المقالات

07 أبريل 2024

عيد البشارة

اليوم يا أحبائى تذكار عيد البشارة المجيد وهو من الأعياد السيديّة الكُبرى ويعتبره آباء الكنيسة أنّه بِكر كُل الأعياد ،فبعد البشارة جاء الميلاد ،والميلاد هو أول خطوة للخلاص ،ولأنّ بالميلاد صار التجسُدّ وصار الفِداء البشارة هو بداية الأفراح كُلّها ، ولذلك الكنيسة فى 29 برمهات بتعتبره من أغلى أيام الفرح ، لأنّه يوم بشارة الفرح والخلاص وإذا أتى يوم 29 برمهات فى أى وقت فلابُد أن نُعيدّ بهِ ، فحتى وإن كان فى يوم أحد فلا نقرأ قراءات الأحد بالرغم من أنّه تذكار عيد القيامة ولكن بنقرأ قراءات عيد البشارة اليوم هو أحد السامريّة فلا نقرأ قراءاته ولكن نقرأ قراءات عيد البشارة ،فلا يُمكن للكنيسة أن تتجاهلهُ فكُل يوم 29 من الشهر القبطىِ بتحتفل الكنيسة بتذكار البشارة ، وتُصلّى فيهِ الكنيسة بالطقس الفرايحىِ حتى وإن لم يكُن فى الكنيسة طقس فرايحىِ ، فهو يوم تذكار البشارة بالخلاص فالملاك أتى وقال للست العدرا " الروح القُدس يحلّ عليكِ وقوة العلىّ تُظللك " فبداية البُشرى بالخلاص هى من 29 برمهات حتى 29 كيهك وهى 9 شهور ،وهى فترة حمل الست العدرا برب المجد يسوع ففىِ عيد البشارة الكنيسة دخلت فى الخليقة الجديدة ، ودخلت فىِ الجسد الجديد الذى هو يسوع الذى حمل كُل بر وكُل خلاص فهو عيد البشارة بالخلاص ، وهو مُناسبة خاصة بىّ ، رب المجد يسوع بشارته تُفرّح البشريّة كُلّها ، فاليوم ربنا يُبشرّنا بفرح الخلاص ، وفرح غُفران الخطايا ، فلا نتعامل معها على أنّها أحداث ماضية ، ولكنّها أحداث حيّة بإستمرار لأنّ المسيح إستودع فينا نحن الكنيسة كُل كنوزه وكُل عطاياه ، ولنا أن نتمتّع بها بُشرى الخلاص لابُد أنّ كنيستهُ تتمتّع بها ، ولذلك البشارة هى لكُل نفس ، فإن كُنّا اليوم بنحتفل بأحد السامريّة وربنا يسوع جلس معها عند البئر وبشرّها بالخلاص فاليوم هو بشارة لنا نحنُ الخُطاة مع المرأة السامريّة ، فحتى وإن كُنت عايش فى عُمق نير الخطيّة وبداخلى دنس وكُلّى عايش فى الدنس إلاّ أنّ هذه بشارة حلوة ، وهى بُشرى بغُفران خطايانا0 فالله يُريد أن يُبشرّنى ويُحولّنى إلى كارز مثل المرأة السامريّة التى نادت السامريّة المدينة المشهورة بالدنس والقساوة بنعمة ربنا أرُيد أن أتكلّم معكُم عن :- 1- معنى البشارة:- فإنتقال إنسان من حالة إلى حالة لابُد أن يترُك فيها ماضيه ويعيش الفرحة الجديدة والتمتُّع الجديد فأقولّك خبر أبُشرّك بهِ وأفرّحك بهِ ، فماضيك المفروض أن ينتهى لأنّ ظُلمة الخطية وثِقل الخطية واليأس الذى يأتىِ من الخطية ، فىِ عيد البشارة المسيح أتى ليقول لى مهما كُنت أنا أبشّرك بغُفران خطاياك تخيلّوا لمّا نقول لفتاة يوجد واحد سيأتى ليتقدّم لكِ فإنّها بُشرى جميلة ، فستسأل ماهى صفاته ؟ فنقول لها صِفات جميلة أنّهُ تقى وأنّهُ غنىِ الله أتى ليطلُب كُل نفس فينا أتى لكى يدخُل معنا فى زيجة فىِ خُطبة وكأنّه يقول أنا آتىِ لكى أأخُذك لى فتصير من خاصتى ومن تلاميذىِ فتنضم لعائلتىِ خطوبة الله طالب مثل هؤلاء الله طالب نفسىِ للإقتران بها الله يقول أنا صرت قريب منكُم ، وأتيت لأبُشرّكُم فكما دخل بيت زكا العشار العائش فىِ الرشوة والظُلم وحُب المال وقال لهُ يا زكا اليوم حصل خلاص لأهل هذا البيت كذلك كُل نفس لابُد أن تتقابل معهُ كفى بُعد حتى نتعرّف على عطاياه وعلى كنوزه المرأة السامريّة تغيّرت زكا العشار تغيّر عِندما صار معهُ ،بالرغم من أنّهُ مُحب للمال ،لا تتخيلّ أنّهُ يوجد واحد عشّار يقول أنا سأعُطى نصف أموالىِ للفقُراء وهو كان إنسان مُستعبد للمال ، ووجدناه ذهب لخزنتهُ وأخذ المال ووزّعهُ على الفُقراء التوبة يا أحبائىِ ليست مُجرد كلام التوبة أفعال ، وتبدو الأفعال ثقيلة ولكن هذه هى بُشرى بالخلاص ولها قوة فى الإنسان ولها مفاعيل ، فالإنسان الذى لهُ بُشرى بالخلاص لهُ قوة ويفرح بالله السامريّة كانت الأول بتفرح بالخطيّة اليوم هى بتفرح بربنا يسوع ، ولذلك فرح الإنسان بالمسيح يُغطىِ على أى ألم ، فالإنسان الغير فرحان بالمسيح آلاماتهُ بتكبر وضيقاتهُ بتتضاعف لأنّهُ لا يرى إلاّ الألم ، ولكن لو يرى يسوع فإنّهُ سيستخف بالألم ، فالحكيم يقول" لأنّ الرب مُلهيهِ بفرح قلبهِ " البشارة بتجعل الإنسان يلهى بفرح القلب فعندما أعرف أنّ ربنا يسوع بيعدّ لىّ الملكوت وعندما أعرف أنّه يقول لىّ لا تخف أيُهّا القطيع الصغير فأجد فىِ داخلى نُصرة وأجد فىِ داخلى مجد لأنّىِ مشغول بفرحة كبيرة فلا أشعُر بأى ضيق المسيح أتى لكُل نفس مُتعبة ، ولكُل نفس تعيش فىِ نير الخطيّة ، ولكُل نفس بائسة ومسبية ليُبشرّها بفرحة جديدة فهذا هو معنى البشارة ،ولذلك الكنيسة بتعتبرّه عيد سيدى كبير ، حتى وإن كُنت فى الصوم بالرغم من أنّ الكنيسة فى الصوم بتتذلّل ولها مردّات خاصة0 فاليوم الكنيسة تقول لك لا تُصلّى بهذه المردّات ، الكنيسة تُريد أن تنقلنا اليوم بفكرنا للسماء وترفعنا ، لأنّ هذا الحدث هو أقوى من الصوم الكبير ، ولابُد أن ينتقل إلينا كسلوك فى حياتنا " الشعب الجالس فىِ الظُلمة أبصر نوراً " فالإنسان المُقيّد بالظُلمة ، واليائس ، والذى يعيش فىِ كُل تعدّى وكُل جحود ، اليوم جاءت لهُ البشارة والخلاص ، كفاية إنقسام كفاية إبتعاد عن الله ، المسيح أتى لكى يتحد بنا ، هذه هى البشارة0 2- ربنا يسوع هو حامل البشارة:- فهو مكتوب عنّه فى سفر أشعياء " روح السيد الرب علىّ مسحنىِ لأبُشرّ المساكين أرسلنىِ لأعصب مُنكسرى القلب لأنُادىِ للمسبيين بالعِتق " فهو أتى ليعيش معنا بشارة جديدة فهو جاء ليُخرجنا من سبينا وليُخرج النفوس اليائسة والفاشلة من السبى ، فكثيراً ما عدو الخير بيُدخل فينا هذهِ الروح وهى إن أنا لا فائدة منىِ ، وتمُرّ علىّ لحظات يكون فيها قلبىِ مكسور ، فكيف يكون قلبىِ مكسور والمسيح موجود ؟ فبذلك أكون أنا لم أشعُر بفعل مجيئه فىِ حياتىِ فلابُد أنّ المسيح يدخُل فىِ حياتىِ ويُنقلنىِ ، ولذلك نجد رب المجد يسوع فى كُل مُقابلاته كان يحمل إنتقال للإنسان من وضع لوضع ، فعندما دخل بيت زكا العشار اليوم حدث خلاص لأهل هذا البيت عندما تعامل مع المفلوج قال لهُ مغفورة لك خطاياك وعندما تقابل مع المرأة الخاطيّة قال لها مغفورة لك خطاياكِ ،فهو أتى ليحمل البُشرى بالخلاص للنفس ،هو أتى ليُعطى للنفس فرحة و تغيير مُستحيل أن أكون إبنةُ وأنا غير مُتمتّع بفرحته ، فكيف يكون هذا وهو قال أنا أتيت لكى أبُشرّ المساكين وأعصب مُنكسرى القلوب ، وإلاّ لو كُنت أنا مُثقلّ بالأرض فإن كُنت هكذا فلن أستطيع أن أتمتّع بهِ فالمرأة التىِ أمُسكت فى ذات الفِعل كان الجميع مُتحفزين لرجمها ، أمّا هو فقال لها " أما دانك أحد إذهبىِ ولا تُخطىءِ " هذه هى بشارة ربنا يسوع لأنفُسنا نحن المضبوطين بالخطايا ممسوك بها مُتلّبس بها ولكن المسيح يقول ولا أنا أدينك إذهبىِ بسلام ، فهو أتى ليُمتّع النفس بحُريّة مجد أولاد الله هو أتى اليوم ليُعطىِ عطايا جديدة سماويّة وليُعطينىِ الإنسان السماوىِ بعد أن كان تُرابىِ اليوم إبتدأ يُعطينىِ جسدهُ ودمهُ مأكل حق ومشرب حق ، اليوم يقول لك " خُذوا كُلوا منها كُلّكُم وخُذوا إشربوا منها كُلّكُم " يقول لك " تقدّموا تقدّموا على هذا الرسم " تفضلّوا أدُخلوا يقول لك " هذا هو خُبز الحياة النازل من السماء " يُعطى عنّا خلاصاً وغُفراناً للخطايا وحياة لكُل أحد فأنت بتأكُلها وتعيش بها للأبد فهل يوجد أكثر من هذا مجد فماذا تُريد أنت ؟! فما الذى يُساوى غُفران الخطايا والحياة الأبديّة فهل الأكل والشراب والملبس أفضل من ذلك ؟! المسيح يُريدك أن تعيش فى فرحةُ ولذلك الذى يتقابل مع المسيح فإنّ رب المجد يسوع يُفرحه مُستحيل تُقنعنى أنّك تعيش مع ربنا ولا تفرح لذلك يا أحبائىِ بشارة ربنا يسوع هى بشارة مُفرحة وبِسخاء غير مُتوقّع ، فلا اتوقّع إنىِ أحمل سريرىِ وأمشىِ ، أنا كُنت بتمنّى فقط أن أحُرّك يدى ولكن هُنا هو سخاء ربنا يسوع ، مُستحيل أنّ النفس إدراكها يتوقّع عطايا ربناعطايا ربنا هى بِسخاء فالقديس بولس الرسول يقول " أشُكر الله على عطيتهِ التى لا يُعبرّ عنّها " ، فهل بُطرس الرسول عندما أنكر المسيح كان يتوقّع أنّه سيعود ويكون كارز ؟! فالمسيح بيأتىِ لكُل نفس جاحدة ، ربنا يسوع بِشارتهُ بِشارة مُفرحة لكُل نفس ، أى نفس تقابلت معهُ كان يحمل لها رسالة فرح حتى وهو فىِ أشد ألمهُ وفىِ عُمق ألمهُ قال للّص اليمين " اليوم تكون معىِ فىِ الفرِدوس " ، أنا أتيت لأخُلّص العالم ، ولم ينسى أن يُبشّرنا قبل أن يصعد وقال " لا أترُككُم يتامى وسأرُسل لكُم الروح القُدس " لا تحزنوا أنا سأمضىِ وأرُسل لكُم المُعزّى الروح القُدس ويقول لك لا تخف أنا لا أترُكك فتطمئن فهو لا يُريد أن يترُك نفس قلقة لا يُريد أن يترُك نفس حزينة يُريد أن يطمئن الكُل ويُعطىِ لكُل نفس بِشارة وأعطانا وعد بالحياة الأبديّة وقال " ها أنا معكُم كُل الأيام وإلى إنقضاء الدهر " قال أنا سأعُطيك كوكب الصُبح المُنير الذى هو نفسهُ يقول " لأنّ أجركُم عظيم فى السماوات " إفرحوا وتهلّلوا بِشارة مُفرحة يُكلّمك عن المُكافأة التىِ ستأخُذها ولذلك الإنسان المسيحىِ الذى يعيش مفاعيل البِشارة هذهِ فىِ حياتهُ لا يكون إنسان حزين بل بالعكس يصير هو بِشارة مُفرحة ، ولذلك أرُيد أن أكُلّمكُم عن أنّ المسيحىِ هو بِشارة مُفرحة0 3- المسيحى هو بِشارة مُفرحة:- فالإنسان الذى يعيش فى إنتصار على العالم يقول كما قال القديس أوغسطينوس" جسلت على قمة العالم عِندما أحسست أننّى لا أرُيد شيئاً من العالم ولا أشتهىِ شيئاً "الإنسان المسيحىِ معروف أنّه يحمل بِشارة مُفرحة للكُلّ ، كما يقول السيد المسيح" أراكُم فتفرحون ولا ينزع أحد فرحكُم منكُم " ولذلك الإنسان الذى يكون غير فرحان يكون فى شىء خطأ فى حياتهُ ولذا كان الشُهداء يفرحون وقت الموت فالمسيحىِ يحمل بِشارة مُفرحة لكُل من يتقابل معهُ ، فيوجد إنسان عندما تتقابل معهُ تزداد ألم وحُزن ويوجد إنسان آخر يحمل عنك الأتعاب المسيحىِ عندما يتقابل مع أحد فإنّه يحمل إليهِ فرح ،ويسمع منّه كلمة تعزيّة ،ويوجد إنسان آخر يزيد عليك الكآبة فالمسيحىِ يجعل الإنسان يفرح فىِ الضيق ويعرف انّ أفكارربنا غير أفكارنا ويُعلن أنّ ربنا عنده مُفتاح لكُل باب مُغلق وأنّهُ الذى يفتح ولا أحد يُغلق ويُغلق ولا أحد يفتح والإنسان عندما يسمع سُلطان ربنا هذا يستريح فعندما يكون هُناك إنسان تعبان وأقول لهُ " كُل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يُحبّون الله " فإنّه يستريح و يتعزّى فالمسيح كان يجول يصنع خيراًهو أتى ليرفع الحُزن من على الإنسان لابُد أنّ كُل من يسمعنىِ يستريح يقولوا عن الأنبا أنطونيوس أنّه أتى إليهِ مجموعة ليأخُذوا بركة وكانوا يسألونه ولكن كان يوجد واحد منهُم لا يسأله ، فسأل لماذا لا تسأل أنت أيضاً بالرغم من أنّك أتيت من بعيد ؟ فقال لهُ العبارة المشهورة يكفينىِ النظر إلى وجهك يا أبىِ فالأنبا أنطونيوس حامل قوة حامل مجد والذى يراه يفرح كما يقول بولس الرسول " كحزانى ونحنُ فِرحون " كأننّا حزانى ، فالضيقات التى فىِ داخلنا مُمكن تجعلنا مثل الحزانى ولكن نحنُ فرحين لأنّ ذراعه رفيعة فمُمكن أن تجلس مع إنسان تشعُر أنك مُطمئن ، لأنّ الفرح المسيحى فىِ داخله ،ولذلك الإنسان عندما يعيش بِشارة المسيح فإن يكون فى حالة فرح ويجعل الناس فرحين ، ولذلك لا أنقل للناس الحُزن واليأس ولكن أنقل لهُم الفرح النفس السخيّة الفرحانة تنقل الخير للكُل ، ولذلك علىّ أن أحاول أن أعرف كيف أفرّح الناس الذين حولى وكيف أسندهُم ؟ بولس الرسول يُكلّم أهل رومية الذين يعيشون فىِ عبودية الدنس والمشغولية ويقول لهُم " إنّها الآن ساعة لنستيقظ " هيّا لماذا أنتُم مُتأخرين ؟! " إنّ خلاصنا الآن أقرب ممّا كان " فيجب علىّ أن أنقل فرح لكُل إنسان لدرجة أنّ يوحنا الرسول عندما يكتُب رسالة يقول فيها " أكتُب إليكُم لأنّ خطاياكُم قد غُفرت " وكُل إنسان يُقابله يحس أنّه توجد فرحة إنتقلت إليهِ المسيحىِ بينضح على الآخرين بفكرهُ وبحياته فهذه هى بهجة البِشارة ولذلك البِشارة اليوم بتدركنا كُلّنا وبتُعطينا بهجة ربنا يسوع الذى تقابل مع السامريّة وخلّصها وتقابل مع زكا وتقابل مع المفلوج والمرأة الخاطية ونقلهُم من الحُزن إلى الفرح الحقيقىِ ينقلنا نحنُ أيضاً بنعمتهِ ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
27 فبراير 2024

اليوم الثاني من صوم يونان (لو ۱۱: ۲۹ -٣٦)

وَفِيمَا كَانَ الْجُمُوعُ مُزْدَحِمِينَ، ابْتَدَأَ يَقُولُ: هَذَا الْجِيلُ شَرِّيرٌ. يَطْلُبُ آيَةً، وَلَا تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلَّا آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ، لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ آيَةٌ لِأَهْلِ نِينَوَى، كَذَلِكَ يَكُونُ ابْنُ الْإِنْسَانِ أَيْضاً لِهَذَا الْجِيلِ. مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هُنَا رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةٍ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا! لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجاً وَيَضَعُهُ فِي خِفْيَة، وَلَا تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ، لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ. سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيْراً، وَمَتَى كَانَتْ شَرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلماً . انْظُرْ إِذَا لِئَلَّا يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةٌ. فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيْراً لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، يَكُونُ نَيْراً كُلُّهُ، كَمَا حِينَمَا يُضِيءُ لَكَ السِّرَاجُ بِلَمَعَانِهِ ] . صوم يونان والأربعين المقدسة أيها الأحباء، إن قصة صوم يونان ومن إحكام وضعه قبل الأربعين المقدسة هو إلهام بالروح، نُدرك من خلاله أهمية الصوم سواء لدى الله الذي يجازي، أو الإنسان الذي يتوب. فليست توبة بلا صوم، إن كان حقاً بخوف الله وبصراخ صادق من القلب، فإنه قادر أن يفتح باب الرحمة لتتدفق إحسانات الله بدل عقاب التأديب. فهو الإنقاذ الوحيد من حـــرج موقف الخاطئ حينما يسمع ! بأذني قلبه أن . الله قد فرغ وتعدَّت الخطايا صبر حدود اللياقة، خاصة إن كان الإنسان قد تزيَّا بزي الأتقياء، فلم يصدر منه إلا الخطايا والعيوب تحت اسم التقوى الكاذبة وصورة أعمالها وأقوالها التي يُصدقها الناس ويمدحونها بشبه نينوى العظيمة.وقد حسب المسيح أن صوم الجسد هو توطئة لازمة لقهر الشيطان، إذ بعد ما أكمل صومه جاع، وكأن الجسد بجوعه أعطى فرصة للشيطان أن يتقدم، بعد أن كان ممنوعاً من الاقتراب طيلة الأربعين؛ إذ كان الصوم حداًمن نار يُرعب الشيطان. لذلك كانت أهمية وصية الصوم. عجیب حقاً، يا إخوة أن يترك لنا المسيح مثال صومه لنسير على إثــــر خطواته لننال قوةً وانتصاراً. وهل يمكن أن نسير خلفه حاملين الصليب إلا بعد أن نجوز خبرة صومه وجهاده وننال قوة ونصرة من حياته؟ إن صوم المسيح هو جزء لا يتجزأ من صعوده على صليب موته وفدائه. فإذا كانت القيامة سبقها ،موته فموته سبقه صيامه.ثم أليس صوم المسيح يُخزي القائلين بأن الصوم عمل سلبي؟ فما صــام المسيح لكي يضبط الجسد، وما صام ليتغلب على شهوات أو انحرافات؛ ولكنه صام بتدبير الآب؛ لأنه لم يذهب إلى البرية ليصوم بمشيئته، ولكـــن يقول الكتاب بوضوح: «ثم أصعد يسوع إلى البرية من الروح»، لا هروباً من تجربة إبليس، بل لكي يواجهها. فكان صومه سلاحاً إيجابياً جبـــارا كقاعدة انطلق منها ليواجه تجارب إبليس. بهذا الوضع قدَّم المسيح لنا الصوم كقاعدة إيجابية نواجه بهــــا إبليس ونتحداه: «أما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم»، لأن المسيح يعلم أنه بالصوم يرتقي العقل الواعي فوق الجسد ومشاغباته، فيكون العقل مستعداً أن يحتمل أشد الضربات وأسوأ الحوادث المفاجئة التي يسوقها العدو لانهزامنا، ولكن يقف الإنسان صاحياً كأسد لا يهتز. فالصوم انحياز كلي للوعي الروحي، بل هو انحياز لقوى الروح ومشورة السماء. وبدونه يستحيل أن يقول إنسان إني قد طلبت مع المسيح. فالذي يقبل أن يُصلب يكون سبق وقدَّم الجسد على مذبح الصوم أولاً. و [أنا] الإنسان يستحيل أن تقبل أن تصلب مـــع المسيح إلا بعد أن تتحرر الأنا، من عبودية الجسد أولاً، وهذا لا يتم إلا بالصوم. لأن الذي يقول: "أنا طلبت مع المسيح، فهذا يعني أنه قد مات بالجسد العتيق والجسد العتيق لا يمكن أن يذوق الموت إلا بالصوم.لذلك يُحسب الصوم في أقوى حالاته أنه شريك القيامة، أو هو قوة للذين يعيشونها. ثم ما السر المخفي وراء الصوم الشديد وضياع قوة الجسد؟ هــذا نعرفه بصورة خاصة جداً من ملاك إيليا الذي استحضر له كعكة وكوز ماء ليأكــــل بعد أن سار يوماً كاملاً بلا أكل ولا شرب إلى أن جاء وجلس تحت الرتمـــة. فلما أكل الكعكة وشرب الكوز نام من الإنهاك، فمسه الملاك وأيقظه واستحضر له كعكة ثانية وكوز ماء وقال له: "قم وكُل، لأن المسافة كثيرة عليك. فقام وأكل وشرب وسار بقوة تلك الأكلة مدة أربعين يوماً حتى بلغ جبل حوريب. وفي النهاية رأى إيليا الرب وتكلم معه وأخــــذ توبيخاً وأخذ رسالة. وكأنما أُعطي الصوم للإنسان ليرى وجه الله ويسمعه ولولا أن شعب إسرائيل صنع حماقة وطلب خبزاً في البريـــة ومــــاء كـــار الأربعين سنة بأكلة الفصح حتى دخل أرض الميعاد. فالذي سار أربعين يومــــاً وأربعين ليلة بأكلة وشربة ماء؛ لا يصعب عليه وهو تحت يد الله أن يسير بهــــا الأربعين سنة. ويتم قول الأمثال: بركة الرب هي تغني ولا يزيد معها تعب».وفي الحقيقة يا إخوة إننا لو فحصنا بالروح سر قيام الإسقيط حتى اليوم ودوامه، وما وراء ما خلفه لنا شيوخه الأماجد من كنوز تركوها لنا ميراثاً نعتز به؛ لوجدنا الصوم هو الكتر الأكبر، تركوه لنا مختبئاً في برية، فبعنــا العـــالم واشترينا البرية لنفوز بالكنز ! المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
26 مارس 2024

كيف نصوم الصوم الأربعيني ؟

نود أن نجيب على هذا السؤال فى اختصار وتركيز مشيرين إلى العناصر الهامة الآتية :- 1- بجدية وإخلاص قلب ليس الصوم مجرد شكليات، إنه مضمون قبل أن يكون شكلا ، إنه حياة قبل أن يكون طقسا وترتيباً ، فالامتناع عن اللحم والشحومات والتسليات هو الجانب السلبي للصوم ، وأما الجانب الإيجابي فهو الحياة الروحية النشطة التي فيها التوبة وقرع الصدر والندم والمطانيات، فيها الصمت والهدوء ، وفيها النسك والتقشف ، فيها فحص النفس والتأمل الباطني وفيها أيضا التعمق في كل ما يختص بالحياة الداخلية إنه من الأيسر للإنسان أن يحول كل ما هو روحى إلى ما هو شكلى ثم يبحث بعد ذلك عن الروحانية وراء الشكليات ، أما الصوم الكبير فهو قوة روحية ونبع فياض لكل من تلامس مع جوهره ومضمونه السرى . إن الكنيسة الكاثوليكية والهيئات البروتستانتية فى الغرب اختصروا الصوم ثم تخلصوا منه نهائياً فى أماكن كثيرة من العالم وقد نعيب عليهم هذا الضعف والهزال الروحي ، ولكن إذا كانت الأرثوذكسية تفتخر بعدم تعديلها مواعيد الأصوام فإنها تحتاج في هذه الأيام أن تتمم التزام الصوم بجدية وعمق إن أخطر ما يهدد الجدية في الصوم المظهرية والشكلية والفريسية والاكتفاء بما هو خارجي دون التعمق في الداخل يقول الرب يسوع " وأما أنت فمتى صمت فـادهن رأسك واغسل وجهك لكى لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذى فى الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية " ( مت ٦ : ١٧، ١٨) .أن نأخذ الصوم بجدية هذا يعنى أن ننظر إليه على أنه تحد روحى يستلزم تهيئة واستعداداً وصلاة ثم فحصاً وعزيمة وتصميما ثم نضالاً ودأبا وجهادا للنصرة على أعداء المؤمن الثلاث الشيطان والعالم والذات ٢ بتوبة وتذلل مع فرح داخلى يقول الوحى على لسان يوئيل النبى " ارجعوا إلى بكل قلوبكم وبالصوم وبالبكاء والنوح ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف ورحيم " ( يوئ ۲ : ۱۲ ، ۱۳ ) ، ويقول داود النبي " أذللت بالصوم نفسى (مز ٢٣:٣٥) وعندما تاب أهل نينوى وقدموا صوماً وتذللا قبلهم الرب ، وعندما صام آخاب الملك الشرير وقدم توبة وندما رضى الرب عنه . فالصوم الكبير هو مجال متسع للتوبة ، لهذا نجد قراءات الكنيسة في أغلب مناسبات هذا الصوم تقدم نصوصاً وشروحات عن حياة التوبة الأسبوع الأول دعوة إلى احتقار أباطيل العالم ورفض لمحبة المال ،والأسبوع الثاني دعوة إلى الصلاة والأمانة وعدم الريـاء ومواجهة العدو في كل تجاربه ، والأسبوع الثالث سيرة الابن الضال كأحسن مثال لحياة التوبة ، أما الأسبوع الرابع فأننا نقابل السامرية التي قدمت توبة مذهلة وتغيرت حياتها بفعل الكلمة وإنجيل الخلاص ، وفى الأسبوع الخامس تبرز لنا الكنيسة أهمية الإيمان في التجديد وخطورة النكسة الروحية فى التوبة عندما تقدم لنا نموذج المخلع ، وأما أحدالتناصير فهو أسبوع توبة ، وأما أحد التناصير فهو أسبوع توبة المعمودية والتوبة المقصودة هنا هي التغير الكامل في الداخل والأعماق والأهداف ويقول اللاهوتي شممان إن أعمق تغير يحدثه الصوم الكبير في النفس البشرية هو أنه يغير اتجاه الشخص واتجاه الجماعة فبدلاً من أن يكون الخبز ولقمة العيش محور اهتمامهم يصبح الكلمة هو مصدر حياتهمولكن يلزمنا أن نشير إلى أن التوبة فى المسيحية خالية من الحزن المرير وفي هذا يقول المطران جورج خضر : " إن التوبة والتذلل يلزم أن يرفع عنها الحزن المرير لأن المسيح رفع عنا حزن الخطية وعقوبتها ، فالصوم في المسيحية ليس تكفيرا ولا قصاصاً ولا نحيباً وإنما هو وسيلة وطريقة صلاة واستدعاء للروح وحنين إلى الفردوس ومنطلق من قيامة المسيح ومرتقب لهذه القيامة لأجل هذا طلب منا المسيح ألا نكون عابسين بل أن ندهن رؤوسنا ، أن نمتلئ من بهجة الخلاص وفرح الروح ، فرح العريس الذي يحضر مع أبيه بفعل روحه القدوس ، يكفينا في توبتنا أن نمتلئ فرحاً وعزاء وسلاماً عندما نسمع مع المرأة الخاطئة القول الإلهى " مغفورة لك خطاياك اذهبي بسلام " . ٣- باعتكاف وصمت وهدوء وتقشف الصوم أسلوب حياة ، إنه سعى نحو الحياة الباطنية متخلصة من كل مشتت خارجي ، المجتمع الخارجي يسعى إلى تبديد قوانا الجسمية والنفسية والعقلية والروحية ، والحياة الروحية هي سعى نحو تجميع هذه القوى وإخضاعها للروح ، بدون تفهم ، معنى الصوم الكبير أنه رحلة إلى أعماق الإنسان فإن الصوم يفقد معناه ويبتعد كثيرا عن جوهره الأصيل الصوم الكبير مجال واسع للتأمل والتعمق واكتشاف سطحيتنا وزيف علاقاتنا مع الناس والأشياء ، فالابتسامات السطحية والحياة القائمة على " معلهش ، صهين ،کله زى بعضه ، الدنيا ماشيه كده وغيرها من الشعارات التي نتبعها في حياتنا وتشير إلى النفاق والغش والدبلوماسية والخلو من العمق والصدق والالتزام . هذه كلها لا تنكشف إلا فى الهدوء " بالرجوع والسكون تخلصون ، بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم " ( أش ٣٠ : ١٥ ) الصوم الكبير زمن للنسك والتقشف ورفض للمسرات مثل الملاهي والمأدب والزيارات الكثيرة للمجاملات وسعى نحو الانضباط الداخل لكي تفحص الحياة الباطنية فحصاً دقيقاً ، ومن خلال هذا الفحص تكتشف كل الصفات وتقدم النفس التوبة وتطلب النعمة للتغير والتحول ، في الصوم الكبير مجال للسيطرة على كلامنا وثرثرتنا إن ألفاظنا في طوفان الأحاديث قد فقدت معناها وبالتالى قوتها المسيحية تعيد إلى الكلمة قدسيتها وسلطانها ، إن الصوم يضبط اللسـان حتى لا ندان " بكلامك تتبرر وبكلامك تدان " ، الثرثرة غالباً ما تأتى من العجب والزهو الباطل والرغبة في مديح الناس ، الثرثرة تفتح أبواب النفس وتجعل الحرارة والخشوع يهربان من القلب " الثرثرة تفتح أبواب النفس وتجعل الحرارة والخشوع يهربان من القلب ، الثرثرة تخرج الإنسان عن نفسه والأحاديث الباطلة تغرس الخصومات والنزاع وتجلب البلادة ، وكثرة الكلام لا تخلو من معصية ، الصمت كما علمنا آباؤنا . القديسون هو قوة عظيمة نستعين بها فى محارباتنا الروحية ، هو سلاح للنصرة وعلامة الحكمة الروحية وسر الحياة الباطنية فى الصوم الكبير نتذوق ثمرة الصمت الشهية فنتدرب على التجمع الداخلي وبطلان التمزع والتشتت، العالم الآن يحتاج إلى شهادة لا بالوعظ والكلام الكثير بل بقديسين يحملون نورا وفرحا وعمقاً وجدية وحبا ولهم سر الصمت وقوة الهدوء كدلالة أكيدة على حضور الله فيهم ٤- بعطاء وبذل تقول مديحة الصوم الكبير الشهيرة " طوبى للرحماء على المساكين ، فإن الرحمة تحل عليهم ، والمسيح يرحمهم فى يوم الدين ويحل بروح قدسه فيهم " وليس غريباً على الصوم أن يقترن بعمل الرحمة ، في هذا يقول زكريا النبي : " هكذا تكلم رب الجنود قائلا احكموا حكم الحق واصنعوا الرأفة والمراحم كل إنسان إلى أخيه ، لا تظلموا الأرملة ولا اليتيم ولا الغريب ولا البائس ولا تفكروا شرا الواحد على أخيه " ( زك ٧ : ٨ ) . وهناك قول رائع لأشعياء النبى وإيضاح جميل لمعنى الصوم وفهم أصيل لارتباطه بالرحمة والبذل : " أليس هذا صوماً أختاره : حل قيود الشر، فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحراراً وقطع كل نير ؟ أليس أن تكسر للجائع خبزك وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك ، إذا رأيت عريانا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك " ( اش ٥٨ ، ٣ - ٧ ) وقديما كان آباؤنا يصومون ليعطوا أكثر للفقراء والمحتاجين لأن " الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هى هذه افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم " ( يع ۱ : ۲۷ ) ، والرسول بولس يعبر عن العطاء للفقير بالذبيحة المقبولة إذ يقول : " ولكن لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأن بذبائح مثل هذه يسر الله " ( عب ١٣ : ١٦ ) فإذا كان الصوم بذلاً داخلياً فإن الرحمة والعطاء تعبير أكيد عن الحركة الروحية الداخلية الحادثة بفعل الصوم والنسك المسيحي الأصيل . ماذا يحدث لو لم أصم ؟ المسيحى الحقيقى عضو في جسد المسيح السرى الذى هو الكنيسة ، وهو لا يشذ عن الجماعة لأن العضو إذا خرج عن الجسد يفسد ويسبب للجسد آلاماً مبرحة المؤمن يصوم لأن الكنيسة تصوم ، فهو منها ومعها وفيها ، الذى لا يصوم الصوم الأربعيني يخطئ إلى نفسه ويخطئ إلى الكنيسة أيضا لأن الروحانية الأرثوذكسية ليست روحانية فردية وإنما هي روحانية شركة ، وقديما كانت كنيسة الرسل تحيا حياة الشركة هذه إذ كان المؤمنون يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات ، وإذ هم يكسرون الخبز فى البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب مسبحين الله ولهم نعمة لدى جميع الشعب ، وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس " افرزوا لى برنابا وشاول ولما صلوا تزعزع المكان وامتلأ الجميع من الروح القدس " ( اع ٢ ، أع ٤ ) .في هذا يقول المطران جورج خضر " إن الكنيسة بأسرها كجسم واحد يجب أن تكون مصلوبة عن أهواء الجسد عن طريق قمع جموحه وشراسته وأن تأخذ بعين الجد قضية آلام ربها " . ويعلمنا الرسول بولس عن الجماعة في الجهاد الروحي قائلاً : " فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح حتى إذا جئت ورأيتكم أو كنت غائباً أسمع أموركم أنكم تثبتون في روح واحد مجاهدين معا بنفس واحدة لإيمان الإنجيل " ( فی ۱ : ۲۷). من هذا المنطلق نستطيع أن نفهم أهمية الشركة فى الصلاة ، والصوم ، والتناول ، والعبادة كلها ، ذلك لأن الاختبار الروحى أرثوذكسيا وإن كان له البعد الشخصي الذي يركز على العلاقة الشخصية بين المؤمن والله ، ألا أنه يتميز بالطابع الكنسى الذى في إطاره لا يستطيع المؤمن أن يخلع نفسه عن وحدة المؤمنين العابدين الذين يصلون عنه ويصلى هو معهم وعنهم والجميع يلفهم جو روحى وجهاد مشترك. نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب الصوم الكبير لاهوتيا و كنسيا وروحيا
المزيد
23 فبراير 2024

لِيِنْمُ بر الإيمان

نقرأ جزء من رسالة معلمنا يعقوب الرسول الاصحاح الثانى "ما المنفعة يا اخوتي ان قال احد ان له ايمانا و لكن ليس له اعمال هل يقدر الايمان ان يخلصه ان كان اخ و اخت عريانين و معتازين للقوت اليومي فقال لهما احدكم امضيا بسلام استدفئا و اشبعا و لكن لم تعطوهما حاجات الجسد فما المنفعةهكذا الايمان ايضا ان لم يكن له اعمال ميت في ذاته لكن يقول قائل انت لك ايمان و انا لي اعمال ارني ايمانك بدون اعمالك و انا اريك باعمالي ايماني انت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل و الشياطين يؤمنون و يقشعرون و لكن هل تريد ان تعلم ايها الانسان الباطل ان الايمان بدون اعمال ميت " ( يع 14:2-20) أي لتنمُ أعمال البر التي بالإیمان، لینمُ الإیمان بالأعمال التي فیه، لتنمُ حیاتك فتصیر إنسانًا بارًا ویقول معلمنا بولس الرسول: "أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِیمَانِ یَحْیَا" (عب 38:10) فیربط بین حیاة البر وحیاة الإیمان (انظر یع ۲ :۲۰-۱٤ ). اﻟﻨمو النمو ھو العملیة الدینامیكیة dynamic في حیاة الإنسان، وھو العلامة الرئیسیة التي تشعرنا أننا نسیر في الطریق السلیم في حیاة القداسة والبر: "اَلصِّدِّیق كَالنَّخْلَةِ یَزْھُو، كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ یَنْمُو" (مز ۹۲ :12) "وَأَما الصَّبِيُّ صَمُوئِیلُ فَتَزَایَدَ نُمُوًّا وَصَلاَحًا لَدَى الرَّبِّ وَالنَّاسِ أَیْضًا" ( ۱صم ۲: ۲٦) "أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ یَنْمُو وَیَتَقَوَّى بِالرُّوحِ" (لو ۱ : 80) عن یوحنا المعمدان. "وَأَمَّا یَسُوعُ فَكَانَ یَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ للهِ وَالنَّاسِ" (لو۲ : 52) كتب بولس الرسول لأھل تسالونیكي: "الرَّب یُنْمِیكُمْ وَیَزِیدُكُمْ" ( ۱تس 3 :12) "یَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ للهَ كُلَّ حِینٍ مِنْ جِھَتِكُمْ أَیُّھَاالإِخْوَةُ كَمَا یَحِقُّ، لأَنَّ إِیمَانَكُمْ یَنْمُو كَثِیرًا" ( ۲تس۱ :3) وكتب لأھل كورنثوس: "أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى، لكِنَّ للهَ كَانَ یُنْمِي. إِذًا لَیْسَ الْغَارِسُ شَیْئًا وَلاَ السَّاقِي، بَلِ للهُ الَّذِي یُنْمِي" ( ۱كو ۳ : 6 -7) ووصفھم: "تَزْدَادُون فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي الإِیمَانِ وَالْكَلاَمِ وَالْعِلْمِ وَكُلِّ اجْتِھَادٍ" ( ۲كو ۸ :7) أشهر نوعيات الإيمان ۱- الإیمان القلیل أو الضعیف: بطرس الرسول مشى على الماء، "وَلكِن لَمَّا رَأَى الرِّیحَ شَدِیدَةً خَافَ وَإِذِ ابْتَدَأَ یَغْرَقُ، صَرَخَ قِائِلاً: یَارَبُّ، نَجِّنِي. فَفِي الْحَالِ مَدَّ یَسُوعُ یَدَهُ وَأَمْسَكَ بِه وَقَالَ لَه: یَا قَلِیلَ الإِیمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ" (مت ۱٤ : 30 -31) ۲- الإیمان القوي أو العظیم: یظھر في البسطاء مثل المرأة الكنعانیة التي قالت للمسیح: "ارْحَمْنِي اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا" (مت ۱٥ :22) فأدخلھا في امتحان قوي "لَیْس حَسَنًا أَنْ یُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِینَ وَیُطْرَحَ للْكِلاَب" (مت ۱٥ : 26) أما ھي فبإیمانھا قالت: "نَعَم، یَا سَیِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَیْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي یَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِھَا" (مت ۱٥: 27) فقال لھا: "یَا امْرَأَةُ، عَظِیمٌ إِیمَانُكِ" (مت ۱٥: 28) ، ونالت ھذا الوسام. من تاریخ الكنیسة العظیم، ھناك قصة نقل جبل المقطم في القرن العاشر المیلادي، التي تمت على یدإنسان بسیط ھو سمعان الخراز، كقول الكتاب: "لَوكَانَ لَكُمْ إِیمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِھذَا الْجَبَلِ انْتَقِلْ مِنْ ھُنَا إِلَى ھُنَاكَ فَیَنْتَقِلُ" (مت ۱۷: 20) ۳- الإیمان الشكلي أو السطحي: مثل إیمان الكتبة والفریسیین الذین قال عنھم السید المسیح: "عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّیسِیُّونَ، فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِھِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّھُمْ یَقُولُونَ وَلاَ یَفْعَلُونَ فَإِنَّھُمْ یَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِیلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَیَضَعُونَھَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَھُمْ لاَ یُرِیدُونَ أَنْ یُحَرِّكُوھَا بِإِصْبِعِھِمْ"(مت ۲۳: 2-4) إیمانھم شكلي. ما ﻫﻲ العقبات التى تجعل الإيمان ضعيفًا؟ ۱- كبریاء العقل: ھذا الزمان الذي نعیش فیه، یجعل الإنسان یتجبر ویتكبر ویظن أنه قادر على كل شيء نتیجة لوسائل التكنولوجیا الحدیثة المبھرة. لكن الكبریاء یحرم من الإیمان. ۲- الشك: ھي حرب الشیطان والإنسان یضیع إذا دخل في مجموعة من الشكوك، ولو دخل في دائرة الشك بصعوبة جدًا أن یخرج منھا، فھي تكون كالفخ الذي من الممكن أن یضیع إیمانه. ۳- الخوف: الإیمان حینما یزید یقل الخوف،والعكس صحیح. فلا تدع الخوف یدخل إلى قلبك. كيف ينمو الإيمان ﻓﻲ حياة الإنسان؟ لیس ھناك ترمومتر یقیس درجة الإیمان أوحرارته. الإیمان ھو داخل القلب، والإیمان یظھر في المواقف، والإیمان ھو إحساس وشعور وقوة وطاقة في الإنسان. أربع وسائل تساعد على نمو الإیمان: ۱- الوصیة والصلاة: یقول معلمنا بولس الرسول"فَقَط عِیشُوا كَمَا یَحِقُّ لإِنْجِیلِ الْمَسِیحِ" (في ۱: 27) فالإنسان المرتبط بالإنجیل والصلاة، یقدر أن یحوِّل الوصیة إلى خبرة، والتعلیم الإنجیلي إلى حیاة، كما یقول ربنا یسوع المسیح: "اَلْكَلام الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِه ھُوَرُوحٌ وَحَیَاةٌ" (یو ٦: 63) قال أبونا بیشوى كامل: "الإنجیل ھو مدرسة الحب، ومعلمه، والكاشف عن وسائله، وكیفیة الامتلاء منه".وقد شرح معلمنا بولس الرسول علاقة الحب بالإیمان فقال "الإِیمَان الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ" (غل ٥: 6) أي الإیمان الذي یترجم إلى محبة ولا یظھر إلا بالمحبة. ۲- التوبة والاتضاع: من یعیش في الكبریاء لا یمكن أن یكون له إیمان، والخاطئ لا یمكن أن یكون إیمانه صحیحًا. لكن طاقة الإیمان تساعد على التوبة والتائب إنسان متضع: "وأما الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِیدٍ، لاَ یَشَاءُ أَنْ یَرْفَعَ عَیْنَیْه نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّھُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. أَقُول لَكُمْ: إِنَّ ھذَا نَزَلَ إِلَى بَیْتِه مُبَرَّرًا" (لو ۱۸: 13-14)ووردت في سفر عزرا صلاة توبة قویة: "اللّھُم،إنِيِّ أخَجَل وَأخَزَى مِنْ أنَ أرَفعَ یَا إلِھِي وَجْھِي نَحْوَكَ،لأَنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ فَوْقَ رُؤُوسِنَا، وَآثَامَنَا تَعَاظَمَتْ إِلَى السَّمَاءِ" (عزرا ۹: ٦) إن الإیمان یحتاج إلى اتضاع وإلى نقاوة قلب داخلي وبمجرد أن یتوب الإنسان، ینمو بر الإیمان. ۳- المساندة: یقول السید المسیح: "لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي عَطِشْتُ فَسَقَیْتُمُونِي كُنْتُ غَرِیبًا فَآوَیْتُمُونِي. عُرْیَانًا فَكَسَوْتُمُونِي مَرِیضًا فَزُرْتُمُونِي مَحْبُوسًا فَأَتَیْتُمْ إِلَيَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي ھؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ" (مت ۲٥: 35-40) ومعلمنا بولس الرسول یقول: "أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ" ( ۱تس ٥ :14) كل عمل مساندة یساعدعلى نمو الإیمان. ٤- عمل الرحمة: الرحمة ھي ألا یكون قلب الإنسان قاسي في المجتمعات العالمیة حالیًا كل ما یشغل الناس ھي أمور مادیة (الاقتصاد، أسعارالعملات، حركة المال) ھذا یقسي قلب الإنسان ویجعله یفتقر إلى الحنان.سأل السید المسیح: "ھَل یَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَیْرِأَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِیصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟ فَسَكَتُوا. فَنَظَرَحَوْلَه إِلَیْھِمْ بِغَضَبٍ، حَزِینًا عَلَى غِلاَظَةِ قُلُوبِھِمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: مُدَّ یَدَكَ. فَمَدَّھَا، فَعَادَتْ یَدُهُ صَحِیحَةً كَالأُخْرَى" (مر ۳ : 4-5) إنه عمل الرحمة الذي یقدَّم بقلب رحیم. والمرأة التي ضبطت في ذات الفعل، وأتوا بھا لیرجموھا، أطلق المسیح سراحھا قائلاً: "وَلا أَنَا أَدِینُكِ. اذْھَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَیْضًا" (یو ۸ : 10-11) والسامري الصالح الذي قدَّم رحمة في الطریق ھوأحد الأمثلة القویة.إن الرحمة تساعدك على نمو الإیمان في حیاتك لكن اعلم إن الرحمة الحقة ھي التي تقدم لمن لا یستحقھا. ونحن نطلب من الله الرحمة كل حین رغم إننا لا نستحقھا والله من محبته ورحمته یرحمنا.قال القدیس أغسطینوس: "للقلب صمامین یعملان معًا، الأول مكتوب علیه "تحب الرب إلھك" والثاني مكتوب علیه: "تحب قریبك كنفسك"، ولا یمكن للقلب أن یعمل بصمام واحد". الخلاصة من مجموعة طلبات عامة تصلى في القداس قبل التقدیس، نبدأ بالأساس: نعم نسألك أیھا المسیح إلھنا ثبت أساس الكنیسة، ثم نعلو إلى وحدانیة القلب التي للمحبة فلتتأصل فینا"، ثم نعلو قلیلاً ونطلب "لینمُ برالإیمان" أي أن یكون في حیاتنا نمو دائم. ثم ندخل على قطاعات الرعیة لأن الكیان الكنسي كله یتحدد في ھذه المجموعة من الطلبات الجمیلة. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
01 أبريل 2024

يوم الاثنين من الأسبوع الرابع (لو ١٦: ١-٩)

وَقَالَ أَيْضاً لِتَلَامِيذِهِ: كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَدِّرُ أَمْوَالَهُ. فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطَ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً بَعْدُ. فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ لَأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَلْقُبَ وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ. قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، فَدَعَا كُلِّ وَاحِدٍ حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي في بيوتهم. مِنْ مَديوني سَيِّدِهِ، وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟ فَقَالَ : مِئَةُ بَثَّ زَيْتِ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَكَ وَاجْلِسَ عَاجِلاً وَاكْتُبْ خَمْسِينَ. ثُمَّ قَالَ لَآخَرَ: وَأَنْتَ كُمْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ. فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ بِحِكْمَةٍ فَعَلَ، لأَنَّ أَبْنَاءَ هَذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ، حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي الْمَظَالَ الأبدية . مثل وكيل الظلم هذا المثل قائم على فرضية أن الحياة هي فرص، لابد أن ننتهزها، ونقايض بها. علينا أن نبيع الذي لنا هنا تتلفه، تبذره، على أساس أن كل ما نملكه على الأرض هو أمور فانية، وذلك لكي نربح الذي لا يفنى والذي . يبقى إلى الأبد. فإن عرفت أن تقايض الفاني بالباقي تكون نجوت.مثل وكيل الظلم من أصعب الأمثلة التي ممكن أن نقابلها، لأنه وضع خارج القانون الأخلاقي، فالسيد امتدح ذلك الوكيل الظالم، مدحه لأنه عمل بحكمة أهل العالم، حكمة مال الظلم، حكمة السلوك بالجسد. يجب أن نعرف في البداية أن كل الأشياء التي لنا هنا على الأرض من مال وصحة وعافية وعينين وجسد وعقل كل هذه أمانات، وأن المسيح استأمننا عليها، هو صاحبها، ونحن عليها وكلاء. المسيح في هذا المثل يقول عن هذا الوكيل إنه بدد الأموال، التي ليست له، التي لا يملكها، زور في الدفاتر وكتب فيها أشياء ليست صحيحة. المسيح يقول أنا أريدكم أن يكون لكم تلك الذهنية، فالصحة التي عندكم والأموال التي في أيديكم هي ليست ملككم أنتم لستم أصحابها، عليكم أن تبددوها. أنا أقول لكم تصرفوا فيها، بددوها، لا تخافوا، ألست أنا صاحبها الأصلي. أنا سأعوضكم عنها، سأعطيكم أنا أجمل وأحسن منها مائة ضعف، ثم أيضاً أعطيكم معها الحياة التي فوق. كم ستعيش؟ ستين، ثماين سوف أعطيك حياة إلى الأبد. إن أنت بددتها لحسابي سوف أضيفها لحسابك فوق إلى الأبد؛ أما إن أنت أخذتها لحسابك، ضاعت منك وأنت ضعت، ولن يكون لك عندي شيء فوق.المثل دقيق جداً ولا يمكن فهمه إلا على هذا الأساس: أن كل ما نملكه هو ليس لنا. والمسيح يستلف من مثل وكيل الظلم ويكلم أولاد النور، يقول لهم: انظروا أولاد الظلمة إنهم أحكم منكم، انظروا كيف يأخذون مال الظلم المال الذي مآله الفناء ويتمتعوا به ويعملوا به أصدقاء، وأنتم ألا تفعلوا مثلهم وتكسبوا به الحياة الأبدية؟!ثم من يكون يا ترى هذا الشخص الذي يمكنه أن يبدد بسرور؟! هو الذي لا يحس أن الذي يملكه هو له، بل هو ملك المسيح، والمسيح حر فيه والمسئول عنه. لذا المسئولية واقعة عليه وليست علينا. مال الظلم معروف أن المال هو أصل كل الشرور. ولكن هذا المال، المال البطال عندما تبعزقه وتبدده الحساب المسيح يبقى للبر يكون مال بر، يصير للحياة الأبدية تماماً مثل كل شيء في العالم، فالعالم نفسه وضع في الشرير، والزمان الذي نحياه زمان مقصر وشرير؛ ولكن ماذا لو نحن استغلينا هذه الأيام في صلاة وسجود وعبادة؟ سيتحول هذا الزمان المقصر إلى خلود وحياة أبدية. الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي أعطي له حق تحويل الزمن إلى خلود. صل يوم تتحول بحساب الله إلى ألف سنة. صلِّ سنة تكون هذه هي الأبدية هذا هو قانون المقايضة تراب بمجد، ملاليم بجواهر سماوية هذا المثل عجيب ورائع للشخص الذي له وعي وعين روحية، ويمكن تلخيصه في نقطتين: الأولى هي مقدار السعادة والغبطة التي يذوقها الإنسان حينما يبدأ في التبديد الحساب الله، إنها سعادة لا يمكن أن تدانيها أي سعادة أخرى على الأرض، مهما أعطيت من تكريم وأمجاد وأفراح.. كل هذه لا يمكن أن تتساوى مع أحاسيس إنسان يبدد وليس فقط يعطي.والثانية هي أن المتغير يتحول إلى ثابت والفاني إلى باقي وإلى حياة أبدية تصور إنساناً يحس وهو هنا على الأرض بالخلود يحس بالشركة في المجد الإلهي لذلك تهون عليه أتعابه الجسدية، وفرحته لا يمكن أن يقدرها إنسان. المسيح هو أكبر مبدد ممكن أن يسمع عنه إنسان أو عقل بشر، وهو عندما يتكلم عن عطائه في الروح يقول: «ليس بكيل يُعطي الله الروح»، المسيح لا يعطينا حسب استحقاقنا، بل يعطينا بلا كيل. الذي عمل ساعة واحدة سوف يعطيه تماماً مثل الذي عمل ۱۱ ساعة، يقول له أنا صالح، أنا حر أبدد مالي كما أريد. يقول في العهد القديم: «جربوني يقول الرب، إن كنت لا أفتح لكم كوى السماء حتى أفيض عليكم حتى لا يكون هناك متسع حتى تقولوا كفى كفى . ماذا يكون هذا؟ تبديد بلا شك في معجزة إشباع الجموع، اسمع ما يقول أكلوا وشبعوا ثم رفعوا ما فضل منهم ۱۲ قفة مملوءة». إنه تبديد وأيضا نسمع عن الأجران التي حولها خمراً، ۱۸۰ لتراً من خمر جيدة لكي يفرحوا. ونقرأ عن الشبكة المملوءة سمكاً والتي كادت أن تتخرق من كثرة ما تحويه لسان حال المسيح في كل ما سمعنا أن كيله جيد فائض مهزوز ملآن في الأحضان وأخيراً، هذا المثل يخاطب أبناء النور يقول لهم: يا أبناء النور تعلموا من أبناء الظلمة كيف هم يبددون أموالهم على الباطل والبطال. المال مالي، وأنا استودعته عندكم الصحة والعافية أنا أعطيها وأزيد عليها. إن حجزتموها لحسابكم تنزع منكم وتفنى ولا عائد لكم. أما إن أنتم أضفتموها لحسابي تبقى لكم وتزيد وعائدها في السماء محفوظ لكم. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
21 فبراير 2024

قوة الشخصية

ليست قوة الشخصية مظهرية خارجية، إنما هي تنبع من أعماق الإنسان: من قلبه وعقله وإرادته قد يعتبر الإنسان قويًّا بسبب قوة عقله، ذكائه، وقدرته على الفهم والاستنتاج والإدراك والإلمام بالمعلومات، مع قوة الذاكرة وجمعها للمعلومات وترتيبها ولاشك أن الإنسان الذكي هو إنسان قوي هو أقوى من الشخص الكثير المعلومات، ومن الواسع الاطلاع فإذا جمع هذه الصفات أيضًا تزداد قوى شخصيته كذلك من مصادر قوة الشخصية: قوة الإرادة والعزيمة ولذلك قيل أن من يغلب نفسه، خير ممن يغلب مدينة. والشخص الذكي أن لم يكن قوى الإرادة، قد يفشل في الحياة، لأنه يعرف ولا يقدر ولهذا كان من أسباب ضعف الشخصية: التردد والشك، وعدم القدرة على ضبط النفس، وكذلك ضعف العزيمة، وعدم القدرة على البت في الأمور وإصدار القرار والصوم والتداريب الروحية يسلك فيها الإنسان فتقوى إرادته، فتقوى شخصيته والشخص الروحي شخص قوى، لأنه منتصر من الداخل إنه قوى لأنه انتصر على الخطية وعلى الشيطان انتصر على الجسد وعلى المادة وعلى العالم. دخل في الحروب الروحية، ولم تقدر عليه كل أسلحة إبليس الملتهبة ومن مصادر القوة أيضًا الحكمة وحسن التقديرولهذا فان المتصفين بالحكمة يصلحون للقيادة وللإرشاد، ويستطيعون جذب الآخرين إليهم بحسب تدبيرهم ومن صفات قوة الشخصية أيضًا الشجاعة لذلك يعتبر قوى الشخصية الجريء الشجاع الذي لا يخاف ولا يضطرب أمام القوى المضادة، ويمكنه أن يبدى رأيه ويعبر عن إيمانه ويدافع عن عقيدته وشتان بين الشجاعة والتهور، فالتهور يخلو من الحكمة لهذا تُعتبر الشخصية قوية إن توافرت لها شروط كثيرة من مظاهر القوة الحقيقية يسند بعضها بعضا نقول هذا لكي نفرق ما بين القوة الحقيقية، ومظاهر القوة الزائفة، التي تعتمد على السلطة والقوة الجسدية والعنف والكبرياء والبطش بالآخرين. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
06 مارس 2024

المسيحية ديانة قوة

إن ما تدعو إليه المسيحية من وداعة وتواضع، لا يعني مطلقًا أنها ديانة ضعف، بل ديانة قوة فالكتاب يصف المؤمنين بأنهم "كسهام بيد جبار" (مز 120: 4)، ويقول عن الكنيسة أنها "جميلة كالقمر، طاهرة كالشمس، مرهبة كجيش بألوية (أي من عدة لواءات)" (نش 6: 10) هذه القوة من عمل الروح القدس في المؤمنين لهذا قال لهم الرب "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم. وحينئذ تكونون لي شهودًا" (أع 1: 8) ولهذا يقول الكتاب "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم" (اع 4: 23).. كان "ملكوت الله قد أتى بقوة" إن قمة القوة في المسيحية تبدو في قول الرسول "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" ويقول أيضًا عن القوة في الخدمة "أتعب أيضًا مجاهدًا بحسب عمله الذي يعمل في بقوة" (كو 1: 29) إنها قوة على الرغم من المقاومات، فيقول الرب لبولس "لا تخف بل تكلم ولا تسكت. لأني أنا معك، ولا يقع بك أحد ليؤذيك" (أع 18: 9، 10) بل هي قوة على جميع الشياطين بسلطان فعندما أرسل السيد المسيح تلاميذه "أعطاهم قوة وسلطانًا على جميع الشياطين" (لو 9، 1). ونحن نشكره في صلواتنا لأنه "أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو"المسيحيون أقوياء، لأنهم صورة الله، والله قوى والسيد المسيح على الرغم من وداعته واتضاعه كان قوي. قيل عنه "تقلَّد سيفك على فخذك أيها الجبار. استله وانجح واملك". كان قويًا "وكانت قوة تخرج منه" (لو 6: 19) "الله لبس القوة وتمنطق بها"، "صنع قوة بذراعه". أظهر قوته بآيات وعجائب "يمين الرب صنعت قوة"والقوة في المسيحية قوة لها طابع روحي قوة في الانتصار على الخطية والعالم والشيطان، قوة في الاحتمال، قوة في العمل وفي الخدمة، قوة في الشخصية وتأثيرها وقيادتها للآخرين، قوة في الدفاع عن الإيمان قوة بعيدة عن أخطاء العنف والاعتداء وقهر الآخرين. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
22 مارس 2024

أعطى بهاء للإكليروس

قال السید المسیح لتلامیذه: "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهٌ عَلَى الأَرْضِ یَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَه ٌعَلَى الأَرْضِ یَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ"(مت ۱۸:18) المسیح ھنا یسلِّم سر الكھنوت لتلامیذه وھو الذي امتد بعد ذلك عبر الأجیال. نصل في سلسلة الطلبات التي تبدأ بعبارة "نعم نسألك أیھا المسیح إلھنا ثبت أساس الكنیسة" إلى بدایة الطلبات المتخصصة،وسنأخذ كل مرة شریحة أو قطاعًا في الكیان الكنسي. نبدأ بالإكلیروس: "أعط بھاءً للإكلیروس". إﻛﻠﻴﺮوس كلمة "إكلیروس" من أصل یوناني وتعني: "نصیب الرب"، فھم من اختاروا الله نصیبًا لھم، وخصصوا كل وقتھم لخدمة لله، ولا یعملون عملاً آخر. كلمة "إكلیروس" تجمع كل من یقوم بعمل الكھنوت وإقامة الأسرار (الكھنة یقومون بإقامة الأسرار ماعدا التدشین والسیامات، لكن الأسقف یقوم بالتدشین وبسیامة الكھنة والشمامسة). وعنصر الكھنوت مستمد من الكتاب المقدس بتفاصیل كثیرة،وھو للرجال فقط. فقد اختار السید المسیح كل تلامیذه من الرجال (ال ۱۲ وال ۷۰ ). لكنه كرَّم أمنا العذراء التي تمثِّل كل جنس المرأة،واختارھا كنموذج جمیل لذلك نسمیھا فخر جنسنا،أما الرجال فھم الذین یخدمون الخدمة الشاقة. الإﻛﻠﻴﺮوس ﻓﻲ كنيستنا ثلاث رتب: 1- رتبة الشماسیة كلمة "شماس" من كلمة قبطیة قدیمة ھي "شمشي" بمعنى "خادم". ھذه الرتبة مكونة من درجات متدرجة ومرتبة وكل درجة لھا وظیفة. تبدأ من درجة "إبصالتس" وتعني مرتل، ثم "أغنسطس" وتعني قارئ، ثم "إبیدیاكون" أي مساعد شماس،و"دیاكون" أي شماس كامل، و"أرشي دیاكون" أي رئیس شمامسة.درجة الدیاكون والأرشي دیاكون للمتقدمین في العمر وینطبق علیھما قوانین الكھنوت.من ھم في رتبة الشموسیة یكونون إما متزوجین أومتبتلین. شمامسة ذكروا في الإنجیل: الشمامسة السبعة الذین اختارھم الآباء الرسل (انظر أع ٦: 1-5)،وكانوا یقومون بالخدمة ویبشرون ومنھم إستفانوس وفیلبس (انظر أع 6-8) ۲) رتبة القسیسیة القسیسیة درجتان: ۱- قس (بریسفیتیروس): ومعناھا "مصلي" أو"شفیع"وفي كنیستنا نستخدم له اللقب الجمیل "أبونا". كلمة "القسیسیة" أحیانًا تترجم في الكتاب المقدس بكلمة "شیوخ"، لكن المقصود بھا القسیسیة كرتبة كھنوتیة. ۲- قمص: تعني "المدبر"، وھي درجة أعلى،ویقام للتدبیر أي الإدارة Administration من مر علیه سنوات في خدمة القسیسیة یترقى للقمصیة بصلوات كثیرة. والترقیة في مفھوم الكنیسة تختلف عن مفھوم العالم، فمن یترقى في الكنیسة ینزل أي یتضع أكثر، وأكبر ترقیة ھي رتبة غسل الأرجل التي عملھا المسیح مع تلامیذه قبل الصلب وفي عرف الكنیسة من ھم في رتبة القسیسیة والقمصیة یكونون كلھم متزوجین ما عدا الرھبان منھم. ۳- رتبة الأسقفیة (الأسقف، المطران، البطریرك) أي رئاسة الكھنوت في الكنیسة ھم غیر متزوجین لكي یكونوا متفرغین، ویكون كل وقتھم مخصصًا للرعیة. درجة الأسقف: كلمة "أسقف" تعني "الناظر من فوق"، فھو مثل المایسترو الذي یقف على قاعدة مرتفعة لكي یرى كل العازفین في فریق موسیقي كبیر. درجة المطران: الأسقف بعد سنوات طویلة(30/40 سنة) یترقى لدرجة مطران والمطران ھو من یكون مسئولاً عن المدینة الكبیرة، ویمكن أن یكون معه بعض الأساقفة المساعدین. درجة البطریرك: كلمة "بطریرك" تعني "أب الآباء". وفي كنیستنا القبطیة بدأ لفظ "بابا" أي "الأب الكبیر" منذ زمن مبكر، ثم أخذت روما اللقب بعد ذلك. ما الفرق بين اﻟﺒابا واﻟﺒطريرك؟ البابا شخص عنده إمكانیة رسامة بطاركة، أما البطریرك فیرسم أساقفة. وبابا الإسكندریة لقبه "صاحب القداسة (لأنه بابا الإسكندریة) والغبطة (لأنه بطریرك الكرازة المرقسیة)". ما ﻫﻲ وظيفة الإﻛﻠﻴﺮوس؟ ۱- الأبوة: وھي عنصر رئیسي. وكلمة "أبونا" (للكاھن أو الأسقف) ھي سبب بقاء المسیحیة في مصرنا وامتدادھا للخارج. الأب ھو الذي یبدأ تكوین الأسرة، وأبونا الذي سیقوم بالخدمة ھو بدایة تكوین كنیسة إن وظیفة الإكلیروس (الكاھن، الأسقف،الشماس) ھي الأبوة والرعایة بالحب. ۲- الأمانة المطلقة: وشعارھم "كُن أَمِینًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِیكَ إِكْلِیلَ الْحَیَاةِ" (رؤ۲: 10) الإكلیروس یكونون أمناء على النفوس، والتعلیم،والإیمان، وحتى على تدبیر مال الكنیسة، وإن بَعُدَأحدھم یومًا عن الأمانة تصبح خدمته غیر سلیمةوغیر صحیحة. ۳- الشفاعة: فھو مصلي وشفیع. لا تستھینوابالأوراق التي یقدمھا لكم الشعب للصلاة من أجلھم، لا تستھینوا بكلمة "ربنا معك". ٤- المعرفة: لا بد أن یكون على قدر من المعرفة،وتكون له قراءات، ویؤھل نفسه، فرجل الإكلیروس ھو مُعلِّم. ٥- الإدارة بالحب: یجب أن تكون إدارة الكنیسة صحیحة، والكل یعرف دوره بالتحدید. وھناك علوم إدارة تساعد في ذلك. بهاء كلمة "بھاء" ھي إحدى كلمات اللغة العربیة القویة،والكلمة تضم معنیین: ۱- النقاوة الداخلیة، ۲- اللمعان الخارجي وھي تقال في أدبیات اللغة العربیة على الماس. صفات الماس التى تنطبق ﻋﻠﻰ الإﻛﻠﻴﺮوس ۱- نادر: "الْحَصَاد كَثِیرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِیلُونَ"(مت۹: 37) "فَمَن ھُوَ الْوَكِیلُ الأَمِینُ الْحَكِیمُ الَّذِي یُقِیمُهٌ سَیِّدُهُ عَلَى خَدَمِه لِیُعْطِیَھُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِینِھَا" (لو12: 42) كلمة "بھاء" تعني الندرة وھذا ھو سبب ارتباطنا كشعب بمن یقوم بخدمتنا. ۲- لامع: في صلوات سیامة الكاھن نقول: "أرسل من السماء نعمتك على عبدك ھذا لكي یستحق من قبلك أن یكمل كھنوتك بغیر اعوجاج لیفوز بمراحمك مع الذین أرضوك منذ البدء". یكون له ھذا اللمعان لأنه یأخذ من المسیح. ۳- بسیط: البساطة ھي من تعابیر الكتاب عن النقاوة. والماس ھو كربون یتجمع بروابط كیمیائیة معینة مع ضغط عالٍ لزمن طویل "الرب الإله رأس الرئاسات، وأساس السیادات، واھب الكرامات، مرتب درجات الكھنوت على الأرض كما ھي في السماوات، یعینك ویعضدك ویساعدك ویؤیدك بقوته على القیام بفرائض خدمتك". ٤- یعكس النور: الإكلیروس أشخاص یعكسون نور المسیح، یأخذونه عن طریق الصلوات (بكل أشكالھا) والقراءات (وفي قمتھا الكتاب المقدس) ثم یقدمونه للآخرین. ٥- من الأرض: الأرض ھي تعبیر رمزي عن السجود والمیطانیات، والكاھن مرتبط بالسجود. لذلك فإن الكاھن في بدایة القداس یقول سرًا: "أنت یا سید تعلم إني غیر مستحق ولا مستعد ولا مستوجب لھذه الخدمة لیس لي وجه أن أقترب وأفتح فمي أمام مجدك المقدس، بل ككثرة رأفاتك لي أنا الخاطئ امنحني أن أجد نعمة ورحمة في ھذه الساعة لكي أبدأ وأھیئ وأكمل كما یرضیك" ویقول أیضًا: "اذكر ضعفي أنا الخاطئ واغفر لي خطایاي الكثیرة، وحیث كثر الإثم فلتكثر ھناك نعمتك، من أجل خطایاي خاصة ونجاسات قلبي لا تمنع شعبك من نعمة روحك القدوس." الخلاصة الإكلیروس ھو نصیب لله والبھاء ھو: ۱-النقاء الداخلي (الأفكار الصالحة والمشاعرالحیة الروحیة من الداخل مع كل خدمة یقوم بھا). ۲-اللمعان الخارجي (السیرة العطرة، وملاحظة الحیاة، وأن یعیش في مخافة لله على الدوام).فھو یخدم ویحمل مسئولیة شدیدة وخطیرة أمام الله على الأرض وفي السماء، وعلیه دائمًا أن یحافظ علیھا.في صلاتك الخاصة قل "أعط بھاءً للإكلیروس"،أعطھم نعمة یقدرون بھا أن یكملوا خدماتھم. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
25 مارس 2024

يوم الاثنين من الأسبوع الثالث( لو ١١: ٣٣ - ٣٦)

لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجاً وَيَضَعُهُ فِي خِفْيَةٍ، وَلَا تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ، لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ . سَرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِماً. انْظُرْ إِذَا لِئَلَّا يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةٌ. فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيْراً لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، يَكُونُ نَيِّراً كُلُّهُ، كَمَا حِينَمَا يُضِيءُ لَكَ السِّرَاجُ بِلَمَعَانِهِ . العين البسيطة إنجيل هذا الصباح يتكلم عن موضوع مهم للغاية، يُعتبر من أخطر المواضيع التي تقابل الإنسان الروحي في جهاده الروحي، وهو: العين البسيطة. هذا معيار مسيحي من الدرجة الأولى، ويُعتبر امتيازاً عالياً للإنسان الروحي. في الحقيقة لو أننا أخذنا التشبيه على أنه العين البشرية؛ لخرجنا تماماً عما يقصده المسيح الرب هنا لا يقصد العين البشرية. لأسباب كثيرة: أولاً : هي عين واحدة وليست عينين، فهنا يتجه المعنى ناحية عملها وليس ناحية الشكل أو الصفة. ثم هي عين بسيطة، وكلمة بسيطة في اللغة اليونانية تعني معاني قوية جداً، ولكن لا معنى منها يتفق مع الجسد. أول هذه المعاني إنها مفردة أي ليست مركبة، فهي لا تحتمل التعقيد أو الثنائية،بمعنى أنها لا يمكن أن تنقسم إلى رؤيتين. الصفة الثانية: هي عين مستقيمة، في اتجاه أمامي، وليس تعريجاً بين يمين ويسار. وصفة ثالثة : أنها صحيحة، أي ليست مريضة وليس بها شوائب. ثم هي واضحة أو صافية ليس فيها تعتيم، وآخر صفة لتلك العين البسيطة هي إنها مكشوفة، ليس فيها أشياء مخفية. إذن، كما رأينا، لا تنطبق واحدة من كل هذه الصفات على العين الجسدية. إذن ما هو المقصود بالعين البسيطة؟ إنها العين الروحية، إنها العين البصيرة، والبصيرة ليست الإبصار، إنها إدراك الحق وتمييزه وليس كالبصر الذي يرى فقط الظواهر الخارجية. فالعين التي يقصدها المسيح هي إدراك الحق والتمييز ما بين الحق وغير الحق والحق في المفهم اللاهوتي والإنجيلي هو النور، والباطل هو الظلمة. وعندما نقول: النور، فالمقصود هو شخص الرب يسوع الذي قال عن نفسه: «أنا هو نور العالم». فالعين البسيطة هي التي انفتحت بصيرتها على المسيح والحياة الأبدية. بعكس العين الشريرة التي انفتحت على الشر.وعندما نقول أنها عين بسيطة مفردة فنقصد أنها لا تقبل غير المسيح، وترفض أن يكون له بديل. ثم هي عين مستقيمة، أي أن اتجاهها هو ناحية المسيح، لا تميل عنه يمنة ولا يُسرى. وهي عين صحيحة، أي ليس بها سقم غوايات وشهوات الجسد، وتستطيع أن ترى المسيح بصفاء وبدون تشويش. ثم، هي أخيراً عين مكشوفة وصريحة، بمعنى أن كل شيء أمامها واضح.العين الروحية موقعها عند المسيح أعلى شيء عند الإنسان، وأهم عضو من أعضائها، والذي عليه كل التركيز في فهم الإنجيل. يقول عن تلميذي عمواس إنه: «فتح ذهنهم ليفهما المكتوب». لقد انفتحت العين الروحية على الحق ودخلها نور المسيح دخلها الحق؛ فانكشف لها كل شيء عن المسيح. انظروا كم هي مهمة، لذلك جعلها المسيح مثل المنارة التي يضعونها في أعلى مكان في البيت.لو كانت العين الروحية سليمة؛ فإن نور المسيح ونور الله سيدخل ويضيء كل أعضاء الإنسان المنظورة وغير المنظورة، يضيء الفكر والضمير والعواطف والمشاعر والقلب، وتبتدئ كلها تستنير وتعمل الحساب النور. فإذا كان النور البشري المصنوع عنده القدرة أن يعمل في الجسم ويطهر من الميكروبات ويُظهر الخفيات؛ فما بالك بالنور الروحي، نور المسيح الفائق الفاعلية، عندما يدخل ويستقر في الإنسان كم هو قادر أن يميت الخطية، ويطهر الفكر والقلب والضمير من الأعمال الميتة.لو كانت عينك الروحية سليمة؛ فإن النور الإلهي يدخلها وينفذ فيها،الأمر الذي يسميه المتصوفون: التحديق في النور الإلهي، أي الشخوص في نور المسيح.الإنسان الذي دخله شعاع النور من خلال العين الروحية يستطيع أن ينفذ أيضاً من خلالها لينظر ويتأمل في الله. وهذه عملية من أروع ما يمكن، ذلك لأن كلما تأمل الإنسان في الله أكثر ؛ كل ما انسكب فيه النور أكثر.فهنا التحديق في نور الله في الحق الإلهي في شخص يسوع المسيح، هذا يزيد العين جلاء واستنارة.ولكن لاحظ أنه في بداية التأمل يحصل صراخ، فبمجرد أن العين تتأمل في الأمور الإلهية ترتد العين سريعاً، ثوان قليلة وتعود أدراجها، لا تستطيع أن تحدق، لماذا؟ لأن العين ليست سليمة، لابد لها من تطهير وغسيل أكثر وأكثر. ولكن كلما داوم الإنسان في النسك وفي العبادة والقراءة؛ كلما راقت العين وصفت، ويستطيع بعد هذا أن يحدق في النور أكثر، ويوجه ذهنه نحو آية من الآيات أو صفة من صفات الله، ويركز فيها الذهن مع القلب والمشاعر مع الفكر، فلابد له هنا أن يخرج بغنيمة، ولا يمكن أن يخرج فارغاً أبداً. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل