المقالات

05 أبريل 2025

وضوح الهدف

مِنْ رِسالة القديس بولس الرسول إِلَى أهل فيلبّىِ بركاته على جميعنا آمين الإِصحاح الثالِث العدد السابِع :[ لكِنْ مَا كَانَ لِى رِبْحاً ، فَهذا قَدْ حَسِبتهُ مِنْ أجْلِ المسيحِ خَسَارَةً بَلْ إِنَّىِ أَحْسِبُ كُلَّ شىءٍ أيضاً خَسَارَةً مِنْ أجْلِ فَضْل مَعْرِفةِ المسيحِ يسوعَ رَبَّىِ ، الذّى مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأشيْاءِ ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَىْ أَرْبَحَ المَسِيحَ ، وَ أُوجَدَ فِيهِ ،لأِعْرِفَهُ ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ ، مُتَشبِّهاً بِمَوْتِهِ ، لَعَلِّى أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأْمْوَاتِ ] مِنْ أجل معرِفة المسيح خسرت كُلَّ حاجة ، خسرت أهلىِ ، خسرت جذورىِ وَكُلَّ الأمور الّلى بفتخِر بيها وَبعتبِرها وَلاَ حاجة ، أنا بحسِبها زِبالة وَلاَ حاجة وَكلِمة " جِعالة " يعنىِ المُكافأة ، كُلَّ ما كان الهدف فِى حياتنا واضِح كُلَّ ما أمور كتيرة إِتحسمِت ، وَلمّا يكونْ مش واضِح كُلَّ ما نتلغبِط وَنتضايق ، ما هو هدف حياتِك ؟ عايشة ليه ؟ إِيه هو هدف حياتىِ ؟ تحقيق ذاتىِ ! تحقيق لِذاتىِ ! أفتخِر على كُلَّ مَنْ حولىِ ! أُمدح مِنْ كُلَّ النّاس ، هدفىِ هو إِرضاء الله ، رِبح الأبديّة ، ما عنديش هدف أجمل منّه وَأعيش لِخدمِته وَ أعيش لِطاعته وَ لِمحبِّته يعنىِ واحِد يجرىِ ناحية حاجة فِى السبق بيبقى عارِف بيجرىِ ناحية إِيه ، لئلاّ يكون الجرى باطِل ، هدفىِ أحقِق صوت الله الّلى جوايا ، أصير إِنسانة مِنْ السماء ، أهم حاجة هى الملكوت وَنعمِة الله فِى حياتىِ وضوح الهدف مُهِم جِداً ، وَمِنْ أخطر الأمراض التّى تُصيبنا هو ضياع الهدف ، فنعيش فِى ضياع ، ما فيش نمو ، ما فيش تقدِم ، ما فيش نعمة ، بذرِة الملكوت لاَ يرعاها ، أقل شىء يُحزِنه ، يُفقِده هدوءه ، يُفقِده سلامه ، لأنّهُ هو مش فرحان بِربِنا ، مش عايش للملكوت الله لَمْ يخلِقنا أبداً علشان نعيش مش عارفين إِحنا عايزين إِيه ، لابُد أنْ يكون هدفىِ هو خلاص نَفْسَىِ ، وإِرضاء الله فِى كُلَّ يوم ، بل فِى كُلَّ لحظة فِى حياتىِ ، لِذلِك نقول فِى القُدّاس عَنَ القديسين [ الذّين أرضوك بالحقيقة مُنذُ البدء ] لأنّهُ هو كان قُدّامهُمْ فِى كُلَّ حين ربِنا الهدف بالنسبة لىّ ، الأبدية هدف بالنسبة لىّ ، إِرضاء الله هدف بالنسبة لىّ ،لاَ نُرضىِ ذواتنا وَغرورنا أبداً ، ياما الإِنسان يعيش مِنْ أجل الإِفتِخار ، حتّى لمّا يتعلِّم يُبقى علشان يتكبِّر وَحتّى اللبس علشان كِذا وَالحاجات دى بِتبعِده عَنَ الملكوت ياما الإِنسان ينخدِع وَ يعيش مِنْ أجل أهداف ثانويّة وَإِرضاء ذاتىِ ، بولس الرسول لمّا يترُك كُلَّ شىء حسبها نِفاية وَلاَ حاجة ، لأنّ الهدف واضِح ، عايِز أشوفه وَأشوفه هو بس ، كُلَّ إِنسان يدخُل فِى محبّة الله الأبدية تتضِح ، يعلى يعلى وَ العالمْ يتضاءل جِداً جِداً ليه ؟؟ لأنّ الهدف واضِح النّاس الّلى بيترُكوا كُلَّ شىء هُم مش ناس فاشلين فِى العالم أبداً ، لأنّ شُفنا أولاد المُلوك تركوا العالمْ ، لأنّ الهدف واضِح ، العالمْ يصغر يصغر لِدرجِة صفيحة زِبالة ، وَ إِنْ العالمْ ده قيد عليه ، وَمش عايِز يعيش له أبداً الأمور الّلى كُنت بفتخِر بيها أحسبها نِفاية ، يا خسارة الأيام الّلى كُنت بفتخِر فيها بِشهادتىِ وَذكائىِ دى كانِت ضايع فيها الهدف ، الّلى كُنت بعتبره زمان رِبح ده خسارة ، واحِد دخل الدير فبسأله عَنَ أخباره وَمدى إِرتياحه فِى الدير ، فقال ليه أنا لَمْ أجىِ هِنا مِنْ زمان ، العالمْ صغير جِداً ، الهدف لمّا يتصاغر تتصاغر أمامه حاجات كتير كُلَّ ما كان الهدف عالىِ فِى حياتىِ كُلَّ ما الأمور التانية تقل تقل ، القديسة إِيلارية بنت الملِك زينون كان إِشتياقها لِربّ المجد يسوع كان عالىِ جِداً جِداً ، وَكانِت تحسِب غِناها قيود عليها وَأغلال ، وَإِشتهِت أنْ تترُك كُلَّ شىء ، إيه الّلى يخلّيها تعمِل كده ، فِى هدف ظهر فِى حياتها أكبر مِنْ أنْ تكون ملِكة فِى ناس بِتتصارِع على المُلك ، مين الّلى يترُك كِده ؟ الّلى وجد كرامة أعظم ، فِى حد يسيب المجد وَالكرامة ويروح لطريق كُلّه أحزان وضيق ! الهدف واضِح وغالِب فِى كُلَّ حياته ، وَغالِب كُلّ ألمْ وَكُلَّ غِنى وَمجد أرضىِ ، وبيغلِب أمور جوّه نَفْسَه وَجوّه حياته ، غالِباً ما يكون هدفىِ إِنّىِ أُحترم مِنْ النّاس ، إيه هدفىِ ؟ إِرضاء الله ، الحياة لهُ وَلهُ وحدهُ ، هو ده الهدف فِى حياتىِ 0 كُلَّ يوم لازِم أصلِّح حاجة ، وَكُلَّ ما يكون الهدف جوايا يتهز ، أصلِّح نَفْسَىِ ، الأنبا أرسانيوس كان يقول لِنَفْسَه : يا أرسانىِ تأمِلّ فيما خرجت لأجله ، إِنت خرجت لأجل هدف مُعيّن ، هو رِبح المسيح وَ الملكوت ، لاَ أنشغِل بآخر أحد الآباء يقول [ فليبحث غيّرىِ عمّا يشاء عِوضاً عنك أمّا أنا فما يلِذ لىِ إِلاّ أنت ] ، أنا لىّ أهداف أُخرى وَإِشتياقات أُخرى ، لو لقيتىِ واحدة مبسوطة وَغنيّة وَعِندهُم عربيّة أقول ربِنا يفرّحهُمْ لكِن أنا لىّ إِنت لذّتىِ وَبهجتىِ ، مش عايزة حاجة أبداً على الأرض ، داوُد الملِك رغم كُلَّ مُلكه لَمْ يفقِد إِتضاعه وَيقول [ أُذكُر يارب داود وَكُلَّ دِعته ] ، وَتستميل قلبىِ إِليك لأنّهُ متواضِع ، هدفه واضِح ، هدفه مش المُلك ، إِنّهُ بيرضىِ ربِنا الملِكة أستير تقول أنت تعلم يا الله إِنّى أكره سِمة أُبّهتىِ وَ أنا مُنذُ أنْ أتيت لِهذا القصر لَمْ أشترِك مع ولائمهُم وَلاَ مشاكِلهُم ، أنا لاَ أفرح إِلاّ بك أنت يا إِله آبائىِ ، الغرور ده مش ساحبنىِ أبداً ، الهدف لمّا يُبقى واضِح وَلو كُنت ملِك ، المُلك لاَ يُبعدنىِ عَنَ ربِنا مهما كان لاَ يُغيِّر هدفىِ أبداً أنا عايزك إِنت ، إِنت وبس ، وأى شىء أحسِبه خِسارة ، وَلاَ يفرح قلبىِ غير بيك إِنت وحدك يا إِله آبائىِ ، النَفْسَ تفتِش فِى نَفْسَها بإِستمرار ، الهدف واضِح وَلاّ لأ ؟ لمّا الهدف يوضح الأمور تتحِسِم بطريقة سهلة ، القديسة أنا سيمون إِنْ كانت هُنا بِتخسر على الأرض وَلكِن بِتكسب مجد فِى السماء ، وَإِختارت طريق الإِهانة عِندىِ عشم إِنّك تفتح لىِ باب مراحِمك ، باب محبِتك إِنت ، هو ده الّلى عاوزه منّك ، وَأوعى تقفِل باب محبِتك أبداً أوعى ، كُلَّ ما الهدف يتضِح كُلَّ ما تعيش فِى فرح وَ تغلِب بِسهولة وَبِراحة ، وَيخلّىِ أمور كتيرة تتحِسِم ، إيه الّلى يخلّىِ أُمهات وَأبناء يُقدّموا حياتهُم ؟؟ عايزين الملكوت ، الهدف واضِح ، كُلَّ ما الهدف يتضِح كُلَّ ما الأمور تتجلّى وَتغلِب جوّايا ، وجود أى تردُّد ده مِنْ عدو الخير ، خطر كبير لمّا نكون إِحنا عايشين مش عارفين إِحنا عايشين ليه الإِنسان فِى العالمْ يعيش لأنّهُ بيخدِم ذاته وَلذّاته وَلكِن ده غرض سُرعان ما يزول وَلاَ يشبع الإِنسان وَيخلّىِ الإِنسان يعيش فِى فراغ ودائرة مِنْ الجهل ، فَلاَ يُحقِق الهدف الحقيقىِ وَهو إِرضاء الله القديس أوغسطينوس يقول [ خلقتنا يارب لك وَستظل نِفوسنا قلِقة ] ، مالياش غرض أكتر مِنْ إِنْ أُرضيك وَأعبُدك ، كُلَّ يوم لازِم أراجِع الغرض بِتاعىِ ، أترُك كُلَّ شىء وَ أحسِبهُ نِفاية مِنْ أجل فضل معرِفة المسيح ، شُفنا ملوك وَعُظماء تركوا كُلَّ شىء لأنّ فِى غرض مَلَكَ عليّهُمْ يخلّىِ الإِنسان لاَ يعيش إِلاّ لِربِنا ، وَلمّا يُدرِك الهدف تكون علاقتهُ بِربِنا أقوى وَ أقوى وَ أقوى فِى واحِد كتب تقرير عَنَ المسيحيين الذّين يستشهِدوا فقال : إِنْ كان المسيحيون يعيشون على الأرض إِلاّ أنّهُمْ يشعُرون أنّهُمْ مِنْ مواطنىِ السماء ، هُمْ يحيون فِى الجسد وَلكِن لاَ يحيون حسب الجسد ، لاَ يخدِمون أهواء وَلاَ يُستعبِدون لِشهوات ، كُلَّ أرض غريبة بالنسبة لهُمْ وطن ، وَكُلَّ وطن هو أرض غريبة لهُمْ ، مُمكِن يقعُدوا فِى أى حِتّة وَيعتِبروا إِنْ هذهِ الأرض غريبة لهُم ، هُمْ أصلاً مُتغرّبين مش هتفرِق معاهُمْ ، يُبارِكون مُبغِضيِهُمْ ، يحيون بالنسبة للجسد مِثل النِفْسَ بالنسبة للجسد ، النَفْسَ هى الّلى تُعطىِ الحياة للجسد [ لو كُنتُمْ مِنْ العالمْ لكان العالمْ أحبّكُمْ وَلكِن لستُمْ مِنْ العالمْ ] ، هُمْ لاَ يُؤثِر فيهُم حاجة أبداً ، ياما كانوا بيهدّدوا الأب بإِبنه ، وَلكِن كُنت نلاقىِ الطبيعة البشريّة مُتشدِّدة جِداً وَقوّة سماويّة مسانداهُمْ وَفِى غرض واضِح جِداً أنْ يعيشوا لإِرضاء الله 0 خلّوا بالكُمْ مِنْ مثل العُرس ، فِى ناس إِعتذرِت ، لازالت هذهِ الأعذار قائِمة إِلَى اليوم ، ياما إِنسان بيعتِذر لِربِنا لأنّهُ مُرتبِط بأرتباط ، مُرتبِط بِكذا ، كُلَّ ده لمّا يكون الإِنسان الهدف بِتاعة واضِح يغلِبه ، وَلاَ أى حاجة تعطِله لأنّ هدفه واضِح ، لازِم نكون غالبين لِهموم العالمْ وَأحزان العالمْ ، أوعى تكون فِى أهداف أُخرى تأخُذنا عَنَ هدف الأبديّة ، أنا بعدما أموت عِندىِ رجاء فِى الأبديّة ، يُبقى أنا المفروض دلوقتىِ أعيش للأبديّة إِذا كان أنا مُمكِن بـِ 10 سنين أو بـِ 20 سنة أربح الأبديّة ، يُبقى مش كتير على ربِنا أنْ أربح الأبديّة ، إِوعى تفتِكرىِ ده خِسر ، إِوعى تفتِكرىِ إِنّك لو ضحّيتىِ بِذاتك ده هياخُذ مِئة ضعف ، لازِم تكونىِ أحكم ، الأنبا أنطونيوس لمّا باع 300 فدان لَمْ يكُنْ مضغوط أبداً ، فِى إِقتناع كبير جِداً فِى السماء الهدف لمّا يكون واضِح فِى الإِنسان يخلّيه يعمِل أعمال كتيرة ، رُبّما تفوق طاقته ، إِنّ ذاك أفضل وَهو لاَ يخسر بل بالعكس ، لازِم أراجِع أهدافىِ ، أنا ليه عايشة ؟ إِوعى تكونىِ هدفِك ضايِع ، لازِم كُلَّ يوم أراجِع هدفىِ إِنهارده الّلى أنا عايشة فيه ، أرضيه وَلاّ لأ ! بُكره إِزاى أرضيه ؟ لازِم أرضيه ، كُلَّ يوم لازِم أبحث عَنَ شىء يُرضيه وَأبحث عَنَ شىء جديد يُرضيه وَ أدوس على كُلَّ شىء بِقناعة ، بِعز النِفْسَ الّلى شبعانه بِربِنا بتدوس بِغِنى ، أولاد الله الغِنى الّلى يجعلهُم أكرم بكتير جِداً مِنْ أى إِنسان عايش فِى العالمْ صدّقونىِ إِحنا لِغاية دلوقتىِ لَمْ نعرِف حقيقة الأبديّة ، إِحنا فِى الأبديّة هنشوف حاجات هتعزّينا جِداً ، لحظة واحِدة هتنسينا هموم العالمْ وَ أتعابنا ، هنكون عملنا إِيه مِنْ أجل المسيح ؟ صومنا شويّة ، جاهِدنا شويّة ، لحظة واحدة فِى المجد سوف تُنسينا ذلِك التعب ، لاَ تستغرب أبداً إِنّك تكون حياتك مع ربِنا فيها غِنى أوْ مجد ، لاَ تستغرب إِنْ كلِمة مئة ضعف دى شويّة ، ده مُجرّد تعبير أرضىِ عَنَ المجد ، المجد الّلى فِى السماء كبير جِداً لاَ يُقاس ، فإِنْ كان ما عِندنا فلنترُك ، وَلو كانْ فينا ما يصلُح فلنفعل لأنّ عِند ربِنا فِى أكاليل ، القديس مارِمينا أخذ ثلاث أكاليل واحِد للشهادة وواحِد للبتوليّة وواحِد لإِنفراده فِى البرّيّة ياما الصورة تُبقى مش واضحة قُدّامنا وَالصورة تتلغبِط ، إِحنا لينا دعوة أكبر ، وَلازِم يكون إشتياقنا أقوى وَأوضح للأبديّة ، لِذلِك فِى صلوات الكنيسة نقول [ وَ إِهدِنا إِلَى ملكوتك ] ، [ لِكى يكون لنا الكفاف فِى كُلَّ شىءً كُلَّ حينٍ نزدادَ فِى كُلَّ عملٍ صالِح ] يعلّمِنا إِزاى بِنعمِته بالمجد بِتاع الأبديّة ، أمّا الخُبز ده بتاع الأرض ، بس مين مُقتنِع إِن الله يكون الملِك على كُلَّ شىء قبل ذاته ، وَكُلَّ ما ربِنا يملُك أكتر وَالصورة توضِح أكتر فنوصل لِدرجة [ ها قَدْ تركنا كُلَّ شىء وَتبعناك ] وَنأخُذ مئة ضعف إِحنا غُرباء فِى العالمْ ، مالناش لينا فيه حاجة ، أعطينا السلام لِغاية ما نطلع لك فوق ، الإِنسان لمّا يُقيمْ مِنْ نَفْسَه إِله يعبُدهُ كُلَّ الأيام ، ربِنا مش عايِز كِده ربِنا يعلّمِنا كُلَّ يوم إِزاى هدفنا يُبقى واضِح علشان لو دخلِت أهداف أُخرى فِى حياتنا ، نقولّه يارب علّمِنا أنْ تكونْ الهدف بِتاعنا إِنت ، وَ إِنت وحدك ربِنا يسنِد كُلَّ ضعف فينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
04 أبريل 2025

مائة درس وعظة (٤٥)

ألقاب المسيح "انتظارى لك " يدعي اسمه عجيباً، مشيراً، إلها قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام (إش ٦:٩) الله أراد أن يعد العالم لاستقبال ميلاد السيد المسيح، وأحد هذه الوسائل في الرموز والنبوات أولاً: الرموز ١- الأشخاص: مثل اسحق الذي كان يرمز لذبيحة الفداء. ٢- الأحداث: مثل العليقة في أيام موسى النبي التي ترمز لأحداث الميلاد ولأمنا العذراء. ٣- الأشياء: الحية النحاسية، والتي ترمز إلى الصليب. ثانياً: النبوات على سبيل المثال نقرأ في سفر إشعياء " لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً، وتكون الرئاسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً، مشيراً، إلها قديراً، أبا أبدياً، رئيس السلام "(اش٩ :٦). ١- يولد لنا ولد: وليد العذراء وليد المذود ٢- نعطى ابنا لأنه ابن داود كما نقرأ في سلسلة الأنساب (مت١ :١-١٧) (لو ٢٣:٣-٣٨) يدعى اسمه هو الاسم الوحيد الذي لخلاص الإنسان "وليس بأحد غيره الخلاص،"(أع١٢:٤)، كما نقول في القداس "أسمك القدوس الذي نقوله. فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس" و"اسمه عجيباً" لأن اسم يسوع المسيح بالحقيقة هو اسم عجيب، وهذا الاسم جعل في تقليد الكنيسة صلاة اسمها "صلاة يسوع" أو الصلاة السهمية، وهذا الاسم له كل القوة وكل العمل. ثالثاً: القاب السيد المسيح اليهود كانوا يحبون رقم خمسة هو يرمز للقوة مثل قبضة اليد ١- عجيبا صانع العجائب، عجيباً في توبة النفوس عجيباً في إضفاء الفرحة على كل نفس. يقول داود النبي "أيها الرب ربنا ما أعجب اسمك في الأرض كلها،"(مز ۱:۸) عجيباً لأنه جمع الألوهية مع الإنسانية الله لم يتكلم معنا من بعيد، لم يخلصنا من بعيد، لكنه جاء إلينا وهذا هو قمة امتياز المسيحية، فصار الإنسان قريباً جداً لله فلم يكن حب الله لنا عن بعد لكنه عن قرب فهو حب الاتحاد. ٢- مشيرا: صاحب الرأي والمشورة، فهو لا يحتاج أن يستشير أحداً، فهو عجيب المشورة الكنيسة تعلمنا أن نقرأ الانجيل باستمرار لنأخذ مشورة، فمشورة الانجيل هى أهم مشوراتك اليومية. ٣- إلها قديرا: القدير أو الجبار، صاحب القدرة هذا اللقب خاص بالله وحده إلها قديراً صانع المعجزات معلم الإنسان. ٤- ابا ابديا: الله هو أبونا بالحقيقة وإلى الأبد كل ما تشمله معاني الأبوة من رعاية وعناية وحماية. لذلك يحارب عدو الخير الإنسان بفكر أن الله تركه ولم يعد يحميه أو يرعاه .الله يكره الخطية لكنه يحب البشر. ٥- رئيس السلام: رئيس تعنى "ملك " وملك تعنى "مصدر" الله هو رئيس السلام أي مصدر السلام، فلا تأخذ السلام إلا من المسيح ذاته كما قال لنا" سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطى العالم أعطيكم انا".(يو٢٧:١٤).الذي يمنع السلام عن الإنسان هو خطية الإنسان. إذا وضعت هذه الخمسة أمامك تشعر ببركات مجيء المسيح وتجسده من أجلك. قداسة البابا تواضروس الثانى عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
03 أبريل 2025

بدعة شبية المسيح

ينكر غالبية الغنوسيين أن للمسيح جسدًا حقيقيًا، لهذا مع تباين تصوراتهم لأحداث الصليب إلا أن الغالبية كانوا يعتقدون بأن يسوع المسيح لم يُصلب حقيقة. لقد اختلفت تصوراتهم لهذا الحدث بصورة كبيرة، نذكر على سبيل المثال: 1. مرقيون: الله السامي – في نظر مرقيون – أرسل كلمته ليقضي على الديميرج الخالق Demiurge، فنزل من السماء. مع أن الكلمة أعظم قوة منه، لكنه لم يرد القبض عليه. وقعت أيادي صالبي يسوع على آخر، لذلك فإن الذي صُلب هو آخر، وأما المسيح فرفعه الله إلى السماء سالمًا. 2. الدوكيتيون: مشتقه من الكلمة اليونانية dokew وتعني "يبدو" أو "يتراءى". ظهرت الدوكيتية Docetism بين الغنوسيين مثل كرينثوس Cerinthus قالوا بأن يسوع هرب من عار الموت بطريقة معجزية، وحل محله يهوذا الاسخريوطي أو سمعان القيرواني قبل الصلب مباشرة. 3. كردون Kerdonos: يعتقد بأن نزاعًا حدث بين إله اليهود وإله الوثنيين، لأن كلاً منهما أراد السيطرة على العالم. وإذ اشتد النزاع أرسل الله الصالح كلمته الذي هو المسيح. ولما أدرك المسيح المكيدة طار إلى السماء دون أن يراه أحد، وصُلب إنسان آخر خيل للناس أنه المسيح. خلال هذه الأمثلة وغيرها ندرك كيف حاول الغنوسيون بسبب بغضهم للمادة أن يجردوا السيد المسيح من الجسم الحقيقي، وبالتالي أفقدوا الصليب جوهره، وأفسدوا عمل السيد المسيح المخلص. فالغنوسية هي جماعة وثنية تسمى بالخيالية وبالغنوسية ويسمى أتباعها بالخياليين والغنوسيين ويسمى فكرها بالخيالية أو الشبحية، قالت أن المسيح كان إلها فقط ولم يكن له جسد وطبيعة الإنسان، بل كأن شبحاً وخيالاً، ظهر في هيئة وشبه ومنظر الإنسان ولم يكن له جسد فيزيائي من لحم ودم وعظام!! ولذا فقد كانت عملية صلبه مجرد مظهر وشبه، شُبّه للناظرين أنه يصلب، صلب مظهرياً، بدا وكأنه يصلب، علق على الصليب وبدا للناظرين أنه يصلب!! ودفن في القبر ولكنه خرج ككائن من نور لأنه هو نور وروح محض!!! وعندما خرج من القبر ككائن من نور كانت قدماه على الأرض ورأسه تخترق السماء!!!! فما هي الغنوسية، أو الخيالية؟ ومن هم هؤلاء الغنوسيون؟ (1) الغنوسية هي حركة وثنية مسيحية ترجع جذورها إلى ما قبل المسيحية بعدة قرون. وكان أتباعها يخلطون بين الفكر الإغريقي - الهيلينتسي - والمصري القديم مع التقاليد الكلدانية والبابلية والفارسية (خاصة الزردشتية التي أسسها الحكيم الفارسي ذردشت (630-553 ق م) وكذلك اليهودية، خاصة فكر جماعة الأثينيين (الأتقياء) وما جاء في كتابهم " الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلام "، والفلسفات والأسرار والديانات الثيوصوفية. وذلك إلى جانب ما سمي بالأفلاطونية الحديثة، التي كانت منتشرة في دول حوض البحر المتوسط في القرن الأول. بل ويرى بعض العلماء أن كل أصول الغنوسية موجودة عند أفلاطون لذا يقول العلامة ترتليان (نهاية القرن الثاني الميلادي) " أنا أسف من كل قلبي لأن أفلاطون صار منطلق كل الهراطقة " وكانوا ينظرون للمادة على أنها شر! وآمنوا بمجموعة كبيرة من الآلهة، فقالوا أنه في البدء كان الإله السامي غير المعروف وغير المدرك الذي هو روح مطلق، ولم تكن هناك المادة، هذا الإله الصالح أخرج، أنبثق منه، أخرج من ذاته، عدد من القوات الروحية ذات الأنظمة المختلفة التي أسموها بالأيونات (Aeons)، هذه القوات المنبثقة من الإله السامي كان لها أنظمة مختلفة وأسماء مختلفة وتصنيفات وأوصاف مختلفة. وتكوّن هذه الأيونات مع الإله السامي البليروما (Pleroma)، أو الملء الكامل، دائرة الملء الإلهي. وأن هذا الإله السامي الذي أخرج العالم الروحي من ذاته لم يخلق شيء. ومن هذه الأيونات قام أحدهم ويدعى صوفيا (Sophia)، أي الحكمة الذي بثق، أخرج، من ذاته كائناً واعياً هو الذي خلق المادة والعوالم الفيزيقية، وخلق كل شيء على صورته، هذا الكائن لم يعرف شيء عن أصوله فتصور أنه الإله الوحيد والمطلق، ثم أتخذ الجوهر الإلهي الموجود وشكله في أشكال عديدة، لذا يدعى أيضا بالديمورجس (Demiurgos)، أي نصف الخالق. فالخليقة مكونة من نصف روحي لا يعرفه هذا الديمورجس، نصف الخالق ولا حكامه ومن هنا فقد آمنوا أن الإنسان مكون من عنصرين عنصر إلهي هو المنبثق من الجوهر الإلهي للإله السامي يشيرون إليه رمزيا بالشرارة الإلهية، وعنصر مادي طبيعي فاني. ويقولون أن البشرية بصفة عامة تجهل الشرارة الإلهية التي بداخلها بسبب الإله الخالق الشرير وارخوناته (حكامه). وعند الموت تتحرر الشرارة الإلهية بالمعرفة، ولكن أن لم يكن هناك عمل جوهري من المعرفة تندفع الروح، أو هذه الشرارة الإلهية، عائدة في أجساد أخرى داخل الآلام وعبودية العالم وأعتقد بعضهم بالثنائية (Dualism) الإلهية أي بوجود إلهين متساويين في القوة في الكون ؛ إله الخير، الذي خلق كل الكائنات الروحية السمائية، وإله الشر الذي خلق العالم وكل الأشياء المادية!! وربطوا بين إله الشر وإله العهد القديم!! وقالوا أن المعركة بين الخير والشر هي معركة بين مملكة النور ضد مملكة الظلمة!! وأعتقد بعضهم أن إله الخير خلق الروح وقد وضعها إله الشر في مستوى أدني في سجن الجسد المادي الشرير وهكذا فأن هدف البشرية هو الهروب من سجن الجسد المادي الشرير والعودة إلى اللاهوت أو التوحد مع إله الخير!! ولذا فقد نادوا بوجود مجموعة من التعاليم السرية الخاصة جداً والتي زعموا أن المسيح قد كشفها وعلمها لتلاميذه ربما لسوء فهمهم لآيات مثل " وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلمهم حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا. وبدون مثل لم يكن يكلمهم. وأما على انفراد فكان يفسر لتلاميذه كل شيء " (مر33: 4-5) و" لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سرّ. الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا " (1كو6: 6-8) هذه التعاليم السرية المزعومة كتبوها في كتب ونسبوها لرسل المسيح وتلاميذه وبعضهم نسب لقادتهم وذلك اعتمادا على ما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا " وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه " (يو30: 20و31) و " وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع أن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة " (يو25: 21) يقول القديس اريناؤس أسقف ليون بالغال (فرنسا حاليا) " أولئك الذين يتبعون فالتنتينوس (ق2م) يستخدمون الإنجيل للقديس يوحنا بوفرة لشرح أفكارهم التي سنبرهن أنها خاطئة كلية بواسطة نفس الإنجيل ". (2) كما سميت هذه الهرطقة أيضا بالدوسيتية (Docetism)، والتي تعني في اليونانية " Doketai "، من التعبير " dokesis " و " dokeo " والذي يعني " يبدو "، " يظهر "، " يُرى "، وتعني الخيالية phantomism. فقد آمنوا أن المسيح كان مجرد خيال وشبح (phantom)، وأنه أحد الآلهة العلوية وقد نزل على الأرض في جسد خيالي وليس فيزيائي، مادي، حقيقي، أنه روح إلهي ليس له لحم ولا دم ولا عظام، لأنه لم يكن من الممكن، من وجهة نظرهم، أن يتخذ جسدا من المادة التي هي شر في نظرهم! لذا قالوا أنه نزل في صورة وشبه إنسان وهيئة بشر دون أن يكون كذلك، جاء في شكل إنسان دون أن يكون له مكونات الإنسان من لحم ودم وعظام، جاء في " شبه جسد " و " هيئة الإنسان "، وقالوا أنه لم يكن يجوع أو يعطش أو ينام، ولم يكن في حاجة للأكل أو الشرب 00 الخ وأنه كان يأكل ويشرب وينام متظاهرا بذلك تحت هيئة بشرية غير حقيقية. وشبهوا جسده بالنور أو شعاع الشمس، فأن النور وشعاع الشمس يمكن لهما أن يخترقا لوحا من الزجاج دون أن يكسرا هذا اللوح ". كان مجرد خيال جاء في أحد كتبهم والذي يسمى ب " أعمال يوحنا "، أن المسيح عندما كان يسير على الأرض لم يكن يترك أثرا لأقدامه وعندما كان يوحنا يحاول الإمساك به كانت يده تخترق جسده بلا أي مقاومة حيث لم يكن له جسد حقيقي. وكانت طبيعة جسده متغيرة عند اللمس، فتارة يكون ليناً وأخرى جامداً ومرة يكون خالياً تماماً. كان بالنسبة لهم مجرد شبح وحياته على الأرض خيال. وكان يظهر بأشكال متعددة ويغير شكله كما يشاء وقتما يشاء!! أي كان روحاً إلهياً وليس إنساناً فيزيقياً. وقال بعضهم أنه اتخذ جسدا نفسيا Psychic، عقليا، وليس ماديا. وقال بعض آخر أنه اتخذ جسد نجمي Sidereal. وقال آخرون أنه اتخذ جسدا ولكنه لم يولد حقيقة من امرأة. وجميعهم لم يقبلوا فكرة أنه تألم ومات حقيقة، بل قالوا أنه بدا وكأنه يتألم وظهر في الجلجثة كمجرد رؤيا. وقد أشار إليهم القديس أغناطيوس الإنطاكي (35 - 107) تلميذ القديس بطرس الرسول وحذر المؤمنين من أفكارهم الوثنية قائلا: " إذا كان يسوع المسيح - كما زعم الملحدون الذين بلا إله - لم يتألم إلا في الظاهر، وهم أنفسهم ليسو سوى خيالات (بلا وجود حقيقي) فلماذا أنا مكبل بالحديد "، " وهو إنما أحتمل الآلام لأجلنا لكي ننال الخلاص، تألم حقا وقام حقا، وآلامه لم تكن خيالا، كما أدعى بعض غير المؤمنيين، الذين ليسوا سوى خيالات "، " لو أن ربنا صنع ما صنعه في الخيال لا غير لكانت قيودي أيضا خيالا ". (4) كما كان لهذه الجماعات، أيضا، اعتقادات أخرى في المسيح، فقالوا أن المسيح الإله نزل على يسوع الإنسان وقت العماد وفارقه على الصليب، وقالوا أيضا أن المسيح الإله والحكمة الإله نزلا على يسوع واتحدا به وفارقاه أيضا عند الصليب!! أي أن الذي صلب، من وجهة نظرهم هو المسيح الإنسان وليس المسيح الإله!!! وفيما يلي أفكار قادتهم: 1 - فالنتينوس (حوالي 137م): وقوله أن المسيح لم يولد من العذراء ولكن جسده الهوائي مر من خلال جسدها العذراوي: وقد ظهر في النصف الأول من القرن الثاني ونادى بوجود ثلاثين إلها، وقال أن الإله فيتوس (أي العمق) ولد ثمانية أيونات، ومنهم وُلد عشرة، ومن العشرة وُلد أثنا عشر ذكرا وأنثى، وولد سيغا (أي الصمت)، من هذا الإله فيتوس، ومن سيغا ولد الكلمة، كما قال أن كمال الآلهة هو كائن " أنثى - ذكر " يُدعى الحكمة، وهو المسيح!! وقال أن المسيح لم يتخذ جسداً إنسانياً حقيقياً بل أتخذ هيئة الجسد، مظهر الجسد وهيئة الإنسان لأنه لا يمكن أن يأخذ جسد من المادة التي هي شر بحسب اعتقاده! أتخذ جسدا سمائيا وأثيريا، وهو، حسب قوله لم يولد من العذراء ولكن جسده الهوائي مر من خلال جسدها العذراوي!! 2 - كيرنثوس وقوله بصلب يسوع الإنسان دون المسيح الإله: وقال كيرنثوس الذي كان معاصرا للقديس يوحنا الإنجيلي، والذي يقول عنه القديس إريناؤس أنه كان متعلما بحكمة المصريين " أن العالم لم يخلقه الإله السامي، ولكن خلقته قوة معينة منفصلة بعيدا عنه وعلى مسافة من هذا المبدأ الذي هو سامي على الكون ومجهول من الذي فوق الكل. وقال أن يسوع لم يولد من عذراء، وإنما ولد كابن طبيعي ليوسف ومريم بحسب ناموس الميلاد البشري وقال أنه كان أبر وأحكم وأسمى من البشر الآخرين، وعند معموديته نزل عليه المسيح (الإله) من فوق من الحاكم السامي ونادى بالآب غير المعروف وصنع معجزات. ثم رحل المسيح (الإله) أخيرا من يسوع وتألم وقام ثانية، بينما ظل المسيح (الإله) غير قابل للألم لأنه كان كائنا روحيا " أي من، وجهة نظره أن الذي تألم على الصليب هو يسوع المسيح، أما المسيح الإله فلم يتألم لأنه غير قابل للألم كإله. 3- سترنيوس (Saturnius) وقوله أن المسيح كان بلا ميلاد وبلا جسد وبدون شكل وكان مرئيا افتراضا: وقال سترنيوس أن " الآب غير المعروف من الكل " خلق الملائكة ورؤساء الملائكة، الذين كانوا من سلالات شريرة وخيرة، وخلق الرياسات والقوات، ثم قام سبعة من رؤساء الملائكة بخلق الكون والبشرية أيضا. وقال أن إله اليهود هو أحد رؤساء الملائكة السبعة، هؤلاء الذين خلقوا الكون، وكان معاديا للآب، وقد جاء المسيح المخلص ليدمر إله اليهود هذا ويحارب الأرواح التي تؤيده مستشهدا بقول القديس يوحنا الرسول بالروح " لأجل هذا اظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس " (1يو8: 3)، لأنه اعتقد أن الشيطان هو إله اليهود، وأن المسيح كان كائنا روحيا وقد بدا وكأنه إنسان وقال أن " المخلص كان بلا ميلاد وبلا جسد وبدون شكل وكان مرئيا افتراضا، وأنه جاء ليدمر إله اليهود، الذي كان واحدا من الملائكة، ويخلص الذين يؤمنون به ". 4 - جماعة السزيان أو فايتس وقولهم بصلب يسوع دون المسيح والحكمة: نادت هذه الجماعة في القرن الثاني الميلادي " أن يسوع ولد من العذراء بعمل الإله يادابوس وكان احكم واطهر وابر من كل البشر الآخرين. ثم اتحد المسيح (الإله) مع الحكمة ونزلا عليه (على يسوع)، وهكذا تكون يسوع المسيح. ويؤكدون أن كثيرين من تلاميذه لم يعرفوا بنزول المسيح عليه. ولكن عندما نزل المسيح علي يسوع بدأ يعمل معجزات ويشفي ويعلن الآب غير المعروف ويعلن نفسه صراحة انه ابن الإنسان الأول (الإله) فغضبت القوات و(الإله يادابوس) والد يسوع لهذه الأعمال وعملوا على تحطيمه، وعندما اقتيد لهذا الغرض (الصلب) يقولون أن المسيح نفسه مع الحكمة رحلا منه إلى حيث الأيون غير الفاسد بينما صلب يسوع. ولكن المسيح لم ينسى يسوعه فانزل عليه قوة من فوق فأقامته ثانية في الجسد الذي يدعونه حيواني أو روحاني ثم أرسل العناصر الدنيوية ثانية إلى العالم. وعندما رأي تلاميذه انه قام، لم يدركوا، ولا حتى يسوع نفسه، من الذي أقامه ثانية من الموت. والخطأ الذي وقع فيه التلاميذ انهم تصوروا انه قام في جسد مادي غير عالمين أن " لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله " (اكو5: 15). 5 - ماركيون وقوله أن المسيح لم يولد من العذراء ولم يعرف ميلادا ولا نموا ولا حتى مظهر هذه الأحداث إنما ظهر بطريقة فجائية وفي هيئة بشرية احتفظ بها بحسب الظاهر إلى موته على الصليب: وعلم ماركيون، المولود حوالي سنة 120م، بوجود إلهين، الإله العظيم السامي أو الإله المحب، وهذا الإله كان غير معروف من العالم ومخفيا عن عينيه لأنه لا صلة له بالعالم وليس هو الخالق له. أما الإله الثاني فأقل من الأول درجة وهو إله عادل ولكن سريع الغضب ومنتقم يحارب ويسفك دم أعدائه بلا رحمة ولا شفقة، وهو الذي خلق العالم واختار منه شعبا هو شعب إسرائيل ليكون شاهدا له وأعطى له الناموس وعاقب بشدة وصرامة الذين تعدوا على هذا الناموس، وترك بقية الشعوب الأخرى فريسة للمادة والوثنية. وكان هذا الإله، إله اليهود يجهل تماما وجود الإله السامي المحب الذي ظل غير معروف حتى ظهر المسيح في بلاد اليهودية في هيئة بشرية، وبدأ يعلن للبشر السر العظيم عن الإله السامي المحب الذي يجهله البشر وإله اليهود!! وقال أن المسيح لم يولد من العذراء ولم يعرف ميلادا ولا نموا ولا حتى مظهر هذه الأحداث إنما ظهر بطريقة فجائية وفي هيئة بشرية احتفظ بها بحسب الظاهر إلى موته على الصليب‍!! ونتيجة لاعتقاد هؤلاء الهراطقة بأن المسيح كان مجرد شبح وخيال وأنه ظهر على الأرض في شكل وهيئة ومظهر الإنسان ولكنه في حقيقته هو روح وخيال، ظهر في مظهر الإنسان دون أن يكون إنسانا! جاء في شبه جسد ولكنه لم يتخذ الجسد بل كان شبح وروح وخيال في شكل جسد!! فلما وُضع على الصليب ليصلب بدا لهم وكأنه يصلب ولكن لأنه شبح وروح وخيال فقد ظهر في مظهر وهيئة وشكل الذي يصلب ولكن في الحقيقة لم يصلب بل شبُّه لهم أنه يصلب!! بدا لهم معلقاً على الصليب ولكنه في الحقيقة غير ذلك!! بدا لهم يسفك الدم وينزف أمامهم ولكن لأنه شبح وروح وخيال وليس له لحم ولا دم ولا عظام، فقد كان يبدو هكذا لهم مظهريا فقط، شبُّه لهم!! ظهر وكأنه مات على الصليب وهو الإله الذي لا يموت!! 6- باسيليدس وقوله بإلقاء شبه يسوع على غيره لأنه قوة غير مادية وعقل الآب غير المولود فقد غير هيئته كما أراد وهكذا صعد إلى الذي أرسله:وكان أول من قال بإلقاء شبه يسوع على غيره هو باسيليدس الذي تصور وجود صراع بين الإلهة العديدة والذين كان أحدهم يسوع المسيح. وقد نقل عنه القديس أريناؤس قوله: " وصنع الملائكة الذين يحتلون السماء السفلى المرئية لنا كل شئ في العالم، وجعلوا لأنفسهم اختصاصات للأرض والأمم التي عليها، ولما أراد رئيس هؤلاء، إله اليهود كما يعتقدون، أن يخضع الأمم الأخرى لشعبه اليهود، واعترضه وقاومه كل الرؤساء الآخرين بسبب العدواة التي كانت بين أمته وكل الأمم، ولما أدرك الآب غير المولود والذي لا اسم له انهم سيدمرون أرسل بكره العقل (وهو الذي يدعى المسيح) ليخلص من يُؤمن به، من قوة هؤلاء الذين صنعوا العالم. فظهر على الأرض كإنسان لأمم هذه القوات وصنع معجزات. وهو لم يمت بل اجبر سمعان القيرواني على حمل صليبه والقي شبهه عليه واعتقدوا انه يسوع فصلب بخطأ وجهل. واتخذ هو شكل سمعان القيرواني ووقف جانباً يضحك عليهم. ولأنه قوة غير مادي وعقل الآب غير المولود فقد غير هيئته كما أراد وهكذا صعد إلى الذي أرسله". 7- سر الصليب في أعمال يوحنا: قالوا في الكتاب الذي أسموه " أعمال يوحنا "والذي يرجع إلى القرن الثاني الميلادي، في عبارات صوفية غامضة جداً أن المسيح تألم دون أن يتألم وصلب دون أن يصلب وطعن بالحربة دون أن يسيل منه دماً وماء، علق على صليب من خشب وصليب من نور في آن واحد، كان على الصليب بين الجموع المحتشدة وفي نفس الوقت مع يوحنا على الجبل: " بعد أن رقص الرب معنا هكذا يا أحبائي خرج ونحن كمذهولين أو مستغرقين في النوم وهربنا هذه الطريق أو تلك ولم أتأخر بآلامه، بل هربت إلى جبل الزيتون بكيت لما حدث، وعندما علق (على الصليب) يوم الجمعة في الساعة السادسة من النهار حلت الظلمة على كل الأرض(مر23: 15). ثم وقف ربي وسط الكهف وأناره وقال: يا يوحنا إني مصلوب ومطعُون بالحربة والقصبة (مر 19: 15) ومُعطى الخل والمر لأشرب (متى 34: 27) بالنسبة للناس اسفل في أورشليم، ولكني أتحدث إليك فأستمع لما أقوله: لقد وضعت في عقلك أن تصعد إلى هذا الجبل لكي تستمع إلى ما يجب أن يتعلمه تلميذ من معلمه وإنسان من إله. وعندما قال ذلك أراني صليب من نور مثبت جيداً، وحول الصليب جمع عظيم، ليس له شكل واحد 000 ورأيت السيد نفسه فوق الصليب، ليس له شكل بل نوع من الصوت هذا الصليب من نور يدعى أحياناً اللوجوس وأحياناً العقل وأحياناً يسوع وأحياناً المسيح 000 "!! هذه الأقوال الصوفية الغامضة جداً يدعونها أقوالاً سرية لمن أعطي له أن يفهم فقط!! منذ القرن الأوّل للمسيحيّة حارب القدّيس اغناطيوس الأنطاكي البدعة المسمّاة ب"المشبّهة" الذين كانوا يعتقدون أنّ الربّ يسوع قد تألّم ظاهريّاً فقط. فيؤكّد قدّيسنا حقيقة التجسّد والصلب والقيامة. كذلك يحارب القدّيس إيريناوس أسقف ليون (202+) بدعة باسيليدس الذي كان يعتقد أنّ المسيح لم يُصلب، بل سمعان القيروانيّ هو مَن صُلب مكانه. فيقول باسيليدس: "وسمعان هو الذي صُلب جهلاً وخطأ، بعد أن تغيّرت هيأته فصار شبيهاً بيسوع، بينما تحوّل يسوع إلى هيئة سمعان".
المزيد
02 أبريل 2025

النور و الظلام في الكنيسة

أكلمكم اليوم عن النور والظلام في الكنيسة، مجرد كلام من الكتاب المقدس لا أقول فيه شيء من عندي إنما أردد ما يقوله الروح للكنائس. معنى النور: عندما ندخل للكنيسة ونضيء شمعة أمام أيقونة قديس من القديسين، المسألة ليست مجرد شمعة، إنما لها معنى ورموز ودلالات، أي نتذكر أن هذا القديس كان نورًا لمن حوله من الناس ونتذكر أنه كان يبذل حياته من أجل غيره كما تبذل الشمعة ذاتها لكي تنير للآخرين أي هذه المسائل لها معنى. وهكذا نأخذ الأمر من جهة دلالاته ورموزه في الكنيسة. الله يحب النور: أول ما خلقه الله هو النور: أول شيء أقوله عن النور، أن الله يحب النور، بدليل أن أول يوم في الخليقة خلق الله النور. ففي اليوم الأول "وَقَالَ اللهُ «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ. وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ" (سفر التكوين 1: 3-4). يومين من أيام الخليقة للنور: وليس فقط في أيام الخليقة اليوم الأول كان للنور، بل هناك يومين للنور اليوم الأول خلق الله النور، وَرَأَى أَنَّهُ حَسَنٌ وفي اليوم الرابع، صنع النورين العظيمين الشمس والقمر الشمس لضياء النهار والقمر لضياء الليل أي يومين من الستة أيام كانا للنور. الله نفسه نور: الله نفسه قيل عنه أنه نور لا يدنى منه ولذلك نحن "أولاد الله" لنا أسم "أولاد النور" أيضًا وأول ما يقال في التسبحة "قوموا يا بني النور لنسبح رب القوات"، "تين ثينو إى إبشويس نى شيرى إنتى بى أوؤينى" وممكن شخص ينتسب إلى النور يسمونه "عبد النور" أي "عبد الله". أنا هو نور العالم: الابن أيضًا قال: "أنا هو نور العالم، من يتبعني لا يمشي في الظلمة" ونحن نقول عليه "هو النور الحقيقي" وهكذا ورد في إنجيل يوحنا في الإصحاح الأول وهو نفسه قال عن ذاته قبل الصلب بفترة بسيطة "النُّورُ مَعَكُمْ زَمَانًا قَلِيلًا بَعْدُ، فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلاَّ يُدْرِكَكُمُ الظَّلاَمُ" (إنجيل يوحنا 12: 35) أتذكر أني في عام 1945 أو 1946 تقريبًا أي منذ حوالي 65 أو 64 سنة كنت أسير في شارع إبراهيم باشا (الجمهورية حاليًا) فوجدت دار للكتاب المقدس يضعون في "الفاترينة" إنجيل كبير، فوقفت وقرأت هذه الآية التي أعجبتني وهي "النور معكم زمانًا قليلًا بعد، فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام" وكنت أكتب هذه الآية على كراسات محاضراتي باستمرار لأنها أعجبتني "النور" الذي هو "السيد المسيح" وفي سفر الرؤيا يقال عن السيد المسيح عندما ظهر للقديس يوحنا الحبيب "وجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها" – بعد القيامة – هل يوجد نور أكثر من ذلك؟! الروح القدس نور: والروح القدس كانت تظهر في ألسنة من نار وهي مضيئة أيضًا. وماذا أيضًا عن النور: الملائكة نور: والملائكة أيضًا ملائكة من نور كما ورد في كورنثوس الثانية إصحاح 11. الأبرار نور: الأبرار أيضًا نور حيث يقول الإنجيل"فليضيء نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الحسنة"(إنجيل متى 5: 16) والمسيح قال للأبرار تلاميذه"أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ" (إنجيل متى 5: 14) وفي القيامة يقوم الأبرار بأجسام نورانية روحانية. الكتاب المقدس نور: ليس فقط الله وملائكته والأبرار نور، حتى وصايا الله والكتاب المقدس هو أيضًا نور حيث يقول المزمور 19 "وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بُعد" (سفر المزامير 19: 8) ويقول "مصباح لرجلي كلامك ونور لسبيلي" (سفر المزامير 119: 105 - قطعة ن). الكنيسة نور: الكنيسة نفسها عبارة عن منارة تشبه السماء في نجومها وفي ملائكتها لذلك الكنيسة دائمًا تكون منيرة لأننا لا يمكن أن نتصور السماء مظلمة ولو كانت السماء مظلمة كنا لا نشبه الكنيسة بالسماء أو النجوم أو الملائكة. أقوال القديسين نور: النور أيضًا نجده في تعاليم القديسين، لذلك في أسبوع الآلام عندما ننتهي من قراءة أي فصل من أقوال أحد الآباء نقول: "فلنختم عظة أبينا القديس (فلان) الذي أنار عقولنا بتعاليمه النافعة". النور هو الاستعداد للقاء الرب: النور أيضًا هو الاستعداد للقاء الرب، لذلك يقول الكتاب، لتكن "مناطقكم مشدودة ومصابيحكم موقدة وأنتم تنتظرون الرب" (إنجيل لوقا 12: 35). النور نطلبه في صلواتنا: النور أيضًا هو ما نطلبه كل يوم في صلواتنا. في صلاة باكر نقول "عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا، فلتشرق فينا الحواس المضيئة والأفكار النيرة" ونقول "أنر عقولنا وقلوبنا وأفكارنا وهب لنا في هذا اليوم أن نرضيك فيه"ونقول باستمرار: "بنورك يا رب نعاين النور". النور في أورشليم السمائية: وإن كان أول الكتاب المقدس يتكلم عن النور الذي خلقه الله في اليوم الأول. فآخر الكتاب المقدس أيضًا يتكلم عن أورشليم السمائية المنيرة التي يقول فيها: "مجد الله أنارها والرب سراجها"، ونص الآية هو: "مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21: 23)،لذلك ما دام الله قد أنارها لا تحتاج إلى نور شمس ولا قمر لأن نور الرب هو الذي أنارها. كنيستنا منارة من ذهب: إن كان الأمر بهذا النور وأهميته، فما علاقة الكنيسة بالنور؟ كما قلت لكم أن الكنيسة تسمى "منارة" أي "مصدر النور" وفي سفر الرؤيا قيل أن الرب في وسط الكنائس السبع "السبع منائر من ذهب" وكلمة ذهب تعطي قيمة. فالكنيسة شُبِّهَت بمنارة ومنارة من ذهب. النور في خيمة الاجتماع وفي هيكل سليمان: هذا الكلام ليس فقط في العهد الجديد إنما من العهد القديم. الرب أمر موسى أن تكون هناك منارة وهناك سبع شهب مضيئة السبع شهب لكي تنير خيمة الاجتماع باستمرار. ومن اهتمام الرب بها، أنه قال أنها سرج من ذهب نقي لتضيء (خر 25: 37، 38) وأيضًا قال: "أنها تنير من زيت زيتون مرضوض لإصعاد السرج" (سفر الخروج 27: 20؛ سفر اللاويين 24: 2) وأصبح واجب باستمرار إيقاد هذه السرج لكي تكون خيمة الاجتماع منيرة باستمرار وعندما بني سليمان الحكيم الهيكل اهتم بـ"الْمَنَائِرَ وَسُرُجَهَا لِتَتَّقِدَ حَسَبَ الْمَرْسُومِ" (سفر أخبار الأيام الثاني 4: 20) أي كانت خيمة الاجتماع مضيئة بالسرج وسليمان أيضًا في الهيكل اهتم بالسرج وبالمناير وحدث في أيام حزقيا الملك الصالح عندما أراد أن يصلح الأخطاء السابقة قال: "آبائنا من قبل خانوا الرب فأطفأوا السرج"(سفر أخبار الأيام الثاني 29: 6، 7) أي اعتبر إطفاء السرج خيانة للرب وكما قلت لكم أن أورشليم السمائية كان الرب هو السراج. النور في الأديرة: وحتى الآن إضاءة السرج موجودة في الأديرة، وغير السرج يوجد الشموع والقناديل وغيرها لذلك كان يوجد في الدير كما عاصرت أنا هذا الأمر راهب يسمى القندلفت. وكلمة "قندلفت" جاءت من كلمة "القنديل" أي هو المختص بإضاءة القناديل وهو الذي ينير الكنيسة وأتذكر عندما بدأت بنعمة الله في تعمير دير البراموس كنت أسكن في حجرة في الدير وأقوم بضبط المنبه على ربع ساعة قبل صلاة نصف الليل وبمجرد أن أسمع الجرس أنزل وأكون أول من يدخل الكنيسة وينورها بالشموع وغيرها. النور يملأ الكنيسة حتى في طقوسها وصلواتها: وظلت الشموع في الكنيسة رمز للنور. وأصبحت موجودة في الخدمة وأصبحت الشموع موجودة أمام الأيقونات فتجد كل أيقونة أمامها مكان يوضع فيه الشموع والشموع تستخدم في قراءة الإنجيل عند بدء قراءة الأنجيل توقد شموع يمين وشمال ونقول الآية التالية سرًا: "مصباح لرجلي كلامك ونور لسبيلي"(سفر المزامير 119: 105). النور في ليلة أبو غلامسيس: وفي ليلة "أبو غلامسيس" نكون محاطين بالأنوار وكلما نقرأ عن كنيسة من الكنائس: "وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أَفَسُسَ أو الَّتِي فِي سِمِيرْنَا.. إلخ" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2، 3) نضيء شمعة رمز للكنيسة أنها منيرة. ونقول: "من له أذنان للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 7، 11، 17، 29؛ 3: 6، 13، 22). النور في رسامة الأساقفة: وفي زفة الأسقف الجديد يسير مجموعة من الشمامسة ومعهم شموع يلفون بها أمام الشعب كله. النور في زفة القيامة: وفي زفة أيقونة القيامة نَمر بالشموع والأنوار في الكنيسة. النور في صلاة القنديل: وفي القناديل يكون على المذبح قنديلين كبيرين يضاءوا، الأصل في الطقس أن يكونوا سبعة ولكن الآن يستعيضوا عنها بسبع لمبات كهرباء (4 و3) أو (5 و 2). النور في زفة الجمعة العظيمة: وفي زفة الجمعة العظيمة بعد الانتهاء من الصلاة وألحان الدفن نضع الصليب وبجواره نور،رمز للملائكة الذين كانوا يحرسون القبر، ملاك على اليمين وملاك على الشمال. في سر مسحة المرضى: وفي سر مسحة المرضى نسميه القنديل لوجود أنوار في كل صلاة من الصلوات حيث نقوم بوضع أنوار. كما أننا نضع شمعدان في الكنيسة أيضًا. النور في الأعياد والمناسبات العامة: ولا ننسى أيام الأعياد حيث تكون أكثر الأيام التي تكون فيها أنوار في الكنيسة وفي كل المناسبات العامة لكي تكون الكنيسة فعلًا منارة ومنيرة للناس. ماذا عن الظلام؟ أما من جهة الظلام فأريد أن أقول: ما أبشع الكلمات التي قيلت في الكتاب عن الظلام. الظلام رمز للشر: أول شيء أن الظلام رمز للشر، لذلك يقولون عن الأشرار: "أحبوا الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة" (إنجيل يوحنا 3: 19) وفي سفر الأمثال يقول: "أما طريق الأشرار فظلام ومن أعمق الكلام الذي قيل عن الظلام كلام السيد المسيح للناس الذين أرادوا اتهامه وصلبه قال لهم: "هذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ" (إنجيل لوقا 22: 53) حيث اعتبر كل ما مر به من خيانة ومن هتاف الناس ضده ومن تسليمه للحكام ومن الحكم عليه كل هذا ظلام فقال: "هذه ساعتكم وسلطان الظلام". الظلام يرمز إلى عدم الإيمان: وكان الظلام أيضًا في الكتاب المقدس يرمز إلى عدم الإيمان ولذلك في أفسس 5: 8 بولس الرسول يقول لأهل أفسس: "كنتم من قبل ظلمة" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 8) أي لم يكن عندكم إيمان. "أما الآن فأنتم نور". ضربة الظلام: والعجيب أن الظلام كان إحدى الضربات التي ضرب بها فرعون وشعبه أيام موسى بأمر من الله لموسى. كانت إحدى الضربات، وهذه المسألة موجودة في خروج إصحاح 10.وأيضًا الظلام كضربة موجود في سفر الرؤيا. في إصحاح 8 وإصحاح 9 من ضمن الضربات التي جاءت نتيجة لأبواق الملائكة الذين بوقوا. الظلام عقوبة الأشرار: والله عندما يتكلم عن عقوبة الأشرار يقول ليكن طريقهم ظلامًا وملاك الرب طاردهم. الظلام رمز الجهل: والظلام أيضًا يرمز للجهل ففي سفر الجامعة 2: 14 يقول: "اَلْحَكِيمُ عَيْنَاهُ فِي رَأْسِهِ، أَمَّا الْجَاهِلُ فَيَسْلُكُ فِي الظَّلاَمِ" (سفر الجامعة 2: 14). الظلام في أواخر الأيام: والظلام موجود في أواخر الأيام، في أواخر الأيام السيد المسيح يقول في متى 24 ومرقص 13 أن: "في الآخر بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه""وَأَمَّا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بَعْدَ ذلِكَ الضِّيقِ، فَالشَّمْسُ تُظْلِمُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ" (إنجيل متى 24: 29؛ إنجيل مرقس 13: 24). أصعب ما قيل عن الظلام: ولكن أصعب شيء قيل عن الظلام هو: "إن الأشرار يُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ" (إنجيل متى 8: 12؛ 22: 13؛ 25: 30) ولماذا سميت بالظلمة الخارجية؟ يسموها الظلمة لأنها بعيدة عن الله الذي هو نور وبعيدة عن الملائكة الذين هم نور وبعيدة عن الأبرار الذين هم نور وبعاد عن أورشليم السمائية التي هي نور وخارجية أي خارج ملكوت الله أقصى ما يمكن أن ينتظر الناس هو الظلمة الخارجية لذلك نحن نكره الظلام. ونحب أن الكنيسة تكون مملوءة بالنور باستمرار كما سبق وشرحنا فيما مضى. الظلام هو الشر وهو أيضًا نتيجة للشر: ومن كلام الله ضد الظلام يقول: "إن كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون" ويقول: "الذي عينه شريرة يكون جسده كله مظلمًا"، "سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا"، "فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيِّرًا لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، يَكُونُ نَيِّرًا كُلُّهُ" (إنجيل متى 6: 23؛ إنجيل لوقا 11: 34؛ إنجيل لوقا 11: 36) لم يقل جسده كله شرير بل قال مظلم أي الظلام والشر شيء واحد ولذلك يعتبروا أن الشخص الذي يعاقبه الله يقول الكتاب: "سِرَاجُ الأَشْرَارِ يَنْطَفِئُ" (أمثال 24: 20)، "يَنْطَفِئُ سِرَاجُ الأَشْرَارِ" (سفر أيوب 21: 17), ويقول "تظلم عيونهم كي لا يبصروا" (سفر المزامير 69: 23). في رشم الصليب: صدقوني حتى في رشم الصليب نقول الله من فوق نزل إلى تحت لينقلنا من الظلمة إلى النور. والظلمة يرمز إليها الشمال مصير الأشرار. إستثناءين تطفأ فيهم الأنوار في الكنيسة؟ الاستثناءين الوحيدين في الكنيسة هم الآتي: الجمعة العظيمة: هو يوم الجمعة الكبيرة من الساعة السادسة إلى التاسعة (تكون ظلمة على الأرض من الساعة السادسة إلى التاسعة) حيث أنه من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة كانت أكثر وقت لآلام المسيح المُرة لذلك نقول: يا من في اليوم السادس وفي الساعة السادسة سمرت على الصليب. وفي الساعة التاسعة نقول: "يا من ذاق الموت في وقت الساعة التاسعة" إذن من السادسة للتاسعة كان أصعب وقت للمسيح على الصليب. ويقول الكتاب: حدثت ظلمة على الأرض كلها لأن الطبيعة في آلام المسيح كانت متألمة معه ولذلك كانت ظلمة على الأرض. تمثيلية القيامة: وثاني استثناء في تمثيلية القيامة يوم عيد القيامة يطفأ النور ونبدأ نقول الألحان الخاصة بالقيامة "افتحوا أيها الملوك أبوابكم ليدخل ملك المجد....الخ". هذه الظلمة لمدة عدة دقائق ترمز إلى ظلمة القبر الذي قام منه السيد المسيح لذلك عندما نقول "المسيح قام بالحقيقة قام" تضاء الأنوار أنا لم أكلمكم في هذا الأمر عن رأيي الخاص وإنما عما يقوله التعليم في الكتاب المقدس وطقوس الكنيسة وما قاله الوحي الإلهي. مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث عظة يوم الأربعاء 12 مايو 2010 الكاتدرائية الكبرى بالقاهرة
المزيد
01 أبريل 2025

يوم الثلاثاء من الأسبوع السادس (لو ۹ : ۱۸ - ۲۲)

وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي عَلَى الْفِرَادِ كَانَ التَّلَامِيذُ مَعَهُ. فَسَأَلَهُمْ قَائِلاً: «مَنْ تَقُولُ الْجُمُوعُ أَنِّي أَنَا؟». فَأَجَابُوا وَقَالُوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ. وَآخَرُونَ إِيلِيَّا. وَآخَرُونَ: إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْقُدَمَاءِ قَامَ». فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ أَنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ: «مَسِيحُ اللَّهِ!». فَانْتَهَرَهُمْ وَأَوْصَى أَنْ لَا يَقُولُوا ذلِكَ لَأَحَدٍ. قَائِلاً: «إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَتَأَلَّمُ كَثِيراً، وَيُرْفَضُ مِنَ الشَّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلُ، وَفِي الْيَوْمِ الثالث يَقُومُ . بعد أن أكمل الرب يسوع تعاليم كثيرة ومعجزات هذا عددها، أراد أن يتعرف على إيمان الشعب ماذا يقولون عنه البعض قال إنه يوحنا المعمدان، والبعض اعتقد إنه إيليا، والبعض حسبوه إرميا النبي. طبعاً كان هذا تقريراً محزناً للرب. وهنا سأل تلاميذه: وأنتم من تقولون إني أنا؟ فكان جواب بطرس أنه مسيح الله، ويضيف عليها القديس متى إنه قال إنه ابن الله الحي.ولكن المسيح أراد أن يُصحح لتلاميذه رؤيتهم عنه، قال لهم: إن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيراً ويُرذل ويُقتل. كانوا يظنوه مسيا السياسة، الملك العظيم الآتي ليعيد لإسرائيل ملكها وسلطانها وعلى هذا كانوا كثيراً ما يتشاجرون على الأولوية من المستحق لمكان الصدارة، من هو السكرتير العام؟ ولكنه، ليس مسيا السياسة؛ إنه مسيا الصليب كان هذا مصدمة لهم، كانوا يعرفون أن المسيح سيبقى إلى الأبد. لم يكن داخل في اعتبارهم موضوع الصليب لم يتعرفوا على المسيح في حقيقته.في الحقيقة إن الكلام عن المسيح صعب للغاية، وهو إن لم يكن عن اختبار وعن شعور صادق ووعي، يكون رغي وبلا قيمة. لذلك صليت كثيراً، وبكيت وطلبت وقلت له: لابد أن أعرفك حتى أستطيع أن أعلنك. لابد أن تساعدني وتفتح ذهني لكي ينطق لساني بحقيقة نفسك ولاهوتك. فأخذت أكتب قليلاً قليلاً كلمة كلمة وكأنها آتية من وراء الدهور، لكن كنت أكتب و شاعر بكم وأنتم أمامي، فلابد أن آخذ منكم وأعطيكم، بمعنى: لو أنتم غير موجودين، لكان من غير الممكن أن أتكلم، ولا كان يأتي لي كلام. قلت: مناجاة يا ربنا يسوع، أنت أعلنت لنا الله في ذاتك، فأنت هو الله المنظور والمسموع لنا . كل صفات الله التي سمعناها سماع الأذن رأيناها فيك، كل ما كانت البشرية تشتهي أن تعرفه عن طبيعة الله، أعلنتها لنا في ذاتك كنا نتحرق شوقاً بين أنفسنا أن نعرف ما هي أفكار الله عنا؟ فعرفناها ولمسناها في كلماتك مع السامرية والكنعانية والأطفال الصغار ولمسات يدك وعطفك الفائض على الأبرص والمشلول والأصم والأعمى، كلها أحسسنا بها، ففرحنا بالله، إن كان الله هو أنت. كل إنسان منا كان يسأل: ما هو شعور الله الخاص من جهة إنسان مولود أعمى؟ فعرفنا ولمسنا شعور الله في كلمات حبك ولمسات يدك على عينيه. كنا نسأل في خجل، كخجل الأطفال، هل الله له سلطان على الرياحالعاتية وأمواج البحر الهائجة هل يستطيع أن يوقفها؟؟ فلما انتهرت الريح، وأبكمت البحر بكلمة سلطانك وهدأ ذاك وصمت ذلك، فرحنا بسلطان الله المنحاز لجبلتنا فيك. كنا نسأل، هل الله يعتني بإنسان تائه في برية جائعاً عطشاناً؟ فلما أشبعت الجموع في البرية من خبزات الشعير الخمس والسمكتين الصغيرتين وفاض عنهم، وثقنا بحنان الله في حنانك، وتمثلت في مشيئتك كل مشيئة الله من نحونا. كنا نسأل: هل موازين الله كموازين البشر؟ هل الخاطئ المنبوذ عند الناس، يكون كذلك حتماً عند الله؟ فلما قلت للزانية: اذهبي بسلام، أنا لا أدينك، تأكدنا إنك أنت أنت هو الله، ولست إنساناً مثلنا، ترى ما لا تراه وتحكم بما هو فوق أحكامنا، ففرحنا أن لنا عند الله رحمةً غير موجودة عند بني جلدتنا. سلطان الموت علينا كان ينازع سلطان الله في إيماننا، وكان يرعبنا، فلما أقمت الميت من القبر بعد أن أنتن عززت إيماننا بسلطان الله، وآمنا أنه سلطانك، وتراجع الموت بسلطانه من قلوبنا. ولكن، بعد أن أخليت ذاتك من مجد لاهوتك عجزنا أن تلاحق صفات الله فيك، في الحب والحنان والوداعة والاتضاع، بل القوة والسلطان والمعرفة الفاحصة لما وراء الزمن وما خفي في أعماق الإنسان. فماذا يا رب نحن عاملون، إن أردنا أن نصفك قبل أن تخلي ذاتك من مجد لاهوتك؟ أو بعد أن أكملت رسالتك في تجسدك وجلست على عرش مجدك ؟ شيء واحد يتراءى أمامنا عن يقين؛ إن كان الله الذي لم يره أحد قط مثلك؛ فهو بالتأكيد إله صالح، ويجدر بنا أن نحبه ونعبده فيك من كل القلب والنفس وكل القدرة. إن كان الله هو وحده القادر على تفتيح أعين الأعمى وإقامة الموتى من القبور؛ فأنت هو الله بالحق والحقيقة. وإن كان الله وحده الذي له أن يغفر خطايا العالم كله، ويمسح الذنوب والآثام عن بني الإنسان جميعاً، بل ويرفعها بكل ثقلها من القلب ومن الضمير، بل ويغرس عوض عنها القداسة والكمال؛ فأنت بالذي عملته، أثبت أنك أنت هو الله. يا سيدي يسوع المسيح، أنت وحدك الذي قدَّمت بذاتك أعظم تعبير عن الله، وحملت أصدق وأجمل صفات الله وعملت أجل أعمال الله، بل ومارست حبه من نحونا وأكملت سلطانه. يا سيدي يسوع المسيح، قول أخير أقوله: نحن وجدنا الله فيك، أنت وحدك الجدير أن تمتلك ليس فقط قلبنا، بل قلب العالم كله . المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
31 مارس 2025

«رَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى» (1تي4: 7).

تأتي كلمة تقوى في اليونانية ευσεβία تتكون من جزئين: ευ حسنا، σεβία بمعنى: أن يكون متعبِّدًا تقيًا. وهي تشير إلى التديُّن والوَرَع المتجه نحو الله، والذي يعمل حسب ما يرضيه ويتفق مع مشيئته. ويذكرها معلمنا القديس بولس الرسول بمعنى الخوف المقدس، الذي دفع نوح لبناء الفلك (عب11: 7). وقد جاءت هذه الصفة مرتبطة بالله: «هُوَ الصَّخْرُ الكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جَمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلٌ. إِلهُ أَمَانَةٍ لا جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ» (تث32: 4)، فالله يقيم الساقطين، ويشبع الجياع، قريب لمن يدعوه، يقول عنه سفر الحكمة: «يلبس البِرّ درعًا، وحُكم الحق خوذة» (حك5: 19)، ويقول القديس يوحنا الرائي: «لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ، لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ» (رؤ15: 5). في المسيح تُحقّق تقوى الله قصدها الخلاصيّ، وفيه تجد تقوى المسيح ينبوعها ومثالها. وأعمال المسيح كانت تهدف إلى جذب الإنسان نحو التقوى، يقول القديس أثناسيوس الرسوليّ: [إن المخلص كان يتمم كل يوم أعمالًا متعددة، جاذبًا البشر إلى التقوى، ومقنعًا إياهم بحياة الفضيلة] (تجسد الكلمة، 31، 2)، والتقوى هنا يقصد بها الإيمان بالمسيح. والإيمان بالمسيح هو الحق حسب التقوى: يقول القديس بولس الرسول: «لأَجْلِ إِيمَانِ مُخْتَارِي اللهِ وَمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، الَّذِي هُوَ حَسَبُ التَّقْوَى» (تى1:1)، ويقول: «وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى» (1تي3: 16)، أي التقوى التي توجد متضمنة، ولا يمكن أن تتحقق، إلّا من خلال الإيمان بالمسيح. حياة التقوى: هي الحياة في مخافة الله وحسب وصاياه، فتكمن التقوى الحقيقية في صنع مشيئة الله بإرادة حرة، فيتجاوب المؤمن مع عمل النعمة في حياته، مثال حنانيا الذي عمّد شاول الطرسوسيّ: إذ كان «رَجُلًا تَقِيًّا حَسَبَ النَّامُوسِ» (أع22: 12). وبهذه الصفة وصفوا أيضًا الرجال الذين صعدوا لحضور عيد الخمسين «وَكَانَ يَهُودٌ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ سَاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ» (أع2: 5)... وحياة التقوى هي البعد عن الشر، فقد قال الرب عن أيوب: «رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ» (أي1: 8).. وفي (2بط3: 11) «يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى» ويقصد بها أعمال التقوى. كما أن حياة التقوى تظهر في العلاقات مع الآخرين، بين الأقارب مثل يوسف مع أبيه يعقوب (تك47: 29)، والأصدقاء مثل يوناثان وداود (1صم20: 8)، والحلفاء (تك21: 23). والتعليم حسب التقوى هو التعليم السليم: «إِنْ كَانَ احَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيمًا آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الصَّحِيحَةَ، وَالتَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى فَقَدْ تَصَلَّفَ» (1تي6: 3). بل ويحذره من الذين يستخدمون التقوى بصورة خاطئة «يَظُنُّونَ انَّ التَّقْوَى تِجَارَةٌ. تَجَنَّبْ مِثْلَ هَؤُلاَء» (1تي6: 5). ويميز القديس يوحنا ذهبي الفم، التعليم حسب التقوى بأنه ليس فقط التعليم السليم بل التعليم بتواضع. فالكبرياء تنشأ عن عدم المعرفة، فيقول: [لا ينبع التصلُّف عن المعرفة، إنما عن عدم المعرفة، فمن يعرف تعاليم التقوى يميل بالأكثر إلى التواضع. من يعرف الكلمات المستقيمة لا يكون غير مستقيم] (عظة 17 على رسالة تيموثيؤس الأولى). اقتناء حياة التقوى: معلمنا القديس بولس الرسول ينصح تلميذه الأسقف تيموثيؤس، قائلًا: «َرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى» (1تي4: 7). ولاهمية حياة التقوى يكرر له نفس النصيحة مرة أخرى في (1تي6: 11). والصلاة هي الطريقة التي نقتني بها حياة التقوى «لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ» كذلك حياة الجهاد الروحي والتداريب الروحية: «َرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى» (1تي4: 7)، والصوم فرصة مناسبة لذلك. القمص بنيامين المحرقي
المزيد
30 مارس 2025

انجيل قداس يوم الأحد الخامس من الصوم الكبير

تتضمن تبكيت المجرمين والظالمين والذين يتعدون الأوامر الالهية مرتبة على فصل انجيل ابراء المخلع عند بركة الضأن ( يو ٥ : ١-١٨ ) لقد سمعنا الآن أن الذين كانت بهم الامراض والاوصاب والعاهات الجسيمة المختلفة كانوا يتغربون عن بلادهم ويهجرون أوطانهم وينفقون الكثير من أموالهم ويكابدون المصاعب العديدة كل ذلك طلباً للشفاء من الامراض البدنية الصائرة إلى التراب وشيكاً حتى آل الاجتهاد بهذا المخلع إلى المقام بجانب تلك البركة سنين هذا عددها فكيف يجوز لك ياهذا أن تتغافل عن العناية بأمر نفسك العاقلة العديمة الفساد ؟ ولعلها تكون في حالة مخلعة مشتملة على أنواع المأثم الردية وأنت مع ذلك لا تنظر إلى قبحها وشناعتها وكيف تكون مؤمناً بالمسيح ومولوداً من الروح ومعترفاً بقيامة الأموات ومؤملا سعادة الملكوت ومتقلداً بسلاح النصرانية وأنت على هذه الكيفية؟ وإذا كان ربنا له المجد قد اشترط على الذين يطلبون الملكوت أن يزيد برهم على الكتبة والفريسيين مع ما كانوا عليه بالأمور الدينية كالصوم والصلوات ودفع العشور والابكار والنذور وتقديم القرابين عن الخطايا وغير ذلك فكيف يوجد فيكم اليوم المهملون لذواتهم ، السائرون بهوى قلوبهم الذين يرتسمون بالنصرانية رسماً خارجياً فقط وهم ليسوا غير عاملين بالوصايا والتعاليم المسيحية فقط ، بل يزنون ويسرقون ويكذبون ويحلفون ويرابون ويماحكون، ويصنعون شروراً أخرى كثيرة وإذا كان سبحانه وتعالى قد عاقب القساة والغليظى الرقاب والغلف القلوب من بنى اسرائيل على تعدى الشريعة الموسوية بالعقاب الشديد فبماذا يعاقب الخطاة من المؤمنين بالمسيح؟ اسمعوا قوله تعالى لبنى اسرائيل على لسان هوشع النبي مبكتاً لهم حيث يقول : " اسمعوا قول الرب يا بنى اسرائيل أن للرب محاكمة على سكان الأرض لأنه لا أمانة ولا احسان ولا معرفة الله فى الأرض لعن وكذب وقتل وسرقة وفسق يعتنقون ودماء تلحق دماء لذلك تنوح الأرض ويذبل كل من يسكن فيها مع حيوان البرية وطيور السماء وأسماك البحر أيضاً تنتزع ولكن لا يحاكم أحد ولا يعاتب أحد وشعبك كمن يخاصم كاهناً فتتعثر في النهار ويتعثر أيضاً النبي معك في الليل وأنا أخرب أمك قد هلك شعبى من عدم المعرفة لانك أنت أيضاً رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تكهن لى ولانك نسيت شريعة ألهك أنسى أنا ايضاً بنيك على حسبما كثروا هكذا أخطأوا إلى فابدل كرامتهم بهوان ياكلون خطية شعبي وإلى إثمهم يحملون نفوسهم فيكون كما الشعب هكذا الكاهن وأعاقبهم على طرقهم وأرد أعمالهم عليهم فيأكلون ولا يشبعون ويزنون ولا يكثرون لانهم قد تركوا عبادة الرب فأقول ألان للذين يظلمون منكم ويغشمون ويقرضون أموالهم بالربا ويحبون الارباح الردية اسمعوا هذا القول يامن تزدرون بالمساكين والمحتاجين وتستصغرون بالفقراء ويقولون في انفسكم متى تمضى الشهور وتجوز الايام ويغلو الطعام ويتعالى ثمن الحنطة ففتح الاهراء والمخازن ونصغر المكابيل ونزيد المثاقيل ونبيع القصالة بالورق والغلة المخلوطة بالتبن وكناسة الاهراء إن الرب قد تكام قائلاً " إني لن أنسى إلى الابد جميع اعمالهم أليس من أجل هذا ترتعد الارض وينوح كل ساكن فيها وتطمو كلها كنهر وتفيض وتنضب كنيل مصر ويكون في ذلك اليوم يقول السيد الرب أني أغيب الشمس في الظهر وأقتم الأرض في يوم نور وأحول أعيادكم نوحاً وجميع أغانيكم مراثى وأصعد على كل الأحقاء مسحاً وعلى كل رأس قرعة واجعلها كمناحة الوحيد وأخرها يوماً مراً هوذا أيام تأتى يقول السيد الرب أرسل جوعاً في الأرض لا جوعاً للخبز ولا عطشا للماء بـل لاستماع كلمات الرب فيجولون من بحر إلى بحر ومن الشمال إلى المشرق يتطوحون ليطلبوا كلمة الرب فلا يجدونها " وإذ قد سمعتم الآن وعيده للمجرمين والظالمين والذين يتدبرون تدبيراً رديئاً فاسمعوا الآن وعده للطائعين لتنظروا الطريقين معاً وتسلكوا المستقيم منهما فانه يقول : " إذا سلكتهم في فرائضى وحفظتم وصایای و عملتم بها أعطى مطركم في حينه وتعطى الأرض غلتها وتعطى أشجار الحقل أثمارها ويلحق دراسكم بالقطاف ويلحق القطاف بالزرع فتأكلون خبزكم للشبع وتسكنون في أرضكم أمنين وأجعل سلاما في الارض فتنامون وليس من يزعجكم وأبيد الوحوش الرديئة من الارض ولا يعبر سيف في ارضكم وتطردون أعداءكم فيسقطون أمامكم بالسيف يطرد خمسة منكم مئة ومئة منكم يطردون ربوة ويسقط أعداؤكم أمامكم بالسيف والتفت اليكم وأثمركم وأكثركم وأفى ميثاق معكم فتأكلون العتيق المعتق وتخرجون العتيق من وجه الجديد وأجعل مسكنى فى وسطكم ولا ترذلكم نفسي واسير بينكم وأكون لكم إلها وأنتم تكونون لي شعباً " وإذ قد سمعنا الأن وعيده للمخالفين ووعده للطائعين فلتخف إذن من أن يوجد بيننا إنسان قاس أو متهاون أو زان أو سكير يصدق عليه ماقيل من الأقوال التي مجرد سماعها عند العقلاء يقع كالصواعق ويلهب كالنار ويحرق كالأتون وبنيه الغافلين ويوقظ النائمين بطباعهم وحيث قد علمنا أن ارتكاب الخطايا والأثام يسبب حدوث الأمراض والاسقام ويسلط الظالمين ويقوى المضادين ويسبب الغلاء والجلاء وسائر الأمور المحزنة فسبيلنا الأن أن ننهض من نومنا ونتيقظ من غفلتنا ونخلع ثياب أثامنا ونقرع باب مراحم إلهنا ليتراءف على ضعفنا ويرحمنا ويهب لنا سعادة الملكوت له المجد إلى ابد الابدين أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
29 مارس 2025

كيف نقتنى الحكمة

أُرِيد أنْ أتحدّث معكُمْ اليوم عَنْ عطيَّة الحِكمة ، نقرا مَعَ بعض جُزء مِنْ ملوك الأول إِصحاح 3 : 4 – 15[ وَذَهَبَ الْملِكُ إِلَى جِبْعُونَ لِيَذْبَحَ هُنَاكَ0لأِنَّها هِيَ الْمُرْتَفَعَةُ الْعُظْمَى وَأَصْعَدَ سُلَيْمَانُ أَلْفَ مُحْرَقَةٍ عَلَى ذلِكَ الْمَذْبَحِ فِي جِبْعُونَ تَراءَى الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ فِي حُلْمٍ لَيْلاً وَقَالَ اللهُ إِسأَلْ مَاذَا أُعْطِيكَ فَقَالَ سُلَيْمَانُ إِنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ مَعْ عَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي رَحْمَةً عَظِيمَةً حَسْبَمَا سَارَ أمَامَكَ بِأَمَانَةٍ وَبِرٍّ وَإِسْتِقَامَةِ قَلْبٍ مَعْكَ فَحفظْتَ لَهُ هذِهِ الرَّحْمَةَ الْعْظِيمَةَ وَأَعْطَيْتَهُ إِبْناً يَجْلِسُ عَلَى كُرْسيِّهِ كَهذا الْيَوْمِ وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي أَنْتَ مَلَّكْتَ عَبْدَكَ مَكَانَ دَاوُدَ أَبِي وَأَنَا فَتًى صَغِيرٌ لاَ أَعْلَمُ الْخُرُوجَ وَالدُّخُولَ وَعَبْدُكَ فِي وَسطِ شَعْبِكَ الَّذِي إِخْتَرْتَهُ شَعْبٌ كَثِيرٌ لاَ يُحْصَى وَ لاَ يُعَدُ مِنَ الْكَثْرَةِ فَأَعْطِ عَبْدَكَ قَلْباً فَهِيماً لأِحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ وَأُمَيِّزَ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ لأِنَّهُ مَنْ يَقْدُرُ أنْ يَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ الْعَظِيمِ هذَا فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لأِنَّ سُلَيْمَانَ سَأَلَ هذَا الأمْرَ فَقَالَ لَهُ اللهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ هذَا الأمْرَ وَلَمْ تَسْأَلْ لِنَفْسِكَ أَيَّاماً كَثِيرَةً وَ لاَ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ غِنًى وَ لاَ سَأَلْتَ أنْفُسَ أَعْدَائكَ بَلْ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ تَميِيزاً لِتَفْهَمَ الْحُكْمَ هُوَذَا قَدْ فَعَلْتُ حَسَبَ كَلاَمِكَ هُوَذَا أَعْطَيْتُكَ قَلْباً حَكِيماً وَمُمَيِّزاً حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَ لاَ يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ أَيْضاً مَا لَمْ تَسْأَلْهُ غِنًى وَكَرَامَةً حَتَّى إِنَّهُ لاَ يَكُونُ رَجُلٌ مِثْلَكَ فِي الْمُلُوكِ كُلَّ أَيَّامِكَ فَإِنْ سَلَكْتَ فِي طَرِيقِي وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَوَصَاياىَ كَمَا سَلَكَ دَاوُدَ أَبُوكَ فَإِنِّي أُطِيل أَيَّامَكَ فَإِسْتَيْقَظَ سُلَيْمَانُ وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَقَفَ أمَامَ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَقَرَّبَ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ وَعَمِلَ وَلِيمَةً لِكُلِّ عَبِيدِه ] 0 لمّا قدّم 1000 مُحرِقة فَرآها الله حاجة حِلوة ، فَأراد أنْ يفرّحه فَسألهُ ماذا تُرِيد ؟ سوف نتحدّث عَنْ الحِكمة فِى ثلاث نِقاط :- 1- أهميَّة الحِكمة :- الحِكمة فِى الخلِيقة مِيزان لِكُلّ تصرُّفاتنا وَهى أهم صِفة لَوْ إِتصف بِها الإِنسان لصار الإِنسان فِى أمان فِى كُلّ أمور حياته ، لِذلِك شعر سُليمان أنّ أهم شيء يطلُبه هُوَ الحِكمة لأِنّ موهِبة الحِكمة تُعطِى لِلإِنسان إِفراز وَتميُّز فِى كُلّ امور حياته ، فِى مرَّة جمع الأنبا أنطونيُوس تلامِيذه وَأولاده وَسألهُمْ كُلّ واحِد فِيكُمْ يقُول مِنْ وجهِه نظرة ما هى أجمل فضِيلة يتمنّى أنْ يقتنِيها ؟ أوْ ما هى أعظم الفضائِل مِنْ وجهه نظركُمْ ؟ فَكثِير قالُوا التواضُع فَقَالَ لاَ المحبَّة لاَ رغم أنّ المحبَّة هى الله العطاء لاَ [ مغبُوطٌ هُوَ العطاءُ أكثرُ مِنْ الأخذِ ] ( أع 20 : 35 ) فَقَالَ لهُمْ الحِكمة وَالإِفراز لأِنّ الَّذِى عِندهُ حِكمة يعرِف كيف يتضِع وَيُعطِى وَيُحِب ، فَهى مِيزان جمِيع الفضائِل مُمكِن إِنسان يتضِع وَلكِنْ إِتضاعه يُدخِلهُ فِى صِغر نَفْسَ فيشعُر أنّ بِداخِلهُ حقِير ،أوْ يشعُر أنّ النَّاس قَدْ نسوه ، أوْ يشعُر أنّهُ مغلُوب وَهذَا خطأ فَالإِتضاع هُوَ أنْ يقبل الإِنسان أنْ يغسِل أرجُل مَنَ حوله بِفرح ، مُمكِن واحِد يعمِل هذَا بِكُره وَضغط وَيقُول هُمْ تركونِى وَتركوا لِى أرجُلهُمْ ، وَلكِنْ الإِتضاع أنْ يكُون الإِنسان مُتواضِع ما الَّذِى يجعل الإِنسان يعرِف الفرق بين الإِتضاع وَصِغرالنَفْسَ ؟ الحِكمة هى المِيزان الحقِيقى لِجمِيع الفضائِل ، هى الَّتِى تُعرِّف الإِنسان الفرق بين التواضُع وَبين الهرُوب مِنْ المسئوليَّة ، هى الَّتِى تُعرِّف الإِنسان الفرق بين الهدوء وَبين السلبيَّة ، الحِكمة تُعطِى الإِنسان هذا المِيزان الحسَّاس فَالَّذِى يجعل الإِنسان مرَّة يشجّع وَمرَّة يوبّخ الحِكمة ، فِى وقت لَوْ شجّعنا فِيه خطأ ، وَفِى وقت آخر لَوْ وبّخنا فِيه خطأ ، ما الفرق بين الحُب وَالتدلِيل ؟ ما الفرق بين الحزم وَالقسوة؟ مُمكِن أقول إِنِّى أُرِيد أنْ أكُون شدِيد مَعْ أولادِى ، جيِّد لأِنّ الكِتاب يقُول [ رَبِي إِبنك بِعصا مِنْ حدِيد ] ، كويس لأِنّ التربية مطلُوبة ، لكِنْ مُمكِن أكُون قاسِى عليه ، أفقِدهُمْ معنى الأبَّوة وَأفقِدهُمْ معنى الأمومة أقُول أُعطِى أولادِى عاطِفة علشان أشّبعهُمْ لِكى لاَ يحتاجوا إِلَى شيء مِنْ الخارِج ،ما الفرق بين أنْ أُعطِى لهُمْ عاطِفة وَبين تدلِيلهُمْ ؟ فَإِذا حدث التدلِيل فَلاَ يقبلوا أىّ عقوبة وَ لاَ يقبلوا أىّ رفض لأىّ طلب مِنْ طلباتهُمْ ، وَإِنْ خرجوا إِلَى العالم سيجدوا الدُنيا خاضِعة لهُمْ هكذا أم هكذا نكُون قَدْ أفسدناهُمْ ؟ هُناك مِيزان لِذلِك يقُول أحد القدِيسين وَإِحنا بِنربى أولادنا[ لِيكُنْ لَكَ حُب بِلاَ تدلِيل وَحزم بِلاَ قسوة ] ، لِذلِكَ أهم الفضائِل الحِكمة ،هُناك فرق بين المحبَّة وَالتعلُّق المرِيض ، هُناك فرق بين الإِنسان الَّذِى يصوم وَبين الَّذِى يقود جسدهُ وَيُربيه ، الحِكمة تُعرِّف الإِنسان لِذلِكَ يقُول أنّ [ الحِكمة خَيرٌ مِنَ الَّلآلِىء ] ( أم 8 : 11 ) ،لِدرجِة أنّ مُعلّمِنا سُليمان يقُول [ وَلَدٌ فَقِيرٌ وَحكَيمٌ خيرٌ مِنْ ملِكٍ شيخٍ جاهِلٍ ]( جا 4 : 14 ) واحِد مِثل رحبعام وَلِلأسف سمع لِمشورة الجُهَّال " الشُبَّان " وَقالوا لهُ قُل لِلشعب [ أبِي أدبَّكُمْ بِالسياطِ وَأنا أُؤدِّبكُمْ بِالعقارِبِ ] ( 1 مل 12 : 11 ) ، إِظهِر لهُمْ مدى قوّتك وَجبروتك وَأخبِرهُمْ هكذا [ إِنَّ خنصرِي أغلظُ مِنْ متني أبِي ] ( 1 مل 12 : 10 ) ،أىّ أنّ إِصبعهُ الصغِير أغلظ مِنْ وسط أبيه الحِكمة عِندما فقدها رحبعام إِنقسمت المملكة فِى اللحظة الَّتِى قال فِيها هذا الكلام وَقاموا عليه لِكى يُهلِكوه لولا جماعة أحبُّوه مِنْ أجل أبيه وَليس مِنْ أجل نَفْسَه وَأخذوه وَأخفوه وَترك المملكة وَإِنفصل عشرة أسباط عَنْ مملكته ، وَلَمْ يبقى معهُ سِوى يهُوذا وَبنيامِين قسّم المملكة بِحماقة ، لِذلِك الإِنسان بِحكمتِهِ مُمكِن يكُون فقيِر وَضعِيف وَلكِنْ بِحكمتِهِ يرتفِع ، وَالجاهِل مُمكِن يكُون غنِى وَمُرتفِع وَبِجهلِهِ يسقُط وَيكُون سقوطه عظِيم يُوسِف الصدِّيق فقيِر وَصغيِر السِن وَمسجُون وَمُزدرى بِهِ وَمظلُوم لكِن حكِيم ماذا فعل ؟ جاء وَإِرتفع فوق كُلّ النَّاس وَكُلّ إِنسان فِى البلد بِحكمتِهِ لِذلِك لَوْ نرى أهميَّة الحِكمة سنعرِف أنَّنا مُحتاجِين إِليها جِدّاً ، فَالحِكمة تجعل الإِنسان يعرِف متى يتكلّم وَمتى يصمُت ؟ وَإِنْ تكلّم ماذا يقُول ؟ وَلَوْ صمت لِماذا ؟ هى مِيزان لِجمِيع الفضائِل ، فِيها فضائِل عدِيدة لِذلِك لمّا الإِنسان يكُون عِنده حِكمة يعرِف يُدّبِر منزِله جيِّداً ، يعرِف يُدّبِر الَّذِين حوله ، يعرف يتعامل معهُمْ ، يعرف كيف يكسب الأعداء وَيُحوّلهُمْ إِلَى أحِباء ، لِذلِكَ يقولُوا أنّ[ كلِمَاتُ الحُكماءِ تُسمَعُ فِي الْهُدُوء أكثر مِنْ صُراخِ المُتسلِّطِ بَيْنَ الْجُهَّالِ ] ( جا 9 : 17 ) ، الإِنسان الَّذِى يصرُخ كثِيراً يفقِد صواب تفكِيره وَالنَّاس لاَ تسمع لهُ ما أروع سُليمان وَهُوَ فِى منظر رهِيب وَالله يسأله ماذا أُعطِيك ؟ وَبدأ سُليمان يتضرّع إِليه وَقال لهُ أنا عبدك وَالشَّعب كثيِر وَأنا فتى صغِير لاَ أعلم الدخُول وَالخرُوج ،رغم أنّ سُليمان لَمْ يكُن صغِير وَ لاَ يعرِف يدخُل وَيخرُج وَلكِنْ يعرِف جيِّداً وَمَعْ ذلِكَ كان يتصاغر أمام الله لِذلِكَ يا أحِبَّائِى الحِكمة مطلُوبة مِنْ الإِنسان ، ما أحوجنا إِلَى الحِكمة فِى بيوتنا ،وَما أحوج أنفُسنا لإِقتناء الحِكمة ، وَما أعظم مَنْ يقتنِى الحِكمة وَيشعُر أنّ فِى حياته قوَّة وَسُلطان بِالحِكمة لِذلِكَ مَنَ يُرِيد الحِكمة هكذا يقُول مَعْ مُعلّمِنا بولس الرسُول[ فَأُنظرُوا كيفَ تسلُكُون بِالتَّدقِيقِ لاَ كجُهلاء بل كحُكماء ] ( أف 5 : 15 ) ،فَالحِكمة تجعل الإِنسان يعرِف كيف يسلُك مهما كانِت الضغُوط الَّتِى حوله ، تجعله لاَ يندفِع وَ لاَ يخضع لإِنفعالاته لِذلِكَ يقُول [ الْحِكْمَةَ تُحْيي أصْحَابَهَا ] ( جا 7 : 12 ) ، لِدرجِة أنّ الإِنسان مُحتاج لِلحِكمة حتَّى فِى الأمور الرُّوحيَّة مقدار الصُوم مقدار الصلاة مقدار العطاء الإِنسان محتاج لِلحكمة يقُول الكِتاب لمّا أرادوا إِختيار سبعة شمامِسة كان الشرط الأساسِى مملؤين مِنْ الرُّوح القُدس وَمملؤين مِنْ الحِكمة ، هل سأختار واحِد غير حكِيم يُبّدِد الرعيَّة ؟ لاَ ما أجمل الإِنسان الَّذِى يطلُب الحِكمة يمتلِك أفضل فضِيلة فِى الأرض 0 2- صِفات الإِنسان الحكِيم :- أ- عمِيق فِى فِكره :- يعنِى لمّا يفكّر فِى أمر يفكّر بِعُمق ، بِهدوء ، بِترّوِى ، يحسِب الحِساب كُلّه ،ما لهُ وَما عليه وَكيف يمشِّى الأمر ؟ وَكُلّ الجوانِب ، كيف تسلُك ؟ وَيمتص كُلّ شيء وَيدرِس كُلّ شيء ، عكس الإِنسان الجاهِل مُتسرِّع ، أوِل لمّا تأتِى فِكرة ينّفِذها وَلمّا يتهّور يهِد كُلّ حاجة مِثل الَّذِى يقُول هذا الموضُوع لَنْ يتِم ، وَهذا الشخص يخرُج خارِجاً حالاً ،يهِد كُلّ حاجة لِماذا ؟ فقد الحِكمة وَفقد الإِتزان يُقال عَنْ القدِيس أبو مقَّار إِشتهى فِى قلبه أنْ يعبُد الله مُنفرِداً فِى البرّيَّة الداخِليَّة الجوانيَّة ، أىّ يعِيش الوِحدة بِعُمق ، وَنحنُ لمّا نِسمع هذِهِ الكلِمة نجِدها حلوة وَجمِيلة لكِنْ لازِم يحسِبها لأنّ هُناك فِى حروُب مِنْ عدو الخير خوف مِنْ الأيَّام وَالليالِى الَّتِى تمُر عليه هُناك وحوش وَملل صِعاب وَضجر وَهل قامتِى ستتحمّل كُلّ هذا أم مُجرّد إِنِّى أشعُر بِالرغبة فِى العيش مُنفرد أذهب وَأعِيش ؟ لازِم أعرف ، وَيُقال عَنْ القدِيس أبو مقَّار بِكُلّ قداستهُ وَبِرّه يِفضل ثلاث سِنين يصَلِّى لِربِنا علشان يمتص هذا الفِكر بِداخِله وَيفعله وَهُوَ مُطمئِن ،لِيعرِف الفِكرة الَّتِى بِداخِله هل مِنْ الله أم لاَ ، لِكى يخرُج يتعبّد لِربِنا فِى الوِحدة وَ لاَ يبقى وسط الإِخوة ، هل لمّا تأتِى لِى فِكرة أفضل أدرِسها هكذا ؟ مِثال واحِد بيقول لأبونا جاءت لِى تأشيرة لأمريكا ، فكّر أوزِن كُلّ الأمور : س1 : هل لمّا تسافِر ها يكُون لَكَ عمل وَ لاّ مسافِر فقط ؟ وَإِنْ كان هُناك عمل هل سيُناسِبك ؟ س2 : هل ستقبل تعمل فِى بنزينة أوْ فِى مطعم أم لاَ ؟ بعدما أصبحت كبيِر وَمُحترم فِى عملك وَلَكَ مكتبك 0 دائِماً يُقال أنّ الشخص الَّذِى يسافِر لِلعمل بِدُون شِهادة يكُون ها يعمِل حاجة مِن إِتنين Hard work OR Dirty work فهل تقبل تعمل هكذا أم لاَ ؟ أكِيد السِن يختلِف ، الشباب يقبلوا لكِنْ لَوَ كان راجِل عِنده 40 أوْ 45 سنة هل يقبل ؟ هذِهِ نُقطة تستحِق التفكِير 0 س3 : تعلِيم أولادك كيف يكُون هُناك ؟ س4 : هل يُناسِبهُمْ الوسط المُحِيط ؟ س5 : هل تشعُر أنّهُمْ وصلوا إِلَى مرحلة نُضج مُعيّنة أم لاَ ؟ س6 : هل هُناك كنِيسة تهتم بِأولادِى وَتبنِى أنفُسهُمْ وَتحرِص على خلاص نِفوسهُمْ أم لاَ ؟ هُناك أُناس يفكّروا أولاً هذِهِ المنطِقة بِها كنِيسة جمِيلة وَبِها خِدمة جيِّدة وَبِها أباء كهنة مُهتمِين بِخلاص الأولاد وَالشباب وَالشبَّات وَالإِعترافات ، لأِنّ هُناك أماكِن أُخرى لاَ يوجد بِها كُلّ هذا ، فَيقُول مَعْ نَفْسَه هل سأذهب لِيضيع أولادِى ، يفكّر فِى كُلّ هذا ، يوزِن الأفكار وَيعرف مداخِل الأمر ، عمِيق فِى فِكره ، هكذا يكُون الإِنسان الحكِيم 0 مِثال : إِنسان جاء لِنتعرّف عليه رُبما يكُون مُقدِم على الإِرتباط بِبنت مِنْ بناتنا ،أفكّر فِيه هل هُوَ مُناسِب ؟ هل مُتديِن ؟ هل سِنّه مُناسِب ؟ هل إِمكانياته مُناسبة ؟ وَ لاَ يلِيق أنّ جُزئيَّة فِيه فقط فَنُغمِض أعيُنا عَنْ الباقِى ، فَتكُون إِمكانياته جيِّدة فَنتغاضى عَنْ باقِى الأمور ( السِن الَّذِى ضِعف سِنّها بُعده عَنْ الله) ، وَنقُول أنّ ذلِك يأتِى مَعْ الوق أين الوقت ؟ إِذا كان شخص كِبِر وَوصل إِلَى هذِهِ المرحلة فَكيف ؟هُنا نظرنا لأمر واحِد 0 لكِنْ الإِنسان الحكِيم عِنده نظرة شاملة لِلأمر يزِن الأمور صح ، يرى أمور لاَ يراها الآخرين ، لِذلِك يقُول [ الْمُسَايِرُ الْحُكَمَاءَ يَصِيرُ حَكِيماً وَرَفِيقُ الْجُهَّالِ يُضَرُّ ]( أم 13 : 20 ) ، فَالإِنسان الحكِيم أفعاله تدُل على أنّهُ إِنسان حكِيم ، يعرِف الأمور المخفيَّة ، يفكّر كيف يحلّها 0 مِثال : رجُل إِبنته جاءت إِليه غاضِبة مِنْ زوجها ، يحتضِنها وَيظِل يقوّيها على زوجها وَيفتح لها بيته وَيُبرِز لها عيوب زوجها ، ألم يُفكِّر فِى نتائِج هذا الكلام على مدى الزمن ؟ هذا الرجُل يفصِلها تماماً عَنْ زوجها وَإِنْ كان هُناك أمل بسِيط فِى رِجوعها يكُون بِذلِك قَدْ بدّد هذا الأمل وَلِنفرِض أنّها رِجعِت تكُون راجعة وَقلبها مشرُوخ مِنْ زوجها ، وَموقِف زوجها مِنْ أبيها ماذا سيكُون ؟ موقِف عداوة إِلَى مدى الأبد ، لأِنّ بِنته لمّا ذهبِت إِليه فِضِل يحكِى لِها وَيقوّيها وَيقسّيِها وَبدأت النِفُوس تشِيل وَلَمْ يفكّر أحد فِى رد الفِعل فِى هذا الموقِف ماذا سيكُون ؟ وَإِنفعلوا فِى الموقِف فقط ، وَيقُول بنتِى وَحقّها ، وَماذا بعد هذا ؟ هل ستبقى أنت لأِبنتك ؟ هل أنت اليوم أقرب إِليها مِنْ زوجها ؟ دى الوصيَّة بِتقول لها " إِنسِى شعبِك وَبيت أبِيكِ " ، وَتقُول لهُ " أنت المسئول عنها الآن بعد والِديها " ، هى الآن أساساً مسئولة مِنْ زوجها وَليس مِنْ أبيها وَمَعْ الوقت تصِير الزوجة قريبة إِلَى زوجها أكثر ، تخيّلوا لمّا نِقطع هذِهِ العِلاقة نكُون هكذا حُكماء !! مِنَ أين الحِكمة ؟ يقُول سُليمان الحكِيم [ الْحَكِيمُ عَيْنَاهُ فِي رَأْسِهِ أمَّا الْجَاهِلُ فَيَسْلُكُ فِي الظَّلاَمِ ]( جا 2 : 14 ) ، أُنظُر إِلَى الأمور كُلّها ، أُنظُر نظرة بِعُمق ، أُنظُر إِلَى الأمام 0 مِثال أحد الأشخاص أهان إِنسانٍ ما فَيقُول الثانِى سوف أعمِل وَأضرب وَ0وَهل يسكُت الأوَّل ؟ لاَ بل هُوَ أيضاً سيفعل وَيفعل ، فكّر فِى ردود الأفعال ، لَوْ فعلت هذا ماذا سيحدُث ؟ الإِنسان المسكِين يفكّر مِنْ وِجهة نظر واحدة ربّ المجد يسُوعَ لَمْ يُرِيد أنْ يتراءى لِلنَّاس فجأة ، أوّلاً شعروا بِوجوده فِى وسط المُجتمع ، شعروا بِهِ فِى تعاليمه ، شعروا بِالتدرُّج ،فِى أول عِظة مَعْ النَّاس لَمْ يتكلّم أنّهُ هُوَ [ خُبز اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّماء الْواهِبُ حَيوةً لِلعالم ] ( يو 6 : 33 ) ، بل أعطاهُمْ الموعِظة على الجبل الَّتِى هى أساس التعالِيم الأساسيَّة فِى المسيحيَّة ، لَمْ يُكلّمهُمْ فِيها عَنْ الصلِيب وَالقيامة وَعطيَّة الرُّوح ، لا الإِنسان محتاج يقتنِى الحِكمة لأِنّ الإِنسان ما أحوجه إِلَى الحِكمة ، الإِنسان لمّا يكُون حكِيم يدرِس المُعطِلات ، يحسِب حِساب النفقة ،يكُون لهُ نظرة واقِعيَّة لِلأمور وَ لاَ يكُون خيالِى فِى تصرُّفاته ، لاَ يقُول سنفعل هذا وَنأخُذ قرض وَيظِل يقسِّم وَيضع على عاتقه حمول وَديون وَفجأة يقُول أنا مُدان بـ 60 ألف مَثَلاً ، هل كُلّ هذا جاء فجأة ؟ لاَ بل هذِهِ تراكُمات فِى الأعمال التُجاريَّة تُقال كلِمة ( دِراسة الجدوى ) ، ماذا تعنِى ؟ يدرِسوا فِيها كَمْ التكلِفة لِنجاح المشروع ؟ الرِبح كَمْ يكُون ؟ مَعْ الوقت يغطِّى الثمن أم لاَ ؟ لها حِساب إِذا إِختلِت هذِهِ الحِسبة المشرُوع لاَ ينفع " يفشل " ، مِثل المشرُوع الَّذى يتكلّف 10مليون جنية وَمكسبه اليومِى مائة جُنية ، فَهذا المشرُوع ليس لهُ داعِى بِالمرَّة ،لأِنّ المكسب لاَ يتناسب مَعْ رأس المال الموضُوع ، هُناك حِكمة تزِن كُلّ هذِهِ الأمور ،لِذلِك الإِنسان فِى حِكمته لابُد أنْ يتأنّى وَيتروّى ، لِذلِك مِنْ صِفات الإِنسان الحكِيم 0 ب- هادِى فِى تفكِيره :- لاَ يكُون عاطِفِى فِى تفكِيره ، لاَ يُفكِّر فِى الأمور تحت ضغط عاطِفِى ، لاَ يُفكِّر بِزاوية واحدة وَلكِنْ مِنْ جمِيع الزوايا ، لاَ يكُون مُندفِع فِى فِكره ، نحنُ نحتاج إِلَى هذا الأمر جِدّاً ، نصيحة " لاَ تأخُذ قرار وَأنت فِى لحظِة إِنفعال " ، ننتظِر قلِيلاً حتَّى تهدأ الأمور ،وَالأفضل ألاّ ندخُل فِى حدِيث مَعْ أىّ إِنسان مُنفعِل ، نترُكهُ حتَّى يهدأ ، لِذلِكَ الحِكمة أفضل مِنْ اللآلِىء الثمِينة نرى حِكمة أبِيجايِل عِندما ثار داوُد ، قالت لهُ لاَ تفعل حماقة ، هذا الكلام كُلّه سوف يُنسب إِليك ، أتُرِيد أنْ يقُولوا أنّ داوُد الملِك جرِى وراء إِنفعالاته ، لاَ سيِّدِى ، كانت تتكلّم بِأسلوب رائِع أرجعته عَنْ حمو غضبه ، حِكمة حسمت كُلّ الأمور لِذلِكَ الإِنسان الحكِيم عنده رُوح مِنْ الداخِل تفرِز له الأمور وَتُميِّزها وَتجعله يعرِف كيف يتصرّف فِى الوقت المُناسِب الأنبا أنطونيُوس أبو كُلّ الرُهبان المؤسِس لِنظام الرهبنة الَّذِى أساس دعوته رفض العالم وَعدم محبِّة العالم ، هل يُعقل أنّ القدِيس أنطونيُوس يترُك مغارته وَينزِل إِلَى العالم ؟! لكِنْ هُوَ فعل هكذا مِنْ أجل الدِفاع عَنْ الإِيمان لِيسنِد النَّاس ضِد بِدعة أريوس ، لكِنْ تعالى فِى مرّة أُخرى ندعِى الأنبا أنطونيُوس لِحضور نهضة رُوحيَّة فِى الكنِيسة لِيُعطِى كلِمة منفعة ، يرفُض ، لاَ لَنْ أترُك مغارتِى ، نقُول أنت نزلت مِنْ قبل ، يقُول كان لها ظروفها فَأنا نزلت مِنْ أجل أمر مُعيّن الإِنسان الحكِيم لاَ يكُون مُتسلِّط فِى رأيه عِندما يقُول أنا قُلت كذا لَنْ أرجع الحكِيم يزِن الأمور يعرِف متى يتصرّف وَمتى يمنح وَمتى يمنع مِنْ القصص الجمِيلة عَنْ الحِكمة فِى حياة الأنبا مُوسى الأسود عِندما بدأ فِى سِلك الرهبنة بدأ يأكُل مَعْ الرُهبان وَكان أكلهُمْ بسِيط وَقلِيل وَكان يجوع جِدّاً ، لأِنّهُ إِعتاد الأكل بِكميات كبيِرة ، وَكما نعلم المِعدة دائِماً تحتاج إِلَى التدرِيج فَلاَ يلِيق بعدما كانت تأخُذ كميات كبيِرة فجأة تأخُذ كميات قلِيلة ، فهى مِثل البلّونة بعدما تنتفِخ لِكى تِصغر تِصغر بِالتدرِيج ،وَبعد تناوُل وجبِة الغداء يبحث عَنْ هذِهِ الوجبة ثُمّ يعرِف أنّ ما تناولهُ هُوَ الغداء ، فَذّهب بِأمانة وَصِدق وَشكى لأب إِعترافه عَنْ كميَّة الطعام وَأنّهُ يجوع ، فَأحضر أب إِعترافه جِزع شجرة وَقال لهُ أنا هأمُرهُمْ فِى الدير أنْ يصرِفوا لَكَ كُلّ يوم وزن هذا الجِزع طعام فَكان الجِزع فِى البِداية ثقِيل وَلكِنْ مَعْ الوقت لأِنّهُ مقطُوع مِنْ الشجرة فَبدأ يجِف وَبِالتالِى الطعام يقِل لكِنْ بِالتدرِيج ، وَنرى حِكمة الشيخ على ما ذبل الجِزع وَسقط الورق مِنهُ كان الأنبا مُوسى وصل لِكميَّة أكل الرُهبان لكِنْ بِالتدرِيج ، لكِنْ لَوْ أحد غير حكِيم كان يرُد وَيقُول هذا هُوَ نظامنا وَإِنْ لَمْ يعجِبك فَأنت لاَ تنفع معنا ، ( حِكمة بِتدرِيج ) 0 حتَّى فِى دير السُريان هُناك مائِدة أثريَّة نُلاحِظ أنّها مُقسّمة إِلَى ثلاثة أقسام :0 أ- جُزء لِلشيُوخ ب- جُزء لِلأحداث ج- جُزء لِلمتوسطِين لاَ يلِيق أنْ يأكُل الأحداث مثلما يأكُل الشيُوخ ، يحتاجوا إِلَى فترة ، فِى هذِهِ الفترة يهدأ الجسد وَالجهد يقِل وَيبدأ الإِنسان فِى السمو الرُّوحِى وَيبدأ يُقلِل الطعام ، لكِنْ لاَ يصِح غير ذلِكَ ،( حِكمة الشيُوخ ) الحِكمة تجعلنِى لمّا أتعامِل مَعْ إِنسان أعرف دوافعه وَأعرف ميوله وَأعرف إِهتماماته وَلمّا أتكلِّم أعرف كيف أتكلّم ، لِذلِكَ عِندما يعِيش الإِنسان بِحِكمة يزِن كُلّ الأمور صح يُقال عَنْ مجمع نيقية حدث بِهِ صِراع وَهُوَ مجمع مسكُونِى ، أىّ أنّهُ ضمّ كنائِس العالم كُلّه ، وَالغالِبيَّة إِتفقوا على أنّ رِجال الأكليرُوس ( الكهنة ) كُلّهُمْ يكُونوا رُهبان وَبتوليين لأِنّهُ لاَ يصِح أنْ يخدِم الشَّعب وَيكُون لديهِ إِهتمامات زوجة وَأولاد وَكادوا يتفِقوا على هذا القرار ، وَإِبتدأوا يقُولوا أنّ البتوليَّة تُعطِى تفرُّغ ، نقاء ، سمو ،وَأنّ هذا أجمل لِلكهنُوت لأِنّهُ كهنُوت المسِيح وَلكِنْ كنِيسة مصر قالت رأى آخر ، أنّ رؤساء الشَّعب يكُونوا بتوليين وَالرُعاة الَّذِين فِى وسط الشَّعب يكُونوا مُتزوجين ، أىّ أنّ الأباء الأساقِفة وَأبونا البطرك رُهبان ،أمَّا الكهنة فَمُتزوجين فَجمعت كنِيسة مصر بين البتوليَّة وَالزواج ، لأِنّ ذلِكَ عليه إِلتزامات وَهذا عليه إِلتزامات ، وَقالوا أنّ الَّذِى يرعى النَّاس لازِم يكُون مِنْ نَفْسَ ظروف النَّاس ، فَهَذا الرأى ساد على الجمِيع صمت وَأعلنوا الموافقة فِى الحال لأِنّ الإِنسان الحكِيم لاَ يعرِف التطرُّف فِى ذِهنه ، أىّ أنّهُ لاَ يمشِى فِى شيء إِلَى أقصاه وَلكِنْ يعرِف الإِلتزام وَيعرِف كيف يزِن الأمور ، هذِهِ هى الحِكمة الَّتِى تجعل الإِنسان يقُول كلام قلِيل وَلكِنْ لهُ منفعة كثيِرة مِثلما يقُول الكِتاب [ تُفَّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ كَلِمَةٌ مَقُولَةٌ فِي مَحَلِّهَا ]( أم 25 : 11 ) ، وَالَّذِى قال هذا الكلام فِى المجمع لَمْ يقُل تُفَّاح مِنْ ذهب بَلْ وَأعظم مِنْ الّذهب ، هذِهِ هى الحِكمة ، وَالإِنسان الَّذِى قالها مملوء حِكمة 0 3- شروط إِقتناء الحِكمة :- فِى البِداية أُرِيد أنْ أُميِّز بين نُقطتين ( أمرين ) الحِكمة وَالخُبث 0 الإِنسان الحكِيم غير اللئيِم ،لاَ أستطِيع أنْ أقُول أنّ رِفقة حكِيمة ،إِنّها عرفت كيف تجعل يعقُوب البِكر ، هذا لُؤم أبينا يعقُوب لاَ نستطِيع أنْ نقُول أنّهُ أصبح غنِى بِحِكمة وَلكِن بِلُؤم ، عِندما عمل عِند خاله لابان بِالأُجرة وَبعدها أراد أنْ يكُون عِنده قطِيع مِلك لهُ وَكانت مُعظم الغنمات لُونها بُنِّى وَفِيها حوالِى خمسة أوْ أكثر مِنّقطة ( أبيض x إِسود ) ، فَقَال لهُ لابان بعدما يتزوجوا يأخُذ هُوَ النِتاج المنّقط وَحدث أنّ يعقُوب دهن الشجر الَّذِى تستقِى مِنهُ الغنمات وَكانت وَهى تشرب كانت تتوّحم فَتُحضِر ثمرها مِنْ نَفْسَ لُون الشجر( أبيض x إِسود ) ، وَفِى النِهاية يكُون هذا الغنم خاص بِهِ ،وَهذِهِ لاَ تُحسب حِكمة ، هذا يُحسب خِداع – مكر – لُؤم الحِكمة الرُّوحيَّة حِكمة تقتنِى جمِيع الفضائِل ،فَالحِكمة تُراعِى المحبَّة وَالإِتضاع ،لكِنْ الخُبث وَاللؤم يخدِم الذات وَكيف أرتفِع على مَنَ أمامِى ؟ وَكيف أخدعه ؟ هل يُعقل أنّ السيِّد المسِيح يُعطِينِى وصيَّة أخسر بِها جمِيع الوصايا وَفِى النِهاية أُطلِق على نَفْسِى حكِيم !! هذِهِ ليست حِكمة ، الحِكمة تجعل الإِنسان مملوء حِكمة ، مملوء إِتضاع ،هُناك حِكمة قال عنها مُعلّمِنا يعقُوب الرسُول [ لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلةً مِنْ فَوْقٍ بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ ] ( يع 3 : 15 ) ، فَالشيَّطان حكِيم وَالحيَّة يُقال عنها أنّها أمكر جمِيع الحيوانات تعرِف كيف توقِع مَنَ أمامها لِذلِكَ الحِكمة الَّتِى مصدرها غير الله تكُون ملِيئة كِذب – رشوة – خِداع – تشوِيش – مؤامرات –، لكِنْ الحِكمة الَّتِى مِنْ الله يُقال عنها[ طَاهِرَةٌ ثُمَّ مُسَالِمَةٌ مُتَرَفِّقَةٌ مُذْعِنَةٌ مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَاراً صَالِحَةً عَدِيَمةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاء ]( يع 3 : 17 ) ، الإِنسان الحكِيم نقِى السِيرة نسمع عنهُ كلام جمِيل 0 وَمِنَ هُنا نصِل إِلَى كيف نقتنِى الحِكمة ؟ 1- طلب الحِكمة :- الحِكمة عطيَّة وَموهِبة مِنْ الله مِثل سُليمان الَّذِى طلب قلباً فهِيماً ، فَمِنْ الكلام عَنْ الحِكمة إِشتقنا إِليها ، لِذلِك نضع هذِهِ الطِلبة أمامنا فِى كُلّ يوم( أعطنِى يارب قلب فهِيم ، أعطنِى حِكمة ) ، كيف أدبّر نَفْسِى وَبيتِى وَأولادِى وَأصدقائِى وَعملِى وَ، أطلُبها لأِنّ الكِتاب يقُول [ إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي وَلكِنْ لِيَطْلُبْ بِإِيمَانٍ غَيْرَ مُرْتَابٍ ] ( يع 1 : 5 – 6 ) فَدانيال طلب حِكمة [ يُعْطِي الْحُكَمَاءَ حِكْمَةً وَيُعَلِّمُ الْعَارِفِينَ فَهْماً ]( دا 2 : 21 ) ، وَهُوَ قال [ أنا أُعطِيكُمْ فماً وَحِكمةً ] ( لو 21 : 15 ) ،وَهكذا تقُول الوصيَّة [ فَكُونُوا حُكَمَاءَ ] ( مت 10 : 16 ) ، الوصيَّة تُعطِى قوَّة 0 2- الإِحساس بِإِحتياج الحِكمة :- هل تعرِفوا لِماذا نحنُ لاَ نطلُب الحِكمة لأِنّنا نعتقِد أنّنا حُكماء ، لِذلِكَ لاَ نطلُبها وَلَوْ كُلّ واحِد نظر لِنَفْسَه سيُعطِى لنا إِثباتات أنّهُ حكِيم وَخير العارِفين ، هل هذا يعرِف يطلُب حِكمة ؟ لاَ لاَ مَنَ يُعوِزهُ حِكمة فَليطلُب حِكمة ، إِذن أنا محتاج أنْ أشعُر إِنِّى مُحتاج لِلحِكمة ، فَإِحتياجِى لِلحِكمة هُوَ أساس طلبِى لِلحِكمة ، مِثل إِحتياجِى لِلطهارة ، لِلقداسة ، المحبَّة ،نحنُ نحتاج لِلحِكمة ، فَأطلُب الحِكمة بِإِستمرار ، لازِم نشعُر أنّنا غير حُكماء ،كَمْ مرّة يارب تصرّفت بِجهل وَتسرُّع وَلَمْ أدرِس جمِيع أمورِى ؟ كَمْ مرّة لَمْ أدرِس ردود الأفعال ؟ وَكَم يارب أعطنِى حِكمة 0 3- المشورة :- الإِنسان الحكِيم يُحِب يأخُذ مشورة الحُكماء ، لِذلِكَ يقُول[ طَرِيقُ الْجَاهِلِ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيهِ0 أمَّا سَامِعُ الْمَشُورَةِ فَهُوَ حَكِيمٌ ] ( أم 12 : 15 ) ،وَأنا كيف أطلُب المشورة إِنْ لَمْ أشعُر بِضعفِى ؟ نرى سُليمان يقُول [ وَأنَا فَتَى صَغِيرٌ لاَ أَعْلَمُ الْخُرُوجَ وَالدُّخُولَ]( 1مل 3 : 7 ) ، إِنت يارب عرفنِى [وَبِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ تَقُومُ ] ( أم 15 : 22 ) ، الإِنسان مُحتاج إِلَى كلِمة مِنَ أفواه المُشيرِين وَالحُكماء نتعجّب على موقِف مُعلّمِنا بولس الرسُول الأخِذ دعوتهُ مِنْ الله وَالَّذِى تعب أكثر مِنْ جمِيع الرُسُل ، نقرأ عنهُ فِى رِسالتهُ إِلَى غلاطيَّة أنّهُ ذهب إِلَى أورُشلِيم لِكى يسأل المُعتبرِين أعمِدة فِى الكنِيسة [ لِئَلاَّ أَكُونَ أَسْعَى أوْ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلاً ] ( غل 2 : 2 ) ، أنا ذاهِب أراجِع نَفْسِى مَعْ باقِى الرُسُل إِخوتِى وَأرى هل أنا أسِير صح أم خطأ ؟ ذاهِب أراجِع إِنجِيلِى وَكِرازتِى وَفِكرِى معهُمْ ، ذهبت أستشِير المُعتبرِين أعمِدة فِى الكنِيسة ، مُعلّمِنا بولس الرسُول الَّذِى لمّا نقرأ رِسالته نجِدها تتدفّق مِنها أنَّهار حِكمة لِذلِك الإِنسان الحكِيم يأخُذ رأى المُشيرِين وَلكِنْ يكُونوا حُكماء ، وَأحذر مِنْ إِستشارِة الجُهّال ، لأِنّنا أحياناً مِنْ عدم حكمِتنا لاَ نُميِّز وَنأخُذ مشورة الجُهّال ، مِثل الّذِين يذهبوا إِلَى السحرة وَالمُنّجمِين ، هل ستأخُذ المشورة وَالحِكمة مِنَ هؤلاء ؟ الحِكمة تُؤخذ مِنْ إِنسان مملوء حِكمة ، أىّ فِيهِ رُوح الله وَمشهود لهُ بِذلِك 0 4- التعلُّم مِنَ الأخطاء وَمُراجعة النَفْسَ بِإِستمرار :- جمِيل إِنْ الإِنسان يراجِع نَفْسَه وَيعرف أخطاؤه وَيُدِين نَفْسَه ،عِندما أدِين نَفْسِى فِى أخطائِى أضمن وَأعرف إِنّنِى لَنْ أُكرِّر أخطائِى ربنا يسُوع المسيِح كنز الحِكمة وَمُعلِّم الطهارة وَمؤسِس الدهُور يملأنا بِالحِكمة وَيفِيض علينا بِحِكمة رُوحيَّة مِنَ عِنده نازِلة مِنَ فوق لِيُعلّمِنا كيف نسلُك وَكيف نحيا وَيُعطِينا حِكمة فِى كُلّ أمور حياتنا ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمِين . القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
28 مارس 2025

مائة درس وعظة (٦٩)

شخصيات في الظل "كن أميناً إلى الموت فساعطيك إكليل الحياة"(رؤ ۲ : ۱۰) مثلما توجد أسماء في الكتاب المقدس معروفة بالاسم، توجد أيضا أسماء في الظل لأشخاص صنعوا أموراً كثيرة، ولكن لا نعرف اسماءهم نهائيا مثل: أولاً: أسماء غير مشهورة بين الناس ومعروفة عند الله عندما نقرأ الكتاب المقدس نجد أسماء مشهورة وتأخذ مساحة كبيرة في الكتاب المقدس، ولكن أيضاً نجد أسماء مغمورة (غير مشهورة ) ولكن بالرغم من أنها غير مشهورة بين الناس أو على صفحات الكتاب المقدس فهي بعملها واثرها الكبير معروفة عند الله. فمثلا عندما نتكلم عن اسم مثل القديس بولس الرسول ستجده مكرراً كثيراً جداً، ومذكوراً في العهد الجديد، ومثل اسم موسى النبي نجده مكرراً ما يقرب من ٧٠٠ مرة في العهد القديم والجديد، وهناك أسماء مشهورة مثل بطرس الرسول ويوحنا وداود وهكذا. ثانيا: أسماء ذكرها قليل ولكن عملها كبير. نجد أسماء ذكرها قليل ولكن عملها كبير، وحتى هذه الأسماء الله اعطاها رسالة فبالرغم من أنها غير مشهورة إلا أن لها فعلاً كبيرا مثل امهات القديسين اللواتي أعطين ابناءهن لله، ونحن لا نعلم أسماءهن ثالثا: اسماء قليلة الذكر ولكنها عظيمة الفعل. بعض هذه الأسماء قليلة الذكر في الكتاب المقدس ولكنها عظيمة الأثر بالفعل فمثلا اذكركم بيرنابا الرسول الذي لم يأت ذكره في الكتاب المقدس إلا في عدة سطور، ولكن لولا برنابا ما وصلت الكنيسة إلى بولس الرسول وانضم إلى الإيمان وأصبح رسول الأمم. اسم آخر من الأسماء وهو مردخاي الذي ربي طفلة صغيرة أصبحت فيما بعد ملكة عظيمة وهي أستير لذلك اجتهد أن يكون عندك هذه الصفة وهي المسئولية اهتم بالمسئولية حتى ولو كانت صغيرة، وثق أن الله سيعوضك ويبارك تعبك وستفرح بالثمر الذي يمكن أن تقدمه لله مثلما فرح مردخای باستير ابنة عمه التي صارت ملكة، ونسميها "نجمة الشرق" في تاريخها العظيم لا يهم أن يكون للإنسان مكانة أو منصب من الممكن أن يكون غير معروف أو غير مشهور، ولكن هذا الاسم له عمل عظيم، المهم أن تكون لك أمانة الله والرب يقول في سفر الرؤيا "كن أمينا إلى الموت فساعطيك إكليل الحياة " (رؤ ١٠:٢) وهذه الآية تنطبق على مردخای تماما فبالرغم من انه سبي في بلاد غربية إلا انه لم يترك إيمانه. ولما أصبح مسئولاً عن استير لم يترك مسئوليته ورباها تربية جيدة وعلمها جيداً. ولما تعرض لمؤامرات كان ثابتاً على المبدأ، وكان لديه إحساس عال بالمسئولية لذلك نحن نعتبره بطلا من أبطال العهد القديم، رغم أن مساحة ذكر حياته في الكتاب القدس محدودة جداً. قداسة البابا تواضروس الثانى عن كتاب صفحات كتابية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل