المقالات

10 أكتوبر 2018

محاسَبة النفس

أهميتهَا: في الحقيقة إن كل ما يصدر عنّا من أعمال أو أقوال أو أفكار، يقابله ثلاث محاسبات: حساب من الله، وحساب من الناس، إن كان العمل ظاهرًا للناس. وحساب من أنفسنا لأنفسنا (من الضمير). وإن كان البعض يحاولون أن يهربوا من محاسبتهم لأنفسهم، إلا أنه من الخير لنا أن نحاسب أنفسنا وندين أنفسنا. ولا نسمح خلال ذلك بأيّة اعتذارات أو تبريرات تقلل من المسئولية أو تلغيها..! قال القديس الأنبا أنطونيوس: "إن تذكرنا خطايانا، ينساها لنا الله. وإن نسينا خطايانا، يذكرها لنا الله". بمعنى أن الطريقة التي تشعر بها أن الله ترك خطاياك، وما عاد يذكرها، هي أن تجعل خطاياك ثابتة في ذاكرتك.. وقال القديس الأنبا أنطونيوس أيضًا: "إن دِنّا أنفسنا، رضي الديان عنا". وقال القديس أبا مقار الكبير: "اُحكم يا أخي على نفسك، قبل أن يحكموا عليك". إن جهاز الإدانة الذي سمح الله بوجوده فينا: وظيفته هي أن ندين به أنفسنا، لا أن ندين به الآخرين. كما أنه سمح أن توجد بين غرائزنا غريزة الغضب، لنغضب بها على أخطائنا، وعلى الخطية عمومًا، لا أن نغضب بها على الآخرين. لاحظ نفسك: قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف: «لاحظ نفسك والتعليم، وداوم على ذلك. لأنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا» (1تي4: 16). تصوروا أنه يقول هذا – ليس لشخص عادي – بل لأسقف! فإن كان لابد للأسقف أن يلاحظ نفسه، فكم بالأولى باقي الناس.. ثم هو يقول له نفسك (قبل التعليم). لأنه إن لم يلاحظ نفسه، فتعليمه لن ينفع بشيء!.. أما نحن فمن عادتنا أن نلاحظ الآخرين كيف يتصرفون! ولكن الرسول يقول "لاحظ نفسك..". وملاحظة النفس معناها أن تضعها تحت مراقبة دائمة. + تلاحظ ما الذي يحدث داخل نفسك من أفكار ورغبات ونيات. وما يصدر عنك من تصرفات. وليس فقط تلاحظ نفسك في فترة محددة، وإنما "داوم على ذلك".. ولاحظ نفسك لأنها تقبل منك المراقبة والمحاسبة، بل تقبل أيضًا التبكيت والتوبيخ. وقد لا تقبل هذا من الغير.. + لاحظ نفسك من جهة الخطايا التي ترتكبها، ومن جهة الفضائل التي تنقصك، والواجبات التي عليك أن تعملها ولم تعمل. وبخاصة من جهة الفضائل الكبار كالتواضع والوداعة والإيمان، وثمار الروح التي وردت في (غل5: 22، 23). إذًا تلاحظ نفسك من جهة الإيجابيات، وليس من جهة السلبيات فقط. + لاحظ نفسك أيضًا من جهة الوقت كيف تقضيه. + لاحظ نفسك كذلك من جهة النمو في حياتك الروحية. فهل روحياتك تنمو، أم وقفت عند حدٍّ وتجمّدت؟! بينما الرب يقول «كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل» (مت5: 48). إننا نقول في الصلاة الربية كل يوم "أغفر لنا خطايانا". وربما نحن نقولها وليسب في ذهننا ما هي تلك الخطايا!! ولكننا بمحاسبة النفس ندركها. ونسردها في ذهننا أمام الله، وقد نصحبها بمطانيات. + حاسب نفسك على كل أنواع الخطايا: على خطايا الحواس، وخطايا الفكر، وخطايا العمل، وخطايا القلب كلها.. على خطاياك تجاه الآخرين، وتجاه الله، وتجاه نفسك.. + حاسب نفسك بالأكثر على الخطايا الثابتة فيك، التي تحولت إلى طباع أو عادات. التي ترتكبها باستمرار، وتشكّل جزءًا دائمًا في اعترافاتك المتكررة.. + حاسب نفسك من جهة قراءاتك، ومن جهة فهمك.. + حاسب نفسك أيضًا من جهة الخدمة وعمل المحبة نحو الآخرين: من جهة تنفيذك للآية التي تقول «كنت جوعانًا فأطعمتموني. كنت عطشانًا فسقيتموني، وعريانًا فكسوتموني، ومريضًا فزرتموني..» (مت25: 35، 36). والآية التي تقول: «الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه: افتقاد اليتامي والأرامل في ضيقهم، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم» (يع1: 27). وأمثال هذه الآيات.. + حاسب نفسك بكل جدية وحزم، ولا تدلل نفسك. ولا تقل الظروف كانت ضاغطة! أو كنت مضطرًا ولم يكن أمامي حلَ، أو فعلت ذلك سهوًا.. وما أشبه.. إنك إن فعلت هذا، لن تتوب! نتائج محاسَبة النفس: محاسبة النفس ومعرفة خطاياها ونقائصها، تسبّب الانسحاق. وفي انسحاق النفس يوجد التواضع والدموع والتوبة. هناك أشخاص لا يتوبون، لأنهم لا يشعرون بسوء حالتهم. وكل ذلك لأنهم لا يحاسبون أنفسهم. أما الابن الضال فلما حاسب نفسه، ووجد أنه في حالة أقل من أُجَراء أبيه، قادته هذه المحاسبة إلى التوبة، وإلى الانسحاق، فقال: «أقوم وأذهب إلى أبي. وأقول له اخطأت إلى السماء وقدامك، ولست مستحقًا أن أدعى لك أبنًا. أجعلني كأحد أجرائك» (لو15: 18، 19). + داود النبي – في محاسبته لنفسه – كان يقول «خطيئتي أمامي في كل حين» (مز51: 3). قال ذلك بعد أن سمع بمغفرتها على فم ناثان النبي (2صم12: 13). ولكنه كان يقول «في كل ليلة أعوّم سريري، وبدموعي أبلّ فراشي» (مز6)، «مزجت شرابي بالدموع»، ويقول للرب «دموعي في زق عندك» (مز119) «أنصت إلي دموعي»... + أنظروا كم أوصلته محاسبة النفس إلى الذل والتواضع والتوبة والدموع.. ولكن البعض قد يتوبون، ثم يرجعون إلي الخطية مرة أخري. ذلك لأنهم لم يتذللوا بسبب خطاياهم. وأسرعوا إلى حياة الفرح، فنسوا خطاياهم وما عادوا يذكرونها.. + محاسبة النفس تقود إلى تبكيت النفس وإلى معاقبتها أحيانًا. إن لم ينل الإنسان عقوبة أرضية من الله بسبب خطاياه، ولا عقوبة من أب اعترافه، فإنه كثيرًا ما يعاقب نفسه: ليس فقط بتبكيت الضمير، والدموع كما فعل داود النبي.. بل أحيانًا بالأصوام والتذلل، وأحيانًا بالمطانيات، أو بمنع ذاته عن كثير مما يشتهيه. أما إن كانت محاسبة النفس، تنتهي إلى مجرد الاعتراف بها ونسيانها، وكأن شيئًا لم يحدث، وكأن النفس لم تتدنس مطلقًا بالخطية، دون إذلال داخلي.. فما أسهل أن يرجع الإنسان إلى الخطية مرة أخرى، لأن ثمارها المرة لم ترسخ في أعماقه. مثل هذا الإنسان، قد يأكل من الفصح، وليس "على أعشاب مُرّة" كما أمر الرب (خر12: 8). + بمحاسبة النفس يصل الشخص إلى حياة التدقيق، وإلى الحرص، وإلى مخافة الله.. يصل إلى التدقيق، إذ كان يحاسب نفسه بتدقيق وليس بتساهل، وإذا كان يكتشف كم هي الخطية مرة، وكم تحوي بعض الخطايا المركبة العديد من الخطايا.. وبمحاسبة ذاته يصل إلى مخافة الله، إذ كان يدرك أن الخطية موجهة إلى الله، ومرتكبة بغير حياء أمامه، كما قال داود النبي للرب «إليك وحدك اخطأت، والشرّ قدامك صنعت» (مز51: 4). وكما امتنع يوسف الصديق عن الخطية قائلًا «كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله» (تك39: 9). وبوصول الإنسان إلى حياة التدقيق، يبعد عن الخطوة الأولى التي تقود إلى الخطية، ولا يدع مجالًا للثعالب الصغيرة المفسدة للكروم (نش2: 15). ولا يستهين بكلمة (رقا)، ولا بكلمة (يا أحمق)، لأن الرب قد أورد عقوبة كل منهما (مت5: 22)، ولا بمجرد النظرة الخاطئة (مت5: 28). + وبمحاسبة النفس وتذكر خطاياها، يكون الإنسان مستعدًا أن يتقبل النقد من الآخرين وإدانتهم له. حدث ذلك لداود النبي لما سبَه شمعي بن جيرا بكلمات لاذعة وشامتة وكان يرشق بالحجارة. وأراد أحد رجال داود أن ينتقم لتلك الإهانات ويتقدم لقتل شمعي بن جيرا. فمنعه داود بقوله له «دعوه يسب، لأن الرب قال له: سُبَ داود» (1صم16: 5-10) متذكرًا بذلك خطاياه وما تستحقه من عقوبة.. هذه الخطايا التي جعلها أمامه في كل حين. أما الشخص الواثق بنفسه المعتد بذاته، الذي لم يحاسب نفسه على خطاياه، فإنه لا يحتمل مطلقًا كلمة نقد، ويعتبرها جارحة لكرامته تشوَه صورة نفسه الجميلة في عينيه!! + محاسبة النفس تساعد أيضًا على إصلاح الذات وتقويمها. وكما أن معرفة المرض أو تشخيصه إنما تساعد على العلاج، فكذلك محاسبة النفس ومعرفة خطاياها ونقائصها، إنما تساعد على وضع التداريب الروحية اللازمة لمعالجة النفس، مع عرض كل ذلك على الله لأخذ معونة منه على التخلص من تلك الخطايا والنقائص. وبدون محاسبة النفس، يبقى الخاطئ حيث هو في عيوبه الروحية، لا يعرفها ولا يعالجها.. لذلك فالشيطان هو الذي يُبعد الإنسان عن محاسبة نفسه، حتى لا يتنبه للعيوب التي فيه فيعمل على تلافيها. + بمحاسبة الإنسان لنفسه ومعرفة خطاياه، تجعله يشفق على المخطئين ولا يدين غيره إن سقط.. بل يقول لنفسه: أنا أيضًا قد سقطت، وما أسهل أن أسقط مرة أخرى. فكيف أنسى خطاياي، وأركز على خطايا غيري؟! فهكذا فعل القديس موسي الأسود، حينما دُعِيَ إلى حضور مجمع لإدانة أحد الإخوة، فذهب إلي هناك وهو يحمل زمبيلًا مملوءًا بالرمل ومثقوبًا تنزل حبات الرمل منه. وكان يقول "هذه خطاياي وراء ظهري تجري، وقد جئت لأدين أخي"!! وفي هذا المجال قال القديس بولس الرسول «أذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم، والمذلين كأنكم أنتم أيضًا في الجسد» (عب13: 3). مناسَبات محاسَبة النفس: + حاسب نفسك كل يوم، لأنك كل يوم تخطئ. وكل يوم تقول للرب في صلاتك "اِغفر لنا خطايانا". ويقول القديس يوحنا الرسول «إن قلنا إنه ليس لنا خطية، نصل أنفسنا وليس الحق فينا» (1يو1: 8). إذًا حاسب نفسك كل يوم، "وداوم على ذلك" (1تى4: 16). + حاسب نفسك بعد كل عمل مخطئ تعمله. فلتستيقظ روحك بسرعة، ولتقل كما في المزمور «أنا أستيقظ مبكرًا» (مز3). بل قبل العمل أيضًا حتى لا نخطئ. + وحاسب قبل الذهاب إلى أب اعترافك. حتى تتذكر كل خطاياك، ولا تنسَ منها شيئًا في اعترافاتك. + وحاسب نفسك كلما تفكر أن توبخ غيرك. وذَكِّر نفسك بالمثل القائل "من كان بيته من زجاج، لا يقذف الناس بالحجارة". + وحاسب نفسك على خطاياك، كلما تُحارب البر الذاتي. كلما تري نفسك جميلًا في عينيك، أو تبدو حكيمًا في عيني نفسك، أو تتذكر عملًا حسنًا عملته حينئذ تذكر خطاياك، حتى تقيم بها توازنًا مع محاربات شيطان المجد الباطل. مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
09 أكتوبر 2018

وحدة الأسرار السبعة

يتصور البعض أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قد استحدثت الأسرار السبعة على أساس غير إنجيلي، ولكن الدراسة المتأنية للإنجيل تبرهن أن الأسرار السبعة ذات أساس إنجيلي راسخ. وفي الموضوعات التالية سوف ندرس هذه الأسرار المقدسة مع آيات كثيرة - اِحفظ منها ما أمكنك، فهي تؤكد لك أن عقيدتنا مستقاة من الإنجيل، ومُدعّمة من التقليد الرسولي والمجامع المقدسة وأقوال الآباء.كلمة عامة عن الأسرارأ- أسرار الكنيسة هي أعمال مقدسة ومنح إلهية، بها ننال نعمًا غير منظورة تحت مادة منظورة. ب- أسرار الكنيسة سبعة وهي: 1- سر المعمودية. 2- سر المسحة المقدسة أو الميرون. 3- سر القربان أو تناول جسد الرب ودمه. 4- سر التوبة أو الاعتراف. 5- سر مسحة المرضى. 6- سر الزيجة. 7- سر الكهنوت.ج- هذه الأسرار مؤسسة من الله لتكون واسطة لنيل المؤمنين فيض النعمة، وذلك واضح من الكتاب المقدس عن كل سر من الأسرار. فمثلًا:1- عن المعمودية : «ﭐلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ» (يو3: 5)، «لِكَي يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ» (أف5: 26)، «وَهَكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لَكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا» (1كو6: 11). 2- وعن سر الميرون: «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيءٍ» (1يو2: 20). 3- وعن سر التوبة: «مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ» (يو20: 23).4- وعن سر الشكر: «فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: ﭐلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي، فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ. مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي، يَثْبُتْ فِيّ وَأَنَا فِيهِ» (يو6: 53-56).5- وعن سر مسحة المرضى: «أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَة،ِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ، وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ» (يع5: 14-15).6- وعن سر الزواج: «هَذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلَكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ» (أف5: 32).7- سر الكهنوت: «لاَ تُهْمِلِ الْمَوْهِبَةَ الَّتِي فِيكَ الْمُعْطَاةَ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ مَعَ وَضْعِ أَيْدِي الْمَشْيَخَةِ» (1تي4: 14)، «فَلِهَذَا السَّبَبِ أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِي فِيكَ بِوَضْعِ يَدَيَّ» (2تي1: 6).د- للأسرار مفعولان هامان: النعمة والوسم. المفعول الأول عام ويشمل جميع الأسرار. والثاني خاص بثلاثة منها وهي المعمودية والميرون والكهنوت. ولذلك تُمنَح هذه الأسرار الثلاثة مرة واحدة ولا تجوز إعادتها، لأنها تترك وسمًا في النفس لا يُمحَى، حيث كلمة "وسم" تعني سمة أو علامة كختم يعني الملكية الدائمة. ه‍- يشترط لتتميم السر ثلاثة شروط وهي:1- مادة ملائمة للسر كالماء للمعمودية، والخبز والخمر لسر الشكر.2- كاهن قانوني موضوعة عليه اليد. 3- استدعاء الروح القدس بالعبارات المعينة لتقديس السر. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
08 أكتوبر 2018

عصر سبي بابل - الجزء الثاني

(3) سبي مملكة يهوذا ما يعنينا بالأكثر هو مملكة يهوذا.. لنتتبع معًا رحلة التسبيح، وكيف اِنهار هذا الصرح العظيم بسبب السبي. ولقد تنبأ إشعياء النبي عن سبي مملكة يهوذا قبل حدوثه بأكثر من مائة عام بسبب خطية الشعب وقال: "ويَندَفِقُ إلَى يَهوذا. يَفيضُ ويَعبُرُ. يَبلُغُ العُنُقَ. ويكونُ بَسطُ جَناحَيهِ مِلءَ عَرضِ بلادِكَ يا عِمّانوئيلُ" (إش8:8). "هوذا تأتي أيّامٌ يُحمَلُ فيها كُلُّ ما في بَيتِكَ (يقصد بيت حزقيا الملك)، وما ذَخَرَهُ آباؤُكَ إلَى هذا اليومِ إلَى بابِلَ. لا يُترَكُ شَيءٌ، يقولُ الرَّبُّ. ويؤخَذُ مِنْ بَنيكَ الذينَ يَخرُجونَ مِنكَ، الذينَ تلِدُهُمْ، فيكونونَ خِصيانًا في قَصرِ مَلِكِ بابِلَ" (2مل17:20-18) هناك أيضًا نبوات كثيرة جدًّا تنبأ بها الأنبياء بخصوص السبي إلى بابل، وكان الهدف منها أن يرجع الشعب عن خطيته بالتوبة، ولكن لم يحدث فصار حكم الله نافذًا وسُبيت المملكة إلى بابل. وكان سبي مملكة يهوذا على عدة مراحل: سبي نبوخذناصر ملك بابل بعض سكان أورشليم، وكان من بينهم دانيال والثلاثة الفتية القديسون سنة 605 ق.م. (دانيال1:1-7). سبي رجال نبوخذناصر الملك مجموعات أخرى من الشعب إلى بابل في عهد الملك يهوياقيم (2مل1:24-4).. الذي قيل عنه إنه: "عَمِلَ الشَّرَّ في عَينَيِ الرَّب إلهِهِ" (2أخ5:36).. لذلك كانت عقوبته أنه: "علَيهِ صَعِدَ نَبوخَذناصَّرُ مَلِكُ بابِلَ وقَيَّدَهُ بسَلاسِلِ نُحاسٍ ليَذهَبَ بهِ إلَى بابِلَ، وأتَى نَبوخَذناصَّرُ ببَعضِ آنيَةِ بَيتِ الرَّب إلَى بابِلَ وجَعَلها في هيكلِهِ في بابِلَ" (2أخ6:36-7). جاء نبوخذناصر للمرة الثالثة، وحاصر أورشليم في عهد يهوياكين ملك يهوذا ونهب المدينة وسلب محتويات الهيكل (2مل12:24-16)، وسبى عشرة آلاف من أهلها إلى بابل. حقًا قيل من جهة هذا الدمار: "آثامُكُمْ عَكَسَتْ هذِهِ، وخطاياكُمْ مَنَعَتِ الخَيرَ عنكُمْ" (إر5: 25). في سنة 588 ق.م. ثار صدقيا الملك ضد نبوخذناصر الملك، لقد قيل عن صدقيا الملك: "وعَمِلَ الشَّرَّ في عَينَيِ الرَّب إلهِهِ، ولم يتواضَعْ أمامَ إرميا النَّبي مِنْ فمِ الرَّب. وتمَرَّدَ أيضًا علَى المَلِكِ نَبوخَذناصَّرَ الذي حَلَّفَهُ باللهِ، وصَلَّبَ عُنُقَهُ وقَوَّى قَلبَهُ عن الرُّجوعِ إلَى الرَّب إلهِ إسرائيلَ، حتَّى إنَّ جميعَ رؤَساءِ الكهنةِ والشَّعبِ أكثَروا الخيانَةَ حَسَبَ كُل رَجاساتِ الأُمَمِ، ونَجَّسوا بَيتَ الرَّب الذي قَدَّسَهُ في أورُشَليمَ. فأرسَلَ الرَّبُّ إلهُ آبائهِمْ إليهِمْ عن يَدِ رُسُلِهِ مُبَكرًا ومُرسِلاً لأنَّهُ شَفِقَ علَى شَعبِهِ وعلَى مَسكَنِهِ، فكانوا يَهزأونَ برُسُلِ اللهِ، ورَذَلوا كلامَهُ وتهاوَنوا بأنبيائهِ حتَّى ثارَ غَضَبُ الرَّب علَى شَعبِهِ حتَّى لم يَكُنْ شِفاءٌ" (2أخ12:36-16). لذلك أسلمه الله مع شعبه لهذا السبي. فجاء "نَبوخَذناصَّرُ مَلِكُ بابِلَ هو وكُلُّ جَيشِهِ علَى أورُشَليمَ ونَزَلَ علَيها، وبَنَوْا علَيها أبراجًا حولها. ودَخَلَتِ المدينةُ تحتَ الحِصارِ إلَى السَّنَةِ الحاديَةَ عشَرَةَ للمَلِكِ صِدقيّا. في تاسِعِ الشَّهرِ اشتَدَّ الجوعُ في المدينةِ، ولم يَكُنْ خُبزٌ لشَعبِ الأرضِ. فثُغِرَتِ المدينةُ، وهَرَبَ جميعُ رِجالِ القِتالِ ليلاً مِنْ طريقِ البابِ بَينَ السّورَينِ اللذَينِ نَحوَ جَنَّةِ المَلِكِ. وكانَ الكِلدانيّونَ حولَ المدينةِ مُستَديرينَ. فذَهَبوا في طريقِ البَريَّةِ. فتَبِعَتْ جُيوشُ الكِلدانيينَ المَلِكَ فأدرَكوهُ في بَريَّةِ أريحا، وتفَرَّقَتْ جميعُ جُيوشِهِ عنهُ. فأخَذوا المَلِكَ وأصعَدوهُ إلَى مَلِكِ بابِلَ، إلَى رَبلَةَ، وكلَّموهُ بالقَضاءِ علَيهِ. وقَتَلوا بَني صِدقيّا أمامَ عَينَيهِ، وقَلَعوا عَينَيْ صِدقيّا وقَيَّدوهُ بسِلسِلَتَينِ مِنْ نُحاسٍ، وجاءوا بهِ إلَى بابِلَ (2مل1:25-7) لقد هُدمت أسوار أورشليم والهيكل وأُحرقت المدينة بالنار، ولم يبقَ في أورشليم سوى المساكين والفلاحين (2مل8:25-12). وتم المكتوب: "فتتشَتَّتَ الغَنَمُ، وأرُدُّ يَدي علَى الصغارِ" (زك7:13) إنها النتيجة المروعة للخطية: "فأصعَدَ علَيهِمْ مَلِكَ الكِلدانيينَ فقَتَلَ مُختاريهِمْ بالسَّيفِ في بَيتِ مَقدِسِهِمْ. ولم يَشفِقْ علَى فتًى أو عَذراءَ، ولا علَى شَيخٍ أو أشيَبَ، بل دَفَعَ الجميعَ ليَدِهِ. وجميعُ آنيَةِ بَيتِ اللهِ الكَبيرَةِ والصَّغيرَةِ، وخَزائنِ بَيتِ الرَّب وخَزائنِ المَلِكِ ورؤَسائهِ أتَى بها جميعًا إلَى بابِلَ. وأحرَقوا بَيتَ اللهِ، وهَدَموا سورَ أورُشَليمَ وأحرَقوا جميعَ قُصورِها بالنّارِ، وأهلكوا جميعَ آنيَتِها الثَّمينَةِ. وسَبَى الذينَ بَقوا مِنَ السَّيفِ إلَى بابِلَ، فكانوا لهُ ولبَنيهِ عَبيدًا إلَى أنْ مَلكَتْ مَملكَةُ فارِسَ"(2أخ17:36-20). وهكذا أيضًا انتهت دولة يهوذا وأصابها العار والضياع. (4) أحوال التسبيح أثناء السبي كيف نتكلَّم عن التسبيح ومجد الهيكل وقد أصاب الدمار كل شيء؟!! لم يعد هناك سوى الذكريات والأنين.. "علَى أنهارِ بابِلَ هناكَ جَلَسنا، بَكَينا أيضًا (بدل الفرح والتسبيح) عِندَما تذَكَّرنا صِهيَوْنَ. علَى الصَّفصافِ في وسطِها عَلَّقنا أعوادَنا (لأننا لا نستطيع أن نعزف ونرتل بسبب الحزن والسبي). لأنَّهُ هناكَ سألَنا الذينَ سبَوْنا كلامَ ترنيمَةٍ (على سبيل التهكم أو التسلية، أو قد يكون لأنهم معجبون ومشتاقون لسماع تسابيح صهيون)، ومُعَذبونا سألونا فرَحًا (بشماتة) قائلينَ: "رَنموا لنا مِنْ ترنيماتِ صِهيَوْنَ". كيفَ نُرَنمُ ترنيمَةَ الرَّب في أرضٍ غَريبَةٍ؟ إنْ نَسيتُكِ يا أورُشَليمُ، تنسَى يَميني! ليَلتَصِقْ لساني بحَنَكي" (مز1:137-6) كانت تسابيح أورشليم قد طبقت شهرتها الآفاق، حتى أن الأعداء البابليين كانوا قد سمعوا عن مجد وبهاء هذا التسبيح، فطلبوا من الشعب المسبي – بحب استطلاع أو بتهكم – أن يرتلوا لهم هذه التسابيح. لكن لم تعد هناك حتى الرغبة في التسبيح. كيف تُسبِّح النفس المسبية بعيدًا عن الله والهيكل والمقدسات؟!! كيف تغني النفس المُعاقَبة بسبب الخطية؟!! لم تكن تسابيح الرب مجرد أغاني يتمتع بها الغرباء في حفلات صاخبة - كما كانوا يفعلون - لكنها كانت ذبيحة حب وفرح يُغنى بها في حضور إله إسرائيل لقد أتت نبوة أيوب: "صارَ عودي للنَّوْحِ، ومِزماري لصوتِ الباكينَ" (أي31:30) وكذلك نبوة إشعياء: "فتَئنُّ وتنوحُ أبوابُها، وهي فارِغَةً تجلِسُ علَى الأرضِ" (إش26:3)، "بَطَلَ فرَحُ الدُّفوفِ، انقَطَعَ ضَجيجُ المُبتَهِجينَ، بَطَلَ فرَحُ العودِ" (إش8:24) وصار إرميا يئن في مراثيه: "مَضَى فرَحُ قَلبِنا. صارَ رَقصُنا نَوْحًا" (مرا 15:5) وناح يوئيل بحزن شديد: "تنَطَّقوا ونوحوا أيُّها الكهنةُ. ولوِلوا يا خُدّامَ المَذبَحِ. ادخُلوا بيتوا بالمُسوحِ يا خُدّامَ إلهي، لأنَّهُ قد امتَنَعَ عن بَيتِ إلهِكُمُ التَّقدِمَةُ والسَّكيبُ" (يؤ13:1). وتكلّم عن هذا عاموس النبي معلنًا غضب الرب على شعبه: "وأُحَولُ أعيادَكُمْ نَوْحًا، وجميعَ أغانيكُمْ مَراثيَ" (عا10:8). وصارت تسابيح الشعب مراثيا، وحقَّ لهم أن يرددوا هذه المزامير بدلاً من مزامير الفرح:"لماذا رَفَضتَنا يا اللهُ إلَى الأبدِ؟ لماذا يُدَخنُ غَضَبُكَ علَى غَنَمِ مَرعاكَ؟" (مز1:74) "إلَى مَتَى يارَبُّ تغضَبُ كُلَّ الغَضَبِ، وتتَّقِدُ كالنّارِ غَيرَتُكَ؟" (مز5:79) "أرجِعنا يا إلهَ خَلاصِنا، وانفِ غَضَبَكَ عَنّا" (مز4:85) "هل إلَى الدَّهرِ تسخَطُ علَينا؟ هل تُطيلُ غَضَبَكَ إلَى دَوْرٍ فدَوْرٍ؟ ألا تعودُ أنتَ فتُحيينا، فيَفرَحُ بكَ شَعبُكَ؟" (مز5:85-6). حقًا قيل: "لَيتَكَ أصغَيتَ لوَصايايَ، فكانَ كنهرٍ سلامُكَ وبِرُّكَ كلُجَجِ البحرِ" (إش18:48). ولكن الله الحنون الذي قيل عنه إنه "رَؤوفٌ، يَغفِرُ الإثمَ ولا يُهلِكُ. وكثيرًا ما رَدَّ غَضَبَهُ" (مز38:78).. لم يترك شعبه إلى الانقضاء، بل أرسل لهم مُخلِّصين ليُخلِّصوهم من السبي، وعادوا إلى أورشليم ليُعمروها بالناس والمباني وأيضًا بالتسبيح. وهذا ما تنبأ عنه إشعياء النبي وقال: "في ذلكَ اليومِ يُغَنَّى بهذِهِ الأُغنيَّةِ في أرضِ يَهوذا: لنا مدينةٌ قَويَّةٌ. يَجعَلُ الخَلاصَ أسوارًا ومَترَسَةً" (إش1:26) "ويكونُ في ذلكَ اليومِ أنَّهُ يُضرَبُ ببوقٍ عظيمٍ، فيأتي التّائهونَ في أرضِ أشّورَ، والمَنفيّونَ في أرضِ مِصرَ، ويَسجُدونَ للرَّب في الجَبَلِ المُقَدَّسِ في أورُشَليمَ" (إش13:27) "ومَفديّو الرَّب يَرجِعونَ ويأتونَ إلَى صِهيَوْنَ بترَنُّمٍ، وفَرَحٌ أبديٌّ علَى رؤوسِهِمِ. ابتِهاجٌ وفَرَحٌ يُدرِكانِهِمْ. ويَهرُبُ الحُزنُ والتَّنَهُّدُ" (إش10:35)."هذا الشَّعبُ جَبَلتُهُ لنَفسي. يُحَدثُ بتسبيحي" (إش21:43) "اُخرُجوا مِنْ بابِلَ، اهرُبوا مِنْ أرضِ الكلدانيينَ. بصوتِ التَّرَنُّمِ أخبِروا. نادوا بهذا" (إش20:48). تُرى ما هي قصة العودة؟ وهل عادت مرة أخرى ذبيحة التسبيح؟ نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
07 أكتوبر 2018

وعود أبدية

تعرّضت كنيستنا المحبوبة في الآونة الأخيرة إلى إعتداءات متعدّدة منها الهدم والحرق والسلب والتهديد والإزدراء، ومن الطبيعي أن نتضايق على هذه الأحداث المؤسفة، وبلا شك فإن الكنيسة التي يتربّى فيها الشخص المسيحي تتحول المباني فيها إلى معانٍ، وتحمل ذكريات وتعزيات تستمر معه رحلة العمر كله.وقد نتساءل: لماذا وكيف يسمح الله بهذه التعديات؟ أليس هو الحارس لكنيسته؟ وكيف يسمح بقتل وسرقة بيوت لأشخاص لا لشيء إلا لأنهم مسيحيين؟ كيف يترك الشر ينتصر؟ومع تذكُّر بعض المواعيد الإلهيه قد يعثر الشخص في تصديقها مثل: «أبوابُ الجَحيمِ لن تقوَى علَيها» (متى 16: 18)، «شَعرَةً مِنْ رؤوسِكُمْ لا تهلِكُ» (لوقا 12: 18)، «يَحفَظُ جميعَ عِظامِهِ. واحِدٌ مِنها لا يَنكَسِرُ» (مزمور 34: 20).ولكي نفهم هذه المواعيد علينا أن ندرك أنها مواعيد أبدية وليس زمنية، ولو كانت زمنية لكانت تتعارض مع كل تفاصيل حياة ربنا يسوع المسيح نفسه، ومع آلامه ومع صليبه، ومع كل ألوان العذابات والضيقات التي تعرض لها أباؤنا الرسل القديسؤن والشهداء.وهنا لابد أن تتضح بعض المفاهيم: فالمقصود بأن أبواب الجحيم لن تقوي عليها هو قوات الموت، ولا يُقصَد هنا بالموت الموت الجسدي، بل الموت الأبدي. بمعني أن الكنيسة تبقي حيّة خالدة عبر الزمان بل وبعد الزمان.ولا يُقصَد بحفظ العظام العظام الجسدية، بل حفظ أعماق النفس الداخلية.كثيرًا مايحدث تعارض في فهم التدابير الإلهيه لأننا نترجمها بمفاهيمنا البشرية!الله تدابيره سماوية أبدية، بينما اهتمامات الإنسان أرضية زمنية، من هنا يحدث الصدام والعثرة في المفاهيم.لنعلم أن أقصى الشر عند الله هو الخطية، وأشد الخسائر عنده هي الهلاك الأبدي، ولكن للأسف الإنسان لا يدرك هذا ويعتبر أن الشر هو التجارب والخسائر هي الأمور المادية.وسيظل هذا التعارض ويتسع كلما ابتعدناعن المفاهيم الإلهية، وسيتضح لنا تدريجيًا كلما اقتربنا إلى الحياة الأبدية ونحن بعد على الأرض إلى أن يكتمل إدراكنا لها في المجد الأبدي، حين ندرك ما لم ندركة ونتعجب لتدابيرة المملؤة حكمة ومجدًا، ولا يسعنا إلا أن نخر ونسجد ونسبح مع السمائين: «نَعَمْ أيُّها الرَّبُّ الإلهُ القادِرُ علَى كُلِّ شَيءٍ! حَقٌّ وعادِلَةٌ هي أحكامُكَ» (رؤيا 17: 7).ومع غاية تأثرنا على كنائسنا التي هُدِمت أو حُرِقت إلّا أننا نؤكد أن الكنيسة بالنسبة لنا ليس مجرد مبنى ولا مكان، بل هي العالم كله حيث يوجد الله معنا، هي نحن، وحيثما اجتمعنا توجد الكنيسة. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
06 أكتوبر 2018

الشماس نبيه نصر المؤرخ الكنسي

(من رواد مدارس احد اسكندرية) التحق بالكلية الاكليريكية سنة ١٩٣٥م ، وعمل مدرساً بأكليريكية القاهرة فى ١٩٣٩م وتثقف بعلوم الفلسفة والادب والتاريخ والصحافة ، حتى اتي و ترقى بالاسكندرية عام ١٩٦٩م ليعمل رئيساً لقسم الاحصاء وموجه لمادة التربية الدينية المسيحية لمحافظة اسكندرية . ثم تفرغ للخدمة بها وللتعليم الكنسي والكتابة . مستلهماً روح معلمه ومعلم الاجيال القديس حبيب جرجس الذى اختاره بنفسه ليكون مدرساً لاكليريكية القاهرة ، وعمره لا يزال بعد ٢٢سنة . تتلمذ على يد القمص سرجيوس الواعظ والخطيب الوطنى لثورة ١٩١٩م فتشرب منه الدفاعيات والفصاحة والمحاجاة وفنون الاقناع . ثم التحق بالاكليريكية فى عهد البابا كيرلس الخامس ، وهناك تعلم كنوز نفيسة من اساتذتها : القمص ابراهيم عطية والمتنيح القمص قسطنطين موسى والمتنيح انبا ديسقورس اسقف المنوفية ، والعلامة يسى عبد المسيح وتكلا رزق وسمعان سليدس وبقطر شحاته . فهؤلاء جميعاً صاروا له نماذج ينهل منها العلم وخبرة التقوي الروحية . اختاره الارشيدياكون حبيب جرجس ليكون مدرساً فى الاكليريكية ، وذلك لتميزه بالاخلاق والسلوك المسيحى ودفاعه الغيور عن الايمان الارثوذكسى السليم ، ثم خدم فى فروع مدارس الاحد ، وكان يدافع بقوة عن العقيدة الارثوذكسية . فعندما اتى للعمل فى الاسكندرية اهتم جداً بتدريس العقيدة ؛ وتاريخ المجامع المسكونية ؛ والرد علي البدع والهرطقات . في عظات شفاهية تارة ؛ وعظات مكتوبة في مدونات تارة اخري . وضع في عام ١٩٥٢ م كتابه الشهير "لوثر مبتدع البروتستانتيه" ، واجتهد كمعلمه حبيب جرجس من اجل عمل خدمة تعليمية غيوره وسط اجواء جهل وفساد وظلمة . سائراً على خطاه فى التدريس والتعليم بالمنبر والصحافة والكتابة والترجمة والدفاع ومناهج التربية الكنسية حسب شعار نشيد مدارس الاحد "نحن جند للمسيح فى مدارس الاحد" . بالتدريب : والارشاد :والتربية : والتفاعل الاجتماعي ؛ لاقتناء الفضيلة ؛ علي اعتبار ان التربية المسيحية السليمة تقود الي السماء ؛ حسب تعليم الاباء القديسين الملهمين من الله . اشتهر الخادم نبيه نصر بتفوقه فى فقة اللغة العربية لذلك اسندوا اليه تدريسها لطلبة الاكليريكية . مواظباً على الاطلاع والمعرفة وتدوين السير وشرح العقيدة القويمة ..كذلك كان ايضا يجيد اللغتيين الانجليزية والفرنسية ، فقام بترجمة كتب القديسين على خطى معلمه حبيب جرجس والدكتور عزيز سوريال ورشدي السيسي . كذلك لم يتوقف علمه الغزير ومعرفته عند الكلمات ، لكنه كان مشهودا له بالقدوة ؛ وبالمواظبة علي وليمة القداس الالهي ونوال الزاد السماوي ؛ وكثيرا ماكان يردد ( القداديس الالهية تحل القيود الحديدية ).. وديعاً ومحباً لخدمة اخوة الرب ولافتقاد القرى المجاورة حيث كان يجول يصنع خيراً حتى يسلم الجيل لجيل المستقبل . بصلاة الاختلاء وصلاة الامتلاء وصلاة الانطلاق لكنيسة الابدية . اهتم جداً بكتاب السنكسار الكنسى وبسير القديسين وبالتاريخ القبطى وبالدفاعيات ، لذلك وصفه المتنيح البابا شنودة الثالث قائلاً : """ عم نصر ارثوذكسى غيور جداً على الكنيسة الارثوذكسية ، وانا اتصور ان لحظة خروج روحه من الجسد استقبلته ارواح القديسين الذى عاشرهم واحبهم وكتب سيرهم "". ترك الشماس نبيه نصر للكنيسة القبطية ذخيرة من التعليم ؛ فتنوعت كتاباته لتدور حول الشريعة والتاريخ والوعى بالمعوقات التي تشوه الارثوذكسية ، كذلك كتب حوالى ( ١٤ ) كتاب عن سير بطاركة الكنيسة الباباوات ال ٢٤-٢٢ - ٣٩ - ٤٠ - ٤٢ - ٤٨ - ٥٥ - ٦٦ - ٨٧ - ١٠٢ - ١٠٧ - ١٠٨ - ١٠٩ - ١١٢ . كما كتب حوالى ٣٧ كتاب فى سير القديسين والقديسات . خدم التربية الكنسية فى كنائس رمل الاسكندرية ( المرقسية الكبري - مارجرجس الشاطبي - مارجرجس سبورتنج - مارمينا فلمنج - مارجرجس باكوس - الانبا شنودة عزبة دنا ) ، وقدم تعليماً حياً فى الكلية الاكليريكية وفي التعليم الدينى بالمدارس الثانوية ، حتى تنيح بسلام فى ٢٠٠١/٦/٥ م بعد جهاد كان فيه تقواه هي المحبة ودنياه هى الاشواك والالام ، كخادم بلا كهنوت وبلا رتبة ؛ شاهداً للمسيح فى العالم ببره ، لان القداسة ليست حكراً على احد ولا علي وظيفة او رتبة ، لكنها دعوة لكل من يستجيب ويقبل ويعمل ويعلم ؛ ناظرا الي الجعالة العليا . .. فيدعى عظيماً ...من اجل هذا اثمرت خدمة مدارس الاحد اغصانا كغصنه ؛ مثمرة بالسيرة والمعرفة الارثوذكسية الحية والمختبرة بمحبة وعشرة مسيح الكنيسة وابائها وتراثها وتقليدها بالعمل والقول ؛ التي كان الخادم نبيه نصر ايقونة لها في تضميد الجراح واعمال الخير والتوزيع ؛ وخدمة الكلمة المكتوبة والمسموعة ؛ حتي انه عندما كلت عينيه وشاخ بصره ؛ كان تلاميذه ومحبيه يذهبون ليرافقوه الي حقول خدمته ؛ حتي الفلس والنفس الاخير ...كذلك قدم بيته ايقونة زاهية للنجاح فعلم ابنائه بالجسد صراحة الايمان العامل بالمحبة ؛ وقد حصلوا جميعهم علي درجات الدكتوراه ( د. اثناسيوس ، د. جوارجيوس ؛ د. فيبي ؛ ود. ماري ) ؛ ليعطي مثل الوكيل الصالح والامين .. فلولا حبيب جرجس وتلاميذه الذين كان نبيه نصر من بينهم ؛ ولولا خدمة مدارس الاحد ما كان كل ذلك كذلك . واليوم وجب علينا ان نذكرهم بالوفاء فى العيد المئوى لمدارس الاحد ؛ مع كل روادها الذين اسسوا وحملوا المسؤلية وطوروا وابدعوا وكملوا العمل ايجابياً بالمدينة المحبة للمسيح الاسكندرية ، حسب طبيعة الفصول وتكميل العناصر لتنمو المحاصيل وينضج الكروم وتتجمل الاشجار بالثمار وتتغطى الغابات بالاوراق والمروج بالازهار ؛ في كرمة الرب المشتهاه التي غرستها يمينه . القمص اثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج الأسكندرية
المزيد
05 أكتوبر 2018

الحياة الرهبانية

أقرأ بنعمة المسيح وأعيد على مسامعكم الانجيل اللى سمعناه في هذه العشية من انجيل معلمنا متى البشير في الاصحاح السابع " 22 كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23 فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ! 24 «فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. 25 فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. وسط الاحداث الواقعة في الكنيسة نتذكر أمنا العذراء انها ام لكل البتوليين وصورتها وسيرتها وشخصيتها هي النهج التي على أساسه قامت الحياة الرهبانية والحياة الديرية ، وولما نتصفح التاريخ المسيحي المصري نتصفح تاريخ امتد لقرون وقرون نجد من ايام القديس مارمرقس الرسول وتأسيسيه لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية التي تزعمت العالم المسيحي في العلم اللاهوتي وفى تفاسير الكتاب المقدس وكانت مدرسة ذائعه الصيت لذلك ظهر في تاريخ كنيستنا ابطال وعمالقة في اللاهوت والكتابيات وفى الابائيات وفى الحياة الكنسية وسلمونا ميراث غنى ولكن تواكب هذا مع عصور الاستشهاد و الكنيسة لم يكن بها فقط قامات إيمان لكن كان فيها قامات شهداء وظهر الاستشهاد في اشده ايضًا في أيام نيرون ولم يستد الامر الا بمجيء قسطنطين الكبير وأصدراه منشور ميلان عام 313 "ان تصير المسيحية ديانة معترف بها في انحاء الإمبراطورية اليونانية " وبدأت الكنيسة ترتاح ولكن غيرة الاقباط وغيرة حياتهم خافوا ان الراحة تفقدهم قوة الايمان فبعد ان كان الاستشهاد بالدم لذلك يسمونه الاستشهاد الأحمر بحثوا عن صورة أخر من صور الاستشهاد فظهرت الرهبنة وصار هذا النموذج في الحياة ناس تتفرغ لكي تعيش حياة مسيحيه حسب أصول الانجيل وظهر أول راهب في العالم في مصر من بنى سويف من قمن العروس وأسمه "القديس أنطونيوس الكبير "وهو اب لجميع الرهبان والقديس أنطونيوس نفتخر كمصريين انه الذى أسس الرهبنة التي انتقلت من مصر لكل العالم عايز اقولك العالم فيه الاف من الاديرة وانتقلت الحياة الرهبانية واصلها مصر وظهرت من القرن الثالث والرابع في جميع بقاع مصر القديس مكاريوس الكبير والقديس باخوميوس اب الشركة والقديس العظيم الأنبا بسنتاؤس، ببرية الأساس بنقادة، والانبا بولا اول السواح وتلاميذ وتلاميذ لهم وانتشار الحياة الرهبانية ، وأريد ان تعلم ان من كثرة الاديرة في التاريخ المصري مش لاقين أسماء يسموها فبقوا يسموها بالأرقام برقم بعدها عن مدينة الإسكندرية فبقى يقولك الدير التاسع يعنى يبعد عن الإسكندرية ب9 كيلو والدير العشرين وهكذا والذى يطالع خرائط قديمة عن صحارى مصر يجد عشرات من أسماء الاديرة المتناثرة في كل مصر يكفى ان تعلموا أيها الأحباء وهذه صفحه من التاريخ المسيحي المصري ان منطقة وادى النطرون وهذه المنطقة تعتبر جامعه الروحيات لذلك سميت الإسقيط تعنى مكان النسك وبيفتخروا بالانتماء لها مثال لذلك لو في طبيب أراد الدراسة او اخذ درجة علمية بيسأل عن اهم كلية بتعلم ويروح هناك ويفتخر بانتسابه لهذه الكلية وهكذا الرهبان يفتخروا بانتمائهم لأديرتهم وصارت منطقة وادى النطرون ومنطقة القلالي ومنطقة كليا مناطق اثرية صارت دار للنسك والحياة الناسكة وظهر عشرات الألوف من القديسين وظهرت الاديرة القبطية المصرية محط لأنظار العالم وصارت للخلوة الروحية وصارت جامعات في الحياة الإنجيلية اللى يقرأ في تاريخ الرهبنة يجد القديس يوحنا ذهبي الفم عندما جاء الى مصر وزار البراري العامرة بالرهبان والقلالي مكنش في أسوار كانت قلالى منشوبة ومتفرقة ووجد كل ناسك وكل راهب يعيش على شمعة وزار البراري والصحراء المغارات وشقوق الأرض ولهذا قال جملته الشهيرة " السماء بكل نجوهما ليست بجمال برية مصر بكل نساكها " فالرهبنة في مصر قديمة وتتسلم من جيل لجيل حتى جيلنا الحاضر . والحياة الرهبانية عامرة وصارت في مصر من القرن الثالث والرابع الميلادي الى مجيء المسيح . صارت الرهبنة قلالى فرداني بدأها الانبا انطونيوس وتجمع حواليه تلاميذ يتعلم منه وهكذا كل راهب يذهب ويبقى له تلاميذ اخرون وهكذا ، ورهبنة فلسطين أساسها مصر ورهبنة سوريا أساسها مصر ورهبنة العراق وايرلندا أساسها مصر أيضًا ويوجد رهبان اقباط مصريين ذهبو لألمانيا ونشروا الرهبنة ونقلت الروح الرهبانة وصار جيل يسلم جيل. ونقرأ في الكتب الرهبانية جملة "فى مرة سئل أخ شيخًا " يعنى راهب صغير سئل راهب شيخًا وصار من هنا مفهوم الرهبنة فيها اباء شيوخ عاشوا واختبروا القداسة وفى تلاميذ تعلموا على أيديهم وهكذا تصبح النسبة متساوية ومتقاربه جيل يسلم جيل وصار لحياة الرهبان لها نظام . أيها الحبيب لا تنظر لضعفات أشخاص واحد يغلط او اثنين ولكن الكيان نفسه كيان نقى والكيان أختبرعبر القرون والراهب ثلث وقته للصلاة وثلث وقته للقرأه والدراسة وثلث وقته للعمل الاعمال اليدوية وبنقول في الدير ساعه صلاة ساعة قرأه ساعة عمل وكل ساعه في الدير معناها 3 سعات لأننا بحسب صلوات الاجبية باكر 6 ص والثالثة الساعة التاسعة يعنى ثلاثة سعات صلاة و3 سعات دراسة و3 سعات عمل، ونسمع قديمًا عن نسخ الانجيل فكان يأخذ 30 سنه ولنسخ المخطوطات سنين ونسمع بعض الإباء يقولك انا خلصت مار اسحق وهكذا . ومازلنا نعمل كدة في اديرتنا ولغاية النهاردة رهبان كتير بتنسخ وتترجم الكتابات ، ولان الاعمال اليدوية كانت قليلة علشان يبيعوا شغل أيديهم علشان يعيشوا وتطورت أيضا الاعمال وتوجد اعمال أخرى يعنى لو راهب طبيب يكون مسؤول عن العيادة وصحة الإباء ولو راهب مهندس يكون مسؤول عن التعمير والانشاءات ولو راهب دارس زارعة يكون مهمته في العمل استصلاح الأرض وقيسوا على هذا أشكال كثيرة وهكذا صار في عمل وصار في مجتمع . وبنيت الحياة الرهبانية على ثلاثة نذور 1-نذر الفقر: +الرهبنة المصرية رهبنة الكفن والراهب بينام ونغطيه بستر وهو الكفن "أرجوكم يا أحباء علشان دلوقتى الدنيا هايجه وكلام كتير مش صح وكل واحد بيقول حكاية ارجوكم انتبهوا واعيد على مسامعكم "في ذلك اليوم يقولون يارب يارب اليس با.... +أقولهم انا لن اعرفكم قط اذهبوا عنى يا فاعلى الاثم " وفى ناس بتغلط الحياة الرهبانية ليست حياة سهلة وأحيانًا يأتى الى شاب أو شابة يقول لى عايز اترهبن أقول له يا حبيبي الرهبنة لا تناسبك وده اختبار مع كل الإباء الرهبنة حياة صعبة ولا يقدر عليها اى احد ولذلك تحتاج نفسية خاصة حياة خاصة انا بدخل الدير علشان أكمل مش علشان ابدأ انا مش بدخل وأسيب كل حاجه وارجع ادور على كل حاجه تانى . وفى نذر الفقر يلبسونا جلبيه ويعطونا ميرت ويقولوا لنا احتياجاتك نقدمها لك كده عيش حياتك والاحتياجات جاية منين من تبرعاتكم اللى بتحطوها جوه الدير انت بتساهم في نقاوة الحياة الرهبانية لذلك يجب ان تحافظ عليها وهذا اول نذر الفقر. 2- نذر الطاعة : نذر الطاعة يعنى التخلي عن المشيئة الشخصية "الهوى الشخصي" مش بمزاجك في قانون ونظام الدنيا مش سايبة واذا كسرت قانون الدير لا تستحق بقائك في الدير الأول الفقر الاختياري ثانيا الطاعة . 3- نذر التبتل: والتبتل القصد منه التفرغ الكامل للحياة الروحية مع الله ونقول في الدير المسيح عريس نفسي ويصير حياة الراهب صباح ومساء يفكر كيف سيقابل المسيح كلمة راهب في اليونانية موناخوس MONAXOS تعني متوحد واحد لوحده لكن في اللغة العربية تعنى انسان يرهب وجه الله انسان حاطط امامه وجه الله "جعلت الرب امامى في كل حين انه على يمينى فلا اتزعزع " الفقر الاختياري والطاعة والتبتل اى كسر لهذا النذور كسر للرهبنة طبعًا أديرتنا فيها مئات من الرهبان وملتزمين وأنا شخصيًا لما بروح الدير واقابل بعض الإباء الشيوخ ابقى حاسس بالسعادة واترقب كل كلمة بيقولها لي واخذ بركتها ، قيمة الاديرة القبطية في حياتنا المصرية وما قيمة الاديرة لمصر الاديرة واحات صلاة تصلى من اجل العالم كلة ومن أجل الأرض +ويمكن ان نشبه اديرتنا بصلواتها المستمرة حارسة لحدود مصر الصحراء فكأن صلوات النقية لهؤلاء الإباء يوم الراهب يبدئ من الساعة الرابعه وتبدأ بصلوات مرفوعه وصولًا لصلوات القداس وصلوات شخصية ومن الحاجات الجميلة لما تلاقى راهب ماشي في الصحراء وفمه بيتكلم يقولك "ابونا بيزمر" يعنى يقول مزامير حافظها وابونا اللى في المطبخ عمال يقول مزامير وحتى لما بنروح دير ونفطر نلاقى الفول طعمه جميل مهما كان الاكل بسيط بيكون مملوء بالبركة، وانا مكنتش احب البصارة وأول مرة أكلها كانت في الدير لما +أطلبت منى روحت الدير ومسكوني مطبخ وقالولى "أعمل بصارة " واللي يعمل حاجه يأكلها هكذا هي حياة الدير البسيطة +وكل اديرتنا بخير اوعى تهتز " فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ" الذى يسمع أقوالى ويعمل بها يبقى عاقلًا واللى ميسمعش ميبقاش عاقل وهذه الايام كل واحد يقول كلام وجرائد عماله تكتب لي مقالات ليس لها اى معنى "وصدمت ذلك البيت فلم يسقط لأن أساسه كان ثابتًا على الصخر على المسيح "، لكن احنا كبشر مازال الانسان تحت الضعف البشري والضعف البشرى مش نروح فيه بعيد نروح لغاية المسيح نقول له يسوع أخترت كام تلميذ يقول 12 بطرس ويعقوب ويوحنا .... ونقوله يعنى يارب اخدتهم كلهم منتقيين ولكن اللي حصل ان ال 12 شافوا معجزات المسيح وشافوا أمثال وتعاليم المسيحة لكن في واحد يشوف ويخزن جوه قلبي ويعمل كل هذا بداخله وفى الصور الرمزية اللى قدمنا بلتلاميذ المسيح يقول كان يتكأ على صدر المسيح في المقابل تلاقى واحد مش عاجبه حاجه ويفكر يبيع سيده يا يهوذا هو انت مشفتش معجزات المسيح بس مدخلتش جوه قلبه لا مقابلاته ولا تعاليمه ولكن دخل فيه شيطان " كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً" في كل مجتمع يظهر يهوذا واتجاسر وأقول في كل 12 يظهر يهوذا وهو يمثل الخيانة بكاملها ، +لا تهتزوا يا أخواتي يوجد الله ضابط الكل ولان ممكن عبر التاريخ في رهبان سقطوا ، أيام يوحنا ذهبى الفم راهب وقع في خطية ومن نفسه ساب الديرووالقديس يوحنا كان عارف انه وقع عن ضعف وصغر نفس في بالوعة اليأس ويوحنا ذهبى الفم كتب له رسالة ترجمت اسمها "ستعود بقوة أعظم "قرا الرسالة وتاب ودخل ديرة مخرجش غير لما مات كتاب موجود وطبعته كنيسة مارجرس سبورتنج "ستعود بقوة أعظم ". القصص في التاريخ الرهباني كثيرة والحروب في التاريخ الرهباني أكثر مرة راح الراهب لمعلمه قال له أنا زهقت من الدير علشان مضايقات الاخوة كثيرة واسمح لى ان اخرج وابنى قلاية خارج الدير فرد عليه المعلم رئيس الدير "اذا لم تحتمل مضايقات الاخوة فكيف تحتمل محاربات الشيطان وانت في وسط اخواتك محمى ومحاربات الشيطان كثيرة " وتوجد كتب لثيوفان الناسك اسمها المحاربات الروحية في 4 أجزاء . +أتكلم واعرف أزاي الشيطان بيضحك على الانسان مرة ظهر لراهب وقال له انا المسيح تعالى اسجد لى والراهب قال لو كنت المسيح لما قلت ذلك ورشم عليه الصليب وقيسواقصص لا تنتهى عدو الخير يحارب ويسقط لذلك مسؤوليتكم جميعًا أن تحافظوا على نقاوة الدير والرهبان والراهبات في كل حاجه كل شيء حتى في مكالمة التليفون الهدية والزيارة ملهاش لزمة . +ولازم الكنيسة تضبط باستمرار الحياة الرهبانية والكلام ده مش في زماننا هذا فقط ولا علشان اصدرنا قرارات منذ أيام بل اجتمعنا لجنة رؤساء الاديرة وكان عددنا 19 رئيس دير وأنا وسكرتارية المجمع المقدس وتناقشنا 3 سعات واصدرنا ال12 قرار +ويطلع واحد يقول لك البابا اللى أصدرها لوحده واباء الكنيسة بيعملو ايه والمطارنة والأساقفة بيعملوا ايه؟؟ اعرف في أيام البابا كيرلس اصدر قرار بعودة كل الرهبان للأديرة وكان في اديرة فقيرة وكان الرهبان يروحوا يشوفوا اكل ودخلت الدير سنة 86 وانا كنت شاب وداخل له وبسأله ابونا اترهبنت امتى قال اترهبنت سنة كذا اللى كنت انا اتولدت فيها معناها انه راجل شيخ فبقوله اوصف لى الدير وقت ما اترهبنت قال لى " كونا حمار واربع رهبان في الدير افتكرت يقصد نفسه قال لا كونا حمار واربع رهبان قال الحمار الأول لأنه هو اللى كان معيشنا قال هو كان ينزل للوادي نجيب اكل ولو الحمار كان حصل له مكروه كان يموتوا الاربعه ،هكذا الاديرة عاشت بالصلوات +عندنا لجنة مجمعية وده عمل قانوني ورسمي ولها مقرر وهى من اختصاصها شؤون الرهبان والاديرة وبتحصل مشكلات كثيرة وبنحلها والمشكلات نحقق فيها وعندنا مجموعة من الخطوات لأصلاح حياة الراهب او الراهبه أحيانا نذره وننصحه وياخذ قانون روحى ويطبقه جوه القلاية وننقله دير تانى سنة ونشوف حاله ايه ونرجعه وراهب دير كذا دى عيلته واحيانا يتنقل خالص حسب النوع للخطأ وأحيانا يصل الامر للتجريد والشلح لو كان كاهن كل دى خطوات لازمة لضبط الحياة الرهبانية. +وايام البابا شنودة اخذ قرار بأنهاء خدمة الرهبان الذين يخدموا في الكنائس بعد كل سبعة سنوات يعنى الراهب يخدم 7 سنين ويرجع ديرة . +عندما وقع الحادث المؤلم يجب ان تنظروا اليه على انه جريمة هذه الجريمة فيها مجني عليه وجانى برة الكنيسة خالص وحتى الان التحقيقات لم تنتهى والتحقيقات التي تقوم بها الشرطة والنيابة هي تحقيقات في جريمة امر عادى الغرابة ان الجريمة حصلت داخل دير ولرئيس دير لكنها جريمة اولا وأخيرا وفيها مجنى عليه وهو المتنيح الأنبا ايبفانيوس وفيها جانى مش عارفينه واى تحقيق يستمر والاتهامات تتفرق على كثيرون ومفيش حاجه للخواطر الجرائم ليس فيها خواطر وليس من صالح أحد التستر على أحد +ولما اصدرنا القرارات اصدرنا من اجل ضبط الحياة الرهبانية ونصدر وانتم كشعب تساعدونا كل واحد يعرف مسؤليته ولما بتقدم شيء ان +ولما بتروح تزور الدير بتاخد بركة الدير والجدران مليئة بالصلوات ومليئة بالبركات ومن النعم ربنا ان اديرتنا مفتوحة للزيارة للجميع ومازالت معظم الاديرة ملتزمة ومنضبطة ولسه في قرارات تانية لضبط الحياة الرهبانية وفى ضعفات و والراهب يعيش في الدير لأنه هو اختار الحياة وقفنا قبول أي اخوة ووقفنا الدرجات الكهنوتية لان الاديرة واحات صلاة بتروح علشان تترك العالم اللى عايش فيه تستنشق عبير الروحانية بمجرد مشاهدة الإباء اللى عايشين في القداسة بمجرد رؤيتهم تملىء النفس فرحًا والكلام اللي بقوله مش يعرفه حد الا اللي اختبره ،لا تنسوا ان الاديرة في تاريخ مصر كانت تحفظ من المجاعات نقرا في تاريخ دير الانبا شنودة رئيس المتوحدين انه كان يفتح الدير للناس أيام المجاعات والانبا باسيليوس الكبير في القسطنطينية كان يتفح الدير من اجل اللاجئين وقوانين الوراثة +دلواقتى العالم كله بيتكلم فيها اول واحد فكر فيها كان راهب وقيسوا على هذا هولندا الارض الساقطة وعلشان يكبروا البلد ردموا البحر وكان صاحب الفكرة رهبان وانشأ جامعات ، التاريخ تاريخ منير ومفرح هذه البذرة بدئت من مصر روسيا فيها 1000 دير وألمانيا 1200 إيطاليا 1500 وفرنسا 1500 ونحن لنا اديرة خارج مصر 20 دير اديرة اعترفنا بيها وجنوب افريقيا وأستراليا ودول اوربا السودان فلسطين اديرة قبطية مصرية +علشان كدة ارجوكم لا تهتزوا ونحتاج الحافظ على الحياة الرهبانية والديرية لا تنسوا نظرية يهوذا كل مجتمع ولما نسمع عن واحدر راح ينتحر عدو الخير يشتغل جواه مش يهوذا راح انتحر بردة في جريمة جواه انه سلم معلمه وخانه وباعه بثلاثون من الفضه ضميره لم يسكت بل اعرفوا أيها الأحباء اننا في الكنيسة بدء من البطرك والأساقفة والمطارنة والكهنة والخدام والشمامسة والرهبان والراهبات لنا ضمير ومسؤلية امام الله ولا نتحرك بفكر العالم +انتبهوا اللى الصفحات الصفراء مطبوعه اوسوشيال ميديا مش كل حاجه تتقرى وتتبعت ونشكر الله ليس لدينا ما يخفيه وايمان الكنيسة محمى بصاحب الكنيسة المسيح لكن الاتهامات لا تنتهى وانا أتذكر من أسبوعين الرئيس السيسى في حفل تخرج طلبة كلية الشرطة ذكر أحصائية مرعبة ان فيه 3 اشهر مصر تعرضت الى 21 إشاعة في 3 شهور ضد البلد ضد الاقتصاد ضد الكنيسة وفى حرب العالم وضع في الشرير انتبه علشان كده المواقع تتقفل للرهبان واى موقع صحبه هيتعرض لإجراءات كنسية وانت من نحيتك تكلم ابونا وامنا وعايز تعرف عيش حياتك نقية احذروا الصفحات الصفراء بكل صورها احذروا الاشاعات احذروا جرعات اليائس وعاملين يفجروها الكنيسة المصرية واحدة من أقوى كنائس العالم والاكليروس فيها بقلب واحد وبايد واحده وقلبهم على الكنيسة +"كونوا حماء هذا لاانسان يحتاج الانسان العاقل الغير مستع=هتر كونوا مصلين نشكر ربنا اانا في صوم العذراء حول كل المشكلات الى صلاة ومن اجل ابونا ومن الكنيسة ومن اجل الدير وطلبة البار ت الله يريد ان يبحث عن ابرار كونوا واثقين في الله ضابط الكل هو الذى يقود كنيسته ولا تلوث ذهنك ولا فكرك ولا عينيك ولا ودانك بكلامك اللى ملوش معنى وأقرأ اليكم مرة أخرى " العشية من انجيل معلمنا متى البشير في الاصحاح السابع " 22 كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟23 فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!24 «فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ25 فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِالكنيسة التي تعمل باقوال المسيح كنيسة عاقلة والراهب اللى بيعمل باقوال المسيح راهب عاقل بنى بيته على الصخر مش اشاعات الفيس بوك المسيح يحفظكم جميعًا ويحفظ الكنيسة المصرية أحد دعائم مصر ويحفظ أديرتنا بصلواتنا المرفوعة عن مصر وعن كل العالم لالهنا كل المجد والكرامة من الأن والى ابد الابدين امين قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
04 أكتوبر 2018

الكتب الأبوكريفية المنحولة: متى كتبت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

يتكلم هؤلاء الكُتّاب من نقاد المسيحية، كما بينّا في الفصل السابق، عن كتب لم يقرأوها ولا يعرفون عنها شيئًا، بل ولم يفكروا مجرد التفكير في قراءتها ومعرفة محتواها، ولم يحاولوا معرفة لماذا رفضتها الكنيسة ولا ما كتبه آباء الكنيسة الذين درسوها وحللوا محتواها الذي خلط بين الفكر المسيحي والفكر الغنوسي الوثني في حينه وكانوا يعرفون مصادرها التي صدرت عنها وأسماء كتابها من الهراطقة، وقد أثبتت الاكتشافات الأثرية لمخطوطات هذه الكتب والدراسات العلمية الحديثة لها صدق وأمانة هؤلاء الآباء ودقتهم فيما كتبوه عنهم وحكمهم السديد عليها ولكي نضع الصورة واضحة أمام القاريء نسجل هنا أسماء هذه الكتب الأبوكريفية، المزيفة، والتي كتبت فيما بين منتصف القرن الثاني والخامس للميلاد، كما ذكرها بعض أباء الكنيسة وكما ذكرت في المرسوم المنسوب للبابا جلاسيوس بابا روما في نهاية القرن الخامس، والبطريرك نيسيفوروس بطريرك القسطنطينية في بدادية القرن التاسع، وكما وجدت في المخطوطات التي تم اكتشافها في القرنين الماضيين. والتي قمنا بترجمتها ونشر الجزء الأول منها وسنصدر الجزء الثاني منها خلال الأيام القادمة ونبدأ بالمرسوم المسمى بالمرسوم الجلاسياني(1)، والمنسوب للبابا جلاسيوس الخامس (496م)، وهو عبارة عن قائمة بأسفار العهد الجديد السبعة والعشرين القانونية كما تسلمتها الكنيسة من الرسل. والذي جاء به أيضا قائمة بالكتب الأبوكريفية المحرمة، وأمام كل منها عبارة "أبوكريفي". ويفصل هذا المرسوم بشدة بين هذه الكتب الأبوكريفية المرفوضة والأسفار القانونية. وفيما يلي أهم ما جاء في هذا المرسوم: "كتاب دليل (كتاب) الرحلات تحت اسم بطرس الرسول، والذي يسمى الكتب التسعة للقديس أكليمندس، أعمال تحت اسم أندراوس الرسول، أعمال تحت اسم توما الرسول، أعمال تحت اسم بطرس الرسول، أعمال تحت اسم فيليبس الرسول، إنجيل تحت اسم متياس، إنجيل تحت اسم برنابا (غير الإنجيل المزيف الموجود حاليا)، إنجيل تحت اسم يعقوب الأصغر، إنجيل تحت اسم بطرس الرسول، إنجيل تحت اسم توما، والذي يستخدمه المانيون، إنجيل تحت اسم برثولماوس، إنجيل تحت اسم أندراوس، الإنجيل الذي زيفه لوسيان، الإنجيل الذي زيفه هوسيخوس. كتاب عن طفولة المخلص، كتاب عن ميلاد المخلص أو عن مريم أو آلامه، كتاب يسمى الراعي، كل الكتب التي عملها ألفها لوسيان تلميذ الشيطان.. رؤيا منسوبة لبولس، رؤيا منسوبة لتوما، رؤيا منسوبة لأستيفانوس، كتاب يسمى عودة القديسة مريم للموطن. هذه وما على شاكلتها من الذي كتبه سيمون الساحر ونيقولاوس وكيرنثوس ومركيون وباسيليدس وأبيون.. مونتانوس.. فالنتينوس، المانيون" وجاء في قائمة نيسيفوروس (Stichometry of Nicephorus) (2) بطريرك القسطنطينية (806 - 818م) والذي ذهب إلى بغداد وهناك وجد العديد من هذه الكتب الأبوكريفية فقرأها وأحصى عدد سطورها. وننقل أهم ما جاء بها عن الكتب الأبوكريفية الخاصة بالعهد الجديد: "رؤيا بطرس300 سطر، إنجيل العبرانيين 2200 سطر، أعمال بولس 3600 سطر، أعمال بطرس2750 سطر، أعمال يوحنا 2500 سطر، أعمال توما 1300 سطر، إنجيل توما 1300 سطر"ومن الواضح أن قائمة نيسيفوروس والكثير من هذه الكتب كان موجودا في بطريركية القسطنطينية، والتي جاء بها من بغداد ثم قرأها خلفه فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من ق 9(3)، ومن ثم فقد قال عنها: "أن لغتها خالية تماما من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل، وغاصة بالحماقات والمتناقضات". ثم يختم بقوله أنها تحوي "عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق، السقيمة الخيال، الكاذبة، الحمقاء، المتضاربة، الخالية من التقوى والورع، ولا يجافي الحقيقة من ينعتها بأنها نبع وأم الهرطقات" (4). كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
03 أكتوبر 2018

السَيد المسيح يدعُو إلىَ الكمَال

السيد المسيح له المجد كان يعلّم باستمرار. في كل مكان وفي كل وقت. وكانوا يدعونه "يا معلم" أو "أيها المعلم الصالح". وهو كمثالي في كل شيء، كان يدعو إلى المثاليات. وفي مقدمة ذلك كان يدعو إلى الكمال، إذ يقول «كونوا كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل» (مت5: 48).+ وطبعًا الكمال الذي يدعو إليه السيد المسيح هو الكمال النسبي، لأن الكمال المُطلق هو لله وحده لا غير...والكمال النسبي نُسميه كذلك، نسبة إلى ما عند الإنسان من مقدرة وإمكانيات، ونسبة لما يمنحه الله من معونة ومن قوة للسير في الطريق الروحي، وما يعطيه أيضًا من نعمة تساعده وتقويه. وكذلك نسبة إلى مدى تجاوب الإنسان مع عمل الله فيه، ومع عمل الله معه.+ وحياة الكمال الروحي تشمل علاقة الإنسان بالله – تبارك اسمه – وعلاقته بالناس، وعلاقته بنفسه أو بذاته.أما عن علاقة الإنسان بالله، فقد لخصها بقوله «تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك ومن كل فكرك» (مت22: 37)، وعبارة «من كل قلبك»، تعني أنه لا يكون في قلبك أي منافس لله. فلا تحب شيئًا ولا شخصًا ضد محبتك لله، ولا أزيد من محبتك لله. وفي ذلك يقول السيد الرب «من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب ابنًا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني».+ ومحبتنا لله تعني أن نطيعه في كل شيء. فهو يقول «من يحبني، يحفظ وصاياي». وإن حدث وكسرنا إحدى وصاياه، فعلينا بالتوبة سريعًا. فالتوبة هي شرط لازم لمغفرة الله لنا. فهو يقول «إن لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون».ولكي ننال مغفرة الله لنا، علنيا أن نغفر أيضًا لمن أذنب إلينا. ونحن نقول في صلواتنا اليومية باستمرار: «اغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضًا لمن أذنب إلينا». وعلمنا السيد المسيح قائلًا «إن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم».+ وفي محبتنا لله علينا أن نطلب في كل حين ملكوته. والسيد المسيح قد تحدث كثيرًا عن ملكوت الله، وملكوت السموات. وعلمنا في صلواتنا اليومية – التي نرددها مرات عديدة كل يوم – أن نقول لله باستمرار «ليأتِ ملكوتك». وهذه الطلبة تعني العديد من المعاني: منها أن يأتي ملكوتك علينا، على قلوبنا، ومشاعرنا وحواسنا. فتملك أنت يا رب كل ما فينا. وتملك إرادتنا ونكون لك، نفعل في كل حين ما يرضيك حسبما نقول هذه الطلبة دومًا في صلاة باكر. وكلمة «ليأتِ ملكوتك» تعني أن يملك الله على سائر الناس، ويقودهم إلى حياة البر والفضيلة.+ ومن كمال محبتنا لله الصلاة الحقيقية، التي ليست من الشفتين، بل من القلب. فإن الله وبّخ الشعب قديمًا قائلًا «هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا». لذلك ليس كل من يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت الله، بل الذي يفعل مشيئة الله.وفي كمال الصلاة، قال السيد المسيح: صلوا كل حين ولا تملّوا، صلوا بلا انقطاع. ومعنى ذلك أنه لا يقتصر الإنسان على صلوات معينة ويكتفي بذلك، بل في كل حين يمكنه أن يرفع قلبه لله ويصلي.+ ومن كمال محبتنا لله، أن نؤمن به، ونؤمن بعنايته بنا، واهتمامه بكل أمورنا. فقال السيد المسيح له المجد «لا تهتموا بما تأكلون وما تشربون... انظروا إلى طيور السماء، إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحرى أفضل منها؟ ولماذا تهتمون بما تلبسون؟ تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو! لا تتعب ولا تغزل. ولكن أقول لكم إنه ولا سليمان في كل مجده، كان يلبس كواحدة منها!! ».. «الله يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها. أطلبوا أولًا ملكوت الله وبره، وكل هذه تزدادونها»..+ أما الكلام المطلوب من الإنسان فيقول السيد المسيح: «طوبى للأنقياء القلب... طوبى لصانعي السلام... ». والقلب النقي لا يوجد فيه شر أبدًا، بل لا توجد فيه سوى محبة الله، ومحبة الناس جميعهم. والقلب النقي لا تخرج من فمه كلمة خاطئة. وفي ذلك يقول السيد المسيح: «الإنسان الصالح: من كنز قلبه الصالح، يخرج الصلاح، أما الإنسان الشرير فمن كنز قلبه الشرير، يخرج الشرور». إذًا فالكلمة الشريرة، كلمة الإهانة والشتيمة، أو كلمة القسوة، أو كلمة التحقير، وما إلى ذلك... كل هذه مصدرها القلب، فهي خطية مزدوجة: خطية قلب ثم خطية لسان... والسيد المسيح يحذر من خطايا اللسان، فيقول «بكلامك تتبرر، وبكلامك تُدان». ويقول أيضًا «كل كلمة بطالة تخرج من أفواهكم، تعطون عنها حسابًا في يوم الدين». وعبارة كلمة بطّالة لا تعني فقط الكلمة الشريرة، بل تعني أيضًا كل كلمة ليست للبنيان، أي لا تنفع بشيء...+ أما قول السيد المسيح «طوبى لصانعي السلام» فتعني أن يكون بيننا وبين الآخرين سلام. وأيضًا أن نصنع سلامًا بين الآخرين بعضهم بعضًا. وأتذكر أنني كلما كنت أزور بيتًا من بيوت أبنائنا في الغرب، كانت أول كلمة لي، وأنا أخطو أول خطوة، هي: قال ربنا يسوع المسيح: «أى بيت دخلتموه، فقولوا: سلامٌ لأهل هذا البيت»...ولكي نصل إلى كمال السلام مع الناس، وضع لنا السيد المسيح قاعدتين: أولهما الاحتمال والتسامح، والثانية هي المغفرة للمسيئين. وفي ذلك قال لنا «سمعتم أنه قيل للقدماء: عين بعين، وسن بسن. أما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر... بل من أراد أن يخاصمك أو يأخذ ثوبك، فأترك له الرداء أيضًا. ومن سخرك ميلًا، فامشِ معه اثنين».+ ولعل من أكمل الوصايا التي قدمها السيد المسيح من جهة التعامل مع الأعداء أو المسيئين، هي قوله «أحبوا أعداءكم، باركوا لاعينكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم... لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم، فأي أجر لكم؟! أليس العشارون أيضًا يفعلون ذلك؟!». إن المسيحية تعتبر أن عدونا الحقيقي هو الشيطان أما الأعداء من البشر، فهم ضحايا للشيطان يحتاجون أن نصلي من أجلهم، ونحتملهم ونغفر لهم...+ ومن كمال الوصايا التي وضعها السيد المسيح في التعامل مع البشر، هي وصية العطاء، التي تُسمى أحيانًا بالصدقة. فقال «من سألك فأعطه. ومن أراد أن يقترض منك، فلا ترده». وهكذا رفع الناس من مستوى دفع العشور، الذي كان في العهد القديم، واعتبره السيد المسيح مجرد الحد الأدنى للعطاء. وأمر بوصية الاهتمام بالجائع والعطشان والعريان، والغريب والمسجون. وقال «مهما فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم» (مت25). ورفع مستوى العطاء إلى الكمال في قوله «ليس حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه عن أحبائه».+ ومن أجمل تعاليم السيد المسيح في العلاقات مع الناس، هي قوله: «مهما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا أنتم بهم». وقوله أيضًا «بالكيل الذي به تكيلون، يُكال لكم». فهذا هو الوضع الأصيل والكامل في التعامل: أن نعمل مع الناس ما نشتهي أن يعملوه معنا...+ ومن كمال ما يريده السيد المسيح في علاقاتنا مع الأمور العالمية والمادية، هي قوله «ماذا ينتفع الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه!! أو ماذا يُعطي عوضًا عن نفسه؟!». إن العالم كله. لا شيء بالنسبة إلى مصيرنا في الأبدية. مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
02 أكتوبر 2018

الخادم ومعلم الأجيال - أ.د. موريس تواضروس

أستاذ تفسير الكتاب المقدس بالكنيسة القبطية، والنموذج الممتاز في حب كلمة الله وكل الناس، وفي ريادة أجيال عديدة أحبت كلمة الله، وتعلمت على يديه كيف تفهمها، وتحياها بمرجعية: علمية، وآبائية، وكنسية. أستاذي أ. د. موريس تواضروس عرفته أستاذًا لي بالإكليريكية، كما أعطاني شرف الصداقة الشخصية معه، وكان مرشدًا لي في مناسبات كثيرة، حيث جعلني أدخل إلى دراسة الكتاب المقدس، وقد سعدت به على المستويين الأكاديمي والشخصي.. أقرأ مذكراته وكتبه، ثم أكتب بعض الدراسات والكتيبات عن أسفاره المقدسة.. فهو الذي أدخلنا بمحاضراته وأبحاثه إلى آفاق جديدة في دراسة الكتاب المقدس. أ. د. موريس تواضروس لم يكن فقط أستاذًا يفسّر الكتاب المقدس، بل كانت حياته كتابًا مقدسًا فعلًا، إذ تتلمذنا على يديه وصادقناه عن قرب، فوجدناه قلبًا نقيًا وكتابًا مفتوحًا وتراثًا من الدراسات الهامة والمتميزة. إن أ. د. موريس تواضروس تخرج على يديه بطاركة وأساقفة وكهنة، وقيادات خادمة في كل أنحاء الشرق الأوسط. الرب يعوضه عن تعبه في خدمة الكنيسة، وتربية الأجيال، وكذلك في احتمال الألم والمرض. إنه بحق من الأبرار المعاصرين.لقد استقبله السيد المسيح بفرح، كما فرحت به أمنا العذراء وآباء الكنيسة: مار مرقس والقديس أثناسيوس، والقديس كيرلس، والقديس ديوسقوروس، وآباء العصر الحالي: من البابا كيرلس أبي الاصلاح، إلى البابا كيرلس الخامس بابا الاكليريكية والتربية الكنسية، والقديس الأرشيدياكون حبيب حرجس، والبابا كيرلس السادس رجل الصلاة والمعجزات، ثم البابا شنودة الثالث بابا التعليم ومدارس الأحد. لقد خدم معهم جميعًا بأمانة متميزة، وغيرة حقيقية، الى أن داهمه المرض.. لتنظلق روحه بسلام إلى سماء المجد.طوباك يا د. موريس، فلقد جاهدت الجهاد الحسن، وحفظت الإيمان، والآن في طريقك إلى اكليل البر والملكوت العتيد، حيث المجد الأبدي مع رب المجد، وأم النور، وكل الآباء القديسين. الرب يعوضه عن جهاده المتميز في خدمة الكتاب المقدس، والكنيسة، والعلم. وينيح نفسه الأمينة في الفردوس.الرب يعيننا كما أعانك، ويعزّينا عنك بتعزيات روحه القدوس، ويعزي أسرته، وتلاميذه من بطاركة وأساقفة إلى كهنة ورهبان وشمامسة وخدام. تعزياتي لقداسة البابا تواضررس الثاني، أحد علماء دراسات الكتاب المقدس أيضًا، ولأسرة أ.د. موريس وتلاميذه المنتشرين، في العالمين: القبطي والمسكوني، ولكل مريديه وعارفي فضله... تعزيات السماء ترافقنا جميعًا، وتسند ضعفنا بصلواته المقدسة. ولربنا كل المجد إلى الأبد آمين. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل