطروح طالما هم في دائرة اهتمامنا، ويجب افتقادهم ومتابعتهم. أمّا في حالة نسيانهم وتركهم، هنا يُعَدّون من المفقودين... ومهما كان سبب ابتعادهم، لا نخلي مسؤليتنا من خدمتهم، فقد تعلمنا من مخلصنا الصالح وراعي الخراف الحقيقي إذ قال: «لم أُرسَل إلّا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة» (مت15: 24)، وقد تنازل وأتى إلينا لكي يطلب ويخلص ما قد هلك (لو19: 10). لذلك علّمنا بأمثال ثمينة ليقرّب لنا معنى المفقودين والبحث عنهم، في مثل الدرهم المفقود والخروف الضال، وكذلك في طلب وترقُّب واستقبال الابن الذى كاد يُعَد مع المفقودين.وهنا يعلمنا ألّا نسكت على فقدان أحد، بل نتذكره دائمًا ونترقب عودته كل يوم، ونوقد سراجنا، ونحضر أصحابنا، ونترك التسعة وتسعين لنبحث عن الواحد... فقد قيل عنه ليس عنده خسارة إلّا هلاكنا... علينا أن نوقد سراجنا ونكنس البيت ونبحث ونطلب الذين فُقِدوا داخل البيت (الكنيسة).. وهنا نتعجب! أيوجد داخل الكنيسة مفقودون؟نعم! فهناك من هو بعيد عن الكنيسة مكانيًا ولكنه قريب قلبيًا، وهناك من هو قريب مكانيًا وبعيد قلبيًا.. فلا نطمئن لمجرد وجود البعض أمام أعيننا بالكنيسة، فهناك من هم داخل أسوار الكنيسة وللأسف هم أبعد ما يكونوا عن جوهر عمل الكنيسة. هؤلاء يحتاجون أيضًا إلى من يفتش عنهم ويجتذبهم، وقد يكون جذبهم أصعب ممن هم خارج الكنيسة.وأيضًا نخرج خارج البيت لنبحث ونفتش باجتهاد عن كل نفس تائهة، ونخرج من الحظيرة ونفتش عن الخروف الضال الذى قيل عن الراعى إنه أضاع واحدًا منها( لو15: 4)، أي نسب الضياع للراعي وليس للخروف، فمعروف عن الخروف عدم الفهم وضعف البصر.أمّا من زاغوا وعاندوا وباعوا نصيبهم، فلنذكرهم باكين، ونصلي لهم، ونترقب رجوعهم، ونفتح الأبواب ونعد الوليمة والحلة والحذاء والخاتم لاستقبالهم، فهم أبناء ولهم حق الميراث وإن لم يكونوا في البيت. ولنصلِّ إلى راعي النفوس الأعظم: نطلب اليك عن كل درهم فُقِد، فهو درهمك وإن لم يكن موجودًا في كيسك.. وكل خروف ضائع، فهو خروفك وإن لم يكن موجودًا في حظيرتك.. ومن أجل كل ابن ترك البيت، فهو ابنك وإن لم يكن موجودًا في بيتك.. هم لك، هم ملكك، معدودون عليك وإن لم يكونوا معك.. فاطلبهم أنت، واستردهم بصلاحك يا راعي الخراف الأمين، لأنك لازلت تسأل ليس من يجمع التائهين (إر49: 5).. سامحنا على تقصيرنا، لأننا قد أهملنا ونافقنا. القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
04 يوليو 2020

المقالة الرابعة فى الحض على التوبة

تعالوا يا أحبائى هلموا يا آبائى وإخوتى يا رعية الآب المنتخبة يا جند المسيح الموسومين تعالوا فاسمعوا قولاً يخص نفوسكم، هلموا فلنتجر ما دام الموسم واقفاً، تعالوا فلنجد حياة أبدية هلموا فلنتبع خلاص نفوسنا املئوا أعينكم دموعاً ففى الحين تنفتح أعين ذهنكم ؛ تعالوا كلنا أجمع الأغنياء والفقراء ؛ الرؤساء والمرؤوسين ؛ الشيوخ مع الشبان ؛ الأبناء والبنات ؛ وكل البنين المريدين أن ينجوا من العذاب الخالد ويصيروا لملكوت السموات وارثين فلنتضرع مع داود النبى إلى الرب الرحوم المتعطف على الناس قائلين ” اكشف حجاب عينى فأتأمل من ناموسك عجائب ؛ أنر عينى لئلا أتضجع للوفاة “.ولنهتف كما هتف الأعمى: ” يا ابن الإله ارحمنى “ فإن منعنا قوم وانتهرونا لنصمت ؛ فلنصرخ نحوه أكثر ولا نضجر من الصراخ إلى أن يفتح يسوع المعطى النور أعين قلوبنا، تقدموا إلى المسيح اقتربوا منه واستضيئوا فلا تخزى وجوهكم واتخذوا فكراً سديداً وشوقاً إلى الملك والفردوس تَهاونوا بأمور هذا الدهر ؛ اجتهدوا فى هذه الساعة الحادية عشر ؛ حاضروا لئلا يغلق الباب دونكم ؛ فقد قرب المساء الذى يأتى فيه المعطى الأجر بمجد جزيل ليعطى كل أحد نظير أعماله ولنتبن يا إخوتى ما دام لنا وقت ؛ فقد سمعتم ماذا يقول المسيح: ” إن فرحاً يصير فى السماء بخاطئ واحد يتوب “ أيها الخاطئ لم تتوانى لم تيئس ؟ إن كان يصير فى السماء فرح إذا تبت فممن تخاف ؟ إن الملائكة يفرحون وأنت تتوانى، رئيس الملائكة هو الكارز بالتوبة وأنت تَهرب، الثالوث الطاهر والذى لا يوسع والمسجود له يستدعيك وأنت تتنهد لا يحل لنا اهتمام العالم لئلا تمررنا النار الخالدة والدود الذى لا يرقد، فلنبكى ههنا قليلاً لئلا نبكى هناك إذا عُذِبنا بكاءً أبدياً، احذروا آلا يتوانى أحدكم فإن ورود المسيح يصير بغتة كبرق خلب ؛ أما ترهبون ؟إن فى تلك الساعة ينال كل أحد نظير أعماله، كل أحد يحمل وسقه، كل أحد يحصد ما زرع، كلنا نقف عراة أمام عرش المسيح ، وكل واحد منا يعطى القاضى جواباً فى تلك الساعة لا يقدر أحداً أن يغيث أحداً، لا الأخ أخاه، ولا الوالدين أبنائهم، ولا الأولاد آبائهم، ولا الأصدقاء خلانِهم، ولا رجل قرينته، لكن كل واحد يقف بخوف ورعب منتظراً أن يسمع القضية من اللـه.فلِمَ نضجع فيما بعد ولا نستعد ؟ لماذا لا نَهتم بحجج الاعتذار ما دام لنا وقت ؟ ولِمَ نتهاون بالكتب المقدسة وبكلمات المسيح ؟ هل تظنون أن أقواله وأقوال القديسين لا تديننا فى ذلك اليوم بحضرة المقام المرهب إن لم نعمل ونحفظ كل ما أوصتنا قد سمعتم ماذا يقول الرب للتلاميذ: ” من يسمع منكم يسمع منى ومن يخالفكم إياى يخالف ولأبى “ وفى فصل آخر يقول أيضاً: ” من يخالفنى ولا يسمع أقوالى أنا لا أدينه لكن له من يدينه القول الذى قلته ذاك يدينه فى اليوم الأخير “.ترى أى قول مزمع أن يديننا فى ذلك اليوم الأخير ! هو إنجيله المقدس وباقى كتب الأنبياء والرسل المقدسة فلهذا اطلب إليكم يا إخوتى ألا تتهاونوا بالمكتوبات، إن السماء والأرض تزولان وأما أقوال المسيح فلا تتغير. هلموا يا إخوتى قبل مجىء ذلك اليوم الرهيب، فلنلقى أنفسنا فى لجة رأفات اللـه فهو الإله ؛ فيتقدم ويأمر ويستدعينا كلنا قائلاً: ” تعالوا إلىَّ يا كافة المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم “.فالمحب للناس، والمحتمل البشر يستدعى فى كل وقت الجميع. المتحنن والمتمهل الذى يريد أن جميع الناس يخلصون لم يأمر باستدعاء المختصين به فقط بل يستدعى ٍالكل. ” تعالوا إلىَّ كلكم “.وإن كنت موسراً أو مقفراً فإن المقبل إلىَّ لا أخرجه خارجاً. من هو المقبل إلىَّ ؟ الذى عنده وصاياى ويقبلها ويحفظها، الذى يسمع قولى ويؤمن بمن أرسلنى.مغبوط من يسمع قوله ويحفظه، وشقى من يخالفه، فإن ذلك القول يدينه فى اليوم الأخير، كما كتب مرهوب هو الوقوع فى يد اللـه الحى.تب أيها الأخ ولا تجبن، تب أيها الخاطئ واثقاً وناظراً إلى تعطف المسيح الذى لا يحصى القائل: “ما جئت لأدعو صديقين فقط بل خطاة إلى التوبة “. تب لئلا تخجل أمام المقام المرهب حيث تقف بخوف حيث ألوف وربوات ملائكة ورؤساء ملائكة حين تصير الأشياء المكتومة ظاهرة.حين تفتح الكتب، حين يفرز البعض من بعض كما يفرز الغنم عن الجداء، بالحقيقة أنَها ساعة مرهبة ومجزعة، لأن الحاكم عادل مرهوب مذهل.من ذا لا يخلف ! من لا يجزع من تلك الساعة ! لأن القاضى قوى الاقتدار، ومجلس القضاء غير مستشفع، وأعمالنا تكون منتصبة أمام أعيننا، ونَهر النار قبالة الموقف، وتسبيح الملائكة مع الصديقين بلا صمت، ونحيب الخطاة غير محتمل، والدموع غير نافعة، حينئذ تنفتح الكنوز والصديقون يتمتعون.مغبوطون الذين عطشوا وجاعوا فإنَهم هناك سيشبعون، وويل للشباعى فإنَهم هناك يجوعون ويعطشون، والطوبى للذين افتقروا وبكوا فإنَهم هناك يضحكون ويُعَزون وويل للذين يضحكون الآن فإنَهم هناك ينوحون ويبكون بلا فتور، والطوبى للذين رحموا فإنَهم هناك سيرحمون، والويل للذين لا رحمه لهم لقد سمعتم كيف يطوب المجاهدين ؛ وكيف يعطى الويل للمتوانيين ؛ فإذ لنا مثل هذه كلها فلنحرص أن نخلص، ولا نبصر إلى المتوانيين والمتنعمين فإنَهم كالحشيش يجفون سريعاً.لا نحب هذا الدهر فأنه يعرقل الذين يحبونه، يطرب مقدار ساعة ويرسل الإنسان إلى ذات العذاب عارياً.اسمع وأصغ إلى الكتب الإلهية، فلا تتعرقل ولا تنخدع من هذا العالم الخبيث، اسمع هذا يقول يوحنا المتكلم فى اللاهوت ” لا تحبوا العالم ولا شيئاً مما فيه فإن سائر الأشياء التى فى العالم هى شهوة الجسد وشهوة العيون والعالم يعبر ومن يعمل مشيئة اللـه يبقى إلى الأبد “.اسمع الرب يقول: “ماذا ينفع الإنسان إن ربح العالم كله وخسر نفسه”.أصغَ باهتمام إلى كلامه فإن القول الذى قال وعلم به ذاك يديننا فى اليوم الأخير، أترى الرب كاذباً حاشا لأنه هو الحق فإن كنت تعرف بمبالغه أنه هو الحق وأن أقواله غير كاذبة فلِمَ تتوانى يا شقى ؟ ماذا تتوقع ؟ ماذا تفتكر ؟ من يعتذر عنك ؟أما عرفت أن كل أحد يعطى عن نفسه للـه جواباً ؟ أما عرفت أن كل أحد يحصد ما زرع ؟ وكل أحد يحمل أثقاله ؟.فإذ لك وقت فبدد ثقل خطاياك فإن الإله العطوف على الناس يستدعيك قائلاً: ” تعالوا يا معشر الموقرين “. فإذ يأمر الكل بِهذا فلا ييئس أحد، ولا يجترئ أحد أن يقول: ” أننى ما أخطأت “.فإن من يقول أننى ما أخطأت فذلك أعمى ومكفوف وأشقى كافة الناس لأن يوحنا الإنجيلى يقول: “إن قلنا أن لا خطيئة لنا نكذب ولا نعمل الحق ونخادع أنفسنا ونجعل اللـه كاذباً “. لأن ليس أحد نقياً من خطية.فماذا إذاً، إن الحاجة ماسة إلى الدموع لنغسل خطايانا قائلين مرتلين مع داود النبى ” اغسلني فأبيض أكثر من الثلج “. وأيضاً ” أحم فى كل ليلة سريرى وأبل فراشى بعبراتى “.وذلك إنما أخطأ ليلة واحدة فبكى كل ليلة، فلذلك أستوضح مغبوطاً لأن النبى سبق فأبصر بمبالغة القائل: الطوبى للذين ينوحون.لا تشتهى شيئاً من أشياء هذا العالم الزائل، أبغض الثياب الناعمة والزينات والوشاءَ أمقت تلوينات الأصباغ، التصفف، التزين، التبختر، الأغانى الشيطانية، والمعازف، والصفارات، وتصفيقات الأيدى، والأصوات الغير مرتبة الوحشية.أولاً تعلم يا شقى أن هذه كلها بذور الشيطان هذه كلها يعملها أمم العالم الذين لا رجاء خلاص لهم، فلا نماثلن الأمم لئلا ندان معهم.قد سمعتم الرسول يقول: هذا أقوله واستشهد بالرب ألا تسلكوا أيضاً كما تسلك الأمم باغترار عقلهم المظلم ذهنهم.فإذ قد تركنا أعمال الأمم فلا نعود إلى الأشياء التى وراء أى التى قد سلفت ونعملها أيضاً ؛ قد جحدت دفعة الشيطان وملائكته ووافقت المسيح بحضرة شهود كثيرين.فانظر لمن قد وافقت وعاهدت ولا تستهون به ؛ واعرف هذا أن فى تلك الساعة كتب ملائكة أقوالك ومعاهداتك وخضوعك وخباؤها فى السموات إلى يوم الدينونة الرهيب.فمن أجل هذا لا تخشىَ ولا تفرق إذ فى يوم الدينونة يُحضِر الملائكة كتاب الوثيقة التى عليك وكلمات فمك أمام المقام المرهب حيث يقف الملائكة مرتعدين، وحينئذ تسمع الصوت المويِّل: ” أيها العبد الخبيث من فمك أدينك بالحقيقة “.أنك تتنهد حينئذ تنهداً مراً، وتبكى فى تلك الساعة ولن ينفعك شىءٌ ارحم نفسك ولا تبغض مهجتك.افتح عينيك وابصر كيف أن قوماً كثيرين يجاهدون ؛ كيف يحرصون أن يخلصوا ؛ كيف يكلفون ذواتِهم فى كل عمل صالح.كيف يحفظون ذاتَهم من الحسد، من القرف، من البغض، من الضحك، من الزنا، من التنعم، من الخصومة ؛ كيف قد احبوا الطريق الضيق صائمين ساهرين ملازمين الشقاء وباكين، كيف قد أعدوا مصابيحهم بَهية.كيف يسبح فمهم كل حين ويمجد الختن الذى لا يموت وعيونَهم متأملة جماله ونفوسهم مبتهجة.تأمل وانظر أنه قد قرب ولا يبطئ ؛ لأنه يجىء ليفرح الذين يُحبونه، يأتى ليعزى الذين ناحوا وبكوا لا على المائت ولا على خسران المال الوقتى بل من أجل الخطية السهل افتعالها ؛ ومن أجل الملكوت الذى لا نَهاية له.ومن أجل نعيم الفردوس المطرب الذى أُخرجنا منه لما خالفنا وصية اللـه حيث يعود إليه أيضاً النائحون والباكون.يجىء ليكلل الذين جاهدوا بمفترض الجهاد الذين احبوا الطريقة الضيقة الضاغطة، يأتى ليرحم الرحومين.يجىء ليطوب الذين تمسكنوا من أجله، يأتى ليشبع الذين جاعوا من أجله وعطشوا من الخيرات، يجىء لينير مكتومات الظلمة ويظهر آراء القلوب.ولِمَ لا أقول قولاً وجيزاً يجىء ليعطى كل أحد نظير أعماله، يجىء لا من الأرض كما جاء فى المرة الأولى لكن من السموات بقوة ومجد كثير.حينئذ تُضرب الأبواق فتتزعزع قوات السماء، وترتعد الأرض كلها كالبحر من قِبَل مجده، ويجرى أمامه نَهر نار ينظف الأرض من المآثم.حينئذ يصير بغتة صوت ها الختن يجئ ؛ ها السرور المنتظر يوافى، وها فخر الصديقين، شمس العدل مقبل هل ملك المتملكين وارد الذى لا انقضاء لملكه، ها القاضى العادل آتى الآن اخرجوا لاستقباله سريعاً.وحينئذٍ يوافى الذين لهم مصابيح مضيئة وحلتهم منيرة فيسمعون صوت الختن قائلاً: ” تعالوا يا مباركى أبى رثوا الملك المعد لكم من قبل إنشاء العالم “.فلما يصير هذا الصراخ مسموعاً من الكل يخرج إلى استقباله الذين لهم مصابيح مضيئة بَهية بدالة جزيلة مبتهجين واثقين أن مصابيحهم لا تنطفئ.حينئذ إذا رأيت ذاتك فى غم عظيم، فى خيبة رديئة وشدة غير محتملة، وإذا عاينت مصباحك انطفأ تقول بخزى وخجل: ” يا إخوتى أقرضونى زيتاً قليلاً فقد انطفأ مصباحى “.فيجيبونك قائلين: ” لعله لا يكفينا وإياك لكن أذهب إلى الذين يبيعون وأشترى لك “.فتمضى بخزى وتوجع وتنهد مر باكياً فلا تجد ألبته زيتاً تشتريه لأنه قد أنحل موسم الحياة وكل حياتَهم ترتعد كالبحر.قد انصرف الفقراء الجالسون حول أبواب الكنائس الذين يبيعون الزيت هناك، فتضيق بك الأمور من كل جهة وتتحير باكياً منتحباً قائلاً: أمضى أقرع باب المسيح لكن من يعرف إن كان يفتح لى.فإذا جئت تقرع يجاوبك الختن من داخل: ” حقاً أقول لك لستُ أعرفك أنصرف عنى يا عامل الإثم ما رَحمت فلا تُرحم، ما سمعت صوت الفقراء ولا أنا اسمع صوتك.كنت تسمع كتبى المقدسة وتضحك ؛ فلهذا لا اسمح لك أن تدخل، نبذت أوامر أنبيائى ورسلى ؛ فلهذا القول الذى قلته ذاك يدينك فى هذا اليوم الأخير انصرف عنى.لم تقبل الباب الضيق ؛ خضبت بشرتك وقتلت نفسك ؛ وكيف تريد أن تدخل ههنا وتدنس مملكتى ؛ دنست بشرتك وأوعبت فمك قرفاً وسلباً وعملت مشيئات الشيطان وطرحت مشيئتى ؛ وأبغضت قريبك والآن تتضرع أن تدخل إلى حيث لم تُرسِل شيئاً حيث ليس لك شيئاً موضوع.لا دموع، ولا بكاء، ولا صوم، ولا سهر، ولا تسبيح، ولا بتولية، ولا صبر، ولا صدقة، ولا شيئاً من هذه تقدمت وأرسلتها إلى هنا، فماذا تطلب ؟هذا مسكن إنما يسكنه الذين تمسكنوا من أجلى، هذه المملكة للرحومين، هذا الفرح للنائحين، هذا السرور للنادمين والتائبين، هذه النياحة للصائمين والساهرين، هذه الحياة لليتامى والأرامل.ههنا يفرح الذين جاعوا وعطشوا فرحاً مؤبداً، فأنت قد أخذت خيراتك فى حياتك أنصرف عنى إلى النار الأبدية “.هذه تسمعها واقفاً خازياً ؛ ومطرقاً إلى أسفل ؛ وفى حين وقوفك يأتى إلى أذنك صوت الفرح والابتهاج وتعرف صوت كل واحد من رفقائك، فحينئذٍ تتنهد تنهداً مراً قائلاً:” ويلى أنا الشقى كيف عدمت هذا المجد وتميزت عن رفقتى ؛ كنتُ معهم طول أيام حياتى والآن انفصلت عنهم، بالحقيقة أصابنى هذا عن استحقاق.كان أولئك يمسكون عن الأغذية وغيرها وأنا كنت أبادر إلى الأغذية والأعشية، كان أولئك يرتلون وأنا صامت، كان أولئك يصلون وأنا أتنزه، كان أولئك يضعون ذاتَهم وأنا أتكبر، كان أولئك يستهونون بذاتِهم وأنا أتزين، كانوا يبكون وأنا أضحك.فلهذا الآن أولئك يبتهجون وأنا أنتحب أولئك يسرون وأنا أبكى، يتملك أولئك مع المسيح إلى الدهور التى لا تنتهى وأنا أُرْسَّل مع معاند المسيح إلى النار الخالدة، الويل لى أنا الشقى. ما هو الذى أنا أدخل به ؟ كم خيرات قد عدمتها لكى ما أعمل مشيئة الشيطان زمناً يسيراً.الآن علمت أن كل أحد يأخذ نظير أعماله، الآن علمت أن العالم غرر بى واعتقلنى، وها كم من خيرات عدمتها نفسى وكم شرور جلبتها على ذاتى “.هذه ونظائرها تقولها منتحباً لكنك لا تنتفع بِها لأن هناك لا منفعة من التوبة والندامة.فمن أجل هذا تُناشدنا وتُوصينا الكتب المقدسة كتب الرسل والأنبياء والقديسين أن الحظوظ الصالحة التى أعدها اللـه للذين أحبوه ما رأتْها عين ولا سمعتها أذن ولا خطرت على بال إنسان.فقد سمعت أيضاً الرب يقول: لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد. وفى فصل آخر يقول أيضاً: الطوبى للمطرودين من أجلى.ولهذا يقول الرسول: لا تنخدعوا فإن اللـه لا ينخدع، الشىء الذى يزرعه الإنسان إياه يحصد فمن يزرع فى الجسد يحصد بلاءً ومن يزرع فى الروح يحصد من الروح حياة خالدة، لأن الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج.أصغوا يا إخوتى وتذكروا المكتوب فقد قال:خرج الزارع ليزرع زرعه.فمن هو الذى خرج وزرع ؟ هو ربنا يسوع المسيح سيد المنزل الخطير. ماذا زرع ؟ قول البشارة، وصاياه المقدسة. أين زرعها ؟ وفى أية أرض ؟ فى قلوب الناس، فى كافة أقاصى الأرض. لكن الكل لم يسمعوا الإنجيل، ولا كلهم يعملون فلاحات لكي ما وقع زرع الرب يعمل ثمراً ؛ لكنهم فى أرض بور، وذات شوك وخديعة.يقبلون قول الإنجيل، وإذ هم متصرفون فى أمور العالم وثروته ولذاته يختنقون ولا يعطون ثمراً.فأنتم يا أحبائى قوموا قلوبكم ومهدوها لقبول بشارة الإنجيل، ولا يخنق قلوبكم اهتمام العالم الكثير، فلنسعى من أجل الحاجة لا من أجل التنعم، ولنرضى بالقوت الكافى.إن لازمتم التنعم والاستكثار فسيكون تعبكم كثيراً وجريكم لا يقف أصلاً وغمكم لا ينتهى وعيشكم كثير الاهتمام يا إخوتى إن الحاجة إلى شيء واحد كما قال الرب، وهذه الأشياء يجب أن نصنعها فى جزء من همنا من أجل اضطرار الجسد، وتلك الفضائل يجب أن نصنعها بلا فتور من أجل خلاص النفس لأن ليس شيء أعلى قدراً من النفس. فمن أجلها يا إخوتى فلنحاضر ونَهتم ونستعد كل يوم ولا نفنِ كل زماننا فى الاهتمام بالجسد، لكن إذا جاع الجسم وطلب طعاماً فتذكر أنت أن النفس أيضاً لها حاجتها.وكما أن الجسد إن لم يستعمل خبزاً لا يستطيع أن يعيش كذلك النفس إن لم تتغذى بالحكمة الروحانية فهى مائتة ؛ لأن الإنسان مركب من نفس وجسد فلذلك قال المخلص: أنه ليس بالخبز يعيش الإنسان فقط.فأنت إذاً كقهرمان نجيب أعطِ النفس أغذية النفس وأمنح الجسد أغذية الجسد ؛ ولا تطعم جسدك وحده وتترك نفسك مقفرة مائتة بالجوع، ولا تدع نفسك تموت لكن غذيها بالأقوال، بالمزامير، بالتسابيح، بالترانيم الروحانية، بقراءَة الكتب الإلهية، بالأصوام، بالأسهار، بالعبرات، بالرجاء، والدراسة فى الخيرات المستأنفة. هذه ونظائرها هى طعام النفس وحياتَها أحذروا يا إخوتى أن يوجد أحدكم غير مثمر، من يزرع للجسد تمتع العالم، تنعماً ؛ الأعشية والأغذية ؛ من جسده يحصد بكاءً.ومن يزرع للروح صلاة، وسهراً، وصوماً من الروح يحصد حياةً أبديةً.تأملوا وأبصروا إن المتنعمين لا يمدحهم أحداً أصلاً، ولا المتنزهين، ولا الضاحكين لأن هذه تصنعها الأمم.أما الشريعة التى لنا فهى هذه: ” مغبوطون المساكين بالروح، الطوبى للنائحين، الطوبى للرحومين، الطوبى للمطرودين، الطوبى للمعيرين، الطوبى للأنقياء القلب، الطوبى للمتمسكين بالحِمية.الطوبى للذين حفظوا المعمودية طاهرة، الطوبى للذين يزهدون فى هذا العالم من أجل المسيح، مغبوطة أجسام البتوليين، الطوبى للذين لهم نساء وكأن ليس لهم، الطوبى للمتيقظين والمصلين.الطوبى للذين يقدمون نظرهم للوارد ليدين الأحياء والأموات، الطوبى للذين يبكون فى صلواتَهم “.هذه الفرائض المستقيمة هى أمانتهم الإلهية، أى كتاب يطوب الذين يصفرون، ويعزفون، أو الذين يضحكون، أو الذين يتنعمون، أو السكيرين، والمعربدين، أو الذين يرقصون، والمحبين للعالم.هذه الأشياء التى فى العالم لم تأمرنا بِها شريعتنا، ولم تُشِر إليها ؛ هذه لم يُعَلم بِها ربنا.لكن يويل من يستعملها قائلاً:الويل للضاحكين الآن لأنَهم سيبكون وينوحون، الويل للشباعى لأنَهم سيجوعون، الويل لكم أيها الأغنياء.ويقول أيضاً النبى: الويل للذين يقولون إن الردىء جيد والجيد ردىء، والجاعلين النور ظلمة والظلمة نوراً، الجاعلين الحلو مراً والمر حلواً، الويل للذين يذكون المنافق من أجل الهدايا وينتزعون حق الصديق. الويل للذين يقومون بالغداة ويطلبون المسكر ويلبسون فيه إلى المساء فإن الخمر تحرقهم، لأنَهم بالمعازف والدفوف والصفارات يشربون النبيذ، ولا يشاهدون أعمال اللـه، ولا يتأملون صنائع يديه وهذه ونظائرها للمحبين العالم ؛ والناس الوادين للجسد لا المحبين للمسيح.أتشاء أن تسمع أوصاف يسيرة من التى المحبين للمسيح، والسالكين فى الطريق الضيق، اسمع الرسول قائلاً: ” فى كل شيء نُظهر ذواتنا كما يليق بخدام المسيح بصبر كثير، بغموم، بشدائد، بضيقات، بجراحات، بحبوس، باضطرابات، بأتعاب، بأسهار ؛ بأصوام، وتوابعها “.والرب يقول أيضاً: قوموا وصلوا لئلا تدخلوا فى تجربة.ماذا يجب أن نعمل يا إخوتى ؟ ها قد سمعتم كيف يطوب السالكين فى الطريق الضيق، وكيف يوَّيل للسائرين فى الطريق العريض الواسع المؤدي إلى الهلاك.فلنتعب زماناً يسيراً لنملك إلى الأبد وليكن بإزاء أعيننا كل حين الوارد ليدين الأحياء والأموات ونتذكر دائماً الحياة الخالدة، والملكوت الذى لا موت فيه، والتصرف مع الملائكة، والعيشة مع المسيح.فلنتذكر أن ليس فى العالم شىء سوى دموع، وتعييراً، ومثالب، وتوانِ، وأتعاب، وأمراض، وشيخوخة، وخطايا، وموت.فلا تحب العالم، أحذر لئلا يطربك العالم، ويعرقلك، ويرسلك عارياً إلى ذلك الدهر، تذكر القائل: صلوا بلا فتور.لا تسر بزهزهة العالم، ليكن المزمور كل وقت فى فمك فإن الرب نفسه يعظ به، ويعزى نفوسنا، ومهما أجترمناه وهفونا به ما دام لنا أوان التوبة فلنداوه بالعبرات.وقت التوبة قليل وملكوت السموات لا نَهاية له، ونحن نطوب القديسين ونتوق إلى إكليلهم، ولا نشاء أن نشابه جهادهم.هل تظنون أنَهم كُللوا بغير أتعاب وأحزان كما نشاء نحن ! أتشاء أن تسمع أى نياحة كانت للقديسين فى هذا العالم، بعضهم ضُربت أعناقهم، آخرون ذاقوا تجربة استهزاء، وسياط، وقيود، وحبوس.رجموا، ونشروا، وماتوا بقتل السيف، طافوا بجلود غنم، وبجلود المعزى، معوزين، مغمومين، مذلين، قوم لم يستحقهم العالم، تائهين فى البرارى، والجبال، والمغائر، ومثاقب الأرض.ها قد سمعتم جزءاً من كثير من نعم القديسين ونياحهم فى هذا العالم وكأنَهم فى سرور احتملوا جميع هذه ونظائرها إذ كانوا يقدمون نظرهم إلى الخيرات المحفوظة فى السموات التى لم تراها عين ولم تسمع بِها أذن ولم تختر على قلب إنسان التى أعدها اللـه للذين يحبونه.إن أخذت اسم اللـه تطرد الشياطين، تحرك يدك للعمل ليرتل لسانك، ويصلى عقلك إن شئت أن تنجو من العذاب، لا تقرف أحداً قط، الويل لمن لا شريعة له لأنه إذا استضاء الكل يُظلم هو، الويل للمفترى فإن لسانه سيعقد، فكيف يعتذر لدى الحاكم لا يستطيع ذلك.الويل للمتكبر فإن ثروته تَهرب والنار تقبله، الويل للوانى فإنه سيطلب الزمان الذى أضاعه بؤساً وإذا طلبه لا يجده، الويل لمحب الزنا فإنه قد وسخ الحلة العروسية، وسيخرج بخزى من العرس الملكى.الويل للثلاب ومعه المستكبر فإنَهما سيرتبان مع القتلة ويعذبان مع الزناة، الويل لمن يتنعم زماناً قليلاً فإنه سَيُطلب كالخروف للذبح، الويل للمرائى فإن الراعى يجحده والذئب يخطفه.الطوبى لمن سلك الطريقة الضيقة ؛ فإنه سيدخل إلى السماء لابس الإكليل، الطوبى لمن سيرته عالية وعقله متضع فإنه تشبه بالمسيح فسيجلس معه، مغبوط من قد صنع بالفقراء إحساناً كبيراً فإنه إذا حُوكِمَ سيجد كثيرين ينتصرون له، الطوبى لمن يكلف ذاته فى كل شىء فإن المقتسرين يخطفون ملكوت السموات.فلنكلف ذاتنا يا أحبائى فى كل عمل صالح ؛ ولنعز ذاتنا ولنعظها ؛ لينير الواحد نفس الآخر كما أنكم تعملون ذلك فى كل وقت.ولكن حديثنا عن الدينونة وعن اعتذارنا إن كنتم تعملون عملاً، أو كنتم تسلكون، أو على الغذاء، أو على مضاجعكم، أو فى عمل آخر اهتموا فى كل وقت من أجل الدينونة وبإتيان الحاكم العادل.وتذكروا فى قلوبكم هذا، وليقل بعضكم لبعض. ترى كيف تلك الظلمة البرانية ؟ ترى كيف هى النار التى لا تطفأ، والدود الذى لا يرقد ؟ ترى كيف هو صرير الأسنان ؟. ” هذه فليخاطب بِها بعضكم بعضاً كل حين ليلاً ونَهاراً “.وأين يجرى النهر النارى، وينظف الأرض من آثامها ؟ كيف تدرج السماء كالدرج ؟ وكيف تنشر النجوم كورق التينة ؟ كيف تفنى الشمس والقمر ؟ كيف تنشق السموات بأمر السيد ؟ كيف يبرز القاضى من السماء وينحدر ؟ كيف تضطرب قوات السموات وتحاضر ؟ كيف يستعد العرس الرهيب ؟ كيف يتزلزل القرار منتظراً وطئ القاضى عليه ؟ كيف تتكاثر أصوات الأبواق ؟ كيف تنفتح القبور ؟ كيف تنقض الأجداث ؟ كيف ينهض الراقدون منذ الدهر كمن يقوم من نوم ؟ كيف تتحاضر النفوس إلى الأبدان ؟ كيف يتبادر القديسون إلى الاستقبال؟ كيف يؤهل المستعدون إلى الدخول؟كيف تغلق دون المتوانيين.هذه إذا دُرِست تفيد عادة حسنة، هذه إذا أهتم بِها ليلاً ونَهاراً تقنى أمراً نفيساً لأن من يتذكر الموت دائماً لا يخطئ كثيراً.لا نحاضر طول حياتنا من أجل البطن، ومن أجل الملابس فهذه إنما يصنعها الأمم الذين ليس لهم أمل فى الحياة الأبدية. فلا نماثلهم بل نسمع الرب يقول: اطلبوا أولاً ملكوت السموات وبره وهذه كلها تزاد لكم.فلنطلب يا إخوتى ذلك الملكوت الذى لا نَهاية له، ولا انقضاء ؛ فلنطلب ذلك الفرح المؤدى إلى الدهور التى لا تنتهى، لنبتهل يا أحبائى بوجع قلب، وبدموع، وتنهد، ألا نخيب من سماع ذلك الصوت المغبوط ولنمتنع من التنعم هنا لنستفيد هناك فرح الفردوس ونعيمه،ولنبكِ هنا قليلاً لنضحك هناك، ولنجع لنشبع هناك، ولندخل من الباب الضيق والطريق الصعب لنتخطر هناك فى الطريق العريض الواسع.وأقول أيضاً: احذروا أن يعرقلكم العالم ويلعب بكم ويرسلكم إلى ذلك الدهر عراه أشقياء فإنه قد عرقل كثيرين ولعب بكثيرين، وكثيرون أعمتهم خديعة هذا العالم فنحن يا إخوتى فلنصغ إلى ذاتنا ولنسمع الرب قائلاً: ” تعالوا ورائى “. فلنترك كل شيء ونتبعه وحده ولننبذ كل فرح هذا العالم فإنه سيخزى كل من يحبه فلنسرع نحن أن نتخذ الحياة الأبدية ومجاورة الملائكة والتصرف مع المسيح. فإن له المجد والاقتدار مع الآب والابن والروح القدس إلى أبد الدهور. آمين. مار إفرآم السريانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل