المقالات

26 ديسمبر 2022

لماذا التجسد؟

٢- لكي نعرف الله : يقول القديس أثناسيوس الرسولي : [ لأنه أية منفعة للمخلوقات لو أنها لم تعرف خالقها ؟ أو كيف يمكن أن تكون عاقلة لو لم تعرف كلمة الآب الذي به خلقوا ؟ لأنهم لن يتميزوا بالمرة عن المخلوقات غير العاقلة لو أنهم انحصروا فقط في معرفة الأمور الأرضية ( تجسد الكلمة ١١ : ٢ ) . الصورة الإلهية في الإنسان كانت كافية في حد ذاتها لكي تجعلنا نعرف الله الكلمة ، ونعرف الأب بواسطته . وبالخطيئة تشوهت صورة الله في الإنسان وأكل من شجرة معرفة الخير والشر وأصبحت معرفته بعيدة عن الله خالقه !! وعجزت الطبيعة - كما عجز الناموس- عن أن ترد الإنسان إلى المعرفة الحقيقية . لذا تجسد أقنوم الحكمة والمعرفة لكي يعرفنا الآب « الله لم يره أحد قط . الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر » ( يوحنا ۱ : ۱۸ ) . يقول القديس أثناسيوس : [ لكي عندما يرون تلك الصورة -أي كلمة الآب- يمكنهم عن طريقه أن يصلوا إلى معرفة الآب ... لأن كلمة الله صار إنسانا لكي يرفعنا نحن ، وأظهر جسد لكي تحصل على معرفة الأب غير المنظور ] ( تجسد الكلمة 11 : 3 ، 54 : 3 ) . معرفة الله أمر واجب ، فقد قال عنها السيد المسيح : « وهذه هي الحياة الأبدية : أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته » ( يوحنا 17 : 3 ) ،والمقصود بمعرفة الله ليست المعرفة النظرية فقط ، ولكن المعرفة العملية والإيمان العملي بوجوده ، فعندما ندخل مع الله في حياة الإيمان ، ونعيش في وسائط النعمة ، نراه ونلمسه بالعين الروحية والحس الروحي . ليس المقصود بمعرفة الله المعرفة التامة ، لأن الله غير محدود ، وعقل الإنسان محدود ، فكيف يستطيع المحدود أن يحوي غير المحدود ، « أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي ؟ ... » ( أيوب ١١ : ۷-۹ ) . يقول القديس غريغوريوس النزينزي : [ لا تستطيع اللغة ( البشرية ) أن تعبر عن اللاهوت ، وهذا قد أثبت لنا ، ليس فقط بالحجة بل عن طريق أحكم حكماء العبرانيين ( كتاب العهد القديم ) ؛ الذين أعطوا صفات ذات كرامة لله ولم يسمحوا لأي اسم دون المستوى أن ينسب لله ، لأنهم يرون أنه ليس من اللائق إن الله يسمح لخليقته أن تعادله ، فبالتالي كيف يقرون بأن الطبيعة غير المنظورة وغير المنقسمة ( البسيطة ) أن نعبر عنها بكلمات ضعيفة ، فنحن نتصوره من خلال صفاته ، فجوهر الله لم يتمكن مخلوق ولا عقل من تصوره أو احتوائه بالكامل ، ولم تتمكن لفظة من احتواء حقيقته احتواء كاملا ، ولكننا نتخذ مما حواليه طريقا إلى تخيله في ذاته ، ونرسم لنا صورة غامضة وضعيفة وجزئية عنه ، إن أعظم لاهوتي ليس من اكتشف « الكل » ، إذ أن القيود التي نحن فيها لا تسمح لنا أن نعاين الكمال ، بل من تفوق على غيره في التصور ، ومن حقق في ذاته صورة الحقيقة أفضل من غيره ( The fourth theological oration , L17 : 30 ) . كذلك يقول القديس يوحنا ذهبي الفم : [ لقد رأى الأنبياء الله ، لكنهم لم يروا جوهره إنما بدا لهم ذلك قدر ما يستطيعون ، وقد أعلن ذلك النبي : وكلمت الأنبياء وكثرت الرؤى وبيد الأنبياء مثلث أمثالا ( هوشع ١٢ : ١٠) ، كأن الله يقول : لا أعلن جوهري ذاته ، إنما أتنازل ( في رؤى ) بسبب ضعف الذين يرونني ، فالله يتنازل ويجعل نفسه منظورا ليس كما هو ، بل بالقدر الذي به يقدر الناظر أن يرى ، أي حسب ضعف الناظرين في الرؤية ( ضد الأنومبين 3 : 15 ، 4 : 19 ) . القمص بنيامين المحرقى
المزيد
25 ديسمبر 2022

لقاء العذراء بإليصابات

الأحد الثالث من شهر كيهك المبارك وفيه قمة قصد الكنيسة من الإحتفال بهذا الشهر وهو التمهيد للتجسد الإلهي والشركة في حياة التسبيح بربنا يسوع وتمجيد أمنا العذراء عرفت السيدة العذراء ببشارة الملاك وهذا كان إنجيل الأسبوع الماضي قال لها ﴿ الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تظللكِ ﴾ ( لو 1 : 35 ) أخذت البشارة ثم قال لها ﴿ هوذا أليصابات نسيبتكِ هي أيضاً حبلى بابنٍ في شيخوختها ﴾ ( لو 1 : 36 ) هنا الإنجيل يقول ﴿ فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات ﴾ ( لو 1 : 39 – 40 )العذراء تتمتع بروح إتضاع عالية وروح بذل وخدمة للآخرين عندها إستعداد لتحمل مشقة وسفر وتعب لا تنظر إلى ما هو لنفسها بل ما هو للآخر درس جميل نتعلمه أن الإنسان لا يشفق على ذاته وكيف يخرج من دائرة الإهتمام بذاته إلى دائرة الإهتمام بالآخرين كيف يفكر الإنسان في ألم الآخرين وتعبهم من أجمل الأشياء التي نحتاجها أن لا يفكر الإنسان في نفسه ولا ينحصر في إهتماماته ومشاكله ومتاعبه بل لابد أن يرى الآخر عندئذٍ يرى مشاكله تصغر عندما ينحصر الإنسان في مشاكله يراها كبيرة فينظر إلى ذاته ويزداد شفقة عليها ويحزن على نفسه ويحاول أن يجعل الآخر يهتم به من أجل ألمه لكن أفضل وسيلة للعلاج هي عكس هذا تماماً وهي بدلاً من أن يجعل الآخرين يرون ألمه يرى هو ألم الآخرين هكذا فعلت السيدة العذراء وقامت مسرعة وإن كانت أليصابات حبلى فالعذراء أيضاً حبلى وإن كانت أليصابات في شيخوخة فالعذراء صبية صغيرة السن لا تتحمل المسئولية عن إمرأة كبيرة كان يجب أن الكبير هو الذي يخدم الصغير في هذه الحالة لكن السيدة العذراء عندها روح إتضاع وبذل عالية وهذه الروح هي مدخل حلول الله في النفس الله لا يستريح إلا في النفس المتضعة لا يستريح ولا يسكن بقوة كما سكن في العذراء إلا إذا كانت النفس على هذا المستوى لأنه إن لم تتحلى النفس بروح الوداعة والخدمة والإتضاع ما كان الله رتب هذا الإختيار للعذراء . عندما سمعت أليصابات سلام العذراء مريم ﴿ إرتكض الجنين بابتهاجٍ في بطني ﴾ ( لو 1 : 44) بعض الترجمات تقول "سجد يوحنا الجنين الصغير " – سجد – وبعض الترجمات تقول " رقص " وكأنه من شدة فرحه قام يهتز هذا حضور ربنا يسوع الذي هو محسوس حتى بالنسبة للجنين الذي لم يتكون بعد ولم يكتمل بعد حضور المسيح يجب أن يصاحبه فرحة وسجود ومسرة بالروح وابتهاج نفس هل عندما أدخل الكنيسة تكون لي نفس البهجة ؟ هل عندما أتقدم للتناول تكون عندي نفس البهجة ونفس المشاعر ؟ هل عندما أقف للصلاة تكون عندي نفس الرنة المفرحة ونغمة الإبتهاج ؟ هذا هو حلول الله النفس التي تشعر بحضور الله إحساس الروح لا يسعفها أن تنطق بأي كلمات لكن يجد نفسه قد خرج عن شعوره فيجد جسده يهتز وهنا إمتلأت أليصابات من الروح القدس العجيب أن الكتاب ذكر لنا إنفعال الجنين قبل إنفعال أليصابات ﴿ صرخت بصوتٍ عظيمٍ وقالت ﴾ من شدة فرحتها لم تتكلم بطريقة عادية بل صرخت الكتاب يعلمنا عن صراخ الملائكة كما يقول قداس القديس إغريغوريوس﴿ يسبحون ويصوتون ﴾ هل الذي يسبح يصوت ؟ يقول نعم من شدة الإنفعال هنا أليصابات صرخت بصوت عظيم وقالت ﴿ مباركة أنتِ في النساء ومباركة هي ثمرة بطنِك فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ ﴾ ( لو 1 : 42 – 43 ) أجمل إعتراف سمعه ربنا يسوع على الأرض عندما قال لتلاميذه خاصته في آخر أيامه في قيصرية فيلبس عندما قال ﴿ من يقول الناس إني أنا ﴾ ( مت 16 : 13) قالوا إيليا وآخرون أرميا فقال لهم ﴿ وأنتم من تقولون إني أنا فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح إبن الله الحي ﴾ ( مت 16 : 15 – 16) ؟ ربنا يسوع فرح جداً بهذا التصريح وقال له﴿ طوبى لك يا سمعان بن يونا ﴾ ( مت 16 : 17) اليوم أليصابات تقول ﴿ أم ربي ﴾ وهو لم يولد بعد وليس في آخر أيام حياته على الأرض لم تراه أليصابات يقيم موتى أو يشفي مرضى أو يعلم لكنه مازال جنين في بطن أمه وتقول " أم ربي "﴿ فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ ﴾ جيد أن تكون السيدة العذراء متضعة جداً وأليصابات متضعة جداً العذراء تعطيها الإكرام وأليصابات تعطيها الإكرام لذلك مزمور اليوم يقول ﴿ الرحمة والحق التقيا البر والسلام تلاثما ﴾ ( مز 85 : 10) ما هذا ؟ الله يعمل في أبراره لأنهم في النهاية هم الذين يهيئون له طريق الخلاص يريد أن يقول لك سأبارك جنس البشر وسآتي منهم وبذلك رحمته تقابلت مع عدله وحقه خلال العهد القديم كان هناك صراع بين الحق والعدل والرحمة والعدل الرحمة تقول خلص الإنسان من رباطاته يكفي أنه مطرود والعدل يقول لا الإنسان أجرم ولابد أن يفي الحق فماذا يفعل ؟ قال ﴿ يوم تأكل منها موتاً تموت ﴾ ( تك 2 : 17) إذاً لابد أن يموت الإنسان فمتى تلتقي الرحمة مع العدل ؟ تلتقي في المسيح يسوع وفي خلاصه ﴿ فهوذا حين صار صوت سلامِك في أذنيَّ إرتكض الجنين بابتهاجٍ في بطني فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ﴾ ( لو 1 : 44 – 45 ) الروح القدس أعلم أليصابات بكل السر الإلهي وبكل التدبير الإلهي تقول لها طوباكِ ما سر طوباوية العذراء ؟ أنها آمنت أن يتم لها ما قيل من قِبَل الرب قد تسمع إنسانة أخرى وتقول هذا كلام صعب جداً كلام يفوق العقل كيف أكون حبلى ؟إقنعني هذا مستحيل هل تقصد إنسانة أخرى ؟ ﴿ الروح القدس يحل عليكِ ﴾ لو حدث ذلك مع إنسانة أخرى قبل العذراء كان يمكن للعذراء أن تصدق لكن عندما تكون هذه الحادثة هي الفريدة على الأرض – الحادثة الوحيدة – لم يوجد مخلوق حدث معه هذا الأمر لذلك نحن نصمم أن المسيح مولود لكن غير مخلوق ﴿ مولود غير مخلوق ﴾ لماذا ؟ لأنه ليس من نتاج زرع بشر لم يوجد رجل تسبب في إيجاده فلابد أن يكون إنسان كيف ؟ يقول آتي من إمرأة بشر لكن أيضاً لابد أن يكون إله قال يكون إله لكن لا يأتي بزرع بشر فاجتمع فيه الإلهي والإنساني إنسان كامل لأنه أخذ جسد من العذراء وإله كامل لأنه أتى من الروح القدس من هنا صدقت العذراء هذا الكلام رغم أنه كلام قد نجده نحن الآن كلام صعب إستيعابه لو أراد التاريخ أن يعيد نفسه ويكلم فتاة عذراء ويقول لها هذا الكلام لن تصدقه رغم أنه حدث من قبل مع السيدة العذراء سمعان الشيخ وهو يترجم النبوة لم يصدق ولم يستطع أن يكتب ﴿ ها العذراء تحبل ﴾( أش 7 : 14) ولم يرد أن يكتبها وقال سأكون إضحوكة للجميع وواضح أنه قد يوجد خطأ في الترجمة فكتب "ها الفتاة " ثم قال " ها إمرأة " لكنه وجد نفسه قد يكون متجاوز للنص فقال سأكون وسطي لن أكتب " ها العذراء " أو " ها إمرأة " بل سأكتب "ها الفتاة " وليفهم كلٍ كما يفهم كلمة " فتاة " تجعله على الحياد سمعان الشيخ لم يستطع أن يستوعب بينما السيدة العذراء إستوعبت لذلك قال الكتاب ﴿ طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ﴾ جيد أن يعيش الإنسان مواعيد الله بسكوت ورعدة جيد أن يشعر أن مواعيد الله صادقة وأمينة مهما كانت تبدو مستحيلة أو فائقة عن الإستيعاب البشري لكنها مواعيد حقيقية غير كاذبة السيدة العذراء آمنت ولم نراها تجادل كثيراً أو تتكلم كثيراً لم تقل سوى ﴿ كيف يكون هذا ﴾( لو 1 : 34 ) قال لها الملاك ﴿ الروح القدس يحل عليكِ ﴾ ووجدنا إجابتها سريعة كأنه حديث لم يأخذ منها وقت طويل حديث به فعل الروح قالت ﴿ هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك ﴾( لو 1 : 38 ) لقد صدقت كلام الله لتكن مشيئته ثم وجدناها تفتح صفحة من صفحات قلبها وفكرها وتقول أروع كلمات ينطقها لسان بشر فتحت قلبها وأخرجت من كنوزه لأننا ما نعلمه عن السيدة العذراء قليل وكلماتها قليلة جداً بل ومعدودة جداً قالت تسبحتها ﴿ تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي ﴾ ( لو 1 : 46 – 47 ) وجدنا أن عندها ذخائر كنوز خرجت في هذه اللحظة من أين جاءت ؟ جاءت من نفس قريبة جداً من كلمة الله السيدة العذراء كانت دائمة القراءة في الكتاب المقدس كان الكتاب محفور في قلبها وفكرها لم تقرأ الكتاب لمجرد قراءة للعقل بل قراءة لتهليل الروح لم تكن قراءة للمعرفة بل قراءة للفهم والوعي الفتاة العذراء البسيطة التي لم تنل قسط من التعليم وجدناها تقول كلمات تفوق تصديق البشر الإنسان الذي فيه كلمة الله يبتهج بها فتصعد الكلمات إلى عقله وشفتيه فينطق بها بتلقائية وتدفق عندما يقال أن فلان يجيد اللغة الإنجليزية يقال أنه متدفق في اللغة السيدة العذراء لديها هذا التدفق في كلمة الإنجيل من أين ؟ من أنها كانت دائمة الممارسة فيه يدها في الإنجيل دائماً فتحت صفحات قلبها واتجهت نحو تسبحة حنة النبية في سفر صموئيل وبدأت تردد ما يشبهها ولكن بلسان حالها هي وهذا منهج نتعلمه في صلواتنا نجد أن الكنيسة عندما وجدت أن السيدة العذراء فعلت هذا الأمر قالت لنا إن أردتم التسبيح فلتسبحوا بالمزامير قولوا تسبحة موسى النبي عندما خرج من أرض مصر في الهوس الأول وقولوا تسبحة الثلاثة فتية في الهوس الثالث وقد يعترض البعض ويقول مالنا نحن والثلاثة فتية ؟ قد يعترض البعض على صلوات الأجبية ويقول لن أصلي بالمزامير بل سأصلي بكلماتي أنا نجيبه أن السيدة العذراء سبحت تسبحة حنة ونحن نفعل مثلها تقول لك الكنيسة سبح بمزامير 149 ، 150 في الهوس الرابع إستخدم المزامير والكتاب في تسابيحك فالسيدة العذراء تكلمك بتسابيح من الكتاب ومن شدة جمال الكلام تجد نفسك تقوله بمشاعرك أنت هذه هي العذراء تخيل عندما تقرأ في الكتاب وتشبع به تجد نفسك في الصلاة تصلي بكلام الإنجيل وأجمل قصد للإنجيل أن يتحول فينا إلى صلاة لذلك قل له ﴿ إفتح شفتي فيخبر فمي بتسبيحك ﴾( مز 51 : 15) عندما يرى إنسان مقابلة بين شخصين ويجد في المقابلة تسابيح يعرف أنها مقابلة سماوية ولنرى مقابلة العذراء مع أليصابات ثم نرى مقابلاتنا مع بعضنا البعض فيما نتكلم ؟ صعبة جداً مقابلاتنا لأن فكرنا غير مشغول بالله وقلبنا غير مشغول بالإلهيات ولأننا منغمسين في أوجاع الأرض نجد حديثنا كله أرضي تجد الناس في مقابلاتها تتكلم في أي شئ في السياسة في الغلاء في الإقتصاد في الرياضة لكن كي نتكلم معاً في كلمة الإنجيل نشعر بخزي لأنه ليس داخلنا هذه الأمور لماذا ؟ لأن كلمة الله ليست في القلب عندما تسكن كلمة الله في القلب يفرح وعندما يفرح نشعر داخلنا أننا لا نستطيع أن نسكت فنتكلم بأقوال الله﴿ إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله ﴾ ( 1بط 4 : 11) هذه هي العذراء جيد عندما تقرأ في سيرة الأنبا أنطونيوس عن مقابلته مع القديس العظيم الأنبا بولا وتتخيل ترى ماذا كانا يقولان في مقابلتهما ؟ وتشتاق أن تعرف حديثهما معاً كانا يتكلمان عن عظائم الأمور تكلما عن عمل الله مع البشر تكلما عن مراحم الله تكلما عن خير الله تكلما عن عظائم الأمور الإنسان الذي يفرح بالله يتكلم بالفرح لذلك دائماً يتكلم الإنسان بالأمور التي تشغله ويهتم بها دائماً يعبر الإنسان في أحاديثه عن حالته قد يذهب البعض إلى مكان معين فنسألهم هل أعجبك المكان ؟ وماذا أعجبك فيه ؟ شخص يقول المكان هادئ آخر يقول الطقس جيد آخر يقول المكان نظيف آخر يقول الناس هناك بهم جفاء كل شخص يتكلم عما يهتم به إذا لم تكن تعرف كيف تكون واضح مع نفسك لاحظ حديثك ستعرف إهتماماتك من كلامك أنظر فيما تتكلم فهذا هو ما يشغل قلبك هل تتكلم في الله ؟ تقول لا إذاً لم يشغل الله قلبك إذاً الله ثانوي في حياتك تريد أن تعطيه ساعة أو نصف ساعة مجرد إرضاء للضمير أو واجب أو خوف أو عادة عودونا عليها أهلنا لكن لا لابد أن ينبع الأمر من الأعماق من الداخل السيدة العذراء نطقت بهذه الكلمات وهي غير مهيئة لها لم تكن تحفظها لتسمعها لأليصابات بل فتحت أعماق قلبها هكذا تحاسب نفسك وتقول هذا ما نحاسب أنفسنا عليه لما نفتح أعماق قلوبنا ماذا نقول ؟ لذلك الذي يسبح الله هو قمة بهجة الحياة مع الله التسبيح هو أرقى لغة أجمل حالة روحية يشتاق لها الإنسان هي التسبيح عندما يتهلل الإنسان يرنم ﴿ أمسرور أحد فليرتل ﴾( يع 5 : 13) السيدة العذراء تتكلم ﴿ لأن القدير صنع بي عظائم وإسمه قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه ﴾ ( لو 1 : 49 – 50 ) تتكلم عن عظمة أعمال الله ما هي أعمال الله العظيمة في حياتها ؟ أعمال الله العظيمة هل أنا تلامست معها ؟ هل شعرت بعظمة الله في حياتي وبدأت أتكلم عنه أنه قدير ؟ والقدير قدرته أدركتني فصنعت بي عظائم هل أتكلم عن الله وأعماله وأترجمها لحياتي أنا وأعمال الله تتحول إلى فرحة لي ؟ هذه هي السيدة العذراء السيدة العذراء تعتبر كل أعمال الله لمجدها هي وفرحها هي وتهليلها هي لأن كل ما كتب كتب لتعليمنا وتذكيرنا تتكلم عن ﴿ أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين ﴾ ( لو 1 : 52 – 53 ) تعرف قصد الله وتعرف أنه إله المتضعين وأنه لن يستريح فيمن يجلس على الكراسي العالية أو الذين قلوبهم متكبرة لذلك نقول في القداس ﴿ الناظر إلى المتواضعات ﴾ " متواضعات " أي المتضعين البسطاء الله ينظر لهم مثل السيدة العذراء وأليصابات إنسان بسيط في مظهره لكن داخله حلول الله جيد هو الإنسان الذي لا يهتم بمظهره أو بما يقوله الناس عنه أترك كل هذاالكرامة الحقيقية في إرضاء الله والإرتفاع الحقيقي في سكنى الله جيد هو الإنسان الذي يفكر أن الغنى ليس غنى المال بل غنى الأعمال الصالحة كما قال بولس الرسول ﴿ أوصِ الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيءٍ بغنىً للتمتع وأن يصنعوا صلاحاً وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة ﴾ ( 1تي 6 : 17 – 18) السيدة العذراء غنية في الأعمال الصالحة تقول ﴿ عضد إسرائيل فتاه ﴾ ( لو 1 : 54 ) لأنها تقرأ الكتاب المقدس جيداً تعرف أنه يوجد وقت إفتقاد لإسرائيل ووقت خلاص وزمن مقبول فقالت أنه ذكر رحمته ﴿ كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد ﴾ ( لو 1 : 55 )هل تعرف أن ما يحدث الآن هو تحقيق نبوات من أيام إبراهيم السيدة العذراء رابطه الكتاب كله في فكرها نعم هذا هو الإنسان الذي يعي حقيقة الكتاب ويتعامل مع كل جزء منه ببهجة ويعرف القصد منه السيدة العذراء تعرف ما هو قصد النبوات وما هو موضوعها ومحورها تعرف أن ما يحدث الآن هو تذكر رحمة الله لإسرائيل ونبوات إبراهيم أن بنسله تتبارك جميع قبائل الأرض ونسله قد أتى من العذراء في شخص ربنا يسوع جيد أن تقترب من مشاعر السيدة العذراء وكلما إقتربنا إلى مشاعرها كلما شعرنا بقيمة التجسد الإلهي وكلما إقتربنا من التجسد الإلهي كلما عرفنا ماذا يجب أن يكون الإنسان ليستحق حلول الله فيه السيدة العذراء نموذج للجنس البشري ونقول عنها في التسبحة أنها ﴿ فخر جنسنا ﴾أجمل ما في جنسنا ولأنها مننا فهي جنسنا هي فخرنا أجمل ما في جنسنا ربنا حل في إنسانة منا فصار حلول الله ليس في العذراء فقط بل في الجنس البشري كله ومن هنا عرفنا الله الطريق لاستحقاق حلوله فينا يقول ﴿ لتكن نفسك كمريم ﴾هل تعرف كيف يحل الله فيك ؟ كن مثل مريم ليكن لك روح خدمة واتضاع مثل مريم إحفظ الكتاب المقدس واقرأه واسهر معه قد أشعر بحزن عندما تهدر الناس الوقت بالساعات أمام تفاهات والكتاب المقدس مغلق الناس تتكلم كثيراً وطويلاً دون أن تقول كلمة من الإنجيل الناس لا تشعر بفرح بل ومنغمسين في هموم وأحزان لأنه لا يوجد فيهم فرح روحي الفرح الروحي يغلب إجلس مع إنجيلك تجد الناس تئن وتشكو وأنت تسندهم بآية أو موقف أو حادثة لماذا ؟ لأن داخلك الكتاب ﴿ فم الصديق يتلو الحكمة ولسانه ينطق بالحب ناموس الله في قلبه فلا تتعرقل خطواته ﴾ ( مز 37 : 30 – 31 )هذه هي السيدة العذراء ناموس الله في قلبهاإفتح إنجيلك واقضي معه أوقات طويلة المتنيح أبونا بيشوي كان عندما لا يجلس مع الإنجيل في اليوم ساعتين يكون متضايق وعصبي ساعتين وسط إنشغالاته الكثيرة فكان ينصح تاسوني أنچيل أن تجلس مع الإنجيل طويلاً لأنه محروم من الجلوس معه ويسألها كم من الوقت جلستِ مع الإنجيل اليوم ؟ تقول له ساعة يقول لها قليل جداً إجلسي معه أكثر ومنا من رأى إنجيله ولأنه كان كثير القراءة فيه فقد ملأ هوامشه تأملات وعندما إمتلأ أرسله إلى المطبعة ليضيفوا له صفحة بيضاء فارغة بين كل صفحة وصفحة في الإنجيل كي يكتب تأملاته هذه هي السيدة العذراء وهذه هي كلمة الله التي تهللت بها التي عندما تفتح قلبها تجد لسانها ينطق بأقوال الله ببساطة وسهولة ربنا يعطينا أن نستعد في هذه الأيام المقدسة لتجسده وحلوله المبارك فينا هذا السر العظيم أن يتحد الله بالإنسان وأن يحل فيه ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
24 ديسمبر 2022

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر كيهك

تتضمن تبكيت الذين يتنازعون في الرئاسات والقـراءات مرتبة على قول البشير " فشفي كثيرين من المرضى ... واخراج شياطين كثيرة ( مر 1 : ٢٩-٣٤ ) رأينا الأرواح النجسة والشياطين الخبيثة تسمع أقوال ربها وتجزع مـن الخالق لطبائعها هكذا . وتمتثل الأوامر بسرعة وتبــادر إلـى المراسـم بـالخوف والوقار . فما بالك أنت تسمعه دائماً يأمرك بمحبة الأخوة والاحسان للمسيئين اليـك . والمسامحة للمبغضين وأنت لا تصنع كذلك . لكنك تغضب أخاك وتخاصم صـاحبك وتود قتل مبغضيك وتنازع المؤمنين أيضاً . فاسمع ما يقوله بولس الرسول : " لانـ أولا حين تجتمعون في الكنيسة اسمع أن بينكم انشقاقات وأصدق بعض التصديـق . لانه لابد أن يكون بينكم بدع أيضاً ليكون المزكوم ظاهرين " " .ومعناه أنه إذا وقعـت بينكم شرور وخصومات يتميز الطائعون للمسيح بالصبر والاحتمال والصفـح عـن المسيئين لهم . ويظهر شر الأشرار بكثرة المحك ( والفجور والتنازع وحب الغلبـة وقال الرسول أيضاً : " أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد " . وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل . ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة . فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمـة ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد . ولآخر إيمان بالروح الواحد ولآخر مواهـب شفاء بالروح الواحد . ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر تمييز الارواح . ولأخـر أنواع السنة . ولآخر ترجمة السنة . ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسـماً لكل واحد بمفرده كما يشاء " " " . ( معناه ) فما بالكم انتم الآن تتنافسون وتتغايرون إذا كان الله هو المقسم الرتب والمعطى بحسب الاستحقاق لكـل واحـد كـمـا يـحـب ويا للعجب من أن الذين يكثرون الخصام في الاسواق والشوارع يكسبون المذمة من الناس واللائمة من الناظرين . وكذلك الذين يشوشون على المجتمعيـن فـي أمـاكن اللعب والسباق والحانات وحلقات المشعبذين يوسقهم من حضر سبأ وشتماً ويـهانون . والذين يتنازعون في أبواب الملوك والعظماء . فأنهم يضربون بالسياط ويسـجنون ولا يرحمون . فإذا كان الذين يشوشون على هذه الاماكن العالمية يفعل بهم مثل هـذه الفعال . فالذين يشوشون على بيعة الله تعالى ومصاف الملائكة ومجــامع الشهداء والأبرار بماذا يعاقبون ؟ وبأي عذاب يعذبون . اسمع يا هذا قول الكتاب عن قـورح وداثان وأبيرام الذين حسدوا موسى وهرون وأرادوا أن يكونوا كهنة مثلهم وينقلـون عن رتبة اللاويين . قال الكتاب : " قام قورح وداثان وابيرام ومئتان وخمسون رجـلاً من رؤساء الجماعة على موسى وهرون وقالوا لـهما كفاكمـا . إن كـل الجماعـة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب . فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب . فلما سـمع موسى سقط على وجهه . ثم كلم قورح وجميع قومه قائلاً غداً يعلن الرب من هو له ومن المقدس حتى يقؤبه إليه .. كفاكم يا بنى لاوى . أقليل عليكم أن إلـه اسـرائيل أفرزكم من جماعة اسرائيل ليقربكم اليه لكي تعملوا خدمة المســن وتقفـوا قـدام الجماعة لخدمتها . فقر بك وجميع أخوتك بنى لاوى معك وتطلبون أيضـاً كـهنوتاً . إذن انت وكل جماعتك متفقون على الرب . وأما هرون فما هو حتى تتذمروا عليـه . فارسل موسى ليدعو داثان وابیرام ابنى اليآب فقالا لا نصعد . أقليل أنك أصعدتنا من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتميتنا في البرية حتى تترأس علينـا أيضـاً ترؤسـاً . ولا أعطيتنا نصيب حقول وكروم . لا نصعد . فأغتاظ جداً وقال للـرب لا تلفـت إلى تقدمتهما . حماراً واحداً لم أخذ منهم ولا أسات إلى أحد منـهم . وقـال موسـى لقورح كن أنت وكل جماعتك أمام الرب أنت وهم وهرون غدا . وخذوا كـل واحـد مجمرته فيها بخوراً وقدموا أمام الرب كل واحد مجمرته ، مئتين وخمسين مجمـرة . وأنت وهرون  وكل واحد بمجمرته . فأخذوا كل واحد مجمرته وجعلـوا فيـهـا نـاراً ووضعوا عليها بخوراً ووقفوا لدى باب خيمة الاجتماع مع موسى وهرون . وجمـع عليهما قورح كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتمـاع فـتراءى مجـد الـرب لكـل الجماعة . وكلم الرب موسى وهرون قائلاً ، افترزا من بين هذه الجماعة فإني أفنيهم في لحظة . فخرا على وجهيهما وقالا اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطئ رجـل واحد فتسخط على كل الجماعة . فكلم الرب موسى : كلم الجماعة قائلاً اطلعوا مـن حوالي مسكن قورح وداثان وابیرام ، فقام موسى وذهب إلى داثان وابـــرام وذهـب وراءه شيوخ اسرائيل . فكلم الجماعة قائلاً اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البغـاة ولا تمسوا شيئاً مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم . فطلعوا من حوالي مســكـن قـورح وداثان وأبيرام . وخرج داثان وأبيرام ووقفا في باب خيمتهما ، نســـائهما وبنيـهما وأطفالهما . فقال موسى بهذا تعلمون أن الرب قد أرسلني لأعمل كـل هـذه وأنـها ليست من نفسي . إن مان هؤلاء كموت كل انسان وأصابتهم مصيبة كل انسان فليـس الرب قد ارسلني . ولكن إن ابتدع الرب بدعة وفتحت الارض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا أحياء إلى الهاوية تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب . فلما فرغ من المتكلم بهذا الكلام انشـقت الارض التـى تحتـهم . وفتحـت الارض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الاموال . فنزلوا هـم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقـت عليـهم الارض فبـادوا مـن بيـن الجماعة . وكل اسرائيل الذين حولهم هربوا من صوتهم لانهم قــــالوا لعـل الارض تبتلعنا . وخرجت نار من عند الرب وأكلت المئتين والخمسين رجلا الذيـن قـربـوا البخور . ثم كلم الرب موسى قائلاً : " قل لألعازار بن هرون الكاهن أن يرفع المجـامر من الحريق وأذن النار هناك . فانهن قد تقدسن . مجـامر هـؤلاء المخطئيـن ضـد نفوسهم فليعملوها صفائح مطروقة غشاء للمذبح لانهم قد قدموها أمام الرب فتقدسـت فتكون علامة لبنى اسرائيل . فاخذ العازار الكاهن مجـامر النحـاس التـى قدمـها المحترقون وطرقوها غشاء للمذبح . تذكاراً لبني اسرائيل لكيلا يقترب رجل أجنبـي ليس من نسل هرون ليبخر بخوراً أمام الرب فيكون مثل قورح وجماعته كما كلمـه الرب على يد موسى " . ( ۱ ) فسبيلنا أن نهرب من طلب الرئاسات والامور العاليـة ونطلـب مـا فيـه خلاصنا ونسارع إلى العمل بأقوال ربنا . لنفوز بنعيم الملكوت الدائـم بنعمـة ربنـا يسوع المسيح الذي له المجد والوقار . الآن وكل أوان وغلى دهر الداهرين آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
23 ديسمبر 2022

الكرازة بالفرح في الرب

لم يختر السيد المسيح القديسة مريم من بين الاثني عشر تلميذا ولا من بين السبعين رسولاً ، غير أنها كانت نموذجا رائعا وفعالاً في ممارستها الكرازة العملية . 1- بصمتها لم تخبر خطيبها القديس يوسف عن بشارة الملاك جبرائيل ، ولا أعلنت له عن تجسد الكلمة في أحشائها ؛ غير أنها بصمتها المقدس ، ظهر ليوسف ملاك في حلم قائلاً : " يا یوسف بن داود ، لا تخف أن تأخذ امرأتك ، مریم لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس ، فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع ، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم " ( مت ۱ : ۲۰-۲۱ ) . ما قدم ليوسف في حياته أفضل من الحوارات البشرية . 2- بحوارها المقدس مع الملاك جبرائيل أيضا كرزت ، فقدمت للبشرية عبر الأجيال فهما لسر التجسد ، ودور الثالوث القدوس فيه ( لو 1 : ٣٤ ) . 3- كما كرزت بالصمت المقدس والحوار المقدس ، كرزت أيضا بعمل المحبة الباذلة المقدس ، إذ قيل : " فقامت مريم في تلك الأيام ، وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ... فلما سمعت اليصابات سلام مریم ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلأت اليصابات من الروح القدس " ( لو 1 : 39-41 ) . بعمل المحبة تحول بيت زكريا الكاهن إلى شبه سماء متهللة ؛ الجنين ارتكض مبتهجا ، واليصابات امتلأت من الروح القدس ، وصار البيت كله مسبحا الله بفرح وتهليل . يا لعظم كرازة مريم ، التي لم تخبرهم شيئا ، إنما جاءت حاملة السيد المسيح جنينا في أحشائها ! لا يحتاج العالم إلى عظات وكتب بقدر ما هو متعطش إلى دخول السيد المسيح إلى القلوب وفي البيوت ، وأينما وجد الإنسان ! الحياة المتهللة المقدسة والكرازة صالح أن تهتم الكنيسة بالكرازة والتبشير ، فتعد مناهج للتبشير يتعلمها المؤمن بروح الإيمان والثقة في عمل روح الله القدوس فيه وفي المخدومين . وصالح أن يخدم المؤمن غير المؤمنين في كل جوانب الحياة ، فيشعر بالمحبة العملية الصادرة عن الكارز بالله محب البشرية . إنما كل هذا يفسده التعصب الأعمى أو الحرفية القاتلة أو التشامخ والكبرياء ، فإن نعمة الله القدوس تعمل فيمن يحيا مقدسا بروح التواضع والحب ! لم يذكر الكتاب المقدس أن القديسة مريم أخذت معها هدايا للجنين ووالديه ، ولا فكرت كيف تخدم نسيبتها الحبلى وهي بلا خبرة في مثل هذه الحالة ، وربما لم يكن لديها إمكانيات مادية تقدمها لهم . لقد شعرت بالغنى الحقيقي ، إذ تحمل في أحشائها مخلص العالم ، واهب الفرح السماوي والتهليل القلبي . قدمت القديسة مريم للكاهن وزوجته وجنينها رب المجد نفسه الساكن فيها ، .فصار البيت أشبه بسماء لا يعوزها شيء . هب لي يا ربّ روح الكرازة الصادقة انطلق مع القديسة مريم حاملاً إياك في قلبي هب لي الصمت المقدس ، فتتكلم أنت في وبي هب لي يا رب الحوار المقدس معك فأطلب لأجل خلاص البشرية هب لي القلب المتسع بالحب ، والعقل المملوء حكمة هب لي أن أثبت فيك ، وتثبت في فأصير بك مصدرا للفرح لكل من ألتقي به القمص تادرس يعقوب ملطي كاهن كنيسة مارجرجس اسبورتنج
المزيد
22 ديسمبر 2022

شخصيات الكتاب المقدس رحوم صاحب القضاء

رحوم صاحب القضاء (عزرا 4: 8 ) اسم عبري معناه "شفوق" أو "محبوب" صاحب القضاء الذي كتب رسالة إلى ارتحشستا الملك ليوقف إعادة بناء أسوار أورشليم وهيكلها (عز 4: 8 و9 و17 و23). تعالوا نتعرف أكتر على رحوم صاحب القضاء ونشوف هنتعلم ايه؟ 1- رحوم العائد لغرض ذكر لنا في سفر عزرا 2:2 ان رحوم عاد مع زربابل في أول فوج لكن ما هو غرض رحوم من الرجوع هو طلب الرئاسة والسلطة 2- رحوم المتلون كان رحوم صاحب القضاء يعني رئيس المراسيم يعني برتبة والي للبلاد يعني مش محتاج أي شيء لكن تملقه للملك جعله إنسان متلون أمام اليهود بشكل وفي الخفاء يصنع المكائد 3- رحوم الخائن لما سمع إن عزرا أخذ أمر ببناء بيت الله ورجوع الناس كتب رسائل للملك حرض فيها الملك لوقف القرار حتى في عزرا 4: 23 لما أرسل الملك الرد بعدم استكمال العمل يقول الكتاب حِينَئِذٍ لَمَّا قُرِئَتْ رِسَالَةُ أَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ أَمَامَ رَحُومَ وَشِمْشَايَ الْكَاتِبِ وَرُفَقَائِهِمَا ذَهَبُوا بِسُرْعَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الْيَهُودِ، وَأَوْقَفُوهُمْ بِذِرَاعٍ وَقُوَّةٍ والسؤال ايه مشكلة يهودي في بناء هيكل الله ده لأنه خائن ومحب للسلطة تعالوا نطبق اللي اتعلمناه 1- إن كان غرضك من الخدمة الوصول للمناصب والمسميات المختلفة فاعرف ان خدمتك فارغة تصبح مثل نحاسا يطن أو صنجا يرن 2- لا تتلون لكي ترضي الناس حتى لا تصبح مثل المهرج 3- احذر من الخيانة لأن الخائن عاره لا ينسى من الناس وتظل في نظر الناس خائن حتى لو رجعت
المزيد
21 ديسمبر 2022

لماذا حل الرب بيننا؟

ونحن نحتفل بميلاد المسيح من العذراء، لعلنا نتساءل فيما بيننا: ما هي الأسباب التي دعت رب المجد أن يتخذ جسداً ويحل بيننا، ويصير في الهيئة كإنسان، ويولد من امرأة كبني البشر؟ لاشك أن الفداء هو السبب الأساسي للتجسد. جاء الرب إلى العالم ليخلص الخطاة، جاء ليفديهم، جاء ليموت وليبذل نفسه عن كثيرين. هذا هو السبب الرئيسي الذي لو اكتفى المسيح به ولم يعمل غيره، لكان كافياً لتبرير تجسده وجاء المسيح ليوفي العدل الإلهي، وليصالح السماء والأرض.ويمكننا أن نقول أيضاً - إلى جوار عمل الفداء والمصالحة- إن السيد المسيح قد جاء لينوب عن البشرية. وكما ناب عنها في الموت، ينوب عنها أيضاً في كل ما هو مطلوب منها أن تعمله. إن الإنسان قد قصّر في كل علاقاته مع الله فجاء، «ابن الإنسان" لينوب عن الإنسان كله في إرضاء الله.وفي فترة تجسده أمكن للرب أن يقدم للبشرية الصورة المثالية لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان كصورة لله ومثاله، قدم القدوة العملية. حتى أن القديس أثناسيوس الرسولي قال إنه لما فسدت الصورة التي خُلق بها الإنسان، نزل الله ليقدم لهم الصورة الإلهية الأصلية.وأيضاً لما أخطأ القادة في تفسير الشريعة الإلهية وقدموها للناس حسب مفهومهم الخاطئ، ومزجوا بها تعاليمهم الخاصة وتقاليدهم، جاء الرب ليقدم للبشرية الشريعة الإلهية كما أرادها الله، نقية من الأخطاء البشرية في الفهم والتفسير.. الفداء هو السبب الأساسي للتجسد: لقد أخطأ الإنسان الأول، وكانت خطيته ضد الله نفسه: فهو قد عصى الله وخالف وصيته، وهو أيضاً أراد أن يكبر وأن يصير مثل الله عارفاً الخير والشر (تك3: 5). وفى غمرة هذا الإغراء نرى أن الإنسان لم يصدق الله الذي قال له عن شجرة الخير والشر: «يوم تأكل منها موتاً تموت» (تك2: 17). وعلى العكس من هذا صدق الحية التي قالت: «لن تموتا». وبعد الأكل من الشجرة نرى أن الإنسان قد بدأ يفقد إيمانه في وجود الله في كل مكان وقدرته على رؤية كل مخفي، وظن أنه إن اختبأ، يستطيع أن يهرب من رؤية الله له. وفي محاسبة الله للإنسان بعد الخطية، نرى الإنسان يتكلم بأسلوب لا يليق إذ يحمّل الله جزءاً من مسئولية خطيته فيقول له: «المرأة التى جعلتها معي هي أعطتني» (تك3: 12).إنها مجموعة أخطاء موجهة ضد الله: عصيان الله، ومنافسة الله في معرفته، وعدم تصديق الله فى وعيده، وعدم الإيمان بقدرة الله، وعدم التأدب في الحديث مع الله أخطاء الإنسان ضد الله، والله غير المحدود، لذلك صارت خطيته غير محدودة، والخطية غير المحدودة، عقوبتها غير محدودة. وإن قُدِّمت عنها كفارة، ينبغى أن تكون كفارة غير محدودة. ولا يوجد غير محدود إلا الله. لذلك كان ينبغى أن يقوم الله نفسه بعمل الكفارة. هذا هو ملخص المشكلة كلها في إيجاز. لقد أخطأ الإنسان، وأجرة الخطية هي الموت (رو6: 23). فكان لابد أن يموت الإنسان، وبخاصة لأن الله كان قد أنذره بهذا الموت من قبل أن يتعدى الوصية، إذ قال له: «وأما شجرة معرفة الخير فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت». وهكذا استحق حكم الموت، وكان لابد أن يموت.كان موت الإنسان هو الوفاء الوحيد لعدل الله. وإن لم يمت الإنسان، لا يكون الله عادلاً، ولا يكون الله صادقاً في إنذاره السابق. هذه النظرية يشرحها القديس أثناسيوس الرسولي باستفاضة في كتابة "تجسد الكلمة". وإذ يشرح لزوم موت الإنسان، يشرح من الناحية المضادة المشاكل التي تقف ضد موت الإنسان. فماذا كانت تلك المشاكل؟ كان موت الإنسان ضد رحمة الله، وبخاصة لأن الإنسان قد سقط ضحية الشيطان الذي كان أكثر منه حيلة ومكراً!! وكانت موت الإنسان ضد كرامة الله، إذ أنه خُلق على صورة الله ومثاله، فكيف تتمزق صورة الله هكذا؟! وكان موت الإنسان ضد قوة الله، كأن الله قد خلق خليقة ولم يستطع أن يحميها من شر الشيطان! وهكذا يكون الشيطان قد انتصر في المعركة!! وكان موت الإنسان ضد حكمة الله في خلقه للبشر. وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي إنه كان خير للإنسان لو لم يُخلق، من أن يُخلق ليلقى هذا المصير!! وأخيراً كان موت الإنسان ضد ذكاء الله. إذ كيف توجد المشكلة ولا يستطيع عقل الله أن يوجد لها حلاً!! (للمقال بقية قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
20 ديسمبر 2022

لماذا التجسد ؟

1 - حتى يستعيد الإنسان الصورة التي خلق عليها:- خلق الله الإنسان على صورته ( تكوين 1 : ٢٦ ، ٢٧ ) . يقول القديس أثناسيوس الرسولي : « الله صالح بل هو بالأحرى مصدر الصلاح . والصالح لا يمكن أن يبخل بأي شيء وهو لا يحسد أحدا حتى على الوجود ، ولذلك خلق كل الأشياء من العدم بكلمته يسوع المسيح ربنا ، وبنوع خاص تحنن على جنس البشر . ولأنه رأى عدم قدرة الإنسان أن يبقى دائما على الحالة التي خلق فيها ، أعطاه نعمة إضافية ، فلم يكتف بخلق البشر مثل باقي الكائنات غير العاقلة على الأرض ، بل خلقهم على صورته وأعطاهم شركة في قوة كلمته » ( تجسد الكلمة 3 : 3 ) . ويفسر القديس كيرلس عمود الدین معنی خلقتنا على صورة الله ، فيقول : « رغم أننا خلقنا على صورته ومثاله إلا أن الفارق بين الله والإنسان فارق شاسع .. فالله بسيط في طبيعته وغير مركب بينما نحن نملك طبيعة مركبة ، إذ أن طبيعتنا البشرية مكونة من أجزاء متعددة . ونحن من التراب فيما يخص الجسد وهذا يعني أننا معرضون للفساد والزوال مثل الأعشاب ، بينما الله فوق كل ذلك . والنفس الإنسانية عرضة لتقلبات كثيرة من الصالح إلى الطالح ومن الطالح إلى الصالح ، ولكن الله هو هو دائما ، صالح إلى الأبد ولا يتحول ولا يتغير من حال إلى حال . وعدم تغير الله ليس صفة عرضية بل يرجع إلى جوهره . وهكذا أصبح من الواضح أن البشر الذين أتوا إلى الوجود من العدم لا يتشابهون مع الله حسب الطبيعة ، بل يمكن أن يتشابهوا معه في نوعية الحياة الجديدة والسلوك المستقيم » ( حوار حول الثالوث ، الحوار الأول ) . بحسب خلقتنا على صورة الله كان يمكننا أن نقاوم الفناء الطبيعي مادمنا محافظين على الصورة التي خلقنا عليها . ولكن بسوء استخدامنا للحرية الممنوحة لنا سقطنا من الحياة الأبدية ، وأصبح « الإنسان العاقل المخلوق على صورة الله أخذا في التلاشي ، وكانت خليقة الله أخذه في الانحلال » ( تجسد الكلمة 6 : 1 ) . ما الفائدة من خلق الإنسان على صورة الله ، إذا كان سيعيش بعيدا عن الله في الخطيئة ؟ كان من غير اللائق أن تهلك الخليقة وترجع إلى العدم بالفساد ، تلك الخليفة المخلوقة على صورة الله . فيذكر القديس أثناسيوس أنه لذلك وجب أن يتجسد الكلمة ، الصورة الحقيقية لله الآب يقول القديس أثناسيوس : « ما هو الذي كان ممكنا أن يفعله الله ؟ وماذا كان يمكن أن يتم سوى تجديد الخليفة التي وجدت على صورة الله ، مرة أخرى ، ولكي يستطيع البشر أن يعرفوه مرة أخرى ؟ ولكن كيف كان ممكنا لهذا الأمر أن يحدث إلا بحضور نفس صورة الله مخلصنا يسوع المسيح ؟ كان ذلك الأمر مستحيلا أن يتم بواسطة البشر لأنهم هم أيضا خلقوا على مثال تلك الصورة ( وليس هم الصورة نفسها ) ولا أيضا بواسطة الملائكة لأنهم ليسوا صورا ( لله ) ولهذا أتى كلمة الله بذاته لكي يستطيع – وهو صورة الآب - أن يجدد خلقة الإنسان ، على مثال صورة الله « ( تجسد الكلمة 13 : 7 ) . لذلك تجسد الابن الوحيد صورة الآب يرد الإنسان إلى رتبته الأولى ، كما يقول القديس غريغوريوس « أخذت الصورة ولم أحفظها .فأخذ جسدى لكى يخلص الصورة ويهب الخلود للجسد »عظة على الثيؤفانيا. القمص بنيامين المحرقى
المزيد
19 ديسمبر 2022

أحاد شهر كيهك

شهر كيهك له طعم خاص في كنيستنا ، وله تميز وانفراد . والكنيسة من إبداعات ارتباطها بالإنجيل والكتاب المقدس تأخذ الأصحاح الأول من إنجيل معلمنا لوقا وتقسمه أربعة أقسام ، وتقراه في قداسات الأربعة أحاد التي لشهر كيهك . إنجيل معلمنا لوقا له طابع أدبي وطابع تعليمي وطابع إنساني وطابع مسكوني ، فالقديس لوقا اليوناني الأصل ، كتبه بصورة أدبية باللغة اليونانية ، وكتبه أيضا بطريقة تعليمية ، لكن الأهم أنه كتبه بروح إنسانية . مثلا : كانت المرأة في العهد القديم لا تذكر لها قيمة ، وكانوا يعتبرونها كأنها بلا صوت وبلا حضور في المجتمعات ، وكلكم تذكرون معجزة إشباع الجموع حيث قيل : « خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأولاد » ، أما لوقا الرسول وهو يذكر مشاهد من احداث حياة وخدمة السيد المسيح على الأرض ، فقد قدم المرأة ، بل جعلها في مكانة رفيعة . وحين تكلم عن المرأة في زمان ميلاد السيد المسيح ، ذكر ثلاثة جوانب من حياة المرأة . ففي قصة الميلاد يذكر مريم العذراء مريم البتولة ، ويذكر اليصابات المرأة المتزوجة ، ثم يذكر حنة بنت فنوئيل وهي المرأه الأرملة ، وهكذا ذكر الثلاثة جوانب التي من الممكن أن تكونها المرأة في قصة الميلاد ، ورفع من شأنها . كما أن إنجيل لوقا له بعد مسكوني ؛ فالقديس متي الرسول يذكر نسب السيد المسيح حتى إبراهيم أبي الآباء ، لكن القديس لوقا يذكر هذا النسب حتى أدم أب البشرية كلها ، وبالتالي رؤيته رؤية مسكونية . أما بالنسبة لشهر كيهك ، فهو شهر متميز بصورة مدهشة ، اختارت فيه الكنيسة الأصحاح الأول من إنجيل لوقا ، ويمكن أن نختصره في كلمتين : وعد ، وتحقيق الوعد ... وهذه هي قصة البشرية كلها . قصة البشرية تختصر في كلمتين : أن الإنسان نال وعدا من الله ، وفي ملء الزمان تحقق الوعد . الكنيسة أخذت هذه القصة ، قصة الله والإنسان ، ووضعتها في قالب صغير جدا خلال أربع أحاد شهر كيهك ، لتحكي لنا حكاية الوعد وتحقيق الوعد كيف كانت . البداية في الأحد الأول زكريا واليصابات ، أسرة مباركة ، سالكين في بر وتقوى ، لكن توجد نقطة ضعف وهي أنه ليس لهما نسل ، فقد كانت اليصابات عاقرا ، وهذه الكلمة في العهد القديم كانت كلمة قاسية جدا ... ثم جاء الملاك وبشر زكريا الذي لم يصدق وصمت ، ولكنه نال وعدا : فقال له الملاك : « لا تخف يا زكريا ، لأن طلبتك قد سمعت ، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنا وتسميه يوحنا . ويكون لك فرح وابتهاج ، وكثيرون سيفرحون بولادته » ( لوقا ١: ١٣ ، ١٤ ) . لسان حال زكريا أن : لنا زمانا نصلي ، والسماء لا تستجيب ، وزوجتي اليصابات تصلي والسماء صامتة ، والعمر يجري وتتقدم هي في السن وهو يتقدم في السن ويكاد يكون الرجاء قد انعدم ، أمازلت تذكر يا رب ؟ بالطبع يذكر ! هذا كان الوعد . الله يعطينا وعودا كثيرة ، وما أجمل أن تتلامس مع وعود الله ، وإن أعطاك الله وعدا فثق أنه سيحقق هذا الوعد ؛ متى ؟ أو كيف ؟ هذا شأن الله . وفي الأحد الثاني قصة بشارة الملاك للعذراء مريم ، بنت صغيرة تتربى في الهيكل ، مجتمعها محدود ، حياتها صلوات وقراءات ، تعيش في براءة ونقاوة وتقوى ، ولكنها تعيش أيضا الرضا . وتأتي البشارة للعذراء مريم في نفس الأصحاح ، والعذراء مريم تقول : « كيف يكون لي هذا ؟ » ، فيشرح لها الملاك على خطوات : « الروح القدس يحل عليك ، وقوة العلي تظلك ، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله » ( آية ٣٥ ) ، وتجيب العذراء : « هوذا أنا أمة الرب . ليكن لي كقولك » ( أية ٣٨ ) . وتعطي لنا أمنا العذراء درسا أنك عندما تتلقى وعدا لا يصدقه عقلك ، فإن إيمانك يقبله واتضاعك سيحققه . ما أبهج هذا الإنسان الذي يقبل الوعد دون جدل . في زماننا هذا جميع الناس يجادلون بعضهم البعض ، ولا أحد يعجبه شيئا البتة ، ولكن أمنا العذراء تعلمنا كيف تكون حياة الإنسان بسيطة ، كيف أن النعم العظيمة يعطيها الله للأنقياء والاتقياء . هنا بدايات القصة الكبيرة ، الوعد الذي أخدناه في سفر التكوين سيبدأ أن يتحقق . في الأحد الثالث العذراء مريم تقابل اليصابات . اليصابات سيدة متقدمة في الأيام ، والسيدة العذراء مريم شابة صغيرة في السن ، والمقابلة التي تمت بينهما ليست مقابلة بين امرأتين بل هي مقابلة بين عهدين : العهد القديم ممثل في القديسة اليصابات ، والعهد الجديد ممثل في أمنا العذراء مريم . العهد القديم قارب على الانتهاء ليظهر نور العهد الجديد ويبدأ خلاص المسيح . هذه القصة الصغيرة هي رمز للقصة الكبيرة ؛ قصة الإنسان . ثم يأتي الأحد الرابع ومازلنا في الأصحاح الأول من إنجيل معلمنا لوقا . في الأحد الرابع يأتي تحقيق الوعد وهو ولادة يوحنا المعمدان . لاحظوا أن القصة الصغيرة ترمز للقصة الكبيرة . القصة الصغيرة الوعد بميلاد يوحنا المعمدان ، وتحقيق الوعد بولادته ؛ القصة الكبيرة آدم يخطئ ثم يبعد هو وحواء ، ويعطيه الله وعدا بالخلاص ، ويتحقق الوعد في مجيء السيد المسيح . في تسبحة زكريا يقول : « ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت » ( آية ٧٩ ) ، لذلك نسهر في شهر كيهك ليلاً وقت الظلمة التي تمثل العهد القديم ، وتنهي السهرة بقداس ونتناول فيه ونخرج إلى بداية النهار الجديد تعبيرا عن العهد الجديد . لاحظوا أن الكنيسة التي تقرأ أصحاحا كاملا على مدار شهر كيهك هي نفسها تقرأ سفرا كاملا في ليلة واحدة ، وهو سفر الرؤيا ليلة أبوغلمسيس ! لاحظوا حيوية الكنيسة وإبداعها وارتباطها بالكلمة المقدسة . إذا أردت تدريبا فاقرأ الأصحاح الأول من إنجيل لوقا كل يوم واستخرج مند معايير ومبادى لحياتك وخدمتك ، وتعلم من أشخاصه ، وضع لك ثلاثة أو أربعة مبادئ لتتعلمها وتبدأ بها العام الجديد ، وتستقبل بها ميلاد ربنا يسوع المسيح . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
18 ديسمبر 2022

يذكر عهده المقدس

أنَاجِيل آحَاد شَهْر كِيَهْك المُبَارَك : هذِهِ الأنَاجِيل تَتَكَلَّمْ عَنْ قِصِّة التَّجَسُد الإِلهِي فَهيَ مِنْ الإِصْحَاح الأوَّل مِنْ إِنْجِيل بِشَارِة مُعَلِّمْنَا لُوقَا البَشِيروَهيَ مُقَسَّمَة عَلَى الأرْبَع آحَاد تَتَكَلَّمْ بِدَايَةً مِنْ قِصِّة زَكَرِيّا الكَاهِن وَهُوَ يُكَهِّن فِي خِدْمِة الْمَسِيح وَبِشَارِة المَلاَك بِمِيلاَد يُوحَنَّا وَتَحْكِي مِيلاَد يُوحَنَّا ثُمَّ تَحْكِي بِشَارِة المَلاَك لِلسَيِّدَة العَذْرَاء وَتَحْكِي مِيلاَد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح ثُمَّ تَحْكِي تَسْبِحِة زَكَرِيَّا الكَاهِن بِمِيلاَد رَب المَجْد يَسُوع الْمَسِيح وَيُوحَنَّا ثُمَّ تَحْكِي أيْضاً زِيَارِة السَيِّدَة العَذْرَاء إِلَى ألِيصَابَات وَتَسْبِحِة السَيِّدَة العَذْرَاء يَبْدُو أنَّ القِدِيس لُوقَا كَانَ قَرِيب جِدّاً إِلَى السَيِّدَة العَذْرَاء وَهيَ بِنَفْسَهَا الَّتِي شَرَحَتْ لَهُ كُل هذِهِ التَّفَاصِيل لِذلِك كَتَبْ فِي بِدَايِة إِنْجِيلُه أنَّ هذِهِ الأُمور هِيَ أُمور ﴿ سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ البَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلكَلِمَة ﴾( لو 1 : 2 ) أي أنَّ الَّذِينَ قَالُوا لَهُ هذَا هُمْ كَانُوا مُعَايِنِين إِلَى هذِهِ الأُمور . فِي الأحَد الثَّانِي مِنْ شَهْر كِيَهْك يُقْرأ عَلَيْنَا الجُزْء الخَاص بِبِشَارِة السَيِّدَة العَذْرَاء لِمِيلاَد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يُوْجَد تَسَلْسُل فِي قِصِّة الكِرَازَة بِمَجِئ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يُمْكِنْ تَلْخِيصْهَا فِي" 3 " أسْمَاء هُمْ :- 1/ زَكَرِيّا .. كَلِمَة مَعْنَاهَا يَهْوَى يَتَذَكَّر 2/ يُوحَنَّا .. كَلِمَة مَعْنَاهَا يَهْوَى يَتَحَنَّنْ 3/ يَسُوع .. كَلِمَة مَعْنَاهَا يَهْوَى يُخَلِّص . فَإِنَّ أي حَرْف "ي" فِي إِسْم أحَد مِنْ العَهْد القَدِيم سَوَاء كَانَ " يَا " أوْ " ي مَمْدُود مَعَهَا الإِسْم " هُمَا إِخْتِصَار لِلَفْظ " الله يَهْوَى " مِثْل يُونَان نَحَمْيَا يَشُوع يَهُوشَافَاط يَهُوذَا حَرْف اليَاء بِهُمْ هِيَ رَمْز إِلَى * يَهْوَى الله * زَكَرِيّا يُوحَنَّا يَسُوع هُمْ " 3 " كَلِمَات يَتَلَخَص فِيهُمْ فِكْرِة التَّجَسُد الإِلهِي :- زَكَرِيّا هِيَ الله يَتَذَكَّر أوْ تَذَكَّر لِمَاذَا كَيْفَ ؟ هَلْ أنْتَ يَارَب كُنْت نَاسَيْتَنَا لِمُدِّة 5500 سَنَة ؟ هَلْ أنْتَ يَارَب عِنْدَمَا أخْطَأ الإِنْسَان تَرَكْتَهُ وَأهْمَلْتَهُ إِلَى هذِهِ الدَّرَجَة دَرَجِة أنْ نَسِيتُه 5500 سَنَة لِتِفْتِكْرُه ؟ فَإِنَّ الكِنِيسَة وَضَعَتْ لَنَا أوِّل مَزْمُور لِنَقْرَأُه فِي أوِّل عَشِيَّة مِنْ عَشِيَات شَهْر كِيَهْك هُوَ مَزْمُور مُعَلِّمْنَا دَاوُد النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ ﴿ إِلَى مَتَى يَارَبُّ تَنْسَانِي ﴾ ( مز 13 : 1) وَأيْضاً الكَنِيسَة تَقُول ﴿ فَلَمْ تَتْرُكْنَا عَنْكَ أيْضاً إِلَى الإِنْقِضَاء ﴾ لكِنْ مَا هِيَ قِصَّة النِسْيَان ؟ فِي الحَقِيقَة أنَّ الله لَنْ يَنْسَانَا لكِنْ هُوَ يُرِيدْ أنْ يُعْطِينَا إِحْسَاس وَالكِنِيسَة تَنْقِل إِلَيْنَا هذَا الإِحْسَاس وَهُوَ أنَّهُ قَدْ أتَى مِلْءُ الزَّمَان قَدْ أتَى زَمَنْ الإِفْتِقَاد لكِنْ لِمَاذَا كَانَتْ كُل هذِهِ الفِتْرَة الَّتِي مَضَتْ ؟ إِنَّ هذَا التَّأخِير كَانَ لَيْسَ مِنْ عِنْد رَبِّنَا وَلكِنْ الأمر كَانَ فِي حَاجَة إِلَى تَمْهِيد وَتَدْبِير كِبِير جِدّاً مِنْ رَبِّنَا لِكَيْ يُهَيِّئ النَّفْس البَشَرِيَّة وَالعَقْل البَشَرِي وَالمُجْتَمَع وَالنَّاس لاسْتِيعَاب فِكْرَة يَصْعُب فِهْمَهَا جِدّاً وَهيَ كَيْفَ أنَّ الله سَيَفْدِي وَكَيْفَ أنَّ الله سَيَحِل فِي وَسَطْ البَشَر ؟ فَإِذَا كَانَ مَعَ كُل هذَا التَّمْهِيد وَلاَزَالَ كَثِيرُونَ لاَ يُؤمِنُون بِالتَّجَسُد لِمَاذَا ؟ لأِنَّهَا فِكْرَة صَعْبَة جِدّاً لِكَيْ يَسْتَوْعِب الإِنْسَان أنَّ الله ظَهَرَ فِي الجَسَد وَأنَّ الله أسْلَم نَفْسُه لِلمُوْت وَأنَّهُ ذُبِح وَمَات لأِجْلِنَا لِهذَا أمْضَى رَبِّنَا قِصَّة طَوِيلَة مَعَ الإِنْسَان وَبَدَأَ يُعْلِن حُلُولُه فِي وَسَطْ الشَّعْب إِبْتَدأ يَقُول لَهُمْ إِعْمِلُوا لِي خِيمَة لأِسْكُنْ فِيهَا بِشَرْط أنْ تَكُون هذِهِ الخيمَة فِي وَسَطْ مَسَاكِنْكُمْ فَمَهَدْنَا بِآيَة﴿ وَالكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا﴾( يو 1 : 14) نُلاَحِظْ أنَّ تَرْجَمِة كَلِمَة " حَلَّ " هِيَ نَفْسَهَا كَلِمَة " المَحَلَّة "الَّتِي نَزَل فِيهَا رَبِّنَا وَكَأنَّ رَبِّنَا يُرِيدْ أنْ يُمَهِّد الأذْهَان أنَّهُ سَيَتَذَكَرْنَا وَلكِنَّهُ يُعِدَّنَا إِلَى إِسْتِقْبَالِه فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يُعِد نِفُوسْنَا لِتَسْتَقْبِل هذِهِ الحَقِيقَة فَلِكَي نَسْتَوْعِب الفِدَاء وَالخَلاَص مَهَّد لَنَا بِطُرُق وَأنْوَاع شَتَّى مِنْ يُوم مَا أخْطَأ أبُونَا آدَم وَمِنْ زَمَنْ الآبَاء الأوَلِين عِنْدَمَا أمَرَهُمْ بِبُنَاء مَذَابِح لِتَقْدِيم ذَبَائِح – ذَبَائِح دَمَوِيَّة – لِكَيْ يُهَيِّئ النَّفْس البَشَرِيَّة لاسْتِيعَاب فِكْرِة أنَّهُ بِدُون سَفْك دَم لاَ تَحْدُث المَغْفِرَة وَأنَّ نَفْس يُمْكِنْ أنْ تُؤخَذ عِوَضاً عَنْ نَفْس وَيُهَيِّئ أذْهَانَنَا لِفِكْرَة صَعْبَة جِدّاً وَهيَ فِكْرِة إِنْتِقَال الخَطِيَّة مِنْ مُذْنِب إِلَى بَرِئ رَبِّنَا يِمَهِد وَيُرْسِل لَنَا أنْبِيَاء يِقُولُوا تَفَاصِيل فِي مُنْتَهِى الدِّقَة فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَح صِفَات التَّجَسُد كَأشْعِيَاء النَّبِي وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّد زَمَنْ التَّجَسُد كَدَانِيَال النَّبِي وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّد مَكَان التَّجَسُد كَيْفَ ؟!! فَإِنَّ الأمر مِحْتَاج إِلَى تَمْهِيد إِلَى النَّفْس البَشَرِيَّة وَالعَقْل البَشَرِي لِيَسْتَوْعِب مَتَى رَبِّنَا سَيَتَذَكَرْهَا وَمَتَى سَيَفْتَقِدْهَا وَمَتَى سَيَحِل مِلْء الزَّمَان وَعِنْدَمَا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَان أرْسَل الله إِبْنَهُ مَوْلُوداً مِنْ إِمْرَأة ( غل 4 : 4 ) إِذاً الأمر لَيْسَ نِسْيَاناً مِنْ رَبِّنَا فَهُوَ يَقُول ﴿ هَلْ تَنْسَى المَرْأةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسِينَ وَأنَا لاَ أنْسَاكِ ﴾ ( أش 49 : 15) فَإِلَى مَاذَا يَارَب تُمَهِد ؟إِنَّ رَبِّنَا يُرِيدْ أنْ يُقِظْ مَشَاعِر شَعْبُه لِكَيْ يَسْتَوْعِبُوا مَجِيئُه وَمِنْ هُنَا كَانَتْ كَلِمَة " الله يَتَذَكَر زَكَرِيّا " لِدَرَجِة أنَّ زَكَرِيّا الكَاهِن نَفْسُه عِنْدَمَا مَسَك إِبْنُه يُوحَنَّا نَطَق بِتَسْبِحَة قَالَ ﴿ القَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أبِينَا أنْ يُعْطِينَا ﴾ ( لو 1 : 73 ) بَدَأَ يَتَحَقَّق وَبَدَأَ يَقُول يَذْكُر عَهْدُه المُقَدَّس ( لو 1 : 72 ) فَعِنْدَمَا نَقْرأ سِفْر التَّكْوِين نَجِد أنَّ رَبِّنَا صَنَع عَهْد بَيْنُه وَبَيْنَ أبُونَا إِبْرَاهِين وَأقْسَم بِذَاتُه وَقَالَ لَهُ﴿ أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ ﴾ ( تك 22 : 17) وَصَنَعَ عَهْد الخِتَان بَيْنَهُ وَبَيْنَ أبُونَا إِبْرَاهِيم كَعَلاَمَة أنَّهُ قَدْ أخَذَ لَهُ شَعْباً مُخْتَاراً مِنْ بَيْنَ وَسَطْ شُعُوب العَالَمْ هَلْ الخَطِيَّة نَقَضَتْ هذَا العَهْد ؟ هَلْ هذَا العَهْد مَازَالَ قَائِم ؟ أحْيَاناً تُعَاقِب الإِنْسَان يَارَب وَأحْيَاناً نَعْتَقِد أنَّكَ تَخَلَيْت عَنْهُ وَأحْيَاناً نَجِد أنَّكَ تُسَلِّمْ شُعُوبَك إِلَى الحُرُوب لِمَاذَا يَارَب نَاسِي عَهْدَك وَمَتَى سَتَتَذَكَرُه ؟ وَمِنْ هُنَا جَاءَت " الله يَتَذَكَّر " فَإِنَّ الله لاَ يَنْقُض العَهْد كَمَا يَفْعَل الإِنْسَان فَإِنَّ قَبْل العَهْد الَّذِي صَنَعَهُ الله مَعَ أبُونَا إِبْرَاهِيم كَانَ يُوْجَد عَهْد قَبْلَهُ مَعَ نُوح البَّار عِنْدَمَا أعْطَاه الله عَلاَمِة قُوس قَزَح وَقَالَ لَهُ أنَّهُ عَهْد بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّفْس البَشَرِيَّة أنَّهُ لاَ يَغْضَب عَلَيْهِ ثَانِياً ( تك 9 : 13) وَجَدَّد العَهْد أيَّام مُوسَى النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ لَهُ أنْ يَبْنِي الخِيمَة وَيَأتِي بِدَم الذَّبَائِح وَيَرُش نِصْف الدَّم عَلَى أدَوَات الخِيمَة وَالنِّصْف الثَّانِي عَلَى الشَّعْب وَهذَا كَانَ دَم العَهْد بَيْنَ رَبِّنَا وَبَيْنَنَا كَثِيراً مَا يَدْخُل رَبِّنَا مَعَ الإِنْسَان فِي عُهُود وَمَعَ ذلِك الإِنْسَان هُوَ الَّذِي يَنْقُضْهَا وَلَيْسَ رَبِّنَا لكِنْ رَبِّنَا فِي التَّجَسُد يَذْكُر عَهْدُه نَحْنُ فِي تَسَابِيح الكِنِيسَة نَقُول ﴿ لاَ تَنْسَ العَهْد الَّذِي قَطَعْتَهُ مَعَ أبَائِنَا ﴾ وَلِذلِك نُسَمِّي الكِنِيسَة بِكِنِيسِة العَهْد الجَدِيد الكِنِيسَة الَّتِي إِفْتَقَدِتْهَا النِّعْمَة حَيْثُ تَمَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَهْد أبَدِي لاَ يَنْقَطِع أبَداً لِذلِك يَقُول أنَّ الله تَذَكَّر فَقَالَ ﴿ قَدْ ذَكَرْتُ لَكِ غَيْرَةُ صِبَاكِ مَحَبَّة خَطَبْتِك ذِهَابِك وَرَائِي فِي البَرِّيَّةِ فِي أرْضٍ غَيْرِ مَزْرُوعَةٍ ﴾ ( أر 2 : 2 ) رَبِّنَا يَتَذَكَّر أنَّ بَنِي إِسْرَائِيل خَرَجُوا وَرَائَهُ فِي البَرِّيَّة فَيَقُول لَنَا أنَّهُ فَاكِر وَلكِنْ إِنْ كَانَ يُوْجَد تَأخِير فَهُوَ بِسَبَبْ عَدَم إِسْتِيعَابْنَا لإِنَّنَا فِكْرِنَا بَشَرِي وَهُوَ فِكْرُه إِلَهِي هُوَ يُعِدِّنَا لاسْتِيعَاب الأُمور الإِلَهِيَّة لِنُصَدِّق وَنُؤمِنْ أنَّ الله مُمْكِنْ أنْ يَحِل فِي وَسَطْ شَعْبُه وَأنْ يَأتِي وَيَحِل بَيْنَنَا وَأنْ يَأخُذ جَسَدْنَا فَهُوَ يُمَهِد الأذْهَان وَيُعْطِينَا عَلاَمَات وَنُبُوَات وَنَمَاذِج لِنَاس صَالِحِين فِي وَسَطْ مُجْتَمَعَات غِير بَارَّة رَبِّنَا يُمَهِد إِلَى صُورَة تُمَجِدُه وَلِعَمَل رَبِّنَا الفَائِق وَلِذَبِيحِة نَفْسُه يُمَهِد لِكِنِيسِة العَهْد الجَدِيد وَلِعَطَايَا الرُّوح القُدُس وَإِلَى كَيْفَ يَتَحَوَل الإِنْسَان إِلَى إِنْسَان بَار وَهُوَ فِي وَسَطْ جِيل فَاسِق وَشِرِّير كُل هذَا هُوَ لِكَلِمَة " تَذَكَّر أوْ زَكَرِيّا " الله تَذَكَّر وَحِينَمَا تَذَكَّر أعْلَن عَنْ تَذَكُّرُه بِحَنَانُه فَتَحَنَّنْ فَجَعَلَ زَكَرِيّا يُنْجِب يُوحَنَّا مِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي تُعْلِن عَنْ حَنَان الله عَلَى الإِنْسَان هُوَ التَّجَسُد مِنْ أكْثَر الأُمور الَّتِي تَجْعَلْنَا نَتَلاَمَس مَعَ حَنَان الله أنَّهُ قَبَلْ أنْ يَأخُذ جَسَدْنَا وَيَفْتَقِدْنَا فِي خَطَايَانَا إِنُّه يَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا لِذلِك نَقُول لَهُ ﴿ تَحَنَّنْ عَلَى جُبْلِتَك الَّتِي صَنَعَتْهَا يَدَاك ﴾ وَنَقُول لَهُ فِي صَلَوَات القِسْمَة فِي القُدَّاس ﴿ تَحَنُّنَك غَلَبَك وَتَجَسَدْت﴾ الله غَلَبُه تَحَنُّنُه وَهُوَ مِثْل الأب الَّذِي يَحْرِم إِبْنُه مِنْ شِئ وَلكِنْ يَتَحَنَّنْ عَلِيه عِنْدَمَا يَرَى إِبْنُه يِبْكِي فَيَأتِي لَهُ بِهَا فَنَحْنُ صُنْعِه أيْدِي رَبِّنَا فَكَيْفَ يَتْرُكْنَا نَهْلَك ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ أنْ يَتْرُكْنَا رَبِّنَا فِي عِصْيَانَنَا ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ إِنْ رَبِّنَا يَتْرُك الإِنْسَان فِي شَرُّه الَّذِي يَزْدَاد يُوْم بَعْد يُوْم ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ إِنْ رَبِّنَا يُتْرُك عَدُو الخِير لِيَنْتَصِر إِلَى النِّهَايَة ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ إِنْ رَبِّنَا يُتْرُك الخَطِيَّة تَكْثُر فِي العَالَمْ بِدُون مَغْفِرَة وَبِدُون حَلْ ؟ الخَطِيَّة قَدْ تَأصَّلَتْ فِي الطَبْع البَشَرِي لِدَرَجِة إِنْ الأنْبِيَاء نَفْسُهُمْ وَالأبْرَار يُخْطِئُوا هَلْ كَانَ عَلَى الرَّبَّ أنْ يَفْنِي الكُل ؟ لكِنْ رَبِّنَا رَفَض أنْ يُهْلِكْنَا لكِنُّه قَالَ أنَّهُ سَيُجَدِّد الكُل وَيَجْعَل لِلخَطِيَّة حَل حَتَّى وَإِنْ الإِنْسَان أخْطَأ لِكَيْ لاَ يَقَعْ أحَد أبَداً فِي هُوِّة يَأس أوْ فِي قَبْضِة العَدُّو حَتَّى وَإِنْ أخْطَأ رَبِّنَا جَدِّد طَبِيعِة الإِنْسَان حَنَانُه جَعَلُه يَصْنَع تَدْبِير الفِدَاء حَيْثُ أنَّ جَسَد الخَطِيَّة ( جَسَدْنَا ) هُوَ حَمَلُه فَهُوَ حَمَل خَطَايَانَا وَيَدْفَع الثَّمَنْ عَنْهَا وَبَدَلاً مِنْ أنَّ خَطِيَّة وَاحِدَة تَسْتَوْجِب حُكْم المُوْت صَارَ الإِنْسَان وَهُوَ كَثِير التَّعَدِّي يُمْكِنْ أنْ يَتَبَرَّر عِنْدَمَا يُقَدِّم التُوبَة وَعِنْدَمَا يَتَمَسَّك بِذَبِيحَتُه فَالله أعْطَانَا خَلاَص كُلُّه حَنَان فَالله يَعْرِف جَيِّداً ضَعْف طَبِيعِة الإِنْسَان الَّتِي هِيَ قَابِلَة لِلسُقُوط الدَّائِم فَهُوَ رَفَض أنْ يُعْطِينَا حَلْ مُؤقَتْ أي أنْ نَلْتَمِس الخَلاَص خَارِج عَنَّا لكِنُّه سَيَجْعَلْنَا نَلْتَمِس الخَلاَص مِنْ دَاخِلْنَا فَهُوَ حَلَّ فِينَا وَقَدَّس طَبِيعِتْنَا فَعِنْدَمَا أخَذَ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح جَسَدْنَا تَقَدَّس جَسَدْنَا وَلَمْ يَعُد جَسَد الخَطَايَا وَأصْبَحِتْ الخَطِيَّة خَارِجَة عَنْ طَبْعِنَا بِالرَّغْم مِنْ إِنْ نَحْنُ الَّذِينَ نَفْعَل الخَطِيَّة فَرَبِّنَا أعْطَانَا الإِمْكَانِيَة لِنَتَغَلَّبْ عَلَيْهَا لأِنَّهُ بَارَك طَبِيعِتْنَا فِيهِ بِالتَّجَسُد وَذلِك لِكَيْ يَضَعْ حَلْ نِهَائِي لِخَطَايَانَا لِذلِك نَقُول ﴿ نَحْنُ الَّذِينَ أخْطَأنَا وَهُوَ الَّذِي تَألَّمْ نَحْنُ الَّذِينَ صِرْنَا مَدْيُونِينَ لِلعَدْل الإِلهِي بِذُنُوبَنَا وَهُوَ الَّذِي دَفَعَ الدُيُون عَنَّا ﴾( قِسْمِة " أيُّهَا الإِبْن الوَحِيد " ) فَرَغْم تَأخُرْنَا فِي الإِسْتِيعَاب إِلاَّ أنَّهُ تَحَنَّنْ وَلِذلِك قَالَ فِي إِنْجِيلُه ﴿ لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأجْمَعُكِ ﴾ ( أش 54 : 7 ) فَعِنْدَمَا فَسَّر الآبَاء كَلِمَة " لُحَيْظَة " قَالُوا أنَّ " لُحَيْظَة " هِيَ تَصْغِير كَلِمَة " لَحْظَة " فِي اللُغَة العَرَبِيَّة كَمَا أنَّ كَلِمَة " جِنِينَة " هِيَ تَصْغِير لِكَلِمَة " جَنَّة " لِذلِك قَالُوا أنَّ أي شِئ يُقَاس بِمَا لاَ نِهَايَة يَكُون صِفْر فَمُدِّة الزَّمَنْ الَّتِي رَبِّنَا مَهَّد لَنَا فِيهَا لِخَلاَص البَشَرِيَّة هِيَ مُدَّة عِنْدَمَا تُقَاس بِمَا لاَ نِهَايَة تُقَدَّر بِلاَ شِئ لِذلِك قَالَ " لُحَيْظَة " وَلَيْسَ " لَحْظَة " فَإِنَّ الله لَنْ يَنْسَانَا لكِنُّه كَانَ يُعِدِّنَا هُوَ كَانَ مُشْتَاق إِلَى أنْ يَكُون فِي وَسَطْنَا وَلكِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ تَأخَّرْنَا فِي إِسْتِيعَاب الأمر بِالرَّغْم مِنْ أنَّ بَعْد كُل المَوَاعِيد وَالعُهُود وَالنُّبُوَات الَّتِي أعْطَاهَا لَنَا الله وَبَعْد كُل هذَا التَّأخِير إِلاَّ أنَّهُ عِنْدَمَا تَمَّ الخَلاَص وَجَدْنَا مُؤامَرَات قَتْل وَتَعَجُّب وَأقْرَب المُقَرَّبِين لَمْ يُصَدِّقُوا وَعِنْدَ إِتْمَام الفِدَاء وَجَدْنَا التَّلاَمِيذ هَرَبُوا فَمَا بَالَك إِذَا لَمْ يُمَهِّد لَنَا الله بِكُل هذِهِ النُّبُوَات ؟ فَهُوَ يَعْرِف ضَعْف البَشَر وَجَهْل طَبِيعَة الإِنْسَان إِذاً مَاذَا سَتَفْعَل يَارَب مَعَ هذَا الإِنْسَان الجَاهِل الَّذِي عِنْدَمَا كُنْت مَوْجُود فِي وَسَطُه لَمْ يَسْتَوْعِبَك ؟ فَمَاذَا يَفْعَل عِنْدَمَا تَتْرُكُه ؟ فَإِنَّ الله أرْسَل لَنَا الرُّوح القُدُس الَّذِي يُعَلِّمْنَا وَيُذَكِّرْنَا مِنْ جَدِيد بِكُل مَا لَمْ نَقْدِر أنْ نَسْتَوْعِبُه فَالَّذِي لَمْ نَقْدِر أنْ نَسْتَوْعِبُه وَهُوَ مَوْجُود سَنَسْتَوْعِبُه وَهُوَ غِير مَوْجُود فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يُثْبِت الخَلاَص إِلَى النِّهَايَة وَمِنْ هُنَا تَحَنُّنَه أتَى بِالخَلاَص وَهذِهِ هِي ألـ 3 مَرَاحِل الله يَتَذَكَّر الله يَتَحَنَّنْ الله يُخَلِّص فَإِنَّ الله جَاءَ وَصَنَعَ الخَلاَص عَلاَنِيَةً هُوَ حَمَلَ عَنْ الإِنْسَان عُقُوبِة المُوْت وَخَلَّصُه وَأصْبَح المُجْرِم بَرِئ وَالبَرِئ أصْبَح مُجْرِم وَيُوْجَد قِصَّة رَمْزِيَّة وَهيَ يُوْجَد أخَوَان وَاحِد تَقِي وَبَار وَالثَّانِي شِرِّير وَفَاسِق الشِّرِّير كَانَ يُعَايِر أخُوه بِاسْتِمْرَار وَالأخ التَّقِي كَانَ يُحَاوِل أنْ يُهْدِي أخُوه الشِّرِّير إِلَى مَعْرِفَة وَمَحَبِّة الله وَفِي يُوم مِنْ الأيَّام جَاء الأخ الشِّرِّير يَجْرِي إِلَى البِيت وَهُوَ فِي حَالِة ذُعْر وَثِيَابُه مُلَوَثَة بِالدِّمَاء يَسْتَنْجِد بِأخُوه مِنْ الشُرْطَة فَعَرَض الأخ البَّار التَّقِي عَلَى أخُوه الشِّرِّير أنْ يَخْلَع مَلاَبِسُه المُلَوَثَة بِالدَّم وَيُعْطِيع مَلاَبِسُه النَّظَيِفَة وَقَالَ لَهُ "إِنْتَ مُش مُسْتَعِد لِلمُوْت أنَا مُسْتَعِد لِلمُوْت " ثُمَّ أخَذَ الثِّيَاب المُلَوَثَة وَالجَرِيمَة وَالحُكْم لكِنُّه نَصَحُه وَقَالَ لَهُ " أنَا سَأمُوت بَدَلاً مِنْكَ وَبِذَنْبَك وَلكِنْ أنْتَ أيْضاً لاَبُدْ أنْ تَأخُذ حَيَاتِي كَمَا هِيَ وَأنْ تَعِيش كَمَا كُنْت أعِيش " تَقْرِيباً هذِهِ القِصَّة تُعَبِّر عَنْ الخَلاَص الَّذِي قَدَّمَهُ لَنَا رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَتُلَخِص الكَنِيسَة أصْعَب الأُمور اللاَهُوتِيَّة فِي أسْهَل الألْفَاظ وَأجْمَلْهَا ﴿ هُوَ أخَذَ الَّذِي لَنَا وَأعْطَانَا الَّذِي لَهُ﴾ ( ثاوطُوكِيِة الجُمْعَة ) فَهُوَ أخَذَ الحُكْم وَالضَّعْف وَالخَطِيَّة وَأعْطَانَا البَرَاءَة وَالبِّر وَالقَدَاسَة وَالحَيَاة الأبَدِيَّة – فَهُوَ يُخَلِّصْنَا – لِذلِك تَقُول الكَنِيسَة " أنَّ الله نَظَرَ مِنْ السَّمَاء وَتَطَّلَعْ إِلَى الأرْض لِيَسْمَع تَنَهُد المَغْلُوبِين " وَيَقُول فِي مَزْمُور عَشِيَّة ﴿ يَنْزِلُ مِثْلَ المَطَرِ عَلَى الجِزَازِ وَمِثْلَ الغُيُوثِ الذَّارِفَةِ عَلَى الأرْضِ يُشْرِقُ فِي أيَّامِهِ الصِّدِّيقُ وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أنْ يَضْمَحِلَّ القَمَرُ ﴾ ( مز 72 : 6 – 7 ) وَيَقُول أيْضاً فِي مَزْمُور عَشِيَّة ﴿ يَارَبُّ طَأطِئ سَموَاتِكَ وَانْزِل الْمِس الجِبَالَ فَتُدَخِّنَ أبْرِق بُرُوقاً وَبَدِّدَهُمْ أرْسِل سِهَامَكَ وَأزْعِجْهُمْ أرْسِل يَدَكَ مِنَ العَلاَءِ أنْقِذْنِي وَنَجِّنِي ﴾ ( مز 144 : 5 – 7 ) البَشَرِيَّة تَتَنَهَد وَتُنَاجِي رَبِّنَا وَتَطْلُب مِنْهُ أنْ يُطَأطِئ السَّموَات وَيَأتِي وَيُخَلِّصْنَا أشْعِيَاء النَّبِي يَقُول ﴿ لَيْتَكَ تَشُّقُّ السَّموَاتِ وَتَنْزِلُ ﴾ ( أش 64 : 1) وَيَقُول أيُّوب البَّار ﴿ لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِح يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا ﴾( أي 9 : 33 ) لِيُنْهِي مَشَاكِل العَدَاوَة وَالخُصُومَة وَالخَطِيَّة الله تَذَكَّر وَعِنْدَمَا تَذَكَّر تَحَنَّنْ وَعِنْدَمَا تَحَنَّنْ خَلَّص كَمْ نَحْنُ مَدْيُونِين لِعَمَل رَبِّنَا نَحْنُ اليُوْم إِنْ كُنَّا خُطَاة إِلاَّ أنَّنَا جَمِيعاً أبْرَار فَإِنْ كُنَّا خُطَاة فَهُوَ تَرَك لَنَا جَسَدُه وَدَمُه لِكَيْ يَكُون فِعْل خَلاَصُه هُوَ خَلاَص مُتَجَدِّد أبَدِي فَهُوَ أعْطَانَا العِلاَج فَإِذَا وُجِدَت الخَطِيَّة يُوْجَد حَل لِلخَطِيَّة الله أعْطَانَا العِلاَج عَلَى المَذْبَح فِي كُل يُوم نَتَنَاوَل فِيهِ وَكُل يُوم نَسْمَع فِيهِ القُدَّاس كُل يُوم نُقِيم فِيهِ القُدَّاس هُوَ جُلْجُثَة جَدِيدَة وَصَلْب جَدِيد وَأخُذ نَفْس فِعْل الصَّلِيب وَيُعْطِي نَفْس المَغْفِرَة فَيَقُول ﴿ خُذُوا كُلُوا مِنْهُ كُلُّكُمْ ﴾﴿ يُعْطَى عَنَّا خَلاَصاً وَغُفْرَاناً لِلخَطَايَا وَحَيَاة أبَدِيَّة لِمَنْ يَتَنَاوَل مِنْهُ ﴾ الله يَعْلَمْ أنَّ طَبْعِنَا مُحَاط بِالضَّعْف فَأحَاطَنَا بِالنِّعْمَة لِكَيْ يَضْمَن لَنَا المَيرَاث الأبَدِي لِذلِك قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ كَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أهْمَلْنَا خَلاَصاً هذَا مِقْدَارُهُ ﴾ ( عب 2 : 3 ) فَمِنْ المَفْرُوض أنْ لاَ نَقِفْ أمَام رَبِّنَا وَنَقُول لَهُ أنَا خَاطِئ لأِنَّكَ أعْطَيْتَنِي جَسَد ضَعِيف وَوَضَعْتَنِي فِي مُجْتَمَع لَيْسَ جَيِّد وَمَادِّي فَهُوَ سَيَسْألْنَا عَنْ مَاذَا فَعَلْنَا بِالخَلاَص الَّذِي أعْطَاهُ لَنَا ؟!! عَجِيب أشْعِيَاء النَّبِي لَمَّا يَنْظُر بِالرُّوح وَيَحْكِي لَنَا عَنْ إِنْسَان صَنَعَ كَرْم وَاشْتَرَى حَقْل وَفِي أجْمَل مَكَان وَصَنَعَ لَهُ الكَرْمَة وَحَوَّط الكَرْمَة بِثِيَاب وَعَمَل فِي وَسَطْهَا مَعْصَرَة وَرَعَى هذِهِ الكَرْمَة وَعِنْدَمَا جَاءَ لِيَطْلُب مِنْ الكَرْمَة ثَمَر فَوَجَد لاَ شِئ فَيَحْكِي لِلنَّاس وَيَقُول لُهُمْ ﴿ مَاذَا يُصْنَعُ أيْضاً لِكَرْمِي وَأنَا لَمْ أصْنَعْهُ لَهُ ﴾ ( أش 5 : 4 ) فَرَبِّنَا اليُوم يَقُول لِلكِنِيسَة مَاذَا كَانَ مُمْكِنْ أنْ أعْمِلُه وَلَمْ أعْمِلُه ؟!!فَإِذَا كَانَ الإِنْسَان يِشْكِي مِنْ الخَطِيَّة فَأعْطَيْتُه الحَل وَإِذَا كَانَ يِشْكِي مِنْ الضَّعْف فَأعْطَيْتُه الحَل وَإِذَا كَانَ يِشْكِي مِنْ النِسْيَان فَأعْطَيْتُه الحَل فَقَالَ لَنَا ﴿ أجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ ﴾ ( حز 36 : 27 )فَهُوَ أعْطَانَا قَلْب جَدِيد وَأعْطَانَا أنْ نَكُون هَيَاكِل لَهُ وَأنْ يَكُون لَنَا إِمْكَانِيَّة إِلَهِيَّة كَمَا قَالَ بُطْرُس الرَّسُول جَعَلَنَا ﴿ شُرَكَاء الطَّبِيعَة الإِلهِيَّة ﴾( 2بط 1 : 4 ) لِذلِك نَحْنُ لَنَا وَعْد وَالله تَذَكَّر وَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا وَخَلَّصَنَا وَلكِنْ مُعَلِّمْنَا بُولِس قَالَ ﴿ فَلْنَخَف أنَّهُ مَعَ بَقَاءِ وَعْدٍ بِالدُّخُولِ إِلَى رَاحَتِهِ يُرَى أحَد مِنْكُمْ أنَّهُ قَدْ خَابَ مِنْهُ ﴾ ( عب 4 : 1) أصْعَب شِئ أنْ يَكُون مَعَ كُل مَوَاعِيد رَبِّنَا لَنَا وَخَلاَصُه الثَّمِين نَحْنُ نَخِيب مِنْ الوَعْد نَحْنُ كَنِيسَة البَرَكَات وَعَهْد النِّعْمَة نَحْنُ نَتَحِد بِالجَسَد وَالدَّم فِي سِفْر صَمُوئِيل أنَّهُ عِنْدَمَا كَانُوا يَحْمِلُوا التَّابُوت المُقَدَّس فَلَتْ مِنْ نَاحِيَة فَأرَادَ رَجُل مِنْهُمْ أنْ يَسْنِدُه لِكَيْ لاَ يَقَعْ عَلَى الأرْض فَمَاتَ الرَّجُل فِي الحَال لِمُجَرَّد أنْ لَمَسَهُ ( 1أخ 13 : 7 – 10) اليُوْم نَحْنُ نَأخُذ الجَسَد وَالدَّم التَّابُوت كَانَ يَرْمُز لِلتَّجَسُد أمَّا الآنْ نَحْنُ نَأخُذ الجَسَد الحَقِيقِي بِنَفْسُه المُتَحِد بِاللاَهُوت الَّذِي نَصْرُخ وَنَقُول ﴿ جَعَلَهُ وَاحِداً مَعَ لاَهُوتُه بِغَيْر إِخْتِلاَطٍ وَلا امْتِزَاجٍ وَلاَ تَغْيِير بِالحَقِيقَةِ أُؤمِنْ أنَّ لاَهُوتُه لَمْ يُفَارِق نَاسُوتُه لَحْظَة وَاحِدَة وَلاَ طَرْفَة عَيْن ﴾ نَأخُذ جَسَدُه دَاخِلْنَا وَيَتَحِد بِنَا وَلاَ يِمَوِتْنَا وَلكِنْ يُمِيت الخَطَايَا الَّتِي بِدَاخِلْنَا رَبِّنَا يُعْطِينَا وَيُثَبِّت عَطَايَاه فِينَا فَكُل يُوم بَدَلاً مِنْ أنْ نَقُول لَهُ أنْ يَتَذَكَّر هُوَ الَّذِي أوْصَى كِنِيسْتُه أنْ تَقُول﴿ وَتَذْكُرُونِي إِلَى أنْ أجِئ ﴾ رَبِّنَا يُعْطِينَا لاسْتِيعَاب بَرَكْتُه فِي دَاخِلْنَا وَأنْ نَكُون عَامِلِين بِكُل عَطَايَاه رَبِّنَا يِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل