المقالات

11 مايو 2025

يسوع هو ماء الحياة

"قال لها يسوع: أعطني لأشرب" القول ينضح بالمفارقة الصارخة. ينبوع ماء الحياة يطلب أن يشرب من ماء معطش ومن يد امرأة جف منها ماء الحياء! ولكن دائماً أبداً تقـــف مفارقات الله مع الإنسان لحساب الإنسان فالرب دائماً يحتاج إلينا ليعطينا أجاب يسوع وقال لها " لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب، لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حياً" المسيح هنا يفتح أمامها الباب لكي تنكشف بصيرتها وتستعلن الشخص الجالس أمامها، ويوحي إليها أن تطلب منه عطية، وهذا هو مفتاح الصلة الحقيقية التي بها تنشأ العلاقة القوية بين الله والإنسان. وفعلاً نجح المسيح في هذا الإيحاء العجيب، وفعلاً طلبت المرأة، أما إن كان هذا الطلب غير صحيح؛ فقد عدله لها. كذلك فإن المسيح يُنبهها أنها محتاجة أن تعلم من هو ولا تعثر في منظره المتعب المجهد والعطشان! وكأنه يقول لها: التفتي إلي، لأني افتقرت وأنا غني، ولكني افتقرت لأغنيكم، فلا تتعثري في منظر بشريتي هكذا، بل ارفعي بصرك لتري حقيقتي. وقد تم كل هذا بالحرف الواحد، وفي أقل ما يمكن من الزمن وفي الحقيقة، إن المسيح هنا بقوله: «لو كنت تعلمين عطية الله» إنما يقدم نفسه للبشرية الخاطئة كما قصد أبوه الصالح تماماً: "هكذا أحب الله العالم حتى أعطى ابنه الوحيد...". ثم يعود ويربط هذه العطية، وهي نفسه، بالماء ثم الحياة،ولكن في صورة الماء الحي، أي الجاري،ومن هنا التبس الأمر على السامرية وهذا هو أسلوب ق يوحنا في استخدام اللفظ الذي يرمي إلى معنيين: الأول عادي ومادي؛ والثاني روحي وإلهي! والماء الحي في عُرف العهد الجديد هو مجرد ماء جار من نهر أو خلافه، ولكن في العهد الجديد فهو الماء المحيى، كعطية الله للإنسان على مستوى الشرب الذي يُحيي الجسد بالأساس، وبدونه يموت الإنسان. فالماء الحي عند المسيح هو : الحياة الأبدية نفسه. ولكن منظوره ومفهومه على أساس الحياة الجسدية التي يستمدها الجسد من الماء. أما الماء الطبيعي، إذا نال قوة روحية بالصلاة؛ فإنه يُعتبر ماءً للتقديس، وهو قادر أن يعطي الحياة الأبدية بالمعمودية بسبب قوة الحياة التي حلت بالصلاة ونلاحظ هنا أن المسيح يستخدم الماء موضوع الحوار من واقع حال الإنسان فيما يخص جسده وفيما يخص روحه؛ فيما يخص حياته على الأرض، وفيما يخص حياته الأبدية فالجسد يعطش ويعطش ويعود إلى الماء في كل مرة، فهو لا يرتوي أبداً أبداً؛ ولكن الروح تعطش، فإذا ارتوت فلن تعطش أبداً لأنها ترتوي من ماء الحياة الأبدية؛ أو الماء الحي، أو الماء الحقيقي، الذي هو الحياة الأبدية نفسها: «وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته» المسيح يضع إصبعه إلى نفسه ويشير إلى ذاته عندما يقول: الماء الذي أعطيه، فهو عطية الاستعلان التي إذا سكبها على قلب الإنسان ووعيه فإنه يتعرف على حقيقة المسيح فيدخل مجال الحق الإلهي وينتمي بروحه إلى السموات؛ ومن كل ما هو سام يشبع ويمتلئ ويرتوي، فلا تعود الأشياء التي في الدنيا موضع عطش أو تلهف أو متعة روح المسيح يضرب على الوتر الحساس ليرن صوته في أعماق النفس المتعبة التي نهبتها الشهوات والملذات والجري وراء سراب الغرور والمتعة، التي كلما شربت منها النفس ازدادت عطشاً إليها دون أن يدري الإنسان أنها تمتص رحيق حياته ونضارته وإرادته وكرامته، وأخيراً تتركه صريعاً للندم واليأس وخيبة الأمل. «لن يعطش أبداً». إنها مقولة تتجلى في حياة كل من يُقبل ويشرب كل يوم، ولكنها سوف تبلغ أوج تجليها في المجد الأعلى: «لا يجوعون بعد ولا يعطشون ولا يضرهم حر ولا شمس، لأن الذي يرحمهم يهديهم، وإلى ينابيع المياه يوردهم» كل من أدمن على شرب المياه المعطشة هنا ؛ يتمنى في يوم من الأيام لو لم يولد حينما يبلغ به العمر أرذله؛ أما الذي ذاق الحياة في المسيح يسوع، فهو كل يوم يولد جديداً كل من ضيع العمر في ملذات هذا الدهر، يتمنى لو يموت؛ أما الذي استعلن المسيح، واستنشق الحياة الأبدية فيه، فهو يحيا كل يوم حياة جديدة ولن يموت أبداً. "الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية". ماء العالم كل الذي يشرب منه يعود ويعطش أيضاً، لأنه ماء نابع من الأرض. ولكن جاء المسيح ومعه ماء حي، أي فيه روح الله. كل من يشرب منه يصير هو نفسه ينبوع ماء حي، يخرج من بطنه، أي من قلبه، أنهار من هذا الماء الحي، أي الذي فيه روح الله ومن عجائب هذا الماء الحي الذي جاء به المسيح من فوق، أن كل من شرب منه لا يموت حتى ولو داهمه موت الجسد، فهو يقوم من الموت إلى الحياة الأبدية والمسيح هنا يقصد بالماء الحي أنه تعاليمه التي فيها سر الحياة فكلام المسيح هو الحق وهو الحياة، ويؤدي بمن يستمع إليه إلى حياة أبدية، ولن يعبر على الدينونة، بل ينتقل من الموت إلى الحياة مباشرة وكلام المسيح حلو ويروي النفس العطشانة إلى الحق والله. لذلك كان تشبيه المسيح لكلامه أنه الماء الحي حقيقة سرية للغاية، لا تروي إلا لمن يعطش ويجوع إليها. فكلمة المسيح غذاء للنفس وارتواء أيضاً والعجيب حقاً أن كل من ارتوى بكلام المسيح، يصير هو نفسه ينبوع ماء حي، لا إلى ساعة أو يوم، بل إلى الأبد. كل من يسمعه كمن سمع المسيح نفسه، فكما ارتوى يروي أيضاً. وهكذا يعيش المسيح في كل مـــن آمن به وأحبه. كما يقول بولس الرسول: فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في». وهكذا يصبح من يؤمن حقاً بالمسيح ينبوع ماء حي. وكأنما يعيش المسيحفي كل الناس، كل من آمن وأحب فكما أن الماء الطبيعي يُحيي الإنسان كل أيام حياته، هكذا كلمـة المسيح تحيي كل من يسمعها، وتدخل إلى قلبه وتصيره ينبوع ماء حي وكما أن الماء للعطشان حلو ولذيذ يظل يشرب منه إلى أن يمتلئ، هكذا كلام المسيح لمن يستمع إليه حلو ولذيذ، يظل يشرب منه ليعود ويشرب أيضاً حتى آخر حياته. وكما أن الماء الطبيعي مركب من أوكسجين وهيدروجين، كذلك كلام المسيح مركب من حق ونور، الحق يكشف والنور يقود. فالماء الطبيعي يشربه الإنسان وهو في مكانه، أما الماء الحي فيشربه الإنسان ويرتقي إلى السماء يا لسعد البشرية بمجيء ابن الله، حاملاً سرّ الماء الحي ليحيي به الإنسان إلى الحياة الأبدية المرأة السامرية أرادت أن تشرب من ماء الحياة الأبدية، فاستحال عليها ذلك لأن ليس لها زوج. فسر الحياة الأبدية لا يقتنيه إلا الأبرار المولودين من فوق. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
10 مايو 2025

القيامة والإستشهاد

شهر مايو مملوء بإحتفالات إستشهاد قديسين بدأنا :- 1 مايوعيد إستشهاد مارجرجس . 5 مايوعيد إستشهاد القديس بقطر بن رومانوس . 8 مايوعيد إستشهاد القديس مارمرقس . 20 مايوعيد إستشهاد القديسة دميانة . أعياد إستشهاد كثيرة جداً خلال شهر مايو وكأن الكنيسة أرادت أن تربط بين القيامة والإستشهاد القيامة والإستشهاد هما وجهان لعملة واحدة عندما يتشبع القديس بحياة ربنا يسوع وتشبع بالقيامة يصير مهيأ للموت ولا يخشاه فنرى القديس بقطر بن رومانوس كان والي وولده أيضاً والي أي من أكابر الدولة فكيف لإنسان رفيع المركز مثل القديس بقطر يقف أمام معذبيه بدون تراجع ؟ حتى أنه عندما علم معذبه أنه والي تأسف له وخجل جداً منه لكنه كان يرفض النجاة كيف يكون لإنسان طريق نجاة ولا يتمسك به ؟ لأن القيامة دخلت حياته وبالتالي صار الموت غير مرعب صار الموت ليس هو النهاية بل هو خطوة للسماء صاروا يستعذبون الألم صار الألم لذة الشهيد العظيم مارجرجس تعذب سبعة سنوات ولم يهتز حتى أنه قال لهم ﴿ ستملون من تعذيبي أما أنا فلن أمل بنعمة الله ﴾ وبالفعل مل معذبيه من تعذيبه ما من وسيلة تعذيب لم يستخدموها معه مارجرجس جعل السيف ضعيف والموت شئ مهزوم لأنه لم يعش هذه الحياة لأن الأيام والشهور والسنين لا تفرق معه وبالتالي لم يخف من شئ لأنه لم يخف الزمن فصار الموت لا يؤذيه ( رؤ 2 : 11) لذلك عندما دخلت القيامة حياة القديسين صار الموت بالنسبة لهم عدو مهزوم لأن المسيح له المجد عندما إجتاز الموت صار الموت عدو ضعيف في أيام يشوع بن نون قديماً كان الشعب تائه 40 سنة في البرية وخلال هذه الأربعين سنة كانوا يمنون أنفسهم بأرض الموعد ويحلمون بها وعندما وصل الشعب لأرض الموعد وجدوا نهر الأردن يعوقهم للوصول لكنعان فحزن الشعب جداً هل بعد تعب أربعين سنة نرى الأرض ولا ندخلها خاصةً وأنهم كانوا يسيرون ومعهم نسائهم وأولادهم ومواشيهم فكيف الآن يدخلونها ؟ فقال الله ليشوع إجعل الكهنة يحملون تابوت العهد ويدخلون نهر الأردن وسترى عمل الله بالفعل حمل الكهنة تابوت العهد ودخلوا النهر فإنفتح النهر وقال الله إجعل بين الكهنة والشعب مسافة ألف ذراع لماذا ؟ لأنه عندما يدخل الكهنة النهر وينفتح النهر ويسير داخله ألف ذراع سيطمئن الشعب فيعبر خلفهم النهر وبالفعل عبر الشعب نهر الأردن ووصل لأرض الموعد الآباء يقولون أن الأردن هو أرض الموت لن تدخل كنعان دون أن تعبره ولكن إن دخلت الموت سيبتلعك لذلك ربنا يسوع قال سأدخل الموت وأفتحه لكم وأنتم سيروا خلفي بدون خوف لذلك الشهداء لم يخافوا الموت لأن القيامة هي إنتصار على الموت الشهيد يرى الموت لكنه أيضاً يرى المسيح القائم قبله غالب للموت لذلك يستهين بالموت مارمرقس كان يعلم أنه سيستشهد وكان يصلي بالشعب كان المفروض أنه يكون مهزوز خائف محتاج لمن يعزيه لكننا نجده يعزي الشعب لماذا ؟ لأنه يرى ربنا يسوع قد دخل الموت لذلك هو سار خلفه فعاش القيامة ولذلك أيضاً صار الإستشهاد أمر محبوب في الكنيسة حتى أن جميع الرسل إستشهدوا ما عدا القديس يوحنا الحبيب لأن القيامة عملت عمل عجيب في حياتهم فجعلتهم أبناء نور وبالتالي لم يستطع الموت أن يؤثر عليهم لذلك كان التهديد بالموت غير مؤثر فيهم والسيف والموت ضعيف لأن الموت صار مهزوم حتى أنهم تمنوا الموت فتجده يقف أمامه في صبر فصار الشهيد أقوى من سيف الجندي هذا أمر نابع من فعل القيامة في قلبه يا لفرحة القيامة في الإنسان التي تجعله يفقد معنى الخوف والقلق والألم وبعده الموت الذي يجعل الإنسان مسلوب الإرادة يعيش في خوف وقلق وألم من الموت هو أنه لم يعش القيامة لكن ربنا يسوع غلب الألم والقلق والموت وبالتالي صار الموت عدو غير مخيف عدو مهزوم لنرى القديسة الشهيدة دميانة ولنرى أطفال تحدوا الموت مثل الشهيد أبانوب الشهيدات بيستيس وهلبيس وأغابي اللاتي كانت أعمارهن 9 ، 11 ، 12 سنة أطفال لكن لم يجذبهم العالم لأنه مات داخلهم وبالتالي لم ينتظروه لذلك غلبوا شهواتهم والخطية وبالتالي غلبوا الموت الإنسان الغالب نفسه يغلب الموت لذلك عندما مَلَكَ الملك قسطنطين وأعلن أن المسيحية هي ديانة الدولة الرسمية وأخرج المسيحيين من السجون لأن قبله كان في عصر دقلديانوس المنشور الذي كتبه دقلديانوس وكان هذا المنشور يحوي أمور صعبة جداً منها هدم جميع الكنائس وحرقها حرق الكتب المسيحية طرد جميع المسيحيين العاملين بالدولة جعل المسيحيين عبيد جاء الملك قسطنطين ولغى هذا المنشور وجعل المسيحية هي الديانة الرسمية للدولة وأعاد الذين في السجون للحرية لكنهم كانوا قد أحبوا الإستشهاد وانتظروا الملك الذي بعد قسطنطين لعل فرصة الإستشهاد تعود لكن تولى المُلك أولاده وبالتالي لم تأتي فرصة الإستشهاد لذلك بدأت الرهبنة كنوع من الإستشهاد بدون دم يقدم حياة مصلوبة يقدم شهوة مصلوبة يقدم محبة كل يوم يقدم حياته ذبيحة لله وبذلك صار الإستشهاد هل رفضك لإغراءات العالم وشهواته لا يعتبر إستشهاد أليس رفضك ومحاربتك لحب المقتنيات ولشهوات العالم هو لون من الإستشهاد ؟ عندما تعيش لترضي إلهك في هذا العصر أليس هو لون من ألوان الإستشهاد ؟ لذلك ليتك تعيش بقلب شهيد ليتك تقدم حياتك ذبيحة حب لله لذلك كل فترة الكنيسة تبرز شهيد ليعلمك أن القيامة عندما تعمل في حياتك تغير جوهر إهتماماتك فلا تخاف الموت بل تنظر إلى فوق هذا هو جوهر الإستشهاد والذي أخذوه من القيامة العاملة في حياتهم ولترى بولس الرسول بطرس الرسول إستفانوس تجد من يعيش ليكرز ويفرح بالله ويهددوه بالموت إن لم يصمت لكنه لا يتراجع عن الشهادة للمسيح الذي أحبه وكما يقول الكتاب ﴿ عذبوا ولم يقبلوا النجاة ﴾( عب 11 : 35 ) النجاة أمامه والهرب أمامه ولم يقبل الشهيد البابا بطرس خاتم الشهداء عندما جاء ميعاد إستشهاده تجمع المسيحيون أمام باب السجن إحتجاج على إستشهاده فطلب من الجنود نقب حائط السجن الخلفي ليخرج منه لمكان إستشهاده دون أن يمنعه شعبه ما هذا ؟ إنسان عملت القيامة في حياته وقلبه فلم يرهب الموت نحن نعيش متمسكين بالحياة ونحبها هذا أمر جيد ومقبول لكن لابد أن تعلم أن حياتك هي من المسيح وللمسيح ولتقل ﴿ إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن ﴾ ( رو 14 : 8 ) لذلك لا تخف الموت هذه هي حياة الإستشهاد التي إمتدت في الكنيسة حتى الآن شهداء يقدمون أنفسهم على مذبح الشهادة للمسيح لأن القيامة عملت فيهم تجد أطفال يتحدون الموت رغم أن الطفولة قد يكون بها خوف أو كذب أو لكن ربنا يسوع غيَّر الكيان وكما يقول الكتاب ﴿ جزنا في النار والماء ﴾ ( مز 66 : 12) عذابات مخيفة ومختلفة والموت أمامهم لكنهم يرون بعد الموت قيامة يرون سيف مفزع مخيف وإكليل فيختارون الإكليل ويُهزم السيف هذا هو جوهر الإستشهاد أنه ينظر إلى ما بعد الموت وكما يقول الكتاب ﴿ لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ﴾ ( لو 12 : 4 ) وبالفعل لم يخافوا لأن القيامة زرعت فيهم قلب جديد وغلبة على أنفسهم وسلطان على الموت والخوف لذلك لم يخافوا الموت القديس مارمرقس دخل دولة بمفرده وغيَّرها هذا هو جبروت خلاص يمين الله غيَّر عبادة دولة نحن نرى أنه لو ألف شخص وسط مجتمع يقولون عن أنفسهم أنهم أقلية لكن مارمرقس جاء بقوة القيامة في داخله وبشر مجتمع وثني أناس بهم خرافات غريبة ويسيطر عليهم أرواح شياطين بإسلوب مفزع ورغم ذلك كرز بقوة دون خوف ويقول لأني أنتظر الإستشهاد ومادمت أعلم إني سأموت شهيد فلن أخاف ونرى أسلوبه ومنهجه في حياته منهج شهيد ولم يخاف الموت لذلك كان الإستشهاد ثمرة طبيعية لهذا المنهج في الحياة يُهدد ويُعذب ولا يتأثر وباركت دمائه الأرض والمدينة مدينة الأسكندرية تقدست بدماء مارمرقس وارتوت أرضها وعندما نسير في شوارعها نتذكر دمائه المقدسة التي حفظت نفوس مؤمني مصر كلها أناس عاشوا التاريخ وغلبوه عاشوا الزمن وغلبوه عاشوا الألم وارتفعوا فوقه وكما يقول معلمنا ماربولس الرسول ﴿ لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ ( 2كو 4 : 11) في النهاية أعلنوا عجائب في أجسادهم ومعجزات صارت أجسادهم أجساد كارزة لم تكن أجساد ممزقة بل أجساد تحمل قوة القيامة لأنهم غلبوا الخوف والموت الله يعطينا أن نغلب الخطية لنحيا قيامة الجسد ونعيش بقلب شهيد غالب للموت ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
09 مايو 2025

“عين إيجابية للحياة”

المسيح قام بالحقيقة قام ، نحتفل كل عام بقيامة السيد المسيح وننظر الى أحداث القيامة لنتعلم منها لحياتنا على الارض،وعندما ننظر الى الاحداث فان كل منا له نظره مختلفة عن الاخر أنها العين التى تنظر العين ذلك العضو الصغير الذى خلقة الله فى وجه الأنسان ، خلق عينان لكى تكون نظرة الانسان متكاملة بلا نقص ، خلقها فى الوجه وليس فى الخلف لكى ينظر الى الأمام والمستقبل وليس الخلف أو الماضى ، خلقها متحركة لكى يكون للانسان منظور واسع فى الرؤية، ويتوقف أستخدام الانسان لهذا العضو الحى على قدرته و نظرته القيامة تمنح الانسان عين أيجابية للحياة فى ثلاثة أبعاد: 1- نظرة واقعية :- منذ وجدت الإنسانية وجدت الكثير من العقبات والتحديات ، فهذة هى قوانين الحياة ، فليس غريبا أن نفقد أحد الاحباء ، أو أن ننتقل من مكان لمكان طلبا لرزق، أو أن نمرض، أو أن نحزن، وليس غريب أن يصادفنا عقبات خلال مسيرتنا في الحياة، وهنا يأتى دورنا فى أختيار النظر بأيجابية ، هذة النظرة التى تحض على التركيز فى نصف الكوب الممتلئ ، التى تلون يومك بألوان مبهجة والتى تلقى المزيد من الضوء البناء فى كافة المواقف الصعبة ، نجد معلمنا بولس الرسول فى رسالته الى أهل كولوسي (كولُوسِّي 2:8 )يقول “اُنْظُرُوا أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِٱلْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِلٍ، حَسَبَ تَقْلِيدِ ٱلنَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ ٱلْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ ٱلْمَسِيحِ” وهو يوجه النظر إلى أن مقياسنا هومقياس المسيح ، فى الفرح فى المحبة فى التسامح، فى النظر للامور المختلفة فى الحياة الكتاب المقدس يقول فرح التلاميذ أذ روا الرب (يوحنا20:20) وكان هذا بعد القيامة ، وقد فرحوا لا لانه قد طمأنهم على مستقبلهم أو حياتهم العمليه ، أو لانه سوف يعود فيعيش معهم على الأرض ، هو لم يكلم أندراوس على الرجوع للصيد والمكسب منه، ولم يكلم بطرس عن السعادة الزوجيه ومستقبل أولاده ولم يكلم التلاميذ عن مستقبل مادى لكنهم راؤه ففرحوا ، أنها الايجابية فى الحياة ورؤية الامور بأيجابية فى الحياة. 2- نظرة متكاملة :- قد يعيش الانسان يومه وينظر الى عمله، دخله ، مستواه المعيشى، ويشعر بالقلق على أبناؤه ، و يفتقد اللحظة الحالية بجمالها، ويتمسك بالسلبية التي تجعله يبحر أكثر بالهموم والخوف ، وتبعده عن إيجاد الحلول ، فتجذب كل سلبي لحياته دون الشعور بخطورة ذلك، ولكن ان وضعت الله فى حياتك وبدأت بالامل، بالاجتهاد ، بالطموح من أجل الغد ، تجد الصعب يتحول الى نجاح ، فى وسط الضيق الشديد يظهر الله فى الوسط فتتغير الطرق ، مثلما ظهر للثلاثة فتية فى أتون النور فتغيرت حسابات الكل نجد النظرة المتكاملة فى الصليب ، فمن يرى الصلب والموت والالم يحزن، يشعر بكم من الضيق والالم ويعتبرها نهاية القصة ولكنها نهاية مؤلمة ، ولكن انتظر ثلاثة أيام وسيقوم المسيح من الاموات نحتاج فى حياتنا الى هذة النظرة ، فى الدراسة، فى العمل، فى مجمل الحياة ، حتى نقتنى نظرة متكامله مستقبلية . ومثال عملى لذلك : قد ينظر الناس الى العاصمة الادارية قائلين” كيف يتم صرف كل هذة الاموال على مجرد مبانى؟ كيف نحشد جهودنا فى صحراء ورمال ، مع أن الرؤية الواقعية و المتكامله هى أن العاصمة الادارية هى مستقبل مصر المشرق . 3- نظرة انسانية :- خلال طريق الالام قابل السيد المسيح وهو فى طريقه يحمل صليبة فيرونيكا وهى فتاة كانت تبكى من شدة الحزن عليه واعطته منديل ليمسح الدم المتساقط من أكليل الشوك ، لوكنت واقفا فى هذا المشهد قد تستصغر عطيتها أو تستحقرها أمام هذا الالم المروع ، أما المسيح فقد طبع وجهه على المنديل، ليصير منديلها هو الوحيد فى العالم المطبوع عليه وجهه ، وبذلك رد لها رحمتها الكتاب المقدس يقول “لأَنِّي قُلْتُ: إِنَّ الرَّحْمَةَ إِلَى الدَّهْرِ تُبْنَى. السَّمَاوَاتُ تُثْبِتُ فِيهَا حَقَّكَ” (مز89:2) أن عالمنا اليوم يحتاج العين الانسانية ، بعد أن تقست قلوب البشر ، وضاعت الرحمة وسط عالم مملؤء بالكذب ، نحتاج أن نشعر بمن حولنا ونقدم يد المساعدة مهما كانت بسيطة وعلى مر العصور تتكرر نظرة ورؤية الانسان لنفسه ، فبنى الانسان برج بابل ظنا منه أنه بهذا البرج لن يستطيع الله محوه من الارض ، فلا يهلك مرتين ، وهى نظرة سلبيه غير حقيقية ، ثم يبنى أسوار حول مدينته ليحصن نفسه مثلما فعل شعب أريحا ، فتنهدم الأسوار بمجرد الالتفاف حولها سبع مرات ، ثم يذبح هيرودس اطفال بيت لحم لكى يحافظ على كرسية ولا ينجح ، … هكذا فكر الانسان وهكذا رأى حياته ونرى هذا جلياً من خلال شخصيات وأحداث الصليب والقيامة ، فنجد أمثلة لأفراد نظروا نظرات ايجابية وسلبية لنفس الحدث منها : يهوذا الاسخريوطى ويوحنا الحبيب: هما تلميذان للسيد المسيح قضوا معه ثلاث سنوات فكانوا شهودا على أحداث حياته ومعجزاته وتعاليمه ، كانوا ملاصقين له ولكن كانت لديهم عيون مختلفة ، اذ رأه يوحنا الحبيب كسيد ومعلم ورب ، ترك كل شئ وتبعه ، علم أنه هو المسيا المنتظر وكانت متعته هى ان يسند رأسه على صدر معلمه ، أما يهوذا فنظر إلى معلمه كأنه كنز من المال ، كان مسؤول الصندوق ويقيم كل أنسان بحسب كم سيعطيه ، لذا كانت له نظره مادية للامور ، وفى يوم تسليم السيد المسيح لليهود ، قيم يهوذا سيده بثلاثين من الفضة أما يوحنا فذهب معه حتى داخل المحاكمات ولم يتركه والنتيجة ظهرت على الصليب اذ أَمن المسيح أمه عند يوحنا الحبيب، أما يهوذا فذهب وشنق نفسه . اللصين الشمال واليمين : انهم لصوص أستحقوا ان يحكم عليهم بالموت على خشبه بحسب الشريعة اليهودية وصلب واحد عن يمين المسيح وأخر عن شماله .. لم يقابلوه من قبل ، لم يعيشوا معه أو يعرفوه ، أما عن نظراتهم فكانت مختلفه تماما ، اللص الشمال كان يسخر منه ويجدف عليه ووصل حتى انه لعنه و قال “وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلًا: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!»” (لو23: 39) أما اللص اليمين كانت له نظره أخرى ” فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهُ قَائِلًا: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ».(لوقا 23: 40) نفس الموقف ونفس الاشخاص ونفس الاحداث ولكن لكل منهم نظرة خاصة ، وبحسب نظرته تأتى أفعله ، أحدهم تهكم لعن جدف ، أستصغر المسيح، أما الاخر فرأى نفسه مذنبا ، مصلوب عن أستحقاق، لكن بجانب رب وسيد الكون، لذا فتح فمه قائلا للمسيح : «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ» أما النتيجه فكانت فى أجابة السيد المسيح على اللص اليمين اذ اجابه قائلا “ «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».(لوقا 23: 43) فكسب الدخول الى الفردوس لانه نظر وراى الحق أما الاخر فحوكم عن أستحقاق ونال العذاب الارضى والابدى . بيلاطس الوالي وزوجته : توجه رؤساء الكهنه والكتبه بالمسيح الى بيلاطس ليشتكوا عليه وكانوا يحاولون الصاق كمية من التهم عليه “فوقف يسوع أمام الوالي فساله الوالي قائلا اانت ملك اليهود فقال له يسوع أنت تقول و بينما كان رؤساء الكهنة و الشيوخ يشتكون عليه لم يجب بشيء”( مت 27 :12) وسمع بيلاطس الشكوى وسمع كلام المسيح وكان يجب ان يتخذ القرار انه برئ او مذنب ، وهنا تدخلت زوجته مت 27 :19 “و إذ كان جالسا على كرسي الولاية ارسلت إليه امراته قائلة اياك و ذلك البار لأني تالمت اليوم كثيرا في حلم من اجله” هى تراه بار وبرئ ، واليهود يرونه مذنب ومجدف ،أما بيلاطس فلم يرى سوى كرسيه ، ولكى يستمر على كرسيه ولكى يكسب اليهود كان قراره “مت 27 :26 حينئذ اطلق لهم باراباس (اللص) و اما يسوع فجلده و اسلمه ليصلب” توما الرسول ومريم المجدلية : بعد الصلب كان سبت وكانت عاده اليهود أن يستريحوا فيه ، وفى فجر الاحد أنطلقت النسوة حاملات الطيب ليكفن الجسد ولكنهم وجدوا القبر فارغا وظهر لهن ملاكان وقالا “لماذا تطلبن الحى بين الاموات؟” وحزنت مريم المجدلية “فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ.قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ». كان موقف عظيم ، لم تكن تتوقع أنه قام وأن حزنها سيتحول الى فرح ، حينئذ ” قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ.” ومن مجرد ندائه لها أمنت أن معلمها ومسيحها قد قام ، أما توما فقد سمع من المريمات أن المسيح قد قام ثم عند عودة تلميذى عمواس سمع كيف ظهر لهم المسيح مفسرا وشارحا كيف ينبغى له أن يتألم ويصلب وفى اليوم الثالث يقوم ولكنه لم يؤمن اذ قال : «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ».( يوحنا 20: 25) “وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ (من القيامة )كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلًا وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!».ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا».28 أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!».(يوحنا 20: 26) نفس النداء على لسان مريم المجدليه وتوما الرسول لكن مريم أمنت من مجرد سماع أسمها أما توما فلم يؤمن الا بعد أن وضع يده فى أثر الحربة والمسمار جميعنا لنا هذة النظرة منا من ينظر بأيجابية أو بسلبية ، ومنا من ينظر نظرة متكاملة أو ناقصة ، ومنا من يحول كل السلبيات الى ايجابيات أما السيد المسيح بالقيامة أشرق علينا بنوره وحول ظلمتنا الى نور وحول عيوننا من الارض إلى السماء ، وحول قلوبنا من أشتهاء الارضيات إلى أشتهاء السماويات ، وأصبح لنا النظرة الايجابية المتكاملة ، وليست نظرة الخوف أو القلق أو السلبية اننا نعيش أفراح القيامة ونطلب من الله أن يعطينا عين أيجابية للحياة. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
08 مايو 2025

بدعة مرقس إبن قنبر والإعتراض على البخور

بدأت أحداث مرقس ابن قنبر مع البابا يوحنا البطريرك 72 حينما أعترض البعض على إستعمال البخور فى الكنائس بإحراق اللبان فى المبخرة، وقالوا أن البخور لم يكن يستعمل فى الكنيسة فى الثلاثة أجيال الأولى فى العصر المسيحى إنما كان عادة وثنية وأستعمله المسيحيين فى القرن الرابع لأنه يطرد الأرواح الكريهه نتيجه لضبق الكنائس وإزدحامها، كما أن هناك آية من العهد القديم قالها داود النبى هى: فلتصعد صلاتى كالبخور قدامك يارب.. إذا الصلاة وليست البخور ولم تكن الأجيال الأولى تعلق اهمية كبيرة على البخور ولكن بدءاً من الجيل السادس صار الأقباط يقدسونه ويباركونه، وبتكرار طواف الكاهن أعتقد الناس ان البخور ملازم للصلاة وأنه يحمل إعترافهم إلى عرش الرب، وزاد الإعتقاد فى البخور فى القرن الثانى عشر ووصل الأمر أن العامة كانوا يستغنون عن الإعتراف أمام الكاهن ويحرقون اللبان (البخور) فى منازلهم ويجثون أمام المبخرة ويتوسل توسلات شديدة معترفاً بخطاياه بخشوع وتقوى وهو يعتقد أن البخور سيحمل توبته إلى السماء ويستنزل رحمه الرب إليه، وجرت العادة أن البخور أعتبره الناس حاملاً للأعتراف ووسيلة لجلب الغفران كتب أبى صالح الأرمنى ألأحداث التى حدثت مع مرقص بن قنبر بإسهاب شيق ص 30 – 43 وهذا ملخص لتاريخه كان مرقص أبن قنبر كاهنا بالصعيد رسمه أسقف دمياط وكان خطيباً فصيحاً مؤثراً فيخلب الألباب بقوة بيان حجته وكان يحث الشعب على وجوب الإعتراف السرى ونوال الحل من الكاهن ولكنه جاهر بأنه لا مقدرة للبخور على العتق من الخطايا، وتقول بتشر ا. ل. بتشر كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 ج3 ص 99: " ولما كان الإعتراف لدى المبخرة جائز بأمر بطريركى كان جهاد بن قنبر عبثاً، فضلاً عن كونه أثار سخط الأساقفة والعلماء فإتحدوا عليه وطلبوا إلى البطريرك أن يحرمه.. فتمهل البابا يوحنا الخامس فى حرمه لأنه لم يراه مخطئاً وإنما أوقع عليه تأديباً بصفته سئ الأخلاق " وذلك لأنه بلغ البطريرك أن مرقص أبن قنبر ترك زوجته وهجرها وأنتظم فى سلك الرهبنة ربما لكونه طمع فى الحصول على درجة الأسقفية نتيجه لخطبه ومكانته بين الناس وشهرته، وفكر فى أن زوجته ستكون حجر عثرة فلما علم البابا أيقن بصحة الشكاوى المقدمة ضده فحرمه وقطعه من شركة الكنيسة ولكن بن قنبر لم يكترس بهذا الحرم وواصل التعليم والوعظ والتبشير بمعتقده فإلتف حوله جمع كثير لدرجه أنهم خافوا من وقوع إنشقاق فى الكنيسة ولم تكن عاده الإعتراف أمام المباخر هى التى كان يقومها ابن قنبر ولكنه قاوم عادة الختان التى كانت جارية بين القباط بدعوى أنها من بقايا تقاليد اليهود، وأنتهت هذه المرحلة من حباته أن ابن قنبر صار له وقار كبير لدى اهل الصعيد وتناقلت الألسنه أسمه فأصبح مشهوراً ومات البابا يوحنا فى هذه الظروف الحرجة وجلس مكانه البابا مرقص أبن زرعة فكتب إليه اساقفة الصعيد بشأن مرقص بن قنبر بأنه ما زال عاكفاً على عقد الإجتماعات وتحريض الشعب على وجوب التيقظ الدينى ورفض الخرافات التى دخلته، فإستدعاه البابا ولامه ووبخه على ذلك السلوك وبين له خطئه فتأثر من نصائحه وسجد له ووعده بالكف عن ذلك، فحله البابا من حرم البابا السابق، وأعاده إلى وظيفه الكهنوت ولكنه لما رجع إلى مكانه ووظيفته الكهنوتية إزداد إقبال الناس فلم يكن المعارضين فقط ولكن من داخل الكنيسة وأبتهجوا برجوعه وأظهروا ولائهم له وتعضيدهم، فوقع ابن قنبر بين نارين إما أن ينقاد لمشورة البابا ويخسر تهليل الناس له ومكانته بينهم أو يبشر بإعتقاده ويخالف طاعته وعهده مع البابا بعدم إثارة الناس فيخسر مكانته ووظيفته فى الكنيسة، فرجحت كفة ذاته عن طاعته فإستمر كالعادة فاقبلت إليه الجماهير تحمل الهدايا والمحاصيل والنقود، وكفوا عن تقديم العشور والتقدمات لخدمات للكنائس ومعيشة الخدام فلما رأى البابا ما كان خاف من إستفحال الأمر فعقد مجمعاً مؤلفاً من 60 اسقفاً وأقر الجميع حرمه، فحرم وجرد من رتبه الكهنوت ولجأ مرقص ابن قنبر إلى الحكومة الإسلامية كما كان يفعله كل خارج عن النظام الكنسى وقال انه لم يعظ بشئ ضد القوانين الكنسية وطلب النظر فى دعواه بحضور الحكام المسلمين، فكانت فرصة من الحكام المسلمين للتدخل وإشباع فضولهم بسماع الخلافات المسيحية، ولكن البابا مرقس ابن زرعه والأساقفة رفضوا تدخل الحكومة الإسلامية رفضاً باتاً بدعوى أن تلك المسألة دينية محضة ولكن رضى البابا مرقص بن زرعه بتحكيم ميخائيل بطريرك انطاكية فقام البطريرك الأنطاكى بفحص الخلاف وأصدر رايه بأن يقلل البطريرك من أهميه افعتراف السمعى، وأن لا يلجأ مرقص أبن قنبر إلى التهويل والمبالغه فى خطبه فكانت هذه القرارات مؤشراً بفتور العلاقة قليلاً بين بطريركية مصر وانطاكية أما مرقص بن قنبر لما رأى أن بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية لم ينصفه لم ينتظر أن يأتيه الحكم بالقطع والحرم من الكنيسة ولكنه أتخذ خطوه اخرى ضد الكنيسة وهى أنه ذهب مع عدد غفير من أتباعه وأنضم إلى الكنيسة الملكية اليونانية التى لم تكن لها قوة نافذه فى مصر كما كانوا قله عددية، وكان بطاركة الكنيسة الملكية يقضون معظم عمرهم فى القسطنطينية ورجع ابن قنبر إلى نفسه وندم على فعلته وعاد يتوسل إلى البابا مرقس ابن زرعه فقبله فى حضن الكنيسة مرة أخرى وحله من الحرم الذى أوقعه عليه ولكنه عندما رجع أنفض من حوله الكثيرين بعضهم كانوا مع الكنيسة اليونانية وحتى الذى رجع منهم إلى الكنيسة القبطية لم يعد يبجله لتردده وعرف الجميع ان عدم إخلاصه لكنيسته فى حد ذاته ليس من الإيمان، فسقطت صورة البطوله فى عين الأقباط، ورغم أنه مصلح إلا أنه لم يتمسك بمعتقده ولم يصبر مرقص أبن قنبر على هذه النكسة الأدبية فرجع مرة اخرى إلى الكنيسة الملكية اليونانية وعاد ليرفع راية العصيان ولكنه لم يلبث طويلاً حتى تاب ورجع وذهب نادماً مرة اخرى إلى البطريرك مرقس ابن زرعه فلم يقبله فى هذه المره لأنه ترك الكنيسة ثلاث مرات فوقع المسكين فى ظلمة دامسة ويأس عظيم
المزيد
07 مايو 2025

حَيـــَـــاة السَّـــلام الدَائــِــم

أولاد الله يعيشون دائمًا في سلام، مطمئنين إلى عمل الله معهم، مهما كانت الظروف المحيطة بهم.بل يقول الكتاب إنه «سلام يفوق كل عقل». ليس هو سلامًا عالميًا أو نفسيًا، أو سلامًا مخادعًا، ولا هو تخدير للأعصاب، إنما هو سلام من الروح القدس.هذا السلام هو ثمر من ثمار الروح القدس (غل5: 22).الذي يسكن الروح القدس في قلبه، يعيش في سلام..ليس هو سلامًا ناتجًا من اعتداد بالذات، أو بالنفس، أو بقوة الشخصية، إنما هو سلام داخلي من الروح القدس.لما تجسد رب المجد غنّت الملائكة «.. وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة»، مُبشِّرة بالسلام والفرح. وقبل صعود الرب قال لتلاميذه: «سلامي أترك لكم، سلامي أنا أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا، لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع».ما كان أولاد الله يضطربون إطلاقـــًـا، بل كان أعداؤهم يضطربون حينما يرونهم في سلام، على الرغم من كل متاعبهم.وأكثر عبارة يكررها الكاهن في الكنيسة هي "السلام لجميعكم" لأن الكنيسة تريد أن تزود أولادها بالسلام في كل وقت.ولما أرسل المسيح تلاميذه السبعين، قال لهم: «وأي بيت دخلتموه فقولوا سلام لهذا البيت. فإن كان ابنًا للسلام، يحل سلامكم عليه». من هنا حينما يتقابل الناس، يبدأون بعبارة السلام.هذا السلام، إذا فقده الناس، يتعبون روحيًا ونفسيًا وجسديًا.. ويقعون في الخوف والاضطراب والانزعاج والقلق والشك، وفي أمراض عصبية وجسدية كثيرة.ولهذا تريدنا الكنيسة أن نمتلئ بالسلام الداخلي، ونعيش في فرح تملك علينا البشاشة «افرحوا في الرب كل حين».الشهداء في السجون، كانوا يرتلون ويغنون. بولس الرسول كان يسبّح الله، ورجلاه في المقطرة، في السجن الداخلي. بطرس وهو مسجون، كان نائمًا إلى أعماقه، في سلام كامل.. السلام الذي لم يفارق الشهداء، حتى وهم ذاهبون إلى الموت، وحتى في أماكن آلات التعذيب الرهيبة.كذلك في البرية، وسط الوحوش والدبيب وحروب الشياطين، كان القديسون يعيشون في سلام وفرح. قال القديس أثناسيوس الرسولي عن الأنبا أنطونيوس "مَن كان مضطربًا أو مُرّ النفس، ويرى وجه الأنبا أنطونيوس، إلا ويمتلئ بالسلام"!الممتلئون بالسلام تجدهم دائمًا أشخاصًا مريحين، يريحون الآخرين. إن جاءهم شخص متعب، يخرج وهو مبتهج القلب، وقد ملأ السلام قلبه، دون أن يتملقوه أو يخدعوه، قد يتبكت على على خطيته، ومع ذلك يمتلئ بالسلام.سلام لأنه عرف نفسه، وسلام في الله المحب الذي يغفر.ما أجمل أن يعيش الإنسان في سلام، وسط المتاعب..كان داود يطارده شاول الملك، ومع ذلك كان سعيدًا بمزماره، يغني للرب أغنية جديدة، في وسط متاعبه وآلامه.شاول الملك يحاول قتله، وهو يغني للرب، دون أن يفقد سلامه، إنه يقول عن أعدائه «أحاطوا بي مثل النحل حول الشهد والتهبوا كنار في شوك». فهل فقدت بذلك سلامك؟ يجيب داود: كلّا! «دُفِعت لأسقط، والرب عضدني... قوتي وتسبحتي هو الرب، وقد صار لي خلاصًا»، إنها خبرة السلام التي جعلته يقول: «يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات. وأما أنت فلا يقتربون إليك، بل يعينك تتأمل، ومجازاة الخطاة تبصر». إن داود لا ينظر إلى الأخطار، إنما إلى الله. وفي سلسلة اختباراته يقول «نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر ونحن نجونا»، «لولا أن الرب كان معنا، حيث قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء».إن ذكر اسم الرب في وسط الضيق، يمنح سلامًا «اسم الرب برج حصين، يركض إليه الصديق، ويتمنّع» (أم18: 10). لا جليات الجبار يفقده سلامه، ولا شاول الذي يطارده بالموت.أولاد الله في حياة السلام، لا يعرفون خوفـــًـا على الإطلاق. «إن سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف».. لماذا؟ لأن «الساكن في ستر العلي، في ظل القدير يبيت»، ينجيه الرب من سهم الصياد، ومن أمر يسلك في الظلمة. لا تضربه الشمس بالنهار، ولا القمر بالليل.. يحيا في الحفظ الإلهي.القلب المملوء سلامًا، يقول في كل ضيقة، "كله للخير".أما الفاقد السلام فيتخيل متاعب، حيث لا توجد متاعب..هناك قوة تحيط به، ومشكلته الكبرى أنه لا يراها.جيحزي رأى جيوش الأعداء فقط، تحيط بالمدينة، ففقد سلامه. أمّا أليشع فكان يرى القوة الإلهية تدافع عن المدينة، فقال عبارته الخالدة: «إن الذين معنا، أكثر من الذين علينا». وهكذا امتلأ سلامًا. وطلب من الرب أن يفتح عينى الغلام جيحزي، ليرى فيطمئن.إن كنت ترى فقط الذين عليك، دون أن ترى الذين معك وجند الرب المدافعة عنك، حينئذ تفقد سلامك. آمن أن الله معك، وأنه لا يتركك، فتمتلئ سلامًا.إن الذي يفقد إيمانه، يفقد سلامه، والمؤمن يعيش في سلام بإيمانه أن الله موجود: وأنه يعمل، وأنه "يحكم للمظلومين" وأن الرب يحفظ الأطفال، وأنه ضابط للكل، يرى كل شيء، ويدبر كل شيء.آمن أن حياتك في يد الله، تمتلئ سلامًا، أما إن شعرت أن حياتك في أيدى الناس، فحينئذ ستفقد سلامك.إن الله وحده هو الذي يملك حياتنا ومصائرنا، هو الذي بيده مفاتيح الموت والحياة. هو الذي يفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح. أما الناس فلا يملكون شيئـــًـا.نحن إن عشنا، فللرب نعيش، وإن متنا فللرب نموت، إن عشنا أو متنا، فللرب نحن. لا سلطان للناس علينا.إبراهيم أبو الآباء، لم يفقد سلامه حينما أمره الرب بتقديم ابنه وحيده إسحق محرقة للرب، ولا إسحق فقد سلامه. إن أولاد الله لا يفقدون سلامهم. حتى إن وُضِع إسحق فوق الحطب، وارتفعت فوق رأسه السكين، مادام الله يمسك باليد التي تمسك السكين. حينئذ نطمئن ولا نفقد سلامنا.. لابد أن الله سيقول «لا تمس الغلام، ولا تصنع به شرًا».أهل العالم عندما يرون سلام أولاد الله، يقولون: هؤلاء الناس فيهم سر. يُعجبون من سلامهم، ولا يدركون أن مصدره هو الروح المعزي، مصدر كل عزاء.المهم، لكى نحتفظ بسلامنا، أن تكون قلوبنا بلا لوم أمام الله. لأنه «لا سلام، قال الرب للأشرار».إن اهتزت علاقتك بالله، تفقد سلامك. إن سيطرت عليك الرغبات والشهوات، تفقد سلامك أيضًا، وتظل عبدًا للرغبة، متى تتحقق؟ وكيف؟ وتتعب بالرغبة والانتظار، وتحتك بالناس بسبب اصطدام مصلحتك بمصالحهم، وقد صدق القديس الذي قال: "ازهد في ما في أيدي الناس، يحبك الناس".لكي تعيش في السلام. لا تحمل هموم الغد.. لا تقل ماذا يحدث في الغد؟ إن الغد له إله، هو يهتم به «لا تهتموا بما للغد. فالغد يهتم بما لنفسه». إن أردت أن تعيش في سلام، لا تحمل همومك، إنما ألقها على الله الذي قال «تعالوا إلىّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم».حياتك إن وضعتها في يدك ستتعب، وإن وضعتها في أيدي الناس ستتعب. وإن وضعتها في يد الله فإنك تستريح.لا تقف وحدك، بعيدًا عن الله. لا تحاول أن تحل مشاكلك بنفسك، ناسيًا أن الله هو الذي يحل المشاكل.. قل له أنا يا رب تعبت الليل كله ولم أصطد شيئـــًـا. أو قل له كما قال القديس أوغسطينوس: "ستظل قلوبنا مضطربة إلى أن تجد راحتها فيك".إنك لا يمكن أن تجد سلامك، إلا إذا عرفت الله، ومشيت معه، وألقيت عليه كل همومك، ولم تفكر في الغد، ولا في المتاعب، وإنما حصرت فكرك في الله.إن أولاد الله لا يقلقون أبدًا. القلق كلمة لا توجد مطلقــًـا في قاموسهم الروحي. لا يعرفونه، ولم يختبروه.. ولا في أحلك اللحظات، ولا في أتعب الأمور.. إنهم يعيشون حياة الفرح الدائم، وحياة السلام الدائم، اليوم وغدًا، وبعد غد، وإلى أبد الآبدين آمين. مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث
المزيد
06 مايو 2025

عيد الانتصار

كل عام وأنتم بخير تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذه الأيام بعيد القيامة المجيد. والقيامة فيها دروس عديدة جدًا، منها:- 1- انتصار الحياة على الموت:- خلق الله الإنسان لكي يحيا، ولم يوجد الموت إلّا كدخيل على الإنسان. أدخله الإنسان بخطيته لأن أجرة الخطية هي موت. وانتصر الموت على الجميع حتى أن الذين قاموا من الأموات رجعوا وماتوا مرة أخرى. ولكن قيامة المسيح كانت انتصار الحياة على الموت، لأنه حينما قام المسيح لم يعد للموت مرة أخرى، وبذلك انتصرت الحياة على الموت. وصار السيد المسيح له المجد باكورة الراقدين لأنه أول من قام ولم يمت مرة أخرى، وأرانا صورة لكل الذين سيقومون في المجيء الثاني؛ صورة الحياة الدائمة التي سيحيا فيها الإنسان بلا موت مرة أخرى. ولذلك فإن كان الموت عدوًا جبارًا شديدًا، لكن بقيامة المسيح صارت الحياة أقوى وأعظم منه. لذلك لم يخشَ التلاميذ الموت لأنهم رأوا الحياة قد انتصرت على الموت، فأحبوا الموت وذهبوا إليه دون خوف وهم شاعرون بأن الحياة سوف تنتصر على الموت. وماذا أيضًا من قيامة السيد المسيح من انتصار؟ 2- انتصار البر على الشر:- الشر قد تراه منتصرًا ومبتهجًا، حتى أن إرميا النبي وقف ذات يوم يعاتب الله وقال «لماذا تنجح طريق الأشرار؟»، فقد نرى الشر ناجحًا ومنتشرًا، ونشعر أحيانا أن الشر هو الطريق الوحيد للنجاح، ولكن هذه الحقيقة غير صحيحة ففي قيامة السيد المسيح رأينا البر ينتصر على الشر شر اليهود، وشر الرومان، وشر الشيطان اجتمعوا معًا وتحالفوا على أن يتخلصوا من البر وينتصروا عليه كما ظنوا أن موت المسيح على الصليب انتصار للشر على البر ولكن بالقيامة ظهر أن البر لابد أن ينتصر على الشر حتى ولو طال انتصار الشر ودام إلى فترة طويلة والبر هو الصورة المنتصرة في السماء فالذين سيعيشون إلى الأبد هم الأبرار فقط، أمّا الأشرار فسيموتون موتًا أبديًا لذلك حتى وإن عاش الإنسان طول حياته وهو يرى الشر ينتصر في الأرض، ولكنه سيرى صورة أخرى في السماء، أن البر هو المنتصر وهو الفائز وهو الدائم إلى الأبد، أمّا الشر فمائت وخاسر. 3- انتصار القوة الروحية على القوة المادية:- كثير من الناس يظنون أن القوة المادية هي الوسيلة للانتصار؛ فالبعض يظن أن قوة العضلات كقوة مادية هي التي تنتصر وهناك أناس يظنون أن الانتصار هو لقوة المال. وهؤلاء الناس مثل يهوذا الاسخريوطي الذي جرى وراء المال وخسر المسيح؛ خسر حياته وخسر أبديته. أو مثل اليهود الذين أعطوا رشوة للجنود الرومان لكيما يكذبوا ويقولوا إن المسيح لم يقم وأن التلاميذ قد سرقوه، وظنوا أن هناك قوة لتغيير الحقائق، ولكن كذبهم قد توارى وانتشرت قيامة المسيح في العالم كله. نيافة الحبر الجليل الأنبا تكلا مطران دشنا وتوابعها
المزيد
05 مايو 2025

لأعرفه وقوة قيامته

علينا في زمن الخمسين المقدسة أن نسعي لأكتساب معرفه أختباريه بالمسيح يسوع ربنا وننمو في معرفته يوماً فيوم ونتعلم منه ونقتدى به وننهل من قوة قيامته تلك التي بها ظهر لشاول المضطهد للكنيسة فحوله الي رسول عظيم يبشر ويكرز بملكوت الله وبفضل من دعاه من الظلمة الي نوره العجيب ويقول { لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ، لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ. }(في ٣: ١٠، ١١) لقد اعتبر بولس معرفة المسيح والإيمان به أهم شيء لديه حتى حسب كل شئ كنفاية ليربح المسيح ويوجد فيه وينمو في معرفة طبيعته ومحبته وتواضعه واقتداره لقد كانت قوة القيامة وظهور الرب القائم ووجهه كالشمس قوة مغيرة ومحررة لشاول فقد قام الرب بقوة لاهوته من القبر وهو مغلق وظهر لكثيرين ات عديدة وبرهن لهم مما جاء عن آلامه وقيامته من التوراة والأنبياء وأكد لهم مرات عديدة { ها نحن صاعدون الى اورشليم وابن الانسان يسلم الى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه الى الامم لكي يهزاوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم} ( مت 18:20-19) لقد تعرف شاول علي المسيح فى الطريق لدمشق واختبر قوة قيامة المسيح فيه من خلال ما واجهه في مختلف مواقف الحياة الصعبة واختبر قوة القيامة التي عملت فيه بقوة شاهدا علي موت وقيامة المسيح وبقوة الإيمان انتشل بولس الرسول الأمم من وثنيتهم ليصيروا قديسين كما أختبر القديس بولس شركة الآلام المسيح حتى ان الرب قال لحنانيا { فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي»} (أع ٩: ١٥، ١٦). فتعرض بولس في حياته فى أضطهادات وميتات واخطار كثيرة والرب كان يخلصه منها { فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً }(٢ كو ١١: ٢٣) تذوق بولس الرسول قوة محبة المسيح حتى صار يشتهي ان يتألم من أجله وصار سهل عليه قبول الألم وحسب نفسه كغنمة تساق الي الذبح حتى قال أنشودته الخالدة { مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ» وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا }(رو ٨: ٣٥-٣٩) إختبر بولس محبة الله الآب ورحمته وقيادة الراعي الصالح الأمينة وتعزية الروح وحسب الألم والموت كهبة روحية من الله للمؤمن { لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ}(في ١: ٢٩) لإنه أن أشتركنا في الألم فلكي نكون شركاء في المجد { فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا}(رو ٨: ١٧، ١٨) إن قمة المحبة للمسيح أن نكون مستعدين للموت لأجله نموت عن الخطية وشهوات العالم ومحبة المال والمقتنيات ونصلب أهوائنا وشهواتنا و نطيع وصاياه ونجاهد لكي نكمل خلاصنا ونبلغ قيامة الأموات في اليوم الأخير { وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ }(١ بط ٥: ١٠) نشكرك أيها المسيح إلهنا يا من أحبنا وحبه أراد ان يخلصنا من الموت الأبدى ولهذا تجسدت وخدمت خلاصنا وجزت في الموت بالصليب حباً بنا وقمت من بين الأموات منتصرا علي الموت وإبليس وقوى الشر أنت القادر ان تنتشلنا من موت الخطية و تهبنا قوة القيامة وشركة الألم والمحبة لنقتدى بك ونقوم معك في قيامة الأبرار إلي الحياة الأبدية علمنا يارب أن ننمو في معرفتك ومحبتك ونختبر قوة قيامتك وشركة الآمك المقدسة ونحيا ودعاء ومتواضعين ,لوصاياك طائعين لنكون لأمجاد السماء وارثين، أمين. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
04 مايو 2025

أنا هو خبز الحياة

فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة، من يُقبل إلى فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش إلى الأبد» لقد سألت السامرية المسيح أن يعطيها من مائه الحي لكي لا تعطش، فأعطاها نفسه فقبلته وهنا، وعلى نفس المستوى، لما طلب منه اليهود أن يعطيهم من خبز الله الحقيقي، أشار إلى نفسه، وقال لهم: أنا هو خبز الحياة. فلو كانوا قد قبلوا منه عطية نفسه، لما جاعوا العطية جاهزة أمامهم والخبز حاضر. ولو فتشوا الكتب لوجدوه، إنه هو الحياة الأبدية خبزاً وماء. فهو هنا يجمع الأكل والشرب معاً، فهو الطعام السماوي الكلي والكافي، الذي هنا نأكله ونشربه بالسر، وأما هناك فنشبع ونرتوي منه بالحق إلى الأبد المسيح يقدم نفسه لليهود ولنا كطعام حقيقي : مأكل حق يدوم هنا وفي السموات، ولا ينقطع قط. فالشبع من المسيح هو شبع إلهي سمائي لا يؤول إلى جوع دنيوي قط. والارتواء من المسيح هو ارتواء الروح بالروح. فينبوع المسيح سمائي إلهي ينسكب بجملته في أحشاء الإنسان لينبع فيـــه ومنه، هذا وعد المسيح وعمل الروح الذي يجري الآن أمام عيوننا، وطوبى لمن يرى ويسمع نعم، هذا الكلام حلو كشهد العسل، ولكن هناك فرق بين من يشتهي عطايا المسيح، ومن يشتهي المسيح نفسه فالجليليون كانوا مثل المرأة السامرية، عندما سمعوا هذا الكلام الحلو الذي يقطر عسلاً، طالبوه أن يعطيهم إياه، ولقبوه بالسيد تملقاً، لعلهم يفوزون بعطاياه، ولكن كاشف القلوب والكلى أدرك أنهم يقبلون عطاياه ولا يقبلونه هو، ويؤمنون بمنفعــــة مواهبه، ولا يؤمنون به هو فوضع لهم الشرط كالمشرط: (عطاياي لمن يقبل إلي، وغناي لمن يؤمن بي ) أنا هو خبز الحياة المسيح هنا اعتبر نفسه خبزاً لنوال الحياة الأبدية، حيث أن المسيح والخبز الذي يعطيه كلاهما يهب الحياة الأبدية. فالمسيحفيه الحياة ويعطي حياة، لأن المسيح حي ومحيي : «لأني أنا حي، فأنتم ستحيون». وخبز الحياة، هو كذلك خبز حي، فهو يعطي الحياة لأنه خبز الله، لأنه جسد المسيح. فالتطابق الذي يجعله المسيح بين كيانه الحي المحيي، وبين كيان الخبز الحي هو تطابق كلي؛ لذلك يعود المسيح بعد ذلك ويوضح هذا التطابق هكذا: «أنا هو الخبز الحي». وهنا يكمن سر التجسد العجيب الرهيب على مستوى اتحاد الكيان الإلهي بـ الجسد البشري المولود من الروح القدس اتحاداً سرياً كاملاً أبدياً والحيرة التي يقع فيها العقل الذي لم يقبل سر التجسد تكون حيرة حقيقية، إذ كيف يمكن للمسيح وهو إنسان أن يكون خبزاً؟؟!! والخبز كما هو معروف أنه يؤكل لقوام الحياة الجسدية؛ أما للذين قبلوا سر التجسد، أي بالإيمان بالمسيح الكلمة المتجسد، يصير من السهل عليهم أن يدركوا سر الإفخاريستيا في قول الرب : « الخبز الذي أنا أعطي هو جسدي». فهذا هو غاية التجسد، فالمسيح تجسد ليعطي جسده الحي للعالم، ليكون بذرة الخليقة الجديدة. هذه الحقيقة سرية للغاية، والذي يقبلها إنما يقبلها بالإيمان والخطأ الذي ارتكبه اليهود، والذي لا يزال يرتكبه العالم هو أنهم يريدون أن يعرفوا سر المسيح قبل أن يأتوا إليه ويؤمنوا به، وهذا مستحيل.والنصيحة العظمى التي نقدمها للناس جميعاً، هي أن يأتوا إليه بـــلا فحص، وأن يقبلوه ويؤمنوا به لتنفتح عيونهم وقلوبهم، ويدركوا ســـــر المسيح والله، وسر الحياة الأبدية، بكل يقين. والمسيح في قوله إنه يعطي جسده يصير فاعلاً: «أنا هو»، ومفعولاً به «جسدي بآن واحد، لذلك حينما يبذل جسده فهو يعطي نفسه في هذا الجسد ليصير الأكل من الجسد اتحاداً به وبالله الآب، وقوة هذا الاتحاد هي الحياة الأبدية. في الحقيقة إن هذا اللقب هو من أبسط ألقاب المسيح التي أطلقها على نفسه، ولكن في نفس الوقت أعماقه لا تجارى ولا تُحد.ليس في جميع الأسرار التي تصادفنا في حياة المسيح وأقواله ومعجزاته ما يُعادل هذا السر الرهيب سر الخلود الذي أبقى المسيح إعلانه حتى آخر ساعة من حياته. ففي الليلة التي كان مزمعاً أن يُسلّم فيها نفسه للموت من أجل حياة العالم، جلس مع تلاميذه ومهد للسر بإعلانه حبه الخاصته الذين في العالم، حباً وصفه المسيح أنه حتى المنتهى (يو ١٣: ١) والمسيح لم يكن مغالياً حينما قال: «أنا هو خبز الحيـــاة». إذ أنه في العشاء الفصحي الأخير، عندما أخذ الخبز على يديه، ونظر إلى فوق، بــــه روح الحياة الأبدية. فحمل الخبز، ذات الحياة الأبدية التي في جسده، فصار الخبز الطبيعي معادلاً لجسده الإلهي الحي، أي خبزاً للحياة. وتمادى المسيحفي إجراء السر، إذ كسر الخبز من واقع ما سيتم على الصليب، وهكذا بث الخبز الحي موته المحيي، أي حمله قوة الفداء والغفران بآن واحد. وهكذا أصبح كل من يأكل من هذا الجسد يعبر - كما عبر المسيح - بالجسد من الموت إلى الحياة، أي صارت في هذا الخبز الحي قوة القيامة من الأموات. وبإعطاء المسيح الخبز حاملاً روح الحياة الأبدية، وسر كسر الجسد على الصليب؛ يكون قد أعطانا سر الشركة الكاملة في موته وحياته. والشركة هنا ليست مجازاً بل فعلاً وتحقيقاً، وهذا يُثبته ويُحققه قوله: "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه. هنا الثبوت المتبادل، هو حالة تواجد للمسيح دائم في حياة الإنسان، والذي يؤهله حتماً للحياة الأبدية من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير» من هنا أصبح الأكل من الجسد، أي الخبز المتحول، ليس مأكلاً عادياً؛ بل هو مأكل حقيقي وإلهي بالدرجة الأولى. لذلك نبه المسيح ووعى: «لأن جسدي مأكل حق». لأجل هذا أصبح الأكل من الجسد له فاعلية إيمانية سرية صادقة ومباشرة للثبوت في المسيح كثبوت المثيل على المثيل. وتكون النتيجة المباشرة لهذا الثبوت هو اندفاق الحياة الأبدية التي للمسيح في الشخص الذي يتناول من جسده ودمه، وتصبح الحياة الأبدية مفتوحة عليه، وبالتالي وبالضرورة تكون القيامة التي هي مصدر الحياة الأبدية قائمة فيه.والمسيح هنا يكشف السر القائم في الإفخارستيا: أن من يأكل الخبز المتحول للجسد والخمر المتحول للدم يكون قد أكل المسيح شخصياً ويكون قد ظفر بسر الخلود. ومن هنا كان تعريف الشهيد إغناطيوس 66 دو للتناول من الجسد والدم أنه بمثابة تعاطي ترياق عدم الموت أي دواء الخلود، ذلك لأن فيها أولاً : شفاء، أي مغفرة الخطايا، وثانياً: النصرة على الموت والظفر بالحياة الأبدية. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
03 مايو 2025

القيامة في حياة مارجرجس

معلمنا ماربولس الرسول في رسالته الثانية لأهل كورنثوس يقول ﴿ لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ ( 2كو 4 : 11) منذ أيام قليلة إحتفلنا بعيد إستشهاد مارجرجس مارجرجس طبق في حياته هذه الآية ﴿ لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت ﴾ لو وضعنا في ذهننا القديس مارجرجس نفهم الآية ﴿ من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ أي شهيد هو إنسان أحب المسيح حتى الموت الشهيد هو إنسان جاهد ضد ذاته جاهد ضد شهواته ورغباته جاهد حتى النهاية فصار شهيد في حياته قبل أن يستشهد ولم يكن شهيد وليد اللحظة بل هو شهيد أمام جسده وأمام الله وأمام العالم من قبل أن يستشهد ﴿ لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ لذلك الإستشهاد هو طبيعة الحياة المسيحية طبيعة الحياة في المسيح في النهاية يؤدي إلى الموت من أجل المسيح كتنفيذ للوصية حتى النهاية لذلك في كل تذكار شهيد لابد أن تكون لنا صحوه لابد أن تكون لنا مراجعة مع أنفسنا وسيرة حياتنا لذلك إيمان ودماء الشهداء هو بذار الكنيسة كما قال القديس أغناطيوس هناك الكثير في المخطوطات لم نعرفه عن القديس العظيم مارجرجس هناك أسرار في حياته . أول شئ غير معروف عن مارجرجس أن أبويه كانا تقيان كان أبوه في منصب كبير في الدولة وكان له دالة كبيرة لدى الملك حتى عُرِف أنه مسيحي فإستشهد إذاً كان أبوه شهيد وهو في عمر العشر سنوات تخيل طفل في عمر العشر سنوات يرى أبيه يستشهد أمامه صارت رغبة الإستشهاد داخله قوية وقوى إيمانه أكثر وأكثر فحدثت تحولات عظيمة في حياته أيضاً كانت أم القديس مارجرجس إمرأة تقية إنتقلت ومارجرجس في عمر 16 – 17 سنة وكان والداه أغنياء جداً وكان في هذا الوقت أمر عادي أن يكون لدى الأغنياء عبيد بعد أن إستشهد والد مارجرجس وإنتقلت والدته وزع جميع أمواله وأطلق كل عبيده أحرار إذاً مارجرجس منذ البداية والقيامة تعمل فيه كان يشهد للمسيح بتصرفاته نرى في حياته من بدايتها خطوات تدل على إنسان ناضج شاب في عمر السابعة عشر سنة أي معروف أنه سن طيش سن غير مدرك لأمور الحياة لكننا نرى مارجرجس في نضج يفوق نضج الشيوخ نعمة الله هذا عملها نعمة الله تحول لذلك أرجوك لا تستصغر نفسك ﴿ لا تقل إني ولد ﴾ ( أر 1 : 7 ) أنت في المسيح يسوع وبنعمته قادر أن تتخطى سنك وفكرك المسيح قادر أن يصنع بك عظائم هذه هي الوصية والقديسين شاب في هذا العمر تقي لهذه الدرجة ؟!! قد تقول أن الأنبا أنطونيوس باع كل ماله وذهب للبرية لكن مارجرجس باع كل ماله ووزع أمواله ولم يذهب للبرية كالأنبا أنطونيوس إذاً كان لابد أن يكون معه بعض المال لأنه يعيش في العالم ويقال أنه كانت توجد في أسرته فتاة إرتبط بها أي كان في حياته مشروع إرتباط زواج ومع كل هذا يبيع كل أمواله ؟!!! نعمة نعمة الله غزيرة جداً . دخل مارجرجس الجيش الروماني وكان وقتها دقلديانوس ملك وكتب المنشور وعلقه في الميادين والأماكن العامة وكان منشور مستفذ جداً غير أمر التبخير للأوثان كان في المنشور عشرة بنود منها :- غلق جميع الكنائس وحرقها . إحراق جميع كتب العبادة المسيحية . طرد جميع العاملين المسيحيين بالدولة . تأميم جميع أموال المسيحيين . جميع المسيحيين غير العاملين بالدولة يصيروا عبيد . الإجبار على التبخير للأوثان . دقلديانوس كان في صغره يعمل سايس في إسطبل خيول ثم صار ملك لذلك هذا كلام لا يصدر من شخص يفكر بإسلوب سوي صحيح حتى وإن كان يكره المسيحيين بالطبع مارجرجس لم يحتمل فمزق المنشور أي صار في تحدي مع الملك الإنسان الذي به نور الوصية يكون قوي ما الذي يجعل الإنسان يعيش في تردد ؟ أنه مغلوب من نفسه وبذلك يكون مغلوب مما حوله مارجرجس كان غالب نفسه كان قائم ضد نفسه وضد جسده مثل سيده يسوع المسيح لذلك كان غير مهزوم ألقي القبض على مارجرجس وسار في سلسلة عذابات عنيفة لفترة سبع سنوات أول ليلة في الحبس نزعوا عنه ملابسه ووضعوا حجر كبير جداً على صدره طول الليل – ألم رهيب – ما هذا ؟ لو كان ضعيف كان سيتراجع عن إيمانه لكنه قال لهم عبارة جميلة﴿ ستملون من تعذيبي أما أنا سوف لا أمل بنعمة الله ﴾ إنتصار وقيامة داخلية الإنسان يضعف من نفسه عندما يفكر في نفسه كثيراً ويصير حساس لنفسه فهذا ضعف لكن عندما يكون ربنا يسوع أمامه يعطيه قوة أكبر من ذاته البشرية وهذا هو مارجرجس القائم كسيده وضعوه في دولاب به مسامير وسكاكين ويتمزق جسده ثم يظهر له ربنا يسوع ويشفيه ويعزيه فقال المستشارين للملك أن أكثر شئ يؤذي الشخص المسيحي هو أن تفسد عفته فإن أفسدت عفة مارجرجس ستميته قبل موت الجسد لأنه معروف أن المسيحي بالعفة يرضي إلهه إبعده عن إلهه ثم إقتله ووافق الملك فأحضروا فتاة خليعة قضت ليلة مع مارجرجس في السجن ومعروف أن الإنسان المحبط الذي في ضيق سقوطه سهل ومارجرجس مسجون وفي شدة وحالة مرة لكن لم تستطع الفتاة أن تقترب منه لأنه كان في السجن قائم ساجد يصلي جعل السجن هيكلاً وبدلاً من أن تُشتم منه روائح كريهة صارت به روائح ذكية عطرة أي أنا الذي أؤثر في المكان وليس المكان هو الذي يؤثر فيَّ يقال عن يوسف العفيف ﴿ أن يوسف زين العبودية بجمال بهاء فضائله ﴾ إذاً السجن لا يؤثر لا تتحجج بالمجتمع الصعب سأقول لك هل هذا المجتمع مثل سجن مارجرجس ؟ فهذه الفتاة أتت خصيصاً لتسقط مارجرجس لكنها رأته يصلي ورأت نور ورأت رائحة البخور فوقفت خلفه تصلي مثله ولما إنتبهت لعريها لملمت ملابسها لتستر عريها لأنها شعرت أنها بالفعل أمام ربنا يسوع المسيح في الصباح يفتحون باب السجن ليروا مارجرجس وهو ساقط إذ بهم يرون الفتاة تصلي مع مارجرجس وتقول لهم ﴿ أتيت لأجذبه بسحر خلاعتي فسحرني بسحر طهارته ﴾ أنا تأثرت به لقد ذاب قلبي داخلي لم أصدق أن أرى شاب مثله بهذه العفة والقداسة هل هو من الأرض أم من أين ؟ نعم هو بالفعل يعيش على الأرض لكنه ليس من الأرض هذا هو المسيحي والشهيد لذلك قالت أتبع إيمان مارجرجس ولنسأل هذه الفتاة سؤال هل تعرفين الثالوث القدوس ؟ هل تعرفين أساسيات الإيمان ؟ تجيب لا لكني رأيت مارجرجس فتبعت إيمانه هذه الفتاة تظهر في بعض الأيقونات خلف مارجرجس على حصانه ويفسر ذلك الآباء بأنه قد أحضر هذه الفتاة معه للمسيح وتظهر أيضاً واقفه تنظر له ويقول الآباء أنها تمثل الكنيسة التي تتابع جهاد أولادها مارجرجس جعل الزانية شهيدة نعمة بلا حدود وبلا نهاية قادرة أن تغير كيان الإنسان لذلك مَلَك إيمان يسوع على قلبها وحواسها فصارت شهيدة من أصحاب الساعة الحادية عشر كما يقول الآباء وأخذت نفس الأجرة لذلك في الغروب اليومي الذي يمثل قرب نهاية العمر نقول له ﴿ إحسبني مع أصحاب الساعة الحادية عشرة ﴾ أعطني أن أرضيك في اللحظات الباقية في اليوم القديس يوحنا ذهبي الفم يقول ﴿ الموت دخل للعالم بطريقة مضاعفة موت الخطية وموت الجسد أتى المسيح كيما يعطي غلبة مضاعفة على موت الخطية وموت الجسد ﴾ والذي يغلب موت الخطية يغلب موت الجسد وهذا مبدأ كل الشهداء فلن ترى شهيد ساقط في خطية ﴿ من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني ﴾ ( رؤ 2 : 11) لأن الموت الأول هو موت الخطية والذي يغلبه يستطيع أن يغلب الموت الثاني أي موت الجسد مثل مارجرجس إستمر الملك في تعذيب مارجرجس يربطون يديه ورجليه يلبسوه حذاء به مسامير تغرس في قدميه خاصةً عندما يقف فيزداد ثقل الجسد على قدميه ويطلبوا منه أن يمشي بالحذاء بل ويجري وإن وقف يضربوه حتى يكمل مسيره عذابات رهيبة من ضمن الطرائف التي كتبها الآباء أن الذي يدخل مجال الإستشهاد إن كانت له واسطة تقطع رأسه بسرعة لأن العذابات مرة لذلك قطع الرأس أسهل ما هذا ؟ قيامة داخلهم جعلت الموت أمر هين لأنهم يشتاقون للمسيح ويعيشون حياتهم للمسيح ﴿ من يقتني في نفسه شهادة صالحة يشتهي الموت كالحياة ﴾ ما سر رعب الناس من الموت ؟ السر هو عدم الإستعداد السر هو الخطية كان رب المجد يظهر لمارجرجس ويقول له * لا تخف يا جاورجيوس إني معك * فيمتلئ تعزية ويصير معافى يتركوه ليلاً ميتاً في الصباح يجدوه معافى فقالوا هو ساحر لنحضر له ساحر يؤثر عليه للأسف قلوب عمياء عمل بها الشيطان أحضروا له ساحر ومعه سم كي يسقيه لمارجرجس فرشم علامة الصليب على السم وشرب وانتظر دقلديانوس أن يموت مارجرجس ولم يمت فضاعف الساحر جرعة السم ثلاثة مرات ولم يمت مارجرجس حتى أن الساحر سجد له وأعلن إيمانه بإله جاورجيوس أمام الجميع لماذا سمح الله لمارجرجس بهذه العذابات المرة ؟ هل لتخليص حساب مع مارجرجس ؟ لا بل سمح بذلك ليكرز به فصارت آلام مارجرجس آلام كارزة كثيرون ممن رأوا هذا المشهد آمنوا واستشهدوا على إسم ربنا يسوع آلاف إستشهدوا بسبب مارجرجس زوجة دقلديانوس كانت تسمع عن مارجرجس وأعجبت به ولم تستطع أن تصل إليه وفي يوم بعد أن إحتار دقلديانوس في أمر مارجرجس فكر في أن يحضره إلى قصره لعله يستطيع أن يؤثر عليه فأحضر مارجرجس إلى القصر وألبسه ملابس جيدة وأطعمه وطلب منه أن يبخر للأوثان فقال له مارجرجس غداً سأتكلم مع آلهتك وأشيع الخبر في المدينة كلها أن غداً مارجرجس سيبخر للأوثان وفي هذه الليلة ذهبت زوجة دقلديانوس إلى مارجرجس وسألته ما هي قصته ؟ فكرز لها بالمسيح وآمنت لكنها لم تستطع أن تعلن إيمانها في الصباح أحضروا الأصنام أمام مارجرجس فصلى صلاة عميقة أمام الجميع ثم قال للوثن * آمرك أمام الجميع بإسم المسيح أن تعلن عن نفسك * فخرج صوت من الوثن يقول * إن الإله الحقيقي هو يسوع المسيح الذي تعبده أنت * وتكرر الأمر ثلاثة مرات وسمعت المدينة كلها هذا الصوت وفي ثالث مرة هوت الأوثان وتحطمت فآمنت المدينة كلها وآمنت زوجة دقلديانوس وأعلنت إيمانها فجذبها زوجها دقلديانوس إلى داخل القصر وهددها بالموت لكنها لم تتراجع واستشهدت وصار جميع من آمنوا شهداء ما هذا ؟ قوة قيامة في مارجرجس غلبت الموت وحطمت الأوثان وأخيراً قطعوا رأسه بحد السيف قوة مارجرجس في شهادته للمسيح في عمل الله الخفي في حياته عمل الله الخفي الذي يجعل الأنية الضعيفة تتمجد ويخرج منها رائحة ذكية الإنسان الذي يجذبه العالم بإغراءاته عمل الله الخفي فيه يجعله يغلب العالم نحن مدعوين لنعيش في العالم شهود للمسيح ونعلن إيماننا لابد أن نعيش شهداء أمام أنفسنا وأمام العالم وأمام المسيح ونعلن المسيح داخلنا ونفرح برسالتنا أن كل من يرانا يشتم رائحة المسيح فينا ونحضر له كثيرين والبعيدين هذه هي حياة مارجرجس وشهادته والقيامة في حياته القيامة أسلوب وسلوك وفعل وليس نظرية القائم شاهد للمسيح ولتسأله ألا تخاف الموت ؟ الموت مرعب يقول لا المسيح غلب الموت والشهداء كانوا يهددون بالموت ولم يخافوا حتى أن معذبيهم كانوا يخافون منهم وقيل عن القديس البابا بطرس خاتم الشهداء أنه أعلنت عن مكافأة لمن يستطيع أن يقطع رأسه لأن رقابهم كانت أصلب من السيوف النعمة تغلب طبع الإنسان الخواف الشهواني وتجعله يعيش غالب الجسد وإن كان في الجسد هكذا كان مارجرجس غالب ظهرت فيه حياة ربنا يسوع المسيح الله يعطينا أن تظهر حياته في حياتنا وأن نغلب ذواتنا وجسدنا لنعيش القيامة بحق ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل