العظات

دراسة فى سفر العددج9 تقدمات ونصائح للطريق

الأصْحَاح الرَّابِعْ عَشَر : عَيَّنَ مُوسَى النَّبِي إِثْنَى عَشَر رَجُلاً رَجُلْ مِنْ كُلَّ سِبْط لِيَتَجَسَّسُوا الأرْض أرْض المِيعَادٌ وَعَادَ الإِثْنَى عَشَر رَجُلاً بَعْدَ أرْبَعِينَ يَوْماً .. عَشْرَة مِنْهُمْ أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَهَيَّجُوا الشَّعْب بَيْنَمَا إِثْنَان فَقَطْ هُمَا كَالِب وَيَشُوع قَالاَ أنَّ الأرْض جَيِّدَة جِدّاً إِنْ سُرَّ الله يُعْطِيهَا لَنَا ( عد 14 : 8 ) .. وَحَزَنَ الله لأِنَّ الشَّعْب تَذَمَّر وَعَاقَبْهُمْ بِعَدَم دُخُولِهِمْ أرْض المِيعَادٌ مَا عَدَا كَالِب وَيَشُوع هُمَا فَقَطْ اللَّذَان يَدْخُلاَنَهَا مِنْ هذَا الجِيل وَتَكَلَّمْ الله عَنْ كَالِب وَيَشُوع بِكَلِمَات جَمِيلَة وَقَالَ ﴿ وَأمَّا عَبْدِي كَالِبُ فَمِنْ أجْلِ أنَّهُ كَانَتْ مَعْهُ رُوحٌ أُخْرَى وَقَد اتَّبَعَنِي تَماماً أُدْخِلُهُ إِلَى الأرْضِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا ﴾ ( عد 14 : 24 ) .. جَمِيلَة جِدّاً كَلِمَة * عَبْدِي * بِهَا إِنْتِمَاء إِلَى الله .. أيْضاً شَهَدَ لَهُ الله أنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ ﴿ رُوحٌ أُخْرَى ﴾ .. وَالآبَاء يَقُولُون أنَّهَا إِشَارَة خَفِيَّة إِلَى الرُّوح القُدُس .. مَا الَّذِي جَعَلَ كَالِب يَقُول أنَّ الأرْض جَيِّدَة إِلاَّ إِذَا كَانَتْ مَعَهُ رُوح أُخْرَى .. رُوح خَفِيَّة ؟ رَغْم أنَّ الأرْض كَانَتْ مَخْفِيَّة لكِنْ الَّذِي مَعَهُ رُوح الله يَحْيَا فِي ثَبَات وَسَلاَم وَثِقَة فِي قُدْرِة الله .. كَلِمَة * كَالِب * مَعْنَاهَا * قَلْب * .. جَيِّدٌ أنْ تَكُون كَكَالِب مَعَك قَلْب يَسُوع .. وَمَعَك رُوح أُخْرَى .. أيْضاً قَالَ الله عَنْ كَالِب ﴿ وَقَد اتَّبَعَنِي ﴾ النَّفْس الأمِينَة مَعَ الله تَحْيَا فِي ثَبَات وَتَبَعِيَّة لله لِتَرِث أرْض المِيعَادٌ هُنَاك إِتِفَاقٌ أنَّهُ فِي دِرَاسِة الكِتَاب المُقَدَّس تُحْذَف الأسْمَاء وَنَضَعْ أسْمَائْنَا مَكَانَهَا فَنَقُول * وَأمَّا عَبْدِي " فُلاَنْ " فَمِنْ أجْلِ أنَّهُ كَانَتْ مَعْهُ رُوحٌ أُخْرَى وَقَد اتَّبَعَنِي تَماماً أُدْخِلُهُ إِلَى الأرْضِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا *.. مَا دُمْت عَبْدِي وَقَدْ أتَّبَعْتَنِي تَمَاماً وَمَعَك رُوح أُخْرَى سَأُدْخِلَك أرْض المِيعَادٌ وَتَرِثْهَا لاَ تَقْرأ الكِتَاب كَقِصَص مَضَتْ وَانْتَهَتْ بَلْ هُوَ أمْس وَاليَوْم وَإِلَى الأبَد ( عب 13 : 8 ) .. وَوُعُودٌ الله مُتَجَدِّدَه دَائِماً ﴿ وَإِذْ العَمَالِقَةُ وَالكَنْعَانِيُّونَ سَاكِنُونَ فِي الوَادِي فَانْصَرِفُوا غَداً وَارْتَحِلُوا إِلَى القَفْرِ فِي طَرِيقِ بَحْرِ سُوفٍ ﴾ ( عد 14 : 25 ) ..كَانَ الشَّعْب قَرِيب جِدّاً مِنْ أرْض المَوْعِدٌ وَلِذلِك ذَهَبُوا لِيَتَجَسَّسُوا الأرْض لكِنْ عِنْدَمَا تَذَمَّرُوا عَلَى الله جَعَلَهُمْ يَعُودُون لِلوَرَاء إِلَى البَحْر المَيْت وَأدْخَلَهُمْ قِصَّة تِيه جَدِيدَة لِيُهَذِّبَهُمْ مِنْ جَدِيدٌ وَخَلَقَ مِنْهُمْ جِيل جَدِيدٌ جَدِير بِالدُّخُول لأِرْض المِيعَادٌ فَأتَاهَهُمْ 40 سَنَة لِتَجْدِيدٌ الأجْيَال وَأدْخَل أوْلاَدِهِمْ الأرْض وَرَفَضَهُمْ هُمْ فَلَمْ يَدْخُلُوهَا بَلْ مَاتُوا فِي القَفْر لَمْ يُصَدِّقُوا الله عِنْدَمَا أمَرَهُمْ بِالعَوْدَة إِلَى الوَرَاء لأِنَّ أرْض المَوْعِدٌ كَانَتْ أمَامَهُمْ وَلَمْ يُطِيعُوه بَلْ تَقَدَّمُوا فِي إِتِجَاه الأرْض فَضَرَبَهُمْ عَمَالِيقٌ .. وَقَالَ لَهُمْ الله ﴿ قُلْ لَهُمْ حَيٌّ أنَا يَقُولُ الرَّبُّ لأفْعَلَنَّ بِكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ فِي أُذُنَيَّ .. فِي هذَا القَفْرِ تَسْقُطُ جُثَثُكُمْ جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنْكُمْ حَسَبَ عَدَدِكُمْ مِن ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً الَّذِينَ تَذَمَّرُوا عَلَيَّ .. لَنْ تَدْخُلُوا الأرْضَ الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي لأُسْكِنَنَّكُمْ فِيهَا مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ وَيَشُوعَ بْنَ نُونٍ .. وَأمَّا أطْفَالُكُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً فَإِنِّي سَأُدْخِلُهُمْ فَيَعْرِفُونَ الأرْضَ الَّتِي احْتَقَرْتُمُوهَا ﴾ ( عد 14 : 28 – 31 ) .. مِنْ إِبْن عِشْرِينَ سَنَة فَصَاعِد سَيَهْلَك فِي البَرِّيَّة مَا عَدَا كَالِب وَيَشُوع سَيَدْخُلاَن أرْض المِيعَادٌ وَأوْلاَدَكُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ عَنْهُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَة .. أنْتُمْ فَقَطْ الخَاسِرُون ﴿ فَجُثَثُكُمْ أنْتُمْ تَسْقُط فِي هذَا القَفْرِ وَبَنُوكُمْ يَكُونُونَ رُعَاةً فِي القَفْرِ أرْبَعِينَ سَنَةً وَيَحْمِلُونَ فُجُورَكُمْ حَتَّى تَفْنَى جُثَثُكُمْ فِي القَفْرِ .. كَعَدَدِ الأيَّامِ الَّتِي تَجَسَّسْتُمْ فِيهَا الأرْضَ أرْبَعِينَ يَوْماً لِلسَّنَةِ يَوْمٌ تَحْمِلُونَ ذُنُوبَكُمْ أرْبَعِينَ سَنَةً فَتَعْرِفُونَ ابْتِعَادِي ﴾ ( عد 14 : 32 – 34 ) أمر قَاسِي أنْ يُعَرِّفْنَا الله إِبْتِعَادُه .. لكِنْ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول ﴿ هُوذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامَتُهُ ﴾( رو 11 : 22 ) .. نَحْنُ أخَذْنَا فِكْرَة عَنْ الله أنَّهُ حَنُون يَنْتَظِرْنَا وَيَحْتَمِلْنَا وَيَقْبَلْنَا فِي أي وَقْت نَحْنُ نَشَاء فِيهِ الرُّجُوع إِلَيْهِ .. لاَ .. لِنَنْتَبِه قَدْ يَقُول لَنَا سَتَعْرِفُون إِبْتِعَادِي وَسَأعْمَل كَقَوْلِكُمْ .. لَوْ أخْطَأ إِبْن وَلَمْ يُعَاتِبُه أبُوه أوْ يُعَاقِبُه نَقُول أنَّ هذَا الأب يُدَلِّلْ إِبْنُه تَدْلِيلْ مُفْسِدٌ .. هكَذَا مِنْ حَقٌ الله أنْ يَكُون صَارِم مَعَ شَعْبُه لِيُؤَدِبُه لأِنَّهُ فَعَلَ ذلِك بِنَفْسُه وَكَقَوْلُه أدَّبَهُ الله ﴿ فَمَاتَ الرِّجَالُ الَّذِينَ أشَاعُوا المَذَمَّةَ الرَّدِيئَةَ ﴾ ( عد 14 : 37 ) .. الخَطِيَّة لَهَا ثَمَنْ .. قَدْ نَتَخَيَّلْ أنَّ الخَطِيَّة أمر طَبِيعِي .. لاَ .. سَيِّدْنَا البَابَا شِنُودَة يَقُول أنَّ لِلخَطِيَّة عُقُوبَتَان عُقُوبَة أرْضِيَّة وَعُقُوبَِة سَمَاوِيَّة .. العُقُوبَة الأرْضِيَّة أنْ يَصِير الإِنْسَان مَنْبُوذٌ مِمَّنْ حَوْلَهُ أوْ يِمْرَض أوْ ... أمَّا العُقُوبَة السَّمَاوِيَّة فَهْيَ الحِرْمَان مِنْ دُخُول السَّمَاء وَيَقُول الآبَاء أنَّ الجَحِيم بِهِ بُكَاء وَصَرِير الأسْنَان .. وَصَرِير الأسْنَان هُوَ مِنْ شِدِّة النَدَم عَلَى ضَيَاع فُرَص التُّوبَة .. وَالجَحِيم لَيْسَ بِهِ نَار مُحْرِقَة لأِنَّ طَبِيعِة الأجْسَادٌ سَتَتَغَيَّر لِذَا لَيْسَتْ هِيَ نَار تَحْرِق .. بَلْ هِيَ نَار مُحْرِقَة لِلطَّبِيعَة الجَدِيدَة الَّتِي لِلأجْسَادٌ مِنْ شِدِّة النَدَم وَالحِرْمَان مِنْ رُؤيِة الله .. لَوْ تِلْمِيذ مَطْرُودٌ مِنْ فَصْلُه سَيَحْزَن لأِنَّ التَّلاَمِيذ كُلُّهُمْ دَاخِل الفَصْل وَهُوَ وَحْدُه المَطْرُودٌ .. هذَا حَال سُكَّان الجَحِيم أنَّهُمْ مَطْرُودُون مِنْ حَضْرِة الله وَلَمْ يَسْتَحِقُّوا الدَّعْوَة الَّتِي دُعُوا إِلَيْهَا ﴿ وَأمَّا يَشُوعُ بْنُ نُونَ وَكَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ مِنْ أُولئِكَ الرِّجَالِ الَّذِينَ ذَهَبُوا لِيَتَجَسَّسُوا الأرْضَ فَعَاشَا ﴾( عد 14 : 38 ) .. الإِنْسَان الَّذِي يُرْضِي الله وَيَعِيش حَسَبْ الوَصِيَّة وَيُبَشِّر وَيُنَادِي بِالمَلَكُوت يَدْخُل إِلَى الأبَدِيَّة .. كَالِب وَيَشُوع كَانَا إِثْنَان بِالنِّسْبَة إِلَى عَشْرَة رِجَال أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَالَّذِينَ بِمَشُورَتِهِمْ الرَّدِيئَة إِسْتَمَالُوا الشَّعْب وَهَيِّجُوه فَصَارَ كَالِب وَيَشُوع مُتَحَدِيَان لِلشَّعْب كُلُّه نَحْنُ دَائِماً نَتَأثَّر بِرَأي الأغْلَبِيَّة .. لاَ .. كَالِب وَيَشُوع تَحَدَيَا الشَّعْب كُلُّه .. وَمَاتَ الشَّعْب كُلُّه لِعَدَم تَصْدِيقٌ مَوَاعِيد الله وَعَاشَ كَالِب وَيَشُوع وَوَرَثَا أرْض المِيعَادٌ .. كُنْ كَكَالِب وَيَشُوع وَثِقٌ فِي مَوَاعِيدٌ الله .. كُنْ كَزَكَرِيَّا وَألِيصَابَات اللَّذَان قَالَ عَنْهُمَا الكِتَاب كَانَا بَارَّيْنِ سَالِكَيْنِ فِي وَصَايَا الله بِلاَ لَوْمٍ( لو 1 : 6 ) .. حَتَّى لُوْ كُنْتَ وَسَطْ جِيل مُعْوَج ﴿ وَلَمَّا تَكَلَّمَ مُوسَى بِهذَا الكَلاَمِ إِلَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَكَى الشَّعْبُ جِدّاً ﴾ ( عد 14 : 39 ) .. الشَّعْب عِنْدَمَا يَشْتَدٌ مَعَهُمْ الله مَرَّة يَبْكُون وَمَرَّة يَتَمَرَدُون .. هُنَا بَكَى الشَّعْب .. ﴿ ثُمَّ بَكَّرُوا صَبَاحاً وَصَعِدُوا إِلَى رَأسِ الجَبَلِ قَائِلِينَ هُوذَا نَحْنُ نَصْعَدُ إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي قَالَ الرَّبُّ عَنْهُ فَإِنَّنَا قَدْ أخْطَأنَا ﴾( عد 14 : 40 ) .. أرَادُوا مُصَالَحَة الله فَسَارُوا لِلأمَام وَلَيْسَ لِلوَرَاء كَمَا أمَرَهُمْ الله .. ﴿ فَقَالَ مُوسَى لِمَاذَا تَتَجَاوَزُونَ قَوْلَ الرَّبِّ .. فَهذَا لاَ يَنْجَحُ .. لاَ تَصْعَدُوا لأِنَّ الرَّبَّ لَيْسَ فِي وَسْطِكُمْ لِئَلاَّ تَنْهَزمُوا أمَام أعْدَائِكُمْ ﴾ ( عد 14 : 41 – 42 ) .. قَالَ لَهُمْ مُوسَى لِمَاذَا لاَ تُطَاوِعُونَ الله .. لِمَاذَا تَتَقَدَّمُون لِلأمَام وَالله أمَر أنْ تَعُودُوا إِلَى الوَرَاء ؟ .. ﴿ لأِنَّ العَمَالِقَةَ وَالكَنْعَانِيِّينَ هُنَاكَ قُدَّامَكُمْ تَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ إِنَّكُمْ قَد إِرْتَدَدْتُمْ عَن الرَّبِّ فَالرَّبُّ لاَ يَكُونُ مَعَكُمْ .. لكِنَّهُمْ تَجَبَّرُوا وَصَعِدُوا إِلَى رَأسِ الجَبَلِ ﴾ ( عد 14 : 43 – 44 ) .. إِنْ الله قَالَ سَأُعَاقِبَكُمْ إِذاً بِالفِعْل سَيُعَاقِبْ وَلَنْ يَتَرَاجَعْ .. ﴿ وَأمَّا تَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ وَمُوسَى فَلَمْ يَبْرَحَا مِنْ وَسَطِ المَحَلَّةِ ﴾ ( عد 14 : 44 ) .. هذَا مَعْنَاه أنَّ مُوسَى النَّبِي قَالَ لَهُمْ سِيرُوا عَلَى مَسْئُولِيَتْكُمْ .. لاَ أنَا وَلاَ تَابُوت عَهْد الرَّبَّ الَّذِي يُمَثِّل الله سَنَسِير مَعَكُمْ .. تَعَلَّمْ أنْ لاَ تَسِير بِدُون الله حَتَّى وَإِنْ كَانَ الأمر لَيْسَ عَلَى هَوَاك .. ﴿ فَنَزَلَ العَمَالِقَةُ وَالكَنْعَانِيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي ذلِكَ الجَبَلِ وَضَرَبُوهُمْ وَكَسَّرُوهُمْ إِلَى حُرْمَةَ ﴾ ( عد 14 : 45 ) .. أحْيَاناً لاَ نُطِيعْ مَشِيئِة الله فَيُسَلِّطْ عَلَيْنَا العَمَالِيقٌ لِنُطِيعُه .. الله صَانِعْ التَّارِيخ .. قَدْ يُؤَدِبْنِي بِأدَاة لاَ أُصَدِّقْهَا .. وَقَدْ يُؤَدِبْنِي بِالأعْدَاء . الأصْحَاح الخَامِسْ عَشَر :- تَمَرَّدٌ الشَّعْب وَحَزَنْ الله مِنْهُمْ وَقَالَ سَتَمُوتُون فِي القَفْر وَلَنْ تَدْخُلُوا أرْض المِيعَادٌ .. تَخَيَّل إِحْسَاس شَعْب يَعْرِف أنَّهُ سَيَمُوت وَلَنْ يَصِلْ إِلَى نِهَايِة الرِّحْلَة وَأنَّ الرِّحْلَة لَيْسَ لَهَا فَائِدَة .. بِالطَبْع يَأس شِدِيد .. هُنَا الله يَرْفَعْهُمْ وَيُذَكِّرْهُمْ بِالذَّبَائِح وَقَالَ لَهُمْ أنْتُمْ حُرِمْتُمْ مِنْ دُخُول أرْض المِيعَادٌ لكِنْ هَلْ لاَ تُرْضُونَنِي فِي هذِهِ الفِتْرَة .. عَلَى الأقَلْ عِيشُوا عَلَى رَجَاء دُخُول أرْض المِيعَادٌ .. لِذلِك أعْطَاهُمْ الشَّرَائِعْ وَالذَّبَائِح ﴿ وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ مَتَى جِئْتُمْ إِلَى أرْضِ مَسْكَنِكُمُ الَّتِي أنَا أُعْطِيكُمْ ﴾ ( عد 15 : 1 – 2 ) .. الله يُرِيدَك أنْ تَعِيش بِرَجَاء وَوَعْدٌ المِيرَاث الأبَدِي .. ﴿ وَعَمَلْتُمْ وَقُوداً لِلرَّبِّ مُحْرِقَةً أوْ ذَبِيحَةً وَفَاءً لِنَذْرٍ أوْ نَافِلَةً أوْ فِي أعْيَادِكُمْ لِعَمَلِ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ مِنَ البَقَرِأوْ مِنَ الغَنَمِ ﴾ ( عد 15 : 3 ) .. كَلِّمْهُمْ عَنْ الذَّبَائِح .. كَانَ يُرِيدَهُمْ أنْ يَعِيشُوا بِرُِِوح رَجَاء وَلَيْسَ بِرُوح فَشَل .. أرَادَ أنْ يُصَالِحْهُمْ .. مُمْكِنْ فِي أرْض التِيه وَالبَرِّيَّة تِعِيش المُصَالْحَة وَالذَّبِيحَة وَسِيلِة صُلْحٌ .. ﴿ مَتَى جِئْتُمْ إِلَى أرْضِ مَسْكَنِكُمُ الَّتِي أنَا أُعْطِيكُمْ ﴾ .. إِنْ لَمْ تَدْخُلْهَا لكِنْ عِش عَلَى رَجَاء دُخُولْهَا .. عِش السَّمَاء وَأنْتَ عَلَى الأرْض .. عِش كَنْعَان وَأنْتَ فِي البَرِّيَّة .. عِش بِقَلْب مَرْفُوع وَأنْتَ فِي العَمَل .. كَنْعَان لَيْسَت مَكَان بَلْ حَالَة الَّذِينَ لَهُمْ إِشْتِيَاقَات الرَّهْبَنَة نَقُول لَهُمْ الدِير لَيْسَ مَكَان بَلْ حَالَة .. قَدْ يَعِيش رَاهِبْ فِي الدِير وَهُوَ ضَائِعْ وَلَيْسَ لَهُ إِشْتِيَاقَات .. وَقَدْ يَعِيش إِنْسَان خَارِج الدِير وَلَهُ إِشْتِيَاقَات عَالِيَة جِدّاً .. السَّمَاء حَالَة وَلَيْسَتْ مَكَان .. الله قَالَ لَهُمْ سَأُعْطِيكُمْ أيَّام كَأيَّام السَّمَاء وَأنْتُمْ عَلَى الأرْض لاَ تُسَلِّم نَفْسَك لِلفَشَل أوْ الحُزْن حَتَّى وَإِنْ كُنْت قَدْ فَشَلْت بِالفِعْل .. الله يُجَدِّدٌ وَعْدُه بِالذَّبِيحَة حَتَّى وَإِنْ كُنْت قَدْ فَقَدْت الطَّرِيقٌ إِلَى كَنْعَان .. هُوَ يُرِيدْ أنْ يُنَقِيك مِنْ ثِمَار الخَطِيَّة .. وَالذَّبِيحَة سُرُور لله أي مُمْكِنْ تِعِيش حَالِة المَسَرَّة مَعَ الله وَأنْتَ فِي العَالَمْ .. السَّمَاء هِيَ فَرَح لاَ يَنْقَطِعْ .. هِيَ حَالِة وُجُودٌ دَائِمْ مَعَ الله .. بَيْنَمَا الشَّعْب فِي حَالِة إِحْبَاط الله يُنْسِيهُمْ تِذْكَار الشَّر بِالذَّبَائِح .. لاَ تُسَلِّمْ نَفْسَك لِليَأس بَلْ عِش رَائِحَة سُرُور لله .. عِش فِي فَرَح مَعَ الله لأِنَّكَ إِنْ فَقَدْت رَجَاءَك فِي الله سَيَسْتِلْمَك العَدُّو ﴿ يُقَرِّبُ الَّذِي قَرَّبَ قُرْبَانَهُ لِلرَّبِّ تَقْدِمَةً مِنْ دَقِيقٍ عُشْراً مَلْتُوتاً بِرُبْعِ الهِينِ مِنَ الزَّيْتِ وَخَمْراً لِلسَّكِيبِ رُبْعَ الهِينِ تَعْمَلُ عَلَى المُحْرَقَةِ ﴾ ( عد 15 : 4 – 5 ) .. هذِهِ هِيَ الأفْرَاح التَّي تَتَمَتَّعْ بِهَا فِي السَّمَاء .. الدَّقِيقٌ المَلْتُوت بِالزِّيت رَمْز لِلتَّجَسُّد الإِلهِي لأِنَّ الدَّقِيقٌ فِي الكِتَاب المُقَدَّس يَرْمُز لِلجَسَد وَالزَّيْت يَرْمُز لِلرُّوح .. فِي السَّمَاء سَتَتَمَتَعْ بِأسْرَار كَانَتْ غَامِضَة بِالنِّسْبَة لَك وَأنْتَ عَلَى الأرْض فَتِفْرَح .. فِي السَّمَاء سَتَرَى أفْرَاح جَدِيدَة وَأسْرَار جَدِيدَة .. هَلْ نَحْنُ الأنْ نَسْتَوْعِب التَّجَسُّدٌ الإِلهِي ؟ .. بِالطَبْع لاَ .. لكِنَّنَا سَنَسْتَوْعِبُه فُوق فِي السَّمَاء وَكَمَا قَالَ الكِتَاب ﴿ هذِهِ هِيَ الحَيَاة الأبَدِيَّةُ أنْ يَعْرِفُوكَ أنْتَ الإِلهَ الحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أرْسَلْتَهُ ﴾ ( يو 17 : 3 ) فِي الحَيَاة الأبَدِيَّة كُلَّهَا سَتَعْرِف الله .. سَتَعْرِف أفْرَاح وَتَقْدُمَات وَبَهْجِة وَلَذِّة خَمْرٌ سَكِيب الخَمْرٌ فِي الكِتَاب يَرْمُز لِلفَرَح .. وَالكِتَاب يُكَلِّمْنَا عَنْ الخَمْرٌ السَّكِيب أي الفَرَح الرُّوحَانِي الَّذِي نَرَاه فِي السَّمَاء عِنْدَمَا نَعْرِف أسْرَار التَّجَسُّدٌ الإِلهِي وَطَبِيعِة الله وَطَبِيعِة حَيَاة السَّمَائِيِّينْ .. سَنَفْرَح تَخَيَّل عِنْدَمَا يُقَالْ لَك فِي السَّمَاء هذَا هُوَ أبُونَا إِبْرَاهِيم .. وَهذِهِ أُمِّنَا سَارَة .. وَهذِهِ القِدِيسَة يُوسْتِينَة وَهذِهِ مَارِينَا وَ ... تَخَيَّل مِقْدَارٌ الفَرَح الَّذِي سَنَحْيَاه عِنْدَمَا نَتَعَرَّف عَلَى كُلَّ هؤُلاَء .. أحَدٌ الآبَاء يَقُول ﴿ كَيْفَ نَحْيَا عَلَى الأرْض الأنْ ؟ ألَسْنَا نُفَكِّر فِي القِدِّيسِينْ الَّذِينَ هُمْ سَيَأخُذُونَا فِي أحْضَانِهِمْ .. وَإِنْ لَمْ نَعْرِفَهُمْ سَيَكُون شِئ مُخْجِل وَغِيرمَنْطِقِي ﴾ .. لِذلِك عِش السَّمَاء مِنْ الأنْ وَإِنْ كُنْتَ فِي البَرِّيَّة لكِنْ لَك وَسِيلِة المُصَالَحَة الَّتِي تُمَتِّعَك وَكَأنَّكَ فِي كَنْعَان الله أمَرَهُمْ أمر غَرِيب وَهُوَ أنَّ الغُرَبَاء الَّذِينَ فِي وَسَطِهِمْ يُقِيمُون الشَّرِيعَة .. ﴿ مِثْلُكُمْ يَكُونُ مَثَلَ الغَرِيبِ أمَامِ الرَّبِّ .. شَرِيعَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُكْمٌ وَاحِدٌ يَكُونُ لَكُمْ وَلِلغَرِيبِ النَّازِلِ عِنْدَكُمْ ﴾( عد 15 : 15 – 16 ) .. الغُرَبَاء يَحْيُون نَفْس الشَّرَائِعْ .. هذِهِ النَّبُوَة عَنْ كِنِيسِة الأُمَمْ الَّتِي سَتَرِث المَلَكُوت مَعَهُمْ .. هَلْ أنْتَ مُتَخَيِل أنَّ المَلَكُوت قَاصِر عَلِيك وَحْدَك ؟ .. لاَ .. سَتَجِدٌ فِيهِ مِنْ كُلَّ أُمَّة وَمِنْ كُلَّ قَبِيلَة وَمِنْ كُلَّ لِسَان .. الأمر غِير قَاصِر عَلَى مَجْمُوعَة صَغِيرَة .. بُولِس الرَّسُول يَقُول ﴿ الأُمَمَ شُرَكَاءُ فِي المِيرَاثِ ﴾ ( أف 3 : 6 ) .. لِذلِك قَالَ لَهُمْ الله كُلُّكُمْ سَتُقَدِّمُون ذَبِيحَة حَتَّى وَلَوْ عَنْ خَطِيِة سَهْو .. خَطَايَاك الَّتِي بِمَعْرِفَة وَالَّتِي بِغَيْر مَعْرِفَة عِلاَجْهَا الذَّبِيحَة لكِنْ الله لَهُ فِكْر حَنُون وَهُوَ يَعْتَبِر أنَّ كُلَّ خَطَايَانَا سَهْو إِنْ نَدَمْنَا عَلَيْهَا وَرِجِعْنَا بِالتُّوبَة .. لِذلِك قَالَ عَلَى الصَّلِيب ﴿ يَا أبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ ﴾ ( لو 23 : 34 ) .. كَيْفَ يَارَب لاَ يَعْرِفُون مَا يَفْعَلُون ؟ يَقُول فِي كُلَّ مَرَّة تَعُودٌ إِلَيَّ بِالتُّوبَة أعْتَبِر كُلَّ هذِهِ الخَطَايَا بِجَهْل وَلَيْسَ عَنْ عَمْدٌ .. مَا هُوَ العَمْدٌ فِي فِكْر الله ؟ هُوَ الإِصْرَار الدَّائِمْ عَلَى تِكْرَار الخَطِيَّة هذَا أمر يُحْزِن الله جِدّاً وَيَجْعَلُه لاَ يَغْفِر لِي لكِنُّه يَقُول ﴿ احْتَقَرْتْ كَلاَمَ الرَّبِّ وَنَقَضَتْ وَصِيَّتَهُ .. قَطْعاً تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ ذَنْبُهَا عَلَيْهَا ﴾ ( عد 15 : 31 ) .. هذَا حَال مَنْ يُصِر عَلَى خَطَايَاه وَيَسْتَهْتَر بِالله .. لكِنْ النَّادِم الَّذِي يَقُول * إِرْحَمْنِي * يَقْبَلُه الله .. لِذلِك الكِنِيسَة دَائِماً تَخْتِمْ كُلَّ مَرَدٌ بِكَلِمَة * يَارَب ارْحَمْ * وَكَأنَّهَا تَقُول لَهُ كُلَّ هذَا يَارَب جَهْل وَسَهْو فَحِلْ وَاصْفَحٌ ..لِذلِك يَقُول بُولِس الرَّسُول ﴿ لكِنَّنِي رُحِمْتُ لأِنِّي فَعَلْتُ بِجَهْلٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ ﴾ ( 1تي 1 : 13 ) .. يَا بُولِس لَقَدْ كُنْت تَقْتُل المَسِيحِيِّينْ .. يَقُول لَيْتَكَ لاَ تُفَكِّرْنِي لأِنِّي بِجَهْل فَعَلْت .. وَجَمِيلَة الكِنِيسَة عِنْدَمَا تَقُول ﴿ خَطَايَا صِبَاي وَجَهْلِي ﴾( مز 24 – مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) ﴿ وَلَمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي البَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلاً يَحْتَطِبُ حَطَباً فِي يَوْمِ السَّبْتِ .. فَقَدَّمَهُ الَّذِينَ وَجَدُوهُ يَحْتَطِبُ حَطَباً إِلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ .. فَوَضَعُوهُ فِي المَحْرَسِ لأِنَّهُ لَمْ يُعْلِنْ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ .. فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى قَتْلاً يُقْتَلُ الرَّجُلُ ﴾ ( عد 15 : 32 – 35 ) .. لأِنَّهُ كَسَر الوَصِيَّة .. جَيِّدٌ مُوسَى لأِنَّهُ لَمْ يَأخُذْ قَرَار مِنْ ذَاتُه بَلْ كَانَ إِمَّا يَشُور آخَرِينْ أوْ يُصَلِّي رَغْم أنَّهُ أكْثَر الرِّجَال حِلْماً كَمَا ذَكَر عَنْهُ الكِتَاب .. لَيْتَكَ تَفْعَل مِثْلُه صَلِّي وَانْتَظِر قَوْل الرَّبَّ .. هَلْ كَسْر السَّبْت يَجْعَل الإِنْسَان يُقْتَل ؟ لأِنَّ الله كَانَ يُرِيدَهُمْ أنْ يَهَابُوا الوَصِيَّة .. مِثْل حَنَانْيَا وَسَفِيرَة ( أع 5 : 1 – 11) .. أرَادَ الله أنْ تَكُون الكِنِيسَة فِي خُوْف وَلَيْسَ فِي إِسْتِهْتَارٌ لِذلِك أمَاتَهُمَا .. وَطَلَبْ أنْ يُقْتَل كَاسِر السَّبْت السَّبْت مَعْنَاه رَاحَة وَالرَّاحَة عَرْبُون الحَيَاة الأبَدِيَّة .. أي أنْ تَشْعُر أنَّ هُنَاك حَيَاة أبَدِيَّة وَإِنْ كَسَرْت السَّبْت فَكَأنَّك تَجَاهَلْت الشُّعُور بِالحَيَاة الأبَدِيَّة .. أنْتَ عَمَلْت الأُسْبُوع كُلُّه وَمِحْتَاجٌ أنْ تَهْدأأي مِحْتَاج إِلَى رَاحَة .. لِذلِك شَبَّه الحَيَاة الأبَدِيَّة بِالرَّاحَة .. السَّبْت هُوَ رَاحِة النَّفْس .. يُوْم إِتِحَادٌ النَّفْس بِالله .. يُوْم بِهِ حَقٌ الله .. أبَاؤُنَا يُقَدِّسُون يُوْم الأحَدٌ جِدّاً لأِنَّهُ يُوْم الرَّبَّ .. لِذلِك كَسْر السَّبْت يُرْفَض مِنْ الجَمَاعَة أوْصَاهُمْ الله وَصِيَّة غَرِيبَة قَالَ لَهُمْ عِنْدَمَا تَصْنَع ثَوْبَك إِجْعَل عَلَى هُدْب ثَوْبَك عَصَابَة مِنْ أسْمَنْجُونِي .. ﴿ وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ أنْ يَصْنَعُوا لَهُمْ أهْدَاباً فِي أذْيَالِ ثِيَابِهِمْ فِي أجْيَالِهِمْ وَيَجْعَلُوا عَلَى هُدُْبِ الذَّيْلِ عِصَابَةً مِنْ أسْمَانْجُونِيٍّ .. فَتَكُونُ لَكُمْ هُدُْباً فَتَرَوْنَهَا وَتَذْكُرُونَ كُلَّ وَصَايَا الرَّبِّ وَتَعْمَلُونَهَا وَلاَ تَطُوفُونَ وَرَاءَ قُلُوبِكُمْ ﴾ ( عد 15 : 37 – 39 )ثُوبَك كُلُّه يَكُون لُون وَهُدْب ذِيلُه يَكُون لُون أسْمَانْجُونِي أي لُون أزْرَق سَمَاوِي وَهُوَ لُون خِيمِة الإِجْتِمَاع .. أي يَكُون بِك جُزْء مِنْ خِيمِة الإِجْتِمَاع أوْ السَّمَاء .. الثُّوب يُشِير لِلجَسَدٌ .. لَوْ نَظَرْت إِلَى ثَوْبَك تَجِدٌ بِهِ جُزْء أسْمَنْجُونِي لِتَتَذَكَّر أنَّكَ إِنْسَان سَمَاوِي حَتَّى وَإِنْ كُنْت تَعِيش عَلَى الأرْض .. حَتَّى وَإِنْ كُنْت تَعِيش بِالجَسَدٌ لكِنْ بِك جُزْء سَمَاوِي .. أنْتَ مِنْ سُكَّان السَّمَاء .. حَتَّى أنَّ البَعْض كَانَ يَضَعْ فِي الجُزْء الأسْمَانْجُونِي أوْرَاق صَغِيرَة بِهَا الوَصَايَا .. أي كَأنَّهُ سَائِر بِوَصَايَا الله وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي ﴾ ( مز 119 : 105 ) .. بُولِس الرَّسُول أيْضاً قَالَ كَلِمَة بِهَا فِكْر يَهُودِي ﴿ حَاذِينَ أرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ ﴾ ( أف 6 : 15 ) لأِنَّهُ كَانَ يُكَلِّمْ العِبْرَانِييِّنْ ﴿ تَذْكُرُونَ كُلَّ وَصَايَا الرَّبِّ ﴾ .. الله يُرِيدْ أنْ يَضَعْ بِك لُون سَمَاوِي .. يُرِيدْ أنْ يُمَيِّزَك أنْتَ فِي الجَسَد لكِنَّك مِنْ سُكَّان السَّمَاء فَلاَ تَحْيَا بِحَسَبْ الجَسَد .. الله يَقُول لَهُمْ فِي هذَا الأصْحَاح أنَّ السَّمَاء تَبْدأ مِنْ الأرْض وَأنَّ كَنْعَان لَيْسَتْ مَكَان بَلْ حَالَة لَيْتَك تَعِيشَهَا بِالذَّبَائِح وَسَكِيب الخَمْر وَأنْ تَحْيَا الوَصَايَا وَأنْتَ وَاضِعْ هُدْب أسْمَانْجُونِي لِتَضْمَنْ أنَّكَ سَتَدْخُلْهَا رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيَسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج8 تجسس الارض

الأصْحَاح الثَّالِث عَشَر : * تَجَسُّس أرْض كَنْعَان * الله أخْرَج الشَّعْب بِذِرَاع رَفِيعَة مِنْ أرْض مِصْر لِيَدْخُلُوا أرْض كَنْعَان أرْض تَفِيض لَبَنْ وَعَسَل الله أخْرَجَهُمْ مِنْ مَصْر وَرَافَقَهُمْ فِي البَرِّيَّة ﴿ ثُمَّ كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً أرْسِلْ رِجَالاً لِيَتَجَسَّسُوا أرْضَ كَنْعَانَ الَّتِي أنَا مُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾( عد 13 : 1 – 2 ) .. الشَّعْب تَذَّمَر عَلَى الله وَقَالَ لَهُ أنْتَ أخْرَجْتِنَا مِنْ مِصْر وَلَمْ نَعْلَمْ أيْنَ نَذْهَبْ .. وَكَمَا يَقُول الكِتَاب * إِذْ كَانَ إِيمَانَهُمْ ضَعِيفْ طَلَبُوا أنْ يُرْسِلُوا جَوَاسِيس * .. هُمْ الَّذِينَ طَلَبُوا مِنْ الله أنْ يُرْسِل لَهُمْ جَوَاسِيس فَأرْسَل لَهُمْ مِنْ كُلَّ سِبْط رَجُل أي أرْسَلْ إِثْنَي عَشَرَ رَجُلاً لِيُمَثِّلُوا الشَّعْب كُلُّه مَا الحِكْمَة فِي ذلِك ؟ الله أرَادَنَا أنْ نَسْلُك بِالإِيمَان لاَ بِالعَيَان .. وَالإِيمَان هُوَ ﴿ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى ﴾ ( عب 11 : 1) وَلكِنَّهُمْ لاَ يُرِيدُون أنْ يَسْلُكُوا بِالثِّقَة بِمَا يُرْجَى .. الله عَجِيب دَائِماً يَتَنَازَل عَنْ أُمور كَثِيرَة لأِجْل ضَعْف الإِنْسَان .. عَجِيبْ هُوَ الله لأِنَّهُ يَسِير بِمُسْتَوَانَا نَحْنُ .. عَجِيب فِي مَحَبِّتُه .. هُوَ قَابِلْنَا بِكُلَّ ضَعَفَاتْنَا فِي عَهْد صَمُوئِيل النَّبِي عِنْدَمَا طَلَبَ الشَّعْب مَلِك مِثْل سَائِر الأُمَمْ كَانَ الله يُرِيدْ أنْ يُعْلِنْ لَهُمْ أنَّهُ رَاعِيهُمْ وَسَيِّدَهُمْ وَمَلِكَهُمْ لكِنُّه تَنَازَل وَاسْتَجَابَ لَهُمْ لِيُعْلِنْ لَهُمْ أنَّهُمْ رَفَضُوه مَلِك عَلَيْهِمْ إِلاَّ أنَّهُ يَسْتَجِيب لَهُمْ وَإِنْ كَانَ يَتَمَنَّى أنْ نَسْلُك بِحَسَبْ إِرَادَتُه .. لِذلِك وَافَقٌ عَلَى إِقَامِة مَلِك لَهُمْ .. هُنَا أيْضاً يُوَافِقٌ عَلَى إِرْسَال جَوَاسِيس إِثَنَى عَشَرَ رَجُل يَتَجَسَّسُوا الأرْض .. وَالكِتَاب ذَكَر الأمَاكِنْ الَّتِي مَرَّ بِهَا الجَوَاسِيس حَتَّى وَصَلُوا إِلَى أرْض جَمِيلَة جِدّاً يُسَمَّى وَادِي أشْكُول وَهُوَ مَكَان مُنْخَفِض مَشْهُورٌ بِزِرَاعِة الفَاكِهَة وَخَاصَّةً العِنَبْ فَحَمَلُوا مِنْ هذِهِ الأرْض ثِمَارْهَا لِيِفَرَّحُوا الشَّعْب بِخِير هذِهِ الأرْض فَأخَذُوا مِنْهَا عَنْقُودٌ عِنَبْ كَبِير وَثِمَار رُمَّان وَتِينْ .. وَحَمَلُوا عَنْقُود العِنَبْ عَلَى عَصَا طَوِيلَة وَبَيْنَمَا هُمْ سَائِرُون بِثِمَار الأرْض الجَيِّدَة رَأُوا بَنِي عَنَاق وَهُمْ جَبَابِرَة إِسْتَوْلُوا عَلَى هذِهِ الأرْض وَلَيْسُوا هُمْ سُكَّانْهَا الأصْلِيِّينْ بَنُو عَنَاق هُمْ مِنْ شُعُوب الأرْض تَمَيَّزُوا بِجِينَات وِرَاثِيَّة تُعْطِيهُمْ صِفَات العَمَالِقَة فَكَانَ حَجْمُهُمْ ثَلاَثَة أضْعَاف حَجْم الإِنْسَان العَادِي .. وَلَمْ يَعْمَلُوا فِي فِلاَحِة الأرْض وَالزِّرَاعَة مِثْل سَائِر شُعُوب الأرْض بَلْ كَانَ عَمَلِهِمْ مُحْتَرِفِي حَرْب أي قُطَّاع طُرُقٌ يَسْتَوْلُونَ عَلَى الأرَاضِي الجَيِّدَة .. عِنْدَمَا رَأُوهُمْ جَوَاسِيس بَنِي إِسْرَائِيل خَافُوا جِدّاً وَقَالُوا أبَعْد هذِهِ الرِّحْلَة فِي البَرِّيَّة وَهذِهِ المُعَانَاة نَجِدٌ هؤُلاَء أمَامَنَا ؟وَعِنْدَمَا رَجَعَ الجَوَاسِيس لِلشَّعْب قَالُوا أنَّ الأرْض جَيِّدَة جِدّاً جِدّاً لكِنْ مِنْ المُسْتَحِيل أنْ نَدْخُلْهَا .. لِمَاذَا ؟ لِوُجُودٌ بَنِي عَنَاقٌ فِيهَا فَقَدْ كُنَّا فِي أعْيُنَهُمْ كَالجَرَادٌ .. هذَا مَا قَالَهُ عَشْرَة جَوَاسِيس مِنْ الإِثْنَى عَشَر أمَّا الإِثْنَان البَاقِيَان فَقَالاَ ﴿ الأرْضُ جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأرْضِ ﴾( عد 14 : 7 – 8 ) .. عَشْرَة رِجَال مِنْ الجَوَاسِيس أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَإِثْنَان شَكَّرُوا فِيهَا .. الَّذِينَ أشَاعُوا مَذَمَّة جَعَلُوا الشَّعْب يَتَذَمَّر وَبَكُوا وَقَالُوا لَقَدْ كُنَّا فِي مِصْر مُسْتَرِيحِينْ وَلَمَّا أخْرَجْتَنَا مِنْ أرْض مِصْر وَصَلْنَا إِلَى أرْض صَعْب دُخُولْهَا .. وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَرْجَعُوا إِلَى أرْض مِصْر مَرَّة أُخْرَى وَأرَادُوا أنْ يُقِيمُوا لَهُمْ رَئِيس يَعُودٌ بِهُمْ مَرَّة أُخْرَى إِلَى أرْض مِصْر .. لكِنْ مُوسَى النَّبِي سَقَطَ عَلَى وَجْهَهُ أمَام الله كَيْ تَمُر هذِهِ المِحْنَة .. وَسَمَعَ الله لِمُوسَى وَلكِنَّهُ أعْطَى لَهُمْ عُقُوبَتَيْنِ هُمَا :- 1. لَنْ يَدْخُلُوا أرْض المَوْعِد . 2. سَيُتِيهَهُمْ فِي البَرِّيَّة عَنْ كُلَّ يُوْم فِي رِحْلِة الجَوَاسِيس سَنَة .. وَكَانَتْ رِحْلِة التَّجَسُّس أرْبَعِينَ يَوْماً .. أي سَيُتِيهَهُمْ أرْبِعِينَ سَنَة رَغْم أنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مَشَارِفْ الأرْض عَلَى حُدُودٌ بَحْر سُوف .. لكِنْ الكِتَاب يَقُول أنَّهُمْ إِرْتَحَلُوا عَنْ بَحْر سُوف أي تَاهُوا . كَانَ يَجِبْ عَلَى الجَوَاسِيس أنْ يِشَجَعُوا الشَّعْب بَعْدَمَا تَذَوَقُوا مِنْ ثَمَر الأرْض كَانَ لاَبُدْ لَهُمْ أنْ يَصِفُوا حَلاَوِة الثَّمَر لِلشَّعْب لِيُشَجِّعُوهُمْ عَلَى الدُّخُول إِلَيْهَا .. هكَذَا دُور الْمَسِيحِي يَجِبْ عَلَيْهِ أنْ يَتَذَوَقٌ حَلاَوِة ثِمَار الحَيَاة مَعَ الله وَيَدْعُو النَّاس لَهَا .. عَنْقُودٌ العِنَبْ يَرْمُز لِلْمَسِيح لِذلِك قِيلَ عَنْ العَذْرَاء * الحَامِلَة عَنْقُودٌ الحَيَاة * الإِنْسَان الَّذِي يَتَذَوَقٌ ثِمَار العِشْرَة مَعَ الله يَجْذِب الآلاَف .. الَّذِي يَتَذَوَقٌ حَلاَوِة الإِتِضَاع يَقُول أنَّهُ لَذِيذْ وَلَيْسَ ضَعْف .. الَّذِي يَتَذَوَقٌ حَلاَوِة عِشْرِة الْمَسِيح يُفْطَمْ عَنْ مَحَبِّة العَالَمْ وَيَدْعُو غَيْرُه لِيَتَذَوَقْهَا وَكَمَا يَقُول مَارِ يُوحَنَّا الحَبِيب ﴿ الَّذِي رَأيْنَاهُ بِعُيُونِنَا الَّذِي شَاهَدْنَاهُ وَلَمَسَتْهُ أيْدِينَا مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الحَيَاةِ ﴾ ( 1يو 1 : 1) لِذلِك عِنْدَمَا تَدْخُل الكِنِيسَة وَتَحْيَاهَا سَتَذُوقٌ وَتَلْمِس وَتَرَى .. نَحْنُ سُكَّان كَنْعَان نَتَذَوَقٌ حَلاَوِة ثِمَارْهَا وَعِنْدَمَا نَخْرُج لِلعَالَمْ نُنَادِي وَنَقُول تَعَالُوا إِفْرَحُوا مَعَنَا وَتَذَوَقُوا حَلاَوِة الله .. ﴿ قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا ﴾ ( يو 1 : 41) .. ﴿ ذُوقُوا وَانْظُرُوا مَا أطْيَبَ الرَّبَّ ﴾ ( مز 34 : 8 ) الجَاسُوسَان اللَّذَان وَجَدَا أنَّ الأرْض جَيِّدَة جِدّاً وَالله قَادِر أنْ يُعْطِيهَا لِلشَّعْب هُمَا يَشُوع بن نُون .. وَكَالِب بن يَفُنَّه .. كَلِمَة * يَشُوع * فِي العِبْرِيَّة هِيَ * يَسُوع * لأِنَّ حَرْفَي * س & ش * فِي اللُغَة العِبْرِيَّة حَرْف وَاحِدٌ .. يَشُوع هُوَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى كَنْعَان وَتَذَوَقٌ مِنْ ثَمَرْهَا وَعَادَ يَدْعُو الشَّعْب لِيَدْخُلْهَا .. هُوَ يَسُوع الَّذِي صَعَدَ كَسَابِقٌ لِلسَّمَاء لِيُعِدٌ لَنَا طَرِيقٌ ثُمَّ يَعُودٌ مَرَّة أُخْرَى لِيَأخُذْنَا لِذلِك يَشُوع هُوَ رَمْز لِلْمَسِيح لَهُ المَجْد كَسَابِقٌ مِنْ أجْلِنَا وَهُوَ قَالْ ﴿ فِي بَيْتِ أبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ ... أنَا أمْضِي لأُِعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً ... آتِي أيْضاً وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ ﴾ ( يو 14 : 2 – 3 ) * كَالِب * تَعْنِي * قَلْب * .. الَّذِي مَعَ يَسُوع لاَبُدْ أنْ يَكُون قَلْبُه جَادٌ رَاغِبْ فِي مِيرَاث السَّمَاء .. طَرِيقٌ كَنْعَان وَعْر لِذلِك لاَبُدْ مِنْ إِرْتِبَاط كَالِبْ بِيَشُوع لِتَسْتَطِيعْ أنْ تَدْخُلْهَا .. كَالِبْ وَيَشُوع تَحَدُّوا العَشْرَة جَوَاسِيس فَصَارَت النِّسْبَة 2 : 10 .. وَالعَشْرَة جَوَاسِيس أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الشَّعْب لأِنَّ الخَبَر الرَّدِئ سَرِيعْ الإِنْتِشَار أكْثَر مِنْ الخَبَر الجَيِّدٌ .. وَبِذلِك تَحَدَيَا الشَّعْب كُلُّه .. كَانَ المَفْرُوض أنَّ الشَّعْب يَنْجَذِبْ إِلَى يَشُوع وَكَالِب لكِنَّهُ إِنْجَذَبَ لِلعَشَرَة الآخَرِينْ وَبِذلِك صَارَ كَالِب وَيَشُوع ضِدٌ الشَّعْب كُلُّه .. كَالِب وَيَشُوع قَالاَ الله قَادِرٌ أنْ يَجْعَل بَنِي عَنَاقٌ خُبْزَنَا هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِمْ .. قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ .. هذَا عَمَل الإِيمَان . لِلإِيمَان بَرَكَات جَمِيلَة بَيْنَمَا قِلِّة الإِيمَان لَهَا نَتَائِج رَدِيئَة مِنْ بَرَكَات الإِيمَان :- 1- شَجَاعِة قَلْب الإِيمَان يُرَبِّي فِي القَلْب ثِقَة .. يَشُوع وَكَالِب قَالاَ نَحْنُ قَادِرُون عَلَيْهِمْ .. كَيْفَ وَهؤُلاَء عَمَالِقَة جَبَابِرَة ؟ يَقُولاَ هذِهِ هِي رُؤيِة الإِيمَان .. تَجْعَل الإِنْسَان يَرَى الحَقَّ وَلَيْسَ البَاطِل دُونَ أنْ يَخْضَعْ لِلأغْلَبِيَّة . 2- شَهَادِة الحَقَّ هِيَ رُؤيِة الحَقَّ دُونَ الخُضُوع لِلأغْلَبِيَّة .. نَحْنُ فِي العَالَمْ نَسْلُك وَالأغْلَبِيَّة يَمِيلُون لِلشَّهَوَات وَالمَلَذَات .. لكِنْ إِبْن الله مُخْتَلِفْ .. لاَبُدْ أنْ يَشْهَدٌ لِلحَقَّ حَتَّى وَإِنْ كَانَ قِلَّة قَلِيلَة .. حَتَّى وَإِنْ كَانَ بِنِسْبِة 2 : 10 أوْ بِنِسْبِة 2 : 600.000 .. تَخَيَّل أنَّ نِسْبِة المَوْجُودِينْ فِي الكِنِيسَة بِالنِّسْبَة لِلَّذِينَ هُمْ خَارِج الكِنِيسَة مُؤمِنُون وَغِير مُؤمِنُون 2 : 600.000 .. لكِنْ هذِهِ القِلَّة تَشْهَدٌ لِلحَقَّ .. قَالَ يَشُوع وَكَالِب ﴿ الأرْضُ جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأرْضِ وَيُعْطِينَا إِيَّاهَا أرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً .. إِنَّمَا لاَ تَتَمَرَّدُوا عَلَى الرَّبِّ وَلاَ تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأرْضِ لأِنَّهُمْ خُبْزُنَا قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ وَالرَّبُّ مَعَْنَا .. لاَ تَخَافُوهُمْ ﴾ ( عد 14 : 7 – 9 ) لكِنْ عِنْدَمَا سَمَعَ الشَّعْب هذَا الكَلاَم أرَادُوا أنْ يَرْجِمُوهُمَا بِالحِجَارَة ﴿ وَلكِنْ قَالَ كُلُّ الجَمَاعَةِ أنْ يُرْجَمَا بِالحِجَارَةِ ﴾ ( عد 14 : 10 ) .. تَخَيَّل أنَّ صُوْت الله يُقَاوَم إِلَى هذَِهِ الدَّرَجَة .. الَّذِي يَقُول أنَّ الإِنْجِيل ألَذ مِنْ شَهَوَات العَالَمْ قِلَّة قَلِيلَة وَالإِنْجِيل يَرْوِي لَنَا قِصَص كَثِيرَة مِثْلَهَا لكِنْ بِأسْمَاء مُخْتَلِفَة .. قَلِيلُون هُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ لِلحَقَّ وَيُشَوِقُونَنَا لِلسَّمَاء . 3- دُخُول أرْض المِيعَادٌ كَالِب وَيَشُوع أسْكَتَا الشَّعْب وَقَالاَ ثِقُوا أنَّ الله سَيُعْطِينَا الأرْض .. ثِقُوا فِي وُعُودٌ الله .. وَبِالفِعْل هُمَا فَقَطْ الَّذَينِ دَخَلاَ الأرْض مِنْ كُلْ جِيلِهِمَا . نَتَائِج عَدَم الإِيمَان :- 1- خُوْف وَرُعْب﴿ لاَ نَقْدِرْ أنْ نَصْعَدَ إِلَى الشَّعْبِ لأِنَّهُمْ أشَدُّ مِنَّا ﴾ ( عد 13 : 31 ) .. ﴿ قَدْ ذَهَبْنَا إِلَى الأرْضِ الَّتِي أرْسَلْتَنَا إِلَيْهَا وَحَقّاً إِنَّهَا تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً وَهذَا ثَمَرُهَا .. غَيْرَ أنَّ الشَّعْبَ السَّاكِنَ فِي الأرْضِ مُعْتَزٌّ وَالمُدُنُ حَصِينَةٌ عَظِيمَةٌ جِدّاً .. وَأيْضاً قَدْ رَأيْنَا بَنِي عَنَاقَ هُنَاكَ .. العَمَالِقَةُ سَاكِنُونَ فِي أرْضِ الجَنُوبِ وَالحِثِّيُّونَ وَاليَبُوسِيُّونَ وَالأمُورِيُّونَ سَاكِنُونَ فِي الجَبَلِ وَالكَنْعَانِيُّونَ سَاكِنُونَ عِنْدَ البَحْرِ وَعَلَى جَانِبِ الأُرْدُنِّ ﴾ ( عد 13 : 27 – 29 ) .. خُوْف وَاضْطِرَاب .. خُوْف وَرُعْب . 2- خِسَارِة أرْض المَوْعِدٌ قَالَ لَهُمْ الله لَنْ تَدْخُلُوا الأرْض . 3- تَأدِيبْ أتَاهَهُمْ الله أرْبَعِينَ سَنَة .. ﴿ كَعَدَدِ الأيَّامِ الَّتِي تَجَسَّسْتُمْ فِيهَا الأرْضَ أرْبَعِينَ يَوْماً لِلسَّنَةِ يَوْمٌ تَحْمِلُونَ ذُنُوبَكُمْ أرْبِعِينَ سَنَةً فَتَعْرِفُونَ ابْتِعَادِي ﴾ ( عد 14 : 34 ) .. ألَسْتُمْ تُرِيدُون أنْ تَسِيرُوا بِرَأيُكُمْ بِالعِيَان لاَ بِالإِيمَان لِذلِك سَتَرَوْنَ إِبْتِعَادِي .. كَلِمَة صَعْبَة .. قُلْ لله لاَ تَسْمَح أنْ أرَى إِبْتِعَادَك عَنِّي لكِنِّي أُرِيدْ أنْ أتَذَوَق إِقْتِرَابَك . الطَّرِيقٌ إِلَى كَنْعَان :- الطَّرِيقٌ الَّذِي ذَهَبُوا فِيهِ ﴿ إِطْلَعُوا إِلَى الجَبَلِ ﴾ ( عد 13 : 17) .. كَيْ نَتَمَتَّعْ بِالسَّمَوِيَات لاَبُدْ أنْ نَصْعَدٌ الجَبَلْ .. جَبَلْ الله .. الله سَمَح أنْ يَكُون لِكُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا جَبَلْ فِي قَلْبُه لِكَيْ يَرْتَفِعْ فَوْقَهُ وَيَتَحَدَّث مَعَ الله .. لِيَرْتَفِعْ فَوْقَ أحْزَانُه .. هُمُومُه .. مَلَذَاتُه .. مَشْغُولِيَاتُه فِي الطَّرِيقٌ ذَهَبُوا أرْبَعِة مُدُن .. ﴿ فَصَعِدُوا وَتَجَسَّسُوا الأرْضَ مِنْ بَرِّيَّةِ صِينَ إِلَى رَحُوبَ فِي مَدْخَلِ حَمَاة .. صَعِدُوا إِلَى الجَنُوبِ وَأتُوا إِلَى حَبْرُونَ ﴾ ( عد 13 : 21 – 22 ) بَرِّيَّة صِين * صِين * مَعْنَاهَا * تَجَارُب * .. الَّذِي يَذْهَبْ إِلَى كَنْعَان لاَبُدْ أنْ يَعْرِفْ أنَّهُ سَيَمُر بِتَجَارُب كَثِيرَة .. ﴿ بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ ﴾ ( أع 14 : 22 ) .. مَنْ مِنَّا عِنْدَمَا أرَادَ أنْ يُصَلِّي يُصَلِّي بِرَاحَة ؟!! لاَبُدْ أنْ يَجِدٌ الجَسَد يِحَارِبْ وَالظُّرُوف تِحَارِبْ وَتَجَارُب كَثِيرَة .. عِنْدَمَا نَجْتَاز بَرِّيِة صِين نَدْخُلْ رَحُوب . رَحُوب مَعْنَاهَا * إِتِّسَاع * .. الَّذِي يَجْتَاز الضِيقَات وَالتَّجَارُب سَيَجِدٌ تَعْزِيَة .. إِرْتِيَاح .. إِتِّسَاع .. بَرِّيَة صِين مَرْحَلَة تَدْخُل بِنَا إِلَى الإِتِسَاع .. رَحُوب حَمَاة مَعْنَاهَا * حِمَايَة * .. تَعْزِيَة أفْضَلْ مِنْ الإِتِّسَاع .. نَحْنُ نَمُر فِي الطَّرِيقٌ بِضِيقَات لاَ لِنَحْيَا فِي كَآبَة بَلْ لِنَجِدٌ تَعْزِيَة وَفَرَح بِالإِتِّسَاع .. إِذاً فِي الضِّيقٌ نَجِدٌ حِمَايَة وَنَتَمَتَّعْ بِهَا فِي حَمَاة حَبْرُون مَعْنَاهَا * شَرِكَة * .. شَرِكَة آلاَم الْمَسِيح .. سَنَجِدٌ بِهذِهِ الشَّرِكَة غَلْبَة عَلَى بَنِي عَنَاقٌ .. الشَّرِكَة مَعَ الله تُعْطِي غَلْبَة عَلَى أعْدَاء الطَّرِيقٌ وَادِي أشْكُول﴿ وَأتَوْا إِلَى وَادِي أشْكُولَ ﴾ ( عد 13 : 23 ) .. هُوَ وَادِي مُنْخَفِض وَهُوَ وَادِي مَشْهُور بِزِرَاعِة الفَوَاكِه وَخَاصَّةً العِنَبْ . أعْدَاء الطَّرِيقٌ :- فِي الطَّرِيقٌ رَأُوا ﴿ وَكَانَ هُنَاكَ أخِيمَانُ وَشِيشَايُ وَتَلْمَايُ بَنُو عَنَاقٍ ﴾ ( عد 13 : 22 )هؤُلاَء هُمْ بَنِي عَنَاقٌ وَهُمْ مَنْ أخَافُوا الشَّعْب :- أخِيمَان مَعْنَاهَا * أخُو الإِنْسَان * .. هُوَ أوِّل عَدُو لاَبُدْ أنْ نَغْلِبُه الطَّبِيعَة البَشَرِيَّة الإِنْسَانِيَّة الَّتِي تَظْهَر كَأخ لِلإِنْسَان لكِنَّهُ أخ كَاذِبْ شِيشَاي مَعْنَاهَا * حُرِّيَّة * .. مَنْ يُرِيدْ أنْ يَدْخُلْ السَّمَاء لاَبُدْ لَهُ أنْ لاَ يَنْخَدِع بِالحُرِّيَّة الكَاذِبَة وَإِلاَّ تَحَوَلَتْ إِلَى عُبُودِيَّة تَسْتَعْبِدُه لَهَا تِلْمَاي مَعْنَاهَا * شَجَاعَة * .. عَدُو الخِير يُحَارِبْنَا بِالشَّجَاعَة الكَاذِبَة .. بِالإِتِّكَال عَلَى الذَّات .. هذِهِ هِيَ فِخَاخ العَدُّو ..طَبِيعِة الإِنْسَان تَغْلِبُه ثُمَّ يُسْتَعْبَدٌ لِحُرِّيِة العَالَمْ الكَاذِبَة وَيَسْنِدُه شَجَاعَة كَاذِبَة ذَاتِيَّة .. لَيْتَك تَحْذَر بِالخَاصَّة مِنْ تِلْمَاي .. فِي الطَّرِيقٌ نُوَاجِه صُعُوبَات فِي العَالَمْ ﴿ فِي العَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ .. وَلكِنْ ثِقُوا أنَا قَدْ غَلَبْتُ العَالَمَ ﴾ ( يو 16 : 33 ) رَجَعْ الجَوَاسِيس بِعَنْقُودٌ عِنَبْ كِبِير الحَجْم .. ﴿ وَأتَوْا إِلَى وَادِي أشْكُولَ وَقَطَفُوا مِنْ هُنَاكَ زَرَجُونَةً بِعُنْقُودٍ وَاحِدٍ مِنَ العِنَبِ وَحَمَلُوهُ بِالدُّقْرَانَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَعَْ شَيْءٍ مِنَ الرُّمَانِ وَالتِّينِ ﴾ ( عد 13 : 23 ) .. * زَرَجُونَة عِنَبْ * أي جُزْء كِبِير مِنْ العِنَبْ .. * دَقْرَانَة * هِيَ عَمُودٌ طَوِيل مِنْ الخَشَبْ يُحْمَل عَلِيه الثِّمَار بَيْنَ إِثْنَيْنِ .. أي قِطْعِة خَشَبْ كِبِيرَة يُحْمَل عَلَيْهَا عَنْقُودٌ عِنَبْ كِبِير وَحَمَلْهَا رِجَال عَلَى أكْتَافِهِمْ .. الآبَاء يَقُولُون أنَّ الرِّجَال الَّذِينَ حَمَلُوا الدِقْرَانَة الحَامِلَة عَنْقُودٌ العِنَبْ هُمْ العَهْد القَدِيم وَالعَهْد الجِدِيد .. بَعْض الرِّجَال الَّذِينَ حَمَلُوا العَنْقُودٌ كَانَ العَنْقُودٌ خَلْفُهُمْ لاَ يَرُوه لكِنَّهُمْ يَحْمِلُوا الدِقْرَانَة عَلَى أكْتَافِهِمْ وَالبَعْض الآخَر مِنْهُمْ كَانَ العَنْقُودٌ أمَامَهُمْ أي أمَام أعْيُنَهُمْ الَّذِينَ حَمَلُوا الدِقْرَانَة وَعَنْقُودٌ العِنَبْ خَلْفُهُمْ هُمْ العَهْد القَدِيم الَّذِي تَكَلَّمْ عَنْ عَنْقُودٌ الحَيَاة رَبَّ المَجْد يَسُوع المَصْلُوب عَلَى خَشَبِة الصَّلِيب دُونَ أنْ يَرَاه .. بَيْنَمَا العَهْد الجَدِيد حَمَلَهُ وَتَكَلَّمْ عَنْهُ وَهُوَ يَرَاه .. لِذلِك العَهْد القَدِيم مَارَسُوا طُقُوس وَحَمَلُوا الصَّلِيب دُونَ أنْ يَعُوه .. أقَامُوا الفِصْح دُونَ أنْ يَفْهَمُوا يُونَان النَّبِي وَهُوَ فِي بَطْن الحُوْت هَلْ كَانَ يَعِي أنَّهُ إِشَارَة لِمُوت وَقِيَامِة رَبَّ المَجْد يَسُوع ؟ .. لاَ .. إِبْرَاهِيم أبُو الآبَاء عِنْدَمَا ذَهَبَ لِيَذْبَح إِسْحَق هَلْ كَانَ يَفْهَمْ ؟ .. لاَ .. لكِنَّنَا نَحْنُ نَفْهَمْ العَنْقُودٌ لأِنَّهُ أمَامَنَا .. ﴿ فَسَارُوا حَتَّى أتَوْا إِلَى مُوسَى وَهَارُون وَكُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى بَرِّيَّةِ فَارَانَ إِلَى قَادِشَ وَرَدُّوا إِلَيْهِمَا خَبَراً وَإِلَى كُلِّ الجَمَاعَةِ وَأرُوهُمْ ثَمَرَ الأرْضِ ﴾ ( عد 13 : 26 ) .. أرْبِعُونَ يَوْماً الشَّعْب مِنْتِظِر الجَوَاسِيس بِلَهْفَة .. لَمْ تَكُنْ هُنَاك وَسَائِل إِتِصَال سَرِيعَة سِوَى إِنْتِظَار عَوْدَتَهُمْ .. وَلَمَّا عَادُوا أشَاعُوا مَذَّمَة .. تَخَيَّل عِنْدَمَا تَعِيش الحَيَاة وَلاَ أحَدٌ يَتَكَلَّمْ مَعَك عَنْ عُذُوبِة السَّمَاء !! .. ضَاعْ هَدَفَك .. لكِنْ تَخَيَّل عِنْدَمَا يُشِيعْ لَك أحَدٌ مَذَمَّة فِي الطَّرِيقٌ .. مَاذَا يَحْدُث ؟ .. لِذلِك لاَبُدْ أنْ تَتَزِنْ فِي جِهَادَك .. الشَّعْب كُلُّه سَارَ وَرَاءَ العَشَرَة جَوَاسِيس وَتَذَمَّرُوا .. ﴿ لكِنْ كَالِب أنْصَتَ الشَّعْبَ ﴾ ( عد 13 : 30 ) أي أسْكَتَهُمْ .. ﴿ وَقَالَ إِنَّنَا نَصْعَدُ وَنَمْتَلِكُهَا لأِنَّنَا قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾ .. نَحْنُ قَادِرُون عَلَيْهِمْ .. لاَ تَشُّكُّوا فِي مَوَاعِيد الله . تَقْرِير الجَوَاسِيس :- هُوَ حَال الإِنْسَان عَنْ إِنْطِبَاعَاتُه عَنْ الحَيَاة الأبَدِيَّة وَاشْتِيَاقَات قَلْبُه .. لاَبُدْ أنْ نَعْرِف أنَّ الغَالِبِيَّة مُحْبَطَة .. وَعَدَم الإِيمَان يَنْتَشِر بِسُرْعَة أكْثَر مِنْ الإِيمَان .. ﴿ فَرَفَعَتْ كُلَّ الجَمَاعَةِ صَوْتَهَا وَصَرَخَتْ وَبَكَى الشَّعْبُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ .. وَتَذَمَّرَ عَلَى مُوسَى وَعَلَى هَارُون جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمَا كُلُّ الجَمَاعَةِ لَيْتَنَا مُتنَا فِي أرْضِ مِصْرَ ﴾ ( عد 14 : 1 – 2 ) .. هَلْ تُرِيدْ أنْ تُخْرِجْنَا مِنْ أرْض مَصْر إِلَى أرْض تَأكُل سُكَّانْهَا ؟ هَلْ كُنَا لاَ نَسْتَطِيعْ أنْ نَظَلْ فِي أرْض مِصْر وَنَمُوْت فِيهَا ؟ .. الله قَالَ لَهُمْ ﴿ مِنْ فَمِكَ أدِينُكَ ﴾( لو 19 : 22 ) .. أنْتَ قُلْت * لَيْتَنَا * لِذلِك سَتَمُوتُون فِي القَفْر .. ﴿ أوْ لَيْتَنَا مُتْنَا فِي هذَا القَفْرِ .. وَلِمَاذَا أتَى بِنَا الرَّبُّ إِلَى هذِهِ الأرْضِ لِنَسْقُطَ بِالسَّيْفِ .. تَصِيرُ نِسَاؤُنَا وَأطْفَالُنَا غَنِيمَةً ﴾( عد 14 : 2 – 3 ) .. لِذلِك قَالَ لَهُمْ الله أنْتُمْ سَتَمُوتُونَ فِي القَفْر أمَّا أوْلاَدَكُمْ فَسَيَدْخُلُون أرْض المِيعَادٌ ﴿ ألَيْسَ خَيْراً لَنَا أنْ نَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ .. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ نُقِيمُ رَئِيساً وَنَرْجِعُ إِلَى مِصْرَ ﴾( عد 14 : 3 – 4 ) .. صَارَ قَرَار العَوْدَة إِلَى مَصْر .. عَدَم إِيمَان .. كَانَ أمَامَهُمْ خَطَوَات قَلِيلَة وَالوَعْد يَتَحَقَّقٌ لكِنْ إِيمَانَهُمْ إِهْتَز .. بَيْنَمَا الكِتَاب يَقُول ﴿ هذِهِ هيَ الغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلُبُ العَالَمَ إِيمَانُنَا ﴾( 1يو 5 : 4 ) .. الله يُرِيدْ أنْ يُعْطِينَا نِعَمْ كَثِيرَة وَنَحْنُ نَتَذَمَّر وَنُشِيعْ مَذَمَّة .. تَذَمَّر الشَّعْب عَلَى مُوسَى .. العَجِيب أنَّ الشَّعْب بَدَلاً مِنْ أنْ يِشْتِكِي ضَعْف إِيمَانُه وَيَطْلُبْ صَلاَة مُوسَى النَّبِي عَنْهُ لِيُزِيدْ الله إِيمَانُه إِشْتَكَى الله .. وَهذَا مَا يَحْدُث مَعَ الإِنْسَان يَقُول لله أنْتَ وَضَعْتَنِي فِي طَرِيقٌ بِهِ أعْدَاء وَلاَ يُفَكِّر الإِنْسَان فِي تَقْصِيرُه هُوَ مُوسَى النَّبِي يَرْمُز لِلْمَسِيح لأِنَّ مُوسَى صَارَ فِي إِخْلاَء مِنْ القَصْر الَّذِي تَرَبَّى فِيهِ لِيُنْقِذ الشَّعْب مِنْ العُبُودِيَّة وَرَغْم ذلِك طَلَبُوا رَئِيس آخَر لِيُعِيدَهُمْ إِلَى مَصْر أرْض العُبُودِيَّة .. هذَا هُوَ الْمَسِيح الَّذِي أخْلَى نَفْسُه وَجَاءَ إِلَى خَاصَّتُه وَخَاصَّتُه رَفَضَتُه ( يو 1 : 11) .. وَقَالُوا لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَر ( يو 19 : 15 ) .. هذِهِ صُورَة مِنْ وَاقِعْ الإِنْسَان مَا عِلاَج التَّذَمُر عِنْدَ مُوسَى النَّبِي وَهَارُون ؟ .. ﴿ فَسَقَطَ مُوسَى وَهَارُون عَلَى وَجْهَيْهِمَا أمَامَ كُلِّ مَعْشَرِ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ ( عد 14 : 5 ) .. مَا أجْمَل السُقُوط عَلَى الوَجْه أي السُّجُودٌ .. * أنْ يَعْرِف طَرِيقٌ وَجْهَهُ إِلَى الأرْض * .. أجْمَل وَسِيلَة لِحَل المَشَاكِل .. ذُكِرَت هذِهِ الأُمور عَنْ مُوسَى كَثِيراً .. أمَّا يَشُوع وَكَالِب فَقَدْ شَقَّا ثِيَابَهُمَا وَهذَا مَعْنَاه فِي العُرْف اليَهُودِي إِعْلاَن جُحُودٌ الإِنْسَان لِهذَا المَوْقِفْ لِذلِك شَقَّ رَئِيسُ الكَهَنَة ثِيَابَهُ ( مر 14 : 63 ) .. ﴿ وَكَلَّمَا كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ الأرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا الأرْضُ جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً ﴾ ( عد 14 : 7 ) .. مَا أجْمَل أنْ يَكُون كُلَّ إِنْطِبَاعَات الإِنْسَان عَنْ مَوَاعِيد الله – جَيِّدَة – الأرْض وَالسَّمَاء جَيِّدَة جِدّاً .. وَالدُّخُول نِعْمَة مِنْ الله .. ﴿ إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأرْضِ ﴾ ( عد 14 : 8 ) .. ﴿ لاَ بِأعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ ﴾ ( تي 3 : 5 ) .. هذَا عَمَل يَجْعَل الله لاَ يُسَر أنْ يُدْخِلْنَا الأرْض ﴿ إِنَّمَا لاَ تَتَمَرَّدُوا عَلَى الرَّبِّ وَلاَ تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأرْضِ لأِنَّهُمْ خُبْزُنَا .. قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ وَالرَّبُّ مَعَْنَا .. لاَ تَخَافُوهُمْ ﴾ ( عد 14 : 9 ) .. لكِنْ الشَّعْب أرَادَ أنْ يَرْجِمْهُمَا بِالحِجَارَة .. هُنَا رَبِّنَا يَتَدَخَلْ .. فِي البِدَايَة صَمَتْ الله لِيَرَى إِنْطِبَاعَاتَك وَتَفْكِيرَك .. ﴿ ثُمَّ ظَهَرَ مَجْدُ الرَّبِّ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكُلِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ .. وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى حَتَّى مَتَى يُهِينُنِي هذَا الشَّعْبُ وَحَتَّى مَتَى لاَ يُصَدِّقُونَنِي بِجَمِيعِ الآيَاتِ الَّتِي عَمِلْتُ فِي وَسْطِهِمْ ﴾ ( عد 14 : 10 – 11) .. حَتَّى مَتَى يُهِينَنِي الشَّعْب بِعَدَم إِيمَانِهِمْ .. عَدَم الإِيمَان إِهَانَة لله .. فِي كُلَّ مَرَّة إِيمَانَنَا يَضْعُفْ نُهِينْ الله .. وَكَأنَّهُ يَقُول أنَا تَحَمَّلْتَهُمْ مُنْذُ القَدِيم وَأنَا أُظْهِر لَهُمْ عَمَلِي .. عَمَودٌ سَحَاب وَعَمُودٌ نَار .. عَبَّرْتَهُمْ البَحْر الأحْمَر .. أعْتَقْتَهُمْ مِنْ العُبُودِيَّة وَهُمْ لاَ يُصَدِّقُون ﴿ إِنِّي أضْرِبُهُمْ بِالوَبَأ وَأُبِيدُهُمْ وَأُصَيِّرُكَ شَعْباً أكْبَرَ وَأعْظَمَ مِنْهُمْ ﴾ ( عد 14 : 12) .. أنَا سَأفْنِي هذَا الشَّعْب وَأجْعَلَك شَعْب أعْظَمْ مِنْهُمْ وَلِنَسْمَعْ الأنْ طِلْبِة مُوسَى النَّبِي لله .. يَقُول لَهُ أنْتَ تَقُول سَأبِيدَهُمْ ؟ إِذاً مَاذَا يَقُول المَصْرِيُون ؟- دَالَّة - ﴿ فَيَسْمَعُ المِصْرِيُّونَ الَّذِينَ أصْعَدْتَ بِقُوَّتِكَ هذَا الشَّعْبَ مِنْ وَسَطِهِمْ وَيَقُولُونَ لِسُكَّانِ هذِهِ الأرْضِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا أنَّكَ يَارَبُّ فِي وَسَطِ هذَا الشَّعْبِ الَّذِينَ أنْتَ يَارَبُّ قَدْ ظَهَرْتَ لَهُمْ عَيْناً لِعَيْنٍ وَسَحَابَتُكَ وَاقِفَةٌ عَلَيْهِمْ وَأنْتَ سَائِر أمَامَهُمْ بِعَمُودِ سَحَابٍ نَهَاراً وَبِعَمُودِ نَارٍ لَيْلاً .. فَإِنْ قَتَلْتَ هذَا الشَّعْبَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ يَتَكَلَّم الشُّعُوبُ الَّذِينَ سَمِعُوا بِخَبَرِكَ قَائِلِينَ لأِنَّ الرَّبَّ لَمْ يَقْدُِرْ أنْ يُدْخِلَ هذَا الشَّعْبَ إِلَى الأرْضِ الَّتِي حَلَفَ لَهُمْ قَتَلَهُمْ فِي القَفْرِ ﴾ ( عد 14 : 13 – 16) .. الشُّعُوب الَّتِي حَوْلَنَا مَرْعُوبَة مِنَّك يَارَب لأِنَّ لَهُمْ ثِقَة أنَّكَ مَعَنَا .. لكِنْ عِنْدَمَا يَسْمَعُون أنَّكَ تُبِيد شَعْبَك مَاذَا يَقُولُونَ عَنْكَ وَعَنَّا – دَالَّة – .. كَانَ يُكَلِّمْ الله عَيَان بِعَيَان وَيَعْرِف أنَّ هذِهِ النُقْطَة حَسَّاسَة بِالنِّسْبَة لله .. ﴿ فَالآنَ لِتَعْظُمْ قُدْرَةُ سَيِّدِي كَمَا تَكَلَّمْتَ قَائِلاً الرَّبُّ طَوِيلُ الرُّوحِ كَثِيرُ الإِحْسَانِ يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَالسَّيِّئَةَ لكِنَّهُ لاَ يُبْرِئُ بَلْ يَجْعَلُ ذَنْبَ الآبَاءِ عَلَى الأبْنَاءِ إِلَى الجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ .. اِصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ هذَا الشَّعْبِ كَعَظَمَةِ نِعْمَتِكَ وَكَمَا غَفَرْتَ لِهذَا الشَّعْبِ مِنْ مِصْرَ إِلَى ههُنَا ﴾ ( عد 14 : 17 – 19) .. يَارَب نَحْنُ جَهَلَة وَشَكَّاكُون وَإِيمَانُنَا ضَعِيفْ لكِنَّك إِله رَحُوم فَكَمِّل يَارَب غُفْرَانَك ﴿ فَقَالَ الرَّبُّ قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ ﴾ ( عد 14 : 20 ) .. عَظَمِة الله جَمِيلَةٌ فِي مَحَبَّتِهِ لِخُدَّامُه وَمَحَبَّتُه .. جَمِيلَة شَفَاعِة مُوسَى النَّبِي فِي الشَّعْب وَجَيِّدٌ هُوَ أُسْلُوبُه مَعَ الله وَيُكَلِّمُه بِاللُغَة الَّتِي تِفَرَّحُه وَتُرْضِيه .. قَالَ لَهُ أنْتَ لاَ تُبَرِّئ لكِنْ تَجْعَل ذّنْب الآبَاء عَلَى الأبْنَاء إِلَى الجِيل الثَّالِث وَالرَّابِعْ هذِهِ مَرَاحِل الخَطِيَّة .. لَهَا أجْيَال أوِّل وَثَانِي وَثَالِث وَرَابِعْ .. هُمْ :- الجِيل الأوَّل الفِكْر فِي الخَطِيَّة الجِيل الثَّانِي التَّفَاعُل مَعَ الخَطِيَّة الجِيل الثَّالِث فِعْل الخَطِيَّة الجِيل الرَّابِعْ تِكْرَار الخَطِيَّة لِتَرَى فِي أي جِيل أنْتَ مِنْ الخَطِيَّة .. هَلْ تُفَكِّر فِيهَا أم تُفَكِّر وَلاَ تَتَفَاعَل بَلْ تُفَكِّر وَلاَ تَفْعَل أوْ تَفْعَل وَلاَ تُكَرِّر ؟؟ قَالَ الرَّبَّ قَدْ صَفَحْتُ حَسَبْ قَوْلَك رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج 7 موسى يدان بسبب المرأة الكوشية

الأصْحَاح الثَّانِي عَشَر : تُوْجَدٌ قِصَّة مَعْرُوفَة الله يُعْطِينَا فِيهَا مَعَانِي تِفَرَّحْنَا كُلِّنَا .. عِنْدَمَا تَكَلَّمْ هَارُون وَمَرْيَم عَلَى مُوسَى النَّبِي بِسَبَبْ زَوَاجُه مِنْ المَرْأة الكُوشِيَّة .. الكُوشِيِينْ غُرَبَاء عَنْ شَعْب الله وَهُمْ شَعْب مَلاَمِحَهُمْ غِير مَقْبُولَة دَكْنِين اللُون لِذلِك هُمْ جِنْس غِير مَقْبُول وَالشَكْل أيْضاً غِير مَقْبُول ﴿ وَتَكَلَّمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُون عَلَى مُوسَى بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ الْكُوشِيَّةِ الَّتِي اتَّخَذَهَا ﴾ ( عد 12 : 1 ) .. لِنَرَى كَمْ دَافَعْ الله عَنْ مُوسَى وَمُوسَى صَلَّى لله كَيْ لاَ يُعَاقِبْ مَرْيَم وَهَارُون .. الله عَفَى عَنْ هَارُون لأِنَّهُ سَمَعَ لِمَرْيَم لكِنْ مَرْيَم عُوقِبَتْ وَعُزِلَتْ سَبْعَة أيَّام وَضُرِبَتْ بِالبَرَص .. وَالبَرَص عَلاَمِة خَطِيَّة فَاعْتُبِرَت مَرْيَم نَجِسَة تُنَجِّس المَحَلَّة فَعُزِلَت سَبْعَة أيَّام وَتَعَطَّل الشَّعْب عَنْ الرَحِيل بِسَبَبْ مَرْيَم ﴿ لأَِنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً .. فَقَالاَ هَلْ كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَحْدَهُ ﴾( عد 12 : 1 – 2 ) .. قَالاَ ألَيْسَ نَحْنُ أنْبِيَاء مِثْل مُوسَى ؟!! .. مَرْيَم وَهَارُون هُنَا أعْطَيَا لأِنْفُسْهُمَا حَقٌ إِدَانِة مُوسَى .. ﴿ أَلَمْ يُكَلِّمْنَا نَحْنُ أَيْضاً .. فَسَمِعَ الرَّبُّ .. وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيماً جِدّاً أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ﴾ ( عد 12 : 2 – 3 ) .. الله سَمَعْ وَمُوسَى النَّبِي لَمْ يَكُنْ قَدْ سَمَعْ .. وَلَمَّا سَمَعْ مُوسَى لَمْ يَتَكَلَّمْ أوْ يُعَاقَبْ .. مُوسَى كَانَ حَلِيم جِدّاً لَمْ يَرُدٌ الإِسَاءَة بِالإِسَاءَة .. لِمَاذَا تَكَلَّمْ مَرْيَم وَهَارُون عَنْ مُوسَى النَّبِي ؟ رُبَّمَا غِيرَه .. يَقُول الآبَاء عِنْدَمَا إِخْتَار مُوسَى النَّبِي السَّبْعِينَ رَجُلاً كَمَا قَالَ لَهُ الله لِيَحْمِلُوا مَعَهُ مَسْئُولِيِة الشَّعْب رُبَّمَا لَمْ يَكُنْ مُوسَى قَدْ أخَذَ رَأي هَارُون وَمَرْيَم فِي إِخْتِيَارِهِمْ .. وَلَمْ يَتَكَلَّمَا مَرْيَم وَهَارُون لكِنَّهُمَا وَجَدَا زَوَاجُه مِنْ المَرْأة الكُوشِيَّة فُرْصَة لِيَتَكَلَّمَانْ عَلَيْهِ الشَّعْب كَانَ يَتَذَمَّر عَلَى الأكْل وَالشُرْب أمَّا الأنْبِيَاء فَلَهُمْ حَرْب أُخْرَى .. فَإِنْ كَانُوا قَدْ تَرَفَعُوا عَنْ أعْمَال الجَسَد فَلَهُمْ حَرْب الذَّات وَالغِيرَه وَالكِبْرِيَاء و هُنَاك حَرْب الجَسَد وَهُنَاك حَرْب النَّفْس .. الطَّعَام هُوَ عَالَمْ الشَّعْب وَدُنْيَاه لكِنْ مَرْيَم وَهَارُون لَهُمَا حَرْب أُخْرَى وَكَمَا يَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ أَلَسْتُمْ جَسَدِييِّنَ ﴾ ( 1كو 3 : 3 ) .. مُوسَى رَجُلْ حَلِيم وَالحُلْم هُوَ كَمَال ضَبْط النَّفْس .. هُوَ كَمَال طُول الأنَاة .. كَانَ مُوسَى أحْلَم رَجُل عَلَى الأرْض رَجُلْ الله نَعْرِفُه مِنْ حِلْمُه وَالبَعِيد عَنْ الله تَعْرِفُه مِنْ سُرْعِة غَضَبُه لِذلِك قَالَ الآبَاء ﴿ لاَ تَسْتَصْحِب غَضُوباً ﴾ .. قَاوِم الغَضَبْ بِشِدَّة .. مُوسَى لَمْ يَأتِي بَعْدُه وَلَمْ يَكُنْ قَبْلُه رَجُلْ حَلِيم مِثْلُه الكَلاَم لَمْ يِتْعِبْ مُوسَى النَّبِي كَمَا أتْعَبْ الرَّبَّ نَفْسُه فَسَمَعَ الرَّبَّ قَبْل مُوسَى .. لِذلِك تَعَلَّمْ أنْ تَكُون حَلِيماً لأِنَّهُ يُوْجَدٌ إِله يَسْمَعْ وَيُدَافِعْ عَنَّك فَضَعْ إِتِّكَالَك كُلُّه عَلِيه .. وَإِنْ كَانَ مُوسَى صَامِتْ فَالله لَمْ يَصْمُتْ .. جَيِّدٌ أنْ يِدَافِعْ الله عَنْ إِنْسَان وَهُوَ صَامِتْ .. ﴿ فَقَالَ الرَّبُّ حَالاً لِمُوسَى وَهَارُون وَمَرْيَمَ اخْرُجُوا أَنْتُمُ الثَّلاَثَةُ إِلَى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ .. فَخَرَجُوا هُمُ الثَّلاَثَةُ .. فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي عَمُودِ سَحَابٍ وَوَقَفَ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَدَعَا هَارُون وَمَرْيَمَ فَخَرَجَا كِلاَهُمَا .. فَقَالَ اسْمَعَا كَلاَمِي ﴾( عد 12 : 4 – 6 ) .. هُنَا شَعَر هَارُون وَمَرْيَم بِخَطَأهِمَا وَعَرَفَا أنَّهُ سَيُوَجَه لَهُمَا تَوْبِيخ وَعُقُوبَة مِنْ الله ﴿ إِنْ كَانَ مِنْكُمْ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَبِالرُؤْيَا أَسْتَعْلِنُ لَهُ فِي الْحُلْمِ أُكَلِّمُهُ .. وَأَمَّا عَبْدِي مُوسَى فَلَيْسَ هكَذَا بَلْ هُوَ أَمِينٌ فِي كُلِّ بَيْتِي .. فَماً إِلَى فَمٍ وَعِيَاناً أَتَكَلَّمُ مَعَْهُ لاَ بِالأَلْغَازِ .. وَشِبْهَ الرَّبِّ يُعَايِنُ .. فَلِمَاذَا لاَ تَخْشَيَانِ أَنْ تَتَكَلَّمَا عَلَى عَبْدِي مُوسَى ﴾ ( عد 12 : 6 – 8 ) .. إِنْ كُنْتُمَا نَبِيَان فَأنَا أُكَلِّمْكُمَا بِالرُؤْيَا .. هكَذَا كُلَّ الأنْبِيَاء .. أمَّا عَبْدِي مُوسَى فَلاَ تَتَكَلَّمَا عَلَيْهِ .. كَرَامِة الإِنْسَان أنْ يُدَافِعْ عَنْهُ الله وَسَنَرَى مَاذَا يَقُول الله عَنْ مُوسَى .. لَوْ إِتَّهَمَك أحَدٌ فِي أمْرٍ مَا بِالزُور أُصْمُتْ وَسَتَرَى مَاذَا تَكُون فِي عَيْنَيَّ الله .. وَلِنَرَى مَاذَا قَالَ هَارُون وَمَرْيَم عَنْ مُوسَى وَمَاذَا قَال الله عَنْهُ .. قَالَ الله أنَّ عَبْدِي مُوسَى أمِين عَلَى كُلَّ بَيْتِي أُكَلِّمَهُ فَماً إِلَى فَمٍ أمَّا أنْتُمْ فَأُكَلِّمَكُمْ بِالألْغَاز .. مُوسَى النَّبِي لَهُ صِفَة الحُلْم وَمَشْهُودٌ لَهُ مِنْ الله بِالأمَانَة وَالتَّقْوَى وَالإِسْتِقَامَة بَيْنَمَا هُوَ لَيْسَ كذَلِك فِي عَيْن النَّاس ﴿ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْهِمَا وَمَضَى .. فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنِ الْخَيْمَةِ إِذَا مَرْيَمُ بَرْصَاءُ كَالثَّلْجِ ﴾ ( عد 12 : 9 – 10) .. عَلاَمِة إِنْصِرَاف الله إِرْتِفَاع السَّحَابَة عَنْ الخَيْمَة وَإِذَا مَرْيَم بَرْصَاءِ كَالثَّلْجِ .. ﴿ فَالْتَفَتَ هَارُون إِلَى مَرْيَمَ وَإِذَا هِيَ بَرْصَاءُ .. فَقَالَ هَارُون لِمُوسَى أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي لاَ تَجْعَلْ عَلَيْنَا الْخَطِيَّة الَّتِي حَمِقُنَا وَأَخْطَأْنَا بِهَا ﴾ ( عد 12 : 10 – 11) .. هَارُون قَالَ لِمُوسَى نَحْنُ الإِثْنَان قَدْ أخْطَأنَا .. جَيِّدٌ هُوَ الإِنْسَان الَّذِي لاَ يُدَافِعْ عَنْ نَفْسُه أمَام الله بَلْ يَعْتَرِفْ بِخَطَأُه .. نَفْس الكَلِمَة الَّتِي وَبَّخْ بِهَا الله دَاوُد النَّبِي وَقَالَ لَهُ ﴿ قَدِ انْحَمَقْتَ ﴾ ( 1صم 13 : 13) .. الخَطِيَّة فِي نَظَر الله حَمَاقَة وَغَبَاوَة ﴿ فَلاَ تَكُنْ كَالْمَيْتِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ رَحِمِ أُمِّهِ قَدْ أُكِلَ نِصْفُ لَحْمِهِ ﴾( عد 12 : 12) .. هَارُون يَقُول لِمُوسَى تَوَسَلْ إِلَى الله .. إِفْعَل أي شِئ لأِنَّ أُخْتِنَا قَدْ تَمُوْت مِنَّا .. مُوسَى لَمْ يُعَاتِبْهُمَا وَلَمْ يَفْتَح فَاه وَلَمْ تَخْرُج كَلِمَة رَدِيئَة مِنْ فَمِهِ لكِنَّهُ عِنْدَمَا رَأى مَرْيَم قَدْ أُصِيبَتْ بِالبَرَص لَمْ يُعَامِلْهُمَا بِالعِين بِالعِين وَالسِّنْ بِالسِّنْ بَلْ قَالَ ﴿ اللَّهُمَّ اشْفِهَا ﴾ ( عد 12 : 13) .. يَا الله أُسْتُرْنَا نَحْنُ خُدَّامَك لأِنَّهُ قَدْ يَقُول الشَّعْب هؤُلاَء هُمْ الأنْبِيَاء .. هؤُلاَء هُمْ الإِخْوَة مَعاً .. يَا الله أُسْتُرْنَا ﴿ فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى وَلَوْ بَصَقَ أَبُوهَا بَصْقاً فِي وَجْهِهَا أَمَا كَانَتْ تَخْجَلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ .. تُحْجَزُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ وَبَعْدَ ذلِكَ تُرْجَعُ ﴾ ( عد 12 : 14) .. الله يَقُول لِمُوسَى إِنْ وَبَّخٌ مَرْيَم أبُوهَا ألاَ تَخْجَل سَبْعَة أيَّام ؟!! .. قَدِيماً كَانَ البَصْقٌ فِي الوَجْه تَوْبِيخ فِي العَهْد القَدِيم لِذلِك بُصِقَ فِي وَجْه يَسُوع .. وَأيْضاً كَانَتْ الأرْمَلَة الَّتِي يَرْفُض الوَلِي الزَّوَاج مِنْهَا لإِقَامِة نَسْل لِلزُوج المُتَوَفِي كَانَتْ تَبْصِقٌ فِي وَجْه الوَلِي .. أي أنَّ البَصْقٌ كَانَ عَلاَمِة قَصَاص أمَرَ الله أنْ تُحْجَز مَرْيَم سَبْعَة أيَّام خَارِج المَحَلَّة ثُمَّ تَرْجَعْ .. ﴿ فَحُجِزَتْ مَرْيَمُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ﴾( عد 12 : 15) مُوسَى النَّبِي رَمْز لِلخَادِم .. عَلَى الشَّخْص أنْ لاَ يَدِينْ الخَادِم .. رَجُلْ الله لَهُ مَنْ يُدِينُه حَتَّى إِنْ كَانَ قَدْ رَأى فِيهِ تَصَرُّفْ خَطَأ وَلِنَرَى أنَّ الله لَمْ يَحْتَمِل أنْ يَتَكَلَّمْ مَرْيَم وَهَارُون عَلَى مُوسَى وَخَطَأُه الله ضَرَبَ مَرْيَم بِالبَرَص .. هذِهِ شَنَاعِة الخَطِيَّة وَالخَطِيَّة مَكْرُوهَة عِنْدَ الله .. إِرْتِفَاع السَّحَابَة إِشَارَة لإِرْتِفَاع حُضُور الله .. عِنْدَمَا تَدِينْ تَشْعُر أنَّ نِعْمَة الله قَدْ فَارَقَتَك .. الإِدَانَة خَطِيَّة مُرَّة لاَ تَتَكَلَّمْ عَنْ أحَدٌ لأِنَّ لَهُ مَنْ يَدِينُه .. ﴿ مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ .. هُوَ لِمَوْلاَهُ ﴾( رو 14 : 4 ) فِي بُسْتَان الرُّهْبَان قِصَّة تَحْكِي وَتَقُول أنَّ رَاهِبْ سَمَعْ عَنْ خَطِيِّة رَاهِبْ آخَر فَقَالَ ( أُوفْ ) .. وَتَكَلَّمْ مَعَ آخَر عَنْ خَطَايَا هذَا الرَّاهِبْ وَعِنْدَمَا عَادَ إِلَى قَلاَيَتُه وَجَدَ مَلاَك يَقِفْ عِنْدَ بَابْ القَلاَيَة وَيَسْألُه قَائِلاً الله يَسْألَك فِي أي مَكَانْ يَضَعْ الله هذَا الأخ ؟ .. إِنْ أخْطَأ إِنْسَان أُسْتُر عَلِيه لأِنَّهُ كَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا ﴾ ( يع 3 : 2 ) .. لِذلِك خَطِيِّة الإِدَانَة ثَمَنْهَا غَالِي أيْضاً مُوسَى النَّبِي يُشِير لِلعَهْد القَدِيم وَالوَصِيَّة .. مَرْيَم إِحْتَقَرَت مُوسَى كَثِيرُون يَحْتَقِرُون الوَصِيَّة .. عِنْدَمَا أحْتَقِر الإِنْجِيل وَأُهْمِلُه أخْرُج خَارِج الجَمَاعَة المُقَدَّسَة وَأُضْرَبْ بِالخَطِيَّة .. المَرْأة الكُوشِيَّة تَرْمُز لِلأُمَمْ كِنِيسِة العَهْد الجَدِيد .. سَوْدَاء وَجَمِيلَةٌ .. إِمْرَأة مَنْبُوذَة صَارَتْ زَوْجَة لِمُوسَى الَّذِي هُوَ رَمْز لِلْمَسِيح .. الْمَسِيح لَهُ المَجْد إِقْتَرَنْ بِالأُمَمْ كِنِيسِة العَهْد الجَدِيد فَتَكَلَّمْ عَلِيه إِخْوَتُه أي اليَهُودٌ وَقَالُوا سَيَدْخُل أُنَاس فَاعِلِي إِثْم دَاخِلْنَا نَحْنُ أبْنَاء الشَّرِيعَة عِنْدَمَا إِقْتَرَنْ مُوسَى النَّبِي بِالمَرْأة الكُوشِيَّة صَارَ مَرْفُوض مِنْ إِخْوَتُه لِذلِك أخْرَج الله اليَهُود مِنْ الحِسْبَة كُلَّهَا .. هكَذَا خَرَجَ اليَهُود خَارِج الكِنِيسَة سَبْعَة أيَّام ثُمَّ سَيَعُودُوا فِي مِلْء الزَّمَان كَمَا خَرَجَتْ مَرْيَم خَارِج المَحَلَّة سَبْعَة أيَّام ثُمَّ عَادَتْ .. مَرْيَم إِحْتَقَرَتْ مُوسَى وَاليَهُود إِحْتَقَرُوا الْمَسِيح نَفْسُه عَلَى أنَّهُ مَسِيح العَشَّارِينْ وَالزُّنَاة فَلَمْ يَتْبَعُوه .. تُطْرَدٌ مَرْيَم خَارِج المَحَلَّة سَبْعَة أيَّام ثُمَّ تَعُودٌ هكَذَا طُرِدَ اليَهُود حَتَّى يَأتِي مِلْء الزَّمَان فَيَعُودُوا مَرَّة أُخْرَى فِي رِسَالِة بُولِس الرَّسُول لأِهْل رُومْيَة يَقُول ﴿ إِنْ كَانَ اللهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ وَيُبَيِّنَ قُوَّتَهُ احْتَمَلَ بِأَنَاةٍ كَثِيرَةٍ آنِيَةَ غَضَبٍ مُهَيَّأَةً لِلْهَلاَكِ .. وَلِكَيْ يُبَيِّنَ غِنَى مَجْدِهِ عَلَى آنِيَةِ رَحْمَةٍ قَدْ سَبَقَ فَأَعَدَّهَا لِلْمَجْدِ ﴾ ( رو 9 : 22 – 23 ) .. مُوسَى النَّبِي إِرْتَبَطْ بِالكُوشِيَّة فَاغْتَاظَتْ مَرْيَم أي اليَهُود هُوَ سَيَرْتَبِطْ بِالإِثْنَان لكِنْ اليَهُود رَفَضُوا ذلِك لِذلِك قَالَ ﴿ الَّذِينَ لَمْ يَسْعَوْا فِي أَثَرِ الْبِرِّ أَدْرَكُوا الْبِرَّ الْبِرَّ الَّذِي بِالإِيمَانِ .. وَلكِنَّ إِسْرَائِيلَ وَهُوَ يَسْعَى فِي أَثَرِ نَامُوسِ الْبِرِّ لَمْ يُدْرِكْ نَامُوسَ الْبِرِّ ﴾( رو 9 : 30 – 31 ) .. أي الَّذِينَ عَاشُوا مَعَ مُوسَى أي مَرْيَم وَهَارُون وَيَسْعَيَان مَعَهُ فِي أثَر البِرِّ لَمْ يُدْرِكَا البِرِّ بَيْنَمَا المَرْأة الكُوشِيَّة أدْرَكَتْ .. ﴿ أَنَّ القَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيّاً لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ .. وَهكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ ﴾ ( رو 11 : 25 – 26 ) .. القَسَاوَة قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِياً أي مَرْيَم وَهَارُون .. لكِنْ هَلْ سَيُخَاصِمْ مُوسَى مَرْيَم وَهَارُون إِلَى النِّهَايَة ؟ .. لاَ .. لأِنَّ الأمَّة اليَهُودِيَّة هِيَ شَعْب الله لِذلِك لَنْ يَنْسَاهُمْ الله لأِنَّهُمْ أبْنَاء إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب .. ﴿ لأَِنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ ﴾ ( رو 11 : 29 ) .. لِذلِك سَتَخْرُج مَرْيَم سَبْعَة أيَّام فَقَطْ خَارِج المَحَلَّة ثُمَّ تَعُودٌ وَكَأنَّ شَيْء لَمْ يَحْدُث .. هكَذَا سَيَعُودٌ اليَهُود إِلَى حِضْن الله العَجِيب أنَّ مُوسَى النَّبِي صَرَخَ وَتَشَفَّعْ عَنْ مَرْيَم أمَام الله رَغْم أنَّهُ هُوَ المُدَان مِنْهَا .. هكَذَا الْمَسِيح وَهُوَ عَلَى الصَّلِيب تَضَّرَع مِنْ أجْل اليَهُود الَّذِينَ صَلَبُوه وَالَّذِينَ جَدَّفُوا عَلِيه وَقَالَ ﴿ يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ ﴾ ( لو 23 : 34 ) .. هُمْ تَكَلَّمُوا عَلِيه وَقَالُوا لَوْ كَانَ نَبِي لَعَلَمَ مَنْ هذِهِ المَرْأة وَمَا حَالَهَا إِنَّهَا خَاطِئَةٌ ( لو 7 : 39 ) .. وَقَالُوا إِنْ كَانَ إِبْن الله فَلْيَنْزِل عَنْ الصَّلِيب ( مت 27 : 40 ) .. أمَّا هُوَ فَكَانَ يَشْفَعْ فِيهُمْ .. الله يَقُول لِمَرْيَم وَهَارُون أنَا أتَكَلَّم مَعَ الأنْبِيَاء بِالرُؤْيَا لكِنْ مَعَ مُوسَى أتَكَلَّمْ فَماً إِلَى فَمٍ وَبِالعَيَان لَيْسَ بِالألْغَاز .. نَحْنُ كَشَفَ لَنَا الله فِي إِبْنِهِ يَسُوع كُلَّ الأسْرَار الَّذِي مُذَخَّر فِيهِ كُلَّ كُنُوز النِّعْمَة .. وَالإِعْلاَنَات الإِلَهِيَّة ظَهَرَتْ فِيهِ هُوَ زَوَاج مُوسَى مِنْ المَرْأة الكُوشِيَّة هُوَ إِقْتِرَان رَبَّ المَجْد يَسُوع بِكِنِيسِة الأُمَم إِلَى أنْ يَعُودٌ اليَهُودٌ الشَّعْب كُلُّه تَعَطَّل بِسَبَبْ مَرْيَم عِنْدَمَا عُزِلَتْ سَبْعَة أيَّام .. أي مُمْكِنْ إِنْسَان خَاطِئ يِعَطَّل الكِنِيسَة وَبَار يِرْفَعْ غَضَبْ عَنْ شَعْب كَمَا بِصَلاَة الأنْبَا بُولاَ .. وَكَمَا قَالَ ﴿ طُوفُوا فِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ وَانْظُرُوا وَاعْرِفُوا وَفَتِّشُوا فِي سَاحَاتِهَا هَلْ تَجِدُونَ إِنْسَاناً أَوْ يُوْجَدُ عَامِلٌ بِالْعَدْلِ طَالِبُ الْحَقِّ فَأَصْفَحَ عَنْهَا ﴾ ( أر 5 : 1) .. أي وَاحِدٌ خَاطِئ يُعَطِّل الكِنِيسَة لأِنَّ الخَطِيَّة مُوَجَّهَة إِلَى ثَلاَثَة الله وَالنَّفْس وَالكِنِيسَة .. لِذلِك خَاطِئ وَاحِدٌ يَجْلِب غَضَبْ الله عَلَى شَعْب وَبَار وَاحِدٌ يَعْفُو عَنْ شَعْب إِعْتَذَرٌ هَارُون وَالجَيِّدٌ أنَّهُ بَعْد إِنْتِهَاء المَوْقِفْ مُوسَى النَّبِي لَمْ يُعَاتِبْ مَرْيَم وَهَارُون بِكَلِمَة وَمَرْيَم وَهَارُون فِي خِزْي .. ﴿ وَلَمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى أُرْجِعَتْ مَرْيَمُ وَبَعْدَ ذلِكَ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ مِنْ حَضَيْرُوتَ وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ ﴾ ( عد 12 : 15 – 16) * فَارَان * مَعْنَاهَا * الفَمْ المَفْتُوح * .. أي اليَهُودٌ أوْ مَرْيَم الَّذِينْ تَعَطَّلُوا لَمَّا يَدْخُلُوا يَتَمَتَّعُوا بِالفَمْ المَفْتُوح أي شَرِكَة التَّسْبِيح أوْ الشَرِكَة المُقَدَّسَة .. وَبَعْد ذلِك يَذْهَبُون إِلَى بَرِّيَّة قَادِش .. وَقَادِش تَعْنِي مُقَدَّس .. أي سَيَتَمَتَّعُوا بِالشَرِكَة المُقَدَّسَة رَفَضَ اليَهُودٌ عُطْل الكِنِيسَة اليَهُودِيَّة سَبْعَة أيَّام أي كَمَال الأزْمِنَة وَلكِنْ سَيَعُودُوا إِلَى حِضْن الله لِيَرْتَحِلاَ مَعاً الكَنِيسَتَان اليَهُودٌ وَالأُمَمْ لِيَسْتَمْتِعَا بِالشَرِكَة المُقَدَّسَة .. وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ لأَِنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُوماً ﴾ ( أف 2 : 18) .. أي كَنِيسِة اليَهُودٌ وَالأُمَمْ .. أفْرَح بِالله رَغْم إِنِّي كُوشِيَّة لكِنَّهُ إِقْتَرَنَ بِي .. وَكَمَا يَقُول الآبَاء أنَّنَا صِرْنَا سَبَبْ كَلاَم لله .. رَغْم عَدَم إِسْتِحْقَاقَنَا إِرْتَبَطَ الله بِنَا .. رَغْم إِنِّي سَوْدَاء لكِنَّهُ يَقُولُ لِي ﴿ كُلُّكِ جَمِيلٌ يَا حَبِيبَتِي لَيْسَ فِيكِ عَيْبَةٌ ﴾ ( نش 4 : 7 ) رَبِّنَا يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدٌ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

نظرة شاملة إلى سفر العدد

أسْفَار مُوسَى الخَمْسَة هِيَ قِصَّة مُعَامَلَة الله مَعَ الإِنْسَان :- سِفْر التَّكْوِين يُعْلِنْ أنَّ الله إِخْتَارْنِي وَأحَبَّنِي مِنْ خِلاَل إِبْرَاهِيم سِفْر الْخُرُوج يُعْلِنْ أنَّ الله خَلَّصَنِي مِنْ سُلْطَان وَعُبُودِيِّة إِبْلِيس وَمَذَلِّة الحَيَاة سِفْر اللاَّوِيِّين يُعْلِنْ أنَّ الله قَدَّسَنِي بِشَرَائِعْ وَتَطْهِيرَات تُعْطِي حَيَاة قَدَاسَة لِلإِنْسَان سِفْر الْعَدَد يُعْلِنْ أنَّ الله رَافَقْنِي بِعِنَايِة الله بِشَعْبُه فِي البَرِّيَّة وَحَتَّى مَشَارِف أرْض المَوْعِد سِفْر التَّثْنِيَة يُعْلِنْ أنَّ الله عَلَّمَنِي وَهَذَّبَنِي بِالوَصَايَا فِي الأصْحَاح الحَادِي عَشَر مِنْ سِفْر العَدَد يُظْهِر مُرَافَقَة الله لِلإِنْسَان وَعِنَايَتُه بِهِ جِدّاً وَعِنَاد الإِنْسَان لَهُ .. فَيَقُول { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ وَسَمِعَ الرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ } ( عد 11 : 1 ) .. { وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً . فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضاً وَبَكَوْا وَقَالُوا مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً . قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً وَالْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } ( عد 11 : 4 – 6 ) يَحْكِي عِنَايِة الله بِالإِنْسَان وَجُحُود الإِنْسَان إِتِجَاه الله .. أيْضاً سِفْر العَدَد يَحْكِي تَنْظِيمَات الله لِلشَّعْب بَعْد أنْ قَالَ لِمُوسَى إِحْصِي الشَّعْب وَقَسِّمَهُمْ تَقْسِيمَه مُعَيَّنَة وَضَعْ لِكُلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَظِيفَة هذِهِ هِيَ حِكَايِة كُلَّ نَفْس فِي بَرِّيِّة العَالَمْ وَيَحْكِي عَنْ مَتَاعِبْ وَتَذَمُّر الشَّعْب ضِدٌ الله لِذلِك نُرِيدْ أنْ نَتَعَلَّمْ بَعْض الدُرُوس مِنْهَا :- عِنَايِة الله بِنَا .. الله يَعُول شَعْبُه بِطُرُق كَثِيرَة .. إِنْ كَانَ الشَّعْب قَدْ خَرَجَ مِنْ أرْض مِصْر وَعَاشَ فِي البَرِّيَّة إِلاَّ أنَّ الله أعْطَاهُمْ إِحْسَاس أنَّهُ المَسْئُول الأوَّل عَنْهُمْ وَعَنْ إِطْعَامِهِمْ وَمَلاَبِسْهِمْ وَمُحَارَبِة الأعْدَاء مِنْ مِصْر وَحَتَّى أرْض كَنْعَان .. المُشْكِلَة أنَّ الشَّعْب كَانَ يُعَانِدْ خِطِّة الله .. نَجِدٌ أنَّ الله دَبَّر عَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار وَمُحَارَبِة الأعْدَاء وَيَضْمَنْ لَهُمْ الوُصُول لكِنَّهُمْ يُرِيدُون الرُّجُوع سِفْر العَدَد يُمَثِّل حُبْ الله لأِوْلاَدُه وَرِعَايْتُه لَهُمْ بِتَفَاصِيلْهَا الدَّقِيقَة لِذلِك عِنْدَمَا كَانَ الشَّعْب يَتَذَمَّر كَانَ يَصْمُت .. لكِنَّهُ أحْيَاناً كَانَ يَغْضَبْ لأِنَّ الإِنْسَان لاَ يَشْعُر بِعَمَلْ الله مَعَهُ الله خَلَقَ آدَم وَأعْطَاه كُلَّ حُبْ وَهَيَّأ لَهُ كُلَّ الأُمُور وَمُقَابِلْ ذلِك آدَم يُفَكِّر كَيْفَ يَكُون هُوَ الإِله .. وَالكِتَاب يُقِيمْ دَائِماً مُقَارَنَة بَيْنَ مَوْقِفْ الإِنْسَان وَمَوْقِفْ الله .. مُوسَى النَّبِي مَعَ الله فَوْقَ الجَبَلْ يَسْتَلِمْ مِنْهُ الشَّرِيعَة لِيَرْفَعَهُمْ لأِقْصَى دَرَجَة وَهُمْ أسْفَل الجَبَل يَسْجُدُون لِلعِجْل الَّذِي صَنَعُوه ( خر 32 : 8 ) هُوَ يُعْطِيهُمْ المَنَّ وَيَعْتَنِي بِهُمْ وَهُمْ يَقُولُون سَئَمَتْ أنْفُسَنَا هذَا الطَّعَام السَّخِيف ( عد 21 : 5 )وَهُنَا يَقُولُون { قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا }القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول لِمَاذَا هذَا التَّمَرُّد فَكَيْفَ كَانُوا سَيُعَامِلُونَ الله إِنْ كَانُوا مُسْتَرِيحِين فِي أرْض مِصْر ؟!! أرَادُوا أكْل الَّلحْم وَتَذَكَّرُوا السَّمَك الَّذِي كَانُوا يَأكُلُوه مَجَّاناً فِي أرْض مِصْر وَلَمْ يَكُنْ سَمَك يُشْتَهَى بَلْ كَانَ سَمَك الصَّيْد الصَّغِير الحَجْم وَكَانُوا يُلْقُونَ لَهُمْ كِمِيَات مِنْهُ عَلَى الأرْض وَيَنْظُرُوهُمْ وَهُمْ يَتَزَاحَمُون عَلَيْهِ وَيُسْقِطُونَ بَعْض وَيَضْحَك المِصْرِيُون عَلَيْهِمْ أي كَانُوا يَأكُلُوهُ بِمَهَانَة وَمَذَلَّة وَلِلأسَفْ الإِنْسَان يَشْتَاق لِمَذَلَتِهِ وَكَمَا تَقُول صَلاَة الغُرُوب { لِكُلِّ إِثْمٍ بِحِرْصٍ وَنَشَاطْ فَعَلْت } .. لِذلِك سِفْر العَدَد يُعْلِنْ عَنْ تَدْبِير الله لِلإِنْسَان وَعِنَايَتُه بِهِ وَجُحُود الإِنْسَان { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ } .. هُنَاك مُلاَحَظَة مُهِمَة وَهيَ أنَّ جِيلْنَا كَثِير التَّمَرُّدٌ وَالتَّذَمُّر وَلاَ يَعْرِف الشُكْر وَالقَنَاعَة وَقَلِيلاً مَا تَجِدٌ إِنْسَان قَانِعْ شَاكِر .. فَتَجِدٌ الشَّخْص مُتَمَرِّدٌ عَلَى سَفَرُه أوْ إِسْتِقْرَارُه .. الدِّرَاسَة .. حَال البَلَدْ .. دَائِمْ الشَكْوَى غِير مُسْتَرِيح لأِي وَضْع يَحْيَاه .. لِنَنْتَبِه أنَّ هذِهِ الشَكْوَى الدَّائِمَة تُتْعِبْ الله وَالشَكْوَى تَصْعَدْ لأُِذُنَيَ الرَّبَّ .. عِنْدَمَا نُدْرِك مَكَانَتْنَا عِنْدَ الله وَتَدْبِيرُه لَنَا فَهذَا الأمر يُسَبِّب مَرَارَة لله مِنْ شَكْوِتْنَا .. مِثْل أب يِتْعَبْ لأِجْل أوْلاَدُه وَهُمْ لاَ يَشْكُرُوه عَلَى تَعَبُه بَلْ يَقُولُون لَهُ مَاذَا تَفْعَلْ لأِجْلِنَا ؟فِي هذِهِ المَرَّة حَمَى غَضَبْ الله عَلَى شَعْبُه فَمَاذَا فَعَلْ ؟ .. { فَاشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ الْمَحَلَّةِ } ( عد 11 : 1 ) .. " المَحَلَّة " هِيَ المَكَان الَّذِي يَحِلُّونَ فِيهِ .. النَّار إِشْتَعَلِتْ فِي طَرَف المَحَلَّة .. هُنَا يُرِيدْ أنْ يَقُول لَك لاَ تَكُنْ سَطْحِي فِي الطَّرَف مَعَ الله فِي حَيَاتَك بَلْ أُدْخُلٌ إِلَى العُمْق إِلَى المَنْطِقَة الدَّافِئَة .. أُدْخُلٌ إِلَى عُمْق العِشْرَة مَعَ الله .. إِلَى عُمْق الإِنْجِيل لاَ تَكُنْ فِي الأطْرَاف لأِنَّ النَّار تَشْتَعِل فِي الأطْرَاف .. أُدْخُلٌ إِلَى عُمْق الكَنِيسَة عُمْق الجَمَاعَة المُقَدَّسَة .. صَرَخَ الشَّعْب لِمُوسَى وَمُوسَى صَرَخَ إِلَى الله فَخَمَدَت النَّار وَكَأنَّهُمْ يَقُولُون لَيْسَ لَنَا وَجْه أنْ نَتَكَلَّمْ مَعَ الله مُبَاشَرَةً لِذلِك صَرَخُوا لِمُوسَى عِنْدَمَا إِشْتَكُوا طَالِبِينَ أكْل الَّلحْم قَالَ الله لِمُوسَى سَأُطْعِمَهُمْ لَحْم فَقَالَ مُوسَى لله هَلْ تَسْتَخِف بِي هَلْ سَتَأتِي بِسَمَك البَحْر كُلُّه كَيْ تُطْعِمَهُمْ أم تَذْبَح لَهُمْ غَنَمْ وَبَقَر البَرِّيَّة ( عد 11 : 22 )الله يَقُول لِمُوسَى سَتَرَى .. الله بَسِيطْ مَعَ أوْلاَدُه وَأعْطَاهُمْ السَّلْوَى مَسِيرِة يَوْم أي كِمِيَّة كَبِيرَة جِدّاً مِنْ الطُّيُور وَكَأنَّك تَسِير يَوْم كَامِل وَفَوْقَك طُيُور السَّلْوَى وَقَالَ لَهُمْ كُلُوا بِنَهَمْ وَشَهْوَة حَتَّى يَخْرُج الَّلحْم مِنْ مَنَاخِرْكُمْ حَتَّى يَصِير لَكُمْ الَّلحْم كَرَاهَة .. هذَا مَا اشْتَهُوه صَارَ كَرَاهَة لَهُمْ .. قَالَ لَهُمْ { تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً وَلاَ يَوْمَيْنِ وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عِشْرِينَ يَوْماً . بَلْ شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً لأَِنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسْطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ }( عد 11 : 19 – 20 ) .. تَدْبِير الله وَجُحُود الإِنْسَان وَكَمْ أنَّ الله يَتَأنَّى لكِنَّهُ يَغْضَبْ القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول { نُشْكُر الله لأِنَّهُ كَثِيراً مَا يَتَأنَّى عَلَى طِلْبَاتْنَا وَلاَ يُعْطِينَا إِيَّاهَا لِئَلاَّ تَصِير لَنَا كَرَاهَة } .. قَدْ يُعْطِيك الله طَلَبَك وَلكِنَّك قَدْ تَقُول لَيْتَنِي مَا طَلَبْتَهُ سِفْر العَدَد يُعْلِنْ إِحْسَانَات الله الَّتِي كَثِيراً مَا تُقَابَلْ مِنْ الإِنْسَان بِالإِسَاءَة الله إِهْتَمْ بِتَنْظِيمْ الشَّعْب وَتَرْتِيب الأسْبَاط وَعَمَل الخِدْمَة وَمَا هُوَ عَمَل اللاَّوِيِّين أوْلاَد هَارُون ؟ هَارُون كَانَ لَهُ ثَلاَثَة أبْنَاء جَرْشُون وَقَهَات وَمَرَارِي فَقَالَ قَهَات يَحْمِل قُدْس الأقْدَاس .. جَرْشُون يَحْمِل أغْطِيِة خَيْمَة الإِجْتِمَاع .. مَرَارِي يَحْمِل الأعْمِدَة .. أي أنَّ الله يَهْتَمْ بِالتَّفَاصِيل جِدّاً .. الله يَقُول أُرِيدْ مَنْ يَعِيش فِي نَذْر لِيَّ .. وَيُعْطِي شَرِيعَة النَّذْر .. سِفْر العَدَد يُمَثِّل الله الرَّاعِي الحَقِيقِي لِشَعْبُه الَّذِي يَهْتَمْ بِهِ وَبِدَقَائِق الخِدْمَة وَيَضَعْ الشَّرَائِعْ وَالنَّامُوس وَطَقْس الخِدْمَة .. وَهذِهِ هِيَ جُذُور الطَقْس الكَنَسِي أنَّ الله يُحَدِّد مَهَام وَرُتَبْ وَيُرَتِبْ نَاس تَعِيش فِي نَذْر لَهُ وَيُعْطِي شَرَائِع لِلنَّذْر أنْ لاَ يَشْرَب خَمْر وَلاَ يَعْلُو مُوسَى رَأسَهُ .. لاَ يَشْرَب خَمْر أي لاَ يَسْكَر بِمَحَبِّة العَالَمْ .. وَلاَ يَعْلُو مُوسَى رَأسُه لأِنَّ الشَّعْر يَنْبُت مِنْ الجَسَدٌ فِي صُورَِة شِئ مَيِتْ وَكَأنَّ أعْمَال الجَسَدٌ وَإِنْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ الجَسَدٌ إِلاَّ أنَّهُ لاَ يَهْتَمْ بِهَا .. لاَ يَمِس مَيِتْ أي لاَ يَتَنَجَّس الطَّقْس وَتَرْتِيب الخِدْمَة وَتَوْزِيعْ الوَظَائِفْ وَنَاس فِي نَذْر لَهُ أي لاَوِي رَمْز لِكَهَنُوت العَهْد الجَدِيد وَرَمْز لِعَمَل الشَّمَاس وَالكَّاهِنْ وَالأُسْقُفْ .. جُذُور الحَيَاة الطَّقْسِيَّة فِي سِفْر العَدَد تَرَى التَّدْبِير الإِلهِي وَالغَضَبْ الإِلهِي وَجُذُور الحَيَاة الطَّقْسِيَّة .. جَيِّدٌ أنْ تَشْعُر إِنْ كَانَ الله يُدَبِّر كُلَّ شَيْء لكِنَّهُ يُدَبِّرُه بِك .. لِذلِك البُرُوتُسْتَانْت الَّذِينَ يَلْغُون التَّكْرِيس وَالكَهَنُوت نَقُول لَهُمْ سَتَرُوا جُذُور كُلَّ هذِهِ الأُمُور فِي سِفْر العَدَد .. مِنْ ضِمْن الفُرُوق مَعَ البُرُوتُسْتَانْت فِي قِصَّة مَارْتِنْ لُوثَر أنَّهُ أُعْثِرفِي الكَهَنُوت وَوَجَدَهُمْ أُنَاس سُلْطَة وَمَال فَكَرَه الشَّعْب الكَهَنُوت لأِنَّهُمْ تَاجِرُوا بِمَصَائِرْهُمْ بِصُكُوك الغُفْرَان وَلَمَّا قَالَ مَارْتِنْ لُوثَر لاَ يُوْجَدٌ كَهَنُوت تَبَعَهُ كَثِيرُون فَلَغَى نَذْرُه لأِنَّهُ كَانَ رَاهِبْ وَتَزَوَّج نَقُول لَهُ إِقْرأ سِفْر العَدَد بِهِ شَرِيعِة النَّذِير سِفْر العَدَد يَظْهَر فِيهِ الله كَمُرْشِدٌ .. الشَّعْب يِتُوه فِي البَرِّيَّة وَيَضَلْ وَيَتَذَمَّر وَالله يُرْشِدُه مُوسَى نَفْسُه يَتَحَيَّر فِي أمرٍ مَا مَعَ الشَّعْب يَقُولُون لَهُ يُوْجَدٌ مَنْ لَمْ يَعْمَل الفِصْح فَمَاذَا يَفْعَل ؟مُوسَى يَقُول المَفْرُوض أنَّ هذَا يُقْطَعْ مِنْ شَعْب الله لكِنْ لِنَنْتَظِر أمر الرَّبَّ .. جَيِّدٌ أنَّ مُوسَى أنَّهُ يَسْأل الله أوَّلاً .. فَيَقُول لَهُ الله لِيَعْمَلُه فِي الشَّهْر القَادِم .. أيْضاً فِي تَقْسِيمْ الأرْض سَأل الله وَعِنْدَمَا إِسْتَثْقَل مُوسَى العَمَل صَرَخٌ لله فَقَالَ لَهُ الله إِخْتَار سَبْعِين شِيخٌ يَحْمِلُون مَعَك المَسْئُولِيَّة لكِنْ نَفْس الرُّوح الَّتِي فِيك سَأضَعْهَا فِي السَّبْعِين ( عد 11 : 24 – 25 ) .. الله عِنْدُه حُلُول وَهُوَ المُرْشِد .. وَالعَجِيب أنَّ الوَقْت الَّذِي يَتَذَمَّر فِيهِ الشَّعْب عَلَى الله يَظِلٌ الله فِي خِيرُه .. كَانُوا يَشْتَكُون شَرّاً فِي أُذُنُه وَهُوَ يُعْطِيهُمْ المَنَّ كُلَّ صَبَاح .. قَدْ تَقُول لَوْ كَانَ مَنَعَ عَنْهُمْ المَنَّ عَدَد مِنْ الأيَّام قَدْ يَذِلُوهُمْ فَيَتَأدَبُوا .. لكِنَّهُ لَمْ يَفْعَل بَلْ مَازَالَتْ يَدَهُ مَبْسُوطَة لَهُمْ لأِنَّهُ صَالِحٌ .. مَا مَعْنَى صَلاَحٌ الله ؟ صَلاَحٌ الله لاَ يَتَوَقَفْ عَلَى البُعْد الإِنْسَانِي .. صَلاَحٌ الله مُطْلَقٌ وَلَيْسَ صَلاَحٌ رَدٌ فِعْل .. هُمْ يَشْتَكُون وَيَقُولُون سَئِمَتْ أنْفُسْنَا هذَا الطَّعَام السَّخِيف وَهُوَ مَازَالَ يُعْطِي المَنَّ سِفْر العَدَد يُعْلِنْ مُرَافَقَة الله لِشَعْبُه رَغْم كُلَّ ضَعْفُه وَتَعَبُه .. مُوسَى النَّبِي نَفْسُه كَانَ يَمُر بِلَحَظَات ضَعْف وَشَك وَخُوْف وَتَمَرُّدٌ وَالله لَمْ يَتْرُكُه .. حَتَّى أنَّ النَّاس ثَارُوا ثَوْرَة .. هُمْ خَارِجُون مِنْ أرْض مِصْر وَذَاهِبُون لأِرْض كَنْعَان قِيلَ لَهُمْ عَنْهَا أنَّهَا أرْض تَفِيض لَبَنْ وَعَسَل .. فَأرْسَل مُوسَى إِثْنَي عَشَرَ جَاسُوس لِيَتَجَسَّسُوا وَلَمَّا رَجَعُوا عَشَرَة مِنْهُمْ أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَقَالُوا{ هِيَ أَرْضٌ تَأْكُلُ سُكَّانَهَا } ( عد 13 : 32 ) .. فَثَارَ الشَّعْب وَقَالُوا نَحْنُ تَعَبْنَا أرْبَعِينَ سَنَة فِي البَرِّيَّة وَالتِيه مِنْ أجْل أرْض تَأكُلْ سُكَّانْهَا ؟ وَرَغْم كُلَّ هذَا مَازَالَ الله مُتَمَسِّك بِمَوَاعِيدُه وَيُبَارِك شَعْبُه سِفْر العَدَد يَتَكَلَّمْ عَنْ تَمَرُّدٌ الإِنْسَان وَالحَيَاة المَادِيَّة لِلإِنْسَان وَارْتِدَادُه لأِرْض العُبُودِيَّة وَالخَطِيَّة حَتَّى أنَّ الله كَانَ يُمْكِنُه أنْ يُوَصِلْهُمْ لأِرْض المَوْعِد فِي مُدَّة أقْصَاهَا شَهْر لكِنَّهُ أتَاهَهُمْ أرْبَعِينَ سَنَة كَيْ يَضْمَنْ عَدَم رُجُوعِهِمْ لَوْ لَمْ يَضِلُّوا الطَّرِيقٌ وَكَانَتْ فِتْرِة وُصُولِهِمْ لأِرْض المَوْعِد قَصِيرَة لَرَأيْنَا إِرْتِدَادِهِمْ فِي مَجْمُوعَات مُتَتَالِيَة لأِرْض مِصْرلكِنَّهُ أرَادَ أنْ يَحْمِيهُمْ بِبَعْض حَتَّى إِنْ أرَادَ أحَدْهُمْ العَوْدَة لِمِصْر يُثْنِيه أخِيه قَائِلاً إِنَّ المَسَافَة طَوِيلَة .. أي أنَّ حَتَّى زَيَغَانُهُمْ كَانَ نِعْمَة مِنْهُ وَمَا أجْمَل قَوْل دَاوُد { تَيَهَانِي رَاقَبْتَ }( مز 56 : 8 ) .. أي حَتَّى إِبْتِعَادِي عَنْكَ كُنْتَ تُرَاقِبُه لِذلِك فِي سِفْر العَدَد الله يُقَدِّر جِدّاًمَوْقِفْ الإِنْسَان المُتَمَسِّك بِإِيمَانُه .. الإِنْسَان الَّذِي يَتَحَدَّى الكُلَّ بِإِيمَانُه وَمَا أجْمَل مَوْقِفْ كَالِب وَيَشُوع بَعْد أنْ أشَاعَ العَشْرَة جَوَاسِيس مَذَمَّة فِي الأرْض { لكِنْ كَالِبُ أَنْصَتَ الشَّعْبَ إِلَى مُوسَى وَقَالَ إِنَّنَا نَصْعَدُ وَنَمْتَلِكُهَا لأَِنَّنَا قَادِرُونَ عَلَيْهَا }( عد 13 : 30 ) .. إِيمَان .. مِنْ أيْنَ إِيمَانَك يَا كَالِب .. " قَادِرُونَ عَلَيْهَا " ؟ .. { وَأَمَّا الرِّجَالُ الَّذِينَ صَعِدُوا مَعَْهُ فَقَالُوا لاَ نَقْدُِرْ أَنْ نَصْعَدَ إِلَى الشَّعْبِ لأَِنَّهُمْ أَشَدُّ مِنَّا . فَأَشَاعُوا مَذَمَّةَ الأَرْضِ الَّتِي تَجَسَّسُوهَا ...... قَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ الْجَبَابِرَةَ بَنِي عَنَاقٍ مِنْ الْجَبَابِرَةِ . فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَالْجَرَادِ وَهكَذَا كُنَّا فِي أَعْيُنِهِمْ } ( عد 13 : 31 – 33 ) .. صِغَر نَفْس ..صِغَر النَّفْس هُوَ حَال إِنْسَان يَنْظُر لِنَفْسُه خَارِج دَائِرَة الله فَيَحْتَقِر نَفْسُه .. لِذلِك فَرَح الله بِمَوْقِفْ كَالِب وَيَشُوع حَتَّى أنَّهُ قَالَ نَاس أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَكَالِب وَيَشُوع قَالاَ { الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا الأَرْضُ جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً . إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأَرْضِ }( عد 14 : 7 – 8 ) .. هذَا مَوْقِفْ الإِنْسَان مِنْ الله .. إِنْسَان يَشْعُر أنَّ الحَيَاة مَعَ الله لَذِيذَة جِدّاً وَآخَر يُشِيعْ مَذَمَّة وَيَقُول إِنَّهَا صَعْبَة بَلْ وَمُسْتَحِيلَة .. إِنْسَان يَقُول الحَيَاة مَعَ الله جَيِّدَة جِدّاً إِنْ سُرَّ الله يُعْطِينَا إِيَّاهَا وَآخَر يَقُول رَأيْتُ فِيهَا بَنِي عَنَاق .. إِنْسَان يَقُول .. لاَ .. هُمْ خُبْزِنَا قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلَّهُمْ أي غِير مَوْجُودِينْ .. لِذلِك قَالَ الله لِمُوسَى النَّبِي { حَتَّى مَتَى يُهِينُنِي هذَا الشَّعْبُ وَحَتَّى مَتَى لاَ يُصَدِّقُونَنِي } ( عد 14 : 11) .. أي الَّذِي لاَ يُصَدِّق الله يُهِينُه سِفْر العَدَد يُعْلِنْ أنَّ الإِنْسَان فِي رِحْلِتُه مُعَرَّض لِحُرُوب كَثِيرَة لكِنْ الله مَعَهُ لاَ يَتْرُكُه وَإِنْ تَرَكَ الإِنْسَان نَفْسُه لِفِكْرُه وَآرَاء مَنْ حَوْلُه قَدْ يُعْثَر لكِنْ لَوْ تَمَسَّك بِرَجَاءُه وَمَوَاعِيدْ الله وَالكَلِمَة يَقُول مَعَ كَالِب وَيَشُوع إِنَّهَا أرْض جِيِّدَة جِدّاً جِدّاً .. سِفْر العَدَد يُمَثِّل رِحْلِة الإِنْسَان فِي الحَيَاة كُلَّهَا حَتَّى يَرِث أرْض المِيعَاد وَبِكُلَّ مَا فِيهَا مِنْ مَشَقَات وَتَعْزِيَات .. يُوْجَدٌ حُرُوب كَثِيرَة لكِنْ تُوْجَدٌ أيْضاً نِعَمْ .. يُوْجَدٌ مُضَايِقُون لكِنْ أيْضاً يُوْجَدٌ كَالِب وَيَشُوع .. وَإِنْ كَانِتْ النِسْبَة صَعْبَة 10 : 2 .. فَالعَشَرَة جَوَاسِيس هَيَّجُوا الشَّعْب كُلُّه فَصَارُوا شَعْب كَامِلٌ وَلَيْسَ عَشْرَة أشْخَاص ضِدٌ كَالِب وَيَشُوع .. لِنَفْرِض أنَّ الله إِخْتَارَك مِنْ ضِمْن جَمَاعَة مُخْتَارَة لاَبُدْ أنْ تَعْرِف أنَّكَ قِلَّة وَمَسْئُولِيِتَك إِقْنَاع الأغْلَبِيَّة .. كَمْ نَشْتَكِي مِنْ أشْغَالْنَا وَحَيَاتْنَا وَدِرَاسِتْنَا وَحَتَّى الكِنِيسَة وَ .... نَجِدٌ فِيهَا أُنَاس كَثِيرُونَ بَعِيدُونَ عَنْ الله يُشِيعُونَ مَذَمَّة .. مَعَ مَنْ أنْتَ ؟سِفْر العَدَد يَقُول لَك لاَ تَطْرَح ثِقَتَك الَّتِي لَهَا مُجَازَاة حَتَّى وَإِنْ كَانَ عَشَرَة ضِدٌ إِثْنَان إِثْبَتْ .. وَإِنْ هَيَّج العَشَرَة المُجْتَمَعْ كُلُّه فَصَارَ مُجْتَمَعْ ضِدٌ إِثْنَان أيْضاً إِثْبَتْ لأِنَّ الإِثْنَان هُمَا اللَّذَان أرْسَلْهُمَا الله لِيَتَحَمَّلاَ مَسْئُولِيِة جَذْب النَّاس لِمَلَكُوتُه وَلِيُصَدِق النَّاس مَوَاعِيدْ الله فَإِنْ لَمْ تُصَدِّق أنْتَ مَوَاعِيدُه فَأيْنَ رِسَالْتَك ؟ لِذلِك قَالَ الله مَادُمْتُمْ تَشُكُّونَ فِي مَوَاعِيدِي فَلَنْ تَدْخُلُوا الأرْض .. وَبِالفِعْل لَمْ يَدْخُلْ الجِيلْ كُلُّه الخَارِج مِنْ أرْض مِصْر أرْض المَوْعِدْ .. وَعِنْدَمَا قَالُوا لله أخْرَجْتَنَا مِنْ مِصْر لِنَمُوت نَحْنُ وَأوْلاَدْنَا فِي البَرِّيَّة ( خر 14 : 11 ) قَالَ لَهُمْ سَتَمُوتُوا أنْتُمْ مَاعَدَا كَالِب وَيَشُوع وَأوْلاَدَكُمْ فَهُمْ فَقَطْ سَيَدْخُلُون الأرْض .. هَلْ نَتَخَيَّل أنَّ كَالِب وَيَشُوع مَظْهَرِيّاً كَانَ غَالِبَان ؟ .. لاَ لكِنْ كَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول { وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ } ( 2تي 3 : 14) سِفْر العَدَد يُعْلِنْ سُهُولِة سُقُوطْ الإِنْسَان فِي التَّمَرُّد وَالعِصْيَان لكِنْ ثِق فِي عَمَل الله .. الْمَسِيح رَافَقْنِي فِي كُلَّ مَرَاحِلْ حَيَاتِي .. فِي أرْض مِصْر فِي البَرِّيَّة فِي كَنْعَان وَالأبَاء شَبَّهُوا هذِهِ الثَّلاَثَة بِمَرَاحِلْ النَّفْس :- 1- مِصْر:- هِيَ مَرْحَلِة الجِهَادٌ ضِدٌ فِرْعُون وَالتَّخَلُّص مِنْ سُلْطَان فِرْعُون .. وَقَدْ تَتَخَيَّلْ أنَّكَ بَعْد التَّخَلُّص مِنْ فِرْعُون قَدْ إِسْتَرَحْت لكِنَّك تَدْخُلْ مَرْحَلَة جَدِيدَة بِحُرُوب جَدِيدَة وَأُسْلُوب جِدِيدٌ .. مَرْحَلِة مِصْرهِيَ مَرْحَلِة المَعْمُودِيَّة وَجَحْدٌ الشَّيْطَان وَالخُرُوج مِنْ يَدْ فِرْعُون . 2- البَرِّيَّة:- هِيَ مَرْحَلِة عَطَايَا الله .. المَنَّ .. التَّجَلِّيَات .. شَرَائِعْ الله .. لكِنْ بِهَا حُرُوب وَشُكُوك وَأوْجَاع بِأي رُوح تُوَاجِه هذِهِ الأُمُور ؟ بِرُوح كَالِب وَيَشُوع أم بِرُوح الجَمَاعَة ؟ الَّذِي يَصْمُد بِرُوح كَالِب وَيَشُوع يَدْخُلْ المَرحَلَة الثَّالِثَة . 3- َكنْعَان:- مَرْحَلِة الرَّاحَة الأبَدِيَّة . حَتَّى فِي مَرَاحِلْ الجِهَاد الرُّوحِي سَيَأخُذْ الإِنْسَان جِهَاد ضِدٌ خَطَايَاه وَيَأخُذْ نُصْرَة وَيَدْخُلْ البَرِّيَّة وَيَجِدٌ حُرُوب أُخْرَى تَخْتَلِفْ فِي نَوْعِهَا لكِنْ مُشْتَرَكَة فِي جَوْهَرْهَا لأِنَّ هَدَف عَدُو الخِير هُوَ عَدَم وُصُولْنَا لِكَنْعَان .. قَدْ تَمُر بِالمَرَاحِلْ الثَّلاَثَة خِلاَل حَيَاتَك كُلَّهَا وَقَدْ تَمُر بِهَا خِلاَل يَوْمَك المُهِمْ أنْ لاَ تَنْظُر إِلَى الوَرَاء وَلاَ تَشْتَاق لِمَذَلِّة مِصْر وَلاَ تَرْغَبْ فِي الرُّجُوع لكِنْ جَاهِدْ بِاسْتِمْرَار فِي ثِقَة أنَّ مَنْ أخْرَجَك مِنْ مَذَلِّة مِصْر وَرَافَقَك فِي البَرِّيَّة قَادِرْ أنْ يُدْخِلَك كَنْعَان رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج6- التعلق بشهوات الماضى

الأصْحَاح الحَادِي عَشَرَ :- أثْنَاء رِحْلِة الشَّعْب فِي البَرِّيَّة كَانَ الله يَقُودَهُمْ بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار .. وَكَانَ يُنْزِل لَهُمْ المَنَّ كُلَّ يَوْم .. وَيُبَدِّدْ عَنْهُمْ الأعْدَاء .. كَانَ يُحَوِّطَهُمْ وَيَحْرُسَهُمْ وَيُعْطِيهُمْ القُوْت اليَوْمِي لكِنْ حُبُّهُمْ لأِرْض مِصْر مَازَالَ فِيهُمْ رَغْم أنَّ الله دَعَاهُمْ لِلخُرُوج مِنْهَا .. { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ } ( عد 11 : 1) .. شَكْوِتْهُمْ لِلشَّر وَصَلَتْ إِلَى أُذُنَيَ الله .. أحْيَاناً يَشْتَكِي الإِنْسَان وَلاَ يَعْلَمْ أنَّ شَكْوَتَهُ تَصِلْ إِلَى الله .. لاَ .. الشَكْوَى وَصَلَتْ إِلَى الله وَجَرَحِتُه .. جِيلْنَا جِيلْ مُتَمَرِّدْ لاَ يَشْكُر الله مِنَّا مَنْ يَقُول أنَّ البَلَد حَالْهَا رَدِئ أوْ الدِرَاسَة رَدِيئَة .. وَقَدْ يَقُول أنَّ الكَنِيسَة لاَ تَعْجِبُه .. هذَا التَّمَرُد لأِنَّ النَّفْس لاَ تَتَعَامَلٌ مَعَ مَحَبِّة الله .. الَّذِي يَتَعَامَلٌ مَعَ مَحَبِّة الله يَقُول { بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسِي كُلَّ حَسَنَاتِهِ } ( مز 103 : 2 ) .. الله كَانَ يَتَوَقَعْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أنْ يَشْكُرُوه عَلَى مَا فَعَلَهُ مَعَهُمْ وَأنَّهُ أنْقَذَهُمْ مِنْ العُبُودِيَّة وَيَقُودَهُمْ فِي البَرِّيَّة وَيَجْعَلَهُمْ فِي عَدَم إِحْتِيَاج .. لكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا كَثِيراً مَا يُلْهِينَا عَدُو الخِير عَنْ مَا هُوَ إِيجَابِي فَنَرَى السَلْبِي فَقَطْ وَنَتَذَمَر وَنَتَضَايَق فِي هذِهِ المَرَّة حَزَنَ الله مِنْ الشَّعْب وَقَالَ لَهُمْ أنَا أخْرَجْتُكُمْ مِنْ عُبُودِيِّة وَسُلْطَان فَرْعُون وَحَمَلْتَكُمْ كَمَا عَلَى أجْنِحَة النُسُور وَأنْتُمْ مُتَمَرِدُون .. { وَسَمِعَ الرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ } .. كُلَّ مَرَّة يَسْمَعْ وَيَصْمُت لكِنْ فِي هذِهِ المَرَّة قَالَ أنَا صَانِعْ بِكُمْ خَيْرٌ وَأقُودَكُمْ فِي البَرِّيَّة بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَارفَلِمَاذَا الشَكْوَى ؟{ فَاشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ الْمَحَلَّةِ } إِشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَار الرَّبَّ أرَادَ تَأدِيبَهُمْ لكِنْ لَمْ تَشْتَعِل النَّار فِي الشَّعْب كُلُّه بَلْ مِنْ حَنَان الله جَعَلَهَا تَشْتَعِل فِي طَرَف المَحَلَّة وَكَأنَّهُ يُرِيهِمْ عَيِّنَه مِنْ تَأدِيبَاتِهِ فَلَمَّا رَأُوا النَّار جَرُوا وَصَرَخُوا إِلَى مُوسَى النَّبِي { فَصَرَخَ الشَّعْبُ إِلَى مُوسَى فَصَلَّى مُوسَى إِلَى الرَّبِّ فَخَمِدَتِ النَّارُ } ( عد 11 : 2 ) .. لأِنَّ لَيْسَ لَهُمْ وَجْه لِيَصْرُخُوا لله مُبَاشَرَةً فَلَجَأُوا إِلَى مُوسَى النَّبِي .. وَهذِهِ هِيَ قُوَّة الشَّفَاعَة صَلَّى مُوسَى إِلَى الرَّبَّ فَخَمَدَت النَّار .. { فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَوْضِعِ تَبْعِيرَةَ لأَِنَّ نَارَ الرَّبِّ اشْتَعَلَتْ فِيهِمْ } ( عد 11 : 3 ) إِشْتَكُوا شَر وَغَضَبْ الله عَلَيْهِمْ لأِنَّهُمْ لَمْ يَشْكُرُوه وَلَمْ يُسَبِّحُوه فَإِشْتَعَلِت فِيهُمْ نَار الرَّبَّ تَأدَّبُوا قَلِيلاً وَهَدَأُوا وَفَهَمُوا الدَّرْس وَاسْتَوْعَبُوه .. لكِنْ كَانَ فِي وَسَطِهِمْ جَمَاعَة تُسَمَّى" اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ " .. { وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً . فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضاً وَبَكَوْا وَقَالُوا مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً } ( عد 11 : 4 ) .. " مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً " ؟ .. إِشْتَهُوا اللَّحْم { قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّ نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً وَالْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاتَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ . وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } ( عد 11 : 5 – 6 ) قَالُوا أيْنَ أيَّام زَمَان زَمَنْ اللَّحْم وَالسَّمَك الَّذِي كُنَّا نَأكُلَهُ مَجَّاناً فِي مِصْر وَكُلَّ هذَا كَانَ بِسَبَبْ اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ .. يَقُول القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ لَوْ كَانُوا مُسْتَرِيحِين فِي مِصْر فَمَاذَا كَانُوا يَفْعَلُون ؟ .. فِي مِصْر كَانُوا يَأكُلُونَ السَّمَك الصَّغِير وَكَانَ المِصْرِيُون يُلْقُونَهُ أمَامَهُمْ وَهُمْ يَتَزَاحَمُون عَلَيْهِ وَكَانَ المِصْرِيُون يَضْحَكُونَ مِنْ تَزَاحِمْهُمْ وَتَسَاقُطْهُمْ مِنْ أجْل هذَا السَّمَك الصَّغِير جِدّاً .. أي كَانُوا يَذِلُّوهُمْ وَيَضْحَكُونَ عَلَيْهِمْ .. تُرَى هَلْ تَشْتَهُونَ الذُّلْ ؟ الله أتَاهَهُمْ فِي البَرِّيَّة وَقَادَهُمْ بِعَمُود سَحَاب وَنَار وَبَدَّدْ عَنْهُمْ أعْدَائَهُمْ كَيْ لاَ يَعُودُوا مَرَّة أُخْرَى إِلَى مِصْر لكِنْ لِلأَسَفْ مَازَالَتْ قُلُوبِهِمْ تَشْتَهِي مِصْر أمر عَجِيب أنَّ إِحْسَان الله يُقَابَلْ بِجُحُود .. هذِهِ هِيَ قِصَّة الله مَعَ الإِنْسَان .. الله خَلَقَ آدَم وَحَوَّاء فِي الفِرْدُوس لِيَتَنَعَمُوا بِهِ لكِنْ فِتْرَة بَسِيطَة وَتَمَرَّدْ الإِنْسَان لأِنَّهُ أرَادَ أنْ يَمْتَلِك هُوَ الفِرْدُوس أيْضاً لَمَّا خَرَجَ الشَّعْب مِنْ عُبُودِيِة فِرْعُون عَبَدُوا العِجْل بَيْنَمَا كَانَ مُوسَى مَعَ الله عَلَى الجَبَل يَسْتَلِمْ مِنْهُ الوَصَايَا لِيَضْمَنْ بِهَا الله لَهُمْ حَيَاة .. لِنَرَى هذَا التَّنَاقُض العَجِيبْ مِنْ الإِنْسَان إِتِجَاه الله يَقُولُون { الآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } .. وَمَرَّة أُخْرَى يَقُولُون { قَدْ كَرِهَتْ أَنْفُسُنَا الطَّعَامَ السَّخِيفَ } ( عد 21 : 5 ) .. كَيْفَ ؟ وَالمَنَّ هُوَ الْمَسِيح " المَنَّ " مَعْنَاه " مَنْ " ؟ أي مَوْضِعْ حِيرَة وَلَمَّا نَزَلَ لَهُمْ المَنَّ قَالُوا أنَّهُ مُسْتَدِير وَطَعْمُه حُلْو وَهذَا هُوَ الْمَسِيح الَّذِي لَيْسَ لَهُ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة وَحَلْقُه حَلاَوَةٌ وَكُلُّه مُشْتَهَيَاتٌ( نش 5 : 16) وَهُوَ عَطِيَّة مِنْ عِنْدَ الآب لَنَا .. لِذلِك لَمَّا رَأُوا المَنَّ قَالُوا مَنْ هذَا ؟ أي شَيْء عَاقِلٌ .. وَبَعْد ذلِك يَقُولُون يَبَسَتْ أنْفُسَنَا ؟!!! الله يُعْطِي لِلنَّاس بَرَكَات يَوْمِيَّة وَيُقَدِّم لَنَا نَفْسُه مَجّاناً كُلَّ يَوْم عَلَى المَذْبَح ذَبِيحَة لأِجْلِنَا وَنَقُول لَهُ مَلَلْنَا هذَا المَنَّ .. مَلَلْنَا القُدَّاس ؟!!! يَبَسَتْ أنْفُسَنَا .. الله يُرِيدْ لِشَعْبُه حَيَاة سَلِيمَة مُتَمَتِّعَة بِهِ بَعِيدَة عَنْ أرْض العُبُودِيَّة وَلكِنْ لِلأَسَفْ هُمْ إِشْتَهُوا الذُّلْ .. هذِهِ هِيَ شَهْوِة المَاضِي اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ هُمْ قَوْم زَائِدْ عَلَى الشَّعْب قَدْ يَكُونُوا مَصْرِيِّينْ خَرَجُوا مِنْ مِصْر مَعَهُمْ لأِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل قَالُوا نَحْنُ ذَاهِبُون إِلَى أرْض تَفِيضُ لَبَنْ وَعَسَلْ فَقَالَ لَهُمْ هذَا اللَّفِيف نَذْهَبْ مَعَكُمْ وَخَرَجُوا مَعَهُمْ لكِنَّهُمْ أتْعَبُوهُمْ وَخَاصَّةً أنَّهُمْ لاَ يَعْبُدُون الله فَكَانُوا سِر شَكْوَى وَتَذَمُّر الشَّعْب .. كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا دَاخِلُه لَفِيف يَشْتَهِي شَهْوِة الذَّات تَتَحَالَفْ مَعَ الشَّهْوَة وَالإِثْنَان يَتَحَالَفَان مَعَ مَحَبِّة العَالَمْ فَيَكُون هذَا التَّحَالُف لَفِيف يُعَادِينَا وَيُسَيْطِر عَلَيْنَا .. لِذلِك قَالَ الله لاَ تَكُنْ فِي طَرَف المَحَلَّة بَلْ كُنْ فِي وَسَطْهَا قَرِيب مِنْ اللاَّوِيِّين وَمَحْمِي فِي التَّابُوت وَلاَ تَبْتَعِدْ أي لاَ تَكُون سَطْحِي فِي عِلاَقَتَك مَعَ الله حَتَّى لاَ تَتَعَرَّض إِلَى أعْدَاء لكِنْ كَيْ تَكُون فِي أمَان إِقْتَرِب إِلَى العُمْق .. إِقْتَرِب إِلَى المَنْطِقَة الدَّافِئَة اللَّفِيف هُمْ جَمَاعَة مُتَذَمِرِينْ مِثْل الزَّوَان وَسَطْ الحِنْطَة أوْ مِثْل الثَّعَالِب الصَّغِيرَةالمُفْسِدَة لِلكُرُوم .. هؤُلاَء يُعَبِّرُون عَنْ خَطَايَا صَغِيرَة تَبْدأ فِي القَلْب ثُمَّ تَخْرُج لِلحَوَاس وَمِنْهَا لِلإِرَادَة ثُمَّ الفِعْل – تَدَرُّج – وَبِذلِك تُسَيْطِر عَلَى الإِنْسَان كُلُّه فَتَسْلِبُه إِرَادَتُه .. يَشْتَكُون شَرَّاً .. اللَّفِيف كَانَ مَوْجُود وَالتَّارِيخ لَمْ يَذْكُره .. هكَذَا هُنَاك خَطَايَا أنْتَ مُحْتَضِنْهَا وَلاَ تَظْهَر لكِنْ فِي يَوْمٍ مَا أوْ مَوْقِفْ مَا تَظْهَر .. لِذلِك رَاقِبْ الجَمَاعَة وَالأطْرَاف وَاللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطْهِمْ الَّذِي وَصَلَ بِهُمْ إِلَى حَالِة التَّذَمُّر وَشَهْوِة الذُّل وَالإِسْتِخْفَاف بِعَطَايَا الله وَالأُمُور الرُّوحِيَّة .. الإِنْسَان الَّذِي يَحْيَا مَعَ الله يَذُوق عِذُوبَة بَيْنَمَا البَعِيدْ عَنْ الله لاَ يَرَى عَطَايَاه لِذلِك أدَّبَهُمْ الله .. { فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى الشَّعْبَ يَبْكُونَ بِعَشَائِرِهِمْ كُلَّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ وَحَمَيَ غَضَبُ الرَّبِّ جِدّاً } ( عد 11 : 10) مُوسَى النَّبِي إِحْتَار لأِنَّ الشَّعْب كُلُّه كَانَ يَبْكِي لكِنْ هذَا الأمر جَعَلَ غَضَبْ الله يَحْمَى عَلَيْهِمْ فَأَرَادَ أنْ يُؤَدِّبَهُمْ مَرَّة أُخْرَى لكِنْ مُوسَى يَقُول لله أنْتَ تَغْضَبْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يِتْعِبُونَنِي .. { فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ وَلِمَاذَا لَمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقَلَ جَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ عَلَيَّ . أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِجَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ أَوْ لَعَلِّي وَلَدْتُهُ حَتَّى تَقُولَ لِي احْمِلْهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ الْمُرَبِّي الرَّضِيعَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفْتَ لآِبَائِهِ مِنْ أَيْنَ لِي لَحْمٌ حَتَّى أُعْطِيَ جَمِيعَ هذَا الشَّعْبِ . لأَِنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَيَّ قَائِلِينَ أَعْطِنَا لَحْماً لِنَأْكُلَ }( عد 11 : 11 – 13) .. مُوسَى يَقُول لله هَلْ أنَا حَبَلْت بِهذَا الشَّعْب جَمِيعَهُ وَوَلَدْتَهُ ؟ لِمَاذَا تَضَعْنِي وَسَطِهِمْ ؟ هُمْ يَبْكُون يُرِيدُون أنْ يَأكُلُوا لَحْماً .. الشَّعْب غَاضِبْ مِنْ الله لكِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يُوَاجِه الله أوْ يُكَلِمَهُ مُبَاشَرَةً فَإِشْتَكَى لِمُوسَى وَمُوسَى كَلَّمْ الله .. أحْيَاناً التَّذَمُّر يَنْتَقِل لِلقَائِدْ مُوسَى تَكَلَّمْ مَعَ الله بِإِسْلُوب غِير لاَئِق وَقَالَ لَهُ لِمَاذَا أسَأت إِلَى عَبْدَك ؟ .. { فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هكَذَا فَاقْتُلْنِي قَتْلاً إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ . فَلاَ أَرَى بَلِيَّتِي } ( عد 11 : 15) .. قَالَ مُوسَى لله أنَا غَيْر قَادِر عَلَى حِمْل مَسْئُولِيِة هذَا الشَّعْب جَمِيعَهُ .. فَقَالَ لَهُ الله إِحْضِر لِي سَبْعِين رَجُلاً لِيَتَحَمَلُّوا هُمْ عَنْكَ المَسْئُولِيَّة وَ آخُذْ مِنْ الرُّوح الَّتِي عَلَيْكَ وَأضَعْ عَلَيْهِمْ .. أي إِكْلِيلَك سَيَنْقَسِمْ أنَا وَضَعْتَك فِي هذَا المَكَان وَأنَا أُعِينَك .. لِمَاذَا تَتَذَّمَر ؟ أنَا أعَنْتَك فِي الحُرُوب فَتَذَكَّر ذلِك .. نَفْس التَّذَمُّر قَالَهُ إِيلِيَّا النَّبِي عِنْدَمَا هَرَبْ وَقَالَ لله قَتِلُوا أنْبِيَاءَك وَهَدَمُوا مَذَابِحَك وَبَقَيْتُ أنَا وَحْدِي ( 1مل 19 : 10) فَقَالَ لَهُ الله لاَ تَحْزَن إِمْسَح إِلِيشَعْ نَبِي وَسَآخُذْ مِنْ رُوحِي الَّتِي عَلَيْك وَأضَعْ فِيهِ .. هذِهِ نَتِيجِة التَّذَمُّر لكِنْ العَجِيب أنَّهُ رَغْم تَمَرُّد مُوسَى النَّبِي وَإِيلِيَّا النَّبِي إِلاَّ أنَّهُمَا ظَهَرَا عَلَى جَبَلْ التَّجَلِّي مَعَ يَسُوع .. { فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى اجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ شُيُوخُ الشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ وَأَقْبَلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ فَيَقِفُوا هُنَاكَ مَعَْكَ . فَأَنْزِلَ أَنَا وَأَتَكَلَّمَ مَعَْكَ هُنَاكَ وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ فَيَحْمِلُونَ مَعَْكَ ثِقَلَ الشَّعْبِ فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ وَلِلشَّعْبِ تَقُولُ تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ فَتَأْكُلُوا لَحْماً } ( عد 11 : 16 – 18) .. الله كَلَّمَهُ فِي مُشْكِلَتَيْنِ مُشْكِلِة عَدَم تَحَمُّلِهِ فَجَعَلَ مَعَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً .. وَمُشْكِلِة أكْل اللَّحْم وَهذَا مَا جَرَح الله .. قَالَ الله لِمُوسَى قُلْ لِلشَّعْب تَقَدَّسُوا لِلغَدْ فَتَأكُلُوا لَحْماً .. شَهْوِتْكُمْ سَأُعْطِيكُمْ .. { لأَِنَّكُمْ قَدْ بَكَيْتُمْ فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ قَائِلِينَ مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً . إِنَّهُ كَانَ لَنَا خَيْرٌ فِي مِصْرَ } .. وَكَأنَّ الله يُذَكِّرَهُمْ بِكَلاَمِهِمْ لِتَبْكِيتَهُمْ { فَيُعْطِيكُمُ الرَّبُّ لَحْماً فَتَأْكُلُونَ . تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً وَلاَ يَوْمَيْنِ وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عِشْرِينَ يَوْماً . بَلْ شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرَكُمْ وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً لأَِنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسْطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ } ( عد 11 : 18 – 20 ) .. سَتَأكُلُون بِنَهَمْ وَتُشْبَعُون شَهْوَة حَتَّى تَكْرَهُوا أكْل اللَّحْم .. الله إِعْتَبَر هذَا الكَلاَم إِهَانَة لَهُ .. لكِنْ لِلأسَفْ مُوسَى النَّبِي لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَسْتَوْعِبْ كَلاَم الله .. فَقَالَ لَهُ { سِتُّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ هُوَ الشَّعْبُ الَّذِي أَنَا فِي وَسَْطِهِ . وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ أُعْطيهِمْ لَحْماً لِيَأْكُلُوا شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ } ( عد 11 : 21 ) ألاَ تَعْرِف العَدَد يَا الله ؟ فَهذَا الشَّعْب بِهِ سِت مَائَة ألْف رَجُل كَيْفَ تُعْطِيهُمْ لَحْماً لِيَأكُلُوا شَهْراًمِنْ الزَّمَان ؟{ أَيُذْبَحُ لَهُمْ غَنَمٌ وَبَقَرٌ لِيَكْفِيَهُمْ أَمْ يُجْمَعُ لَهُمْ كُلُّ سَمَكِ الْبَحْرِ لِيَكْفِيهُمْ . فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى هَلْ تَقْصُرُ يَدُ الرَّبِّ . الآنَ تَرَى أَيُوَافِيكَ كَلاَمِي أَمْ لاَ } ( عد 11 : 22 – 23 ) .. يَا مُوسَى أنْتَ تَمَادَيْتَ مَعَ الله .. مُوسَى يَتَكَلَّمْ بِتِلْقَائِيَّة مَعَ الله .. لكِنْ الله قَالَ لِمُوسَى لَنْ تَقْصُر يَدِي .. قَالَ لَهُ الله إِجْمَعْ لِي سَبْعِينَ رَجُلاً .. وَالآنْ يَتَحَاوَر مَعَهُ .. عَجِيب أنَّ الله يَتَنَازَل مَعَ الإِنْسَان إِلَى مُسْتَوَاه الضَّعِيف .. يَتَكَلَّمْ مَعَ الإِنْسَان كَإِنْسَان وَكَأنَّ مُوسَى وَالله يَقُولاَن لِبَعْضِهِمَا سَنَرَى وَبِالفِعْل { فَخَرَجَ مُوسَى وَكَلَّمَ الشَّعْبَ بِكَلاَمِ الرَّبِّ وَجَمَعَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ الشَّعْبِ وَأَوْقَفَهُمْ حَوَالِيِ الْخَيْمَةِ . فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَْهُ وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى السَّبْعِينَ رَجُلاً الشُّيُوخَ . فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا } ( عد 11 : 24 – 25 ) .. عِنْدَمَا جَمَعَ السَّبْعِينَ رَجُلاً لَمْ يَأتُوا كُلُّهُمْ بَلْ تَخَلَّفْ مِنْهُمْ إِثْنَان وَأتَى ثَمَانِيَة وَسُتُونَ رَجُلاً .. وَلَمَّا حَلَّ عَلَيْهِمْ الرُّوح تَنَبَّأُوا لكِنْ هُنَاك إِثْنَان غَائِبَان كَانَا فِي المَحَلَّة وَلكِنَّهُمْ وَجَدُوهُمَا يَتَنَبَّآن فِي نَفْس اللَّحْظَة أي يَقُولاَن كَلاَم رُوحِي وَأتَى يَشُوع بْن نُون إِلَى مُوسَى النَّبِي وَقَالَ لَهُ أنَّ هُنَاك إِثْنَان غَرِيبَانِ يَتَنَبَّآن إِرْدِعْهُمَا { فَقَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ تَغَارُ أَنْتَ لِي . يَا لَيْتَ كُلَّ شَعْبِ الرَّبِّ كَانُوا أَنْبِيَاءَ إِذَا جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَهُ عَلَيْهِمْ } ( عد 11 : 29 ) .. هُنَا يَقُول الآبَاء تَأمُّل جَمِيلٌ .. أنَّ الإِثْنَان اللَّذَان لَمْ يَحْضِرَا حُلُول الرُّوح عِنْدَ الخَيْمَة يُمَثِّلاَن كَنِيسَة الأُمَمْ لكِنْ رَغْم أنَّهُمَا لَمْ يَحْضَرَا حُلُول الرُّوح القُدُس لكِنَّهُمَا كَانَا فِي المَحَلَّة .. هكَذَا نَحْنُ لَمْ نَكُنْ فِي العُلِّيَّة لكِنَّنَا كُنَّا مَدْعُوِّينْ لِلعُلِّيَّة وَنَفْس الرُّوح الَّتِي حَلَّتْ فِيهَا حَلَّتْ عَلَيْنَا مِثْلَ هذَان الرَّجُلاَنِ .. هذِهِ دَعْوِة كَنِيسِة الأُمَمْ .. الرَّجُلاَن هُمَا " أَلْدَاد " وَمَعْنَاه " مُحِبْ لِلرَّبَّ " .. وَالآخَر " مِيدَاد " وَمَعْنَاه " مَحْبُوب "َهُمَا يُمَثِّلاَن كَنِيسَة الأُمَمْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي يُوْم الخَمْسِينْ لكِنَّهَا مَدْعُوَة ذَهَبَ مُوسَى إِلَى المَحَلَّة { فَخَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَسَاقَتْ سَلْوَى مِنَ الْبَحْرِ وَأَلْقَتْهَا عَلَى الْمَحَلَّةِ نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَا وَمَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَاكَ حَوَالِيِ الْمَحَلَّةِ وَنَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ } ( عد 11 : 31 ) .. تَخَيَّل أنَّكَ تَسِير لِمُدِّة يُوْم كَامِلٌ وَفَوْقَكَ طِير السَّمَاء فَكَمْ يَكُون عَدَدَهُ ؟وَفِي عَرْض ذِرَاعَيْن أي حَوَالِي مِتْر وَنِصْف .. مِنْ كَثْرِة عَدَد الطُّيُور وَضَعُوا لَهَا شِبَاك وَظَلُّوا يَشْوُونْ وَيَأكُلُون لِمُدِّة شَهْر وَأكَلُوا بِشَهْوَة عَالِيَة وَنَهَمْ وَحَدَثَ مَا قَالَهُ الله " وَجَمَعُوا مِنْهُ كِمِيَات كَبِيرَة لِيَأكُلُوا "{ وَإِذْ كَانَ اللَّحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ حَمَيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى الشَّعْبِ وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدّاً } ( عد 11 : 33 ) .. أحْيَاناً الله يَقُول إِنْ طَلَبْت طَلَبْ غِير مُوَافِقٌ لأِرَادَتِي سَأُعْطِيه لَك لَيْسَ لأِنِّي أُرِيدْ ذلِك بَلْ لِيَكُون كَرَاهَة بِالنِسْبَة لَك .. وَالقِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيّ الفَمْ يَقُول{ نُشْكُر الله لأِنَّهُ لاَ يُعْطِينَا كُلَّ مَا نَسْألُه حَتَّى لاَ يَكُون مَا يُعْطِينَا كَرَاهَة لَنَا }إِنَّهُ لاَ يَسْتَجِيب لِطَلَبْنَا حَتَّى لاَ يُضِير لَنَا كَرَاهَة مِثْلَ هذَا اللَّحْم رَغَمْ تَمَرُّد الشَّعْب إِلاَّ أنَّ الله لَمْ يَقْطَعْ إِرْسَال المَنَّ كُلَّ صَبَاح .. رَغْم جُحُود وَتَمَرُّد الإِنْسَان إِلاَّ أنَّ الله مَازَالَ يُعْطِينَا نَفْسُه وَيَدُه مَفْتُوحَة لِلخِير وَلاَ يَنْضَبْ خَيْرُه أبَداً .. جَمِيلَة قِصَّة الله مَعَ شَعْبُه فِي البَرِّيَّة لأِنَّهَا قِصَّة الإِنْسَان مَعَ الله وَأنَّ كُلَّ هذِهِ الأُمُور كُتِبَتْ لأِجْلِنَا ( 1كو 10 : 11) رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمَتِهِ لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج5

الأصْحَاح العَاشِر :- { وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً . اصْنَعْ لَكَ بُوقَيْنِ مِنْ فِضَّةِ . مَسْحُولَيْنِ تَعْمَلُهَا فَيَكُونَانِ لَكَ لِمُنَادَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلاِرْتِحَالِ الْمَحَلاَّتِ . فَإِذَا ضَرَبُوا بِهِمَا يَجْتَمِعُ إِلَيْكَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ . وَإِذَا ضَرَبُوا بِوَاحِدٍ يَجْتَمِعُ إِلَيْكَ الرُّؤَسَاءُ رُؤُوسُ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ وَإِذَا ضَرَبَتُمْ هُتَافاً تَرْتَحِلُ الْمَحَلاَّتُ النَّازِلَةُ إِلَى الشَّرْقِ } ( عد 10 : 1 – 5 ) .. كُلَّ ضَرْبَة لَهَا مَعْنَى وَالضَرَبَات بِالأبْوَاق لِلَّذِينَ فِي المَحَلَّة فِي الأطْرَاف وَلاَ يَرَوْن السَّحَابَة فَيَسْمَعُوا الأبْوَاق .. وَكُلَّ بُوق لَهُ مَعْنَى .. هُمَا بَوقَانْ إِنْ ضَرَبَ بِبُوق وَاحِدٌ ضَرْبَة سَرِيعَة غَيْر مَا يَضْرَب بِالإِثْنَانِ مَعاً غَيْر مَا يَضْرَب بِبُطْئ الضَرْب بِالبُوقَيْن رَمْز لِكَلِمَة الله فِي العَهْدَين .. وَالبُوقَان مَصْنُوعَان مِنْ فِضَّة وَالفِضَّة تُشِير لِكَلِمَة الله .. أيْضاً { كَلاَمُ الرَّبَّ كَلاَمٌ نَقِي كَفِضَّة مُصَّفَاة } ( مز 11 مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) .. أي لاَبُدْ أنْ نَجْتَمِعْ عَلَى كَلِمَة الإِنْجِيل .. نَحْنُ أتَيْنَا لِنَسْمَع نِدَاء البُوق .. أسَاس إِجْتِمَاعْنَا كَلِمَة الإِنْجِيل إِنْ أرَدْنَا أنْ نَسْتَقِر أوْ نَرْتَحِلْ بِالإِنْجِيل .. هُوَ الكَلِمَة الَّتِي تُسَيِّر حَيَاتْنَا .. لَوْ ضَرَبُوا بِالبُوقَيْنِ مَعاً فَهذَا مَعْنَاه أنْ يَجْتَمِعُوا عِنْدَ خَيْمَة الإِجْتِمَاع لِبَعْض التَّعْلِيمَات وَإِنْ ضَرَبُوا بِبُوق وَاحِدٌ فَهذَا مَعْنَاه إِجْتِمَاع رؤُسَاء أُلُوف الشَّعْب .. كَلِمَة الله شَفْرَة لاَ يَفْهَمْهَا إِلاَّ المُدَرَّبِينْ عَلَى سَمَاع كَلِمَة الله .. إِذاً هُنَاك مَنْ يَسْمَعْ وَلاَ يَفْهَمْ وَمَنْ يَسْمَعْ وَيَفْهَمْ ضَرْب الهُتَاف مَعْنَاه الإِرْتِحَال وَلكِنْ لِكَثْرِة عَدَد الشَّعْب كَانُوا مُقَسَّمِينْ إِلَى أرْبَعَة مَجْمُوعَات لِذلِك كَانُوا يَرْتَحِلُوا بِتَرْتِيب .. الجَمَاعَة الشَّمَالِيَّة أوَّلاً .. أي عِنْدَ سَمَاع هُتَاف طَوِيل يَرْتَحِلْ الثَّلاَثَة أسْبَاطْ الَّذِينَ فِي الشَّمَال أوَّلاً .. ثُمَّ بُوق آخَر طَوِيل فَيَرْتَحِلْ الأسْبَاطْ الثَّلاَثَة الَّذِينَ فِي الجَنُوب .. وَهكَذَا .. أي أنَّ كُلَّ ضَرْبَة لَهَا تَرْتِيب مُعَيَّنْ .. كَلِمَة الله لَهَا تَرْتِيبْ .. فَهُنَاك قِرَاءَات لِلخَمَاسِينْ وَأُخْرَى لِلآحَاد وَقِرَاءَات لأِيَّام الصُوم المُقَدَّس وَ بُوق تَفْهَمْ مِنْ الصُوْت مَا تَقُولَهُ الكَنِيسَة الآنْ تَقُول لَك عَيِّدْ وَمَرَّة أُخْرَى تَقُول لَك تَضَرُّع وَ مِثَال لِذلِك نَحْنُ فِي شَهْر نَسِئ آخِر أشْهُر السَّنَة تَتَكَلَّمْ الكَنِيسَة عَنْ المَجِئ الثَّانِي هذَا بُوق يَضْرَب وَمَنْ يَتَدَرَّبْ عَلَى سَمَاع البُوق يَفْهَمْ { وَبَنُو هَارُون الْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ } ( عد 10 : 8 ) .. أي تَفْسِير الكَلِمَة مِنْ حَقٌ الكَهَنَة فَقَطْ .. لاَ يَضْرَب البُوق سِوَى أوْلاَد هَارُون .. كَلِمَة الله سِرْ فَرَحْنَا هِيَ القَائِدْ فِي حَيَاتْنَا لكِنْ مَنْ لَهُ حَقٌ تَفْسِير الإِنْجِيل الكَهَنَة أي الكَنِيسَة خَاصَّةً فِي أُمُور الإِيمَان وَالعَقِيدَة وَكَمَا يَقُول الأبَاء { لاَ أعْرِف الإِنْجِيل إِلاَّ مَشْرُوحاً مِنْ الأبَاء .. حَيَّ فِي العِبَادَة .. مُفَسَّر بِالقِدِّيسِينْ } حَيَّ فِي القِدِّيسِينْ .. لَيْسَ أحَدٌ يَضْرَب بِالبُوق إِلاَّ الكَهَنَة فَقَطْ لِذلِك الإِنْسَان الرُّوحِي الكَنَسِي يَفْهَمْ البُوق .. عِنْدَمَا يَدْخُلْ الكَنِيسَة وَيَسْمَعْ إِنْجِيل الرَّاعِي الصَّالِح يَفْهَمْ أنَّ اليَوْم تِذْكَار بَطْرِيَرْك وَعِنْدَمَا يَسْمَعْ إِنْجِيل العَذَارَى الحَكِيمَات يَفْهَمْ أنَّ اليَوْم تِذْكَار أحَدٌ العَذَارَى .. عِنْدَمَا يَتَكَلَّمْ الإِنْجِيل عَنْ " لاَ تَخَافُوا مِنْ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الجَسَدَ " ( مت 10 : 28 ) يَفْهَمْ أنَّ اليَوْم تِذْكَار شَهِيدْ تُرَى مَا مَعْنَى بُوق اليَوْم ؟ هَلْ هُوَ إِرْتِحَال أم تَعَالِيمْ أم ؟ الَّذِي لَهُ آذَان مُدَرَّبَة أي مَنْ إِنْضَمَّ إِلَى جَمَاعِة إِسْرَائِيل يَفْهَمْ إِرْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيل .. حَمَى مُوسَى النَّبِي إِسْمُه يَثْرُون وَهُوَ كَاهِنْ وَثَنِي ..أرَادَ مُوسَى النَّبِي أنْ يَأخُذَهُ مَعَهُ فِي الإِرْتِحَال لكِنْ لَيْسَ لِيَثْرُون فِصْح أوْ خِتَان أوْ وَصَايَا ..فَمَاذَا يَفْعَل مُوسَى ؟ قَالَ لَهُ أنْتَ مِنْ البَرِّيَّة فَتَعَالَ مَعَنَا كَمُرْشِدْ .. { فَقَالَ لاَ تَتْرُكْنَا لأِنَّهُ بِمَا أَنَّكَ تَعْرِفُ مَنَازِلْنَا فِي الْبَرِّيَّةِ تَكُونُ لَنَا كَعُيُونٍ } ( عد 10 : 31 ) .. فِي البِدَايَة يَثْرُون إِقْتَنَعْ لكِنْ مُوسَى النَّبِي طَلَبَ مِنْهُ أنْ يَكُون كَعُيُون لَهُ فِي البَّرِّيَّة يُرْشِدُه الطَّرِيقٌ وَقَالَ لَهُ كَيْ يُقْنِعُه { اِذْهَبْ مَعَْنَا فَنُحْسِنَ إِلَيْكَ لأَِنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ بِالإِحْسَانِ } ( عد 10 : 29 ) .. فَذَهَبَ مَعَهُمْ يَثْرُون مُوسَى النَّبِي يَفْرَح بِالرَّبَّ لأِنَّهُ يَقُودُه بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار .. فَهَلْ ضَعْف مِنْهُ أنْ يَطْلُب يَثْرُون ؟ .. لاَ .. هذَا لَيْسَ ضَعْف إِيمَانِي لكِنْ الله قَدْ يَسْتَخْدِم وَسِيلَة لَيْسَتْ هِيَ خَطَأ .. أي أنَّ الله إِسْتَخْدِم عَمُود السَّحَاب وَعَمُود النَّار وَاسْتَخْدِم أيْضاً يَثْرُون .. مُوسَى النَّبِي يَتَكِلْ بِالكَمَال عَلَى الله لكِنْ إِسْتَخْدِم يَثْرُون هكَذَا الإِنْسَان المَوْضُوع فِي قَلْبُه الله يَسْتَخْدِم كُلَّ الوَسَائِل .. وَإِنْ كَانَ هذَا لُون مِنْ ألْوَان الضَّعْف فِي مُوسَى لكِنْ الله يَسْتَخْدِم الإِنْسَان حَتَّى بِضَعْفُه الأبَاء يَقُولُون أنَّ يَثْرُون يُمَثِّلْ كَنِيسَة الأُمَمْ وَكَأنَّ كَنِيسَة العَهْد القَدِيم أوْ كَنِيسَة النَّامُوس تَدْعُو كَنِيسَة الأُمَمْ لِتَشْتَرِك مَعَهَا فِي البَرَكَات الرُّوحِيَّة لِتَصِلْ مَعَهَا إِلَى أرْض المَوْعِد .. يَثْرُون يُمَثِّلْ كَنِيسِة العَهْد الجَدِيد وَالأُمَمْ وَالغُرَبَاء عَنْ شَعْب الله – كَنِيسَة العَهْد القَدِيم – وَعَنْهُ لِيَشْتَرِك مَعَهُ فِي البَرَكَات .. هكَذَا الله دَعَانَا نَحْنُ لِنَرِث نَفْس المَجْد وَنَفْس البَرَكَة .. دَعَانَا لِشَرِكَتِهِ وَدَعَانَا أوْلاَدُه .. يَثْرُون رَفَضْ مَرَّة وَمَرَّتَان وَ ..... وَكَأنَّ الله مُصِر عَلَى دَعْوِة كَنِيسِة الأُمَمْ حَتَّى لَوْ إِمْتَنَعِتْ .. وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُ نَعَمْ نَحْنُ مَعَنَا سَحَاب وَنَار لكِنْ مُمْكِنْ تَكُون مَعَنَا فَأنْتَ تَعْرِف الأمَاكِنْ الَّتِي بِهَا مَاء أوْ الأمَاكِنْ الخَطِرَة أوْ أي إِنْ كَانَ الله يَقُودْ شَعْبُه لكِنْ هُنَاك طَبِيعَة بَشَرِيَّة { فَارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ الرَّبِّ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَتَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ رَاحِلٌ أَمَامَهُمْ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِيَلْتَمِسَ لَهُمْ مَنْزِلاً . وَكَانَتْ سَحَابَةُ الرَّبِّ عَلَيْهِمْ نَهَاراً فِي ارْتِحَالِهِمْ مِنَ الْمَحَلَّةِ }( عد 10 : 33 – 34 ) .. جَمِيلٌ مَنْظَر شَعْب بَنِي إِسْرَائِيل وَأمَامَهُمْ السَّحَابَة .. مَا أجْمَلٌ أنْ نَقُول{ جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي } ( مز 16 : 8 ) .. هَلْ أنَا أسِير بِفِكْر إِلهِي أم بَشَرِي ؟ هَلْ يَسِير أمَامِي تَابُوت العَهْد أي الله ؟ رَاجِعْ نَفْسَك .. { كَانَ مُوسَى يَقُولُ قُمْ يَارَبُّ فَلْتَتَبَدَّدْ أَعْدَاؤُكَ وَيَهْرُبْ مُبْغِضُوكَ مِنْ أَمَامِكَ } ( عد 10 : 35 – 36 ) .. كَانُوا يَسِيرُونَ فِي طَرِيقٌ صَعْب بَلْ مَمْلُوء أعْدَاء فَقَدْ يَخْرُج لَهُمْ قُطَّاع طُرُق أوْ أعْدَاء لِذلِك قَالَ مُوسَى لله " قُمْ يَارَبَّ لِيَتَبَدَّد أعْدَاءَك " لأِنَّ أمَامَهُمْ الْعَمُّونِيُّون وَالْمُوآبِيُّون حَتَّى أنَّ الله قَالَ لَهُمْ أنْ لاَ يَتَعَامَلُونَ مَعَهُمْ أوْ يَلْتَمِسُونَ مِنْهُمْ خَيْراً .. مُوآب وَعَمُّون هُمَا إِبْنَا لُوطٌ مِنْ بِنْتَيْهِ بِالزِّنَا بَعْد هُرُوبِهِمْ مِنْ سَدُوم وَعَمُورَة فَقَدْ كَانَتْ بَنَاتْ لُوطٌ قَدْ تَلَوَّثَتْ أفْكَارِهِنَّ مِنْ مُعَاشَرَة سَدُوم وَعَمُورَة فَجَاءَت لَهُنَّ فِكْرَة مُضَاجَعَة أبَاهُنَّ فَوَلَدَتْ وَاحِدَة مِنْهُنَّ مُوآب وَالأُخْرَى وَلَدَتْ عَمُّون لِذلِك نَسْلَهُمَا يُمَثِّلْ ثَمَر الشَّر وَالخَطِيَّة .. مُوسَى النَّبِي طَلَبْ مِنْ الله أنْ يُبَدِّدْ أعْدَائُه وَعِنْدَمَا كَانُوا يَسْتَقِرُّون { وَعِنْدَ حُلُولِهِ كَانَ يَقُولُ ارْجِعْ يَارَبُّ إِلَى رِبْوَاتِ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ }( عد 10 : 36 ) .. قِيَادِة الله فِي البَرِّيَّة تُمَثِّل قِيَادِة الله لِحَيَاة الإِنْسَان فِي رِحْلِة غُرْبَتِهِ عَلَى الأرْض .. جَيِّدٌ أنْ نُبَارِك الله كُلَّ حِينٍ لأِنَّهُ يَغْلِبْ أعْدَائِي وَيُعْطِي نُصْرَة .. لَمَّا يَأتِي فِكْر شِرِّير قُلْ " قُمْ يَارَبّ لِيَتَبَدَّدْ جَمِيعْ أعْدَاءَك " .. نَعَمْ يُقَابِلْنِي العَمُّونِي وَالمُوآبِي وَهُنَاك مَنْ يُرِيدْ هَلاَكِي لكِنْ أنْتَ يَا الله بَدِّدَهُمْ رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمَتِهِ لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل