المقالات

07 مارس 2021

أحد رفاع الصوم

تعلمنا الكنيسة المقدسة في أحد الرفاع المنهج المسيحى في الحياة، ويقوم على الصدقة (1-4) - والصلاة (5-15) - والصوم (16-18) وكأنها تهمس في أذن الموعوظ "صديقى.. ستكون معنا - بالمعمودية - وستسلك كما يليق بهذه المعمودية: الصدقة هى الزهد في المال والقنية والصلاة هى جحد الذات وكسر المشيئة والصوم هو ضبط الجسد"فالكنيسة تضع أمام الموعوظ علامات الطريق، وسر النصرة.. وتميز له ما بين ممارسة المسيحية، والممارسة التي كان يعيش فيها قبل المعمودية سواء كان وثنياً أم يهودياً.فالمسيحية تعرف الخفاء في الممارسة والعلاقة الباطنية بين الآبن (بالمعمودية) والآب السماوى الذى يرى في الخفاء... الصوم الكبير عودة إلى الله "أول وصية" "من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت" (تك 16:2-17). إنها أول وصية بل الوصية الوحيدة في الفردوس... أن يصوم الإنسان عن نوع معين من الطعام... ولا يتناول طعاماً إلا من يد الله.أراد الله أن يقول لآدم: "ليست حياتك من الطعام، بل بى. إذا أكلت بدونى فستموت" وأراد الشيطان أن يثبت العكس لآدم: "إن الحياة، بل والألوهة تكمنان في الأكل فقط، حتى ولو كان مخالفاً لوصية الله الصالحة".وانطلت الخدعة على آدم... فعاش ليأكل... وكرّس الناس كل جهدهم وعمرهم من أجل "لقمة العيش"، وبات الناس لا يفكرون إلا في المال والأكل والمتع الحسية... حاسبين أنها وحدها سبيل السعادة والحياة.. بمعزل عن الله.مع أن الواقع نفسه يعلن فشل هذه الأفكار.. فليست سعادة الإنسان بالمادة بل "بالله الحى الذى يمنحنا كل شئ بغنى للتمتع" (1تى 17:6).أما المادة في حد ذاتها - وبعيداً عن الله؛ فتصير وثناً بغيضاً، وينبوع موت لكل من يتعلق بها... "لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذى إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تى 10:6). وتمركز الحياة - هذا - حول الطعام، تتسرب دون أن ندرى حتى إلى الروحيين والمؤمنين؛ فصار الصوم في نظرهم هو امتناع عن الأكل. إنه أيضاً تمركز سلبى.ولكن الصوم كما تُعلّم الكنيسة وتشرحه هو العودة إلى الله. العودة إلى الله كمركز للحياة فليست الأموال بل الصدقة، وليست الإرادة بل الصلاة، وليست الأطعمة والشهوات بل الصوم والتعفف. وهذا أول درس تلقنه لنا الكنيسة... (في أحد الرفاع) قبل أن نجتاز معاً رحلة الصوم المقدسة. أ- ففي الصدقة: يعلن الإنسان أن ما لديه من أموال هي نعمة استأمنه الله عليها... أعطاها له كوكيل صالح ليخدم بها الآخرين بكل فرح "المعطى المسرور يحبه الرب" (2كو 7:9)... وإن سعادته ليست في تخزين الأموال بل في إنفاقها في الخير "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع 35:20).كذلك في الصدقة يعلن الإنسان أن حياته وتأمينها في يدى الله، وليس في خزائن البنوك، إن القضية ليست في كثرة المال أو قلّته، بل في نظرة الإنسان له ومحبته واتكاله.هل على الله (حتى ولو كان غنياً) أم على الأموال (حتى ولو كان فقير)؟ فهناك غنّى لا يتعلق بالمال وآخر يعبده... وهناك فقير يشكر الله ويسعد وآخر ما زال يعبد المال..ليست حياتنا من أموالنا... بل من الله الذى يعطينا. ب- والصلاة: هي شركة حب يُسلم فيها الإنسان ذاته وإرادته وتدبير حياته ليدى ذاك الذى معه أمرنا. الصلاة هي عودة إلى الله كمركز للحياة ومحرك لها... قديماً قالوا: "الصلاة تحرك اليد التي تحرك العالم"، وربنا يسوع المسيح وعدنا أن "كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه" (مت 22:21). إن مأساة العالم اليوم أنه قد ترك الصلاة، وسعى وراء العقل والحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية بمعزل عن الله...ولا يوجد من ينكر قيمة التفكير بالعقل، والمناداة بالحرية، وتحقيق حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وغيرها من مبادئ سامية رفيعة... ولكن دعنا نعترف - باتضاع - أن هذه المبادئ لم تحل مشكلة الإنسان في كل مكان. آه لو اقترنت هذه، بروح التقوى والصلاة... آه لو اعتنقناها في نور الإنجيل وليس بمعزل عن الله... آه لو ارتقى الضمير وتنزه عن الأغراض... لصار العقل بالحقيقة خلاقاً للخير... وصارت الحرية سعادة بالمسيح "فإن حرركم الآبن فبالحقيقة تكونون أحراراً" (يو 36:8).وصارت حقوق الإنسان مُصانة بالحب وبالنعمة وبالعلاقات السليمة بين الناس.. وليس بالتحايل على القانون.. وبالغش وبالمحاباة ليست الحياة بإمكانيات الناس بل الله الذى نطلبه في الصلاة. جـ- والصوم: الصوم عن الطعام هو إعلان عملى عن أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة من الله" (لو 4:4) لقد كانت هذه هي الخبرة التي تعلمها بنو إسرائيل في البرية وصاغها قائدهم العظيم موسى النبي في هذه العبارة بالروح القدس: "وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر، لكي يذلك ويجربك ليعرف ما في قلبك: أتحفظ وصاياه أم لا؟ فأذلك وأجاعك وأطعمك المَنَّ الذى لم تكن تعرفه ولا عرفه آباؤك، لكي يعلِّمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الإنسان" (تث 2:8،3).والسيد المسيح في تجسده كان يقصد أن يُطعم تابعيه بالبركة... في معجزتى إشباع الجموع، لكي يقول لهم: ليس السر في الخمسة أرغفة ولا السمكتين ولكن في اليد التي تقدم هذا القليل... سيشبع الناس ويفضل عنهم بالبركة.والسيد المسيح في تجسده كان يقصد أن يُطعم تابعيه بالبركة... في معجزتى إشباع الجموع، لكي يقول لهم: ليس السر في الخمسة أرغفة ولا السمكتين ولكن في اليد التي تقدم هذا القليل... سيشبع الناس ويفضل عنهم بالبركة.وكأننى حينما أصوم أتقدم لله بذبيحة جسدى مثلما فعل أبونا إبراهيم مع ابنه الحبيب الوحيد إسحق الذى بسببه قبل المواعيد. أتقدم رافعاً سكين الجوع على جسدى الضعيف المنهك مقدماً إياه ذبيحة حب وطاعة وإعلان إيمان.. إن الله أهم لدّي من جسدى ومن كل نفسى.حينئذ يتكلم معى ملاك الرب: "لا تمد يدك إلى الغلام (جسدى) ولا تفعل به شيئاً، لأنى الآن علمت أنك خائف الله، فلم تـُمسك ابنك وحيدك عنى" (تك 12:22).ويرفع الصائم عينيه - كما فعل أبونا إبراهيم - وينظر "وإذا كبش وراءه مُمسكاً في الغابة بقرنيه، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه" (تك 13:22)... وكبشنا المذبوح عنا وعن جسدنا هو ربنا يسوع المسيح المذبوح على المذبح في سر الإفخارستيا... التي لابد أن ينتهى الصوم بها... ليحقق لنا هذا المعنى الجميل. لم تكن حياة أبونا إبراهيم مرهونة بحياة إسحق... بل بالله... وعندما قدم إبراهيم إسحق برهن على إيمانه هذا... ونحن حياتنا ليست مرهونة بالجسد... بل بالله... والصوم يبرهن على ذلك وكما أن الله افتدى إسحق بكبش... كذلك يفتدينا بدمه وجسده على المذبح وكما أن المذبح لم يميت اسحق بل عظمَّه وصار بالحقيقة بركة وجداً للسيد للمسيح بالجسد كذلك لا يميتنا الصوم بل يباركنا ويعظمنا ويجعلنا أهلاً لبيت الله ورعية مع القديسين
المزيد
06 مارس 2021

إنجيل العشية و إنجيل باكر أحد الرفاع

اعتاد الآباء أن يسمّوا الأسبوع الأول من الصوم الكبير المقدس بأسبوع الاستعداد.. للدخول الحقيقى إلى حياة الصوم وروح الصوم.. وكان الاستعداد للصوم حسبما عاشوا هو تنقية الجو المحيط بهم من كل ما لا يناسب الصوم.. وبصفة خاصة الوجود فى سلام مع كل أحد وتصفية أى نوع من الخلافات بين الأخوة.. أعنى أن هذا الأسبوع كان يُصام لحساب المحبة الأخوية وتوطيد العلاقات ونبذ كل خلاف أو خصام أو قطيعة.. الخ. لأنه من المعروف جداً إنه إذا صام الإنسان وهو فى حال خصام أو عدم سلام قلبى مع أخوته فإن صومه يكون كمن يجمع إلى كيس مثقوب.. ألم يقل الرب: "فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ" (مت 5 : 23 ، 24). فقد جعل الرب الصلح مع الأخ والأقربين أفضل من تقديم القرابين، بل وبدونه لا تُقبل قرابين. لذلك وضع الآباء فصل إنجيل عشية هذا اليوم كلمات الرب الصارخة والصريحة من نحو السلام الكامل والمحبة الأخوية. وقد مارست الكنيسة عملياً هذا الكلام منذ الجيل الأول فى خدمة الافخارستيا.. إذ تصير القبلات المقدسة والمحبة هى موضوع الصلاة وموضوع الممارسة حين نُقَبِّل بعضنا بعضاً بقلب طاهر وضمير صالح قبل أن نتقدم إلى شركة التناول من جسد ودم ابن الله.. إذ نصير مستحقين لتحقيق هذه النعمة فينا بسبب محبتنا بعضنا لبعض التى هى علامة مسيحيتنا وعنوان تبعيتنا للمسيح.. "بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ" (يو 13 : 35). نعود إلى كلمات الرب.. "وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ قَائِلاً أَنَا تَائِبٌ، فَاغْفِرْ لَهُ" (لو 17 : 3 ، 4). هذا القبول للأخوة يرتكز على الروح الذى فينا.. روح المسيح غافر الخطايا.. ويرجع إلى تمتع الإنسان نفسه بنعمة غفران الخطايا وإدراكه الحقيقى لقيمة هذه النعمة. فإن تمتع بها يستطيع أن يعطيها أيضاً إذ يصير سريع الصفح وكثير الغفران مدركاً تماماً إنه بمقدار ما يَغفر يُغفر له وبقدر ما يتسع قلبه لأخيه يقبل من الرب أضعاف قبول. والكلام هنا كثير كرره ربنا يسوع فى تعاليمه المحيية، فمرة يقول: "وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ" (مت 18 : 15). هو أخطأ وأنت تذهب تسعى إليه لكى تربح أخاك وتربح نفسك.. وبينما المنطق العالمى أن الذى أُسيئ إليه هو صاحب حق وإذا أتى إليه المسيئ وسامحه يُحسب صاحب فضل.. فإن ناموس المسيح يتخطى هذه العقبات النفسية ويرتفع بنا إلى علو السماوات فيصير الإنسان قادراً بالنعمة على كسر حواجز البشر واقتحام الأسوار.. يذهب إلى أخيه.. أليس هو أخوه؟ ويرتمى فى حضنه ويقبله ويربحه. المسيحى الحقيقى لا يخسر له أخاً مهما كانت الأحوال! رسالتنا فى المسيح هى رسالة ربح النفوس بحكمة الروح وسلطان المحبة. سبع مرات فى اليوم إن رقم سبعة يعبِّر دائماً عن الكمال.. فإن كان الأخ يخطئ إليك سبع مرات أى إلى أقصى درجة ممكن أن نتخيلها.. فهناك باب المسيح المفتوح لقبول أعتى الخطاة.. ويمين المسيح تقيم ليس من العثرات والسقطات يل قادرة أن تقيم من الأموات..!! قلب المسيح متسع اتساع أبدى يسبى النفوس ويخضع الوحوش فمن يؤتمن على قلب يسوع يستطيع أن يحفظ وصايا يسوع. هذا هو إنساننا الداخلى المخلوق من جديد بقوة قيامة المسيح من الأموات. هذه هى الطبيعة الجديدة، والطبيعة الجديدة من يحياها يغلب بها كما غلب ذاك الذى هو رأسنا. جرّب قول الرب، اخضع ذاتك له واطلب معونة المسيح.. واكسر حاجز الشر.. "لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ" (رو 12 : 21).. "فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ" (غل 6 : 9). الإنسان هو الذى يحجم عمل الروح القدس فيه ويحصره فى إطار المحدودية حين يقول أنا حاولت مرة ومرتين ولم أفلح فى أن اقتنى أخى وأربحه.. أنا عملت ما علىَّ أن أفعله ولا أستطيع أن أفعل أكثر.. هذا يكفى وهذه حدودى؟ هنا يصير الإنسان قد أغلق على نفسه، وحبس الروح الذى لا حدود له ولا يعطى بكيل.. الروح يا أخوة لا يحد بحدود والعمل الروحى يستطيع أن يعمل ويعمل حتى الكمال ولا يكف ولا يكتف ولا ييأس حتى من الفتيلة المدخنة والقصبة المرضوضة. + الحفاظ على محبة الإخوة هى رسالتنا وهدفنا.. المحبة القلبية هى كنزنا ليس بسهولة نبيعها أو نفرط فيها. + سبب ضعف الكنيسة الآن هو القصور فى تكميل المحبة وعدم السعى الجاد فى أثر الصلح بالروح. + العاجز فى تكميل المحبة يركن دائماً على أعذار وأعذار ولكنها غير مقبولة لدى المسيح. لأن المسيح هو الحب الكامل حتى للأعداء زد إيماننا قال الرسل للرب إذ سمعوا كلامه عن هذا الحب السماوى السامى الفاخر - سبع مرات فى اليوم بل إلى سبعين مرة – قالوا للرب إذ ادركوا أن الأمر يحتاج إلى إيمان وتصديق قلبى لكلام المسيح وتبعية مطلقة وإلقاء كل الحياة على رجاء كلمة المسيح.. قالوا "زِدْ إِيمَانَنَا".. أى زوِّدنا بهذا الإيمان القوى القادر على بغض البُغضة وكره الكراهية.. زذ إيماننا لكى نستطيع أن نغفر سبع مرات فى اليوم، "فَقَالَ الرَّبّ لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذِهِ الْجُمَّيْزَةِ: انْقَلِعِي وَانْغَرِسِي فِي الْبَحْرِ فَتُطِيعُكُمْ". يارب زد إيمان أولادك بأن المحبة هى البقاء والحياة وأن البُغضة والقطيعة هى الموت بعينه. من يحب أخاه فقد أحب الله.. ومن يبغض أخاه يبقى فى الموت.. من يبغض أخاه فهو قاتل نفس. ما أجمل أن نبدأ صومنا بهذا الاستعداد الروحى فى السعى نحو السلام وتكميل المحبة الذى جعلته الكنيسة منطلق السيرة والدافع الروحى للحركة نحو الآب. المتنيح القمص لوقا سيداروس (عن كتاب "تأملات فى أناجيل عشيات الآحاد")
المزيد
05 مارس 2021

الثبات فى المسيح

قال الرب يسوع: «اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ» (يو15: 4). ما هو الثبات في المسيح؟ هل هو فكر أو فلسفة أو نظريات أو تأملات؟ أم حقيقة تُعاش وتُختَبَر وتُحَسّ وتُمارَس وتصير ركيزة للحياة. وإن كان الأمر كذلك، ما هي طبيعة هذا الثبات المتبادل؟ إيمانيًّا نحن نعي هذا.. نصدّقه كلّ التصديق بيقين الإيمان، ولكن ينقصنا الاختبار العملي في واقع حياتنا اليومية. بحسب الإيمان نحن بالمعموديّة وُلدنا «ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى» (1بط23:1)، وبحسب الإيمان نلنا معموديّة الثبات أو التثبيت بسرّ الميرون المقدس وحلول الروح القدس فينا. وبحسب الإيمان أيضًا كلّما نتناول مِن القُدسات وشركة جسد المسيح ودمه الأقدسين يحلّ المسيح فينا. أعود وأسأل نفسي هل أنا ثابت في المسيح فِعلاً وحقًّا؟ إنّ الثبات في المسيح يعني الصِّلة الدائمة الحقيقيّة.. فلا أشعر بذاتي ووجودي إلاّ فيه. وهذا ينشئ فيَّ منتهى الفرح الذي لا يستطيع أحد أن ينزعه مِنِّي. وهنا أسأل نفسي: وهل أحيا أنا هذا الشعور الحقيقي بالفرح الذي لا يشوبه كَدَر؟ ولكنّ حقيقة الأمر أنّه لا يخلو يومٌ من الاضطراب أو الانزعاج أو الغضب أو الحزن، ولا تخلو العلاقات مع الناس من الدينونة أو اختلاف الرأي، والإنسان كلّ يوم عُرضة للزلل من كلّ نوع، سواء بالعين أو باللسان أو بالفكر والقلب. فأين حالة الثبات في المسيح من كلّ هذا؟ بل كثيرًا ما يسقط الإنسان في فخاخ الخطايا والتعدّيات، وما إلى ذلك من إعلاء الذّات والكبرياء والغرور وشهوات سائر الأشياء. ويعود الإنسان يسأل: أين الثبات في المسيح من كلّ هذا؟ وقد يتبادر إلى الذهن سؤال.. هل ما اختبره الآباء وتَسَطّر في سيرتهم من الثبات في المسيح، بل والاتّحاد به وفيه.. هل كان هذا قاصرًا عليهم؟ وهل بسبب تفرّدهم في البراري وحياة النُّسك الشديد، تحصّلوا على ما تحصّلوا عليه؟ وهنا يجب أن ننتبه إلى حقيقة الأمر، أنّ المسيح إلهنا هو مسيح العالم كلّه، وهو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد، وأنّه النصيب الشخصي لكلّ واحد، وأنّه ذاق الموت بنعمة الله من أجل كلّ واحد. وأنّه ليس مسيحَ الكهنة والرهبان وأصحاب الرُّتَب.. بل هو مسيح الكلّ ومخلّص الكلّ. فإنْ كان الذين تفرّغوا لحياة الصلاة والعبادة، قد اختبروا وعاشوا حياة الحضور مع الله والثبات في المسيح، فهُم في الواقع قدّموا للكنيسة وللعالم كلّه دليلاً عمليًّا قاطعًا أنّ الحياة بالمسيح والحياة في المسيح هي واقع عملي حيّ، كفيل أن يُغني الإنسان عن العالم وكلّ ما فيه، وأن يُشبع الإنسان حتّى لو عاش في الفقر. فما دام الأمر كذلك، ومادام قد عاش الملايين من الناس هذه النعمة الفائقة، في الثّبات في المسيح والحياة به، فليس لنا إذن أيّ عُذر ألاّ نتمتّع نحن أيضًا عمليًّا. لأنّ الأمر صار مُعاشًا على مدى آلاف السنين، وفي كلّ الأجيال، وفي كلّ أماكن العالم، ولجميع مستويات الناس على اختلاف أجناسهم. وهذا يُبرهِن على أنّ الأمر ليس بمستحيل، بل هو مُتاح ومُستطاع بالنعمة. + لقد طلب الرب يسوع من الآب لأجلنا قائلاً: «لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ» (يو17: 15). فدَعوتُنا إذن أن نكون عائشين في العالم، ولكن في المسيح يسوع محفوظين من الشرير. + فالخلاصة إذن أن الأمر راجعٌ إلى تدبيرنا نحن، وطريقة حياتنا وفكرنا، وأمر جهادنا وإدراكِنا الروحيّ. + فإن كُنّا منغمسين في العالميّات ليلاً ونهارًا، وإن كُنّا قد صرَفنا العمرَ سَعيًا وراء الملذّات، أو الحصول على الماديّات بأيّ شكل من الأشكال.. وإن كُنّا قد شابهنا وشاكَلنا هذا الدهر، فمن أين لنا أن نذوق ملكوت الله داخلنا؟ فالدعوة إذن إلى أن نفيق من غفلتنا، ونتبصّر أمرَ خلاصنا، ونعطي أُذنًا صاغية للذي قال: «أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ (أسألكم)، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا (إليها)» (أف1: 4). وهنا عندما يرجع الإنسان إلى نفسه ويقول: أقوم وأرجع إلى أبي، يجد نفسه في حضن الآب. وكلّ ما فقده أو ظنّ أنّه فقده يتجدّد له. وهنا يبدأ الإنسان قليلاً قليلاً تنفتح بصيرته الداخلية، فيَرى الملكوت داخله. ويحتاج الأمر جدّيّة في طلب الحياة، ومواظبة واعية على الخلود إلى النفس، في المَخدع المُغلَق كقول الرب.. ويبدأ يتحسّس بالحِسّ الروحي الداخلي وجود المسيح وحضوره، الذي لم يكن للحظة غائبًا ولكن السبب كان في تَغَرُّبنا في الكورة البعيدة. وللحال يبدأ الإنسان في الإحساس بأنّه ثابتٌ في المسيح بل والمسيح ثابتٌ فيه. وللحال أيضًا يتخلّى الإنسان عن الفكر القديم الذي عاش به لسنين، أنّه يعمل ويجتهد ويكسب ويبلغ إلى مُراده، ولأنّ ذراعه وفهمه هو السبب في كلّ ما هو عليه. وإذ يجحد هذا الفكر يعود إلى اتضاعه، وينسب الفضل كلّه لصاحب الفضل العامل فينا. وبإدراك ثباته في المسيح، لا يعود يجد سعادة أو فرحًا إلا في زيادة الإحساس بهذه النعمة، وهذا يتحقّق بأوقاتٍ كثيرة يخلو فيها الإنسان مع المسيح، ولا يريد أن يعكِّر صفو هذه الأوقات أي كائن مَن كان. وإذ يتدرّب الإنسان، تصير حواسّه الداخليّة مرهفة لإدراك حضور المسيح، حتّى في خِضَمّ زحام مشغوليات الحياة. + ويحلو للإنسان سواء مع نفسه أو مع الناس، أن يعيش الكلمات الحلوة: - «لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ» (في1: 21). - «لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَعِيشُ لِذَاتِهِ، وَلاَ أَحَدٌ يَمُوتُ لِذَاتِهِ. لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ» (رو14: 7، 8). - «لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أع17: 28). - «لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا» (يو15: 5). - «اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي» (يو15: 9، 10). بل يصير كلّ الإنجيل مُعاشًا، فتنفيذ وصايا يسوع سهلة، ليسَتْ ثقيلة، ونيره هيّن وحمله خفيف. كلّ هذا بسبب ثباتنا فيه، إذ يصير «هُوَ الْعَامِلُ فِينا أَنْ نُرِيدُ وَأَنْ نعْمَل مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ» (في2: 18). المتنيح القمص لوقا سيداروس
المزيد
04 مارس 2021

الصوم الكبير تاريخيًا

إن الصوم الأربعيني تقليد رسولي وهو تعليم كنيسة الإسكندرية منذ زمن بعيد فالقديس كيرلس الأول عمود الدين يقول في عظاته بخصوص الصوم الكبير إنه "حسب التقليد الرسولي"، ومن قبله البطريرك ثيؤفيلس يقرر ذلك أيضًا في خطاباته الفصحية، كما تحدث القديس ايريانوس "أبو التقليد الكنسي" عن أهمية الصوم الأربعيني الكبير، وأكد انه قديم العهد جدًا، وان طقسه يراعى في أنحاء العالم كله، ويرجع إلى أيام الرسل (Im. Epist. Ad. Vict. ).فالصوم هو أقدم وصية عرفتها البشرية منذ آدم الأول (تك 2: 16-17)، وقد أثبت ذلك أيضًا القديس يوسابيوس القيصري في تاريخه (5: 24) وقرر المؤرخ سقراط سوزمين في تاريخه الكنسي (7: 19) ان كنيسة مصر القبطية تصوم هذا الصوم سبعة أسابيع كاملة، ويقول القديس يوحنا كاسيان أن الصوم الكبير يقدم فيه الأقباط عشور السنة صومًا.وفى قوانين ابوليدس الروماني والمعروفة باسم التقليد الرسولي لهيبوليتس صيغة إخبارية تقول في وضوح وقوة أيام الصوم الكبير التي تثبت هي الأربعاء والجمعة والذي يزيد عليها ينال أجرًا. Hippolytus وتأتي الديسقولية فتقرر "فليكن عندكم جليلا صوم الأربعين المقدسة"، وتؤكد في الباب العاشر "وان تصوموا في كل عام أربعين يوما كما صام موسى وإيليا النبيان العظيمان، وجميع الأنبياء في العتيقة، وابتدأ سيدنا المسيح بذلك ليعلمنا أن نفعل ذلك قبل آلامه المحيية".وقد جاء في كتاب مصباح الظلمة "للأب القس أبو البركات المعروف بابن كبر" عن الصوم الكبير:- "وقد كان الآباء الرسل القديسون الأطهار ومن تبعهم من المؤمنين يصومون الأربعين المقدسة". ويذكر العلامة أوريجين فيقرر قائلًا "الأصوام التي نلتزم بها هي الأربعون المقدسة والأربعاء والجمعة"، كما وذكره روفنيوس المؤرخ ناسِبًا ذكره إلى العلامة اوريجين في تفسيره لسفر اللاويين. وقد وضعت الدسقولية عقوبة على من لا يصوم "أي أسقف أو قس أو شماس أو أيبذياكون أو أغنسطس أو مرتل لا يصوم صوم الأربعين المقدسة وصوم يوميّ الأربعاء والجمعة فليقطع ما خلا إذا امتنع لأجل مرض جسدي وإذا كان عاميا فليفرز".وبعض الآباء القديسين القدامى عندما كانوا يتأملون في الأربعين المقدسة، كانوا يقارنونها بعدد الساعات التي قضاها الرب في القبر وهي أربعون ساعة محسوبة، أي إننا نصوم عن كل ساعة قضاها الرب في القبر يومًا كاملًا فالصوم الأربعيني كان منذ العصر الرسولي، موجودًا منذ القرن الأول المسيحي ومارسته الكنيسة في كل أنحاء العالم وصامه المسيحيون(1). وقد ورد عن الأربعين المقدسة في الرسائل الفصحية لباباوات الإسكندرية، فنجد أن البابا أثناسيوس الرسولي حامى الإيمان البطريرك العشرين يقرر قاعدة الصوم الكبير في الرسالة الفصحية الثانية وفي الرسالة الثالثة والسادسة والسابعة(2). ونجد أن طقس تكريس الميرون المقدس، كان يتم في الأربعين يومًا، وهو ما قام به أيضًا قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث ، فقد قام غبطته بعمل الميرون مرتين في عهده المبارك - في زمن الأربعين المقدسة.ويتكلم أيضًا البابا كيرلس الكبير عمود الدين في رسائله الفصحية عن الأربعين المقدسة، وهنا تتقرر من رسائل القديس أثناسيوس والقديس كيرلس، وطقس الميرون، قاعدة الصوم الكبير.كما أشار إليه القانون الخامس من قوانين مجمع نيقية، كشيء ثابت ومقرر في الكنيسة المسيحية في العالم كله وذكرته قوانين الرسل، وقالت إنه تم إتباعا لما فعله السيد المسيح(3).لقد كان الصوم الأربعيني من الممارسات الروحية التي مارستها كنيسة الرسل عمود الحق وقاعدته، هيا مع الكنيسة التي هي باب السماء فلك نوح الجديد بل والحقيقي لنخلص لأن كل من كان خارجها هلك (1 بط 3: 20)، ولنتمتع باختبار الصوم الكبير المقدس من أجل بنيان حياتنا وشعبها الحقيقي، فنجتاز الصوم مع المسيح الذي صامه عنا (مت 4: 2)، وكما صام داود النبي (مز 35: 13)، ودانيال النبي (دا 9: 3)، وحزقيال النبي (حز 4: 9)، ونحميا النبي (نح 1: 3)، وعزرا الكاتب والكاهن (عز 8: 21).. فنكون غالبين للعالم والشيطان لأن (هذا الجنس لا يخرج إلا بالصوم والصلاة). القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية عن كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
المزيد
03 مارس 2021

أمثال شائعة مع شرح وتعليق

ما أكثر الأمثال الشائعة, بعضها بالعامية وبعضها بالشعر.وهى تجرى عند الناس مجرى الحكمة. ولكن ليست كلها سليمة تمامًا, وقد تحتاج إلى تعليق. ونذكر من بينها: 1- امشي على مهلك, علشان توصل بسرعة... ويضرب هذا المثل بوجه خاص لسائقي السيارات الذين بسبب السرعة المتهورة تحدث لهم حوادث غالبًا ما تعطلهم. فلو أنهم تجنبوا تلك السرعة, لأمكنهم تجنب الحوادث ووصلوا بسرعة ويمكن أن يستخدم هذا المثل للتحذير من كل سرعة ضارة.وينضم إلى هذا المثل مثلان آخران هما: 2- في التأني السلامة, وفي العجلة الندامة. وأيضًا: 3- العجلة من الشيطان: ويضرب هذا المثل بقصد التروي, والتفكير وعدم التسرع. ذلك لأن بعض الأمور التي تعمل بسرعة, لا تأخذ ما يلزمها من الدراسة.. ولكن يجب ملاحظة الفرق بين السرعة والتسرع.التسرع مذموم. ولكن السرعة قد تكون واجبة أحيانًا, كالسرعة في إنقاذ شخص في خطر, وفي إغاثة المحتاج, مثل السرعة في إطفاء حريق أو إنقاذ غريق. كذلك السرعة في أداء الواجب, والسرعة في التوبة قبل أن تمدّ الخطيئة جذورها في أعماق النفس. وأيضًا السرعة في دفع أجرة الأجير لأنه محتاج.وبهذه المناسبة, نذكر أن أحد الشعراء في التأني: قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجلِ الزللُ فردّ عليه شاعر آخر بقوله: وكم أضرّ ببعض الناس بطؤهمو وكان خيرًا لهم لو أنهم عجلو وفى هذا المجال لا ننسى المثل الشائع القائل: 4- كل تأخيرة وفيها ِخيرة (أي خير): ولعل المقصود به التأخير الذي سببه التفكير والتروي أو الانتظار للاستشارة الحكيمة, أو الانتظار لتدبير الوقت المناسب ولا نستطيع أن نقول إن هذا المثل سليم في كافة الأحوال, فهناك أمور لا يكون التأخير فيها للخير. كالذي يتأخر في علاج مرض, فتزداد خطورته ويصبح غير قادر للعلاج.وأمور كثيرة جدًا يكون التأخير فيها مضرًا, حتى في بعض الأمور المادية. مثل تأخير مشروع, حتى ترتفع الأسعار والأجور فتكون تكاليفه أكثر, ولا يكون التأخير فيه خيرًا. وأيضًا التأخير الذي تضيع به بعض الفرص المتاحة. نذكر بهذه المناسبة المثل القائل: 5- اضرب الحديد وهو ساخن ذلك لأنه في تلك الحالة يمكن طرقه وتشكيله. أما لو تأخرت حتى يبرد, يصعب ذلك العمل. ويضرب هذا المثل في انتهاز الفرصة المناسبة. وهناك مثل آخر يحتاج إلى تعليق وهو: 6- امشي سنه, ولا تخطى قنه (أي قناة): ويضرب هذا المثل في الحث على البعد عن الأخطار, ولو أدّى الأمر أن يتكلف الإنسان مزيدًا من الوقت والجهد. أي أسلك في الطريق الأكثر أمنًا, ولو كان طويلًا. فلا تختصر المشوار بأن تعبر قناة ربما تسبب غرقك. حتى لو اضطررت أن تمشى سنة.وطبعًا عيب هذا المثل أنه ضد الجرأة و المخاطرة, بزيادة الحرص! وما أسهل أن يعبر الإنسان بدون خوف أو خطر. هناك مثل في الابتعاد عن التحدث في عيوب الناس, وهو: 7- من كان بيته من زجاج, لا يقذف الناس بالحجارة لأنهم لو بادلوه حجرًا بحجر, لا نهدم بيته كله. ويضرب هذا المثل للذي يتكلم عن عيوب الناس وكله عيوب. ولعل المثل مأخوذ من قصة المرأة الخاطئة التي أراد بعض معلمي اليهود أن يرجموها, وهم أيضًا خطاة. فقال لهم السيد المسيح "من كان منكم بلا خطية, فليرمها بأول حجر". ويشبه هذا المثل قول أحد الشعراء: إذا شئت أن تحيا سليمًا من الذي وحظك موفور وعِرضك ميّنُ لسانك لا تذكر به عورة امرئٍ فكلك عورات وللناس ألسنُ وعينك أن أبدت إليك معايبًا فصنها وقل يا عينُ للناس أعينُ ويشبه هذا الأمر المثل القائل: 8- لا تعايرني ولا أعايرك, دا الهم طايلني وطايلك أي لا داعي لأن تعيب أحدًا على خطأ أنت واقع فيه. أو لا تشمت في مصيبة إنسان, وأنت في نفس الحال. مثل آخر عن إيذاء الآخرين, هو 9- إللي يشدّ ديل قط, يخربشه يضرب هذا المثل عن رد الفعل للإيذاء, فإنه يُقابل بإيذاء مثله. لذلك ينبغي البعد عن التحرش بالغير.وقيل عن المعاملات السيئة التي تطول وتستمر: 10- مِثل ليالي الشتاء طويلة وباردة ويقال ذلك عن العداوات والعلاقات التي تُتعب ولا تنتهي بسهولة. أو عن التجارب والضيقات التي تستمر زمنًا. 11- كثرة العتاب تفرّق الأحباب: لا مانع من العقاب في بعض الأمور بأسلوب فيه محبة. ولكن إذا كان الإنسان يعاتب على كل صغيرة وكبيرة, مظهرًا في عتابه أخطاء أصدقائه, فربما يتعبون من كثرة نقده لهم ويبتعدون عنه, كما قال الشاعر: إذا كنت في الأمور معاتبًا صديقك لم تلق الذي تعاتبه فعِش واحدًا أو صِل أخاك فإنه مقارف ذنب مرةً ومجانبه إذا أنت لم تشرب مرارًا على القذى ظمئتَ وأي الناس تصفو مشاربه 12- ويقول مثل أخر: من غرْبَلَ الناس نخلوه 13- كل عقدة ولها حلاّل: يُضرب هذا المثل, لكي لا ييأس أحد مهما كانت المشاكل. فلا توجد مشكلة بدون حلّ, بل يوجد من يحلّها. وكذلك كل باب مغلق له مفتاح يمكن أن يفتحه. والإنسان المؤمن يلجأ إلى الله, باعتباره حلال المشاكل أو قد ُيضرب المثل في مدح ذكاء من يقدر على حلّ العقدة, أو في النصح باللجوء إلى المتخصصين في حل العقد.ويشبه هذا التغير, مثل آخر يقول: 14- وكل فولة لها كيّال أي كل نوع من الفول, له متخصص في كيله. فليس الكل سواء... ويقرب من نفس المعنى, مثل يقول: 15- ما كل من لبس العمامة يزينها, ولا كل من ركب الحصان خيّال. أي أن المظهر الخارجي لا يدل إطلاقًا على حقيقة الشخص, ولا كل من يشغل وظيفة هامة يمكنه أن يشرفّ هذا المنصب.وكلمة خيالّ معناها من يتقن ركوب الخيل. فليس كل من ركب حصانًا يعتبر فارسا. ويشبهه مثل آخر يقول: 16- ما يجيبها إلا رجالها: أي لا يقوم بالمسئولية, ولا يحل المشكلة, إلا من اتصف بالرجولة. 17- إن فاتتك فرصة, فالتمس غيرها: يُضْرَب هذا المثل تشجيعًا لمن فشل في مرحلة ما, لكي يحاول مرة أخرى ولا ييأس مهما كانت الخسارة. وهو مثل يدعو إلى تجديد القوة, ورفع الروح المعنوية. ويكملّه مثل آخر يقول: 18- الجايات أكثر من الرايحات: أي أنه سوف تجئ فرص ومناسبات أكثر من الفرص التي مضت. فلا تندم على ضياعها. وليكن لك رجاء في المستقبل. 19- يقتل القتيل ويمشى في جنازته يقال عن الذي يتسبب في مشكلة, ثم يأتي ليعزى من أصابته المشكلة, ويواسيه بكلمات طيبة! 20- طلع من حفره, وقع في بير (بئر) أي نجا من مشكلة بسيطة, فوقع في مشكلة أصعب. 21- خبطتين في الرأس توجع أي أن الإنسان قد يحتمل ضربة واحدة. أما إذا كثرت عليه الضربات والمشاكل وفي مناطق موجعة, فإن نفسيته تتعب. وهذا هو ما شكا منه أحد الشعراء فقال: لو كان همًا واحدًا لاحتملته لكنه همُّ وثانٍ وثالثُ وقال آخر عن توالى المتاعب: كم أداوى الجرحَ قلّت حيلتي كلما داويت جرحًا سال جرحُ وفي توالى المتاعب، ضُرب المثل الآتي: 22- خلّي الميهّ (100) ميّه وأردب: أي أنه إذا وصلت الخسارة إلى مائة أردبًا, فلا يفرق كثيرًا إن كانت 101. ويضرب المثل للمشاكل أو الأخطاء العديدة, إن زادت واحدة... وعن الاغتياب والدسّ في الخفاء, قيل: 23- قُل في وشّه, ولا تغشّه. أي تكلم معه مواجهةً وبكل صراحة, خير من أن تخدعه بكلام معسول, غير ما تبطن. وقيل أيضًا عن مثل هذا المرائي الخدّاع: 24- في الوِش مرايه, وفي القفا سلاّية (أي شوكة). وهذه العبارة تعطى نفس معنى المثل السابق. أي لا تظهر أمام غيرك كأنك مرآة, لك نفس فكره ورأيه, بينما تكون شوكة في ظهره!وقيل عن التأثير الذي يظل باقيًا, مهما ابتعد صاحبه أو صمت: 25- يموت الزمّار وصباعه بيلعب ويضرب هذا المثل للآثار التي تظل باقية, حتى بعد انتهاء خدمة أو مسئولية صاحبها, سواء عن طريق إتباعه و حاشيته أو مؤلفاته. أو عن طريق تدخله الخفي في العمل, بعد تركه مسئوليته فيه.أو يُضرب المثل عن الشخص الذي تتخلص من زمالته, ولكن مؤامراته مازالت تلاحقك. أو يضرب عن الشّر الذي انتهى فعله, ولكن نتائجه مستمرة ولم تنتهِ. 26- الديك الفصيح من البيضة يصيح: أي تظهر شخصيته بمجرد أن يفقس (أي يخرج من البيضة). ويضرب هذا المثل لمن يظهر نبوغه من صغره, أو من تظهر مقدرته بمجرد توليه المسئولية. 27- إيه رماك على المرّ, قال: إللي أمرّ منه أي أن ما دفعه إلى الشدائد, ما هو أشد منها. فاختار أخف الضررين. 28- اللقمة الهنيةّ تكفى ميهّ (100) أي أن القليل, إذا تقاسمه بالمحبة كثيرون, فإنه يكفيهم جميعًا. 29- يعمل من الحبةّ قبةّ:- يضرب هذا المثل لمن يبالغ في الوصف, أو من يبالغ في المشاكل. 30- طول البال يهدّ الجبال:- أي أن الصبر وطول الأناة, يمكّنك من الانتصار على أصعب العوائق, حتى لو كانت في ثقل الجبال. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
02 مارس 2021

صِنَاعَةُ التَّوْبَةِ

ما دمنا نُخطئ كل يوم؛ إذنْ فلنتُبْ كل يوم ونجدد أنفسنا بالتوبة. فمراحم الله نحونا لا نهائية وتفوق كل تعبير. التوبة علاجها ليس له حدود؛ وخطايانا الكثيرة يقابلها مراحم لا تُعدّ ولا تُحصىَ... خطايانا المتكررة لن تستعصي إزاء صلاح الله اللانهائي؛ إنها تتلاشى أمام رأفاته التي لا تفرغ؛ هي تقودنا لكي نتبرر. وما لا نستطيع عمله؛ الله يستطيع بقدرته وبدم صليبه أن يكمله. التوبة هي عهد مع الله وتجديد للمعمودية؛ وهي حُكم على الذات؛ بها يتم المصالحة مع الآب وتطهير الوجدان. نعمل مشيئة الله مبتعدين عن شيطان الجولان. نتشبه بالمسيح في أقواله وأفعاله وأفكاره؛ كي ننجو من القصاص العادل بالشفقة الإلهية... يأتي هو ويدحرج القساوة من قلوبنا ويعتقنا من الحبس والظلمة الخارجية... نُرضي الرب كما يُرضي الجنديُ الملك؛ لأننا سنُطالب بدقّة عن ثمار توبتنا؛ وعلى قدر كثرة شدة تقيُّحنا تشتد الحاجة إلى التداوي؛ لا نميل يمينًا ولا يسارًا؛ ولا نلتفت إلى الوراء؛ فنرتدّ إلى خلف ونصير عمود ملح بلا حراك... نتوب عن شرنا وضعفنا حتى لا تصير أواخرنا أشرّ من أوائلنا؛ ويعطينا الله نعمته لكي نقبلها ونحرسها. ففي نعمته يكمُن خلاصُنا؛ وهي التي تسند توبتنا وتقودنا إن كنا نُخلص بحق. بالتوبة نصل إلى كنزنا الذي داخلنا وسُلَّم ملكوته فينا... سائرين بالتوبة؛ لأن الخلاص هو نصيب مَن يسلك حسب قانونها ويُصلح حاله بتوبته. نتوب عن أرواح الكذب والإدانة والطمع والتعظم ومحبة النصيب الأكبر والنجاسة والخبث والرياء... ولا نثق بطين جسدنا مدى الحياة؛ ولا نرتكن إليه حتى نقف أمام المسيح الديان؛ لأن الله لن يأتي بنا إلى الخلاص ضدًا لحرية إرادتنا؛ بل برغبة أنفسنا وتهليل قلوبنا. صناعة توبتنا تنقذنا من الخطأ وتمنحنا نعيم الملكوت. نتوب عن عبودية الخطية؛ وتكون كل كلمة وكل فعل من معلمنا الإلهي هي قاعدة وقانونًا لنا في التقوى والفضيلة والتجديد يومًا فيومًا؛ حيث يتأسس هيكل الثالوث القدوس في داخل قلوبنا؛ نفعل الأمور الصالحة ويكون الله نفسه هو مُبتغانا. نجمع زهور روحية تنسج لنا أكاليل سماوية وتنضح ثمرتنا (الزهور ظهرت) و (الطيب انسكب) عندما يجتذبنا المسيح نفسه إليه ويقرِّبنا منه. لا يذكر خطايانا وتعدِّياتنا فيما بعد؛ لأن التوبة الحقيقية هي معجزة شفاء عظيمة... وهي البشارة المُفرحة الجديدة... وهي عملنا الدائم الذي يلازم حياتنا باستمرار... نغيِّر أذهاننا وسلوكنا ونقوم من غفلتنا... هي (حزن مُفرح)... (حزن) الندم على خطايانا؛ و(فرح) رجاء الغفران. فهي ليست أزمة نفسية إنفعالية؛ لكنها تحوُّل داخلي وروح جديدة؛ نجحد فيها اليأس ونترجىَ حياة مستقيمة. فنحن لسنا في طريق مسدود؛ بل في سعة سكة الحياة؛ ننسى ما هو وراء ونمتدّ إلى ما هو قدام في موقف دائم ما دامت النعمة وافرة والإرادة حاضرة. حزن التوبة مضيء لأنه حزن بحسب مشيئة الله " يُنشئ توبة لخلاص بلا ندامة " (٢كو ١٠:٧). فما التوبة الصادقة إلا حالة (إنسان الحرية)؛ التي تثمر فرحًا وسلامًا وإنفكاكًا من ثقل الخطية وذنبها وعثرتها... إنه (اختبار) سلوك الحياة والبركة؛ ورفض الموت واللعنة. (اختبار) عمل الإرادة الإلهية من أجل المسرة. (اختبار) عمل الأعمال المرضية أمام الله. (اختبار) دعوة واختيار المُعَيَّنين للحياة الأبدية وللمُمسكين بها؛ والتي إليها دُعُوا. ساهرين صاحين متممين خلاصهم بخوف ورعدة... ملتحفين بنعمة الله المُخلِّصة لجميع الناس... حافظين وديعتهم إلى اليوم الأخير. لأن كل من لا يقدم توبة ينال الويلات والتوبيخ والهلاك "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو ٣:١٣)؛ فإن كان الله يتأنّىَ علينا ويتركنا هذه السنة أيضًا؛ فذلك لأنه لا يشاء قطعنا وهلاكنا؛ لكنه يقبل توبتنا ويبررنا؛ ويقبل ثمرنا إن كنا نرجع ونحيا... هو يمكث معنا ويدخل إلينا ويقبل كل من يُقبل إليه... يأتي عندنا ويصنع منزلاً؛ يدخل ويتعشىَ معنا؛ يُقيم فينا ويغفر لنا زلاتنا... كلما نحاسب أنفسنا ونُدرك ضعفنا ثم نقوم لنرجع إليه. وعندما نأخذ خطوة نحوه هو يأتي إلينا مبادرًا ويستقبلنا ويتحنن على كل راجع؛ يركض نحوه ويُلبسه الحُلة (المعمودية) والخاتم (الميرون) ويدعوه إلى ذبيحته المُثَمَّنة (الإفخارستيا) ليأكل ويفرح بالوليمة المجانية. يا لفِعل التوبة المستمر؛ إنه الحدث الفائق الذي نعود به إلى الله ونرجع إليه وتتغير حياتنا مجددًا. إنه سر حلاوة المسيحية في البداية الجديدة - (هَبني يا رب أن أبدأ) – نعرف زيفنا وسقطاتنا ليحل النور محل الظل والظلام؛ وتصير الخطية المتكررة والمحبَّبة مكروهة ومرفوضة بل وغريبة في نور ومعونة جمال المسيح الإلهي. وهي بالجملة معجزة غفران خطايانا وعمل الله المعجزي معنا مثلما مع السامرية والابن الضال؛ نسرع وننزل مع زكا؛ فنلتقي بالقدوس والبار الذي دعانا لنتوب؛ حاملاً خطايانا في جسده على الخشبة؛ وبه نكون أعظم من منتصرين... متحصِّنين بختمه الملوكي الخلاصي العجيب؛ وبعلامة ضمانته المخلِّصة الموسومة لمعونتنا والتي لا تُمحىَ. ويعتبر الآباء أن التوبة هي برهان التقوى وصدق العِشرة المقدسة مع الآب والمسيح والروح القدس. وبها نختبر الثمار اللائقة التي تفتح إضاءة طريق الملكوت؛ كخطّ ونصيب أبدي في فرح لا يُنطق به... نتوب عن كل شر ولا تسودنا الخطية بسلاح الإنجيل وحلول المسيح في إنساننا الباطن. نجاهد لنضبط أنفسنا في كل شيء؛ وبإصرار نرفض تذكارات الشر ومعقولات إبليس وحِيَله... هو يكرر عمله ونحن نكرر رفضنا " قاوموه راسخين في الإيمان " (١ بط ٩:٥). وبتعب التوبة اليومي لا تعود قلوبنا تتقسىَ عبر أزمنة الحياة وحتى غروب العمر؛ لأن التوبة تُقاس بصدق ميل القلب وحرارته ورغبته؛ وبإدراك مقدار الدَّيْن الذي سامحنا به الله... وإله الفرصة الثانية المتجددة هو إله المستحيلات الذي لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا؛ وهو الفخاري الذي يصيغنا من جديد ويصنعنا آنية كرامة له... يعود ويعملنا وعاءً جديدًا كما يحسُن في عينيه. توبتنا هي طريقنا ومسيرة نموّنا. قائدها الروح القدس؛ تصل بنا إلى الشبه الإلهي؛ وهي لا تكمل إلا بإستجابة عمل النعمة فينا وبإتمام الوصايا وعدم التأجيل أو الإهمال والتحول للطابع الحسن؛ حسب متطلبات قصد دعوتنا التي بها نكون مرضيين عنده وغير مرفوضين... وتستمر توبتنا هذه دائمة حتى القبر عندما نربط كل شيء بما يطلبه منا سيدنا وملكنا في الخفاء والعَلَن؛ وفي كل ما يجعلنا مقبولين عنده. متممين عمله الذي يُنشئ فينا إرادة الخلاص والثبات في توبة تستمر (ستين ثانية × كل دقيقة × ستين دقيقة × كل ساعة × عدد سنوات العمر = توبة الحياة وحياة التوبة). تتفق فيها توبتنا مع عظم إحسان الله تجاهنا؛ فتجعله يتحنن ولا يلاحقنا بغضبه؛ إنما يُدركنا بصلاحه: نطلب الحق / نُنصف المظلوم / نُقضي لليتيم / نُحامي عن الأرملة / نتحاجج معه وهو يسير معنا كل الطريق؛ نمشي له خطوة وهو يقترب نحونا أميالاً ليبيِّضنا كالثلج ويُذيقنا حلاوته ويفتح أمامنا الأبواب؛ فندخل إلى المنازل الكثيرة... وكلما ندخل تنفتح أمامنا أبواب جديدة وتنكشف لنا أعماق العجائب؛ وننال فرح توبة الربيع الروحي... نجني بذار بهحة التحرر من الذنب والمَلامة؛ ونحصد بركات النهوض من السقطة والغفلة. وكما خلُصت رَحاب الزانية واللص اليمين الذي صار أول مواطني الفردوس؛ ومثل العشار الذي صار إنجيليًا؛ والمجدِّف الذي نال رتبة الرسولية، هكذا نحن نكمل صناعة توبتنا في كل زمان مهما كان هو لنا زمان توبة. القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية
المزيد
01 مارس 2021

الصوم الكبير كنسيًا

للصوم الأربعيني الكبير مكانة خاصة في كنيستنا، فهو أقدس أيام السنة، ونقول عنه إنه صوم سيدي، لأن سيدنا يسوع المسيح قد صامه، لذا فهو من الأصوام الهامة في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية. وتدخل الكنيسة فيه فترة اعتكافها وتوبتها الليتروجية، فهو ربيع السنة الروحية وزمن الاعتكاف والالتقاء مع الله. ورسمت كنيستنا هذا الصوم ووضعته في برنامجها تشبها بربنا يسوع المسيح نفسه الذي صام عنا أربعين يوما وأربعين ليلة لم يأكل شيئا فيها.. لذلك اعتبرته فترة تخزين روحي للعام كله ولأهمية الصوم الكبير كان الآباء يتخذونه مجالا للوعظ، مثل القديس يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية، والقديس أغسطينوس إبن الدموع أسقف هيبو واللذان اشتهرت عظاتهما في زمن الصوم الكبير.بل وكانت الكنيسة تجعل أيام الصوم الكبير فترة إعداد للمقبلين على العماد بالتعليم والوعظ ليتقبلوا نعمة المعمودية، فكانت تقام فصول للموعوظين خلال هذا الصوم تلقى فيها عليهم عظات لتسليمهم قواعد الإيمان وتثبيتهم، وهكذا ينالون العماد في يوم "أحد التناصير"، لكي يعيدوا مع المؤمنين في الأحد التالي أحد الشعانين، ويشتركوا معهم في صلوات البصخة وأفراح القيامة.. وقد اشتهرت عظات القديس كيرلس الأورشليمي لإعداد الموعوظين للإيمان خلال فترة الصوم، ومن ثم أصبح الصوم الكبير من أهم الأصوام وأقدمها أيضا والصوم الأربعيني المقدس عبارة عن ثلاثة أصوام، الأربعون المقدسة في الوسط يسبقها أسبوع تمهيدي ويعقبها أسبوع الآلام. أسبوع الاستعداد الأربعون المقدسة 55 يومًا أسبوع الآلام ولاهتمام الكنيسة بهذا الصوم سمته الصوم الكبير، وإذا كان السيد المسيح قد صام عنا وهو في غير حاجة إليه فكم بالحري نحن، وقد مهدت الكنيسة لهذا الصوم بصوم يونان، لتعدها أولادها للصوم الكبير قبل أن يبدأ بأسبوعين، ولتجعله ربيعا للنفس والكنيسة، حيث تتجدد الطبيعة البشرية لتزهر في يوم الأزهار العظيم يوم عيد القيامة المجيدة الذي هو عيد الأعياد ولان الصوم الكبير اكبر الأصوام الكنسية وأقدسها لذا رتبت له كنيستنا طقسًا خاصًا، فله الحان خاصة ومردات خاصة، وله قراءات وقطمارس خاص (قطمارس الصوم الكبير) katameooc، وله ترتيبه وطقسه الخاص (الطقس الصيامي)، في رفع بخور باكر ومطانيات وسجدات metanoia وميامر وطلبات ونبوات وقراءات من العهد القديم،وهكذا جعلت الكنيسة للصوم جوا روحيا خاصا، وهو ما سنتأمل فيه عندما عندما ندخل إلى رحلة الصوم الكبير في المنهج الليتورجي التعبدي.ولما كان هذا الصوم اقتداء بالمسيح لذا رتبته الكنيسة، لتدعونا فيه إلى تبعية المسيح، وبهذا تكون قد أدخلت حياته في جسدها لتكون أفعال حياة رب المجد يسوع هي حياة أعضائها، تقتدي به في منهجها الحياتي، وبهذا تصبح حارسة على سر اللاهوت النسكي الذي أسسه الرب بصومه الأربعين المقدسة، ومن هنا أتت عظمة هذا الصوم في انه يأتي تشبها بصوم السيد المسيح الذي جعلته الكنيسة سرا تسلمه لأولادها العابدين وقصدت الكنيسة من وضع هذا الصوم أن يكون موسم توبة جماعية، لأن كنيستنا جموعية، وتدبير هذا الصوم إنما هو تأكيد لمضمون الشركة في جسد المسيح، لتصير توبتنا الجماعية هدف وقصد هذا الصوم من اجل النمو الجماعي والحب الجماعي والحرارة الجماعية والكرازة الجماعية والصلاة الجماعية كما من قلب واحد، في الكنسية مدينة الرب مسكن القديسين ومجمع الأبرار.لأن كنيستنا ليست كنيسة أفراد، ولكنها كنيسة أعضاء، فهي لا تعرف الفردية ولكنها كنيسة جموعية وكنيسة شركة، (شركة مع الثالوث القدوس، شركة مع القديسين، وشركة مع جماعة المؤمنين أعضاء الجسد الواحد). نتقدم فيها لنأكل جسد الحمل الذي بلا عيب، الذي ينزع خطايا العالم، نأكله في بيت واحد، أي في الكنيسة الجامعة المرشوشة بالحب والحاملة سلاح الفضيلة. القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية عن كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
المزيد
28 فبراير 2021

تَذْكَارُ سَاوِيرُوس الأنْطَاكِي (تَاجُ السُّرْيَانِ)

حينما نذكر سيرته العطرة؛ إنما نعيِّد ونكمل بشكل خاص ذكرى المعلمين اللابسي الروح، فكلهم تكلموا روحيًا بفمه الطاهر. وُلد ساويروس سنة ٤٥٩ م في أسيا الصغرى وسُمي بإسم جده لأبيه، وقد درس الأدبين اليوناني واللاتيني في المدينة العظمى الأسكندرية مع شقيقيه الأكبرين، وكان له زميل فاضل يُدعى زكريا الفصيح؛ وهو الذي أسهم في قيادته روحيًا حتى نال صبغة المعمودية المقدسة. درس وعشق تعليم أثناسيوس السكندري وباسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي؛ وأيضًا مصنفات السميين الثلاثة غريغوريوس؛ والذهبي الفم وكيرلس الكبير الحكيم، وكانت أقوالهم وكتاباتهم موضع دراسته وتأملات شبابه؛ معتبرًا أن تعليمهم كنهر؛ مَن لا يشرب منه لا ينتفع، ممتدحًا إياهم؛ لأنهم لم يكتفوا بالكلام بل بالجراءة والعمل؛ وأظهروا رغبتهم في الاستشهاد؛ وما كانوا متعلقين بكراسيهم؛ لكنهم غاروا غيرة عظيمة وغربوا عن العالم ليشرقوا في المسيح شمس البر. سافر إلى مدينة طرابلس ببيروت سنة ٤٨٨ م ليدرس البلاغة والشرع ومصنفات علماءالكنيسة الأُوَل، فقادته النعمة الإلهية إلى دعوة حياة الرهبنة ولبس الإسكيم.. فكتب رسالة في الإيمان إلى رؤساء الأديار حول طبيعة المسيح الكريستولوجية (طبيعة واحدة للكلمة المتجسد)؛ ودافع عن الإيمان السليم؛ مستحضرًا النسخ الأصلية لمقالات ورسائل كيرلس السكندري، ثم ألف كتابًا أسماه فيلو لاتيس (محب الحق)؛ دفاعًا عن كيرلس الحكيم قبالة الخلقيدونيين؛ ودحض طومس لاون؛ ناسجًا على منوال آباء كنيسة الأسكندرية (أثناسيوس وكيرلس وديسقوروس). رُسم كاهنًا سنة ٥٠٨ م وكانت خدمته الكهنوتية التي عاشها ورآها وكتب عنها عبارة عن: الاستعداد والتقديس أولاً ثم التعليم ثم التدبير؛ من أجل عمل خدمة بناء جسد المسيح... فكان هادئ الطبع؛ دقيق الفكر؛ متفوق في التعليم؛ ودرس الفلسفة واستعملها استعمالاً حسنًا كسلاح خاص، وقد رفعته النعمة وقادته عبر شروحات الكتب المقدسة وممارسة الليتورجية، واضطلع على علوم الوعظ ومعرفة التفسير الكتابي؛ واستعمل الشرح من أجل اللاهوت... فجاءت عظاته شرحًا لآيات الكتب المقدسة ولتفسير المشاهد الإنجيلية، متتلمذًا على الحُجج الآبائية التي تعلّم منها الفلسفة العالية الحقيقية، مميزًا للتعليم السليم داحضًا شر الهراطقة؛ لأن الحق يجتذب إليه الذين يستحقونه كما يجتذب المغناطيس الحديد، وقد تضمنت مجموعة الباترولوجيا الشرقية (Patrologia Oriantalis) ]فكره وسيرته النابعة من الكنيسة المؤسسة على صخرة الإيمان العقلي الكلمة الإلهي[. عاش مسيرة رسالته الكهنوتية في ثلاث محطات الاستعداد والتقديس ثم التعليم ثم التدبير، فكان استعداده في الانطلاق للرعاية على مثال موسى النبي ويوحنا المعمدان وصموئيل وشخصيات الكتاب المقدس؛ وبالأخص الرسولين بطرس وبولس، كذلك كشف عن حقيقة وجه الكاهن بأنه مكلَّف بواجب تعليم الشعب وتدبيره وتعزيته (عَزّوا عَزُوا شعبي)؛ فيكون للكاهن سمع دقيق وحاسة روحية بواسطة التنقية والنسك؛ كي يدرك الرؤى التي تأتي من الله؛ حتى يشهد ويتكلم (آمنتُ لذلك تكلمتُ) وعندئذ تدخل الكلمة إلى قلب أورشليم لتلامس السامعين وتعبر إلى داخل نفوسهم. تم انتخابه بطريركًا لأنطاكية في مجمع صُور سنة ٥۱۲ م لكنه حاول الإفلات دون جدوى؛ حيث اقتبل رتبة البطريركية السامية؛ ليكون خليفة للقديس بطرس الرسول؛ فرعى رعية الله بأمانة وبر، وفي سنة ٥۱٨ م ثار اضطهاد عنيف على الأرثوذكسيين؛ حيث تم نفي الأساقفة الذين لا يقرون المجمع الخلقيدوني... إلى الحد الذي وصل لإصدار أمر بقطع لسان ساويروس الأنطاكي، فصار هائمًا على وجهه يبحث له عن ملجأ يواريه عن أبصار المضطهِدين؛ فأبحر إلى مصر واستقر فيها مدة عشرين سنة؛ وتنيح سنة ٥۳٨ م في مدينة سخا؛ ثم نقلوه بإكرام جزيل ليُدفن حيث كان يعيش في دير الزجاج (غرب الأسكندرية). وتعيِّد له الكنيسة القبطية في ۲ بابى لتذكار مجيئه إلى مصر؛ وفي ۱٤ أمشير لتذكار نياحته؛ وفي ۱٠ كيهك لتذكار نقل جسده إلى دير الزجاج.. إن اسمه عظيم لأنه خدم القدوس العجيب في قديسيه الذي لعظمته المجد والإكرام والسجود. اذكروني في صلواتكم القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية
المزيد
27 فبراير 2021

الضعف: أنواعه وأسبابه وعلاجه

على الرغم من محبه الناس للقوة و تمجيدهم لها، إلا أنه لا تزال هناك ضعفات يتصف بها البعض، وتكون سببًا للشكوى، أو سببًا للألم. وقد يوجد شخص قوى بصفة عامة، إلا أن له ضعفًا في زاوية معينة من حياته، أو في جانب معين من تصرفاته فما هي إذن أنواع الضعف؟ وكيف يمكن معالجة كل نوع منها؟ وما هو موقف الأقوياء من الضعفاء؟ هذا ما نود أن نتحدث اليوم عنه... أنواع الضعف 1- قد يوجد عند إنسان ضعف، لا ذنب له فيه:- مثال ذلك ضعف وصل إليه عن طريق الوراثة، أو ظروف ولادته. سواء كان ذلك الضعف في جسده، أو في قواه العقلية، أو في مستوى اجتماعي ضعيف، أو في أسرة لا تساعده على الحياة السويّة، أو أنه نشأ بأسلوب تربوي خاطئ ترك في نفسيته ضعفات تتعبه في مستقبل حياته ونلاحظ أن ضعف الجسد قد يقاسى منه الإنسان الروحي أيضًا. إذ لا يقدر على ممارسات روحية معينة بسبب ضعف جسده وعدم قدرته. فعلى الإنسان الروحي ألا يصيبه هذا بالإحباط، بل يعمل على قدر ما يحتمله جسده... 2- وقد يوجد شخص، أعصابه ضعيفة:- وهو لهذا السبب ضعيف الاحتمال، يثور ويغضب بسرعة، ويغضب بسرعة، ويخطئ في غضبه. ويحتاج إلى إنسان قوى وطويل البال و رحب الصدر، يمكن أن يحتمله. إذ يجب على الأقوياء أن يحتملوا ضعفات الضعفاء. ومعروف أن الإنسان القوى هو الذي يستطيع أن يحتمل. أما الغضوب الذي يثور ويخطئ إلى غيره، فهو الإنسان الضعيف على أن الغضوب يلزمه أن يعالج الضعف الذي فيه، أعنى الغضب وذلك بأن يبعد عن أسباب الغضب، وعن المجالات التي تثير أعصابه. فيمارس تداريب روحية في البعد عن الغضب. ويقوّى أعصابه من الناحية الجسدية. ويتأنى في انفعاله وفى ثورته. ويفكر في النتائج السيئة لغضبه و نرفزته قبل أن يغضب. ويتدرب على ضبط النفس. كما يقرأ كثيرًا عن الودعاء و الهادئين محاولًا أن يتأثر بسيرتهم ويتمثل بهم. ويحترس من أن يقول "هكذا طبعي"! فالمفروض أن ينتصر على طبعه... 3- هناك نوع آخر من الناس ضعيف في إرادته:- فالخير الذي يقتنع به، يعجز عن تنفيذه. إذ تنتصر شهواته أو طباعه على اقتناعه، فيضعف. أو قد يكون مثل هذا الشخص، من طبعه التردد. فإرادته لا تستطيع أن تقرر ما ينبغى أن يفعله. وإن قرّر شيئًا، لا يمكنه أن يثبت فيه، بل تراوده أفكار أخرى وتوجد تداريب كثيرة لتقوية الإرادة. وقد يستطيع أن يقوىّ إرادته، عن طريق التغصب، وقهر الذات في أخطائها، أو عن طريق الصوم. كما يصلح له أن يستشير مرشدًا روحيًا يثق تمامًا بحكمته، ويخضع لإرشاده وإن كانت هناك عادة تسيطر عليه، ينبغي أن يقاومها، ولا يستسلم لها، لأن هذا الاستسلام يزيده ضعفًا على ضعف... 4- يوجد إنسان آخر يتعبه ضعف إيمانه:- له إيمان نظري، ولكن هذا الإيمان من الناحية العملية يمكن أن يضعف. وإن تعرض لمشكلة، ينهار أمامها ويخاف. ويدل انهياره على ضعف إيمانه بحفظ الله له ورعايته وحمايته. وإن صلى صلاة، ولم يشعر باستجابة سريعة، يبدأ أن يشك في جدوى الصلاة وفى معونة الله! بينما يكون الحلّ قادمًا من عند الله، ولكن هذا الضعيف لم يستطيع أن ينتظر! بل هو يحتاج أن يثق بأن الله يعمل لإنقاذه، مهما بدا له أن المعونة قد تأخرت! 5- نوع آخر من الضعف هو ضعف النفسية:- وهذا النوع من الناس الضعاف النفسية يسمونهم أحيانًا "صغار النفوس". وهم يقلقون بسرعة ويخافون ويضطربون، بل قد ينهارون ويبكون. وربما يقعون في اليأس. وهم قليلو الاحتمال، وسريعو الانفعال، ويحتاجون باستمرار إلى من يسندهم. وقد يكون البعض منهم كبيرًا في سنّه، ولكن له نفسية الصغار..! 6- نوعيات أخرى من الضعف:- منها ضعف العقلية. ويتمثل في من يتصفون بمستوى ضعيف في درجة الذكاء، ويشمل ذلك ضعفًا في الذاكرة وهناك أيضًا ضعف الشخصية ومن صفاتها العجز عن التصرف السليم، وسهولة الانقياد، وسرعة التحول، وعدم الثقة بالذات أما ضعف الروح فهو الذي يستسلم للخطيئة بدون مقاومة تُذكر، ولا يصمد أمام حروب الشياطين وإغراءات المادة وشهوات الجسد من بين أنواع الضعف أيضًا: ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة.. موقفنا من الضعفاء:- إن كنت أنت ضعيفًا، فلا تيأس من ضعفك، بل حاول أن تعالجه وإن رأيت شخصًا ضعيفًا، فلا تحتقر ضعفه، بل تذكر الحكمة التي تقول "شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ".. (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي 5: 14)لذلك افتحوا طاقة من الرجاء، لتضئ على الذين يسيرون في الظلمة خائفين ومضطربين. امنحوهم ثقة، وحدثوهم عن تدخل الله في حياتهم ولو في آخر لحظة. واحكوا لهم قصصًا عن الذين سقطوا وقاموا وصاروا من الغالبين، ومن الذين فشلوا أولًا ثم نجحوا أخيرًا، ومن كفاح الضعفاء الإنسان القوى، لا يجوز له أن يفتخر على الضعيف، ولا أن يستصغروه، ولا يشهر به. بل على العكس يشجعه، ويمنحه من القوة التي فيه التي منحه الرب إياها. والله نفسه- تبارك اسمه- يعتني بالضعفاء، كما يعتني بالأطفال، ويسندهم، ويشفق عليهم.وكل إنسان معرض للضعف أحيانًا. والذي تدفعه الكبرياء إلى احتقار الضعيف، ما أسهل أن يضربه الشيطان فيضعف أو يسقط..! معالجة الضعف:- 1- مهما كنت ضعيفًا، لا تيأس:- لا تفقد الأمل مطلقًا. لأن اليأس يحطم النفس، ويجعلك خائر القوى، تستسلم للضياع، وتستمر في الضعف وفي الخطأ، وكأنه لا فائدة من الجهاد!! ضع أمامك أمثلة لمن كانوا في حالة أسوأ من حالتك، وقد خلصهم الله من نقائصهم. 2- جاهد بكل ما عندك من قدرة مهما كانت ضئيلة:- وجهادك يدل على رغبتك في القيام، متذكرًا أن أطول مشوار كانت أوله خطوة، وأن أكبر مشروع ناجح كانت بدايته فكرة. وأن حفنة من القمح ترميها في الحقل تنتج لك جوالات من الحنطة. 3- ابحث عن سبب ضعفك، وحاول أن تعالجه:- سواء كان في داخل نفسك من صفة فيك، أو من تأثير خارجي عليك أن تقاومه وتبعد عنه. وأعرف أن كل مشكلة لها حلّ أو حلول، وأن كل باب مغلق له مفتاح أو عدة مفاتيح. وكل مرض له وسائل للعلاج.. 4- اطلب معونة من الله، واجعل ضعفاتك مجالًا لصلواتك:- وكن واثقًا أن الله يسمع وأنه يستجيب، لأنه يحب الخير لك، ويعمل لأجل منفعتك. وعليك أنت أيضًا أن تعمل. فالمعونة التي تأتى من فوق يمكن أن تسند الضعف الذي يجاهد ولا يكل وكن باستمرار متفائلًا، متوقعًا خيرًا. وليكن الله معك. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل