المقالات

16 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (۲) تجديد الطبيعة البشرية

كان السبب الأول للتجسد والفداء، هو حكم الموت عن البشرية بموت المسيح نيابة على عود الصليب لكن المشكلة لم تكن مشكلة قانونية ، بمعنى مشكلة دينونة حكم موت مسلط على رقاب البشر، فهناك شكلة أخطر هي مشكلة «فساد الطبيعة البشرية » إن خطية آدم أفسدت طبيعة الإنسان، هذا هو السبب الأساسي لطرد آدم من الفردوس ، لا كقسوة من الله ، ولكن محبة منه الثلا يأكل من شجرة الحياة - بعد أن أصابه الفساد فيحيا إلى الأبد في هذا الفساد. لذلك خرج آدم من الفردوس، ومعه وعد بالفداء وبأن يسحق نسل المرأة الحية (ابليس ) بمعنى أن تتجدد الطبيعة الإنسانية بالروح القدس، وباستحقاق دم المسيح ، فيصير الإنسان إنساناً جديداً « مخلوقاً بحسب الله ، في البر وقداسة الحق » (أف ٤:٢٤) الأمر إذن يحتاج إلى « إعادة خلق » وهذا يستلزم وجود الخالق وفعله إن الطوفان الذي أتى به الله على الأرض ومن فيها لم يجدد طبيعة الإنسان من الداخل بالروح القدس ، وكان هدفه مجرد رد الإنذار والتوجيه ، ليجاهد الإنسان في طاعة الله وتنفيذ وصاياه الأمر المستحيل دون معونة وتجديد من الله . كان الهدف إذن، أن يقتنع الإنسان بحاجته إلى المخلص كان الناموس مؤد بنا إلى المسيح » وكانت غاية الناموس هي أن أرى نفسى فاسداً وضعيفاً فأشعر بحاجتي إلى المخلص ، الذي « افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا » ( غل ٣: ١٣ ) المشكلة إذن ليست أن يسامح الرب آدم ، فما أسهل ذلك، ولكن كيف يجدد الرب طبيعة آدم ، و يقدسها بالروح القدس ، و يعيد إليها الصورة الإلهية التي خلقت عليها ؟ ومن هنا كان التجسد، ليأخذ الله طبيعتنا البشرية ويعطينا «شركة الطبيعة الإلهية » ( ٢بط ١ : ٤ ) كذلك فالمشكلة ليست أن يموت المسيح عنا ، فيرفع عنا حكم الموت ، لكن الأهم أن يجدد طبيعتنا من الفساد ، ويجعلها قابلة للحياة المقدسة هنا ، والحياة الأبدية هناك. + فكر القديس أثناسيوس : وهنا ، لابد لنا من الرجوع إلى فكر النوراني العظيم ، القديس أثناسيوس ، لتفهم منه حاجتنا إلى تجديد الطبيعة . هذه بعض أقواله من كتاب «تجسد الكلمة » . «كان أمام كلمة الله مرة أخرى أن يأتي بالفاسد إلى عدم الفساد، وفى نفس الوقت أن يوفى مطلب الآب العادل المطالب به الجميع » ( فصل ٤ فقرة ٥ ) . « وهكذا إذ أخذ من أجسادنا جسداً مماثلاً لطبيعتها، وإذ كان تحت الجميع قصاص فساد الموت ، فقد بذل جسده للموت عوضاً عن الجميع، وقدمه للآب . كل هذا فعله شفقة منه علينا وذلك : أولاً : لكي يبطل الناموس الذي كان يقضى بهلاك البشر. ثانياً : لكي يعيد البشر إلى عدم الفساد » . ( فصل ۸ فقرة ٤ ) . « إذ اتحد ابن الله عديم الفساد بالجميع بطبيعة مماثلة ، فقد ألبس الجميع عدم الفساد ... بوعد القيامة من الأموات » (فصل ۹ فقرة ٢) + « إن تلطخت تلك الصورة المرسومة على الخشب بالأدران من الخارج أو أزيلت ، فلابد من حضور صاحب الصورة نفسه ثانية، لكى يساعد الرسام على تجديد الصورة على نفس اللوحة الخشبية لأنه إكراماً لصورته يعز عليه أن يلقى بتلك اللوحة ( الإنسان الساقط ) وهى مجرد قطعة خشبية ، بل يجدد عليها الرسم »( فصل ١٤ فقرة ١ ) . إذن، فلابد من الفادى ! فما هي المواصفات المطلوبة في ذلك الفادى ؟؟؟ نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد التاسع عشر عام ١٩٨٩
المزيد
26 أبريل 2024

جُمعة خِتام الصوم

" يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المُرسلين إليها كم مرّة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تُريدوا هوذّا بيتكُم يُترك لكُم خراباً " فصل من الإنجيل يُعبّر عن حُزن الرب يسوع على أورشليم رغم أنّها المدينة المحبوبة من الله مدينة الملك العظيم مدينة المذبح والذبائح مدينة العِبادة المدينة التى أحبّ الله أن يسكُن فيها لأنّهُ أرادها المدينة التى أحبّ أنّ الناس تتجمّع فيهِا " لك توفى النذور يا الله " وقلوب الشعب كُلّها فىِ العهد القديم كانت مُتعلّقة بأورشليم لأنّها تُمثلّ كنز وغِنى فىِ كُل مرّة كان المسيح يدخُل أورشليم كانت تحدُث مُشكلة وكانت مرّات دخولهُ لها قليلة لأنّها كانت ترفُضهُ كان مُمكن يدخُل أى قرية أو بيت ليعظ ويُعلّم رغم أنّهُ المفروض أنّهُ جاء ليعظ فىِ أورشليم ويُعلّم فىِ الهيكل ولكنّهُ لم يرتاح فيها لذلك جاء لهُ قوم يقولون لهُ أنّ هيرودس يُريد أن يقتُلك فأجابهُم المسيح وقال لهُ أنّهُ لا يموت نبىِ خارج أورشليم وقال لأورشليم لعنة " يا أورشليم يا أورشليم هوذّا بيتكُم يُترك لكُم خراباً " المسيح كان دائماً يُعطىِ بركة ولكن هذه المرّة أعطى لعنة وقال يُترك لكُم بيتكُم خراباً لأنّهُ حزن عليها لم يقُل كلمتهُ هذهِ تعسُف أو قسوة بل قالها بقلب حزين على شرّها وهذا هو لُطف الله وصرامتهُ نعم أنّ الله حنون وطويل الأناه إذ كانت مُدّة كرازتةُ ثلاث سنين وستة أشهُر وكان خلالها كُل شاغلهُ ومن بداية الخليقة أيضاً كان شاغلهُ هو شعبهُ وأنّهُ خلق العالم كُلّهُ ليكون هيكل لهُ وخلق الإنسان ليكون هيكل للّه كُل عمل عملهُ الله لكى يتمتّع بالإنسان ويتمتّع بهِ الإنسان " لذّتىِ فىِ بنىِ آدم " بولس الرسول فسّر هذهِ اللعنة على أنّها ليست هيكل أورشليم فقط بل كُل إنسان يحيا كأورشليم يأخُذ من الله لُطف وصرامة ظهر لُطفهُ فىِ الفُرص التى أعطاها لأورشليم " كم مرّة أردت أن أجمع بنيكِ " مرّات ومرّات أراد الله أن يضمنىِ لحُبهُ مرّات ومرّات أراد الله توبتىِ ولكن فىِ النهاية نتيجة غباوة الإنسان وصلافتهُ تجعل الله يقول لهُ " هوذّا بيتكُم يُترك لكُم خراباً "الله حنون جداً ولذيذ جداً ويحتمل ظُلم الأشرار وإهانة المُسيئيين ولكن لهُ كأس غضب إذا إمتلأ ماذا نفعل ؟ الله جاء ليُبارك الإنسان ويُعطيه نعمة وحياة أبديّة لذلك لابُد أن نُفرّغ كأس غضبهُ كثيرون فىِ أورشليم أخذوا بركة ونعمة مثل زكّا العشّار الذى قال لهُ المسيح أسرع وإنزِل أنا اليوم أمُرّ أمامك ولعلّك لا تجد فُرصة أخُرى لتلتقىِ معى زكّا رغم أنّهُ كان عشّار ومُحب للمال لكنّه كان زكىِ إستغلّ الفُرصة المولود أعمى واللص اليمين والمرأة السامريّة والمرأة الخاطيّة كُل هؤلاء إستغلّوا الفُرصة وتابوا بينّما البعض الآخر وجود الله معهُم أعطاهُم دينونة وأخذوا لعنة " هوذّا بيتكُم يُترك لكُم خراباً " هيكلهُ هو نحنُ أى ليس أورشليم فقط بل كُل إنسان يحيا كأورشليم يأخُذ من الله لُطف وصرامة لعنة الله التى خرجت منّه قالها بمرارة بدليل أنّهُ عندما دخل أورشليم بكى عليها الله لا يسمح لنا أن نسمع هذهِ الكلمة هيكلهُ هو الكنيسة هو نحنُ هل تتخيلّ أنّ هيكل أورشليم كان فارغ من العِبادة ؟ لا أورشليم كانت مملوءة بالشعب وصل عددهُم إلى 3 مليون المفروض أنّهُم أتوا ليوفوا النذور ويرضوا الله لكنّهُم كانوا يرضوه بالشكل فقط وليس القلب لذلك قال أنّهُ لا يُسرّ بالمُحرقات بل يُسرّ بالقلب المُنكسر أيضاً قال لهُم " إنّ روؤس شهوركُم وأعيادكُم سئمتها نفسىِ " المفروض أننّا اليوم نقول للّه إقبل منّا صومنا الضعيف صومنا الضعيف ليس لهُ أى إستحقاقات منّك لكن أنت إسندهُ بصومك أنت تعّودت تقبل ضعفنا أنت الذى قبلت فلسىّ الأرملة إقبل صومنا هكذا وإن كُنّا ناقصين وإن كُنّا قد ضعفنا لكن من فضلك إقبلنا لكن إذا كُنّا قد تعّودنا أن نأتىِ الكنيسة بدون قلب صادق ستكون كأورشليم هيكل أورشليم كانت تُقام فيهِ العِبادة بكُل دقة كُل ذبيحة حسب طقسها فلماذا أنت غاضب يا الله ؟ يقول لأنّهُم يكرموننىِ بشفاههُم أمّا قلبهُم فمُبتعد عنّىِ لذلك خرجت منّىِ اللعنة بمرارة لأنّ أورشليم لم تعرف زمان إفتقادها ليتنا ننتبه حتى لا يكون الله يرى الخراب حول كنيستهُ ونحنُ لا نعلم ولا نشعُرلأنّ الموضوع ليس بالشكل ماذا يفيد لو إنسان شكلهُ جيد وملابسهُ قيّمة ولكنّه إنسان قلوق وغضوب هذا يكون بيت خرِب إنسان ليس لهُ حُب عطاء ولا يسعىِ للطهارة وقلبهُ مملوء حِقد وغيره هذا أيضاً بيت خرِب لم يلمس عمل الله ولم يُبنى بعد00لذلك قال الله أنّهُ حزين على حال أورشليم لأنّها ترضيه بالشكل وليس بالقلب لذلك يجب أن ننتبه لأنّ الكنيسة وضعت هذا الفصل من الإنجيل فىِ خِتام الصوم لندخُل إسبوع الآلام بقلب مشحون ماذا فعل الله لأورشليم لكى ترفضهُ !! شفى مرضاها وهو مُستعد يغسل أرجُل الكُل عنده إستعداد يُعطىِ طهارة وينزع القلب الحجر يُريد أن ينقل الإنسان من الظُلمة إلى النور " نقلنا لملكوت إبن محبتهِ " ، تخيلّ أنّ أورشليم بعد كُل هذا ترفُض يسوع وتصلُبه خارجاً " رفضونىِ أنا الحبيب مثل ميت مرذول " ، تخيلّ أنّ المسيح يقول لك إعطنىِ رجلك لأغسلها وأطهرّك من أدناسك وأنت ترفُض يقول لك سأعطيك قلب جديد وأنت ترفض ، تخيلّ الله يتودّد لك وأنت ترفُض إِنتبه تودُّد الله سينتهىِ فىِ يوم من الأيام لُطف الله وصرامتهُ اللُطف للتوبة والصرامة للتعدّى فلا تدّخر غضب الله لابُد أن نستيقظ لأنفُسنا البولس اليوم يتكلّم عن وقتِنا هذا " أعلم أنّهُ ستأتىِ أزمنة شريرة صعبة يكونون فيها الناس مُحبين لأنّفسهُم " إرتباط بين خراب أورشليم وكنيسة العهد الجديد إحذر ستأتىِ أيام صعبة يكون فيها الناس مُحبين لأنّفسهُم واليوم كُل إنسان يسند نفسهُ فقط فىِ أنانيّة شديدة كُل إنسان يُريد حاجتةُ فقط " مُحبين للمال " واليوم عصر إزدياد محبة النفس والمال جيل مادىِ آباءنا كانوا يعيشون بالقليل وبالبركة لكن اليوم جيل مادىِ جيل لهُ إنتماء للمادة فقط وليس عنده شُكر ودائماً يشعُر أنّهُ مُحتاج ومذلول لأنّهُ مُحب للمال " مُفتخرين مُجدّفين " كنيسة العهد الجديد تحيا فىِ أزمنة صعبة " غير طائعين لوالديهُم " وكأنّ بولس الرسول يحيا فىِ بيوتنا كُل إنسان ينظُر لما ليس لهُ غير شاكر على ما عِندهُ خطايا الدنس تكثُر رغم أنّ دعوتنا دعوة طهارة وتقديس هياكل الله ، إذا كان هيكلىِ دنس يقول الهُ لىِ بيتك يُترك لك خراب ، الذى يفسد هيكل الله يفسدهُ الله " بلا حنو ولا عهد " هذهِ كُلّها صِفات هذا الجيل لأنّ محبة المال أصل كُل الشرور وتجعل الإنسان بلا حنو وكأنّ هذا إنذار من الله أرسلهُ لنا ليقول لنا لكى تدخُل معىِ فىِ إستحقاقات إسبوع الالام لابُد أن تغسل قلبك ، إستفد بوجود مسيحك داخل قلبك المسيح جالس ليُعلّم فمن يسمع ؟ أقصى شىء نعملهُ أننّا نُعجب بكلمات العظة أو القُدّاس ولكن سلوكنا كما هو لا يتغيّر وقلبىِ قاسىِ أين نقاوة الهيكل الداخلىِ أين قبول المسيح الحقيقىِ ؟ زكّا كان شاطر أسرع وقبل المسيح قبول فِعلىِ ووضح ذلك فىِ ردّهُ أربع اضعاف لِما أخذ لم يجلس زكّا مع المسيح وقال لهُ قبلتك ولكن قلبهُ لم يتغيّرزكّا كان قوى الإرادة أمام خطيتهُ المحبوبة وأعلن توبتهُ فىِ الحال أمام الله " نحنُ أيضاً فلنصُم عن كُل شر بِطهارة وبرّ " لابُد أن نُفطم عن الخطيّة المُشكلة أنّ تغيّرنُا بطىء الله يُحب الجوهر وليس الشكل المسيح من طول مُعاملتهُ مع أورشليم قال لهُم أنّهُ سئم أعيادهُم لأنّ تقدماتهُم تقدِمات باطلة مرفوضة يا ليتهُم أتوا إليهِ بقلوبهُم وليس بتقدماتهُم كان المفروض أنّ فىِ عيد الفِصح لا يضع اليهودىِ خمير فىِ بيتهِ لأنّ الخمير رمز للشر ولأنّهُم عندما خرجوا من أرض مِصر كان عجينهُم لم يختمر لذلك يُفتشّ اليهودىِ فىِ بيتهِ بسِراج عن أى خمير حتى تحت أعتاب بيتهِ كان يُفتشّ لكن بولس الرسول قال لهُم " لنُعيدّ ليس بخمير الخبُث بل بفطير الرحمة " أنا لا أرُيد خمير خُبث لكنّىِ أريُد فطير رحمة0 الله يُريد قلب نقىِ ، إنسان يعبُد بالروح والحق ، يُريد أن نسجُد لهُ بالقلب فىِ كُل مُناسبة وكُل عمل نُقدّم قلب نقىِ حتى نأخُذ مراحم ولا نأخُذ دينونة هُناك أشخاص إستفادوا فىِ أورشليم من المسيح وكثيرون هلكوا الناس الذين تمتعّوا بعمود الغمام وعمود النور بأكثرهُم لم يُسرّ الله لأنّ قلوبهُم كانت فىِ مِصر فىِ محبة المال والذات كما قال بولس الرسول لتيموثاوس تلميذهُ إذا قست نفسىِ على هؤلاء أجدنىِ واحد منهُم لأنّ الشر ملك علىّ فكيف يملُك الله على قلبىِ ؟ المسيح اليوم يُكلّم أورشليم بِحزن وبُكاء أنا مُمكن أكون ليس فىِ موكب أورشليم لكن فىِ موكب الصليب إحملهُ مع سمعان القيروانىِ وأشترك مع المسيح فىِ آلامهُ لأنال شِركة القيامة الحقيقيّة ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمتهُ لهُ المجد دائماً أبدياً أمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
20 أبريل 2024

إنجيل عشية الأحد السادس من الصوم الكبير( لو ١٣ : ٢٢ - ٣٥ )

" واجتاز في مُدن وقرى يُعَلِّمُ وَيُسَافِرُ نَحوَ أَورُشَلِيمَ، فقال لهُ واحِدٌ : يا سيّد، أقَليل هُمُ الذِينَ يَخلُصونَ؟. فقال لهم : اجتهدوا أن تدخلوا مِنَ الباب الضَّيِّق، فإنّي أقولُ لَكُمْ: إِنَّ كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرونَ * مِنْ بَعدِ ما يكونُ رَبُّ البَيتِ قد قامَ وأَعْلَقَ الباب، وابتدأتُمْ تقفون خارجًا وتقرعون الباب قائلين: يارب يارب افتح لنا يُجيب، ويقولُ لكُم: لا أعرفُكُمْ من أين أنتُمْ ! حينئذ تبتدئون تقولون: أكلنا قُدَّامَكَ و شربنا ، وعَلَّمت في شوارعنا " فيقول: أقولُ لكُم: لا أعرِفُكُمْ مِنْ أين أنتُمْ، تباعدوا عني يا جميـع فـاعلي الظلم ! هناك يكون البكاء وصَرِيرُ الأَسنانِ، مَتَى رأيتُمْ إبراهيم وإسحاق ويعقوب وجميع الأنبياء في ملكوت الله، وأنتُم مطروحون خارجًا. " ويأتونَ مِنَ المَشارِقِ ومِنَ المَغارِبِ وَمِنَ الشمال والجنوب، ويتكئون في ملكوت الله وهوذا آخرون يكونون أولين، وأولون يكونون آخرین في ذلك اليوم تقدَّمَ بَعضُ الفَرِّيسيِّينَ قائلين له: و اخرج واذهَبْ مِنْ ههنا ، لأنَّ هيرودس يُريدُ أنْ يَقتُلك. فقال لهم: امضوا وقولوا لهذا الثعلب: ها أنا أُخرج شياطين، وأشفي اليوم وغدًا ، وفي اليوم الثالث أُكَمَّلُ. بل ينبغي أن أسير اليوم وغدًا وما يَلِيهِ، لأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أنْ يَهْلِكَ نَبي خارجًا عن أورشليم يا أورشليم، يا أورشليم يا قاتلَةَ الأنبياء وراحِمَةَ المُرسَلينَ إليها، كم مَرَّةٍ أردتُ أنْ أجمع أولادكِ كما تجمَعُ الدَّجَاجَةُ فِراخها تحت جناحيها، ولم تُريدوا ! هوذا بيتكُمْ يُترَكُ لَكُمْ خرابًا والحَقَّ أَقولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لا تَرَوْنَني حَتَّى يأتي وقت تقولون فيهِ : مُبارك الآتي باسم الرَّبِّ! ". عشية أحد التناصير: يتكلم إنجيل العشية عن الباب الضيق المؤدي للملكوت فعندما سأله واحد قائلاً يا سيد أقليل هم الذين يخلصون؟" رد الرب على السائل قائلاً للجميع " اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق" وقال الرب: "إن كثيرين سيأتون بعدما يكون رب البيت قد أغلق الباب فلا يقدرون أن يدخلوا ولكنهم سيطرحون خارجًا حيث البكاء ورعدة الأسنان"ولكي يفهم هذا الفصل من الإنجيل في ضوء المعمودية وأحد التناصير، نقول إن المعمودية هي باب الملكوت وهي المدخل لكل النعم والتنعم بدون المعمودية لا دخول إلى داخل بل تظل النفس مطروحة خارجا معذبة حيث البكاء لا ينفع وصرير الأسنان لا ينقطع قال الرب لنقوديموس الحق أقول لك إن لم يولد الإنسان من الماء والروح لن يرى ملكوت الله" وباب المعمودية باب ضيق للجسد، فالروح يشتهي ضد الجسد. وجميع الذين يريدون أن يعيشوا بحسب استحقاق معموديتهم يجدون الباب الضيق ملازما للحياة فيدخلون بشجاعة وبلا حساب لأتعاب الجسد. باب الجسد واسع للجسدانيين فهم يعيشون في طريق رحب بلا تضييق وبلا ضوابط وبلا قانون كحيوانات طبيعية نهايتها الصيد والهلاك أما الذين اختاروا الباب الضيق والطريق الكرب فهم يعلمون حقا أن النهاية حياة أبدية فمرحبا بالأتعاب والجهادات إن كانت النهاية حياة أبدية الذين يدخلون من الباب الضيق، هم داخل الملكوت والملكوت يصير داخلهم أما البرانيين فهم خارجًا. ما هو داخل لا يمكن وصفه للذين هم خارجاً أمور لا يسوغ لإنسان أن يتحدث عنها ولا يعرفها إلا الذي يأخذ. حينما يقول الرب لمختاريه : ادخل إلى فرح سيدك"، يعلم من ذلك أن هذا الفرح يدخل إليه ولا يتمتع به إلا الذين في داخل إذن لا يُدرك ملكوت الله بالكلام بل بالدخول إليه!!. نحن معمدون، وصار لنا بالمسيح الذي هو باب الخراف نعمة الدخول إلى الآب أنا هو باب الخراف إن دخل بي أحد". في المعمودية لبسنا المسيح أي دخلنا بالمسيح وفي المسيح. هذا الدخول ليس هو إيمانًا نظريًا يُدرك بالعقل ولكنه حركة دخول من خارج إلى الداخل من صلوات المعمودية المقدسة نقول على المعمد "الداخل من الظلمة إلى النور ومن الموت إلى الحياة ومن طريق الضلالة إلى معرفة الحق. فالمعمودية دخول من خارج حيث الظلمة إلى الداخل حيث النور الذي لا يُدنى منه المعمودية باب مؤد إلى طريق كربة موصلة إلى الملكوت فالمعمودية ليست حجابًا ولا عاصمة من الخطايا هي مدخل لكي نخرج إلى جدة الحياة ونسعى في الطريق الكربة حتى نكمل جهادنا فننال إكليلنا من يد المسيح من يغلب يأخذ"صارت معمودية شعب بني إسرائيل في القديم كمدخل لطريق الأربعين سنة، انتقلوا من العبودية القاسية إلى الحرية ومن السخرة في الطين (الجسد) إلى السير في نور وجه الله حيث الطعام النازل من السماء والماء النابع من الصخرة. لم تكن المعمودية نهاية بل بداية بداية حرب مع عماليق من دور فدور ، وبداية المسيرة مع الله واختبار عجائبه، وبداية مشوار الرحلة إلى كنعان. لذلك عندما نتأمل المعمودية كباب نقول: "ها" قد دخلنا منذ طفولتنا كمدعوين للسير إلى الملكوت فهل نحن مجتهدون لإكمال المسيرة حتى الجعالة؟".المعمودية كباب هي البداية بالروح. فهل بعدما بدأنا بالروح هل نحن مازلنا نكمل بالروح؟ باب المعمودية في بداية مشوار الحياة يقابله بداية الملكوت حينما يدخل العريس العذارى الحكيمات من ذات الباب ويغلق الباب إلى الأبد حيث العرس السماوي غير الزمني هذا الباب لما بلغت إليه العذارى الجاهلات وبدأن يقرعن الباب قائلات: "ربنا ربنا افتح لنا، فأجاب وقال: الحق أقول لكن إني ما أعرفكن اسهروا إذن !! فمن دخلن من الباب دخولاً روحيًا حقيقيا وسعين بحسب قانون الملكوت عابدات بالجهد النهار والليل، وخازنات زيت الروح ليوم المجئ بالكد والتعب ومالئات الآنية مع المصابيح بوقود النور في الأعمال الحسنة وفي ملء الروح القدس وأعمال المحبة والرحمة عندما تواجهن مع باب الملكوت وهن مستعدات دخلن إلى العُرس بلا مانع. أما الجاهلات فرغم دخولهن من باب المعمودية كمدعوات إلا أن الظلمة غشيتهن ومصابيحهن انطفأت لعدم الزيت، فالروح القدس نضب كأنه غير موجود. ولم يبق سوى الجسد والجسديات والشكل ومظهر العذارى. ولكن عوض الحكمة الروحية، فقد وصفن بالجاهلات غير المستعدات ففي جهلهن نسين دعوتهم ونسين السعي للملكوت، وخزين زيت الروح ونسين لقاء العريس الذي خرجن لأجله ويا للحسرة!. لذلك ننبه الذهن مرة أخرى لقول الرب: "اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق. فالأمر مرهون بإرادتنا وجهادنا كثيرون يدعون ولكن قليلين ينتخبون". الجهاد موضوع أمامنا كباب ضيق ندخله كل يوم وفي كل مناسبة الباب الواسع مع كل إغراءاته معروض أيضًا بكثرة ووفرة في كل الميادين وكل المناسبات اجتهد أن تختار الباب الضيق ولا تخش من الدخول فيه الصلاة باب ضيق إذا ما قورنت بأنواع التسالي والمسامرة والهرج والمزاح وأنواع المسرات العالمية. لأن وقت الصلاة لا نصيب لمسرات الجسد فيه لذلك يعتبر بابا ضيقًا يغصب الإنسان نفسه إليه كل حين حتى يخضع الجسد ويتعود عليه العطاء يعتبر بابا ضيقًا إذا ما قورن بالأخذ فالطبيعة تحب الأخذ وتكره العطاء فمن يدرب نفسه كل يوم للدخول إلى هذا الباب ناظرًا للملكوت يغصب نفسه على العطاء والعطاء حتى يلقى وجه المسيح فيجازيه علانية في ملكوته.وهكذا إنكار الذات باب ضيق إذا ما قورن بالكبرياء وتمجيد الذات الاتضاع باب ضيق القداسة والعفة باب ضيق وعلى العموم جميع وصايا المسيح معتبرة هكذا وهي الطريق المؤدي إلى الملكوت، وطوبى للذين يسيرون فيه فإنهم أخيرًا يوضع لهم أكليل البر ويدخلون مع رب البيت ويدخلون مع العريس حيث يغلق الباب ولا خروج إلى خارج إلى الأبد. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
25 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (٥) لماذا الصليب ؟

مع فرحة القيامة، لا ننسى الصليب المجيد ! فلولا الصليب ما كانت القيامة ! ولولا السرور الموضوع أمام الرب، لما كان الصليب الفادى ولكن .. لماذا الصليب بالذات ؟! ربما يتساءل البعض : لقد اقتنعنا بضرورة تجسد الرب ، ثم موته نيابة عنا التجسد : ليعطينا شركة طبيعته الآلهية ويجدد صورته فينا . الموت : ليرفع عنا حكم الموت الذي أصابنا بسبب السقوط . ولكن يتم موت الرب بالصليب بالذات ؟ أليس هناك أساليب أخرى للموت أكثر لياقة من ذلك ؟ لماذا الصليب بالذات ؟ إن الصليب كان ضرورة حتمية لعدة أسباب : ١- يحمل لعنتنا : منذ سقط أبوانا الأولان، حلت اللعنة على الأرض، كقول الرب لآدم : «لأنك سمعت لقول امرأتك ، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً : لا تأكل منها ، ملعونة الأرض بسببك ،بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك » ( تك ٣ : ١٧ ) .وبدأت الأرض فعلاً تنبت الشوك والحسك، وبدأ آدم يفلحها بعرق وجهه يأكل خبزاً » هذه اللعنة كان لابد من رفعها عن آدم وليس فقط حكم الموت ومن المعروف تاريخياً أن الصليب بالذات كان الطريقة الوحيدة التي تحمل اللعنة في طياتها «ملعون كل من علق على خشبة » ( تث ۲۱ : ۲۳ ) . لذلك ارتأى الرب أن يصلب عوضاً عنا ليغسل الأرض من لعنتها ، وليحمل عنا لعنتنا .... الأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة ، لأنه مكتوب ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس » (غل ۳ : ١٠).. لذلك المسيح «اقتدانا من لعنة الناموس ، إذ صار لعنة لأجلنا ، لأنه مكتوب : معلون كل من علق على خشبة » (غل ۳ : ۱۳ ) .. « المعلق ملعون من الله » (تث ٢١ :٢٣) ٢- يحمل حكم الموت عنا : ذلك لأن حكم الموت الذي كان علينا ، لم يكن مجرد موت الجسد بل كان يشمل : + موتاً جسدياً إذ دخل الفساد إلينا ، وإلى الطبيعة والحيوانات وغيرها. + موتاً روحياً إذ انفصلنا عن الله ولم تعد هناك شركة روحية بيننا وبينه. + موتاً أدبياً إذ نزلنا عن مجد شركة الله في جنة عدن وطردنا إلى أرض الشقاء والمهانة ، وها قد هان الإنسان على الطبيعة الثائرة والحيوانات المفترسة والميكروبات والفيروسات القاتلة الإنسان الذي يحمل في أحشائه صورة الله ، غير المنظور. + موتاً أبدياً بالهلاك الأبدى في جهنم لذلك فالصليب كان أسلوباً مناسباً يبرز لنا ذلك الموت الرباعي الرهيب الذي كان ينتظرنا .. وعلى الصليب مات الرب بالجسد وحمل خطايانا في جسده على الخشبة، فصار خطية لأجلنا، مرذولاً ومرفوضاً من العدالة الإلهية ، لا بسبب في ذاته إذ كان بلا خطية ، ولكن كنائب عنا ، حمل خطايانا بدلاً منا كما استهزأ به اليهود والصالبون بصورة مؤسفة، حيث حمل عنا هزء موتنا الأدبي . ولكن الرب كان مستحيلاً على الموت . لأن لاهوته المتحد بناسوته ، وبره الأبدى والأزلي واللانهائى ، كانا أقوى من الموت . وهكذا قهر الموت لأجلنا، وفتح لنا الفردوس لندخل ونستريح فيه إلى ملكوت خالد ودائم إلى الأبد. ٣- يسفك دمه لأجلنا : " لأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة "(عب ٩ : ٢٢ ) ... والصليب يحمل ضمن اجراءاته سفك الدم من مواضع كثيرة ، من جبهة الرب التي علاها اكليل الشوك، ومن جسده الممزق بجلدات السياط، ومن جنبه المطعون بالحربة، وأطرافه المثقوبة بالمسامير ماذا يمكن أن نقدم لك يارب ، عوض قداتك العجيب هذا؟ ليس لنا ما تقدمه، فتحن بكل كياننا ملكك من الأساس ! كل ما نقوله : شكراً يارب لفدائك العجيب وأعطنا أن نخلص بواسطته فهذا أهم شيء في حياة الإنسان .أن يخلص نيافة الانبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد الثانى والعشرون عام ١٩٨٩
المزيد
12 أبريل 2024

حياة صالحة للذين في الزيجة

البولس في صلاة الإكلیل (أف٥ :22-33) استكمالاً ﻟﺘأملاتنا ﻓﻲ الصلوات القصيرة من القداس الغريغورى نصل إﻟﻰ"حياة صاﻟﺤة للذين فى الزيجة". الصلاح ھي كلمة كبیرة من الكلمات المشھورة في الحیاة الكنسیة، والصلاح ھو ثمرة من ثمار الروح القدس، (غل ٥ : ۲۲ ،23) ثلاثة أمور هامة ﻓﻲ تكوين الأﺳﺮة ۱- الزواج ھو قمة العلاقات الإنسانیة الرسمیة في العالم كله، لذلك فإن الأفراح والأكالیل أمور ھامة جدًا بالنسبة للأفراد، وبالنسبة للدول أیضًا،لأن كل زیجة توثق في عقد ككیان وعلاقة رسمیة داخل البلد. وتنتج عن الزیجة مسئولیات. ۲- الزواج ھو رابطة ثلاثیة من خلال سر كنسي مقدس، یعمل فیه روح لله من أجل وحدة ھذا الكیان الجدید أي الأسرة. یدخل الاثنان إلى الكنیسة وتتم صلوات الإكلیل من خلال كاھن شرعي أمام الھیكل، ثم یخرجان كزوج وزوجة ومعھما المسیح، مكونین ما نسمیه رابطة ثلاثیة Triple Bond ھذا ما قال عنه الكتاب: "الْخَیْطُ الْمَثْلُوثُ لاَ یَنْقَطِعُ سَرِیعًا" (جا ٤ : 12)،ھذه ھي الزیجة المسیحیة، فاحترس لأن حولنا أمورًا لیست في معنى الزواج المسیحي، فلا تقلد ما تراه. ۳- كیان الأسرة ھو أیقونة الكنیسة، كما قال القدیس یوحنا ذھبي الفم وكلمة أیقونة ھنا معناھا الجمال المقدس ومجموع الأسر ھو الجمال المقدس في الكنیسة لذلك فإن كیان الأسرة ھو كیان خطیر لذلك نطلب أن كل أسرة تعیش حیاة صالحة. كيف تعيش الأﺳﺮة حياة صاﻟﺤة؟ الأسرة یكون فیھا المسیح: المسیح الذي أخذناه من أمام الھیكل ودخلنا به إلى البیت، وظیفته في كل أسرة أن یحفظ لھا دوام المحبة. لأن الزوجة/الزوج ھو ھدیة المسیح التي اختارھا للطرف الآخر، وبما أنھا ھدیة من ید المسیح إذن ھي ثمینة جدًا وتوضع على الرأس. وعلى ھذا الأساس یكون المسیح ھو صاحب ھذا البیت، والشاطر ھو من یشعر بوجوده، بوجود علاقات المحبة وكلمات المحبة إذا اھتممتم بالمسیح داخل البیت، بالصلوات الدائمة والإنجیل الدائم، تزداد المحبة بینكما ویصیر البیت أكثر من رائع. لینظر كل طرف إلى الطرف الآخر على أنھ عطیة المسیح وعطیة المسیح لا تتقادم، لذلك یقول "لِكَيْ یُحْضِرَھَا لِنَفْسِه كَنِیسَةً مَجِیدَةً، لَا دَنَسَ فِیھَا وَلَا غَضْنَ أوَ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلكِ، بَلْ تَكُونُ مُقدَّسَةً وَبلِاَ عَیْبٍ" (أف5 :27) وتظل ھكذا. أما إن كان البیت خالیًا من المسیح، یحیا حیاة العالم بكل صورھا،ستكون النتیجة أن المسیح ینزوي ویحزن لا تحزنا مسیحكما وإن حدث أي خلاف -وھو أمر وارد- فلن یحله سوى المسیح، لأن الصلوات والإنجیل یجعلان الطرفین یفھما بعضھما بعضًا جیدًا، أما إھمال وجود المسیح فنتیجته خطیرة. إن المسیح ھو صمام الأمان داخل الأسرة، لذلك نضع صلیب داخل باب المنزل لأنه علامة أمان وأیضًا علامة حضور المسیح، فیكون أول من تودعه وأنت تغادر وأول من تراه عند دخولك. ۲- الأسرة كنیسة: "كنیسة" تعني ھیكلًا ومذبحًا، أي لابد أن یكون القلب مرفوعًا ﻟﻠﮫ على الدوام من خلال الصلوات. یكون البیت ممتلئًا من روح الصلاة التي تلد قدیسین، لأن كل أسرة ھي مصنع للقدیسین. یقول الكتاب عن زكریا وألیصابات والدي یوحنا المعمدان "وَكَانَا كِلاَھُمَا بَارَّیْنِ أَمَامَ للهِ" (لو1 : 6) وكانت النتیجة یوحنا المعمدان السابق والصابغ والشھید أعظم موالید النساء، الذي نحتفل به إلى الیوم والحقیقة إن الحیاة القاسیة التي نعیشھا في الأزمات الحاضرة من الناحیة الاجتماعیة والاقتصادیة ھذه لا یسندھا إلا روح الصلاة إن روح الصلاة تعلمك، وتستر على بیتك، وعلى كل أفراده، وتبارك ما فیه، وتعطي روح الرضى الداخلي مھما كانت الأحوال. ۳- الأسرة كتاب مقدس: كل أسرة تتكون ھي إنجیل مفتوح، مقروء من جمیع الناس، لأن الزوجین یأخذان الوصیة ویعیشا بھا ویلقناھا لأولادھما، فیتربى الأولاد بالنعمة بالمعرفة الكتابیة. یجب أن تكون التعاملات داخل الأسرة بالمبادئ الكتابیة وأحد أھم المبادئ ھو مبدأ الاحترام أرجوكم أن تتجنبوا أي موقف بأي صورة من الصور یكسر أو یجرح ھذا الاحترام،لأن كسر الاحترام للأسف لا ینجبر ولا یُمحى، وھذا یؤثر على سلامة بیوتنا والحیاة الصالحة فیھا. ٤- الأسرة منارة: تتكون داخل الأسرة الجدیدة منارة. والمنارة معناھا الاستقامة، مثلما نقول: "قلبًا نقیًا اخلق فِيّ یا لله، وروحًا مستقیمًا جدّد في أحشائي" (مز ٥۱ : 10) الأسرة التي ترید أن تعیش في الصلاح لا یصح أن تعیش متقلقلة وبعیدة وتائھة، بل لا بد أن تعیش حیاة الاستقامة وفي اللغة العربیة یقولون عن الاستقامة كان حرف الألف حرفًا مثل كل الحروف، ولكنه عندما استقام جعلوه أول الحروف. المنارة تعبیر عن استقامة ھذا البیت. لذلك قال السید المسیح عن عروس النشید (كل أسرة): "كُلُّكِ جَمِیلٌ یَا حَبِیبَتِي لَیْسَ فِیكِ عَیْبَةٌ" (نش ٤ :7) والاستقامة ھي: الصدق والوضوح والطھارة، وھي عدم اللف والدوران،وعدم الكذب، عدم وجود أمر مخفي، عدم وجود سلوك منحرف، عدم وجود علاقات ردیئة. إن وجود مثل ھذه الأمور یكسر البیوت. إننا نقول في الصلوات "بیوت صلاة، بیوت طھارة، بیوت بركة"، فالصلاة والسلوك بطھارة یجلبان البركة وحیاة الصلاح في الأسرة ھي الاستقامة في كل شيء والاستقامة تشمل في داخلھا حیاة الطھارة والنقاوة. ٥- الأسرة أسرار: الكنیسة محل الأسرار السبعة، وكل أسرة ھي موضع للأسرار، أي موضع للخصوصیة. كلمة "سر" تعني نعمة غیر منظورة ننالھا من خلال طقس منظور بفعل الروح القدس ومن الدعوات الشعبیة الجمیلة التي تقال للعروسین ربنا یھدي سركم حیاة الصلاح في البیت المسیحي یقصد بھا الخصوصیة في البیت،أي ألا یتكلم الطرفان عن خصوصیاتھما مع أي إنسان مھما كان إیاك أن تجرح ھذه الخصوصیة لأن ھذا سر علیك أن تحفظه الوحید الذي تستطیع أن تكلمه عن ھذه الخصوصیات ھو الله. أتجاسر وأقول إنه أحیانًا تكون ھناك مشكلة صعبة داخل بیت، وربما لو أشركنا أولادنا فیھا یتعبون، لذلك یجب أن تظل بین الزوجین فقط، یصلیان من أجلھا وأضیف أن أكثر ما یحفظ الخصوصیة ھو حیاة الرضى. یا لسعادة البیت العمران بالرضى الداخلي، فھذا یجعل من یعیش في مكان بسیط أكثر سعادة ممن یعیش في قصر. اﻟﺨلاصة عبارة "طھارة للذین في البتولیة" ھي لكل شاب وشابة إلى أن تأتي مرحلة الزواج، ثم نقول: "حیاة صالحة للذین في الزیجة". والحیاة الصالحة ھي في خمس نقاط:- ۱- المسیح صمام الأمان ومعطي المحبة في الأسرة، ۲- الكنیسة ھي موضع الصلاة لنحب بعضنا أكثر، ۳- البیت كتاب مقدس وحیاة وصیة نعیش فیھا لنفھم ما یریده المسیح منا، ٤- حیاة الصلاح تشبھ المنارة المستقیمة من حیث الحیاة والسلوك والنقاوة، ٥- حیاة الأسرار ھي خصوصیة الحیاة. كان البابا كیرلس دائمًا یقول: "داري على شمعتك تقید". ﻟﻴحفظكم الرب ويبارك أسركم ويعطيكم دائماً الحياة الصالحة. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
22 أبريل 2024

يوم الاثنين من الأسبوع السابع (يوه : ٣١- الخ)

"إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا. الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهَدَ لِلْحَقِّ وَأَنَا لَا أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنسَانِ، وَلكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً. وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا، لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الأَبُ لَأُكَمِّلَهَا، هَذِهِ الْأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الْآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي. وَالآبُ نَفْسَهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلَا أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ، وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ. فَتَشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةٌ. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي. وَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ. مَجْداً مِنَ من النَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ، وَلَكِنِّي قَدْ عَرَفْتُكُمْ أَنْ لَيْسَتْ لَكُمْ مَحَبَّةُ اللَّهِ له في أَنْفُسِكُمْ. أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْم أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. تَقْبَلُو إِنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَقْبَلُونَهُ كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟ لَا تَظُنُّوا أَنِّي أَشْكُوكُمْ إِلَى الأَب. يُوجَدُ الَّذِي يَشْكُوكُمْ وَهُوَ مُوسَى، الَّذِي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتِبَ ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلَامِي؟]. الشهادة للمسيح إنجيل اليوم يحتاج منا إلى شرح. ففي هذا الفصل يقول: «إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً»، في حين أنه في الأصحاح الثامن يقول:«إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق». فهنا تعارض في الظاهر ينبغي علينا أن نحله أولاً.نبدأ أولاً بشهادة المسيح عن نفسه إنها حق. كان هذا رداً على الفريسيين الذين عندما سمعوه يقول: أنا هو نور العالم، قالوا له: «أنت تشهد لنفسك شهادتك ليست حقاً». كان هذا على أساس أنه لا توجد في الناموس شهادة مفردة. فالشهادة لكي تقبل يجب أن تكون على فم شاهدين أو ثلاثة. فهنا المسيح يقول: ولو أنا وحدي ولكني أشهد لنفسي وشهادتي حق. ولكن على أي أساس يقول المسيح هذا الكلام؟! على أساس: «لأني أعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب؛ أما أنتم فلا تعلمون من أين أتيت وإلى أين أذهب». إذن هو الله، إذن هو الحق. وللحق أن يشهد عن نفسه، ولا يحتاج الحق أن يشهد له أحد. تماماً كما لا يحتاج النور أن يشهد لوجوده أحد، فالنور يشهد لنفسه لكل ذي عينين.وفي نفس الأصحاح الثامن يقول: «أنا هو الشاهد لنفسي، ويشهد لي الآب الذي أرسلني»، قالها يسوع لكي يسد ثغرة الناموس، الذي يطالب بشهادتين، فهنا يعطيهم شهادته وشهادة أبيه. أما بالنسبة لنفسه؛ فهو يشهد للحق الذي فيه والحق الذي في الآب، وهو غير محتاج أن يشهد له أحد.أما أصحاح اليوم، فيقول: «إن كنت أشهد لنفسي؛ فشهادتي ليست حقاً هنا المسيح ينطلق من مبدأ آخر غير الناموس، وهو: «مجداً من الناس لست أقبل». فمع أن المسيح يطلب منا أن نجده؛ إلا أنه لا يشهد لنفسه لكي يمجد من الناس. فلو أنه كان يشهد لنفسه بقصد أن يمجد من الناس، تصير شهادته ليست حقاً، لماذا؟ لأنه يطلب مجد نفسه، والذي يطلب مجده لا يمكنه أن يطلب مجد الله طبعاً.المسيح يعتبر أن شهادة المعمدان بل شهادة كل الأنبياء وكل التوراة هي للإعلان عنه أو لاستعلان مجده فقط؛ ولكن دون أن تكون قادرة أن تضيف إليه مجداً، هو في غير حاجة إلى النبوات لتشهد له لأنه هو الحق؛ فالنبوات جاءت لكي يعرفوا إنه هو الحق، وليس لكي تزيد الحق له أو تزيده مجداً. لذلك هو أردف على الفور وقال: «أنا لا أقبل شهادة من إنسان، لكني أقول هذا لتخلصوا أنتم».كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجداً بعضكم من بعض؛ والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه؟ هنا انقلبت العبادة وانقلب الإيمان عند الفريسيين إلى فرصة لتمجيد الذات صارت عبادتهم تبدأ بأنفسهم وتنتهي بأنفسهم. المسيح يقول لهم: أنتم سهيتم عن مجد الله، لم تعودوا تطلبون تمجيد الله، فهنا انتهت عبادتكم.والمسيح يقول لنا: كيف تقدرون أن تؤمنوا بي عندما تصبح عبادتكم تصب في اتجاه ذواتكم، ولطلب مجدكم الشخصي؟ هنا يستحيل الإيمان مهما حاول الإنسان وقدم من جهادات وصلوات، يستحيل أن يسمح له الله أن يمجده مهما حاول الشخص. في الحقيقة إن أكبر لوثة تُلوّث العبادة والإيمان هي أن يطلب الإنسان لنفسه تزكية ومحداً والعجيب هو من أين يطلبه؟ من إنسان مثله !! نقرأ في إنجيل متى عن أولئك الفريسيين الذين كانت أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس، فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم، ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع والتحيات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس سيدي سيدي.ولكن نخشى أن يتبادر للذهن من قول المسيح: «إني لا أقبل شهادة من إنسان» أن المسيح يرفض شهادتنا في الحقيقة نحن الذين نحتاج لهذه الشهادة جدا جدا. نحن الذين نحتاج أن نشهد للمسيح بالقول والفكر والعمل في كل موقف من مواقف الحياة: إن أكلنا يكون لتمجيد الله، إن شربنا، إن نمنا ... كل أعمالنا لابد أن تكون لمجد الله. ولكن، لماذا هذا الاحتياج؟ لأننا نحن عندما نمجد المسيح ونشهد له؛ فإن الحق يصير معنا،ويكون الحق انكشف واستعلن لنا.ولكن هذا ليس كلاماً مرسلاً في الهواء، كأن نفتخر أننا أبناء الشهداء دون وعي أو معرفة. في الحقيقة إنه ما أسهل أن يشهد الإنسان للمسيح وهو لا يدري عن المسيح شيئاً، يتكلم كلمات لا يعرف عمقها ولا أبعادها. والسؤال: هل شهادتنا في هذه اللحظات تقبل؟ أبداً، ستكون شهادة بلا قيمة. ولكن الشهادة للمسيح لابد أن تكون عن وعي؛ وهي تستلزم جلسات طويلة أمام الإنجيل والمسيح طالب مثل هؤلاء الشهود. يقول: «الروح القدس يشهد لي وأنتم أيضاً»، وأيضاً: «اذهبوا واكرزوا للعالم أجمع». هذه هي الشهادة، هذا هو الإنجيل. والإنجيل ماذا يكون من غير شهادة؟! والشهادة تمجيد. ودائماً الشهادة والتمجيد صنوان عزيزان لا يفترقان، ويستحيل أن تفرق الشهادة عن المجد. فكل من يشهد يُمجد،وكل من يمجد الله يبقى شاهداً له. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
23 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (٤) الفداء ... هو الحل الوحيد

تحدثنا في العدد الماضي عن استحالة الغفران أو الافتاء كحل لمشكلة سقوط آدم . فالغفران يظهر محبة الله ، بينما يبقى عدل الله دون تحقيق . كما أن الغفران يسامحنا عن خطايا الماضي دون أن يجدد طبيعتنا من الفساد، إذن فهو لا يكفى كحل نهائي لمشكلة سقوط الإنسان. أما الافناء فيتعارض مع حكمة وقدرة ومحبة الله لأن فناء آدم وحواء قد يحل مشكلة العدل، ولا يحل قضية المحبة الإلهية. كما أن فناء آدم هزيمة يستحيل أن تتفق مع حكمة الله من خلقه ، ومع قدرته على حل المشكلة. فحتى إذا خلق آدم آخر فيسقط، مادام سيخلقه حراً ! إذاً فما الحل ... ؟ الفداء هو الحل الوحيد الممكن لمشكلة سقوط الإنسان ! ففيه سنجد النتائج التالية : ۱ - آدم سوف لا يموت .. وهذا كمال المحبة الإلهية ! ٢- الرب يسوع سيموت نيابة عنا وهذا كمال العدل الإلهى ! ٣- دم المسيح سوف يطهر آدم من كل خطية وهذا هو التجديد المطلوب للطبيعة البشرية الفاسدة ! ولكن من هو الفادى المناسب ، وما هي المواصفات المطلوبة في هذا الفادى ؟ المواصفات المطلوبة في الفادى : هل يصلح أن يكون الفادى إنساناً أو ملاكا ..؟ إنسان ؟!! مستحيل فالإنسان في حاجة إلى فاد ليفديه ولا يوجد إنسان بلا خطيئة ليفدى غيره وإن وجد - جدلاً - فلن يفدى سوى إنساناً واحداً والبشر كثيرون كما أنه سيكون قاد محدود بينما خطيئة آدم غير محدودة ، إذ أنها موجهة إلى الله غير المحدود !! ملاك ؟!! لا يصلح أيضاً ! فهو روح فقط ، الإنسان روح وجسد كما أنه إن تجسد ومات عنا فهو محدود، وخطيئة آدم غير محدودة ! إذن كان لابد للقادي من مواصفات يجب أن يكون : ١ - إنساناً لأنه يمثل الإنسان ٢ - قابلاً للموت لأن أجرة الخطية موت ٣- بلا خطية لأن فاقد الشيء لا يعطيه ٤- غير محدود لأن خطية آدم غير محدودة من هنا كان التجسد ضرورة قصوى ، فحين حل أقنوم الكلمة في أحشاء العذراء ، اتخذ له جسداً ، وحل بيننا وهكذا صار. بناسوته : إنساناً ، قابلاً للموت. بلاهوته : بلا خطية وغير محدود . أى أنه صار الفادي النموذجي الفريد ، القادر على فداء الإنسان وتقديس كيانه وهكذا ارتفع الفادى الحبيب على عود الصليب ليفدينا شكراً لمحبته الفريدة نيافة الانبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد الحادى والعشرون عام ١٩٨٩
المزيد
17 أبريل 2024

متاعب الذكاء

للذكاء فوائد كثيرة في حياة الإنسان وحياة غيره ولكن الذكاء يسبب أيضًا بعض المتاعب، فكيف يحدث ذلك؟ إذا طالب الشخص الذكي والذكي جدًا أن يتعامل معه الناس بنفس مستوى الذكاء، وقد يكونون دون ذلك، حينئذ سيصطدم بهم، يتعبهم ويتعبونه لأنه سيطالبهم حينئذ بأكثر مما يستطيعون سيحزن في قلبه لأنهم تصرفوا بهذا الأسلوب وهذا أول عيب، هو تضايق الذكي من تصرف الناس كيف أنهم لم يفهموا! وكيف تصرفوا هكذا؟! "مع أن الأمر واضح"! (طبعًا له وليس لهم)! وقد يتحول من الحزن والضيق إلى النرفزة والغضب! وربما تسوء المعاملة، وكثرة التوبيخ والانتهار ولذلك قد يتعب كثيرًا من يشتغلون تحت إمرة شخص ذكي! فمع إعجابهم بفهمه وبكثير من أعماله، يجدونه أحيانًا ضيق الخلق، كثير الأوامر، وقد يطلب منهم فوق ما يطيقون! وقد يتضايق بلا سبب (في نظرهم طبعا). الذكي -أكثر من غيره- يقع في إدانة الآخرين وربما دون أن يقصد إن عقله يفكر بسرعة ويكتشف الأخطاء بسرعة وربما تلقائيا وقد يشعر الذكي بالوِحدة ويميل إليها لأنه ربما لا يستفيد كثيرًا من الناس ولأنه لا تعجبه تصرفاتهم ولا يجد من توافقه صداقته! ومثل الفيلسوف ديوجينيس Diogenes of Sinope واضح الذي رأوه يحمل مصباحا في النهار فسألوه، فقال"إنني ابحث عن إنسان"! وهكذا قد يقع الذكي في الكبرياء أيضًا إما بدوام تفوقه، وبحديث الناس عن أعماله البارعة، وبمقارنته بغيره، وشعوره هو بالأفضلية، وتحدث الناس عنها وعمومًا فإن فضيلة التواضع -بالنسبة إلى الأذكياء- قد تحتاج إلى مجهود أكبر وهنا قد يسأل البعض سؤالًا ذكيًا وهو لماذا لا يكتشف الذكي بذكائه هذه الأخطاء ويتجنبها؟ والإجابة أنه قد يكتشف أخطاءه. أما عن تجنبها، فهنا الفارق بين العقلية والنفسية، وبين العقل والروح. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
29 أبريل 2024

باكر يوم الاثنين مر ۱۱ : ۱۲ - ٢٤

"وَفِي الْعْدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، فَنَظَرَ شَجَرَة تِينَ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إلَّا وَرَقا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقتَ التِّين. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «لَا يَأْكُلْ أَحَدٌ منْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». وَكَانَ تَلَامِيدُهُ يَسْمَعُونَ. وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِي بَاعَةِ الْحَمَامِ. وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَارُ الهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ. " وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَلَيْسَ مكتوبًا بَيْتِي بَيْتَ صَلَاةِ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ؟ وَأَنتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَعْارَةٌ لصوص». وَسَمِعَ الكَتَبَة وَرُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ فَطَلَبُوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوهُ، إِذْ بُهْتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ، خَرَجَ إِلَى خارج المَدِينَةِ. وَفِي الصَّبَاحِ إِذْ كَانُوا مُجْتَازِينَ رَأَوْا التِّينَةَ قَدْ يَبِسَتْ مِنَ الأصول، فَتَذكَّرَ بُطْرُسُ وَقالَ لَهُ: «يَا سَيِّدِي ، انظر التينة الَّتِي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ!» فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ : لِيَكُنْ لَكُمْ إِيمَانَ بِاللَّهِ. " لأَنِّي الحقَّ أقولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ قالَ لهذا الجَبَل : انْتَقِلْ وَانْطرح فِي الْبَحْرِ وَلَا يَشُكُ فِي قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ مَا يَقُولُهُ يَكُونُ ، فَمَهْمَا قَالَ يَكُونُ لَهُ لِذَلِكَ أقولُ لَكُمْ: كُلَّ مَا تَطْلَبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ، فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ". شجرة التين غير المثمرة تعاليم المسيح تمتاز بالأثر العميق الذي يبقى في النفس إلى الأبد نظراً لما تشمله من تمثيل واقعي، مُدعماً أمثاله بأعمال قوية واضحة حتى يُثبت في ذهن الإنسان القصد الذي يرمي إليه.نظر يسوع شجرة تين مورقة على الطريق فجاء إليها ينشد ثمراً ولكنه لم يجد، فلعنها فجفت في الحال. كان لابد أن يكون مع الورق ثمر لأنهما يبدآن معاً، بل إن الثمر تظهر براعمه مبكرة عن الورق. فلما وجدها اخضرت وأورقت ولم تحمل ثمراً، حكم عليها بالموت، لأنها لم تعد تصلح لشيء إلا للنار حسب القول: «كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النار.»وفي هذا لم يكن يعطف على الفلاح الذي كان يتعب فيها عبثاً، ولا على تعطيل الأرض التي تحملها.ولم يلعنها لتكون وقوداً لتدفئ الأيدي الباردة، ولكنه قصد ما هو أعظم من هذا،فإنه قصد أن يدفئ بها القلوب الجامدة. من هي الشجرة؟ كانت التينة المورقة العقيمة من الثمر رمزاً للأمة اليهودية التي حفظت الشريعة شجرة خضراء وجميلة؛ ولكن ليس فيها ثمر. دخل المسيح الهيكل فرآه كما رأى التينة، رآه مغارة للصوص، ونظر إلى الكهنة والكتبة والفريسيين فلم يشكرهم ولم يتركهم بل أعطاهم الويل المضاعف لأنه وجدهم مرائين، يأكلون بيوت الأرامل ولعلة عن ظهر قلب وتمت الطقوس بدقة فائقة وتمسكت بالشكليات إلى أبعد حد، كانت يطيلون الصلوات، وشبههم بالقبور المبيضة من الخارج وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة. فلعن هيكلهم كما لعن التينة: هوذا بيتكم يترك لكم خراباً»،حتى أنه لم يبق منه حجر على حجر. وظل الهيكل خراباً حتى اليوم، ومجمعهم وكهنوتهم معطل حتى هذه الساعة. ذبل الهيكل كما ذبلت التينة، حتى جاء معول الرومان واقتلع الهيكل والعبادة اليهودية من أصولها، كما وضعت الفأس على أصل هذه التينة الجافة واقتلعتها يوماً.ماتت الشجرة ومات الهيكل، وظل هذا المثل القوي حيًّا، سيفاً مُسلّطاً على كل أمة لا تعمل البر، وكل فرد يتمسك بالمظهر دون الجوهر ويفتخر بعقيدته دون أن يفتح قلبه لرب العقيدة! حسبناه خروفاً فوجدناه ذئباً : انظر يا أخي، لئلا تكون شجرة تين خضراء، ولك مظهر العمل والخدمة واستطعت بمظهرك أن تجذب إليك الناس من بعيد، فتوهموا أنك الغني ومعلم النور وفاتح كنوز المعرفة والماسك بمفاتيح الملكوت؛ وأنت الفقير العريان الجالس في الظلمة ولم يُشرق النور على قلبك بعد المعرفة على لسانك وليست في قلبك. وقفت على الباب فما دخلت أنت ولا جعلت الداخلين يدخلون. إن كنت أنت هو، فاشفق على نفسك وعلى الناس، لأن الفأس قد وضعت على أصل الشجرة.وكيف سيقول الناس عنك حينذاك؟ سيقولون: حسبناه خروفاً فوجدناه ذئباً حسبناه أصلاً فوجدناه فرعاً انظر يا أخي، لئلا تكون شجرة خضراء أخرجت أوراقها قبل أن يتم نموها وتصلح لحمل الثمار، فاغترت بأوراقها وليس لها ثمر . لك غيرة على الحق ولكن ليس حسب المعرفة. لك نشاط وجهاد ولكن ليس كمن يرضي الله، بل لكي يرضي نفسه والناس! لا زلت تستقي اللبن في معرفة الله وتدعي أمام الناس بمنظرك وكلامك وتقواك المصطنعة أنك بالغ القامة في المسيح، وقبل أن تشتعل تريد أن تضيء! إن كنت أنت هو، فاحذر لأن البستاني لن يشفق على جمالك وأوراقك وبمنشاره الحاد سيقطع فروعك الكاذبة ويُعرِّيك من أوراقك الكثيرة، وحينئذ تظهر بين الأشجار صغيراً على حقيقتك. ولكن كيف سيقول الناس عنك حينذاك؟ سيقولون:حسبناه أصلاً فوجدناه فرعاً. له صورة التقوى ولكنه أنكر قوتها : انظر يا أخي، لئلا تكون شجرة خضراء نمت في تربة قليلة العمق، فاخضرت وأورقت، وإذ ليس لها عمق طلعت الشمس فضربتها والجفاف مصيرها. عمق يسا أخي في الأساس لئلا يكون تعبك باطلاً وجهادك كله للحريق. أرسل جذورك قبل أن تخرج أوراقك. انعكف على نفسك أولاً وتطهر من أدناسك وخطاياك وغشك وريائك، تأصل أولاً في معرفة الله، وحينئذ تقوى على شمس التجارب. واعلم أن إبليس أسد زائر، ولن يقف أمامه ضعاف النفوس الغاشون لأنفسهم ولكلمة الحق، غير المتأصلين في معرفة الله، إذ يضربهم ضربة لا يكون لها شفاء، فتكون الظلمة أحب إليهم من النور، والدنس أسهل عليهم من شرب الماء، والغش والمكر والخداع دروعهم التي يتحصنون بها .فتش ودقق ربما أنت واحد منهم، ولكن كيف يقول الناس عنك حينذاك؟ يقولون: كانت له صورة التقوى، ولكنه أنكر قوتها.يا أسفي على هذه الأشجار التي اخضرت للحريق وولدت للعنة. يا ليتها ما أخرجت ورقاً لأنها اكتفت بالأوراق دون الثمر وخدعت الناس للمجيء إليها فأتعبتهم بلا طائل صاروا لعنة لأنفسهم وضلالة للناس. الرب قادم إليك : وأنت أيها الشجرة الخضراء المورقة، اعلم أن المسيح قادم إليك مع شهود ليرى فيك ثمراً! هل وراء أقوالك وأعمالك ثمار الروح إيمان وحب وحق وفرح وسلام فيه ؟ مع تواضع وإنكار للذات وحرارة في الصلاة! الرب قادم إليك لأنه جوعان جوعان إلى ثمارك. أما أوراقك فإنها مُرَّة لا تؤكل ولن ينتفع أحد بها. إنه جوعان لحبك جوعان لطهرك وعفافك وقداستك، جوعان لثقتك فيه، جوعان لصومك وصلاتك. ثمن الدم والجسد : إنه طعمك بدمه، فكيف لم تخرج رائحته منك؟ إنه أطعمك جسده، فكيف لم تشمر بعد؟ إنه سقاك بعرقه المتصبب من جبينه، وسيج حولك بإكليل الشوك ليحميك من أعدائك، فما هو عذرك ؟ الفرصة أمامك اكتشف نفسك بنفسك ولا تخدع ذاتك أو تحاول أن تخدع الله ! أنت نجحت فقط في كيف تخدع الناس، أما عين الله فلن تخدع قط، وهو قادم ليطلب الثمر، ثمن الجسد والدم! حدد موقفك وإلا فلا تلمه إن هو لعن التينة! لم يلعن المسيح شيئاً قط. لم يشأ أن تنزل نار من السماء وتأكل المضادين، كما أشار عليه أحد تلاميذه. ولم يلعن ضاربيه أو صالبيه، بل كان مبدأه دائماً : فتيلة مدخنة لا تطفأ ، وقصبة مرضوضة لا تقصف، ولكنه لم يحتمل التينة الكاذبة غير المثمرة. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل