المقالات
16 نوفمبر 2025
الأحد الأول من شهر هاتور لو ٨ : ٤ - ١٥
فلما أجتمع جمع كثير أيضاً من الذين جاءوا إليه من كل مدينة قال بمثل خرج الزارع ليزرع زرعه وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فأنداس وأكلته طيور السماء وسقط آخر على الصخر فلما نبت جف لأنه لم تسكن له رطوبه وسقط اخر فى الشوك فنبت معه الشوك وخنقه ، وسقط آخر في الأرض الصالحة فلما نبت صنع ثمراً مئة ضعف قال هذا و نادى من له أذنان للسمع فليسمع فسأله تلاميذه قائلين ما عسى أن يكون هذا المثل فقال لكم قد أعطى أن تعرفوا أسرار ملكوت الله وأما للباقين فبأمثال حتى إنهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يفهمون وهذا هو المثل الزرع هو كلام الله والذين على الطريق هم الذين يسمعون ثم يأتى إبليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا فيخلصوا والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح وهؤلاء ليس لهم أصل فيؤمنون إلى حين وفي وقت التجربة يرتدون والذى سقط بين الشوك هم الذين يسمعون ثم يذهبون فيختنقون من هموم الحياة وغناها ولذاتها ولا ينضجون ثمراً " والذى في الأرض الجيدة هم الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر .
مثل الزارع
جلسة مع الرب
هذا المثل فسره الرب للتلاميذ على أنفراد فهو حينما نختلى معه ونسأله عن أسرار الملكوت يفسر لنا ويفتح ذهننا لكي نفهم الكتب إذن لا يفهم الإنجيل المقدس في وسط مشغوليات العالم وإهتماماته ، وإنما يحتاج إلى جلسة على انفراد مع المسيح له المجد نسأله و نفهم منه ما يعسر علينا إستيعابه .
يشبه ملكوت السموات. أن ملكوت الله معناه أن الله يصير ملكاً علينا إذن ملكوت الله فينا يمكن تشبيه بنمو البذور في بطن الأرض ، وهذا يجعلنا نتأمل جيداً في أسرار النمو كيف تواجه البذور في بداية نموها مقاومات وصراع ضد عوامل كثيرة من الدفن في التربة إلى أن تصل إلى قول الرب " ان حبة الحنطة إن لم تمت وتدفن في الأرض تبقى وحدها ، ولكنها إن ماتت تأتى بثمر كثير "ان هذا الصراع بين
ما هو إلهى وما هو أرضى هو بداية ملكوت الله ان ملكوت الله لابد أن ينمو يوماً فيوم مثل البذار ،أما أى توقف في ملكوت الله فينا فهو إنذار بالخطر في حياتنا الروحية .
الزارع الجيد هو ! بن الإنسان
المسيح يزرع فينا كلمته كل يوم وفي كل مناسبة ، وهو يلقى بذاره بلا انقطاع ، وكلمته دائمة إلى الأبد هو كلم الآباء قديماً بالأنبياء وبطرق متنوعة أما الآن فهو يكلمنا بذاته لانه هو الكلمة الذاتي، وهو يزرع فينا ملكوته كل يوم حينما يطعمنا جسده المقدس " الكلمة صار جسداً ،"
فيما هو يزرع
سقط بعض على الطريق،وسقط آخر على الأماكن المحجرة ،وسقط آخر فى وسط الشوك ،وسقط آخر على الأرض الجيدة لاشك أن المسيح المبارك يعرف أسرار هذه العينات جميعها ،ولكنه في مراحمه ولطفه وأحساناته لا يمنع كلمته عن أحد يعطى الجميع بسخاء ،ويعطى فرصة لكل أحد ولكل قلب هو عارف قلب كل واحد ،وهو مختبر القلوب ويعرف أن فكر الإنسان مائل إلى الشر منذ صباه ولكنه طويل الروح وطويل الأناة ربما يقول قائل لماذا تلقى البذار على الطريق ؟ إنه لا يعطى ثمر ولماذا تلقى بعضاً عن الأرض المحجرة،وأيضاً في وسط الشوك ؟ ولكن الله في محبته يعطى الجميع فرصة وهو لا يشاء موت الخاطئ بل يسر برجوعه إنه يبذر بذار ملكوته في كل أرض حتى وهو يعلم أنها لا تأتى بثمر .
موقفك من ملكوت الله
لقد كشف لنا الرب فى المثل عن عينات القلوب التي تصادفها كلمة الملكوت ،وهنا نقف قليلا لتعرف مركزنا وموقفنا من الكلمة ان المطلوب منا ليس أن نقبل الكلمة فقط بل أن نعطى ثمراً لحساب الملكوت .
قال الرب عن المزروع على الطريق
"عن كلمة الملكوت" كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم فيأتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه هذا هو الإنسان العالمي الذي لا يعرف كيف يخبيء كلمة الملكوت في قلبه ،ولا كيف يفهم تدابير الله في حياته يستطيع أن يفهم كل ما يجرى في العالم وتدابير الشر والالتواء والاهتمامات هو يفهم في كل شيء إلا كلمة الملكوت ،وقد يسمع الكلمة ، يقرأها ولكنها لا تترك فى قلبه أثراً ولا تطبع في سلوكه تغييراً.
وقال الرب عن المزروع في الأماكن المحجرة
هو الذي يسمع الكلمة وحالا يقبلها بفرح ،ولكن ليس له أصل فى ذاته بل هو إلى حين هذا هو الإنسان السطحي في روحياته الذي ليس له عمق مع الله بل كل حياته مع الله عبارة عن منظر خارجى له شكل التقوى وصورة العبادة واستقبال كلمة الله بالفرح ،ولكنه يخبيء في داخله حجراً يظهر في الخارج أنه صالح ،ولكنه في داخل قلبه يضمر شروراً يظهر لطفا ،ولكن في داخله رجل قساوة وتجبر يبدو أمام الناس وديعاً و متواضعاً ،ولكنه يخفى داخله حجر كبرياء وعظمة انه قلب فريسي سوف ينفضح سريعاً لأنه ليس مكتوم إلا وسيعلن ولا خفى إلا وسيظهر.
وقال الرب عن المزروع في وسط الشوك
هو الذي يسمع الكلمة وهم العالم وغرور الغنى و شهوات العالم وسائر الأشياء تخنق الكلمة فتصير بلا ثمر وهذا هو الإنسان الذي خلط الحياة مع الله بالحياة مع العالم ، وجمع داخل قلبه بذرة كلمة الملكوت ،وبذرة شوك العالم والخطايا وجعلهما ينميان معاً لا مانع عنده من الصلاة ،ولا مانع عنده من الصوم ،ولا مانع من العطاء وأعمال الرحمة ،ولا مانع من حضور القداسات وسماع كلمة الله والتناول من الأسرار يستطيع أن يعمل كل هذا وفي نفس الوقت لا مانع من هم العالم وغرور الغني وشهوات سائر الاشياء لا مانع من البطالة والأماكن النجسة لا مانع من المعاشرات الرديئة ومجاراة أهل العالم لا مانع من الشهوات والغرور والكبرياء والزنى والنجاسة والاعتماد على الذات البشرية وكل هذه الأمور تختنق الكلمة فلا تأتى بثمر فلا تغير في الحياة ولا تجديد في الذهن ولا ثمر في الروح ولا تقدم في النعمة لذلك تصير كل الممارسات الروحية بالنسبة لهذا الإنسان بلا فاعلية وبلا قوة .
اخيراً قال الرب عن الأرض الجيدة
هو الذي يسمع الكلمة ويفهم ، وهو الذي يأتى بثمر وقال أيضاً في موضع آخر أنه يخبيء الكلمة في قلب صالح ويثمر بالصبر أن الذي يفهم مطاليب كلمة الله وتكاليف تبعية الذي يدرك مـر الصليب والحب الإلهى والألم من أجل الله ، و يفضل كلمة الله وملكوت الله على ملذاته واحتياجاته ، ويفهم كيف ينفصل عن الكل لكي يلتصق بالواحـــد ، وكيف يسعى باجتهاد لكي يدرك الهدف الذى من أجله يجاهد، ويفهم كيف يحمل صليبه كل يوم ويسهر في الصلاة ويحسب نفسة ميتا عن العالم ولكن يحيا لله ،ويسعى كسفير عن المسيح ، ويجاهد بالصبر ضد العالم وضد الذات البشرية والإغراءات هذا يثمر للحياة الأبدية وهذا الثمر قد لا يقدره العالم ولا يقبله ولا يعترف به لانه في الحقيقة ثمر الملكوت الذي قال عنه الرب " مملكتي ليست من هذا العالم" ان الثمار التي يأتى بها مثل هذا الإنسان سجلها بولس الرسول قائلا ، أما ثمر الروح فهو : محبة ، فرح ، سلام ، طول أناة ، لطف ، صلاح ، إيمان ، وداعة ، تعفف ،فتش إذن يا عزيزي عن هذا الثمر الذي لحساب الملكوت كم أثمرت ؟ ثلاثين أم ستين أم مئة ؟ وتذكر جيداً أن كل شجرة لا تعطى ثمراً تقطع،وأن كل ما يصنع ثمراً ينقيه لكي يأتى بثمر أكثر وإن لم يكن لنا ثمر للروح في حياتنا فلنبتدىء بأعمال التوبة و تفرح قلب الله إن كان القلب طريقاً للعالم فإنه يحتاج لسكين الروح القدس في التوبة لكي تحرثه فيصير صالحاً ،وإن كان القلب محجراً يحتاج إلى نقاوة ونزع الحجارة والقائها خارجاً بقوة إرادة و تضرعات كثيرة ،وإن يكن شوك العالم قد نما في قلبك فاتعب من أجل الله وانزع هذه الأشواك الخافقة أو أحرقها بروح التوبة ودموعها وحرارتها فلنتضرع إلى الله لكي يهبنا ثمار الروح القدس صلوا لأجلى يا إخوتي في الرب .
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية
المزيد
15 نوفمبر 2025
عمل الملائكة
نَحْنُ اليُّوم فِي لِيلِة عِيد المَلاَك مِيخَائِيل وَلِذَا سَنَتَكَلَّمْ عَنْ عَمَل المَلاَئِكَة فِي حَيَاتْنَا أحْيَاناً تَشْعُر أنَّ المَلاَئِكَة طَغْمَة سَمَائِيَّة وَقَدْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنَّا وَلاَ يَشْعُرُون بِنَا وَلاَ نَعْرِفْ دُورْهُمْ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالَتِهِ إِلَى العِبْرَانِييِّن يَقُول ﴿ أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأِجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ ﴾ ( عب 1 : 14) أي لاَبُد أنْ نُؤمِنْ أنَّ المَلاَئِكَة فِي خِدْمِتْنَا نَسْتَطِيعْ أنْ نَقُول أنَّنَا أبْنَاء المَلَكُوت وَيُعْتَبَر المَلَكُوت دَوْلَة وَنَحْنُ مُوَاطِنِيهَا وَرَئِيس الدَّوْلَة هُوَ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَأي دَوْلَة لَهَا جِيش يِحَارِبْ عَنْهَا نَحْنُ جِيشْنَا هُمْ المَلاَئِكَة وَمَعْرُوف أنَّ أي دَوْلَة تُقَاس قُوَّتِهَا بِقُوِّة جِيشْهَا مَادَام جِيش قَوِي وَلَدَيْهِ أسْلِحَة مُتَطَوِرَة تَكُون دَوْلَة لَهَا حِسَاب نَحْنُ دَوْلِة المَلَكُوت وَطَنَنَا الأصْلِي هُوَ السَّمَاء وَمَا عَمَلْنَا هُنَا إِلاَّ أنْ نُعْلِنْ أنَّنَا أبْنَاء المَلَكُوت وَبِيتْ كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا مَا هُوَإِلاَّ سِفَارَة لِلمَلَكُوت وَدَائِماً تَحْمِل السِّفَارَة صِفَات وَعَلَمْ دَوْلَتْهَا نَحْنُ أبْنَاء المَلَكُوت وَبُيُوتْنَا سِفَارَة لِلمَلَكُوت وَجِيشْنَا هُوَ جِيش المَلاَئِكَة لِذلِك سَنَتَحَدَّث عَنْ ثَلاَثَة وَظَائِفْ رَئِيسِيَّة لِعَمَل المَلاَئِكَة فِي حَيَاتْنَا :-
1- خِدْمَة:-
دُور المَلاَئِكَة الرَّئِيسِي خِدْمَة أي يُؤدِّي رِسَالَة المَلاَك هُوَ صَاحِبْ بِشَارَة صَاحِبْ رِسَالَة جَاءَ لِيُؤَدِّي خِدْمَة المَلاَك هُوَ وَسِيلِة حِوَار بَيْنَ السَّمَاء وَالأرْض فَهُنَاك أُمور مِنْ السَّمَاء يُعْلِنْهَا لِلإِنْسَان وَهُنَاك أُمور مِنْ الأرْض يُعْلِنْهَا فِي السَّمَاء فَيُبَلِغْنَا رِسَالِة الله وَيَرْفَعْ صَلَوَاتْنَا إِلَى الله لِذلِك عِنْدَمَا وَضَعْ أبُونَا يَعْقُوب رَأسُه عَلَى الحَجَر رَأى سُلَّمٌ رَأسُه فِي السَّمَاء وَمَلاَئِكَة صَاعِدَة وَنَازِلَة عَلَيْهِ ( تك 28 : 12) لَيْسَتْ صَاعِدَة فَقَطْ بَلْ وَنَازِلَة مِنْ فَوْق أيْضاً لِتُعْطِينَا أخْبَار سَارَّة وَالمَلاَئِكَة الصَّاعِدَة لِتَرْفَعْ صَلَوَاتْنَا وَطِلْبَاتْنَا وَانْتَبِه أنَّهُ مَا يَحْدُث فِي القُدَّاس هُوَ مَا رَآه أبُونَا يَعْقُوب كَلاَمٌ صَاعِدٌ وَكَلاَمٌ نَازِلٌ كَلاَمٌ صَاعِدٌ يَقُولُه الأب الكَاهِن وَكَلاَمٌ نَازِلٌ يَقُولُه الشَّمَاس الأب الكَاهِن يَقُول ﴿ أُذْكُر يَارَبَّ سَلاَمٌ كِنِيسْتَك الوَاحِدَة ﴾ هذَا كَلاَمٌ صَاعِدٌ وَالشَّمَاس يَقُول ﴿ صَلُّوا مِنْ أجْل سَلاَمٌ كَنِيسَة الله ﴾ هذَا كَلاَمٌ نَازِلٌ ( مَا يَقُولُه الكَاهِن فِي جُزْء إِجْعَلْنَا مُسْتَحِقِينْ ) إِذاً المَلاَئِكَة عَمَلْهُمْ خِدْمَة فَمَنْ بَشَّر زَكَرِيَّا الكَاهِن بِمِيلاَدٌ يُوحَنَّا المَعْمَدَان ؟ وَمَنْ بَشَّر العَذْرَاء بِالحَبَل الإِلهِي ؟ مَلاَك مَنْ طَمْأن يُوسِف البَّار عَنْ حَبَل العَذْرَاء ؟ مَلاَك وَمَنْ قَالَ لَهُ قُمْ خُذ الصَّبِي وَأُمُّه وَاهْرَب إِلَى مِصْر ؟ أيْضاً مَلاَك ( مت 2 : 13) حَتَّى أنَّنَا إِعْتَادْنَا أنْ نَرَى صُوْرِة العَائِلَة المُقَدَّسَة وَهيَ آتِيَة إِلَى مِصْر وَنَرَى فِيهَا العَذْرَاء وَالطِّفْل يَسُوع وَيُوسِف البَّار وَفَوْقَ مِنْهُمْ مَلاَك مَاذَا يَفْعَل ؟ يَحْفَظَهُمْ جِيش وَهذَا عَمَلُه ألَيْسَ مِنْ قَوَاعِد الجِيش أنْ تُوْجَدٌ حَرْب جَوِيَّة وَحَرْب بَرِّيَّة ؟ الحَرْب الجَوِيَّة تُغَطِّي الحَرْب البَّرِيَّة المَلاَك كَانَ يُغَطِّي مَوْكِبْ العَائِلَة المُقَدَّسَة وَكَأنَّهُ يَطِير فَوْقَهُمْ بِطَائِرَة تَحْرُسَهُمْ إِذاً عَمَل المَلاَئِكَة خِدْمَة مَنْ الَّذِي بَشَّر الرُّعَاة بِالمِيلاَدٌ المَجِيد ؟ مَلاَك الرَّبَّ .. حَتَّى أنَّنَا رَأيْنَا يَسُوع وَهُوَ فِي
البُسْتَان عِنْدَمَا كَانَ يُصَلِّي وَعَرَقُه يَتَسَاقَطْ كَقَطَرَات دَم يَقُول الكِتَاب ﴿ وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ ﴾ ( لو 22 : 43 )عَمَل المَلاَئِكَة يُقَوِّينَا وَيَخْدِمْنَا وَيِسْنِدْنَا فِي القَبْر المُقَدَّس بَعْد القِيَامَة رَأت المَرْيَمَات مَلاَكَيْنِ المَلاَئِكَة تَعْمَل إِنَّهَا قُوَّة مُقْتَدِرَة قُوَّة تَعْمَل أيْضاً فِي القِيَامَة بَعْدَمَا قَامَ رَبَّنَا يَسُوع أرَادَ أنْ يُعْلِنْ قِيَامَتِهِ فَأتَى مَلاَك وَدَحْرَج الحَجَر لأِنَّ الْمَسِيح قَامَ وَالقَبْر مُغْلَقٌ ( مت 28 : 2 ) وَلِكَيْ يَعْرِفْ النَّاس قِيَامَتِهِ رَفَعْ لَهُمْ الحَجَر وَكَانَ مَكْتُوب أنَّ الحَجَر كَانَ عَظِيمْ وَعَلَيْهِ سَلاَسِل وَأخْتَام كُلَّ هذَا لاَ يَسْتَطِيعْ أحَدٌ أنْ يَعْمَلُه سِوَى مَلاَك وَكَأنَّ المَلاَك يَقُول لَك الشِئ الصَّعْب عَلِيك أنَا سَأفْعَلُه لكِنْ عَلَيْكَ دُور وَأنَا مَوْجُودٌ لِحِرَاسْتَك وَالدِّفَاع عَنْكَ فِي العَهْد القَدِيم تُوْجَدٌ أُمور كَثِيرَة بِهَا مَلاَئِكَة رَأيْنَا مَلاَك الرَّبَّ الَّذِي جَاءَ لِيَشُوع وَالَّذِي جَاءَ لِجَدْعُون وَمَلاَك جَاءَ وَنَزَل وَسَدَّ أفْوَاه الأُسُود لِدَانِيَال ( دا 6 : 22 ) كَمَا قُلْنَا جِيش يُحَارِب عَنَّا وَيَقُوم بِالمَهَام المُسْتَحِيلَة الَّتِي لاَ نَعْرِفْ نَحْنُ أنْ نَعْمَلْهَا هَلْ إِلَى دَرَجِة سَدٌ أفْوَاه الأُسُود ؟ نَعَمْ يَسِدٌ أفْوَاه الأُسُود رَأيْنَا المَلاَك الَّذِي أطْعَمْ إِيلِيَّا النَّبِي ( 1مل 19 : 5 – 7 )أيْضاً رَأيْنَا مَلاَك ذَهَبْ إِلَى لُوط لِيُنْقِذُه مِنْ سَدُوم وَعَمُورَة وَقِيلَ أنَّ لُوط تَبَاطَأ فَقَالَ لَهُ المَلاَك أسْرِع وَلكِنَّهُ تَبَاطَأ أيْضاً فَجَذَبَهُ المَلاَك مِنْ يَدِهِ وَأخْرَجَهُ بِسُرْعَة ( تك 19 : 15 – 16) خَادِم لِذلِك الكَنِيسَة تَعْتَبِر الكَاهِن مَلاَك وَالأُسْقُفْ مَلاَك لِذلِك قَالَ فِي سِفْر الرُؤْيَا ﴿ اُكْتُبْ إِلَى مَلَكِ كَنِيسَةِ أَفَسُسَ ﴾ ( رؤ 2 : 1)﴿ اكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي فِيلاَدَلْفِيَا ﴾ ( رؤ 3 : 7 ) مَا مَعْنَى مَلاَك ؟ هَلْ هُوَ مَلاَك أم إِنْسَان ؟ أم إِنْسَان أم مَلاَك ؟ هُوَ إِنْسَان لكِنَّهُ مَلاَك لِذلِك هذَا عَمَل المَلاَئِكَة خُدَّام ظَهَرَ مَلاَك لِكِرْنِيلْيُوس وَقَالَ لَهُ أنَّ الله قَبَلْ صُومَك وَصَلَوَاتَك ( أع 10 : 4 )أيْضاً خَلَّص المَلاَك بُطْرُس الرَّسُول مِنْ السِّجْن بُطْرُس كَانَ مَسْجُون وَمُقَيَدٌ وَجَاءَهُ المَلاَك وَأيْقَظَهُ قَائِلاً قُمْ عَاجِلاً وَتَعَالَ إِتْبَعْنِي بُطْرُس الرَّسُول بَيْنَمَا هُوَ خَارِج قَالَ لِلمَلاَك كَيْفَ نَعْبُر مِنْ الحَبْس ؟ يَقُول الكِتَاب أنَّ المَلاَك عَبَّرَهُ المَحْرَس الأوَّل وَالثَّانِي وَانْفَتَحَ لَهُمَا البَاب مِنْ ذَاتُه ( أع 12 : 10) مَلاَك لَهُ قُوَّة وَاقْتِدَار أدْخَلَهُ إِلَى العُلِّيَّة الَّتِي كَانَ التَّلاَمِيذ مُجْتَمِعِينَ فِيهَا وَقَالَ لَهُ إِنْتَهَى دُورِي الأنْ أنْتَ الأنْ مَعَ أحْبَابَك وَاطْمَأنَّ عَلِيه مَلاَك عَمَل المَلاَك خِدْمَة فِي مُعْجِزِة شِفَاء مُقْعَدٌ بَيْت حَسْدَا كَانَ المَلاَك يَأتِي وَيُحَرِّك المَاء ( يو 5 : 4 ) كُلَّ هؤلاَء مَلاَئِكَة عَمَلْهُمْ خِدْمِتْنَا إِخْرَاجْنَا مِنْ الحَبْس شِفَائْنَا كِرَازِتْنَا بِخَبَر مُفْرَح مَعُونِتْنَا صُعُودٌ طِلْبَاتْنَا لِلسَّمَاء مَلاَئِكَة خُدَّام لِذلِك يُوْجَدٌ فِي كِنِيسِتْنَا تَقْلِيد إِيمَان جَمِيلٌ أنَّهُ مِنْ لَحْظِة نِزُول الشَّخْص المَعْمُودِيَّة يُوَكَّل مَلاَك لِحِرَاسَتِهِ وَلاَ يُفَارِقَهُ إِلاَّ عِنْدَ إِنْتِقَالِهِ إِلَى السَّمَاء فِي إِيمَانَنَا أنَّ كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا لَهُ مَلاَك حَارِس خَاص بِهِ مُنْذُ المَعْمُودِيَّة وَإِنْ صِرْنَا شُرَكَاء فِي بَرَكِة الخَلاَص الله أوْصَى المَلاَك قَائِلاً هذِهِ النَّفْس مُهِمِتَك أُحْرُسْهَا – مَلاَك حَارِس – حَتَّى أنَّ المَلاَك الحَارِس يَحْفَظْنِي وَيِحَارِبْ عَنِّي حَتَّى النَّفْس الأخِير لأِنَّ تَقْلِيد الكَنِيسَة يَقُول أنَّهُ حَتَّى النَّفَس الأخِير يُحَاوِل الشَّيْطَان أنْ يَأخُذ النَّفْس إِلَى الجَحِيم مَنْ الَّذِي يَمْنَعُه ؟ المَلاَك الحَارِس وَيَقُول لَهُ هُوَ لِي يُجِيبُه المَلاَك لاَ هذَا إِبْن الْمَسِيح يَقُول الشَّيْطَان لكِنَّهُ أخْطَأ يُجِيبُه المَلاَك لكِنَّهُ كَانَ يَتُوب وَيِتْنَاوِل يَقُول الشَّيْطَان لكِنَّهُ فَعَل كَذَا وَكَذَا يُجِيبُه المَلاَك لكِنَّهُ قَدَّم تُوْبَة عَنْ كُلَّ هذِهِ الخَطَايَا المَلاَك يُدَافِعْ عَنِّي لكِنْ لِنَنْتَبِه أنْ نُخْجِل مَلاَكْنَا الحَارِس وَلاَ يَجِدٌ شِئ يُدَافِعْ بِهِ عَنَّا يَقُول لَهُ الشَّيْطَان لَقَدْ أخْطَأ .. يُجِيب المَلاَك لكِنَّهُ كَانَ يَنْدَم وَيُحَاوِل ألاَّ يَسْقُطْ مَرَّة أُخْرَى لكِنِّي قَدْ أصِل بِالمَلاَك أنْ لاَ يَجِدٌ إِجَابَة أوْ دِفَاع عَنِّي ضِدٌ عَدُو الخِيرإِذاً مَلاَك لِحِرَاسْتِي مَلاَك لِخِدْمِتِي حَتَّى أنَّ أكْثَر شِئ يِفَرَّح مَلاَكِي الحَارِس هُوَ تُوبْتِي وَعِبَادْتِي وَتَمَسُّكِي بِالوَصَايَا ألَمْ يُعَرِّفْنَا رَبِّنَا يَسُوع لَهُ المَجْد هذَا الأمر فِي أمْثِلَة كَثِيرَة مِثْل مَثَل الإِبْن الضَّال قَالَ ﴿ يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ ﴾ ( لو 15 : 7 ) مَا عِلاَقِة السَّمَاء بِهذَا الأمر ؟ حَتَّى المَلاَئِكَة تُقِيمْ أفْرَاح عِنْدَمَا يَتُوب وَاحِد مِنَّا عِنْدَمَا نَسْمَعْ عَنْ شَخْص تَرَك الْمَسِيح ثُمَّ عَادٌ إِلَى حُضْنُه نِفْرَح كُلِّنَا لأِنَّهُ أخُونَا وَقَدْ نَكُون لاَ نَعْرِفُه شَخْصِيّاً لكِنِّنَا نِفْرَح بِرُجُوعُه هكَذَا المَلاَئِكَة عِنْدَمَا يَدْخُل إِنْسَان تَحْت سَيْطَرِة عَدُو الخِير ثُمَّ يَعُودٌ لِحُضْن يَسُوع تِفْرَح هَلْ تَتَخَيَّل أنَّهُمْ بَعِيدِينَ عَنَّا ؟ لاَ لِذلِك فِي مَثَل الدِّرْهَم المَفْقُودٌ المَرْأة الَّتِي ضَاعْ مِنْهَا الدِّرْهَمْ وَفَتِّشِتْ عَلِيه وَعِنْدَمَا وَجَدِتُه فِرْحِتْ بِهِ وَحْدَهَا أم دَعَتْ الجَارَات وَالأصْدِقَاء ؟ دَعِتْ الجَارَات وَالأصْدِقَاء لِيَفْرَحُوا مَعَهَا ( لو 15 : 8 – 9 ) مَنْ هُمْ الجَارَات وَالأصْدِقَاء ؟ هُمْ المَلاَئِكَة وَالقِدِّيسِينْ يِفْرَحُوا مَعَهَا لأِنَّهَا وَجَدِت الدِّرْهَمْ المَفْقُودٌ المَلاَئِكَة لأِنَّهُمْ يِخْدِمُوا خِدْمِة الخَلاَص أكْثَر شِئ يِفَرَّحْهُمْ خَلاَص الإِنْسَان المَلاَئِكَة لأِنَّهُمْ يُمَجِّدُوا الله لِقَدَاسَتِهِ عِنْدَمَا يَجِدُوا إِنْسَان عَادَ لِحَيَاة القَدَاسَة يِفْرَحُوا لأِنَّ عَمَلِهِمْ أنْ يَأتُوا بِأُنَاس لِلقَدَاسَة يَفْرَحُون جِدّاً لإِنْضِمَام نَفْس لِلحَيَاة الأبَدِيَّة إِذاً المَلاَئِكَة خُدَّام المَلاَئِكَة يَشْعُرُون بِنَا ؟ نَعَمْ يَحْكِي تَارِيخ الكَنِيسَة أنَّهُ فِي أحَدٌ المَرَّات كَانَ رَاهِبْ يَسْكُنْ قَلاَيَة بَعِيدَة عَنْ عِينْ المَاء وَعِنْدَمَا يَحْتَاجٌ مَاء كَانَ يَذْهَبْ إِلَى العِينْ لِيَمْلأ جَرَّتَهُ وَكَانَ يَشْعُر أنَّ هُنَاك مَلاَك يُرَافِقَهُ وَبَعْد فِتْرَة تِعِبْ الرَّاهِبْ مِنْ بُعْد المَسَافَة بَيْنُه وَبَيْنَ عِينْ المَاء وَأرَادَ أنْ يَسْكُنْ قَلاَيَة أُخْرَى قَرِيبَة مِنْ عِينْ المَاء وَفِيمَا هُوَ يَبْحَث عَنْ قَلاَيَة قَرِيبَة وَجَدٌ المَلاَك يُرَافِقُه لكِنَّهُ صَامِتْ وَيِعِد أرْقَام وَسَألَهُ الرَّاهِبْ لِمَاذَا تِعِد هذِهِ الأرْقَام ؟ مَاذَا تَحْسِبْ ؟ فَلَمْ يَجِبُه المَلاَك حَتَّى وَصَلْ إِلَى القَلاَيَة المُنَاسِبَة قَالَ لِلمَلاَك مَاذَا كُنْت تَحْسِبْ ؟ قَالَ المَلاَك كُنْت أحْسِبْ الفَرْق بَيْنَ عَدَد الخَطَوَات بَيْنَ القَلاَيَة البَعِيدَة وَالقَلاَيَة القَرِيبَة فَسَألَهُ الرَّاهِبْ وَمَاذَا فِي ذلِك ؟ قَالَ المَلاَك لأِنَّ فَرْق الخَطَوَات كَانَ يُحْسَبْ لَك أكَالِيل أكْثَر وَعِنْدَمَا تَقْتَرِب لِعِينْ المَاء التَّعَبْ يِكُون أقَلْ وَبِالتَّالِي أكَالِيل أقَلْ عِنْدَئِذٍ قَالَ الرَّاهِبْ إِذاً نَبْحَثْ عَنْ قَلاَيَة أبْعَد وَلَيْسَتْ أقْرَب إِذاً المَلاَك يَرَى تَعَبِي وَيُقَدِّمُه لله وَكَأنَّهُ مَسْئُول أنْ يُقَدِّم عَنِّي تَقْرِير مَاذَا أفْعَل وَمَاذَا آكُل وَمَا هِيَ الفِكْرَة الَّتِي أرْفُضْهَا ؟ وَمَا هِيَ الفِكْرَة الَّتِي أقْبَلْهَا ؟تَخَيَّل أنَّهُ لاَبُدْ لِلإِنْسَان أنْ يَشْعُر دَائِماً أنَّهُ أمَام مَلاَك الله فَكَيْفَ أجْلِس فِي بِيتِي وَكَيْفَ أتَكَلَّمْ مَعَ أصْحَابِي وَأي شِئ أُشَاهِدُه ؟ هَلْ أشَاهِد تِلْفِزْيُون وَالمَلاَك بِجَانِبِي ؟ مَاذَا سَيَرَى مَعِي ؟ شَاب جَالِس أمَام الكُمْبِيُوتَر مَاذَا سَيَرَى وَمَاذَا سَيَرَى مَعَهُ المَلاَك ؟ حَتَّى الأبَاء يُعَلِّمُونَا أنَّهُ يَجِبْ أنْ نَجْلِس بِاعْتِدَال حَتَّى أثْنَاء تَنَاوُلْنَا طَعَامْنَا لأِنَّ مَعَنَا مَلاَك وَأنْتَ فِي بِيتَك إِجْلِس بِاعْتِدَال لأِنَّ مَعَك مَلاَك إِحْتِرَام لِلمَلاَك ألَيْسَ عِنْدَمَا تَجْلِس أمَام شَخْص ذُو مَرْكَز مَرْمُوق تَجْلِس بِاعْتِدَال ؟ الأبَاء يَقُولُون عَلَى الإِنْسَان أنْ يَجْلِس مُنْضَبِطاً مُلْتَزِماً فِيمَا يَخْجَل مِنْ مَلاَكُه لِذلِك حَتَّى فِي بِيُوتْنَا لاَبُدْ أنْ نَرْتَدِي مَلاَبِس مُعْتَدِلَة لأِنَّهُ يُوْجَدٌ مَلاَك يَرَانَا يَرَى سُلُوكْنَا وَأعْمَالْنَا إِذاً مَلاَك لِحِرَاسْتِي وَخِدْمِتِي .
2- قُوَّة:-
نِسْأل سُؤَال آخَر مَا هُوَ عَدَد المَلاَئِكَة وَمَا هِيَ قُوَّتِهِمْ ؟ عَدَدْهُم كَثِيرأبُونَا يَعْقُوب فِي سِفْر التَّكْوِين أصْحَاح 32 عِنْدَمَا رَأى المَلاَئِكَة صَاعِدَة وَنَازِلَة عَلَى السِّلِّمْ قَالَ ﴿ هذَا جَيْشُ اللهِ ﴾ ( تك 32 : 2 ) لِذلِك كُلَّ دَوْلَة لَهَا جِيش وَهذَا جِيشْنَا وَلِنَتَذَكَّر قِصَّة إِلِيشَع النَّبِي وَجِيحْزِي تِلْمِيذُه عِنْدَمَا أتَى مَلِك آرَام بِجُيُوشُه العَظِيمَة لِمُحَارَبَتْهُمَا عِنْدَمَا رَأى جِيحْزِي الجُيُوش خَافْ وَارْتَعَبْ وَذَهَبْ إِلَى مُعَلِّمُه إِلِيشَع لِيَشْكُو لَهُ الأمر وَقَالَ لَهُ أنَّ مَلِك آرَام نَشَر جُيُوشُه حَوْلَنَا وَهُمْ لاَ يُحْصُون مِنْ الكَثْرَة يَقُول الكِتَاب أنَّ إِلِيشَع النَّبِي صَلَّى إِلَى الله قَائِلاً ﴿ يَارَبُّ افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ فَقَالَ لاَ تَخَفْ لأِنَّ الَّذِينَ مَعْنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعْهُمْ ﴾ ( 2مل 6 : 17 ؛ 16)فَكَشَفَ الله فَرَأى جِيحْزِي أعْدَادٌ كَثِيرَة جِدّاً مِنْ المَلاَئِكَة تُحِيط بِالجَبَل كَثِيراً مَا نَسْمَع كَلِمَة أُلُوف أُلُوف وَرَبَوَات رَبَوَات " الرَّبْوَة " عَشْرَة آلاَف .. أي عَشَرَات الأُلُوف جَمْع غِير مُحْصَى لاَ يُعَد حَتَّى أنَّ أيُّوب البَّار قَالَ ﴿ هَلْ مِنْ عَدَدٍ لِجُنُودِهِ ﴾ ( أي 25 : 3 ) جُنُودُه لاَ يُعَدُّون وَلَيْسَ مُجَرَّدٌ عَدَد كَثِير وَبِلاَ فَائِدَة لاَ يَحْكِي الكِتَاب المُقَدَّس عَنْ المَلِك سِنْحَارِيب فِي أيَّام أشْعِيَاء النَّبِي يَقُول الكِتَاب أنَّ سِنْحَارِيب كَانَ يُعَيِّر شَعْب الله وَيَقُول لَهُمْ لِتَرُوا مَاذَا يَفْعَل الله بِكُمْ وَمَاذَا يَفْعَل أشْعِيَاء لَكُمْ ؟ لَنْ أتْرُك مِنْكُمْ إِنْسَان يَعِيش وَلاَبُدْ أنْ تُقَدِّمُوا لِي المَال وَكَانَ يُهَدِّدٌ بِقُوَّة فَرَفَعْ مَلِك إِسْرَائِيل طِلْبَة إِلَى الله وَقَالَ ﴿ نَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ وَلكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا ﴾( 2أخ 20 : 12) – لَيْسَ فِينَا قُوَّة – يَقُول الكِتَاب ﴿ وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفاً ﴾ ( 2مل 19 : 35 )مَلاَك وَاحِدٌ يَقْتُل 185000 فِي لَيْلَة وَاحِدَة إِنْ كَانَ لَنَا أُلُوف أُلُوف وَرَبَوَات رَبَوَات فَمَاذَا يَفْعَل كُلَّ هؤلاَء ؟ لِذلِك يَقُول بُولِس الرَّسُول﴿ أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأِجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ ﴾ ( عب 1 : 14)عِنْدَمَا نَتَذَكَّر لِيلِة الفِصْح لِشَعْب إِسْرَائِيل فِي أرْض مِصْر كُلَّ أبْكَار المَصْرِيِينْ قُتِلُوا بِيَدْ مَلاَك وَاحِدٌ إِسْمُه المَلاَك المُهْلِك فِرْعُون وَجُنُودُه الَّذِي يَذِل شَعْب الله مَلاَك وَاحِدٌ يَقْتُل لَهُ كُلَّ أبْكَارُه فَمَاذَا إِذاً تَفْعَل جُيُوش المَلاَئِكَة ؟ كَلِمَة إِلِيشَع النَّبِي ﴿ فَقَالَ لاَ تَخَفْ لأِنَّ الَّذِينَ مَعْنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعْهُمْ يَارَبُّ افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ ﴾لاَبُدْ أنْ نَثِقٌ فِي المَلاَئِكَة وَفِي قُوَّتِهِمْ وَقُدْرَتِهِمْ قَدْ نَضْعُفْ وَنَقُول إِنِّنَا فِي عَصْر صَعْب وَيُوْجَدٌ مَنْ يَتْرُك الله وَمَاذَا سَيَفْعَلُون بِنَا ؟ نَقُول لَك ألاَ تَثِقٌ فِي عَمَل الله وَجُنُودُه ؟ لَيْتَكَ تَعْرِفْ وَتَقْرأ تَارِيخ كِنِيسْتَك وَتَرَى حَتَّى آخِر أحْدَاث تَحْدُث فِي هذِهِ الشُهُور وَالأيَّام وَتَرَى يَدْ الله مُقْتَدِرَة وَتَرَى أمَاكِنْ خَرَجَ عَلَيْهَا أُلُوف وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا فِعْل شَيْء لِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ يُوْجَدٌ مَلاَئِكَة تُدَافِعْ عَنَّا .. الَّذِينَ مَعَنَا أكْثَر مِنْ الَّذِينَ عَلَيْنَا هذَا لَيْسَ مُجَرَّدٌ كَلاَم بَلْ بِالفِعْل لَنَا جِيش قَوِي مُقْتَدِرٌ أقُول لَك لاَبُدْ أنْ يَكُون لَك نَفْس الثِّقَة .
عِنْدَمَا جَاءُوا لِيَقْبُضُوا عَلَى يَسُوع أخْرَج مُعَلِّمْنَا بُطْرُس سَيْفُه وَقَالَ لاَبُدْ أنْ نُدَافِعْ عَنْ أنْفُسْنَا فَقَالَ لَهُ يَسُوع لاَ أنَا مَعِي جِيش قَوِي لكِنْ لَمْ تَأتِي لَهُ إِشَارَة بِالتَّحَرُّك لأِنَّهُ جِيش لاَ يَتَحَرَّك إِلاَّ بِإِشَارَة لأِنَّ الجِيش لَوْ خَرَجَ عَلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُه وَلَمْ تَأتِيهِ إِشَارَة بِالتَّحَرُّك لاَ يَتَحَرَّك المَلاَئِكَة لَمْ تَأتِيهِمْ إِشَارَة لِلتَّحَرُّك وَالدِفَاع عَنْ يَسُوع لِذلِك قَالَ السَيِّد الْمَسِيح لِبُطْرُس ﴿ أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمُ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ﴾ ( مت 26 : 53 ) هَلْ تَتَخَيَّل إِنِّي لاَ أسْتَطِيعْ أنْ أُرْسِل إِشَارَة إِلَى أبِي لِيُرْسِل لِي جِيش يُدَافِعْ عَنِّي هَلْ سَيَبْخَل عَلَيَّ ؟ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يُرْسِل لِي إِثْنَيْ عَشَرَ جَيْش وَلِنَرَى عَدَد الجِيش الوَاحِدٌ كَمْ يَكُون ؟ أي يَسْتَطِيعْ أنْ يُرْسِل قُوَّات رَهِيبَة يَشِل حَرَكِة مَنْ يَقْبُضُون عَلَى يَسُوع وَيُرْعِبَهُمْ لكِنَّهُ سَمَح أنْ يُهَان وَتُقْسَم ثِيَابُه وَيُصْلَبْ وَ هذَا تَدْبِير مِنْ العَهْد القَدِيم وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُمْ لاَ تَنْسُوا شِئ مِنْ تَدْبِيرِي هَاتُوا المُسْمَار وَالحَرْبَة وَ لِيَتِمْ مَا قِيلَ فِي المَزْمُور 22 ﴿ ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي وَهُمْ يَنْظُرُون وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ . يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ ﴾( مز 22 : 16 – 18) تَدْبِير إِلهِي كَبِير لاَ يَفْهَمُه أحَدٌ وَقَدْ يَتَسَاءَل البَعْض لِمَاذَا فَعَلُوا هذَا بِيَسُوع ؟
نَقُول هُوَ مِنْ بِدَايِة الأمر دَبَّر هَلْ تَتَخَيَّلُون أنَّهُ لأِنَّ الكِتَاب المُقَدَّس مَوْجُودٌ بَيْنَ أيْدِينَا الأنْ أنَّهُ كُتِبَ فِي لَحْظَة ؟ لَقَدْ كُتِبَ فِي 1600 سَنَة يَحْكِي عَنْ أُمور كُلَّهَا فِي النِّهَايَة تَرَابَطَتْ لِتُعْلِنْ قِصَّة خَلاَص الإِنْسَان مِنْ آدَم حَتَّى المَجِئ الثَّانِي لِيَسُوع كُتِبَ فِي 1600 سَنَة وَمَعَ هذَا أحْدَاثُه مُتَسَلْسِلَة وَمَا كُتِبَ عَنْهُ فِي العَهْد القَدِيم حُقِّقٌ فِي العَهْد الجَدِيد حَتَّى مَجِيئُه الأخِير وَفِي النِّهَايَة تَجِدٌ مَنْ يَقُول لَك إِنِّي لاَ أفْهَمْ لأِنَّهُمْ يَقُولُون كَذَا وَكَذَا لاَ إِفْرَح بِمَسِيحَك وَأبَدِيِتَك وَالمَلاَئِكَة خُدَّامَك لِذلِك قَالَ بُولِس الرَّسُول ﴿ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفَلُ مَلاَئِكَةٍ ﴾ ( عب 12 : 22 )هذَا مَا يَنْتَظِرْنَا هذِهِ بَرَكِة العَهْد الجَدِيد لِذلِك فِي سِفْر الرُؤْيَا يَقُول ﴿ مَلاَئِكَةٍ كَثِيرِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَكَانَ عَدَدُهُمْ رَبَوَاتِ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفَ أُلُوفٍ ﴾ ( رؤ 5 : 11) لِذلِك كِنِيسِتْنَا تُسَبِّح مَعَ المَلاَئِكَة وَتَقُول ﴿ الَّذِي يَقِفْ أمَامُه المَلاَئِكَة وَرُؤَسَاء المَلاَئِكَة الرِّئَاسَات وَالسُلْطَات وَالكَرَاسِي وَالأرْبَاب وَالقُّوَات ﴾( مَا يَقُولُه الكَاهِنْ بَعْد مُسْتَحِقٌ وَعَادِلٌ فِي القُدَّاس البَاسِيلِي ) كُلَّ فِئَة مِنْ هؤلاَء جِيش وَجِيش لَهُ قِيَادَة وَمَهَام يَقُوم بِهَا مَلاَئِكَة وَرُؤَسَاء مَلاَئِكَة وَأرْبَاب وَقُوَّات وَ الأبَاء مِنْ شِدِّة إِنْفِعَالِهِمْ بِالمَلاَئِكَة يُقِيمُوا مُقَارَنَة بَيْنَهُمْ وَيَقُولُون مَنْ هُمْ الكَرَاسِي وَمَنْ هُمْ الأرْبَاب وَمَنْ هُمْ القُّوَات ؟ حَقَائِقٌ سَنَظِل نَجْهَلْهَا إِلَى أنْ نَذْهَبْ إِلَيْهَا لِذلِك الَّذِي أدْرَك أنَّهُ إِنْسَان سَمَاوِي يَكُون لَهُ عِلاَقَة بِالمَلاَئِكَة مَزْمُور 103 يَقُول ﴿ مَلاَئِكَتَهُ الْمُقْتَدِرِينَ قُوَّة ﴾( مز 103 : 20 ) لِذلِك لَنَا وَعْد فِي المَزْمُور يَقُول ﴿ مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ وَيُنَجِّيهِمْ ﴾ ( مز 34 : 7 ) لاَبُدْ أنْ أثِقٌ فِي أنَّ المَلاَئِكَة حَوْلِي وَعَدَدْهُمْ كَثِير وَأقْوِيَاء وَبِذلِك أطْمَئِنْ وَأثِقٌ فِي ذلِك لِذلِك يَقُول ﴿ يُوصِي مَلاَئِكَتُه بِك لِيَحْفَظُوك ﴾ ( مز 90 – مِنْ مَزَامِير السَّادِسَة ) يُوصِيهُمْ عَلِيك لِيَحْفَظُوك بُولِس الرَّسُول كَانَ فِي السَفِينَة وَأوْشَكَتْ السَفِينَة عَلَى الغَرَق وَكَانَ كُلَّ الَّذِينَ مَعَهُ خَائِفِينْ لكِنْ مَلاَك الرَّبَّ قَالَ لَهُ لاَ تَخَفْ لَنْ تَغْرِق السَفِينَة وَسَتَصِل إِلَى رُومَا أنْتَ وَكُلَّ الَّذِينَ مَعَك وَقَالَ بُولِس لأِهْل السَفِينَة ﴿ لأِنَّهُ وَقَفَ بِي هذِهِ اللَّيْلَةَ مَلاَكُ الإِلَهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَالَّذِي أَعْبُدُهُ قَائِلاً لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقِفَ أَمَامَ قَيْصَرَ وَهُوَذَا قَدْ وَهَبَكَ اللهُ جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ مَعَكَ ﴾ ( أع 27 : 23 – 24 )هَلْ أدْرَكْت قُوَّة المَلاَئِكَة ؟ كَمْ هُمْ مُقْتَدِرِينْ وَكَثِيرِينْ يَخَافُون عَلِيك وَيَحْرُسُوك .
3- عِبَادَةٌ:-
عَمَل المَلاَئِكَة هُوَ أعْمَال تَخُص البَشَر وَأعْمَال تَخُص الله أعْمَال تَخُص البَشَر مِثْل خِدْمَة قُوَّة وَأعْمَال تَخُص الله عِبَادَة المَلاَئِكَة دَائِماً وَاقِفُون أمَام عَرْش الله فِي تَسْبِيح دَائِمْ وَيَنْشِدُون﴿ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ ﴾ ( أش 6 : 3 ) تَخَيَّل هذِهِ الجُمْلَة مِنْ أُلُوف أُلُوف وَرَبَوَات رَبَوَات كَمْ تَكُون مُرْهِبَة بِتَعْبِيرْنَا نَحْنُ أنَّ كُلَّ دَوْلَة لَهَا نَشِيد وَطَنِي المَلاَئِكَة لَهُمْ نَشِيد وَطَنِي وَنَشِيدْهُمْ الوَطَنِي هُوَ ﴿ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ ﴾ تَخَيَّل أصْوَاتِهِمْ عِنْدَمَا تَخْرُج مِنْ رَبَوَات وَأُلُوف وَلاَ يَقُولُون هكَذَا فَقَطْ بَلْ يَخُرُّون وَيَسْجُدُون – عَظَمَة – تَجْعَل قَلْب الإِنْسَان يَرْتَفِعْ لِيَرَى هذَا المَشْهَدٌ الْمَسِيح عَلَى عَرْشُه الإِلهِي وَالمَلاَئِكَة يَسْجُدُون لَهُ وَيَقُولُون قُدُّوس قُدُّوس قُدُّوس مَجْدُهُ مِلْءُ كُلَّ الأرْض الله يُرِيدْ أنْ يُعْلِنْ قُدْرِتُه وَيُحِب أنْ نُسَبِّحُه جُمْهُور المَلاَئِكَة الَّذِي ظَهَر لَحْظِة المِيلاَدٌ العَجِيب وَقَالُوا ﴿ الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ ﴾ ( لو 2 : 14)عَمَل المَلاَئِكَة إِعْلاَن مَجْد الله وَسَطْ العَالَمْ وَإِعْلاَن قُوَّتُه وَسَطْ العَالَمْ وَتَثْبِيتْ مَمْلَكَتُه وَصُنْع مَشِيئَة الله وَسَطْ العَالَمْ لِذلِك جَيِّدٌ دَاوُد النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ المَزْمُور 148 ، 149 وَالكَنِيسَة تَأخُذْهُمَا تَسْبِيح الهُوس الرَّابِعْ وَفِي تَوْزِيع القُدَّاس وَتَقُول﴿ سَبِّحُوه يَا جَمِيع مَلاَئِكَتُه سَبِّحُوه يَا جَمِيع جُنُودُه ﴾ ( مز 148)﴿ سَبِّحُوه فِي جَلَد قُوَّتِهِ
سَبِّحُوه كَكَثْرِة عَظَمَتْهِ عَلَى عَلَى ﴾ ( مز 150 )وَيَقُول سِفْر الرُؤْيَا ﴿ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لله قَائِلِينَ آمِينَ الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لإِلهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ آمِينَ ﴾ ( رؤ 7 : 11 – 12) يُعَدِّدُون صِفَات الله وَيُرَدِّدُونَهَا أمَامُه لِذلِك لَنَا إِيمَان أنَّنَا بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الكَنِيسَة المَلاَئِكَة مَعَنَا حَتَّى أنَّنَا نُؤمِنْ أنَّ الكَنِيسَة إِسْمَهَا " بَيْت المَلاَئِكَة " لأِنَّ الْمَسِيح لَمَّا دَبَّر أنَّ بَلَدُه الَّذِينَ هُمْ أبْنَاء المَلَكُوت أي نَحْنُ أقَامَ لَهَا جِيش وَدَبَّر لَهُمْ مَكَان يَسْكُنُون فِيهِ ألَيْسَ لِلجِيش خِيَام ؟هكَذَا دَبَّر لِجِيش المَلاَئِكَة الكَنِيسَة كُلَّ كَنِيسَة بِهَا كَتِيبَة الكَنِيسَة هُنَا بِهَا مَلاَئِكَة وَنَحْنُ نُؤمِنْ بِذلِك وَلَيْسَ هُوَ كَلاَمٌ مُجَامْلَة نَعْرِفْ فِي أكْثَر مِنْ كَنِيسَة وَفِي كِنِيسِتْنَا أنَّ حُرَّاس الكَنَائِس يَخَافُون لأِنَّهُمْ يَسْمَعُون أصْوَات فِي الكَنِيسَة لَيْلاً وَيَطْلُبُون عَمَل آخَر غِير الحِرَاسَة اللَّيْلِيَّة مَلاَئِكَة مَوْجُودَةٌ فِي الكَنِيسَة قَرِيباً فِي كَنِيسَة المَلاَك بِمَنْطِقَة غُرْبَال قَالَ الحَارِس أنَّهُ يَسْمَع أصْوَات فِي الكَنِيسَة لَيْلاً الكِنِيسَة بِيتْ المَلاَئِكَة هَلْ المَلاَئِكَة يَصْمُتُون أم يَتَحَاكُون مَعاً ؟ لاَ يَصْمُتُون وَلاَ يَتَحَاكُون بَلْ يُسَبِّحُون لَيْسَ لَدَيْهِمْ أُمور يَتَحَاكُون فِيهَا بَلْ يَقُولُون المَجْد وَالكَرَامَة وَالحِكْمَة وَالقُدْرَة لإِلهْنَا قُدُّوس قُدُّوس قُدُّوس لِذلِك نَحْنُ الأنْ مَعَنَا مَلاَئِكَة وَالجَيِّد أنَّهُ بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الكَنِيسَة المَلاَئِكَة تَصْمُت لأِنَّ الله يَفْرَح بِأصْوَاتْنَا أكْثَر مِنْ المَلاَئِكَة لأِنَّهُ يَعْلَمْ أنَّهُمْ أرْوَاح وَهذَا عَمَلِهِمْ بَيْنَمَا نَحْنُ لَنَا أجْسَادٌ وَضُعَفَاء وَالشَّخْص يُحِب أنْ يَسْمَع صُوْت الأضْعَفْ مَثَلاً تَخَيَّل لَوْ سَألْت سُؤَال لِشَاب فِي ثَانَوِيَّة عَامَّة وَلِطِفْل فِي مَرْحَلِة إِبْتِدَائِي وَتَجِدٌ الطِّفْل يُحَاوِل أنْ يُجَاوِبْ السُؤَال أكِيد سَنُسْكِتْ الجَمِيعْ وَالشَّاب لِتَسْمَع مِنْ الصَغِير وَقَدْ يَقُول لَك أُرِيد أنْ أقُول شِئ آخَر تَقُول لَهُ قُلْ أوْ قُلْ ثَانِيَة هكَذَا الله فِي الكَنِيسَة يُسْكِتْ المَلاَئِكَة لِكَيْمَا يَسْمَعْنَا نَحْنُ تَخَيَّل عِنْدَمَا تَأتِي الكَنِيسَة وَأنْتَ مُشَتَّتْ الذِّهْن وَالكِنِيسَة تُسَبِّح وَأنْتَ صَامِتْ هَلْ يَلِيقٌ ؟ لاَ إِفْتَح فَمَك وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ يَارَبَّ إِفْتَح شَفَتَيَّ وَلِيَنْطِق فَمِي بِتَسْبِحَتَك ﴾ ( جُزْء " فَلْيَدْنُ تَوَسُلِي قُدَّامَك يَارَبَّ " مِنْ الخِدْمَة الأُولَى مِنْ صَلاَة نِصْف الِّلِيل ) الله لاَ يُحِبْ أنْ تَقِفْ أمَامُه خَلِيقَة صَامِتَة وَلاَ يُوْجَدٌ أجْمَلٌ مِنْ ذَبِيحِة العِبَادَة نُقَدِّمْهَا لَهُ مَنْ الَّذِي يَأخُذ الذَّبِيحَة وَيَرْفَعْهَا إِلَى فَوْق ؟ المَلاَئِكَة يَقُول فِي سِفْر الرُؤْيَا ﴿ وَجَاءَ مَلاَكٌ آخَرُ وَوَقَفَ عِنْدَ الْمَذْبَحِ وَمَعَهُ مَبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَأُعْطِيَ بَخُوراً كَثِيراً لِكَيْ يُقَدِّمَهُ مَعْ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ ﴾ ( رؤ 8 : 3 ) صَلَوَات مَنْ ؟ صَلَوَاتْنَا يَرْفَعْهَا إِلَى فُوْق هذَا عَمَل المَلاَئِكَة لِذلِك نَحْنُ نُؤمِنْ وَنَقُول فِي القُدَّاس ﴿ الَّذِي ثَبَّتْ قِيَامٌ صُفُوف غَيْر المُتَجَسِدِينْ فِي البَشَر ﴾ مَا مَعْنَى هذَا ؟ تَخَيَّل أنَّ بَيْنَ كُلَّ شَخْص يَجْلِس وَآخَر يُوْجَدٌ مَلاَك وَسَطْهُمَا أي ثَبَّتْ صُفُوف غَيْر المُتَجَسِدِينْ أي المَلاَئِكَة جَعَلَهُمْ بَيْنَنَا أمَّا نَحْنُ ﴿ أعْطَى الَّذِينَ عَلَى الأرْض تَسْبِيح السِيرَافِيم ﴾ ( جُزْء أيُّهَا الكَائِنْ السَيِّد الرَّبَّ مِنْ القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) مَا أجْمَل عَمَلَك يَارَبَّ أتَيْت لَنَا بِالمَلاَئِكَة تُشَجِّعْنَا وَتَأخُذْ صَلَوَاتْنَا إِلَى فَوْق وَنَقُول يَارَبَّ إِخْلِطْنَا وَاحْسِبْنَا مَعَ القُّوَات السَّمَائِيَّة إِسْمَع أصْوَاتْهُمْ وَأصْوَاتْنَا كَتَرْنِيمَة وَاحِدَة وَهُوَ يَقُول لَنَا أنَا أسْمَعَك كَمَلاَك لِذلِك الأب الكَاهِن وَالشَّمَامِسَة فِي القُدَّاس يَرْتَدُون مَلاَبِس بَيْضَاء لأِنَّهُمْ مَلاَئِكَة وَبِمَا أنَّ وَسَطْنَا مَلاَئِكَة لِذلِك فِكْرِة أنْ تُغَطِّي المَرْأة رَأسَهَا قَالَهَا بُولِس الرَّسُول بِإِخْتِصَار إِحْتِرَام لِلمَلاَئِكَة أي هِيَ تَعْلَمْ أنَّ المَلاَئِكَة حَاضِرَة وَلِذلِك هِيَ تُغَطِّي شَعْرَهَا ﴿ يَنْبَغِي لِلْمَرْأَة َنْ يَكُونَ لَهَا سُلْطَانٌ عَلَى رَأْسِهَا مِنْ أَجْلِ الْمَلاَئِكَةِ ﴾ ( 1كو 11 : 10) تَخَيَّل أنَّهُ مَعَنَا مَلاَئِكَة تَرْفَعْ صَلَوَاتْنَا وَتَسْمَعْ تَضَرُعَاتْنَا وَتَرْفَعْهَا إِلَى فَوْق وَهُمْ عَمَلِهِمْ يُقَدِّمُوا عِبَادَة وَنَحْنُ أيْضاً نُقَدِّم مَعَهُمْ عِبَادَة المَلاَئِكَة لَيْسُوا بِبَعِيدِينْ عَنَّا هُمْ مَعَنَا فِي خِدْمِتْنَا وَمَعُونِتْنَا وَعِبَادَة مَعَنَا أرْسَلَهُمْ الله لِمُرَافَقَتِنَا فِي كُلَّ مَرَاحِل حَيَاتْنَا حَتَّى نَصِل إِلَيْهِمْ وَنَشْتَرِك مَعَهُمْ فِي الأبَدِيَّة حَتَّى الإِنْسَان الرُّوحَانِي كُلَّمَا عَاش بِحَسَبْ الرُّوح كُلَّمَا تَشَبَّه بِالمَلاَئِكَة وَلِنَرَى صُورِة الأنْبَا تَكْلاَ تَجِدٌ أنَّ لَهُ أجْنِحَة كَيْفَ وَهُوَ إِنْسَان ؟ الحَيَاة الرُّوحَانِيَّة تَجْعَلَك لاَ تَعْرِفْ هَلْ أنْتَ مَلاَك أم إِنْسَان ؟ حَقِيقَةً أنْتَ مَلاَك وَإِنْسَان أنْتَ إِنْسَان لأِنَّكَ تَحْيَا بِالجَسَد وَلأِنَّكَ تَصُوم وَتُصَلِّي وَتُجَاهِد وَتَغْلِبْ شَهَوَاتَك إِقْتَرَبْت مِنْ المَلاَئِكَة فَصِرْت مَلاَك فِي شَكْل إِنْسَان – عَظَمَة –الله أرْسَلْنَا إِلَى العَالَمْ لِكَيْمَا نَسْلُك كَمَلاَئِكَة كَيْمَا نُعْلِنْ أنَّ لِلرَّبَّ جُيُوش وَجُنُودٌ وَمَلاَئِكَة خُدَّام خِدْمِة المَلاَئِكَة لأِجْلِنَا وَقُوَّتِهِمْ أيْضاً لأِجْلِنَا وَعِبَادَتِهِمْ لأِجْلِنَا رَبِّنَا يِنَفَّعْنَا بِصَلَوَاتِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ وَيِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً أمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
14 نوفمبر 2025
فيض الحب
”مَنْ يترحَّم على إنسان، يصير باب الرب مفتوحًا لطلباته في كل ساعة“ (الشيخ الروحاني)
«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقُولُ لَهُمُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ» (مت 25: 31 – 40).
المسيحية والعطاء وجهان لعُملة واحدة، كلاهما حاضر بحضور الآخر في أعماقه وبصفة عامة فإن حياة العطاء مطوَّبة حسب قول الكتاب: «مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنْ الأَخْذِ» (أع 20: 35) في البداية دعنا نرى معنى فيض الحب:
الإنسان بحاجة إلى أن يعطي:
إذ يحقِّق هذا وجوده وكيانه ويُشعره بقيمته وآدميته، وهذا الشعور هو إحدى مكونات الشخصية الناجحة، حتى أن علماء النفس كثيرًا ما يذكرون أن العطاء مصحوب براحة قلبية لذلك عندما يُعطي أب ابنه الصغير مالًا لكي ما يضعه الصغير في صندوق العطاء، فإنه يزرع هذه الفضيلة فيه منذ الصغر، بل وينمِّي شخصيته. وكذلك الأب الذي يساعد أولاده لكي ما يقدِّموا هدية لوالدتهم أو صديق لهم في أي مناسبة فإنه ينمِّي داخلهم هذه الفكرة ويشبع هذه الحاجة.
الله ليس محتاجًا على الإطلاق لما نُعطيه مهما كان ومهما ارتفعت قيمته المادية أو المعنوية، والسبب أن الله هو مصدر كل عطية … فهو الخالق والواجد لهذا العالم، ويعقوب الرسول يُذكِّرنا «كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلَا ظِلُّ دَوَرَانٍ» (يع 1: 17).
فكلما يحبك المسيح أظهر محبتك له بفيض ووفرة.
العطاء وسيلة للتعبير عن مشاعرك نحو الله:
تأمل معي في قصة السامرية حين قابلها رب المجد وقال لها: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» (يو 4: 7)، فهو له المجد لم يكن محتاجًا للماء، لأن من عنده تجري كل الأنهار، وإنما كان في حاجة أن يعرف حقيقة مشاعرها الداخلية نحوه وفضيلة العطاء أو الصدقة تُشكِّل إحدى ركائز الحياة الروحية (صوم + صلاة + صدقة)، والمعروف أن كلمة ”صدقة“ وكلمة ”صِدِّيق“ من أصل لغوي واحد، فكأن الصِدِّيق هو الذي يصنع الصدقة.
وعندما قال سليمان الحكيم: «اذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ» (جا 12: 1)، إنما كان يتحدَّث بلغة العطاء، لأنه معروف أن حياة الإنسان تنقسم إلى مراحل متتابعة: (الطفولة – النضج/الرجولة – الشيخوخة) المرحلتان الأولى والثالثة هما مرحلتان أخذ، أمَّا المرحلة الثانية وتحوي في داخلها مرحلة الشباب إنما هي مرحلة عطاء بالدرجة الأولى وأنت يا صديقي تستطيع أن تعطي في فترة شبابك ورجولتك أكثر من أي مرحلة أخرى.
لك أن تسألني الآن ماذا أعطي؟ هل مالًا أم وقتًا أم ماذا ؟
إني أجيبك: إن ما تستطيع أن تقدِّمه لا يمكن حصره، إنما تستطيع أن تتخيَّل معي سلمًا عليه خمس درجات في ترتيب تصاعدي تمثل درجات العطاء بل ويمكن أن تمزج بين هذه الدرجات الخمس، فالصلاة هي عطاء وقت وقلب وتسبيح وفي خدمة الآخرين يكمُن عطاء المال والوقت والجهد والحب، وهكذا وهنا لا يمكننا أن ننسى أن قمة العطاء الذي بلا حدود هو في تجسُّد ربنا يسوع فهو الذي أعطانا دمه الثمين على عود الصليب، وها هو كل يوم يقدِّم نفسه ذبيحة لأجلنا من خلال القداس الإلهي.
وإليك هذه القصة:
بالرغم من الطقس البارد والثلج المتساقط، كان يجلس هذا الصبي، خارج منزله الحقير، ولم يرتدِ في رجليه سوى حذاءً رقيقًا، لا يصلح حتى لأيام الصيف. لقد كان يحاول بأقصى جُهده ليفكِّر عمَّا يقدر أن يقدِّمه لأُمه بمناسبة عيد الميلاد، لكن من غير نتيجة، فقد حاول كثيرًا حتى لو استطاع أن يفكر في شيء ما، فليس بحوزته شيء من المال، فمنذ وفاة والده، وهم يعيشون في حالة فقر دائم، فكانت والدته تعمل بأقصى جهدها لأجل أولادها الخمسة. فلم يكن لها إلَّا دخلٌ ضئيلٌ، لكن تلك الأم بالرغم من فقرها، كانت تحب أولادها محبة بلا نهاية كان هذا الصبي حزينًا للغاية، فلقد استطاع إخوته الثلاثة، إعداد هدية لأمه، أمَّا هو وأخيه الصغير، فلم يستطيعا شراء أي شيء، واليوم هو آخر يوم قبل عيد الميلاد. مسح هذا الصبي دموعه، ثم أخذ يسير باتجاه المدينة، ليلقي نظرة أخيرة على الأماكن المزيَّنة والمحلات المليئة بالهدايا والألعاب. كان ينظر من خلال الواجهات، إلى كل ما في الداخل، وعيناه تبرقان، كان كل شيء جميلًا للغاية، لكن لم يكن بمتناوله عمل أي شيء بَدَت الشمس تعلن عن مغيبها، فهَمَّ هذا الصبي بالعودة إلى المنزل، وهو يسير حزينًا مُنكَّس الرأس وفجأة إذ به يرى شيئًا يلمع على الأرض، اندفع هذا الصبي مسرعًا، وإذ به يلتقط 10 قروش من على الأرض ملأ الفرح قلبه، وإذ به يشعر وكأنه ملك كنزًا عظيمًا، ولم يعد يبالي بالبرد، إذ كان في حوزته عشرة قروش دخل أحد المحلات، علَّه يستطيع شراء شيء ما، لكن يا لخيبة الأمل، فقد أعلمه البائع، بأنه لن يستطيع شراء أي شيء بـ 10 قروش، دخل هذا الصبي محلًا آخر لبيع الورود، كان هناك العديد من الزبائن، فانتظر دوره بعد بضع دقائق، سأله البائع عمَّا يريد قدَّم هذا الصبي إلى البائع الـ 10 قروش التي في حوزته، ثم سأل إن كان بإمكانه شراء وردة واحدة لأمه بمناسبة عيد الميلاد. نظر صاحب المحل إلى هذا الولد الصغير مليًّا، ثم أجابه: انتظرني قليلًا سأرى عمَّا باستطاعتي عمله دخل البائع إلى الغرفة الداخلية، ثم بعد قليل عاد وهو يحمل في يديه اثنتي عشرة وردة حمراء، لم يَرَ هذا الصبي نظيرها في الجمال من قبل، ثم أخذ صاحب المحل، يضع بجانبها الزينة وغيرها، ثم وضعها بكل عناية في علبة بيضاء، وقدَّمها إلى ذلك الصبي، وقال: 10 قروش من فضلك أيها الشاب. هل يُعقَل ما يسمع؟ لقد قال له البائع السابق لن تستطيع شراء أي شيء بـ 10 قروش فهل يُعقَل ما يسمعه؟ شعر البائع بتردد الولد فقال له: أنت تريد أن تشتري ورود بـ 10 قروش، أليس كذلك؟ فإليك هذه الورود بـ 10 قروش، فهل تريدها بكل سرور أجاب الولد، معطيًّا كل ما لديه للبائع فتح البائع الباب للصبي، ثم ودَّعه قائلًا عيد ميلاد سعيد يا ابني عاد البائع إلى منزله، وأخبر زوجته بالأمر العجيب الذي حصل معه في ذلك اليوم، فقال لها في هذا اليوم وبينما أُحضِّر الورود جاءني صوت يقول اختر 12 وردة حمراء من أفضل الورود التي لديك، وضعها جانبًا لهدية خاصة لم أدرِ معنى هذا الصوت، لكني شعرت بأنه ينبغي عليَّ أن أطيعه، وقبل أن أغلق المحل، جاءني صبي صغير تبدو عليه علامات الفقر والعوز، راغبًا أن يشتري لأمه وردة واحدة، ومقدِّمًا لي كل ما يملك 10 قروش وأنا إذ نظرت إليه، ذكَّرتُ نفسي، كيف عندما كنت في سنه، كيف لم أملك أي شيء لأُقدِّم لأمي في عيد الميلاد، وذات مرة صنع معي إنسانٌ لم أعرفه من قبل معروفًا لم أنسه إلى هذا اليوم امتلأت عينا الرجل وزوجته بالدموع، ونظرا إلى بعض، وشكرا الله ومن هذه القصة نرى كيف يكون العطاء:
1 – بالمحبة:
أترى كيف كان حب هذا الولد لأمه لا بد أن تكون المحبة هي الدافع الأول وراء صِدق المشاعر التي نُقدِّم بها عبادتنا وعطايانا لله وللآخرين، وكما قال سفر النشيد «إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ، تُحْتَقَرُ احْتِقَارًا» (نش 8: 7) فأنت لا تقدِّم مدفوعًا بشعور الواجب أو الخجل أو الاضطرار، ولا حبًّا في الكرامة والتقدير، أو طلبًا للإعلان أو المديح إنما من قلب فيَّاض بالمحبة.
2 – بسخاء:
طلب الولد الصغير وردة واحدة قيمتها عشرة قروش، فأعطاه البائع اثنتي عشرة وردة من أجمل ما يكون هذا هو العطاء الحقيقي بدون حساب للماديات، لأن الله ينظر ويعرف والكتاب يقول «الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ» (رو 12: 8) لأننا بذلك نتمثَّل بـ «اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلَا يُعَيِّرُ» (يع 1: 5) والعطاء هذا كالزرع «مَنْ يَزْرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ» (2كو 9: 6) ولذلك نسميه فيض الحب.
3 – بفرح وسرور:
أترى كيف كان الولد الصغير والبائع سعيدَين بعطائهما يقول الكتاب المقدَّس «الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ» (2كو 9: 7) والوصية تقول «مَنْ سَخَّرَكَ مِيلًا وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ» (مت 5: 41) (والمقصود بالميل الثاني أنك ذهبت راضيًا حرًّا) كلما أعطيت، كلما نِلت فرحًا وسرورًا وسلامًا ولكن عندما تُعطي احرص أن يكون:
1- أفضل ما عندك إن العطاء هو مشاعر قبل أي شيء ومشاعرنا نُعبِّر عنها بأفضل ما عندنا إن هابيل الصدِّيق قدَّم أفضل ما عنده من الذبائح بينما أخوه قايين اختار تقدمة من ثمار الأرض دون أن يدقِّق فيها (تك 4: 4 – 5) إن هذا المبدأ ينطبق في حياتنا العملية بأمثلة كثيرة منها:
اختيار الوقت الأفضل المناسب للصلاة كالصباح الباكر أفضل وقت.
اختيار الذهن النشط المناسب لقراءة الكتاب المقدَّس أفضل تركيز.
تقديم النقود في حالة جيدة، وليس القديم أو المُستهلَك أفضل صورة.
تقديم التسابيح والألحان بأفضل ما عندنا من أنغام وأصوات أفضل نغم.
2- أن تكون في الخفاء وليس هناك أبلغ من قول الكتاب «لَا تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ» (مت 6: 3)،
ويعتبر هذا مبدأ مشترك في كل أركان العبادة أمَّا إن كان العطاء طلبًا للدعاية أو لنوال مركز أو لمدح الذات، فإنه يفقد قيمته بل ويصير دينونة.
3- أن تكون ذا نفع لمَنْ تُعطَى له فليست العبرة أن تعطي وحسب، إنما حسب احتياج الآخرين لهذا العطاء لا تنسَ هذه الوصية كما توضِّحها الآيات التالية:
«لأَنَّ مِنْكَ الْجَمِيعَ وَمِنْ يَدِكَ أَعْطَيْنَاكَ» (1أي 29: 14) «مَنْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ يُقْرِضُ الرَّبَّ، وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ» (أم 19: 17) «هَاتُوا جَمِيعَ الْعُشُورِ … وَجَرِّبُونِي» (ملا 3: 10)«أَعْطُوا تُعْطَوْا» (لو 6: 38) «لِيُعْطِكَ (الرب) حَسَبَ قَلْبِكَ» (مز 20: 4).
تدريب: اقرأ بتأمل المزمور 41.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
13 نوفمبر 2025
نساء فى سفر التكوين صلة وعادة زوجتى لامك
صلة وعادة زوجتى لامك
صلة
المرجع الكتابي :
( تك ٤ : ۱۹ - ۲۳ ) .
معنى الاسم :
صلة اسم عبرى معناه ظل أو ملجأ .
الروابط العائلية :
صلة هي إحدى إمرأتي لامك وولدت توبال قايين الضارب كل آلة من نحاس وحديد، وأخت توبال قايين نعمة وهو اسم سامى معناه ( مسر) فكانت نعمة ابنة صلة أول إبنة ذكر اسمها في الكتاب المقدس .
لا يوجد ذكر الله ولا لأعماله في سجل حياة لامك وعائلته لذلك سمى أولاده بهذه الاسماء توبال قايين ونعمة وهذه علامة إزدياد إنغماس نسل قايين في الشهوات الحسية، والإسراف في وسائل الترف.
إبتدأ الإنسان من هذا العصر الميل للفنون والجمال الجسدي وعشقها ، وانقادت البشرية للشرور والانغماس في الشهوات .
عادة الأولى
المرجع الكتابي :
( تك ٤ : ۱۹ - ۲۳ ) .
معنى الاسم :
عادة اسم سامي معناه ( زينة ) .
هذه السيدة قدمت للبشرية باكورة الفن الموسيقى .
عادة وضرتها صلة أول سيدتين عرفا بالاسم بعد حواء هناك سيدات كثيرات لم يذكر الكتاب المقدس أسماء من مثل زوجة قايين وبنات آدم وحواء .
الروابط العائلية :
عادة إحدى إمرأتي لامك وهو السابع من آدم وقد تزوج بسيدتين عادة وصلة وأنجب من عادة ابنين يابال ويوبال وكان يابال راعياً للغنم وهو أب لرجال الخيام وعشائر البدو أما يوبال فهو أول من أدخل الفن الموسيقى في العالم فهو أب الضاربين بالقيثار والعازفين بالأرغن اليدوى يابال سعى نحو غنى البشر برعاية الغنم، ويوبال قدم للبشرية السرور والفرح والأغاني.
من حياة لامك نتعلم أن :
لامك أول من تزوج بإمرأتين عادة وصلة وأسس في البشرية أول سابقة المبدأ تعدد الزوجات هذا التصرف دليل على تفشى روح العصيان في عائلة لامك لأوامر الله الذي أمر بالزوجة الواحدة فقال لآدم يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته و يكون كلاهما جسداً واحداً لامك قتل قايين ولما قتله أنشد أول أنشودة للبشرية فقال لإمرأتيه :
إسمعا قولى يا إمرأتي لامك وأصغيا لكلامي إني قتلت رجلاً لجرحي وفتي لشدخی إنه ينتقم لقايين سبعة أضعاف وأما للامك فسبعة وسبعين .
لامك قتل قايين جده الأكبر بالحراب التي اخترعها ابنه توبال قايين ويعتبر شعره نموذجاً للشعر العبراني والخطاب الذي وجهه لامك لإمرأتيه له تفسيران الأول أنه أقدم على القتل دفاعاً عن النفس، والثاني أنه قتل الذي تصدى له بالآلة التي إخترعها إبنه توبال قايين .
لامك لم يشعر بخطيته التي فعلها وهي خطية القتل بل قال أنه جرح وأظهر إنشراحه لهذا العمل قال مفتخراً مستهتراً إن كان قايين قتل رجلاً وأوصى الله بأن ينتقم له سبعة أضعاف، أما هو فسينتقم الله من قاتله سبعة وسبعين إن أسرة لامك وزوجتيه صلة وعادة تمثل الأسرة البعيدة عن الله، فاهتمامها التسلية بالمسرات والقتل، والإستهزاء بأوامر الله والسخرية من تدبيره .
المتنيح القس يوحنا حنين كاهن كنيسة مارمينا فلمنج
عن كتاب الشخصيات النسائية فى الكتاب المقدس
المزيد
12 نوفمبر 2025
محبة الانتفاع
الذي يريد أن ينتفع، يمكنه أن ينتفع من كل شيء، ومن كل شخص، ومن كل حدث إنه يستخرج الفائدة من كل ما يمر به يستفيد من الصالح ويستفيد أيضًا من الشرير من الشخص الصالح يأخذ قدوة صالحة ويأخذ حبًا ومعاملة طيبة ومن الشخص الشرير يمكنه أن يقتنى فضائل الصبر والاحتمال والمغفرة للمسيئين كما يمكن تعلم الفضيلة من معرفة مضار ومساوئ الرذيلة التي تقابلها قال أحد الحكماء تعلمت الصمت من الثرثار أي أنه من إدراك مساوئ الثرثرة أمكنني أن أعرف مدى فائدة الصمت في اتقاء هذه الأخطاء يمكننا أن نتعلم من أخطائنا ومن أخطاء الآخرين والحكيم يعرف كيف يستفيد من الخطأ فلا يعود يقع فيه مرة أخرى ويأخذ من الأخطاء خبرة في حياته والإنسان الكثير الخبرات هو مصدر من مصادر المنفعة الذي يريد أن ينتفع يمكنه أن ينتفع ليس من الأشخاص الذين يقابلهم فقط بل من الطبيعة أيضًا قال الحكيم تعلم من النملة أيها الكسلان إنه لأمر جميل حقًا أن تكون النملة مصدرًا من مصادر المنفعة بالنسبة إلينا وكما ننتفع من الطبيعة يمكننا الانتفاع من الأحداث سواء الأحداث التي تحدث لنا أو لغيرنا كلها دروس نافعة في الحياة لمن يحب أن يعتبر إن قصة الغنى الغبي كانت درسًا لكثيرين وكل قصص الكتاب أيضًا وأحداثه هي أيضًا دروس كذلك قصص وأحداث التاريخ كما قال الشاعر ومَنْ وَعَى التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلى عمره إن الانتفاع ليس مصدره الوحيد الآباء الروحيين مادام القلب يبحث عن المنفعة فإن الله لا بُد أن يرسل هذه المنفعة بأنواع وطرق شتى.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
11 نوفمبر 2025
لا تعود فاك الحلف (سيراخ23: 9)
الحلف في العهد القديم:-
لقد عالج الله في العهد القديم الأمراض الروحية على قدر ما تسمح به حالتهم الروحية لذلك سمح لشعبه بالقسم في العهد القديم أن يقسموا باسمه هو وليس باسم الآلهة الأخرى الوثنية كدلالة على تمسُك اليهود بالله أمام الشعوب الوثنية التي كانت تحلف بأوثانها فقد خشي الله على شعبه أن يُقسموا بأسماء آلهة أخرى فأوصاهم قائلًا «لاَ تَدْخُلُوا إِلَى هَؤُلاَءِ الشُّعُوبِ أُولَئِكَ الْبَاقِينَ مَعَكُمْ وَلاَ تَذْكُرُوا اسْمَ آلِهَتِهِمْ وَلاَ تَحْلِفُوا بِهَا وَلاَ تَعْبُدُوهَا وَلاَ تَسْجُدُوا لَهَا» (يش23: 7) أعطاهم الرب أن يحلفوا باسمه إعلانًا لاسم إلههم وتمييزًا لهم وأوصاهم أن لا ينطقوا باسم الرب إلههم باطلًا (لا19: 12) وأن لا يحنثوا في أقسامهم بل يوفوا للرب الأقسام ورغم ذلك كان الحلف أمرًا غير مُحبَّب فيقول يشوع بن سيراخ «لا تعوّد فمك الحلفان، ولا تحلف باسم العَلي الرجل الكثير الحلفان يمتلئ إثمًا» (سي23: 9، 12) وقال القديس يوحنا الأسيوطيّ [الحلفان الدائم هو كذب والكلام الخالي من الكذب هو المملوء حقًا].
الحلف في العهد الجديد:-
علّم السيد المسيح في الموعظة على الجبل قائلًا «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ لاَ تَحْنَثْ بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ » (مت5: 33، 34) فعالج الأمراض الروحية في العهد الجديد من جذورها من منبعها لماذا عدم القسم؟
1– لإننا لا نملك ما نقسم به: الذي يقسم بشيء ينبغي أن يملك ما يقسم به وهذا ما أوضحه السيد المسيح كسبب منع القسم في شريعة العهد الجديد وحيث إن الإنسان لا يملك حياته لأنها مكتسبة وليست ذاتية فالحياة عطية من الله وكذلك لا يملك الإنسان جسده لأن أجسادنا هي «أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ» (1كو6: 15) وهكذا لا يحلف «بالسماء لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ» (مت5: 34، 36).
2– المسيحي وأمانة الكلمة: أشار السيد المسيح إلى أمانة الكلام قائلًا «لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ نَعَمْ نَعَمْ لاَ لاَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ» (مت5: 37) فمن يتكلم بالصدق يكون قد صنع شيئًا صالحًا لأن "ما زاد عن ذلك فهو من الشرير".
3– المسيحي يقدم شهادة حية عن المسيح فإذا كان السيد المسيح هو الحق فقد قال «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يو14: 6) وكان يتكلم دائمًا معلنًا الحق«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ » (يو14: 12) هكذا ونحن في المسيح عرفنا الحق و«أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ» (عب10: 26) فيجب أن يكون كلامنا صدقًا وحقًا وفي الحق (في المسيح) هكذا تكلم القديس بولس «أَقُولُ الصِّدْقَ فِي الْمَسِيحِ لاَ أَكْذِبُ» (رو9: 1) فالصدق في المسيح يعني أنه علينا أن نسير في طريق الصدق ونمارس الصدق عمليًا وليس مجرد التكلم بالصدق كما يجب أن يكون هذا الصدق مرتبطًا بالمحبة وينمو في كل شيء إلى المسيح الذي هو الرأس الحلف أمام القانون: القانون المصري (مادة 128 من قانون المرافعات) يسمح للإنسان أن يعتذر في المحكمة عن أداء القسم حسبما تكون شريعة دينه يمكنه فقط أن يعطي وعدًا للقاضي أن يقول الحق الحق لا يحتاج إلى حجة تسنده ولا إلى حلف يؤيّده بل على العكس الحلف يحطّ من قدر ناطقه وينال من كرامته وقد قال القديس يوحنا ذهبيّ الفم [إذا شاهدت نفسك أو أحد أولادك أو عبيدك يحلف دائمًا فامنع عنه أو عنك الطعام لأنه متى تأدّب اللسان بالجوع لا يعود يجسر على الحلفان لأن تعب الجوع يجعل الشخص يتوقف عن القَسَم].
القمص بنيامين المحرقي
المزيد
10 نوفمبر 2025
مفهوم القوة
تحدثنا في مقال سابق عن الفرق بين القوة والعنف ورأينا كيف أن العنف هو نوع من الضعف لذلك نريد التعرف على معنى القوة وصورها حتى نكون أقوياء في الحق وفي المعرفة وباقي الفضائل.
1- قوة المحبة: وتقول الحكمة الإلهية «المَحَبَّةَ قَويَّةٌ كالموتِ مياهٌ كثيرَةٌ لا تستَطيعُ أنْ تُطفِئَ المَحَبَّةَ والسُّيولُ لا تغمُرُها» (نش8: 6، 7) والمحبة إيجابيًا تعني حب التعب لأجل الآخر والبذل والتضحية والعطاء حتى النَفْس كما نرى في الشهداء الذين أحبوا الله حتى الموت وكذلك في مَنْ أحبوا الوطن حتى الموت أيضًا والسيد المسيح له المجد أحبنا حتى الموت.
ومن الناحية السلبية: فالمحبة تعطي قوة احتمال الأخطاء والصبر على مَنْ يُخطئ لأن المحبة لا تسقط أبدًا (1كو13: 8) بل تحتمل وتصبر وترجو كل شيء لذلك أجمع الآباء على ارتباط الصليب بالمحبة حيث صُلب الابن الكلمة المتجسد ليقدم غفرانًا وحياة لمن أخطأوا وحُكِم عليهم بالموت بسبب الخطية فقدم حياة أبدية لمن يؤمن ويمارس الأسرار المحيية المقدسة وقد احتمل بحبة إنكار بطرس وشك توما وهروب التلاميذ في وقت آلامه لأجل الجميع إنها المحبة القوية التي تُغطّي إساءات البشر وتقدم حُبًّا للأعداء وبركة لمن يلعن كما طلب الرب من مؤمنيه «بارِكوا لاعِنيكُمْ صَلّوا لأجلِ الّذينَ يُسيئونَ إلَيكُمْ ويَطرُدونَكُمْ» (مت5: 43-48).
2- قوة الصلاة بإيمان: فالصلاة الحارة من القلب بقوة إيمان وفي انسحاق قلبي تصعد بسرعة إلى أذن الله فتأتي بثمار الاستجابة كما حدث مع الآباء الرسل إذ حين صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه وامتلأ الجميع من الروح القدس (أع4: 31) حقًا إن طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها «كُلُّ شَيءٍ مُستَطاعٌ للمؤمِنِ» (مرقس9: 23) هكذا رأينا في نقل جبل المقطم وقديمًا مع أرملة صرفة صيدا وإيمانها بما قاله إيليا والأمثلة عديدة في الكتاب المقدس مثل نازفة الدم حين لمست هُدب ثوب السيد المسيح وغيرها كثيرون فما أروع صلاة اسطفانوس وهو ينال إكليل الشهادة مما أثّر في شاول الطرسوسي فاستحق أن يرى الرب يسوع في رؤية فريدة كَمَّلَت هذه البداية فصار بولس الرسول أكبر كارز.
القوة: هي القدرة على الانتصار ضد أي مقاومة شريرة بالمحبة وبالصلاة القويتين فالانتصار على الحروب الشيطانية ومواصلة الصلوات رغم الحرب لتعطيل المُصلّي عن التسبيح وهذه حرب لإضعاف القُوى الروحية التي تقاوم حرب الخطية ومن هنا كان الثبات المؤدي إلى النصرة يتوقف على قوة الثبات في محبة الله ومحبة الصلاة «كتَبتُ إلَيكُمْ أيُّها الأحداثُ لأنَّكُمْ أقوياءُ وكلِمَةُ اللهِ ثابِتَةٌ فيكُم وقَدْ غَلَبتُمُ الشِّرّيرَ» (1يو2: 14) والغلبة تعكس قدرة خاصة على الجهاد الروحي ضد الخطية «لَمْ تُقاوِموا بَعدُ حتَّى الدَّمِ مُجاهِدينَ ضِدَّ الخَطيَّةِ» (عب12: 4) وهذا ما حدث مع يوسف الصديق الذي يُعتبر عنوان القوة المنتصرة على الشر(تك39)هكذا ينبغي أن يكون أولاد الله منتصرين أقوياء النفس بدون قلق ولا اضطراب ولا خوف بل يكونوا كالجبال الشامخة أمام الضغوط «لأنَّ اللهَ لَمْ يُعطِنا روحَ الفَشَلِ بل روحَ القوَّةِ» (1تي4: 7) لذلك لا نفشل.
نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
09 نوفمبر 2025
الأحد الخامس شهر بابه يو 6 : 5 - ۱4
" فَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ أَنَّ جَمْعًا كَثِيرًا مُقْبِلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزًا لِيَأْكُلَ هؤُلاَءِ؟ وَإِنَّمَا قَالَ هذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ أَجَابَهُ فِيلُبُّسُ لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْزٌ بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ،وَهُوَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ هُنَا غُلاَمٌ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلكِنْ مَا هذَا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ؟ فَقَالَ يَسُوعُ اجْعَلُوا النَّاسَ يَتَّكِئُونَ وَكَانَ فِي الْمَكَانِ عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَاتَّكَأَ الرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلاَفٍ وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى التَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْمُتَّكِئِينَ. وَكَذلِكَ مِنَ السَّمَكَتَيْنِ بِقَدْرِ مَا شَاءُوا فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ اجْمَعُوا الْكِسَرَ الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَيْءٌ فَجَمَعُوا وَمَلأُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ الشَّعِيرِ، الَّتِي فَضَلَتْ عَنِ الآكِلِينَ فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!"
"فرفع يسوع عينيه،ونظر أن جمعًا كثيرًا مقبل إليه،فقال لفيلبس من أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء؟" [5]
رفع يسوع عينيه ورأى الجمهور الضخم من الطبقة العامة الفقيرة، نفوسهم في عينيه ثمينة جدًا كنفوس الأغنياء بلا تمييز يهتم السيد باحتياجاتهم الروحية كما الجسدية أيضًا لذلك سأل فيلبس "من أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء؟" فقد كان يهوذا هو أمين الصندوق، وكان فليبس هو المسئول عن تدبير الطعام اليومي للتلاميذ هذا يظهر أنه لم يجلس قط في أي وقت في خمول مع تلاميذه، وإنما يدخل معهم في حوار، ويجعلهم ينصتون إليه ويتجهون نحوه، الأمر الذي يشير على وجه الخصوص إلى عنايته الحانية وتواضعه وتنازله في سلوكه معهم. لقد جلسوا معه وربما كل ينظر الواحد إلى الآخر، وإذ رفع عينيه شاهد الجماهير قادمة إليه القديس يوحنا الذهبي الفم رفع المسيح عينيه ليعلن أن الذين يحبونه يتأهلون للنظرة الإلهية وكما قيل لإسرائيل في البركة "يرفع الرب وجهه عليك، ويمنحك سلامًا" (عد 6: 26) القديس كيرلس الكبيرأعطى يسوع للبعض خبزًا من الشعير لئلا يخوروا في الطريق، ومنح سرّ جسده للآخرين (مت 26: 26) لكي يجاهدوا من أجل الملكوت القديس أمبروسيوس
يقارن القديس يوحنا الذهبي الفم بين ما فعله الله مع موسى النبي وما فعله السيد المسيح مع فيلبس ففي القديم سأل الله موسى عما في يده،وإذا به يخبره أنها عصا لا حول لها ولا قوة فتصير عصا لله التي يصنع بها عجائب وها هنا يسأل السيد المسيح فيلبس عن إمكانياته وهو والتلاميذ لإشباع الجموع فكادت تكون لا شيء سوى خمسة أرغفة شعير وسمكتان لدي غلام استخدمها السيد لإشباع هذه الألوف مع فيض من الكسر من أجل محبته للإنسان يود الله أن يدخل دومًا في حوار معه،ويسأله عن إمكانياته لكي يقدم الله من جانبه إمكانياته الإلهية القديرة خلال عجزنا وضعف إمكانياتنا.
"وإنما قال هذا ليمتحنه،لأنه هو علم ما هو مزمع أن يفعل". [6]
قال السيد المسيح ذلك لكي يختبر إيمانه،ولكي يجتذب قلبه وقلوب إخوته نحو عمله الإلهي هذا وقد كان فيلبس من بيت صيدا في منطقة مجاورة للموضع على إلمام بإمكانيات الموضع وربما يعرف الكثيرين في ذلك الموضع سأل فيلبس ليس لأن السيد المسيح لا يعرف الإجابة، وإنما لكي يتعرف فيلبس على بلادة إيمانه.
"أجابه فيلبس لا يكفيهم خبز بمأتي دينارليأخذ كل واحدٍ منهم شيئًا يسيرًا". [7]
كان الدينار هو الأجرة اليومية العادية للشخص كأن الرسول فيلبس يقول للسيد المسيح أنه لا مجال لمناقشة هذا الأمر، فمن جهة لا توجد إمكانيات في الموضع لإشباع هذه الجماهير، وإن وُجدت الإمكانيات العينية فمن أين لنا أن نشتري هذا فإننا نحتاج إلى 200 دينارًا؟
"قال له واحد من تلاميذه وهو أندراوس أخو سمعان بطرس". [8]
مع أن أندراوس أكبر من سمعان بطرس، وهو الذي دعا أخاه ليتبع المسيح، لكن سرعان ما لمع نجم بطرس حتى صار أندراوس يُعرف بأنه أخ بطرس، أي يُنسب إليه لكي يعرفه القارئ كان أندراوس أسمى من فيلبس لكنه لم يبلغ إلى النهاية. ما نطق به ليس مصادفة بل سمع عن معجزات الأنبياء وكيف صنع أليشع آية بالخبزات (2 مل 4: 43)، ولهذا فقد ارتفع إلى علو معين، لكنه لم يبلغ إلى القمة ذاتها القديس يوحنا الذهبي الفم
"هنا غلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان،ولكن ما هذا لمثل هؤلاء؟" [9]
عُرِفَت كنعان بأنها أرض الحنطة (تث 8: 8) اعتاد سكانها أن يأكلوا الحنطة الفاخرة (مز 81: 16) لكن يسوع المسيح سرّ بالخبزات التي من الشعير فلم يحتقرها بل شكر ووزع خلال تلاميذه ليجد الكل شبعًا في ضعف إيمان قال فيلبس: "ولكن ما هذا لمثل هؤلاء؟" [9]. لم يدرك أن يسوع هو الذي أشبع محلة إسرائيل كلها في البرية بالمن النازل من السماء، فهل يصعب عليه أن يشبع ألف عائلة بخبزة شعير؟
يرى القديس أغسطينوس أن الأرغفة الخمسة من الشعير تشير إلى العهد القديم الذي يضم أسفار موسى الخمسة. وهي من الشعير، لأن قشرة الشعير جامدة ويصعب نزعها، كالعهد القديم حين كان اليهود يمارسونه بالحرف، ويستصعبون إدراكه بالروح. أما الغلام فيشير إلى شعب إسرائيل القديم الذي سلك في الروحيات كغلام صغير بلا نضوج، وأما السمكتان فتشيران إلى الشخصيتان الرئيسيتان في العهد القديم، وهما النبي والملك أو الحاكم. كان الغلام يحمل هذا دون أن يأكل منه لقد قُدمت الخبزات والسمكتان لذاك الذي وحده يعطي العهد القديم فهما روحيًا جديدًا. [بعد طول زمانٍ جاء بنفسه في سرّ، هذا الذي عُني به خلال هؤلاء الأشخاص. جاء بعد زمن طويل ذاك الذي يشار إليه بالشعير، ولكنه كان مخفيًا بالقشرة. جاء الشخص الواحد يحمل الشخصيتين للكاهن والحاكم. إنه الكاهن إذ يقدم نفسه للَّه ذبيحة من أجلنا، وهو الحاكم إذ يملك علينا. هذه الأمور التي كانت مغطّاة الآن تُكشف. شكرًا له، فقد حقق بنفسه ما ورد في العهد القديم. أمر بكسر الخبزات، وبكسرها تضاعفت وكثرت. ليس حق أفضل من هذا، أنه إذ تُفسر أسفار موسى الخمسة كم من الأسفار تُكسر وكأنها قد صارت مفتوحة ومحمولة؟
هكذا يشير الغلام إلى الشعب اليهودي الذي كان كطفلٍ في معرفته وفهمه للناموس. كانوا يتمسكون بالحرف دون إدراك للروح. وكانت الخبزات الخمس تشير إلى كتب موسى التي متى وضعت في يدي المسيح تفيض علينا بالفهم الروحي المشبع للنفس، وتقوت قلوبنا بخبز الحياة. أما السمكتان فتشيران إلى المزامير والأنبياء. بالمزامير يعلن المؤمنون شكرهم وتسابيحهم لعمل الله الخلاصي، وخلال الأنبياء يتعرفون على سرّ المسيح مشبع كنيسته بحضرته، واتحادها معه، وثبوتها فيه وهو فيها. وقد تم ذلك بعد عبور بحر طبرية، أي يتحقق خلال مياه المعمودية جاءت الكلمة اليونانية ὀψάρια للسمكتين وهو الاسم المُسْتَخْدَمَ حاليًا في مصر باللغة الدارجة"بساريا" يترجمها البعض سمكتين صغيرتين. ويرى كثير من الدارسين أن السمكتين كانتا مملحتين، ولا يزال الأقباط يأكلون سمكًا مملحًا في يوم شم النسيم swm `nnicim، في اليوم التالي لعيد القيامة المجيد الخمسة أرغفة تعني أسفار موسى الخمسة التي للناموس. فالناموس القديم هو من الشعير متى قورن بحنطة الإنجيل. في هذه الأسفار توجد أسرار عظيمة عن المسيح. لذلك قال بنفسه: "لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني، لأنه هو كتب عني" (يو 5: 46) ولكن كما أنه في الشعير يختفي لُبه في قشرته (القش) هكذا في حجاب إسرار الناموس يختفي المسيح وكما أن هذه الأسرار تصير في تقدم وتُكشف، هكذا هذه الخبزات تتزايد عندما تُكسر في هذا الذي أشرحه لكم أكسر لكم خبزًا الخمسة آلاف رجلًا يشيرون إلى الشعب الخاضع لأسفار الناموس الخمسة. الإثنا عشر قفة هم الإثنا عشر تلميذًا الذين هم أنفسهم امتلأوا بكسر الناموس. السمكتان هما وصيتا حب الله وقريبنا، أو هما الشعبان: أهل الختان والغرلة، أو الشخصيتان للملك والكاهن. إذ تُشرح هذه الأمور، تُكسر، عندما يفهمها الآكلون القديس أغسطينوس يشير بالأرغفة الخمسة إلى كتاب الحكيم جدًا موسى ذي الأسفار الخمسة، أعني الناموس كله الذي كان بمثابة الطعام الأغلظ، أي بالحرف والتاريخ، لأن هذا ما يلمح إليه لفظ "شعير" لكنه يشير بالسمكتين إلى ذلك الطعام الضئيل الذي حصلنا عليه بواسطة الصيادين، إشارة إلى الكتب الشهية جدًا التي لتلاميذ المخلص. وهما اثنتان، إشارة إلى الكرازة الرسولية الإنجيلية التي أشرقت في وسطنا. وكلاهما مخطوطات الصيادين وكتاباتهم الروحية. هكذا يخلط المخلص الجديد بالقديم، والناموس بتعاليم العهد الجديد، فيقود نفوس المؤمنين به إلى الحياة التي هي بلا شك أبدية القديس كيرلس الكبير
إذ يشير القديس كيرلس الكبير إلى عدم الإيمان فيلبس يحذرنا من عدم الإيمان الذي بسببه حُرم موسى وهرون من أن يقودا الشعب إلى الأرض الموعد حين تشككا في إمكانية صدور ماءٍ من الصخرة. يقول: [من ينجو بسبب عدم إيمانه من غضب الله، هذا الذي لا يحابي أحدًا، إذ لم يشفق حتى على موسى الذي قال له: "عرفتك أكثر من الجميع، ووجدت نعمة في عيني" (خر 23: 12) ] تحول عدم إيمانهم إلى شهادة حسنة للمسيح. لأنهم باعترافهم أن مبلغا كبيرًا كهذا المال لن يكفي الجموع ولو لشراء زادٍ طفيف، بهذا ذاته يكللون قدرة رب الجنود التي لا يُنطق بها، هذا الذي عندما لم يتوفر شيء... تمم عمل محبته نحو الجموع بغنى فائق القديس كيرلس الكبير
ربما يتساءل البعض: ألم يكن ممكنًا للسيد المسيح أن يشبع الجموع دون استخدام السمكتين والخمس خبزات؟
يرى كثير من الآباء أن السيد استخدم هذه الأمور لكي لا يظن أحدا أن الخليقة المادية نجاسة، وأنها غير صالحة، كما ادعى الغنوصيون خاصة في القرن الثاني الميلادي. إنه يقدس ما خلقه سواء القمح أو الشعير أو السمك أو الكروم ويستخدم هذه الأمور في صنع عجائبه بمباركته إياها أعتقد (أندراوس) أن صانع العجائب يقدم القليل من القليل، والكثير مما هو كثير. لكن الأمر على خلاف ذلك، فإنه يسهل على السيد في الحالتين أن يجعل الخبز يفيض سواء من الكثير أو من القليل، إذ لا يحتاج إلى مادة (ليفيض منه الخبز) ولكن لئلا يظن أن الخليقة غريبة عن حكمته كما ادعى بعد ذلك المفترون الذين تأثروا بمرض مرقيون (الذي يظن أن المادة دنس والخليقة المادية نجسة لا تليق بالله)، لهذا استخدم السيد الخليقة نفسها (الخبز والسمك) كأساس لعمل عجائبه القديس يوحنا الذهبي الفم
يرى القديس جيروم أن السيد المسيح قدم للجماهير تارة خبزًا من الحنطة وأخرى من الشعير (مت 15:14-21؛ 32:15-38). كل من الحنطة والشعير خليقة اللَّه، بها تشبع الجماهير. وإذ كان الشعير في ذلك الحين طعام الحيوانات، لذا جاء في المزمور: "أنت يا رب تخلص الإنسان والحيوان" (مز 7:36). فهو يُشبع الروحيين، وأيضًا الذين تحت ضعف الجسد. ويبرر بهذا القديس جيروم حديثه عن البتولية أنها كالذهب، والزواج كالفضة، وكلاهما معدنان لهما قيمتهما.
"فقال يسوع اجعلوا الناس يتكئون،وكان في المكان عشب كثير،فاتكأ الرجال وعددهم نحو خمسة آلاف". [10]
طلب السيد المسيح من تلاميذه أن يتكئوا الناس على العشب ليستعدوا للطعام قبل أن يقدم لهم الطعام، أو يروي لهم ما سيفعله. لقد طلب الطاعة المرتبطة بالإيمان ليقفوا ويروا خلاص الله العجيب يشير العشب الكثير إلى الجسد (إش 50: 6)، أو الشهوات الجسدية. فإنه لا يستطيع أحد أن يشبع بالقوت الروحي ما لم يُخضع شهواته الجسدية تحته، أو يطأها بقدميه. إذ اتكأ الرجال الخمسمائة على العشب تمتعوا بالطعام الروحي المقدم لهم من السيد المسيح نفسه خلال تلاميذه كان من عادة اليهود أن يحصوا الرجال وحدهم من سن العشرين فما فوق دون النساء والأطفال أو الصبيان رقم 5 يشير إلى حواس المؤمنين الخمس وقد سمت لتصير سماوية حيث رقم 1000 يشير في الكتاب المقدس إلى الحياة السماوية. لذلك اتكأ الرجال وكان عددهم خمسة آلاف، إذ لم يكن ممكنًا للمؤمنين أن يتمتعوا بالشبع الروحي وفهم الناموس روحيًا ما لم يحملوا سمات النضوج الروحي (رجالًا)، وتتقدس حواسهم الخمس لتحمل سمات سماوية. لذلك فالمؤمن رمزه 5000 (خمس حواس × حياة سماوية "1000" = 5000). أما جلوسهم على الشعب فيحمل رمز خضوع الجسد للنفس المقدسة للرب. فمن يطأ الزمنيات، ولا يرتبك بها، تنفتح طاقات السماء لتقدس كل حواسه وطاقاته وكيانه الداخلي، وتشبعها بالحكمة كما من مائدة إلهية غنية تجاوز تمامًا عن الإناث والأطفال وأحصى الجموع من البالغين، لأنه مكرَّم في كتاب الله كل من هو رجل يافع، وليس من هو طفولي في طلب الصالحات الذين يسلكون كرجال في الصلاح يُعطون الطعام بواسطة المخلص على وجه الخصوص، وليس للذين هم مخنثين ولا يمارسون الصلاح في حياتهم، ولا للذين هم أطفال في الفهم، العاجزين عن إدراك أي أمر ضروري معرفته القديس كيرلس الكبير
بهذا القول أنهض المسيح تمييز تلاميذه وأطاعوه في الحال، ولم يضطربوا، ولا قالوا ما هو هذا، كيف يأمرنا أن نتكئ الجموع ولم يظهر شيئًا في الوسط؟ بهذا ابتدأوا بالإيمان قبل نظرهم إلى المعجزة القديس يوحنا الذهبي الفم
"وأخذ يسوع الأرغفة وشكر ووزع على التلاميذ،والتلاميذ أعطوا المتكئين،وكذلك من السمكتين بقدر ما شاءوا". [11]
يعلمنا السيد أن نقدم الشكر لله على كل بركاته الروحية والجسدية، فإن ما لدينا هو عطية مجانية من عنده. وكما يقول الرسول بولس "لأن كل خليقة الله جيدة، ولا يُرفض شيء إذ أُخذ مع الشكر، لأنه يقدس بكلمة الله والصلاة" (1 تي 4: 4-5) إن كانت الجماهير قد قبلت الخبز من أيدي التلاميذ إلاَّ أن العطية في حقيقتها هي من يدي السيد المسيح نفسه هكذا يليق بالمؤمن أن يدرك أن كل ما يناله هو من الرب نفسه، وإن جاءت بوسيلة أو أخرى صلى لأن الحاضرين كانوا جمعًا عظيمًا ووجب أن يتحقق عندهم أنه جاء إليهم برأي الله، وحتى يصيرهم موقنين أنه ليس ضد الله ولا معاندًا لأبيه القديس يوحنا الذهبي الفم
قبل أن يوزع السيد المسيح الخبز والسمكتان على تلاميذه شكر حتى يعلن فرحه بكل عطية سماوية يقدمها للبشر كي يشبعوا ويغتنوا، أيضًا لكي يدربنا على حياة الشكرعهد السيد المسيح بالطعام للتلاميذ، والتلاميذ قدموه للمتكئين، أي الجمهور. إنه بيديه يقدم لنا الفهم الروحي للناموس والمزامير والأنبياء، ولكن خلال تلاميذه ورسله أو الكنيسة المقدسة.
"فلما شبعوا قال لتلاميذه اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء". [12]
يلتزم المؤمن بجمع الكسر، فلا يبدد الموارد، لأنها عطية إلهية ووزنة يلزمنا أن نكون أمناء فيها مهما بدت تافهة، ولو كانت كسرة خبز من الشعير. كان اليهود يتطلعون إلى الخبز بكونه الطعام الرئيسي يمثل بركة من الرب، لذا يحرصون ألا يسقط فتات خبز على الأرض ولا يطأ أحد بقدميه على فتات الخبز. إلى الآن في صعيد مصر يحمل الناس هذا الاتجاه فيحسبون من يطأ بقدميه على فتات خبز كمن يسيء إلى بركة الرب وعطاياه. جاء في أمثال اليهود: "من يحتقر خبزًا يسقط في أعماق الفقر" إن كان الرب يهتم بكسر الخبز الذي من الشعير، فكم بالأولى لنا أن نحرص على ألا نفقد كلمة الرب أو نفسد وقتنا؟
وضع اليهود لأنفسهم قانونًا أن يتركوا كسرة خبز بعد الطعام إشارة إلى أن البركة قائمة في البيت أما الأشرار فلا يبقون شيئًا على المائدة إشارة إلى نزع البركة عنهم "ليست من أكله بقية، لأجل ذلك لا يدوم خيره" (أي 20: 21) إن كسرت الخمس خبزات لن تملأ اثنتي عشرة قفة، فكيف ما تبقي منها يملأها؟ لم يكن ممكنًا لكائنٍ ما أن يدرك كيف يجمعون كسرًا من الخمس خبزات التي قُسمت على هذه الآلاف من البشر بعد أن شبعوا. هكذا إذ يقدم لنا السيد المسيح طعامًا روحيًا يشبع أعماقنا وتفيض يشبع آخرون من الكسر المتبقية والتي تفوق أحيانا ما قد نلناه جاء هذا الأمر الإلهي الخاص بجمع الفضلات يكشف عن أهمية الإيمان بإله المستحيلات الذي يهب بسخاء، فيشبع النفوس لتفيض بالخيرات والفرح، على خلاف الانحباس في الأرقام والحسابات البشرية مع عدم الإيمان والتي تسبب جفافًا وحرمانًا داخليًا يدعونا السيد لكي نتقبل من يديه حياة أفضل وشبعًا يفيض، فنترنم قائلين: "تعرفني سبل الحياة، أمامك شبع سرور، وفي يمينك نعم إلى الأبد" (مز 16: 11) بجمع الكِسَرْ يتأكد الإيمان بأنه كانت هناك وفرة من الطعام حقًا، ولم يكن الأمر فيه خداع لنظر المشتركين في الوليمة لا يخيب الله من يستعد للتوزيع؛ ويتهلل بمسلك المحبة الأخوية... إذ ننفق قليلًا لأجل مجد الله ننال نعمة أوفر، كقول المسيح: "كيلًا جيدًا ملبدًا مهزوزًا فائضًا يعطون في أحضانكم" (لو 6: 38)... يقول الله: "افتح أحشاءك بسعة لأخيك المحتاج الذي معك" (انظر تث 5: 11)القديس كيرلس الكبير
يرى القديس كيرلس الإسكندري أن السيد المسيح سمح بامتلاء اثنتي عشرة سلة، لكل تلميذ سلة. وكأن من يتعب في تقديم كلمة الله، الطعام الروحي، للشعب فسينال بسخاء ملء النعمة الإلهية كان يرغب أنه يعلم تلاميذه الذين كانوا معدين ليكونوا معلمين للعالم ربما لم تحصد الجموع أية ثمار من المعجزة (إذ للحال نسوا المعجزة وسألوا معجزة أخرى) بينما هؤلاء التلاميذ اقتنوا نفعًا ليس عامًا إني مندهش من دقة الفائض. الكسر الباقية تحمل النقاط التالية:
أن ما حدث لم يكن تخيلًا، وأنها كسر من الخبزات التي اقتاتت بها الجموع.
أما بالنسبة للسمك فقد جاء عن مادة كانت موجودة فعلًا (أي كان السمك لدى الغلام) ولكن في فترة لاحقة، بعد القيامة وُجد سمك ليس من مادة موجودة (حيث وجدوا سمكًا مشويًا قبل إخراج السمك من الشبكة ( يو 9:21)القديس يوحنا الذهبي الفم
"فجمعوا وملأوا اثنتي عشرة قفة من الكسر،من خمسة أرغفة الشعير التي فضلت عن الآكلين". [13]
يشير جمع الكسر التي تملأ 12 سلة إلى الالتزام بالشهادة للثالوث القدوس في كل العالم، أي في المشارق والمغارب والشمال والجنوب (3×4=12) لذلك كان عدد أسباط بني إسرائيل 12 وعدد التلاميذ12 وجاءت الكسر 12 قفة وكأنه يليق بالشعب الذي يتمتع بالطعام الروحي من يد الآب خلال كنيسته أن يقدم فضلاته التي تشبع المسكونة كلها لتجذب غير المؤمنين إلى ملكوت الله.
"فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع،قالوا إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم". [14]
واضح من هذا أنه حتى عامة الشعب كانوا يترقبون مجيء المسيا إلى العالم. لقد احتقر الفريسيون عامة الشعب، ناظرين إليهم أنهم بلا معرفة، ولم يدركوا أن العامة ببساطتهم عرفوا ما لم يستطع الفريسيون بعلمهم ومعرفتهم أن يبلغوا إليه. لقد أدرك العامة أنه قد جاء النبي الذي وعد به الله شعبه خلال موسى النبي (تث 18: 15) اقترب العامة من ملكوت السماوات يقارن القديس كيرلس الكبير بين رد فعل اليهود إذ أرادوا رحمة عندما شفى مرضى، أما هنا الذين هم خارج اليهودية، فقد قالوا "بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم" أولئك رأوا معجزات كثيرة لكنهم كانوا قساة قلوب غير مؤمنين، بينما هؤلاء شاهدوا معجزة واحدة فمجدوه [قد حان الوقت أن ينال الأمم أخيرًا نصيبًا من الرحمة من فوق، ونصيبًا من المحبة بالمسيح].
القمص تادرس يعقوب ملطي كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج
المزيد
08 نوفمبر 2025
سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي
يَقُول المَزْمُور ﴿ سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي لأِنِّي مِنْ أحْكَامَك جَزَعْت ﴾ ( مز 118 مِنْ الخِدْمَة الأُولَى مِنْ صَلاَة نِصْف اللِّيل – القِطْعَة 15) ثَبِّتْ خُوفَك بِمَسَامِير فِي لَحْمِي الإِنْسَان مِحْتَاجٌ أنْ يَعِيش خُوف الله فِي حَيَاتُه لأِنَّ الإِنْسَان عِنْدَمَا يَحْيَا المَخَافَة يَعْتَقُه الله مِنْ أُمور كَثِيرَة عِنْدَمَا يَعِيش الإِنْسَان المَخَافَة يَجِدٌ فَوَاصِل كَثِيرَة بَيْنُه وَبَيْنَ الخَطِيَّة عِنْدَمَا تَكُون المَخَافَة أمَام عَيْنِيّ الإِنْسَان سَيُفَكِّر ألْف مَرَّة قَبْل أنْ يَسْقُط أوْ يَفْعَل أي أمر أحْيَاناً نَسْتَغِل حَنَان الله وَطِيبْتُه وَأنَّهُ مِنْتِظِرْنَا وَيُرِيدْ رُجُوعْنَا وَيَقْبَلْنَا وَسَيَقْبَلْنَا وَلأِنَّنَا لاَ نَرَى فِي الله سِوَى حَنَانُه إِتَّكَلْنَا عَلَى ذلِك فَصِرْنَا نَفْعَل أي شِئ تَحْت هذَا البَنْد هَلْ لأِنَّهُ طَيِّبْ نَتَمَادَى ؟ هَلْ لأِنَّهُ طَيِّبْ نَحْيَا الإِسْتِهَانَة ؟ لاَ لاَبُدْ أنْ نَتَعَامَل مَعَ الله بِمَا يَلِيقٌ بِحُبُّه وَأيْضاً بِمَا يَلِيقٌ بِمَخَافَتُه مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَضَعْ فِي رِسَالَتُه إِلَى رُومْيَة قَانُون جَمِيل هُوَ ﴿ فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامَتُهُ أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا وَأَمَّا اللُّطْفُ فَلَكَ إِنْ ثَبَتَّ فِي اللُّطْفِ وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضاً سَتُقْطَعُ ﴾ ( رو 11 : 22 ) الله صَارِم وَلَطِيفْ الإِثْنَان مَعاً لِذلِك الله يُرِيدَك أنْ تَتَعَامَل مَعَهُ بِحُبُّه وَفِي نَفْس الوَقْت بِمَخَافَة مُشْكِلِة الإِنْسَان عِنْدَمَا يَسْتَهْتَر وَيَسْتَهْتَر وَعِنْدَمَا يَفْعَل الخَطِيَّة يَتَمَادَى وَلاَ يَشْعُر بِهَا حَتَّى أنَّ أَيُّوب الصِّدِّيق يَقُول ﴿ الشَّارِبُ الإِثْمَ كَالْمَاءِ ﴾ ( أي 15 : 16)هَلْ يَشْرَب الإِنْسَان المَاء وَتَعَبْ مِنُّه ؟ أي يَفْعَلُون الخَطِيَّة دُونَ أنْ يَدْرُوا أي مُمْكِنْ إِنْسَان يِكْذِب عَادِي قَدْ يِشْتِهِي مَا لِغِيرُه عَادِي يَفْعَل خَطَايَا ضِدٌ جَسَدُه عَادِي يَسْتَهْتَر بِالكِنِيسَة عَادِي يُوْم مَعَ يُوْم صَارَ الأمر سُلُوك فِي الكِنِيسَة الأُولَى كَانَتْ لَهَا قَوَانِينْ مُخِيفَة .. مُجَرَّدٌ أنْ يَضْحَك إِنْسَان فِي الكِنِيسَة يُبْعَدٌ عَنْهَا سَنَة الَّذِي يَسْعَل يَبْصِقٌ أوْ يَعْطَس يُبْعَدٌ سَنَة قَدْ تَقُول أنَّ بِهَا تَشَدُّدٌ زَائِدْ لكِنْ هَلْ تَصِل إِلَى دَرَجِة أنَّ الَّذِي يَسْعَل يُطْرَدٌ خَارِجاً ؟ أمَّا نَحْنُ فَنَمْزَحٌ دَاخِل الكَنِيسَة مَا مَعْنَى هذَا ؟ مَعْنَاه أنَّ المَخَافَة تَقِلْ لأِنَّ الله طَيِّبْ وَحَنُون وَ نَحْنُ لَمْ نَأتِ اليُّوم لِنَجْعَلْكُمْ تَتَعَامَلُون مَعَ الله الغِير طَيِّبْ الصَّارِم لاَ الله حَنُون وَطَيِّبْ جِدّاً جِدّاً جِدّاً لكِنَّهُ أيْضاً صَارِم لِذلِك يَقُول فِي سِفْر مَلاَخِي ﴿ إِنْ كُنْتُ أَنَا أَباً فَأَيْنَ كَرَامَتِي وَإِنْ كُنْتُ سَيِّداً فَأَيْنَ هَيْبَتِي ﴾ ( ملا 1 : 6 ) نَعَمْ أنْتَ تُحِبِّنِي لكِنْ لاَبُدْ أنْ تَكُون لِي كَرَامَة لِذلِك يَقُول مُعَلِّمْنَا مَارِبُطْرُس الرَّسُول ﴿ سِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ ﴾ ( 1بط 1 : 17) أي تُوْجَدٌ مَخَافَة أيْضاً فِي رِسَالِة بُولِس الرَّسُول إِلَى أهْل فِيلِبِّي ﴿ تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ ﴾ ( في 2 : 12) وَرَبَّنَا يَسُوع لَهُ المَجْد يَقُول ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ ﴾( لو 12 : 4 – 5 ) أي تُوْجَدٌ مَخَافَة يُوْجَدٌ شِئ تَخَافْ مِنْهُ ﴿ خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَ مَا يَقْتُلُ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ ﴾ ( لو 12 : 5 ) إِذاً يُوْجَدٌ شِئ إِسْمُه مَخَافِة رَبِّنَا يَسُوع يِكَلِّمْنَا عَنْهَا فِي رِسَالِة يَهُوذَا يِقُول ﴿ خَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ ﴾ ( يه 23 ) أي كَلِّمُوا بَعْضَكُمْ عَنْ المَخَافَة سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي لاَبُدْ أنْ تُوْجَدٌ مَخَافَة نَقُول مَثَلاً دَخَل طِفْل مَعَ أبِيهِ الكِنِيسَة وَهُوَ مِتْعَصَبْ وَيِشْتِمْ بِألْفَاظ صَعْبَة أوْ يَبْصِقٌ عَلَى مَنْ فِي الكِنِيسَة أبْسَطْ شِئ وَاحِدٌ مِنَّا يَنْتَهِرُه وَنِسْألُه هَلْ لاَ تُحِبُّه ؟ يَقُول كَيْفَ وَهَلْ لِكَيْ أُحِبُّه لاَ أُقَوِّمُه ؟ نَعَمْ أُحِبُّه وَلِذلِك لاَ أصْمُت عَنْ أي خَطَأ يَفْعَلُه لاَبُدْ أنْ تَكُون هُنَاك مَخَافَة مِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي تِتْعِبْ الشَّبَاب وَتِكْبَر دَاخِلْهُمْ أنْ يَقُول الشَّاب لَنْ أتُوب الأنْ العُمْر أمَامِي عِنْدَمَا أكْبَر سَأتُوب لأِنِّي الأنْ شَاب وَيَصِل إِلَى دَرَجِة يِشْرَب الإِثْم كَالمَاء حَتَّى أنَّهُ يِكْذِبْ وَلاَ يَشْعُر فِي البِدَايَة يُشْعُر إِنُّه يِكْذِبْ وَيَتَمَادَى حَتَّى أنَّ البَعْض يَعْتَبِر أنَّ الكِذْب ذَكَاء فَأصْبَح لاَ يَحْزَنْ مِنْ كِذْبُه بَلْ يَعْتَبِر أنَّ الكِذْب مَهَارَة وَيُتْقِنْ الكِذْب وَقَدْ يَصْنَعْ مِنْ الكِذْب دِرَامَا وَيُخْرِجْهَا وَيَزِيدْ مِنْ الإِخْتِرَاعَات إِلَى أنْ يَصِير هذَا الأمر سُلُوك .. كَذلِك الأفْكَار الشَّهْوَانِيَّة أصْبَح لاَ يَطْرُدْهَا بَلْ يَسْعَى إِلَيْهَا حَتَّى وَهيَ بَعِيدَة عَنُّه وَيُحْضِرْهَا لِنَفْسُه وَيَتَمَادَى فِيهَا وَيَزِيدْ مِنْ خَيَالْهَا فَتُؤَثِر فِيه وَتِتْعِبُه لاَ تُوْجَدٌ مَخَافَة فَصَارَبِلاَ رَقِيبْ هُنَا نُشَبِّه النَّفْس بِمَبْنَى وَالمَبْنَى لاَبُدْ أنْ يَكُون فِيهِ ثَلاَثَة أشْيَاء هِيَ حَوَائِطْ وَنَوَافِذْ وَبَاب الحَائِطْ يَحْمِينَا مِنْ الَّذِينَ فِي الخَارِج إِذاً الحَائِطْ فِي أنْفُسْنَا هَدَفُه أمن يَجْعَل فَوَاصِل بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشُّرُور النَّوَافِذ فَائِدَتْهَا تُعْطِي إِضَاءَة إِذاً لاَبُدْ أنْ يَكُون عَنْدِنَا نَوَافِذْ نَرَى مِنْهَا الله وَنُكَلِّمُه وَحَوَائِطْ تَحْمِينَا أمَّا البَاب فَهُوَ الإِرَادَة أي الأُمور الَّتِي نَخْتَار أنْ نَفْتَح لَهَا أوْ نَصُدَّهَا تَخَيَّل لَوْ هُدِمَتْ الحَوَائِطْ إِذاً لاَ تَحْتَاجٌ لِبَاب أوْ نَوَافِذْ لأِنَّهُمَا بِلاَ فَائِدَة وَالَّذِي يُرِيدْ أنْ يَدْخُل سَيَدْخُل لِذلِك إِسْتِمْرَار الخَطَايَا يُسَلِّطْهَا عَلَى الإِنْسَان وَعَدُو الخِير لَهُ مِنْ الحِيَل مَا يَجْعَل الإِنْسَان يِعِيش فِي خِدْعَة لِذلِك يَقُول ﴿ سِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ ﴾﴿ سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي لأِنِّي مِنْ أحْكَامَك جَزَعْت ﴾ لاَ يَارَبَّ أنَا أُرِيدْ مَخَافَتَك دَاخِلِي .
هُنَاك فِئَة فِي الكِنِيسَة الأُولَى إِسْمَهَا (( خَائِفِي الله )) يُقَال هذَا رَجُل تَقِي لأِنَّهُ يَخَاف الله مِثَال إِنْسَان يِشْتِرِي مِنْ بَائِعْ وَيَتْرُك آخَر وَيَقُول لأِنَّهُ يَخَاف الله وَلاَ يُزِيدْ مِنْ الأسْعَار وَلاَ يَغِش المِيزَان شِهَادَة جَمِيلَةٌ يَخَاف الله إِحْذَر أنْ تَتَخَيَّل أنَّهُ كُون أنَّكَ شَاب وَأنَّكَ فِي سِنْ الطَّاقَة وَالقُّوَة أنَّكَ لاَ تَخَاف الله وَأنَّ الَّذِي يَخَاف الله هُوَ الَّذِي يِكْبَر فِي أيَّامُه لاَ مَخَافِة الله مَنْهَجٌ لاَبُدْ أنْ يَسْتَمِر فِي حَيَاتَك لأِنَّ كُلَّ فِتْرَة تَمُر عَلِيك بِدُون مَخَافِة الله تَتْرُك فِيك أضْرَار وَأضْرَار وَإِحْذَر أنْ تَتَخَيَّل أنَّ الخَطِيَّة لَهَا مَرَاحِل تَقِفْ عِنْدَهَا أبَداً بَلْ كُلَّ مَا تُمَارِس الخَطِيَّة كُلَّمَا نَمِتْ دَاخِلَك كُلَّمَا إِزْدَادٌ سُلْطَانْهَا كُلَّمَا ضَعُفَتْ إِرَادْتَك كُلَّمَا إِنْسَحَبْ خُوف الله مِنْ القَلْب لِذلِك يَقُول فِي المَزْمُور ﴿ لَمْ يَجْعَلُوا اللهَ أَمَامَهُمْ ﴾ ( مز 54 : 3 ) وَيَقُول فِي سِفْر الرُؤْيَا ﴿ خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْداً ﴾ ( رؤ 14 : 7 ) أيْضاً يَقُول ﴿ مَنْ لاَ يَخَافَكَ يَارَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ لأِنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ ﴾ ( رؤ 15 : 4 ) مَنْ لاَ يَخَافَك يَارَبَّ ؟ بُولِس الرَّسُول يَقُول﴿ لاَ تَسْتَكْبِرْ بَلْ خَفْ ﴾ ( رو 11 : 20 ) سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي أُرِيدْ مَخَافَتَك تُسَمَّر دَاخِلِي أُرِيدْ أنْ أعْمَل مَا يُرْضِيك ألَسْنَا نَقُول ﴿ القِدِّيسِينْ الَّذِينَ أرْضَوْكَ مُنْذُ البَدْء ﴾( مَا يُقَال فِي مَجْمَع القِدِّيسِينْ ) مَاذَا أفْعَل لِكَيْ أخَاف الله ؟
ثَلاَثَة كَلِمَات
1- إِجْعَل الله أمَامَك دَائِماً:-
لِكَيْ لاَ تُخْطِئ أُشْعُر أنَّ الله دَائِماً أمَامَك مَا أجْمَلٌ قَوْل دَاوُد النَّبِي ﴿ جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ ﴾ ( مز 16 : 8 ) قَدْ يُخْطِئ الطَّالِبْ لكِنْ هَلْ يُخْطِئ أمَام المُدَرِّس ؟ إِذاً هَلْ يُخْطِئ أمَام النَّاظِر ؟ أمر أعْلَى هَلْ يُخْطِئ أمَام وَزِير التَّرْبِيَة وَالتَّعْلِيمْ ؟ مَاذَا أكُون أنَا أمَام الله ؟ أكُون مُنْضَبِطٌ إِجْعَل الله أمَامَك لِذلِك الخَطِيَّة هِيَ نُوع مِنْ أنْوَاع الإِلْحَاد لإِنِّي عِنْدَمَا أفْعَل الخَطِيَّة أُغَيِّبْ الله وَهَلْ يُوْجَدٌ مَكَان الله غَائِبْ عَنُّه ؟ هَلْ تَتَذَكَّر قِصِّة الرَّاهِبْ الَّذِي أرَادَتْ إِمْرَأة أنْ تُغْوِيه وَتُسْقِطُه فِي الخَطِيَّة فَأخَذَهَا إِلَى مَكَان السُوق وَقَالَ لَهَا هَيَّا نُمَارِس الخَطِيَّة فَقَالَتْ المَرْأة لَهُ مَا هذَا يَا رَاهِبْ هَلْ أُصِبْتَ بِالجُنُون ؟ فَسَألَهَا لِمَاذَا ؟ قَالَتْ المَرْأة أتَفْعَل الخَطِيَّة أمَام كُلَّ هؤلاَء ؟!! فَقَالَ لَهَا الرَّاهِبْ أتَخَافِينَ النَّاس ؟ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ لَهَا ألاَ تَخَافِينَ الله إِذاً ؟ عَرِّفْنِي مَكَان لَيْسَ بِهِ الله وَافْعَل بِهِ الخَطِيَّة لكِنْ الله مَوْجُودٌ فِي كُلَّ مَكَان ضَابِطْ الكُلَّ لاَ يَخْلُو مِنْهُ مَكَان إِذاً كَيْفَ أفْعَل الخَطِيَّة أمَام الله ؟ قَدْ يَخْجَل إِنْسَان أنْ يَفْعَل الخَطِيَّة أمَام طِفْل وَيَقُول كَيْفَ أُخْطِئ أمَام طِفْل إِنْ كَانَ طِفْل يَجْعَل الإِنْسَان يَحْتَرِمُه كَمْ تَكُون إِهَانِتْنَا لله عِنْدَمَا نَفْعَل الخَطِيَّة أمَامُه ؟
يَحْكِي الكِتَاب المُقَدَّس عَنْ مَلِك إِسْمُه مَنَسَّى وَيَقُول عَنْهُ الكِتَاب ﴿ عَمَلَ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ ﴾ ( 2مل 21 : 6 ) كَانَ يَغِيظْ الله حَقِيقَةً أي وَاحِدٌ مِنَّا يَفْعَل الخَطِيَّة تَنْطَبِقٌ عَلِيه نَفْس الآيَة الإِنْسَان الَّذِي يُخْطِئ يَغِيبْ الله عَنْ وَعْيُه وَعِنْدَمَا يُغَيِّبُه عَنْ وَعْيُه مَاذَا يَحْدُث ؟ الله يَغِيبْ وَيَغِيبْ حَتَّى يَنْسَحِبْ فَيَشْعُر الإِنْسَان بِعُزْلَه عَنْ الله فَتُحَدِّثُه عَنْ الله يَقُول لَك أنَّهُ وَهْم هذِهِ بِدَايِة الإِلْحَادٌ لِذلِك عِنْدَمَا أسْألَك اليُّوْم هَلْ الله مَوْجُودٌ فِي حَيَاتَك أم تَقُول لِي حَقِيقَةً لاَ أشْعُر بِهِ ؟ أقُول لَك أنْتَ الَّذِي غَيِّبْتُه عَنْ وَعْيَك وَكَثْرِة فِعْل الخَطَايَا بِإِسْتِهَانَة غَيَّبْ الله عَنْ وَعْيَك وَبِالتَّالِي يَنْطَبِقٌ عَلِيك قَوْل المَزْمُور﴿ قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ لَيْسَ إِلهٌ ﴾ ( مز 14 : 1 ؛ مز 53 : 1 ) لاَ يُوْجَدٌ إِله أسْتَطِيعْ أنْ أقُول لَك أنَّكَ مِحْتَاجٌ جِدّاً فِكرِة مَخَافِة الله دَاخِلَك لأِنَّهُ مَوْجُودٌ جَيِّدٌ قَوْل إِلِيشَع النَّبِي عِنْدَمَا كَانَ يَقُول دَائِماً ﴿ حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ ﴾ ( 2مل 5 : 16) أنَا وَاقِفْ أمَامُه الأنْ ؟ بِالطَبْع الَّذِي يَتَدَرَّبْ عَلَى طَرْدٌ الخَطِيَّة لأِنَّ الله أمَامُه عِنْدَمَا يَأتِي إِلَى الكِنِيسَة يَشْعُر بِوُجُودٌ الله بِقُّوَة الله يُسَيْطِر عَلَى المَكَان وَعَلَى الفِكْر فَيَدْخُل وَيَسْجُد بِخُشُوع وَيَعْبُد الله بِرَفْع قَلْب وَيَقِينْ أنَّهُ حَاضِر لِذلِك يَقُول بِفَرَح ﴿ عَمَانُوئِيل إِلَهْنَا فِي وَسَطْنَا الآنْ ﴾ وَكَأنَّنَا نَقُولْهَا وَنَحْنُ نُصَفِقٌ بِأيْدِينَا هذَا مَا نَقُولُه فِي لَحْن " ~pouro " هُوَ مَوْجُودٌ فَهَلْ تَشْعُر بِهِ ؟ نَعَمْ كُلَّمَا تَدَرَّب كَيَانِي وَمَشَاعْرِي وَقَلْبِي أنَّ الله مَوْجُودٌ كُلَّمَا هَرَبَتْ مِنِّي الخَطِيَّة هَلْ تُرِيدْ أنَّ خُوْف الله يُغْرَس فِي قَلْبَك وَيُسَمَّر دَاخِلَك ؟ أُشْعُر بِاسْتِمْرَار أنَّ الله مَوْجُودٌ وَنَمِّي فِي وَعْيَك أنَّهُ مَوْجُودٌ وَكُلَّ مَا لاَ تَرَاه أعْيُنْ النَّاس تَرَاه العِينْ الَّتِي تَفْحَص الكُلَّ وَتَخْتَرِق أسْتَار الظَّلاَم وَتَعْرِف الخَفِيَات الله يَعْرِفْ مَا فِي قَلْبَك وَمَا فِي إِشْتِيَاقَاتَك وَيَعْرِفْ تَصَوُرَات مَخَادِعَك إِنْ كَانَ الله يَرَى كُلَّ هذَا هَلْ لاَ أخْجَل ؟ تَخَيَّل أنَّ الله فَاحِص أعْمَاق قُلُوبْنَا وَيَعْرِفْ أخْطَائْنَا وَمُتَأنِّي عَلِينَا كَيْ نَتُوب وَلكِنَّنَا نَسْتَهْتَر بِطُول أنَاتُه وَنَتَمَادَى فِي الخَطِيَّة فَيَقُول لَنَا أنَا مُتَأنِّي عَلِيكُمْ كَيْ تَتُوبُوا فَتُخْطِئُون أكْثَر ؟ أنَا أُعْطِيكُمْ فُرْصَة لِلتُّوْبَة فَتَأخُذُونَهَا فُرْصَة لِلخَطِيَّة وَالشَّر ؟ إِنِّي أنْتَظِر وَأتَأنَّى وَلكِنْ إِلَى مَتَى ؟ يَقُول سِفْر الرُؤْيَا ﴿ أَعْطَيْتُهَا زَمَاناً لِكَيْ تَتُوبَ عَنْ زِنَاهَا وَلَمْ تَتُبْ ﴾ ( رؤ 2 : 21 ) وَلِنَسْأل أنْفُسْنَا لِمَاذَا نَحْنُ نَعِيش حَتَّى الأنْ ؟ لِكَيْ نَتُوب الله أعْطَانَا الزَّمَنْ لِنَتُوب إِجْعَل الله أمَامَك كُلَّ حِينْ الإِحْسَاس الرُّوحِي يَحْتَاجٌ إِيمَان بِأُمور لاَ تُرَى لِذلِك بَيْنَمَا أنَا سَائِر فِي الطَّرِيقٌ أرَى الله وَأنَا جَالِس أرَى الله وَ فِي كُلَّ مَكَانْ وَكُلَّ حَال أرَى الله أرَادَ الإِمْبِرَاطُور أنْ يَذِل القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيِّ الفَمْ فَقَالَ لَهُ سَأنْفِيك فَقَالَ لَهُ القِدِيس هَلْ سَتَنْفِينِي إِلَى مَكَانْ لاَ يُوْجَدٌ فِيهِ الله ؟ إِلَى أيْنَ ؟ وَاحْتَار الإِمْبِرَاطُور فَقَالَ لَهُ القِدِيس إِنْ أرَدْتَ أنْ تَذِلِنِي إِنْفِينِي إِلَى مَكَانْ لَيْسَ بِهِ الله لأِنَّهُ مَكْتُوب ﴿ لِلرَّبِّ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا الْمَسْكُونَةُ وَكُلُّ السَّاكِنِينَ فِيهَا ﴾ ( مز 24 : 1) أي مَكَانْ أذْهَبْ إِلِيه أرَى فِيهِ الله وَنَاس جِدِيدَة تُمَجِّد الله أفْرَح وَأقُول أشْكُرَك يَارَبَّ إِحْسَاس قَوِي أنَّ الله مَالِئ الكُلَّ إِجْعَل الله أمَامَك لِذلِك عِنْدَمَا يَقُول لَك شَخْص تَسْتَطِيعْ أنْ تَغِش فِي الإِمْتِحَانَات ؟ قُلْ لَهُ رَبِّنَا مَوْجُودٌ هَيَّا نَذْهَبْ لِمَكَانْ نُخْطِئ فِيهِ قُلْ لَهُ رَبِّنَا مَوْجُودٌ وَأنْتَ وَحْدَك قُلْ رَبِّنَا مَوْجُودٌ نَمِّي إِحْسَاس وُجُودٌ الله أمَامَك دَائِماً.
2- فَكَّر كَثِيراً فِي الدَيْنُونَة:-
شِئ مُهِمْ جِدّاً أنْ يَكُون فِكْر الدَيْنُونَة أمَامَك ألَسْتُمْ أنْتُمْ أُنَاس كَنَسِيِينْ أوْلاَدٌ الله وَكُلَّ يُوْم تَقُولُون فِي صَلاَة النُّوم ﴿ هُوَذَا أَنَا عَتِيدٌ أَنْ أَقِفْ أَمَام الدَّيَّان العَادِل مَرْعُوباً وَمُرْتَعِباً مِنْ كَثْرَة ذُنُوبِي لأِنَّ العُمْر المُنْقَضِي فِي المَلاَهِي يَسْتَوْجِبْ الدَّيْنُونَة لكِنْ تُوبِي يَا نَفْسِي مَادُمْتِ فِي الأرْض سَاكِنَة ﴾ ( القِطْعَة الأُولَى فِي صَلاَة النُّوْم )هَلْ وَضَعَتْ الكِنِيسَة هذِهِ الصَّلاَة لِمَنْ هُمْ بَعْد السِّتِينْ عَام مِنْ أعْمَارِهِمْ ؟ أم وَضَعَتْهَا لَنَا كُلِّنَا لِعُمْر الشَّبَاب وَالثَّانَوِي وَالكُهُولَة وَ ؟ كُلِّنَا نُصَلِّيهَا كُلَّ يُوْم وَالكِنِيسَة تَعْتَبِر نِهَايِة اليُّوْم يُشِير إِلَى يُوْم الدَّيْنُونَة وَنِصْف اللِّيل يُشِير لِلمَجِئ الثَّانِي فِكْر الكِنِيسَة أنَّ اليُّوْم عِنْدَمَا يَمُر كَأنَّ العُمْر يَمُر لِذلِك لاَبُدْ مِنْ الإِسْتِعْدَادٌ كُلَّ يُوْم ؟ نَعَمْ الَّذِي يَشْعُر بِهذَا الإِحْسَاس يُنَمِّي مَخَافِة الله دَاخِلُه وَهذَا الإِحْسَاس يُقِيمْ بَيْنُه وَبَيْنَ الخَطِيَّة حَوَاجِز إِحْسَاس إِنِّي أعِيش وَالدُنْيَا تَسِير مِنْ حَوْلِي وَأنَا أعْمِل الخَطِيَّة اليُّوْم وَغَداً وَ هذَا يُقَسِّي القَلْب وَيَنْزَع المَخَافَة وَيَفْصِلْنِي عَنْ الله اليُّوْم نَرَى صَحْوَة عَنْدَ غَيْر الْمَسِيحِيِّينْ الشَّبَاب مِنْهُمْ يَتَدَيَنُوا وَالَّذِي لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي تَعَلَّمْ يُصَلِّي وَالَّذِي لاَ يَقْرأ كِتَابُه بَدَأَ يَقْرأ وَ الْمَسِيحِيَّة بِهَا إِسْتِهْتَار هَلْ لأِنَّ إِلهْنَا حَنُون ؟ يِمْكِنْ !!! أوْ لأِنِّي أضْغَطْ عَلَى مُفْتَاحٌ فَيُجِيبْ نَعَمْ أقُول لَهُ أُرِيدَك أنْ تَعْمَل لِي كَذَا وَكَذَا يُجِيبْ نَعَمْ تَعَوَّدْنَا عَلَى الإِله الَّذِي وَقْت مَا نَحْتَاجُه يَأتِي لِيُلَبِّي طِلْبَاتْنَا أيْنَ العِبَادَة وَالحُبْ وَالإِكْرَام ؟ إِجْعَل الله أمَامَك وَاهْتَمْ بِالدّيْنُونَة ألَسْنَا نَقُول ﴿ بِمَا أَنَّ الدَّيَّان حَاضِر إِهْتَمِّي يَا نَفْسِي وَتَيَقَظِّي وَتَفَهَّمِي تِلْكَ السَّاعَة المَخُوفَة فَإِنَّهُ لَيْسَ رَحْمَة فِي الدَّيْنُونَة لِمَنْ لَمْ يَسْتَعْمِل الرَّحْمَة ﴾ ( القِطْعَة الثَّانِيَة مِنْ الخِدْمَة الثَّالِثَة مِنْ صَلاَة نِصْف اللِّيل )إِذاً أنَا مِحْتَاجٌ أنْ أعْرِفْ أنَّ هُنَاك دَيْنُونَة وَدَيَّان مَا أجْمَلٌ أنْ أتَخَيَّل نَفْسِي في مَوْقِفْ الدَّيْنُونَة وَأعْمَالِي تُكْتَبْ أمَامِي – يَارَبَّ إِرْحَمْنِي – إِنَّ العِلْم يُقَدِّم إِخْتِرَاعَات وَاخْتِرَاعَات هُنَاك جِهَاز رَسْم قَلْب هُنَاك جِهَاز رَسْم مُخ يِرْسِمْ ذَبْذَبَاتُه وَكِيمْيَائُه وَيَقُول مَا هِيَ كَفَاءِة المُخ تَخَيَّل لَوْ إِخْتَرَعُوا جِهَاز يُوضَعْ فِي المُخ يِتَرْجِمْ كُلَّ الأحْلاَم وَالتَّخَيُّلاَت وَيَعْرِضْهَا عَلَى ألـ Data show لِيَعْرِض كُلَّ مَا فِي عَقْلِي تَخَيَّل مَاذَا سَيَعْرِض وَمَاذَا يَدُور فِي عَقْلِي وَخَفَائِي ؟ مَا الَّذِي تَسْتَحِي أنْ يُعْرَض ؟ الَّذِي تَسْتَحِي مِنْهُ لاَ تُفَكِّر فِيهِ لِمَاذَا تَسْتَمِر فِي التَّفْكِير ؟ لأِنَّ الله غِير مَوْجُودٌ أمَامَك ؟!! تَخَيَّل حَالَك عِنْدَمَا تَقِفْ فِي الدَّيْنُونَة يَقُول أحَدٌ الأبَاء﴿ سَنَقِفْ فِي اليُّوْم الأخِير كَمَا فِي مَسْرَح كِبِير مُضَاء أمَام مَنْ لاَ نَعْرِفَهُمْ وَمَنْ نَعْرِفَهُمْ ﴾ لَمَّا يِكُون مَسْرَح وَاسِعْ وَمُسَلَّطَة عَلِيه الأضْوَاء وَكُلِّنَا نُقَفْ وَكُلَّ أعْمَالْنَا تَظْهَر وَتُكْشَفْ إِذاً إِعْمِل أعْمَالٌ جَيِّدَة كَيْ تَجِدٌ مَا يَشْفَعْ فِيك قَدْ تَقُول هَلْ الله قَاسِي ؟ أُجِيبَك أبَداً لكِنَّهُ عَادِلٌ لِذلِك أنَا مِحْتَاجٌ مَخَافِة الله فِي حَيَاتِي مَاذَا أقُول وَأُفَكِّر وَمَا هيَ نَوَايَاي ؟ ضَعْ فِكْر الدَّيْنُونَة أمَامَك يُقَال عَنْ القِدِيس أرْسَانْيُوس أنَّهُ كَانَ دَائِمْ البُكَاء وَعِنْدَمَا كَانُوا يَسْألُوه لِمَاذَا البُكَاء ؟ كَانَ يَقُول خَوْفاً مِنْ الدَّيْنُونَة فَقَالُوا لَهُ فَمَا بَالْنَا نَحْنُ ؟ أجَابَهُمْ أنَّ هذِهِ اللَّحْظَة أمَامِي دَائِماً يَا أوْلاَدِي الَّذِي يَضَعْ فِكْر الدَّيْنُونَة أمَامُه تُقَدِّسُه وَمَا الَّذِي يَجْعَل الإِنْسَان يَزْدَادٌ فِي الشُّرُور ؟ إِنَّهُ لاَ تُوْجَدٌ دَيْنُونَة أمَامُه وَلاَ مَنْ الَّذِي يُحَاوِل أنْ يَلْغِي فِكْر الدَّيْنُونَة مِنْ دَاخِلْنَا وَيُرِيدْ أنْ يَمْحِيهَا ؟ عَدُو الخِير الشَّيْطَان يُرِيدْ أنْ يُحَوِّل حَيَاتْنَا كُلَّهَا إِلَى جَلْسَة نَجْلِسْهَا مَعاً أوْ نُزْهَة نَتَنَزَهَهَا أوْ هَرَج وَمَرَج وَالأمر لَيْسَ كَذلِك لأِنَّ الله لَمْ يَخْلِقْنَا مِثْل أي حَيَوَان نَعِيش فِتْرَة ثُمَّ نُذْبَح وَهُنَاك مَنْ يَأكُل لَحْمُه لاَ الإِنْسَان عَلَى صُورَة الله وَمِثَالُه خَالِدٌ يُخَلَّدٌ لِلأبَدْ الله خَلَقَنَا لِكَيْمَا يُحْضِرْنَا إِلَيْهِ فِي الأبَدِيَّة إِذاً حَيَاتِي لَهَا قِيمَة عَالِيَة جِدّاً وَأهَمْ قِيمَة فِي حَيَاتِي أنَّ فِيهَا مَعْرِفَة الله كَلِمَة صَعْبَة عَلِينَا جِدّاً عِنْدَمَا يَقُول لاَ أعْرِفَكُمْ ( لو 13 : 25 ؛ 27 ) لِمَاذَا يَارَبَّ ؟ يَقُول هَلْ عَرَفْتِنِي أنْتَ كَيْ أعْرِفَك أنَا ؟ أحَدٌ الأبَاء القِدِيسِينْ يَقُول نَحْنُ نَتَكَلَّمْ لكِنْ لاَ نَعْمَل وَيَسْأل مَاذَا يَكُون الله بِالنِّسْبَة لَك ؟ تَقُول أبَانَا يِسْأل هَلْ تُطِيعُه وَتَخَافُه ؟ وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ** تَدْعُونَنِي أباً وَلاَ تُكْرِمُونَنِي تَدْعُونَنِي سَيِّد وَلاَ تُطِيعُونِي تَدْعُونَنِي مُعَلِّمْ وَلاَ تَسْمَعُونَنِي ** كَلاَم فَقَطْ لاَ أنْتُمْ سُفَرَاء الْمَسِيح ( 2كو 5 : 20 ) أنْتُمْ رَائِحَة الْمَسِيح الذَّكِيَّة ( 2كو 2 : 15) إِنْ كُنْتُمْ تَعِيشُون فِي مَنْطِقَة مُعَيَّنَة الأنْ فَكُلَّ وَاحِدٌ مِنْكُمْ رِسَالَة تَخَيَّل لَوْ أوْلاَدٌ الْمَسِيح رَائِحَة الْمَسِيح فِيهُمْ لَيْسَتْ ظَاهِرَة يَقُول الكِتَاب ﴿ أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأِنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ ﴾ ( مت 5 : 13) إِنْ كَانْ عَنْدِنَا مَلْح وَفَسَد يِكُون كَارْثَة لأِنَّ المَلْح عِنْدَمَا يَفْسَد إِنْ وَضَعْتَهُ فِي قِطْعِة أرْض يِفْسِدْهَا يَصِير شِئ فَاسِد يِفْسِد أي شِئ فِي حِينْ إِنْ فَضَلاَت البَهَائِمْ تِفِيد أكْثَر لكِنْ المَلْح الفَاسِد إِذَا وُضِعَ فِي مَكَان يِفْسِدُه الله يَقُول لَك تُوْجَدٌ دَيْنُونَة ضَعْهَا أمَام عَيْنَيْكَ إِعْمِل لِلأبَدِيَّة وَضَعْ هذَا الفِكْر أمَام عَيْنَيْكَ كَثِيرُون يَقُولُون نَحْنُ شَبَاب أعْطِنِي عُمْر كَيْ أتُوب أنَا لاَ أقُول لَك كُنْ مِنْتِظِر المُوْت دَائِماً لاَ الله أعْطَاك رِسَالَة وَالله يِفَرَّحَك بِأيَّامَك لكِنْ إِعْرَفْ أنَّ حَيَاتَك لَيْسَتْ مِلْك لَك وَتُوْجَدٌ دَيْنُونَة وَيُوْجَدٌ عِقَاب وَجَحِيمْ وَتَمَتُّعْ وَقِدِّيسِينْ بَاعُوا العَالَمْ لأِنَّ الأبَدِيَّة أمَامَهُمْ مَا الَّذِي يَجْعَل قِدِيس مِثْل مَارِجِرْجِس يَظِل سَبَعْ سَنَوَات يِتْعَذِبْ كَانْ يَكْفِيه يُوْم أوْ إِثْنِينْ ؟ لأِنَّ الأبَدِيَّة أمَامُه المُكَافَأة أمَام عَيْنَيْهِ وَلِذَا لَمْ يَعِش لِهذَا الزَّمَنْ قَطْ يُقَال عَنْ الرُّومَان أنَّهُمْ كَانُوا طُغَاة يَتَفَنَّنُون فِي عَذَاب الْمَسِيحِيِّينْ وَكَانَ مِنْ ضِمْن أسَالِيب التَّعْذِيب لَدَيْهِمْ أنْ يَضَعُوا المُعَذَّبِينْ عُرَاه فِي حَمَّام جَلِيد وَيَظِل فِيهِ الْمَسِيحِي عِدِّة سَاعَات حَتَّى يَمُوْت وَفِي أحَدٌ المَرَّات وَضَعُوا مَجْمُوعَة مِنْ أرْبِعِينْ مَسِيحِي وَكَانَ كُلَّ وَاحِدٌ فِيهُمْ حَسَبْ قُدْرِتُه مِنْهُمْ مَنْ يَمُوْت بَعْد نِصْف سَاعَة وَآخَر يَمُوْت بَعْد سَاعَة وَآخَر بَعْد سَاعْتِينْ وَهكَذَا وَكَانَ كُلَّ فَرْدٌ مِنْهُمْ يَمُوْت يَأتِي مَلاَك وَيُعْطِيه إِكْلِيل وَيَأخُذْ نَفْسُه إِلَى السَّمَاء لكِنْ لِلأَسَفْ هذَا المَنْظَر هُنَاك مَنْ يَرَاه وَمَنْ لاَ يَرَاه وَكَانُوا كَيْ يُزِيدُوا مِنْ ذُل الْمَسِيحِيِّينْ أنْ يَضَعُوا أمَامَهُمْ حَمَّام بِهِ مَاء فَاتِر لَذِيذْ فَكَانَ مَنْ يُرِيدْ أنْ يُغَيِّر مَكَانُه مُجَرَّدٌ أنْ يُعْلِنْ رَغْبِتُه كَانُوا يَنْقِلُوه إِلَى حَمَّام المَاء الفَاتِر أحَدٌ هؤلاَء الأرْبَعِينْ مَسِيحِي ضِعِفْ وَقَالْ ضَعُونِي فِي المَاء الفَاتِر فَجَاءَ مَلاَكُه وَظَلَّ يُرَفْرِفْ وَمَعَهُ الإِكْلِيل المَجْمُوعَة كُلَّهَا إِسْتَشْهِدُوا وَلِبْسُوا الأكَالِيل مَاعَدَا الَّذِي ضِعِفْ أمَّا الجُنْدِي الَّذِي كَانَ يُعَذِّبَهُمْ مِنْ جَمَال الأكَالِيل تَقَدَّم وَنِزِل حَمَّام الجَلِيد وَأخَذَ هُوَ الإِكْلِيل هُنَاك أُمور لاَبُدْ أنْ تَكُون أمَام عُيُونِنَا الأُمور الَّتِي لاَ تُرَى ضَعْ الأبَدِيَّة أمَام عَيْنَيْكَ وَالدَّيْنُونَة أمَامَك إِعْرَفْ أنَّهُ تُوْجَدٌ مُجَازَاة وَعُقُوبَة إِعْرَفْ أنَّهُ إِنْ كُنَّا نَخْدَع النَّاس فَلَنْ نَسْتَطِيعْ أنْ نَخْدَع الله إِذاً لاَبُدْ أنْ يَكُون هُنَاك دَيْنُونَة لاَبُدْ أنْ أخَافْ الله أخَافُه فِي ضَمِيرِي وَفِي مَخْدَعِي وَفِكْرِي أنَا مُمْكِنْ أكُون صُورَة أمَام البِيتْ وَخَارِج البِيتْ مُخْتَلِفْ عَنْ هذِهِ الصُورَة لاَ ضَعْ مَخَافِة الله أمَام عَيْنَيْكَ .
3- فَكَّر كَثِيراً فِي أضْرَار الخَطِيَّة:-
إِتَّبِعْ الخَطِيَّة لِفِتْرَة وَسَتَرَى مَاذَا تَفْعَل فِيك سَتَعِيش مَقْسُوم وَمَذْلُول تَجْعَلَك إِنْسَان جَبَانْ عِنْدَمَا تُسَيْطِر خَطِيِة شَهْوَة عَلَى إِنْسَان يَشْعُر أنَّهُ إِنْسَان بِلاَ فَائِدَة لأِنَّ الخَطِيَّة تُوَلِّدٌ الجُبْن يُرِيدْ أنْ يَخْتَبِئ لِيَفْعَل شِئ خَاطِئ يَرَى أُمور مِنْ وَرَاء النَّاس تَجْعَلُه يَفْقِدٌ إِحْتِرَامُه لِنَفْسُه وَبِالتَّالِي يَفْقِدٌ آدَمِيَتُه الخَطِيَّة لَهَا ضَرِيبَة بِالإِضَافَة إِلَى أنَّهَا لَهَا أضْرَار نَفْسِيَّة وَعَصَبِيَّة فَتَجِدٌ الشَّخْص الشَّهْوَانِي أنَانِي مُتَرَدِّدٌ وَمُذَبْذَبْ قُدْرَاتُه عَلَى التَّفْكِير غِير صَافْيَة وَإِحْسَاسُه بِالذَّنْب رَهِيبْ فَيَزْدَادٌ بُعْدُه عَنْ الله الخَطِيَّة لَهَا أضْرَار لِذلِك أطْلَقُوا عَلَى خَطَايَا الشَّهْوَة إِسْم (( خَطَايَا العُزْلَة )) كَانُوا يَتَخَيَّلُون أنَّ الَّذِينَ يَعِيشُون فِي إِسْتِبَاحَة لِشَهَوَاتِهِمْ أُنَاس سُعَدَاء وَتُفَاجَأ أنَّهُمْ فِي كَآبَة وَحُزْن وَيَتَنَاوَلُون عِلاَج إِكْتِئَاب هَلْ تَتَخَيَّل أنَّ الإِنْسَان يَكُون سَعِيد عِنْدَمَا يُلَبِّي نِدَاء الخَطِيَّة ؟ أبَداً السَّعَادَة الحَقِيقِيَّة فِي البِّر وَفِي مَخَافِة الله هذَا الكَلاَم إِنْ كَانَ شَدِيدْ إِلاَّ أنَّهُ تَكْمُنْ فِيهِ السَّعَادَة الحَقِيقِيَّة ضَعْ الله أمَامَك تَجِدٌ أنَّكَ سَعِيد وَفِي فَرَح دَائِمْ كَثِيرُون مِنَّا تَخَيَّلُوا أنَّهُمْ إِنْ عَاشُوا حَيَاة مَنْ هُمْ فِي الخَارِج كُلَّ المَشَاكِل تُحَل لاَ الأمر يَتَلَخَص فِي أنَّهُ سَتَتَخَلَّص مِنْ المَشَاكِل الَّتِي هُنَا وَسَتَجِدٌ مَشَاكِل أُخْرَى غِير الأُولَى لكِنْ هُنَا وَهُنَاك تُوْجَدٌ مَشَاكِل الخَطِيَّة لَهَا أضْرَار كُلُّنَا نَعْلَمْ أنَّ الَّذِينَ يُسَافِرُون إِلَى الخَارِج إِنْ تَعَبُوا بِأي مَرَض لاَبُدْ مِنْ طَبِيبْ وَرُوشِتَّة هُنَا تَسْتَطِيعْ أنْ تَدْخُل أي صَيْدَلِيَّة وَتَطْلُبْ دَوَاء لِلضَغْط أوْ السُّعَال أوْ أمَّا فِي الخَارِج فَلاَبُدْ مِنْ رُوشِتَّة وَجُرْعَة مُحَدَّدَة وَيُقَال أنَّهُ مِنْ شِدِّة الطَّلَبْ عَلَى الأدْوِيَة النَّفْسِيَّة نَتِيجِة النَّسْبَة العَالْيَة لِحَالاَت الإِكْتِئَاب وَالعُزْلَة جَعَلُوا أدْوِيِة الإِكْتِئَاب تُصْرَفْ بِدُون رُوشِتَّة وَأطْلَقُوا عَلَيْهَا (( أدْوِيِة الرَّفْ )) فَتَجِدٌ فِي أي سُوبَر مَارْكِتْ أوْ صَيْدَلِيَّة رَفْ يُصَرَّح لَك أنْ تَأخُذْ مِنْهُ بِيَدَك أي شِئ تَحْتَاجُه وَتَجِدٌ عَلِيه بَعْض الفِيتَامِينَات وَالمُسَكِنَات وَمَرَاهِمْ الحَسَاسِيَّة وَمُهَضِمَات وَوَضَعُوا مَعَهُمْ أدْوِيِة الإِكْتِئَاب نَتِيجِة زِيَادِة نِسْبِة الإِكْتِئَاب بَيْنَهُمْ لاَ تَتَخَيَّل أنَّ السَّعَادَة خَارِج الْمَسِيح لاَ الخَطِيَّة لَهَا أضْرَار وَكَمَا أنَّ الخَطِيَّة لَهَا عُقُوبَة سَمَاوِيَّة لَهَا أيْضاً عُقُوبَة أرْضِيَّة مِنْ أيْنَ العُقُوبَة الأرْضِيَّة ؟ هَلْ الإِنْسَان الَّذِي يَحْيَا فَاقِدْ سَلاَمُه ألَيْسَتْ هذِهِ عُقُوبَة ؟ أوْ قَدْ يُصَاب بِمَرَض ألَيْسَتْ هذِهِ عُقُوبَة ؟ الله سَمَح أنْ يَكُون لَنَا جَسَد وَغَرِيزَة وَشَهْوَة وَحَيَاة لِقَصْدٌ مُعَيَّنْ مُجَرَّدٌ أنْ يَسْتَخْدِمْهَا الإِنْسَان لِقَصْدٌ آخَر تِتْلَفْ مِثْل إِنْسَان يَأتِي بِسَيَارَة وَيُرِيدْ أنْ يَجْعَلْهَا تَسِير لِلخَلْف رَغْم أنَّهَا مُصَمَّمَة لِتَسِير لِلأَمَام لكِنْ هذَا الإِنْسَان يَضْبُطْهَا لِتَسِير لِلخَلْف وَيَقُودَهَا وَهُوَ نَاظِر لِلخَلْف وَبِالطَّبْع تَحْدُث لَهُ حَوَادِث نَحْنُ هكَذَا الله أعْطَانَا أجْسَادٌ وَحَيَاة لِهَدَفْ مُعَيَّنْ لِلإِرْتِفَاع لِلسَّمَاء نَحْنُ حَوَّلْنَا الهَدَفْ لِلأرْض وَشَهَوَاتْهَا وَنُخْطِئ وَنَسِير لِلوَرَاء لأِنَّهُ لَيْسَ هذَا هُوَ هَدَفْ الله فِي خَلِيقَتُه لاَ الله أعْطَاك الجَسَد إِنَاء لِلكَرَامَة أمَّا يَصِل بِك إِلَى السَّمَاء وَهُوَ بِنَفْس شَكْلُه سَيَتَمَجَّدٌ فِي السَّمَاء وَأمَّا نَسْتَعْمِلُه بِعَكْس قَصْد الله فَيِتْلَفْ إِنْسَان يِدَخَنْ فَتِمْرَض الرِّئَتِينْ إِنْسَان يِشْرَب كُحُولِيَات فَيِمْرَض الكِبْد إِنْسَان يُدْمِنْ المُخَدَرَات فَيُتْلِفْ المُخ إِنْسَان يُفْرِط فِي الأكْل فَيُتْلِفْ جَسَدُه كُلَّ شِئ لَهُ ضَرِيبَة الله يَقُول لَك هَلْ هذَا الجَسَد مِلْك لَك ؟ هَلْ أنَا أُعْطِيه لَك لِتَفْعَل بِهِ كُلَّ هذَا ؟ لاَ هُوَ لِي وَأنَا أقْرَضْتُه لَك أعْطِيتُه لَك أمَانَة إِذاً هُنَاك عُقُوبَة فَكَّر فِي عُقُوبِة الخَطِيَّة عِنْدَمَا تَفْعَل الخَطِيَّة وَضَمِيرَك يُؤَنِبَك هذَا يُسَاوِي الكَثِير تَجِدٌ نَفْسَك فَاقِدْ سَلاَمَك وَفَرَحَك ألَيْسَتْ هذِهِ عُقُوبَة ؟ تَجِدٌ الإِنْسَان يَفْقِدٌ سَلاَمُه وَفَرَحُه حَتَّى أنَّ المُجْتَمَعْ يَنْفُر مِنُّه وَيَتْرُكُه أحِبَّاؤه وَقَدْ تَصِل العُقُوبَة إِلَى عُقُوبَة قَانُونِيَّة سِجْن هذَا غِير العُقُوبَة السَّمَاوِيَّة وَعَلَيَّ أنْ أخْتَار سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي يَارَبَّ أُرِيدْ أنْ أعِيش مَخَافَتَك أنَا آتِي إِلَى الكِنِيسَة وَأقِفْ بِإسْتِقَامَة أسْمَع كَلِمَاتَك أنَا أسْتَذْكِر دُرُوسِي لأِنَّهَا أمَانَة وَإِنْ كُنْت أصُوم فَلأنِّي مِحْتَاجٌ أنْ أضْبُط جَسَدِي لأِنَّهُ كَثِيراً مَا يَتَمَرَّدٌ عَلَيَّ لِذلِك مِحْتَاجٌ أنْ أُرَوِضُه وَأرْبُطُه مِحْتَاج أنْ أجْعَل الله أمَامِي كُلَّ حِينْ الَّذِي يَعِيش بِمَخَافَة يَتَمَتَّعْ بِلُطْف الله عِنْدَمَا تَخَافْ الله سَتَجِدُه يَقُول لَك أنَا أُطَمْئِنَك المَرْأة المُمْسِكَة فِي ذَات الفِعْل إِلْتَجَأت إِلِيه فَقَالَ لَهَا أُصْمُتِي دُورِك إِنْتَهَى وَأنَا سَأُحَامِي عَنِّك وَأوْقَفْهَا وَرَاءَهُ وَدَافَعْ عَنَهَا ( يو 8 : 3 – 11)إِلْجَأ لَهُ المَرْأة الخَاطِئَة ذَهَبِتْ إِلِيه وَوَقَفِتْ وَرَاءَهُ وَالَّذِي دَانْهَا قَالَ لَهُ يَسُوع أُرِيدْ أنْ أقُص عَلِيك قِصَّة كَانَ لِدَائِنْ مَدِينَان عَلَى الوَاحِدٌ خَمْسُون وَعَلَى الآخَر خُمْسُمَائَة وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَان فَسَامَحْهُمَا كِلَيْهِمَا مَنْ مِنْهُمَا يُحِبُّه أكْثَر ؟ أجَابَهُ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأكْثَر فَقَالَ لَهُ يَسُوع بِالصَوَاب حَكَمْت بِالتَّعْبِير الدَّارِج عَرَّفُه خَطَأُه .. وَقَالَ لَهُ ﴿ مَاءً لأِجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ ﴾ ( لو 7 : 44 – 46 )أدْخَلُه فِي مُقَارَنَة مَعَهَا وَأظْهَر لَهُ خَطَأُه إِذاً الَّذِي يَعِيش مَخَافِة الله يَحْتَمِي فِيهِ وَيَتَمَتَّعْ بِكُلَّ حَنَانُه كُلَّ حَنَان الله لِخَائِفِي الله هَلْ تُرِيدْ أنْ تَتَمَتَّعْ بِحَنَان الله ؟ خَافْ الله سَتَعْرِفْ كَمْ هُوَ حَنُون ﴿ سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي ﴾هُنَاك إِسْتِهْتَار دَخَل حَيَاتَك أفْقَدَك الكَثِير عِش الإِسْتِقَامَة وَجِدِّيِة الحَيَاة بِهَدَفْ وَإِفْرَح بِعَمَل الله فِي حَيَاتَك ﴿ سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي لأِنِّي مِنْ أحْكَامَك جَزَعْت ﴾ رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد