المقالات

06 أكتوبر 2024

الأحد الرابع من شهر توت

.تتضمن تبكيت النساء على التزين بحلى الذهب والاعراض عن التجمل بالأعمال الصالحة مرتبة على فصل الخاطئة ( لو ۷ : ٣٧-٥٠ ) إلا تنظرين ايتها المرأة إلى سيرة النساء اللواتي كن في القديم وكيف اجتهدن في تحصيل زينة النفوس الناطقة لا الأجسام البالية حتى استحقت بعضهن بذلك أن تمسك قدمى سيدنا له المجد لكنى أقول لكن أيتها الحاضرات إن أنتن فعلتن جميع ما ينبغى بحب ونشاط نلتن أعظم مما نالته غيركن لأنكن إذا أخذتن من السرائر المقدسة باستحقاق فقد وصلتن إلى أعظم المواقف السماوية وليس هذا فقط بل وستنظرن المخلص أتيا بذلك المجد الذى لا يوصف وتسمعن صوته الفرح القائل: "تعالوا يا مباركي أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" فالأليق بك أيتها اللابسة حلى الذهب أن تضمى قونك وتتزيني بحلى أولئك إذا لا منفعة لك في أن تلبسي ثيابا فاخرة وتعلقى في عنقك الجواهر النفيسة وتتخذى الأساور ليديك والأقراط الذهب لأذنيك. وأشياء اخر كثيرة تتحلين بها مما لا تدعو الضرورة. فإن قلت أن النفس تسر بذلك وتطرب قلت إني لا أسأل عما يسر النفس الحيوانية ويطربها بل عن الضرر الحاصل بسبب لك الزينة اللحمية لأنه لا شئ في العالم أشد على النفس العاقلة من التشاغل بالأمور الفانية والاغتباط بها والتمسك بشدة عليها لأن السرور بالزائلات هو تعبد لها وإذا كنا إلى الآن تؤثر الفانيات على الباقيات فمن نوجد رافضين لها وضاحكين على المتهاتفين عليها ؟ لأن المقيمين في السجون إذا وجدوا متلذذين بحالهم تلك فكيف يكرهون المقام فيها ؟ ويتحايلون على الخروج منها وهل يطلب البقاء بها إلا الاراذل من الناس والاشقياء الذين لا بيوت لهم ولا مستقر ولكن الذين يعلمون أن لهم بيوتا مشيدة مزينة ويرون أنفسهم في السجون فإنهم يبذلون أموالهم ويصانعون الولادة والحكام ليبرروا خروجهم من هناك. يأمروا برجوعهم إلى منازلهم. وقد علمت أن الدنيا هي سجن المؤمن فكيف يجوز للعقلاء الالتذاد بالسجون إلا إذا أهملوا ذواتهم وأخربوا المنازل التي كانت لهم هناك مهيأة. فأخبريني الآن أيتها المرأة ما هي فائدة اتخاذك الحلى هنا ونحن مقيمون في السجون؟ فإن قلت أفعل هذا لكي أفوز وأظفر بالكرامة من الناظرين لي قلت وهذه علة لفساد آخر فضلا عن التشامخ والتفاخر والاعجاب وانكسار قلوب المقلين. لان الأصحاب والأقارب من النساء يتشوقن إلى مثل ذلك. فيحزن ويندبن ويشوشن بيوتهم ويرتكبن شرورا كثيرة لا نهاية لها. ويكلفن رجالهن جميع الاموال من غير وجوهها. ويحملنهم على السرقة والظلم وسائر الشرور الردية. فها قد سألتك عن المنفعة الصالحة فأجبتنى بمضرة تستلزم شرورا كثيرة تنتج من ذلك. ولقد خرجت من حين الانسانية وصرت كالنسور الطائرة نحو السماء. أو مثل الكلاب والخنازير الذين يبحثون في الأرض. ويتهافتون على الأوساخ ورمم الأموات وعظامهم. فإن قلت إنني عند المضى إلى الكنيسة أجوز بالطرق فأريد أن أكون عند الناس بزى الوقار . قلت وهذه أعظم الحالات شرا. ولهذا السبب بعينه ما كان ينبغي لك أن تلبسى ذهبا ولا حريرا لتميلي إليك أبصار الفاسقين. وتسرع اليك نواظر الزناة والاشقياء والمتنعمين فتصيرين مشهدا وملعبا . بل وتفتحين أفواه الكثيرين من الناس باللعن والسب على الأهل والأقرباء. وبناء على ذلك قد حصلت عوضا على العز على الهوان والخسران وحينئذ تدخلين الكنيسة وتخرجين بأوزار لا يحصى عددها. وتكسبين أعظم خسرات اسمعى قول الله على لسان أشعياء النبي: "من أجل أن بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الاعناق وغامزات بعيونهم وخاطرات في و غازات مشيهن ويشخشخن بأرجلهن يصلع السيد هامة بنات صهيون ويعرى الرب عورتهن ينزع السيد في ذلك اليوم الخلاخيل والضفائر والأهلة. والحلق والأساور والبراقع والعصائب والسلاسل والمناطق. وحناجر الشمامات والأحراز. والخواتم وخزائم الأنف. والثياب المزخرفة والعطف والأردية والأكياس. فيكون عوض الطيب عفونة وعوض المنطقة حبل وأرجوهن جميعا أن يسمعن قول بولس الرسول الموجــه لهن وهو : كذلك أن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل. لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن. بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة فلا يجوز استعمال حلى الذهب والفضة مطلقا في بيت الله ومجامع المؤمنين. لأنه ينسب لصاحبها الجفاء وقلة الانسانية. إذ أنه يكسر قلوب البائسين والملقين وأمثالهم. ويورث صلف النفس وعلوها. ويجلب الفساد والهلاك. فانظرى يا هذه كم كنت تشبعين بهذا المنظر الكاذب من بطون الجياع؟ كم كنت تسترين من أجسام العراة؟ كم كنت تطلقين من المأسورين والمعتقلين؟ كم كنت تفرحين به عن المتضايقين؟ لأنه أفضل لك كثيرا أن تنظرى في مصالح البائسين من أن تتقبى الآذان وتعلقى عدة من الأقراط مما لا يحتاج اليها. فإن كنت إنما تتخذين ذلك للمدح والشرف فانزعيها الآن واصرفيها فى مصالح المحتاجين. وانظرى كم من المديح تتقبلين من الله والناس. وكيف يتناقل شكرك بالأخبار والسير وتتشرفين وتزيدين علوا. ولو قارنوك إذ ذاك بمن لبس كثيرا من حلى الملوك لكان جمالك عند الحاضرين أكثر. لكنك والحالة هذه أنت مهيأة لكل هجو. وقد صرت سبيا لأحزان كثيرين لأنه لو سقطت لؤلؤة من عقدك على الأرض أو بين الجموع كيف كنت تشوشين بيعة الله؟ وكم يلحق الآخرين من الحزن والكآبة؟ وكم من الرجال يتعبون؟ وكم من النساء يتهمون بسببك؟ وحينذاك تكثر الضجات والمخاصمات والمحاكمات واللعنات التي لا يحصى عددها. وياليتك يا هذه لا تقولين إنك جئت لتقتربى إلى المسيح وأنت متزينة بما يأباه ويبغضه. معرضة عما يرضيه ويسره لانه لا يقدر اللابسون مثل هذه أن يدنوا عن علو مجده لأن أصل الذهب وما يتبعه إنما هو التراب وهو عائد اليه بطبعه فلا يجوز والحالة هذه الافتخار بالأرضيات. لكن إن أردت الدخول إلى الكنيسة المقدسة والاقتراب من السيد القوى. فألبسى حلل أولئك النساء الطاهرات أعنى الرحمة والمحبة والاتضاع وخشية الله والعفاف والطهارة وأمثال هذه. ولست أقول هذا لتسمع النساء فقط. بـــــل وليسمع أزواجهن أيضا ويخاطبوهن كما ينبغى. وإذا كان الافتخار بالزينة العالمية غير لائق بالنساء. فبالأحرى أن يكون بالرجال عارا وخزيا. فسبيلنا أذن أن نبتعد عن الزينة الفانية ونحافظ على التجمل بالباقيات لنفوز بملكوت ربنا يسوع المسيح الذى له المجد دائما. آمين القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
05 أكتوبر 2024

مؤهلات دخول السماء

الله أوجدنا لِكى نكُون معهُ فِى مجده ،قصد خلقتِهِ لنا أنْ نكُون معهُ فِى مجدهِ ،مُنذُ خلقِتنا وَهُوَ ينتظِرنا فِى الأبديَّة وَمُنذُ الأزل ،إِذاً فنحنُ مُواطِنيِن سمائيين وَ السَّماء هى بيتنا الإِنسان دائِماً يُرِيد الرِجُوع لِبيتِهِ لِيسترِيح،هكذا القديسين أحبُّوا السَّماء لأنّها الموطِن الأصلِى ، وَداوُد النبِى يقُول [ ويل لِى لأنّ غُربتِى قَدْ طالت علىَّ ]( مز 119 مِنْ مزاميِر الغرُوب ) ، وَالسيِّد المسيح قال [ أنا أمضِي لأُعِدَّ لكُمْ مكاناً حيثُ أكُونُ أنا تكُونُون أنتُم أيضاً ] ( يو 14 : 2 – 3 ) إِذاً الله لَمْ يخلِقنا لِكى نهلك لاَ بل لِنُشارِكهُ مجدهُ وَسُكناه ، وَما أجمل أنْ نكُون معهُ ، وَما أمجد أنْ نكُون معهُ وَنسكُن معهُ عِندما ندخُل الكنيسة وَنجِد المذبح مفتُوح يفرح قلبِنا ، إِذا كان منظر هكذا على الأرض يفرّحنا فما بال السَّماء !! البعض يقُولُون أنّ صُورة السيِّد المسيح تُثيِر نِفُوسهُمْ وَتُفرّحهُمْ فكم تكُون الحقيقة وَالمجد السَّماوِى عِندما نراه كما هُوَ ، سنتمتَّع بِالله نَفْسَه ، إِذا كان مُوسى النبِى عِندما رأى لمحة مِنْ مجد الله مِنْ وراءه أصبح وجههُ يلمع حتَّى أنّهُ لبس بُرقُع ، إِذا كانت لمحة مِنْ مجد الله فعلت فِى مُوسى النبِى هكذا فما بال لمّا تكُون معهُ وَ ترى مجده بِالحقيقة إِذا كان بُطرُس وَيعقُوب وَيُوحنا على جبل التجلِّى رأوا مجد الله قالُوا [يارب جيِّد أنْ نكُونَ ههُنا ] ( مت 17 : 4 ) ، لمحة مِنْ مجده تجعلنا نظِل معهُ ، هذا هُوَ المجد الّذى سنكُونُ فِى هيئتِهِ كما يقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ الَّذى سيُغيّرُ شكل جسدِ تواضُعِ لِيكُونَ على صُورةِ جسدِ مجدِهِ بِحسب عمل إِستطاعتِهِ ] ( فى 3 : 21 ) ، سنكُون بِجسدٍ مُمّجد ، [ متى أُظهِر المسيحُ تظهرُون أنتُمْ أيضاً معهُ فِى المجدِ ] ( كو 3 : 4 ) ،الّذى نأخُذهُ هُنا هُوَ عربُون لِكنْ فِى المجد سيظهر وَسنظهر معهُ مُعلّمِنا بولس الرسُول فِى رِسالِة كورنثُوس يقُول [ ناظِرِين إِلَى مجد الرّبّ بِوجهٍ مكشُوفٍ ] ( 2 كو 3 : 18 ) ، أىّ بِدُون بُرقُع أوْ رمُوز ، المجد السَّماوِى أمر لابُد أنْ نُفّكِر فِيهِ ،الله لاَ يُرِيد أنْ يهلك أحد [ الَّذى يُرِيدُ أنّ جميِع النَّاسِ يخلُصُون وَإِلَى معرِفةِ الحقِّ يُقبِلُون ]( 1 تى 2 : 4 ) ، [ لأنّ هذِهِ هى إِرادة الله هى قداستُكُمْ ] ( 1 تس 4 : 3 ) ،لكِنْ الإِنسان بِذاته هُوَ الّذى يمنع نَفْسَه أراد الله أنْ يرُد الإِنسان إِلَى رُتبتهُ الأولى ، قال لابُد أنْ أُخلّصهُ وَأرُدّه مرّة أُخرى [ لأِنَّ إِبن الإِنسانِ قَدْ جاء لِكى يطلُبَ وَيُخلِّصَ ما قَدْ هلك ] ( لو 19 : 10 ) ، الله يهِمّه أنْ لاَ تهلك يهِمّه خلاصك وَيحزن لِهلاكك ، كما يقُول أحد القديسين[ الّذى ليس عِنده خِسارة سِوى هلاكنا ] ، الله ليس عِنده خِسارة وَإِنْ جاز تعبيِر أنّ الله عِنده خِسارة ستكُون الخِسارة هى هلاكنا 0 مؤهِلات دخُول السَّماء :- 1- الإِيمان بِالمسيِح :- لاَ أحد يدخُل السَّماء أبداً إِلاّ الّذى عِنده إِيمان بِالمسيِح الفادِى وَ المُخلّص ، مهما نقُول أنّ هذا الإِنسان صالِح لكِنّهُ لاَ يعرِف المسيِح فهُوَ لاَ يدخُل السَّماء ، لابُد أنْ يكُون لهُ إِيمان وَإِيمان عامِل بِالمسيِح وَليس إِيمان نظرِى بِدايِة القائِمة فِى الممنُوعُون مِنْ دخُول السَّماء هُمْ غير المؤمنيِن ، المُهِمْ الإِيمان بِالمسيِح إِبن الله الفادِى وَالمُخلِّص [ وَليس بِأحدٍ غيرِهِ الخلاصُ ] ( أع 4 : 12 ) ، لَنْ نخلُص بِدُونه ، لَنْ ندخُل السَّماء بِدُون إِيمان عامِل وَليس إِيمان نظرِى مرّة سأل تُوما السيِّد المسيِح قائِلاً كيف نخلُص وَنعرِف الطرِيق ؟ أجابهُ السيِّد المسيِح [أنا هُوَ الطرِيق وَالحق وَالحيوة ليس أحد يأتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي ] ( يو 14 : 6 ) ،إِذاً الباب هُوَ المسيِح ، لاَ أحد يدخُل السَّماء بِدُون الله [ الّذى يؤمِن بِالإِبن لهُ حيوة أبديَّة وَالّذى لاَ يؤمِنُ بِالإِبنِ لَنْ يرى حيوةً بل يمكُثُ عليهِ غضبُ اللهِ ] ( يو 3 : 36 )0 ليس دخُول السَّماء بِالفضائِل فقط لاَ لأنّهُ فضيلة وَبِر بِدُون المسيِح تكُون فضيلة بشريَّة وَالبشريَّة طبيعة فاسدة وَالفاسِد لاَ يلبِس عدم فساد وَلِكى يلبِس عدم فساد لابُد أنْ يكُون غير فاسِد كيف ؟ بِالإِتحاد بِالمسيِح ، مادام الإِنسان خارِج المسيِح فهُوَ فاسِد وَ لاَ يستطيِع أنْ يلبِس عدم فساد ، إِذاً أول شرط لِدخُول السَّماء هُوَ الإِيمان العملِى بِالمسيِح ،لابُد أنْ يتجدّد الإِنسان فِى طبيعتهُ أىّ يُصبِح خليقة جدِيدة ، لو أنا طبيعتِى مُتكّبِر فِى المسيِح أُصبِح مُحِب وَحنُون وَمُتواضِع ، وَبِذلِك أُصبِح مُمهّد لِكى أكُون إِنسان سماوِى ، لابُد أنْ تتغيّر طبيعتنا [ فَمِنْ ثمَّ يقدِرُ أنْ يُخلِّص أيضاً إِلَى التمامِ إِذْ هُوَ حىّ كُلّ حِينٍ لِيشفعَ فِيهُمْ ] ( عب 7 : 25 ) ، مَنْ هُوَ الّذى يُخلِّص ؟ المسيح ، حتَّى متى ؟ إِلَى التمام ، فِى القُدّاس الكيرُلُسِى نقُول [ لاَ تقُل يارب إِنِّى لاَ أعرِفكُمْ ] ، إِنْ هُوَ حىّ كُلّ حِين يشفع فِينا معرِفة السيِّد المسيِح هى الإِيمان الحىّ الفعَّال الّذى يُثّبِتنِى فِيهِ هُوَ أهم شرط لِدخُول السَّماء كما قال [ بِدُونِى لاَ تقدِروُن أنْ تفعلُوا شيئاً ] ( يو 15 : 5 ) ،[ وَمهما سألتُمْ بِإِسمِى فذلِكَ أفعلُهُ ] ( يو 14 : 13 ) ، فِى الصلاة الرّبانيَّة نُزِيد فِى النِهاية كلِمة [ بِالمسيِح يسُوعَ ربِنا ] لِماذا ؟ لأنّ طِلباتها صعبة علينا ، لكِنْ لِكى ننال هذِهِ الطِلبات ننالها بِالمسيِح يسُوعَ ربِنا ،أىّ الصلاة لاَ تتم إِلاّ بِقوّتك ، وَالكنيسة تقُول هذِهِ الكلِمة فِى نهايِة القُدّاس بِنغمة لأنّها أحبّت هذِهِ الكلِمة فأرادت أنْ تُبرِزها لأنّنا بِدُونه لاَ ندخُل السَّماء [ الّذى يؤمِنُ بِهِ لاَ يُدانُ وَالّذى لاَ يؤمِنُ قَدْ دِينَ ] ( يو 3 : 18 ) فِى سِفر الرؤيا يقُول لاَ يدخُلها دنس وَ لاَ رجس بل المكتُوبِين فِى سِفر حياة الخرُوف أىّ المسيِح ، أىّ أنّ لو سيرتِى وَحياتِى فِى سِجل المسيِح مكتُوبة لِكى أدخُل السَّماء مُنذُ الآن وَأسماءنا تُكتب فِى سِجل الخرُوف المذبُوح لأنّهُ فصحُنا مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول فِى رِسالة رُومية 10 عِندما وجد النَّاس يؤمِنُون إِيمان شكلِى ، وَمُشكِلة الخِتان كان لها تأثيِر فِى تلك الفترة فقال لهُمْ [ لأنَّكَ إِنِ إِعترفت بِفمِك بِالرَّبِّ يسُوعَ وَآمنتَ بِقلبِكَ أنَّ اللهَ أقامهُ مِنَ الأمواتِ خلصْتَ ] ( رو 10 : 9 ) البرُوتوستانت إِستخدِمُوا هذِهِ الآية وَقالُوا لاَ أسرار لاَ هذِهِ الآية هى مدخل الإِيمان [ لأِنَّ القلب يُؤمِنُ بِهِ لِلبِرِّ وَالفم يُعترفُ بِهِ لِلخلاصِ ] ( رو 10 : 10 ) ، لأنّ الكِتاب يقُول [ كُلّ مَنَ يُؤمِنُ بِهِ لاَ يُخزى ] ( رو 9 : 33 ) ، وَنحنُ مغرُوسيِن فِى الإِيمان وَليس لنا فضل فِى ذلِك ، لِذلِك مسئولِيتنا أكبر [ فَكيف ننجُو نحنُ إِنْ أهملنا خلاصاً هذا مِقدارُهُ ] ( عب 2 : 3 ) لِذلِك الكنيسة دائِماً تصنع ذِكرى آلام المسيِح وَتُحِب أنْ يعترِف أولادها بِقصتِهِ وَيُعيّشهُمْ إِياها فِى القُدّاس مِنْ التجسُّد وَحتَّى الدينُونة وَالكنيسة كُلّها تصرُخ " آمين أؤمِن " ، الكنيسة لَمْ تضع قانُون الإِيمان فِى القُدّاس بِلاَ هدف بل وضعتهُ مدخل لِلإِيمان وَبعده السِر يُقام ينفتِح علينا وَندخُل إِلَى جُزء الصعيِده ، لَنْ ندخُل هذا الجُزء إِلاّ بِقانُون الإِيمان لِماذا ؟ لابُد أنْ نُرّدِدهُ مِنْ القلب لأنّهُ يُعّبِر عَنْ إِيمان قوِى فِى أعماقِى ، لِذلِك لابُد أنْ نُصلّيه بِحرارة ، لمّا نقُول " تجسّد " نتذّكر التجسُّد ، وَلمّا نقُول " صُلِب عنَّا " نتذّكر صلبِهِ ، الكنيسة أرادت بِهِ أنْ تُثبِّت إِيمانُنا السيِّد المسيِح فِى إِنجيل يُوحنا 17 [ وَهذِهِ هى الحيوةُ الأبدِيَّةُ أنْ يعرِفُوكَ أنت الإِلهَ الحقيقِيَّ وحدك وَيسُوعَ المسيِح الّذى أرسلتهُ ] ( يو 17 : 3 ) ، لابُد أنْ يكُون لنا عِشرة معهُ وَتداخُل معهُ وَمَعْ تجسُّدِهِ وَصلبِهِ وَقِيامتِهِ تلمسنِى وَإِيمانه عامِل فىَّ ، مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [إِيمان إِبن اللهِ الَّذى أحبَّنِي وَأسلم نَفْسَهُ لأِجلِي ] ( غل 2 : 20 ) كُلُّنا عِندنا إِيمان لكِنْ إِحذر أنْ يكُون إِيمان شكلِى يُحسب عليك وَليس لِحِسابك ، لِذلِك لابُد أنْ تعرِفهُ أولاً معرِفة عقليَّة ثُمّ تعرِفهُ بِقلبِك وَمشاعرك ثُمّ تنمو فِى المعرِفة إِلَى معرِفتِهِ معرِفة الإِختبار ، وَأخِيراً معرِفة إِتحاديَّة وَالثبات فِيهِ 0 2- وِلادة الرُّوح :- كيف يدخُل الإِيمان إِلَى حياتِى عملياً ؟ كيف أثبُت فِيهِ ؟ كيف آخُذ مِنهُ فِعل موتهِ وَقيامتِهِ ؟ بِالولادة بِالرُّوح ، إِذاً لابُد أنْ نموت وَنحيا كيف ؟ بِالرُّوح كيف ؟ بِماء المعموديَّة لاَ يوجد أحد على الأرض بِدُون وِلادة مِنْ أُم وَأب ، كذلِك لاَ يدخُل أحد السَّماء بِدُون وِلادة المعموديَّة ، إِذاً هذِهِ وِلادِة الرُّوح لِلحياة فِى السَّماء وَ إِلاّ يُصبِح الله كاذِب وَحاشا لله أنْ يكُون كاذِباً ، بل مواعيده صادِقة لَنْ يدخُل السَّماء إِلاّ المولُود مِنْ الرُّوح ، لِذلِك نحنُ نتأمل كثيراً فِى هذا السر الّذى أخذناه ، وَليس لأنّ الكنيسة أحبّتنا كثيراً فعمّدتنا وَنحنُ صِغار على إِيمان آبائنا أنْ نستهتر بِهذا السر لاَ بل هى أرادت أنْ تمتّعنا بِالمسيِح مُنذُ صُغرِنا حتَّى لاَ نهلك مِثل أب وجد إِبنه ذاهِب لِمكانٍ بعيِد وَخاف عليه فكتب لهُ شيِك بِقيمة كبيرة ،هذا ما فعلهُ السيِّد المسيِح معنا أراد أنْ يُعطِينا رُوح مُتجّدِد حتَّى لاَ نقع تحت سُلطان الزمن لأنّهُ فِعل رُوح لاَ ننسى المعموديَّة وَ لاَ نشعُر أنّنا فقدنا فِعل المِيلاد بِالرُّوح لأنّهُ فِعل مُستمر فِى حياتنا ، [ لأِنَّ كُلَّكُمْ الَّذينَ إِعتمدتُمْ بِالمسيِح قَدْ لبِستُمُ المسيِح ] ( غل 3 : 27 ) ، نحنُ لابِسيِن المسيِح أىّ نحنُ مؤهّلِين لِلسَّماء لأنّنا مولودِين مِنْ الرُّوح ، [ لكِنِ إِغتسلتُمْ بَلْ تقدَّستُمْ بَلْ تبرَّرتُمْ بِإِسمِ الرَّبِّ يسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهنِا ] ( 1 كو 6 : 11 ) 0 3- حياة الفضيِلة وَالبِر :- بِالتأكيِد المؤمِنْ بِالمسيِح وَمولُود مِنْ الرُّوح هُوَ إِنسان رُوحانِى وَبِالتالِى حياته كُلّها حِفظ وصايا ، بل إِتقان حِفظ الوصايا ، لابُد أنْ نحيا لهُ ، تخيّل لو إِبن عصى أبوه كَمْ يكُون حُزن هذا الأب ؟ هكذا نحنُ فِى كُلّ خطيَّة نعصى الله وَنضربهُ بِحربة جدِيدة ، فَكَمْ يكُون حُزنهُ ،لأِنَّنا وَلِدنا مِنهُ فَلاَبُد أنْ نُثمِر لهُ الحياة المسيحيَّة ليست مُقاومة سلبيَّة فقط بل لها ثِمار ، أىّ ليس لأِنِّى لاَ أُحِب فُلان أختصِره لاَ بل أُحاوِل أنْ أُحِبّه وَأسامحه ، لأنّ المسيحيَّة هى مُقاومة سلبيات وَعمل إِيجابيات ، لابُد أنْ أسامِح وَ أحِب مِنْ أهم المؤشِرات فِى حياتِى الرُّوحيَّة أنْ يكُون لِى ثمر بِر[ كُلُّ شجرةٍ لاَ تصنعُ ثمراً جيِّداً تُقطعُ وَتُلقى فِي النَّارِ ] ( مت 7 : 19 ) ، شرط أنْ ندخُل السَّماء أنْ نُثمِر لها ، لِذلِك تقُول الكنيسة [ يأتِى الشُهداء حامِليِن عذاباتِهِم وَيأتِى الصدّيقُون حامِليِن فضائِلهِم ] ( طِلبة مِنْ الأبصلموديَّة ) ، نحمِل ثمر بِر وَوداعة وَإِتضاع وَنسلُك بِالرُّوح [وَالقداسة التَّى بِدُونِها لَنْ يرى أحدٌ الرَّبَّ ] ( عب 12 : 14 ) ، حياة القداسة ليس معناها إِنِّى لاَ أُخطِىء بل أكُون كارِه لِلخطيَّة ، وَإِنْ أخطأت أتوب عَنْ خطيتِى 0 كيف أكُون قديس ؟ بِبُغض الخطيَّة وَمُقاومتها وَإِنْ سقطت أتوب عنها ، الله يُرِيدنا مِنْ قبل تأسيِس العالم أنْ نكُون قديسيِن وَ بِلاَ لوم ، قديسيِن فِى كُلّ أمور حياتنا فِى الشارِع فِى العمل فِى البيت ، لاَ يوجد فِى حياتنا إِنقسام ، نحنُ شخصيَّة واحدة فِى كُلّ مكان ، وَالقداسة أصبحت فِى دمِنا وَفِى صِفاتنا ، وَإِذا كانت شخصيتنا مُنقسِمة يكُون فِى حياتنا رِياء وَنحتاج إِلَى عِلاج بِدُون إِتحادنا بِالمسيِح القُدّوس لَنْ نرى القدُّوس ، وَلِكى نعرِفهُ وَنعيِش معهُ لابُد أنْ نكُون قديسيِن ، صعب أنْ تجعل إِنسان يذهب لِبلدٍ لاَ يعرِفها وَ لاَ يعرِف لُغتها ، بِالتأكيِد يتوه فِيها ، لِذلِك لابُد أنْ نكُون كُلّ يوم نأخُذ خطوة جدِيدة فِى القداسة ، وُكُلّ هذا مُسجل لنا فِى سِجل الخرُوف تخيّل ذلِك !!! السَّماء تطلُب مِنك مواظبة على أُمور رُوحيَّة وَوسائِط رُوحيَّة وَ إِلاّ لَنْ تدخُلها ، وَالملائِكة تُسجِل لك صلواتك وَأصوامك وَجِهادك وَكَمْ عِشت وَكَمْ فعلت بِر ، لِذلِك لابُد أنْ نُتقِن عمل الفضيلة ، مادام الموسم موجُود فَلاَبُد أنْ نُتاجِر ، وَمادام الوقت جاهِد وَتُب وَحِب الله وَقدِّم لهُ أشواق وَأشواق لِكى يقُول لك [ تعالوا يا مُباركِي أبِي رِثُوا الملكُوتَ المُعدَّ لكُمْ مُنذُ تأسيِس العالمِ ] ( مت 25 : 34 ) ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين 0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
04 أكتوبر 2024

مائة درس وعظة ( ٤٨ )

سمات كنيسة الرسل "صورة بهية" (وكان عندهم كل شيء مشتركاً ) (أع ٤٤:٢) السيد المسيح أسس الكنيسة بنفسه واختار التلاميذ والرسل التلاميذ عددهم ۱۲ وكلهم من اليهود ودعوا تلاميذ وحواريين ورقم ۱۲ يشير إلى أسباط اليهود الـ ١٢ وأرسلهم إلى اليهود. الرسل عددهم ۷۰ وهم من اليهود والأمم وأرسلهم إلى الأمم. الآباء الاثنا عشر هم أقدم مجتمع مسیحی ظهر على الأرض، وقد تسموا بالآتي: رسل لأنهم نقلوا رسالة. تلاميذ لأنهم تعلموا من السيد المسيح. حواريون لأنهم كانوا في حوار دائم مع المسيح ليس بالآذان فقط بل بالعين والمشاعر والخبرة أيضاً . صورة الآباء الرسل صورة بهية، نراجع أنفسنا عليها باستمرار. سمات كنيسة الرسل أولاً: سلموا اختبار القيامة للبشرية أصبحت مسئولية كل مسيحى أن يشهد لقيامة المسيح، فالآباء الرسل سلموا للأجيال ما رأوا بالعيان لتعيشه الأجيال وتختبره بالإيمان فشهدوا للمسيح المصلوب الذي قام ليس هوههنا ، لكنه قام (لو ٦:٢٤). فنجد القيامة في حياة الكنيسة تظهر في الآتي: ١- خليقة جديدة: إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً (۲كوه : ۱۷). ٢- فرح دائم تعيد الكنيسة بالقيامة في كل يوم في صلاة باكر، وكل أسبوع يوم الأحد وكل شهر يوم ۲۹ من الشهر القبطى، وكل سنة في فترة الخمسين المقدسة، فنور القيامة يشع في حياتنا جميعاً. ٣- رجاء ثابت نقول في قانون الإيمان "وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين" وهذه هي الحقيقة التي نراها بالرجاء فنصلى في اتجاه الشرق، لأنه الموضع الذي يأتي منه المسيح، فيصير اشتياق كل واحد منا متى ستأتى يارب؟ ثانياً: نالوا قوة من الأعالي ١- أعطاهم موعداً : الرسل كانوا بسطاء اختارهم السيد المسيح من على ضفاف البحيرة، أو مكان الجباية، وليس من الهيكل. ولكن عند اختيارهم أعطاهم موعداً إنهم يلبسون قوة من الأعالي (لو ٤٩:٢٤). ٢- أعطاهم قوة لو نظروا لإمكانياتهم لما تركوا فلسطين ولما نظروا للعالم كله على أنه حقل خدمة، فما الذي حرك مار مرقس ليجيء إلى مصر وحرك توما الرسول ليذهب إلى الهند؟ وحرك القديس متى ليذهب إلى إثيوبيا؟ وبولس الرسول ليذهب إلى روما بالرغم من أن إمكانياتهم البشرية ضعيفة جداً. قوة الروح القدس كملت فيهم كل ضعف وصار روح الله يلهب قلوبهم، فنرى بطرس وحده يساوى صفراً .. فقد أنكر سيده ولكنه بعدما تصالح مع المسيح نال قوة الروح القدس فاشتعل ناراً ووقف أمام الجموع يوم الخمسين وألقى عظة نارية فنال الإيمان أكثر من 3 آلاف. ٣- أعطاهم علماً من أين أتوا بهذا العلم فيكتب متى هذا الإنجيل الرائع ولوقا الطبيب يسجل إنجيله وسفر الأعمال في أدب وبلاغة ومار مرقس يكتب قصة حياة المسيح ومعجزاته ويوحنا الحبيب يكتب إنجيله المرتفع والسامي. ثالثاً: صنعوا معجزات وآيات ١- للكرازة: وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين: "إنه قد اقترب ملكوت السموات اشفوا مرضى طهروا برصاً. أقيموا موتى أخرجوا شياطين مجاناً أخذتم. مجاناً أعطوا"( مت ۷:۱۰-۸)، مثل شفاء بطرس ويوحنا للمقعد عند باب الهيكل. ٢- المجد الله:لم تكن المعجزة للشهرة أو المظهرية، ولم يكن الآباء الرسل ينسبون المعجزة لأنفسهم بل لتأييد كلماتهم "لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً"(مت ٢٤:٢٤) . ٣- للاحتياج: كان لهم معجزات كثيرة فبطرس يقيم طابيثا من الموت. رابعاً: كرزوا بالإنجيل ١- البشارة المفرحة كانت الكنيسة تكرز بالبشارة المفرحة فكان كل بيت يعيش بالإنجيل ويهتم به. ٢- البشارة للجميع كانوا يقدمون الفرح لكل أحد "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها " (مر ١٥:١٦). ٣- الخبرة الشفاهية اعتمدت الكنيسة الأولى على الخبرة الشفاهية، فلم يكن هناك إنجيل مكتوب، فحياتهم هي الإنجيل الذي يعيشونه. خامساً: أسسوا كنائس أسسوا كنائس عن طريق ١- الإيمان: كانت الكنيسة تتأسس بمجموعة من المؤمنين الذين يؤمنون بالمسيح ليس ببناء الكنيسة تلمذوا جميع الأمم (مت ۱۹:۲۸). ٢- التعليم القديس مارمرقس أنشأ مدرسة الإسكندرية اللاهوتية للتعليم والتسليم وحفظ الإيمان. ٣- الافتقاد كانوا يؤسسون الكنائس بالحقيقة من نفوس المؤمنين، ثم يفتقدونها كما كان يفعل بولس الرسول. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
03 أكتوبر 2024

بدعة السيمونية

بدء فكرة السيمونية Simony "ولما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة اللَّه، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا". [14] القديس يوحنا الذي سبق فطلب مع أخيه يعقوب من رب المجد يسوع أن يرسل نارًا ليحرق قرية سامرية (لو 9: 25 الخ)، هو نفسه الآن ينطلق مع القديس بطرس، منتدبين من الكنيسة في أورشليم، لمساندة القديس فيلبس في خدمته في السامرة. ذهبا الآن لكي تنزل نار الروح القدس الذي يجدد القلوب ويسكب المحبة الإلهية فيها، ويشَّكل النفوس لتصير العروس المقدسة للسيد المسيح إذ قبل السامريون الكلمة بأعداد كبيرة صار العمل يحتاج إلى أيدٍ أخرى للعمل بجانب القديس فيلبس. إنها أول حركة كنسية جريئة من أورشليم، أن تبعث رسولين إلى خارج اليهودية لخدمة السامريين، لينضم سامريون إلى العضوية الكنسية إرسال بطرس ويوحنا إلى السامرة من قبل الكنيسة في أورشليم يؤكد العمل الكنسي الجماعي، ودور الكنيسة في أورشليم القيادي، وأنه لم يكن بين الرسل رئيس، بل كان الكل متساوين في السلطان الرسولي. لا يحمل القديس بطرس رئاسة ليرسل رسلاً، بل في تواضعٍ وحبٍ وشركةٍ أطاع صوت جماعة الرسل الذين أرسلوه مع القديس يوحنا للعمل بحكمة. اختار الرسل القديس بطرس المعروف بغيرته واندفاعه ومعه القديس يوحنا المعروف بهدوئه ورقته؛ وقد حدث انسجام بينهما مع اختلاف سماتهما، إذ شعر كل منهما محتاجًا للآخر. فاختلاف السمات أو المواهب علامة صحية للكنيسة مادام الحب مع التواضع يعملان في حياة الجماعة "اللذين لمّا نزلا صلَّيا لأجلهم، لكي يقبلوا الروح القدس". "لأنه لم يكن قد حلّ بعد على أحدٍ منهم،غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع". "حينئذ وضعا الأيادي عليهم،فقبلوا الروح القدس". كان المؤمنون قد نالوا سرّ العماد، الآن وضع الرسولان بطرس ويوحنا الأيادي ليحل الروح القدس عليهم. وقد تسلم الأساقفة هذا التقليد أو التسليم: "وضع الأيادي"، وقد دُعي سرّ المسحة" أو "سرّ الميرون" حيث يسكن الروح القدس في أعماق النفس، ويقدس حياة المؤمن، ويقوده لكي يحمل أيقونة المسيح، وسأتحدث عنه في ملحقٍ خاص به في نهاية الحديث عن هذا الإصحاح لقد سبق فأوصى تلاميذه ألا يدخلوا مدينة للسامريين (مت 10: 5)، الآن بعد صعوده وإرسال روحه القدوس فتح أبوابها لهم ليكرزوا ويعمدوا قام القديس فيلبس بتعميدهم باسم الرب يسوع، فلماذا لم يضع يده عليهم ليحل عليهم الروح القدس؟ يرى البعض أن موضوع قبول الأمم للإيمان ونوالهم سرّ العماد وحلول الروح القدس كان أمرًا غاية في الخطورة، لم يكن ممكنًا لليهود المتنصرين في البداية أن يقبلوه. فلو تم ذلك خلال فيلبس وحده لأخذ اليهود المتنصرين منه موقفًا متشددًا، وربما حسبوا عمله باطلاً. لهذا قام بالكرازة والعماد، وجاءت كنيسة الختان ممثلة في شخصي بطرس ويوحنا تثبت صحة العمل بوضع الأيادي ليقبلوا الروح القدس. فما فعله الرسولان لا يقلل من شأن القديس فيلبس، ولا يضعه في موقف العجز عن وضع اليد لقبول الروح القدس، إنما كان بخطة إلهية لتأكيد وحدة العمل جميعًا في فتح باب الإيمان للأمم كان قبول الروح القدس في بداية الكرازة يختلف من حالة إلي أخرى حسب ما يراه الروح من أجل ظروف الكنيسة القديس كيرلس الأورشليميفي قال: " أيام موسى كان الروح يُعطي بوضع الأيدي (عد 11: 29)، وبوضع الأيدي يعطي بطرس الروح. " "ولما رأى سيمون أنه بوضع أيدي الرسل يُعطى الروح القدس، قدّم لهما دراهم". ظن سيمون أنه قادر أن ينال سلطان الرسل في صنع الآيات والعجائب بدفع دراهم للرسل، ولم يدرك أن الرسل أنفسهم تمتعوا بها كنعمةٍ مجانيةٍ، مُقدمة لهم من الله نفسه؛ وأن هؤلاء الرسل قد باعوا كل ما لهم ليتبعوا المصلوب. فما أراد أن يقدمه لهم سيمون ليس له موضع في قلوبهم ولا في فكرهم مع أن سيمون قد قبل الإيمان المسيحي، لكن قلبه كان لا يزال أسيرًا لعمل أمور فائقة خلال السحر، ولعله ظن في السلطان الرسولي أنه نوع من السحر، ولكن بطبيعة أخرى غير التي مارسه قبل الإيمان إنه مثل بلعام، قدم مالاً ليقتنى الموهبة، فكانت غايته نوال مكاسب مادية وراء هذا العمل أخيرًا فإن تصرف سيمون يكشف عما في قلبه من كبرياء واعتداد بالذات القديس أغسطينوس قال: " أحب سيمون الساحر سلطان المسيحيين أكثر من البرّ. ""قائلاً: أعطياني أنا أيضًا هذا السلطان، حتى أي من وضعت عليه يدي يقبل الروح القدس".يرى القديس ايريناؤس أن سيمون الساحر ظن أن ما يمارسه الرسل من عجائب هو عن معرفة أعظم للسحر وليس بقوة الله، لذلك أراد اقتناء هذه الموهبة بدراهمٍ، لكشف السرّ له. لقد أظهر رغبته في التعرف على أسرار أعظم للسحر عوض إيمانه بالله وتوبته العلامة ترتليان يقول: " لا يقدر أن يرجو ملكوت السماوات من يفسد السماء بإصبعه وعصاته السحرية (أي باستخدامه النجوم في السحر)." القديس إيريناؤس يقول: " إذ تقبلت الكنيسة العطايا مجانًا من الله تخدم الآخرين مجانًا. " القديس كيرلس الأورشليمي يقول: " لم يقل: "أعطياني أنا أيضًا شركة الروح القدس" بل قال: "هذا السلطان"... لقد قدم مالاً لمن ليس لهم مقتنيات، مع أنه رأى الناس يقدمون ثمن الأشياء المُباعة ويضعونها عند أرجل الرسل. " القديس أغسطينوس يقول: " عندما رأى سيمون ذلك ظن أن هذه القوّة هي من البشر، فأراد أن تكون له هو أيضًا. ما ظنّه أنه من البشر، أراد أن يشتريه من بشر. " "فقال له بطرس: لتكن فضتك معك للَّهلاك، لأنك ظننت أن تقتني موهبة اللَّه بدراهم" كشف له القديس بطرس عن جريمته، وهي اعتقاده أنه قادر أن يقتني المواهب الإلهية التي لا تُقدر بثمن بدفع دراهمٍ يؤمن القديس بطرس أن محبة المال مدمرة للنفس، فإن كان قلب سيمون مرتبطًا بهذه الرذيلة إنما يهلك مع ما لديه من فضة، التي حتمًا تزول وتتبدد، بل والأرض كلها تزول. لقد ربط نفسه بما هو زائل فينحدر مع ما ارتبط به ظن سيمون أنه قادر أن يشتري من الله إحساناته الإلهية وعطاياه السماوية بالمال؛ وهو بهذا يهين الله الكلي الحنو "ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر، لأن قلبك ليس مستقيمًا أمام اللَّه". "نصيب": تستخدم في توزيع الميراث حيث ينال كل شخص نصيبه منه. فإذ كان قلب سيمون غير مستقيمٍ لم يعد يُحسب ابنا لله القدوس، وبالتالي ليس من حقه أي نصيب في الميراث. وكأن ما يشغل ذهن المسيحي ليس نواله النصيب من الميراث، مهما بلغت قيمته، وإنما التمتع بالبنوة لله، والثبات فيها، عندئذ ما يناله من مواهب في هذا العالم، أو من ميراث في الحياة الأبدية، هو ثمر طبيعي للبنوة الفائقة. "قرعة": كانت تستخدم حين تتحقق نصرة جيشٍ ما، فيجمع الغنائم وتُستخدم القرعة في توزيعهما. ليس من حق سيمون أن يتمتع بالقرعة، لأنه عزل نفسه عن جيش الله، ولم يعد بالجندي الصالح الذي يهدم حصون إبليس ويسحقه بالنعمة تحت قدميه، فأي قرعة تعمل لحسابه؟ أخيرًا، فإن علاج الموقف ليس مجرد التراجع عن طلب الموهبة بدراهمٍ، بل التحول من الاعوجاج أو عدم استقامة قلبه إلى الاستقامة والقداسة والإخلاص في محبته لله لقد آمن سيمون واعتمد، لكنه أصر على الاعوجاج وعدم التمتع بالحياة الجديدة التي في المسيح يسوع. فالله يراه حسبما يكون قلبه عليه، لأنه فاحص القلوب والكلي تُنسب السيمونية لسيمون الساحر الذي ظن أنه قادر أن يقتني مواهب الروح القدس بدراهمٍ، إما لمكسبٍ مادي أو لنوال كرامةٍ زمنيةٍ. تناقض السيمونية عمل الروح، لأن مواهب الروح تقدم لمن باعوا العالم وصلبوا الذات مع الشهوات من أجل المجد السماوي. فمن كان نصيبه السماء لا ينتظر مكاسب مادية أو مجدًا زمنيًا. جاء في إبيفان Epiphan [قال سيمون عن نفسه أنه الابن، وأنه لم يتألم حقيقة، بل بدا لهم هكذا.] [وأنه جاء بنفسه بين اليهود بكونه الابن، وبين السامريين الآب، ولبقية الأمم بكونه الروح القدس.] في دفاعه الموجه إلى أنطونيوس بيوس كتب الشهيد يوستينوس [كان يوجد سيمون السامري من قرية تدعى Gitton في أيام حكم كلاديوس قيصر في روما مدينتكم الملكية، هذا صنع أعمالاً وسحرًا، وذلك بواسطة الشياطين العاملة فيه. لقد حسبوه إلهًا وكُرم بينكم بعمل تمثال له، حيث أقيم في نهر التيبر بين جسرين، وحمل هذا النقش "Simoni Deo Sanceto" الذي هو "سيمون، اللَّه القدوس."] وذكر القديس إيريناؤس والعلامة ترتليان ذات القصة. القديس كيرلس الأورشليمي قال: " سيمون الساحر هو مصدر كل هرطقة، هذا الذي جاء عنه في سفر أعمال الرسل أنه فكَّر أن يشتري بمالٍ نعمة الروح القدس، فسمع القول: "ليس لك نصيب في هذا الأمر" الخ.، وعنه أيضًا كُتب: "منا خرجوا، لكنهم لم يكونوا منا، لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا" (1 يو 19: 2). هذا الإنسان بعدما طرده الرسل جاء إلى روما، حيث استمال إليه زانية تدعى هيلين Helene. وقد تجاسر بفمه المملوء تجديفًا أن يُدعي أنه هو الذي ظهر على جبل سيناء كالآب، وظهر كيسوع المسيح بين اليهود، ليس في جسدٍ حقيقيٍ بل كان يبدو هكذا، وبعد ذلك كالروح القدس الذي وعد المسيح أن يرسله كمعزٍ لقد خدع مدينة روما حتى أقام له كلوديوس تمثالاً نقش عليه من أسفل بلغة الرومان: Simoni Deo Sancto، وهى تعني "إلى سيمون اللَّه القدوس"القديس ايريناؤس قال: " اشترى سيمون من صور، وهي مدينة فينيقية، زانية معينة تدعى هيلين، اعتاد أن يأخذها معه، معلنًا أن هذه السيدة هي أول إدراكات ذهنية، وأنها أم الجميع، بواسطتها أدرك منذ البداية خلقة الملائكة ورؤساء الملائكة. كشف له الرسول عن سمات شخصيته الخفية وهي "عدم استقامة قلبه"؛ فجريمته تكمن في أعماقه، ولا تقف عند ما نطق به أو سلك به. فهو في حاجة إلى تجديدٍ داخليٍ للقلب. إنه يحمل فكرًا عالميًا ماديًا، أو طبيعيًا، لا يقبل ما لروح لله، فكيف ينال مواهب الروح؟ "فتبْ من شرِك هذا، وأطلب إلى اللَّه، عسى أن يغفر لك فكر قلبك".قدم له الرسول العلاج وهو "التوبة"، فقد آمن واعتمد، لكن لم يرجع إلى الله بالتوبة... متى قدم توبة يمكنه أن يرفع عينيه إلى الله، فيراه غافر الخطايا، مهما كان جرمها. فالصلوات والطلبات والتضرعات لن تُقبل بدون التوبة. "فكر قلبك": إنك محتاج ليس فقط إلى التوبة عن تصرفك بطلب مواهب الله المجانية بدراهم، وإنما أيضًا عن فكر قلبك الذي تخفيه في داخلك، لكنه ظاهر أمام الله طالبه أن يحول نظره عن المال الذي بين يديه، أو الذي يتوقع نواله، كما يحوله عن حب السلطة والكرامة، ليتطلع إلى أعماقه ويكتشف ما بلغه قلبه من فسادٍ ونجاسةٍ ويصرخ إلى الله مخلصه ليغفر له خطاياه مع قوله: "لتكن فضتك معك للهلاك"، بمعنى دعْ سيدك في جيبك لدمارك، يفتح له باب التوبة: "تب من شرك هذا" "لأني أراك في مرارة المرْ، ورباط الظلم". "مرارة": تشير الكلمة هنا إلى السائل الأخضر باصفرار الذي يوجد خفية في الكبد، فإن الخطية تفيض في داخل النفس سائلاً مرًا، يُفقد القلب سلامه، والنفس فرحها، ليعيش الإنسان مرْ النفس، أحيانًا بلا سبب خارجي. نال سيمون شهرة عظيمة، حسده الكثيرون عليها، وظنه الكثيرون من أسعد الناس وأقواهم، أما القديس بطرس فرأى مرارته الداخلية، وقيود نفسه التي تكبله وتحبسه داخل الظلمة "لأني أراك في مرارة المر ورباط الظلم" أدرك القديس بطرس كيف دخل الشيطان بسيمون إلى الكنيسة ليفسدها، فقد كان لعمله هذا أثره على الشرق والغرب إلى قرابة ثلاثة قرون. بل ولازال عدو الخير يبذل كل الجهد لإفساد كنيسة الله بالسيمونية. إنه لا يزال يثمر سيمون علقمًا وأفسنتينًا (تث 29: 18). يفضل البعض ترجمتها: "مرًا وأفسنتينا". "رباط الظلم" الأصل اليوناني معناه "قيود الشر". كان الرسول بولس يطالبه بالتوبة والرجوع إلى الله، وهو يراه مقيدًا بقيود الشر. القديس يوحنا الذهبي الفم قال: " لماذا لم يضرباه بالموت كما حدث مع حنانيا وسفيرة؟ فإنه حتى في الأوقات القديمة الذي جمع الحطب في يوم السبت قُتل (رجمًا) ليكون عبرة للآخرين (عد 15: 32)، ولم يحدث هذا بعد في الأمثلة التي بعد ذلك، هكذا في المناسبة الحاضرة لقديس يوحنا الذهبي الفم قال: " هذه كلمات تحمل سخطًا شديدًا. لكنه لم يعاقبه، حتى لا يكون الإيمان بالإكراه، ولكي لا يبدو الأمر فيه قسوة، لكي يفتح باب التوبة، فإنه يكفي لإصلاح أمره أن يقنعه ويخبره بما في قلبه حتى يجتذبه إلى الاعتراف بخطئه. فإن قوله: "أطلبا أنتما إلى الرب من أجلي" هو اعتراف أنه ارتكب خطأً تًمثل الخطية هنا بالمرارة، السم القاتل، الحرمان من الفرح، هذه كلها من عمل الخطية بكونها مدمرة لكل ما هو صالح، كما تُمثل أيضًا بقيود العبودية والحرمان من حرية الحركة والعمل، والتمتع بالبرّ الإلهي (مز 116: 16؛ أم 5: 22؛ رو 7: 23- 24) "فأجاب سيمون وقال: أطلبا أنتما إلى الرب من أجلي، لكي لا يأتي عليّ شيء مما ذكرتما".اظهر سيمون انزعاجًا شديدًا بسبب اللعنة التي حلت عليه، لكن يبدو أنه لم يكن جادًا في توبته. لقد طلب الرسول بطرس منه أن يتوب وأن يصلي، لكي ما يكشف الله عن خطاياه كما يكشف له عن نعمة الخلاص، حيث ينال مغفرة خطاياه ويتمتع بالبركات الأبدية، أما سيمون فيبدو أنه لم يكن يشغله خلاص نفسه، بل يشغله ما تحل به من إهانات وفقدان للكرامة، أي عقوبة الخطية. لهذا لم يطلب من الرسولين أن يسنداه بصلواتهما لأجل توبته، بل لكي لا تحل به العقوبة. حسن أن نطلب صلوات الآخرين عنا، على أن تكون سندًا لنا في صلواتنا؛ نطلبها في شعورٍ حقيقي بالحاجة إلى التوبة، لا بالخوف من العقوبة الإلهية أمام الناس لقد تمثل سيمون بفرعون في طلبه من موسى الصلاة عنه (خر 8: 28، 32)، وأيضا يربعام (1 مل 13: 6). هكذا يطلب أحيانًا الأشرار الصلاة من أجلهم، مع تشبثهم وإصرارهم على ممارسة الشر. "ثم أنهما بعدما شهدا وتكلّما بكلمة الرب، التاريخ والسيمونية ذكر يوسابيوس القيصرى: عن سيمون الساحر. 1 - إذ ذاع الآن الإيمان بمخلصنا وربنا يسوع المسيح بين كل البشر دبر عدو خلاص الأنسان خطة للإستيلاء على المدينة الإنبراطورية، لذلك دفع سيمون السابق ذكره وساعده فى فنونه المضللة، وضلل الكثيرون من سكان روما، هكذا جعلهم فى سلطانه. 2 - هذا ما قررة يوستينوس، وهو أحد كتابنا البارزين، عاش بعد عصر الرسل بوقت قصير، وسأتحدث عنه فى المكان المناسب خذ أقرأ كتابة هذا الرجل الذى فى أحتجاجه الأول الذى ألقاة أمام انطونين دفاعاً عن ديانتنا كتب ما يلى. 3 - " وبعد صعود الرب غلى السماء دفعت الشياطين رجالاً معينين قالوا أنهم آلهة، ولم يسمحوا لهم فقط بأن يظلوا غير مضطهدين، بل أعتبروا أيضاً مستحقين الأكرام، كان أحدهم سيمون، وهو سامرى من قرية جتو (Gitto - أحدى قرى السامرة) وفى عهد كلوديوس قيصر أجرى فى مدينتك الأمبراطورية بعض أعمال السحر العجيبة بفعل الشايطين التى كانت تعمل فيه، وأعتبر إلهاً، وكإله أكرمته بتمثال أقيم فى نهر التيبر (يعنى الجزيرة القائمة وسط نهر التيبر، وهى تحت الفاتيكان بمسافة قصيرة) بين القنطرتين ونقشت عليها الكتابة باللاتينية Simoni Deo Sancto أى (سيمون الإله القدوس) 4 - " وصار كل السامرين تقريباً، وقليلون حتى من الأمم الأخرى يعترفون به ويعبدونه كالإله الأول، وجالت معه أمرأة فى ذلك الوقت أسمها هيلانة (تحدث عنها بنفس المعنى كل من إيناوس وهيبوليتس وترتليانوس وأبيفانيوس.. ألخ)، وكانت سابقاً عاهرة فى مدينة صور من أعمال فينيقية، وهم يدعونها الفكرة الأولى التى برزت منه " 5 - وقد روى هذه الأمور يوستينوس، وأتفق إيريناوس فى الكتاب الأول من مؤلفه " ضد الهرطقات" حيث تحدث عن هذا الرجل وعن تعاليمه الفاسدة، وتعتبر من باب تحصيل الحاصل سرد روايته هنا، لأنه من السهل لمن يريد معرفة أصل المهرطقين الذين أتبعوه وحياتهم وتعاليمهم الكاذبة، ومعرفة العوائد التى مارسوها كلهم، أن يجدها مفصلة فى مؤلف إيريناوس السابق الإشارة إليه 6 - ونحن نعلم أن سيمون هو منشئ كل بدعة، ومنذ عصره إلى الوقت الحاضر نرى أن كل الذين أتبعوا هرطقته قد تظاهروا بفلسفة المسيحيين الوقورة المتزنة، المعروفة للجميع بسبب طهارة الحياة التى تنادى بها، على أنهم مع ذلك رجعوا ثانية لخرافات الأوثان التى تظاهروا بأنهم نبذوها وصاروا يخرون أمام صور وتماثيل سيمون نفسه، وهيلانة السابق ذكرها التى رافقته، ويتجاسرون على عبادتها بالبخور والذبائح والسكائب. 7 - على أن تلك الأمور التى يحتفظون بسريتها أككثر من هذه، والتى يقولون عنها أن المرء لدى سماعها عنها لأول مرة يندهش، بل "يرتبك" (حسب العبارات المسجلة كتابة المألوفة بينهم) هى فى الحقيقة مليئة بالمدهشات وبالجنون والحماقة، لأنها النوع الذى يستحيل أيضاً على إناس محتشمين مجرد التلفظ بها بشفاههم بسبب إنحطاطها المتناهى وفجورها المتزايد. 8 - لأنه أيه سفالة يمكن تصورها أدنى من أسفل السفائل، تلك التى برز فيها أولئك السفلة الذين يلهون ويعبثون بالنساء التعيسات اللاتى إنغلبن من كل انواع الرزائل.
المزيد
02 أكتوبر 2024

الحكمة

كل فضيلة تخلو من الحكمة، ليست فضيلة فالمحبة مثلا يجب أن تكون محبة حكيمة، وإلا تنحرف إلى التدليل، والعطف الضار والحديث أيضًا والوعظ، يجب أن تندمج فيه الحكمة، فتعرف ماذا تقول ومتى تقول وكيف والحكمة كانت صفة يجب توافرها في جميع الخدام، وليس فقط في الكبار كالأساقفة بل حتى في الشمامسة، إذ قال الآباء الرسل "اختاروا أنتم أيها الأخوة سبعة رجال منكم مملوءين من الروح القدس والحكمة، فنقيمهم نحن على هذه الحاجة" (اع6: 3). الحكمة تمنح صاحبها بصيرة روحية واستنارة في الفهم تؤدى إلى الإفراز والتمييزوقد سئل القديس الأنبا انطونيوس عن أعظم الفضائل فقال هي الإفراز لان الفضائل بدون الإفراز قد تهلك أصحابها وهناك حكمة نازلة من فوق (يع3)، كإحدى مواهب الروح القدس (1كو12) والذي تعوزه حكمة فيطلبها من عند أبي الأنوار. وليطلبها عند الآباء والشيوخ والمرشدين الروحيين الذين وهبهم الله الحكمة والفهم وقد يحصل الإنسان على الحكمة نتيجة الخبرة، والاستفادة من أخطائه ومن أخطاء غيره. وقد يحصل على هذه الحكمة نتيجة المداومة على القراءة النافعة، ونتيجة معاشرة الحكماء والتلمذة على أساليبهم الحكيمة في الكلام والتصرف إن سليمان لم يطلب من الله غنى وسلطة، وإنما طلبه كان حكمة لتدبير الشعب فطوبه الله ومنحه الحكمة. وما أجمل ما قاله سليمان: "الحكيم عيناه في رأسه، أما الجاهل فيسلك في الظلام" والحكمة تستلزم التروي والتفكير، والنظر إلى الأمر من جميع زواياه واستعراض كل نتائجه قبل فعله. وعدم التصرف في حالة انفعال وغضب لو لمجرد السماع والحكمة تحتاج إلى ذكاء، واتساع في الفكر ولا تتفق مع العناد والغرور والتشبث بالرأي. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
01 أكتوبر 2024

حديث المحبة بين الإنسان والله

لى اسرة صديقة سافر ابنهم الى أمريكا وبُعد عن أسرته واهله وتأثر الاهل كثيرا بسفر ابنهم البكر الذى كان يملأ جنبات البيت بالمحبة وحتى الضجيج والصياح والاهتمام والافراح والسعادة . انه ابنهم وفلذة كبدهم ولقد اشترت الاسرة كمبيوتر لتتواصل مع ابنها الغائب كبقية الاسر التى تعانى غياب ابنائها بعيدا ، ولكن الابن مع زحمة الاحداث أوالعمل او لظروف لا نعرفها اصبح لا يتصل باهله الا نادرا وكم تاثرت لدموع اهله وصلواتهم من اجله . لقد نقلتنى ظروف هذه الاسرة الى علاقتنا بالله الاب الصالح وحديثنا المتبادل معه { فان كنتم وانتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري ابوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسالونه }(مت 7 : 11). الله الذى شبه نفسه بالام الحنون { كانسان تعزيه امه هكذا اعزيكم انا } (اش 66 : 13). كم يريد الله ان نتحدث اليه ونحكى معه همومنا وامالنا ، احزاننا وافراحنا؟. كم يريد ان نسكب قلوبنا ومشاعرنا وصلواتنا نحوه لا كفرض وواجب ولكن كحب غامر ؟ كابناء يتحدثوا مع ابيهم الصالح أو كبنت تفتح قلبها وتصادق أمها هكذا يناجينا الله قائلا رغم بعدنا وخطايانا. انه يريد ان نتفاهم معه ونسمعه صوتنا ويسمع اصواتنا {هلم نتحاجج يقول الرب ان كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج ان كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف} (اش 1 : 18). انه كاب يريد ان يزيح عن قلوبنا ثقل الخطية ويبيض صفحات ماضينا السوداء ويهبنا سلام المحبة والمصالحه معه { ليتك اصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر} (اش 48 : 18). تعثرنا فى البعد عن الله .. اننا فى البعد عن الله وعدم الحديث معه او معرفتنا لارادته نتعثر لاننا نبتعد عن مرجعيتنا الصادقة وعن يقظة الضمير وارشاد روح الله القدوس وعن مصدر السلام والسعادة فنفوسنا المخلوقة على صورة الله لن تجد راحة الا فيه { يا بني اصغ الى كلامي امل اذنك الى اقوالي} (ام 4 : 20). { يا ابني احفظ كلامي واذخر وصاياي عندك} (ام 7 : 1). لقد تعثر شعب الله قديما وعبدوا الاوثان وعاشوا لشهواتهم واعتمدوا فى الخلاص من الاعداء على التحالف مع الاشوريين أو على قوة جيش مصر بمركباته والتحالف معه فكان ذلك مصدر حزن لله الغيور على شعبه الذى يريد منا ان نثق فيه ونلتجأ اليه والذى يريد ان الكل يخلصون والى معرفة الحق يقبلون . لقد عاتب الله قديما شعبه كما يخاطبنا اليوم بالرجوع اليه والحديث معه والاتكال عليه وهو يشفى ارتدادنا ويعلن لنا محبته الابوية { ارجع يا اسرائيل الى الرب الهك لانك قد تعثرت باثمك. خذوا معكم كلاما وارجعوا الى الرب قولوا له ارفع كل اثم واقبل حسنا فنقدم عجول شفاهنا. لا يخلصنا اشور لا نركب على الخيل ولا نقول ايضا لعمل ايدينا الهتنا، انه بك يرحم اليتيم. انا اشفي ارتدادهم احبهم فضلا لان غضبي قد ارتد عنه} (هو 1:14-4). فان كانت هذه دعوة الله فى العهد القديم فكيف لنا كابناء العهد الجديد وغنى نعمة الله ان نحيا فى الاثام والله يدعونا للرجوع اليه مقدمين صلواتنا كذبائح مقدسة { فاطلب اليكم ايها الاخوة برافة الله ان تقدموا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية }(رو 12 : 1). اننا نتقدم اليك يا الهنا وقلوبنا مملوة محبة وافواهنا شكرا وتسبيحا ، نعترف لك { وان تكن اثامنا تشهد علينا يا رب فاعمل لاجل اسمك لان معاصينا كثرت اليك اخطانا }(ار 14 : 7) . من اجل اسمك القدوس الذى دُعى علينا يا سيد اصفح عن ذنوبنا وخطايانا وارحمنا وخلص شعبك مباركا كنيستك جاعلا ايها تسبحةً ونوراً فى وسط الارض لكى نحبك ونعرفك ويعلن مجدك فى كل الارض { لانهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم الى كبيرهم يقول الرب لاني اصفح عن اثمهم ولا اذكر خطيتهم بعد }(ار 31 : 34). يا سيد اصفح عن اثامنا ولا تذكر خطايانا ولتدركنا رحمتك كل الايام . ياتى ويخلصكم ... اننا نثق فى وعود الله الصادقة والامينة { ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 28 : 20). وحتى ان كان لنا فى العالم ضيق فنحن نثق انك نعم الرفيق وانه قادر ان يقودنا فى موكب نصرته { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام، في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33). فلتتشدد قلوبنا ولا نخاف بل لنطرح مخاوفنا وقلقنا سواء على حاضرنا أو مستقبل بلادنا واولادنا او حتى قلقنا على مستقبلنا الابدى لدى الاب السماوى بالصلاة والدعاء والشكر ولنتقوى فى الإيمان { قولوا لخائفي القلوب تشددوا لا تخافوا هوذا الهكم ، الانتقام ياتي جزاء الله ، هو ياتي ويخلصكم }(اش 35 : 4). ولنسبح الله القدوس العامل عبر التاريخ والاحداث من اجل خلاص ونجاة شعبه من كل ضيقة ونهتف مع الثلاثة فتية القديسين { باركوا الرب يا حننيا وعزريا وميشائيل سبحوا وارفعوه الى الدهور لانه انقذنا من الجحيم وخلصنا من يد الموت ونجانا من وسط اتون اللهيب المضطرم ومن وسط النار} (دا 3 : 88). ولندعو الرب فهو قريب ولنصلى اليه وهو كاب صالح يستجيب {انا دعوتك لانك تستجيب لي يا الله امل اذنك الي، اسمع كلامي} (مز 17 : 6). فلناتى الي الله ونرفع شكوانا اليه ونصلى له من كل القلب ونستمع الى كلامه نطيع وصاياه وهو يريحنا ويعلمنا ويهبنا حكمة وقوة ورجاء ولنسمع صوته القائل { تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم. لان نيري هين وحملي خفيف} (مت 28:11-30). القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
30 سبتمبر 2024

الروحانية الارثوذكسية

عندما عشت مع الغربيين في جامعاتهم ، وتأملت في روحياتهم ، أدركت أن الروحانية الأرثوذكسية تختلف جذرياً عن تلك التي في الغرب وقد يكون للظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية اثرها على حياة الناس وتفكيرهم وتدينهم ولكن اللاهوت أيضا له أثره الأكبر في تشكيل انماط الناس وعلاقاتهم . فاللاهوت الغربى يقوم على الدراسة والتحليل والبحث والنقد ، حتى اني وجدت طلاب الدكتوراة ينتقدون القديس بولس فيما كتبه عن الرجل والمرأة في كورنثوس الأولى ،وينتقدون نظرة الانجيل نحو الطلاق ويعللون نقدهم هذا بأنه دراسة علمية للظروف الثقافية التي كتب فيها الانجيل ، والتي يظنون أنها قد أثرت على عقلية من كتب ، دون أن يدروا أن ما كتب انما كتب بوحي من الروح القدس فمنهج الكنيسة الأرثوذكسية منهج روحي نسکی اختیاری ، بینما منهج الغرب عقلى تحليل . هدف الحياة الروحية : هدف الحياة الروحية عند الغرب ،هو اسعاد الانسان على الأرض ويفسرون الآية و جئت لتكون لهم حياة ، ويكون لهم أفضل بأن الحياة الأفضل هى الحياة الأرضية المتحضرة والمتقدمة اجتماعياً وثقافياً وليس فى تفكيرهم أن الحياة الأفضل هي الحياة الابدية الحاضرة في "الآن"، كما قصدها الرب أما الحياة الروحية عند الارثوذكسيين فهي حياة تبدأ هنا وتمتد في الابدية لهذا يعطيها الأرثوذكسى كل اهتمامه فصلواته ونسكه وعبادته وخدماته هي من أجل أبديته ، التي يترجاها بالايمان ، ويتوقعها بالصبر الغربيون يركزون على عقيدة أن الله صار انسانا ، ليصير الانسان الها ، فيؤلهون الانسانية ويتنافسون فى استعاد آدمية الانسان والأرثوذكسيون يركزون على عقيدة ان الله صار انسانا ثم صلب ومات وقام لكى يحررنا ويبررنا ويقدسنا ويفتح لنا أبواب الفردوس لم أجد استاذاً واحداً غربياً في الجامعات اللاهوتية ، قد اهتم بالنسك والرهبنة والتكريس ولكن الغالبية تهتم بالانسان في حواره مع الله ،وفي حواره مع نفسه ، وفي حواره مع الآخرين والروحانية الأرثوذكسية تركز على جهاد الإنسان ، والغربيون متأثرون بالقديس أوغسطينوس في تركيزه على النعمة الإلهية ولكن الأرثوذكسى لا يتجاهل عمل النعمة في جهاده ، ولكنه يرى أنه لا نعمة بدون جهاد ، ولا جهاد مقبول إلا بعمل النعمة . يسوع أم الرب يسوع ...؟ والغربيون يكتبون دائما عن « يسوع » ؛ ويكاد اسم الرب يسوع في الكتابات الغربية يقترب من اسم أى شخص عادي ولكن الارثوذكسى عندما يتحدث عن المسيح يقول « ربنا والهنا وتخلصنا يسوع المسيح الذي له المجد دائما الى الابد امين » ذلك أن تعالى الغربى واعتزازه بإنسانيته تجعله يتصور أن الله الذي صار إنساناً يقترب منه تماماً ، متجاهلا الأقنوم الإلهى المخوف المملوء مجداً والأرثوذكسى يمجد الثالوث القدوس في كل صلواته وتسابيحه وأحاديثه ، لأنه يعلم أن المسيح قبل تجسده كان مع الآب والروح القدس في شركة الحب والمجد والفرح وإنه بعد صعوده جلس عن يمين الآب في المجد الذي له قبل كون العالم عندما سألت أحد أساتذة اللاهوت في أمريكا : لماذا لا تركزون على الثالوث القدوس ، وتكتفون بذكر كلمة الرب أو الله ؟ قال لى ان موضوع الاقانيم موضوع دراسة وبحث وجدل والاسهل أن نقول الله وكفى ولقد حزنت كثيراً عندما وجدت غالبية الابحاث اللاهوتية الغربية تغفل عمل الآب . مع أن المسيح له المجد عندما جاء أعلن أنه قادم من عند الآب ، وأنه يريد الكل أن يسأل الآب ، لكي يتمجد الآب مع إبنه . روحانيتنا روحانية ثالوثية فيها اختبار الآب ومحبته ، ونعمة الابن و خلاصه ، وشركة وموهبة وعطية الروح القدس وفاعليته يقول اللاهوتي فلاديمير لوسكي : Trinitarian theology is thus a theology of union, a mystical theology which appeals to experience, and which presupposes a continuous and progressive series of changes in created nature, a more and more intim-ate communion of the human person with the Holy Trinity "Mystical Theology p 67." روحانية شركة ، وليست روحانية فردية : المجتمع الغربي مجتمع فردى بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، وقد أثر هذا على الروحانية نفسها فالغربي يركز على خلاصه الشخصي وتأملاته وأبحاثه ، بينما الأرثوذكسى يهتم كثيراً بحياة الشركة : Koinonia ، فوظائف الكنيسة: اللتيورجيا، الدياكونية، الكينونيا - هي وظائف جماعية وليست فرديةيقول اللاهوتي فلورفسكي :"ان الكنيسة هي شركة اخوة وانها تجمع القديسين ، انها جماعة متحدة مترابطة . انها تجمع المؤمنين ، وليست بعض الافراد المبعثرين" فالرب صنع فصحه مع التلاميذ ، وفي صلاته الشفاعية طلب من الآب أن يوحد الجميع فى واحد . وأسرار الكنيسة تغرس الفرد في وحدة الألفة والمحبة وشركة العلاقة مع أهل بيت الله أي الكنيسة والمؤمن يخلص من خلال الكنيسة وليس خارجها . والعلاقة الشخصية بين الأرثوذكسى والرب ، موضوعة في إطار وحدة المؤمنين المرتبطين برباط الكمال الذي هو رباط المحبة ووحدانية الروح والوحدة ليست بين الاكليروس والعلمانين فقط ، وانما هي وحدة السمائيين مع الأرضيين . فالعلاقة القوية التي تربط المنتصرين الذين كملوا في الايمان مع المجاهدين الذين لا يزالون يركضون نحو الجعالة ، هي محور من أهم محاور الروحانية الارثوذكسية والكنيسة الأرثوذكسية تنظر إلى السماء والأرض وقد اتصلتا بعضهما البعض ، في اتحاد لا ينفصل . ففي القداس الإلهى عندما تبدأ الصلاة ، يفتح ستر الهيكل ، ويصير كل شيء مكشوف ، وتكون الصلاة علانية . لأن المسيح قد جعل الاثنين واحداً ، أى السمائيين والأرضيين . وتصلى الكنيسة قائلة : ( عندما نقف أمامك وقت الصلاة نحسب كالقيام في السماء ) . وفى القداس الاغريغورى تصلى قائلة " الذي أعطى الذين على الأرض تسبيح السيرافيم . اقبل منا نحن أيضاً أصواتنا مع غير المرئيين ، واحسبنا مع القوات السمائية " تكامل دون ثنائية أو تضارب : تبرز في الروحانية الغربية ثنائيات كثيرة مثل: ثنائية الله والانسان الجهاد والنعمة ، الفرد والجماعة ، المادة والفكر ، الجسد والروح ،الزمن والأبدية ولكن في الارثوذكسية لا توجد هذه الثنائيات لأن الكنيسة الأرثوذكسية لم تتأثر بالأفلاطونية التي تعتبر المادة ضد الفكرو الروح . وإنما هي متأثرة بالتجسد الإلهى الذى جعل الكون والمادة والجسد مجالات لتمجيد الله وتقديس اسمه فمنذ أن اتحد اللاهوت بالناسوت فى الله الكلمة ، لم تعد المادة نجسة بل صارت مجالا مباركا تجرى الكنيسة نعم ومواهب الروح القدس من خلالها فالماء والزيت والخمر والخبز ، وسائط ضرورية المارسة الاسرار والجسد هيكل للروح القدس ، والمضجع غير نجس ، وأجسادنا نفسها سوف تقوم في مجد عندما يأتى الرب في مجده ومجد أبيه ، لاننا أبناء نور ، وأبناء قيامة وستسطع أجساد القديسين بالنور والبهاء بعد القيامة والجسد نفسه سيشارك الروح بركات الدهر الآتى ، كما شاركها أتعاب الجهاد في أرض الغربة وعندنا ليس من تضاد بين الزمن والأبدية ، بل هناك تلاحم واتصال لأجل هذا أصبح الزمان داخلا في أعتاب الأبدية ، وأصبحت الأبدية هابطة على تاريخنا ، ساحبة أياه في تخومها اللانهائية . نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن مجلة الكرازة العدد الثلاثون عام ١٩٧٥
المزيد
29 سبتمبر 2024

عيد الصليب

هو عيد هام جداً بتحتفل به الكنيسة مرتان فى السنة المرّة الرئيسيّة هى عيد ظهور الصليب يوم 10 برمهات ولأنّ شهر برمهات دائماً يكون فى فترة الصوم الكبير ولأنّ الكنيسة تُكرّم عيد الصليب جداً وتشعُر أيضاً أنّ الصوم الكبير يأخذ إهتمام كبير منها فتشعُر أنّ هذا العيد للصليب لا يأخُذ كفايته فتحتفل الكنيسة بعيدهِ الثانى وهو عيد تكريس كنيسة الصليب يوم 17 توت إحتفال رسمى كبير لمُدة ثلاثة أيام بصلاة فرايحى الصليب هو المسيحيّة والمسيحيّة هى الصليب مُمكن نعرف أى شخص إنّه مسيحى من الصليب ونعرف المكان أنّه مسيحى من الصليب ، أى صار الصليب علامة المسيحيّة وفخرُهم وقوتّهُم ومجدُهم حتى أنّ المسيح بشخصهِ المُبارك مُرتبط بالصليب عندما ظهر الملاك للمجدليّة عند القبر قال لها إنتِ تطلُبين المسيح المصلوب ، أصبح المسيح مُقترن بالصليب والصليب مُقترن بالمسيح وكما قال بولس الرسول " عزمت أن أعرف بينكُم المسيح وإياه مصلوب " الكنيسة القبطيّة تُكرّم الصليب لأنّه مصدر كُل بركة وقوة لها الصليب هو :- 1- الصليب قوة الله:- نستطيع أن نعرف قوة الصليب من الشيطان لأنّه هو الذى هُزم وخُزى بالصليب00إن كان إنسان به روح شرير ووضع آخر عليه الصليب وإن كان ليس كاهن أى ليس الروح مواجه بسر الكهنوت بل بصليب من شخص عادى فإنّه يُهزم أمام الصليب فى أحد المرات كان إنسان بهِ روح شرير يسير بأحد الشوارع وكان آخر يسير فى نفس الطريق يحمل صليب فى جيبهُ فصرخ الذى به روح شرير قائلاً " إخرج الصليب من جيبك " ، الصليب علامة تسحق الشيطان قوتّةُ تظهر عندما يرتعب أمامه الشيطان كمُجرم أمام آلة إعِدامهُ هكذا الصليب مُرعب للشيطان أكثر واحد يعرف جبروت الصليب عدو الخير لذلك نمسك الصليب فى أيدينا ونرشم به جسدنا وطعامنا ومضاجعنا ونُعلّقه على منارات كنائسنا و000 أكثر شىء يحميك الصليب00 نحن نعبُد الإله المصلوب الذى بالصليب أعطانا غلبة الصليب هو قوة الله للخلاص لذلك قد يرشم الكاهن قليل من الماء الرشومات الثلاثة بالصليب فيحمل الصليب قوة الثالوث وبالتالى يحمل الماء قوة الثالوث ويرّشُها فى المنزل أو يشربه مريض فيُعطى الماء بركة00قوة أيضاً خاتم الزواج يرشمه الكاهن بالصليب فيحمل قوة الثالوث وقوة الإرتباط المُقدّس ، أيضاً فى بداية القُداس يرشم الكاهن التوانى بالثالوث بالصليب ، القرابين أيضاً يرشمها بالصليب فتحمل قوة الثالوث وتتحّول من نبات أرضى إلى جسد مُقدّس غير المؤمنين عندما يرون الصليب يسخرون منّهُ " كلمة الصليب عِند الهالكين جهالة " لأنّهُ مُشكلة خزى وعار لكنّه يحمل قوة تخُزى حكمة العالم0 مزمور العشية:- يقول " قد إرتسم علينا نور وجهك يارب " وفى القُداس نقول أعطيت أولادك علامة أى علامة الصليب وفى سفر الرؤيا أنّه أعطى علامة لأولاده هى علامة الصليب أيضاً فى سفر النشيد تقول عروس النشيد " علمُه فوقى محبة " أى صليبهُ و كأنّ كُلٍ منّا يسير وفوقه علم هو الصليب يُميزّنا عن كُل قبائل الأرض كما يُميّز كُل بلد علم خاص بها ، نحن علمنا هو الصليب يعرفنا به الله وسط الأُمم ويُميّز به قطيعهُ00علامة قوية لذلك معروف عن يسوع أنّه يسوع المصلوب حتى فى الأبديّة " خروف قائم كأنّه مذبوح " أى مصلوب هكذا رآه يوحنا لأنّ الصليب قوة عندما أراد الله أن يُخلّص إسرائيل من أرض مِصر أعطاهم علامة فقال لهُم أن يأخذوا من دم الذبيحة ويضعوا على القائمتين والعتبة العُليّا لأبواب منازلهُم ما هذا الخشب المُلّطخ بالدم ؟ هو الصليب وهو يُنجى من الموت الملاك المُهلك يعبُر وعندما يرى خشب مُلّطخ بالدم لا يُهلك من بداخل هذا البيت لكن إن كان باب هذا البيت غير مُلّطخ بالدم يدخُل ويُهلك الصليب قوة مُخلّصة إحتمى فيهِ وأنت تعرف معنى إدراكهُ ، أكيد الذين كانوا فى البيوت التى أبوابها مُلّطخة بالدم فى حالة صعبة من الرُعب والخوف وهم يسمعون صُراخ الذين فى الخارج لكنّهُم عرفوا كيف يحتموا بالصليب عندما تذّمر الشعب على الله وعلى موسى النبى فى البريّة أرسل لهُم الله حيّات تلدغهُم ومات منهُم كثيرون وعندما تضرّع موسى لله قال لهُ الله إصنع حيّة نُحاسيّة وإرفعها على خشبة وكُل من نظر إليها وهو ملدوغ لا يموت بل يُشفى قوة لا تُدرك لكن نقول لله لتقُل كلام يستوعبه العقل ، قُل لموسى إعطيهم هذا الدواء المُضاد لسُم الحيات ، لكن كيف ينظُر إنسان بهِ سُم لحيّة نُحاسيّة يشفى من أثر السُم ؟ يقول الله هذه قوة غير مُدركة لأنّ صليبى جهالة لكنّه صار أحكم من حكمة حُكماء العالم عندما رأوا المسيح مصلوب فى صورة ضعف قالوا أنّهُم حسبوهُ مُهان00لكنّه قوة لذلك وهو على الصليب نقول لهُ قدوس قدوس لأنّ صليبهُ قوة فى العهد القديم كانوا يُقدّمون ذبائح كثيرة لكن الله قال لهُم إنّ دم التيوس والعجول لا يفى العدل الإلهى ، إذاً ما هو يا الله الذى يفىِ عدلك ؟ يقول الصليب هو الذبيحة التى تفىِ العدل الإلهى ذبيحة الكفّارة هى عبارة عن تيسين يُذبح إحدُهما ويؤخذ من دمهِ ويُوضع على الآخر ويُطلق الآخر المُلّطخ بالدم بعيداً فى البريّة ، وكأنّ الله يقول إنّ خطاياكُم لم تُمحى لكنّها بعُدت لأنّ التيس حى لكنّه بعيد ، إذاً الخطايا موجودة لكنّها بعيدة " كما من حمل بلا عيب بدم نفسهِ " ، بروح أزلى جاء حمل الله ورفع عنّاخطايانا بدم نفسهِ ، لذلك جاء مولود فى مزود لأنّه حمل أى ذبيحة ، وكأنّه يقول كما عرفتمونى من يوحنا المعمدان " هوذا حمل الله " وأنا أعيش ذبيحة من أجلكُم لابُد أن تتمتّع بفدائهِ قوة خلاص جبّارة بدم يسوع ، إن كان غير المؤمن يستهين بالصليب فنحن نفتخر بهِ قديماً أيام بولس الرسول كان الناس بهُم روح التفاخُر بالأنساب والثقافة والجاه والغِنى وفوجد بولس أنّ تيار التفاخُر قد دخل الكنيسة فقال لهمُ " حاشا لى أن أفتخر إلاّ بصليب ربنا يسوع المسيح " ، لا تفتخر بغِناك أو أولادك أو نسبك00كُل هذا يفنى لكن إفتخر بالصليب لأنّه يُعطى الخلاص ، لذلك سمح الله أن يُعلن صليبهُ بكُل قوة وإن كان مظهرهُ الضعف المسيح مات مصلوب كى يشترك العالم كُلّه فى موتهِ حيث كان فى هذا العصر العالم كُلّه تحت حُكم الرومان وكُل دولة دائماً لها عُرف لقتل المُجرم اليهود يقتلوه بالرجم وأُمّة أُخرى بالحرق وهكذا الرومان بالصلب ، قال المسيح سأجعل العالم كُلّه يشترك فى قتلى ، سأموت بطريقة الرومان وبمشورة اليهود أى إجتمع فى موتهِ العالم كُلّه لأنّه جاء ليُخلّص العالم كُلّه المحكوم عليه كمُجرم صار مُخلّص وطريقة موت المُجرم صارت خلاص0 2- الصليب حكمة الله:- إن كان الصليب هو قوة الله وأعطانا غُفران لكن مظهره ضعف وخزى وعار فكيف يكون حكمة الله ؟ نقول كان لابُد لهُ أن يموت بضعف ليرفع عنّا ضعفنا وأن يموت بخزى كى يحمل عنّا خزينا بعض اليهود يقولون أنّ كُل اليهود سيدخلون الفردوس لأنّ أبونا إبراهيم سيقف أمام الفردوس ويُدخل كُل مختون إلاّ الملعونين على خشبة أى الذين وقع عليهم حُكم الصلب والسيد المسيح جاء من تلك الفئة ليُحّول اللعنة إلى خلاص " حولّت لى العقوبة إلى خلاص " يقول القديس مارِأفرآم السُريانى أنّ الموت جاء لنا عن طريق شجرة مُعلّق عليها ثمرة وأدخل الشيطان الغوايّة لآدم فأخذ الثمرة وأكل منها ومات أى الخطيّة دخلت بشجرة وثمرة وغوايّة وموت والسيد المسيح جاء وخلّصنا بنفس الإسلوب بشجرة أى الصليب وثمرة أى المسيح المُعلّق على الصليب والغواية جاءت للشيطان الذى أراد أن يأخذ الثمرة ليأكُلّها فأكلته هى بدلاً من أن يبُتلع المسيح للموت إبتلعهُ المسيح وقيّدة والنتيجة كانت الخلاص ، إذاً الخلاص بشجرة أى الصليب والثمرة أى المسيح نيابة عن ثمرة البشريّة كُلّها هو ثمرتنا والغُوايّة للشيطان الذى رأى المسيح فى ضعف مُعلّق على خشبة لكنّه إبتُلع منّه وقُيّد وطُرح وبدلاً من أن يُعطينا هلاك وموت أعطانا حياة ، لذلك قال المسيح قديماً أكلتُم و مُتّم أمّا الآن تأكلون للحياة حكمة الله نعم الصليب بهِ ضعف ومهانة ومظهره لا يُشجّع لكن داخلهُ قوة لذلك يطلب منكِ أن تشترك فى آلامهِ هو ليس ضعيف لكنّه يُعلن قوة الله لأنّه لا يوجد صليب إلاّ ولهُ قيامة ومجد ، لذلك من شروط تلمذته أن تحمل صليبهُ وتتبعهُ إحملهُ بفرح وإِعلم أنّ داخله حكمة خفيّة أصعب شىء أن يُرسل لنا الله صليب لنفرح به و نخلُص ونحن نرفضه حكمة الله إفهمها إنّه يُريد خلاصك للحياة الأبديّة لا توجد قيامة بدون صليب ولا مجد بدون جُلجُثة الذى يُريد المجد بدون صليب كأنّه يُخلىِ الحياة من تدخُلّ المسيح وكأنّه يقول لله جيدّة الحياة التى أعطيتنى إِياها لكن ليتكّ ترفع المرض منها أو المشاكل أو المتاعب لا مثل إنسان قرأ الإنجيل بطريقة فلسفية فقال هو كتاب جيد جداً ماعدا الإصحاحات التى تحكى صلبهِ فى الأناجيل الأربعة ، نقول لهُ لا هذا فخرِنا ، لا ترفُض الألم الإنسان كثير الشكوى يجلب على نفسهِ مزيد من الأتعاب أمّا الذى لهُ عِشره مع الله نجدهُ قليل الكلام قليل الشكوى كثير الشُكر ، بينما الذى يرفُض الصليب دائم الشكوى لأنّ ذاته غالية عليه أى ألم فى حياتى هو جُزء هام من تدبير خلاصى فأقبله وأقبله بفرح وإن كُنت غير قادر على حملهِ سأقول لهُ فى صلواتى إحمله عنّى يا الله الذى لهُ رغبة فى الإشتراك فى ألم المسيح لهُ هدف هو شِفاء نفسهِ والنمو فى حياته مع الله الله يُريدنا أن نغلب أوجاعنا الأرضيّة لنصل للإبديّة لأنّ الإنسان إن إستراح سينسى الله لذلك الله يُريدنا أن نشترك فى آلامهِ لننال بركة ونكون جنود صالحين فى جيشهِ حكمة عجيبة يا الله كيف تنوب عن البشر وتحمل خلاص البشر وخطايا البشر ؟ يقول لنا بالصليب ، إكثر من رشم الصليب فى كُل عمل وعلى طعامك وفى نومك وقبل خروجك من بيتك وأنت فى طريقك وإرشم ذاتك بالصليب وما تعملهُ أيضاً حتى الهواء من حولك وستشعُر أنّ العالم كُلّه أصبح لك كنيسة لأنكّ دشنتّه بالصليب وأصبحت كُل الأماكن تحمل قوة الخلاص طوبى لمن يحمل صليبهُ لذلك حرب شرسة يُحاربنا عدو الخير بها وهى أننّا نرشم الصليب بغفله دون أن ندرى معناه وقوتّه لا إرشمه بقوة وإيمان وإعلِم أنّه قوة وحكمة الله وهو الذى هزم عدو الخير وخزاه ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمته لهُ المجد دائماً أبدياً أمين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
28 سبتمبر 2024

عيد الصليب المجيد طريق العريس السماوي

رأينا في عيد النيروز دعوة تقدمها الكنيسة لكل المؤمنين، بل ولكل البشرية بكل فئاتها كي ينضم الكل إلى موكب العرس السماوي. الآن إذ تلتهب قلوبنا شوقاً أن نكون أعضاء في العروس السماوية الممجدة، نتساءل: ما هو الطريق الذي نسلكه ونحن في صحبة العريس السماوي؟ تأتي الإجابة السريعة والفعالة: أن نحتفل بعيد الصليب، فنكون في صحبة المصلوب، نسلك فيه (كولوسي (٢: ٦) ونترنم عمليا : " مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في" (غلاطية ٢٠:٢). كيف تحتفل بعيد الصليب قيل عن السيد المسيح "من أجل السرور الموضوع أمامه، احتمل الصليب مستهينا بالخزي" (عبرانيين (۱۲ :۲). يبدأ الاحتفال بأن تدرك غاية صلبنا مع المسيح، فتتهلل نفوسنا به وفيه ومعه، نصلب ونتألم لا لأنه حلت بنا ضيقة مصادفة كما يظن البعض، أو بسبب عنف الآخرين ضدنا، إنما ندرك أنه لا يحل بنا إلا ما يسمح به الرب وبسلطان منه فتلمس رعايته وحكمته وقدرته نشكره كصانع الخيرات ونسبحه ونصلي من أجل خلاص العالم، خاصة المضايقين لنا. يدعو القديس مار يعقوب السروجي جبل الجلجثة «جبل العرس» فقد علق العريس على الصليب ليقدم دمه مهرا لعروسه. لقد ركب مركبة الصليب وانطلق إلى الجحيم ليحرر مؤمنيه،وينطلق بهم إلى الفردوس هكذا يليق بنا ألا نركز أبصارنا على آلام الصليب، بل على أمجاده حيث تنعم بالمصلوب واهب الحياة المقامة كعربون للأبدية. عار الصليب وجاذبيته صليب ربنا يسوع في الظاهر عار، أما من يدرك جوهره فيجده جذابا للغاية تطلع إليه إشعياء النبي منذ حوالي ۷۳۰ ق .م فقال: «لا صورة له ولا جمال فتنظر إليه، ولا منظر فتشتهيه» (إشعياء ٢:٥٣). ويقول الرسول: ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة، واليونانيين جهالة (كورنثوس الأولى (۱ :۲۳) فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله (كورنثوس الأولى١ : ۱۸). الصليب ضعف وقوة يظهر المصلوب كمن في ضعف شديد قيل له في سخرية: «خلص نفسك وانزل عن الصليب » (مرقس ١٥: ۳۰) بينما وهبنا الصليب نصرة على الشيطان وقواته، إذ قيل «شهر بالرئاسات والقوات، ووهبنا الغلبة عليهم به »( كولوسي ۲ :١٥). بالصليب سخروا به، بينما بالصليب قدم ديماس اللص تسبحة مبهجة. بالصليب مات السيد المسيح بينما وهب المصلوب الحرية للأموات. بالصليب بكى تابعوه، وفي نفس الوقت خلص الذين في الجحيم. بالصليب حدث شعور بالعزلة، بينما تحققت مصالحة بين الآب والبشر وبين البشر وبعضهم البعض. بالصليب تعرى المصلوب، بينما جعل منا ثياب البر. بالصليب ابطال الكهنوت اللاوى واقامة كهنوت سماوي. القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مار جرجس سبورتنج
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل