المقالات
25 يوليو 2018
مجالات الخدمة
إننا لو أحببنا النفوس المحتاجة فى كل مكان ، ما تنافسنا مطلقاً على خدمة . فالميادين واسعة . والخدمة بذل وليست تنافساً الذى يتنافس فى الخدمة ، إنما تهمه ذاته وليس الخدمة . فإن كانت الخدمة تشغل كل قلبه ، فإنه يعمل على نجاحها بأية الطرق ، وعلى يد أى شخص غيره . فالمهم هو نجاح الخدمة والذى يحب الخدمة ، لايشكو إن ثقلت أعباؤها عليه بل هو على العكس يفرح بنمو الخدمة ، ويجد لذة فى أن يحمل أثقال الناس ، كما حمل المسيح أثقال العالم كله . ولذلك فإن هذا الخادم لايرفض أية خدمة تعرض عليه ، ولا يفضل خدمة على أخرى ، فيقبل هذه ويرفض تلك لأن هنا يبدو المزاج الخاص ، وليس الإهتمام بإحتياج الآخرين إن الخدمة تتسع للجميع . كل من يريد ، يجد مجالأ ما أجمل أن نجد مجالاً فى الخدمة للأشخاص الفاضلين الذين " يحالون إلى المعاش " مستفيدين من وقت الفراغ الذى لهم ، ومن وقار السن ، ومن خبرة الحياة ، ومن مواهبهم ومقدراتهم المتعددة . كما أن الخدمة تعطيهم حيوية و نشاطاً ، و تشعرهم بأن رسالتهم في الحياة لم تنته ، و أن الكنيسة و المجتمع لا يستغنيان عنهم . فالخدمة تستفيد منهم ، و هم أيضاً يستفيدون منها كذلك توجد مجالات واسعة لخدمة النساء في الكنيسة سواء في مدارس الأحد ، أو الخدمة الإجتماعية ، أو الإشراف علي نظافة الكنيسة ، و علي تنظيم النساء فيها و المرأة يمكن أن تكرس للخدمة ، و تعمل عمل الشمامسة . و في هذا المجال يمكن أن تشرف علي خدمات معينة ، مثل دور الحضانة ،و خدمة المشاغل ، و ترتيب النساء في التناول ، و أثناء المعمودية . كما تخدم في إفتقاد العائلات ، و في زيارة المرضي ، و في مجال العزاء ، و في الإشراف علي بيوت الطالبات ، و علي بيوت المغتربات حقاً كما قال الرب : في بيت أبي منازل كثيرة ليس فقط في البدية ، و إنما علي الأرض أيضاً ، يوجد منازل و منزلة لكل أحد في بيت الله
مميزات الخدمة الروحية :-
1-حرارة الخدمة و إلتهابها :-
إنها الخدمة الباذلة التي لا تقف عند حد مثلها قول الرسول " إذ الضرورة موضوعة علي ، فويل لي إن كنت لا أبشر أستعبدت نفسي للجميع ، لأربح الكثيرين صرت للضعفاء كضعيف ، لأربح الضعفاء . صرت للكل كل شئ ، لأخلص علي كل حال قوماً (1كو 9 : 16 – 22 ) . 2- الإفتقاد في الخدمة :-
اَباؤنا الرسل لم يؤسسوا خدمات و يتركوها بلا متابعة . بل علي العكس ، كانوا يتابعون خدمتهم و يفتقدونها بشتى الوسائل : بالرسائل ، بتلاميذ من قبلهم ، كما كان بولس يوسل تيطس أو تيموثاوس ، و كثيراً ما كانوا يفتقدونهم بزيارات خاصة ، كما قال القديس بولس عبارته المملوءة محبة " لنرجع و نفتقد أخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم " ( أع 15 : 36 ) .
3- خدمة مملوءة بالروح القدس :-
و ما أجمل قول الكتاب في ذلك " و بقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع . و نعمة عظيمة كانت علي جميعهم " ( أع 4 : 33 ) . من طبيعة الخدمة الروحية أنها قوية ، لأنها بالروح و لأن كلمة الرب " حية و فعالة ، و أمضي من كل سيف ذي حدين " ( عب 4 : 12 ) . و لذلك فإنها " لا تلاجع فارغة ، بل تعمل كل ما يسر الرب به ، و تنجح فيما يرسلها له (أش55 : 11 ) .
4- خدمة مملوءة حباً :-
السيد المسيح " أحب خاصته حتي المنتهي " ( يو 13 ك 1 ) . و بنفس الحب خدمة الرسل . فلم تكن مجرد خدمة رسمية
مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحى
المزيد
24 يوليو 2018
الخادم والمخدوم
بعض الخدام يقتطعون لأنفسهم الصلاحيات والسلطات, على حساب المخدومين المساكين بالطبع.. ويصبح لهم بسبب المخدومين مكانة ومكان.. ومع الوقت تصير مسئولية الخدمة هى أهم المسئوليات قاطبة فى حياتهم, ولكن ليس على أساس البذل والتفاني وإنما على أساس البحث عن الذات وارضاؤها.. أولئك الخدام ينسون أن المخدومين هم الذين أعطوهم هذه الكرامة .. وأنه بدونهم لن يحصلوا عليها, ومع ذلك قد يسيئون معاملة المخدومين ويتحكمون فيهم تحت ستار محبتهم لهم والخوف عليهم، كما يستخدمون - بشكل فيه مغالطة – الآية: "أمينة هى جروح المحب وغاشة هى قبلات العدو", ودليل عدم الصدق مع النفس فى هذا الاستخدام: أنهم هم أنفسهم لا يتقبلون ذلك من المسئولين عنهم من أمناء الخدمة أو الكهنة..
المخدوم يأتى ترتيبه فى الأهمية "الأول" فلأجله ُاقيم الأساقفة والكهنة وتعين الخدام والخادمات.. وكل هذه المنظومة تعمل معأ لأجل المخدوم, الكل فى خدمته. ومن الطبيعى أن يخطيء المخدوم فى حين أنه من الضرورى أن يحتمله الخادم ويستوعبه ويشفق عليه, لا أن يعاقبه ثأرًَا للنفس ولكرامته الشخصية..
هذا النوع من الخدام إذا أُعفى من الخدمة – ولو لبعض الوقت – ريثما يختلى بنفسه ويراجعها– قد يعتبر ذلك نوعاً من العقاب فتصغر نفسه ويحزن لأنه قد قطعت عنه مصادر الكرامة.. فالكرامة التى تأتيه من العمل أو الاصدقاء لا تساوى شيئاً أمام تلك التى اقتنصها لنفسه من تواجده فى الكنيسة..
يحتاج الخادم بين الحين والحين إلى مراجعة نفسه ليعرف ما إذا كان باذلاً منسحقاً فى الخدمة, يطلب مجد الله لا مجد نفسه.. فقد تقدم للخدمة وهو مستعد ليضع ذاته تحت اقدام الكل..
نيافة الحبر الجليل الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص
المزيد
23 يوليو 2018
المسيحي والعالم
أحبائى الشباب ...
فى كل مرة نحضر القداس الإلهى، نسمع فى نهاية الكاثوليكون، عبارة:"لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم" (ايو15:2). بينما يقرأ فى إنجيل معلمنا يوحنا: "هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد.." فهل من تناقض؟!بالطبع ليس هناك تناقض لسبب بسيط، أن كلمة "العالم" فى الآية الأولى تعنى "الأشياء"... كما هو واضح فى بقية الآية، أما كلمة "العالم" فى الآية الثانية فتعنى "الأشخاص" كما يتضح أيضاً فى بقية الكلام: "لكى لا يهلك كل من يؤمن به" (يو 16:3)، إذن، فالرب يدعونا إلى أن نفطم عن "شهوات سائر الأشياء".. وعن "غرور الغنى".. فهذه الأمور تأخذ من رصيد محبتنا للرب، حينما تتحول إلى محبة منافسة لمحبتنا للسيد المسيح، فتفقدنا تكريس قلوبنا لله ولقد كان الرب يسوع واضحاً جداً حينما تحدث عن المال، فهو لم يدعنا إلى عدم استخدام المال أو التعامل معه، بل إلى عدم "محبة" المال، عدم "خدمة" المال "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين، لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر، لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (مت 24:6) من هنا كانت المشكلة فى "خدمة المال"، "ومحبة المال"، وليس فى استخدام المال وقد استعمل الرسول بولس تعبيراً مشابهاً حينما حذرنا من شهوة أن نكون أغنياء، فقال لنا: "إن كان لنا قوت وكسوة، فلنكتف بهما، وأما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء، فيسقطون فى تجربة وفخ، وشهوات كثيرة غبية ومضرة، تغرق الناس فى العطب والهلاك. لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذى إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تى 11:6) لذلك فهو يدعونا قائلاً: "أما أنت يا إنسان الله، فأهرب من هذا" (1تى 11:6).
نفس الأمر يؤكده لنا معلمنا يوحنا حينما يقول: "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب، لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم، والعالم يمضى وشهوته، وأما الذى يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" (1يو15:2-17)، إذن، فعلينا أن نحب كل من فى العالم، ولا نحب كل ما فى العالم!.
العالم.. كشهوات :
حدد القديس يوحنا الحبيب شهوات العالم، فى ثلاثة أنواع، حتى نتحفظ منها:
1- شهوة الجسد :
أى النزول إلى مستوى الحسيات، لتسيطر على الإنسان وهنا ينبغى أن نفرق بين كلمات ثلاث:
ايروس.. شهوة الحس والجسد.
فيلو.. المحبة الإنسانية العائلية والصداقة.
أغابى.. المحبة الروحانية المتسامية.
والرب يريد منا أن تتنقى من "الأيروس"، أى شهوات الجسد، وأنواع الانحرافات المختلفة.
كذلك لا يرضى لنا بمستوى "الفيلو" أن العلاقات الإنسانية، التى يمكن أن تقوم بين البشر على أساس الاجتماعيات، أو العواطف البشرية أو علاقات الدم.. إنه يريد منا أن نرتفع إلى مستوى "الأغابى" المحبة الروحانية، التى تتسم بالقداسة، والثبات، والعطاء.. هذه السمات الثلاثة لا يمكن أن تتوافر إلا حينما يقدس الرب مشاعرنا وعواطفنا، فتصير نقية وطاهرة، ولأنها من الله فهى ثابتة بثبات الله، لا تتغير حسب الظروف، أو المعاملات، وكذلك فهى سخية فى العطاء، لا تنتظر العوض والمقابل، فهى تنسكب بسخاء صادرة من الله نفسه، وهى كالمحبة الإلهية لا تنتظر المكأفاة...
2- شهوة العيون :
والمقصود بها حب الإمتلاك، يرى الإنسان شيئاً فلا يستطيع أن يقاوم الرغبة فى امتلاكه!! وهذا ما نراه حولنا فى كل يوم.. ما نسميه بالشهوة الإستهلاكية، فالتليفزيون يعرض أمامنا كل يوم أنواعاً من المقتنيات والمأكولات.. فنسير وراء هذه الشهوة، ونصرف الكثير من النقود، ونسبب الكثير من المشاكل العائلية.
أما النفس الشبعانة فهى "تدوس العسل"، أى إنها لا تسقط تحت إغراء الإعلان، ولا تحت إيماءات غريزة حب التملك.. فهى تمتلك اللانهاية، الخلود، الأبدية.. وتهتف مع العروس: "أنا لحبيبى وحبيبى لى" ولهذا فهى لا تشعر بالجوع، بل تقول مع المرنم: "الرب راعىّ، فلا يعوزنى شئ"!!
3- تعظم المعيشة:
هذا ما يصبو إليه الكثير من الشباب، كيف يقود حياة فيها بذخ وترف ولهو وملذات.. وينسى إن هذا التعظيم والتنعم ليس هو سر الفرح والسعادة، بل بالعكس يقول الكتاب: "المتنعمة ماتت وهى حية" ذلك لأنها فقدت شبع الروح، وعظمة المركز الإلهى، فالمولود من الله يرى فى نفسه كرامة وعزة ورفعة، يستحيل أن يحس بها الإنسان الغريب عن الله!!وهنا أتذكر كلمات الشيخ الروحانى: "يا ابن الملك، لماذا تبحث عن كسرة خبز؟!".إن أولاد الله يشعرون بكرامة فائقة، ويحسون أنهم أبناء ملك الملوك، وليس فى كل العالم من مركز أعلى من هذا المركز!!.
ولكن.. كيف ؟
إن محبتنا للعالم كأشياء وشهوات، لا يمكن أن تنتهى إلا بالبديل!! والبديل هو الرب يسوع!!.
"حاشا لى أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح، الذى به صلب العالم لى، وأنا للعالم".
هنا الدواء :
أن نتحد بصليب الرب!!
فالصليب هو الحب!! وهو العطاء!!
وهو دواء الشهوة النجسة!!
وهو الاتحاد بالله!!
وهو التطلع إلى أورشليم السماوية!!
وكل من اقتنى المسيح، اقتنى الخلود.. من هنا يسهل عليه أن يتخلى عن العالم المادى المحدود الخاطئ الزائل، لكى يشترى الملكوت الروحى واللانهائى والمقدس والخالد إلى الأبد!!
نعم .. إنها صفقة!!
الصلب المتبادل :
إن الاتحاد بصليب الرب يحدث لنا نوعاً من الصلب المتبادل: "صلب العالم لى، وأنا للعالم".. أى أن الإنسان المسيحى يصير العالم بالنسبة إليه شيئاً مصلوباً، ميتاً، تفوح منه رائحة النتانة، فلا يجد فيه شيئاً يشتهى!!
وفى المقابل، يصير المسيحى نفسه مصلوباً بالنسبة إلى العالم، أى أن أهل العالم لا يستطيعون تحريك شهواته.وطوبى لمن يردد مع المرنم: "من لى فى السماء.. ومعك لست أريد شيئاً على الأرض".
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
22 يوليو 2018
يَسُوع المُعَلِّمْ جزء 3
يَحْتَرِم شَخْصِيِة المُتَحَدِّث :-
نَرَى حِوَار رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح مَعَ المَرْأة السَّامِرِيَّة رَغْم أنَّهُ كَانَ يَعْلَم كُل أفْكَارْهَا إِلاَّ أنَّهُ تَكَلَّمْ مَعَهَا بِإِحْتِرَام شَدِيد عَلَى إِنَّهَا إِمْرَأة نَقِيَّة وَقَدْ إِحْتَمَلَ مِنْهَا أُسْلُوب جَاف فِي التَّعَامُل لكِنَّهُ تَدَرَّج بِهَا فِي الحَدِيث كَانَ لَدَيْهِ أُسْلُوب جَيِّد لِلتَدَرُّج بِالحَدِيث وَكَانَ بِذلِك يَحْتَرِم شَخْصِيِة سَامِعُه مَعَ الشَّاب الغَنِي قَالَ الكِتَاب ﴿ فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأحَبَّهُ ﴾ ( مر 10 : 21 ) هُنَا رَبِّنَا يَسُوع يُعَلِّمْنَا كَيْفَ نُقِيم حِوَار لِكَيْ تَبْدأ حِوَار مَعَ أحَد لاَبُدْ أنْ تُحِبُّه لأِنَّ الحُبْ يُحَس دَرَجِة إِقْنَاعَك لِسَامِعَك يَتَوَقَفْ عَلَى دَرَجِة مَحَبِّتَك لَهُ لِذلِك إِنْ أحْبَبْت أوْلاَدَك سَيَصِل حَدِيثَك لَهُمْ بِسُهُولَة وَيَكُون أكْثَر تَأثِير عَلَيْهِمْ وَأكْثَر فَاعِلِيَّة أي تَعْلِيم يَسْتَمِد قُوَّتَهُ مِنْ قَائِلُه قَدْ يَقُول إِنْسَان كَلاَم عَمِيق لكِنْ هذَا الشَخْص سِيرْتُه رَدِيئَة فَلاَ يَسْتَطِيع السَّامِع أنْ يَقْتَنِع بِكَلاَمُه بَيْنَمَا لَوْ إِنْسَان بَسِيط يَقُول كَلِمَات بَسِيطَة لكِنْ سِيرْتُه صَالِحَة يَقْتَنِع السَّامِع بِكَلاَمُه هُنَاك بَعْض العِظَات القَلِيلَة المُسَجَلَة لِلمُتَنَيِح أبُونَا مِيخَائِيل إِبْرَاهِيم بِهَا كَلِمَاتُه البَسِيطَة لكِنَّك تَقْتَنِع جِدَّاً بِكَلاَمُه لأِنَّ قَائِلْهَا مَحْبُوب لِذلِك تَقْوَاك وَمَحَبِّتَك لِلسَّامِع تَجْعَلَهُ يَقِيس قُوِّة كَلاَمَك لِذلِك رَبِّنَا يَسُوع كَانَ أُسْلُوبُه مُقْنِع وَيَحْتَرِم عَقْلِيِة سَامِعُه وَيَتَدَرَّج فِي الكَلاَم حَتَّى يَصِل إِلَى مَا يُرِيدْ مَعَ قَائِد المِئَة مَعَ نِيقُوديمُوس حَتَّى مَعَ يَهُوذَا مُسَلِّمَهُ كَانَ أُسْلُوبُه رَقِيق ﴿ أبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ ﴾ ( لو 22 : 48 ) كَلِمَات رَقِيقَة جِدَّاً عَلَى هذَا المَوْقِف الصَعْب جَيِّد فِي رَبِّنَا يَسُوع أنَّ أُسْلُوبُه لَمْ يَكُنْ خَبَرِي بَلْ أُسْلُوب أسْئِلَة بِإِقْنَاع وَبِهِ يِوَصَّل المَعْلُومَة بَلْ وَيَجْعَل سَامِعَهُ هُوَ الَّذِي يَقُول مَا يُرِيدْ أنْ يُقَدِّمَهُ مِنْ تَعْلِيم مُنْذُ أنْ سَمِعْنَاه وَهُوَ فِي عُمْر الإِثْنَى عَشَر سَنَة فِي الهِيكَل يُحَاوِر رُؤسَاء الكَهَنَة كَانَ كَلاَمُه بِأُسْلُوب الأسْئِلَة وَيَأخُذ مِنْهُمْ الإِجَابَة مَعَ الشَّاب الغَنِي الَّذِي يَسْألُه أيُّهَا المُعَلِّمْ الصَّالِح فَيُجِيبُه يَسُوع ﴿ لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً ﴾( مت 19 : 17) ؟ قَدْ تَقُول أنَّهُ سُؤال لَيْسَ لَهُ إِجَابَة عِنْدَ الشَّاب لكِنُّه بَدَلاً مِنْ أنْ يَقُول لِلنَّاس إِنِّي صَالِح جَعَلَ الشَّاب يَقُولَهَا وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُ أنْتَ قُلْت أُسْلُوب الأسْئِلَة يُخْرِج المَعْلُومَة مِنْ السَّامِع بِأُسْلُوب بَسِيط وَأجْمَل يَسْأل تَلاَمِيذُه ﴿ مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أنَا ﴾ ( مت 16 : 13) ؟ قَالُوا إِيلِيَّا أرْمِيَا أحَدٌ الأنْبِيَاءثُمَّ يَسْألَهُمْ مَرَّة أُخْرَى ﴿ وَأنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أنَا ﴾ ( مت 16 : 15) ؟ يُجِيبَهُ بُطْرُس ﴿ أنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ ﴾ ( مت 16 : 16) بَدَلاً مِنْ أنْ يَقُول لِتَلاَمِيذُه أنَا يَسُوع إِبْن الله الحَي أخْرَج الإِجَابَة مِنْ فَمْ بُطْرُس فَكَانَت أجْمَل لِذلِك إِسْتَخْدِم السُؤال فِي تَعْلِيمَك وَقَدِّم بِهِ الحَقِيقَة إِسْأل هَلْ يُمْكِنْ أنْ نَحْيَا مَعَ الله وَسَطْ هذَا العَالَمْ سِوَاء فِي الدِّرَاسَة أوْ العَمَل ؟ هذَا سُؤال كُل مَخْدُوم لكِنْ إِسْألُه إِنْتَ كَيْ تُخْرِج مِنْهُ المَعْلُومَة هَلْ هُنَاك نَمَاذِج تَشْهَد لله وَسَطْ الشَّر ؟ يُجِيب نَعَمْ إِسْألُه هَلْ تَعْرِف أحَدٌ ؟ قَدْ يَقُول لَك مَارِجِرْجِس قُلْ لَهُ لاَ أُرِيدْ نَمُوذَج وَسَطْنَا الأنْ يُجِيبَك نَعَمْ وَلكِنَّهُمْ قَلِيلُون إِذاً أخَذْنَا المَوْضُوع مِنْ فَمْ المَخْدُوم يُقَال أنَّ طُرُق التَدْرِيس ثَمَانِي طُرُق لكِنْ يَلِيق بِالتَّعْلِيمْ الكَنَسِي خَمْسَة طُرُق فَقَطْ مِنْهَا نَحْنُ نَسْتَخْدِم طَرِيقَة وَاحِدَة فَقَطْ وَهيَ المُحَاضَرَة لكِنْ هُنَاك طُرُق أُخْرَى مِثْل النَدْوَة الأُسْلُوب القَصَصِي عَرْض قَضِيَّة أسْئِلَة إِنْ كَانَ رَبِّنَا يَسُوع لَهُ المَجْد مُتَطَوِر إِلَى هذَا الحَد يَسْتَخْدِم الأُسْلُوب القَصَصِي وَالتَّشْبِيه وَالمَثَل وَالمُحَاضَرَة وَ إِسْتَخْدِم أُسْلُوب المُحَاضَرَة ثَلاَثَة مَرَّات فِي العِظَة عَلَى الجَبَل وَحَدِيث البَارَاقْلِيط فِي إِنْجِيل يُوحَنَّا وَوَيْلاَت الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّين فِي إِنْجِيل مَتَّى 23 أيْضاً إِسْتَخْدِم الحِوَار وَأُسْلُوب Case stare مِثْل حَالِة المَرْأة المُمْسَكَة فِي ذَات الفِعْل وَهيَ حَالَة يَأخُذ عَنْهَا آرَاء المُحِيطِين وَيُصَحِّح الأرَاء آثَارَ قَضَايَا مِثْل قَضِيِة الجِزْيَة هَلْ تُدْفَع أم لاَ ؟ .. إِسْتَخْدِم أُسْلُوب السُؤال كُلَّمَا تَدَخَلْت وَتَأمَلْت فِي أُسْلُوب رَبِّنَا يَسُوع فِي تَعَالِيمُه تَجِد أنَّ مَنْهَجِيِة التَّعْلِيمْ قَدْ أُخِذَت مِنْهُ وَالكَلاَم يَخْتَلِف حَسَبْ السَّامِع وَحَسَبْ المَوْضُوع وَالظُّرُوف وَالمَكَان حَتَّى أنَّ عَنَاصِر التَّعْلِيمْ الرَّئِيسِيَّة الأنْ هِيَ مُدَرِّس وَطَالِب وَزَمَان وَمَكَان وَمَنْهَج هذِهِ العَنَاصِر الرَّئِيسِيَّة تَجِدْهَا مُطَابِقَة لِمَنْهَج تَعَالِيم رَبِّنَا يَسُوع فَهُوَ كَانَ المُدَرِّس وَعَرَفَ مَتَى يُكَلِّمْ هذَا وَمَاذَا يَقُول لَهُ وَيَشْعُر بِإِسْتِجَابِة الشَخْص وَضَعْ مَنْهَج لِكُل فِئَة لِذلِك لَمْ يُعْطِي الوَيْلاَت قَبْل التَطْوِيبَات بَلْ أعْطَى التَطْوِيبَات أوَّلاً وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوهَا أعْطَى الوَيْلاَت – مَنْهَج – لِذلِك لاَبُدْ أنْ تَضَعْ مَنْهَج وَتَعْرِف أُسْلُوبُه المُنَاسِب وَتُثِير قَضَايَا فِي تَعْلِيمَك يَذْهَب إِلَيْهِ يَعْقُوب وَيُوحَنَّا وَيَقُولاَن لَهُ إِحْضِر نَار وَاهْلِك المَدِينَة يَقُول لَهُمَا مَاذَا تُرِيدَان ؟ تَجِد أنَّ إِجَابْتَك أضْعَف مِنْ السُؤال هذَا أُسْلُوب أفْضَل مِنْ الأُسْلُوب الخَبَرِي إِسْأل مَاذَا يُرِيدْ المَخْدُوم ؟مَاذَا يَفْعَل إِنْ وُضِعَ فِي مَوْقِف مُعَيَّن ؟ هَلْ سَيُكَرِّر مَا فَعَلَ سَابِقاً ؟ أُسْلُوب السُؤال يَخْتَصِر حَدِيث طَوِيل وَيُقَرِّب الحَقِيقَة سَألُوه كَيْفَ تَشْفِي يُوْم السَبْت ؟ فَيَسْألْهُمْ هُوَ ﴿ هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ ﴾ ( مر 3 : 4 ) ؟ إِنْ وَقَعَ ثُورَك أوْ حِمَارَك يُوْم السَبْت مَاذَا تَفْعَل ؟ لَمْ يَسْتَطِيعُوا أنْ يُجِيبُوه فَكَيْفَ يَقُولُون لاَ يَحِل فِعْل الخِير يُوْم السَبْت أوْ كَيْفَ يَقُولُون أنَّهُمْ سَيَتْرُكُون الثَّوْر أوْ الحِمَار وَاقِع يُوْم السَبْت ؟لِذلِك قَالَ لَهُمْ وَهذِهِ إِبْنَة إِبْرَاهِيم لاَبُدْ أنْ تُحَل ( لو 13 : 16) جَعَلَهُمْ يُجِيبُون عَلَى أنْفُسَهُمْ وَعَرَفُوا قَصْدُه كَثِيراً مَا أخَذَ رَبِّنَا يَسُوع مِنْهُمْ الحَقِيقَة بِأُسْلُوب السُؤال يَسْألُه الشَّاب ﴿ مَاذَا أعْمَلُ لأِرِثَ الْحَيَاةَ الأبَدِيَّةَ ﴾ ( لو 10 : 25 ) ؟ يُجِيب الشَّاب مَاذَا تَقُول الوَصَايَا ؟ يُجِيبُه الشَّاب الوَصِيَّة تَقُول حِبْ الرَّب إِلهَك مِنْ كُل قَلْبَك وَفِكْرَك وَقُدْرِتَك حِبْ قَرِيبَك كَنَفْسَك يَقُول لَهُ رَبِّنَا يَسُوع إِفْعَلْهَا ثُمَّ يَسْألُه ﴿ مَنْ هُوَ قَرِيبِي ﴾ ( لو 10 : 29 ) ؟ ثُمَّ يَقُص عَلَيْهِ قِصَّة السَّامِرِي الصَّالِح ثُمَّ يَسْألُه أيُّهُمَا قَرِيبُه ؟ ظَلَّ يَسْألُه لِيُخْرِج مِنْهُ الإِجَابَة وَلكِنْ لأِنَّهُ يَهُودِي لَمْ يَسْتَطِع أنْ يَقُول أنَّهُ السَّامِرِي فَقَالَ الَّذِي فَعَلَ مَعَهُ الخَيْر ( لو 10 : 37 )أُسْلُوب رَبِّنَا يَسُوع بِهِ إِبْدَاع وَتَجْدِيد يِغَيَّر المَكَان وَالحِوَار وَيَسْتَخْدِم أسَالِيب تَمِس الحَدِيث وَالحَدَث يَسْألُوه مَنْ أنْتَ ؟ ( يو 1 : 22 ) يُجِيبَهُمْ بِسُؤال آخَر ﴿ مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا مِنَ السَّمَاءِ كَانَتْ أمْ مِنَ النَّاسِ ﴾ ( لو 20 : 4 ) ؟ يِسْأل سُؤال يُثِير بِهِ قَضِيَّة لِيُشْعِر السَّامِع أنَّهُ لاَبُدْ أنْ يِرَاجِع تَقْيِيمُه لِذلِك يَجْلِب حَقِيقَة وَيَجْعَلَك تَسْتَنْبِطْهَا ألَيْسَت الحَيَاة أفْضَل مِنْ الطَّعَام ؟ ( مت 6 : 25 ) أي إِنْ كَانَ الله قَدْ أعْطَاك الحَيَاة ألاَ يُعْطِيك الطَّعَام مِثْل طُيُور السَّمَاء الَّتِي لاَ تَزْرَع وَلاَ تَحْصِد ؟!! فِي حَدِيثُه مَعَ نِيقُودِيمُوس يَسْألُه نِيقُودِيمُوس سُؤال فَيُجِيبُه رَبِّنَا يَسُوع بِسُؤال بَعِيد جِدَّاً عَنْ المَوْضُوع يَقُول لَهُ حَدِيث رُوحِي بَدَلاً مِنْ حَدِيث ذِهْنِي يُهَيِئ المُسْتَمِع لكِنْ هُنَاك أحَادِيث قَالَهَا لَنَا حَتَّى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ قَالَهَا لِمُحَدِّثُه فِي ذلِك الوَقْت لأِنَّ الكِنِيسَة كَانَتْ فِي فِكْرُه وَهُوَ يُعَلِّم مِثْل تَعْلِيمُه عَنْ المَعْمُودِيَّة قَالَهُ لِنِيقُودِيمُوس وَلأِنَّهُ أمر فَائِق العُقُول فَهُنَاك كَثِيرُونَ لاَ يَسْتَوْعِبُوه لِذلِك جَاءَ بِالحَدِيث مَعَ شَخْص لاَ يَسْتَوْعِبُه حَتَّى عِنْدَمَا عَاتَبْ بُطْرُس عَاتَبَهُ بِسُؤال أقْوَى مِنْ كُل عِتَاب وَأرَادَ أنْ يُخْرِج طَاقِة الحُبْ الَّتِي دَاخِل بُطْرُس بِهذَا العِتَاب حَاوِل أنْ تُخْرِج أسْئِلِة يَسُوع كُلَّهَا أمر شَيِّق جِدَّاً لأِنَّ تَسَاؤل يَسُوع يَصِل بِكَ لِمَعْرِفَة قَوِيَّة جِدَّاً سُؤال رَبِّنَا يَسُوع لأِدَم ﴿ آدَم أيْنَ أنْتَ ﴾ ( تك 3 : 9 ) ؟ يَسْألُه كَثِيراً لِلكُل إِنْ أجَبْت السُؤال سَتَقْتَرِب لَهُ كَثِيراً هَلْ أنَا مَوْجُود أم مُخْتَبِئ ؟ عِنْدَمَا يُحِب رَبِّنَا يَسُوع أنْ يُؤكِد حَقِيقَة يَأتِي بِهَا فِي صِيغِة سُؤال حَتَّى الجُنُود الرُّومَان عِنْدَمَا أتُوا لِلقَبْض عَلَيْهِ سَألَهُمْ مَنْ تَطْلُبُون ( يو 18 : 4 ) ؟ يَسُوع يُرِيدَك أنْ تُجِيب جَيِّد هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَسْتَخْدِم فِي تَعْبِيرُه كُل أُسْلُوب وَمَتَى يَسْتَخْدِمُه أحْيَاناً السُؤال يَصِل إِلَى حَقَائِق أجْمَل مِنْ الكَلاَم وَيِسَاعِد الشَخْص عَلَى التَّفْكِير وَاسْتِخْرَاج المَعْلُومَة أفْضَل لِذلِك المَعْلُومَة المُبَاشْرَة أحْيَاناً لاَ يَكُون لَهَا جَمَال المَعْلُومَة الَّتِي أُخِذَت مِنْ حِوَار أُمور كَثِيرَة جَمِيلَة فِي أُسْلُوب رَبِّنَا يَسُوع التَّعْلِيمِي وَكُلَّمَا تَقْرأ كُلَّمَا تَكْتَشِف هذَا الجُزْء مِنْ تَعْلِيمُه يَتْبَع أي أُسْلُوب مِنْ أسَالِيب تَعْلِيمُه وَلاَزَالَ أُسْلُوب رَبِّنَا يَسُوع مَنْهَج لَنَا لاَبُدْ أنْ نَسْتَخْدِمُه فِي خِدْمِتْنَا وَنَتَعَلَّمْ مِنْهُ وَنُطَبِّقُه كُل مَوْضُوع تَقُولُه لأِوْلاَدَك كَيْ تَشْبَع بِهِ نِفُوسَهُمْ إِسْتَخْدِم فِيهِ الكَلِمَة المُبَاشْرَة وَالحِوَار وَالسُؤال إِسْمَع الآرَاء وَاسْتَخْرِج مِنْهُمْ المَعْلُومَة وَصَحَّح وَاسْأل حَتَّى تَصِل إِلَى أُمور أعْمَق مِنْ المَعْلُومَة المُبَاشْرَة إِنْ كَانَ رَبِّنَا يَسُوع قَدْ إِسْتَخْدِم السُؤال لِيُعْلِن بِهِ الحُبْ تَجِدُه أيْضاً يَسْتَخْدِم السُؤال لِيُعْلِنْ بِهِ الدَّيْنُونَة حَتَّى الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّين سَألَهُمْ كَثِيراً وَعَرَّفَهُمْ كَمْ بَعَدُوا عَنْ الوَصِيَّة وَأنَّهُمْ لِعِلَّةً أطَالُوا الصَّلَوَات ( مر 12 : 40 ) رَبِّنَا يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
القس أنطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الاسكندرية
المزيد
21 يوليو 2018
نماذج من تسابيح القديسين في الكتاب المقدس
(1) القديسة العذراء مريم والتسبيح
إن حياة العذراء مريم هي تسبيح في حد ذاتها صمتها واتضاعها، طهارتها ونقاوتها، احتمالها وخضوعها إن العذراء نفسها تسبحة كانت تمشي على الأرض، والآن في السماء وعندما فتحت هذه العروس الطهور فاها المبارك المقدَّس المملوء نعمة، كانت الكلمات الخارجة من فمها هي تسابيح غنية وعميقة تدل على روحها النسكية الأصيلة، وتدل أيضًا على شبعها بكلام الله فتسبحتها الواردة في إنجيل مُعلمنا لوقا البشير تتشابه كثيرًا مع تسبحة القديسة حَنَّة أم صموئيل، والتي وردت في (1صم1:2-10) عندما أدركت العذراء أنها صارت أم الله "أُمُّ رَبي" (لو43:1)، لم تتكبر ولم تنتفخ بل بالعكس حوّلت المجد والتعظيم لله "تُعَظمُ نَفسي الرَّبَّ" (لو46:1)، فالرب وحده هو الجدير بالتعظيم والرفعة ونحن في كل مرة نرفع تمجيدًا أو مديحًا لأمنا العذراء الطاهرة نراها أيضًا تحوِّل هذا المجد إلى الله ابنها ومخلصها وإلهها قائلة: "تُعَظمُ نَفسي الرَّبَّ، وتبتَهِجُ روحي باللهِ مُخَلصي" (لو46:1-47) لم تفتخر روحها بذاتها، ووضعها الجديد كملكة وأم للملك وأم لله، ولكنها ابتهجت بالله مخلصها لقد كانت العذراء مشغولة بالله وليس بنفسها، مثلما قالت حنة: "فرِحَ قَلبي بالرَّب ارتَفَعَ قَرني بالرَّب" (1صم1:2) هذه هي النفوس القديسة البارة المنشغلة بالله، وليس بذواتها البشرية ليتنا نتعلم هذا الدرس.
كذلك لم تنسَ العذراء مريم أنها أمَة الرب "هوذا أنا أَمَةُ الرَّب ليَكُنْ لي كقَوْلِكَ" (لو38:1)، "لأنَّهُ نَظَرَ إلَى اتضاعِ (مذلة) أَمَتِهِ" (لو48:1)ونحن يجب أن نتعلّم أيضًا من هذه الأم القديسة الطاهرة ألا ترتفع قلوبنا، بل ندرك دائمًا أننا "عَبيدٌ بَطّالونَ" (لو10:17) مهما عملنا من البر، ومهما وصلنا إلى مراتب روحية، أو كنسية، أو في العالم فالمسيح دائمًا مُمجد في عبيده المتضعين فقط بروح النبوة تنبأت القديسة العذراء مريم عما سيحدث في الكنائس في كل العالم، وفي كل الأجيال من جهة تطويبها وتمجيدها ومديحها: "فهوذا منذُ الآنَ جميعُ الأجيالِ تُطَوبُني" (لو48:1) نحن بالحق نُطوبك يا أم النور الحقيقي، لأنكِ صرتِ أهلاً لأن تحملي بين يديكِ الجالس على مركبة الشاروبيم، ومَنْ تسجد له الملائكة وكل الخليقة فأنتِ بالحقيقة تستحقي كل إكرام وتمجيد وتعظيم يا أم الله بالحقيقة وفي ملء الاتضاع العطر تفهم العذراء القديسة أن ما نالته من نعمة هو من إحسانات القدير ورحمته نحن نقول عنها إنها تستحق كل كرامة، وهي تقول عن نفسها إن ما نالته من كرامة كان إحسانًا ورحمة من القدير "لأنَّ القديرَ صَنَعَ بي عَظائمَ، واسمُهُ قُدّوسٌ، ورَحمَتُهُ إلَى جيلِ الأجيالِ للذينَ يتَّقونَهُ" (لو49:1-50)هذه هي الروح المُتضعة الحقيقية التي يقبلها الله، ويفرح بها "ليَمدَحكَ الغَريبُ لا فمُكَ" (أم2:27) وانطلقت العذراء القديسة مريم تسبِّح الله على صنيعه المجيد مع شعبه: "صَنَعَ قوَّةً بذِراعِهِ شَتَّتَ المُستَكبِرينَ بفِكرِ قُلوبِهِمْ أنزَلَ الأعِزّاءَ عن الكَراسي ورَفَعَ المُتَّضِعينَ أشبَعَ الجياعَ خَيراتٍ وصَرَفَ الأغنياءَ فارِغينَ عَضَدَ إسرائيلَ فتاهُ ليَذكُرَ رَحمَةً، كما كلَّمَ آباءَنا لإبراهيمَ ونَسلِهِ إلَى الأبدِ" (لو51:1-55) إنه هو الذي صنع القوة بتجسده، وغلبته للشيطان والخطية والموت، وهو الذي "يُميتُ ويُحيي يُهبِطُ إلَى الهاويَةِ ويُصعِدُ الرَّبُّ يُفقِرُ ويُغني يَضَعُ ويَرفَعُ يُقيمُ المِسكينَ مِنَ التُّرابِ يَرفَعُ الفَقيرَ مِنَ المَزبَلَةِ للجُلوسِ مع الشُّرَفاءِ ويُمَلكُهُمْ كُرسيَّ المَجدِ" (1صم6:2-8) حقًا بالرب قد "اتَّسَعَ فمي علَى أعدائي، لأني قد ابتَهَجتُ بخَلاصِكَ ليس قُدّوسٌ مِثلَ الرَّب، لأنَّهُ ليس غَيرَكَ، وليس صَخرَةٌ مِثلَ إلهِنا" (1صم1:2-2) "قِسيُّ الجَبابِرَةِ انحَطَمَتْ، والضُّعَفاءُ تمَنطَقوا بالبأسِ الشَّباعَى آجَروا أنفُسَهُمْ بالخُبزِ، والجياعُ كفّوا حتَّى أنَّ العاقِرَ ولَدَتْ سبعَةً، وكثيرَةَ البَنينَ ذَبُلَتْ" (1صم4:2-5) إن إلهنا هو إله المستحيلات "لأنَّهُ ليس بالقوَّةِ يَغلِبُ إنسانٌ" (1صم9:2) وإله تحقيق الوعد "كما كلَّمَ آباءَنا. لإبراهيمَ ونَسلِهِ إلَى الأبدِ" (لو55:1)، فهو لا يخلف وعده لأنه "أمينٌ وعادِلٌ" (1يو9:1) ليتنا نتعلم روح التسبيح من أمنا العذراء، ونتكلم في حضرة الرب مثلها بكلام مُتضع روحاني مليء بالفكر والعقيدة والإيمان الراسخ.
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
20 يوليو 2018
البعد الرعوي في التعليم الكنسي
يقول بولس الرسول في رسالته الأولى إلى تلميده تيموثاوس "لا يستهن أحد بحداثتك، بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التصرف، في المحبة، في الروح، في الإيمان، في الكهارة. إلى أن أجئ أعكف على القراءة والوعظ والتعليم. لا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدي المشيخة.
اهتم بهذا. كن فيه، لكي يكون تقدمك ظاهراً في كل شيء. لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك، لأنك اذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضاً"
التعليم هو أحد ملامح الرعاية الأصلية، فلا توجد رعاية بدون تعليم، فالتعليم هو الحجر الأساسي في الرعاية، وهو من أوائل الألقاب التي حملها ربنا يسوع (المعلم الصالح).
التعليم هو مفتاح التغيير (الفرد - الشعب - الأجيال - ...) وكنيستنا المسترشدة بالروح القدس موضوع التعليم وأساسياته فيها من خلال البرنامج الرسمية للتعليم في الكنيسة. ونعني بها (توزيعات قراءات الكتاب المقدس في الكنيسة ومنها نشتق كل مجالات التعليم في الكنيسة). أولا: الأسس الآبائية للتعليم الكنسي
1- الواقعية: قدمت الكنيسة التعليم عبر أجيالها في واقع عملي ليس فيه خيال أو تأملات فقط. وفي نفس الوقت لا ينحدر التعليم إلى الجانب الجهادي (الناموسي) فقط، فعلى سبيل المثال:
كان القديس يوحنا ذهبي الفم يعشق الرهبنة، ولكنه يحب الخدمة.. يتكلم عن الزواج بأبدع ما يكون، وأيضاً في نفس الوقت يمتدح البتولية بصورة رائعة.
2- التوبة: تُقدم في كل الظروف، وفي كل المناسبات.
القديس يوحنا ذهبي الفم وهو يقف أمام شعبه (ليس شئ ولا العالم كله يساوي نفساً واحدة منكم.. كل واحد فيكم في عيني يساوي المدينة كلها).
التوبة أحد محاور الفكر المسيحي سواء كان حديثنا عن سيرة قديس .. إنجيل القداس أو حادثة إنجيلية.
يوجد فرق بين العظة والمحاضرة، فالعظة تُقدم المسيح وتحفز من أجل التوبة.. أما المحاضرة فهي مجرد كلام جميل في أي مجال.
التوبة هي مفتاح الملكوت.
3- الأصالة: التعليم الكنسي يتميز بالأصالة وليس بالسطحية.. بالعمق، ليس كالقشرة الذهب التي تلمع..
الأب الكاهن كراعي لازم يبني الشعب من الداخل، وليس كما نتعامل مثلاً مع إخوة الرب نعطي له حاجة فقط.. في اجتماع نقول كلمة فقط.
والبعد عن السطحية والمظهرية والحياة الشكلية.. ومن أمثلة آباء الكنيسة نجد أبونا بيشوي كامل الذي تنطبق عليه الحقيقة التي تقول (الخادم الجيد بموته تزداد الخدمة وتنمو.. الخادم الفاشل بموته تموت الخدمة، فالأصالة هي التي تجعل الخدمة حية).
ثانياً: هدف الرعاية بالتعليم
التعليم باليونانية (كريجما)
1- اعرف مسيحك الحبيب (معرفة شخصية - معرفة إيمانية - معرفة ارتباطية - اتحادية).
بولس الرسول يقول "لأعرفة (بصفة شخصية) وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات".
توما الرسول يقول "ربي وإلهي" (معرفة إيمانية).
كل تعليم أقدمه للناس أن لكم علاقة تزداد ارتباطاً وإيماناً بالمسيح ولا أقدمه إلا إذا كان لي هذا الارتباط الشخصي بالمسيح ويزداد.
2- تمتع بخلاص المسيح على الصليب (وسائط الخلاص)..
تمتع وليس فرض، ولا واجب ولا ضرورة. والكاهن الناجح يصل مع شعبه إلأى التمتع بالوسائط الروحية (عشية، الأجبية، تسبحة، قداس، ..) ونقول في كل الوسائط العبارة الإيمانية "وليس بأحد غيره الخلاص".
نلاحظ أن زماننا يحاول أن يذوب فكرة الأديان، فمثلاً يقولون الأديان كالألوان، وظهرت فلسفات كثيرة.. لكن الارتباط بالمسيح يجعلني أتمتع وأمتع من أخدمه بكل وسيلة من وسائط النعمة.
3- أشبع بأفراح المسيح كل يوم (عطاياه، وجوده).
هدف كل ممارسة روحية هو السعادة.. في صلاة الساعة السادسة ساعة الصليب نصلي: نشكرك لأنك ملأت الكل فرحاً أيها المخلص لما أتيت لتعين العالم يارب المجد لك.
أمنا العذراء في صلاة الساعة التاسعة تقول:
أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائي فتلتهب..
وخزين الفرح هو المفترض في كل يوم من أيام خدمتنا تملأ قلوب شعبك بالفرح (فرح بخلاصه - فرح بوجوده- فرح معرفة شخص المسيح..).
وصية الفرح معادلة لوصية الصلاة "افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً افرحوا".
وذلك مؤشر لنجاحك.. العظة التي قدمتها فرحت شعبي ولا مجرد كلام فقط، ويفسر مدى ارتباطك وأعماقك بشخص المسيح بمقدار ما تقدمه للآخرين.
ثالثاً: محاول المنهج الكنسي الأرثوذكسي من خلال كتاب القطمارس
القطمارس هو الكتاب الذي يحوي البرنامج الإنجيلي (الكتابي) عبر السنة، وهم:
1- قطمارس الآحاد (52 قراءة).
2- قطمارس الأيام (70 قراءة أصلية) نصوم 186 يوم، وأيام الفطار 169 يوم.
3- قطمارس الصوم (47 + 3 أيام صوم يونان).
4- قطمارس الآلام (أسبوع).
5- قطمارس الخماسين (50 يوماً).
هدف كل القراءات أن تكون إنسان الله.. خدمتنا تكوينية .. الكاهن دوه كبير في تكوين إنسان الله (إنسان الملكوت).. مسئولية خطيرة يرتعب أمامها كل واحد.. فأنت مسئول عن تشكيل شعبك ليكون كل واحد منهم إنسان الله.. عمل يرتبط بالسماء، فكن أداة جيدة.
1- قطمارس الآحاد
يتحدث عن الثالوث القدوس، وشهور السنة مقسمة حسب العبارة الختامية التي يقولها الأب الكاهن (محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد، وشركة وموهبة الروح القدس).
محبة الله الآب (شهر توت) الله يحبك .. لازم أعبر عليها .. أروع أساس لبداية السنة. وتدخل من خلال محبة الله الآب.
نعمة الابن الوحيد (8 شهور) بابه، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس..
النعم التي جاءتنا بتجسد ربنا يسوع وتصادفنا خلالها أيام الصوم، والآلام والقيامة والصعود، وهي نعم كثيرة لا تنتهي.
شركة وموهبة وعطية الروح القدس لا(4 شهور) بما فيهم النسيء.
2- قطمارس أيام السنة (من الاثنين حتى السبت*
تتحدث قراءات الأيام عن الكنيسة عروس المسيح. ومن خلال السنكسار تقدم لنا:
أ- الجذور "فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل وكل ما يصنعه ينجح".
كل ما نرى شجرة نتذكر دائماً بالصورة التي لابد أن يكون عليها.
ب- أبطال (نساك - أنبياء - أبطال الإيمان - الأسر - الأطفال - المعلمين - المجامع...).
"انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم".
ج- الأعياد: كل يوم في الكنيسة هو عيد (فرح) (نعيد في هذا اليوم..).
3- قطمارس الصوم: وهي فترة الجهاد الروحي
"فالآن يا أيها الملوك تعقلوا تأدبوا يا قضاة الأرض اعبدوا الرب بخوف واهتفوا برعدة". وهو مزمور إنجيل أحد الرفاع.
أ- العبادة (ممارسة الأسرار - الصلوات - ...) بمخافة الرب.. (وجود المسيح على المذبح،...).
ب- التهليل (الفرح) بمنتهى الوقار (الصوت الملائكي، صرخات القلب، ...) "من الأعماق صرخت إليك يارب".
ج- المعرفة الكتابية يفهم (يتكلم عن العين - القلب والأذن، وهي أعضاء الجهاز الروحي في الإنسان)، وفي ليلة أبو غالمسيس "من له أذنان للسمع فليسمع.
د- التوبة بوعي (توبة حقيقية) وهي أحد ملامح العظة الناجحة.. من الأمور الهامة اختم العظة بصلاة فتساعد شعبك على تعلم الصلاة وأن يحول ما يسمعه إلى صلوات.
4- قطمارس فترة الآلام (ضعفات أو ضيقات أو أمراض الطريق).
أ- الرياء (السطحية)
نرى شجرة التين في اثنين البصخة، فالسطحية أكبر خطر يصيب حياتنا وحياة أولادنا.. يربطوا بين انتشار القنوات الإعلامية والمظهرية التي أصابت حياة الإنسان لذلك في بداية الصوم "ادخل بابك واغلق بابك".. ادخل إلى قلبك واغلق فمك.. علمني بحياتك قبل كلامك لي (علمني بتصرفاتك - بطريقتك - بأسلوبك).
ب- التهاون (الكسل - التأجيل وهو ما نسميه لص الزمان).
احذر الفوضى في حياتك كل يوم له قيمته .. كل ساعة .. كل دقيقة غالية لها ثمن ولا ترجع.
واضح في مثل العذارى ومثل الوزنات (قراءات ثلاثاء البصحة).
ج- خياته الأحباء وآلام الترك
لا تحزن ولا تهتز (خيانة، إنكار، ترك...) أمامك هدف واضح أمامك شخص المسيح، وأمامك نصيبك في السماء.
د- آلام الصليب (الخلاص) المحيية
آلام من اجل خلاصك .. في الصليب العارضة الأفقية تمثل الموت، والعارضة الرأسية تمثل القيامة.
5- قطمارس الخماسين
(7 أيام في سبعة أسابيع - 50 يوم أحد وهو أطول عيد يمتد على الأرض)، ونتمتع خلاله بأفراح الطريق، وهي:
أ- تجديد الإيمان (أحد توما) الأحد الجديد، وأكثر ما ينعش الإيمان هو سير القديسين واختبارات عمل الله في حياة القديسين.
ب- شبع وارتواء (الأحدين الثاني والثالث) "طوبي للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون".
ج- الاستنارة (النور) والمعرفة (الأحدين الرابع والخامس)
د- الفرح والبهجة (الأحد السادس) يليهم الأحد السابع وهو أحد العنصرة.
الكنيسة هي:
عيد (أوجد في كل نفس إنه يوم عيد).
سماء (لأنها تشكل إنسان الله).
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
19 يوليو 2018
هل هناك رسائل مفقودة من العهد الجديد؟
وكما تخيلوا وتوهموا، خطأ وبغير معرفة، وجود أناجيل ضائعة أو مفقودة توهموا أيضًا أن هناك رسائل، خاصة للقديس بولس، ذكرها العهد الجديد ولكنها غير موجودة الآن!! وعلى سبيل المثال يقول أحدهم تحت عنوان: "الكتاب المقدس يستشهد بأسفار غير موجودة"، بعد أن راح يبكي ويلطم على ميت لم يخلق من الأساس ولم يكن له وجود في يوم من الأيام إلا في خياله!! مثله مثل المخصي الذي جلس يبكي على أبنه المتوفى وهو لم يتزوج مطلقا بل ولا يصلح من الأساس للعلاقات للزوجية، لأنه مخصي منذ طفولته!!
"إن من أشد العجب ولا أدري حقيقة كم من العجب والدهشة تصيب من يقرأ هذا الكتاب حتى أنه من المفروض أن من يقرأ هذه الكتاب يصاب بحالة مرضية عجيبة يلتصق فيها حاجباه بمنبت شعره وتظل عيناه مفتوحتان على الدوام وفمه مفتوح وتصيبه حالة مزمنة من الدهشة والعجب على ما يجده في هذا الكتاب، إنها كارثة بمعنى كلمة كارثة، ما نراه في ذلك الكتاب انه يستشهد بكتب وأسفار ويحكي عن كتب غير موجودة ويبدو أن هذه الأسفار والكتب كانت موجودة بالفعل في الكتاب المقدس وكانت مقروءة بين أيدي الناس ولهذا يستشهد كاتب الكتاب المقدس بها على أنها موثوقة ومن الممكن مراجعتها لأي إنسان إن أراد أن يراجع ما يرويه الكاتب في الكتاب فكاتب الكتاب يستشهد بها ليدل على رأي معين أو يثبت صحة قوله في أمر آخر وهو يحث الناس ويأمرهم على مراجعة ما يقوله لهم في هذه الكتب أو الأسفار التي يحكي عنها ويستشهد بها، وبعض هذه الأسفار كانت من الثقة بحيث أن كل الناس يعلمون عنها وتحكي أمور مهمة يعلمها الجميع كما ستقرأ أدناه في النصوص".
ثم يضيف: "وإني أتساءل.. لماذا يستشهد الله في كتابه بأسفار وكتب غير موجودة في الحقيقة؟؟ وأين تلك الكتب التي استشهد بها الله في كتابه؟؟ أين ذهبت تلك الكتب ولماذا أخفاها النصارى أو فقدوها؟؟؟ ولو أنها ليست وحيا إلهيا فهل يستشهد الله بكتب يعلم أن البشر سيفقدونها ولن تكون موجودة بعد ذلك؟؟ ألم يكن الله بقادر على حماية تلك الكتب من الاندثار أو الإزالة؟ ماذا كان مكتوبًا في هذه الأسفار والكتب؟؟ ومن الذي كتبها؟؟ هل كان فيها نبؤات معينة؟؟ هل كان فيها شرائع وأحكام؟؟ متى وأين ولماذا ومئات الأسئلة التي تطرح في هذا الأمر ولا نجد لها إجابة.. وعلى العموم فقد اقتبست بعض (وأقول أيضا هنا بعض وليس كل) الفقرات التي تحكي عن هذه الكتب وتذكر لنا أسماءها كما سترى". وبعد ذكره لأسماء هذه الكتب يقول متسائلًا: "أين ذهبت تلك الكتب؟؟ أليست من كلام الله؟ ولماذا تركها النصارى وأين أخفوها؟؟؟".
وراح يذكر بعض ما تصور أنه أسفار مفقودة في العهد الجديد فذكر قوله: "بل بالعكس إذ رأوا أني اؤتمنت على انجيل الغرلة كما بطرس على انجيل الختان" (غل2:7). وقال أن هناك "رسائل مفقودة: من رسالة كولوسي (كو4: 16): "ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرأ أيضا في كنيسة اللاودكيين والتي من لاودكية تقرأونها انتم أيضا". أين الرسالة التي من اللاودكيه؟ و"كتبت إليكم في الرسالة أن لا تخالطوا الزناة"، أين هذه الرسالة؟" (1كو5:9)، فكتابات بولس المرسلة هنا وهناك الموجودة في العهد الجديد كلها رسائل فأين إذن الرسالة المشار إليها في النص؟ الإجابة بكل وضوح إنها مفقودة!!
والسؤال هنا هل هناك رسائل مفقودة من العهد الجديد؟ وما معنى قول القديس بولس بالروح: "كتبت إليكم في الرسالة"؟ وما هي الرسالة إلى "لاودكية"؟
أولًا بالنسبة لقوله "كتبت إليكم في الرسالة أن لا تخالطوا الزناة":
نؤكد أن الكلمة اليونانية المستخدمة هنا "كتب إليكم"، هي "εγραψα" من "γράφω"، ويمكن أن تعني "كتبت - I wrote" و"أكتب - I am writing". وفي هذا الفصل (الإصحاح) يتكلم القديس بولس عن الزنى والزناة لذا يقول لهم، كتبت إليكم ما أكتبه أو ما كتبته الآن، أو أكتب إليكم ما أقوله الآن، في هذه الرسالة، وهو: "يسمع مطلقا أن بينكم زنى وزنى هكذا لا يسمى بين الأمم حتى أن تكون للإنسان امرأة أبيه. أفأنتم منتفخون وبالحري لم تنوحوا حتى يرفع من وسطكم الذي فعل هذا الفعل.. كتبت إليكم في الرسالة (أو أكتب إليكم في هذه الرسالة) أن لا تخالطوا الزناة. وليس مطلقا زناة هذا العالم أو الطماعين أو الخاطفين أو عبدة لأوثان وألا فيلزمكم أن تخرجوا من العالم. وأما الآن فكتبت إليكم (أي كتبت إليكم الآن في هذه الرسالة) أن كان احد مدعو أخا زانيا أو طماعا أو عابد وثن آو شتاما أو سكيرا أو خاطفا أن لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا. لأنه ماذا لي أن أدين الذين من خارج.ألستم انتم تدينون الذين من داخل. أما الذين من خارج فالله يدينهم. فاعزلوا الخبيث من بينكم" (1كو5:1-13).
وباختصار هو يقول لهم كتبت إليكم أو أكتب إليكم في هذه الرسالة ما أقوله الآن ولا يقصد رسالة أخرى كما تصور البعض وفهم خطأ!! كما رأى البعض أن القديس بولس بعد أن كتب الرسالة عاد ووضع هذه الجملة أو الآية كتوضيح لما كتبه في نفس الرسالة ونفس الفصل.
ثانيا بالنسبة لحديثه عن رسالة باسم "لاودكية":
فالتعبير المستخدم في الكتاب هو "الرسالة التي من لاودكية – καὶ τὴν ἐκ Λαοδικείας - Teen ek Laodikeias - The epistle from Laodicaea" وليس الرسالة إلى لاودكية"، فهي ليست رسالة مرسلة إلى لاودكية بل خرجت من لاودكية، حيث يستخدم هنا تعبير "ἐκ – ek" والذي يعني بحسب قواميس اللغة اليونانية "من، بين، خارج – from, out - after, among"ولذا فهي ليست رسالة إلى لاودكية بل خارجة من لاودكية، وقد نقل الآباء، خاصة ترتليان، عن مركيون قوله أنها هي نفسها الرسالة إلى أفسس (6). وهذه ما صدق عليه أيضًا العلامة هيبوليتوس بتأكيده أنها هي نفسها الرسالة إلى أفسس (7).
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد
من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
18 يوليو 2018
فاعلية الخدمة
إن الإثني عشر لم يبدأوا الخدمة إلا بعد أن حل الروح القدس عليهم و نالوا قوة ( أع 1:8 ) ، و لبسوا قوة من العالي ( لو 24 :49 ) . حينئذ " إلي أقاصي المسكونة بلغت أصواتهم " و في كل الأرض خرج منطقهم " ( مز 19 : 4 ) اسطفانوس الشماس ، لأنه كان مملوءاً من الروح القدس و الحكمة ، لذلك لما وقفت أمامه ثلاثة مجامع فلسفية " لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة و الروح الذي كان يتكلم به " ( أ‘ 6 ك 10 ) . و بفاعلية عمل الروح في العصر الرسولي " كانت كلمة الرب تنمو ، و عدد التلاميذ يتكاثر جداً في أورشليم " ( أ‘ 6 : 7 ) " كان الرب كل يوم يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون " ( أع 2 : 47 ) " و الكنائس في جميع اليهودية و الجليل و السامرة ، كان لها سلام ، و كانت تبني و تسير في خوف الرب . و بتعزية الروح القدس كانت تتكاثر " ( أع 9 : 31 ) أما نحن فلنا عشرات الآلاف من المدرسين ، و لكن الخدام العاملين بالروح قليلون تأملوا خادماً واحداً مثل بولس الرسول ...لاشك أن إختياره كان حادثاً خطيراً في الكنيسة . لقد تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15 : 10 ) . و تألم و جاهد أكثر من الكل " عدا الأهتمام بجميع الكنائس " و غيرته التي يقول فيها " من يعثر ، و أنا لا ألتهب ؟!" ( 2 كو 11 : 28 ، 29 ) . هذا الذي دعي " رسول الأمم " . ووصلت خدمته من أورشليم إلي أنطاكية إلي قبرص ، ثم إلي اَسياغ الصغري و بلاد اليونان ، و إلي رومه و كتب 14 رسالة ، و كرز و هو في السجن أننا مستعدون أن نستغني عن عشرات الآلاف من الخدام الذين معنا ، في مقابل بولس واحد و ستكون خدمته أكثر فاعلية من الآلاف ربما نجد في أحد فروع الخدمة خمسين خادماً ، و لكن بلا حرارة في خدمتهم . ثم يلتحق بالخدمة خادم جديد ، فيحول الخدمة إلي لهيب نار بقوة الروح الذي فيه إن ألسنة النار التي حلت علي التلاميذ في يوم البندكستي ، أعطتهم لساناً نارياً و كلمات نارية ، و خدمة لها لهيب و فاعلية ، و حرارة في الروح ، و حرارة في الصلاة ، و حرارة في الحركة و الأسفار إنها جمرات نار ، ظل العالم يتقاذفها ، حتي أشتعل العالم كله ناراً ، ألهبت القلوب بالإيمان أنظروا ماذا فعل أوغسطينوس مثلاً ، حينما دخل في محيط الخدمة و كيف أن تأثيره لم يقتصر فقط علي جيله ، و إنما حتي الآن مازلنا نستفيد من تأملاته .. و تادرس تلميذ باخوميوس ، لما صار راهباً ، كم كان أعمق التأثير الذي أحدثه في الحياة الرهبانية في جميع الأديرة . و كذلك يوحنا القصير الذي قيل عنه إن الأسقيط كله كان معلقاً باصبعه حقاً ، هناك أشخاص في كل جيل ، مميزون في خدمتهم . خدام من طراز خاص . كل منهم "معلم بين ربوة " ( نش 5 : 10 ) أما نحن الآن : فلنا خدام يخدمون الفصول العادية . و لكن الذين لهم قدرة علي خدمة إجتماعات الشبان و الشابات ،و الأسرات الجامعية ، و إعداد الخدام ، أو الذين يتكلمون في مؤتمرات الخدمة . فلا شك أنهم قليلون و العجيب ، أنه علي الرغم من إحتياج الخدمة ، نجد خداماً يتشاجرون و يتنافسون في مكان للخدمة ، تاركين ميادين عديدة غير مخدومة في تشاجرهم و تنافسهم ، لا يعطون مثالاً عن روحانية الخدام ، بل يكونون عثرة ن إذ يفقدون روح المحبة و التعاون و إنكار الذات . و في نفس الوقت توجد مجالات عديدة تستوعب كل طاقة مستعدة للخدمة ، و هم يتجاهلونها ، من أجل محبتهم لمكان أو وضع بالذات ، دون محبة النفس البشرية أينما كان موضعها .
مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحى
المزيد
17 يوليو 2018
الرعاية
انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11)"
من أجمل الصور التي استخدمها الله ليصف بها علاقته بشعبه، صورة الراعي والحملان، ليس فقط لأن منطقة اليهودية كانت منطقة رعي أكثر من كونها منطقة زراعة، بل لأن ما ينطبق على الراعي الصالح ينطبق على صفات السيد المسيح بخصوص عنايته بنا. فالراعي الصالح باذل ومحب وساهر على رعيته ويقدم ذاته عنها، والخراف مطيعة .. واثقة .. بسيطة مرتبطة براعيها أكثر من تعلقها بالطعام، فإذا تحرك الراعي تبعته على الفور وهو في الوقت ذاته لا يتحرك من الموضع إلاّ إذا شبعت خرافه. وفي هذا الإطار هناك مستويات أربعة للمسئول:
1- راعي صالح (يبذل نفسه عن الخراف).
2- أجير (لا يبالي بالخراف).
3- سارق (يذبح ويهلك).
4- ذئب (شيطان).
الذئب هو الشيطان الذي يوعز إلى السارق ويحركه لكي يذبح ويهلك، أما السارق فهو الذي وقع تحت تأثير الشيطان (الذئب) وأصبح وجوده خطراً على الخراف (الرعية) وأما الأجير فهو لا يهتم إلا بأجره وفي سبيل الحصول على الأجر قد يهمل الرعية و قد يُسئ إليها، أما الراعي الصالح فهو الذي يبذل نفسه عن الخراف، وقد يصل به البذل إلى حد الموت عنها، يتصدى لأعدائها ويتلقى الضربات عنها. وقديماً كان وصف "الراعي الصالح" يُطلق على الراعي الذي لم تُفقد له غنمة ولم يتعدى على أرض راعٍ آخر.
هذه الشرائح الأربع نجدها في البيوت وفي الوظائف وفي دور التعليم والخدمة ، فهناك أب مصدر خطر على أولاده أو أجير يهتم بأولاده لكي يُنسب نجاحهم إليه، أو ذاك الذي يُنجب كثيراً ليتحول أولاده إلى قوة عاملة. وفي الوظيفة قد يسرق أو يختلس أو يُضر بمصالح الجمهور فهو "سارق ولص" وقد يكون أجيراً لا يهمه أكثر من التواجد المستمر للحصول على راتبه كاملاً مقابل مجهود لا يُذكر وهو في هذه الحالة لا يعنيه في شئ أن يحصل المواطنون على احتياجاتهم أم لا. والأصعب من ذلك أن يكون ذئباً يُحيك المؤامرات ويدفع الآخرين إلى الشر والفساد. أما إن كان راع صالح فهو ُيؤثر راحة زُملاؤه على راحته ومصالح الجمهور على مصالحه هو، وأن تنجح المؤسسة وله في ذلك الفخر.
وفي الخدمة قد يتسبب خادم في عثرة الآخرين وقد يحمل البعض على ترك الكنيسة وهو بذلك ذئب وقد يكون أجيراً يأخذ من الخدمه كرامهً وتتضخم ذاته بسببها، وقد يكون سارقاً يسرق مجد الله ويبحث عن مجده هو وكرامته هو. وقد يكون راعٍ صالح يسكب ذاته سكيباً من أجل المخدومين.
نيافة الحبر الجليل الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص
المزيد