المقالات
26 ديسمبر 2024
بدعة بلاجيوس
البيلاجية - نسطوريوس والمجمع المسكوني الثالث
البيلاجية هى هرطقة تنادى بأن الإنسان يصل إلى الخلاص بمجهوداته الخاصة بعيداً عن نعمة الله أو أحياناً مع نعمة الله. والاسم نسبة إلى بيلاجيوس اللاهوتى الرومانى الذى علّم فى القرن الرابع والخامس. وقد كانت تعاليمه نسكية، ونادى بأن الإنسان له حرية الاختيار وأكد أتباعه على إنكار تأثير الخطية الأصلية على الإنسان. (The Oxford Dictionary for World Religions)
بدعة بيلاجيوس: نوقشت فى المجمع المسكونى الثالث، مجمع أفسس الأول 431 م
كان راهب قس من بريطانيا وكان ينادى بان " خطية آدم قاصرة عليه دون بقية الجنس البشرى وأن كل إنسان منذ ولادته يكون كآدم قبل سقوطه ثم قال أن الإنسان بقوته الطبيعية يستطيع الوصول إلى اسمى درجات القداسة بدون انتظار إلى مساعد النعمة وبديهى أن التعاليم الفاسدة تهدم سر الفداء المجيد ويضعف من دم السيد المسيح.
(مز 51: 5) " بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت "
(رو 2: 12) " كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى المسيح يحيا الجميع "
وبدأ ينشر بدعته بين البلاد حتى حكم عليه مجمع أفسس الأول بحرمه وبدعته وقد جذب بيلاجيوس رجلاً أيرلندياً من الوجهاء (الأغنياء) أسمه كلستينوس وذهب معه إلى أفريقيا ثم تركه فى قرطجنة وتوجه إلى مصر وفلسطين.. وهناك إنضم إلى حزب اوريجانوس ونال إعتبار وشهرة وحدث أن شماس كنيسة ميلانو قدم ضد كلستينوس شكوى إلى الأساقفة الأفريقيين إذ كان فى أفريقيا سبع قضايا، فإجتمع منهم مجمع فى قرطجنة سنة 412 وحرمه، فذهب إلى أفسس وهناك رسم بالغش قساً أما بيلاجيوس فقاومه إيرونيموس الشهير وأورسيوس وإشتكياه إلى اساقفة فلسطين فعقدوا مجمعين أحدهما فى (لد) والثانى فى أورشليم وكان قرار مجمع قرطجنة قد وصل إليهما فقدم إلى كل منهما صورة إعتراف مستقيم ووقع على قرار الحكم ضد زميله فقام أورسيوس تلميذ أوغسطينوس بإبلاغ هذا الحكم لمعلمه وأرسله له لمقاومة صاحب هذه البدعة وإلى أساقفة أفريقيا، فعقدوا مجمعين وأصدروا منهما حكماً ضد بيلاجيوس ورفيقه وأعلنوا هذا الحكم للكنائس الرئيسية ومنها كنيسة أورشليم ورومية وكان يوحنا أسقف أورشليم قد قبل بيلاجيوس فى شركته وأيده أيضاً الذى خلفه برايليوس، أما اسقف روما إينوشنسيوس فقد ايد قرار مجمع أفريقيا ضد بيلاجيوس وكلستينوس، ولكن اسقف روما توفى بعد فترة وخلفه زوسيموس فذهب بيلاجيوس وكلستينوس إلى روما ومعهما توصية أسقف أورشليم وإحتجا إلى البابا وتظلما فإنخدع من ظاهر عباراتهما وقبلهما وكتب رسالة مجمعية يعنف بها مجمع أفريقيا فإنعقد سنة 417 وأقام الحجة ضد البابا وثبت قرارات مجمع 412 م وأظهر للبابا إنخداعه، فلما عرف البابا غلطته وعد أن يفحص المسألة من جديد وبمشورة أوغسطينوس أسقف هبو الشهير عقد مجمع كبير فى السنة التالية مؤلف من 214 أسقفاً فأرسل البابا ثلاثة نواب إلى المجمع وكان منهم قساً قبل ذلك قساً أفريقياً من أبرشية سبيكى وهوإيباريوس قطعه (حرمه) أوريانوس أسقفه لذنوب فظيعة إرتكبها فإستجار القس المحروم بزوسيموس فقبله فى شركته وهو محروم وأرسله مع النواب ليرغموا المجمع على قبوله ويردوه إلى كنيسته، وأرسل بيد النواب لائحة تشمل قرارات بها هذا الطلب فى البند الرابع منها، وكان
الفصل الأول وجوب إستئناف الأحكام ضد الأساقفة إلى البابا حسب أمر مجمع نيقية المسكونى.
الفصل الثانى عدم سفر ألأساقفة إلى باب الحكام إلا بعد ألإتفاق،
الفصل الثالث يجب فحص قضايا القسوس والشمامسة عند الأساقفة المجاورين إذ قطعهم (حرمهم) أساقفتهم عن حمق،
الفصل الرابع يجب قطع الأسقف أوريانوس من الشركة أو إستدعائه إلى روما إذ لم يصلح ما افسده.
فلما إنعقد المجمع أمر أبريليوس رئيسه وأسقف قرطجنة أن تقرأ أعمال مجمع نيقيا، فطلب إليه أولئك النواب لأن يأمر بتلاوة لائحة باباهم فتليت، ولما قرأ الفصل الأول.. قال الساقفة إن نسخ أعمال مجمع نيقية عندنا وليس فيها شئ من إدعاء زوسيموس، ولكى يزيلوا الشك باليقين قرروا إحضار صور أعمال ذلك المجمع من كنائس الشرق الرئيسية فكتبوا إلى كنائس العاصمة (القسطنطينية) والإسكندرية، وانطاكية يطلبون تلك الصور، ثم قرروا تأييد الحكم ضد بيلاجيوس وكلستينوس، وأما بخصوص القس المحروم الذى قبله البابا فنظراً لقانون مجمعهم ألأول المعدل بقانون 134 الذى مضمونه: إن كل إكليريكى يجدد دعواه عبر البحر أى إلى روما لا يقبل فى أفريقيا البتة وأعتبروا أن البابا تداخل بأمره بطريق المحبة، فقبلوا القس المومأ إليه بعد ندامته وتوبته وقبول خدمته فى كنيسة غير كنيسته الأولى وقبل أن تصل صور نسخ أعمال مجمع نيقية توفى اسقف روما زوسيموس وخلفه بونيفاتيوس اسقفاً على روما، وبعد قليل وصلت صورتان أحدهما من البابا السكندرى كيرلس، والثانية من أتيكوس أسقف القسطنطينية، فقراهما المجمع ولم يجد لدعوى زوسيموس الأسقف المتوفى أثراُ وإعتبروه مزوراً ومتلاعباً ثم حدث أن القس إيباريوس الذى كان محروما ونقله المجمع من كنيسته إلى اخرى عاد إلى حالته القديمة فحرمه المجمع، وكان بونيفاتيوس اسقفاً على روما قد توفى وخلفه كلستينوس فإستغاث القس المحروم به فقبله البابا وأرسله بصحبة اسق ليجبر المجمع على قبوله، فأبى المجمع الأفريقى قبوله وصمم على قطعه من الشركة وحرمه، وتمسك المجمع بحقوقه للنهاية، وقد أعتبر المجمع عروض البابا سلباً لحقوقه وحرر له رسالة طويلة شرح له كل ما حدث وتشبث سلفه زوسيموس وقبول المجمع للقس ولكن القس عاد لأخطائه مرة أخرى.
أوغسيطنوس وبيلاجى الهرطوقى
أنكر بيلاجيوس البريطاني وجود علاقة مباشرة بين خطيئة آدم أي عصيان ادم على الله ووقوعه فغي الخطيئة وسائر أفراد الجنس البشري وعلّم أن الإنسان ينال رضى الله بواسطة جهوده الخاصة. ومع أنه لم يبتعد نظرياً عن تعاليم الكنيسة المتعلقة بالمسيح يسوع إلا أنه كان يعمل بصورة قوية على هدم صرح المسيحية مظهراً بأن الإنسان لم يكن بحالة روحية سيئة إلى درجة تستوجب موت المخلص على الصليب. لم يذكر بيلاجيوس ذلك بصورة علنية ولكن تعاليمه كان لا بد لها من أن تؤدي إلى التقليل من أهمية موت المسيح وعمل الروح القدس في قلب الإنسان، ووجوب الولادة الثانية لكي يقدر الإنسان أن ينال سائر فوائد الفداء الذي كسبه لنا المسيح على الصليب كان جواب أوغسطين على تعاليم بيلاجيوس أن الإنسان يرث خطيئة آدم في حياته وان كل إنسان أخطأ في آدم. وهكذا فالإنسان في حالته الحاضرة غير قادر أن يقوم بجميع متطلبات الشريعة الإلهية وهو يبقى إذاً تحت غضب الإله. ليس هناك من واسطة للخلاص إلا بالمسيح يسوع وبما قام به على الصليب مكفراً عن خطايا المؤمنين. ولكن الإنسان لا يود من تلقاء نفسه أن يؤمن، أنه أسير لإرادته المستعبدة للخطية والشر. فالإنسان هو إذاً بحاجة مطلقة إلى معونة الله، إلى معونة فوق طبيعية، وهذا ما نسميه بالنعمة، أي تلك الهبة المجانية التي يعطيها الله للناس ممكنا إياهم من القيام بما يطلبه منهم في الإنجيل. فبدون هذه النعمة الخلاصية لا يقدر أي إنسان أن يستفيد من الخلاص المقدم مجاناً في الإنجيل. وقد أثّرت تعاليم أوغسطين هذه عن الإنسان في تاريخ الكنيسة في العصور المتتالية.
البابا شنودة الثالث يشرح بدعة بلاجيوس
بدعة بيلاجيوس
كلمتكم من قبل عن البدع التى قامت فى العصور الأولى للمسيحية وأريد أن أكلمكم عن البدعة البيلاجية، بيلاجية نسبة إلى بيلاجيوس، وهى يعنى لها موضوعات حساسة فى أيامنا برضه حالياً بينما كان علماء اللاهوت فى القرن الرابع يبحثون فى اللاهوتيات وفى الثالوث القدوس، ولاهوت الابن وتطوروا إلى الكلام عن طبيعة الابن، كلها موضوعات لاهوتية، قامت هذه البدعة للدخول فى موضوع آخر تماماً، طبيعة الإنسان والنفس البشرية وخطية الإنسان ونتائج هذه الخطية وحرية الإرادة والنعمة والعلاقة بين الإرادة والنعمة، كل دى دخلت فيها موضوع غير حكاية الثالوث ولاهوت الابن ولاهوت الروح القدس.. الخ.
بيلاجيوس هذا كان أصله راهب بريطانى من بريطانيا، وكان تقياً ناسكاً، ومشهور بالقداسة والتقوى وبدعوة الناس إلى الروحانيات، حاجة عجيبة صحيح، يعنى كتير نلاقى رهبان ونساك يخشوا فى اللاهوتيات يطبوا ويبقوا مبتدعين زى بيلاجيوس هذا وأوطاخى، ما هو كان راهب وناسك ورئيس رهبنة فى القسطنطينية وانتهى إلى البدعة، وأيضاً فيما بعد هنسمع عن جون كاسيان، إنه اتهموه إنه نصف بيلاجى، وكان راهب وناسك وحياته فى الأديرة وكان معاه واحد تانى اسمه فوستوس، وكان زعيم رهبانى، يا ريت الرهبان يخشوا فى الروحيات ويسكتوا، ويبعدوا عن الأمور اللاهوتية اللى بتتعبهم، إلا من كان فيهم قديراً على التحدث فى اللاهوتيات بيلاجيوس كان راهب بريطانى محب للتقوى ويدعو الناس للحياة المقدسة، فكان يتعبه كثيراً إن البعض يقول أنا مش قادر، أنا ضعيف، أنا مجرد بشر، أنا لا أستطيع، الخطية شديدة والتقوى صعبة، فلذلك هو تضايق من الناس اللى بيتكلموا عن ضعف الطبيعة البشرية، وبدأ يتكلم عن قوة الطبيعة البشرية وقدرتها لدرجة إنه تطرف، قال الطبيعة البشرية قوية وقادرة على إن الإنسان يحيا حياته كلها بدون خطية!، وإن فى العهد القديم قبل ما ييجى المسيح كان فيه قديسين بلا خطية، وقال ونحن لسنا فى حاجة إلى معونة إلهية من الخارج لتقويتنا حتى نعيش بلا خطية، وهكذا أنكر مفعول النعمة. وقال إن النعمة الحقيقية التى ممكن تعطى للإنسان إن ربنا خلقنا بهذه الطبيعة، يعنى النعمة الأصلية إن ربنا خلقنا على هذه الطبيعة التى يمكن أنها لا تخطئ ونعمة تانية اللى هى مغفرة الخطايا ولذلك اصطدم باثنين من القديسين وقفوا ضده، وهما القديس أغسطينوس الذى كان أسقفاً لمدينة هيبو فى إيبارشية قرطاجنة، يعنى إن قلنا إن مصر كانت هى أكبر الكانائس الأفريقية فى شمال أفريقيا من ناحية الشرق نقول من ناحية الغرب كانت قرطاجنة، والقديس جيروم أيضاً، القديس جيروم كان عنده رهبانات فى أورشليم، الراجل ده كان بيلاجيوس هرب إلى فلسطين، ففى شمال أفريقيا لقى أغسطينوس ولما راح فلسطين لقى جيروم وهما الاتين كانا فى خط واحد، فى كلام بيلاجيوس عن قوة الطبيعة البشرية وحرية الإرادة الضخمة التى تستطيع أن تختار الخير من غير النعمة أنكر الخطية الأصلية التى ولد الإنسان، وإزاى هيتولد إنسان بالخطية؟ ما يبقى ضعيف، فأنكر الخطية الأصلية وقال إن خطية آدم أضرت آدم وحده ولم تضر أحداً من نسله أو من أولاده، دى نقطة تانية، وما دام أنكر الخطية الأصلية، يبقى أنكر فائدة المعمودية، شوفوا الخطية دية سلسلة، خطية تقود لخطية.. الخ لغاية لما يقع الإنسان فى مجموعة من البدع، ولما أنكر المعمودية أنكر أيضاً حاجة الأطفال للمعمودية بالتالى، وبعدين قال إن الأطفال حتى غير المعمدين هيروحوا الملكوت، يبقى ما تفتكرش إن مسألة كلامه عن حرية الإرادة وقوة الطبيعة البشرية وقفت عند هذا الحد، دى دخلت فى سلاسل، وبعدين قال هو المشكلة إن الإنسان ربنا خلقه بطبيعة قوية وبإمكانيات لكن هو ساعات ما يستخدمهاش وقال إن أحنا لو أنكرنا هذا الأمر، يبقى هنتهم ربنا بجهل مزدوج، أنا آسف أقول التعبير ده، ده تعبير بيلاجيوس، قال يبقى اتهمنا ربنا بجهله بطبيعة ما قد خلق، وإيه تانى؟ وجهله بالوصية اللى هو اداها للناس هى أدهم ولا لأ، ده على رأى الشاعر اللى قال على الإنسان اللى مش قادر ومصير، قال: ألقاه فى يم يعنى بحر، مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء، ده ربنا يعنى، ولا مؤاخذه، مش هقعد كل كلمة أقول أعوذ بالله، أعوذ بالله، ولا استغفر الله ده مش أسلوبنا، فبيلاجيوس قال الطبيعة البشرية طاهرة وتقدر تمر صح فى كل حاجة، وتستطيع أن تصل إلى الكمال أيضاً وبدون النعمة، قال كون إن المسيح يقول كونوا كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل ما دام أمرنا بالكمال يبقى ممكن، إذاً طبيعتنا البشرية ممكن تصل إلى الكمال، إحنا ما بنقولش لأ، لكن تصل للكمال بالنعمة، لكن هو ما بيجبش سيرة النعمة، وكون إن يكون حتى فى العهد القديم، ربنا قال لإبراهيم أب الآباء فى دعوته له فى تكوين 12، سر أمامى وكن كاملاً، مش ممكن يقوله كن كاملاً، إلا لو كان الكمال سهل وممكن، إحنا ما بنقولش مش ممكن يعنى عن طريق النعمة، ولذلك لما قرأ عليه جزء من اعترافات أغسطينوس التى قال فيها للرب، أعطى ما تأمر به، يعنى إدى النعمة اللى تخللى الواحد ينفذ ما تأمر به، أعطى ما تأمر به وأمر بما تشاء، يعنى أمر زى ما أنت عايز، بس على شرط إنك تعطى ما تأمر به، فقال سواء الإنسان أراد أو لم يرد عنده القدرة إنه يعمل الخير وبدون النعمة وأنه يحيا بدون خطية ويصل إلى الكمال، من أجل هذا وجدنا إن القديس أغسطينوس أخذ جهداً كبيراً فى الرد على البيلاجييين، لدرجة فى مجموعة أباء نيقية وما بعد نيقية نلاقى فيه مجلد كبير للقديس أغسطينوس اسمه ضد البيلاجية من ضمن هذه الكتب اللى فى المجلد كتاب عن مغفرة الخطايا ومعمودية الأطفال والروح والحرف وطبيعة النعمة، ونعمة المسيح والخطية الأصلية وأصل النفس، وأيضاً أربع كتب ضد رسائل بيلاجيوس والنعمة وحرية الإرداة كل هذه المؤلفات من سنة 412 لسنة 426 يعنى حوالى 14 سنة كتب عن بيلاجيوس، اللى فيكم يحب يقرأ عن النعمة يقرأ كلام أغسطينوس أتكلم كلام كتير قوى، طبعاً أغسطينوس اتكلم عن أهيمة النعمة بشدة عشان يرد على البيلاجيين، لكن يطلع بعد كده الطوائف تقول النعمة كل حاجة ومفيش أعمال ولا إرادة يبقى تطرف من ناحية أخرى، مش يستغلوا الكلام اللى قاله أغسطينوس ضد البيلاجية ياخدوه بصفة عامة، لأ، أغسطينوس قال يعنى على الرغم من كلام البيلاجيين، لم يوجد إنسان واحد وصل إلى كمال البر، فلابد من حاجة إلى معونة، البيلاجيين يقولوا لو اتكلمنا عن النعمة يبقى الكلام عن معونة خارجية وليس عن معونة داخلية، داخلية الإنسان قادر، لكن من بره يجيب نعمة ما لهاش دعوة بطبيعة الإنسان وأنكروا الخطية الأصلية وقالوا ليس شئ ولدوا معنا، إحنا ولدنا ونحن قادرون.
نيجى بقى لتاريخ هذه البدعة، كما ترون راجعة إلى أوائل القرن الخامس سنة 410 – 411 لغاية 426، إن بيلاجيوس وهو راهب بريطانى وكان عايش فى رومية وكان عايش هادى وأفكاره بيقولها بالوعظ ثم كتب كتاباً عن تفسير رسالة بولس ظهرت فيه أفكار، لكن مع ذلك الذى نشر أفكاره صديق له اسمه كلوستيوس وكان رجل محامى، بدأ ينشر تعاليمه، فالمسألة بدأت تنتشر وسط العامة، من معلم وسط تلاميذه كبلاجيوس إلى كلامه وسط الناس وصل الحديث أيضاً إلى أغسطينوس الحكاية كبرت بقت مسألة عامة، فأخيراً هرب الصديقان إلى شمال أفريقيا، وبعد شوية بيلاجيوس ذهب إلى فلسطين وترك كلوستيوس فى شمال أفريقيا، وكلوستيوس كان عايز يبقى قسيس، لكن ما كنش متأسس كويس، إزاى؟ طلع له واحد شماس اسمه باولينوس اتهمه بالهرطقة واتكلم عن 7 نقط ضده فى الهرطقة، فكات النتيجة إن اجتمع مجمع فى قرطاجنة سنة 412 لمحاكمة كلوستيوس، اللى هو تلميذ وصديق بيلاجيوس، المجمع ده كان برئاسة القديس أوريليوس، وده اسم مشهور لأنه كان رئيس الإيبارشية اللى فيها أغسطينوس ماسك مدينة صغيرة فيها اسمها هيبو، كان أسقف قرطاجنة، فالمجمع ده أوقف كلوستيوس، لم ينكر شيئاً من الاتهامات التى وجهت إليه، بس قال عن بعضها دى أمور موضع دراسة بين الناس ولا تصل إلى حدود الإيمان المعترف به، والكلام ده ما دخلش فى أذهان المجمع فحكموا عليه بحرمانه، هو أول ما لاقى أول ما لاقى حكم بالحرمان رجع لبلده واستطاع أن يقنعهم إنه يبقى قسيس، فرسموه قساً فى أفسس، دى تورينا مشكلة فى تاريخ الكنيسة، إن أحياناً إنسان ما ينفعش فى إبروشيته فيروح إبروشية تانية تحالله أو ترسمه، زى أوريجانوس، ما نفعش فى الإسكندرية فراح لقيصرية الجديدة فرسموه قساً هناك يعنى الحكاية بتمشى بنوع مش تمام، إحنا مش هانعاتب بتوع أفسس دلوقتى، خلينا فى حكاية الهرطقة بتاع كلوستوس، فبيلاجيوس كان فى فلسطين وهو موجود هناك وعايش بعيد هناك فى صيف 415 جه قسيس أسبانى اسمه باولوس بيحمل رسائل من أوغسطين إلى جيروم، جيروم كان موجود فى فلسطين، طبعاً الجوابات ده أمور لاهوتية، فالقسيس الأسبانى لما وصل إلى فلسطين سألوه فحكى لهم مسألة حرم كلوستيوس فى مجمع فى قرطاجنة، وإنه واخد التعليم من بيلاجيوس، واتقلبت الدنيا، فجابوا بيلاجيوس يحاكموا، عملوا مجمع برئاسة يوحنا الأورشليمى، واستعدى بيلاجيوس عشان يقدم إيمانه وكان الرجل الأسبانى عايز واحد يترجم له، المهم إن هذا المجمع ما استطعش ياخد لا حق ولا باطل من بيلاجيوس، وبيلاجيوس أنكر ما قيل فيه، اجتمع مجمع تانى فى مدينة اللدة، واستدعة بيلاجيوس، فأنكر أيضاً الاتهامات اللى وصلت ضده، وعلى رأى أغسطين قال المجمع حكم ضد الهرطقة مش ضد الهرطوقى، يعنى الهرطقة معترفين إن الكلام ده هرطقة، لكن ماقدروش يمسكوا بيلاجيوس وبيلاجيوس أدان الأفكار التى كان يقول بها وانتهى الأمر إلى أنهم تركوه بدون حكم، الحكاية دى غلط، هذا الخبر وصل إلى شمال أفريقيا، اللى هم حكموا قبل كده على كلوستيوس، فاجتمع مجمعان، مجمع حضره 69 أسقف سنة 416 ومجمع آخر من 60 أسقف فى مدينة ميلا، وهم الاتنين المجامع دول حكم ضد بيلاجيوس بالهرطقة، وضد كلوستيوس بالهرطقة، لعل بعضكم يقول، طب ما حكموا عليهم يبقى انتهى الموضوع، هو حكم مجمع لكن لسه، وصلت الحكاية إلى روما، فالمجمع التانى قال ده راجل كان عايش طول عمره فى روما نحوله على أسقف روما، كان أسقف روما ساعتها اسمه انوسنت الأول، وأساقفة أفريقيا بعتوا له تقرير عن موضوعه، فوجد إن بيلاجيوس إنسان هرطوقى، وكلوستيوس إنسان هرطوقى، فأيد كلام مجامع أفريقيا المكانية وحكم بهرطقة بيلاجيوس وكلوستيوس، المشكلة إن بعد أسابيع من هذا الحكم مات إنوسنت وجه واحد اسمه زوسيموس، زوسيموس ده يظهر ماكنش دقيق فى اللاهوتيات جرى له بيلاجيوس، وجرى له كلوسيوس، فحكم إن بيلاجيوس وكلوسيوس إيمانهم سليم وأرسل رسالة إلى أساقفة افريقيا شديدة اللهجة جداً، ويصفهم بالتسرع فى الحكم وطلب إعادة النظر فى الموضوع، دول أفريقيين بتوع زربنة!
وإذا بأساقفة أفريقيا هاجوا وعقدوا مجمعاً من أكثر من 200 أسقف وبعثوا برسالة إلى زوسيموس وقالوا له إنت غلطان، والراجل ده ضد النعمة والراجل ده ضد المعمودية، وأرسلوا له الرسالة، وعشان يضمنوا خط الرجعة اتصلوا بالأمبراطور وقالوا ده قرار المجمع و200 أسقف حكموا بهرطقة بيلاجيوس وكلوستيوس، والأمبراطور حكم بنفى بيلاجيوس ونفى كلوستيوس، ونفى كل من ينضم إليهم فى الرأى وأسقف روما وجد نفسه فى حيص وبيص، ماذا يعمل؟
فعلشان يخفى خجله، قالهم أنا أجبهم مرة أخرى عشان إعادة حكمهم، فاستدعاهم محدش جه عشان منفيين، وأخيراً خضع لقرار الإمبراطور وحكم بحرمهم والبدع بتاعتهم وأقر أيضاً إن لزوم المعمودية ووراثة خطية آدم والأمور التى أنكرها هؤلاء ووقع معه جميع اساقفة كرسيه ما عدا 18 فأمروا بنفى ال18، بعضهم رجع والبعض انتهى وظن البعض أن هرطقة بيلاجيوس انتهت، لكن قامت مجموعة فيما بعد حاولوا أن يجدوا حلاً متوسطاً ما بين أغسطين وبيلاجيوس، دول اللى سموهم أشباه البيلاجيين، للأسف منهم جون كاسيان، وده كان تلميذ لذهبى الفم.
المزيد
25 ديسمبر 2024
أخلى ذاته ج5
إخلاء الرب لذاته لأنه أراد أن يصحح فكرة الناس عن الألوهية
لقد اقترب إلينا حتى لا تظل فكرة الناس عن الألوهية أن الله جبار ومخيف فأراد أن يجذبنا بالحب لا بالخوف أراد أن يدخل قلوبنا عن طريق محبته، لا عن طريق مخافته وهكذا نري أنه عندما رفضت إحدى قرى السامرة أن تقبله، رفض أن يسمع لتلميذيه اللذين طلبا أن تنزل نار من السماء وتفني تلك القرية، ووبخهما قائلًا "لستما تعلمان من أي روح أنتما" (لو9: 55) إنه لم يشأ أن يرهب أهل السامرة بقوته، بل أن يكسبهم بمحبته وصبر معلمنا الصالح إلى أن جاء الوقت الذي دخل فيه أهل السامرة بالمحبة والترحاب لا بالنار النازلة من السماء الله لا يريد أن يكون مخيفًا بل محبوبًا الناس بطبيعتهم ينفرون ممن يخافونه وقد يخضعون له في ذل، لكنهم ينفرون منه في قلوبهم كان التلاميذ يريدونه قويًا جبارًا مهابًا، بحسب فهمهم البشري، لذلك انتهروا الذين قدموا الأطفال إليه أما هو، فقال لهم "دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم" وأخذ الأولاد "واحتضنهم، ووضع يديه عليهم وباركهم" (مر10: 13-16) وكذلك عندما انتهر التلاميذ الأعميين الصارخين نحوه، وقف المسيح وناداهما، وتحنن، ولمس أعينهما فأبصره وتبعاه (مت20: 30-34).
أخلى الرب ذاته ليُعالِج السقطة الأولى
ماذا كانت السقطة الأولي سوي الكبرياء، سواء سقطة الشيطان أو سقطة الإنسان؟! فالشيطان قال في قلبه "أصعد إلى السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله أصير مثل العلي" (إش14: 13، 14) وعندما أسقط أبوينا الأولين أغراهما بقوله "تنفتح أعينكما، وتكونان مثل الله" (تك3: 5) أخلي الله ذاته آخذًا صورة العبد، لكي يعطي درسًا للعبد الذي أراد أن يرفع ذاته ويصير إلهًا وهكذا صار إبن الله الوحيد ابنًا للإنسان، ليعالج كبرياء الإنسان ويجعله ابنًا لله، بالاتضاع الذي اتضع به ابن الله، وليس بكبرياء السقطة الأولي وهكذا في إخلائه لذاته قيل إنه شابه "أخوته" في كل شيء (عب2: 17) إن الرب عندما يسمي عبيده ومخلوقاته أخوة له، إنما يبكت الذين يعاملون إخوتهم كعبيد لهم، أولئك الذين يؤلهون أنفسهم كلما ينالون مركزًا أعلي من إخوتهم أما السيد المسيح إلهنا فلم يفعل هكذا لقد أخلي ذاته، حتى استطاع بطرس أن يأخذه إليه وينتهره قائلًا "حاشاك يا رب " (مت16: 22) وسمح لكثيرين أن يجادلوه ويناقشوه، بعكس كثرين من البشر الذين لا يقبلون جدالًا من أحد وكان تلاميذه يحاورنه حسبما يريدون حتى سموهم "الحواريين" وهكذا أخلي السيد المسيح ذاته، وصار كواحد منا أراد الإنسان أن يرتفع ويصير مثل الله فنزل الله وصار مثل الإنسان لكي ينيله بغيته، ولكن بطريقة سليمة، باتضاع الله لا بارتفاع الإنسان الإنسان كان يريد أن يقف مع الله في صف واحد فبدلًا من أن يرتفع الإنسان ليقف مع الله، نزل الله ليقف مع الإنسان لكيما بنزوله يخجل الإنسان وتنسحق نفسه ويتضع قلبه وباتضاعه يقترب إلى صورة الله المتضع لقد أخذ الرب صورة العبد، لكي يخفض من تشامخ السادة فليتنا نتضع كلما تأملناه إخلاء الرب لذاته ليتنا نتضع نحن الذين كلما أعطينا سلطانًا في أيدينا، نريد أن تميد الأرض تحت أقدامنا، وترتعش السموات من فوق.
كيف نُخلي ذواتنا؟
إن كان السيد المسيح قد أخلى ذاته -وفيه كل الملء- فنحن الفراغ، كيف نخلي ذواتنا؟! السيد المسيح الذي فيه كل ملء اللاهوت، أخلى ذاته وصار في الهيئة كإنسان وهو الإله أخذ شكل العبد، فالعبد عندما يخلي ذاته أي شيء يكون؟ إن سرنا بنفس النسبة في إخلاء الذات، تُرى إلى أين نصل ؟!
عمق الاتضاع هو أن يسأل الإنسان ذاته ما هي ذاتي حتى أخليها؟! وعندما يشعر الإنسان أنه فراغ، لا يوجد فيه شيء يخليه، يكون حينئذ قد وصل إلى كل الملء...
النزول إلى فوق
خطوات عملية
النزول إلى فوق
إن السيد المسيح إلهنا عندما أخلي ذاته نزل من السماء إلى الأرض، وما أبعد المدى بين الاثنين! ونحن الذين على الأرض إن أردنا أن ننزل منها فإلي أين ننزل، وإلى أين نهبط؟ هل تعلمون إلى أين ننزل وإلى أين نهبط؟ لا شك أننا في هبوطنا، وإنما نهبط من الأرض إلى السماء وفي نزولنا إنما ننزل من تحت إلى فوق...!!
وهكذا نري أن السيد الرب قد غير المقاييس البشرية، مقاييس العلو والهبوط ألغاها كلها، وغيرها إلى العكس فقال "من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع" (مت23: 12) وقال في نفس المعني "من أراد أن يكون فيكم عظيمًا، فليكن خادمًا ومن أراد أن يكون فيكم أولًا، فليكن عبدًا" (مت20: 26) وقال أيضًا "إذا أراد أحد أن يكون أولًا، فليكن آخر الكل وخادمًا للكل"(مر9: 35) فالشخص الذي يرفع نفسه، إنما يهبط بمستواها الروحي كلما انتفخ، ويتضاءل حتى يصبح لا شيء مثل هذا شبهه القديس أوغسطينوس بالدخان الذي كلما يرتفع، تتسع رقعته وكلما تتسع رقعته يتلاشى حتى يصبح لا شيء وقد أخذ القديس أوغسطينوس هذا التشبيه عن داود النبي عندما قال "لأن الأشرار يهلكون فنوا كالدخان فنوا" (مز37: 20) "كما يذري الدخان تذريهم" (مز68: 2) إن الذين يظنون أنهم يرفعون ذواتهم، إنما (يرفعونها) إلى أسفل، لا إلى فوق وهذا هو ما قصده الرب بقوله "من يرفع نفسه يتضع" أما المتواضعون فكلما يهبطون إلى أسفل يرتفعون إلى فوق أو أن صح التعبير يهبطون إلى فوق هم باستمرار ينزلون إلى الأعالي الكائنة في الأعماق، لأن السيد الرب أعطانا فكرة جديدة عن العلو والعمق، عندما أخلى ذاته لقد علمنا أن العلو هو العمق، وأن العلو يوجد تحت لا فوق وأعطانا مقاييس للعظمة لم تعرفها البشرية من قبل إن المتضعين يرتفعون من قبل في هبوطهم، والمتكبرين يهبطون في صعودهم وكل من يريد أن يصعد إلى فوق، ويلتصق بالله، علية أن ينزل إلى الأرض ويقول مع داود "لصقت بالتراب نفسي" (مز119: 25) وإلهنا الناظر إلى المتواضعات "يقيم المسكين من التراب، ويرفع البائس من المزبلة، ليجلس مع رؤساء شعبه"(مز113: 7).
كيف تخلي ذاتك؟
والآن، كيف تخلي ذاتك أيها الأخ إن لم تتمكن من إخلاء ذاتك بالتمام، فعلي الأقل أخفض نفسك درجة عما تستحقه، أو عما تظن أنك تستحقه، في نظر نفسك، وفي نظر الناس في إحدى المرات رسم كاهن جديد، وقضي فترة الأربعين يومًا في الدير وفي تلك الفترة -وهو في الدير سألني- نصيحة له في خدمته المقلبة، فقلت له "كن ابنًا وسط إخوتك، وأخًا وسط أولادك" "انزل درجة باستمرار، أو درجات وباستمرار أسلك بالبساطة في معاملة تلاميذك، وأولادك، وأخوتك الصغار". واليك تدريب آخر:
جرب كيف تتنازل عن حقوقك، وعما يليق بك من كرامة وفي كل وقت ضع أمامك الآية التي تقول "المحبة لا تطلب ما لنفسها" (1كو13: 5) فلا تطلب أن تأخذ كل حقوقك، ولا تطلب أن تدافع عن نفسك في كل شيء ولا ترد التصرف بمثله في إخلائك لذاتك ألق عنك الأشياء التي تضخمك في نظر نفسك أو في نظر الناس سواء كانت داخل نفسك أو من الخارج عليك أن تتخلي عن مظاهر العظمة، وتعيش بسيطًا واعلم أن السيد المسيح في إخلائه لذاته، أعطانا فكرة أن العظمة لا تنبع من مظاهر خارجية، ولا من رفعة تحيط وإنما العظمة الحقيقية تنبع من الداخل، من كنه الذات النقية كلما يصير القلب نقيًا، يأخذ صورة الله، ويصير حقًا على مثال الله حسبما خلق في البدء على صورة الله وشبهه (تك1: 26، 27) وفي كل نقاوتك وفضائلك، أنسِب الفضل كله لله لا إلى نفسك أشعر دائمًا أن الله هو العامل فيك، وليس أنت. وأنك بدونه لا تستطيع أن تعمل شيئًا وإذا اشتركت مع إنسان في عمل، قدمه على نفسك في كل شيء أعطه التفوق، وأعطه الفضل، وانسب إليه ما تحاول بأن تنسبه إلى نفسك من العظمة وتحاول أن تختفي ليظهر الله، وليظهر أخوتك وإن لم تستطع أن تخلي ذاتك، فعلي الأقل لا تضع فوقها ثقلًا جديدًا من الارتفاع، حتى لا تنوء نفسك تحت ثقل ارتفاعك على الأقل لا تكبر ذاتك لا تتحدث عن نفسك، لا تشرح للناس فضائلك لا تسرد قصصًا يفهمون منها شيئًا عاليًا عنك ضع أمامك صورة المسيح في إخلائه لذاته.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب تأملات في الميلاد
المزيد
24 ديسمبر 2024
الأحد الثاني ميمر بشارة الملاك للعذراء مريم وعيد البشارة لمار يعقوب السروجي
انه قبل الأزمان ازلى ،وفى آخر الأزمان صار مولودا لأجلنا له آب وبالنعمة اخذ له اما نزل وحل فيها ليكون لها ابنا اختار له بتولا مخطوبة محفوظة مقدسة بالعفة والطهارة حل في الطوبانية الممتلئة حسنا ،وختم حضنها وقدس جسدها ونقى نفسها أرسل النوراني غبريال ليأتيها ببشارة الآب الممجدة التقى بالعذراء وأعطاها السلام سلم على البتول أم الملك وتكلم معها قائلا السلام لك ايتها الممتلئة نورا الهيا ،السلام لك يا مريم أم شمس البر ، السلام لك يا مقصورة الأقداس ، الممتلئة حسنا ميناء الأسرار ، السفينة الجديدة الممتلئة غنى ، السلام لك أيتها المباركة في النساء الرب معك ، ستحبلين وتلدين ابنا ببتوليتك ، سمعت مريم كلام الملاك فأخذها الدهش لتلك البشارة العظيمة وارتعب ضميرها فأجابته يا سيدي كيف اني احبل وانا بتول خبرك جديد ففسر لى هذا الكلام الذي قلته ،لانه من يطلب ثمارا من أرض لم تزرع ، وعنبا من كرمة لم
تفلح ،وولدا من بتول بغير زواج فسر لي كيف يكون هذا ؟
فقال الملاك الروح القدس يحل عليك ينزل ويقدس بتوليتك ،ويحل عنك لعنة آدم وحواء ويباركك ،وتأتى قوة الآب الخفى ويتجسد منك الابن فتلدين طفلا لا تنتهى مملكته لأنه ابن الله الملك العظيم بدون فحص ، وها اليصابات نسيبتك العاقر هي حبلى ايضا قبلت الحبل في عفة وقداسة ومضت تنظر حبل العجوز العاقر وتقول من أين لى أن تأتى الى ام سيدى ؟! فكرزت اليصابات به ،وعرفت مريم البتول أن المحمول بها هو سيد السمائيين والأرضيين وقالت لمريم بفرح عظيم قد تحرك الجنين في بابتهاج فمن أظهر لها أن الطفل داخلها فرح الا الروح القدس لقد امتلأت من الروح القدس و به عرفت تهلیل الجنين ،وفسرت ماذا يريد أن يقول زكريا الكاهن ، وتكلمت بما يزاحم الجنين ليقول وقالت لها طوباك أيتها البتول مريم حينئذ بدأت اليصابات ترفع صوتها لمن حل فيك ، الكاهن الشيخ يسجد لابنك لأنه هو سيده ذاك الذى السموات ممتلئة من مجده مصور الأطفال في البطون حل فيك يا مريم من أجل هذا يتحرك الجنين داخلي
ويتهال به ،حملت سید هرون و ملشيصاداق الحبر الأعظم
وكانت في بيت الكاهن الشيخ ثلاثة شهور يفرحون بها
ويكرمونها ويتلون كل ما نطقت به النبوات وبما في سفر
اشعياء وتروى لمريم جميع الكلام قائلة يا ابنتي مكتوب في النبوة أن البتول تحبل وقد دعا النبى ذلك من أجل حبلك المقدس بعد هذا سارت مريم لتأتى الى بيتها قبلها يوسف وعرف أنها حبلى الصبية العفيفة وممتلئة نعمة جميعها اتضاع ، وجهها تزينه الطهارة والنقاوة والبتولية لكنه ارتعب لأنه لم يعرف حبلها وطلب أن يبتعد عنها دون أن يفتش الممتلئة نعمة فأتاه رئيس الملائكة غبريال في رؤيا الليل ليعلمه حقيقة ذلك الحبل المدهش فبشره وفسر له جميع قراءات الأنبياء فارتعب لما تحقق ذلك وسأله من أنت يا سيدى فاجابه الملاك وقال له انا عبد ذلك الذي تحمله مريم العذراء فقال يوسف وكم له يا سيدى مثلك فقال الوف ألوف وربوات ربوات فارتعب وارتعد لوقته وامتلأ دهشا وأتى وسجد للبتول مريم وكان يتفرس فيها كمركبة سمائية وسكنت معه بالقداسة والطهارة ،وكانت له ثمة كبير الكهنة في قدس الأقداس يدهش بها ويحبها ويسجد لها ويكرمها ويخدمها بمخافة ينظرها كالسحابة على جبل سيناء التي حلت داخلها قوة اللاهوت قلبها طاهر أفكارها مقدسة وليس فيها شيء أرضى فالقداسة كانت وثيقة خطبتها له لقد حل فيها ابن الله عندما انخطبت ليوسف ،ولولا انها انخطبت وحل فيها كان يتخبط الحبل ويضطرب اذ عندما يعرف بالبطن جنين دون رجل كانت تحسب كزانية ،وان تظهر السر الخفى من يصدقها ان بتولا تحبل دون رجل فان كان ربنا قد أخرج الشياطين وأحيا الأموات ولم يؤمنوا به فكيف يصدقون وهو في البطن أنه ابن الله ،ومن يجسر ويقول أن صبية حبلت به ، وان تظهر مريم السر الالهى كانت تحتقر وتطرد وترجم وتحسب كاذبة من أجل هذا اختار الله رجلا بارا ليكون خطيبا لها ورئيسا يدبرها البتول دعت يوسف البار بعلا لها حتى شاء ابن الله ليظهر ذاته ولأن جنس يوسف من بيت داود فكان خطيبا لابنة داود ، ليكون رأسها ،واضطر أن يكون للأم البتول رجلا استعاريا دون أن يعرفها وخدم السر الخفى دون أن يعرف أحد حتى أظهر ربنا للعالم من هو أبيه قائلا "ينبغي أن أكون فيما لأبي " (لو ٤٩:٢) ومن أعماله ادرك العالم انه ابن الله ، مبارك هو الغير المرئى الذى أتى الى عالمنا المرئى له المجد الدائم إلى الأبد آمين.
المتنيح القمص سمعان السريانى
عن كتاب روحانية قراءات شهر كيهك
المزيد
23 ديسمبر 2024
من كنوز تسابيح شهر كيهك نفس مرتفعة إلى السماء
السلّم الذي رآه يعقوب هو واحد من أهمّ وأجمل الرموز الموجودة في العهد القديم عن السيّدة العذراء فقد ظهر الله ليعقوب، وهو هارب من أخيه عيسو في الطريق إلى خاله لابان، وكان المنظر سلّمًا مرتفعًا إلى السماء والملائكة يصعدون وينزلون عليه، والرب يطلّ على يعقوب من أعلى السلّم بمجدٍ عظيم، ويتحدّث معه بكلام فيه طمأنينة وسلام وبركة (تك28) يري الكثير من آباء الكنيسة أنّ السلّم هو رمز لأمّنا العذراء التي نزل عن طريقها الرب إلى عالمنا الأرضي، حاملاً لنا السلام والبركة والخلاص فهي الإنسانة التي اتّخذ منها جسدًا، وسكن في بطنها البتولي تسعة أشهر، فصار بطنها عرشًا لله المستريح في القدّيسين، وأخيرًا قدّمت لنا الله محمولاً على ذراعيها (ثيؤطوكيّة السبت – القطعة الأولى) العذراء هي السلّم الذي ربط السماء بالأرض، أو بالحرى مكّن الأرضيين من الوصول للسماء..!
القطعة الثامنة من ثيؤطوكيّة السبت تتحدّث عن سلّم يعقوب، وتبدأ بلحن رائع هو لحن "أريتنثونتي" ومعناه "شُبِّهتِ بالسلّم الذي رآه يعقوب، مرتفعًا إلى السماء، والرب المخوف عليه" ثم نجد في المديح الرومي على هذه القطعة بعض العبارات البالغة العُمق والجمال منها:
حَسَنًا رآكِ يعقوب أبونا، مثل سلّم ذي نفس مرتفعة إلى السماء، والرب القدوس جالس عليها، أيّتها اليمامة.
لأنّه صنع أحشاكِ عرشًا، وأيضًا بطنك المختوم، جعله أوسع من السموات.
السلام لكِ من قِبَلِنا، لأنّ من كنزك المختوم، وَلَدْتِ المستريح في القديسين.
أقف قليلاً أمام عبارة واحدة غاية في الروعة، وهي وصف أمّنا العذراء بأنّها مثل سلّم حيّ له نفس تسمو وتحلّق وترتفع حتّى تصل إلى السماء، والرب جالس ومستريح بمجدٍ عظيم على هذه النفس فالعذراء إنسانة ارتفعت بقلبها وكلّ حواسها إلى السماء، فاستحقّت أن تكون مكانًا يستريح فيه الرب..!
ارتفاع النفس بالطبع لا يعني التعالي على الآخرين، بل السمو فوق كلّ رغبات العالم والاهتمامات الأرضيّة، لكي تصلّ النفس إلى الله وتتّحد به في الحقيقة لا يمكننا أن نتّصل بالله اتصالاً حقيقيًّا بدون هذا الارتفاع، وتجاوُز هموم العالم ومشغوليّاته.. وهذا ما تُشجِّعنا عليه الكنيسة عندما تخاطبنا في كلّ قدّاس "ارفعوا قلوبكم" أي نرتفع بقلوبنا حتّى نلتقي الله، طارحين عنّا كلّ أفكار الخواطر الشريرة، ومشتركين في التسبيح مع القوّات السمائيّة من الناحيّة العمليّة، الارتفاع ليس أمرًا سهلاً، فهو ضدّ الجاذبيّة الأرضيّة ولكن الذي وقع في دائرة جاذبيّة حُبّ يسوع المصلوب يكون الارتفاع سهلاً بالنسبة له، لأنّ جاذبيّة يسوع أقوى بكثير من جاذبيّة الأمور الأرضيّة، ولذلك هو أكّد قبل الصليب وقال "وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ" (يو12: 32) وهذا يعطينا فِكرة عن كيفيّة الارتفاع فعندما ننظر للصليب ونتأمّل في الصليب ونتعلّق بالصليب، يرفعنا الصليب إلى السماء!
يظنّ البعض أنّ الصليب هو حِمل ثقيل، قد يكسر الإنسان وينزل به إلى الأرض ولكن الحقيقة أنّ الصليب هو أهم وسيلة تتحرّر بها النفس من روابط الأرض وترتفع بها إلى السماء لقد رأى يعقوب السلّم وهو هارب، وفي وقت شِدّة وضيق، ولم يَرَهُ وهو متنعِّم في بيت أبيه وأيضًا أمّنا العذراء حملت الصليب في حياتها بشكرٍ وتسليم، وقبلت أن يجوز في نفسها سيف الآلام، فارتفعت نفسها إلى السماء وصارت أعلى من الشاروبيم والسيرافيم هكذا دائمًا الصليب يُعِدّ الإنسان للارتفاع إلى السماء، ومَن يتبّع المسيح حاملاً الصليب فهو في الطريق الصاعِد إلى السماء..!
هناك الكثير من الأحاديث أو التصرّفات التي تنزل بنا إلى الأرض فإذا أردنا أن نكون مثل أمنا العذراء مرتفعين إلى السماء، لابد أن نتخلّى عن مثل هذه الأمور، وننشغل بما يرفعنا إلى فوق:-
التأمُّل في كلام الإنجيل يرفعنا إلى فوق..
التسبيح والترنيم يرفعنا إلى فوق..
التوبة ترفعنا إلى فوق..
الاهتمام بخدمة الآخرين يرفعنا إلى فوق..
قراءة أقوال الآباء وخبراتهم ترفعنا إلى فوق..
رفع أيدينا في صلاة المخدع الهادئة يرفعنا إلى السماء..
حضور التسبحة والقدّاس يرفعنا إلى السماء..
وأخيرًا النفس المرتفعة إلى السماء هي نفس مملوءة بالسلام ينسكب عليها دائمًا السلام السمائي، فلا تُزعجها أحداث الأرض ولا اضطراباته بل هي دائمًا تستمدّ فرحها وطمأنينتها وقوّتها من وعود السماء وبركات السماء ورعاية السماء..!
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
22 ديسمبر 2024
تقرأ بعد انجيل الأحد الثاني من شهر كيهك
تتضمن محاكمة أدم والبشارة بالخلاص مرتبة على فصل إنجيل بشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء ( لو ١ : ٢٦-٣٨ ) بميلاد المخلص لقد مرت السنون وكرت القرون والجنس البشرى يتألم متقلباً في المشقات والاحزان التي آلت اليه بطريق الميراث عن أبويه الأولين وفي تلك الأثناء كانت رحمة الله تنظر إلى خراب العالم مفكرة فى طريقة جديدة تكفر عن العصيان وتعيد العمران لأن الله قد وجه سهام سخطه إلى بنى الانسان نظير المخالفة والعصيان تارة بالطوفان وطوراً بالنار والكبريت واحياناً بافتتاح الارض فاهـــا وابتلاع المخالفين ثم بالحروب المتتابعة لبعضها وغير ذلك ، وبواسطة الرحمـــــة قد تقرر منذ الازل وصدرت المراسيم الالهية ، بأنه حيث أن الخراب قد حدث للعالم بواسطة ثلاثة هم : لوسيفورس وحواء وأدم فيجب أن يتجدد بواسطة ثلاثة آخرين هم : جبرائيل ومريم ويسوع وقد مضى ردح من الزمان والجنس البشرى ينتظر بفروغ صبر ذلك الوقت السعيد ، إلى أن جاء ملء الزمان وارسل جبرائيل الملاك من عند الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة ، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف ، واسم العذراء مريـــــم ، فدخــــل اليها الملاك وقال " سلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك " وقد صور بعضهم هيئة المحاكمة والمداولة التي جرت بين عدل الله تعالى ورحمته بديوان المحكمة الإلهية بشأن آدم الانسان الأول هكذا: الاتهام: أن آدم الانسان الأول قد خالف وصية الله ، بأكله من الشجرة المنهى عنها ، وعقابه على ذلك ينطبق على الفقرة الثالثة من المادة الأولى وهذا نصها : " من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً ، وأما شجرة معرفة الخير والشـــــر فـــلا تأكل منها ، لأنك يوم تأكل. منها موتا تموت " قال العدل الالهى : إن أدم يستحق عقوبة الهلاك لمخالفته القوانين ، قالت الرحمة : إنه مخلوق للسماء ويجب أن يعفى عنه قال العدل: ولوسيفوس الملاك أيضاً كان مخلوقا للسماء ، ولما خالف هلك قالت الرحمة : يوجد فرق بين آدم ولوسيفورس الملاك ، فهذا روح نورانى قوى وآدم من تراب ضعيف ، فالملاك كان في السماء وآدم على الارض قال العدل : نعم إنه ضعيف وعلى الأرض ، ولكن كانت له وسائط تقويه وهي النعمة الفعالة ، وخضوع الجسد للروح قالت الرحمة : والملاك أيضاً كان له وسائط تقويه وهى سمو معرفته وقوة ارادته وقربه من الله قال العدل كان الواجب على آدم أن يتخذ له عبرة من قصاص الملاك فلا يخالف مثله قالت الرحمة : ما كان للملاك شيطان يجر به . ولا حواء تغويه . ولا ثمرة يشتهيها . قال العدل: على أى حال يجب قصاصه . لأنه لم يعتبر ربه ولا الملكوت . ولا خاف من هول جهنم . والخطية ليست بالأمر الهين ، ولا شرها بالشئ القليل حتى تعتذرى عنه ، فالمذنب يجازى بذنبه ولا محاباة . والحكم ذاته الذي توقع على الملاك وأتباعه الطالحين يجب أن يتوقع عليه. قالت الرحمة ان ذلك الحكم لم يشمل كل الملائكة ، بل بقى منهم القسم الاكثر يمجد الله في السماء. بخلاف الحكم على آدم فقد شمل كل ذريته قال العدل: فليكن كذلك لكل ذريته فيتمجد عدل الله فيهم. قالت الرحمة : عدل الله قد تمجد في قصاص الملائكة. وأنا متى أظهر بمجده. ومع من استعمل شفقتي ؟ في جهنم لا دخل لي ، وفي السماء لا احتياج إلى الرحمة قال العدل: وأنا لا يهمني سوى وصول حقى تماما قالت الرحمة: إذا وصلك حقك تماماً بدون هلاك أدم ألا ترضى؟. قال العدل: أرضى قالت الرحمة أيكفى لذلك أن يطرد آدم من الفردوس إلى ارض الشقاء والهوان حيث يبكى ويحتمل الأمراض والأحزان على شرط أنه ينجو من الهلاك الأبدى. قال العدل: لا. هذا لا يكفى. قالت الرحمة أيكفي أن يموت ويرجع إلى التراب ويصير طعاماً للحيات بحيث تنجو نفسه من جهنم. قال العدل: كلا. لا يكفي. بل يجب أن يموت عنه بار. فتشوا هل يوجد في الأرض بار؟. لا يوجد. ليس ولا بار واحد بل جميعهم زاغوا وتلطخوا بخطية آدم نعم وجد أبرار كثيرون مثل نوح ويوسف وموسى ويشوع بن نون وغيرهم. ولكن تسميتهم ابرارا محمولة على برارتهم من الخطية الفعلية لا من الخطية الأصلية . لأن نوحاً خلص ذاته وسبعة أشخاص فقط من الطوفان ، لا من الهلاك . ويوسف أنقذ أهل مصر وما حولها من الجوع لا من جهنم . وموسى أنقذ الإسرائيليين من عبودية فرعون ، لا من عبودية الشيطان ، ويشوع قد أدخلهم أرض الميعاد أى أورشليم الأرضية ، لا السمائية . إذن لا يوجد من يوفى عن آدم أم رافائيل؟ سكت جميعهم وما قبلوا الموت عن آدم. فقال الأب: ومع ذلك إن موت البشر أجمع. وملاشاة الملائكة بأسرهم. وابادة كل العالم. كل هذا غير كاف لايفاء عدلى حقه. لان كل ما ذكر هو متناه. أما دين آدم فهو غير متناه . عند ذلك بـرز الاقنوم الثاني وقام في الوسط قائلا لابيه الازلى هأنذا يا أبت فارسلني لأتخذ جسداً وأحتمل الآلام والموت لخلاص آدم ايفاء للعدل وتعظيماً للرحمة. ولأن الانسان أخطأ لرغبته فى أن يصير شبيهاً بالله. فأريد أن أصير بحالة إذا تشبه بي يخلص فقال الآب: يا ابنى يلزمك أن تولد في مغارة بين الحيوانات. فقال: لا يهمني. هأنذا فارسلني. قال الآب : يلزم أن تهرب إلى مصر وتكون مضطهدا مهانا ثم تموت
عريانا فقال: لا يهمني. ارسلني. لأن ماذا لى هنا وشعبى قد سبى مجاناً ؟ فقال المبشر لآدم: بشراك افرح. فقال آدم كيف أفرح وأنا جالس في الظلمة . قال المبشر : افرح. لأنه قد تقرر اليوم خلاصك إذا ارتضـــــي ابـــن الله أن يتجسد من بتول لأجلك فترج وتب.فبقی آدم ونسله من بعده ينتظرون تلك البتول المنتخبة ليتجسد منها ابن الله.فقد مرت سارة ولها عظمة الخلافة ولم تكن هي المختارة لأنها ولدت أسحق الذي هو رسم لمخلص العالم ومرت راحيل ولم تكن هي المنتخبة لأنها ولدت يوسف لا يسوع. ومرت بتشبع ولم تكن هي المنتظرة لأنها ولدت سليمان الحكيم لا حكمة الله ومرت دابورة بوظيفة قائدة للشعب ولم تكن هي المنتظرة. ومرت يهوديت مخلصة مدينة الرب وبيدها رأس أليفانا ولم تكن هـــي المنتظرة وهكذا استمر العالم سالكاً في الظلمة مدة أجيال عديدة وبينما كان الناس على هذا الحال إذ ظهرت نجمة الصبح السيدة المختارة مريم البتول التي هي وحدها انتظار العالم ورجاء الشعوب الموقوف عليها اجراء عمل الخلاص وعند بلوغها السنة الثالثة عشرة إذ كانت تصلى ملتمسة من الله أن يرسل سريعاً إلى العالم المخلص المنتظر وإذا بجبرائيل الملاك وقد وقف أمامها وقال لها :" سلام لك أيتها الممتلئة نعمة !! الرب معك " فلما سمعت كلامه اضطربت عجباً !!! إن مريم المختارة تخاف من ملاك سماوى !! وحواء لم تخف من شیطان جهنمی !! ولما قال الملاك للسيدة مريم : " ها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع هذا يكون عظيما وابن العلى يدعى قالت له وكيف يكون هذا .؟ أما حواء فلما قال لها الشيطان : " يوم تأكلان من الثمر تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر لم تقل " كيف يكون هذا " فما أكثر الذين يسمعون وساوس الشيطان غير خائفين ولا يتوقفون قائلين : "كيف يكون هذا". وما أحسن وأحكم جواب الملاك لسيدتنا مريم. إذ ترددت اتضاعا وتهيبا من تجسد مخلصنا في حشائها الطاهر قائلة: " كيف يكون هذا فأجابها الملاك. "ليس شئ غير ممكن لدى الله" فأطمأن قلبها بهذا الجواب وأذعنت قائلة: " " هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي قولك وعند جوابها هذا حل الإله في حشائها وصار جسدا الإله صار انسانا وحل فينا والنور الذي كان قد حجب بظلمة الخطية ابتدأ يشرق على السالكين في الظلمة والجالسين في كورة الموت وظلاله تجسد الابن وعاش بيننا كأنسان نحو ثلاث وثلاثين سنة مسكيناً فقيراً تعباً أخذاً أمراضنا وحاملا أوجاعنا وفي آخر سنى حياته كان منذراً او معلماً ومخرجاً للشياطين ومفتحاً للعميان ومشفياً للمجانين وقد أنهى حياته الأرضية معلقا على صليب الآلام والإهانات بإرادته فسحق بذلك رأس الشيطان الحية القديمة إتماما للوعد بخلاص أدم وذريته فيا لمحبة الله غير المتناهية ويالعظمة رأفته بنا ! فإنه لم يكتف بخلقنا
وحفظنا وعنايته بنا كل ايام حياتنا وتسخيره لخدمتنا كل ما في السماء وما على الأرض بل ارسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب إرادة الله وأبينا برنـــــا مجانا بنعمته بالفداء ليس عن استحقاق لنا وإنما حباً منه ورأفة بنا فهل من حب أعظم من هذا؟ يقول البشير : " ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع الانسان نفسه لاجل أحبائه " ولكن حب مخلصنا أعظم بكثير لأنه لم يضع نفسه عن أحبائه بل عن أعدائه بالخطية والفرق بين النوعين ظاهر كالفرق بين الصداقة والعداوة.
إن الله أحبنا حتى بذل ابنه الوحيد فهل أحببناه نحن لانه أحبنـــا اولا تأملوا هذه المسالة وأسمحوا لي أن أقول الحق بإخلاص وبدون مراعاة ولا محاباة إن الله أحبنا أولا فليتذكر كل منا خطاياه ويعلم أنه كافأ الله عن محبته له ولير سوء تصرفه وقبح نكرانه احسان من صلب ومات عنه وليخف ممن ليس من صفاته الرحمة والرأفة فقط بل العدل والانصاف أيضا ان الله أحبنا أولا فهل أحببناه؟. أن أعمالنا تدل على اننا لم نحبه لأن شرط محبة الله الحفظ والعمل بوصاياه فهل حفظنا الوصايا ؟ أظن لا لأننا نرى الكثيرين يضعون الإساءة بوضع الاحسان ويقابلون النعمة بالنكران ويؤثرون أقـــل الذى اسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا منفعة على محبة الله ولعل البعض يقول : أنى أحب الله واحب قريبي حسنا تقول ولكن ما فائدة القول إذا كان العمل يدل على أنك لا تحب الله ولا تحب أخاك وقريبك ؟ أو لم تسمع قول الرسول: " أن قال أحد أحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره " فأن كنت يا هذا تحب الله وتحب قريبك فلماذا تبخل على الفقير الذي يسالك حاجة وتمنع عنه الخير ثم تهينه وتعيره بالبطالة والكسل؟ ولماذا تسعى في الانتقام من أخيك حينما يغيظك وتقول انك تريد تأديبه فقط؟ أو لم يسمع قوله تعالى: "لـــى الانتقام أنا أجازى يقول الرب إذا كنت تحب الله فلماذا لا تواظب على الكنيسة في أيام الأحد وفي الاعياد على الأقل؟ ولماذا لا تقف بأدب وخشوع فى بيت الله حتى لا تشوش على المصلين ؟ ولماذا لا تؤدى الواجبات الدينية المفروضة كالتوبة والندامة والاعتراف ثم التناول من جسد الرب ودمه الاقدسين ؟ هذا ويعوزني الوقت لو اردت زيادة البيان وانما اقول بالأجمال ما أشد جحود الانسان وما أقرب أنكاره للمعروف والاحسان فسبيلنا أيها الأحباء أن نوبخ نفوسنا على ما فعلناه ضد شرف طبيعتنا. وما جنيناه ضد بارينا وفادينا ولنؤد لعظمته تعالى واجب الطاعة والشكر كل حين ذاكرين أحساناته الكثيرة وكل ما يدل على شدة محبتنا لجلاله السامي مزاولين كلى ما يقر بنا إليه لنكون أهلا لتلك المنزلة الرفيعة التي رفعنا إليها له المجد إلى الأبد امین.
القديس يوحنا ذهبي الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
20 ديسمبر 2024
مائة درس وعظة (٥٩)
يوحنا ذهبي الفم «إعلاء الحق »
"إن لم تربح خلاص إخوتنا هنا، فلن تحصل على خلاص نفوسنا هناك" (ق يوحنا ذهبي الفم)
يوحنا ذهبي الفم عاش في القرن الرابع الميلادي وهو أحد الأقمار الثلاثة كما تسميه الكنيسة اليونانية مع القديس باسيليوس الكبير والقديس غريغوريوس اللاهوتي، وكان بطريركا لمدينة القسطنطينية. اولا ولادته: ولد في عام ٣٤٧م والده كان قائدا في الجيش الروماني في سوريا، وأمه كان اسمه "انثوسا" وبعد أربع سنوات توفي زوجها والد القديس يوحنا وتركها شابة غنية وجميلة، وتوفيت ابنتها (اخت القديس يوحنا) بعد الوفاة الوالد، فصارت أرملة فربت يوحنا تربية رائعة وعندما دعيت لزواج أخر رفضت وقالت إنها تعيش من أجل ابنها.
نانيا دراسته:
نبغ يوحنا في دراسة المحاماة
ثالثا: صداقته:
له صديق اسمه باسيليوس، وقد أحب الاثنان الله، وكرسا حياتهما، وساعدا بعضهما أن يعيشا حياة التعبد لله، ودعي الاثنان للكهنوت لكن عندما جاءت وقت الرسامة هرب يوحنا من الرسامة، وتمت رسامة باسيليوس وكانت حجة القديس يوحنا أن له ميولاً للحياة بالدير.
رابعا رهبنته:
كان يحيا الممارسات الرهبانية وتدريباتها الروحية في بيته إلى أن انتقلت والدته فاتجه للدير وصار راهبا وفي زمنه نشطت الحياة الرهبانية وعندما زار مصر رأي البرية بكل سكانها ونساكها ورهبانها، كان كل راهب في قلايته، والأديرة لم يكن بها أسوار كانت القلالي متناثرة في الصحراء يخرج منها نور بسيط لشمعة أو قنديل، وكان المنظر في الليل جميل النجوم في السماء والقلالي منيرة في البرية، فقال عبارة مشهورة "السماء بكل نجومها ليست في جمال برية مصر بكل سكانها "وكان يقول للرهبان والاباء في انطاكية "هلموا إلى برية مصر لتروها افضل من ای فردوس"
خامسا ارتباطه بالكتاب:
من ارتباطه بالكتاب المقدسي صار إنجيلاً و يحكي تلميذة أن بولس الرسول كان يظهر له ويفسر له الرسائل.
سادسا راع صالح:
لم يكن رجل سياسة ولا فيلسوف لكنه امتاز بالبحث عن خلاص النفوس.
سابعة نفيه:
كان له مشكلة كبيرة مع الإمبراطورة " افدوكسيا"،وهي كانت قد اغتصب أرضا يملكها انسان عادي فمنعها القديس من دخول الكنيسة. واغلق الأبواب في وجهها، فقالت للجنود اكسروا الأبواب،وشلت يد الجندي التي حاول كسر الأبواب فصلی ذهبي الفم على ماء ومسح بها يد هذا الجندي فعادت سليمة، أما الإمبراطورة فتسبيت في نفى القديس لأخر حدود الإمبراطورية الرومانية، وكان هدف الإمبراطورة من ذلك خبيثا حيث ارادت ان يموت القديس أثناء سفره للمنفي، لأن الرحلة كانت طويلة وجسده كان مريضا كان يرسل رسائل من منفاه مع شماسة تدعى "اوليمبياس"، وكانت هذه الشماسة الفاضلة تنقل رسائله للاكليروس وكل الشعب
ثامنا نياحته:
تنيح القديس يوحنا ذهبى الفم في المنفى عام ٤٠٧م
تاسعا - كتاباته:
له كتب ومقالات عديدة منها
١- سر الكهنوت
٢- الملك وحياة الراهب
قارن فيه بين حياة الملك والراهب. . الملك يتحكم في شعوب وجيوش اما الراهب فيتحكم في شهواته. الملك يحارب برابرة أما الراهب فهو يحارب شياطين ويهدي نفوسا .الملك نهاره وليله الام ومشكلات أما الراهب نهاره وليله فرح وسلام .الملك يهدى ذهبا، أما الراهب يقدم نعمة وتعزيات. الملك يرتعب من الموت، أما الراهب يطمئن على مصيرة.
٣- ستعود بقوه أعظم
في حياته وهو راهب أحد الآباء الرهبان سقط في خلية كبيرة جعلته يترك رهبنته ويشعر بيأس شديد مكتب له مقالة أسماها "ستعود بقوة أعظم"، وعندما قراها الإنسان الذي سقط بدا يستعيد شجاعته وعاد وتاب واستكمل حياته النسكية باكثر نسك.
٤- سر الزيجة
كتاب شرح فيه المفهوم الكتابي والكنسي لسر الزواج وكيف أن الزواج يبارك حضور المسيح.
ه- عظات التماثيل
الشعب ثار بسبب الضرائب وحطم تماثيل الأمبراطور وكانت النتيجة أن الإمبراطور أراد أن يعاقب هذه المدينة فلجا الشعب للكنيسة فاستغل القديس يوحنا هذه الفرصة وبدأ يكلمهم عن التوبة، وفي نفس الوقت يتشاور مع الله لكي يعبر عن هذه المدينة القي القديس على الشعب عظات كثيرة (۲۱ عظة) سمیت "عظات التماثيل".
عاشرة: اقواله
له ماثورات وعبارات كثيرة قوية منها
١- اى نفع للمسيحي الذي لا يقيد غيره. ٢-إن غاب عنا عون الله لا تقدر أن نقاوم اتفه إغراء
٣- ليس للشيطان أن يهاجمك إلا عندما يراك قد ملت إلى الخطية وتكاسلت.
٤- ليس لنا عدو إلا واحدا، وهو الخطية التي تفسد سلامنا
٦- الكنيسة أعلى من السماء وأكثر اتساعا من الأرض
٥- الدير اكاديمية تحتضن تفسير الكتاب المقدس.
٧- السيرة الطاهرة تسد فم الشيطان وتبكمه.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
19 ديسمبر 2024
بدعة بطرس القصار
تعود إلى النزاع الخريستولوجي
إضافة بطرس القصار: فنقرّر من ثم بأن إضافة التي ألحقها بطرس القصار بالنشيد التقديس كفرٌ، لأنها تأتينا بأقنوم رابع، فتضع ابن الله وقوة الآب الأقنومية من جهة، والمصلوب من جهة أخرى على أنه غير القويّ. أو هي تُمجد الثالوث الأقدس المتألم، صالبة الآب والروح القدس مع الابن. فبعداً لهذا الكفر وهذا الهذيان!
الأسماء الإلهية العامة: أمّا نحن فننسب لفظة قدوس الله إلى الآب، غير فارزين اسم اللاهوت له وحده، بل مدركين أن الابن إله والروح القدس كذلك. ولفظة قدوس القوي نجعلها للابن، غير نازعين القوة عن الآب والروح القدس. ولفظة قدوس الذي لا يموت نخصصها للروح القدس، غير تاركين الآب والابن بمعزل عن الخلود، بل ناسبين إلى كل من الأقانيم كل الأسماء الإلهية نسبة بسيطة وعامة، مقتدين بالرسول الإلهي القائل: "لنا إله واحد الآب الذي منه كل شيء ونحن إليه، وربّ واحد يسوع المسيح الذي به كلّ شيء ونحن به" (1كور8: 6). ومتشبهين بغريغوريوس اللاهوتي الذي هو ليس بأقل من الرسول في تعبيره حيث يقول: "ولنا ربّ واحدٌ الآب الذي منه كل شي وربُ واحد يسوع المسيح الذي به كل شيء وروح قدوس واحد فيه كل شيء". فلفظة منه وبه وفيه ليس من شأنها أن تفصل الطبائع -لأن على حروف الجرّ هذه أن لا تتبدلّ أو على الكلمات أن لا يتغيّر ترتيبها- بل هي لتمييز خصائص الطبيعة الواحدة بدون تشويش. وهذا واضح من أن الحروف هذه تعود فترجع إلى واحدٍ لدى قراءة ذلك بتأنٍّ في الرسول نفسه القائل: "كل شيء منه وبه وإليه فله المجد مدى الدهور. آمين" (رومة11: 36).
النشيد المثلث التقديس موجّه إلى الثالوث الأقدس لا إلى الابن وحده: يشهد الأحبار الإلهيون أثناثيوس وباسيليوس وغريغوريوس وكل خورس الآباء اللابسيّ الله أن النشيد المثلّث التقديس لا يُقال في الابن فحسب، بل في الثالوث الأقدس. فإن السارفيم القديسين في تقديسهم المثلّث يُظهرون لنا الأقانيم الثلاثة للاهوت الفائق الجوهر، ويعرفوننا بوحدة السيادة ووحدة المُلك لرئاسة الثالوث الإلهي. وعليه يقول غريغوريوس اللاهوتي: "وهكذا إذاً، فإن أقدس الأقداس التي هي محجوبة عن السارافيم أيضاً وتتلقّى التمجيد بتقديسات مثلّثة تجتمع في سيادة واحدة ولاهوت واحد. وهذا ما قد استنتجه أيضاً من كانوا قبلنا من السلف الصالح وذلك بأقوال أكثر جمالاً وأعلى سموّاً".
تقليد الكنيسة عن هذا النشيد، في عهد بروكلُس الحبر: وعليه، فقد أجمع المؤرخون الكنسيّون على القول بأنّ الشعب القسطنطيني، في عهد رئيس الأساقفة بروكلس، فيما كان يقوم بابتهال لإبعاد محنة إلهية، وإذا بطفلٍ من الشعب قد اختطف بالروح وتلقن -بتعليم ملائكي- النشيد المثلث التقديس على النحو التالي: "قدوس الله. قدوس القوي. قدوس الذي لا يموت. ارحمنا". ولمّا عاد الصبيّ إلى وعيه، أخبر بما تعلّم. فأخذ الجمهور كلّه يترنّم بالنشيد فتوقفت المحنة للحال. وفي المجمع المقدس العظيم المسكوني الرابع، أعني الخلقيدوني، قد تمّ تسليمّ النشيد المثلث التقديس كما هو للترنيم، وعلى هذا النحو قد صار تدوينه في أعمال المجمع المقدس المذكور. إنها إذاً لسخرية مضحكة حقاً أنَّ النشيد المثلث التقديس الذي أشار به الملائكة وتحقق بوحي من إرشادهم وتثبت رسمياً في مجمع آباء جزيل عددهم وكان قبلاً قد ترنّم به السارافيم، على أنه يوضح أقانيم اللاهوت الثلاثة، ينتهي به الأمر أن يوطأ بتفكير سخيف من القصار، ومن ثم يكون عرضة لإصلاحه من مغالاة السارافيم! فيا للاعتداد بالذات، حتى لا أقول: يا للغباوة! - أما نحن فإننا نتابع الهتاف هكذا، ولو خزي الشياطين، ونقول: "قدوس الله. قدوس القوي. قدوس الذي لا يموت. ارحمنا".
المزيد
18 ديسمبر 2024
أخلى ذاته ج3
عاش يسوع مُضطهدًا في حياته
إن السيد الرب لم يخل ذاته فقط من المجد اللائق أن يحيط بلاهوته، بل أخلى ذاته حتى من مجد البشرية أيضًا، فكان محتقرًا ومخذولًا من الناس، رجل أوجاع ومختبر الحزن محتقرًا فلم يعتد به (إش53: 2، 3) أمسكوه مرة حجارة ليرجموه (يو10: 31) ومرة أخري "أخرجوه خارج المدينة وجاءوا به إلى حافة الجبل حتى يطرحوه إلى أسفل (لو4: 29) وطاردوه في كل مكان، محاولين أن يصطادوه بكلمة ولم تكن له كرامه في وطنه وتقبل كل هذه الإهانات الكثيرة وهو الذي لم يفارق لاهوته ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين قالوا له إنك سامري وبك شيطان! وقالوا عنه إنه أكول وشريب خمر، ومجدف، وضال، ومُضِلّ قالوا إنه ناقض للشريعة وكاسر للسبت، وإنه ببعلزبول يخرج الشياطين فبماذا أجاب المسيح؟ ما أجمل قول القداس الغريغوري "من أجلى احتملت ظلم الأشرار بذلت ظهرك للسياط وخديك أهملت للطم" كيف أن هذا الذي تجثوا أمامه كل ركبه مما في السماء وما على الأرض، الذي ليست السموات طاهرة قدامه، كيف أنه "لم يرد وجهه عن خزي البصاق "؟! الجواب الوحيد أنه أخلى ذاته وهكذا ضربوه ولطموه ما أعجبه في إخلائه لذاته! يصل الأمر بخالق السماء والأرض أن يسمح لإنسان من تراب أن يصفعه على وجهه، ويقبل ذلك ويسكت! " ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاه تساق إلى الذبح وكنعجة صامته أمام جازيها، فلم يفتح فاه" (إش53: 7) ووصلت الاستهانة بإله الكل الذي أخلي ذاته، إلى أنهم فضلوا عليه رجلًا قاتلًا ولصًا هو بَارَابَاس، طالبين أن يصلب المسيح بل وصلت المهانة بإله الكل إلى أن أصبح ثمنه ثلاثين من الفضة، ثمن عبد!!
إنه لم يأخذ فقط شكل العبد، وإنما بيع أيضًا بثمن عبد استغل الناس إخلاءه لذاته فلم يمتنع عن إخلاء ذاته، من أجل الناس وكما عاش مضطهدا في حياته، عاش مضطهدًا بعد مماته أيضًا فحتى قبره كانت تحرسه الجنود المدججة بالسلاح، خائفين أن (ذلك المضل!!) يقوم "فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولي" (مت27: 63، 64) وهكذا ختموا القبر بالأختام، وضبطوه بالحراس وهكذا لاحقوا بالشتائم بعد موته وادعوا أن تلاميذه أتوا ليلًا وسرقوه ودفعوا في سبيل ذلك ما دفعوه من رشوة.
جرأة الشيطان على المسيح!
عبارة "أخلى ذاته" لم تنطبق عليه في فترة ميلاده فحسب، بل صاحبته طوال حياته على الأرض في الجسد ومن أجل أنه أخلى ذاته، تجرأ الشيطان ليجربه ووصل الرب في إخلائه لذاته، إلى حد أنه ترك الحرية للشيطان، يختار الزمان والمكان ونوع التجربة ما أشد على النفس قول الكتاب "ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة، وأوقفه على جناح الهيكل " وأيضًا " ثم أخذه إبليس إلى جبل عال جدًا" (مت4: 5، 8) إبليس "يأخذه"، "ويوقفه" حيثما يشاء!! يا للهول..!
ما أشد هذا الإخلاء للذات من يحتمله؟!
وإذا بهذا الإله الكامل في معرفته المخبأة فيه كل كنوز العلم والمعرفة، يقول عنه الكتاب أن الشيطان "أراه" جميع ممالك الأرض ومجدها!! "أراه"؟! وهو الذي يري الخفيات والمكنونات، ويعلم حتى أعماق الفكر وبواطن القلوب وهذه الممالك، التي كلها من صنعه، وكلها له، والتي بيده بقاؤها وانحلالها، يقول له الشيطان "لك أعطي هذه جميعها"وتصل الجرأة بالشيطان أن يقول له "إن خررت وسجدت لي "!! هل إلى هذه الدرجة تصل الجرأة؟!
ما أعجبك يا رب! من يقدر على مثل هذا الإخلاء؟!
وأخيرًا:
يعوزنا الوقت إن تحدثنا عن كل نواحي إخلاء الرب لذاته الأمثلة عديدة، لا تحصي وإخلاء الرب لذاته له جذور ممتدة في العهد القديم، أتركها حاليًا لتأملاتك الخاصة.
أخلى ذاته ورفع شأن أولاده
العجيب أن المسيح إلهنا بقدر ما كان يخلي ذاته، كان من الناحية الأخرى يرفع شأن أولاده أخذ شكل العبد، وأعطانا أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية! (2بط1: 4) حقًا كما تقول تسابيح الكنيسة " أخذ الذي لنا، وأعطانا الذي له". وهكذا صارت لنا شركة معه (1يو1: 6) وصرنا "شركاء الروح القدس" (عب6: 4)، (2كو13: 14)، وشركاء في الميراث (أف3: 6) وصرنا جسده، وأعضاءه، ثابتين فيه، كالأغصان في الكرمة وصار الرب يقربنا إليه باستمرار، ويرفعنا قدامه ومع أنه ابن الله الوحيد، الكائن في حضن الآب منذ الأزل، يمسي نفسه في غالبيه الأوقات "ابن الإنسان" ونحن بني الإنسان يدعونا أولاد الله، ويكررها مرات عديدة ويقول عنا أننا نور العالم، ويطلب إلينا أن يضئ نورنا قدام الناس (مت5: 14، 16) ويدعونا أصدقاء له، وأحباء، وخاصته التي يحبها حتى المنتهي ولكن الأكثر من هذا كله أن يسمح الرب بأن ندعي أخوته! ويقول الكتاب "ومن ثم كان ينبغي أن يشبه أخوته في كل شيء" (عب2: 17) ويقول أيضًا" ليكون هو بكرًا بين أخوة كثيرين" (رو8: 29) من هم أخوته هؤلاء؟! هم نحن التراب والرماد لو أن أحد الآباء الكهنة في أيامنا، أرسل خطابا إلى واحد من أولاده، يقول له فيه "أيها الأخ العزيز "، لصاح الناس ما هذا التواضع العجيب وإخلاء الذات؟! كيف يدعو ابنه أخًا له ؟! فماذا نقول إذن عن رب الأرباب عندما يدعونا إخوته؟!
بل أكثر من هذا أن الرب كثيرًا ما يختفي لنظهر نحن فعندما ظهر الرب لشاول الطرسوسي ودعاه، فاستجاب وقال "ماذا تريد يا رب أن أفعل" (أع9: 6) حوله الرب إلى القديس حنانيا في دمشق قائلًا له "قم وأدخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل" (أع9: 6) وظهر الرب في رؤيا لحنانيا، وكلمة من جهة شاول، فشفاه وعَمَّده ونقل إليه رسالة الرب إن عمل الكهنوت كله، وكل أعمال الخدمة والرعاية، هي أعمال للرب، يعمل فيها الله في اختفاء، ويجعلنا نحن ظاهرين في الصورة هو يعمل فينا، وهو يعمل بنا، وهو يعمل معنا، ولكنه غير ظاهر، أما نحن فنبدو للناس، كأننا نعمل بينما " ليس الغارس شيئًا ولا الساقي، بل الله الذي ينمي" (1كو3: 7) ولكن الله كثيرًا ما يعطي السلطان لأولاده، دون أن يستخدمه مباشرة والمطلوب من الخدام الذين يعمل فيهم الله في اختفاء، أن يختفوا هم ليظهر الله فمجد الله لا يجوز أن يعطي لآخر أما الخدام فعليهم أن يصلوا قائلين"ليس لنا يا رب ليس لنا، ولكن لاسمك القدوس أعط مجدًا" (مز115: 1) وعمل المعجزات يعمله الله أيضًا في اختفاء عن طريق أولاده فيظهرون هم في الصورة، أما الرب فيقول لهم في حب "من يكرمكم يكرمني"الله يرسل السيدة العذراء، أو الملاك ميخائيل أو مارجرجس أو غيرهم من القديسين، فيعملون معجزات، ويمجدهم الناس، ويفرح الرب بأن أولاده يتمجدون بل كثيرًا ما يقع إنسان في ضيقة، فيصرخ مستغيثًا "يا مارجرجس"، ويسمع الرب، فيرسل مارجرجس، فينقذه أو ينذر إنسان نذرًا للعذراء ويفرح الرب ويستجيب بل أن الكنائس وهي كنائس الله سمح أن تبني على أسماء أولاده فنقول كنيسة العذراء، وكنيسة مارجرجس، وكنيسة الأنبا أنطونيوس، وكنيسة مارمرقس وكلها بيوت للرب ولكن الرب يفرح بأولاده بل حتى شريعة الرب ينسبها أيضًا لأولاده أحيانًا، فيقول:- "ناموس موسي" أو "شريعة موسى"، بينما هي شريعة الرب لا غيره ويقول الرب للأبرص "قدم القربان الذي أمر به موسي" (مت8: 4) ويقول أيضًا "موسى من أجل قساوة قلوبكم أذِن لكم أن تطلقوا نساءكم" (مت19: 8)، بينما الذي أذن هو الله، والذي أمر هو الله ولكن الله يرفع من شأن موسي، ويضع اسمه بدلًا من نفسه..!
تواضع الله في رفع قديسيه
مَنْ هم هؤلاء يا رب الذين تريد أن تظهرهم؟ إنهم تراب ورماد، عدم وليس لهم وجود ولكنهم أحباؤك، قديسوك هناك عبارة عجيبة في العهد القديم، وقفت أمامها منذهلًا لحظات طويلة في قصة الله مع موسى النبي عندما ثقلت المسئولية على موسي، قال له الرب "اجمع إلى سبعين رجلًا فأنزل وأتكلم معك هناك. وآخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم، فيحملون معك ثقل الشعب" (عد11: 16، 17) تصوروا، الله يأخذ من الروح الذي على موسى ويضع عليهم! وما هو الروح الذي على موسى؟ أليس من عندك يا رب؟! كيف تأخذ منه؟ وكيف تأخذ منه أمام كل هؤلاء؟ أعطهم أنت من عندك مباشرة كما أعطيت لموسى، أنت يا مصدر كل عطية صالحة، أنت مصدر الحكمة والتدبير والفهم كلا، إنني آخذ أمامهم من الروح الذي على موسى، وأضع عليهم، وأرفع شأن موسى في أعينهم مبارك أنت يا رب في كل تدبيرك الصالح الله يحب أولاده، ويريد أن يكرمهم، في السر والجهر بل أن الله كثيرًا ما كان يسمي نفسه بأسماء أولاده فيقول "أنا إله إبراهيم، وإله إسحق، وإله يعقوب" (خر3: 6) ما هذا يا رب؟! إنهم هم الذين ينبغي أن ينتسبوا إليك الله يختفي ويظهر أولاده وهم بالمثل يختفون لكي يظهر هو أنها محبة متبادلة ومن المظاهر العجيبة في إخلاء الرب لذاته، ورفع شأن أولاده، قصة عماد الرب من عبده يوحنا بن زكريا يوحنا الذي لم يكن مستحقًا أن ينحني ويحل سيور حذائه، يوحنا الذي قال له في صراحة "أنا محتاج أن أعتمد منك"، يقف أمامه رب المجد قائلًا "اسمح الآن" فسمح له، واعتمد الرب منه يا للعجب رئيس الكهنة الأعظم، وراعي الرعاة، الكاهن إلى الأبد على طقس ملكي صادق يأتي ليعتمد من يوحنا، بينما تنفتح السماء، ويسمع صوت الآب قائلًا "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت3: 13-17) كانت معمودية يوحنا للتوبة ولم يكن السيد المسيح محتاجًا إلى التوبة مطلقًا لأنه قدوس بلا عيب فلماذا أعتمد؟! الذين جاءوا إلى يوحنا ليعتمدوا جاءوا معترفين بخطاياهم (مت3: 6) ولم تكن للرب خطايا يعترف بها، ويتوب عنها ويعتمد بسببها، حاشا فلماذا اعتمد إذن؟!
إنه من أجلنا أخلي ذاته وأخذ شكل العبد وبنفس الوضع، من أجلنا اعتمد من أجلنا أخذ شكل الخطاة، إذ وضع عليه إثم جميعنا، ووقف يطلب عنا معمودية التوبة، كنائب عن البشرية الخاطئة.
أخلى الرب ذاته لكي نستطيع أن نتمتَّع به ونوجد معه:-
كثيرة هي الأسباب التي لأجلها أخلى ذاته، نذكر منها:
1- لكي نستطيع أن نتمتع به ونوجد معه:
لو أنه احتفظ بجلال لاهوته، ما كان إنسان يستطيع أن يقترب إليه ما كان تلميذه يوحنا يجرؤ أن يتكئ على صدره، وما كان الأطفال يستطيعون أن يجروا نحوه ويحيطوا به ويهرعوا إلى حضنه، وما كانت المرأة الخاطئة تستطيع أن تتقدم نحوه وتمسح قدميه بشعرها. بل ما كانت العذراء تستطيع أن تحمله على كتفها أو ترضعه من ثديها لو كان قد نزل في قوة لاهوته، لكان الناس يرتعبون منه ويخافون إن الرب عندما نزل على الجبل ليعطي الوصايا العشر "أرتجف كل الجبل جدًا، وصار كل الجبل يدخن، وصعد دخانه كدخان الأتون" (خر19: 18) و"أرتعد الشعب ووقفوا من بعيد وقالوا لموسى تكلم أنت معنا فنسمع. ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت" (خر 20: 18، 19) وهكذا رأي الرب أن يخلي ذاته، حتى يمكن للناس أن يختلطوا به دون أن ترعبهم هيبته، أو يصدهم جلاله إن موسى النبي، عبد الرب، عندما قضي معه أيامًا على الجبل لأخذ اللوحين نزل فإذا وجهه يلمع لم يستطيع الناس أن يحتملوه: "فخافوا أن يقتربوا إليه" (لذلك كان يضع على وجهه برقعًا حتى يحتمل الشعب أن ينظروا إليه (خر34: 29 ، 35) فإن كان هذا هو الجلال الذي أخذه موسى من عشرته للرب، فماذا يكون جلال الرب نفسه؟! وإن كان الناس لم يحتملوا النور الذي على وجه موسى وهو نازل من عند الرب، فكيف تراهم كانوا يحتملون نور مجد الرب الذي قال عنه القديس يوحنا الرسول في رؤياه أن: "وجهه كالشمس وهي تضئ في قوتها" (رؤ1: 16)؟!
إنه عندما ظهر لشاول الطرسوسي، عميت عيناه من قوة النور وظل فترة لا يبصر والقشور تغطي عينيه فمن كان يحتمل أن يرى الرب في مجده من يرى الرب ويعيش؟!
وعندما أظهر الرب شيئًا من مجد لاهوته على جبل التجلي، كان التلاميذ مرتعبين، ولم يكن بطرس يعلم ما يتكلم به (مر9: 6) ولما سمعوا الصوت من السحابة "سقطوا على وجوههم، وخافوا جدًا" (مت17: 6) كيف كان ممكنًا إذن أن يحتمل الناس مجد الرب لو لم يخل ذاته؟ وهو أيضًا من أجل إنكاره لذاته، لم يأخذ معه كل تلاميذه إلى جبل التجلي، ولم يعلن هذا المجد للجميع وحتى الذين شاهدوا مجده "أوصاهم أن لا يحدثوا أحدًا بما أبصروا إلا متى قام" (مر9: 9) إن إخفاءه لأمجاده مظهر آخر من إخلاء الذات كان الرب يستطيع باستمرار أن يكون في مجد التجلي بين الناس، ولكنه لم يفعل كان يريد أن يتمتعوا به، ويختلطوا به، لا أن يرهبوه.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب تأملات في الميلاد
المزيد
17 ديسمبر 2024
الأحد الأول ميمر بشارة الملاك لزكريا لماريعقوب السروجى
السموات تخبر بمجد الرب أقام العالم من لا شيء وحين أظلم العالم أرسل الكلمة ابن الله فاشرقت لتعلمه اختار أن يرسل الصوت أمامه واذ كان يوجد من اللاويين الكاهن زكريا وأيضا اليصابات ابنة اللاويين وكانا بارین ممتلئين ايمانا فأرسل لهما الملاك ليبشرهما بميلاد كارز عظيم كانت اليصابات عاقرا من أجل ميلاد ذلك البتول لكي يكثر الدهش انحفظت امرأة الكاهن ليجوز زمان شيخوختها فتلد الصوت للكلمة الآتي للعالم شاخ زكريا الكاهن و عبر زمان شبابه ،وطالت أيام اليصابات في العقر لكى بالعجب يصير مولودهما الذي يمهد الطريق قدام العجب الآتى للأرض ،ولما بلغ الزمان أن يظهر الكلمة ذاته أمر ذلك الصوت أن يأتى قبله فلما كان الكاهن الشيخ في قدس الأقداس يكهن قدام الله وقف به عظيم القوات واتى بالبشارة الممتلئة دهشا له ملاك نوراني يبشره بميلاد يوحنا قال له يا زكريا ان صلواتك سمعت أمام الله وها اليصابات امرأتك تلد لك ابنا في شيخوختها ستحبل العاقر وتلد صوت الكلمة الكارز بالحق الذي يهيء الطريق قدام الملك الآتي للارض كوكب نور ارسلته شمس البر قدام وجه الرب ويمضى امامه بروح وقوة ايليا النبي سمع زكريا الشيخ البشارة ومن عظمها تحير ،ولم يتفرس في قوة الله اختبط لشيخوخته و عقره فحقر البشارة الممتلئة دهشا وبدأ يرد على الملاك قائلا كيف يمكن هذا الذي سمعته وأنا شيخ وعتيق الأيام و امراتی شاخت و عبر زمانها كيف يكون الثمر من الشجرة اليابسة كيف يكون العنقود من الكرمة التي لا ثمار لها ،وليس للجسم الذي عتق أن يعطى حليبا قال له الملاك قل لى يا زكريا كيف تقول وتنسى الم تأخذ النذور من العاقرات وتعدهن ان الرب قادر أن يعطى ابنا لهؤلاء العاقرات وبعد كم من الوقت اتيت ببشارة امك سارة العجوز العاقر التي ولدت ابنا في شيخوختها ،وراحيل العاقر ،وحنة فاذا أراد مصور الأطفال لا تمنع الشيخوخة تلك الثمرة كنت تشجع بنات شعبك ولم تترك أحدا يقطع الرجاء فلماذا تحل الآن كلام تعليمك جميعه ،وان لم يسهل أن يكون لك أبناء كيف صليت وسألت ؟ ألم تعلم أن الرب يستجيب لدعائك ألا تعلم أن كل شيء سهلا لدى الخالق ،وليس شيء الا من قبله انت معلم وكاهن عظيم عارف بالكتب ووسيط الاسرار الالهية أنا هو جبرائيل الواقف قدام الله ولم تصدق كلامي فالان تكون ساكنا أخرسا لا تتكلم الى أن يكون ابنك يوحنا فينفتح فمك لأن السكوت أفضل من الكلام بدون افراز سكت الكاهن في قدس الأقداس فأدرك الشعب انه رأى منظرا ولو لم ينظر شيئا لم يسكت الكاهن بهی و مقدس وممتلىء حسنا ،والذي أتاه بالبشارة ملتهب بالنور مكان مقدس کاهن بار ملاك مخوف خبر حقیقی و استعلان مرتفع ممتلىء دهشا وكان الكاهن يدخل القدس دفعة واحدة في السنة في الشهر السابع ليكهن فكان ذلك له في عيد المظلة ولم يدخل عظيم الكهنة لقدس الأقداس الا من يمين مذبح البخور ،وصار لزكريا الكاهن استعلان في قدس الأقداس المكان البهى النوراني من ذلك الوقت شهر تشرين الشهر الذي حبلت فيه العجوز اليصابات زكريا الكاهن كان له مثال وقياس بالعواقر التي ذكرت کما صار اسحق لابراهيم وسارة فسال ولم يكن محتاجا للسؤال من أجل هذا سكت الكاهن العظيم الذي سؤاله هذا ام يشبه مريم البتول اذ سمعت من البشارة كلمة جديدة لم تسمعها انها تحبل وتلد وهى بتول انه عمل لم يكن ولا ينتظر قط ،وهذا يحتاج الى سؤال وتفسير،وكما كان زكريا ملاما عندما سال هكذا العذراء مريم كانت تلام ان سكتت اذ حسنا تكلمت لأنها اضطرت فان سكتت لا يتفسر خبر الابن وهكذا قبل الملاك سؤالها بمحبة ،واعطى الشيخ سكوتا لئلا يتجاسر فليكن الكلام بافراز زكريا تكلم وكان ينبغى الهدوء مريم العذراء تكلمت وحسنا تكلمت سكتت حواء ولم تتكلم فحزنت اذ غشتها الحية وأعطتها البشارة الممتلئة موتا ووعدتها باللاهوت فلم تفحص ذلك قالت لها حين تأكلان من الشجرة تصيران آلهة فصدقتها ،وكان يليق بها أن ترد على ذلك الكذاب فلو فحصت الأمر لهرب منها اذ يهرب الكذب عندما يظهر الحق ذاته فمن ثم وقت يضطر الانسان للكلام ثم موضع آخر ينبغى فيه السكوت بافراز فكان ينبغى السكوت لزكريا الکاهن في قدس الأقداس حين بشره الملاك بيوحنا ،واذ لم يسكت أسكته الملاك بغير ارادته اذ يحبه فزينه بالسكوت اللائق به لقد أحاط بالعاقر اليصابات حزنان قائله انا عاقر وغم الشيخ صار عاقرا وليس له كلمة يتعزى بها الامراة عاقر وهو ساكت حبلت العجوز بدهش عظيم ويالعجب ثبتت لذاتها انحبس فيها الصوت ليصير مفتاحا لحضن العاقر من بدء طريقه تربى بالدهش وبميلاده فتح رحم أمه وغم أبيه بيوحنا ولدت العاقر وتكلم الأخرس به اتصلح الرحم العاقر والفم الأخرس مبارك الهنا الذي اختاره وأكثر من حسنه له المجد الدائم الى الابد آمین.
القمص سمعان السريانى
عن كتاب روحانية قراءات شهر كيهك
المزيد