المقالات

19 أبريل 2025

سبت الفرح والتهليل

لقاء حول ظهور النور في سبت الفرح في جلسة عائلية بعد الاحتفال بعيد القيامة المجيدة، الذي كان يُدعى « عيد الفصح المسيحي » سألت الفتاة الصغيرة أن ( حنة ) لماذا يظهر النور في سبت النور من قبر المسيح وليس في أحد القيامة ؟ أجابت والدتها سوسنة : إذ تجسد كلمة الله وصار إنسانًا ليُخلصنا بصلبه، مات بإرادته في نهاية الجمعة العظيمة. مع بدء السبت انطلقت نفسه إلى الهاوية، فاهتزت أسوارها واستقبله الراقدون الذين ماتوا وكانوا يؤمنون بمجيء المسيح المخلص. انطلقت نفوس أطفال بيت لحم الذين قتلهم هيرودس ومعهم الآباء ابراهيم وإسحق ويعقوب وعائلاتهم والمؤمنون من نسلهم وأيوب البار وأمثاله في موكب عظيم يضم البلايين يقدمون الشكر والتسبيح تهللت كل القوات السمائية من ملائكة ورؤساء ملائكة وشاروبيم وسيرافيم وغيرهم في منظر جميل ورائع، الكل كانوا يسبحون المخلص بتسبحة جديدة، إذ رأوا ما كان سرًا إلهيا مخفيًا عنهم دهشوا لمحبة الله لبني البشر الذين صاروا كملائكة الله وقد انضموا إلى خورس الملائكة للتسبيح نحن أيضا نفرح في سبت الفرح ونتغنى بتسابيح المؤمنين الذين عاشوا في العهد القديم والعهد الجديد فظهور النور في يوم السبت يدعونا أن نهنئ الراقدين بتمتعهم بالقيامة قبلنا، ونحسب فرحهم في يوم السبت بداية لفرحنا يوم الأحد. مارك : اخبريني يا أمي هل في السماء سننضم نحن الخطاة الضعفاء مع هؤلاء المسبحين لمسيحنا المصلوب القائم من الأموات؟ سوسنة : لماذا تقول هذا يا مارك ؟ انجيلنا معناه « الأخبار السارة » فهو يدعونا أن نلتقي مع مسيحنا مفرح القلوب بالتوبة. مارك : أليست التوبة تعني الحزن على خطايانا ؟ سوسنة : التوبة هي رجوع إلى مخلصنا السماوي مفرح القلوب، ففي مثال الابن الراجع إلى أبيه (لوقا١٥)، عاد الابن إلى أبيه حزينًا على خطاياه ومتهللا بأبيه الذي انطلق إليه وحضنه وقبله، ودخل به إلى البيت ليجد وليمة عظيمة أعدها أبوه له. فالتائب مثل داود النبي كان يبكي على خطاياه وكانت دموع الفرح أيضًا تتدفق من عينيه إذ يرى ويلمس حب الله له ! لماذا كل هذه التسابيح في سبت النور ؟ آن : لاحظت يا أبي أننا في سبت الفرح نسبح بتسابيح كثيرة لأناس في أجيال متعددة مثل موسى النبي، وحنة أم صموئيل، وحبقوق النبي، ويونان النبي، وحزقيا ملك يهوذا، وابنه منسى الذي كان أشر ملوك يهوذا لمدة أكثر من خمسين عامًا وتاب في آخر أيامه، وإشعياء النبي، وإيليا النبي، وسليمان النبي وسمعان الشيخ، وغيرهم كثيرون الكنيسة كل هذه التسابيح ؟ لماذا وضعت الأب دانيال : وضعت الكنيسة هذه التسابيح لأشخاص في أجيال متنوعة، وأيضًا في ظروف مختلفة، رجال ونساء، لكي تجعلنا دائما في رجاء بدون يأس مهما كانت خطايانا ما دمنا نطلب نعمة الله وحبه ونؤمن في جدية أنه غافر الخطايا، ونجاهد كأبناء واثقين في محبة أبينا السماوي. مارك : كيف يفرح كل المؤمنين، خاصة إذا ظلمهم الناس أو ضايقوهم أو أصيبوا بمرض شدید؟ الأب دانيال : هلم نرى كيف يريدنا ربنا أن نعيش متهللين به على الدوام انظر عندما تجلى السيد المسيح أمام بطرس ويعقوب ويوحنا على جبل تابور، رأوا السيد المسيح كله نور حتى سقطوا على الأرض، وكان معه موسى النبي الذي عانى الكثير من الشعب في البرية حتى طلبوا قتله هو وأخيه هرون الكاهن، كما ظهر إيليا النبي الذي كانت الملكة إيزابيل وزوجها الملك أخاب يطلبان قتله، ترى كيف كان حال موسى وإيليا وهما مع السيد المسيح المنير ببهاء عظيم في تجليه ؟! مارك : حتما كان نور المسيح منعكسا عليهما، وكانا يتحدثان معه بفرح شديد عن ما سيقدمه المسيح للبشرية بصلبه وقيامته. دانيال : وماذا كان حال بطرس ويعقوب ويوحنا ؟ مارك : لقد طلب بطرس لنفسه وليعقوب وليوحنا من الرب المنير : ( جيد يا رب أن نكون ها هنا » (مت ١٧ : ٤)، فالثلاثة اشتهوا أن يعيشوا إلى الأبد على الجبل مع السيد المسيح وموسى وإيليا. دانيال : هل كان يفكر موسى وإيليا في الذين كانوا يريدون قتلهما ؟ مارك : حتما إن ما كان يشغلهم هو الشكر والتسبيح لهذا المخلص المنير، الذي يهبهم انعكاس مجده عليهما. دانيال : ونحن أيضًا نتألم قليلاً في العالم، لكن السماء ترحب بنا والرب وملائكته ينتظروننا بفرح. صلاة منسى بين التسابيح آن : يقول الكتاب المقدس عن منسى بن حزقيا الملك الصالح أنه أشر ملوك يهوذا قيل عنه إنه أضل الشعب ليعملوا أقبح من الأمم الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل (۲مل ۲۱ : ۹) ، « وجعل أيضا يهوذا يخطئ بأصنامه » (۲مل ۲۱ : ۱۷) ؟ سوسنة : حقا قضى منسى أغلب ملكه الذي استمر ٥٥ عامًا يمارس شرورا خطيرة، لكنه في أواخر حياته تاب، وجاء في صلاته الواردة في الترجمة السبعينية للعهد القديم" الآن أحني ركبتي قلبي، وأطلب من صلاحك. أخطأت يا رب أخطأت، وآثامي أنا عارفها. ولكن أسأل وأطلب إليك يا رب اغفر لي، ولا تهلكني بآثامي لأنك أنت إله التائبين فأسبحك في كل حين كل أيام حياتي، لأنك أنت هو الذي تسبح لك كل قوات السماوات، ولك المجد إلى الأبد آمين لقد صار منسى شاهدًا عجيبا الله غافر الخطايا، مراحمه أعظم من كل الخطايا كل من يتطلع إليه لا ييأس مطلقا من مراحم الرب. تسبحة الثلاثة فتية القديسين مارك : لماذا نسبح الله بتسبحة الثلاثة فتية القديسين الذين كانوا يتمشون في وسط النار وهم متهللين، وتسمي الكنيسة هذه التسبحة الهوس الثالث نرددها كل يوم، أما في سبت النور فلها لحن رائع يردده حتى الأطفال الصغار وهم متهللين، يقولون سبحوه مجدوه، زيدوه علواً إلى الأبد رحمته، فهو المسبح، والمجد، والمتعالي علي الأدهار ، وإلى الأبد رحمته. سوسنة : إننا نردد هذه التسبحة كل يوم لأن الكنيسة تكشف لنا أن ظلم الأشرار حتى ولو صدر عن أباطرة وملوك، يحوّله الله إلى مصدر فرح وتهليل، لأن النار صارت للفتية كأنها ندى رقيق ولطيف رأى الامبراطور في النار الذي أعدها لحرق الثلاثة فتية شخصا يصاحبهم، قال عنه إنه شبيه بابن الآلهة يليق بنا ألا نخاف من أية ضيقة مهما كانت شديدة فالله يحولها لفرح قلوبنا ومجدنا الأبدي. صلاة ختامية وقفت الأسرة كلها للصلاة، وقام الفتى الصغير بالصلاة قائلاً نشكرك يا رب، لأنك مفرح قلوبنا بصليبك فرحت الطغمات السماوية، لأنك حطمت الهاوية ووهبتنا أن نتمتع بالفردوس لم نعد نخاف الموت، إذ نراك ترحب بنا وتدهش الملائكة أننا ننضم إليهم نعمتك تسندنا، حتى إن كنا في وسط النار نسبحك مع الثلاثة فتية القديسين نعتذر لك عن كل أخطائنا وشرورناهب لنا أن نتقدس ونتمتع ببرك ! بموتك تحوّل الراقدين في الهاوية إلى خورس للتسبيح نردد بالحقيقة مع الرسول بولس أقمتنا من موت الخطية وأجلستنا في بهجة السماوات. » أحببتنا، ونحن نشتاق أن نراك ! نعم، تعال سريعا أيها الرب يسوع. آمين. القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج
المزيد
18 أبريل 2025

الساعة الثالثة من يوم الجمعة الكبيرة + مت ٢٧: ١٥ - ٢٦ + مر ٦:١٥- ٢٥ + لو ٢٣ : ١٣ - ٢٥ + يو ١٩: ١- ١٢

وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي العِيدِ أنْ يُطلِقَ لِلجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسِ. " فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بيلاطس: «مَنْ تُرِيدُونَ أنْ أَطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ ؟» لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. " وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الولايَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قائلة: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَار لأني تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلم مِنْ أَجْلِهِ». وَلَكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشَّيُوحَ حَرَّضُوا الجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلَبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ.فأَجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ مِنْ الاثنين تُريدُونَ أَنْ أُطلِقَ لَكُمْ؟» فقالوا: «بَاراباس!». " قالَ لَهُمْ بيلاطس: «فَمَادًا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلب!» فقالَ الْوَالِي: «وَأَيُّ شَرِّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخا قَائِلِينَ: «لِيُصْلِبْ!» فلما رأى بيلاطس أنَّهُ لَا يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَعْبٌ، أَخذ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قَدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَم هذا الْبَارِ أَبْصِرُوا أَنْتُمْ!». فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَقَالُوا: دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلادِنَا». حِينَئِذٍ أَطلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلِبَ. أما يسوع فجلدوه وأسلموه ليصلب طوبى للحزائي لأنهم يتعزّون، طوبى للمصلوبين لأنهم يتجلون، طوبى للمنسحقين لأنهم يملكون، طوبى للجياع لأنهم يشبعون، حيث تُنسى هناك كل أوجاعهم وتمسح دموعهم وينمو موضعها نور يشير إلى الأهوال التي اجتازوها وإلى سر المجد المتحصل منها، ويشرح عظم صبر الإنسان وقوة مراحم الله، حيث تبدو النسبة بين مقدار الألم ومقدار المجد المتحصل منه نسبة هائلة وغير معقولة، فيكتشف الإنسان أن الآلام كانت فخاً مقدساً نصبه الله ليصطاده إلى مجده. فاحتمال الألم أقوى من العبادة ويقول أحد القديسين أنه رأى في رؤيا جماعة الشهداء في مجد يفوق مجد الملائكة الذين كانوا معهم، ورأى حول أعناق الذين ماتوا منهم ذبحاً بالسيف زهوراً حمراء كعقد موضع الذبح تضئ وتتلألأ أشدّ لمعاناً من كل نور آخر ظهر في الرؤيا! إن سرّ الصليب بالنسبة للمسيح هو سر مجده فالألم الساحق الذي عاناه الرب تحت وطأة التمزيق النفسي بسبب الظلم أثناء المحاكمة، وخيانة التلاميذ وتسليم يهوذا، وإحساسه أن حياته ثمنوها بثلاثين من الفضة ... هذه كلها كانت معبراً من عالم التفاهة المتناهية إلى مجد الآب. وعلى هذا المعبر عينه يلزم أن تمر أقدام الإنسان في كل زمان ومكان الصليب بآلامه الرهيبة لا يُمكن أن يساوى المجد الذي تحصل منه. الصليب لم يصادف الرب في طريق حياته، ولكنه ولد له "لهذه الساعة أنا أتيت" الإنسان يُولد للألم، والألم مولود للإنسان. ولكن في نفس الوقت، الصليب لم يكن إلزاماً حتمياً على الرب، كما نشعر من كلامه، وكما نتأكد من جهة قداسته ولاهوته، ولكن هو نفسه جعله إلزاماً حتمياً على نفسه الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها؟ لكي يشاركنا في حتمية الألم، فبدا الله في شخص المسيح ابنه أنه يتألم اضطراراً، حتى يجعل اضطرار الألم مساوياً لاختياره، حتى لا يُحرم أي إنسان في الوجود من رحمة الله، ويمتد الصليب ليشمل كل من تألم ظلماً إن الألم عشرة كبرى لعقل الإنسان، فالعقل لا يُجيز الألم كواسطة لأي خير، وما جهاد الإنسان في ميادين العلوم المختلفة ليس إلا محاولة لتجنب الألم والتعب لذلك فحتمية الألم لدى العقل أمر عسير وشاق جداً، بل ومحال قبولها، لأن الرضى بالألم هو بعينه إلغاء العقل وكل نشاطه فلو أدركنا أن الصليب هو أعظم مظاهر تحرك الله على الصعيد العياني المنظور الذي فيه تجلى الله للإنسان أكثر من تجليه على جبل تابور، حيث الصليب هو الألم في صورته التعسفية الظالمة؛ حينئذ علينا أن نحس أن الصليب هو الدابة التي ركبها الله القدير وانحدر عليها من مكان سكناه هناك من موطن احتجابه الأزلي، وجاء إلينا وصافحنا يداً بيد الصليب هو قوة ديناميكية الله الفائقة التي أحدرت الله إلينا واستعلنته واضحاً. الألم هو بصورته المادية جمود والحصار وتوقف، ولكن بجوهره الروحي تحرك وأي تحرك ! الإنسان يظل متوقفاً روحياً، وعاطلاً عن المسير، راجعاً مع المسيح إلى الله إلى أن يحمل صليبه الإنسان يستحيل أن يتحرك نحو الله عقلياً، فالعقل مهما بلغ بالتأمل، إنما يكتشف الله وحسب، ويكتشف نوره وحبه ويسعد ويرتد؛ ولكن التحرك الحقيقي کائن بالمسيح، فهو ابن الله الآتي إلينا على الصليب، وعلى الصليب نتبعه إلى الآب. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
17 أبريل 2025

الساعة الثالثة من يوم الخميس مت ١٧:٢٦ - ١٩

وفي أول أيام الفطير تقدَّمَ التَّلَامِيدُ إلى يَسُوعَ قَائِلِينَ لَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أنْ نَعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الفِصْحَ؟» فقالَ: «اذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إلى فلان وَقُولُوا لَهُ : الْمُعَلِّمُ يَقُولُ: إِنَّ وَقتِي قريب. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تلاميذي». " فَفَعَلَ التَّلَامِيدُ كَمَا أَمَرَهُمْ يَسُوعُ وَأَعَدُّوا الْفِصْحَ. جسد ودم وروح وحياة المسيح هنا يرفع الأكل من الجسد المقدس والشرب من الدم المقدس من حالة الاختيار الحر والإرادة الحرة، إلى التزام، يُحسَب التخلي عنه موتاً أبدياً وحرماناً أبدياً من المسيح، وبالتالي حرماناً أبدياً من الحياة الأبدية لأن أكل الجسد وشرب الدم، مع الإيمان الصادق بالمسيح، هو بمثابة كل ما عمله المسيح لخلاصنا بالفداء الذي أكمله على الصليب، والقيامة المجيدة. فالذي يأكل جسد المسيح ويشرب دمه الأقدسين، يكون صدق وشهد وآمن بكل ما عمله المسيح للخلاص المجاني. فأكل الجسد وشرب الدم مصادقة إيمانية خالصة وكاملة ولها كل ما عمله المسيح في نفسه لأجلنا إنها بمثابة إعلان ونطق إيماني باتخاذ المسيح رباً وإلهاً. لذلك تدخل الشركة المقدسة في جسد المسيح ودمه، جزءًا لا يتجزأ من إعلان الإيمان بالمسيح والشهادة له فهي عملية إيمانية ذات أثر روحي يلازم المتناول من الجسد والدم يهبه شركة واقعية في المسيح ليس في جميع الأسرار التي تصادفنا في حياة المسيح وأقواله ومعجزاته ما يعادل هذا السر الرهيب، سر الخلود الذي أبقى المسيح إعلانه حتى آخر ساعة من حياته ففي الليلة التي كان مزمعاً أن يسلّم فيها نفسه للموت من أجل حياة العالم، جلس مع تلاميذه ومهد للسر بإعلان حبه لخاصته الذين في العالم، حبا وصفه الإنجيل أنه حتى المنتهى والمسيح لم يكن مغالياً حينما قال: " أنا هو خبز الحياة . إذ في العشاء الفصحي الأخير، لما أخذ الخبز على يديه ونظر إلى فوق، بثه روح الحياة الأبدية التي فيه. فحمل الخبز ذات الحياة الأبدية التي في جسده فصار الخبز الطبيعي معادلاً لجسده الإلهي الحي، أي خبزاً للحياة. وتمادى المسيح في إجراء السر على السر، إذ كسر الخبز من واقع ما سيتم على الصليب. وهكذا بث الخبز الحي موته المحيي أي حمله قوة الفداء والغفران بآن واحد. وهكذا أصبح كل مَنْ يأكل من هذا الخبز يعبر -كما عَبَرَ المسيح - بالجسد من الموت إلى الحياة، أي صارت في هذا الخبز الحي قوة القيامة من الأموات وهكذا حمل المسيح الخبز كسر الجسد، كما حمل الكأس سفك الدم وغفران الخطايا: «وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً: اشربوا منها كلكم، لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا». وهنا بقوله " شكر" وهو رافع عينيه إلى فوق يكون قد استودع الدم روح الحياة الأبدية التي فيه وهكذا حمل المسيح الخبز والكأس، سر كسر الجسد وسفك الدم على الصليب، ومغفرة الخطايا. ومن مضمون مغفرة الخطايا تستعلن الحياة الأبدية. وإذ عبرهم الموت بأكلهم الجسد المكسور وشربهم الدم المسفوك للفدية، فنالوا مغفرة الخطايا وقاموا معه الحياة أبدية، يكون قد سلمهم سر الخلود" الذي سماه القديس إغناطيوس ترياق عدم الموت". وبقول أوضح، ولكن أكثر سرية، يكون قد سلمهم ذاته ووجوده: جسد ودم، وروح وحياة !! المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
16 أبريل 2025

الساعة الثالثة من يوم الأربعاء لو ١:٢٢ - ٦

وَقَرُبَ عِيدُ القطير، الَّذِي يُقالُ لَهُ الفِصْحُ وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَة يَطْلُبُونَ كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوا الشَّعْبَ. فَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الَّذِي يُدْعَى الإِسْخَرْيُوطِيَّ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الاثني عَشَرَ فَمَضَى وَتَكَلَّمَ مَعَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقَوَّادِ الْجُنْدِ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ إِلَيْهِمْ فَفَرِحُوا وَعَاهَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّة. فَوَاعَدَهُمْ. وَكَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةٌ لِيُسَلَّمَهُ إِلَيْهِمْ خِلُوا مِنْ جَمْعِ. الصليب شهوة المسيح العظمى لقد بلغت شهوة الفداء في قلب يسوعنا الحبيب ذروتها في هذا الأسبوع، فرأى الصليب وكأنه يوم عرسه. لقد كان حب أبيه يُحرِّك قلبه ولسانه ويقود قدميه إلى الجلجثة. لقد ذهب خلسة من وراء تلاميذه وعاين رابية الجلجثة دون أن يراه أحد، فسر بها جداً واستحسن المكان وكأنه الفردوس الجديد وكتب اسمه هناك على الجمجمة للتذكار: "أنا يسوع حضرت وعاينت المكان، إنه أشهى بقعة وجدتها على الأرض العتيقة الأزرع فيها حبي! لقد صعدت إلى المرتفع فرأيتُ مشورة قلب أبي من وراء الأرض والزمان فوجدتها تماماً حسب قلبي". إن ذبيحة نفسي صارت موضوع سروري أمامي من هنا سأعلن للعالم كله عن أعظم هدية حملتها من عند أبي لبني الإنسان: آلامي التي هي سر الصعود إلى المجد. نعم سأجعل صليبي في متناول كل إنسان، حتى إذا انفتحت عيناه على سر آلامي ورأى وعاين وصدق وشاركني في ذبيحة حبي ولو بألم يسير يدخل إلى مجدي عيد صليبي؛ عيد جسدي المكسور، ليعاين سرى وسرَّ أبي؛ سر الحب الذي يجمع المتفرقين إلى واحد لقد غرست أمجادي في آلامي وأخفيتها فيها جداً بكل حكمة وفطنة، حتى لا يستطيع أحد أن يفرق أبداً بينهما، فلا يأخذ الواحدة ويترك الأخرى! لقد صممت أن أهب آلامي لكل إنسان حتى لا يُحرم أحد قط من مجدي؛ كل مَنْ ذاق ألماً باسمي ! المجد الذي أعطيه هو صليبي عاري مع خزيى، مري مع خلى، جسدي مع دمى. وآلامي الظاهرة مخفى فيها مجدي الذي لا ينطق بها كل من يتشجع ويذوقه يتحول تحت لسانه إلى بذرة حية، بذرة تسبيح وتمجيد لا يهدأ ، لا يسكنها خوف ولا ألم ولا وجع ولا موت، تظل تعطي المجد الله أي مع السبح والكرامة والسجود لأبد الآبدين أنا يسوع، أعطيت آلامي لتكون لحن الخليقة الجديدة، سأضع هذه البذرة في كل لسان يتحدث باسمي ويشهد لآلامي يا يسوع، لقد أحببت صليبك جداً، وكلنا تحبّك، تحبك كثيراً يا يسوع من أجل صليبك. لقد أسرتنا جلجثتك جداً، وسنذهب جميعاً وسنمضى كلنا كل واحد باسمه تحت إمضائك. لقد عشقنا صليبك بشهوة وأحببنا موتك، فكلاهما قد صار لنا ينبوعاً من الدموع أحلى وأشهى لنا من كل أمجاد الدنيا. سوف نحيا في الجلجثة، سنصنع فيها خيمتنا، سننتظرك هناك حتى تأتي حسب الوعد لقد بكيت بلا وعى، بكيتُ حتَّى لم تعد في داخلي قوة على البكاء.أسكت لا تبك كثيراً، هكذا سمعت صوتاً من داخل أعماقي. هوذا المسيح قادم من وراء القبر الفارغ، هو سيمسح دموعك. ولكنني ظللت أبكى وجريت نحوه. هل رأيتي يا ربي وأنت على الصليب؟ لقد كنتُ أنظر آلامك فتسيح الدموع من عيني بلا كيل، كنت أستمد دموعي من محبتك وليس من يأسى؛ ليس من يأسي أبداً يا رب أنا أحب صليبك يا رب، لأني أرى كل آلامي منقوشة عليه ومعها اسمي - الذي تعرفه أنت يا رب، الذي قد غيرته لي حين وجدتني تائهاً في دروب العالم -محفوراً على الخشبة ومطبوعاً على يدك الدم رسمه رسماً على كفك كختم. فكيف إذا لا يُمكنني أن أحب صليبك يا رب؟ إنه صليبي ويحمل اسمي. آه يا ويحي من وجهك الشاحب الذي لمحته حين أنزلوك من على الخشبة! عندما سكنت خفاقات آلامك لما توقف قلبك. لقد خَفَقَ الحزن داخلي وسَرَتْ فِي خصة ربطتني بموتك إلى الأبد. فأقسمت بحبك ألا أحب أي وجه غير وجهك. وأحسست أن خفقات آلامي داخلي تشدني إليك وقد تحولت إلى خفقات الحياة آه! لقد تحول موتك إلى حياتي يا ربي أنا أحب موتك جداً، أحسه في داخلي حياة، وعبيقه أشهى من رائحة لبنان. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
15 أبريل 2025

الساعة الثالثة من يوم الثلاثاء مت ۲۳ : ۳۷ - الخ، ١:٢٤، ٢

( يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَة الأَنْبِيَاءِ وَرَاجمَة الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أنْ أجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحتَ جَنَاحَيْهَا ، وَلَمْ تُريدُوا ! هُوَذا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لا تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!. ثمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَل، فتَقدَّمَ تَلاَمِيدُهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةُ الْهَيْكَل. فقالَ لَهُمْ يَسُوعُ أمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هَذِهِ؟ الحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَا يُتْرَكُ ههنا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لَا يُنْقِضُ !). يا أورشليم يا أورشليم حينما كرر المسيح القول: «يا أورشليم يا أورشليم» وأردف مباشرة بتصوير الدجاجة وهي تجمع أفراخها تحت جناحيها، يكون المسيح قد كشف عن مكامن أعماق الحب الإلهي بالنسبة لشعبه وحينما ناداها بخطيتها وبسفك دم الأنبياء ورجم المرسلين يكون قد كشف عن خطية الشعب وحينما سجل عليها عدد المرات التي طلب فيها أن يجمع أولادها فرفضت سجل عليها دينونتها العاجلة وحينما أفصح عن ذهابه وغيابه ثم عودته المباركة باسم الرب يكون قد أعطى الوعد بالمجيء الثاني حينما يكرر المسيح اسم أورشليم يذكرنا في الحال بـ «مرثا مرثا» و «شاول شاول» ويهوه في القديم إبراهيم إبراهيم بهذه النغمة الحبية التي تعبر عن القرب والانتماء لله، وبآن واحد تحمل هنا رئة حزن أسيف على فرصة انقضت كانت تتيح لأورشليم أعظم الفرص للمجد لتكون أم الدنيا وباباً أبدياً للملكوت. ولكن لم تكن تلك المرة الأولى بل الأخيرة، لأن يهوه في القديم أحبها وتودد إليها، ولكنها كانت دائماً أبداً تخون الأمانة والمودة، وكان تعبير المسيح لها بقاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين سيرة ممتدة حملتها أورشليم على مدى التاريخ، وقد اختصت دون كافة المدائن بالنصيب الأوفر في سفك دماء الأنبياء حتى قالها المسيح: «لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارج أورشليم، هذه شهادة دموية وضعها المسيح على جبين التاريخ لأورشليم والمسيح بقوله: «كم مرة أردت أن أجمع أولادك» فهو إنما يتكلم أيضاً بفم یهوه: « بسطت يدي طول النهار إلى شعب متمرد» (إش ٦٥: ٢ ، رو ١٠: ٢١).والمسيح في هذا القول يحكي عن خبرته هو ، لأن قوله: كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها يعني تماماً أنه كان جادا في حمايتها من أعدائها ومن الرومان أيضاً، بأن يبث فيها روح السلام والوداعة والمحبة لتصبح هي مسئولة عن سلامة روما والعالم كله. فهي إن كانت وقعت فريسة الأسد الروماني الذي عراها من مجدها وخربها وتركها خاوية تنعي تاريخ مجدها، فلأنها قدمت لروما أسوأ صورة لأمة تعاهدت مع الشيطان للقتل والمقاومة بشراسة فبعد أن قتلت رئيس السلام ماذا يتبقى لها إلا الحديد والنار. رفضت السلام بيد الله فشربت كأس النقمة حتى النهاية ثلاث سنوات وأكثر وهو يتودد لها ليسقيها كأس المصالحة مع الله ويرفع رأسها وسط الشعوب لتصبح مدينة السلام بالحق كاسمها، ولكنها عوض أن تقبل من يده خلاصاً؛ سفكت دمه على الأرض ظلماً وهواناً. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
14 أبريل 2025

الساعة الثالثة من يوم الاثنين مر ۱۱ : ۱۱ - ١٩

فَدَخَلَ يَسُوعُ أَورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذ كَانَ الوَقتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثني عَشَرَ وَفِي الْعَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْهَا جَاءَ، فنظر شَجَرَة تين مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فلمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلَّا وَرَقا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقتَ التّين ، فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «لا يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إلى الأبد!». وَكَانَ تَلَامِيدُهُ يَسْمَعُون. وَجَاءُوا إِلى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الهَيْكَل ابتدأ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفةِ وَكَرَاسِي بَاعَةِ الْحَمَامِ. " وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَارُ الهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ. وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا: بَيْتِي بَيْتَ صَلَاةٍ يُدْعَى لِجَمِيع الأمم؟ وَأنتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغارة لصوص». وَسَمِعَ الْكَتَبَة وَرُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ فطلبوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوهُ، إِذْ بُهِتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ من تعليمه. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ، خَرَجَ إلى خارج المَدِينَةِ. لعن شجرة التين قصة في ظاهرها يبدو المسيح بشراً عادياً يجوع في ميعاد الأكل. ولكن في باطنها كالعادة مستور سر حياته وخدمته ورسالته كلها. فبعد هذه المدة كلها في الكرازة والخدمة اشتهى أن يأكل من ثمر التينة التي هي دائماً رمز لإسرائيل، فما وجد ثمراً يؤكل بل ورقا أخضر كناية عن مظاهر وأعمال بلا فائدة فقال لها لا يأكل من ثمرك أحد إلى الأبد، فكان. ثم عاد حينما جلس معهم فكشف عن سر التينة أن في آخر الأيام تزهر وتثمر من جديد كأنه جاء أوان إثمارها بعد اللعن: «فمن شجرة التين تعلموا المثل، متى صار غصنها رخصاً وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف (وقت الحصاد) قريب. هكذا أنتم أيضاً متى رأيتم هذا كله فاعلموا أنه قريب على الأبواب». في الحقيقة إن موضوع شجرة التين يحتل جزءاً هاماً في هذه الأيام الأخيرة، وخاصة بعد أن بكى المسيح أورشليم ورثاها وتنبأ بخرابها . كل معجزات المسيح السابقة كانت بدافع المحبة وذات ثمر للمحبة واضح. فلماذا - إذن - هذه المعجزة وكأنها تأديبية لخليقة لا تحس ولا تشعر ؟ وبلا ذنب اقترف. فهي بهذا تختلف كثيراً جداً عن باقي أعمال المسيح الأخرى، لأنه لم يأت ليهدم بل ليكمل ويشفي ويحيي! ولكن واضح أن في هذا العمل كله نوعاً من الرمزية عنيفاً ومستتراً. ولهذا العمل علاقة جدّ شديدة وخطيرة بالموقف القائم بعد خدمة المسيح الطويلة وقد بلغت النهاية فعلاً، ببكائه على أورشليم وتنبئه بخرابها . أليس في هذا العمل تعبير عن مظهر الأمة اليهودية التي تبدو كشجرة التين الخضراء الجميلة من الخارج، وهي من الداخل عفنة شبه ميتة غير مثمرة البتة ! عَمِلَ فيها صاحب الكرم المستحيل لثلاث تعطيل لأرض السلام وتزييف لأشجار الله وإحباط لعمل المسيح الذي عمل ؟ لقد عُرفت شجرة التين بين الأشجار الطيبة أنها تكني عن الأمة اليهودية، وهذه الأمة اليهودية رفعت يدها على بعلها وجابلها تتوهم أن بقتله تستقل عن خالقها، فحكمت على نفسها بالهلاك لتخرج من دائرة ملكه قبل أن يُنصب هو ملكاً على الصليب.وهكذا كان لابد، وقبل أن تمد يدها بخلع «غصن يسى من أرض ميراثه، أن تتقبل اللعنة إلى الأبد. وما صنع المسيح بأكثر مما صنعت الأمة اليهودية في نفسها، فهي بواقعها الداخلي الذي تعفن وذبل واستقال من مجرى حياة مصيرها الموضوع تركت إلهها مصدر الوجود والحياة، فحكمت على نفسها - قبل أن تحكم على المسيح - بالفناء الوشيك. فالمسيح بلعن شجرة التين لم يزد عن مجرد إعلان وفاة قبل الحدث. ولم يشرح المسيح لتلاميذه معنى موت التينة، لأنه شرحه لما بكى على أورشليم. لقد رثاها بدموعه قبل أن يأمر بجفافها. وهناك هناك في بداية خدمته رأى هذه التينة عينها وتكلم عن قطعها: «كان لواحد شجرة تين مغروسة في كرمه - ولم يكن هذا الواحد إلا الواحد الوحيد -- فأتى يطلب فيها ثمراً ولم يجد. فقال للكرام: هوذا ثلاث سنين آتي أطلب ثمراً في هذه التينة ولم أجد اقطعها. لماذا تبطل الأرض أيضاً؟». فبناءً على توسل الكرام أبقاها سنة أخرى، فلما جاء ميعاد التين ولم يجسد فيها ثمراً قطعها! «يا سيد اتركها هذه السنة أيضاً، حتى ألقب حولها وأضع زبلاً. فإن صنعت ثمراً، وإلا ففيما بعد تقطعها»! وهكذا لم يصنع المسيح إلا ما صنعه الكرام، ففك لغز المثل. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
13 أبريل 2025

انجيل قداس يوم الأحد السابع عيد الشعانين

تتضمن الحث على التناول باستحقاق والتأديب في 3 الكنيسة مرتبة على قوله تعالى بفصل الإنجيل"أليس مكتوباً بيتى بيت صلوة يدعى لجميع الأمم . وانتم جعلتموه مغارة لصوص " ( مر ۱۱ : ۱-۱۹ ) إن سيدنا له المجد بعد نهاية عرس قانا الجليل رجع مع أمه واخوته وتلاميذه إلى كفر ناحوم. وكان فصح اليهود قريباً فصعد إلى أورشليم. فوجد في الهيكل الذين كان يبيعون بقراً وغنما وحماماً والصيارف جلوساً، فصنع سوطاً من حبال وطرد الجميع من الهيكل وكب دراهم الصيارف وقلب موائدهم. وقال الباعة الحمام ارفعوا هذه من ههنا. " لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة " إن السيد له المجد قد طرد الباعة من الهيكل مرتين. الأولى في بدء كرازته والثانية قبل آلامه وقد تم المكتوب في سفر المزامير : " غيرة بيتك أكلتني " باحتدام السيد وإزالته ما يهين إسم الله ويضر بكرامته في بيته إن كل ما فعله السيد له المجد وكل ما قاله وكتب عنه. إنما كان لتعليمنا وهو نفسه القائل: " تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب " فماذا يعلمنا الله في هذا الفصل ؟ يعلمنا أن نجعل بيته الذي هو الكنيسة محل احترامنا واكرامنا وخضوعنا أى اننا ندخل لتأدية واجبات العبادة بالاحترام والادب والخضوع. ونخرج أيضاً كذلك. قال الجامعة: " احفظ قدمك حين تذهب إلى بيت الله فالاستماع أقرب من تقديم ذبيحة الجهال لانهم لا يبالون بفعل الشر " والسيد نفسه يدعو الكنيسة " بيت الصلاة " فهل تعلمنا أن حضورنا إلى الكنيسة إنما هو لأجل الصلاة فقط وليس للجلوس والمسامرات وانتقاد هذا واستحسان ذاك ثم الضحك والاستهزاء بالآخرين؟ إذا كنا تعلمنا وعرفنا ذلك فلماذا لا نقف فى الكنيسة بخوف ورعدة نادمين على خطايانا شاكرين الرب لقبوله توبتا؟ ولماذا نراك أيها الحبيب تتكلم أمام هيكل الله وتضحك لاقل سبب! أيها الأنسان تأمل وانظر في جانب من أنت قائم. ومع من أنت مزمع أن تصلى وتسبح الله؟ أنت قائم بقرب القدسات الالهية الموفرة. ومزمع أن تصلى وتسبح الله مع الكروبيم والسرافيم وبقية الملائكة ورؤساء الملائكة. فإذا افتكرت مع من انت واقف. ومع من أنت مشترك في الصلاة والترتيل فهذا يكفيك للإنتباه والإدراك لترفع عقلك كله إلى السماء وقت الصلوات والقداسات وتخضع بهامتك أمام خالقك أما اذا اصررت على عدم وقوفك في الكنيسة وقت الصلوات والقداسات بخوف ورعدة. وإضاعة وقت العبادة في الضحك على الغير وانتقادهم. وذم الآخرين أو استحسانهم. وبالأجمال يكون وجودك في بيت الله بغير وقار. فلا شك أن الله يعاملك بالغضب والانتقام السريع مع عدم غفران خطاياك. وبالاقتصاص منك يوم الدين العظيم. أو لعلك تظن ان الله يتغاضى عن ذنوبك وآثامك عندما يخاطبك على لسان انبيائه ورسله !! إني أعلمك مقدار هذه الخطية وعظم تهاونك الحاصل بسببها. فاسمع ما أقول لك إذا اتفق حضورك بمجلس أحد الشرفاء وخاطبك فيما هو مفيد لحياتك وأخبرك عن الازمنة السالفة وما جرى لاهلها من الحوادث النافعة أو الضارة فهل كان في امكانك أن تتجاسر وتعرض عن سماع كلامه وتلتفت إلى مخاطبة عبيده؟ إنك لو فعلت مثل هذا فكم من القباحة وقلة الأدب يظهر فعلك؟ فمن هنا اذن تفهم كم من التهاون والاحتقار تجاسرت بفعلك هذا على البارئ وليس هذا فقط بل أني اعجب كثيراً بوجود أناس منكم يكونون داخل الكنيسة ثم يتركونها قبل انتهاء القداس الالهى ويزيد عجبى جداً من عدم حضور البعض الكنيسة طوال السنة وهم لا يعترفون ولا يتناولون إلا إذا صادفتهم مصيبة أو حلت بهم ضيقة كثيرون من الناس يتناولون الأسرار الالهية في السنة مرة واحدة وآخرون مراراً عديدة فلمن من هؤلاء يجب المدح والتطويب؟ هل للذين يتناولن مرة واحدة أم للذين يتناولون مرراً أم للذين لا يتناولون إلا عند وقوع الشدة أنا اقول أن المدح والتطويب لا يخص هؤلاء ولا اولئك ولا الآخرين وإنما يخص الذين يتناولون الاسرار المقدسة بضمير نقى وقلب طاهر أولئك الذين يحيون حياة بريئة من اللوم الذين لا يوجد فيهم شئ من الحقد والحسد. السالكون طريق السلام. فهؤلاء لهم في كل عيد سيدى وفي كل زمان أن يتناولوا القربان المقدس وأما أولئك فغير مستحقين التناول حتى ولا مرة واحدة أن أكلت ياهذا من مائدة روحية. واستحققت لعشاء ملوكي. فهل يجوز لك بعد ذلك أن تترك ذاتك أيضاً في الخسائس والنجاسات؟ ما بالك تدهن جسدك بالاطياب العطرة ثم تعود تلطخه بالنتانة والحمأة؟ في كل عام تتنقى وتتناول. ولكن قبل أن يمر عليك قليل من الزمن تعود إلى شرورك الأولى وعاداتك السيئة. قل لي يا هذا أن كنت مريضاً بمرض مزمن وشفيت منه فإن أهملت ذاتك وتركتها تسقط راجعة إلى ذلك المرض. أما تكون قد اضعت كل تعبك السالف باطلا؟. وإذا كنت متى وجدت في فمك شيئاً من النتن والرائحة الكريهة بسبب مرض ما. فلا يمكنك أن تستعمل حتى المأكولات المعتاد عليها. فكيف يمكنك أن تتجاسر على تناول الأسرار ونفسك مفعمة من نتانة الخطية ونجاستها؟ ولاى عفو تكون حينئذ مستحقاً ؟ انك لا تستحق عفواً لان بولس الرسول يقول : " من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرماً في جسد الرب ودمه. ولكن ليمتحن الانسان نفسه هكذا يأكل الخبز ويشرب من الكأس لان الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق ياكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب فسبيلنا اذن ايها الاحباء أن نواظب على بيت الله بكل ادب وخوف وتقوى عاملين بكل الوصايا ما دام لنا وقت لنرضى الله تعالى بأعمالنا حتى نكون مستأهلين لسماع ذلك الصوت الفرح القائل: " تعالوا يا مباركى ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم له المجد إلى الابد آمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
12 أبريل 2025

ملك المسيح

اليوم الكنيسة تحتفل بطريقتها لدخول المسيح أورشليم المدينة إرتجتّ لمّا دخل وفرشوا ثيابهُم وأغصان النخل وهتفوا أوصنّا يا إبن داود المزمور " مُبارك الآتىِ بإسم الرب باركناكُم من بيت الرب الرب هو الله وقد أنار علينا إوثقوا الذبيحة برُبط إلى قرون المذبح " " رتّبوا عيداً للواصلين لبيت المذبح " يُريد أن يقول لنا إحتفل بطريقتك بدخولهُ وإعِلن مُلكهُ على قلبك مُلك المسيح كما تنّبأ زكريا وقال بالروح عمّا حدث اليوم " إبتهجىِ جداً يا إبنة صهيون إهتفىِ يا بنت أورشليم هوذا ملكُكِ يأتىِ إليكِ هو عادل ومنصور وديع ( صِفات الملك عادل منصور وديع ) وراكب على حمار وعلى جحش إبن أتان وأقطع المركبة من أفرايم والفرس من أورشليم وتُقطع قوس الحرب ويتكلّم بالسلام للأمُم وسُلطانهُ من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصىِ الأرض وأنتِ أيضاً فإنّىِ بدم عهدك قد أطلقتُ أسراك من الجُبّ الذى ليس فيهِ ماء ارجعوا إلى الحِصن يا أسرى الرجاء " ( زك 9 : 9 – 12 ) ملك عادل ومنصور ووديع جاء يُخلّصك بدم عهده فإهتفىِ المسيح دخل ملك وهو ملك فعلاً أم لا ؟؟ هو ملك فعلاً ويجب أن يكون ملك ولكنّهُ مُتضع ووديع ولا يُحب المناصب هو ملك ليس كملوك العالم بل ليس من هذا العالم حتى أنّهُ مُنذ يوم ولادتهُ رأى المجوس نجمةُ وقالوا أنّهُ ملك وذهبوا لهيرودس وسألوه أين ملك اليهود ؟ وهذهِ الكلمة سببّت مشاكل مُلك المسيح صار علّة صلبهُ كلمة ملك أتعبت هيرودس والملوك الذين كانوا أثناء الصلب كانوا غير قابلين لمُلكهِ مع مُلكهُم عندما كان يُصلب شخصٍ ما كان من نزاهة الملوك أن يكتبوا فوقّةُ علّة صلبهِ وإذا سرق أحدٍ ما كانوا يكتبوا على باب حبسهِ علّة سرقتةِ أى كُل إنسان تُكتب علّة عقوبتةِ هكذا المسيح كتبوا علّة صلبهِ وهى أنّهُ ملك اليهود بولس الرسول يقول " ومحى الصك المكتوب علينا " الصك أو العلّة مكتوبة علينا هو محاها " مزّق صك خطايانا " اليهود رفضوا كلمة ملك اليهود وقالوا لبيلاطُس أكُتب هو قال أنا ملك اليهود لكنّه أجابهُم ما كتبتهُ قد كتبتهُ نعم هو غير راضىِ عن صلب المُخلّص لكنّه كان خائف على مُلكهِ ملكوت المُخلّص أوصى بهِ فىِ الصلاة الرّبانيّة " ليأتىِ ملكوتك " هو يُحب أن يملُك علينا لذلك يجب أن نُشعرهُ انّهُ ملك حقيقىِ عندما كان يجلس ليُعلّم فىِ الهيكل كان يتكلّم كمن لهُ سُلطان وليس كالكتبة رغم أنّهُ جليلىِ وناصرىِ أى بسيط لأنّ الجليل والناصرة كانتا بلدتان لا يُعتدّ بهُما بجانب أورشليم لأنّ البلاد كانت مستويات " أمن الناصرة يخرُج شىء صالح " هو جعل ملكوتهُ ليس حسب المظاهر بل حسب العدل والرحمة والإحسان لذلك لابُد أن نُشعرهُ بملكوتهُ ونشعُر نحن بملكوتهُ لأنّهُ ملكوت حقيقىِ والكنيسة تفرح بقدومهُ حتى أنّ لحن الكنيسة فىِ هذهِ المُناسبة يُسمّى لحن شعانينىِ أى نموذج لقمة الفرح الطقس الفرايحىِ يُصلّى بهِ فىِ الخماسين لكن الطقس الشعانينىِ أعلى وأكثر فرحاً منّهُ يُصلّى بهِ اليوم لأنّهُ كان يعلم أنّهُ داخل أورشليم اليوم ليُصلب لأنّ الصليب هو مُلكهُ الحقيقىِ " الرب قد ملك على خشبة " كلمة غريبة " ملك على خشبة " صار مُلك الله هو الصليب هو عرشهُ لذلك الكنيسة يوم الجمعة العظيمة تقول لحن " بيك إثرونوس أى عرشك يا الله إلى دهر الدهور " وماهو عرشهُ إلاّ صليبهُ الذى ملك بهِ على العالم الكنيسة تهزّ فىِ كلمة " شا إىِ نيه ومعناها إلى دهر الدهور " مُدة طويلة لو ملك قديم نقول هذا فُلان كان لكن مُلك المسيح مُلك أبدىِ لا يزول سُلّطانهُ أبداً حتى أنّ بيلاطُس كان مُتعجّب منهُ وسألهُ أنت ملك اليهود ؟ أجابهُ يسوع أنت قُلت أنا ملك أم لا هذا لا يُشغلك لأنّ مُلكىِ لا تفهمهُ أنت كثير من الناس لا يسعفهُم برّهُم أن يتعرّفوا على ملكوت الله ناس تسجُد لهُ وناس تهينهُ ، فىِ إنجيل مرقس قال " ماذا تُريدون أن أفعل بالذى قال أنّهُ ملك اليهود ؟ " أجابوه أصُلبهُ وألبسوه أرجوان وصاروا يسجدون لهُ بإستهزاء وقالوا السلام لك يا ملك اليهود وكانوا يحتقرونهُ ما هذه المملكة ؟ لكن الكنيسة تُعلن ملكوتهُ بالبرّ الذى بها تُعلنهُ ملك وتستقبلهُ بفرح وقلب مُتهلّل لا يسعهُ الفرح لأنّهُ قد صار ملك علينا هذا هو الملك الذى يأتىِ راكباً على جحش إبن أتان لكن اليهود إستهزأوا بهِ وسألهُم بيلاطُس هل أطُلق لكُم ملك اليهود أم باراباس ؟ أجابوه ليس لنا ملك إلاّ قيصر نحنُ اليوم أتينا لنُصالحهُ على ما قالهُ لهُ اليهود بغباء ونقول لهُ أنت ملك لكن إتضاعك جعلك تجلس على أتان وجحش إبن أتان لأنّ اليهود طُمست عيونهُم لأنّ مُلكهِ مُحتاج برّ لكى يفهموهُ حتى يوحنا المعمدان وهو جنين سجد للمسيح فىِ بطن أمُهِ لأنّ الموضوع موضوع إيمان وبرّ يُعلن مُلك المسيح أى كُل ما كان إستعلان مُلك المسيح فىّ أقوى كُل ما أفرح بمُلكهِ أكثر وإلاّ يُصبح هذا اليوم بالنسبة لىِ يوم عادىِ المسيح يُعلن نفسهُ اليوم ملك حقيقىِ على أورشليم أى قلبىِ ونحنُ قبلنا مُلكهِ ومن هُنا جاءت بهجة اليوم اليهود إستهزأوا بهِ من شدة تواضُعهِ لأنّ مظهرهُ لم يكُن كملك أرضىِ لكن الذى يعرف من هو المسيح يخجل من إتضاعهُ ونُعظّمهُ على إتضاعهُ ونعرف أنّهُ دخل اليوم ليُتمّم النبوات وتدبير الخلاص الذى أحبّهُ لأنّه ليس ملك عادىِ كما قيل فىِ القُدّاس الكيرلُسىِ " من أجل لاهوتك الذى لا يُستطاع النظر إليهِ ولا التفكُرّ فيهِ " هذا هو الذى دخل اليوم ليُعلن مُلكهُ الحقيقىِ لذلك لابُد أن نفهم مُلكهُ صح ونشعُر أنّهُ ملك حقيقىِ لمملكة روحانيّة لذلك قال للإثنى عشر تلميذ " تجلسون معىِ فىِ عرشىِ وتدينون أسباط إسرائيل " كلام صعب لم يفهموه لكنّهُ قال " أنتُم ملوك وكهنة " هو فعلاً جعلنا مملكة يمكن أعظم مملكة فىِ العالم لأنّها ليست من العالم بل روحانيّة تجمع الودعاء والمتواضعين يمكن يكون شعبها لهُم مظهر الفقر والإتضاع لكنّهُم مملكة حقيقيّة كلمة " ليأتىِ ملكوتك " أى نُعلن سُلطانك وسيادتك ملكوت حقيقىِ يحتاج إستنارة وحكمة حكمة لم يعرفها حُكماء هذا الدهر " لأنّهُم لو عرفوا لِما صلبوا رب المجد " ، هُم طُمست عيونهُم وسُدّت آذانهُم وأحبّوا مجد العالم أكثر من مجد الله لذلك رفضوه لكن الروح يفحص أعماق الله الإنسان الروحانىِ يحكُم فىِ كُل شىء ولا يُحكم عليه لأنّهُ صاحب سُلطان فىِ ذاتهِ لذلك يقول " لم تأخُذوا روح العالم بل الروح الذى من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا " ويوم ما صُلب فهمنا مُلكهِ " نحنُ أبناء وورثة " ماذا ترث ؟ ترث طبعهُ ومُلكهُ أى لنا سُلطان على الذات والحواس ولنا تدبير بداخلنا ولنا إرادة صلب الجسد والإمتناع عن الخطيّة ولنا مجد أولاد الله كون الأنبا أنطونيوس يبيع العالم ويُضحّىِ بحياتهُ لأجل المسيح لأنّهُ إنسان عرف مُلك المسيح الحقيقىِ وشاركهُ فيهِ وتعلّق بمُلكهِ الذى لا يزول لذلك إزدرى بالعالم كُلّهِ بولس الرسول يقول " ليتّكُم تعرفون مجد غِنى المسيح ومعرفة محبتهِ الفائقة لنا لأنّهُ فوق كُل رياسة وسُلطان وقوة وكُل إسم يُسمّى ليس فىِ هذا الدهر فقط بل وفىِ الآتىِ أيضاً "لا توجد مملكة تُقارن بمملكة المسيح لذلك نقول فىِ المديحة " ممالك الدُنيا تزول والمال كُلّه فانىِ " مملكة بابل كانت أقوى مملكة وزالت هكذا مملكة مادىِ وفارس زالت كثير من الممالك كانت صاحبة القوى العُظمى فىِ العالم وإنتهت لكن مملكة المسيح دائمة للأبد هذا هو مُلكهُ الذى يؤسّسهُ اليوم ونحنُ نفرح بهِ والكنيسة تُحب لقب المسيح ملكىِ وإلهىِ وتقول " ربنا وإلهنا ومُخلّصنا وملِكنا يسوع المسيح " تُحب الكنيسة تُعلن مُلك المسيح الحقيقىِ عليها ودائماً تُصلّى الصلاة الرّبانيّة " ليأتىِ ملكوتك " تُعلن لهُ أنّها تُريد سيطرتهُ عليها لذلك نقول " سكنوا الجبال من أجل عِظم محبتهُم للملك المسيح " ملك أيضاً الكنيسة تُحب تستعمل كلمة " سيدنا " لأنّها تُعلن مُلكهُ وسيادتهُ عليها عندما قال زكريا النبىِ " إبتهجىِ يا إبنة صهيون " من هى إبنة صهيون إلاّ الكنيسة فىِ العهد الجديد التى هى نحنُ وتُعلن فينا قّوتهُ ومملكتهُ وطهارتهُ هو جاء ليُعلن سُلطانهُ وسيطرتهُ الحقيقيّة على قلب الإنسان وعقلهُ هل هو بالنسبة لنا ملك فعلاً أم لنا ملك آخر مثل المادة والذات ؟ لا ملكىِ المسيح الذى أعُلن لهُ خضوعىِ الكامل وأفتخر إنّىِ من ضمن مملكتهُ الناس اليوم عندما يأخُذوا جنسية دولة عُظمى مثل أمريكا يفتخرون بها ونحنُ معنا أغلى جنسية وأجمل جنسية نحنُ الذين لنا سِمة على جباهنا معنا خِتم مملكة المسيح رشمة الميرون والجسد والدم الذى نأخُذهُ هو أجمل ما فينا ويُميّزنا عن كُل العالم نحنُ لنا شكل آخر ومذاق آخر مُختلف عن العالم كُلّهُ لذلك فلنفتخر بمملكتنا التى لا تزول أنا جنسيتىِ غالية جداً وتستحق أن أضحّىِ من أجلها كثيراً إحذر أن تكون غير مُقتنع بمُلك المسيح داخلك وتبحث عن ملك آخر كاليهود نحنُ ملكنا الحقيقىِ هو المسيح إِنتبه هو اليوم آتىِ فىِ صورة ملك وديع متواضع وجالس على أتان وجحش إبن أتان ويملُك على صليب لكنّهُ فىِ النهاية ملكوتهُ ليس كذلك يقول فىِ سِفر الرؤيا " أنّ الشمس لا تُعطىِ ضوءها والقمر يصير كالدم والنجوم تتساقط " ملكوت مُرعب وملوك الأرض والعُظماء والأغنياء والأقوياء والأمُراء الذين نُعظّمهُم الآن هؤلاء يقولون فىِ ملكوت المسيح الآتىِ " للجبال أسُقطىِ علينا وللآكام غطّينا عن وجه الجالس على العرش لأنّهُم أحبّوا مجد العالم أكثر من مجد الله " والله يقول لهُم أنا كثيراً ما تودّدت لكُم وأنتُم رفضتمونىِ وقُلتُم ليس لنا ملك إلاّ قيصر ليس لنا ملك إلاّ مجد العالم ومراكزهُ فمن يستطيع الوقوف فىِ ذلك اليوم ؟ بينّما يقول للذين قبلوا مُلكهِ على قلوبهُم " بعد هذا نظرت وإذا جمع كثير لم يستطع أحد أن يعدّه من كُل القبائل والأمُم والشعوب والألسنة واقفون أمام العرش وأمام الخروف مُتسربلين بثياب بيض وفىِ أيديهُم سعف النخل "السماء تساع كثيرين أمّا أنا إمّا أعُلن مُلكهُ علىّ هُنا وهُناك أو أرفُضهُ هُنا ويرفُضنىِ هو هُناك شعبهُ الذى يقول تسبحة الثلاث تقديسات ولهُم سِمات الخروف والكنيسة تُعلّمنا كُل ذلك من الآن وتُعلّمنا " لك القوة والمجد والبركة " تسبحة إِعلان مُلكهِ ومجدهِ وتُعلّمنا تسبحة الغلبة هذهِ هى الكنيسة المُنتصرة ونحنُ ملكوتهُ وأبناء الملكوت وليس لنا ملك آخر غيرهُ ونرفُض أى ملك آخر غيرهُ " إقتنينا لك يا الله لأننّا لا نعرف آخر سِواك " إجعلهُ ملك على قلبك وبيتك وحواسك وإشعُر أنّك مضبوط بهِ وإجعل كلمتهُ هى التى تحكُمك أى هى شريعتك وقانونك وحياتهُ هى سِراجك وعندما تسجُد أسُجد لهُ وعندما تعبُد إعُبدهُ وعندما تكون دالّة بينك وبينهُ إبعد غضبهُ عنك لأنّك أصبحت صديقةُ لذلك فىِ النهاية فوق لا يكون المسيح بالنسبة لك ولىِ ديّان بل حبيب " إذ لا شىء من الدينونة الآن على الذين هُم فىِ المسيح يسوع " ندخُل على يمينهُ ونُعاين عظمتهُ ونُسبّح لهُ لذلك لا يكفىِ العُمر لتسبيحهُ ولا حتى الأبديّة الكنيسة تصرُخ اليوم مُبارك الآتىِ بإسم الرب إهتفىِ يا إبنة صهيون أنّهُ أتى اليوم ليملُك على خشبة ويملُك أيضاً على قلوبنا ونصرُخ لهُ تعال وأملُك علينا من الآن وإلى المُنتهىِ ربنا يمتعنّا بملكوتهُ ويقبلنا عبيد عِنده ويسند كُل ضعف فينا بنعمتهُ لهُ المجد دائماً أبدياً أمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
11 أبريل 2025

جمعة ختام الصوم (لو ۱۳ : ۳۱- الخ)

في ذلِكَ الْيَوْمِ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ لَهُ: اخْرُجْ وَاذْهَبْ مِنْ هَهُنَا لأَنَّ هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ. فَقَالَ لَهُمُ امْضُوا وَقُولُوا لِهَذَا الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَداً، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَكَمِّلُ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ أَسِيرَ الْيَوْمَ وَغَداً وَمَا يَلِيهِ، لأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجاً عَنْ أُورُشَلِيمَ يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاحِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلَادَكَ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاحَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً ! وَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لَا تَرَوْنَنِي حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتٌ تَقُولُونَ فِيهِ: مَبَارَكَ الْآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ ]. أردت ولم تريدوا يشير الرب بهذا القول إلى المرات الكثيرة التي حاول الله فيها أن يجمع شعب إسرائيل إليه بحبه وحنانه بواسطة الأنبياء الذين أرسلهم مبكراً ومؤخراً. ولكن كانت النتيجة دائماً، كما في مثل الكرامين، أنهم رفضوه وأهانوا كل من أرسلهم كذلك فالرب يشير بهذا الكلام إلى تعاليمه وآياته ولطفه وإحسانه الكثير، الذي قصد به أن يجمع قلوبهم بكل إشفاق ومودة، فكانت النتيجة أنهم رفضوه ورذلوه. «أن أجمع أولادك» : الرب هنا يتكلم عن سر مشيئته التي من أجلها جاء ليجمع المتفرقين إلى واحد، إلى صدره الحنون وتحت ستر جناحيه وفي ظل منكبيه، ولكن انظروا ماذا فعلوا به عروا صدره الحنون وطعنوه وفردوا ذراعيه الحانيتين وسمروها على الصليب، والأرجل التي كانت تحول تصنع خيراً دقوها بالمسمار على الخشبة! وهكذا عوض أن يتجمع إلى صدره وستر جناحيه هؤلاء الأولاد الأشقياء بنو إسرائيل، تركوه تركوني أنا الحبيب مثل ميت مرذول»، وذهبوا وراء شهواتهم، وهكذا تركت الفراخ حضن الدجاجة ولم تعبأ بتوسلها وبندائها، فوقعت في مخلب الصقر المتربص وانتهت إسرائيل إلى خراب ولعنة ولكن الدعوة مجددة لك هنا أيها الصديق العزيز، فالجناحان الحانيان مفرودان على الصليب والجنب الحبيب يسيل بدم الشفاء والفداء. المسيحلا يزال ينادي خرافه ويرسل صوته مبكراً كل يوم ليجمعهم تحت ظل جناحيه إلى أن يعبر الشر، وهو لا ينادي فقط؛ بل ويجري وراء الخروف الضال ليبطل جهالته ولكن ليس إلى ما لا نهاية. «أردت ولم تريدوا» ربما تقول في نفسك من هو هذا الشخص المجنون الذي لا يريد ما يريده الله ؟؟ ولكن رؤساء الكهنة ومجمع السنهدريم وشيوخ الشعب وحكماء إسرائيل لم يكونوا مجانين بل كانوا متأكدين أنهم حكماء وعلى حق وكل الناموس في صفهم، وأنهم على صواب كل الصواب حينما يحكمون بأن يرفض المسيح بل يُصلب ولكن من أين جاء هذا الالتباس الخطير؟ جاء من حيث أنهم كانوا يعيشون حياتين حياة خارجية ظاهرها التقوى والتدين والتدقيق في أصغر طقوس العبادة، ثم حياة أخرى داخلية منحلة، كلها انتهاز فرص وأطماع وتكالب على الدنيا. وهكذا ضاعت منهم إرادة الحق، ورفضوا، بل استهزأوا بإرادة القدوس، لأن إرادتهم لم تكن في ناموس الله أبداً، ولا هم كانوا في ناموسه يلهجون والآن، هوذا الصوت يأتينا مجدداً اليوم. المسيح في ختام صومنا يسألنا: هل تريدون ما أريد؟ أنا أريدكم من نصيبي وأن تكونوا دائماً حيث أكون أنا، فهل تريدون؟؟ أريدكم بقلب وديع مثل قلبي، أريدكم تطلبون ملكوتي وبري، فهل تريدون؟؟ أريدكم أن لا تهتموا بهموم الدنيا؛ بل أن تحملوا نيري وأنا أحمل كل همكم؛ فهل تريدون؟؟ أريدكم أن لا تطالبوا بحقكم ولا تنتقموا لظلمكم، وأنا أرد لكم مائة ضعف؛ فهل تريدون؟؟ أريدكم أن تحبوا أعداءكم وتباركوا لاعنيكم وتحسنوا إلى مبغضيكم وتصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، وأنا أجازي، فهل تريدون؟؟ أريدكم أن تحملوا الصليب ولا تجزعوا من الصلب كما حملت أنا صليبي وطلبت عليه، فهل تريدون؟ أنا جزت هذا كله من أجلكم وغلبت العالم لتتشجعوا وتسيروا ورائي، فهل تريدون؟؟ والآن، لكي ننتقل من إنجيل اليوم لكي ندخل أسبوع الآلام، لابد أولاً أن نصفي حسابنا أولاً مع صوته القائل: كم مرة أردت و لم تريدوا؟»، لأنه إذا انتهت إرادتنا إلى هذا التعارض، فلا مناص من الدينونة الرهيبة، وسماع الصوت المحزن: هوذا بيتكم يترك لكم خراباً»! وإذ قد تم بالفعل خراب الهيكل وبقى خراباً إلى يومنا هذا، آية لصدق كلمة المسيح، فلا أقل من أن تشفق على أنفسنا من هذا المصير عينه، لأن هيكله هو نحن. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل