المقالات

05 يوليو 2023

الخادم الروحي

هناك سؤال يجول في نفس وفي أعماقي أحقًا نحن خدام؟ سهل أن يرتئي الواحد منا فوق ما ينبغي (رو3:12) ويظن أنه خادم الله!! بينما الخدمة في أعماقها الروحية لها مقاييس عالية، ربما نحن لم نصل إليها أو ربما نكون قد بدأنا كخدام روحيين، ولكننا لم نحتفظ بهذا الطابع طول الطريق فلنبحث إذن معًا من هو الخادم؟ الخادم الروحي هو لحن جميل في سمع الكنيسة، وأيقونة طاهرة يتبارَك بها كل من يراها وهو سلّم يصل إلى السماء دائمًا، يصعد عليه تلاميذه إلى فوق هو جسر ينقل غيره من شاطئ العالميات إلى شاطئ الروحيات، أو ينقلهم من الزمن إلى الأبديةهو صوت الله إلى الناس وليس صوتًا بشريًا، بل هو فم يتكلم منه الله، ينتقل إلى الناس كلمة الله. الخادم الروحي هو نعمة إلهية أرسلت من السماء إلى الأرض هو زيارة من زيارات النعمة، يفتقد بها إلهه بعضًا من شعبه يقدم لهم مذاقة الملكوت وطعم الحياة الحقيقية. الخادم الروحي هو إنجيل متجسد، أو هو كنيسة متحركة هو صورة الله أمام تلاميذه هو نموذج للمثل العليا، وقدوة للعمل الصالح، ووسيلة إيضاح لكل الفضائل. الخادم الروحي يشعر بالدوام أنه في حضرة الله وتكون الخدمة بالنسبة إليه كمذبح مقدس، وعمله فيها رائحة بخور مهمة الخادم الروحي هي إدخال الله في الخدمة وهو يردد في قلبه قول المرتل في المزمور "إن لم يبني الرب البيت، فباطلًا تعب البناءون" (مز1:126) . الخادم الروحي له باستمرار شعور الانسحاق وعدم الاستحقاق يشعر أنه فوق مستواه أن يعمل على إعداد قديسين، وأن يهيئ للرب شعبًا مبررًا (لو7:1)، مدركًا تمامًا أن تخليص النفوس البشرية أمر أعلى منه إنه عمل الله وإن اشتراكه مع الله في العمل، وشركته مع الروح القدس في بناء الملكوت وفي تطهير القلوب، كلها أمور لا يستحقها ولكنه على الرغم من شعوره بعدم الاستحقاق، فلا يهرب من الخدمة، بل يدفعه هذا الشعور إلى مزيد من الصلاة، حيث يقول للرب باستمرار هذه الخدمة يا رب هي عملك وليس عملي وأنت لابد ستعمل بي أو بغيري وأنا مجرد متفرج أتأمل عملك وأفرح وأسر (يو29:3) حقًا "ليس الغارس شيئًا، ولا الساقي شيئًا لكن الله الذي ينمي" (1كو7:3) فأعمل يا رب عملك، وفرّح قلوب أولادك ولا تمنع عنهم نعمة روحك القدوس بسبب أخطائي أو ضعفاتي أو تقصيري وهكذا بلجاجته في الطلب، ينال الخادم نعمة من الله وعندما تنجح الخدمة، يعطي مجدًا للرب الذي عمل العمل كله الخادم الروحي هو باستمرار رجل صلاة بالصلاة يخدم أولاده وبالصلاة يحل مشاكل الخدمة وتكون الصلاة بالنسبة إليه كالنفس الداخل والخارج، كما قال الآباء بعض الخدام يظنون أن غاية الإخلاص للخدمة، هي أن يعملوا أما الخادم الروحي فيرى أن غاية الإتقان هي أن يعمل الله ليس معنى هذا أن يكسل ولا يعمل!! كلا، بل هو يعمل بكل جد وبكل بذل، ولكن ليس هو، بل الله الذي يعمل فيه كما قال القديس بولس الرسول "لكن لا أنا، بل نعمة الله التي معي" (1كو10:15) وكما قال أيضًا "لكي أحيا لا أنا، بل المسيح الذي يحيا فيّ" (غل20:2). الخادم الروحي هو شعلة متقدة بالنار هو غيرة ملتهبة لخلاص النفس يقول مع داود النبي "لا أدخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطي لعيني نومًا، ولا لأجفاني نعاسًا إلى أن أجد موضعًا للرب (في قلب كل أحد) (مز131). الخادم الروحي هو رائحة المسيح الذكية (2ك 15:2) يشتم منه الناس رائحة المسيح، لأنه رسالته المقروءة من جميع الناس هو محرقة رائحة سرور للرب (لا1)، تشتعل فيها النار الإلهية، نار تتقد ولا تطفأ، حتى تحولها إلى رماد. صفات الخادم الروحي 1- الخادم الروحي هو حركة دائبة دائمة متجهة نحو الله أو هو حركة داخل قلب الله، بسبب حركة إلهية داخل قلبه إن يتعب دائمًا لأجل راحة الآخرين وراحته الحقيقية في أن يوصل كل إنسان إلى قلب الله هو شمعة تنير لكل من هو في مجال نورها وقد تذوب حرارة وحبًا لكي يستضئ الناس بها، ولكي يتحقق قول الرب "أنتم نور العالم" (مت14:5). 2- الخادم الروحي هو إنسان دائم الصراع مع الله يجاهد مع الثالوث القدوس، من أجل نفسه ومن أجل الناس لكي يأخذ منه وعدًا لأجل المخدومين، حتى تصير أنفسهم ناجحة (3يو2) ومقبولة أمام الله.. 3- الخادم الروحي هو روح، وليس مجرد عقل. ليس مجرد مدرس، ولا مجرد حامل معلومات ينقلها إلى الناس بل هو روح كبيرة اتحدت مع الله، واختبرت الحياة معه، وذاقت ما أطيب الرب وتريد أن تنقل هذه الحياة إلى غيرها تنقلها بالمشاعر، بالمثال الحي، بالقدوة الصالحة، بالصلاة والابتهال لأجل المخدومين إنه لا يلقي دروسًا، بل هو نفسه الدرس إنه العظة قبل أن يكون واعظًا.. إنه يدرك أن تحضير الدرس أو العظة ليس مجرد تحضير المعلومات، إنما هو تحضير ذاته، لتكون صالحة لعمل الروح فيه.. يذكر باستمرار قول الرب "من أجلهم أقدس أنا ذاتي، لكي يكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو19:17) ويضع أمامه العبارة التي قالها القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف "لاحظ نفسك والتعليم، وداوم على ذلك. لأنك إن فعلت ذلك تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضا" (1 تي16:4). 4- الخادم الروحي لا يتحاج تلاميذه إلى افتقاد: لأنهم من تلقاء ذاتهم يشتهون درسه اشتهاء. وعندما يرونه في الكنيسة، يكونون كمن وجد غنائم كثيرة أنهم ينتفعون من منظره ومن معاملاته، كما ينتفعون من كلامه وربما أكثر كما أنه يستطيع أن يربطهم بالحب برباط قوي يجذبهم بشدة إلى الله وإلى الكنيسة. إن درسه شهوة لنفوسهم ولأرواحهم ولقلوبهم ولعقولهم. 5- الخادم الروحي يحب تلاميذه، ويحب خلاص نفوسهم محبته لهم هي جزء من محبته لله وملكوته. وهو يحبهم كما أحب المسيح تلاميذه وقيل عنه إنه "أحب خاصته الذي في العالم. أحب حتى المنتهى" (يو1:13) الخادم الروحي يحب الله من كل قلبه ويريد أن تلاميذه يحبون الله مثله فإن أحبوا الله تزداد محبته لهم إعجابًا بروحهم وإن سقط بعضهم، تزداد محبته لهم إشفاقًا عليهم وسعيًا لإنقاذهم وبهذا الحب كله، يعطيهم صورة مشرقة عن الدين وعن الله. 6- الخادم الروحي، أولاده روحيون مثله: لأنه يربيهم في حياة الروح، فيكونون على شبه ومثاله وعلى نفس القياس: الخادم الاجتماعي أولاده اجتماعيين والخادم العقلاني الذي لا يهتم إلا بالعِلم، يكون أولاده مجرد كتب تحمل معلومات ما أصدق قول الكتاب في قصة الخليقة، إن الله خلق "شجرًا ذا ثمر، يعمل ثمرًا كجنسه شجرًا يعلم ثمرًا، بذره فيه كجنسه" (تك11:1، 12) إن كان الأمر هكذا، فلنحترس نحن كيف نكون.. لأنه على شبهنا ومثالنا سيكون أولادنا. 7- الخادم الروحي يشعر أن أولاده أمانه في عنقه: سيعطي عنهم حسابًا أمام الله في يوم الدين. أنهم أولاد الله وقد تركهم في يديه ليقوم بخدمتهم "ويعطيهم طعامهم في حينه" (لو42:12) لذلك هو يعمل على الدوام بخوف الله، شاعرًا بمسئوليته أريد من كل خادم أن يسأل نفسه عن ثلاثة أمور روحانية خدمته، وروحانية حياته، وروحانية أولاده روحانية حياته من أجل أبديته وخلاص نفسه، وبسبب تأثير حياته على مخدوميه. وروحانية خدمته حتى تكون ذات تأثير مثمر في إيجاد جيل روحاني أما عن روحانية أولاده فتحتاج منه إلى جهد وصبر وطول أناة. 8- الخادم الروحي يطيل باله جدًا، حتى تنبت بذوره وتنمو: وحتى تخضر وتزهر وتثمر ولا يضيق صدره ولا ييأس إن تأخر إنباتها أو إثمارها إنما يجاهد على قدر ما يستطيع، ويشرك الله معه، ويضع أمامه قول الرسول "يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضفعاء" (رو1:15) إن بعض النفوس لا تعطي ثمرًا سريعًا وبعضها لا يستطيع أن يتخلص من أخطائه بسرعة وهؤلاء وأولئك يحتاجون إلى من يطيل روحه عليهم حتى يخلصوا كما يطيل الله أناته علينا، ليقتادنا إلى التوبة (رو4:2) قال القديس يوحنا ذهبي الفم إن كان الجنين الجسدي يحتاج إلى شهور طويلة إلى أن يتكامل نموه ويخرج، فلنصبر إذن على الجنين الروحي حتى يكمل نموه. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي
المزيد
09 يونيو 2023

مائة درس وعظة ( ١٧ )

أعط حساب وكالتك « وأنا أقـول لكم : اصنعـوا لـكـم أصدقاء بمال الظلم ، حتى إذا فنيتم يـــــــــبـــونـكـم في المطال الأبدية ( لو ١٦ : ٩ ) الوكيل هو شخص يؤتمن على جزء من ثروة سيده أو ما يملكه سيده ، والمفترض فيه أمانة مطلقة ، فهو لا يملك ولكنه يدير ، وهذا الوكيل يعلم أنه في يوم ما سيقدم حساباً عن هذه الوكالة أولا : الوكالة والمسئولية :- الوكالة مسئولية ، وكلمة « مسئولية ، هي من سؤال أى أنه في يوم ما سيقف الإنسان امام الله ويسأل عما فعله ما وكله الله عليه فكل البشر الذين خلقهم الله أعطاهم شكلا من أشكال الوكالة وصارت مسئولية عليهم ١- الأسرة الزوج والزوجة مسئولان عن الأسرة وعن تربية أولادهما ، وسوف يسالهما الله عن هذه المسئولية . ٢-الطالب هو مسئول عما يدرسة وفي يوم الامـتـحـان يقدم حساب وكالته ويسال عما درسه. ٣- الشمــاس مسئول عن خدمته الشماسية . ٤- الكاهن مسئول عن رعيته وکنيسته. ٥ - الاسقف ... مسئول عن شعب ابارشیته وهكذا أيضـاً البائع والمشتري والتاجر والصانع والعامل كل وكيل من عمله ، وعندما يمنح الله وكالة بعلى أيضاً سعها إمكانية هذا العمل وسيأتي يوم يقف فيه الإنسان أمام الله ويسمع هذا السؤال ما هذا الذي أسمع عنك أعط حساب وكالتك (لو٢:١٦ ) ثانيا : أنواع الوكالة:- ۱- الوقت: الوقت والعمر الذي أعطاه الله للإنسان هو مسئولية ، ونتساوي جميعاً في هذه المسئولية لأن الله في كل صباح يعطي لكل إنسان أربعة وعشرين ساعة جديدة ليستثمرها . فكيف تستغل وقتك ، ولذلك فالإنسان هو المسئول عن وقته وعمره .. يلزم ان يكون في منتهى التدقيق وفي منتهي الالتزام. ٢- الصحة: التي يعطيها الله للإنسان هي مسئولية وعطية ثانية ، لذلك تجد الدول تبذل مجهودات وأموالا كثيرة لتحارب العادات السيئة مثل الإدمان وغيره ، لأن الإدمان يجعل الإنسان غير أمين على صحته وغير فعال في المجتمع ، فالصحة تحتاج من الإنسان أن يصونها وان يحفظها . ٣- الحواس خاصة النظر والسمع انت وكيل عما تراه ، الله أعطاك أجفانا لتغمض عينيك من المشاهدة الضارة ، وأيضا أعطاك اذنين لتفرز ما تسمعه. ٤- العقل والفكر هل تغذي عقلك وتشبعه وترويه بما يفيده ، هل تثقف نفسك وتصقلها بالمعرفة ، هل تحفظ نقاوة فكرك ، هل فكرك معتدل ، هل تستفيد من تجارب الآخرين ومن تجارب الشعوب. ٥- المال : عليك أن تعرف أن الكتاب المقدس فيه حوالي ألف آية لها علاقة بالمال ، وتكلم عنه المسيح لأن البعض قد يسقط في عبادته ولا يقدر خادم أن يقدم سيدين ، لأنه إما أن ببعض الواحد ويحب الآخر ، أو بلازم الواحد ريحتقر الآخر . لا تقدرون أن تخدموا الله والمال ، ( لو ١٦ : ١٣ ) وصـارت دائرة المال تتحكم في حياة الإنسان باشكال كثيرة ، انت وكيل عن المال. ٦- الوطن : عندما يحيا الإنسان في وطن قهر مسئول عنه ، ومن هنا صار حق المواطنة وأصبح المواطن في دولة ما له حقوق وعليه واجبات ، وهناك جريمة اسمها خيانة الوطن وتستوجب اشد مقربة لأنه لم يكن أمينا على وطنه . ٧- البيئة الطبيعة التي أوجدها الله ، وعلى سبيل المثال في مصرنا تمن تتباهي بنهر النيل ، وتكون الانسان عندما يسقط الإنسان من هذه الأمانة ويلود الشهر الذي هو سبب الحياة وهو سبب الطعام الذي شاكله هل انت أمين على هذه العملية ( البيئة ) " وما نقوله من البيئة نقوله من الطبيعة وثروات الطبيعة بصفة عامة. ٨- جمال الطبيعة أنت مسئول عن الخليفة الجميلة التي أوجدها الله وعينك يجب أن تتدرب على هذا الله خلق الريف بجـمـاله وحينما ترى المضرة على مساحات كبيرة تشعر براحة داخلية وتشعر بأمان وتنطلق أفكارك ، أما البيئة التي تعج بالفوضى والزحام والضوضاء والتلوث تشعر معها وكانك في سجن كبير ومفيد. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
02 مايو 2023

الظهورات المتعددة

"وكان يظهر لهم أربعين يوما" (أع ١: ٣)لا نستطيع أن نحدد بالضبط عدد المرات التي ظهر فيها السيد المسيح للتلاميذ بعد قيامته، وحتى صعوده إلى السموات. فالكتاب يقول أنه "كان يظهر لهم أربعين يوما، دون أن يحدد عدد المرات. ولكننا من خلال هذه الظهورات المسجلة نستطيع أن نجد دليلا قويا وبرهانا أكيدا على قيامة السيد المسيح. ١. ظهورات كثيرة: فلقد سجل لنا الكتاب المقدس أحد عشر ظهورا على الأقل للسيد المسيح، ترتيبها على الأرجح، كما يلي: ١- ظهر للمجدلية بمفردها، (مر ١٦: ٩؛ یو ٢٠: ١٦). ٢- ظهر للمريمات (مت ٢٨: ٩). ٣- ظهر لتلميذي عمواس (مر ١٦: ٢؛ لو ٢٤: ١٣-٣٥). ٤- ظهر للتلاميذ في علية أورشليم يوم القيامة بدون توما (مر ١٦: ١٤؛ لو ٢٤: ٣٦-٤٢؛ يو ١٩:٢٠-٢٣). ٥- ظهر لسمعان (لو ٢٤: ٣٤). ٦- ظهر ليعقوب (١کو ١٥: ٧). ٧- ظهر مرة أخرى للتلاميذ ومعهم توما في الأحد التالي للقيامة، وذلك في العلية بأورشليم (يو ٢٤:٢٠-٢٩) (١ كو ١٥: ٧). ٨- ظهر للتلاميذ على جبل الجليل ( مت ٢٨: ١٦-١٧). ٩- ظهر لسبعة تلاميذ على بحيرة طبرية (يو ٢١: ١-٢٢). ١٠- ظهر لأكثر من خمسمائة أخ دفعة واحدة، أكثرهم عاش حوالي ربع قرن بعد صعوده، وشهد لقيامته (١كو ١٥: ٦). ١١- ظهر لتلاميذه على جبل الزيتون يوم صعوده (لو ٢٤: ٥٠-٥٣؛ أع ١: ٩-١٢) . وهذه الظهورات الكثيرة- غير التي لم تدون- تأكيد على صدق قيامة الرب، فالمرات كثيرة ومتعددة. ٢. لأشخاص كثيرين: كانت هذه الظهورات لأشخاص كثيرين، منهم النسوة والرجال، المصدقون بسهولة، والشكاكون، لشخص واحد أو لاثنين، أو لبضعة أشخاص أو لجماعة التلاميذ، أو لمئات مرة واحدة. وهذا يؤكد صدق القيامة، فكيف تتفق هذه الأعداد كلها على أمر كاذب؟ وهل للكذب أن يقف على رجليه طويلا ؟ ٣. أماكن كثيرة: تمت الظهورات في أماكن متعددة، في القبر، وخارج القبر، وفي الطريق إلى عمواس، وفي علية أورشليم، وفي بحر طبرية، وفي جبل الجليل، وفي جبل الزيتون، إذن، فقد تنقل التلاميذ كثيرا ليشاهدوا هذه الظهورات الحية، وكانوا حتما في صحو ويقظة. ٤. حوار متبادل: لقد تم في هذه الظهورات حوار متبادل طويل بين الرب وتلاميذه السلام لكم... كما أرسلني الآب أرسلكم أنا" (يو ٢٠: ٢١)... . ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر" (مت ٢٨: ٢٠). " أقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي" (لو ٢٤: ٤٩). "وكان يتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله" (أع ١: ٣). أليست هذه كلها أحاديث صحو وانتباه؟ ٥. لمس حسي: لقد سمح الرب لهم بأن يلمسوه، مكسبا جسده النوراني أبعادا حسية حتى يتأكدوا من قيامته، بنفس الجسد الذي مات به، 'جسوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لو ٢٤: ٣٩)، "هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا" (يو ٢٠: ٢٧)، فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له" (مت ٢٨: ٩). ٦. أكل قدامهم: وذلك عدة مرات، تأكيدا لقيامته المجيدة، بنفس الجسد الذي مات به... "أعندكم ههنا طعام؟ فناولوه جزءا من سمك مشوي، وشيئا من شهد عسل، فأخذ وأكل قدامهم" (تماما كما أكل الملاك مع إبراهيم في العهد القديم) (لو ٢٤: ٤١-٤٢). وعلى بحر طبرية سأل التلاميذ: "ياغلمان ألعل عندكم إداما"؟... ولما أعلموه بأنهم لم يصطادوا شيئا، ووهبهم سمكا كثيرا بقوة لاهوته قال لهم: قدموا من السمك الذي أمسكتم الآن.. هلموا تغدوا" (يو ٢١: ١-١٤)، وذلك بعد أن وصلوا إلى الشاطيء، ووجدوا حجرا موضوعا، وسمكا موضوعا عليه، وخبزا... تناقضات ظاهرية: ورغم هذه الظهورات الأكيدة، حاول بعض النقاد أن يجدوا بعض التناقضات، التي هي بالقطع ظاهرية، فمثلا: ١. عدد النسوة: قالوا إن القديس يوحنا تحدث عن المجدلية وحدها، بينما تحدثت الأناجيل الثلاثة الأخرى عن أكثر من امرأة، وهذا واضح جدا، فهما ظهوران لا ظهور واحد، الأول للمجدلية في القبر "انحنت إلى القبر" (يو ٢٠: ١١) والثاني خارج القبر للمريمات "فخرجنا سريعا من القبر... وفيما هما منطلقتان لتخبرا التلاميذ، إذ يسوع لاقاهما، وقال لهما سلام لكما" (مت ٢٨: ٨-٩). ٢. لا تلمسيني: قالوا بتناقض بين قوله للمجدلية "لا تلمسيني" والسماح لها بالإمساك بقدميه ( قارن يو ٢٠: ١٧، مت ٢٨: ١٠). وكما ذكرنا فهما ظهوران، في الأول لم يسمح لها بلمسه إما لأنها لم تؤمن به كما يجب وظنته البستاني. أو لأنه كان بجسد نوراني لا يلمس، وفي الثاني سمح لهما بالإمساك بقدميه تأكيدا لقيامته، إذ أكسب الجسد النوراني أبعادا حسية. ٣. الغرض من زيارة القبر: ذكر القديسان مرقس ولوقا أن الغرض كان "دهن الجسد" ( مر ١٦: ١، لو ٢٤: ١)، بينما ذكر القديس يوحنا أن نيقوديموس قام بتكفين الجسد مع الأطياب" ( يو ١٩: ٤٠). والفرق أن هذا "تكفين" كما لعادة اليهود أن يكفنوا، وذاك "دهن للجسد كتكريم إحساسا بأنه لم يأخذ الكرامة اللائقة والأطياب الكافية عند دفنه بسبب ما صاحب ذلك من زلزلة وظلام وارتباك. ٤. عدد الملائكة: قالوا إن القديس متى تحدث عن ملاك واحد جلس على الحجر بعد أن دحرجه، والقديس لوقا إنه شاب يلبس ثيابا بيضاء، والقديسان لوقا ويوحنا إنهما ملاكان، ولا تناقض في ذلك، فهي تركيزات أو لقطات من زوايا مختلفة، فمن تحدث عن ملاك واحد كشاب يلبس ثيابا بيضاء ركز على الملاك الذي تحدث إلى النسوة أما الإنجيل الذي تحدث عن ملاكين، فقد ركز على عددهم فقال إنهما كانا اثنين. التركيز الجوهري كان على حقيقة القيامة، أما هذه الأمور فهي أشبه بمصور يلتقط صورة للحدث من زاوية. بينما يلتقط الآخر صورة لنفس الحدث ولكن من زاوية أخرى. دروس روحية من الظهورات: تذخر الظهورات بدروس روحية عديدة منها: ١. أن الرب يهتم بالنفس الواحدة، فقد ظهر للمجدلية، ويعقوب، وبطرس، واحدة من أجل حبها الجبار. والثاني لأنه سيكون أسقفا لأورشليم مركز الإرساليات، والثالث ليدعم توبته ورجاءه، ويؤكد له أنه يحبه "قلن لتلاميذه ولبطرس" (مر ١٦: ٧). إن يسوع يحبك يا أخي القاريء، يحبك شخصيا، ويعرفك باسمك، وبكل ظروفك واحتياجاتك، وينتظر منك دعوة الدخول، للتطهير والتقديس والفرح. فهل تفتح له قلبك؟ ٢. إن الرب يعالج ضعفاتنا مهما كانت مخزية، فهو الطبيب الحقيقي، والراعي الصالح، ومخلص نفوسنا، لهذا ظهر خصيصا لتوما الرسول، ليداوي شكه، ومن خلال شكوكنا نحن. فهل نحن في ضعف، أي ضعف؟ إن ضعفاتنا الروحية والنفسية مكشوفة أمامه، وهو قادر أن يعالجها بحبه، ويجعلنا نهتف بعد شفائنا ربي وإلهي" ( يو ٢٠: ٢٨)، وتتقدم للشهادة لاسمه في كل مجال ومكان. ٣. وهو القادر أن يلهب قلوبنا بكلماته الإلهية.تماما كما فعل مع تلميذي عمواس، فرغم انحدارهما إلى العالم، رافقهما مفتقدا بحبه، ثم ألهب قلبيهما بصدق مواعيده، وحلاوة حديثه، ونعمة فدائه، وهكذا عادا إلى أورشليم، مدينة الأحداث والقيامة والكرازة. يسوع جاء إليهم إلى حيث هم، في ضعفهم وعبوستهم وشكهم، وخلصهم وأراحهم. وهو أيضا مستعد أن يأتي إليك يا صديقي القاريء حيث أنت، في بيتك المتواضع، وقلبك المتعثر، وإرادتك المتقهقرة... يأتي لينتشلك من أحزان الدنيا، ومرارة الخطية، ويصعدبك إلى أورشليم الفرح والنصرة... فهل تسمح له بأن يقترب إليك، ويلهب قلبك من خلال الإنجيل. ٤. وعندما يجلس إليك، ويعطيك جسده ودمه الأقدسين، وتتحد به، ستكتشف فجأة إنه اختفى من أمام عينيك، وذلك لأنه حل في أحشائك. نعم يسوع يريد أن يتحد بك يا أخي القاريء، فاحذر أن تفقد هذا النصيب ! دروس عقائدية من الظهورات: ١. إن الرب قام... بالحقيقة قام... وظهر لكثيرين.. رأوه.. ولمسوه.. وتحادثوا معه.. وأكل قدامهم. ٢. إن جسد القيامة جسد نوراني روحاني، لا يلمس ولا يحس، لا يمرض ولا يجوع، لا يخطي ولا يموت. وإننا سنلبس نفس هذا الجسد، حين نقوم مع الرب. ٣. إن للرب أحاديث طويلة عن ملكوت الله لم تدون في الأناجيل المقدسة، ولكننا تسلمناها من خلال التقليد الرسولي. وكما ان الإنجيل سلمته لنا الكنيسة كتقليد رسولي ثابت، هكذا بقية التقاليد تسلمناها في يقين يدا بيد، وهي لا تتعارض إطلاقا مع روح الإنجيل ونصوصه، وهو الفيصل النهائي في كل شيء. أخيرا يا أخي الشاب... ويا أختي الشابة... كل عام وأنت أكثر حبا للمسيح، وتكريسا لشخصه المبارك، وخدمة لإنجيله المحيي. كل عام وأنت تتقدم إلى الأمام ، رفقة المسيح الحي، الذي مات لأجلك، وقام لأجلك. وهو الآن حي يشفع فيك إلى الأبد. كل عام وأنت تنفذ دائما نداء الرب "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا" ( يو ٢٠: ٢١). فتخرج من أمام عرش النعمة كل يوم، بكلمة شهادة، وخيمة خلاص، فهذا أقوى براهين القيامة وأبقاها... والرب معك. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
22 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الثالث من شهر أبيب

تتضمن الحث على عمل الفضائل لنظفر في القيامـة بصدور المجالس وأوائل المتكئات . ومـدح سـيرة الرهبان وتبكيت المتنعمين مرتبة على قوله تعالى : " متى دعيت من أحد إلى عرس فلا تتكى في المتكاء الأول " ( لو ١٤ : ٧ - ١٥) إذا كنا قد علمنا أن المجد في القيامة هو السيرة الفاضلـة . فينبغـى لنـا أن نترك الاهتمام بالاباطيل الزائلة . ونجتهد في عمل الصالحات لنحصل هنـاك علـى الجلوس في صدور المجالس والتنعم في وليمة سيدنا له المجد . وأنتم ترون قوما من إخوتكم الذين عرفوا حقائق الأمور الحاضرة ورفضوها . وطلبـوا الامـور الباقيـة وأختاروها . فلبسوا حلل الاتضاع والوداعة . وأعدوا أنفسهم لقتال العدو وقهروه . لا بالسيوف والرماح ولا بالسهام والحراب . لكنهم كما ترونـهم عـراة مـن الـدروع والاتراس . مجردين من الاسلحة العالمية ، وهم مع ذلك يفعلون ما لا يفعله الابطـال بأسلحتهم . لانهم كل يوم يحاربون الاعداء والاضداد . ويقهرون الشهوات العالميـة ويغلبونها . فيصدق فيهم كلام بولس الرسول حيث يقول : أما الذين هم للمسـيح فقـد صلبوا أجسادهم مع الاهواء والشهوات " . فانهم بالحقيقة يراهم النـاظرون كأنـهم أموات مطروحون وقد قتلوا ذواتهم بسيف الروح . حيث لا سكر بالخمر ولا شـراهة في المأكل . ولا تنعم باللذات البدنية . فإننا نرى للسكير رؤوسا كثـيرة كمـا للغـول والحية الكثيرة الرؤوس . اللذين يذكرهما أصحاب الخرافات . فينبت له من هنـا رأس للزنى . ومن هنا رأس للغضب . ومن هناك رأس للأفتخار . ورأس للصلـف ورأس لحب الغلبة . ورؤوس أخرى كثيرة تنبت لاعمال أخرى قبيحة شبيه بتلك . أما هؤلاء الفائزون فقد قطعوا هذه الرؤوس من أصلها . لانهم قطعوا سـببها الذي هو السكر . ألا تنظر إلى الجبابرة ذوى القوة والشجاعة المشهورين بالغلبة فـي معارك الحروب . كيف تقيدوا بقيود المسكرات فاصبحوا مطروحين من غير قتـال . وأمواتا من غير جراحات . لا بل هم أضعف كثيرا من الذين يسقطون فـى وقـائع الحروب . لان اولئك قد يتحركون . أو يفهمون كلام المخاطبين لهم وأما هؤلاء فإنـهم للوقت يسقطون كالاموات ولا يتحركون ولا يتنبهون على شئ . وكما أن قائد الجيش إذا سقط قتيلا تتبدد عساكره . وينصرف كل واحد منهم إلى حيث تتوجه إرادته وهواه . كذلك إذا سقط الرئيس القائم على تدبـير الإنسـانية الذي هو العقل . تنصرف كل واحدة من الشهوات بحسب طبيعتها الحيوانية . وحينئـذ يخوض ذلك السكران في لجة هذه الشهوات من غير خـوف ولا حيـاء . ويكـون نصيبه مع الهالكين . ثم يضاف إلى ذلك إهتمام هؤلاء بالاطعمة وما يتفننون به مــن أنواع المأكل والمشارب . وشدة عنايتهم بتسمين الدجاج والخراف . واجتلاب الفواكه . وعلم الحلويات . وهم يتنافسون في كثرة الاطعمة ونظامها . ويتفاخرون في اصطنـاع الولائم المخالفة للناموس . ولهذا هرب أولئك الفائزون من التشاغل بهذه الاباطيل . لانـهم لا يتخـذون .أشراكا لصيد الطيور . ولا حظائر لتسمين الخراف والدجاج . ولا يتأنفون في تنويـع الاطعمة والأشربة . ولكنهم يأكلون لقيام الحياة فقط . وهذا الإهتمام الفارغ والجـهاد الباطل لا يوجدان عندهما أصلا . فما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك وأما الطـرق التي وردت منها أثمان هذه الاطعمة وما يتعلق بها . فلعل أكثرها من ظلم الارامـل ودموعهن . وأتعاب الايتام وإغتصاب أموالهم . والرياء والطمع والمظالم وهلم جـرا . وأما النتائج التي تنشأ عن الشراهة في الطعام والشراب لهؤلاء المسرفين . فـهى غالبا النخمة والكظة والهيضة والهوس والخلاعة والتهتك في الاحـاديث السـفيهة . وأخيرا ترى الفارس وسلاحه متقيين على الارض . وعدوه يقلقه برمحه كيف يشـاء . وأما عند الفائزين فتجد أضداد كل هذه الأمور . لا على المائدة فقط . بل في جميـع الأحوال الداخلية والخارجية . وحينئذ يظهر الفرق بين الفريقين لدى أهـل العقـول وارباب البصائر . ويعلمون أن مائدة هؤلاء الخاسرين تزول وتضمحـل رفاهيتـها سريعا . اما مائدة اولئك الرابحين فترتقى من الخساسة إلى الشرف وتحـوز مـجـدا دائما إلى الابد . فيكون هؤلاء مغلوبين من أعدائهم وأولئك غالبين ظافرين . هـؤلاء تفسد موائدهم وتتلاشى . وأولئك لا يمس موائدهم الفساد . هؤلاء يصنعــون مـوائـد يحضرها إبليس وجنوده ويسرقونهم إلى عذاب الجحيم . لانه حيثما يكـون السـكر والغناء والملاهي فالشيطان حاضر . وأولئك يصنعون موائد أدبية يحضرها المسـيح سيدهم . ويعد لهم الطعام السماوى وأنواع الطيبات الابدية . حيـ ث لا ينـهمون ولا يشرهون ولا يسكرون ولا يغنون . حتى أنهم يتشبهون بالملائكة الذين لا اجسام لهم . ولذلك يحملون راية الظفر ويأخذون اكليل الغلبة . فسبيلنا أن نترك الإجتهاد في اعداد الولائم العالمية . ونبادر إلـى الاهتمـام بالامور المسيحية . ونستحضر إلى منازلنا الفقراء والغرباء . لكي ننال المجازاة فـى قيامة الصديقين من ربنا الذي له المجد إلى الابد . آمین . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
08 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الأول من شهر أبيب

تتضمن الحث على عمل الفضيلة الموصلـة لرتبـه أولئك الافاضل مرتبة على قول البشير : " ودعا تلاميذه الاثنى عشر واعطاهم قـوة وسلطانا علـى جميـع الشياطين وشـفاء الأمراض " ( لو ٩ : ١- ٦) . إن كان الاثنى عشر رجلا لفضل سيرتهم القوا خمـيـرة فـي قلـوب أهـل المسكونة جميعها فما بالنا نحن الذين لا يحصى عددنا لا يمكننا أن نصلح ونتلافـى الآخرين ؟ وقد كان ينبغي لنا أن نكون خميرا صالحا ونخمر ألوفا من الناس . فـان قال احدكم إن اولئك كانوا رسلا مؤيدين بالروح . أقول إنهم كانوا أولا يسيرون العالم ويتعاطون الصنائع ويتقلبون تحت تصاريف الاحوال ويشاركوننا فـي القيـام بحاجات المعيشة . ولما أهملوا أنفسهم وصيروها آنية طاهـرة بأعمالهم الصالحـة به استحقوا بذلك نوال مواهب الروح فان قلت ما هي الاعمال التي أهلتهم لنيـل هـذه المواهب ؟ أجبتك هي الإزدراء بالأموال وما يتعلق بها من التنعم والسرف والسـكر وبقية اللذات البدنية والإتضاع وإنسحاق القلب والروح وعـدم الصلـف والكبريـاء وبقية أنواع الفضائل . وإن قلت إن اولئم كانوا يصنعون الآيات فليس لنا أن نتشـبهم . أجبتك إلى متى نتعلل بالمعجزات ونجعلها سبباً لإهمالنا ؟ وكيف لا ننظر إلـى الذين أخرجوا الشياطين باسم ربنا ثم عثروا بحجر الاضطجاع والافتخار فسقطوا إلى قاع الرذيلة وعوقبوا عقاباً شديداً . وإذا كان هؤلاء صنعـوا المعجـزات التـي بواسطتها اجتذبوا الناس . فماذا صنع يوحنا الصابغ حتى اجتذب الكثيرين من أهـل المدن والقرى إلى معمودية الغفران ؟ وكذلك داود وأيوب وإبراهيم وإسحق ويعقوب . أية آية صنعوا حتى ظـهرت اعمالهم وأشرقت أنوار فضائلهم وجعلهم الله قدوة للمقتدين ؟ أمـا تـعلـم يـاهذا أن التماس ظهور الآيات قد جلب على كثيرين ضرراً عظيماً . كما فعل سيمون الساحر الذي طلب أن يتبع سيدنا ليستفيد عمل الآيات . فقال له : للثعـالب أوجـرة ولطيـور السماء أوكار وابن البشر ليس له موضع يسند اليه رأسه . وأمثال هـؤلاء يطلبـون عمل الآيات بعضهم لتحصيل المال وبعضهم لإكتساب المجد الباطل فقط . ولكـن الاهتمام بالسيرة الفاضلة والاجتهاد في عمل الصالحات هو الذي يريـده الله منـا . ولذلك قال : ليرى الناس أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات . ولم يقلى : ليروا آياتكم لأن الفاضل السيرة يخلص أنفس كثيرين . بعضهم بتعاليمـه وبعضـهم بالاقتداء بسيرته . وبعضهم بطلب التشبه بفضيلته . ولست أعنى بالسيرة الفاضلـة أن تصوم دائماً وتفرش تحتك الرماد وتلبس مسوح الشعر . بل الفاضل السيرة هـو ذاك الذي يزهد في جمع الاموال ويطعم الجائع ويكسو العريان ويحب جميع خليقـة الله ويبتعد عن الغضب ويتجنب الحسد . ولا يبغض ولا يكذب ولا يسرق ولا يفعل مـا يخالف الناموس لان الذي يسير هذه السيرة يقهر الشيطان عدوه . وقهره إيـاه هـو عمل كل عجيبة لان الشيطان قد قهر ألوف ألوف مـن النـاس واستولى عليـهم بسلطانه . فاذا أنت بارزته في ميدان الحرب وظهرت منـك لوائـح الغلبـة عليـه وطعنته برمحك فألقيته إلى الأرض . وسلبت سيفه وكسرت ترسه وشدخت رأسـه وهزمت عسكره واخذت تاج الظفر ولبست إكليل الغلبة . وأي فخر يكـون كفخـرك وأي آية تشبه أيتك هذه العظيمة ؟ القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
28 يوليو 2023

مائةدرس وعظة ( ٢٤ )

قلبا نقيا اخلق في النقاوة » « لأنـه حـيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً » ( مت ٦ : ٢١ ) القلب في الفكر المسـيـحى هو كل الكيان الإنساني ، وعندما يصير القلب نقيا يستطيع أن يـتـقـابـل فـيـه الإنسان مع الله والملائكة والقديسين وكل أحـد ، عندمـا قـال السيد المسيح : « ها ملكوت الله داخلكم » ( لو ١٧ : ٢١ ) ، يقـصـد قلبك النقى « لأنه حيث يكون كنزك هنـاك يـكـون قلبك أيـضـا » ( مت ٦ : ٢١ ) . القلب هو الشيء الوحيد الذي طلبه منا المسيح له المجـد : « يا ابنى أعطنى قلبك » ( أم ٢٣ : ٢٦ ) .. أي أن الإنسان يساوى قلبه . ويتعجب القديس ديديموس الضـرير من أنه ممكن أن يصير قلب الإنسان مرتعا للعدالة والإثم ؟! أولا : تعريفات للقلب النقى:- ۱- مـصـدر الـحـيـاة : القلـب هـو مـصـدر الحياة وكل عواطف الإنسان . ۲- عضو المعرفة : القلب هو عضو المعرفة الإلهية ، كما يوجد في جسم الإنسان أجهزة بيولوجية يوجد أيضا الجهاز الروحي وهو 3 أعضاء ( العين- الأذن- القلب ) . ۳- مـصـدر الأفكار : القلب هـو مـصـدر الأفكار « فإنه من فضلة القلب يتكلم الفم » ( مت ١٢ : ٣٤ ) . « اخـتـبـرني يا الله واعـرف قلبی . امـتـحـنى واعـرف أفكاري » ( مز ١٣٩ : ٢٣ ) ، أفكارك تكون نقـيـة إذا كان قلبك نقيا . ٤- بدء الحـيـاة : القلب هو بدء الحـيـاة الروحية المتجددة . ٥- طارد الخطية : القلب النقي في أبسط معنى هو الذي يطرد الخطية . ٦- جـهـاد ونعمة : القلب النقى هو جـهـاد ونعمة . جهاد منك ، ونعمة من الله .القلب النقى هو طلبة ورجاء من الله « قلبا نقيا اخلق في يا الله ، وروحا مستقيما جدد في داخلی » ( مز ٥١ : ١٠) . ثانيا : طريق النقاوة:- ۱- ادخل : ادخل إلى أعماق نفسك أ- اجلس مع نفسك في هدوء وتدرب أن تأخذ خلوة كل يوم . ب- في خلوتك اشـعـر أن هذا الكون لا يوجد فيه سوى الله وأنت . ۲- ارتفع : ارتفع إلى الله بصلواتك . أ - من خلال صلوات الأجبية أو الصلوات الارتجالية أو السهمية . ب - انشغل بالله طوال أيام الصوم . ٣- ارتم : ارتم في أحضان الكنيسة . أ . كنيستنا هي أم نرتمي في أحضانها ونشبع بالدسم الروحي . ب . اسكب نفسك أمام الله في سر التوبة والاعتراف ، وتمتع بأسرار الكنيسة .
المزيد
03 أغسطس 2023

شخصيات الكتاب المقدس أكيلا الرسول

أكيلا: إسم لاتينى معناه نسر (أع18: 18 - 19). اكيلا صديقاً لبولس الرسول، خيام أع 18: 2 فوجد يهوديا اسمه اكيلا بنطي الجنس كان قد جاء حديثا من ايطالية وبريسكلا امراته لان كلوديوس كان قد امر ان يمضي جميع اليهود من رومية فجاء اليهما اسم لاتيني " نسر " ولد في بنتس باسيا الصغري وكان يهوديا قبل الإيمان المسيحي واختاره الرب ضمن السبعين رسولا، واصبح صديقا لبولس الرسول فى الخدمة وأقام عند اكيلا وزوجته بريسكلا في رومية ثم انتقل الي كورنثوس حيث كان يعمل في صناعة الخيام.وقد رافقة في السفر من كورنثوس الي افسس وقد اشترك مع بولس الرسول في إرسال تحياتهما من افسس في أسيا الصغري حيث كان في ذلك الحين، وحيث كانت الكنيسة تجتمع في بيتهما.
المزيد
08 ديسمبر 2023

ليالى التسبيح فى كيهك

الأقباط مفطورون على حب السهر والتسبيح والنسك وسير القديسين، بل يميلون لجهادات أكثر مما تقرره الكنيسة، وعندما تحل ليالي كيهك تمتلئ الكنائس بالشعب المحب للتسبيح من كافة الأعمار. يقفون لساعات طويلة ترتفع حناجرهم بالتسبيح والتهليل، ويشملهم الفرح القلبي.في هذه الليالي تحديداً تجتر الكنيسة فيما فعلته سقطة آدم ونتائج الخطية التي تجسدت خلال العهد القديم، من تمرد الطبيعة، وتجرؤ الشياطين على الإنسان ودخول الأمراض وتسلّط الموت والحجاب الكثيف الذي كونه الإنسان فيما بينه وبين ،والله حروب ومنازعات وخيانة و تفتق الذهن عن الشرور، وعبادات الأوثان وتشير قراءات قداسات كيهك إلى هذه الآلام، وكيف أن الرب أعاد للإنسان كرامته بتجسده فشفي المرضى وأخرج الشياطين وأقام الموتى وأظهر سلطانه على الطبيعة. وتشرح تسابيح وقراءات كيهك ماضي البشرية المعتم، وكيف كان يبرق الأمل بين وقت وآخر من خلال نبوة أو إشارة أو رمز أو شخصية تظهر، كان من شأن ذلك أن يشيع الأمل في النفوس التي أتعبها الإحباط من طول الانتظار، وجيل يسلم جيلا هذا الوعد : «في الإيمان مات هؤلاء أجمعون، وهم لم ينالوا المواعيد، بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها» (عبرانيين ١٣:١١). وتبدأ الإشارات من وعد الله بأن نسل المرأة سوف يسحق رأس الحية ( تكوين ١٥:٣ )، لتستمر حتى يعلن ميخا النبي مكان ولادة المخلص: وانت يا بيت لحم، أرض يهوذا .. منكَ يَخرج مدبر يرعی شعبى إسرائيل (متی ٦:٢).وفي إسهاب طويل محبب إلى النفوس تصور سهرات كيهك ليل البشرية الطويل المظلم والبارد، ننتظر بلهفة قدوم المخلص الذي سيشرق على الجالسين في الظلمة وظلال الموت نسبح وكأننا نثبت أعيننا على الباب متوقعين إشراقة النور نسبح ونلح في الاعتذار عما بدر منا ونطلب على استحياء أن يأتي ولا يبطئ وكفا ما عانيناه متمسكين بوعوده نمدح السيدة العذراء، ونصفها بمئات الصفات، ونطوبها لأنه منها يأتي المخلص، فهي منا وبشر مثلنا، فمن جهة نقدم التسبيح معها للمسيح، ومن جهة أخرى نرى المسيح قادمًا عبر أحشائها البتول، هي أم المخلص وهي أيضا تبتهج روحها بالله مخلصها نردد جميع ما جاء. عنها في العهد القديم وما يختص بالتجسد من نبوات ورموز وإشارات وأحداث فكرامتها تأتي من كون الله قد اختارها ليتجسد منها .وفي كل ليلة تسبيح نعاصر انقشاع الظلمة و انبلاج النور ليحيي فينا ذلك الأمل بأنه قادم بدون شك ولذلك يرتبط عيد الميلاد بالأنوار فالنور العظيم يشرق للرعاة وملاكا يخبرهم بالخبر الأعظم ونجم يشرق في المشرق ويدل المجوس على مكان المذود، هوذا شمس البر يشرق ويبدد الظلام الدامس ويحمل لنا الشفاء من خطايانا ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها» (ملاخي ٢:٤) وهكذا تكتسي الأرض كلها بالنور في عيد الميلاد، وتنشر بشده أشجار عيد الميلاد بأنوارها المبهجة، وتظهر شخصية القديس نيقولاوس "بابا نويل" لتوزع ملايين الهدايا ابتهاجا بمجيء المخلص ."بأحشَاء رَحْمَة إلهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاء" (لوقا ٧٨:١). نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس اسقف المنيا وتوابعها
المزيد
23 يونيو 2023

مائة درس وعظة ( 19 )

شاهد وشهيد ( يوحنا المعمدان ) ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي بهبئ طريقك قدامك ، ( مت ١٠:١١) .يوحنا المعمدان الذي تسمية السابق (لأنه سبق المسيح في مجيئة على الأرض ) والصابغ ( لأنه عمد السيد المسيح ) والشهيد ( لأنه نال إكليل الشهادة ) وتقدم الكنيسة يوحنا المعمدان كنموذج للحياة المسيحية التي يجب أن تحياها أولا : شهادة يوحنا المعمدان: قام يوحنا بأدوار عديدة للشهادة المسيح له المجد منها:- 1- إعداد الشعب لاستقبال السيد المسيح الآتي يوحنا المعمدان مرسل من الله ليهيئ عقول ونفوس الشعب لاستقبال المسيح له المجد « ها أنا أرسل امام وجهك ملاكي الذي يهئ طريقك قدامك ( مت ۱۰ : ۱۱ ) ، وهذه جاءت في سفر ملاخی : « ها أنا أرسل ملاكي فيهئ الطريق امامی » ( ملا ٣ : ١ ) ، وفي بداية إنجيل يوحنا كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا » ( يوا : ١ ). ٢- الشاهد الأساسي على مجيء السيد المسيح شهد للمسيح له المجد قائلا : « هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم ، ( يو ١ : ٢٩ ) ، فضلا من شهادته في وقت عماد السيد المسيح. ٣- قـدم مـثـالأ قـويا عن التلميذ الأمين الزاهد للسلطة أ- يقول عن نفسه : « أنا صوت صارخ في البرية .. ان هذا ( السيد المسيح ) هو ابن الله ، ( یوا : ۲۳-۳۷ ) ويتضح هذا الفرق بين الصوت وبين الكلمة على في مفهومها البشرى ب- في كل انسان توجد ذات وهذه الذات في تمنعه من أن يعتذر حتى لو كان الخطا واضحا لكن هذا الرجل العظيم يوحنا المعمدان انتصر على ذاته فزهد في السلطة وكأن لسان حاله يقول " ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"( مت٢٦:١٦) . ج- لم يترك السلطة تمسك فيه فربما تسمع ونقرأ في التاريخ عما صنعته السلطة في الإنسان ، ولكن يوحنا المعمدان كان يعرف دوره تماماً. د- الذات يمكن أن تتحكم في الإنسان صغيراً أو كبيرا في منصب أو في غير منصب ، حتى في الحياة الرهبانية عندما يترك الإنسان كل ما له بحسب الوصية الرهبانية ويعيش في الفقر يترك كل ما له ولكنه قد لا يستطيع أن يترك ميوله ، فتتحكم فيه ذاته وتضيع منه اكاليل ونعما كثيرة . ٤- شهد له السيد المسيح أنه أعظم مواليد النساء لقد جاء يوحنا بالصلاة بعد وقت طويل وعندما مارس حياته كان يعرف وظيفته بالتحديد ويقول : « من له العروس فهو العريس ، وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحا من أجل صوت العريس ، إذا فرحي هذا قد كمل ، ( يو٣ : ٢٩ ) كان يعرف دوره ويقبله. ٥- مناداته بالتـوبة كان يرى أن التـوبة هي الأساس لدخول الملكوت وكان ينادي : « توبوا ، لأنه قد اقتراب ملكوت السماوات ، ( مت ٣: ٢ ). ثانيـاً مـصـادر القوة في حـيـاة يوحنا المعمدان نقف أمام أربعة مصادر لهذه القولة : ١- الأسرة تربى على يد أبوين كان كلاهما بارين أمام الله وهما زكريا الكاهن واليصابات زوجته فهذا الآب المصلي والذي يحمل طاقة إيمان في داخله والخائف الرب والذي كان مع زوجته يسلكان بلا لوم ( ضميرهما مستيقظ يستطيع أن يزن نفسه في كل موقف) نشأ في وسطهما يوحنا المعمدان.مـا أجـمل أن نربي أبناءنا من الإنجيل والصلوات والكنيسة وسير القديسين ، إن هذا القديس الذي عاش في البرية كان مصدر قوته الأول هو الأسرة لذلك يمكن أن نقول إن الإسرة ايقونة الكنيسة وهي صانعة القديسين. ٢- النذورية كان يوحنا نذيرا للرب وكما قال الملاك ، يكون عظيماً أمام الرب ، وخمرا ومسكرا لا يشرب ( لو١٥:١) نذیر تعنى مخصصا ومكرساً الله ويوحنا كـرس حـيـاته كلها لله ، وهل كلنا سنكرس ففى سر الميرون يرشم الطفل المعمد في جسده ستة وثلاثين رشمة تشمل الطفل كله وهذه الرشومات هي بمثابة تكريس عـام فـصـار هذا الطفل الصغير مسيحية مكرساً للمسيح كل أيام حياته وهذا ما أخدناه كلنا في المعمودية والميرون . ٣- البرية الذي يعيش في البرية تموت فيه الشهوات . لماذا بدا الأنبا أنطونيوس في البرية لماذا اديرتنا في الصحراء؟ ليس لسبب إلا أن وجودها في البرية يقتل في الإنسان الشهوات ، والتطلعات ، يقول لنا الكتاب : « أما الصبي فكان ينمو ويتقوي بالروح وكان في البراري إلى يوم ظهـورة الإسرائيل ( لوا : ۸۰ ) ، ولذلك عندما نزور البرية ونزور ابائا الرهبان ونتمتع بهم وبالحياة الديرية الجميلة تكون البرية أحد مصادر القوة في حياتنا لأن فيها إنحلال من كل الرباطات الموجودة في العالم الجمال زيارتك للدين أو الأماكن الخوية بصفة عامة زيارة تنال فيها قوة خاصة ، ويمكنك ان تستعيض عن ذلك باقوال الأباء وسيرهم وجهادهم الروحي الذي عـاشـوا به والفكر الروحي لهم يوحنا المعمدان كانت علاقته بالبرية مصدرا من مصادر قوته ، لهذا في جهادك الروحي وحياتك واتجاهك للسماء وانت تفكر في الأبدية اجعل تفكيرك باستمرار مرتبطاً بالبرية. ٥- الامتلاء من الروح القدس كان يوحنا المعمدان وهو في بطن أمه ممتلئا من الروح القدس ، وهو ما أعطاه نعمـة وقـوة خاصة ، وفي التقليد الكنسي أطفالنا في سن صغيرة جداً يعمدون وينالون ولادة جديدة تسميها الولادة من الماء والروح ، وتلبسه ملابس بيضاء تعبيرا عن استلامه من الروح النقي في حياته ، وروح الله يعمل في الكبار والصغار : هذه هي مصادر القوة في حياة يوحنا والتي جعلته في أواخر أيامه وقبل السجن يشهد الشهادة الحية ويقول لا يحل لك ، ويقولها بصوت حق وبقوة وكان يعلم أن هذه تكلفه حياته. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل