العظات

نظرة شاملة إلى سفر العدد

أسْفَار مُوسَى الخَمْسَة هِيَ قِصَّة مُعَامَلَة الله مَعَ الإِنْسَان :- سِفْر التَّكْوِين يُعْلِنْ أنَّ الله إِخْتَارْنِي وَأحَبَّنِي مِنْ خِلاَل إِبْرَاهِيم سِفْر الْخُرُوج يُعْلِنْ أنَّ الله خَلَّصَنِي مِنْ سُلْطَان وَعُبُودِيِّة إِبْلِيس وَمَذَلِّة الحَيَاة سِفْر اللاَّوِيِّين يُعْلِنْ أنَّ الله قَدَّسَنِي بِشَرَائِعْ وَتَطْهِيرَات تُعْطِي حَيَاة قَدَاسَة لِلإِنْسَان سِفْر الْعَدَد يُعْلِنْ أنَّ الله رَافَقْنِي بِعِنَايِة الله بِشَعْبُه فِي البَرِّيَّة وَحَتَّى مَشَارِف أرْض المَوْعِد سِفْر التَّثْنِيَة يُعْلِنْ أنَّ الله عَلَّمَنِي وَهَذَّبَنِي بِالوَصَايَا فِي الأصْحَاح الحَادِي عَشَر مِنْ سِفْر العَدَد يُظْهِر مُرَافَقَة الله لِلإِنْسَان وَعِنَايَتُه بِهِ جِدّاً وَعِنَاد الإِنْسَان لَهُ .. فَيَقُول { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ وَسَمِعَ الرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ } ( عد 11 : 1 ) .. { وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً . فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضاً وَبَكَوْا وَقَالُوا مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً . قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً وَالْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } ( عد 11 : 4 – 6 ) يَحْكِي عِنَايِة الله بِالإِنْسَان وَجُحُود الإِنْسَان إِتِجَاه الله .. أيْضاً سِفْر العَدَد يَحْكِي تَنْظِيمَات الله لِلشَّعْب بَعْد أنْ قَالَ لِمُوسَى إِحْصِي الشَّعْب وَقَسِّمَهُمْ تَقْسِيمَه مُعَيَّنَة وَضَعْ لِكُلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَظِيفَة هذِهِ هِيَ حِكَايِة كُلَّ نَفْس فِي بَرِّيِّة العَالَمْ وَيَحْكِي عَنْ مَتَاعِبْ وَتَذَمُّر الشَّعْب ضِدٌ الله لِذلِك نُرِيدْ أنْ نَتَعَلَّمْ بَعْض الدُرُوس مِنْهَا :- عِنَايِة الله بِنَا .. الله يَعُول شَعْبُه بِطُرُق كَثِيرَة .. إِنْ كَانَ الشَّعْب قَدْ خَرَجَ مِنْ أرْض مِصْر وَعَاشَ فِي البَرِّيَّة إِلاَّ أنَّ الله أعْطَاهُمْ إِحْسَاس أنَّهُ المَسْئُول الأوَّل عَنْهُمْ وَعَنْ إِطْعَامِهِمْ وَمَلاَبِسْهِمْ وَمُحَارَبِة الأعْدَاء مِنْ مِصْر وَحَتَّى أرْض كَنْعَان .. المُشْكِلَة أنَّ الشَّعْب كَانَ يُعَانِدْ خِطِّة الله .. نَجِدٌ أنَّ الله دَبَّر عَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار وَمُحَارَبِة الأعْدَاء وَيَضْمَنْ لَهُمْ الوُصُول لكِنَّهُمْ يُرِيدُون الرُّجُوع سِفْر العَدَد يُمَثِّل حُبْ الله لأِوْلاَدُه وَرِعَايْتُه لَهُمْ بِتَفَاصِيلْهَا الدَّقِيقَة لِذلِك عِنْدَمَا كَانَ الشَّعْب يَتَذَمَّر كَانَ يَصْمُت .. لكِنَّهُ أحْيَاناً كَانَ يَغْضَبْ لأِنَّ الإِنْسَان لاَ يَشْعُر بِعَمَلْ الله مَعَهُ الله خَلَقَ آدَم وَأعْطَاه كُلَّ حُبْ وَهَيَّأ لَهُ كُلَّ الأُمُور وَمُقَابِلْ ذلِك آدَم يُفَكِّر كَيْفَ يَكُون هُوَ الإِله .. وَالكِتَاب يُقِيمْ دَائِماً مُقَارَنَة بَيْنَ مَوْقِفْ الإِنْسَان وَمَوْقِفْ الله .. مُوسَى النَّبِي مَعَ الله فَوْقَ الجَبَلْ يَسْتَلِمْ مِنْهُ الشَّرِيعَة لِيَرْفَعَهُمْ لأِقْصَى دَرَجَة وَهُمْ أسْفَل الجَبَل يَسْجُدُون لِلعِجْل الَّذِي صَنَعُوه ( خر 32 : 8 ) هُوَ يُعْطِيهُمْ المَنَّ وَيَعْتَنِي بِهُمْ وَهُمْ يَقُولُون سَئَمَتْ أنْفُسَنَا هذَا الطَّعَام السَّخِيف ( عد 21 : 5 )وَهُنَا يَقُولُون { قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا }القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول لِمَاذَا هذَا التَّمَرُّد فَكَيْفَ كَانُوا سَيُعَامِلُونَ الله إِنْ كَانُوا مُسْتَرِيحِين فِي أرْض مِصْر ؟!! أرَادُوا أكْل الَّلحْم وَتَذَكَّرُوا السَّمَك الَّذِي كَانُوا يَأكُلُوه مَجَّاناً فِي أرْض مِصْر وَلَمْ يَكُنْ سَمَك يُشْتَهَى بَلْ كَانَ سَمَك الصَّيْد الصَّغِير الحَجْم وَكَانُوا يُلْقُونَ لَهُمْ كِمِيَات مِنْهُ عَلَى الأرْض وَيَنْظُرُوهُمْ وَهُمْ يَتَزَاحَمُون عَلَيْهِ وَيُسْقِطُونَ بَعْض وَيَضْحَك المِصْرِيُون عَلَيْهِمْ أي كَانُوا يَأكُلُوهُ بِمَهَانَة وَمَذَلَّة وَلِلأسَفْ الإِنْسَان يَشْتَاق لِمَذَلَتِهِ وَكَمَا تَقُول صَلاَة الغُرُوب { لِكُلِّ إِثْمٍ بِحِرْصٍ وَنَشَاطْ فَعَلْت } .. لِذلِك سِفْر العَدَد يُعْلِنْ عَنْ تَدْبِير الله لِلإِنْسَان وَعِنَايَتُه بِهِ وَجُحُود الإِنْسَان { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ } .. هُنَاك مُلاَحَظَة مُهِمَة وَهيَ أنَّ جِيلْنَا كَثِير التَّمَرُّدٌ وَالتَّذَمُّر وَلاَ يَعْرِف الشُكْر وَالقَنَاعَة وَقَلِيلاً مَا تَجِدٌ إِنْسَان قَانِعْ شَاكِر .. فَتَجِدٌ الشَّخْص مُتَمَرِّدٌ عَلَى سَفَرُه أوْ إِسْتِقْرَارُه .. الدِّرَاسَة .. حَال البَلَدْ .. دَائِمْ الشَكْوَى غِير مُسْتَرِيح لأِي وَضْع يَحْيَاه .. لِنَنْتَبِه أنَّ هذِهِ الشَكْوَى الدَّائِمَة تُتْعِبْ الله وَالشَكْوَى تَصْعَدْ لأُِذُنَيَ الرَّبَّ .. عِنْدَمَا نُدْرِك مَكَانَتْنَا عِنْدَ الله وَتَدْبِيرُه لَنَا فَهذَا الأمر يُسَبِّب مَرَارَة لله مِنْ شَكْوِتْنَا .. مِثْل أب يِتْعَبْ لأِجْل أوْلاَدُه وَهُمْ لاَ يَشْكُرُوه عَلَى تَعَبُه بَلْ يَقُولُون لَهُ مَاذَا تَفْعَلْ لأِجْلِنَا ؟فِي هذِهِ المَرَّة حَمَى غَضَبْ الله عَلَى شَعْبُه فَمَاذَا فَعَلْ ؟ .. { فَاشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ الْمَحَلَّةِ } ( عد 11 : 1 ) .. " المَحَلَّة " هِيَ المَكَان الَّذِي يَحِلُّونَ فِيهِ .. النَّار إِشْتَعَلِتْ فِي طَرَف المَحَلَّة .. هُنَا يُرِيدْ أنْ يَقُول لَك لاَ تَكُنْ سَطْحِي فِي الطَّرَف مَعَ الله فِي حَيَاتَك بَلْ أُدْخُلٌ إِلَى العُمْق إِلَى المَنْطِقَة الدَّافِئَة .. أُدْخُلٌ إِلَى عُمْق العِشْرَة مَعَ الله .. إِلَى عُمْق الإِنْجِيل لاَ تَكُنْ فِي الأطْرَاف لأِنَّ النَّار تَشْتَعِل فِي الأطْرَاف .. أُدْخُلٌ إِلَى عُمْق الكَنِيسَة عُمْق الجَمَاعَة المُقَدَّسَة .. صَرَخَ الشَّعْب لِمُوسَى وَمُوسَى صَرَخَ إِلَى الله فَخَمَدَت النَّار وَكَأنَّهُمْ يَقُولُون لَيْسَ لَنَا وَجْه أنْ نَتَكَلَّمْ مَعَ الله مُبَاشَرَةً لِذلِك صَرَخُوا لِمُوسَى عِنْدَمَا إِشْتَكُوا طَالِبِينَ أكْل الَّلحْم قَالَ الله لِمُوسَى سَأُطْعِمَهُمْ لَحْم فَقَالَ مُوسَى لله هَلْ تَسْتَخِف بِي هَلْ سَتَأتِي بِسَمَك البَحْر كُلُّه كَيْ تُطْعِمَهُمْ أم تَذْبَح لَهُمْ غَنَمْ وَبَقَر البَرِّيَّة ( عد 11 : 22 )الله يَقُول لِمُوسَى سَتَرَى .. الله بَسِيطْ مَعَ أوْلاَدُه وَأعْطَاهُمْ السَّلْوَى مَسِيرِة يَوْم أي كِمِيَّة كَبِيرَة جِدّاً مِنْ الطُّيُور وَكَأنَّك تَسِير يَوْم كَامِل وَفَوْقَك طُيُور السَّلْوَى وَقَالَ لَهُمْ كُلُوا بِنَهَمْ وَشَهْوَة حَتَّى يَخْرُج الَّلحْم مِنْ مَنَاخِرْكُمْ حَتَّى يَصِير لَكُمْ الَّلحْم كَرَاهَة .. هذَا مَا اشْتَهُوه صَارَ كَرَاهَة لَهُمْ .. قَالَ لَهُمْ { تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً وَلاَ يَوْمَيْنِ وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عِشْرِينَ يَوْماً . بَلْ شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً لأَِنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسْطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ }( عد 11 : 19 – 20 ) .. تَدْبِير الله وَجُحُود الإِنْسَان وَكَمْ أنَّ الله يَتَأنَّى لكِنَّهُ يَغْضَبْ القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول { نُشْكُر الله لأِنَّهُ كَثِيراً مَا يَتَأنَّى عَلَى طِلْبَاتْنَا وَلاَ يُعْطِينَا إِيَّاهَا لِئَلاَّ تَصِير لَنَا كَرَاهَة } .. قَدْ يُعْطِيك الله طَلَبَك وَلكِنَّك قَدْ تَقُول لَيْتَنِي مَا طَلَبْتَهُ سِفْر العَدَد يُعْلِنْ إِحْسَانَات الله الَّتِي كَثِيراً مَا تُقَابَلْ مِنْ الإِنْسَان بِالإِسَاءَة الله إِهْتَمْ بِتَنْظِيمْ الشَّعْب وَتَرْتِيب الأسْبَاط وَعَمَل الخِدْمَة وَمَا هُوَ عَمَل اللاَّوِيِّين أوْلاَد هَارُون ؟ هَارُون كَانَ لَهُ ثَلاَثَة أبْنَاء جَرْشُون وَقَهَات وَمَرَارِي فَقَالَ قَهَات يَحْمِل قُدْس الأقْدَاس .. جَرْشُون يَحْمِل أغْطِيِة خَيْمَة الإِجْتِمَاع .. مَرَارِي يَحْمِل الأعْمِدَة .. أي أنَّ الله يَهْتَمْ بِالتَّفَاصِيل جِدّاً .. الله يَقُول أُرِيدْ مَنْ يَعِيش فِي نَذْر لِيَّ .. وَيُعْطِي شَرِيعَة النَّذْر .. سِفْر العَدَد يُمَثِّل الله الرَّاعِي الحَقِيقِي لِشَعْبُه الَّذِي يَهْتَمْ بِهِ وَبِدَقَائِق الخِدْمَة وَيَضَعْ الشَّرَائِعْ وَالنَّامُوس وَطَقْس الخِدْمَة .. وَهذِهِ هِيَ جُذُور الطَقْس الكَنَسِي أنَّ الله يُحَدِّد مَهَام وَرُتَبْ وَيُرَتِبْ نَاس تَعِيش فِي نَذْر لَهُ وَيُعْطِي شَرَائِع لِلنَّذْر أنْ لاَ يَشْرَب خَمْر وَلاَ يَعْلُو مُوسَى رَأسَهُ .. لاَ يَشْرَب خَمْر أي لاَ يَسْكَر بِمَحَبِّة العَالَمْ .. وَلاَ يَعْلُو مُوسَى رَأسُه لأِنَّ الشَّعْر يَنْبُت مِنْ الجَسَدٌ فِي صُورَِة شِئ مَيِتْ وَكَأنَّ أعْمَال الجَسَدٌ وَإِنْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ الجَسَدٌ إِلاَّ أنَّهُ لاَ يَهْتَمْ بِهَا .. لاَ يَمِس مَيِتْ أي لاَ يَتَنَجَّس الطَّقْس وَتَرْتِيب الخِدْمَة وَتَوْزِيعْ الوَظَائِفْ وَنَاس فِي نَذْر لَهُ أي لاَوِي رَمْز لِكَهَنُوت العَهْد الجَدِيد وَرَمْز لِعَمَل الشَّمَاس وَالكَّاهِنْ وَالأُسْقُفْ .. جُذُور الحَيَاة الطَّقْسِيَّة فِي سِفْر العَدَد تَرَى التَّدْبِير الإِلهِي وَالغَضَبْ الإِلهِي وَجُذُور الحَيَاة الطَّقْسِيَّة .. جَيِّدٌ أنْ تَشْعُر إِنْ كَانَ الله يُدَبِّر كُلَّ شَيْء لكِنَّهُ يُدَبِّرُه بِك .. لِذلِك البُرُوتُسْتَانْت الَّذِينَ يَلْغُون التَّكْرِيس وَالكَهَنُوت نَقُول لَهُمْ سَتَرُوا جُذُور كُلَّ هذِهِ الأُمُور فِي سِفْر العَدَد .. مِنْ ضِمْن الفُرُوق مَعَ البُرُوتُسْتَانْت فِي قِصَّة مَارْتِنْ لُوثَر أنَّهُ أُعْثِرفِي الكَهَنُوت وَوَجَدَهُمْ أُنَاس سُلْطَة وَمَال فَكَرَه الشَّعْب الكَهَنُوت لأِنَّهُمْ تَاجِرُوا بِمَصَائِرْهُمْ بِصُكُوك الغُفْرَان وَلَمَّا قَالَ مَارْتِنْ لُوثَر لاَ يُوْجَدٌ كَهَنُوت تَبَعَهُ كَثِيرُون فَلَغَى نَذْرُه لأِنَّهُ كَانَ رَاهِبْ وَتَزَوَّج نَقُول لَهُ إِقْرأ سِفْر العَدَد بِهِ شَرِيعِة النَّذِير سِفْر العَدَد يَظْهَر فِيهِ الله كَمُرْشِدٌ .. الشَّعْب يِتُوه فِي البَرِّيَّة وَيَضَلْ وَيَتَذَمَّر وَالله يُرْشِدُه مُوسَى نَفْسُه يَتَحَيَّر فِي أمرٍ مَا مَعَ الشَّعْب يَقُولُون لَهُ يُوْجَدٌ مَنْ لَمْ يَعْمَل الفِصْح فَمَاذَا يَفْعَل ؟مُوسَى يَقُول المَفْرُوض أنَّ هذَا يُقْطَعْ مِنْ شَعْب الله لكِنْ لِنَنْتَظِر أمر الرَّبَّ .. جَيِّدٌ أنَّ مُوسَى أنَّهُ يَسْأل الله أوَّلاً .. فَيَقُول لَهُ الله لِيَعْمَلُه فِي الشَّهْر القَادِم .. أيْضاً فِي تَقْسِيمْ الأرْض سَأل الله وَعِنْدَمَا إِسْتَثْقَل مُوسَى العَمَل صَرَخٌ لله فَقَالَ لَهُ الله إِخْتَار سَبْعِين شِيخٌ يَحْمِلُون مَعَك المَسْئُولِيَّة لكِنْ نَفْس الرُّوح الَّتِي فِيك سَأضَعْهَا فِي السَّبْعِين ( عد 11 : 24 – 25 ) .. الله عِنْدُه حُلُول وَهُوَ المُرْشِد .. وَالعَجِيب أنَّ الوَقْت الَّذِي يَتَذَمَّر فِيهِ الشَّعْب عَلَى الله يَظِلٌ الله فِي خِيرُه .. كَانُوا يَشْتَكُون شَرّاً فِي أُذُنُه وَهُوَ يُعْطِيهُمْ المَنَّ كُلَّ صَبَاح .. قَدْ تَقُول لَوْ كَانَ مَنَعَ عَنْهُمْ المَنَّ عَدَد مِنْ الأيَّام قَدْ يَذِلُوهُمْ فَيَتَأدَبُوا .. لكِنَّهُ لَمْ يَفْعَل بَلْ مَازَالَتْ يَدَهُ مَبْسُوطَة لَهُمْ لأِنَّهُ صَالِحٌ .. مَا مَعْنَى صَلاَحٌ الله ؟ صَلاَحٌ الله لاَ يَتَوَقَفْ عَلَى البُعْد الإِنْسَانِي .. صَلاَحٌ الله مُطْلَقٌ وَلَيْسَ صَلاَحٌ رَدٌ فِعْل .. هُمْ يَشْتَكُون وَيَقُولُون سَئِمَتْ أنْفُسْنَا هذَا الطَّعَام السَّخِيف وَهُوَ مَازَالَ يُعْطِي المَنَّ سِفْر العَدَد يُعْلِنْ مُرَافَقَة الله لِشَعْبُه رَغْم كُلَّ ضَعْفُه وَتَعَبُه .. مُوسَى النَّبِي نَفْسُه كَانَ يَمُر بِلَحَظَات ضَعْف وَشَك وَخُوْف وَتَمَرُّدٌ وَالله لَمْ يَتْرُكُه .. حَتَّى أنَّ النَّاس ثَارُوا ثَوْرَة .. هُمْ خَارِجُون مِنْ أرْض مِصْر وَذَاهِبُون لأِرْض كَنْعَان قِيلَ لَهُمْ عَنْهَا أنَّهَا أرْض تَفِيض لَبَنْ وَعَسَل .. فَأرْسَل مُوسَى إِثْنَي عَشَرَ جَاسُوس لِيَتَجَسَّسُوا وَلَمَّا رَجَعُوا عَشَرَة مِنْهُمْ أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَقَالُوا{ هِيَ أَرْضٌ تَأْكُلُ سُكَّانَهَا } ( عد 13 : 32 ) .. فَثَارَ الشَّعْب وَقَالُوا نَحْنُ تَعَبْنَا أرْبَعِينَ سَنَة فِي البَرِّيَّة وَالتِيه مِنْ أجْل أرْض تَأكُلْ سُكَّانْهَا ؟ وَرَغْم كُلَّ هذَا مَازَالَ الله مُتَمَسِّك بِمَوَاعِيدُه وَيُبَارِك شَعْبُه سِفْر العَدَد يَتَكَلَّمْ عَنْ تَمَرُّدٌ الإِنْسَان وَالحَيَاة المَادِيَّة لِلإِنْسَان وَارْتِدَادُه لأِرْض العُبُودِيَّة وَالخَطِيَّة حَتَّى أنَّ الله كَانَ يُمْكِنُه أنْ يُوَصِلْهُمْ لأِرْض المَوْعِد فِي مُدَّة أقْصَاهَا شَهْر لكِنَّهُ أتَاهَهُمْ أرْبَعِينَ سَنَة كَيْ يَضْمَنْ عَدَم رُجُوعِهِمْ لَوْ لَمْ يَضِلُّوا الطَّرِيقٌ وَكَانَتْ فِتْرِة وُصُولِهِمْ لأِرْض المَوْعِد قَصِيرَة لَرَأيْنَا إِرْتِدَادِهِمْ فِي مَجْمُوعَات مُتَتَالِيَة لأِرْض مِصْرلكِنَّهُ أرَادَ أنْ يَحْمِيهُمْ بِبَعْض حَتَّى إِنْ أرَادَ أحَدْهُمْ العَوْدَة لِمِصْر يُثْنِيه أخِيه قَائِلاً إِنَّ المَسَافَة طَوِيلَة .. أي أنَّ حَتَّى زَيَغَانُهُمْ كَانَ نِعْمَة مِنْهُ وَمَا أجْمَل قَوْل دَاوُد { تَيَهَانِي رَاقَبْتَ }( مز 56 : 8 ) .. أي حَتَّى إِبْتِعَادِي عَنْكَ كُنْتَ تُرَاقِبُه لِذلِك فِي سِفْر العَدَد الله يُقَدِّر جِدّاًمَوْقِفْ الإِنْسَان المُتَمَسِّك بِإِيمَانُه .. الإِنْسَان الَّذِي يَتَحَدَّى الكُلَّ بِإِيمَانُه وَمَا أجْمَل مَوْقِفْ كَالِب وَيَشُوع بَعْد أنْ أشَاعَ العَشْرَة جَوَاسِيس مَذَمَّة فِي الأرْض { لكِنْ كَالِبُ أَنْصَتَ الشَّعْبَ إِلَى مُوسَى وَقَالَ إِنَّنَا نَصْعَدُ وَنَمْتَلِكُهَا لأَِنَّنَا قَادِرُونَ عَلَيْهَا }( عد 13 : 30 ) .. إِيمَان .. مِنْ أيْنَ إِيمَانَك يَا كَالِب .. " قَادِرُونَ عَلَيْهَا " ؟ .. { وَأَمَّا الرِّجَالُ الَّذِينَ صَعِدُوا مَعَْهُ فَقَالُوا لاَ نَقْدُِرْ أَنْ نَصْعَدَ إِلَى الشَّعْبِ لأَِنَّهُمْ أَشَدُّ مِنَّا . فَأَشَاعُوا مَذَمَّةَ الأَرْضِ الَّتِي تَجَسَّسُوهَا ...... قَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ الْجَبَابِرَةَ بَنِي عَنَاقٍ مِنْ الْجَبَابِرَةِ . فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَالْجَرَادِ وَهكَذَا كُنَّا فِي أَعْيُنِهِمْ } ( عد 13 : 31 – 33 ) .. صِغَر نَفْس ..صِغَر النَّفْس هُوَ حَال إِنْسَان يَنْظُر لِنَفْسُه خَارِج دَائِرَة الله فَيَحْتَقِر نَفْسُه .. لِذلِك فَرَح الله بِمَوْقِفْ كَالِب وَيَشُوع حَتَّى أنَّهُ قَالَ نَاس أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَكَالِب وَيَشُوع قَالاَ { الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا الأَرْضُ جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً . إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأَرْضِ }( عد 14 : 7 – 8 ) .. هذَا مَوْقِفْ الإِنْسَان مِنْ الله .. إِنْسَان يَشْعُر أنَّ الحَيَاة مَعَ الله لَذِيذَة جِدّاً وَآخَر يُشِيعْ مَذَمَّة وَيَقُول إِنَّهَا صَعْبَة بَلْ وَمُسْتَحِيلَة .. إِنْسَان يَقُول الحَيَاة مَعَ الله جَيِّدَة جِدّاً إِنْ سُرَّ الله يُعْطِينَا إِيَّاهَا وَآخَر يَقُول رَأيْتُ فِيهَا بَنِي عَنَاق .. إِنْسَان يَقُول .. لاَ .. هُمْ خُبْزِنَا قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلَّهُمْ أي غِير مَوْجُودِينْ .. لِذلِك قَالَ الله لِمُوسَى النَّبِي { حَتَّى مَتَى يُهِينُنِي هذَا الشَّعْبُ وَحَتَّى مَتَى لاَ يُصَدِّقُونَنِي } ( عد 14 : 11) .. أي الَّذِي لاَ يُصَدِّق الله يُهِينُه سِفْر العَدَد يُعْلِنْ أنَّ الإِنْسَان فِي رِحْلِتُه مُعَرَّض لِحُرُوب كَثِيرَة لكِنْ الله مَعَهُ لاَ يَتْرُكُه وَإِنْ تَرَكَ الإِنْسَان نَفْسُه لِفِكْرُه وَآرَاء مَنْ حَوْلُه قَدْ يُعْثَر لكِنْ لَوْ تَمَسَّك بِرَجَاءُه وَمَوَاعِيدْ الله وَالكَلِمَة يَقُول مَعَ كَالِب وَيَشُوع إِنَّهَا أرْض جِيِّدَة جِدّاً جِدّاً .. سِفْر العَدَد يُمَثِّل رِحْلِة الإِنْسَان فِي الحَيَاة كُلَّهَا حَتَّى يَرِث أرْض المِيعَاد وَبِكُلَّ مَا فِيهَا مِنْ مَشَقَات وَتَعْزِيَات .. يُوْجَدٌ حُرُوب كَثِيرَة لكِنْ تُوْجَدٌ أيْضاً نِعَمْ .. يُوْجَدٌ مُضَايِقُون لكِنْ أيْضاً يُوْجَدٌ كَالِب وَيَشُوع .. وَإِنْ كَانِتْ النِسْبَة صَعْبَة 10 : 2 .. فَالعَشَرَة جَوَاسِيس هَيَّجُوا الشَّعْب كُلُّه فَصَارُوا شَعْب كَامِلٌ وَلَيْسَ عَشْرَة أشْخَاص ضِدٌ كَالِب وَيَشُوع .. لِنَفْرِض أنَّ الله إِخْتَارَك مِنْ ضِمْن جَمَاعَة مُخْتَارَة لاَبُدْ أنْ تَعْرِف أنَّكَ قِلَّة وَمَسْئُولِيِتَك إِقْنَاع الأغْلَبِيَّة .. كَمْ نَشْتَكِي مِنْ أشْغَالْنَا وَحَيَاتْنَا وَدِرَاسِتْنَا وَحَتَّى الكِنِيسَة وَ .... نَجِدٌ فِيهَا أُنَاس كَثِيرُونَ بَعِيدُونَ عَنْ الله يُشِيعُونَ مَذَمَّة .. مَعَ مَنْ أنْتَ ؟سِفْر العَدَد يَقُول لَك لاَ تَطْرَح ثِقَتَك الَّتِي لَهَا مُجَازَاة حَتَّى وَإِنْ كَانَ عَشَرَة ضِدٌ إِثْنَان إِثْبَتْ .. وَإِنْ هَيَّج العَشَرَة المُجْتَمَعْ كُلُّه فَصَارَ مُجْتَمَعْ ضِدٌ إِثْنَان أيْضاً إِثْبَتْ لأِنَّ الإِثْنَان هُمَا اللَّذَان أرْسَلْهُمَا الله لِيَتَحَمَّلاَ مَسْئُولِيِة جَذْب النَّاس لِمَلَكُوتُه وَلِيُصَدِق النَّاس مَوَاعِيدْ الله فَإِنْ لَمْ تُصَدِّق أنْتَ مَوَاعِيدُه فَأيْنَ رِسَالْتَك ؟ لِذلِك قَالَ الله مَادُمْتُمْ تَشُكُّونَ فِي مَوَاعِيدِي فَلَنْ تَدْخُلُوا الأرْض .. وَبِالفِعْل لَمْ يَدْخُلْ الجِيلْ كُلُّه الخَارِج مِنْ أرْض مِصْر أرْض المَوْعِدْ .. وَعِنْدَمَا قَالُوا لله أخْرَجْتَنَا مِنْ مِصْر لِنَمُوت نَحْنُ وَأوْلاَدْنَا فِي البَرِّيَّة ( خر 14 : 11 ) قَالَ لَهُمْ سَتَمُوتُوا أنْتُمْ مَاعَدَا كَالِب وَيَشُوع وَأوْلاَدَكُمْ فَهُمْ فَقَطْ سَيَدْخُلُون الأرْض .. هَلْ نَتَخَيَّل أنَّ كَالِب وَيَشُوع مَظْهَرِيّاً كَانَ غَالِبَان ؟ .. لاَ لكِنْ كَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول { وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ } ( 2تي 3 : 14) سِفْر العَدَد يُعْلِنْ سُهُولِة سُقُوطْ الإِنْسَان فِي التَّمَرُّد وَالعِصْيَان لكِنْ ثِق فِي عَمَل الله .. الْمَسِيح رَافَقْنِي فِي كُلَّ مَرَاحِلْ حَيَاتِي .. فِي أرْض مِصْر فِي البَرِّيَّة فِي كَنْعَان وَالأبَاء شَبَّهُوا هذِهِ الثَّلاَثَة بِمَرَاحِلْ النَّفْس :- 1- مِصْر:- هِيَ مَرْحَلِة الجِهَادٌ ضِدٌ فِرْعُون وَالتَّخَلُّص مِنْ سُلْطَان فِرْعُون .. وَقَدْ تَتَخَيَّلْ أنَّكَ بَعْد التَّخَلُّص مِنْ فِرْعُون قَدْ إِسْتَرَحْت لكِنَّك تَدْخُلْ مَرْحَلَة جَدِيدَة بِحُرُوب جَدِيدَة وَأُسْلُوب جِدِيدٌ .. مَرْحَلِة مِصْرهِيَ مَرْحَلِة المَعْمُودِيَّة وَجَحْدٌ الشَّيْطَان وَالخُرُوج مِنْ يَدْ فِرْعُون . 2- البَرِّيَّة:- هِيَ مَرْحَلِة عَطَايَا الله .. المَنَّ .. التَّجَلِّيَات .. شَرَائِعْ الله .. لكِنْ بِهَا حُرُوب وَشُكُوك وَأوْجَاع بِأي رُوح تُوَاجِه هذِهِ الأُمُور ؟ بِرُوح كَالِب وَيَشُوع أم بِرُوح الجَمَاعَة ؟ الَّذِي يَصْمُد بِرُوح كَالِب وَيَشُوع يَدْخُلْ المَرحَلَة الثَّالِثَة . 3- َكنْعَان:- مَرْحَلِة الرَّاحَة الأبَدِيَّة . حَتَّى فِي مَرَاحِلْ الجِهَاد الرُّوحِي سَيَأخُذْ الإِنْسَان جِهَاد ضِدٌ خَطَايَاه وَيَأخُذْ نُصْرَة وَيَدْخُلْ البَرِّيَّة وَيَجِدٌ حُرُوب أُخْرَى تَخْتَلِفْ فِي نَوْعِهَا لكِنْ مُشْتَرَكَة فِي جَوْهَرْهَا لأِنَّ هَدَف عَدُو الخِير هُوَ عَدَم وُصُولْنَا لِكَنْعَان .. قَدْ تَمُر بِالمَرَاحِلْ الثَّلاَثَة خِلاَل حَيَاتَك كُلَّهَا وَقَدْ تَمُر بِهَا خِلاَل يَوْمَك المُهِمْ أنْ لاَ تَنْظُر إِلَى الوَرَاء وَلاَ تَشْتَاق لِمَذَلِّة مِصْر وَلاَ تَرْغَبْ فِي الرُّجُوع لكِنْ جَاهِدْ بِاسْتِمْرَار فِي ثِقَة أنَّ مَنْ أخْرَجَك مِنْ مَذَلِّة مِصْر وَرَافَقَك فِي البَرِّيَّة قَادِرْ أنْ يُدْخِلَك كَنْعَان رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج6- التعلق بشهوات الماضى

الأصْحَاح الحَادِي عَشَرَ :- أثْنَاء رِحْلِة الشَّعْب فِي البَرِّيَّة كَانَ الله يَقُودَهُمْ بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار .. وَكَانَ يُنْزِل لَهُمْ المَنَّ كُلَّ يَوْم .. وَيُبَدِّدْ عَنْهُمْ الأعْدَاء .. كَانَ يُحَوِّطَهُمْ وَيَحْرُسَهُمْ وَيُعْطِيهُمْ القُوْت اليَوْمِي لكِنْ حُبُّهُمْ لأِرْض مِصْر مَازَالَ فِيهُمْ رَغْم أنَّ الله دَعَاهُمْ لِلخُرُوج مِنْهَا .. { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ } ( عد 11 : 1) .. شَكْوِتْهُمْ لِلشَّر وَصَلَتْ إِلَى أُذُنَيَ الله .. أحْيَاناً يَشْتَكِي الإِنْسَان وَلاَ يَعْلَمْ أنَّ شَكْوَتَهُ تَصِلْ إِلَى الله .. لاَ .. الشَكْوَى وَصَلَتْ إِلَى الله وَجَرَحِتُه .. جِيلْنَا جِيلْ مُتَمَرِّدْ لاَ يَشْكُر الله مِنَّا مَنْ يَقُول أنَّ البَلَد حَالْهَا رَدِئ أوْ الدِرَاسَة رَدِيئَة .. وَقَدْ يَقُول أنَّ الكَنِيسَة لاَ تَعْجِبُه .. هذَا التَّمَرُد لأِنَّ النَّفْس لاَ تَتَعَامَلٌ مَعَ مَحَبِّة الله .. الَّذِي يَتَعَامَلٌ مَعَ مَحَبِّة الله يَقُول { بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسِي كُلَّ حَسَنَاتِهِ } ( مز 103 : 2 ) .. الله كَانَ يَتَوَقَعْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أنْ يَشْكُرُوه عَلَى مَا فَعَلَهُ مَعَهُمْ وَأنَّهُ أنْقَذَهُمْ مِنْ العُبُودِيَّة وَيَقُودَهُمْ فِي البَرِّيَّة وَيَجْعَلَهُمْ فِي عَدَم إِحْتِيَاج .. لكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا كَثِيراً مَا يُلْهِينَا عَدُو الخِير عَنْ مَا هُوَ إِيجَابِي فَنَرَى السَلْبِي فَقَطْ وَنَتَذَمَر وَنَتَضَايَق فِي هذِهِ المَرَّة حَزَنَ الله مِنْ الشَّعْب وَقَالَ لَهُمْ أنَا أخْرَجْتُكُمْ مِنْ عُبُودِيِّة وَسُلْطَان فَرْعُون وَحَمَلْتَكُمْ كَمَا عَلَى أجْنِحَة النُسُور وَأنْتُمْ مُتَمَرِدُون .. { وَسَمِعَ الرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ } .. كُلَّ مَرَّة يَسْمَعْ وَيَصْمُت لكِنْ فِي هذِهِ المَرَّة قَالَ أنَا صَانِعْ بِكُمْ خَيْرٌ وَأقُودَكُمْ فِي البَرِّيَّة بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَارفَلِمَاذَا الشَكْوَى ؟{ فَاشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ الْمَحَلَّةِ } إِشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَار الرَّبَّ أرَادَ تَأدِيبَهُمْ لكِنْ لَمْ تَشْتَعِل النَّار فِي الشَّعْب كُلُّه بَلْ مِنْ حَنَان الله جَعَلَهَا تَشْتَعِل فِي طَرَف المَحَلَّة وَكَأنَّهُ يُرِيهِمْ عَيِّنَه مِنْ تَأدِيبَاتِهِ فَلَمَّا رَأُوا النَّار جَرُوا وَصَرَخُوا إِلَى مُوسَى النَّبِي { فَصَرَخَ الشَّعْبُ إِلَى مُوسَى فَصَلَّى مُوسَى إِلَى الرَّبِّ فَخَمِدَتِ النَّارُ } ( عد 11 : 2 ) .. لأِنَّ لَيْسَ لَهُمْ وَجْه لِيَصْرُخُوا لله مُبَاشَرَةً فَلَجَأُوا إِلَى مُوسَى النَّبِي .. وَهذِهِ هِيَ قُوَّة الشَّفَاعَة صَلَّى مُوسَى إِلَى الرَّبَّ فَخَمَدَت النَّار .. { فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَوْضِعِ تَبْعِيرَةَ لأَِنَّ نَارَ الرَّبِّ اشْتَعَلَتْ فِيهِمْ } ( عد 11 : 3 ) إِشْتَكُوا شَر وَغَضَبْ الله عَلَيْهِمْ لأِنَّهُمْ لَمْ يَشْكُرُوه وَلَمْ يُسَبِّحُوه فَإِشْتَعَلِت فِيهُمْ نَار الرَّبَّ تَأدَّبُوا قَلِيلاً وَهَدَأُوا وَفَهَمُوا الدَّرْس وَاسْتَوْعَبُوه .. لكِنْ كَانَ فِي وَسَطِهِمْ جَمَاعَة تُسَمَّى" اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ " .. { وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً . فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضاً وَبَكَوْا وَقَالُوا مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً } ( عد 11 : 4 ) .. " مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً " ؟ .. إِشْتَهُوا اللَّحْم { قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّ نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً وَالْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاتَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ . وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } ( عد 11 : 5 – 6 ) قَالُوا أيْنَ أيَّام زَمَان زَمَنْ اللَّحْم وَالسَّمَك الَّذِي كُنَّا نَأكُلَهُ مَجَّاناً فِي مِصْر وَكُلَّ هذَا كَانَ بِسَبَبْ اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ .. يَقُول القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ لَوْ كَانُوا مُسْتَرِيحِين فِي مِصْر فَمَاذَا كَانُوا يَفْعَلُون ؟ .. فِي مِصْر كَانُوا يَأكُلُونَ السَّمَك الصَّغِير وَكَانَ المِصْرِيُون يُلْقُونَهُ أمَامَهُمْ وَهُمْ يَتَزَاحَمُون عَلَيْهِ وَكَانَ المِصْرِيُون يَضْحَكُونَ مِنْ تَزَاحِمْهُمْ وَتَسَاقُطْهُمْ مِنْ أجْل هذَا السَّمَك الصَّغِير جِدّاً .. أي كَانُوا يَذِلُّوهُمْ وَيَضْحَكُونَ عَلَيْهِمْ .. تُرَى هَلْ تَشْتَهُونَ الذُّلْ ؟ الله أتَاهَهُمْ فِي البَرِّيَّة وَقَادَهُمْ بِعَمُود سَحَاب وَنَار وَبَدَّدْ عَنْهُمْ أعْدَائَهُمْ كَيْ لاَ يَعُودُوا مَرَّة أُخْرَى إِلَى مِصْر لكِنْ لِلأَسَفْ مَازَالَتْ قُلُوبِهِمْ تَشْتَهِي مِصْر أمر عَجِيب أنَّ إِحْسَان الله يُقَابَلْ بِجُحُود .. هذِهِ هِيَ قِصَّة الله مَعَ الإِنْسَان .. الله خَلَقَ آدَم وَحَوَّاء فِي الفِرْدُوس لِيَتَنَعَمُوا بِهِ لكِنْ فِتْرَة بَسِيطَة وَتَمَرَّدْ الإِنْسَان لأِنَّهُ أرَادَ أنْ يَمْتَلِك هُوَ الفِرْدُوس أيْضاً لَمَّا خَرَجَ الشَّعْب مِنْ عُبُودِيِة فِرْعُون عَبَدُوا العِجْل بَيْنَمَا كَانَ مُوسَى مَعَ الله عَلَى الجَبَل يَسْتَلِمْ مِنْهُ الوَصَايَا لِيَضْمَنْ بِهَا الله لَهُمْ حَيَاة .. لِنَرَى هذَا التَّنَاقُض العَجِيبْ مِنْ الإِنْسَان إِتِجَاه الله يَقُولُون { الآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } .. وَمَرَّة أُخْرَى يَقُولُون { قَدْ كَرِهَتْ أَنْفُسُنَا الطَّعَامَ السَّخِيفَ } ( عد 21 : 5 ) .. كَيْفَ ؟ وَالمَنَّ هُوَ الْمَسِيح " المَنَّ " مَعْنَاه " مَنْ " ؟ أي مَوْضِعْ حِيرَة وَلَمَّا نَزَلَ لَهُمْ المَنَّ قَالُوا أنَّهُ مُسْتَدِير وَطَعْمُه حُلْو وَهذَا هُوَ الْمَسِيح الَّذِي لَيْسَ لَهُ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة وَحَلْقُه حَلاَوَةٌ وَكُلُّه مُشْتَهَيَاتٌ( نش 5 : 16) وَهُوَ عَطِيَّة مِنْ عِنْدَ الآب لَنَا .. لِذلِك لَمَّا رَأُوا المَنَّ قَالُوا مَنْ هذَا ؟ أي شَيْء عَاقِلٌ .. وَبَعْد ذلِك يَقُولُون يَبَسَتْ أنْفُسَنَا ؟!!! الله يُعْطِي لِلنَّاس بَرَكَات يَوْمِيَّة وَيُقَدِّم لَنَا نَفْسُه مَجّاناً كُلَّ يَوْم عَلَى المَذْبَح ذَبِيحَة لأِجْلِنَا وَنَقُول لَهُ مَلَلْنَا هذَا المَنَّ .. مَلَلْنَا القُدَّاس ؟!!! يَبَسَتْ أنْفُسَنَا .. الله يُرِيدْ لِشَعْبُه حَيَاة سَلِيمَة مُتَمَتِّعَة بِهِ بَعِيدَة عَنْ أرْض العُبُودِيَّة وَلكِنْ لِلأَسَفْ هُمْ إِشْتَهُوا الذُّلْ .. هذِهِ هِيَ شَهْوِة المَاضِي اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ هُمْ قَوْم زَائِدْ عَلَى الشَّعْب قَدْ يَكُونُوا مَصْرِيِّينْ خَرَجُوا مِنْ مِصْر مَعَهُمْ لأِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل قَالُوا نَحْنُ ذَاهِبُون إِلَى أرْض تَفِيضُ لَبَنْ وَعَسَلْ فَقَالَ لَهُمْ هذَا اللَّفِيف نَذْهَبْ مَعَكُمْ وَخَرَجُوا مَعَهُمْ لكِنَّهُمْ أتْعَبُوهُمْ وَخَاصَّةً أنَّهُمْ لاَ يَعْبُدُون الله فَكَانُوا سِر شَكْوَى وَتَذَمُّر الشَّعْب .. كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا دَاخِلُه لَفِيف يَشْتَهِي شَهْوِة الذَّات تَتَحَالَفْ مَعَ الشَّهْوَة وَالإِثْنَان يَتَحَالَفَان مَعَ مَحَبِّة العَالَمْ فَيَكُون هذَا التَّحَالُف لَفِيف يُعَادِينَا وَيُسَيْطِر عَلَيْنَا .. لِذلِك قَالَ الله لاَ تَكُنْ فِي طَرَف المَحَلَّة بَلْ كُنْ فِي وَسَطْهَا قَرِيب مِنْ اللاَّوِيِّين وَمَحْمِي فِي التَّابُوت وَلاَ تَبْتَعِدْ أي لاَ تَكُون سَطْحِي فِي عِلاَقَتَك مَعَ الله حَتَّى لاَ تَتَعَرَّض إِلَى أعْدَاء لكِنْ كَيْ تَكُون فِي أمَان إِقْتَرِب إِلَى العُمْق .. إِقْتَرِب إِلَى المَنْطِقَة الدَّافِئَة اللَّفِيف هُمْ جَمَاعَة مُتَذَمِرِينْ مِثْل الزَّوَان وَسَطْ الحِنْطَة أوْ مِثْل الثَّعَالِب الصَّغِيرَةالمُفْسِدَة لِلكُرُوم .. هؤُلاَء يُعَبِّرُون عَنْ خَطَايَا صَغِيرَة تَبْدأ فِي القَلْب ثُمَّ تَخْرُج لِلحَوَاس وَمِنْهَا لِلإِرَادَة ثُمَّ الفِعْل – تَدَرُّج – وَبِذلِك تُسَيْطِر عَلَى الإِنْسَان كُلُّه فَتَسْلِبُه إِرَادَتُه .. يَشْتَكُون شَرَّاً .. اللَّفِيف كَانَ مَوْجُود وَالتَّارِيخ لَمْ يَذْكُره .. هكَذَا هُنَاك خَطَايَا أنْتَ مُحْتَضِنْهَا وَلاَ تَظْهَر لكِنْ فِي يَوْمٍ مَا أوْ مَوْقِفْ مَا تَظْهَر .. لِذلِك رَاقِبْ الجَمَاعَة وَالأطْرَاف وَاللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطْهِمْ الَّذِي وَصَلَ بِهُمْ إِلَى حَالِة التَّذَمُّر وَشَهْوِة الذُّل وَالإِسْتِخْفَاف بِعَطَايَا الله وَالأُمُور الرُّوحِيَّة .. الإِنْسَان الَّذِي يَحْيَا مَعَ الله يَذُوق عِذُوبَة بَيْنَمَا البَعِيدْ عَنْ الله لاَ يَرَى عَطَايَاه لِذلِك أدَّبَهُمْ الله .. { فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى الشَّعْبَ يَبْكُونَ بِعَشَائِرِهِمْ كُلَّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ وَحَمَيَ غَضَبُ الرَّبِّ جِدّاً } ( عد 11 : 10) مُوسَى النَّبِي إِحْتَار لأِنَّ الشَّعْب كُلُّه كَانَ يَبْكِي لكِنْ هذَا الأمر جَعَلَ غَضَبْ الله يَحْمَى عَلَيْهِمْ فَأَرَادَ أنْ يُؤَدِّبَهُمْ مَرَّة أُخْرَى لكِنْ مُوسَى يَقُول لله أنْتَ تَغْضَبْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يِتْعِبُونَنِي .. { فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ وَلِمَاذَا لَمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقَلَ جَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ عَلَيَّ . أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِجَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ أَوْ لَعَلِّي وَلَدْتُهُ حَتَّى تَقُولَ لِي احْمِلْهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ الْمُرَبِّي الرَّضِيعَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفْتَ لآِبَائِهِ مِنْ أَيْنَ لِي لَحْمٌ حَتَّى أُعْطِيَ جَمِيعَ هذَا الشَّعْبِ . لأَِنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَيَّ قَائِلِينَ أَعْطِنَا لَحْماً لِنَأْكُلَ }( عد 11 : 11 – 13) .. مُوسَى يَقُول لله هَلْ أنَا حَبَلْت بِهذَا الشَّعْب جَمِيعَهُ وَوَلَدْتَهُ ؟ لِمَاذَا تَضَعْنِي وَسَطِهِمْ ؟ هُمْ يَبْكُون يُرِيدُون أنْ يَأكُلُوا لَحْماً .. الشَّعْب غَاضِبْ مِنْ الله لكِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يُوَاجِه الله أوْ يُكَلِمَهُ مُبَاشَرَةً فَإِشْتَكَى لِمُوسَى وَمُوسَى كَلَّمْ الله .. أحْيَاناً التَّذَمُّر يَنْتَقِل لِلقَائِدْ مُوسَى تَكَلَّمْ مَعَ الله بِإِسْلُوب غِير لاَئِق وَقَالَ لَهُ لِمَاذَا أسَأت إِلَى عَبْدَك ؟ .. { فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هكَذَا فَاقْتُلْنِي قَتْلاً إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ . فَلاَ أَرَى بَلِيَّتِي } ( عد 11 : 15) .. قَالَ مُوسَى لله أنَا غَيْر قَادِر عَلَى حِمْل مَسْئُولِيِة هذَا الشَّعْب جَمِيعَهُ .. فَقَالَ لَهُ الله إِحْضِر لِي سَبْعِين رَجُلاً لِيَتَحَمَلُّوا هُمْ عَنْكَ المَسْئُولِيَّة وَ آخُذْ مِنْ الرُّوح الَّتِي عَلَيْكَ وَأضَعْ عَلَيْهِمْ .. أي إِكْلِيلَك سَيَنْقَسِمْ أنَا وَضَعْتَك فِي هذَا المَكَان وَأنَا أُعِينَك .. لِمَاذَا تَتَذَّمَر ؟ أنَا أعَنْتَك فِي الحُرُوب فَتَذَكَّر ذلِك .. نَفْس التَّذَمُّر قَالَهُ إِيلِيَّا النَّبِي عِنْدَمَا هَرَبْ وَقَالَ لله قَتِلُوا أنْبِيَاءَك وَهَدَمُوا مَذَابِحَك وَبَقَيْتُ أنَا وَحْدِي ( 1مل 19 : 10) فَقَالَ لَهُ الله لاَ تَحْزَن إِمْسَح إِلِيشَعْ نَبِي وَسَآخُذْ مِنْ رُوحِي الَّتِي عَلَيْك وَأضَعْ فِيهِ .. هذِهِ نَتِيجِة التَّذَمُّر لكِنْ العَجِيب أنَّهُ رَغْم تَمَرُّد مُوسَى النَّبِي وَإِيلِيَّا النَّبِي إِلاَّ أنَّهُمَا ظَهَرَا عَلَى جَبَلْ التَّجَلِّي مَعَ يَسُوع .. { فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى اجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ شُيُوخُ الشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ وَأَقْبَلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ فَيَقِفُوا هُنَاكَ مَعَْكَ . فَأَنْزِلَ أَنَا وَأَتَكَلَّمَ مَعَْكَ هُنَاكَ وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ فَيَحْمِلُونَ مَعَْكَ ثِقَلَ الشَّعْبِ فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ وَلِلشَّعْبِ تَقُولُ تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ فَتَأْكُلُوا لَحْماً } ( عد 11 : 16 – 18) .. الله كَلَّمَهُ فِي مُشْكِلَتَيْنِ مُشْكِلِة عَدَم تَحَمُّلِهِ فَجَعَلَ مَعَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً .. وَمُشْكِلِة أكْل اللَّحْم وَهذَا مَا جَرَح الله .. قَالَ الله لِمُوسَى قُلْ لِلشَّعْب تَقَدَّسُوا لِلغَدْ فَتَأكُلُوا لَحْماً .. شَهْوِتْكُمْ سَأُعْطِيكُمْ .. { لأَِنَّكُمْ قَدْ بَكَيْتُمْ فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ قَائِلِينَ مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً . إِنَّهُ كَانَ لَنَا خَيْرٌ فِي مِصْرَ } .. وَكَأنَّ الله يُذَكِّرَهُمْ بِكَلاَمِهِمْ لِتَبْكِيتَهُمْ { فَيُعْطِيكُمُ الرَّبُّ لَحْماً فَتَأْكُلُونَ . تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً وَلاَ يَوْمَيْنِ وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عِشْرِينَ يَوْماً . بَلْ شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرَكُمْ وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً لأَِنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسْطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ } ( عد 11 : 18 – 20 ) .. سَتَأكُلُون بِنَهَمْ وَتُشْبَعُون شَهْوَة حَتَّى تَكْرَهُوا أكْل اللَّحْم .. الله إِعْتَبَر هذَا الكَلاَم إِهَانَة لَهُ .. لكِنْ لِلأسَفْ مُوسَى النَّبِي لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَسْتَوْعِبْ كَلاَم الله .. فَقَالَ لَهُ { سِتُّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ هُوَ الشَّعْبُ الَّذِي أَنَا فِي وَسَْطِهِ . وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ أُعْطيهِمْ لَحْماً لِيَأْكُلُوا شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ } ( عد 11 : 21 ) ألاَ تَعْرِف العَدَد يَا الله ؟ فَهذَا الشَّعْب بِهِ سِت مَائَة ألْف رَجُل كَيْفَ تُعْطِيهُمْ لَحْماً لِيَأكُلُوا شَهْراًمِنْ الزَّمَان ؟{ أَيُذْبَحُ لَهُمْ غَنَمٌ وَبَقَرٌ لِيَكْفِيَهُمْ أَمْ يُجْمَعُ لَهُمْ كُلُّ سَمَكِ الْبَحْرِ لِيَكْفِيهُمْ . فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى هَلْ تَقْصُرُ يَدُ الرَّبِّ . الآنَ تَرَى أَيُوَافِيكَ كَلاَمِي أَمْ لاَ } ( عد 11 : 22 – 23 ) .. يَا مُوسَى أنْتَ تَمَادَيْتَ مَعَ الله .. مُوسَى يَتَكَلَّمْ بِتِلْقَائِيَّة مَعَ الله .. لكِنْ الله قَالَ لِمُوسَى لَنْ تَقْصُر يَدِي .. قَالَ لَهُ الله إِجْمَعْ لِي سَبْعِينَ رَجُلاً .. وَالآنْ يَتَحَاوَر مَعَهُ .. عَجِيب أنَّ الله يَتَنَازَل مَعَ الإِنْسَان إِلَى مُسْتَوَاه الضَّعِيف .. يَتَكَلَّمْ مَعَ الإِنْسَان كَإِنْسَان وَكَأنَّ مُوسَى وَالله يَقُولاَن لِبَعْضِهِمَا سَنَرَى وَبِالفِعْل { فَخَرَجَ مُوسَى وَكَلَّمَ الشَّعْبَ بِكَلاَمِ الرَّبِّ وَجَمَعَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ الشَّعْبِ وَأَوْقَفَهُمْ حَوَالِيِ الْخَيْمَةِ . فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَْهُ وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى السَّبْعِينَ رَجُلاً الشُّيُوخَ . فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا } ( عد 11 : 24 – 25 ) .. عِنْدَمَا جَمَعَ السَّبْعِينَ رَجُلاً لَمْ يَأتُوا كُلُّهُمْ بَلْ تَخَلَّفْ مِنْهُمْ إِثْنَان وَأتَى ثَمَانِيَة وَسُتُونَ رَجُلاً .. وَلَمَّا حَلَّ عَلَيْهِمْ الرُّوح تَنَبَّأُوا لكِنْ هُنَاك إِثْنَان غَائِبَان كَانَا فِي المَحَلَّة وَلكِنَّهُمْ وَجَدُوهُمَا يَتَنَبَّآن فِي نَفْس اللَّحْظَة أي يَقُولاَن كَلاَم رُوحِي وَأتَى يَشُوع بْن نُون إِلَى مُوسَى النَّبِي وَقَالَ لَهُ أنَّ هُنَاك إِثْنَان غَرِيبَانِ يَتَنَبَّآن إِرْدِعْهُمَا { فَقَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ تَغَارُ أَنْتَ لِي . يَا لَيْتَ كُلَّ شَعْبِ الرَّبِّ كَانُوا أَنْبِيَاءَ إِذَا جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَهُ عَلَيْهِمْ } ( عد 11 : 29 ) .. هُنَا يَقُول الآبَاء تَأمُّل جَمِيلٌ .. أنَّ الإِثْنَان اللَّذَان لَمْ يَحْضِرَا حُلُول الرُّوح عِنْدَ الخَيْمَة يُمَثِّلاَن كَنِيسَة الأُمَمْ لكِنْ رَغْم أنَّهُمَا لَمْ يَحْضَرَا حُلُول الرُّوح القُدُس لكِنَّهُمَا كَانَا فِي المَحَلَّة .. هكَذَا نَحْنُ لَمْ نَكُنْ فِي العُلِّيَّة لكِنَّنَا كُنَّا مَدْعُوِّينْ لِلعُلِّيَّة وَنَفْس الرُّوح الَّتِي حَلَّتْ فِيهَا حَلَّتْ عَلَيْنَا مِثْلَ هذَان الرَّجُلاَنِ .. هذِهِ دَعْوِة كَنِيسِة الأُمَمْ .. الرَّجُلاَن هُمَا " أَلْدَاد " وَمَعْنَاه " مُحِبْ لِلرَّبَّ " .. وَالآخَر " مِيدَاد " وَمَعْنَاه " مَحْبُوب "َهُمَا يُمَثِّلاَن كَنِيسَة الأُمَمْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي يُوْم الخَمْسِينْ لكِنَّهَا مَدْعُوَة ذَهَبَ مُوسَى إِلَى المَحَلَّة { فَخَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَسَاقَتْ سَلْوَى مِنَ الْبَحْرِ وَأَلْقَتْهَا عَلَى الْمَحَلَّةِ نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَا وَمَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَاكَ حَوَالِيِ الْمَحَلَّةِ وَنَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ } ( عد 11 : 31 ) .. تَخَيَّل أنَّكَ تَسِير لِمُدِّة يُوْم كَامِلٌ وَفَوْقَكَ طِير السَّمَاء فَكَمْ يَكُون عَدَدَهُ ؟وَفِي عَرْض ذِرَاعَيْن أي حَوَالِي مِتْر وَنِصْف .. مِنْ كَثْرِة عَدَد الطُّيُور وَضَعُوا لَهَا شِبَاك وَظَلُّوا يَشْوُونْ وَيَأكُلُون لِمُدِّة شَهْر وَأكَلُوا بِشَهْوَة عَالِيَة وَنَهَمْ وَحَدَثَ مَا قَالَهُ الله " وَجَمَعُوا مِنْهُ كِمِيَات كَبِيرَة لِيَأكُلُوا "{ وَإِذْ كَانَ اللَّحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ حَمَيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى الشَّعْبِ وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدّاً } ( عد 11 : 33 ) .. أحْيَاناً الله يَقُول إِنْ طَلَبْت طَلَبْ غِير مُوَافِقٌ لأِرَادَتِي سَأُعْطِيه لَك لَيْسَ لأِنِّي أُرِيدْ ذلِك بَلْ لِيَكُون كَرَاهَة بِالنِسْبَة لَك .. وَالقِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيّ الفَمْ يَقُول{ نُشْكُر الله لأِنَّهُ لاَ يُعْطِينَا كُلَّ مَا نَسْألُه حَتَّى لاَ يَكُون مَا يُعْطِينَا كَرَاهَة لَنَا }إِنَّهُ لاَ يَسْتَجِيب لِطَلَبْنَا حَتَّى لاَ يُضِير لَنَا كَرَاهَة مِثْلَ هذَا اللَّحْم رَغَمْ تَمَرُّد الشَّعْب إِلاَّ أنَّ الله لَمْ يَقْطَعْ إِرْسَال المَنَّ كُلَّ صَبَاح .. رَغْم جُحُود وَتَمَرُّد الإِنْسَان إِلاَّ أنَّ الله مَازَالَ يُعْطِينَا نَفْسُه وَيَدُه مَفْتُوحَة لِلخِير وَلاَ يَنْضَبْ خَيْرُه أبَداً .. جَمِيلَة قِصَّة الله مَعَ شَعْبُه فِي البَرِّيَّة لأِنَّهَا قِصَّة الإِنْسَان مَعَ الله وَأنَّ كُلَّ هذِهِ الأُمُور كُتِبَتْ لأِجْلِنَا ( 1كو 10 : 11) رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمَتِهِ لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج5

الأصْحَاح العَاشِر :- { وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً . اصْنَعْ لَكَ بُوقَيْنِ مِنْ فِضَّةِ . مَسْحُولَيْنِ تَعْمَلُهَا فَيَكُونَانِ لَكَ لِمُنَادَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلاِرْتِحَالِ الْمَحَلاَّتِ . فَإِذَا ضَرَبُوا بِهِمَا يَجْتَمِعُ إِلَيْكَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ . وَإِذَا ضَرَبُوا بِوَاحِدٍ يَجْتَمِعُ إِلَيْكَ الرُّؤَسَاءُ رُؤُوسُ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ وَإِذَا ضَرَبَتُمْ هُتَافاً تَرْتَحِلُ الْمَحَلاَّتُ النَّازِلَةُ إِلَى الشَّرْقِ } ( عد 10 : 1 – 5 ) .. كُلَّ ضَرْبَة لَهَا مَعْنَى وَالضَرَبَات بِالأبْوَاق لِلَّذِينَ فِي المَحَلَّة فِي الأطْرَاف وَلاَ يَرَوْن السَّحَابَة فَيَسْمَعُوا الأبْوَاق .. وَكُلَّ بُوق لَهُ مَعْنَى .. هُمَا بَوقَانْ إِنْ ضَرَبَ بِبُوق وَاحِدٌ ضَرْبَة سَرِيعَة غَيْر مَا يَضْرَب بِالإِثْنَانِ مَعاً غَيْر مَا يَضْرَب بِبُطْئ الضَرْب بِالبُوقَيْن رَمْز لِكَلِمَة الله فِي العَهْدَين .. وَالبُوقَان مَصْنُوعَان مِنْ فِضَّة وَالفِضَّة تُشِير لِكَلِمَة الله .. أيْضاً { كَلاَمُ الرَّبَّ كَلاَمٌ نَقِي كَفِضَّة مُصَّفَاة } ( مز 11 مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) .. أي لاَبُدْ أنْ نَجْتَمِعْ عَلَى كَلِمَة الإِنْجِيل .. نَحْنُ أتَيْنَا لِنَسْمَع نِدَاء البُوق .. أسَاس إِجْتِمَاعْنَا كَلِمَة الإِنْجِيل إِنْ أرَدْنَا أنْ نَسْتَقِر أوْ نَرْتَحِلْ بِالإِنْجِيل .. هُوَ الكَلِمَة الَّتِي تُسَيِّر حَيَاتْنَا .. لَوْ ضَرَبُوا بِالبُوقَيْنِ مَعاً فَهذَا مَعْنَاه أنْ يَجْتَمِعُوا عِنْدَ خَيْمَة الإِجْتِمَاع لِبَعْض التَّعْلِيمَات وَإِنْ ضَرَبُوا بِبُوق وَاحِدٌ فَهذَا مَعْنَاه إِجْتِمَاع رؤُسَاء أُلُوف الشَّعْب .. كَلِمَة الله شَفْرَة لاَ يَفْهَمْهَا إِلاَّ المُدَرَّبِينْ عَلَى سَمَاع كَلِمَة الله .. إِذاً هُنَاك مَنْ يَسْمَعْ وَلاَ يَفْهَمْ وَمَنْ يَسْمَعْ وَيَفْهَمْ ضَرْب الهُتَاف مَعْنَاه الإِرْتِحَال وَلكِنْ لِكَثْرِة عَدَد الشَّعْب كَانُوا مُقَسَّمِينْ إِلَى أرْبَعَة مَجْمُوعَات لِذلِك كَانُوا يَرْتَحِلُوا بِتَرْتِيب .. الجَمَاعَة الشَّمَالِيَّة أوَّلاً .. أي عِنْدَ سَمَاع هُتَاف طَوِيل يَرْتَحِلْ الثَّلاَثَة أسْبَاطْ الَّذِينَ فِي الشَّمَال أوَّلاً .. ثُمَّ بُوق آخَر طَوِيل فَيَرْتَحِلْ الأسْبَاطْ الثَّلاَثَة الَّذِينَ فِي الجَنُوب .. وَهكَذَا .. أي أنَّ كُلَّ ضَرْبَة لَهَا تَرْتِيب مُعَيَّنْ .. كَلِمَة الله لَهَا تَرْتِيبْ .. فَهُنَاك قِرَاءَات لِلخَمَاسِينْ وَأُخْرَى لِلآحَاد وَقِرَاءَات لأِيَّام الصُوم المُقَدَّس وَ بُوق تَفْهَمْ مِنْ الصُوْت مَا تَقُولَهُ الكَنِيسَة الآنْ تَقُول لَك عَيِّدْ وَمَرَّة أُخْرَى تَقُول لَك تَضَرُّع وَ مِثَال لِذلِك نَحْنُ فِي شَهْر نَسِئ آخِر أشْهُر السَّنَة تَتَكَلَّمْ الكَنِيسَة عَنْ المَجِئ الثَّانِي هذَا بُوق يَضْرَب وَمَنْ يَتَدَرَّبْ عَلَى سَمَاع البُوق يَفْهَمْ { وَبَنُو هَارُون الْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ } ( عد 10 : 8 ) .. أي تَفْسِير الكَلِمَة مِنْ حَقٌ الكَهَنَة فَقَطْ .. لاَ يَضْرَب البُوق سِوَى أوْلاَد هَارُون .. كَلِمَة الله سِرْ فَرَحْنَا هِيَ القَائِدْ فِي حَيَاتْنَا لكِنْ مَنْ لَهُ حَقٌ تَفْسِير الإِنْجِيل الكَهَنَة أي الكَنِيسَة خَاصَّةً فِي أُمُور الإِيمَان وَالعَقِيدَة وَكَمَا يَقُول الأبَاء { لاَ أعْرِف الإِنْجِيل إِلاَّ مَشْرُوحاً مِنْ الأبَاء .. حَيَّ فِي العِبَادَة .. مُفَسَّر بِالقِدِّيسِينْ } حَيَّ فِي القِدِّيسِينْ .. لَيْسَ أحَدٌ يَضْرَب بِالبُوق إِلاَّ الكَهَنَة فَقَطْ لِذلِك الإِنْسَان الرُّوحِي الكَنَسِي يَفْهَمْ البُوق .. عِنْدَمَا يَدْخُلْ الكَنِيسَة وَيَسْمَعْ إِنْجِيل الرَّاعِي الصَّالِح يَفْهَمْ أنَّ اليَوْم تِذْكَار بَطْرِيَرْك وَعِنْدَمَا يَسْمَعْ إِنْجِيل العَذَارَى الحَكِيمَات يَفْهَمْ أنَّ اليَوْم تِذْكَار أحَدٌ العَذَارَى .. عِنْدَمَا يَتَكَلَّمْ الإِنْجِيل عَنْ " لاَ تَخَافُوا مِنْ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الجَسَدَ " ( مت 10 : 28 ) يَفْهَمْ أنَّ اليَوْم تِذْكَار شَهِيدْ تُرَى مَا مَعْنَى بُوق اليَوْم ؟ هَلْ هُوَ إِرْتِحَال أم تَعَالِيمْ أم ؟ الَّذِي لَهُ آذَان مُدَرَّبَة أي مَنْ إِنْضَمَّ إِلَى جَمَاعِة إِسْرَائِيل يَفْهَمْ إِرْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيل .. حَمَى مُوسَى النَّبِي إِسْمُه يَثْرُون وَهُوَ كَاهِنْ وَثَنِي ..أرَادَ مُوسَى النَّبِي أنْ يَأخُذَهُ مَعَهُ فِي الإِرْتِحَال لكِنْ لَيْسَ لِيَثْرُون فِصْح أوْ خِتَان أوْ وَصَايَا ..فَمَاذَا يَفْعَل مُوسَى ؟ قَالَ لَهُ أنْتَ مِنْ البَرِّيَّة فَتَعَالَ مَعَنَا كَمُرْشِدْ .. { فَقَالَ لاَ تَتْرُكْنَا لأِنَّهُ بِمَا أَنَّكَ تَعْرِفُ مَنَازِلْنَا فِي الْبَرِّيَّةِ تَكُونُ لَنَا كَعُيُونٍ } ( عد 10 : 31 ) .. فِي البِدَايَة يَثْرُون إِقْتَنَعْ لكِنْ مُوسَى النَّبِي طَلَبَ مِنْهُ أنْ يَكُون كَعُيُون لَهُ فِي البَّرِّيَّة يُرْشِدُه الطَّرِيقٌ وَقَالَ لَهُ كَيْ يُقْنِعُه { اِذْهَبْ مَعَْنَا فَنُحْسِنَ إِلَيْكَ لأَِنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ بِالإِحْسَانِ } ( عد 10 : 29 ) .. فَذَهَبَ مَعَهُمْ يَثْرُون مُوسَى النَّبِي يَفْرَح بِالرَّبَّ لأِنَّهُ يَقُودُه بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار .. فَهَلْ ضَعْف مِنْهُ أنْ يَطْلُب يَثْرُون ؟ .. لاَ .. هذَا لَيْسَ ضَعْف إِيمَانِي لكِنْ الله قَدْ يَسْتَخْدِم وَسِيلَة لَيْسَتْ هِيَ خَطَأ .. أي أنَّ الله إِسْتَخْدِم عَمُود السَّحَاب وَعَمُود النَّار وَاسْتَخْدِم أيْضاً يَثْرُون .. مُوسَى النَّبِي يَتَكِلْ بِالكَمَال عَلَى الله لكِنْ إِسْتَخْدِم يَثْرُون هكَذَا الإِنْسَان المَوْضُوع فِي قَلْبُه الله يَسْتَخْدِم كُلَّ الوَسَائِل .. وَإِنْ كَانَ هذَا لُون مِنْ ألْوَان الضَّعْف فِي مُوسَى لكِنْ الله يَسْتَخْدِم الإِنْسَان حَتَّى بِضَعْفُه الأبَاء يَقُولُون أنَّ يَثْرُون يُمَثِّلْ كَنِيسَة الأُمَمْ وَكَأنَّ كَنِيسَة العَهْد القَدِيم أوْ كَنِيسَة النَّامُوس تَدْعُو كَنِيسَة الأُمَمْ لِتَشْتَرِك مَعَهَا فِي البَرَكَات الرُّوحِيَّة لِتَصِلْ مَعَهَا إِلَى أرْض المَوْعِد .. يَثْرُون يُمَثِّلْ كَنِيسِة العَهْد الجَدِيد وَالأُمَمْ وَالغُرَبَاء عَنْ شَعْب الله – كَنِيسَة العَهْد القَدِيم – وَعَنْهُ لِيَشْتَرِك مَعَهُ فِي البَرَكَات .. هكَذَا الله دَعَانَا نَحْنُ لِنَرِث نَفْس المَجْد وَنَفْس البَرَكَة .. دَعَانَا لِشَرِكَتِهِ وَدَعَانَا أوْلاَدُه .. يَثْرُون رَفَضْ مَرَّة وَمَرَّتَان وَ ..... وَكَأنَّ الله مُصِر عَلَى دَعْوِة كَنِيسِة الأُمَمْ حَتَّى لَوْ إِمْتَنَعِتْ .. وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُ نَعَمْ نَحْنُ مَعَنَا سَحَاب وَنَار لكِنْ مُمْكِنْ تَكُون مَعَنَا فَأنْتَ تَعْرِف الأمَاكِنْ الَّتِي بِهَا مَاء أوْ الأمَاكِنْ الخَطِرَة أوْ أي إِنْ كَانَ الله يَقُودْ شَعْبُه لكِنْ هُنَاك طَبِيعَة بَشَرِيَّة { فَارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ الرَّبِّ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَتَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ رَاحِلٌ أَمَامَهُمْ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِيَلْتَمِسَ لَهُمْ مَنْزِلاً . وَكَانَتْ سَحَابَةُ الرَّبِّ عَلَيْهِمْ نَهَاراً فِي ارْتِحَالِهِمْ مِنَ الْمَحَلَّةِ }( عد 10 : 33 – 34 ) .. جَمِيلٌ مَنْظَر شَعْب بَنِي إِسْرَائِيل وَأمَامَهُمْ السَّحَابَة .. مَا أجْمَلٌ أنْ نَقُول{ جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي } ( مز 16 : 8 ) .. هَلْ أنَا أسِير بِفِكْر إِلهِي أم بَشَرِي ؟ هَلْ يَسِير أمَامِي تَابُوت العَهْد أي الله ؟ رَاجِعْ نَفْسَك .. { كَانَ مُوسَى يَقُولُ قُمْ يَارَبُّ فَلْتَتَبَدَّدْ أَعْدَاؤُكَ وَيَهْرُبْ مُبْغِضُوكَ مِنْ أَمَامِكَ } ( عد 10 : 35 – 36 ) .. كَانُوا يَسِيرُونَ فِي طَرِيقٌ صَعْب بَلْ مَمْلُوء أعْدَاء فَقَدْ يَخْرُج لَهُمْ قُطَّاع طُرُق أوْ أعْدَاء لِذلِك قَالَ مُوسَى لله " قُمْ يَارَبَّ لِيَتَبَدَّد أعْدَاءَك " لأِنَّ أمَامَهُمْ الْعَمُّونِيُّون وَالْمُوآبِيُّون حَتَّى أنَّ الله قَالَ لَهُمْ أنْ لاَ يَتَعَامَلُونَ مَعَهُمْ أوْ يَلْتَمِسُونَ مِنْهُمْ خَيْراً .. مُوآب وَعَمُّون هُمَا إِبْنَا لُوطٌ مِنْ بِنْتَيْهِ بِالزِّنَا بَعْد هُرُوبِهِمْ مِنْ سَدُوم وَعَمُورَة فَقَدْ كَانَتْ بَنَاتْ لُوطٌ قَدْ تَلَوَّثَتْ أفْكَارِهِنَّ مِنْ مُعَاشَرَة سَدُوم وَعَمُورَة فَجَاءَت لَهُنَّ فِكْرَة مُضَاجَعَة أبَاهُنَّ فَوَلَدَتْ وَاحِدَة مِنْهُنَّ مُوآب وَالأُخْرَى وَلَدَتْ عَمُّون لِذلِك نَسْلَهُمَا يُمَثِّلْ ثَمَر الشَّر وَالخَطِيَّة .. مُوسَى النَّبِي طَلَبْ مِنْ الله أنْ يُبَدِّدْ أعْدَائُه وَعِنْدَمَا كَانُوا يَسْتَقِرُّون { وَعِنْدَ حُلُولِهِ كَانَ يَقُولُ ارْجِعْ يَارَبُّ إِلَى رِبْوَاتِ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ }( عد 10 : 36 ) .. قِيَادِة الله فِي البَرِّيَّة تُمَثِّل قِيَادِة الله لِحَيَاة الإِنْسَان فِي رِحْلِة غُرْبَتِهِ عَلَى الأرْض .. جَيِّدٌ أنْ نُبَارِك الله كُلَّ حِينٍ لأِنَّهُ يَغْلِبْ أعْدَائِي وَيُعْطِي نُصْرَة .. لَمَّا يَأتِي فِكْر شِرِّير قُلْ " قُمْ يَارَبّ لِيَتَبَدَّدْ جَمِيعْ أعْدَاءَك " .. نَعَمْ يُقَابِلْنِي العَمُّونِي وَالمُوآبِي وَهُنَاك مَنْ يُرِيدْ هَلاَكِي لكِنْ أنْتَ يَا الله بَدِّدَهُمْ رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمَتِهِ لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

نحو شخصية متكاملة

أحياناً نركز على جانب واحد لحياتنا فقط ونترك سائر الجوانب الأخرى .. أحياناً يتخيل الشخص أن نجاحه في دراسته هو أهم شئ في حياته وآخر يتخيل أن المال أهم ما في حياته .. لا .. لابد أن تكون الشخصية متكاملة في كل شئ أي لو شخص ناجح في دراسته لكن في إستهتار روحي وغير منضبط نجد أن الصورة عنه غير جيدة .. الشخصية في ربنا يسوع تنضبط في كل إتجاهاتها فلا يكون فيها إفراط أو تفريط بل تكون متزنة في المشاعر والإتجاهات والأفكار .. لذلك الشخصية المتكاملة مهمة . سمات الشخصية المتكاملة : ================================ (1) البعد الروحي : ====================== تكون شخصية روحية نامية .. لكي تكون شخصية متكاملة لابد أن يكون لنا عمق روحي أي عِشرة مع الله .. أي أشعر أن الله يعرفني وأنا أعرفه .. في أحد الأيام كتبت فتاة بسيطة إسمها جبريلا مذكراتها وكان ربنا يسوع يتكلم معها فقال لها عندما تحدثيني قولي لي يا يسوعي .. إذاً لابد أن أشعر أن يسوع هو مِلكي أنا .. الله أبي أنا أشعر أنه يعرفني وأعرفه وعندما أخطئ أعرف ماذا تعلن ملامحه وعندما أسجد أعرف ماذا أقول له وبماذا أحدثه وأنا في الطريق أعرف كيف أحدثه وكيف أراه في الآخرين وفي الكنيسة .. هذا أمر لابد أن نبدأ فيه من الآن إن كنا لم نبدأ فيه من قبل . مشكلتنا أننا نقبل ما نريده فقط أما ما لا نريده فلا نقبله ونقول نحن صغار على هذا الأمر فمن منكم أقل من إثني عشر سنة ؟ بالطبع كلنا أعمارنا تعدت الإثني عشر سنة أي أكبر من عمر السيدة العذراء عندما بشرها الملاك .. إذاً نحن كبرنا ولابد أن تكون لنا عِشرة خاصة بالله .. يكون لي صلاتي وإنجيلي وقداساتي .. هذا ينشئ نمو روحي في حياتي فينضبط فكري ومشاعري واتجاهاتي .. الشخصية المتكاملة جذورها هي البعد الروحي والنمو الروحي أما سائر الأبعاد فهي ثمر لهذه الجذور .. فالبعد الروحي هو المنظم للحياة كلها ولكن لا نكتفي به فقط لأنه قد تكون حياتي الروحية غير سليمة أي قد يقول شخص أنا عايش مع الله لكن أكره كل الناس .. كيف يكون نامي روحياً والله يقول أحبوا ( مت 5 : 44 ) .. أي يدعو للمحبة والعطاء والتسامح و ..... ؟ أو شخص يقول أنا روحاني ولذلك سأترك دراستي لأنه قال إذهب وبع كل مالك وتعال إتبعني ( مت 19 : 21 ) .. أيضاً هذا خطأ لأن له وزنة الدراسة ولابد يتاجر بأمانة فيها ويربح . ليتك تبدأ من الآن وتدخل في عِشرة مع الله ويكون لك إنجيلك الخاص تدون فيه تأملاتك .. يكون لك أب إعتراف تجلس معه بإنتظام تتكلم معه في خطاياك الفعلية .. عندما يستقيم البعد الروحي تستقيم الحياة كلها .. راجع نفسك دائماً ولتنمو في الروح مع نمو الجسد والعقل لأنه عندما يتوقف النمو الروحي فينا يُنشئ خلل في الكيان الإنساني .. لذلك لابد من نمو روحي مع النمو الجسدي .. إعرف كيف تشعر بالله أُشعر بالله الذي بداخلك أنت .. من أصعب الأمور التي فعلها فينا المجتمع أنه جعلنا نعيش خارج أنفسنا .. وأجمل شئ يكتشفه الإنسان أن يدخل داخل نفسه وأجمل شئ يراه داخل نفسه هو الله الذي ينتظره داخل نفسه . (2) البعد العملي : ==================== لابد أن يكون لي شعور بالنجاح والرغبة في النجاح والطموح ولا تترك الأمر للظروف .. لابد أن يكون من مقومات شخصيتي أن يكون لي طموح عملي بتصميم .. لابد أن أنمو روحياً وعملياً أي أكون مسئول روحياً وعملياً .. تخيل لو أتى إنسان أمين خدمة في الكنيسة وتسأل عنه وتجد أن له سنوات في الثانوية العامة لم ينجح فيها .. هذا يفقده مصداقية أمامنا .. مهما يصلي جيداً تجد نفسك غير مستريح له لأن عنده ضعف لا يشعر بأمانة في وزنة الدراسة ولم يشعر أن الله أرسله ليشهد له عملياً .. الله أرسلنا في العالم لنمجد إسمه في العالم من خلال عمل وتميز ومواقف ومعاملات وكأنه يقول أنا صُلبت وصعدت وتركتك عوضاً عني لتكمل أنت حياتي على الأرض .. إذاً أنا إمتداد لعمل المسيح فهل فشل المسيح ؟ لا .. إذاً لابد أن ينجح عملياً . ربنا يسوع أتى في أكثر عصر مثقف وكان فيه الشباب اليهودي يظهر عملياً عند عمر الثلاثين فكان يمر بإختبار في الناموس قبل سن الثلاثين سنة ربنا يسوع إجتاز هذا الإختبار في عمر الإثني عشر سنة .. كان موجود في الهيكل وكان يراقب هذا الإختبار ووجد ما هو خطأ فقام وناقش وصحح وبُهتوا من ثقافته .. لم يعرف ذلك باللاهوت بل درس وعرف وصار في ملء المعرفة .. إذاً كان ربنا يسوع ناجح عملياً .. ولنرى الرسل والقديسين والأنبياء أيضاً .. دانيال النبي كان عمله تقريباً رئيس وزراء في عصره .. بولس الرسول تعلم كل حكمة وموسى النبي تعلم حكمة المصريين .. يوسف العفيف كان مثقف جداً ويعرف أكثر من لغة وعرف كيف يتواصل مع المصريين وإخوته ومن في السجن .. وعندما قيل له أنت الرجل الأول في مصر أعطى الناس طعام .. عمل خطة قال لهم هاتوا الفضة لتأخذوا قمح أي أخذ مالهم .. وعندما فرغ مالهم قال إشتروا قمح بأراضيكم وأخذ الأراضي .. كيف ؟ قال يشتريها فرعون منكم .. ثم طلب بعد ذلك الشعب نفسه لأنهم كانوا قد إشتروا بمالهم وأراضيهم فلم يبق لديهم ما يشترون به فقال لهم بيعوا أنفسكم لفرعون عبيد .. وكان هذا التصرف عملي جداً لأنهم صاروا سبع سنوات المجاعة لا يعملون فهل بعد المجاعة سيعملون ؟ سيقولون لفرعون أنت الحكومة فلتطعمنا كما كنت تطعمنا في المجاعة ويظلوا في كسلهم لكن عندما يشتريهم فرعون عبيد ويشتري مالهم وأرضهم سيعملون بعد المجاعة ليستردوا أنفسهم أولاً ثم أرضهم ومالهم ومواشيهم و ....... ثق أن الله يريدك ناجح .. صورة منه .. وكما قال الكتاب ﴿ وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً ﴾ ( تك 39 : 2 ) .. إذاً الناجح روحياً ناجح عملياً .. النامي روحياً ناجح عملياً . (3) البعد الإجتماعي : ========================= ما هو الآخر بالنسبة لي ؟ هل أحب الناس والمجتمع ؟ هل أجامل الآخرين ؟ هل لي مشاعر إتجاه الناس ؟ أحياناً الشخص المتدين يشعر أن الإجتماعية لا تليق .. عيب .. كيف ؟ أجمل شئ أن تضع نفسك مكان الآخرين لو شخص حزين أو مريض أو سعيد أو ..... يريد أن يكون الناس كلهم حوله فكيف لا نكون نحن مع الناس هكذا ؟ نحن الآن في جيل مفكك أي قد لا يرى الشخص قريبه إلا في المناسبات .. نعم كان ربنا يسوع يحب الوحدة لكنه أيضاً يحب الإجتماعيات يذهب لعرس قانا الجليل ويجامل لم يقل مالي والمجاملات .. لديه إحساس بالآخر فشارك الآخر .. يجد مريض يقول له تعال إشفيني فيذهب إليه ليشفيه .. شخصيتنا تتكامل عندما تتكامل أبعادنا .. لابد أن يكون لنا حب للكل وإحساس بالكل . أحياناً تكون علاقاتنا مع شخصيات محددة .. لا .. لابد أن يكون لنا علاقات ناجحة مع الكل .. هناك إرتباط قوي بين معرفة ربنا يسوع ومحبة الآخر .. إقبل الآخر بضعفه واسأل عليه وكن أمين معه .. لذلك لا ينجح الإنسان إجتماعياً وعملياً إلا إذا كان ناجح روحياً .. الشخص الناجح إجتماعياً يجعل الشخص الذي يكرهه يحبه .. تدرب كيف تحول عدوك إلى صديق لأنك بسوء تصرفك قد تحول حبيبك إلى عدو . (4) البعد الشخصي : ======================== لكي يكون لشخصيتي نمو واكتمال لابد أن يكون لي بعد شخصي ناجح .. بعد شخصي يعني أن تعرف نفسك جيداً وتعرف قدراتك وإمكانياتك ومواهبك .. لذلك لن تكتمل شخصيتنا إلا إذا عرفنا أنفسنا جيداً فمنا من يحب القراءة ومنا من يحب الشِعر .. الموسيقى .. الرياضة .. إن لم تكتشف قدراتك لن تكون شخصية متكاملة ولا يمكن أن يكون هناك شخص بدون قدرات .. القدرات تجعلك تثق بنفسك لتعرف إمكانياتك وتمجد الله .. الأمر يحتاج مهارة تعبير عن النفس . ذهب شاب ليتقدم لعمل فسأله الممتحن أسئلة غريبة قالوا له قل لي خمسة عيوب وخمسة مميزات فيك .. أصعب شئ في البنات والفتايات أنهن يشعرن بأنهن أقل ممن حولهن وبذلك يكن عرضه لأي مخاطر .. فكري في عقلِك وقلبِك وإمكانِياتِك واعرفي كيف تطوري شخصيتِك وعيوبِك لن تدمرِك مادمتِ تطورينها ومميزاتِك فيها .. كلٍ منا له مميزات .. هذا يحقق شخصية متكاملة . (5) البعد الكنسي : ===================== نشكر الله أن الكنيسة إستقطبت كل طاقاتنا وتعرفنا على أنفسنا لأن كل الأمور الشخصية والإجتماعية وجدناها في الكنيسة .. حتى الرياضة صارت أمور تُمارس تبع الكنيسة وبذلك أجد نفسي في الكنيسة .. لذلك من أكثر الأماكن التي تُظهر مدى تكامل شخصيتي هي الكنيسة .. تخيل إنسان ناجح رياضياً لكن دراسياً غير ناجح وأيضاً غير منضبط .. لا .. هذا إكتفاء بجزء فقط .. لا .. حاول أن تضبط كل أمورك .. من الأماكن التي تجعلني أعيد تشكيل نفسي هي الكنيسة .. داخلها أكتشف موهبتي وأنمو روحياً وأقيم علاقات إجتماعية وأعرف عيوبي وأعالجها لذلك هذا أمر مهم أن الكنيسة جزء من تكميل لشخصيتي صارت تساعدني بجانب البعد الروحي لأن بها مناخ روحي جميل تجعلني أنمو بسلام . راجع نفسك ستجد أن بك عيوب ومميزات وأفكار قد جاءت لنا جديدة وأفكار لابد أن تمتحنها .. ربنا يسوع كان في كل ملء اللاهوت وناجح عملياً واجتماعياً – متكامل – يذهب إلى الفريسي ويحب تلاميذه ويشفق على الجموع و ...... ربنا يسوع كان ودود حتى مع الكتبة والفريسيين الذين كانوا يريدون أن يمسكوا عليه كلمة ورغم أنه كان يعلم ذلك إلا أنه تعامل معهم بمحبة .. رأينا فيه مهارة وحكمة ومعاملة ومواقف من الحزم والحب والتوجيه والتوبيخ لذلك هو ترك لنا مثال لنتبع خطواته أن ننمو في كل شئ . ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل