المقالات

09 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (١) لماذا الفداء ؟

عقيدة الفداء من أهم العقائد الجوهرية في المسيحية وهي مرتبطة تماماً بعقيدتين أخريين : ألوهية المسيح ، وتجسد الكلمة ذلك أن الفادى يجب أن يكون إلها متجسداً، ليوفى المطاليب ويرفع الدين، ويحل المشكلة . ما هي المشكلة :- المشكلة أن الإنسان سقط في الخطيئة ، وجلب على نفسه أمرين :- (۱) حكم الموت . (۲) فساد الطبيعة البشرية . ١ - حكم الموت : فلقد قال الرب لآدم وحواء : « من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً ، وأما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها ، لأنك يوم تأكل منها ، موتاً تموت » ( تك ٢ : ١٦، ١٧ ) وهذه الوصية ، قبل أن تكون تعليمات وأوامر، هي نصيحة مخلصة ذلك أن الرب أوضح لآدم طريق الحياة، وطريق الموت ، لكي يعطى حريته فرصة الممارسة، ويعطى آدم الحق في الاختيار. فالرب لم يقصد أن يحرم آدم من شجرة ما فالذى أعطاه صورته الإلهية، هل يبخل عليه بشيء ؟ كل ما في الأمر: ١ - أن شجرة معرفة الخير والشر، معناه معرفة الشر، وفساد الطبيعة، وفعل الخطية والسقوط تحت سطوة الشيطان . ٢ - أن الرب شاء أن يخلق آدم حراً ، لا مجرد دمية أو قطعة شطرنج فلكي يمارس آدم حريته، كان لابد من (فرصة اختيار بين أمرين ) وبالفعل رضى الرب أن يكون موضع قبول أو رفض من آدم، وأن يكون الشيطان هو البديل في حالة رفض الله لكى يعطى آدم كمال الحرية في الاختيار.ولعل في هذه الحرية، الرد الحاسم على بعض الوجوديين الملحدين، الذين يتصورون إلهنا المحب،كقوة مسيطرة وقيد رهيب، و يريدون التحرر من الله ، بالسقوط في عبودية الذات والجسد والشيطان إن سارتر مثلاً شبه الله في صورة جوبتر السفاح ، الذي تلطخت يداه بالدماء، من كثرة ضحاياه !! ونسى سارتر أن الله المحب ، الذي أحبه قبل أن يولد فداه على عود الصليب، وفتح له ذراعى الحب لكي يحيا معه إلى الأبد ، نسى سارتر أن الله خلقه حراً حراً حتى في أن يرفضه و ينكر وجوده !! فكر القديس أثناسيوس :- يتصور البعض أن فكرة سقوط آدم تحت حكم الموت،فكرة حديثة لكن القديس أثناسيوس الرسولى في كتاب «تجد الكلمة » يؤكد جذور هذه الفكرة وسلامتها . وهذه بعض المقتطفات التي تؤكد ذلك : + الكلمة إذ قدم للموت ذلك الجسد الذي أخذه لنفسه، كمحرقة وذبيحة خالية من كل شائبة، فقد رفع حكم الموت فوراً عن جميع من ناب عنهم، إذ قدم عوضاً عنهم جسداً مماثلاً لأجسادهم » ( فصل ۹ فقرة ١ ) + ولأن كلمة الله عال فوق الكل ، فقد لاق به بطبيعة الحال أن يوفى الدين بموته ، وذلك بتقديم هيكله وآنيته البشرية لأجل حياة الجميع » ( فصل ۹ فقرة ٢ ) +لأنه بذبيحة جسده وضع حداً لحكم الموت ، الذي كان قائماً ضدنا ووضع لنا بداية جديدة للحياة برجاء القيامة من الأموات » ( فصل ۱۰ فقرة ٥ ) + ولكن لما كان ضرورياً أيضاً وفاء الدين المستحق على الجميع إذ كان الجميع مستحقين الموت أتى المسيح بيننا » ( فصل ۲۰ فقرة ٢ ) من هنا نتأكد ضرورة الموت الكفارى ، وفاء للعدل الإلهى لكن هناك سبباً آخر للفداء ، وهو اعادة تجديد الطبيعة البشرية من الفساد الذي أصابها وهذا حديثنا القادم إن شاء الله . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد السادس عشر من عام ١٩٨٩
المزيد
08 أبريل 2024

يوم الاثنين من الأسبوع الخامس(لو ۹ : ۱۲-۱۷)

"فَابْتَدَأَ النَّهَارُ يَمِيلُ. فَتَقَدَّمَ الاِثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالصِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَاماً،لأَنَّنَا هَهُنَا فِي مَوْضِعِ خَلَاءٍ.فَقَالَ لَهُمْ: أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا فَقَالُوا : لَيْسَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَيْنِ،إِلا أَنْ تَذْهَبَ وَنَبْتَاعَ طَعَاماً لِهَذَا الشَّعْبِ كُلِّهِ. لَأَنَّهُمْ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلَافِ رَجُلِ.فَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: أَتَّكِنُوهُمْ فِرَقًا خَمْسِينَ خَمْسِينَ.فَفَعَلُوا هَكَذَا وَأَنْكَلُوا فَأَخَذَ الْأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ،وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ، ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلَامِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جَمِيعًا. ثُمَّ رُفِعَ مَا فَضَلَ الْجَمِيعَ،عَنْهُمْ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ قُفَّةً". معجزة إشباع الجموع «فَابْتَدَأَ النَّهَارُ يَمِيلُ. فَتَقَدَّمَ الإِثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالصِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَاماً، لأَنَّنَا هَهُنَا فِي مَوْضِعِ خَلَاءٍ» واضح هنا أن الجموع التي تبعت المسيح ليست من سكان المكان،والمكان فعلاً قفر لا يصلح لمبيت ولا يوجد فيه ما يؤكل وربما كان المكان أيضاً ليس أرضاً يهودية بل قفراً تابعاً لأراضي المدن العشر الأممية، حيث يعز الضيافة والمبيت «فَقَالَ لَهُمْ: أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا فَقَالُوا : لَيْسَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ تَذْهَبَ وَنَبْتَاعَ طَعَامًا لِهَذَا الشَّعْبِ كُلِّهِ». الدرس الذي يريد ق. لوقا أن يعطيه للكنيسة هو: أن الكنيسة مسئولة عن إطعام الشعب الجائع حتى ولو كانت فقيرة وليس لديها فلسان ولا لحسة زيت ولا شيء في كُوَّار الدقيق فهنا يؤسس الرب مبدأ على استفسار التلاميذ أن الكنيسة مسئولة، وليس لها أن تتجاهل منابع الزيت والدقيق الذي وضعته أرملة صرفة صيدا في خزانة الكنيسة، أو تتجاهل صنارة ق. بطرس فهي سند كبير يمكن أن يُطعم ويملأ الخزانة بالمال، هذا بجوار الاثنتي عشرة قفة التي أمر المسيح أن تُستودع في مخازن الكنيسة لوقت الحاجة. لأننا نحن بالرغم من النعمة التي نحن فيها مقيمون، ولكن نحتاج لبواقي وفضلات القديسين نسند بها قلبنا إن جف نبعه الجديد. كذلك شبكة ق. بطرس التي كانت قد طرحت على يمين السفينة موجودة في خزانة الكنيسة يمكن أن تنفع ساعة القحط وتعب الليل كله ولا يوجد الإدام.«ليس عندنا أكثر من خمسة أرغفة وسمكتين، إلا أن نذهب ونبتاع طعاماً لهذا الشعب كله إن أرقام رئيس مالية كل كنيسة لا تكذب فهي دائماً أقل ودائماً لا تكفي لشيء، هذا كله يسمعه الله ويتعجب ويقول: ألا يوجد في وسطكم صبي تكون أمه قد دست في مخلاته خمسة أرغفة وسمكتين؟ فقبل أن يعلن الرؤساء إفلاسهم ينبغي أولاً أن يصرخوا إلى الرب، فالرب لا يمطر من نفسه ذهباً ولا فضة ولكنه يضعها في مخلاة صبي. فلتبحث الكنيسة عن الإيمان الذي فيها، فرُبَّ صبياً له عند المسيح دالة، فالمسيح سبق وألهم الصبي أن يطالب أمه بالخبزات والسمكات قبل أن يجري مع الرفاق ليلحقوا.بالمسيح، أو تكون أمه وضعتها في مخلاته متوسلة أن يستخدمها وقت الجوع. فالنعمة تتكفل من ذاتها بترتيب كل شيء وليس علينا إلا أن نبحث عن الملهمين الذين أعطتهم النعمة مسئولية الجماعة كلها وهم لا يدرون. "لأَنَّهُمْ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلَافِ رَجُلٍ فَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: أَتْكِتُوهُمْ فِرَقاً خَمْسِينَ خَمْسِينَ. فَفَعَلُوا هَكَذَا وَأَتْكَلُوا الْجَمِيعَ".أما الأمر بجلوس الشعب فجيد، أما أن يجعلوهم صفوفاً والعدد خمسين فهذا رفع من اندهاش كل من الناس والتلاميذ، أين الطعام؟. فالشعب يعرف أنه ليس من خبز ولا إدام فمن أين يأتي بالطعام؟ وهنا في الحال استحضر الشعب ذكرى المن السماوي، بل وحتى المن غير منتظر لأن المن كان يسقط والشعب في خيامه، وفي الصباح كل واحد يجمع لنفسه. وهذه أول إشارة لسرية القصة التي ستتعجب عليها البشرية كل الأيام والسنين. لأن وضع هذا الشعب هكذا صفوفاً صفوفاً وكل خمسين معاً يعني أن المن في وسطهم ولن يقوموا ليبحثوا عنه لا في السماء ولا على الأرض، إذ حتماً سيأتيهم وهم جلوس !! «فَأَخَذَ الْأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ،ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلَامِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ». كل عيون الشعب مُسلطة على الرغيف الذي في يد الرب، والكل رآه وهو يرفع عينيه نحو السماء، فابتدأ الشعب يحس بالسر، لأن هنا الآن الخبز أخذ السر، سر البركة، من فوق من الآب ومن يد المسيح وقوة الروح القدس التي بدأت تكسر وتعطي الشعب، وإذ بالرغيف الذي انكسر لا يريد أن ينقص. هنا القوة، والسر في الكسر، هنا فعل سماوي روحي لاهوتي أزلي أبدي معاً، مطلق بمعنى فعل لا ينتهي. لقد ابتدأ سر الإفخارستيا كفعل بركة وشكر من فم المسيح وهو يدعو الآب ليشترك بالروح! ”سر الكسر كفعل خلق مستتر في الكسر وفي اليد التي تكسر ، يملأ كل تلميذ حجره، وبمجرد ما يستدير ويعطي المسيح ظهره ليمشي يعود الرغيف بكماله الذي كان عليه. الخبز حقيقي خبز قمح، ولكن الكسر فعل إلهي لا يتأتى منه نقص، فبمجرد أن ينكسر يعود الرغيف صحيحاً وكأنه لم ينكسر. وهذه سمة الروح لا ينكسر ولا يتغير ولا يزول وفيه القوة غير المنظورة وغير المحسوسة، يأخذها المتناول في فمه لتدخل أحشاءه لتصنع عملها الروحي، وهي بآن واحد خبزة تؤكل وتهضم، ولكن أثرها الروحي باق في الإنسان. اللقمة الصغيرة كالكبيرة لأن الخواص الطبيعية لا تهم، ولكن عمل الروح الذي فيها يعمل عمله في الإنسان الذي يقبلها بالروح والإيمان. «فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جَمِيعاً . ثُمَّ رُفِعَ مَا فَضَلَ عَنْهُمْ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ قُفَّةً».هناك فعلان: «شبع»، و «فضل»، الامتلاء والفيض. وهذا هو سمة العمل السماوي: الكيل الملبد المهزوز أي الملآن الفائض، لأن كل هزة في الملء تجعله يفيض.أتوا إلى المسيح جائعين فارغين فذهبوا شباعي، والذي فاض عنهم يملأ اثنتي عشرة قفة.إن قصة الخمس خبزات والخمسة آلاف، وهي القصة التي انكسر فيها رقم (٥) ليمتد إلى اللانهائية بلا توقف ولا حدود؛ تمثل سر تحول المادة في يد المسيح إلى روح، والزمن إلى أبدية وخلود، الأمر الذي تجسد ليكمله في نفسه والإنسان معه. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
07 أبريل 2024

عيد البشارة

اليوم يا أحبائى تذكار عيد البشارة المجيد وهو من الأعياد السيديّة الكُبرى ويعتبره آباء الكنيسة أنّه بِكر كُل الأعياد ،فبعد البشارة جاء الميلاد ،والميلاد هو أول خطوة للخلاص ،ولأنّ بالميلاد صار التجسُدّ وصار الفِداء البشارة هو بداية الأفراح كُلّها ، ولذلك الكنيسة فى 29 برمهات بتعتبره من أغلى أيام الفرح ، لأنّه يوم بشارة الفرح والخلاص وإذا أتى يوم 29 برمهات فى أى وقت فلابُد أن نُعيدّ بهِ ، فحتى وإن كان فى يوم أحد فلا نقرأ قراءات الأحد بالرغم من أنّه تذكار عيد القيامة ولكن بنقرأ قراءات عيد البشارة اليوم هو أحد السامريّة فلا نقرأ قراءاته ولكن نقرأ قراءات عيد البشارة ،فلا يُمكن للكنيسة أن تتجاهلهُ فكُل يوم 29 من الشهر القبطىِ بتحتفل الكنيسة بتذكار البشارة ، وتُصلّى فيهِ الكنيسة بالطقس الفرايحىِ حتى وإن لم يكُن فى الكنيسة طقس فرايحىِ ، فهو يوم تذكار البشارة بالخلاص فالملاك أتى وقال للست العدرا " الروح القُدس يحلّ عليكِ وقوة العلىّ تُظللك " فبداية البُشرى بالخلاص هى من 29 برمهات حتى 29 كيهك وهى 9 شهور ،وهى فترة حمل الست العدرا برب المجد يسوع ففىِ عيد البشارة الكنيسة دخلت فى الخليقة الجديدة ، ودخلت فىِ الجسد الجديد الذى هو يسوع الذى حمل كُل بر وكُل خلاص فهو عيد البشارة بالخلاص ، وهو مُناسبة خاصة بىّ ، رب المجد يسوع بشارته تُفرّح البشريّة كُلّها ، فاليوم ربنا يُبشرّنا بفرح الخلاص ، وفرح غُفران الخطايا ، فلا نتعامل معها على أنّها أحداث ماضية ، ولكنّها أحداث حيّة بإستمرار لأنّ المسيح إستودع فينا نحن الكنيسة كُل كنوزه وكُل عطاياه ، ولنا أن نتمتّع بها بُشرى الخلاص لابُد أنّ كنيستهُ تتمتّع بها ، ولذلك البشارة هى لكُل نفس ، فإن كُنّا اليوم بنحتفل بأحد السامريّة وربنا يسوع جلس معها عند البئر وبشرّها بالخلاص فاليوم هو بشارة لنا نحنُ الخُطاة مع المرأة السامريّة ، فحتى وإن كُنت عايش فى عُمق نير الخطيّة وبداخلى دنس وكُلّى عايش فى الدنس إلاّ أنّ هذه بشارة حلوة ، وهى بُشرى بغُفران خطايانا0 فالله يُريد أن يُبشرّنى ويُحولّنى إلى كارز مثل المرأة السامريّة التى نادت السامريّة المدينة المشهورة بالدنس والقساوة بنعمة ربنا أرُيد أن أتكلّم معكُم عن :- 1- معنى البشارة:- فإنتقال إنسان من حالة إلى حالة لابُد أن يترُك فيها ماضيه ويعيش الفرحة الجديدة والتمتُّع الجديد فأقولّك خبر أبُشرّك بهِ وأفرّحك بهِ ، فماضيك المفروض أن ينتهى لأنّ ظُلمة الخطية وثِقل الخطية واليأس الذى يأتىِ من الخطية ، فىِ عيد البشارة المسيح أتى ليقول لى مهما كُنت أنا أبشّرك بغُفران خطاياك تخيلّوا لمّا نقول لفتاة يوجد واحد سيأتى ليتقدّم لكِ فإنّها بُشرى جميلة ، فستسأل ماهى صفاته ؟ فنقول لها صِفات جميلة أنّهُ تقى وأنّهُ غنىِ الله أتى ليطلُب كُل نفس فينا أتى لكى يدخُل معنا فى زيجة فىِ خُطبة وكأنّه يقول أنا آتىِ لكى أأخُذك لى فتصير من خاصتى ومن تلاميذىِ فتنضم لعائلتىِ خطوبة الله طالب مثل هؤلاء الله طالب نفسىِ للإقتران بها الله يقول أنا صرت قريب منكُم ، وأتيت لأبُشرّكُم فكما دخل بيت زكا العشار العائش فىِ الرشوة والظُلم وحُب المال وقال لهُ يا زكا اليوم حصل خلاص لأهل هذا البيت كذلك كُل نفس لابُد أن تتقابل معهُ كفى بُعد حتى نتعرّف على عطاياه وعلى كنوزه المرأة السامريّة تغيّرت زكا العشار تغيّر عِندما صار معهُ ،بالرغم من أنّهُ مُحب للمال ،لا تتخيلّ أنّهُ يوجد واحد عشّار يقول أنا سأعُطى نصف أموالىِ للفقُراء وهو كان إنسان مُستعبد للمال ، ووجدناه ذهب لخزنتهُ وأخذ المال ووزّعهُ على الفُقراء التوبة يا أحبائىِ ليست مُجرد كلام التوبة أفعال ، وتبدو الأفعال ثقيلة ولكن هذه هى بُشرى بالخلاص ولها قوة فى الإنسان ولها مفاعيل ، فالإنسان الذى لهُ بُشرى بالخلاص لهُ قوة ويفرح بالله السامريّة كانت الأول بتفرح بالخطيّة اليوم هى بتفرح بربنا يسوع ، ولذلك فرح الإنسان بالمسيح يُغطىِ على أى ألم ، فالإنسان الغير فرحان بالمسيح آلاماتهُ بتكبر وضيقاتهُ بتتضاعف لأنّهُ لا يرى إلاّ الألم ، ولكن لو يرى يسوع فإنّهُ سيستخف بالألم ، فالحكيم يقول" لأنّ الرب مُلهيهِ بفرح قلبهِ " البشارة بتجعل الإنسان يلهى بفرح القلب فعندما أعرف أنّ ربنا يسوع بيعدّ لىّ الملكوت وعندما أعرف أنّه يقول لىّ لا تخف أيُهّا القطيع الصغير فأجد فىِ داخلى نُصرة وأجد فىِ داخلى مجد لأنّىِ مشغول بفرحة كبيرة فلا أشعُر بأى ضيق المسيح أتى لكُل نفس مُتعبة ، ولكُل نفس تعيش فىِ نير الخطيّة ، ولكُل نفس بائسة ومسبية ليُبشرّها بفرحة جديدة فهذا هو معنى البشارة ،ولذلك الكنيسة بتعتبرّه عيد سيدى كبير ، حتى وإن كُنت فى الصوم بالرغم من أنّ الكنيسة فى الصوم بتتذلّل ولها مردّات خاصة0 فاليوم الكنيسة تقول لك لا تُصلّى بهذه المردّات ، الكنيسة تُريد أن تنقلنا اليوم بفكرنا للسماء وترفعنا ، لأنّ هذا الحدث هو أقوى من الصوم الكبير ، ولابُد أن ينتقل إلينا كسلوك فى حياتنا " الشعب الجالس فىِ الظُلمة أبصر نوراً " فالإنسان المُقيّد بالظُلمة ، واليائس ، والذى يعيش فىِ كُل تعدّى وكُل جحود ، اليوم جاءت لهُ البشارة والخلاص ، كفاية إنقسام كفاية إبتعاد عن الله ، المسيح أتى لكى يتحد بنا ، هذه هى البشارة0 2- ربنا يسوع هو حامل البشارة:- فهو مكتوب عنّه فى سفر أشعياء " روح السيد الرب علىّ مسحنىِ لأبُشرّ المساكين أرسلنىِ لأعصب مُنكسرى القلب لأنُادىِ للمسبيين بالعِتق " فهو أتى ليعيش معنا بشارة جديدة فهو جاء ليُخرجنا من سبينا وليُخرج النفوس اليائسة والفاشلة من السبى ، فكثيراً ما عدو الخير بيُدخل فينا هذهِ الروح وهى إن أنا لا فائدة منىِ ، وتمُرّ علىّ لحظات يكون فيها قلبىِ مكسور ، فكيف يكون قلبىِ مكسور والمسيح موجود ؟ فبذلك أكون أنا لم أشعُر بفعل مجيئه فىِ حياتىِ فلابُد أنّ المسيح يدخُل فىِ حياتىِ ويُنقلنىِ ، ولذلك نجد رب المجد يسوع فى كُل مُقابلاته كان يحمل إنتقال للإنسان من وضع لوضع ، فعندما دخل بيت زكا العشار اليوم حدث خلاص لأهل هذا البيت عندما تعامل مع المفلوج قال لهُ مغفورة لك خطاياك وعندما تقابل مع المرأة الخاطيّة قال لها مغفورة لك خطاياكِ ،فهو أتى ليحمل البُشرى بالخلاص للنفس ،هو أتى ليُعطى للنفس فرحة و تغيير مُستحيل أن أكون إبنةُ وأنا غير مُتمتّع بفرحته ، فكيف يكون هذا وهو قال أنا أتيت لكى أبُشرّ المساكين وأعصب مُنكسرى القلوب ، وإلاّ لو كُنت أنا مُثقلّ بالأرض فإن كُنت هكذا فلن أستطيع أن أتمتّع بهِ فالمرأة التىِ أمُسكت فى ذات الفِعل كان الجميع مُتحفزين لرجمها ، أمّا هو فقال لها " أما دانك أحد إذهبىِ ولا تُخطىءِ " هذه هى بشارة ربنا يسوع لأنفُسنا نحن المضبوطين بالخطايا ممسوك بها مُتلّبس بها ولكن المسيح يقول ولا أنا أدينك إذهبىِ بسلام ، فهو أتى ليُمتّع النفس بحُريّة مجد أولاد الله هو أتى اليوم ليُعطىِ عطايا جديدة سماويّة وليُعطينىِ الإنسان السماوىِ بعد أن كان تُرابىِ اليوم إبتدأ يُعطينىِ جسدهُ ودمهُ مأكل حق ومشرب حق ، اليوم يقول لك " خُذوا كُلوا منها كُلّكُم وخُذوا إشربوا منها كُلّكُم " يقول لك " تقدّموا تقدّموا على هذا الرسم " تفضلّوا أدُخلوا يقول لك " هذا هو خُبز الحياة النازل من السماء " يُعطى عنّا خلاصاً وغُفراناً للخطايا وحياة لكُل أحد فأنت بتأكُلها وتعيش بها للأبد فهل يوجد أكثر من هذا مجد فماذا تُريد أنت ؟! فما الذى يُساوى غُفران الخطايا والحياة الأبديّة فهل الأكل والشراب والملبس أفضل من ذلك ؟! المسيح يُريدك أن تعيش فى فرحةُ ولذلك الذى يتقابل مع المسيح فإنّ رب المجد يسوع يُفرحه مُستحيل تُقنعنى أنّك تعيش مع ربنا ولا تفرح لذلك يا أحبائىِ بشارة ربنا يسوع هى بشارة مُفرحة وبِسخاء غير مُتوقّع ، فلا اتوقّع إنىِ أحمل سريرىِ وأمشىِ ، أنا كُنت بتمنّى فقط أن أحُرّك يدى ولكن هُنا هو سخاء ربنا يسوع ، مُستحيل أنّ النفس إدراكها يتوقّع عطايا ربناعطايا ربنا هى بِسخاء فالقديس بولس الرسول يقول " أشُكر الله على عطيتهِ التى لا يُعبرّ عنّها " ، فهل بُطرس الرسول عندما أنكر المسيح كان يتوقّع أنّه سيعود ويكون كارز ؟! فالمسيح بيأتىِ لكُل نفس جاحدة ، ربنا يسوع بِشارتهُ بِشارة مُفرحة لكُل نفس ، أى نفس تقابلت معهُ كان يحمل لها رسالة فرح حتى وهو فىِ أشد ألمهُ وفىِ عُمق ألمهُ قال للّص اليمين " اليوم تكون معىِ فىِ الفرِدوس " ، أنا أتيت لأخُلّص العالم ، ولم ينسى أن يُبشّرنا قبل أن يصعد وقال " لا أترُككُم يتامى وسأرُسل لكُم الروح القُدس " لا تحزنوا أنا سأمضىِ وأرُسل لكُم المُعزّى الروح القُدس ويقول لك لا تخف أنا لا أترُكك فتطمئن فهو لا يُريد أن يترُك نفس قلقة لا يُريد أن يترُك نفس حزينة يُريد أن يطمئن الكُل ويُعطىِ لكُل نفس بِشارة وأعطانا وعد بالحياة الأبديّة وقال " ها أنا معكُم كُل الأيام وإلى إنقضاء الدهر " قال أنا سأعُطيك كوكب الصُبح المُنير الذى هو نفسهُ يقول " لأنّ أجركُم عظيم فى السماوات " إفرحوا وتهلّلوا بِشارة مُفرحة يُكلّمك عن المُكافأة التىِ ستأخُذها ولذلك الإنسان المسيحىِ الذى يعيش مفاعيل البِشارة هذهِ فىِ حياتهُ لا يكون إنسان حزين بل بالعكس يصير هو بِشارة مُفرحة ، ولذلك أرُيد أن أكُلّمكُم عن أنّ المسيحىِ هو بِشارة مُفرحة0 3- المسيحى هو بِشارة مُفرحة:- فالإنسان الذى يعيش فى إنتصار على العالم يقول كما قال القديس أوغسطينوس" جسلت على قمة العالم عِندما أحسست أننّى لا أرُيد شيئاً من العالم ولا أشتهىِ شيئاً "الإنسان المسيحىِ معروف أنّه يحمل بِشارة مُفرحة للكُلّ ، كما يقول السيد المسيح" أراكُم فتفرحون ولا ينزع أحد فرحكُم منكُم " ولذلك الإنسان الذى يكون غير فرحان يكون فى شىء خطأ فى حياتهُ ولذا كان الشُهداء يفرحون وقت الموت فالمسيحىِ يحمل بِشارة مُفرحة لكُل من يتقابل معهُ ، فيوجد إنسان عندما تتقابل معهُ تزداد ألم وحُزن ويوجد إنسان آخر يحمل عنك الأتعاب المسيحىِ عندما يتقابل مع أحد فإنّه يحمل إليهِ فرح ،ويسمع منّه كلمة تعزيّة ،ويوجد إنسان آخر يزيد عليك الكآبة فالمسيحىِ يجعل الإنسان يفرح فىِ الضيق ويعرف انّ أفكارربنا غير أفكارنا ويُعلن أنّ ربنا عنده مُفتاح لكُل باب مُغلق وأنّهُ الذى يفتح ولا أحد يُغلق ويُغلق ولا أحد يفتح والإنسان عندما يسمع سُلطان ربنا هذا يستريح فعندما يكون هُناك إنسان تعبان وأقول لهُ " كُل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يُحبّون الله " فإنّه يستريح و يتعزّى فالمسيح كان يجول يصنع خيراًهو أتى ليرفع الحُزن من على الإنسان لابُد أنّ كُل من يسمعنىِ يستريح يقولوا عن الأنبا أنطونيوس أنّه أتى إليهِ مجموعة ليأخُذوا بركة وكانوا يسألونه ولكن كان يوجد واحد منهُم لا يسأله ، فسأل لماذا لا تسأل أنت أيضاً بالرغم من أنّك أتيت من بعيد ؟ فقال لهُ العبارة المشهورة يكفينىِ النظر إلى وجهك يا أبىِ فالأنبا أنطونيوس حامل قوة حامل مجد والذى يراه يفرح كما يقول بولس الرسول " كحزانى ونحنُ فِرحون " كأننّا حزانى ، فالضيقات التى فىِ داخلنا مُمكن تجعلنا مثل الحزانى ولكن نحنُ فرحين لأنّ ذراعه رفيعة فمُمكن أن تجلس مع إنسان تشعُر أنك مُطمئن ، لأنّ الفرح المسيحى فىِ داخله ،ولذلك الإنسان عندما يعيش بِشارة المسيح فإن يكون فى حالة فرح ويجعل الناس فرحين ، ولذلك لا أنقل للناس الحُزن واليأس ولكن أنقل لهُم الفرح النفس السخيّة الفرحانة تنقل الخير للكُل ، ولذلك علىّ أن أحاول أن أعرف كيف أفرّح الناس الذين حولى وكيف أسندهُم ؟ بولس الرسول يُكلّم أهل رومية الذين يعيشون فىِ عبودية الدنس والمشغولية ويقول لهُم " إنّها الآن ساعة لنستيقظ " هيّا لماذا أنتُم مُتأخرين ؟! " إنّ خلاصنا الآن أقرب ممّا كان " فيجب علىّ أن أنقل فرح لكُل إنسان لدرجة أنّ يوحنا الرسول عندما يكتُب رسالة يقول فيها " أكتُب إليكُم لأنّ خطاياكُم قد غُفرت " وكُل إنسان يُقابله يحس أنّه توجد فرحة إنتقلت إليهِ المسيحىِ بينضح على الآخرين بفكرهُ وبحياته فهذه هى بهجة البِشارة ولذلك البِشارة اليوم بتدركنا كُلّنا وبتُعطينا بهجة ربنا يسوع الذى تقابل مع السامريّة وخلّصها وتقابل مع زكا وتقابل مع المفلوج والمرأة الخاطية ونقلهُم من الحُزن إلى الفرح الحقيقىِ ينقلنا نحنُ أيضاً بنعمتهِ ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
06 أبريل 2024

إنجيل عشية الأحد الرابع من الصوم الكبير ( لو ۱۲ : ۲۲ - ۳۱)

" وقال لتلاميذه: مِنْ أجل هذا أقولُ لكُم لا تهتموا لحياتِكُمْ بما تأكُلُونَ، ولا للجَسَدِ بما تلبسون الحياة أفضَلُ مِنَ الطَّعام، والجَسَدُ أفضَلُ مِنَ اللُّباس تأملوا الغربان إنَّها لا تزرع ولا تحصد ، وليس لها مَخدَعُ ولا مَحْزَنُ، والله يُقيتُها. كم أنتُم بالحري أفضَلُ مِنَ الطُّيُورِ وَمَنْ منكُمْ إذا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزيدَ على قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ فإن كنتم لا تقدرون ولا على الأصغر، فلماذا تهتمون بالبواقي ؟ " تأملوا الزنابق كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل، ولكن أقولُ لَكُمْ إِنَّهُ ولا سُلَيمانُ فِي كُلِّ مَجدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كواحدة منها فإنْ كانَ العُشب الذي يوجد اليوم في الحقل ويُطرَحُ غَدًا في التَّورِ يُلبسُهُ الله هكذا، فكم بالحري يُلبسكُمْ أَنتُمْ يا قليلي الإيمان؟ " فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا ، فإِنَّ هَذِهِ كُلَّها تطلبها أمم العالم. وأما أنتُمْ فأبوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تحتاجون إلى هذه" بل اطلبوا ملكوت الله، وهذهِ كُلُّها تُزادُ لكم ". الطعام الباقي الذي للحياة الأبدية: في إنجيل القداس يتقابل الرب يسوع مع المرأة السامرية بينما يذهب التلاميذ ليبتاعوا طعامًا ولما عادوا إليه وطلبوا إليه قائلين "يا معلم كل"، فقال لهم: "لي طعام آخر لستم تعرفونه طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله"، ويتساءل التلاميذ في براءة : ألعل أحدًا قد أتاه بطعام؟" إذ لم يكونوا بعد يدركون كمال تدبيره الإلهي. لذلك يجيء إنجيل العشية كمقدمة لهذا الحوار وهو يبين قصد المسيح ويكشف عن الاهتمام بالطعام الباقي الذي للحياة الأبدية. فقول الرب لتلاميذه هنا "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون" عندما نقرنه بإنجيل السامرية يأخذ كمال معناه الإلهي.الحياة أفضل من الطعام أعني الحياة الأبدية التي لا تستمد وجودها ولا قوتها من هذا الطعام البائد يوجد طعام آخر هل ذقته؟ لقد شغل طعام هذا العالم قلب الإنسان وعقله من يوم أن وطأت قدماه أرض الشقاء لكي يفلحها بعرق الجبين وصار كل سعيه محصورًا في الحصول على قوت الجسد وبسبب لعنة الخطية صارت تنبت له شوكا وحسكًا يوخز الجسد فيئن مدى الحياة وقد دعا الرب يسوع هذا الطعام الطعام البائد بالمقارنة بالطعام الباقي الذي للحياة الأبدية وفي التجربة على الجبل عندما قال المجرب للرب "قل لهذه الحجارة أن تصير خبزًا موجّها سهمه نحو جسد الرب الجائع فكان أن الرب رد سهمه إليه وأخرج الرب من كنف المقلاع درة من سفر التثنية كانت مخزونة لليوم والساعة وهي المكتوب: أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله فارتزت في جبين العدو الشرير فسقط صريعًا كجليات في القديم. لقد جاء الوقت الذي فيه يقدم المسيح للبشرية الجائعة خبز الحياة الأبدية لكي يأكله الإنسان ولا يموت إنه طعام آخر غير الذي يعرفه الناس الخبز النازل من السماء لكي يأكله الإنسان ولا يموت وليس هذا الخبز سـوى المسيح نفسه المأكل الحقيقي هو جسده الذي بذله عنا. المسيح طلب من السامرية أن يشرب وكان وقت الساعة السادسة وقت الصليب الذي كان حاضرا في المسيح لأن المسيح غير زمني، فليس عنده مستقبل ولا ماض بل هو أزلي أبدي حاضر دائمًا فكان الصليب ماثلاً في تلك الساعة السادسة ووقتتها على الصليب أظهر عطشه مرة أخرى وقال: "أنا عطشان" ولما قدموا له خلاً ليشرب لم يرد أن يشرب لأنهم لم يفهموا أن عطش المسيح لا يرويه ماء هذا العالم، وجوع المسيح لا يشبعه خبز هذا العالم. قال اللص على الصليب للمسيح "اذكرني" وكانت يد المسيح ممدودة إليه وهو معلق إلى جانبه، وحين صلى اللص يطلب الخلاص ارتاح قلب يسوع وارتوى إذ وجد ثمار دمه المبذول لأجل الخطاة كان اللص أول من ارتمى تحت قدمي الصليب ليفيض عليه رشاش الدم الإلهي هذه كانت أول ثمرة تُشبع قلب يسوع وتروي عطشه يا للسرور الذي كان موضوعاً أمامه وهو على الصليب وهكذا السامرية لم تعطه ليشرب من ماء بئر، بل حينما مد يده وأخرجها من عمق بئر الخطايا وظلمة ماضيها ارتوت نفسه وارتاحت إلى خليقته الجديدة إذ رأى أنها وهى مفدية بدمه صارت حسنة جدًا جدًا ترى متى يبطل اهتمامنا بالطعام البائد، وإن كان هذا كثيرا نقول ترى متى نهتم بالطعام الآخر ونسعى إليه وما هو مقدار سعينا نحوه؟. وأين العرق الجديد للخبز الجديد ؟ أين أتعابنا وسهرنا وكدنا في طلب خبز الحياة؟ قال الرب للرسل ارفعوا عيونكم الحقول ابيضت للحصاد"ظاهريًا حقول القمح هي خبز الجسد، ولكن المسيح يتكلم عن الحصاد الكثير وقلة الفعلة، وينقل الذهن إلى حبات حنطة الحياة الجديدة التي تلدها حبة الحنطة التي ماتت وأتت بثمر كثير كان باكورة هذا الحصاد هي السامرية. لقد حان أوان قطافها وقعت في يد المسيح نفوس كثيرة تحتاج كلمة نفوس كثيرة جاهزة للخلاص اطلبوا رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده، فالحصاد كثير جدا إن الوقت والجهد الذي نبذله من أجل خبز الحياة ضئيل جدًا جدًا إذا ما قورن بما نبذله من أجل لقمة العيش وخبز الجسد أين ما علمنا أياه الرب في الصلاة أن نطلب خبز الغد (خبز الحياة الأبدية أننا لا نعرف لنا غدًا سوى حياتنا في المسيح إلى الأبد) لكي يعطيه لنا اليوم نذوقه ونتمتع به ونغتذي عليه كمن يحيا الحياة الأبدية وهو بعد على الأرض لا يفهم هذا على أنه تقليل من شأن الجهاد والعمل في العالم بحسب ما أعطى الله وزنات لكل واحد، إن كان للطالب في جهاده في دراسته أو عامل في عمله أو موظف في وظيفته أو مزارع في زراعة أو أم في تربية أولادها. وكل هذه أعمال واجبة وممدوحة نؤديها بالأمانة المسيحية في كل أخلاص ونجني ثمرها ونشكر الله على عمله معنا وسنده أيانا لكن الرب ينبه الذهن إلى عدم الهم وعدم القلق التي تعمل بها هذه الأعمال "لا تهتموا لا تقلقوا " لأن من منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحدة؟ يستحيل. فالهم علاوة على أنه لا يغير شيئًا فهو مؤذ للنفس الهم"في قلب الرجل يحني ظهره"(أمثال) والاهتمام تدبير أما الهم فهو عدم اتكال على الله. والأمر الثاني هو تحويل مركز اهتمامنا من الأرضيات إلى السماويات ومن خبز الجسد وضرورياته إلى خبز الحياة الأبدية والسعي الدائم نحوه. ففيما نحن نمارس أعمالنا اليومية يكون شغل قلبنا فيما هو سماوي. تداريب تدرب على أكل الكلمة الإلهية "وجد كلامك فأكلته". قال الرب لحزقيال حين عرض عليه الكلمة الإلهية مكتوبة في درج كتاب قال له: "كُل ما تجده، فأكله فصار في فمه كالعسل حلاوة". تدرب على التلذذ بأكل الكلمة الحيةفتحيا بها كطعام يومي. تدرب على التناول بوعي روحي وإدراك وحاسة مقدسة ومذاقة روحية لا تنس أنك أخذت المسيح نصيبك وحين تأكله اقض اليوم كله متأملاً فيه، كيف أعطانا جسده لنأكله الأمر الذي تشتهي الملائكة أن تطلع عليه. كرر قول المسيح: لي طعام "آخر مرات كثيرة في اليوم ليدفعك للسعي نحو الحياة الفضلى والشبع بما هو نازل من فوق. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
05 أبريل 2024

طهارة للذين في البتولية

كتب معلمنا بطرس الرسول "بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة لانه مكتوب كونوا قديسين لاني انا قدوس وان كنتم تدعون ابا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف عالمين انكم افتديتم لا باشياء تفنى بفضة او ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الاباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب و لا دنس دم المسيح.( 1بط 15:1-19) طھارةً للذین في البتولیة ھي الطلبة الثالثة من الطلبات المتخصصة،والطلبة التاسعة ضمن الطلبات القصیرة التي تقال في القداس. ھذه الطلبة تختص بالشباب والشابات، والدلیل على ذلك ھو إن الطلبة التي تلیھا ھي: "حیاةً صالحة للذین في الزیجة". فھما طلبتان متتالیتان: الأولى تخص ما قبل الزواج والثانیة ما بعد الزواج. وتقابلھا في العھد الجدید الوصیة التي قالھا القدیس بولس الرسول لتلمیذه تیموثاوس الشاب: "اِحْفَظ نَفْسَكَ طَاھِرًا" ( ۱تي ٥ :22) وھي تذكرنا بعبارة وردت في العھد القدیم في سفر الجامعة: "اذْكُر خَالِقَكَ فِي أَیَّامِ شَبَابِكَ" (جا ۱۲: 1) وحیاة الطھارة لا تخص الجسد فقط لكنھا حیاة شاملة. والمقصود بالبتولیة لیس بتولیة الجسد فقط لكن المقصود بتولیة الفكر والنفس والضمیروالقلب والجسد. أھمیة حیاة الطھارة الشاملة فترة الشباب ھي فترة لا تعوض، تبدأ بسن المراھقة، الذي فیه یعطي الله كل منا طاقة وعاطفة تظل مخزونة في قلبه، فیبدأ القلب بالانفتاح على الجنس الآخر. وأغلى ھدیة یقدمھا الإنسان للطرف الآخر عند الزواج ھو ھذا المخزون من العاطفة.إن السبب الحقیقي لرغبة البعض في الانفصال بعد الزواج ھو أن مخزون العاطفة القلبیة كان قلیلاً فانتھى سریعًا. في حین أن الشاب/الشابة الذي یحتفظ بنعمة ربنا التي تسمى العاطفة emotion ولا یبذِّرھا، فإنه یوم یأخذ قرار الزواج یكون قراره صحیحًا، وزواجه یدوم ویفرح بالسنین كلھا.أما من یبذِّر العاطفة القلبیة ولا یقدِّر قیمتھا بعلاقات وتلیفونات ومقابلات وكلمات، عامًا بعد عام،وقصة بعد قصة،ھذا حینما یرید أن یكوِّن أسرة لا یجد ما یملأ ھذا الكیان الجدید لأن عاطفته تكاد تنتھي. كیف نبدأ؟ أیھا الشاب/الشابة أعطِ قوتك الشبابیة ﻟﻠﮫ.لا تقل أرید أن أفرح، وأعمل مثل باقي الشباب،وأذھب أي مكان، وأرى كل شيء، وأصادق أي شخص انتبه إن الحیاة بنك تسترد منه ما سبق أن أودعته فیه. إن وضعت قلیلاً ستجد قلیلاً. عندما تعطي قدرتك الشبابیة ﻟﻠﮫ الآن، یردھا لك في الكبرلأنك حافظت على نفسك.لیست حیاة الشباب فرصة أن تجرب أي شيء (إدمان المخدرات، والعلاقات الخاطئة،والصداقات الردیئة وھكذا). احترس لأن الحیاة مع الله دائمًا فیھا حلاوة وطمأنینة وفرح داخلي ورجاء وأمل ونجاح، أما إن جربت أمور العالم فستبعد عن الله، وعندما یبعد الإنسان عن الهل سیجد الحیاة فیھا مرارة،وغربة،ویأس وتؤول إلى الفشل،وربما یصل إلى الانتحارعالم الیوم مختلف تمامًا، فھو عالم فیه سرعة في كل شيء،وعنف شدید في الصغار والكبار،وإباحیات بكل الأشكال حتى صارت تجارة،وقلق یملأ القلوب، وھو عالم مليء بالفساد.تذكر إنك إن أعطیت قوتك الیوم ﻟﻠﮫ یردھا لك في الكبر وقت الشیخوخة، فیعطیك الله قوة وقدرة في الناحیة الصحیة،وعقل حاضر،ومشاعر قلب. التعامي عن الموت إن الحروب المحیطة بالشباب الیوم ھي من كل نوع (الإباحیات،السرعة،الإدمان،العنف،الجریمة، الفساد) ولھا ھدف غریب جدًا ھو التعامي عن الموت أي أن ینسى الإنسان الموت، ثم فجأة یأتیه الموت.الموسیقى الیوم عالیة جدًا وشدیدة، حتى إن من یعزفونھا یسدون آذانھم لحمایتھا من الذبذبات العالیة، لماذا؟ یقولون: لكي تنسي الإنسان الموت كیف ننسى الموت ونحن كل یوم نودع حبیبًا؟ ویقول الشعراء: "الموت كأس لكل البشر" كما إن قنوات التلفزیون تعمل ۲٤ ساعة، وشبكة النت، والموبایل، ومواقع التواصل الاجتماعي، كل ھذا یجعلك مشغولاً في كل وقت لتنسى حقیقة وحیدة أساسیة في الحیاة وھي أنك یومًا ما، لایعلمه أحد، سوف تغادر ھذه الحیاة.أرجوكم انتبھوا یا شباب.. حیاة الطھارة صعبة فقط في الحالات التالیة: ۱- من لا یرید الحیاة النقیة: ویعیش في تلاھي،ولا یسمع لمن ینصحه (الإنجیل، صلوات الكنیسة،الوالدان، الكاھن، الخدام)، لأنه لیست لدیه رغبة فتصبح الطھارة صعبة بالنسبة له. ھذا النوع في لسانھم عبارة: "مافیش فایدة". ۲- من یعتمد على إمكانیاته المحدودة: یظن في نفسه أنه قلیل وغیر قادر، وأن كل الناس تقول كذا أو تعمل كذا اعرف إن المسیح قال لنا: "بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَیْئًا" (یو ۱٥: 5) كلنا إمكانیاتنا قلیلة وضعیفة لكن القلیل في ید المسیح یصیر كثیرًا. تذكر معجزة إشباع الخمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأطفال بخمسة أرغفة وسمكتین، وفضل عنھم ۱۲ قفة مملوءة من الكسر.واعرف أن الله الساكن فیك یقدر أن یعطیك نعمة،فاطلب وربنا یقویك ویسندك. اطلب النعمة وجد في صلواتك وإنجیلك واعترافاتك وممارسة الأسرار والتناول. تذكر عبارة یوسف الصدیق: "كَیْفَ أَصْنَعُ ھذَا الشَّرَّ الْعَظِیمَ وَأُخْطِئُ إِلَى للهِ" (تك ۳۹: 9) التي قالھا في وقت لم توجد فیه وصیة مكتوبة. ۳- من یعیش حیاة فارغة: فالحیاة الفارغة مرتع للنجاسة. والحیاة الفارغة ھي الحیاة التي بلا رسالة، بلا مسئولیات، بلا خدمة. یقول الكتاب "مَحَبَّة الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ﻟﻠﮫِ" (یع ٤:4) لا تدخل أمورالعالم إلى قلبك وإلا یصیر قلبك فارغًا بلا معنى،وتكون إنسانًا بلا منفعة وبلا طائل في حیاتك. لوأردت أن تعیش في الطھارة اھتم واملأ قلبك بالدراسة، بالمھنة، بالھوایة، بالشغل، بالقراءة،بالثقافة، بالخدمة بأي شكل من أشكالھا. ٤- من یندمج في مجتمع معثر: الصدیق الصالح یرفعك أما "الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِیَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَیِّدَةَ" ( ۱كو ۱٥: 33) المناخ العام والمجتمع غیر نقي وفیه أمور كثیرة معثرة تذكر أن جسدك مقدس وله كرامة لأنك رشمت بالمیرون. من فضلك انتبه واحمِ نفسك من عثرات المجتمع الذي حولك ولا تنسى قصة یوسف الصدیق قال القدیس أثناسیوس الرسولي: "قد یقول أحدكم: أین ھو زمان الاضطھاد لكي أصیر شھیدًا؟ الآن یمكنك أن تكون شھیدًا إذا أردت: أمت الخطیة،احفظ نفسك طاھرًا،فتصیر شھیدًا باختیارك". قال القدیس یوحنا ذھبي الفم: "الوجه الذي تقدس بعلامة الصلیب لا یمكن أن ینحني للشیطان" لأن أول رشمة بالمیرون كانت بعلامة الصلیب على جبھتك. الخلاصة : "طھارة للذین في البتولیة": ھي نداء لكل شاب/شابة لكي یحفظ حیاته طاھرًا، فكرًا وقلبًا،ویحفظ الطھارة لعینیه ویده ولسانه ونفسه وضمیره.إن عاش الإنسان في النقاوة سیصیر شبابه صحیحًا ومستقبله صحیحًا، ولله ینظر إلیه لأنه سمع الوصیة "اذْكُر خَالِقَكَ فِي أَیَّامِ شَبَابِكَ" (جا 12: 1) فمتى أراد أن یكوِّن أسرة، تكون أسرته قویة وصالحة ومباركة ومفرحة. ﻟﻴحفظ الله ﻛﻞ أولادنا وبناتنا وشبابنا وشاباتنا. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
04 أبريل 2024

بدعة سيمون الساحر

بدء فكرة السيمونية Simony "ولما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة اللَّه، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا" القديس يوحنا الذي سبق فطلب مع أخيه يعقوب من رب المجد يسوع أن يرسل نارًا ليحرق قرية سامرية (لو 9: 25 الخ)، هو نفسه الآن ينطلق مع القديس بطرس، منتدبين من الكنيسة في أورشليم، لمساندة القديس فيلبس في خدمته في السامرة. ذهبا الآن لكي تنزل نار الروح القدس الذي يجدد القلوب ويسكب المحبة الإلهية فيها، ويشَّكل النفوس لتصير العروس المقدسة للسيد المسيح إذ قبل السامريون الكلمة بأعداد كبيرة صار العمل يحتاج إلى أيدٍ أخرى للعمل بجانب القديس فيلبس. إنها أول حركة كنسية جريئة من أورشليم، أن تبعث رسولين إلى خارج اليهودية لخدمة السامريين، لينضم سامريون إلى العضوية الكنسية إرسال بطرس ويوحنا إلى السامرة من قبل الكنيسة في أورشليم يؤكد العمل الكنسي الجماعي، ودور الكنيسة في أورشليم القيادي، وأنه لم يكن بين الرسل رئيس، بل كان الكل متساوين في السلطان الرسولي. لا يحمل القديس بطرس رئاسة ليرسل رسلاً، بل في تواضعٍ وحبٍ وشركةٍ أطاع صوت جماعة الرسل الذين أرسلوه مع القديس يوحنا للعمل بحكمة. اختار الرسل القديس بطرس المعروف بغيرته واندفاعه ومعه القديس يوحنا المعروف بهدوئه ورقته؛ وقد حدث انسجام بينهما مع اختلاف سماتهما، إذ شعر كل منهما محتاجًا للآخر. فاختلاف السمات أو المواهب علامة صحية للكنيسة مادام الحب مع التواضع يعملان في حياة الجماعة "اللذين لمّا نزلا صلَّيا لأجلهم، لكي يقبلوا الروح القدس" "لأنه لم يكن قد حلّ بعد على أحدٍ منهم،غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع" "حينئذ وضعا الأيادي عليهم،فقبلوا الروح القدس" كان المؤمنون قد نالوا سرّ العماد، الآن وضع الرسولان بطرس ويوحنا الأيادي ليحل الروح القدس عليهم. وقد تسلم الأساقفة هذا التقليد أو التسليم: "وضع الأيادي"، وقد دُعي سرّ المسحة" أو "سرّ الميرون" حيث يسكن الروح القدس في أعماق النفس، ويقدس حياة المؤمن، ويقوده لكي يحمل أيقونة المسيح، وسأتحدث عنه في ملحقٍ خاص به في نهاية الحديث عن هذا الإصحاح. لقد سبق فأوصى تلاميذه ألا يدخلوا مدينة للسامريين (مت 10: 5)، الآن بعد صعوده وإرسال روحه القدوس فتح أبوابها لهم ليكرزوا ويعمدوا. قام القديس فيلبس بتعميدهم باسم الرب يسوع، فلماذا لم يضع يده عليهم ليحل عليهم الروح القدس؟ يرى البعض أن موضوع قبول الأمم للإيمان ونوالهم سرّ العماد وحلول الروح القدس كان أمرًا غاية في الخطورة، لم يكن ممكنًا لليهود المتنصرين في البداية أن يقبلوه. فلو تم ذلك خلال فيلبس وحده لأخذ اليهود المتنصرين منه موقفًا متشددًا، وربما حسبوا عمله باطلاً. لهذا قام بالكرازة والعماد، وجاءت كنيسة الختان ممثلة في شخصي بطرس ويوحنا تثبت صحة العمل بوضع الأيادي ليقبلوا الروح القدس. فما فعله الرسولان لا يقلل من شأن القديس فيلبس، ولا يضعه في موقف العجز عن وضع اليد لقبول الروح القدس، إنما كان بخطة إلهية لتأكيد وحدة العمل جميعًا في فتح باب الإيمان للأمم كان قبول الروح القدس في بداية الكرازة يختلف من حالة إلي أخرى حسب ما يراه الروح من أجل ظروف الكنيسة القديس كيرلس الأورشليميي قال: " أيام موسى كان الروح يُعطي بوضع الأيدي (عد 11: 29)، وبوضع الأيدي يعطي بطرس الروح. " "ولما رأى سيمون أنه بوضع أيدي الرسل يُعطى الروح القدس، قدّم لهما دراهم".ظن سيمون أنه قادر أن ينال سلطان الرسل في صنع الآيات والعجائب بدفع دراهم للرسل، ولم يدرك أن الرسل أنفسهم تمتعوا بها كنعمةٍ مجانيةٍ، مُقدمة لهم من الله نفسه؛ وأن هؤلاء الرسل قد باعوا كل ما لهم ليتبعوا المصلوب. فما أراد أن يقدمه لهم سيمون ليس له موضع في قلوبهم ولا في فكرهم مع أن سيمون قد قبل الإيمان المسيحي، لكن قلبه كان لا يزال أسيرًا لعمل أمور فائقة خلال السحر، ولعله ظن في السلطان الرسولي أنه نوع من السحر، ولكن بطبيعة أخرى غير التي مارسه قبل الإيمان إنه مثل بلعام، قدم مالاً ليقتنى الموهبة، فكانت غايته نوال مكاسب مادية وراء هذا العمل أخيرًا فإن تصرف سيمون يكشف عما في قلبه من كبرياء واعتداد بالذات القديس أغسطينوس قال: " أحب سيمون الساحر سلطان المسيحيين أكثر من البرّ. " "قائلاً: أعطياني أنا أيضًا هذا السلطان، حتى أي من وضعت عليه يدي يقبل الروح القدس" يرى القديس ايريناؤس أن سيمون الساحر ظن أن ما يمارسه الرسل من عجائب هو عن معرفة أعظم للسحر وليس بقوة الله، لذلك أراد اقتناء هذه الموهبة بدراهمٍ، لكشف السرّ له. لقد أظهر رغبته في التعرف على أسرار أعظم للسحر عوض إيمانه بالله وتوبته العلامة ترتليان يقول: " لا يقدر أن يرجو ملكوت السماوات من يفسد السماء بإصبعه وعصاته السحرية (أي باستخدامه النجوم في السحر)." القديس إيريناؤس يقول: " إذ تقبلت الكنيسة العطايا مجانًا من الله تخدم الآخرين مجانًا. "القديس كيرلس الأورشليمي يقول: " لم يقل: "أعطياني أنا أيضًا شركة الروح القدس" بل قال: "هذا السلطان"... لقد قدم مالاً لمن ليس لهم مقتنيات، مع أنه رأى الناس يقدمون ثمن الأشياء المُباعة ويضعونها عند أرجل الرسل. "القديس أغسطينوس يقول: " عندما رأى سيمون ذلك ظن أن هذه القوّة هي من البشر، فأراد أن تكون له هو أيضًا. ما ظنّه أنه من البشر، أراد أن يشتريه من بشر. " "فقال له بطرس: لتكن فضتك معك للَّهلاك، لأنك ظننت أن تقتني موهبة اللَّه بدراهم". كشف له القديس بطرس عن جريمته، وهي اعتقاده أنه قادر أن يقتني المواهب الإلهية التي لا تُقدر بثمن بدفع دراهمٍ يؤمن القديس بطرس أن محبة المال مدمرة للنفس، فإن كان قلب سيمون مرتبطًا بهذه الرذيلة إنما يهلك مع ما لديه من فضة، التي حتمًا تزول وتتبدد، بل والأرض كلها تزول لقد ربط نفسه بما هو زائل فينحدر مع ما ارتبط به ظن سيمون أنه قادر أن يشتري من الله إحساناته الإلهية وعطاياه السماوية بالمال؛ وهو بهذا يهين الله الكلي الحنو "ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر، لأن قلبك ليس مستقيمًا أمام اللَّه"."نصيب": تستخدم في توزيع الميراث حيث ينال كل شخص نصيبه منه. فإذ كان قلب سيمون غير مستقيمٍ لم يعد يُحسب ابنا لله القدوس، وبالتالي ليس من حقه أي نصيب في الميراث. وكأن ما يشغل ذهن المسيحي ليس نواله النصيب من الميراث، مهما بلغت قيمته، وإنما التمتع بالبنوة لله، والثبات فيها، عندئذ ما يناله من مواهب في هذا العالم، أو من ميراث في الحياة الأبدية، هو ثمر طبيعي للبنوة الفائقة "قرعة": كانت تستخدم حين تتحقق نصرة جيشٍ ما، فيجمع الغنائم وتُستخدم القرعة في توزيعهما. ليس من حق سيمون أن يتمتع بالقرعة، لأنه عزل نفسه عن جيش الله، ولم يعد بالجندي الصالح الذي يهدم حصون إبليس ويسحقه بالنعمة تحت قدميه، فأي قرعة تعمل لحسابه؟أخيرًا، فإن علاج الموقف ليس مجرد التراجع عن طلب الموهبة بدراهمٍ، بل التحول من الاعوجاج أو عدم استقامة قلبه إلى الاستقامة والقداسة والإخلاص في محبته لله لقد آمن سيمون واعتمد، لكنه أصر على الاعوجاج وعدم التمتع بالحياة الجديدة التي في المسيح يسوع. فالله يراه حسبما يكون قلبه عليه، لأنه فاحص القلوب والكلي تُنسب السيمونية لسيمون الساحر الذي ظن أنه قادر أن يقتني مواهب الروح القدس بدراهمٍ، إما لمكسبٍ مادي أو لنوال كرامةٍ زمنيةٍ. تناقض السيمونية عمل الروح، لأن مواهب الروح تقدم لمن باعوا العالم وصلبوا الذات مع الشهوات من أجل المجد السماوي. فمن كان نصيبه السماء لا ينتظر مكاسب مادية أو مجدًا زمنيًا جاء في إبيفان Epiphan [قال سيمون عن نفسه أنه الابن، وأنه لم يتألم حقيقة، بل بدا لهم هكذا.] [وأنه جاء بنفسه بين اليهود بكونه الابن، وبين السامريين الآب، ولبقية الأمم بكونه الروح القدس.] في دفاعه الموجه إلى أنطونيوس بيوس كتب الشهيد يوستينوس [كان يوجد سيمون السامري من قرية تدعى Gitton في أيام حكم كلاديوس قيصر في روما مدينتكم الملكية، هذا صنع أعمالاً وسحرًا، وذلك بواسطة الشياطين العاملة فيه. لقد حسبوه إلهًا وكُرم بينكم بعمل تمثال له، حيث أقيم في نهر التيبر بين جسرين، وحمل هذا النقش "Simoni Deo Sanceto" الذي هو "سيمون، اللَّه القدوس."] وذكر القديس إيريناؤس والعلامة ترتليان ذات القصة القديس كيرلس الأورشليمي قال: " سيمون الساحر هو مصدر كل هرطقة، هذا الذي جاء عنه في سفر أعمال الرسل أنه فكَّر أن يشتري بمالٍ نعمة الروح القدس، فسمع القول: "ليس لك نصيب في هذا الأمر" الخ.، وعنه أيضًا كُتب: "منا خرجوا، لكنهم لم يكونوا منا، لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا" (1 يو 19: 2) هذا الإنسان بعدما طرده الرسل جاء إلى روما، حيث استمال إليه زانية تدعى هيلين Helene. وقد تجاسر بفمه المملوء تجديفًا أن يُدعي أنه هو الذي ظهر على جبل سيناء كالآب، وظهر كيسوع المسيح بين اليهود، ليس في جسدٍ حقيقيٍ بل كان يبدو هكذا، وبعد ذلك كالروح القدس الذي وعد المسيح أن يرسله كمعزٍلقد خدع مدينة روما حتى أقام له كلوديوس تمثالاً نقش عليه من أسفل بلغة الرومان: Simoni Deo Sancto، وهى تعني "إلى سيمون اللَّه القدوس" القديس ايريناؤس قال: " اشترى سيمون من صور، وهي مدينة فينيقية، زانية معينة تدعى هيلين، اعتاد أن يأخذها معه، معلنًا أن هذه السيدة هي أول إدراكات ذهنية، وأنها أم الجميع، بواسطتها أدرك منذ البداية خلقة الملائكة ورؤساء الملائكة. "كشف له الرسول عن سمات شخصيته الخفية وهي "عدم استقامة قلبه"؛ فجريمته تكمن في أعماقه، ولا تقف عند ما نطق به أو سلك به. فهو في حاجة إلى تجديدٍ داخليٍ للقلب. إنه يحمل فكرًا عالميًا ماديًا، أو طبيعيًا، لا يقبل ما لروح لله، فكيف ينال مواهب الروح؟ "فتبْ من شرِك هذا، وأطلب إلى اللَّه، عسى أن يغفر لك فكر قلبك".قدم له الرسول العلاج وهو "التوبة"، فقد آمن واعتمد، لكن لم يرجع إلى الله بالتوبة... متى قدم توبة يمكنه أن يرفع عينيه إلى الله، فيراه غافر الخطايا، مهما كان جرمها. فالصلوات والطلبات والتضرعات لن تُقبل بدون التوبة. "فكر قلبك": إنك محتاج ليس فقط إلى التوبة عن تصرفك بطلب مواهب الله المجانية بدراهم، وإنما أيضًا عن فكر قلبك الذي تخفيه في داخلك، لكنه ظاهر أمام الله طالبه أن يحول نظره عن المال الذي بين يديه، أو الذي يتوقع نواله، كما يحوله عن حب السلطة والكرامة، ليتطلع إلى أعماقه ويكتشف ما بلغه قلبه من فسادٍ ونجاسةٍ ويصرخ إلى الله مخلصه ليغفر له خطاياه مع قوله: "لتكن فضتك معك للهلاك"، بمعنى دعْ سيدك في جيبك لدمارك، يفتح له باب التوبة: "تب من شرك هذا" "لأني أراك في مرارة المرْ، ورباط الظلم" "مرارة": تشير الكلمة هنا إلى السائل الأخضر باصفرار الذي يوجد خفية في الكبد، فإن الخطية تفيض في داخل النفس سائلاً مرًا، يُفقد القلب سلامه، والنفس فرحها، ليعيش الإنسان مرْ النفس، أحيانًا بلا سبب خارجي نال سيمون شهرة عظيمة، حسده الكثيرون عليها، وظنه الكثيرون من أسعد الناس وأقواهم، أما القديس بطرس فرأى مرارته الداخلية، وقيود نفسه التي تكبله وتحبسه داخل الظلمة "لأني أراك في مرارة المر ورباط الظلم". أدرك القديس بطرس كيف دخل الشيطان بسيمون إلى الكنيسة ليفسدها، فقد كان لعمله هذا أثره على الشرق والغرب إلى قرابة ثلاثة قرون. بل ولازال عدو الخير يبذل كل الجهد لإفساد كنيسة الله بالسيمونية. إنه لا يزال يثمر سيمون علقمًا وأفسنتينًا (تث 29: 18) يفضل البعض ترجمتها: "مرًا وأفسنتينا" "رباط الظلم" الأصل اليوناني معناه "قيود الشر". كان الرسول بولس يطالبه بالتوبة والرجوع إلى الله، وهو يراه مقيدًا بقيود الشر القديس يوحنا الذهبي الفم قال: " لماذا لم يضرباه بالموت كما حدث مع حنانيا وسفيرة؟ فإنه حتى في الأوقات القديمة الذي جمع الحطب في يوم السبت قُتل (رجمًا) ليكون عبرة للآخرين (عد ١٥: ٣٢)، ولم يحدث هذا بعد في الأمثلة التي بعد ذلك، هكذا في المناسبة الحاضرة القديس يوحنا الذهبي الفم قال: " هذه كلمات تحمل سخطًا شديدًا. لكنه لم يعاقبه، حتى لا يكون الإيمان بالإكراه، ولكي لا يبدو الأمر فيه قسوة، لكي يفتح باب التوبة، فإنه يكفي لإصلاح أمره أن يقنعه ويخبره بما في قلبه حتى يجتذبه إلى الاعتراف بخطئه. فإن قوله: "أطلبا أنتما إلى الرب من أجلي" هو اعتراف أنه ارتكب خطأً تًمثل الخطية هنا بالمرارة، السم القاتل، الحرمان من الفرح، هذه كلها من عمل الخطية بكونها مدمرة لكل ما هو صالح، كما تُمثل أيضًا بقيود العبودية والحرمان من حرية الحركة والعمل، والتمتع بالبرّ الإلهي (مز 116: 16؛ أم 5: 22؛ رو 7: 23- 24) "فأجاب سيمون وقال: أطلبا أنتما إلى الرب من أجلي، لكي لا يأتي عليّ شيء مما ذكرتما"اظهر سيمون انزعاجًا شديدًا بسبب اللعنة التي حلت عليه، لكن يبدو أنه لم يكن جادًا في توبته. لقد طلب الرسول بطرس منه أن يتوب وأن يصلي، لكي ما يكشف الله عن خطاياه كما يكشف له عن نعمة الخلاص، حيث ينال مغفرة خطاياه ويتمتع بالبركات الأبدية، أما سيمون فيبدو أنه لم يكن يشغله خلاص نفسه، بل يشغله ما تحل به من إهانات وفقدان للكرامة، أي عقوبة الخطية. لهذا لم يطلب من الرسولين أن يسنداه بصلواتهما لأجل توبته، بل لكي لا تحل به العقوبة. حسن أن نطلب صلوات الآخرين عنا، على أن تكون سندًا لنا في صلواتنا؛ نطلبها في شعورٍ حقيقي بالحاجة إلى التوبة، لا بالخوف من العقوبة الإلهية أمام الناس لقد تمثل سيمون بفرعون في طلبه من موسى الصلاة عنه (خر 8: 28، 32)، وأيضا يربعام (1 مل 13: 6). هكذا يطلب أحيانًا الأشرار الصلاة من أجلهم، مع تشبثهم وإصرارهم على ممارسة الشر.
المزيد
03 أبريل 2024

الصوم الروحي

الصوم الكبير من أقدم وأقدس أصوام السنة، نتذكر فيه الصوم الأربعيني الذي صامه الرب، يضاف إليه أسبوع الآلام الذي هو ذخيرة السنة الواحدة ومهمًا أن يمر علينا كفترة روحية، ولذلك علينا أن نتأمل معًا روحيات الصوم لنتدرب عليها ليس الصوم مجرد امتناع عن الطعام، فهذا الامتناع هو مجرد وسيلة للسيطرة على الجسد لإعلاء الروح فهل أنت في الصوم تسيطر على جسدك تماما؟ وهل تهتم بالايجابيات التي تنميك روحيا؟ وكما تمنع جسدك عن الطعام، هل تعطى روحك طعامها؟ ومن هنا كان الصوم يقترن دوما بالصلاة، وبالتأمل وبباقي تفاصيل العمل الروحي، من قراءة وترتيل واجتماعات روحية، وتداريب روحية ومحاسبة للنفس وكما يقترن الصوم بالصلاة، يقترن أيضًا بالتوبة ومثال ذلك نينوى، بكل ما فيها من تذلل ومثاله أيضًا الصوم الذي شرحه سفر يوئيل النبي (2: 12-17) والله يسر في الصوم بترك الخطية أكثر مما يسر بإذلال الجسد وهكذا نقرأ عن صوم أهل نينوى أنه "لما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه" (يون3:10) والصوم أيضًا مقرون بعمل الرحمة نرحم الناس لكي يرحمنا الله. ونشعر بألم الناس حينما نجوع فنشفق على الجائعين ونطعمهم وما أجمل ما قيل في أقوال الآباء "إن لم يكن لك ما تعطيه لهؤلاء القديسين فصم وقدم لهم طعامك" وقد شرح هذا الأمر في سفر إشعياء (58) والصوم فترة للزهد في المادة وكل ما يتعلق بها والزهد معناه عدم الاهتمام بالطعام وأصنافه وطهيه وتنسيقه، مما يخرج الصوم عن روحه، ويتحول إلى شكليات ما أجمل قول دانيال النبي في صومه "لم آكل طعاما شهيا" (دا10: 3) وهذا الزهد في الطعام من جهة الانقطاع عنه والامتناع عن مشتهياته، ما هو إلا دالة على الزهد عموما والتدريب عليه لانشغال القلب بكل ما هو روحاني ونافع للحياة الأبدية. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
02 أبريل 2024

مفاهيم غريبة عن معنى الصوم

١-ليس الصوم إذلالاً للبدن يظن البعض أن الصوم هو لإهلاك الجسد وإضعافه وسر هذه النظرة الخاطئة عدم تفهم بعض أقوال الكتاب المقدس مثل " أقمع جسدى وأســــــــتعبده " ، الجسد يشتهى ضد الروح والروح يشتهى ضد الجسد " ، والحقيقة أن مفهوم الجسد هنا لا يعني البدن أو الهيكل الجسدى وإنما يعنى الإرادة الفاسدة والإنسان العتيق ، والذي أدخل إلى التصوف المسيحى مفهوم النسك الخاطئ القائم على منهج الثنائية بين الجسد والروح العقيدة الأفلاطونية التى تسربت إلى المسيحية وكانت تنادى بأن العالم المادى ليس من أعمال الله وأن كل ما هو مادى إنما هو حقير وكل ما هو مجرد فهو راقي ، هذا الاتجاه لا يوافق مقاصد الله من الإنسان وإنما هو فكر أفلاطوني ينظر إلى الجسم كسجن للعقل وللجسد كمقبرة للروح ، أما الكتاب المقدس فهو دائما أبدا يرفض نظرية الثنائية تماما ويؤكد مبدأ وحدة الجسد والنفس " السيكوفسيولوجي " . وقد علمنا الأباء أن النسك لا يجب أن ينحرف إلى الدرجة التي نقسو فيها على أجسادنا فتعاق عن تأدية واجبات الحياة بنشاط ، وأن التركيز كله ينبغى أن يكون داخليا موجها إلى الإرادة التي تسوقنا إلى الشهوة والخطية . إن الصوم ليس نوعا من الكبت والحرمان وليس هو فريضة ثقيلة مفروضة على النفس من الخارج وإنما هو حب وانتعاش للروح وتخلية إرادية عن شهوة الطعام للإعلاء بها نحو حب الله . الصوم إذا ليس إذلال للبدن وإنما هو إذلالا لشهوة الجسد وليس هو إضعافا للجسد وإنما هو إماتة للجموح والانحراف والإرادة الفاسدة التى تسكن الجسد . ٢- ليس الصوم تكفيرا عن الخطايا يظن البعض أن الصوم تكفيرا عن الخطايا ، وأنه يمحو الذنوب والآثام ، ولكن الحقيقة أنه ليس من وسيلة للغفران إلا دم يسوع المسيح وحده إذ يقول الكتاب متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذى قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله "( رو ٣ : ٢٤ ، ٢٥ ) ، ويقول أيضا " هذا هو حمل الله الذى يرفع خطيئة العالم "(يو ۱: ۲۹).فليس في المسيحية من وسيلة لمحو الخطيئة إلا دم يسوع المسيح وحده ، ولذلك يلزمنا لكي ننال الغفران أن نتوب ونعترف بخطايانا ثم نتقدم للمذبح لنأكل الجسد المقدس ونشرب الدم الكريم ومن خلال هذا الاتحاد ننال الغفران والخلاص الأبدى أما الصوم فهو أحد وسائط النعمة ، إنه واسطة ، إنه وسيلة فقط ، إنه مجال ، إنه مناخ ، إنه تهيئة لكى تنتعش النفس ويتوب القلب وتندم الإرادة ، الفكرة الشائعة أن الأصوام تمحو الخطايا فكرة غير مسيحية وتتناقض مع عقيدة أساسية هي أنه لا غفران إلا بدم المسيح وحده . ولكن إن كان الصوم مقترناً بالصلاة والتوبة وعمل الرحمة ومكملا بسر الأفخارستيا فهنا تكمن المغفرة وترفع عن النفس الدينونة لأن الصوم مهد إلى التوبة ، والتوبة مهدت إلى الاتحاد بالمسيح الذي فيه ننال خلاصنا وتبريرنا وتقديسنا وفرحنا وأبديتنا . ٣- ليس الصوم للصحة يرى البعض أن الصوم مفيد للصحة ويرجعون هذا إلى أن البقول أنفع لصحة الأبدان وأدعى لإطالة الأعمار كما يستندون إلى الكتاب المقدس الذي يؤيد أن البقول كانت الطعام الأصلى للإنسان وليس اللحوم ( تك ۱ : ۲۹ ) ، وأن متوشالح عاش ٩٦٩ على هذا النوع من الطعام بينما انخفضت الأعمار إلى ۱۲۰ عاماً بعد التصريح بأكل اللحم ( تك ۹ : ۳ ) ثم إلى ٨۰ سنة حسب قول مرنم إسرائيل " أيام سنيننا هي سبعون سنة وإن كانت مع القوة فثمانون سنة أفخرها تعب وبلية "(مز ۹۰: ۱۰).وبالرغم من صحة هذا القول في جوانب كثيرة إلا أنه يلزمنا أن نشير إلى أمرين : الأول هو أن بعض الأجساد حالياً لا تحتمل أكل البقول وخاصة من تعانى من أمراض الجهاز الهضمى ، وأنها تهزل بشدة لو صامت فترة طويلة ، والثاني هو أن الصوم لم يكن هدفه تحسين صحة الأجساد بقدر ما هو مجال لانتعاش الروح وممارسة الفضائل التي سبق ذكرها فى هذا المقال .أما بالنسبة لضعاف الأجساد فينصح آباء الاعتراف بتحديد معقول لفترات الانقطاع وأن يتعاونوا مع أطباء أتقياء فى تدبير الجسد بأسلوب لا يجعله هزيلاً وفي نفس الوقت لا يعطل طاعتهم لوصية الصوم ، وينصح الآباء المختبرون عدم التطرف في الأصوام حتى لا يصاب الجسد بالهزال الشديد والأنيميا ويعطون في نصائحهم نموذجاً للاستنارة والاعتدال شخصية أب الرهبان وكوكب البرية الذي خرج من اعتكافه الذي دام عشرين عاماً لا هزيلاً من شدة النسك ولا بدينا من الترهل وكثرة الأطعمة والكسل .إننا عندما نعلل الصوم بالعامل الصحى نفرغ الصوم من جماله الروحي وقوته الخلاقة بهذا التبرير المختلق وننسى أنه متعة ، لأنه عودة إلى الحياة الفردوسية التي فيها عاش آدم لا يأكل لحما وكانت الحيوانات تخضع له . نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب الصوم الكبير لاهوتيا و كنسيا وروحيا
المزيد
01 أبريل 2024

يوم الاثنين من الأسبوع الرابع (لو ١٦: ١-٩)

وَقَالَ أَيْضاً لِتَلَامِيذِهِ: كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَدِّرُ أَمْوَالَهُ. فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطَ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً بَعْدُ. فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ لَأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَلْقُبَ وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ. قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، فَدَعَا كُلِّ وَاحِدٍ حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي في بيوتهم. مِنْ مَديوني سَيِّدِهِ، وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟ فَقَالَ : مِئَةُ بَثَّ زَيْتِ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَكَ وَاجْلِسَ عَاجِلاً وَاكْتُبْ خَمْسِينَ. ثُمَّ قَالَ لَآخَرَ: وَأَنْتَ كُمْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ. فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ بِحِكْمَةٍ فَعَلَ، لأَنَّ أَبْنَاءَ هَذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ، حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي الْمَظَالَ الأبدية . مثل وكيل الظلم هذا المثل قائم على فرضية أن الحياة هي فرص، لابد أن ننتهزها، ونقايض بها. علينا أن نبيع الذي لنا هنا تتلفه، تبذره، على أساس أن كل ما نملكه على الأرض هو أمور فانية، وذلك لكي نربح الذي لا يفنى والذي . يبقى إلى الأبد. فإن عرفت أن تقايض الفاني بالباقي تكون نجوت.مثل وكيل الظلم من أصعب الأمثلة التي ممكن أن نقابلها، لأنه وضع خارج القانون الأخلاقي، فالسيد امتدح ذلك الوكيل الظالم، مدحه لأنه عمل بحكمة أهل العالم، حكمة مال الظلم، حكمة السلوك بالجسد. يجب أن نعرف في البداية أن كل الأشياء التي لنا هنا على الأرض من مال وصحة وعافية وعينين وجسد وعقل كل هذه أمانات، وأن المسيح استأمننا عليها، هو صاحبها، ونحن عليها وكلاء. المسيح في هذا المثل يقول عن هذا الوكيل إنه بدد الأموال، التي ليست له، التي لا يملكها، زور في الدفاتر وكتب فيها أشياء ليست صحيحة. المسيح يقول أنا أريدكم أن يكون لكم تلك الذهنية، فالصحة التي عندكم والأموال التي في أيديكم هي ليست ملككم أنتم لستم أصحابها، عليكم أن تبددوها. أنا أقول لكم تصرفوا فيها، بددوها، لا تخافوا، ألست أنا صاحبها الأصلي. أنا سأعوضكم عنها، سأعطيكم أنا أجمل وأحسن منها مائة ضعف، ثم أيضاً أعطيكم معها الحياة التي فوق. كم ستعيش؟ ستين، ثماين سوف أعطيك حياة إلى الأبد. إن أنت بددتها لحسابي سوف أضيفها لحسابك فوق إلى الأبد؛ أما إن أنت أخذتها لحسابك، ضاعت منك وأنت ضعت، ولن يكون لك عندي شيء فوق.المثل دقيق جداً ولا يمكن فهمه إلا على هذا الأساس: أن كل ما نملكه هو ليس لنا. والمسيح يستلف من مثل وكيل الظلم ويكلم أولاد النور، يقول لهم: انظروا أولاد الظلمة إنهم أحكم منكم، انظروا كيف يأخذون مال الظلم المال الذي مآله الفناء ويتمتعوا به ويعملوا به أصدقاء، وأنتم ألا تفعلوا مثلهم وتكسبوا به الحياة الأبدية؟!ثم من يكون يا ترى هذا الشخص الذي يمكنه أن يبدد بسرور؟! هو الذي لا يحس أن الذي يملكه هو له، بل هو ملك المسيح، والمسيح حر فيه والمسئول عنه. لذا المسئولية واقعة عليه وليست علينا. مال الظلم معروف أن المال هو أصل كل الشرور. ولكن هذا المال، المال البطال عندما تبعزقه وتبدده الحساب المسيح يبقى للبر يكون مال بر، يصير للحياة الأبدية تماماً مثل كل شيء في العالم، فالعالم نفسه وضع في الشرير، والزمان الذي نحياه زمان مقصر وشرير؛ ولكن ماذا لو نحن استغلينا هذه الأيام في صلاة وسجود وعبادة؟ سيتحول هذا الزمان المقصر إلى خلود وحياة أبدية. الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي أعطي له حق تحويل الزمن إلى خلود. صل يوم تتحول بحساب الله إلى ألف سنة. صلِّ سنة تكون هذه هي الأبدية هذا هو قانون المقايضة تراب بمجد، ملاليم بجواهر سماوية هذا المثل عجيب ورائع للشخص الذي له وعي وعين روحية، ويمكن تلخيصه في نقطتين: الأولى هي مقدار السعادة والغبطة التي يذوقها الإنسان حينما يبدأ في التبديد الحساب الله، إنها سعادة لا يمكن أن تدانيها أي سعادة أخرى على الأرض، مهما أعطيت من تكريم وأمجاد وأفراح.. كل هذه لا يمكن أن تتساوى مع أحاسيس إنسان يبدد وليس فقط يعطي.والثانية هي أن المتغير يتحول إلى ثابت والفاني إلى باقي وإلى حياة أبدية تصور إنساناً يحس وهو هنا على الأرض بالخلود يحس بالشركة في المجد الإلهي لذلك تهون عليه أتعابه الجسدية، وفرحته لا يمكن أن يقدرها إنسان. المسيح هو أكبر مبدد ممكن أن يسمع عنه إنسان أو عقل بشر، وهو عندما يتكلم عن عطائه في الروح يقول: «ليس بكيل يُعطي الله الروح»، المسيح لا يعطينا حسب استحقاقنا، بل يعطينا بلا كيل. الذي عمل ساعة واحدة سوف يعطيه تماماً مثل الذي عمل ۱۱ ساعة، يقول له أنا صالح، أنا حر أبدد مالي كما أريد. يقول في العهد القديم: «جربوني يقول الرب، إن كنت لا أفتح لكم كوى السماء حتى أفيض عليكم حتى لا يكون هناك متسع حتى تقولوا كفى كفى . ماذا يكون هذا؟ تبديد بلا شك في معجزة إشباع الجموع، اسمع ما يقول أكلوا وشبعوا ثم رفعوا ما فضل منهم ۱۲ قفة مملوءة». إنه تبديد وأيضا نسمع عن الأجران التي حولها خمراً، ۱۸۰ لتراً من خمر جيدة لكي يفرحوا. ونقرأ عن الشبكة المملوءة سمكاً والتي كادت أن تتخرق من كثرة ما تحويه لسان حال المسيح في كل ما سمعنا أن كيله جيد فائض مهزوز ملآن في الأحضان وأخيراً، هذا المثل يخاطب أبناء النور يقول لهم: يا أبناء النور تعلموا من أبناء الظلمة كيف هم يبددون أموالهم على الباطل والبطال. المال مالي، وأنا استودعته عندكم الصحة والعافية أنا أعطيها وأزيد عليها. إن حجزتموها لحسابكم تنزع منكم وتفنى ولا عائد لكم. أما إن أنتم أضفتموها لحسابي تبقى لكم وتزيد وعائدها في السماء محفوظ لكم. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل