العظات

تقوية الارادة

بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين فلتحل علينا نعمته وبركته من الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين كلنا نشكو من ضعف الإرادة .. أشتاق أن تكون إرادتي قوية .. أشتاق أن أقول أريد أن أصلي وبالفعل أصلي .. أشتاق أن أمتنع عن الخطية .. أشتاق لفِعل الصواب وأجد نفسي أفعله متى تُطيعني إرادتي وتسندني . من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل رومية .. ﴿ 18 فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحُسنى فلستُ أجد .. 19 لأني لستُ أفعل الصالح الذي أُريده بل الشر الذي لستُ أُريده فإياهُ أفعل .. 20 فإن كنت ما لستُ أُريده إياه أفعل فلستُ بعد أفعلهُ أنا بل الخطية الساكنة فيَّ ﴾ ( رو 7 : 18 – 20 ) .. نعمة الله الآب تحل على أرواحنا آمين . مفهوم الإرادة : ما هو مفهوم الإرادة ؟ هي أن الله خلق الإنسان حر مُريد .. كان يمكن أن يخلقنا بدون حرية أو إرادة .. يقول افعل ذلك فتُطيع .. لا تفعل ذلك وتُطيع أيضاً .. لكن الله أعطاك أن تكون معرفة الله مصحوبة بالإرادة بحيث أن تأخذ أنت القرار بالحياة مع الله أو لا تحيا مع الله .. إذاً الإرادة هي طاقِة الفِعل في الإنسان .. طاقِة القرار وفِعْل القرار .. طاقِة الحركة في الإنسان .. هي طاقِة الفِعل .. طاقة فعَّالة في الإنسان .. هي قوة تحقيق الرغبة .. هي الطاقة التي تُحقق رغبات الإنسان . هل أنا لي إرادة أن أفعل إرادة الله ؟ كثيراً لا .. ماذا يريد الله إذاً ؟ ﴿ هذه هي إرادة الله قداستكم ﴾ ( 1تس 4 : 3 ) .. ﴿ الذي يريد أن جميع الناس يخلُصون وإلى معرفة الحق يُقبِلون ﴾ ( 1تي 2 : 4 ) .. الله يريد .. الله يريدني .. يريدني مِلْك له وأكون مُطيع وقديس .. ماذا أفعل أنا ؟ لو كنت أفعل إرادته صارت إرادتي متفقة مع إرادته وكنت أسير في الطريق الصحيح ولكن إن لم تتفق إرادتي مع إرادته وسِرت بإرادتي منفصلة عنه كنت إذاً مُخطئ . ما هي الخطية ؟ هي انفصال إرادتي عن الله .. الله قال لأبينا آدم لا تأكل .. لما تكون إرادتي مثل إرادته أن لا آكُل صارت إرادتنا نحن الإثنان واحدة لكن لو كانت إرادتي أن آكُل صارت إرادتي منفصلة عن إرادته .. هي انفصال الإرادة الشخصية عن الله .. هي أن طاقة الحركة والفِعْل فيَّ تكون ضد الله .. لذلك الإرادة مهمة .. لا يمكن أن تبدأ حياة صحيحة مع الله بدون إرادة .. ولا يمكن أن تستمر مع الله بدون إرادة . الإرادة تتحكم في سلوكك ومصيرك وشخصيتك وتكوينك وميولك .. الإرادة هي محور التعرف عليك من أنت .. لذلك مهم أن تضبُط الإرادة .. الإرادة تتحكم في أمور كثيرة . يتحكم في الإرادة أمران ( بين الإحتياج والمِيل ) : 1. الإحتياج . 2. المِيل . فتجد أن الإرادة هي مُحصلة اتفاق الإحتياج والمِيل .. قد يكون شخص له احتياجات كثيرة لكن ليس له ميل إليها فلا يفعلها وقد يكون شخص له ميول كثيرة وليس له احتياج لها فلا يفعلها .. متى يفعل الشخص الشئ ؟ لما يتفق احتياجه مع ميوله معاً .. المِيل أي لديَّ رغبة والإحتياج أي أنا محتاج لهذا الشئ .. الإثنان معاً يُكوِّنان الإرادة لكن .. قد يكون لي احتياج لأمور ليس لي مِيل لها ومع ذلك أفعلها .. مثل لي احتياج أن أتناول علاج لكن ليس لي مِيل لتناوله .. ماذا أفعل ؟ أقول لابد أن أتناوله لأني مريض .. هنا الإحتياج غلب المِيل وجعل الإرادة أن أتناول العلاج .. أيضاً قد لا يكون لي ميل للتعليم لكن محتاجه .. هنا الإحتياج غلب المِيل .. هكذا العمل قد لا تحب عملك ولا تميل له لكن محتاجه لذلك تعمل . هل تكون ميَّال لكن غير محتاج ؟ نعم .. مثل الخطية .. أنا لي ميل للثروة وإن كنت غير محتاج لها كثيراً .. لي مِيل لفِعْل شهواتي وأُشبِعها .. هل محتاج لذلك .. تقول أريد أن آكل وأشتهي و...... هل هذه احتياجاتك ؟ هذه فوق احتياجاتك .. تقول لكني أميل لها .. المِيل دون احتياج = خطية .. احتياج دون مِيل = ضرورة . متى يتفق المِيل مع الإحتياج ؟ في الأمور المفيدة .. شخص أحب دراسته ولأنه أيضاً محتاج لها تفوَّق فيها .. شخص محتاج للعمل وأحبه فبدأ الإحتياج يتفق مع المِيل وكوَّنا إرادة مُستريحة . الحياة مع الله لابد أن يتحكم فيها الإحتياج والمِيل .. أنا محتاج وأميل .. في الحقيقة المِيل لله ليس سهل .. نعم أنا محتاج لكني غير ميَّال فماذا أفعل ؟ أقول لك ابدأ حتى وإن لم يكن لك مِيل . تقوية الإرادة ( خطوات عملية لتقوية الإرادة ) : لكي تُقوِّي إرادتك هناك أربعة خطوات مهمة : 1. اقتنع . 2. امتنع . 3. اجتهد . 4. استمر . 1. اقتنع : اقتنع أن العلاج مهم حتى وإن كنت لا تميل له .. أنت محتاج له حتى وإن كنت لا تميل إليه .. متى شخص يميل للعلاج أو الأشعة أو إجراء الجراحة ؟ عندما يكون محتاج ومقتنع أنه محتاج .. يقول لابد أن أتناول العلاج .. من يذهب لطبيب الأسنان ؟ عندما يكون مقتنع أنه محتاج ولا يستطيع أن يؤجل الأمر .. عندما كان ألم الضرس بسيط كان يؤجل .. هل أنا اقتنعت أن الحياة مع الله ضرورة أم لم تقتنع بعد ؟ كثيرون منا مازالوا غير مقتنعين بضرورة الحياة مع الله .. قد تقول لم يأتِ أوان معرفة الله بعد لما أكبر .. هل مقتنع بالإمتناع عن الخطية ؟ تقول ليس الآن لأن الخطية لذيذة .. الإقتناع .. هل مقتنع أن الخطية موت ؟ هل مقتنع أنها تُفقِدك سلامك ؟ هل مقتنع أن الخطية حزن وكآبة .. هي انفصال عن الله .. إنها دمار .. إنها مُرَّة ؟ أم مقتنع بالعكس أنها مُمتعة بها سلامي وأنا أريدها . القديس أوغسطينوس قبل توبته كان يقول لله ﴿ أجد في الخطية لذة عنك ﴾ .. هناك من يشعر أن الخطية ألذ من الحياة مع الله .. هذا يؤخر التوبة ويُضعِف الإرادة . أول خطوة لتقوية الإرادة الإقتناع .. اقتنع أن سلامك مع الله .. ستقضي عُمر مع الخطية هذا يهدم كيانك ويهدم إرادتك فتزداد قساوة وكلما تركت نفسك كلما زادت في تحطيمها لك .. اقتنع أن الخطية تفصلك عن الله وعن نفسك وعن الآخر .. اقتنع أن الخطية تُدمر علاقاتك حتى الإجتماعية وأنها تجلِب غضب وعنف وعِناد .. لأن الخطية تعطي الإنسان لون من ألوان اللذة المؤقتة التي يعقُبها ندم وحزن شديد .. هذا الندم والحزن يُحوِّلان الإنسان لشخص غضوب . لذلك لما تدرس الكتاب المقدس تجد أن هناك علاقة بين العنف والشهوة .. العنف يُولِّد شهوة والشهوة تُولِّد عنف وحب العالم يُولِّد شهوة .. والذات والأنانية تُولِّدان شهوة .. هل أنا مقتنع أن الخطية تتلف الكيان كله .. هل مقتنع أن اليوم أفضل من غداً ؟ أرجوك اقتنع .. لما تقتنع تستطيع أن تمتنع . 2. امتنع : لا يكفي الإقتناع .. كثيرون مُقتنعون أن التدخين ضار بالصحة .. لماذا لا تُوقِف التدخين ؟ مُقتنع لكن غير مُمتنع .. إذاً الإقتناع وحده لا يكفي لابد أن أمتنع .. أمتنع عن الصداقات الشريرة .. كلنا ضُعفاء محتاجين من يسند ويرفع .. صادِق ناس أفضل منك يرفعوك .. أنت تشكو من إرادتك الضعيفة أي محتاج ليد ترفعك ثم تأتي لشخص إرادته مُنهارة وأفكاره رديئة وكلامه ردئ وأفكاره في أمور في الخارج وتُصادِقه وأنت تشكو من إرادتك الضعيفة ؟ صادِق من هو أفضل منك يشجعك على حضور القداسات والقراءات الروحية .. صادِق شخص أفضل منك لأنك محتاج شخص يرفعك ويربطك بالمذبح . كثيراً ما يسير شخص مع آخر يرفعه وآخر يُصادِق شخص يِتلِفه .. امتنع .. امتنع عن صداقة هدَّامة .. عن رؤية أمور قبيحة .. عن حديث ردئ فيما لا يفيد ولا ينفع .. لا يكفي أن أقتنع دون أن أمتنع .. لا يكفي أن أقتنع فقط .. يوجد نزيف لابد أن يتوقف .. لا يليق أن أبدأ حياة مع الله وأنا حواسي سائبة .. لا يستقيم أن أعيش مع الله وأنا في نفس الوقت مُتصالح مع خطايا .. لذلك نحن محتاجين أن نمتنع .. ﴿ كل أسباب الخطية انزعها من أنفسنا ﴾ ( إبصالية السبت ) .. مصادر إثارة وأمور قبيحة رديئة وأنا سائر وراءها . قيل تشبيه .. يقول ما رأيك في شخص مقتنع بأمر أنه خاطئ لكنه يفعله مثل شخص يذهب للسوق ليشتري فاكهة غير طازجة أو خضروات تالفة .. هكذا ذلك الشخص مثل إنسان تذوق مرارة الخطية ويطلبها مرة أخرى .. يقول أحد الآباء ﴿ لا أذكر أن العدو قد أطغاني في خطية واحدة مرتين ﴾ .. مُنتبه للأسباب والمداخل والمخارج . 3. اجتهد : لابد أن تكون إيجابي في حياتك .. شخص اقتنع وامتنع ووقف عند حاله .. لا .. لابد لكي تستمر أن تكون لك يدين مرفوعتين .. ثابِر في جهادك وعوِّد نفسك واغصِبها .. جيد لكي تقوِّي إرادتك لابد أن تكون لك مُثابرة وجهاد .. قل للخطية لا .. اِخضِع جسدك لروحك .. عوِّد جسدك على طاعة روحك وروحك على طاعة الله .. اِغصِب نفسك .. يقول الكتاب المقدس ﴿ كل من يُجاهد يضبط نفسه في كل شيءٍ ﴾ ( 1كو 9 : 25 ) .. المكافأة كبيرة . المسيح منتظر جهدك وتعبك ليعطيك أمور لا يُعبَّر عنها .. إعطِ القليل تأخذ كثير .. ﴿ أعطِ دماً لكي ما تأخذ روحاً ﴾ .. إعطِ وقت تأخذ به أبدية .. إعطِ عقلك يستنير .. إعطِ مشاعرك تنال تقديس للكيان .. جاهد ولا تكن سلبي .. أُضبُط نفسك وصلِّ وارفع يدك ومشاعرك وقلبك لله .. والله يقويك ويسندك ويفرَّحك بشكل لا يُعبَّر عنه .. المسيح يريد أن يعطيك ما لا تتوقعه أنت بحسب غِناه .. غني ويريد أن يعطي خُذ منه .. إفتح فمك .. الجهاد قصة طويلة لذلك هناك ثلاثة كلمات تُسمَّى ( 3 ت ) : • تغصَّب . • تعوَّد . • تمتَّع . * تغصَّب : أي أصلي أم لا ؟ أنا تعبان لن أصلي .. من أكثر الأمور التي تُضعِف الإرادة الروحية أن تسلِّم نفسك للكسل لأنه عدو يأكل الإرادة .. النوم .. الراحة .. الطعام .. إن أردت أن تقوِّي إرادتك قِف ضد الكسل .. قد تقول لي أنا أميل للكسل ولا أستطيع ولا أعرف .. أقول لك تغصَّب .. فتجيب بكلمة تريد أن تقتنع نفسك بها .. هل الله يقبل صلاة من شخص يقف أمامه بتغصُّب ؟ الله يقبل من يقف أمامه بمحبة .. أقول لك قف أمامه بتغصُّب والله يقول هذا الشاب واقف أمامي رغم تعبه ومتغصب رغم تعبه . مثل شخص يقول أنا خرجت الساعة الرابعة صباحاً لعملي وأتيت من عملي إلى الإجتماع مباشرةً وآسِف لأني من التعب نمت في الاجتماع .. أُجيبه نحن نشكرك لأنه رغم تعبك مُلتزم بالاجتماع وقد أعطاك الله بركة .. يقول لكني لم أستمع للعظة .. أقول له لكن قدومك للكنيسة والتزامك واشتياقك له بركة .. مُتعب وتغصَّب وأتى للاجتماع وبالتالي نال بركة والله قَبَل عطيته وذبيحته . الله ينظر للأعماق .. هو عالِم .. إنسان مُتعب وقدَّم لله لأنه تغصَّب .. هناك أمور لا تأتي إلاَّ بالتغصُّب .. لا أتناول علاج إلاَّ بالتغصُّب .. لن أعمل إلاَّ بالتغصُّب .. الحياة الروحية بدايتها تغصُّب .. ﴿ جهاد وتعب كثيرين ينتظران المُبتدئين في الحياة مع الله ﴾ .. تغصَّب . تذكر عندما التحقت بدور الحضانة في طفولتك أول يوم ذهبت للحضانة كنت تبكي .. رافِض الذهاب والأم تتألم لكنها تقول لابد أن يتعلم ويعرف أنه ليس وحده لابد أن يتحاور ويعرف .. وتقضي اليوم كله تبكي .. في اليوم الثاني والثالث أيضاً بكاء وبالتدريج يتعوَّد على الحضانة .. التغصُّب يجلِب تعوُّد . * التعوُّد : تغصَّب على الأمور الروحية فتتعوَّد عليها .. تقول إرادتي ضعيفة .. لا .. تعوَّد على الأمور الروحية بالتغصُّب .. معروف أن جسدنا يميل للكسل .. لا تخضع لسلطان الجسد .. قم للصلاة تجد نفسك مجرد أن بدأت تريد الخِتام وإن وقفت تجد نفسك تريد الإستناد على شئ .. استندت تريد أن تجلس وإن جلست تريد أن تنام هكذا الجسد . الجسد لكي تُقوِّي إرادته قُل له قِف جيداً وكلما تحكمت في جسدك أن يقف باعتدال كلما قويت إرادتك .. كلما طاوعت الجسد وكسله كلما ضعُفت إرادتك .. إن أردت أن تعرف إرادة شخص أُنظر له كيف يقف في القداس .. قل للجسد قِف جيداً سبِّح وصلي هذا يعرف كيف يُقوِّي إرادته .. آخر لا يعرف وينهار أمام إرادته الجسدية ويعطي لنفسه الأعذار .. قد يُقبل اعتذاره يوم يومين لكن دائماً هذا إرادته ضعيفة . جيد أن يُقوِّي الإنسان إرادته الروحية .. التغصُّب يجلِب تعوُّد .. تعوَّد أن تُصلي .. تعوَّد أن تحضر القداس .. تعوَّد أن تقرأ الكتاب .. تقول هل التعوُّد في الحياة الروحية جيد ؟ هذا روتين .. أقول لك التغصُّب يجلب تعوُّد والتعوُّد يقودك للتمتُّع . * التمتُّع : تتمتع بالقداس وتحزن إن لم تحضر قداس .. تتمتع بالتسبحة والكتاب المقدس وتشعر بفقد شئ إن لم تقرأه .. هذا إنسان له مزاج روحي ويجد لذة .. تسأل لماذا لا يجعلنا الله نتمتع من البداية ؟ لأن كثيرون يدخلون الحياة الروحية بعدم صِدْق لذلك الله يريد أن يختار من هو صادِق لذلك يكون التمتُّع بعد التعوُّد والتغصُّب .. الله يريد أن يذكِّي .. الفترة الأولى تطرد الغير صادقين والدخلاء والمُرائين وأصحاب المظهرية ويتبقى لله من أرادوه بالفِعل .. هؤلاء ينالون التمتُّع . تغصُّب يجلِب تعوُّد .. التعوُّد يجلب تمتُّع 4. استمر : إن أردت أن تُقوِّي إرادتك استمر .. ميول الإنسان لا تُولد في يوم بل هي قصة .. تتولد عبر زمن .. فكيف تكون ميولك روحية في يوم ؟ هل تريد أن يتغير في يوم ما فعلته الخطية والزمن ؟ عدو الخير يحاربنا .. حرب عدم الإستمرار .. تبدأ مع الله بشحنة جيدة ولكن سريعاً ما تسقط وعندما تسقط تيأس .. وعندما تيأس تفرط في كل ما بدأت به وعندما تفرط يستطيع أن يُقنِعك أنك كلما حاولت تفشل فلا تحاول لكي لا تفشل مرة أخرى فلتكن هكذا .. تقول له لا .. سأستمر مهما كانت النتائج . استمر لكي تُقوِّي إرادتك .. وهناك قاعدة مهمة وهي أنت غير مسئول عن النتائج أنت مسئول عن الجهاد فقط .. أنت مسئول عن أن تكون أمين أمام الله وغير مسئول عن الجهاد .. ثمرة الجهاد هي من الله .. تسأل كم سيكون تقديري في نهاية العام ؟ أقول لك عليك أن تجتهد وتستذكر وأنا سأرضى بالنتيجة مادُمت قد جاهدت وتعبت .. هكذا يقول لنا الله .. كن أمين واجتهد واستمر . في أحد الأيام تقابلت مع شاب يعمل في شركة أجنبية تُنقب عن الذهب .. وقال أن الشركة لها عشرون عام تُنقب وأخيراً وجدت جبل في سيناء .. عشرون سنة تبحث وتُنقب وتعطي رواتب كبيرة وتتعب . الإنسان المُثابِر المستمر لابد أن يكون له مكافأة من الله .. إن أردت أن تُقوِّي إرادتك استمر .. قف باعتدال بجسدك أمام الله هذا له علاقة بالإرادة .. أيضاً رفع اليدين يُقوِّي الإرادة .. لما تقف للصلاة لا تضع ميعاد لنهاية الصلاة هذا أيضاً يُقوِّي الإرادة .. استمر . من أكثر الأمور التي تساعد على تقوية الإرادة الروحية الصوم وخاصة الإنقطاع .. أكثر كنيسة تضع لأولادها أصوام الكنيسة القبطية .. لماذا ؟ لأنه من الأمور التي تُدرب الإرادة .. لأن الجسد يستيقظ يريد أن يأكل ويشرب وأنا أقول له لا .. يوم فيوم تقوى إرادتي .. والذي يقول لجسده لا على قليل من الماء يعرف كيف يقول لا لنظرة شريرة أو فِعْل قبيح أو ..... الإرادة تتقوى . إتخذ قرار الإرادة في الأمور الصغيرة تعرف أن تأخذ قرار في الأمور الكبيرة .. إبدأ بالصغير .. لذلك هذا أمر مهم .. أكثِر من فترات الإنقطاع .. قل لنفسك أنا أريد أن أصلُبِك .. قل لجسدك أريد أن أُقدِّمك ذبيحة .. قول لا للجسد يُقوِّي الإرادة الروحية .. نحن في جيل كسول يُدلل نفسه .. تجد الشخص يريد أن ينام كثيراً ويأكل ما يشاء ويخضع لكل المُشتهيات والمُغريات . في النهاية هذا الجسد الذي تربى على التدليل هل يستطيع أن يطيع البِر ؟ تجد الشاب يحب النوم الكثير ويستيقظ بمشكلة لأن الجسد غير مُروض .. جسد مُسيطِر .. نقول له صوم بانقطاع ولو لفترة قليلة .. يرفض .. عوِّد نفسك أن لا تُطيع جسدك .. لا تشكو من الإرادة وأنت لا تعرف أن تُوقف جسدك للصلاة قليلاً .. هل تشكو من إرادتك وأنت لا تستطيع أن ترفع يديك .. كل هذا يصنع الإرادة .. قرار مع قرار مع ..... تُكوِّن الإرادة . ذهب للقديس أبو مقار أحد تلاميذه يشكو له من الأفكار فسأله القديس كم لك في هذه الحرب ؟ أجابهُ سنوات قليلة .. أجابهُ القديس أبو مقار أنا لي أربعين سنة لم أطاوع جسدي في أكل أو شُرب أو نوم أو راحة يوم واحد .. ما هذا ؟ استمر في جهادك وقدِّم جسدك ذبيحة .. ﴿ كُفُّوا عن الإنسان ﴾ ( إش 2 : 22 ) .. أي لا تقول للجسد نعم دائماً . في قصة شمشون يقول صعد عليَّ أسد فصارعته وشقِّيت فكه نصفين .. وفي طريق العودة .. وجد شمشون في فك الأسد خلية نحل فأخذ وأكل من الشهد .. يقول القديسون أن الجسد هو الأسد يريد أن يفترسك .. متمرد يريد أن يغلِبك ويخسَّرك الأبدية .. إن صارعته وغلبته يبدأ يقدم لك لتأكل منه .. جسدك هذا صار أسد يقدم لك طعام بدلاً من أن يُميتك .. فيصير ذبيحة لله لأنه هو الذي يصوم ويقدم ميطانية ويستيقظ مبكراً .. ميدان القتال بيننا وبين عدو الخير الفكر والجسد إن غلبته في فكرك غلبته في جسدك وإن غلبك في فكرك غلبك في جسدك ودائماً أرض المعركة ساخنة والجسد ساخن .. عدو الخير يضع في الجسد كل أسلحته وأنت أيضاً لابد أن تضع كل أسلحتك .. ﴿ هادمين ظنوناً وكل عُلوٍ يرتفع ضد معرفة الله ﴾ ( 2كو 10 : 5 ) . استمر في جهادك .. لا تتوقف .. كثيراً ما نسمع شخص يقول كنت بعد الإعتراف سالِك بجدية ثم بعد فترة شعرت بالفتور .. لماذا ؟ استمر .. لا تلتمس معونات من الخارج ولا تنتظر نتائج ولا تتوتر للنتائج .. إلقي بجهادك عليه والنعمة مسئولة أن تُكمِّل وأن تسند .. المهم أن تجاهد .. كن أمين في ما عندك .. كن أمين في عطايا الله لك .. استمر واثبت . استمر أن يكون لك تدريب روحي بسيط لفترة طويلة .. هناك قاعدة أن أي تدريب روحي ثَبَتْ فيه لفترة النعمة ترقِّيك للدرجة التالية .. الآباء يقولون أن الأمور الروحية لا تُحدد بزمن لكن قالوا استمر أربعين يوم .. من أين الأربعين يوم ؟ من حياة ربنا يسوع .. لما صام صام أربعين يوم .. والكنيسة تجعلنا نصوم أربعين يوم .. والفترة ما بين قيامة ربنا يسوع وصعوده أربعين يوم .. لأن رقم أربعين هو 4  10 .. رقم " 4 " رقم أرضي جهات الأرض الأربعة .. ورقم " 10 " رقم سماوي لأنه نهاية الأرقام .. أي حاصل الجهد الأرضي الذي أجاهده على الأرض يعطيني ثمر سماوي .. اثبت في جهادك أربعين يوم ترقِّيك النعمة للدرجة التالية .. أيضاً يقول القديسون يسوع عاش على الأرض أربعمائة شهر وخدم أربعين شهر ( 3 سنوات وثُلث ) .. إيليا سار بقوة الوجبة أربعين يوم .. وشعب إسرائيل تاه في البرية أربعين سنة .. وفترة تغرُّبهم في أرض مصر أربعمائة سنة .. اثبت في تدريب روحي أربعين يوم تدخل في الدرجة التالية . أي لو وقفت للصلاة بدون أن تفهم شئ وبكسل وتثاؤب .. اثبت لتدخل في الدرجة التالية .. قد تأخذ أربعين يوم صلاة بالشفتين بعدها تدخل صلاة العقل .. بعدها صلاة القلب ثم صلاة الروح .. أجمل شئ أن أصلي بلساني وأفهم ما أقول بعقلي وأشعر به بقلبي ويقودني روحي حيث يتحد بالله .. هذا يحتاج تدريب .. استمر . نشكو أن إرادتنا ضعيفة ونحن نبدأ الأمر ولا نُكمِّله فمتى نشبع .. لذلك الإرادة أمر جيد أن تُقوِّيه .. قف باعتدال في الصلاة بقصد تقوية الإرادة .. عندما تستيقظ للصلاة قم بسرعة .. أطِل فترة الصلاة قليلاً .. انقطع في الصوم وقل للجسد لا .. الذي يستطيع أن يفعل ذلك لن ينظر لمنظر شرير لأنه قال للجسد لا من قبل .. وتتقوى الإرادة يوم فيوم حتى تصل إلى أن تجد لذة في الله .. تبدأ تبتهج بوقفة الصلاة .. لذلك التغصُّب يؤدي إلى تعوُّد والتعوُّد يؤدي إلى تمتُّع . الأمر يحتاج منا جدية واستمرار .. محتاج أن ميلك واحتياجك يتفقا معاً .. أميل أن أحيا مع الله .. أميل أن أمكُث تحت أقدامه .. أميل أن أسبِّحه .. أي بإرادتي لذلك نقول ﴿ لا بحاسة مرذولة رافضة لمخافتك .. ولا بفكر غاش مملوء من شر الخائن .. غير متفقة نياتنا في الخبث .. بل برغبة أنفسنا وتهليل قلوبنا ﴾ ( من صلاة الصلح " يا رئيس الحياة وملك الدهور " ) .. نحن أتينا لك بفرح برغبة أنفسنا وتهليل قلوبنا .. نحن نميل أن نمكث معك .. أنت تقول إن فتح لي أحد أدخل وأتعشى معه وهو معي ( رؤ 3 : 20 ) .. لماذا يتعشى وليس يفطر أو يتغذى ؟ لأنه معروف في العُرف اليهودي أنه لا توجد مواصلات ليلاً فالذي يأتي للعشاء يبيت أي يظل أطول فترة معاً .. " أتعشى معه " أي أظل معه فترة طويلة . لما شخص يسلِّم نفسه للكسل ويطاوع كل رغباته ينام في الفجر ويستيقظ ظهراً ويلبي رغبات جسده كلها يأكل ويشرب وينام وينظر نظرات شريرة و..... هنا الإرادة منهارة .. الإرادة هي قوة الفِعْل في الإنسان .. متى إرادتي الروحية تنمو ؟ عندما آخُذ خطوة في الإرادة لذلك نحتاج أن :0 نقتنع .. نتمنَّع .. نجتهد .. نستمر لذلك قال معلمنا بولس الرسول ﴿ فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح .. لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحُسنى فلستُ أجد ﴾ ( رو 7 : 18 ) .. أنا أريد لكن لا أعلم لماذا ؟ لأني مسلِّم نفسي لقُوى الشيطان .. لكن بولس الرسول يصف هنا حال الإنسان خارج المسيح والذي يريد أن يصل للمسيح بدون المسيح .. يقول له لن تستطيع ﴿ لأني لستُ أفعل الصالح الذي أُريده بل الشر الذي لستُ أُريده فإياهُ أفعل ﴾ ( رو 7 : 19) .. لذلك قال ﴿ من يُنقذني من جسد هذا الموت ﴾ ( رو 7 : 24 ) .. ثم قال ﴿ أشكر الله بيسوع المسيح ربنا .. إذاً أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله ولكن بالجسد ناموس الخطية ﴾ ( رو 7 : 25 ) .. ﴿ لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح ﴾ ( رو 8 : 1 ) .. في المسيح يسوع الناس عاشوا ليس بحسب الجسد بل بحسب الروح . الله يعطينا أن تقوى إرادتنا فيه وبه وأن نجتهد ونستمر ولا نيأس ولا نفشل ولا نتراخى واثقين أنه يوم فيوم يُثمِر الله فينا كما قال ﴿ في المستقبل يتأصَّل يعقوب ﴾ ( إش 27 : 6 ) ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا كل المجد دائماً إلى الأبد آمين

الصليب في سفر اشعياء

الصليب فى سفر أشعياء دعى إشعياء : "النبى الأنجيلى"، ودعى سفره : "إنجيل إشعياء" أو "الإنجيل الخامس". من يقرأه يظن أنه أمام أحد أسفار العهد الجديد، وأن الكاتب أشبه بشاهد عيان لحياة السيد المسيح وعمله الكفارى خاصة "الصليب"؛ يرى صورة حية للفداء وأسراره الإلهية العميقة قال عنه أحد الآباء: [إنه أكثر من أى كتاب نبوى آخر، يحوى أكمل النبوات المسيانية التى وجدت فى العهد القديم، يشهد بطريقة أكيدة عن آلام المسيح وما يتبعها من أمجاد] + "هلم نتحاجج يقول الرب : إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج، وإن كانت كالدودى تصير كالصوف" (إش 1 : 18). هذه دعوة صريحة تعلن عن شوق الله نحو خلاص كل إنسان يقبل الشركة مع القدوس خلال الصليب. الله يطلب من الإنسان أن يدخل معه فى حوار .. ليته لا ييأس أحد من نفسه حتى وإن بلغ أقصى الشر، حتى وإن عبر إلى التعود على صنع الشر، حتى وإن حمل طبيعة الشر نفسها لا يخف .. عظيمة هى قوة التوبة + لأنشدن عن حبيبى نشيد محبى لكرمة .. كان لحبيبى كرم على أكمة خصبة .. وبنى برجا فى وسطه، ونقر فيه معصرة، فانتظر أن يصنع عنبا فصنع عنبا رديا ( بريا ) " (إش 5 : 2) يسكن صاحب الكرم فى هذا البرج لحراسته .. البرج هو مذبح الرب الذى يقام داخل النفس، والمعصرة لعصر العنب وعمل خمر الحب الذى يقدم للفرح الروحى. ما هذه المعصرة إلا صليب ربنا يسوع المسيح الذى اجتاز المعصرة وحده ولم يكن معه أحد من الأمم ( إش 63 : 3 ). قدم دمه المبذول خمر حب يفرح كل قلب مؤمن. انتظر الرب أن يجتنى حبا مقابل الحب، وتوبة وندامة مقابل غفران خطاياه، لكنه وجد قلوبا متحجرة لا تصنع ثمارا تليق بالتوبة. الكل زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله، لذا كان يليق بكلمة الله أن ينزل إلينا ككرم جديد، هو وحده يغرسنا فيه فنأتى بثمر كثير ( يو 15 : 5 ) . + أش 9 المولود العجيب جاء إبن الله متأنسا ليحمل نير الصليب بإسمنا فيهبنا كل امكانيات الخلاص. إذ يقول النبى : "لأنه يولد لنا ولد ونعطى إبنا، وتكون الرئاسة على كتفه ويدعى إسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسى داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن وإلى الأبد، غيرة رب الجنود تصنع هذا" ( إش 9 : 6 ، 7 ). كانت البشرية المؤمنة تترقب التجسد الإلهى حيث يأتى إبن الله الذى هو الخالق واهب الحياة ومجدها ليقيم طبيعتنا الميتة الفاسدة إلى صلاحها الذى خلقت عليه، بإعادة خلقتها وتجديدها المستمر فيهبها استمرارية الحياة مع الفرح والحرية. "وتكون الرئاسة على كتفه"، فقد ملك على خشبة كقول المرتل، خشبة الصليب التى حملها على كتفه بكونها عرش حبه الإلهى. سلام بين الشعوب : أ – جاء السيد المسيح ليقيم ملكوته من كل الأمم والشعوب، واهبا سلاما للمؤمنين الحقيقيين "ويكون فى ذلك اليوم أن أصل يسى القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجدا" ( إش 11 : 10 ). "ويكون محله مجدا" جاء فى الترجمة اليسوعية "يكون مثواه مجدا"، لعله يقصد أن صليبه الذى كان عارا صار بقيامته مجدا، إذ صار قبره الفارغ مقدسا للمؤمنين فيه يدركون حقيقة مسيحهم واهب الحياة والقيامة وتقول فى ذلك اليوم: أحمدك يارب لأنه إذ غضبت على ارتد غضبك فتعزينى" (إش 12 : 1) . تبدأ الترنيمة الجديدة التى ينطق بها كل من يتمتع بعمل السيد المسيح الخلاصى بالكلمات : " وتقول فى ذلك اليوم " . أى يوم هذا ؟ إنه يوم الصليب أو يوم الكفارة العظيم الذى فيه نحمد الرب الذى حول الغضب إلى خلاص وتعزية ومجد . لقد تجسم الغضب الإلهى على الخطية التى نرتكبها بصلب السيد المسيح – كلمة الله المتجسد – ليرفعنا من الغضب إلى المجد . + يهوه سر خلاصنا وقوتنا وفرحنا : "هوذا الله خلاصى فأطمئن ولا أرتعب، لأن ياه يهوه قوتى وترنيمتى، وقد صار لى خلاصا، فتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص" ( إش 12 : 2 ، 3 )اقتبست الكنيسة القبطية جزءا من هذه التسبحة لتنشدها للرب المصلوب فى يومى خميس العهد وجمعة الصلبوت، وهو: " قوتى وتسبحتى ( ترنيمتى ) هو الرب، وقد صار لى خلاصا. الله هو سر قوتنا وتسبيحنا وخلاصنا ! فى وسط مشاركة الكنيسة عريسها آلامه تسبح وتنشد؛ أما تسبحتها أو أنشودتها فهو المسيح نفسه، هو كل شىء بالنسبة لها بالمسيح المصلوب عرفنا الهتاف ( مز 89 : 15 )؛ هتاف الغلبة على إبليس وأعماله الشريرة ! هتاف الخلاص الذى به ننتقل من الشمال إلى اليمين ننعم بشركة الملكوت السماوى المفرح بالصليب تفجر ينبوع دم وماء من الجنب المطعون لنتقدس ونتطهر، ولكن نشرب ونفرح، إذ وجدنا ينبوع خلاصنا الأبدى. + أش 52 :10 قد شمر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم فترى كل أطراف الأرض خلاص إلهنا وهذا ما حدث فى الصليب مد الرب يده على خشبة الصليب أمام عيون جميع الأمم وأعلن حبه ورحمته وخلاصه للبشريه كلها لينقذ كل أطراف الأرض من عبوديتها ومذلتها + أش 53 المسيح المصـلوب يعتبر هذا الإصحاح من أروع الإصحاحات المحببة لدى المؤمنين لأنه يكشف عن سر الصليب وقوته، حيث بسط الرب يديه بالحب العملي ليخلص البشرية، كما سبق فقال: "وأخلصكم بذراع ممدودة" خر6:6. 1- الصليب سّر فائق 2- الصليب عار وخزي 3- الصليب فداء وخلاص 1- الصليب سّر فائق: يفتتح النبي حديثه عن الصليب قائلا: "من صدق خبرنا؟! ولمن استعلنت ذراع الرب؟!" إش 53: 1. يبقى موضوع استعلان ذراع الرب أو تجسد كلمة اللَّه موضوع دهش الخليقة السماوية والأرضية، كيف يصير الكلمة جسداً‍؟! 2- الصليب عار وخزي: جاء الرب المخلص كغصن ينبت قدام إسرائيل وكجذر من أرض يابسة لذلك استخف به الشعب، وخاصته لم تقبله. "نبت قدامه كفرخ" ( إش53: 2 )، إذ جاء من نسل داود كنبتة صغيرة، كغصن وهو خالق الكرمة وموجدها. جاء مختفياً، في اتضاع، لذا رُمز إليه بالعليقة الملتهبة ناراً التي تبدو نباتاً ضعيفاً لا قوة له، لكنه بلاهوته نار متقدة!جاء "قدام" إسرائيل بكونه الراعي الذي يتقدم قطيعه! "وكعرق من أرض يابسة" ( إش 53: 2 )؛ جاء ظهوره بطريقة غير متوقعة، فقد ظن اليهود أن يروا المسيا ملكاً عظيماً ذا سلطان، قادراً أن يحطم الإمبراطورية الرومانية ويقيم دولة تسود العالم؛ أما هو فجاء كجذرٍ مختفٍ في أرض جافة لا يتوقع أحد أنه ينبت ويأتي بثمر. جاء من أرض يابسة إذ ولد من القديسة مريم المخطوبة ليوسف النجار، وكان كلاهما فقيرين؛ "افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره" 2كو8، 9. جاء السيد المسيح كعْرقٍ من أرض يابسة، إذ كان اليهود في ذلك الحين في حالة جفاف شديد، جاء وسط اليبوسة ليقيم من البرية فردوساً. قالت عنه العروس: "كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين" ( نش2: 3 ). 3- الصليب فداء وخلاص: بعد أن تحدث عن الصليب من الخارج دخل بنا إلى الأعماق لنكتشف سره وقوته كذبيحة اثم وكفارة عن خطايانا، إذ يقول: "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها، ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من اللَّه ومذلولاً" ( إش 53: 4 ). + لقد سُحق وجُرح لكنه شَفى كل مرض وكل ضعف(529). القديس غريغوريوس النزنيزي "ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تُساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه" (إش 53: 7) يتحدث النبي هنا في صيغة الماضي وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم [هذه هي عادة الأنبياء في القديم أن يتحدثوا عن المستقبل كما عن الماضي(536)]. + بالتأكيد تتحدث النبوة بأكثر وضوح عن الرب يسوع عندما قيل "مثل حمل سيق إلى الذبح" ( إش53: 7 ) (بكونه فصحنا). لقد مُسحت جبهتك بعلامة (دمه) وأيضاً القائمتان، إذ حمل كل المسيحيين ذات العلامة. القديس أغسطينوس(537) + عندما دخل (بيلاطس ورجال الدين) في حوار الواحد مع الآخرين كان في سلامة، محققاً قول النبي: "لم يفتح فاه، وفي اتضاعه انتزع حكمه" إش 53: 7، 8 (الترجمة السبعينية). القديس يوحنا الذهبي الفم + لاق به أن يكون صامتاً أثناء آلامه، ولكنه لا يكون صامتاً في الدينونة.

الصليب في سفر اللاويين

الذبائح والصليب + ما هى الذبيحة : الذبيحة، فى تعريفها القديم، هى كل ما يُذبح أو يُضحىَّ به كتقدمة أو قربان للإله. وقد يكون ذلك من أجل تأسيس علاقة أو عقد ميثاق مع الإله، أو لاستعادة هذه العلاقة، أو الحفاظ عليها، أو لتذكار تأسيسها، أو لاسترضاء وجه الإله، أو لتقديم الشكر له، أو للتعبير عن التوبة وطلب الغفران منه. وبدخول الخطية إلى العالم بالإنسان الأول، آدم ، وطُرده من الفردوس ولم تكن له هو وبنيه القدرة على المثول أمام الرب القدوس، ولم يكن للإنسان الجرأة على التقدم إلى الله وخطاياه عليه، فكان إذا تراءى أمام الله لابد أن يكون الدم بيديه كجواز للمرور إلى القدس، فتقديم الذبائح، إذاً أمر خطير فـى حياة آدم وبنيه، أمر قد تعلمه يوم أنخرج مـن الفردوس "وصنع الرب الإله لهما أقمصة من جلد والبسهما" ( تكوين 3 : 21 ). هنا يظهر بوضوح حنان الله ورفقه بالإنسان وسعيه ليستر عريه، كما يتضح أيضاً أن الرب الإله ذبح ذبيحة من أجل الإنسان، وأخذ جلد الذبيحة وصنع منه أقمصة ليكسو بـها عرى آدم وحواء !. وإلا فمن أين أتى الله بالأقمصة الجلد؟ فآدم الذى تعرى بالخطية، لم يستطع أن يكسو نفسه ويستر عريه، ولم ينفعه ورق التين - الذى حاول أن يتغطي به - لذلك ستره الله بأقمصة صنعها بيده من جلد الذبيحة التى ذبحها أمام آدم . وأنه لأمر جدير بالانتباه أن كلمة ” يكفَّر“ فى العبرية تعنى ( يغطى) أو (يستر) حيث التكفير هو ستر الخطايا وتغطيتها من خلال الذبيحة وسفك الدم وخلع بر الذبيحة ليكتسى به الخاطئ، تماماً كما سلخ الله جلد الذبيحة ليكسو بـها آدم وحواء. ولا شك أن كل هذا الذى صنعه الله من أجل آدم الذى أخطأ كان يحمل فى طياته أحشاء رأفات الله وحبه العجيب للإنسان ورحمته الثابتة نحوه وقصده الأزلى فى فدائه والتكفير عنه بذبيحة قادرة أن تستر عريه الروحى وتنـزع خطيته وتُلبسه ثوب البر الذى لا يبلى المصنوع بيد الله . كان هذا التعليم لتقديم الذبائح شفاهياً توارثه الأبناء عن الآباء بالتقليد ثم رسم الله له تفصيلاً دقيقاً لطقس تقديم الذبائح ضمّنه كل الأوجه المتعددة التى للذبيحة الواحدة على الصليب، إلى أن جاء ملء الزمان وأرسل الله ابنه مولوداً من العذراء لتفرح البشرية كلها بمجىء الذبيحة المُخلصة من الموت، المُنقذه من الهلاك، المتممة للناموس، المُظهره لمحبته. كما لا نشك أيضاً أن آدم نفسه قد تسلم مما صنعه الله أمامه، ضرورة الذبيحة للتكفير عن الخطايا والتماس رضا الله ورحمته. ولقد سار ابناء ابينا ادم علي هذا النهج في التقرب الي الله في تقديم الذبائح، فنجد ان قايين وهابيل، ونوح ايضاً بعد الطوفان قدم ذبائح، وابراهيم ايضاً قدم ذبائح واولاده اسحاق ويعقوب،وايضا ذبيحة الفصح عند خروج الشعب الاسرائيلي من ارض مصر. + شروط الذبيحة المُقدمة: اولا: لابد أن تكون الذبيحة حيوانية غير عاقلة، أى غير قابلة للخطية والتعدى، لذلك أمكن أن تُوضع بديلاً عن الخاطىء المعترف بخطيته ( لاويين 5:5 ). وبراءتـها من الخطية براءة كاملة جعل موتـها معتبراً فدية أو ضحية حقيقية ( تكوين 22 : 13 )، كذلك كان عدم قابليتها للخطية إشارة رائعة إلى السيد المسيح الذى لم يخطىء قط، ولم يكن ممكناً أن يخطىء قط، بسبب لاهوته الذى جعله معصوماً عن الخطأ عصمة كاملة. ثانياً: كان يلزم أن تقدَّم ذبائح كل يوم، ويُسفك دمها كل يوم، لأن فسادها الطبيعى كان يمنع دوام أثرها !! لأنه دم تيوس وعجول! فالحياة التى فيه أرضية مؤقتة. وكان تكرار سفكه كل يوم بمثابة إعتراف بعدم نفعه "وإشارة هامة إلى لزوم ذبيحة تبقى حية تقدم مرة واحدة". الذى ليس له اضطرار كل يوم مثل رؤساء الكهنة أن يقدم ذبائح أولاً عن خطايا نفسه ثم عن خطايا الشعب، لأنه فعل هذا مرة واحدة، إذ قدم نفسه ( عبرانيين 7: 27 )، فلا يمنعها الموت عن البقاء (عبرانيين 7: 23)، وإذ تظل كما هى حية يظل دمها فعالاً إلى أبد الآبدين. ثالثاً: كما يذكر سفر اللاويين أنواعاً كثيرة من الذبائح تختلف طرائق تقديمها، مما يشتت ذهن القارىء لأول وهلة من كثرة تفاصيلها، ولكنها تعكس فى الواقع طبيعة الخطية وتشعباتـها وتعقيداتـها. وما استلزم ذلك من ذبائح وتقدمات وطقوس كانت كلها إشارة إلى ذبيحة المسيح التى لم يكن ممكناً قط أن يستوفى عملها ذبيحة واحدة أو طقس واحد من هذه الطقوس. + ذبيحة المحرقة: + ان اهم وجه من اوجه الصليب في ذبيحة المحرقة هو طاعة الابن للاب، وهي الطاعة التي عاشها وتممها المسيح طوال فترة خدمته وحتي الصليب. "هانذا اجيء لافعل مشيئتك يا الله" (عب10: 7( "لاني قد نزلت من السماء ليس لاعمل مشيئتي بل مشيئة الذي ارسلني" (يو6: 38) "ينبغي ان اعمل اعمال الذي ارسلني" (يو9: 4) ولتاكيد ان المسيح يعمل هذه الاعمال بارادته "لهذا يحبني الاب لاني اضع نفسي لاخذها ايضا، ليس احد ياخذها مني بل اضعها انا من ذاتي، لي سلطان ان اضعها ولي سلطان ان اخذها ايضا. هذه الوصية قبلتها من ابي" (يو10: 17 -18) "الكلام الذي اكلمكم به لست اتكلم به من نفسي، لكن الاب الحال في هو يعمل الاعمال" (يو14: 10) وقمة الطاعة تظهر جلية حين "اطاع حتى الموت، موت الصليب" (في2: 8) اوضحت الذبيحة بذل المسيح ذاته الي التمام "انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو10: 11) وتاكيداً علي قبوله للعمل العظيم من الآب قال "الكاس التي اعطاني الاب، الا اشربها" (يو18: 11) ونجد مسرة الاب في عمل الابن "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت3: 17) + من خلال هذه الذبيحة ينكشف لنا الطاعة العجيبة التي اكملها الابن نحو الاب وتكميل مشيئته، مما يؤكد علي العلاقة الخاصة بينهم، وهي البنوة، المسيح لم ياخذ هذه البنوة بالاختطاف ولا بالادعاء بل لانه حقق واجبات هذه البنوة. ويكون بذلك قد نفذ مشيئة الاب وبالتالي مشيئته الخاصة لانهم واحد "انا و الاب واحد" (يو10: 30). + وايضاً نجد في ذبيحة الصليب، كذبيحة المحرقة، مسرة فائقة لقلب الاب، كما نصلي في الجمعة العظيمة والتسبحة اليومية ((هذا الذي اصعد ذاته ذبيحة مقبولة علي الصليب عن خلاص جنسنا، فاشتمه ابوه الصالح وقت المساء علي الجلجثة)) + ونجد ان ذبيحة المحرقة هي اول الذبائح في الترتيب، بدونها لا يمكن تقديم ذبائح الخطية، الاثم، السرور، القربان. وهذا يؤكد علي انه بدون ارضاء الابن للاب وتقديم الطاعة حتي الموت لما كان هناك مغفرة للخطايا او سلام للانسان. + ولا نجد في هذه الذبيحة اي ذكر للخطية، بل يدعوها الطقس "محرقة وقود رائحة سرور للرب" (لا1: 13)، وفي نفس الاصحاح يقول عن ذبيحة المحرقة انها "للرضا" (لا1: 3) + تامل روحي: في الاعتراف وقبل ان نطرح خطايانا علي المسيح يجب ان نتقدم اليه في طاعة مثل الشاه التي تساق الي الذبح.. + مواد الذبيحة: البقر، الغنم (ضان او ماعز)، ( من اثمن الحيوانات، ومن الحيوانات الطاهرة المُصرح باكلها، كما ان البقر صالح للعمل)، باختصار اراد الله ان يقدم الشعب اغلي ما يملك له. وايضاً اليمام او الحمام ( طلب الله الا يثقل علي الفقراء في تقديم الذبائح الثمينة، فكانت هذه الذبيحة لفقراء الشعب). + طريقة تقديم الذبيحة: (1) يحضر مقدم الذبيحة بذبيحته الي باب خيمة الاجتماع، وهذا دليل علي اقرار مقدم الذبيحة بخطيته. (2) ثم يضع يده علي الذبيحة، فيرضي الله عليه، اي ان ذبيحته تكون كفارة عنه. (كفارة تعني cover اي غطاء والمقصود بها، انها تستر الخطايا وتغفرها)، فيها يكون صاحب الذبيحة قابلاً ان تكون الذبيحة نائباً عنه، فتنتقل خطية الانسان الي الذبيحة، فتحمل الذبيحة الخطية، وتموت نيابة عن الانسان. (3) ثم تُذبح الذبيحة عند المذبح من ناحية الشمال، وفي هذه الاثناء كان الكهنة يستقبلون الدم في طشوط خاصة، ثم كان يرش يسكب علي المذبح من الناحية الشمالية الشرقية ثم الجنوبية الغربية. وسكب الدم مستديراً يشير الي كمال عمل الذبيحة. (4) ثم كانت الذبيحة تسلخ ثم تقطع الي اجزاء. ثم يضع الكهنة ناراً علي المذبح، (اصل هذه النار التي ارسلها الله لتاكل الذبيحة في تنصيب هارون وبنيه، وكانت نار لا تطفأ) ويُرتب الحطب علي المذبح لتغذية النار، ثم يرتب بني هارون الكهنة قطع المحرقة، الراس مع الشحم فوق الحطب. + تقدمة القربان: + هذا الوجه من اوجه الصليب نجده واضحاً في آلامه الناسوتية، اي آلام الطبيعية التي عاناها بالجسد، اشارة وتوضيح الي سر التجسد. لان الالام الجسدية التي تالم بها المسيح تثبت قطعاً انه اتخذ جسداً حقيقياً. وهناك العديد من الاثباتات التي تؤكد وجود الطبيعة الناسوتية في يسوع المسيح: "بكى يسوع" (يو11: 35) ، "لما خرجوا من بيت عنيا جاع" (مر11: 12) + ذكر الوحي وصفاً دقيقاً لهذا الدقيق. فكان هذا الدقيق ملتوتا بزيت، ثم مسكوباً عليه الزيت. وقد تمت هذه الرموز في حياة المسيح حين، (الدقيق الملتوت بالزيت) حين حبل به بالروح القدس. ثم (سكب الزيت) اشارة الي مسح المسيح بالروح القدس في العماد. + ثم نجد الدقيق الملتوت بالزيت والمسكوب عليه زيت يضاف اليه لباناً اي بخوراً لوضعه علي النار، والبخور المعروف عنه انه رمز للصلاة والخدمة والعمل والجهاد، اما النار فهي تشير الي الاختيار والآلام. وهكذا حين توضع الاقراص في النار علي المذبح تكون قد وفت جميع حدود عمل المسيح الذي اكمله بكمال ناسوته الالهي، فخرجت رائحة اعماله وصلاته بخوراً امام الله الآب في السماء. + ثم يضيف الكتاب بوشع ملح علي التقدمة اشارة الي عدم فساد ذلك الناسوت. + بعد تقديم جزءً منها كتقدمة، ياكل بني هارون الباقي في دار الخيمة. تنبيه هام: ان تقدمة القربان، مختلفة عن الذبيحة المقدمة الان، الخبز والخمر المقدمة علي المذبح، لان هذه التقدمة تشير فقط الي ما اكمله المسيح منذ ان اعتمد في نهر الاردن الي ما قبل الصليب مباشرة، فهذه الذبيحة فقط تخص بالاشارة الي حياة المسيح وخدمته قبل الصليب. نجد ان ذبيحة العهد الجديد المقدمة علي المذبح هي خبز مختمر لا كفطير، لان الفطير يشير الي حياة المسيح قبل الصليب فقط واعماله التي كانت خالية من الخمير، التي هي رمز للشر. اما وقد حمل خطية العالم في جسده علي الصليب وقدم ذاته ذبيحة خطية عنا، لذا الزم ان يضيف الخمير في الخبز المقدس المُقدم في القداس، اشارة الي الخطية التي حملها في جسده. لان ذبيحة القداس الالهي تشمل حياة المسيح قبل وبعد الصليب، واصرت الكنيسة علي دخول الخبز المختمر الي النار حتي تموت الخميرة كما ماتت الخطية في جسد المسيح القائم من الاموات. نستنتج من ذلك ان الخميرة موجوده بالقربان لكنها ميتة بفعل النار، كذلك "الان قد اظهر مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه" (عبر9: 26) ونلاحظ ايضاً ان تقدمة القربان تكون مملحة بالملح، لحفظ التقدمة من الفساد، اشارة الي طهارة مخلصنا وعدم الفساد لا في حياته ولا في موته. + تقديم التقدمة: كان مقدم التقدمة ياتي بها الي بني هارون الكهنة، فياخذ الكاهن ملء قبضته من الدقيق والزيت. وكان هذا المقدار يوضع علي المذبح ليوقد مع اللبان كله. + ذبيحة السلامة: + في هذه الذبيحة نجد اشارة هامة، ان للشعب نصيباً مع الكهنة في اكل الذبيحة. وقد سميت الذبيحة باسم ذبيحة السلامة لما فيها من سلام قد حدث بسبب سفك دم، مشيرة الي دم المسيح المسفوك المعطي السلام. + ذبيحتي الخطية والاثم تشيران الي رفع الخطية عنا، فان ذبيحة السلامة توضح لنا الاشتراك في ذبيحة المسيح بأكلها. "انا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء ان اكل احد من هذا الخبز يحيا الى الابد والخبز الذي انا اعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم (يو6: 51)، وايضاً هي شركة ابدية وليست مؤقتة "من ياكل جسدي ويشرب دمي فله حياة ابدية وانا اقيمه في اليوم الاخير" (يو6: 54)، ويعبر موسي النبي عن هذا فيقول "ولحم ذبيحة شكر سلامته يؤكل يوم قربانه. اللحم ياكل كل طاهر منه" (لا 7: 15، 19) + وقد وضع الله علي لسان موسي شرط اساسي في ذبيحة السلامة "واما النفس التي تاكل لحما من ذبيحة السلامة التي للرب و نجاستها عليها فتقطع تلك النفس من شعبها" (لا7: 20)، بالرغم ان الاشتراك في الذبيحة ممكن ومتاح للكل الا انه يجب ان الشخص طاهر لينال البركة، لا اللعنة. + ولكي نوضح معني الاستحقاق للاشتراك في الذبيحة يقول موسي النبي ان النفس التي تشترك بالاكل من هذه الذبيحة و "نجاستها عليها"، لم يقل فيها، انها تُقطع من شعبها. وهو هنا يشير الي اثر الخطية في الانسان، لا الخطية نفسها. لان "ان قلنا انه ليس لنا خطية نضل انفسنا و ليس الحق فينا" (1يو1: 8) والخطية كائنة فينا حسب قول الرسول "لكني ارى ناموسا اخر في اعضائي يحارب ناموس ذهني و يسبيني الى ناموس الخطية الكائن في اعضائي" (رو7: 23) وليس معني الخطية ساكنة فيّ، ان اكون عبداً لها. فيجب ان احارب اعضائي التي تشتهي الخطية، لان المسيح صار لي ناموس اخر يعمل ضد الخطية "لان ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية و الموت" (رو8: 2) + طقس تميم هذه الذبيحة كان نفس الطقس المتبع مع باقي الذبائح الحيوانية الاخري، باختلاف ان الانسان حين يضع يده علي راس الحيوان ويعترف بخطيته مقرناً ذلك بحمد الله وشكره. + وقد حدد الله ان يقدم الشحم والكليتين من الذبيحة فقط، لان الشحم من اثمن اجزاء الذبيحة، اما نصيب الكاهن فكان الصدر (صدر الترديد) والساق اليمني الامامية (ساق الرفيع)، وباقي لحم الذبيحة ياكله مقدم الذبيحة مع اهله واصدقائه. + ذبيحة الخطية: + ان ذبيحة الخطية تكشف عن وجه هام جداً من اوجه الصليب، فعند تقديم هذه الذبيحة يضع مقدمها يده علي الذبيحة معترفاً بخطاياه فتنتقل خطاياه الي الذبيحة المُقدمة، وتذبح الذبيحة عوضاَ عن الانسان الخاطئ. + هكذا ايضاً علي الصليب، تقدم لله الآب حاملاً خطايا وآثام ونجاسات الانسان "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر الذي بجلدته شفيتم" (1بطر2: 24) + ذبيحة الخطية لا نجد فيها اي مجال لمسرة الآب ولا يوجد فيها رضي. بل علي النقيض، نجد وجه الآب ينجب عن الابن بسبب ما كان يحمله من نجاسات الانسان وخطاياه العديده. او باختصار عندما كان في موقف العار والفضيحة "اذ صار لعنة لاجلنا لانه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة" (غلا3: 13)، ومن اجل هذا نسمعه علي الصليب ايضاً يقول "الهي الهي لماذا تركتني" (مت27: 46)، (رغم انها اشارة الي مزمور الصلب) وما ذلك الا لانه ضمناً وقف موقف الخطاة او بالحري موقف الخطية ذاتها "الذي لم يعرف خطية خطيةلاجلنا" (2كو5: 21). + نجد المسيح حين قدم كذبيحة الخطية حمل كل خطايا العالم بارادته كمذنب ومن ثم فكان له موقف العار واللعنة. + وقد عبَّر نخلصنا عن هذا الوجه من اوجه الصليب بقوله "ان امكن فلتعبر عني هذه الكاس" (مت26: 39)، مع اننا سمعناه يتحدث قبلاً "الكاس التي اعطاني الاب الا اشربها" (يو18: 11). + في الصليب نجد عملان متداخلان يظهران متعارضان، ولكن الطقس في العهد القديم لم يترك محلاً للتعارض، فالمسيح اكمل علي الصليب عملين لنفس الذبيحة هما: ذبيحة المحرقة للرضي والسرور، وذبيحة الخطية. لقد كان المسيح يفرح بالصليب ويُقبل اليه كعلامة طاعة واظهار بّر البنوة, وكان يليق ايضاً ان يرتعب من الصليب كعار وعلامة لعنة. + اذا قارنا بين عمل الذبيحتين (في العهد القديم) وذبيحة المسيح علي الصليب، نجد ذبيحة المحرقة تعبر عن موقف المسيح علي الصليب ببره الشخصي، فينال الرضا والمسرة بالضرورة، بينما نجد ذبيحة الخطية تعبر عن موقف المسيح امام الله وعليه نجاسات الانسان. + مقارنة اخري ايضاً، ففي ذبيحة المحرقة كانت تفحص بالسلخ والتقطيع والغسل، اشارة الي الفحص الذي اثبت بر المسيح وقداسته. ولا نجد مثل هذا الفحص في ذبيحة الخطية بل العكس كان الكاهن يخرج بها خارج الهيكل وخارج المحلة كلها، اشارة الي عدم ترائيها امام الله او الي عدم امكانية رؤية الله لها توضيحاً لجُرم الخطية وشناعتها "فان الحيوانات التي يدخل بدمها عن الخطية الى الاقداس بيد رئيس الكهنة تحرق اجسامها خارج المحلة. لذلك يسوع ايضا لكي يقدس الشعب بدم نفسه تالم خارج الباب. فلنخرج اذا اليه خارج المحلة حاملين عاره" (عب13: 11- 13). + لا مجال لقائل ان يقول ان المسيح جاز فترة ما بعيداً عن الله او ان الاب انفصل عنه وتركه. كشرح للقول "لماذا تركتني" ولكنه كان يتمم عملين معاً. + وايضاً عندما قال المسيح "الهي الهي لماذا تركتني" قد تُفسر من البعض، ان المسيح كان يتكلم بناسوته، وهذا تعليم وتفسير غير سليم، لان لاهوته لم يُفارق ناسوته في القول والفعل، لحظة واحدة ولا طرفة عين. + وايضاً عندما قال المسيح "الهي الهي لماذا تركتني" او "فلتعبر عني هذه الكاس"، قد يدعي البعض ان المسيح كان يتكلم تحت تاثير الآلام. المسيح لم يتغير فهو الذي قال "انا والاب واحد" (يو10: 30) وايضاً "الاب الحال في هو يعمل الاعمال" (يو14: 10) وايضاً " الابن الوحيد الذي هو في حضن الاب هو خبر" (يو1: 18) وايضاً "ابن الانسان الذي هو في السماء" (يو3: 13) فالمسيح لم ينقسم علي نفسه قط، ولا انقسمت طبيعته ولا تكلم بلسانين ولا ابدي مشيئتين، ولا عمل عملاً نسخ به عملاً سابقاً. + هكذا نجد المسيح علي الصليب قام بعملاً واسع الاختصاصات واكمل بالصليب صوراً عديدة متضاعفة الاثار، لكن البشرية لم تستطع ان تفهم هذا العمل بسبب عجزها عن فهم مثل هذه الامور. - هكذا نجد ان المسيح اكمل علي الصليب ذبيحة (تعبر عن ذبيحتين من ذبائح العهد القديم) ليكمل عملين لازمين متلازمين: +اولاً: تقديم بره الشخصي في طاع محكمة ومشيئة مذعنة حتي الموت، موت الصليب بسرور "كما من حمل بلاعيب" (1بط1: 19)، فقبل مرضياً عنه كرائحة سرور (ذبيحة المحرقة) + ثانيا: تقديم نفسه حاملاً خطايا الانسان ونجاساته "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر الذي بجلدته شفيتم" (1بطر2 : 24)، متألما متمنَّعا (اذ لم يكن معقولاً ان يحمل الخطية بسرور). وقبل بحزن عظيم ان يصلب خارج اورشليم كحامل عار ولعنة الانسان (ذبيحة الخطية) + ولا يظن احد ان هناك تمايزاً بين الذبيحتين او الموقفين الذين وقفهما الابن علي الصليب، فالمجد الذي حصّله الابن علي الصليب كذبيحة محرقة لاظهار بره وطاعته لا يوازي المجد الذي صار له لصلبه وهو حامل خطايانا، وحمله عار الانسان علي خشبة. ورفع لعنة الموت عن الانسان. لان الاولي تتناسب مع كمالاته، اما الثانية فعجيبة حقاُ يصمت عنها اللسان وينعقد التعبير ولا نعلق عليها الا بقول اشعياء النبي: "اثامهم هو يحملها. لذلك اقسم له بين الاعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من اجل انه سكب للموت نفسه واحصي مع اثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (اشع53: 11- 12) + ولا يفوتنا ما اغتنمه بولس الرسول بالروح للاستعلان من هذه الذبيحة في قوله: "ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه. فاني احسب ان الام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن فينا. (رو8: 17- 18) + ذبيحة الاثم: + تتلخص ذبيحة الاثم في خطية الانسان تجاه اقداس الله، او خيانة بيته، او اهانة اسمه العظيم القدوس، او افساد وتنجيس نذر ينذره الانسان لله. هذه خطية خطيرة ولا يمكن ان نضعها في مستوي خطية الانسان تجاه الانسان. لذلك حرص الطقس ان يفرزها وحدها ويلقي عليها ضوءاً خاصاً لتظهر شناعتها المضاعفة، فجعل ذبيحة خاصة هي ذبيحة الاثم. + ولقد افرد لها الطقس اليهودي ذبيحة خاصة، لكنها ستدخل ضمن حدود عمل الصليب. ويجب ان نتاكد ان المسيح اكمل عنا ذبيحة اثم. فلم يعد يُحسب علينا خطية ضد اقداس الله او اسمه العظيم او كل ما يدنس او يفسد نذرنا امامه، طالما تمسكنا بثقة هذا الرجاء في دم المسيح كذبيحة اثم خاصة لنا كما يحدثنا النبي اشعياء "اما الرب فسربان يسحقه بالحزن، ان جعل نفسه ذبيحة اثم" (اش53: 10)

الصليب فى سفر الخروج

الصليب فى سفر الخروج هذا السفر نعطى فترة زمنية من موت يوسف وحتى صنع خيمة الإجتماع حوالى 145 سنة وكتب خلال التيه فى البرية حوالى سنة 1406 ق.م. ويدور موضوعه الرئيسى فى تسجيل قصة إخراج الرب لشعبه إٍسرائيل من مصر أرض العبودية إلى كنعان أرض الموعد ومنه نرى بوضوح رموز رائعة من خلال شخصيات ومواقف تشير إلى الصليب الذى حمله وصلب ومات يسوع من أجلنا كلنا ومن خلال مقارنة بين النص فى سفر الخروج كرمز وما جاء فى العهد الجديد كتحقيق وكمرموز إليه فى شخص المسيح الفادى من خلال الصليب.الرمز المرموز إليه (تحقيق الرمز)

الصليب فى سفر التكوين

الصليب فى سفر التكوين الصليب فى فكر الله منذ الأزل وأعلنه الوحى الإلهى لنا فى الكتاب المقدس من خلال نبوات ورموز وعلامات كثيرة ندرس بعض منه فى سفر التكوين :- الصليب فى حياة أبونا آدم : تك 14:3 قال الله للحية أضع عداوة بينك وبين المرأة ، وبين نسلك ونسلها ، وهو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه وقد وضع الله عداوة بين إبليس والمرأة حتى يأتى السيد المسيح من نسل المرأة – دون زرع بشر – يسحق رأس الحية بالصليب التى سحقت عقب البشرية ... الصليب فى حياة هابيل الصديق:- ذبيحة هابيل الصديق كانت ترمز الي ذبيحة المسيح المحروقه علي الصليب وكانت مقبوله عند الله . احبنا المسيح ايضا و اسلم نفسه لاجلنا قربانا و ذبيحة لله رائحة طيبة (أفسس 5 : 2)وحين يقول الكتاب حسده لأخوه وقتله فى الحقل وهذا ما حدث مع السيد المسيح فصلبه على أيدى اليهود الذين أسلموه حسداً وصلبوه فى فستان الصليب فى حياة نوح :- كان الطوفان رمزا لعمل التجديد للطبيعة البشرية ، والفلك رمزا للصليب الذى حمل السيد المسيح معلقا لأجلنا ، فحمل فيه الكنيسة التى هى جسده المقدس ، كان لا بد من هلاك العالم القديم [ اإنسان القديم ] فى مياة المعمودية ليقوم العالم الجديد أو الإنسان الجديد الذى على صورة خالقه يحمل جدة الحياة أو الحياة المقامة فى المسيح يسوع إقامة مذبح للرب :- بدأت الحياة الجديدة بالعبادة خلال الذبيحة كما خلال الصليب ، فانتزعت اللعنة عن الأرض ( ع 21 ) ... أخيرا ما قدمه نوح كان رمزا لعمل السيد المسيح الذبيحى فى كنيسته ، وكما يقول الكاهن : [ الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا ، فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة ] . أقام الله ميثاقا مع نوح وبنيه ، وجعل قوس قزح علامة للميثاق بينه وبينهم ، وبينه وبين نسلهم من بعدهم ، إذ جاء التأديب خلال الطبيعة ( الطوفان ) أقام الله العلامة فى الطبيعة علانية ( قوس قزح ) ، أما فى العهد الجديد إذ حمل السيد المسيح تأديبنا فى جسده جعل العلامة فيه خلال جراحات الصليب . الصليب فى حياة أبونا إبراهيم :- معركة كدرلعومر ورد السبي ورد الأملاك كانت إشارة واضحة لمعركة الصليب بين ربنا يسوع والشيطان التي فيها إسترد ربنا يسوع المسبيين والتي فيها يسوع جرد الرياسات والسلاطين وأظهرهم ظافراً بالصليب الحيوانات المشقوقة والطيور : بقى اليوم كله فى طاعة لله يزجر الجوارح دون أن يرى شيئا أو يسمع صوتا ، وقبيل مغيب الشمس صار فى سبات ووقعت عليه رعبة مظلمة وعظيمة .. لماذا ؟" غابت الشمس فصارت عتمة ، وإذا تنور دخان ومصباح نار يجوز بين تلك القطع " ( ع 17 ) ، إشارة إلى خلاص الناس فى الرب واستنارتهم بالروح القدس النارى . الرب الراقد على الصليب إذ ينزل إلى الجحيم يحملنا على كتفيه ويخرج بنا كما بأملاك جزيلة ، حاملا غناه ، وواهبا إيانا غنى الروح ، حتى متى جاء غروب العالم وإنقضاء الدهر يعلن خلاص أجسادنا ، ويعلن يومه العظيم كما بنار . ذبيحة اسحق الذي قدم ذاته للموت هو رمز لذبيحة الصليب حيث بذل الرب يسوع نفسه كرائحة ذكيه لله أبيه .(فيلبي2: 6)"اذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس و اذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه و اطاع حتى الموت موت الصليب لذلك رفعه الله ايضا و اعطاه اسما فوق كل اسم"" فقال إبراهيم لغلاميه : إجلسا أنتما مع الحمار ، وأما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد ثم نرجع إليكما ... فأخذ إبراهيم حطب المحرقة ووضعه على إسحق إبنه وأخذ بيده النار والسكين وذهب كلاهما معا " ( ع 5 ، 6 ) . الخادمان اللذان أمرهما إبراهيم بالبقاء مع الأتان يشيران إلى الشعب اليهودى الذى لم يستطع أن يصعد ويبلغ إلى موضع الذبيحة ، إذ لم يريدوا الأيمان بالمسيح ، الآتان تشير إلى المجمع اليهودى ، والكبش الموثق فى الغابة بقرنيه يبدو أنه يرمز إلى المسيح ، لأن المسيح أوثق بين الأشواك بقرون إذ علق على خشبة الصليب وسمر بالصليب كان الكبش قويا ، وربطه إشارة إلى إرادة السيد المسيح أن يربط لاهوته حتى يتمم عملية الفداء الذى جاء من أجله .. ولا ينتقم من صالبيه ! عندما حمل إسحق الخشب للمحرقة كان يرمز للمسيح ربنا الذى حمل خشبة الصليب إلى موضع آلامه ، هذا السر سبق فأعلنه الأنبياء ، كالقول : " وتكون الرئاسة على كتفيه " ( إش 9 : 5 ، 6 ) أما القول : " فذهب كلاهما معا " فتشير إلى أن هذه الذبيحة هى ذبيحة إبراهيم كما هى ذبيحة إسحق ، قدم إبراهيم إبنه الوحيد خلال الحب الفائق ، وقدم الإبن ذاته خلال الطاعة الكاملة ، فحسبت الذبيحة لحساب الأثنين معا . الصليب فى حياة أبونا يعقوب :- السلم : إذ انطلق يعقوب هاربا من وجه أخيه عيسو ، محروما من عاطفة والديه واهتمامهما ، صار فى الطريق وحده معرضا لمخاطر كثيرة ، وسط هذا الضيق وضع يعقوب رأسه على حجر واضطجع فى ذلك الموضع ليرى السموات مفتوحة ، وسلما سماويا منصوبا على الأرض رأسه يمس السماء ، الأمر الذى لم يكن ممكنا أن يشاهده حين كان مدللا فى الخيمة تهتم به والدته وتضع الوسائد الناعمة تحت رأسه ! وسط الضيق والحرمان يتجلى الله ليسد كل عوز ويعطى بفيض أكثر مما نسأل وفوق أن نطلب إن كان الحجر هو السيد المسيح فإننا لا ننعم به فى حياتنا ؛ إذا كنا نعيش مدللين نطلب الإتكاء على الآخرين أما السلم الذى رآه يعقوب فهو صليب ربنا يسوع المسيح الذى بالإيمان نرتفع خلاله لننعم بالسماء عينها ثم أخذ الحجر وأقامه عمودا وصب عليه زيتا ،وانفتاح السماء على الأرضيين : فقد تمت المصالحة خلال السلم الحقيقى : " صـليب ربنــا يســــــوع " قطع العهد بين يعقوب ولابان:- رأى لابان أنه من الحكمة أن يقيم عهدا مع يعقوب صهره حتى لا يسىء أحدهما إلى الآخر ، وقد أقام يعقوب عمودا ، ثم عملوا رجمة ( كومة ) من الحجارة ليأكلوا عليها وليمة مصالحة ، ويكون العمود والرجمة شهادة وتذكارا للميثاق الذى قطعاه إن هذا العمود يشير إلى صليب ربنا يسوع الذى ارتفع على جبل الجلجثة مقدما جسده ودمه ذبيحة حب لنا وأقام هناك مذبحا ودعاه إيل إله إسرائيل " 20:33. أى دعاه : [ الله إله إسرائيل ] ، فقد جاء ليستقر فى حضن الله خلال الذبيحة المقدسه ليكن لنا فى قلبنا مذبح للرب ، فتكون أعماقنا كنعان الروحية التى يتجلى الله فيها خلال ذبيحة الصليب ! الصليب فى حياة يوسف المفترى عليه :- إذ نزل يوسف من بيت أبيه بالحب يبحث عن إخوته الضالين يقول الكتاب : " فلما أبصروه من بعيد قبلما اقترب إليهم احتالوا له ليميتوه ، فقال بعضهم لبعض : هوذا هذا صاحب الأحلام قادم ، فالآن هلم نقتله ونطرحه فى إحدى الآبار ونقول وحش ردىء أكله ، فنرى ماذا تكون أحلامه " ( ع 18 – 20 ) . تشفع فيه رأوبين فلم يقتلوه بل خلعوا عنه القميص الملون وألقوه فى بئر ماء فارغ . وإذ جلسوا يأكلون رأوا قافلة إسمعيليين قادمة من جلعاد جمالها محملة كثيراء وبلسانا ولاذنا لينزلوا بها إلى مصر فأشار عليهم يهوذا ببيعه عبدا لهم ، فباعوه بعشرين من الفضة ، وإذ رجع رأوبين إلى اخوته لم يجد يوسف فى البئر فمزق ثيابه ولم يعرف كيف يتصرف . ما فعله اخوة يوسف هنا حمل رمزا لما فعله اليهود مع السيد المسيح فى جوانب متعددة منها :- أ – لقد تحمل يوسف تعنيفا مرا من اخوته ، وقدم اليهود لوما للرب قائلين : " إننا لم نولد من زنا " ( يو 8 : 41 ) .. ب – عنما رأى اخوة يوسف اخوهم قادما ، ناقشوا موته ، وذلك كما فعل اليهود بيوسف الحقيقى ، المسيح الرب ، إذ صمم الجميع على خطة واحدة أن يصلب ، اغتصب اخوة يوسف ثوبه الخارجى الملون ، ونزع اليهود عن السيد المسيح ملابسه عند موته على الصليب ، تعرى لكى يستر خطايانا ! إذ نزع الثوب عن يوسف ألقى فى جب أى حفرة ، وإذ حطموا جسد المسيح نزل هو إلى الجحيم . رفع يوسف من الجب وبيع للإسماعيليين أى للأمم ، والمسيح إذ عاد من الجحيم إشتراه الأمم بثمن الإيمان ، هكذا كان يوسف رمزا للسيد المسيح والمشاورة ضده ، وفى إلقائه فى الجب ، وفى خلع ثيابه ، وفى بيعه للأمم . جـ - كما اشار يهوذا ببيع يوسف هكذا باع يهوذا السيد المسيح ... د – إذ ألقى الأخوة يوسف فى البئر الفارغة من الماء " جلسوا ليأكلوا طعاما " ( ع 25 ) ... وهكذا إذ دبر اليهود قتل السيد المسيح جلسوا يأكلون الفصح القديم كطعام يشبع أجسادهم لا نفوسهم بركة يعقوب لابني يوسف منسي وافرايم علي شكل الصليب حيث وضع يمينه بفطنه علي الاصغر دلاله علي ان البركه لن تاخذ الا بالصليب الذي باركه الرب بصلبه بدلا من كونه رمزا للعار والخذي فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة و اما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله لانه مكتوب سابيد حكمة الحكماء و ارفض فهم الفهماء اين الحكيم اين الكاتب اين مباحث هذا الدهر الم يجهل الله حكمة هذا العالم لانه اذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله ان يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة لان اليهود يسألون آية و اليونانيين يطلبون حكمة و لكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة و لليونانيين جهاله 1كو1: 18

رحلة من الأرض لى السماء

في فترة الصوم نبدأ بالجسد وننتهي بالروح .. نبدأ من إنسان مطرود من الفردوس وتنتهي بإنسان متمتع بالأبدية .. والكنيسة رتبت لنا الصوم المقدس بداية من إسبوع الإستعداد حتى الإسبوع الأخير الذي ينتهي بأحد القيامة .. تسعة آحاد لأننا نبدأ بأحد الرفاع الذي تعتبره الكنيسة من الصوم ثم أحد الكنوز ثم أحد التجربة .. أحد الابن الضال .. أحد السامرية .. أحد المخلع .. أحد المولود أعمى .. أحد الشعانين .. ثم أحد القيامة . يُقسَّم الصوم المقدس إلى ثلاثة مراحل :0 1- مرحلة المبادئ ← الآحاد الثلاث الأولى . 2- مرحلة النماذج ← الآحاد الثلاث التالية . 3- مرحلة النتائج ← الآحاد الثلاث الأخيرة . مرحلة المبادئ ← نحن نريد أن نصوم .. أول مبادئ الصوم نأخذها في أحد الرفاع يتكلم عن الصدقة والصوم والصلاة .. وتقول لك الكنيسة عندما تصوم صُم في الخفاء .. لأبيك الذي في الخفاء ( مت 6 : 18) .. ويتكلم عن الخفاء والعطاء والصلاة . ثم أحد الكنوز .... وفيه تقول لك الكنيسة [ لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض ..... حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً ] ( مت 6 : 19 – 21 ) .. ليكن كنزك في السماء وليتعلق قلبك به . ثم أحد التجربة .... والكنيسة فيه تقول لك عندما تعيش مع الله ستحدُث لك مُضايقات وإن ثبت في الله ستغلِب . ثلاثة مبادئ أساسية .. قد تقول هذه مبادئ عالية .. أمور لا نستطيع أن نعيشها .. تقول لك الكنيسة لا تخف سترى نماذج تعطيك رجاء . مرحلة النماذج ← قد تقول أنا خاطئ .. هل أنت خاطئ مثل السامرية ثق أن الله لن يتركك سيذهب إليك .. هل أنت خاطئ أكثر من السامرية ووصلت لدرجة اليأس والإحباط وبدون رجاء ؟ تقول لك الكنيسة لا تخف ربنا يسوع شفى المخلع .. إن كنت مُخطئ كن مثل الابن الشاطر وعُد لأبيك .. إن عشت بهذه النماذج ستستنير عينيك مثل المولود أعمى وربنا يسوع يوضح لك الأمور . مرحلة النتائج ← إن عشت هذه النماذج سيُنير الله بصيرتك مثل المولود أعمى ثم تفرح بدخول المسيح أورشليم والفرحة الكبرى بالقيامة . أي من هذه الآحاد إن مرت دون أن تتمتع بها ستفقد بركات كثيرة .. كيف تترك أحد وتبدأ صومك من الأحد الذي يليه ؟ الصوم سلسلة جميلة مملوءة بركات .. لا تتخيلوا كيف تكون الكنيسة متعطشة للصوم المقدس ولا نستطيع أن نتخيل نتائج عمل هذا الصوم في الكنيسة .. هذا الصوم أخرج قديسين وجعل الناس يحبون الصلاة والعطاء والبذل والكنيسة وثبتتهم في الطريق الروحي لذلك يُسمى هذا الصوم بموسم الكنيسة وربيع السنة الروحية . أحد الشباب بعد التخرج أخذ قطعة أرض صحراوية ومشكلة الصحراء توافر الماء فما الفائدة من الأرض بدون ماء ؟! فكانوا يُقيمون مصارف مياه ويُحدد لكل قطعة أرض يومين أو ثلاثة أيام تُروى فيها الأرض خلال الشهر كله .. فكان هذا الشاب يعمل في أرضه في أيام ريها بكل قُوَّته حتى يضمن أنه سيجني منها ثمر فيما بعد .. أيام الري تُشبه أيام الصوم .. تخيل لو صاحب الأرض تكاسل في أيام ريها ماذا سيحدث للأرض وماذا سيجني ؟ بالطبع لا شئ . الصوم المقدس فرصة غذاء روحي ونِعَم .. لماذا ؟ لأننا كلنا نعيش بقوة واحدة ونحن كلنا أعضاء في المسيح وأنا في جسمه صائم معه وبالتالي آخذ من قوة صوم المسيح ونُضيف إلى صومنا فيصير بذلك صومنا قوي بقوة صومه .. إذاً أنا أصوم لكي أشترك معه في صومه وآخذ بركات صومه .. وإن لم أصُم هل يليق أن جزء في الجسد يصوم وجزء آخر لا يصوم ؟ لذلك الذي لا يصوم لا يتناول لأنه غير مشترك مع الجسد في صومه وبذلك يكون فَصَل نفسه بنفسه . أجمل أيام السنة نبدأ فيها طريق روحي مُفرح هي أيام الصوم المقدس لذلك الكنيسة تدخر أجمل ما عندها لنا في الصوم الكبير .. في الوليمة سيدة المنزل تصنع أطعمة فاخرة قد لا تصنعها في الأيام العادية .. لماذا ؟ لأن الوليمة لها مذاق خاص .. الكنيسة أم واعية تعطي لأولادها أجمل ما عندها في الصوم المقدس .. فهل يوجد فصل أجمل من فصل الابن الضال ؟ إذاً لماذا لا تقرأه الكنيسة إلا في الصوم المقدس فقط ؟ لتُشعِرك بمذاقه الحلو .. أنت صائم والكنيسة تقول لك أنت متعب سأعطيك ما هو أفضل من الطعام سأُشبِعك شَبَع روحي .. الكنيسة تريد أن تُعوِضك عن صوم الجسد بالشبع الروحي .. فتشبع أنت ولا تعد تهتم بالجسد . مرحلة المبادئ : =================== الكنيسة تضع أول ثلاثة أسابيع مبادئ أ/ أحد الرفاع : ================= تكلمك الكنيسة عن الصوم والصلاة والصدقة .. الصدقة تُمثل علاقتي بالناس .. والصلاة تُمثل علاقتي بالله .. والصوم يُمثل علاقتي بنفسي .. حلقة مرتبطة ببعضها وكلما كانت حياتي فيها صلاة كلما شعرت أن حياتي تحلو ويصير لها مذاق لذيذ وتحلو علاقتي بالله وعندئذٍ أقول لنفسي بفرح وقبول صومي بل وتشتهي نفسي الصوم والصلاة والعِشرة مع يسوع .. وعندما تقوى علاقتي مع الله بالصلاة تنضبط علاقتي بنفسي وعندئذٍ أستطيع أن أساعد الآخرين وأعطِ صدقة . خذ تدريب في الصوم وهو أن توفر من مالك الخاص الذي تُنفقه على نفسك وضعه في صندوق الكنيسة ولا تُعلن ذلك لأحد بل ليكن عطاءك في خفاء .. وفَّر من إحتياجاتك ولن تستطيع أن تعطي صدقة بدون صلاة لذلك تقول الكنيسة [ طوبى للرحماء على المساكين ] لتُعلمنا الصدقة وليس الإدخار والبخل ومحبة المال .. إقطع من إحتياجاتك وشهواتك واعطِ الآخرين .. فترة الصوم المقدس في الكنيسة الأولى كانت أفضل فترة تفرَّح المساكين لأنها تسد احتياجاتهم . ب/ أحد الكنوز : ================== مادُمت قد بدأت الصوم والصلاة والصدقة .. إنتبه .. لا تشعر أنك قد خسرت بل أنت قد كسبت كنز في السماء ولا تشعر بالحرمان لأن الأمور التي تبدو أنك خسرتها هي أمور مُعرضة للضياع بينما لو وضعت كنزك في السماء ستبدأ ترتفع عن الأرضيات وتنظر للسماويات . ج/ أحد التجربة : ==================== عدو الخير لن يتركك ترتفع وتهتم بكنزك في السماء بل يُعطِلك عن الصوم ويقول لك لا تصُم اليوم فأنت مُتعب وستجوع فلا داعي للتناول اليوم وليكن تناولك في يوم آخر .. ويحاربك بالكرامة ويضعك في اختيارات الله أم العالم .. الله يقول لك .. لا تخف من عدو الخير وتجارُبه فقد جربني أنا أيضاً وغلبته ومادمت أنت داخلي ستغلب معي وبقوة صومي . مرحلة النماذج : =================== أخذت شحنة روحية وبدأت الطريق لا تخف لأنك خاطئ ومادمت قريب من الله سترى خطاياك لكن لو كنت بعيد عن الله لن تعرف خطاياك .. لكن المشكلة أنك تعرف خطاياك فتتراجع وتيأس .. لا .. الكنيسة تقول لك أنت بالمبادئ الأولى وُلِد فيك إنسان روحي جميل لكن أنت في الأصل خاطئ وأنا سأعطيك ثلاثة نماذج :0 الخطية ← الابن الضال . تكرار الخطية ← السامرية . وعمق الخطية لدرجة اليأس ← المخلع . أ/ أحد الابن الضال : ======================= أخطأت وتجاسرت على أبيك وتركته وبعِدت عنه لا تخف هو مازال ينتظرك .. تعال إليه ولا تخف .. إرجع .. لذلك أطلق الآباء على الابن الضال إسم الابن الشاطر لأنه عاد ورجع لأبيه .. حتى وإن كنت بعِدت عُد إليه لأنه صالح يرحم ويغفر . ب/ أحد السامرية : ====================== إن كانت الخطية تتكرر مثل السامرية التي تزوجت بخمسة والذي معها الأن ليس زوجها .. أي عاشت الخطية وكررتها ستة مرات ولفترات مختلفة وهي لا تترك الرجل الذي كانت تحيا معه لأنها تابت بل لأنها قد تتعرف على آخر غيره .. الخطية سلسلة مُحزنة .. ربنا يسوع يعلم قلبها رغم خطاياها .. ذهب إليها وكلمها بلطف كل ذلك وهي تصده في الكلام وأدخلته في حوار فرعي وتكلمت معه بكبرياء لكنه كلمها حسناً وبكل لطف وأعلمها ماضيها .. واليوم عرفت السابع .. يسوع .. الذي فيه كل الكمال .. لذلك إن كنت خاطئ بل وخاطئ جداً .. فَلَكَ يسوع . ج/ أحد المفلوج : ==================== يأس .. 38 سنة لا يتحرك حتى أنه نسى السير على الأقدام ونسى معالم الحياة حوله .. الخطية مهينة مذلة تُسبب إحباط .. حتى وإن كنت وصلت لأشرس مراحل الخطية .. يسوع لك .. لن يحملك ويُلقيك في البِركة .. بل يقول لك كلمة .. كان المفلوج متوقع أن يسوع يحمله ليُلقيه في البِركة .. لا .. ربنا يسوع جعله يتخطى هذه المرحلة . الصوم الكبير دعوة توبة وتقديس .. أعطاك مبادئ ونماذج .. أقوى نماذج تمسكت بالطريق وسلكت فيه بمبادئ وعاشت التوبة الأن تنال النتائج . مرحلة النتائج : ================== أ/ أحد المولود أعمى : ========================== كنت أعمى والأن أُبصر ( يو 9 : 25 ) .. أخذت الإستنارة وتقابلت مع المسيح لأنني سرت بالمبادئ وتمثلت بالنماذج .. طبيعي أن أفرح بالمسيح .. تخيل لحظات وأنت مُغمض العينين كيف تكون الحياة ؟ ظلام وسواد .. الخطية ظلام وسواد والمسيح نور .. الخطية جهل وابتعاد ومعرفة المسيح نور وحق وحب وصلاح وانتصار وكنز .. لذلك الإستنارة هي نتيجة للجهاد والصوم بمبادئ ونماذج وتنال البصيرة . ب/ أحد الشعانين : ====================== ربنا يسوع يدخل أورشليم .. ربنا يسوع يدخل القلب .. أوصنا يا ابن داود ( مت 21 : 9 ) .. تعال واملُك علينا .. أنت مَلِكي وإلهي ومخلصي أُدخل قلبي وطهَّره وقدِّسه ليكون مكان سكناك .. أنت صاحبه أُدخل واملُك . ج/ أحد القيامة : =================== الأن صار جسدنا ليس جسدنا ولا حياتنا هيَّ حياتنا ولا وجود للزمن أو الخطية أو الموت .. بل صار وجود للإنسان الجديد إنسان القيامة الغالب للعدو والموت والشقاء . أي أحد من هذه الآحاد يمر دون أن تتمتع به ستفقد بركات وتُسبب خلخلة .. لا .. كونوا أمناء في فترة الصوم ولا تصُم وأنت كاره أو تصوم على مستوى الجسد لأن الصوم على مستوى الجسد ثقيل لأنه لن يكون سِوى مجموعة حرمانات أما الصوم على المستوى الروحي فهو مجموعة من البركات .. لذلك صُم بفرح وقبول وقناعة ورِضَى . ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل